65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج18. التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط بن العجمي



ج18. التلقيح لفهم قارئ الصحيح  

 (التلقيح على الجامع الصحيح)

المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[{ولكم نصف ما ترك أزواجكم}] 

[حديث: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين.]

4578# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، و (وَرْقَاءَ): هو ابن عُمر، تَقَدَّما، وكذا (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): أنَّ اسمه عبد الله بن أبي نَجِيح، واسمه يسار، وكنية عبد الله: أبو يسار كذلك، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ ... ) إلى آخره: قال الدِّمْياطيُّ: ذكر البُخاريُّ في (الفرائض) هذا الحديث بهذا السند، ولم يذكر (الثلث)، وهو على ما ذكر هناك من سقوطِه، انتهى، وهو كما قال، وقد بوَّب عليه البُخاريُّ في (الفرائض): (باب ميراث الزوج مع الولد وغيره)، بالسند المذكور في هذا المكان إلى ابن عبَّاس، قال: كان المال للولد، وكانت الوصيَّة للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظِّ الأنثيين، وجعل للأبوين لكلِّ واحدٍ منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع، والله أعلم

[{لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا} الآية]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19]: [لَا] تَقْهَرُوهُنَّ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ولم يصحَّ عنده على شرطه، فلهذا عبَّر عنه بصيغة تمريض، وقوله: (تقهروهنَّ): كذا في أصلنا، قال القاضي: ولأكثر الرواة: (تنهروهنَّ)، من الإنهار، والأوَّل للمستملي، قال شيخنا: وتعليق ابن عبَّاس أسنده أبو محمَّد الرازُّي من حديث عليِّ بن أبي طلحة عنه به، والضَّحَّاك عنه بلفظ: (تحبسوهنَّ)، انتهى، والظاهر أنَّ مراده بـ (أبي محمَّد الرازيِّ): ابن أبي حاتم الرازيِّ، شيخ الإسلام، أبو محمَّد عبد الرَّحمن بن الحافظ أبي حاتم محمَّد بن إدريس، له كتب كثيرة؛ منها: «التفسير»، وهو كتاب جليل كما وصفه العلماء، فيه آثار كثيرة لم يذكرها ابن جَرير، والله أعلم.

قوله: ({تَعُولُوا} [النساء: 3]: تَمِيلُوا): ورد مرفوعًا ما يؤيِّده: «تجوروا»، وقال زيد: أي: لا تكثر عيالكم، وبه قال الشافعيُّ، وأنكره المبرِّد وغيره؛ لأنَّه أحلُّ ممَّا مُلِك باليمين ما كان من العدد، وهنَّ مما يُعال، وأيضًا فإنَّما ذكر النساء وما يحلُّ منهنَّ والعدل بينهنَّ، فليس لـ {أَلَّا تَعُولُوا} من العيال مَدخل هنا، وأيضًا إنَّما يقال: أعال، وانتصر بعضُهم للشافعيِّ، وصنَّف فيه.

قوله: (النِّحْلَةُ: المَهْرُ): اعلم أنَّ للمهر ثمانيةَ أسماءٍ، وقد جمعت في بيت واحد وهو:

~…صَداقٌ ومَهرٌ نِحْلةٌ وفَريضَةٌ…حِبَاءٌ وأجرٌ ثُمَّ عُقرٌ علائقَ 

[حديث: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته]

4579# قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المعجمة، تَقَدَّم قريبًا أنَّه سليمان بن أبي سليمان، أبو إسحاق الشيبانيُّ.

قوله: (قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ السّوَائِيُّ، وَلاَ أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ عَنِ ابْنِ عبَّاس): (أبو الحسن السُّوائيُّ): اسمه عطاء، والسّوائيُّ؛ بضمِّ السين وفتحها، يروي عن ابن عبَّاس، وروى عنه مقرونًا بعكرمة أبو إسحاق الشيبانيُّ، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»؛ لكونه لم يروِ عنه غيرُ أبي إسحاق، والله أعلم

[{ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} الآية]

قوله: (وَهُوَ [1] مَوْلَى الْيَمِينِ، وَهْوَ الْحَلِيفُ ... ) إلى آخر كلامه: ذَكر أنَّ (المولى) يقع على كلِّ من ذكره، وقد ذكر أشياء ستَّة، واعلم أنَّ (المولى) اسم يقع على جماعة كثيرة؛ فمنها: الربُّ، والمالك، والسيِّد، والمنعم، والمعتِق، والناصر، والمحبُّ، والتابع، والجار، وابن العمِّ، والحليف، والعَقِيد، والصهر، والعبد، والمعتَق، والمنعَم عليه، وأكثرها قد جاءت به الأحاديث، فيضاف كلٌّ إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكلُّ من وَلِيَ أمرًا أو قام به؛ فهو مولاه ووليُّه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، والوَلاية؛ 

بالفتح: في النسب والنصرة والمعتق، والوِلاية؛ بالكسر: في الإمارة، والولاء: في المعتق، والموالاة: مِنْ وَالَى القوم، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (هو)؛ بغير واو.

(1/8171)

[حديث: كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون .. ]

4580# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (إِدْرِيسُ) بعده: هو إدريس بن يزيد الأوديُّ، عن قيس بن مسلم، وطلحة بن مُصرِّف، وعدَّةٍ، وعنه: ابنه عبد الله، ووكيع، وعدَّةٌ، ثِقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، و (طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّف): تَقَدَّم أنَّ (مُصرِّفًا) بتشديد الراء مكسورة: اسم فاعل من (صرَّفه) المشدَّد، تَقَدَّم.

قوله: (يَرِثُ المُهَاجِريُّ الأَنْصَارِيَّ): (المهاجريُّ): مرفوع فاعل، و (الأنصاريَّ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ، كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش وعليها (صح): (المهاجر)؛ بغير ياء النسبة.

قوله: (نُسِخَتْ): هو بضمِّ النون وكسر السين.

قوله: (وَالرِّفَادَةِ): هي بكسر الراء، وبعدها فاء، وبعد الألف دالٌ مهملة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ بمعنى: المَعُونة، ورِفادة قريش: تعاونها على ضيافة الحاجِّ.

قوله: (سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ): إنَّما أتى بهذا؛ لأنَّ أبا أسامة _هو حمَّاد بن أسامة_ عنعن في السند، ولا أعلمه مدلِّسًا، ولكن ليخرج من خلاف من خالف في العنعنة مطلقًا من مدلِّس ومن غيره، وكذا القولُ في إدريس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 277]

(1/8172)

[{إن الله لا يظلم مثقال ذرة}]

قوله: ({إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40]؛ يَعْنِي: زِنَةَ ذَرَّةٍ): اعلم أنَّ ابن مسعود قرأ: {مثقال نملة}، انتهى، و (الذرَّة): النملة الصغيرة الحمراء، قال شيخنا: قال ثعلبٌ: مئة نملة وزن حبَّة، والذرَّة واحدة منها، وقيل: إنَّ الذرَّة لا وزن لها، ويراد بها: ما يُرَى في شعاع الشمس، حكاه ابن الأثير، وزعم بعضُ الحُسَّاب أنَّ زنة الشعيرة حبَّة، وزنة الحبَّة أربع ذرَّات، وزنة الذرَّة أربع سمسمات، وزنة السمسمة أربع خردلات، وزنة الخردلة أربع ورقات نُخالة، وزنة النُّخالة أربع ذرَّات، فعلمنا بهذا أنَّ الذرَّة أربعة في أربعة في أربعة، فأدركنا أنَّ الذرَّة جزء من ألف وأربعة وعشرين من حبَّة، وذلك لأنَّ الحبَّة ضربناها في أربع حبَّات جاءت ستَّ عشرة [1] سمسمة، والسمسمة ضربناها في أربعةٍ جاءت أربعًا [2] وستِّين خردلة، وضربناها في أربعٍ وستِّين خردلة جاءت مئتين وأربعٍ وخمسين [ورقة نخالة]، ضربناها في أربعة جاءت ألفًا وستَّ عشرة ذرَّة، انتهى.

(1/8173)

[حديث: نعم هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة]

4581# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (هَلْ تُضَارُّونَ): بضمِّ أوَّله، والراء بالتشديد والتخفيف، فالتشديد؛ بمعنى: لا تخالفون ولا تتجادلون في صحَّة النظر إليه؛ لوضوحه وظهوره، يقال: ضارَّه يُضارُّه؛ مثل: ضرَّه يضرُّه، قال الجوهريُّ: يقال: أضرَّني فلان؛ إذا دنا مني دنوًّا شديدًا، فأراد بالمضارَّة: الاجتماع والازدحام عند النظر إليه، وأمَّا التخفيف؛ فمن الضير، لغةٌ في الضُّرِّ، والمعنى فيه كالأوَّل.

قوله: (بِالظَّهِيرَةِ): (الظَّهيرة)؛ بفتح الظاء المعجمة المشالة: ساعة الزوال؛ لأنَّ الشمس تظهر ذلك الوقت؛ أي: تعلو غاية ما لها أن تعلو، وقال يعقوب: الظَّهيرة: نصف النهار حتَّى تكون الشمس حيالَ رأسك.

قوله: (إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَةِ): يجوز في (يوم) الرفع والنصب، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ): هذا المؤذِّن لم أقف على اسمه.

قوله: (وَالأَنْصَابِ): تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (وَغُبَّرَات أَهْلِ الْكِتَابِ): (الغُبَّرات)؛ بضمِّ الغين المعجمة، وتشديد الموحَّدة بعدها، ثُمَّ راء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ تاء ممدودة، وهو مرفوعٌ، ويجوز جرُّه؛ أي: بقايا، وفي الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ: (غبْرات)؛ بإسكان الموحَّدة، وبتشديدها مفتوحة أيضًا، وأمَّا التاء في آخره؛ فإنها مضمومةٌ ومكسورةٌ منوَّنة، والله أعلم.

قوله: (فَيُدْعَى الْيَهُودُ): (يُدعَى)؛ بضمِّ أوَّله، وفتح العين: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اليهودُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذلك: (ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى).

قوله: (فَاسْقِنَا): تَقَدَّم، يقال: ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، ويقال: بينهما فرق.

قوله: (يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا): (يحطِم): بكسر الطاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي أَدْنَى صُورَةٍ): يأتي الكلام عليه مطوَّلًا في (الرقائق) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

قوله: (فَارَقْنَا النَّاسَ): (فَارَقْنا): هو بإسكان القاف، والضمير: فاعل، و (النَّاسَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا): (أفقرِ): مجرورٌ؛ لأنَّه مضاف وإن كان (أفعل) تفضيل.

==========

(1/8174)

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[ج 2 ص 277]

(1/8175)

[{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}]

قوله: (الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ): قال ابن قُرقُول: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: (والخال)، وكلُّه صحيح، من الخيلاء، انتهى، هذا قاله في (الخاء مع التاء المثنَّاة فوق)، وقال في (الخاء مع الياء المثنَّاة تحت): (المختال والخال واحد): كذا للأصيليِّ، ولغيره: (والخيَّال)، وليس بشيء ههنا، انتهى، و (الختَّال)؛ بالمثنَّاة فوق رواه أبو ذرٍّ، ولغيره: بالمثنَّاة تحت، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة ما لفظه: أنكر ابن مالك (الختَّال)، وقال: صوابه: (الخال)؛ بغير تاء، وهي رواية الأصيليِّ، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ كلَّه صحيحٌ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ): معناه: نذهب بالأنف، والشفة، والعين، والحواجب، فتعود قفا.

فإن قيل: لم يُفعَل ذلك بهم؟

ففيه جوابان؛ أحدهما: أنَّ المخاطبَ بذلك رؤوسُهم، قاله ابن عبَّاس، والثاني: حُذِّروا أن يُفعَل بهم في الآخرة، والله أعلم.

[ج 2 ص 277]

قوله: ({سَعِيرًا} [النساء: 55]: وُقُودًا): (الوُقود) هنا: بضمِّ الواو، يقال منه: وَقَدتِ النار تقِدُ وُقودًا _بالضمِّ_ ووَقْدًا وقِدةً ووقِيدًا وَوَقدانًا؛ أي: توقَّدت، وأمَّا الوَقود؛ بفتح الواو؛ فهو الحطبُ، وليس المرادَ هنا، والله أعلم، وبالضمِّ: الإيقاد، قال يعقوب: وقُرِئ: {النَّارِ ذاتِ الوُقود} [البروج: 5]؛ يعني: بالضمِّ.

(1/8176)

[حديث: فإني أحب أن أسمعه من غيري]

4582# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): هذا هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، حافظ إمام ثبت، تَقَدَّم، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ): لم أعرف من هو منهما، وذلك لأنَّ القطَّان روى عنهما، والأعمش رويا عنه، والله أعلم، ويظهر أنَّه الثوريُّ، أو البتُّ؛ لما يأتي في (فضائل القرآن) في (باب البكاء عند القراءة)، و (سُلَيْمَانُ): هو ابن مِهران الأعمش، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبِيدةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، وهو تَقَدَّم أنَّه السَّلْمانيُّ، له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وليس في «البُخاريِّ» ولا «مسلمٍ» من الرُّواة من اسمه عَبِيدة سواه وسوى عامر بن عَبِيدة الباهليِّ، وقد ضُبِط عن المهلَّب بالضمِّ، وقع ذكره في «البُخاريِّ» في (كتاب الأحكام)، وعَبِيدة بن حُمَيد، روى له البُخاريُّ، والرابع: عَبِيدة بن سفيان، له في «مسلمٍ» و «الموطأ»، وقد تَقَدَّم ذلك، و (عَبْدُ اللهِ): هو ا بن مسعود.

قوله: (قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الْحَدِيثِ ... ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه القطَّان.

قوله: (بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ): هذا قال الأعمش: وبعضُ الحديث حدَّثني به عمرو بن مرَّة عن إبراهيم، وعن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، ويوضِّح ذلك أنَّ البُخاريَّ لمَّا ساقه في (فضائل القرآن) عن مسدَّد، عن يحيى، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم_وهو ابن يزيد النخعيُّ_، عن عَبِيدة، عن عبد الله، قال الأعمش: وبعض الحديث حدَّثني عَمرو بن مرَّة عن إبراهيم، وعن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، فوضَّحه المِزِّيُّ، فقال: عن إبراهيم، وعن سُفيان عن أبيه عن أبي الضحى، عن عبد الله، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: «أَمْسِكْ»): هو بقطع الهمزة، وكسر السين، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (تَذْرِفَانِ): هو بالذال المعجمة، وكسر الراء، تَقَدَّم أنَّ معناه: تنصبَّان دمعًا.

(1/8177)

[{وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط}]

(1/8178)

[حديث: هلكت قلادة لأسماء فبعث النبي في طلبها]

4583# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): قال الجيَّانيُّ: محمَّدٌ [1] هذا، وذكر أماكن في «البُخاريّ» فيها: (محمَّد: أَخْبَرنا عَبْدة)، وقال بعد ذلك: هكذا أتى (محمَّد) غير منسوب عن عَبْدة، وفي بعض هذه المواضع قد نسبه ابن السكن في بعضها: (ابن سلَام)، وكذلك صرَّح البُخاريّ في بعض المواضع باسمه، فقال: (حدَّثنا محمَّد بن سلَام، حدَّثنا عَبْدة)، وذكر أبو نصر: أنَّ محمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة، انتهى، ولم يذكر الجيَّانيُّ في الأمكنة التي ذكرها هذا المكان، فالظاهر أنَّه لو وقف عليه؛ لقال فيه كما قال في الأمكنة المذكورة، وقال المِزِّيُّ: محمَّد بن سلَام، وقال شيخنا: يشبه أن يكون البيكنديَّ؛ يعني به: محمَّد بن سلَام المذكور في كلام الجيَّانيِّ، وأمَّا (عَبْدة)؛ فهو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان.

قوله: (هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لِأَسْمَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها في (التيمم).

قوله: (فَبَعَثَ [2] فِي طَلَبِهَا رِجَالًا): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (التيمم)، إن كان ذلك في الأبواء؛ فقد ذكر ابن بشكوال أنَّه عَلَيهِ السَّلام أرسل في طلبها الزُّبَير وأُسيد بن الحُضير، والله أعلم.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ [3] التَّيَمُّم): تَقَدَّم أيُّ آية أراد في (التيمم).

==========

[1] في (أ): (محمدًا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ صلى الله عليه وسلَّم).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يعني آية)، وصحَّ سقوطهما من رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 278]

(1/8179)

[{أولي الأمر منكم}]

(1/8180)

[حديث ابن عباس في: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}]

4584# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ): (صدقة) هذا: مروزيٌّ، تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه.

تنبيهٌ: هكذا روى النَّاس عن الفربريِّ عن البُخاريِّ هذا الحديث في طاعة أولي الأمر، وشذَّ أبو عليٍّ ابن السَّكَن، فقال: (عن الفربريِّ عن البُخاريِّ: حدَّثنا سُنيد)، بدل (صدقة)، وسُنيد: ليس من شرط هذا الكتاب، إنَّما روى عنه البُخاريُّ خارج «صحيحه»، وهو متكلَّم فيه، والله أعلم.

و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ؛ إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام على ذلك، ومتى كانت هذه السَّريَّة، وما وقع فيها، في (سريَّة عبد الله بن حذافة السَّهميِّ وعلقمة بن مجزِّز المدلجيِّ)؛ فانظر ذلك.

(1/8181)

[{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}]

(1/8182)

[حديث: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك]

4585# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدُر، تَقَدَّم ضبطه وما معناه، و (مَعْمَرٌ) بعده: هو بإسكان العين، ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا ... ) إلى آخره: هذا مرسل؛ لأن عروة حكى قصَّةً لم يدركها، وقد رواها في (الشرب) عن أخيه عبد الله بن الزُّبَير، ولم أرَ هذه الطريق المرسلة في «أطراف المِزِّيِّ»، والله أعلم.

قوله: (رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل مطوَّلًا.

قوله: (فِي شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ): (الحرَّة): تَقَدَّم الكلام عليها غيرَ مرَّةٍ، و (الشَّرِيْج) هنا: بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ جيم، قال ابن قُرقُول: وفي (التفسير) في خبر الزُّبَير: (في شَرِيْج)، والصواب: (شِرَاج)، وإنَّما الشَّرِيْج: المثل، إلَّا أن يكون جمع شرْج؛ ككَليبٍ جمع: كلب، إلَّا أنَّه شاذٌّ مسموع، انتهى، وقد تَقَدَّم ما (الشِّرَاج) في (الشرب).

قوله: (آن كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟!): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشّرب)، وفي هامش أصلنا هنا ما لفظه: عند الحافظ أبي ذرٍّ: (آن)؛ بفتح الهمزة ومدِّها، ولم يذكر القاضي مدَّها، بل قال: بفتح الهمزة؛ أي: من أجل هذا حكمتَ له عليَّ؟! انتهى، وفي نسختي بـ «المطالع» قيَّد الهمزة بالمدِّ، وقد ذكرت ذلك في (الشرب)، وأنَّ القاضي ومن بعدِه النوويُّ لم يذكرا مدًّا، وكذا غيرهما، بل ذكروا فتح الهمزة تعليلًا، وأنَّ في «المطالع» المدَّ.

(1/8183)

قوله: (إِلَى الْجَدْرِ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشرب)، ووقع هنا في أصلنا: بإعجام الذال، وقد قال شيخنا في (الشرب): (الجدر)؛ بفتح الجيم وكسرها، ورواه بعضهم: بضمِّها، حكاه أبو موسى المَدينيُّ، ثُمَّ دال مهملة، وحكى إعجامها الحافظ، وقيل: أصل الجدار، وقيل: أصل الشجر، وقيل: المسنَّاة، وقيل: جدور المشارب التي يجتمع فيها الماء في أصول النخل، قال الخطَّابيُّ: هكذا الرواية: (الجَدْر)، والمتقنون من أهل الرواية يقولون: [الجذر]؛ يعني: بالذال المعجمة؛ وهو مبلغ تمام الشرب، ومنه: جذر الحساب، وهو أصله ... إلى أن قال: وعبارة ابن التين: (الجدَر): أكثر الروايات بفتح الدال، وفي بعضها بالإسكان، وهو كذلك عند أهل اللغة، انتهى، وفي «المطالع» ذكره في (الجيم مع الدال المهملة): بفتح الجيم، وسكون الدال فقط.

قوله: (حِينَ أَحْفَظَهُ): هو بالحاء المهملة، وبالظاء المعجمة المشالة؛ أي: أغضبه، قال شيخنا في كتاب (الشرب): يشبه _كما قال الخطَّابيُّ_ أن يكون من قول ابن شهاب دون نفس الحديث، وقد كان من عادته أن يصل بعض كلامه بالحديث إذا رواه، ولذلك قال له موسى بن عقبة: من قولك أو من قول رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟ انتهى.

قوله: (لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ): هو بفتح السين، وهذا ظاهرٌ.

(1/8184)

[{فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين}]

(1/8185)

[حديث: ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة]

4586# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ موحَّدة، مصروف.

[ج 2 ص 278]

قوله: (إِلاَّ خُيِّرَ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (خُيِّرَ) الثانية.

قوله: (بُحَّةٌ): هي بضمِّ الموحَّدة، وتشديد الحاء المهملة المفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْياطيُّ: غلظة في الصوت، يقال: بَحَّ يبُحُّ بُحوحًا، فإن كان من داء؛ فهو البُحاحُ، انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/8186)

[قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} ... ]

(1/8187)

[حديث: كنت أنا وأمي من المستضعفين]

4587# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو [1] المسنديٌّ، ويؤيِّده ما تَقَدَّم في (الجمعة)، لا أبو بكر ابن أبي شيبةَ، وأمَّا (سُفْيانُ)؛ فهو ابن عيينة، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن أبي يزيد الليثيُّ المَكِّيُّ، من الموالي، عن ابن عبَّاس وجمعٍ، وعنه: شعبة، وابن عيينة، وعدَّةٌ، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (126 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: من اسمه عُبيد الله ويروي عن ابن عبَّاس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: عُبيد الله بن أبي بُردة، ويقال: ابن المغيرة بن أبي بُردة، وعُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذليُّ، وعُبيد الله بن أبي يزيد صاحب الترجمة.

قوله: (كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي): (أمُّه): تَقَدَّم أنَّها أمُّ الفضل، لبابة بنت الحارث الكبرى الهلاليَّة، يقال: إنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: بعد خديجة فاطمة بنت الخطَّاب، وتَقَدَّم ذلك.

==========

[1] زيد في (أ): (هو)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 279]

(1/8188)

[حديث: أن ابن عباس تلا: {إلا المستضعفين} قال: كنت أنا وأمي ... ]

4588# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَصِرَتْ} [النساء: 90]: ضَاقَتْ): تَقَدَّم أنَّ (يُذكر) مبنيٌّ للمفعول، صيغة تمريض، ولم يصحَّ ذلك عنده عن ابن عبَّاس على شرط الكتابِ كما تَقَدَّم، قال شيخُنا: أسنده ابن أبي حاتم في «تفسيره» من حديث عليِّ بن أبي طلحة عنه، انتهى، وعليُّ بن أبي طلحة: عن مجاهد، وأبي الوَدَّاك، وراشد بن سعد، وأخذ تفسير ابن عبَّاس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهدًا، بل أرسله عن ابن عبَّاس، قال دحيم: لم يسمع عليُّ بن أبي طلحة التفسير من ابن عبَّاس، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: روى معاوية بن صالح عنه عن ابن عبَّاس تفسيرًا كبيرًا ممتعًا، انتهى، وقال ابن حِبَّان في «الثقات»: وهو الذي يروي عن ابن عبَّاس التفسيرَ ولم يره، انتهى، والظاهر أنَّ هذه العلَّة التي لأجلها قال البُخاريُّ: (ويُذكَر عن ابن عبَّاس)، والله أعلم.

(1/8189)

[{فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم}]

(1/8190)

[حديث: إنها طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة]

4589# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار، و (غُنْدُرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو ابن مهديٍّ الإمام، أحد الأعلام، و (عَدِيٌّ): هو ابن ثابت الأنصاريُّ، تَقَدَّم أنَّه ثِقةٌ، ولكنَّه قاصُّ الشيعة وإمام مسجدهم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ): هو أبو موسى الأنصاريُّ الخطميُّ، له صحبة، وشهد الحُدَيْبيَة وله سبع عشرة سنة، ووُلِّيَ الكوفة، تَقَدَّم.

قوله: (رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ): هؤلاء الناس رجعوا عن أحُد من الطريق، تَقَدَّمتْ قصَّتُهم في (غزوة أحُد).

قوله: (فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ): قال بعض الحفَّاظ المِصْريِّين: المهاجرون.

قوله: (وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ): تَقَدَّم في (أحُد) أنَّ هذا حديث آخر.

(1/8191)

[غريب آيات النساء: 83 - 122]

قوله: ({إِلَّا إِنَاثًا} [النساء: 117]: الْمَوَاتَ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا، وَمَا أَشْبَهَهُ): (المَوات)؛ بفتح الميم؛ كالموات المعروف، و (حَجَرًا)؛ بفتح الحاء المهملة والجيم، و (المدر): معروف، وقد قيل في قوله تعالى: {إِلَّا إِنَاثًا}؛ كاللات والعزَّى ومناة، دليله قراءة عائشة رضي الله عنها: {إلَّا أوثانًا}، وقيل: مواتًا من الحجر والخشب والذهب؛ لأنَّ الأصل في الجمادات التأنيث، وقيل: الملائكة؛ لأنَّهم يزعمون أنَّهم بنات الله، تعالى الله عن ذلك.

==========

[ج 2 ص 279]

(1/8192)

[{ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم}]

(1/8193)

[حديث ابن جبير: اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت فيها ... ]

4590# قوله: (هِيَ آخِرُ مَا أُنْزِلَ [1]، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ): يعني: آخر ما أُنزل في هذا المعنى، أو تقديره: من آخر، أو في آخر، والله أعلم، وقد ذكرت في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر ما أنزل من القرآن؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (نَزَلَ).

[ج 2 ص 279]

(1/8194)

[{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا}]

قوله: (السِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلاَمُ وَاحِدٌ): (السِّلْم) الأولى: مكسورة السين، والثانية: بفتح السين واللام، كذا في أصلنا، قال شيخنا: {السَّلَمَ} و {السَّلْمَ} و {السِّلْمَ} و {السَّلاَمَ}؛ الأولى: بفتح السين واللام، والثانية: بفتح السين وإسكان اللام، والثالثة: بكسر السين وإسكان اللام، وحُكيت عن قراءة أبان بن يزيد عن عاصم، والرابعة: بلام ألف [1]، واختارها أبو عُبيد، وخالفه أهلُ النظر، وقالوا: {السَّلَمَ} هنا أشبه؛ لأنَّه بمعنى: الانقياد والتسليم؛ لقوله تعالى: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [2] [النحل: 28]، ولا شكَّ أنَّ {السَّلَمَ} بفتح اللام: الاستسلام والانقياد، و {السلْم}؛ بإسكان اللام، وفتح السين وكسرها: الإسلام والصلاة، وقراءة ابن عبَّاس: {السَّلاَمَ}؛ باللام [ألف]، انتهى.

ورأيت في نسخة صحيحة: (السلْم والسَّلَم والسَّلام واحد): الأولى: بكسر السين وفتحها، وكتب عليها: (معًا)، وسكَّن اللام، والثانية: بفتح السين واللام، وكتب على اللام: (صح)، والله أعلم، انتهى.

وقد قرأ نافع، وابن عامر، وحمزة: {السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]؛ وهو الأخير بغير ألف، والباقون: بالألف، قاله أبو عَمرو الدانيُّ في «تيسيره».

==========

[1] في (أ): (التعريف)، والمثبت موافق لمصدره (22/ 250).

[2] في (أ): (وألقوا).

[ج 2 ص 279]

(1/8195)

[حديث: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم ... ]

4591# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ ... ) إلى آخره: هذه الآية نزلت في أسامة بن زيد، خرج في سريَّة فسلَّم عليهم مرداس بن نَهيك بأنِّي مسلم، وظنَّه أسامة تقيَّةً فقتله، فقال عَلَيهِ السَّلام: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلَّا الله ... »؛ الحديث، وقد تَقَدَّم الكلام على مرداس بن نَهيك في (باب بعث النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم

[ج 2 ص 279]

أسامةَ بن زيد إلى الحرقات من جُهينة)، وقال ابن شيخنا البُلقينيِّ هنا ما لفظه: في «أُسْد الغابة» في ترجمة محلِّم بن جَثَّامة: أنَّه قتل عامر بن الأضبط الأشجعيَّ، وأنَّه نزل فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]، وقد تَقَدَّم في قصَّة أسامة نزول هذه الآية؛ فليتأمَّل، فبين الواقعتين سَنةً، فعن ابن إسحاق: أنَّ في هذه السريَّةِ سريَّة أبي قتادة، وعبد الله بن أبي حدرد، ومحلِّم بن جَثَّامة، وهي في رمضان سنة ثمان، وأميرُها أبو قتادة، ومنهم من يقول: ابن أبي حدرد الأسلميُّ، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: إنَّ القاتل: محلِّم بن جَثَّامة، والمقتول: عامر بن الأضبط، رواه البغويُّ في «معجم الصَّحابة» من طريق عبد الله بن أبي حدرد، وكان أميرَ السريَّة أبو قتادة الأنصاريُّ.

(1/8196)

[{لا يستوي القاعدون من المؤمنين} ... ]

(1/8197)

[حديث: أن رسول الله أملى عليه: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}.]

4592# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فِي الْمَسْجِدِ ... ) إلى أن قال: (فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ): في هذا الإسناد من لطائف الإسناد: رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو رواية صَحابيٍّ _وهو سهل بن سعد_ عن تابعيٍّ؛ وهو مروان بن الحكم، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، ومثلُه: حديث السائب بن يزيد، عن عبد الرَّحمن بن عبدٍ القاريِّ، عن عمر بن الخَطَّاب، وهو في «مسلم» و «الأربعة»، ومثلُه: حديث جابر بن عبد الله، عن أمِّ كلثوم بنت أبي بكر الصِّدِّيق، عن عائشة، في «مسلم»، ومثلُه: حديث عَمرو بن الحارث المصطلقيِّ، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود، عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، في «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسائيِّ»، ومثلُه: حديث يعلى بن أُمَيَّة، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أخته أمِّ حبيبة، في «النَّسائيِّ»، وأحاديث غير ما ذكرت يطول ذكرُها، هي عشرون حديثًا من رواية الصَّحابة عن التابعين، ذكرها شيخُنا العراقيُّ في «النكت على ابن الصلاح»، وقد قرأت «النكت» عليه، والله أعلم.

قوله: (فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ [1]): تَقَدَّم أنَّ اسم ابن أمِّ مكتوم عَمرو بن قيس بن زائدة العامريُّ، شهد القادسيَّة ومعه اللواء، وقيل: اسمه عبد الله، وقيل غير ذلك، وسيجيء: (وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) [خ¦4990]، وكذا هو مسمًّى بـ (عَمرو) في «مسلم»، هاجر إلى المدينة، واستخلفه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على المدينة ثلاث عشرة مرَّة، كما قدَّمتُه وعدَّدتُها، وكان مؤذِّنَهُ عَلَيهِ السَّلام مع بلال، رضي الله عنهما.

فائدةٌ: تَقَدَّم فيما مضى العُميان من الصَّحابة في أوَّل هذا التعليق في قوله في حديث ورقة: (وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ) [خ¦3]، والله أعلم.

قوله: (أَنْ تَرُضَّ [2] فَخِذِي): (تَرُضَّ)؛ بفتح المثنَّاة فوق، وضمِّ الراء، وبالضاد المعجمة المشدَّدة: مبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ، ويجوز بناؤه للمفعول.

(1/8198)

قوله: (ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ): تَقَدَّم أنَّه بالتخفيف والتشديد، وأنَّ معناه: كُشِف.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]): قال شيخنا في «فضائل القرآن» في (باب كاتب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) ما لفظه: (قال مالك: نزل جبريل بقوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قبل أن يجفَّ القلم، فأُلحق بما في القلم، وذلك مسيرة ألف سنة في هبوطه وعروجه) [3]، انتهى، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في هامش (ق): (وهو عمرو عند الأكثرين، وقيل: عبد الله، وقيل: كان اسمه الحُصين، فسمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ووالده قيس، الأعمى القرشيُّ العَامريُّ، واسم أمِّ مكتوم عاتكةُ بنت عبد الله، وكان قديم الإسلام بمكَّة، وهاجر إلى المدينة قدمها بعد بدر بيسير، وقيل: قدمها بعد مصعب بن عمير، وقيل: قبل قدومه عليه السلام، واستخلفه على المدينة رسول الله قيل: ثلاث عشرة مرة، وقيل: قدم المدينة بعد بدر بسنتين، وقيل: إنَّه استعمله صلى الله عليه وسلم على المدينة، من العدة).

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (تُرَضَّ).

[3] «التوضيح»: (24/ 26).

[ج 2 ص 280]

(1/8199)

[حديث: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} دعا ... ]

4593# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، وعازب صَحابيٌّ أيضًا، تَقَدَّم.

قوله: (دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا): هو زيد بن ثابت، كاتب الوحي، وقد تَقَدَّم في الحديث قبله منسوبًا إلى أبيه.

==========

[ج 2 ص 280]

(1/8200)

[حديث: اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} ... ]

4594# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، لا البيكنديُّ البُخاريُّ، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب.

قوله: (ادْعُوا فُلاَنًا): (فلان): هو زيد بن ثابت، كما بيَّنه قبله.

==========

[ج 2 ص 280]

(1/8201)

[حديث ابن عباس: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر والخارجون.]

4595# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجهاد) في موضعين، وفي (سورة النساء)، و (الأعراف)، و (القدَر)، و (ترك الحيَل): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الغسل) وفي (الصلاة) في موضعين، وفي حديث (بني النضير)، و (غزوة أحُد)، وفي (وفد بني حنيفة)، و (مناقب ابن عُمر)، وفي (الأنبياء)، و (التمنِّي)، وغير موضع: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وهو عندنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديُّ، بخاريٌّ، نسبه إلى جدِّه، وقد روى عنه البُخاريُّ في (العيدين)، وفي (باب موعظة الإمامِ النساءَ يوم العيد)، فقال: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الوضوء) أيضًا: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الإيمان) و (تفسير {قل هو الله أحد}): (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، فاجتمع لنا من هذا: أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديِّ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، وإسحاق بن منصور الكوسج عن عبد الرزَّاق، غير أنَّ الموضع الذي في (وفد بني حنيفة) اختلف فيه شيوخُنا، فقال أبو زيد وابن السكن: وفي نسخة النسفيِّ: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وفي نسخة الأصيليِّ عن أبي أحمد: (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقول أبي زيد _عندي_ ومن تابعه أشبه؛ لجلالة مَن تابعه، وقد تَقَدَّم هذا في «علل البُخاريِّ»، انتهى.

وقد أهمل مكانًا في سورة (الأنعام) فيها: (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، والظاهر أنَّه يجيء فيه ما جاء في هذا الحديث هنا من أنَّه ابن منصورٍ، كما ذكره صاحبا «الأطراف»؛ أبو مسعود وخلف، وقال أبو نعيم: ذُكِر أنَّ البُخاريَّ روى عنه أيضًا، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه».

قوله: (أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ): هذا هو عبد الكريم بن مالك الجزريُّ، حافظ مشهور، تَقَدَّم مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 280]

(1/8202)

[{إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ... }]

(1/8203)

[حديث: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه]

4596# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ [1]: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ): (غيرُه): هو عبد الله بن لهيعة، القاضي المصريُّ المشهور، قال شيخنا: يوضِّحه أنَّ ابن أبي حاتم رواه: (عن يونس بن عبد الأعلى: أَخْبَرنا عبد الله بن وهب: أَخْبَرني ابن لهيعة عن أبي الأسود ... )؛ فذكره، انتهى، وفي «التذهيب» وهو في أصله: روى البُخاريُّ والنَّسائيُّ _يعني: لابن لهيعة_ أحاديث مقرونًا فيها بثقة، ولم يصرِّحا باسمه، ففي بعضها: (ابن وهب عن حيوة بن شريح وفلان)، وفي بعضها: (عن عمرو بن الحارث ورجلٍ آخرَ)، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا أيضًا قبل هذا، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: إنَّه ابن لهيعة، كما رواه الطبرانيُّ في «الأوسط».

قوله: (قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ): (قُطِعَ)؛ بضمِّ القاف، وكسر الطاء: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بَعْثٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (البَعْث)؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان العين المهملة، وبالثاء المثلَّثة: هو الجيش، والبُعوثُ: الجيوش.

[ج 2 ص 280]

قوله: (فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ): (اكتُتِبْتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ العصر: سمَّى ابنُ أبي حاتم في «تفسيره» من طريق ابن جُرَيج عن عكرمة، ومن طريق ابن عيينة عن ابن إسحاق الناسَ المذكورين [2]؛ وهم: عليُّ بن أُمَيَّة بن خلف، وأبو العاصي بن منبِّه بن الحجاج، وزمعة بن الأسود، والحارث بن زمعة، وأبو القيس بن الفاكه، وعند ابن جُرَيج: أبو قيس بن الوليد بن المغيرة، انتهى.

قوله: (فَيُرْمَى بِهِ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (يُضْرَبُ): مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا: (فيُقْتَلُ).

قوله: (رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ): (الليث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (أبو الأسود): تَقَدَّم في السند الذي قدَّمه أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن أبو الأسود، وأراد تقوية الحديث بهذه المتابعة، وما رواه الليث لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: ورواية الليث ذكرها الإسماعيليُّ من حديث أبي صالح: (حدَّثني الليث عن أبي الأسود)، انتهى.

(1/8204)

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (قالا).

[2] في (أ): (المذكورون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8205)

[{إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ... }]

(1/8206)

[حديث ابن عباس: كانت أمي ممن عذر الله]

4597# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عارم، و (حَمَّادٌ) بعده: هو حمَّاد بن زيد وإن كان عارم روى عن الحمَّادين، وكذا الحمَّادان رويا عن أيوب، إلَّا أنَّ ابن سلمة علَّق له البُخاريُّ، وابن زيدٍ روى له البُخاريُّ في (الأُصول)، فهو هذا، وقد تَقَدَّم أنَّ حمَّادًا إذا لم ينسب، فإن كان الراويَ عنه سُليمان بن حرب، أو أبو النُّعمان هذا الراوي هنا؛ فهو ابن زيد، وإن كان الراويَ عنه التَّبُوذَكيُّ موسى بن إسماعيل، أو عفَّان، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب بن خالد، والله أعلم، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ.

قوله: (كَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ): تَقَدَّم أن أمَّه أمُّ الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلاليَّة، وأنها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: إن أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8207)

[ف {عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا}]

(1/8208)

[حديث: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج سلمة بن هشام ... ]

4598# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ) بعده: هو ابن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، وأنَّه منسوب إلى القبيلة لا إلى صناعة النَّحو، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ)، وكذا (الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ)، وعيَّاش أخو أبي جهل لأمِّه، وسلَمة أخو أبي جهل لأبَويه، والوليد أخو خالد بن الوليد، وتَقَدَّم الكلام على (الوَطْأَةَ)، و (مُضَرَ)، و (كَسِنِي)، وأنَّه بالتخفيف، وأنَّ معنى (كَسِنِي يُوسُفَ): أي: قحطًا وجدبًا.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8209)

[{ولا جناح عليكم إن كان بكم أذًى من مطر أو كنتم مرضى ... }]

(1/8210)

[حديث ابن عباس في قوله تعالى: {أو كنتم مرضى}]

4599# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حَجَّاجٌ): هو ابن محمَّد الأعور المصيصيُّ، و (ابْنُ جُرَيْج): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج الإمام، أحد الأعلام، و (يَعْلَى) بعده: هو ابن مسلم المَكِّيُّ، وهو يعلى بن مسلم بن هرمز، عن أبي الشعثاء وسعيد بن جُبَير، وعنه: ابن جُرَيج وشعبة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وثَّقه ابن معين وأبو زُرعة.

تنبيهٌ: روى عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس اثنان؛ كلٌّ منهما اسمه يعلى: صاحبُ الترجمة الذي ذكرناه، ويعلى بن حَكِيم الثقفيُّ البصريُّ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 281]

(1/8211)

[{ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ... }]

(1/8212)

[حديث: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها]

4600# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (حَتَّى فِي الْعَذْقِ [1]): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، كما تَقَدَّم في أوَّل هذه السورة، كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: بكسر العين بالقلم، قال ابن قُرقُول في هذا المكان: وقد رواه الأصيليُّ بالكسر، وغيره بالفتح، قال ابن قُرقُول: وهو أصوب.

قوله: (فَيَشْرَكهُ): هو بفتح الياء والراء.

قوله: (بِمَا شَرِكَتْهُ): هو بكسر الراء.

(1/8213)

[{وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا}]

(1/8214)

[حديث عائشة في قوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا ... }]

4601# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك الإمام، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8215)

[{إن المنافقين في الدرك الأسفل}]

قوله: ({نَفَقًا} [الأنعام: 35]: سَرَبًا): هذا ليس في هذه السورة، إنَّما هو في (الأنعام).

(1/8216)

[حديث: لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرًا منكم ... ]

4602# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن يزيد النخعيُّ، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّموا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني، تَقَدَّما.

قوله: (كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّها بإسكان اللام، ويجوز فتحها.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8217)

[{إنا أوحينا إليك} ... ]

(1/8218)

[حديث: ما ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى]

4603# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، الحافظ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام على (أنا) وعلى (متَّى) في (الأنبياء).

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8219)

[حديث: من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب]

4604# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مصغَّر، بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ، و (هِلاَلٌ) بعده: هو ابن عليٍّ، و (عَطَاءٌ): هو ابن يَسار.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8220)

[{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ... }]

قوله: (وَالْكَلاَلَةُ: مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ): اعلم أنَّ الكلالة فيها خلاف؛ فقيل: الوارث إذا لم يكن للميت ولد ولا والد، وقيل: اسم للميت الذي ليس له ولد، ذكرًا كان أو أنثى، وقيل: اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد، وقيل: اسم للمال الموروث، وقد تَقَدَّم ذلك.

(1/8221)

[حديث: آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت: {يستفتونك}]

4605# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، تَقَدَّم أيضًا، وأنَّ عازبًا صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ: {بَرَاءَةٌ}، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 176]): تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر سورة نزلت وآخر آية.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8222)

(((5))) (سُورَة الْمَائِدَةِ) ... إلى (الأَنْعَامِ)

قوله: ({فَبِمَا نَقْضِهِمْ} [المائدة: 13]: بِنَقْضِهِمْ): يعني: أنَّ (ما) زائدة؛ مثل قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الإِغْرَاءُ [1]: التَّسْلِيطُ): الظاهر من لفظه (غير): أنَّه غير من فسَّر ما قبله، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هو قول صاحب «العين».

قوله: (قَالَ سُفْيانُ: مَا فِي القُرآن آيَةٌ أَشَدُّ عَليَّ مِنْ {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حتَّى تُقِيمُوا} [المائدة: 68]): (سفيان) هذا: هو [ ... ] [2].

==========

[1] في (ق): (الأغرَّ)، وفي هامشها: (صوابه: الإِغْرَاء).

[2] في (أ) بياض.

[ج 2 ص 281]

(1/8223)

[{اليوم أكملت لكم دينكم}]

(1/8224)

[حديث: إنكم تقرؤون آيةً لو نزلت فينا لاتخذناها عيدًا]

4606# قوله: (حَدَّثَنَي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار الحافظ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ الإمام، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، و (قَيْسٌ): هو ابن مسلم.

قوله: (قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ): تَقَدَّم أنَّ قائل ذلك هو كعب الأحبار في أوَّل هذا التعليق، قاله ابن شيخنا البلقينيِّ، وفيه وقفة.

[ج 2 ص 281]

قوله: (وَإِنَّا وَاللهِ): (إنَّا): هي إنَّ واسمها، مكسورة الهمزة، مشدَّدة النون، وكذا هو في أصلنا مضبوط.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ): (سفيان): هذا هو المذكور في السند، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، وقوله: (وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةِ [1] أَمْ لَا؟)، هو كان يوم الجمعة بغير شكٍّ، كما جُزِم به في «الصحيح».

تنبيهٌ هو فائدةٌ: رأيت في «أحكام المحبِّ الطبريِّ» في كتاب (الحجِّ) لمَّا ذكر حج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من حديث جابر عقَّبَه بكلام على الحديث، وفيه ما لفظه: وذكر الواقديُّ أيضًا أنَّ يوم التروية وافق يوم الجمعة، فعلى هذا تكون الوقفة بالسبت، ثُمَّ تعقَّبه بأنَّه خلاف ما جاء في «الصحيح»، انتهى، وهذا غريب جدًّا، وقال المحبُّ أيضًا في «مناسكه» نحوه، وقال: إنَّ الأوَّل أصحُّ؛ يعني: أنَّ الوقفة الجمعة، ثُمَّ رأيته في «الأحكام» ذكر ما لفظه: وعن الحسن بن مسلم قال: وافق يوم التروية يوم جمعة في زمان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فوقف رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بفناء الكعبة، وأمر الناس أن يروحوا إلى منًى، وراح، فصلى الظهر بها، أخرجه الشافعيُّ والبَيهَقيُّ، وقال: هذا حديث منقطع، وحديث عُمر بن الخَطَّاب: (أنَّ يوم عرفة وافق يوم جمعة) حديثٌ موصول، فهو أولى، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الجمعة).

(1/8225)

[{فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيدًا طيبًا}]

(1/8226)

[حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.]

4607# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.

قوله: (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (التيمم)، وكذا الكلام على (البَيْدَاءِ)، و (ذَاتِ الجَيْشِ)، وعلى (العِقْدِ)، وأنَّها استعارته من أسماء، وجمعت في (التيمم) بين استعارته وكونِه لها، وأنَّه انقطع مرَّتين، وكم كان يساوي، وعلى (يَطْعُنُ)، وأنَّه بضمِّ العين وفتحها؛ لغتان، و (مَكَانُ): مرفوعٌ على الاستثناء المفرَّغ، وعلى قوله: (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ [1] عَلَى غَيْرِ مَاءٍ)، وعلى آية التيمم التي أنزلت في ذلك أيُّ الآيتين؟ آية (النساء) أو آية (المائدة)؟ وعلى (أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرٍ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة، وضمِّ الحاء، كلُّه في (التيمم).

قوله: (فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ): (بعثُه): إثارتهُ من بروكه، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في هامش (ق): (قوله: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حينَ أصبح): كذا عند المروزي وأبي ذر والنسفي، وفي «الموطأ» عن ابن السكن: (فنام) من النوم، وكلاهما صحيحٌ، والثاني أوجه، وعند المستملي: (فقام رسول الله حتى أصبح)، وهو بيِّن، ذكر ذلك صاحبُ «المطالع» بتقديم وتأخير).

[ج 2 ص 282]

(1/8227)

[حديث: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة]

4608# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام.

قوله: (بِالْبَيْدَاءِ): تَقَدَّم الكلام على (البيداء) في (التيمم) وغيره.

قوله: (فَالْتُمِسَ الْمَاءُ): (التُمِس)؛ بضمِّ التاء، وكسر الميم: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الماءُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 6]): في هذا تعيينُ إحدى الآيتين، وقد تَقَدَّم في (التيمم).

قوله: (فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّ (أُسَيدًا) بضمِّ الهمزة، وفتح السين، وأنَّ (حُضَيرًا) بضمِّ الحاء، وفتح الصاد، وهذا معروف عند أهله.

==========

[ج 2 ص 282]

(1/8228)

[{فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون}]

(1/8229)

[حديث: قال المقداد يوم بدر: يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت.]

4609# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (إِسْرَائِيلُ) بعده: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، و (مُخَارِقٌ) هذا: وهو مُخارق بن خليفة، وقيل: ابن عبد الرَّحمن، وقيل: ابن عبد الله، هو الأحمسيُّ الكوفيُّ، عن طارق بن شهاب، وعنه: السفيانان وشعبة، قال أحمد: ثِقةٌ ثِقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، والترمذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (ح): تَقَدَّم الكلام عليها، ويأتي في أواخر هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ): قال الدِّمْياطيُّ: حمدان لقبٌ، واسمه: أحمد بن عُمر، أبو جعفر الحميريُّ، البغداديُّ، البزَّاز، السِّمسار، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة، روى عنه هذا الحديث الواحد، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين بعد البُخاريِّ، انتهى، اعلم أنَّ البُخاريَّ روى له مقرونًا كما ترى؛ لأنَّه روى عنه هذا الحديث بعد أن أخرجه من طريق غيره، وهذا نوع من القَرْن، وقد تَقَدَّم له نظائرُ، ولم يخرِّج له استقلالًا، وقد روى عنه: المحامليُّ، ومحمَّد بن مَخْلد، وآخرون، قال الخطيب: كان ثِقةً، وأرَّخه، كما ذكره الدِّمْياطيُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا [1] أَبُو النَّضْرِ): هو هاشم بن القاسم، وهو بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّه لا يحتاج إلى تقييده، وهذه الواو في قوله: (وحدَّثنا أبو النضر): هي ثابتة في أصلنا، وعليها (صح)، وليست في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فعلى ما في أصلنا القاهريِّ: هي واو العطف، والظاهر أنَّ هذا الحديث حدَّث به أبو النضر حمدانَ بن عُمر في جملة أحاديث معطوفٍ بعضها على بعض بالواو، فرواه حمدان كما سمعه من أبي النضر بالعطف، والله أعلم، وعلى حذفها لا كلام.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ): هو عُبيد الله بن عُبيد الرَّحمن الأشجعيُّ، أبو عبد الرَّحمن، كوفيٌّ، إمام بغداد، تَقَدَّم أنَّه كتب عن الثوريِّ ثلاثين ألف حديث، قال ابن معين: ثِقةٌ مأمون، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مُخَارِقٌ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (طَارِقٌ)، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

(1/8230)

قوله: (قَالَ: قَالَ الْمِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ ... ) إلى آخره: كذا هنا، وجاء أنَّه سعد بن مُعاذ، فيجوز أن يكونا قالاه؛ قاله شيخنا، والذي رأيته أنا في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: أنَّ ابن مُعاذ قال كلامًا آخرَ غير كلام المقداد، وفي «مسلم» عَزو مقالة ابن مُعاذ لابن عبادة، قال أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس: وإنَّما اختلف في شهوده بدرًا؛ يعني (في شهوده) سعدَ بن عبادة، والصحيح: أنَّه لم يشهدها وإن وقع في «مسلم» شهوده، قال شيخنا: وهنا أنَّ ذلك يوم بدر، وعن قتادة فيما ذكره الطبريُّ أنَّه كان في يوم الحُدَيْبيَة حين صُدَّ، والله أعلم.

قوله: (فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): (سُرِّي): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه مخفَّف ومشدَّد، وقد رواه بها، وكلاهما جائز.

قوله: (وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ: أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (وَكيع)؛ فهو ابن الجرَّاح، الإمام المشهور، و (سُفيان): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الثوريُّ، و (مُخارق): تَقَدَّم الاختلاف في اسم أبيه، و (طَارق): هو ابن شهاب، كما تَقَدَّم، وفائدة هذا التعليق: أنَّه نبَّه به على أنَّه روي بطريقين؛ الاتِّصالِ والإرسالِ، وقدَّم المُتَّصِل؛ لأن الذي وصله ثِقةٌ، فبهِ العبرة على الصحيح من أقوال أربعةٍ تَقَدَّمتْ.

[ج 2 ص 282]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) وعليها (صح)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا)؛ بغير واو.

(1/8231)

[{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا ... }]

(1/8232)

[حديث: هذه نعم لنا تخرج فاخرجوا فيها]

4610# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، و (سُلَيمَانُ [1] أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ): كذا في أصلنا، وفي هامشه: (سلمان)، وعليه علامة راويه و (صح)، وهذا هو الصواب، وما في الأصل غلطٌ، وهو سَلمان؛ بغير ياء، قال ابن قُرقُول: (حدَّثني سلمان أبو رجاء)، وعند القابسيِّ: (سليمان)، وهو وَهَمٌ، انتهى، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، واسمه عبد الله بن زيد، وسيأتي في هذا الحديث مسمًّى بذلك منسوبًا إلى أبيه، وهو الجرميُّ، تَقَدَّم.

قوله: (فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا، فَقَالُوا وَقَالُوا): قد أتى مبيَّنًا في موضع آخر من «البُخاريِّ»؛ وهو: (أنَّ عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يومًا للناس، ثُمَّ أذن لهم فدخلوا، فقال لهم: ما تقولون في القسامة؟ فقالوا: نقول في القسامةِ ... )؛ الحديث.

قوله: (مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا ... ) إلى آخره: قد ذكر خصالًا ثلاثًا، وقد جاء في أحاديث أُخَر زيادةٌ عليها: «حدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف»، ومنها: «إذا بُويع لخليفتين؛ فاقتلوا الآخِر منهما» على أحد القولين فيه، وهو الصحيح، ومنها: قتل اللائط، ومنها: «من أتى بهيمة؛ فاقتلوه، واقتلوا البهيمة»، رواه أحمد والأربعة من حديث ابن عبَّاس، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ومنها: قتل شارب الخمر في الرابعة، وهو منسوخ في قول الأكثرِ.

(1/8233)

قوله: (فَقَالَ عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ بِكَذَا وَكَذَا؟): قال الدِّمْياطيُّ: عنبسة هذا: هو ابن سعيد بن العاصي، كنيته: أبو خالد، متَّفق عليه، سمع أبا هريرة وأنسًا، وعنبسة بن أبي سفيان أبو الوليد _وقيل: أبو عثمان_ انفرد به مسلم، روى عن أخته أمِّ حبيبة، وعنبسة بن خالد، انفرد به البُخاريُّ، روى عن عمِّه يونس بن يزيد، انتهى، فقوله في الأوَّل: (كنيته: أبو خالد)، وقد قيل: كنيته: أبو أيوب، وقدَّمها بعضُ الحفَّاظ على أبي خالد، وقوله في ابن أبي سفيان: (انفرد به مسلم)؛ يعني: عن البُخاريِّ، وكذا أراد، وقولُه في ابن خالد: (انفرد به البُخاريُّ)؛ فاعلم أنَّه لم يخرِّج له استقلالًا، إنَّما قرنه بغيره، وأهمل اثنين علَّق لهما البُخاريُّ؛ أحدهما: عنبسة بن سعيد بن الضُّريس، والثاني: عنبسة بن عبد الواحد.

قوله: (قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أنَّهم من عُكْل، وفي بعضها: (من عُرَينة) وفي بعضها: (من عُكْل أو عُرَينة) على الشكِّ، وفي بعضها: (من عُكْل وعُرَينة) من غير شكٍّ، وفي بعضها: (أنَّ نفرًا قدموا)، ولم يُذكَر من أيِّ قبيلة هم، والكلُّ في «الصحيح» من حديث أنس، وقد قدَّمتُ الكلام على عُكْل وعُرَينة، وعلى الجماعة الذين جهَّزهم عَلَيهِ السَّلام في طلبهم، وأنَّها سريَّة سعيد بن زيد، وكانت في شوَّال سنة ستٍّ عند ابن سعد، وأنَّ هؤلاء القوم كانوا ثمانية، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقيل: سبعة، وتَقَدَّم الكلام على وَهَمٍ في أمير هذه السريَّة والاختلافُ فيه، والله أعلم.

قوله: (فَاشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا): تَقَدَّم الكلام عليه، و [من] قال بالطهارة، ومن حمله على التداوي.

قوله: (وَمَالُوا عَلَى الرَّاعِي فَقَتَلُوهُ): تَقَدَّم أنَّ اسم الراعي يسار.

قوله: (يَا أَهْلَ): كذا قال بعض الحفَّاظ من المِصْريِّين، وفي رواية أخرى: (يا أهل الشام)، وفي رواية: (يا أهل هذا الجند).

قوله: (مَا أُبْقِيَ هَذَا فِيكُمْ): (أُبقِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (سلمان).

[ج 2 ص 283]

(1/8234)

[{والجروح قصاص}]

(1/8235)

[حديث: يا أنس كتاب الله القصاص]

4611# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (سلَامًا) بتخفيف اللام على الصحيح، وأنَّ ابن قُرقُول قال: نقله الأكثر، مطوَّلًا، و (الْفَزَارِيُّ): هو مروان بن معاوية الفزاريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ، وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّم أنَّ (الرُّبَيِّع) هذه بضمِّ الراء، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، وتَقَدَّم الكلام عليها، قال الدِّمْياطيُّ: هي أمُّ حارثة بن سراقة المقتول ببدر، بنت النضر، وأخوها أنس بن النضر قُتل يوم أحُد، عمُّ أنس بن مالك بن النضر، والبراء بن مالك قتله الهرمزان سنة عشرين بتُسْتَر، انتهى.

البراء بن مالك في كلام الدِّمْياطيِّ هو كما قال، البراء بن مالك بن النضر الأنصاريُّ، أخو أنس بن مالك، شهد أحُدًا وما بعدها، وكان شجاعًا، قيل: كان عمر رضي الله عنه يكتب: لا تستعملوا البراء على جيش؛ فإنَّه مهلكة من المهالك، يقدم بهم، ويوم حديقة مسيلمة احتُمِل على ترس على الرماح، واقتحم إليهم، فقاتل وفتح الباب، وجُرِح يومئذٍ بضعًا وثمانين جرحًا، وأقام خالد بن الوليد شهرًا عليه ليتداوى، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «رُبَّ أشعث أغبر لو أقسم على الله؛ لأبرَّه؛ منهم البراء بن مالك»، فقال المسلمون يوم تُسْتَر: أقسِم على ربِّك، فقال: أقسم عليك لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيِّك، فحمل وحمل الناس معه، فانهزم الفُرس وقُتِل البَراء، وقد قَتل مئةً مبارزةً، رضي الله عنه، وقد تَقَدَّم متى فُتِحت تُسْتَرُ.

(1/8236)

تنبيهٌ: سيجيء في (كتاب الديات) من هذا «الصحيح» في (باب القصاص بين الرجال والنساء) معلَّق مجزوم به: (وجَرحت أخت الرُّبَيِّع إنسانًا، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «القصاص»)، كذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»: (أخت الرُّبَيِّع)، والصواب: (الرُّبَيِّع)؛ بحذف (أخت)، وكذا في أصلنا في (كتاب الدية) ما لفظه: كذا وقع: (أخت الرُّبَيِّع)، وصوابه: الرُّبَيِّع بنت النضر بن أنس؛ قاله أبو ذرٍّ، انتهى، وفي سورة (المائدة) هنا: أنَّها كسرت ثنيَّة جارية من الأنصار، وفي (الديات): جرحت إنسانًا، وإن كان يقال للمرأة: إنسان، ولا يقال لها: إنسانة، إلَّا أنَّه علَّقه في (الديات) مستدلًّا به، والظاهر أنَّ الإمام البُخاريَّ فهم منه أنَّ المراد بالإنسان: الذكر، وفي «مسلمٍ»: (أنَّ أختَ الرُّبَيِّعِ أمِّ حارثة جرحت إنسانًا، فاختصموا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «القصَاصَ القصَاصَ»، فقالت أمُّ الرَّبيع: يا رسول الله؛ أتقتصُّ من فلانة؟! والله لا يُقتَصُّ منها ... )؛ الحديث، ففيه مخالفة لما في «البُخاريِّ» من جهتين؛ إحداهما: أنَّ الجارحة أختُ الرُّبَيِّع، وفي هذا «الصحيح»: أنَّها الرُّبَيِّع كما هنا وغيرِه، والثاني: أنَّ الحالف في «مسلم» أمُّ الرَّبيع؛ بفتح الراء، وفي «البُخاريِّ» الحالف: أنس بن النضر، قال النوويُّ: قال العلماء: والمعروف في الروايات رواية البُخاريِّ؛ يعني: التي في بقيَّة الطرق، لا التي في (الديات)، وكذا رواه أصحاب السنن، قال النوويُّ في «شرح مسلم»: يحتمل أنَّهما قضيَّتان، والله أعلم، وستأتي هذه المسألة، وأذكر فيها كلامًا للبَيهَقيِّ مطوَّلًا، وهو مهمٌّ؛ فانظره، والله أعلم.

[ج 2 ص 283]

(1/8237)

[باب: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}]

(1/8238)

[حديث: من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا مما أنزل عليه فقد كذب]

4612# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، وكذا قاله شيخنا، قال كما صرَّح به أبو نعيم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، قاله شيخنا، وهو ظاهرٌ، كذا قاله غيره، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، تَقَدَّم، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الشين المعجمة، واسمه: عامر بن شراحيلَ.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8239)

[{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]

(1/8240)

[حديث: أنزلت هذه الآية: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]

4613# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ) كذا في أصلنا منسوبًا (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (المائدة): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا مالك بن سُعَيْر)، فذكر هذا المكان، وقال في (الدعوات): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا مالكٌ)، فذكر مكانًا آخر، قال أبو مسعود في عليٍّ هذا عن مالك بن سُعَيْر في الموضعين جميعًا: إنَّه ابن سلمة اللَّبَقيُّ، وتابعه أبو نصر على الذي في (المائدة)، وكذلك قال أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي، ولم ينسب الأصيليُّ عليًّا هذا لا عن أبي زيد ولا عن أبي أحمد، وَكذلك ابن السكن لم ينسبه في الموضعين جميعًا، وهو عليُّ بن سلمة اللَّبَقيُّ النيسابوريُّ، يكنَّى أبا الحسن، انتهى ملخَّصًا.

وذكر المِزِّيُّ هذين المكانين، فقال: قال أبو مسعود في الحديث الأوَّل _يعني: المذكور هنا_: هو ابن سلمة، وقال في الثاني: يقال: هو ابن سلمة، انتهى، والمِزِّيُّ لم يرقم عليه في «التهذيب» إلَّا (ق)، وقد اعترضه مغلطاي فقال: وحديثه ثابت في «صحيح البُخاريِّ» في مواضع؛ منها: في (تفسير المائدة)، فذكره في رجال البُخاريِّ غيرُ واحد؛ منهم: الكلاباذيُّ، وأبو مسعود الدِّمَشْقيُّ، وأبو ذرٍّ الهرويُّ، وابن عساكر، وابن طاهر، والصريفينيُّ، وأبو الوليد الباجيُّ، والله أعلم، انتهى، وقد يدلُّ لما قاله قولُ المِزِّيِّ في «تهذيبه»: قال أبو الوليد الفقيه: سمعت أبا الحسن الزُّهريَّ يقول: حضرت محمَّد بن إسماعيل وسئل عن عليِّ بن سلمة اللَّبَقيِّ، فقال: ثِقةٌ، وقد مضينا معه وسمعنا منه، انتهى، وما ذكرته أيضًا عن المِزِّيِّ في «أطرافه» ممَّا قدَّمتُه، والله أعلم.

و (مالك بن سُعَيْر): بضمِّ السين، وفتح العين، المهملتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]): اعلم أنَّ في «أبي داود» في (الأَيمان) من حديث عطاء _هو ابن أبي رَباح_، عن عائشة رضي الله عنها، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «اللغو في اليمين: هو كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله»، فالموقوف في «البُخاريِّ» مرفوعٌ [في] «أبي داود»، قال شيخنا: وصحَّحه ابن حِبَّان.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8241)

[حديث: أن أباها كان لا يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين]

4614# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ نصرًا _بالمهملة_ لا يجيء إلَّا مجرَّدًا عن الألف واللام، بخلاف النضر _ بالمعجمة_؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وهو ابن شميل الإمام.

قوله: (لاَ أَرَى يَمِينًا أُرَى أنَّ غَيْرَهَا): (أَرى) الأولى: بفتح الهمزة، والثانية: بضمِّها، كذا في أصلنا، وهو ظاهرٌ.

(1/8242)

[{لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}]

(1/8243)

[حديث: كنا نغزو مع النبي وليس معنا نساء]

4615# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): خالد هذا هو ابن عبد الله الطَّحَّان الواسطيُّ، أحد العلماء، تَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات بزنته فضَّةً، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (عَبدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، من المهاجرين، رضي الله عنه.

قوله: (أَلاَ نَخْتَصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ): سيأتي الكلام على (الخِصاء) في أوَّل (النكاح) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8244)

[{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ... }]

قوله: ({وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ} [المائدة: 90]): قال الدِّمْياطيُّ: (الأنصاب: الأوثان، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّهم كانوا ينصبونها، واحدها: نَصْبٌ ونُصْبٌ ونُصُبٌ)، انتهى، وقد فسَّرها البُخاريُّ هنا، وقد تَقَدَّمتْ.

قوله: ({وَالأَزْلاَمُ}): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّ واحدها فيه لغتان، وسيأتي ذلك قريبًا جدًّا، وقد فسَّرها البُخاريُّ هنا.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الزلَمُ: الْقِدْحُ): (الزّلَم)؛ بضمِّ الزاي وفتح اللام، وبفتحهما، و (القِدْح)؛ بكسر القاف، وإسكان الدال وبالحاء المهملتين: السهم قبل أن يُراش ويركَّب نصلُه، وأمَّا (غيره)؛ فقال بعض حفَّاظ العصر: هو تفسير السُّدِّيِّ، رواه الطبريُّ وغيره، وروى معناه عن مجاهد وغيرِه، انتهى.

قوله: (وَالْقُسُومُ: الْمَصْدَرُ): (القُسوم)؛ بضمِّ القاف، كذا في أصلنا، وقال ابن قُرقُول: القَسوم؛ يعني: بالفتح: مصدر، كذا لأبي زيدٍ ولغيِره، وهو الصوابُ، وإنَّما القُسوم: الجمع، انتهى، يعني: بضمِّ القاف هو الجمع، والله أعلم.

(1/8245)

[حديث: نزل تحريم الخمر وإن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة]

4616# قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة.

قوله: (نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ): تَقَدَّم أنَّ تحريمها كان في السنة الرابعة في شهر ربيع الأوَّل، وقيل: في الثالثة بعد أحُد وبعد حمراء الأسد، في شوَّال من السنة الثالثة.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8246)

[حديث: ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ]

4617# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ): هو الإمام، أحد الأعلام [1]، إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة، مشهور جدًّا.

قوله: (غَيْرُ فَضِيخِكُمْ): (الفَضِيْخ)؛ بفتح الفاء، وكسر الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة، قال ابن قُرقُول: بُسرٌ يُشدَخ ويُفضَخ ويُنبَذ حتَّى يُسكِر في سرعة، وفي الأثر: أنَّه يُلقى عليه الماء والتمر، وقيل: يفضخ التمر وينبذ في الماء، وعليه يدلُّ الحديث، انتهى، وفي «النِّهاية»: وهو شراب يُتَّخَذ من البُسر المفضوخ؛ أي: المشدوخ، انتهى.

قوله: (أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا): في «صحيح مسلم» من حديث أنس: (كنت أسقي أبا عُبيدة، وأبا طلحة، وأُبيَّ بن كعب)، وكذا في (باب ما جاء في إجازة خبر الواحد): من هذا «الصحيح»، غير أنَّ لفظه: (كنت أسقي أبا طلحة الأنصاريَّ، وأبا عُبيدة ابن الجرَّاح، وأُبيَّ بن كعب)، وفي «البُخاريِّ» أيضًا: (أبا طلحة، وأبا دجانة، وسُهَيل بن البيضاء)، وفي «مسلم»: (أسقيها أبا طلحة، وأبا أيُّوب، ورجالًا من أصحاب رسول الله عليه وسلم)، وفيه أيضًا من حديثه هذا: (كنت أسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، ومُعاذ بن جبل في رَهْطٍ من الأنصار)، وفيه بعدَهُ من حديثه: (إنِّي لأسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، وسهيل بن بيضاء)، وفيه بعده: (أسقي أبا عُبيدة ابن الجرَّاح، وأبا طلحة، وأُبيَّ بن كعب).

فتحصَّلنا على: أبي طلحة، وأبي أيُّوب، وأبي دجانة، ومُعاذ بن جبل، وسُهيل بن بيضاء، وأبي عُبيدة ابن الجرَّاح، وأُبيِّ بن كعب، وذكر بعضُ الحفَّاظ المتأخِّرين غالبَ من ذكرته، وقال: إنَّ منهم أبا بكر ابن شَعوب، وقد ذكر شيئًا قاله في (المظالم) مطوَّلًا؛ فانظره، وعند أحمد ابن حنبل: (وكانوا أحد عشر رجلًا).

قوله: (إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ): هذا الرجل الذي جاء بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.

قوله: (أَهْرِقْ): هو بفتح الهمزة.

==========

[1] في (أ): (الإمام)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 284]

(1/8247)

[حديث: صبح أناس غداة أحد الخمر فقتلوا من يومهم جميعًا شهداء]

4618# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن دينار، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ): هؤلاء الأناس لا أعرفهم بأعيانهم، وقد تَقَدَّم أنَّها إنَّما حُرِّمت بعد أحُد، ففعلوا شيئًا جائزًا، رضي الله عنهم.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8248)

[حديث: أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة]

4619# قوله: (أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ): أمَّا (عيسى)؛ فهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله، وهو أحد الأعلام في الحفظ والعبادة، تَقَدَّم، وأمَّا (ابن إدريس)؛ فهو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو حَيَّانَ): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، واسمه يحيى بن سعيد بن حَيَّان التيميُّ _تيم الرِّباب_ الكوفيُّ، تَقَدَّم، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الشين المعجمة، وأنَّ اسمه عامر بن شراحيل.

[ج 2 ص 284]

قوله: (أمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها والاختلاف في أوَّل من قالها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ): (خامره)؛ أي: خالطه.

(1/8249)

[{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ... }]

(1/8250)

[حديث: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر]

4620# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو النعمان: محمَّد بن الفضل، يُلقَّب عَارمًا، مات في صفر سنة أربع وعشرين _وقيل: ثلاث وعشرين_ ومئتين، روى عنه: البُخاريُّ، وروى هو، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، عن رجلٍ عنه، انتهى.

قوله: (الَّتِي أُهرِيقَتِ [1]): هو بضمِّ الهمزة، والهاء مفتوحة وساكنة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (الْفَضِيخُ): تَقَدَّم بظاهرها ما (الفَضِيْخُ).

قوله: (وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر هذا الموضع وموضعًا آخر في (الحجِّ) _: (محمَّد) في هذين الموضعين: هو محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ إن شاء الله، ونسب ابنُ السكن الذي في (الحجِّ): محمَّد بن سلَام، فالله أعلم، انتهى، وقد ذكر المكان الذي في (الحجِّ) في مكانه، وذكرت هناك كلام الجيَّانيِّ، وقد ذكر شيخنا في ذاك الموضع كلام الجيَّانيِّ وكلام غيره؛ فانظره، والمِزِّيُّ لم ينسب محمَّدًا هنا في «أطرافه»، وقال شيخنا في هذا المكان في (المائدة): (ومحمَّد: هو ابن سلَام، كما جاء مصرَّحًا به في بعض النُّسخ)، انتهى، وقال بعضهم: المتكلِّم: الفربريُّ، ومحمَّد: هو البُخاريُّ، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لكلام مَن تَقَدَّمه مِن الأئمَّة الذين ذكرتهم، ولكنَّ هذا الردَّ الذي ذكرته أنا باتجاه، والله أعلم.

و (أبو النُّعمان): هو محمَّد بن الفضل عَارم، تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى): المنادي بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.

قوله: (فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، زوج أمِّ سُلَيم.

قوله: (فَأَهْرِقْهَا): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ): (السِّكك): الطُّرُق والأزِقَّة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (الْفَضِيخَ): تَقَدَّم ما (الفَضِيْخ) بظاهرها.

(1/8251)

[{لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}]

(1/8252)

[حديث: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا]

4621# قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمتْ بلُغاتها في أوَّل هذا.

قوله: (لَهُمْ خَنِينٌ): هو بالخاء المعجمة المفتوحة، كذا في أصلنا، وفي الهامش [1]: (حَنينٌ)؛ يعني: بالحاء المهملة، وعليها علامة راويها، قال الدِّمْياطيُّ: (الخَنين: ضربٌ من البكاء دون الانتحاب، وأصل الخنين: خروج الصوت من الأنف؛ كالحنين من الفم)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («حَنين»؛ بالحاء المهملة للقابسيِّ والعُذريِّ، وللكافَّة: بالخاء، وهو الصواب، وهو تردُّد البكاء بصوتٍ أغنَّ، وقال أبو زيد: الخنين مثل الحنين، وهما الشديد من البكاء، وقد جاء في بعض الرِّوايات: «وأكثَرَ الناسُ من البكاء»، قال ابن دريد: الخنين؛ بالخاء المعجمة: تردُّد البكاء من الأنف، وبالحاء: تردُّده من الصدر)، انتهى.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟): هذا الرجل يحتمل أن يكون عبدَ الله بن حُذافة، كما صرَّح به في (الاعتصام)، وهو عبد الله بن حذافة بن قيس بن عديٍّ، أبو حذافة السَّهميُّ، له هِجْرتان، وهو أخو خنيس بن حذافة، زوج حفصة أمِّ المؤمنين، ترجمته معروفة، وقال شيخنا: وقيل: أخوه قيس، فيما ذكره العسكريُّ، وجزم بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين بأنَّه عبد الله بن حذافة، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ آخَرَ قام، فقال: مَن أبي؟ قال: «أبوك سالمٌ مولى شيبة»، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: فذُكِر لي أنَّ اسمه سَعْد في «التمهيد» لابن عبد البَرِّ، انتهى، ونقل شيخنا عن مقاتل في سبب نزولها، وفيه: ثُمَّ قام رجل من بني عبد الدار، فقال: يا رسول الله: من أبي؟ قال: «سعد»، نسبه إلى غير أبيه، انتهى، وسالم مولى شيبة تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه، ولا أعرف له ترجمة، ولعلَّه هلك على كفره، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر في (كتاب الاعتصام): هو سعد بن سالم، مولى شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، وقد أوضحته في (كتاب الإيمان).

قوله: (رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (النضر)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وهو ابن شميل، وتعليقه هذا رواه مسلم، وأمَّا تعليق رَوح؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الاعتصام): عن محمَّد بن عبد الرحيم عن رَوح، ومسلمٌ في (فضائل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) عن محمَّد بن مَعْمَر عن رَوح، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن محمَّد بن مَعْمَر عن رَوح نحوه، وقال: حسن صحيح غريب.

(1/8253)

[حديث: كان قوم يسألون رسول الله استهزاء]

4622# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّ اسم هذا هاشم بن القاسم، و (أَبُو خَيْثَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية، و (أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ)؛ بالجيم: اسمه حطَّان بن خفاف الجرميُّ، عن ابن عبَّاس ومعن بن يزيد الأسلميِّ، وغيرِهما، وعنه: شعبة، والسفيانان، وإسرائيل، وزُهير، وأبو عوانة، وجماعةٌ، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 285]

(1/8254)

[{ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام}]

قوله: (و {إِذْ} [آل عمران: 55] ههنا: صلة): أي: زائدة؛ يعني: للتأكيد.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55]: مُمِيتُكَ): كذا هنا، وهذا اللفظ في (سورة آل عمران)، والذي في هذه السورة: {فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي} [المائدة: 117]، قال شيخنا: قال وهب فيما حكاه ابن أبي حاتم: توفَّاه الله حين رفعه ثلاث ساعات من النهار، انتهى، وهذا قول حكاه بعض المفسِّرين.

==========

[ج 2 ص 285]

(1/8255)

[حديث: رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار]

4623# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ): قال الدِّمْياطيُّ: إنَّما هو عَمرو بن لُحيٍّ، واسم لُحيٍّ ربيعة، انتهى.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «مسلم» في (الكسوف): «ورأيت فيها عَمرو بن لُحيٍّ يجرُّ قُصْبه»، هذا هو المعروف، وفي بعض النُّسخ: (عَمرو بن يحيى)، وكذا ذكره الحُمَيديُّ في «اختصاره للصحيحين»، وهو خطأ محضٌ.

فائدةٌ: عَمرو بن لُحيٍّ أوَّل من سيَّب السوائب، كما في هذا الحديث مرفوعًا، وقال بعض العلماء في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103]: أبدع الكلَّ جنادةُ بن عوف، وقيل: عَمرو بن لُحيٍّ.

قوله: (يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ): (القُصْب)؛ بضمِّ القاف، وإسكان الصاد المهملة، ثُمَّ موحَّدة، قال ابن قُرقُول: وهي الأمعاء، وفي «النِّهاية»: القُصْب؛ بالضم: المِعى، وجمعه: أقصاب، وقيل: القصب: اسم للأمعاء كلِّها، وقيل: ما كان أسفل البطن من الأمعاء، انتهى.

[ج 2 ص 285]

قوله: (تُبكِّرُ): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، ويجوز فتح ثانيه، وتشديد الكاف.

قوله: (أنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ): قال ابن قُرقُول: بالفتح؛ بمعنى: من أجل، وبالكسر: للشرطِ، انتهى.

قوله: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه مثل: (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب استعماله مذاكرة، والله أعلم، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيْدٌ) بعده: هو ابن المُسَيّب.

(1/8256)

قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (ابن الهادي)؛ فقد تَقَدَّم أنَّ الصحيح إثبات الياء فيه، وهو هنا في أصلنا بغير ياء، وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، و (ابن شهاب): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (سعيد): هو ابن المُسَيّب، و (أبو هريرة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قال الحاكم: أراد: رواه ابن الهادي عن عبد الوهَّاب بن بُخْت عن الزهريِّ، نقله عنه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة عبد الوهاب عن الزهريِّ به، فقال: البُخاريُّ في (التفسير) عقيب حديث صالح، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، وقال في «الأطراف» في يزيد بن عبد الله بن الهادي، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة في هذا التعليق: البُخاريُّ في (التفسير) عقيب حديث صالح بن كيسان، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، ورواه يزيد ابن الهادي، وقد ذكرنا قول الحاكم فيه في ترجمة عبد الوهَّاب بن بُخْت، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، انتهى.

(1/8257)

[حديث: رأيت جهنم يحطم بعضها بعضًا]

4624# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْكرْمَانِيُّ): تَقَدَّم أنَّ (كرمان) بفتح الكاف وكسرها، و (يُونُسُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يَحْطِمُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الطاء؛ أي: يكسِر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ): (عَمرو) المذكور هنا: تَقَدَّم قريبًا أنَّه عَمرو بن لُحيٍّ، و (القُصْبُ): تَقَدَّم قريبًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8258)

[{وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب ... }]

(1/8259)

[حديث: أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غرلًا]

4625# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (غُرْلًا): هو بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ لام؛ أي: غير مختونين، الواحد: أغرلُ، وقد ذكرت الحكمة في ذلك في (كتاب الأنبياء) في (إبراهيم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم).

قوله: (وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم ما الحكمة في ذلك، والكلام في أنَّه أوَّل من يُكسَى _والله أعلم_ في (الأنبياء) في (إبراهيم عَلَيهِ السَّلام).

قوله: (يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي ... ) إلى آخره: قال النوويُّ في «شرح مسلم» في (الوضوء) حين ذكر هذا الحديث: هذا ممَّا اختلف العلماء في المراد به على أقوال؛ أحدها: أنَّ المراد به المنافقون والمرتدُّون، والثاني: من كان في زمن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ثُمَّ ارتدَّ بعده، والثالث: أنَّ المراد أصحاب المعاصي الكبائر الذين ماتوا على التوحيد، أو أصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا القول لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، بل يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثُمَّ يرحمهم الله سبحانه، فيدخلهم الجنَّة من غير عذاب، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8260)

[{إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}]

(1/8261)

[حديث: إنكم محشورون وإن ناسًا يؤخذ بهم ذات الشمال]

4626# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الظاهر أنَّه الثوريُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8262)

(((6))) (سُورَةُ الأَنْعَامِ) ... إلى (الأَعْرَافِ)

قوله: ({أُبْسِلُوا} [الأنعام: 70]: أُفْضِحُوا): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والذي يظهر أن يكون (فُضحوا)؛ بغير همز، والله أعلم؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ مُعَدًّى، فإذا بنيت منه؛ قلت: فُضِحَ، والله أعلم.

قوله: ({مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145]: مُهرَاقًا): هو بفتح الهاء وإسكانها.

قوله: (وَأَمَّا الْوِقْرُ: الْحِمْلُ): (الوِقر) بمعنى: الحِمل؛ بكسر الواو.

قوله: ({أَسَاطِيرُ} [الأنعام: 25]: وَاحِدُهَا: أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ): (الأُسطُورة)؛ بضمِّ الهمزة، و (الإِسطارة)؛ بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَهِيَ التُّرَّهَاتُ): (التُّرَّهات)؛ بضمِّ المثنَّاة فوق، ثُمَّ راء مشدَّدة مفتوحة، قال الأصمعيُّ: التُّرَّهات: الطرق الصغار، وقال غيره: الجادَّة تشعَّبت عنها، الواحدة: تُرَّهَةٌ، فارسيٌّ معرَّب، ثُمَّ استُعير في الباطل، فقيل: التُّرَّهات البَسَائسُ، والتُّرَّهات الصحاصح، وهو من أسماء الباطل، وربما جاء مضافًا، وناس يقولون: تُرَّةٌ، والجمع: تَرَاريْهُ، والله أعلم.

قوله: (و {الصُّوَر} [الأنعام: 73]: جَمَاعَةُ صُورَةٍ؛ كَقَوْلِهِ: سُورَةٌ وَسُوَرٌ): هذه قراءةٌ شاذَّة قرأ بها الحسن، وعن «معاني النحَّاس»: أنَّه لم يقرأ بها أحد، ولعلَّه أراد في السبع، وإلا؛ فهي قراءة الحسن، كذا في «صحاح الجوهريِّ»، وهي بضمِّ الصاد، وفتح الواو، والصورة واحدته، وهو {وَنُفِخَ فِي الصُّوَرِ} [يس: 51]: جمع صورة؛ أي: صُوَر الخلائق، وهذا ظاهرٌ؛ لأنَّه نظَّره بـ (سُوْرة وسُور)، وسيأتي هذا أيضًا، كرَّره، والله أعلم [1].

قال ابن قُرقُول في (التفسير): (و {الصُّوَر}: جمع صورة، وصُوَر: كقولك: صُورَةٌ وصُوَرٌ: كذا لأبي أحمد [2]؛ أي: جُمِع على صُوْر وصُوَرٍ؛ بسكون الواو وفتحها، وروى غيره: (سُوْرة وسُوَر)؛ بالسين، إذ ليس مقصود الباب ذلك، وهذا أحد تفاسير الآية، انتهى.

تنبيهٌ: القراءة بالشواذِّ قد ذكرت حكمها في (سورة {تبارك}؛ الملك)، كذا اتفق؛ فانظر ذلك إن أردته، والله أعلم.

(1/8263)

قوله: ({وَإِنْ تَعْدِلْ} [الأنعام: 70]: تُقْسِطْ): كذا هو ثابت في بعض النُّسخ، وليس في أصلنا، قال شيخنا: ({تَعْدِلْ}: تقسط): كذا قال، والذي يظهر أنَّ المراد: وإن تَفْدِ كلَّ فداء، والعدلُ: الفدية، وقد صرَّح به في «الكشاف»، انتهى، وفي «تفسير ابن عبد السلام» الشيخ عزِّ الدين الشافعيِّ: {تَعْدِلْ}: تفتَدِ بالتوحيد والانقياد كلَّ فداء، وقيل: تقسط.

قوله: (تُرْهَبُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (تُرْحَمُ) مثلُه.

قوله: (والقِنْوُ: العِذْقُ): هو بكسر العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، وقد تَقَدَّم في (النساء): أنَّه العرجون، وقيل: لا يقال له عِذْق إلَّا إذا كان بشماريخه.

==========

[1] قوله: (وهو {وَنُفِخَ فِي الصُّوَرِ} ... ) إلى هنا جاء في (أ) متأخِّرًا بعد استدراك قول ابن قرقول والتنبيه، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] وهو الجرجانيُّ.

[ج 2 ص 286]

(1/8264)

[{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}]

(1/8265)

[حديث: مفاتح الغيب خمس: إن الله عنده علم الساعة]

4627# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8266)

[{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} الآية]

(1/8267)

[حديث: لما نزلت: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم}]

4628# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السَّدُوسيُّ، وأنَّ لقبه عَارم، وتَقَدَّم ما معنى العَارم.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في أصله: (حدثنا أبو نعيم)، وفي الهامش: (أبو النُّعمان)، وكتب عليه: (خ صح)، ولم يطرِّفه المِزِّيُّ إلَّا عن أبي النُّعمان في (التفسير)، وقتيبة في (التوحيد).

قوله: (هَذَا أَهْوَنُ، أَوْ: هَذَا أَيْسَرُ): هذا شكٌّ من الراوي؛ يعني: أنَّ الفتن بين المخلوقين وعذابَهم أهونُ من عذاب الله، وبالفتن ابتُليت هذه الأمَّة، وقد سألها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مع الاثنتين المعروفتين، فمُنِع هذه، وأُعطي الاثنتين، والحديث بذلك معروف.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8268)

[{ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}]

(1/8269)

[حديث: لما نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}]

4629# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (بَشَّار) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، تَقَدَّم، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش ابن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَلْقَمَةُ): هو ابن قيس النخعيُّ، أبو شبل الكوفيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.

[ج 2 ص 286]

قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم بظاهرها ضبطه، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحمن، أحد الأعلام، و (أَبُو العَالِيَة): قال الدِّمْياطيُّ: أبو العالية: هو رُفيع بن مهران، أعتقته امرأة من بني رياح من تميم سائبة لوجه الله، أسلم بعد موته عَلَيهِ السَّلام بعامين، ودخل على أبي بكر، وقرأ القرآن بعد وفاته عَلَيهِ السَّلام بعشر سنين، تُوُفِّيَ في ولاية الحجَّاج، سنة تسعين في شوَّال، وروى عن ابن عبَّاس آخر يقال له: أبو العالية البرَّاء، واسمه: زياد بن فيروز البصريُّ، مولى قريش، كان يبري النَّبل، مات في ولاية الحجَّاج أيضًا سنة تسعين، روى له البُخاريُّ حديثًا في تقصير الصلاة عن ابن عبَّاس من رواية أيوب السَّختيانيِّ عنه، وقد اتَّفقا عليه وعلى رُفيع بن مهران، انتهى.

وهذا معروف، ولكنَّ شرطي أن أذكر حواشي الدِّمْياطيِّ التي وقعَتْ إليَّ على «صحيح البُخاريِّ»، كلاهما بخطِّه، والله أعلم، وسأذكر الكلام في السائبة في (الفرائض) من هو.

(1/8270)

[{ويونس ولوطًا وكلا فضلنا على العالمين}]

(1/8271)

[حديث: ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى]

4630# قوله: (أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام على (أنا)، وعلى (متَّى)، في (الأنبياء)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 287]

(1/8272)

[{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}]

(1/8273)

[حديث مجاهد: أنه سأل ابن عباس: أفي {ص} سجدة؟]

4632# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (أَفِي {ص} سَجْدَةٌ؟): في {ص} [ص: 1] قراءات؛ وها هي: ذكر مكيٌّ فيها قراءات: إسكان الصاد وكسرها وفتحها من غير تنوين، وكسرها منوَّنة، وما عدا الإسكان؛ فشاذٌّ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ) أمَّا (يزيد بن هارون)؛ فهو أبو خالد، أحد الأعلام، وأمَّا (محمَّد بن عُبيد)؛ فهو محمَّد بن عُبيد بن أبي أُمَيَّة الطنافسيُّ، أبو عبد، الكوفيُّ الأحدب، عن هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، والعوَّام بن حَوْشب، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، وابن راهويه، وابن معين، وأبو بكر ابن أبي شيبة، ومسدَّد، وخلقٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، وقال العجليُّ: ثِقةٌ عثمانيٌّ، وكان حديثه أربعة آلاف يحفظها، ووثَّقه الدارقطنيُّ، تُوُفِّيَ سنة (25 هـ)، وقيل: سنة (24 هـ)، والأوَّل أصحُّ، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

و (سهْل بن يوسف): هو الأنماطيُّ، أبو عبد الرَّحمن، عن سليمان التيميِّ، وحُميد، وعنه: أحمد، وبندار، وابن معين ووثَّقه، أخرج له البُخاريُّ، والأربعة، قال أحمد: سمعت منه سنة تسعين ومئة، و (العوَّام): هو ابن حوشب الواسطيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وحديث العوَّام أخرجه البُخاريُّ في (أحاديث الأنبياء) عن محمَّد عن سهل بن يوسف، وفي (التفسير) عن محمَّد بن عبد الله عن محمَّد بن عبيد، وعن بندار عن غندر عن شعبة؛ ثلاثتهم عن العوَّام به.

قوله: (مِمَّنْ أُمِرَ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ): فاعل (يَقتدي): (هو)، عائد على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهذا ظاهرٌ.

(1/8274)

[{وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ... }]

قوله: ({الحَوَايَا} [الأنعام: 146]: الْمِبْعَرُ [1]): {الحَوايَا}: جمع حَوِيَّة، وجمع الحوايا: حواوي على (فواعِل)؛ وهي الأمعاء، قال ابن قُرقُول: (وفي «باب {الحوايا}: المباعر» كذا له [2]، ولغيره: «الِمِبْعَرُ»، ولأبي إسحاق: «الأمعاء»، والأوَّل أوجه)، انتهى وقوله: (المِبْعَر): هو مكسور الميم في أصلنا.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ): أي: غير من فسَّر الذي قبله، وقد تَقَدَّم أنَّ هذا هو الظاهر، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (المَبعر)؛ بفتح الميم، وهي في هامش (ق) معًا مستدركة.

[2] أي: لأبي الوقت.

[ج 2 ص 287]

(1/8275)

[حديث: قاتل الله اليهود لما حرم الله عليهم شحومها جملوه]

4633# قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله، و (عَطَاءٌ) بعده: هو عطاء بن أبي رباح، تَقَدَّم.

قوله: (جَمَلُوهُ): هو بالجيم، قال ابن قُرقُول: «جملوه»، وفي حديث آخر: «أجملوه»؛ يعني: الشحوم؛ يعني: أذابُوها، وكذلك يقال: جمل وأجمل.

قوله: (وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ): هذا هو الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، شيخ البُخاريِّ، ومن أكبر شيوخه، وعنه: الجماعة بواسطة، وقد تَقَدَّم الكلام فيما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، و (عَبْدُ الْحَمِيدِ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: ابن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان، انفرد به مسلم، انتهى، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وقد قدَّمتُ أنَّ هذا وأمثاله يسمِّيه المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، وقال ابن الصلاح: إنَّه مثل: حدَّثنا، وقد تُكلِّم في عبد الحميد من أجل القدر، وقال ابن معين وغيره: ثِقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، وقال ابن سعد: ثِقةٌ كثير الحديث، قال: ومات بالمدينة سنة (153 هـ)، وله سبعون سَنةً، انتهى، له ترجمة في «الميزان»، وكمثل ما هنا (وقال أبو عاصم) به ذكره البُخاريُّ في (البيوع) أيضًا.

و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن أبي حبيب، كما تَقَدَّم أعلاه، (قَالَ [1] يَزِيدُ: كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ)، وأخرجه مسلم عن محمَّد بن المثنَّى، عن أبي عاصم به، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة، ومحمَّد بن عبد الله بن نمير؛ كلاهما عن أبي أسامة عن عبد الحميد به، وأخرجه أبو داود عن محمَّد بن بشار عن أبي عاصم به، والله أعلم، وقد تَقَدَّم الكلام على رواية الحديث بالمكاتبة، وقد ذكرتها مطوَّلة؛ المقرونة بالإجازة، وغير المقرونة؛ كهذه، والكلُّ صحيح، وهو عندهم من المسند المُتَّصِل، والله أعلم.

(1/8276)

[{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}]

(1/8277)

[حديث: لا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش]

4634# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو ابن مرَّة، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا.

قوله: (لاَ أَحَدٌ أَغْيَرَ [1] مِنَ اللهِ): إن نوَّنت (أحدًا) مرفوعًا؛ فقل: (أغيرَ)؛ بالنصب، وإن فتحت (أحدًا) غير منصوب؛ فقل: (أغيرُ)؛ بالرفع.

قوله: (وَلاَ شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ): (حُبُّ المدح): ليس من جنس ما نفعلُ من حبِّ المدح، وإنَّما الربُّ عزَّ وجلَّ أحبَّ الطاعات،

[ج 2 ص 287]

ومن جملتها مدحُه عزَّ وجلَّ؛ ليُثيب على ذلك، فينتفع المكلَّف، لا لينتفع هو بالمدح، وأمَّا نحن؛ فنحبُّ المدح لننتفعَ به في الدنيا، ويرتفعَ قدْرُنا في قومنا، فظهر من هذا أنَّ من غلط العامَّةِ قولَهم: إذا كان الله يحبُّه؛ فكيف لا نحبُّه نحن؟! نبَّه عليه ابن عَقِيل، قاله شيخنا.

تنبيهٌ: استنبط عبد اللطيف البغداديُّ منه جواز قولك: مدحت الله، وليس صريحًا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (أحدَ أغيرُ)، وهي في (ق) معًا.

(1/8278)

[تتمة غريب سورة المائدة الآيات: 102 - 138]

قوله: ({قُبُلًا} [الأنعام: 111]: جَمْعُ قَبِيلٍ): بضمِّ القاف والباء بالقلم في أصلنا، قال شيخنا بعد أن ضبطه كما ضبطته ما لفظه: قال ابن التين: ضُبِط في بعض الأمَّهات بكسر القاف، وفتح الباء، وليس ببيِّن، وإنَّما يكون جمعًا إذا كان بضمِّ القاف والباء، انتهى.

قوله: ({حِجْرٌ} [الأنعام: 138]: حَرَامٌ): قال الدِّمْياطيُّ: الحجْر: الحرام، يُكسَر، ويضمُّ، ويُفتَح، والكسر أفصح، قاله الجوهريُّ، وحجْر الإنسان: يُفتَح ويُكسَر، وحَجْر اليمامة: قصبة بها، يُفتَح خاصَّة، انتهى، قال الجوهريُّ بعد أن ذكر اللغات الثلاث في (حجر): والكسر أفصح، وقد قُرِئ بهنَّ في قوله تعالى: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138].

قوله: (وَالْحِجْرُ: كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ): هو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وكذا قوله: (وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ: حِجْرٌ)؛ بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وكذا: (وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ: حِجْرٌ) مثله، قال ابن قُرقُول في (كتاب الأنبياء): (ويقال للعقل: حَجْل وحِجًا)؛ كذا لهم، وللأصيليِّ: و (حجنٌ) مكان (حِجًا)، وهو وهم، وفي آخر (سورة الأنعام) للنسفيِّ مثله، انتهى.

وقوله: (وَأَمَّا الْحِجْرُ؛ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ): مثل ضبط ما قدَّمتُه؛ وكذا (وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ)، (حجرت): مخفف ومشدَّد، وقوله: (فَهُوَ حِجْرٌ): مثل ما تَقَدَّم، وقوله: (وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ): هذا بفتح الحاء، وقد قدَّمتُ تقييده عن الدِّمْياطيِّ، وتَقَدَّم أيضًا في كلامي، والحاصل: أنَّ كلَّ ما ذكره البُخاريُّ؛ فهو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، إلَّا (حَجْر: حرام) على لغة، وإلَّا ([حَجْر] اليمامة)؛ فإنَّه بفتح الحاء، وإسكان الجيم فقط، والله أعلم.

قوله: (وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا): (الحطيم): معروف، وقد تَقَدَّم ما هو، ومراده هنا بـ (الحِجْر)؛ وهو شبه نصف دائرة ملاصقًا للبيت من جانبه الشماليِّ، وقد قدَّمتُ هل هو من البيت، كلُّه أو بعضه؟ وكم البعض؟ في (الحجِّ)؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8279)

[{هلم شهداءكم}]

قوله: ({هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [الأنعام: 150] لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ: {هَلُمَّ}، لِلْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ)، انتهى، تَقَدَّم الكلام على هذه المسألة قبل هذا.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8280)

[حديث: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رأها]

4635# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ له مناكير يجتنبها أصحاب «الصحيح»، و (عُمَارَةُ) بعده: هو بضمِّ العين، مخفَّف الميم، ابن القعقاع، تَقَدَّم، وكذا (أَبُو زُرْعَةَ)، وأنَّ اسمه هرم، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم أنَّه ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ، وتَقَدَّم مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8281)

[حديث: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت]

4636# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة النساء) قبل هذا؛ فانظره، وقال المِزِّيُّ في هذا الحديث: (إسحاق ابن نصر)، وفي كتاب أبي مسعود: (إسحاق بن منصور)، وفي أكثر النسخ من البُخاريِّ: (إسحاق)؛ غير منسوب، انتهى، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّامٌ): هو ابن مُنَبِّه.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8282)

(((7))) (سُورَةُ الأَعْرَافِ) ... إلى (الأَنْفَالِ)

قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَرِيَاشًا} [الأعراف: 26]: الْمَالُ): هي قراءة، قال شيخنا: قراءة عاصم؛ يعني: خارج «الشاطبية» و «التيسير»، قال شيخنا: ورسولِ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال أبو حاتم: رواها عنه عثمان بن عفَّان، انتهى.

قال الشيخ الإمام النحويُّ البارع شهاب الدين السَّمين في «إعرابه»: وقرأ عثمان، وابنُ عبَّاس، والحسنُ، ومجاهد، وقتادة، والسُّلَميُّ، وعليُّ بن الحسين، وابنُه زيد، وأبو رجاء، وزِرُّ بن حُبيش، وعاصم وأبو عَمرو في رواية عنهما: {وَرِيَاشًا}، انتهى، و (الريش): القراءة المشهورة، وسيجيء قريبًا أنَّ (الرياش) و (الريش) واحدٌ، وهو ما ظهر من اللباس، انتهى، و (الريش): اللباس والنعيم، وقيل: الزينة، والجمال، و (الرياش): المال، كما نقله عن ابن عبَّاس، وقيل: إنَّه يحتمل أن يكون جمعَ (ريش)؛ كذئب وذِئاب، وقيل: الرياش: الأثاث، وما ظهر من المتاع، والله أعلم.

قوله: ({عَفَوْا} [الأعراف: 95]: كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ): اعلم أنَّ (عفا) من الأضداد، فيستعمل بمعنى: كثر، وهي هنا بمعنى: كثر، كما قال، والله أعلم.

قوله: (أَخَذَا الْخِصَافَ): (الخِصاف)؛ بكسر الخاء المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا تُسَمَّى [1] سُمُومًا): (مَشاقُّ): بفتح الميم، وبالشين المعجمة المخفَّفة، وبعد الألف قاف مشدَّدة، وفي أصلنا: (كلُّهم)، وهي في الهامش، وعليها (صح)، وفي رواية: (كلُّها)، وعليها علامة راويها، وهي الجادَّة، والأفصح: كلُّهنَّ؛ لأنَّها دون العشرة، ويجوز (كلُّها).

قوله: (تُسَمَّى سُمُومًا، وَاحِدُهَا: سَمٌّ)، اعلم أنَّ (السَّم): الثَّقْبُ، ومنه: {سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، وسُموم الإنسان، وسِمامه؛ بكسرها، وهي ما ذكرها البُخاريُّ هنا، الواحد: سَمٌّ وسُمٌّ؛ بفتح السين وضمِّها.

قوله: (مَا غُشُوا [2] بِهِ): هو بضمِّ الغين والشين المخفَّفة المعجمتين.

قوله: ({الْقُمَّلَ} [الأعراف: 133]: الْحُمْنَانُ) هو بضمِّ الحاء المهملة، كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ الحافظ: بكسرها، وكذا قيَّده بعضهم، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ نونان، بينهما ألف، قال الجوهريُّ: والحَمنانة: قُراد، قال الأصمعيُّ: أوَّله قَمْقامة صغير جدًّا، ثُمَّ حَمْنانة، ثُمَّ قُراد، ثُمَّ حَلَمة، ثُمَّ عَلٌّ وطِلْحٌ.

(1/8283)

قوله: (يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ): (الحَلَم): بفتح الحاء المهملة واللام، جمع حَلَمة؛ بفتحهما، قال الجوهريُّ: والحَلَمَة: القُراد العظيم، وهو مثل: العلِّ، وجمعها: حَلَم.

قوله: ({سُقِطَ} [الأعراف: 149]: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ): قال الجوهريُّ: وسُقِطَ في يديه؛ أي: ندم، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149]، قال الأخفش: وقرأ بعضهم: {سَقَط}؛ كأنَّه أضمر الندم، وجُوِّز: أُسْقِط في يديه، وقال أبو عَمرو: لا يقال: (أُسقِط)؛ بالألف على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وأحمد بن يحيى مثله، انتهى.

قوله: ({يَعْدُونَ} [الأعراف: 163]؛ يَتَعَدَّوْنَ [3]: يُجَاوِزُونَ، {تَعْدُ} [الكهف: 28]: تُجَاوِزْ): {تَعْدُ}: في أصلنا بإسكان العين، وضمِّ الدال، فـ (تجاوِزْ) على هذا: بكسر الواو، وهو فعلٌ مستقبلٌ مجزومٌ، وفي أصل آخَرَ صحيحٍ: (تَعَدَّ): بفتح التاء والعين والدال المشدَّدة، فعلى هذا (تُجاوِزْ): فعل أمر، فإن أراد التي في هذه السورة؛ فكان ينبغي أن يقول: (تعدو)، فعل مضارع مرفوع، ولا يجزمُه، وإن أراد التي في الكهف: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28]؛ فهذه مجزومة بالنهي، وهذه أليق بما في أصلنا، ويكون أراد هذه، والله أعلم.

[ج 2 ص 288]

قوله: ({وَخِيفَةً} [الأعراف: 205]: خَوْفًا، {وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]: مِنَ الإِخْفَاءِ): من الخوف: {خِيفة}؛ بكسر الخاء، ومن الإخفاء: {خُفْية}، وهذا ظاهرٌ.

قوله: ({وَالْآصَالِ} [الأعراف: 205]: وَاحِدُهَا: أَصِيلٌ؛ وَهُوَ [4] مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ): اعلم أنَّ (الأصيلَ) كما قاله: من العصر إلى المغرب، وجمعه: أُصُلٌ، وآصالٌ، وأصائلُ؛ كأنَّه جمع أَصِيلة، ويجمع أيضًا على أُصْلَان؛ مثل: بعير وبُعران، ثُمَّ صغَّروا الجمع فقالوا: أُصَيْلانُ، ثُمَّ أبدلوا من النون لامًا، فقالوا: أُصيلال [5]، وحكى اللِّحيانيُّ لغتيه: أُصَيْلالًا وأُصَيْلانًا.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) أيضًا مصحَّحة: (كلُّهم يُسمَّى).

[2] كذا في (أ) و (ق) وعليها: (خف)، ورواية «اليونينيَّة»: (غُشُّوا).

[3] زيد في «اليونينيَّة»: (له)، وهي ساقطة من رواية أبي ذرٍّ.

[4] قوله: (وهو): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت.

(1/8284)

[5] في (أ): (أصيلان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8285)

[{إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن}]

(1/8286)

[حديث: لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها]

4637# قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ): تَقَدَّم الكلام على إعرابه قريبًا؛ فانظره في (النساء).

قوله: (وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا في (النساء)، و (المِدْحة)؛ بكسر الميم، وإسكان الدال: الثناء والذكر الحسن، فإذا فتحت؛ قلت: المَدح؛ ومعناه: أنَّه يريدها، ويأمر بها، ويثيب عليها.

==========

[ج 2 ص 289]

(1/8287)

[{ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ... }]

(1/8288)

[حديث: لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة]

4638# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّه الفريابيُّ، لا البيكنديُّ، وقدَّمتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، وأنَّ (سُفْيَانَ) هو الثوريُّ، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ): هذا الرجل من اليهود تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه، وقال ابن بشكوال: إنَّ اليَهوديَّ اسمه فنحاص، واللاطم: أبو بكرٍ الصِّدِّيق، وهذا متعقَّبٌ، قصَّة أبي بكر وفنحاص في غير ذلك، ويردُّ عليه أيضًا: أنَّ اللاطم شخص من الأنصار، كما في بعض طرق «الصحيح»، وهو هنا وفي غيره أيضًا، وقوله: (قد لُطِم وجهُه): (لُطِم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وجهُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف هذا الأنصاريَّ.

قوله: (لِمَ لَطَمْتَ؟): هو بفتح الميم على الاستفهام.

قوله: (لاَ تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الخصومات).

قوله: (فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الخصومات).

(1/8289)

[المن والسلوى]

(1/8290)

[حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء العين]

4639# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هذا هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمير.

قوله: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (سورة البقرة) مطوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ للْعَيْنِ [1]): تَقَدَّم الكلام علىه في (سورة البقرة).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (4478)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (شفاءُ العينِ)، وزيد في هامش (ق): (من) مع تنوين (شفاءٌ) في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

[ج 2 ص 289]

(1/8291)

[{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا ... }]

(1/8292)

[حديث: أما صاحبكم هذا فقد غامر]

4640# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): شيخ البخاريِّ (عبد الله) هذا: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: قيل: إنَّه ابن حمَّاد الآمليُّ، انتهى، قال شيخنا بعد ذكر هذا القول من غير أن يعزوَه لأحد: ويحتمل أن يكون عبد الله بن أُبيٍّ، قاضي خوارزم، انتهى، وهذا أخذه من المِزِّيِّ أو من الذهبيِّ؛ فإنَّهما نقلا ذلك، قال الذهبيُّ في «التذهيب» في ترجمة عبد الله بن أُبيٍّ: روى البُخاريُّ: حدَّثنا عبد الله: حدَّثنا سليمان بن عبد الرَّحمن ... ؛ فذكر حديثًا، فقيل: هو عبد الله بن حمَّاد الآمليُّ، ويحتمل أن يكون عبد الله بن أُبيٍّ؛ فإنَّه مكثر عن سليمان، انتهى، وقد ذكرت في إسلام أبي بكر رضي الله عنه ما قيل في هذا، وكلامَ المِزِّيِّ، وكلامَ شيخنا الحافظ العراقيِّ؛ فانظره.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ): هو بفتح الزاي، وإسكان الموحَّدة، وبالراء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ بُسْرًا هذا: بضمِّ الموحَّدة، وإسكان السين المهملة، وقدَّمتُ أنَّ من يقال له: (بُسْر) كهذا الضبط في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطأ»: ابنُ عبيد الله المشار إليه، وبُسْر بن سعيد، وبُسْر المازنيُّ والد عبد الله بن بُسْر، وبُسْر بن مِحْجن، وقد اختُلف فيه، وقد قدَّمتُه مطوَّلًا.

و (أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيُّ): تَقَدَّم أنَّ اسمه: عائذ الله بن عبد الله بن عَمرو، وقيل غير ذلك، أحد علماء التابعين، مشهور جدًّا، و (أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل: عبد الله بن قيس، وقيل: عويم، ابن زيد بن قيس بن أُمَيَّة، وقيل: عامر بن مالك، أنصاريٌّ خزرجيٌّ، تَقَدَّم رضي الله عنه.

قوله: (مُحَاوَرَةٌ): هي بالحاء المهملة والراء؛ وهي المجاوبة.

قوله: (مُغْضَبًا): هو بفتح الضاد، وهو اسم مفعول.

قوله: (فَقَدْ غَامَرَ): هو بالغين المعجمة، والميم، والراء، قال الدِّمْياطيُّ: أي: خاصم غيره؛ ومعناه: دخل في غمرة الخصومة؛ وهي مُعظمُها، والغامر: الذي يرمي بنفسه في الأمور المهلكة، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام عليه في (المناقب).

(1/8293)

قوله: (هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟!): كذا في أصلنا في الموضعين، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وفي نسخة في المكانين: (تاركون)، وهذه الجادَّة، وتلك على قراءة من قرأ: {زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ أولادَهم شُرَكَائِهم} [الأنعام: 137]، وهي قراءة ابن عامر من السبعة، وكذا: {مخلفَ وعدَهُ رسلِه} [إبراهيم: 47]؛ شاذًّا، وقد ذكرتُ فيما مضى تخريجَها في (مناقب الصِّدِّيق)؛ فانظره.

(1/8294)

[{وقولوا حطة}]

(1/8295)

[حديث: قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجدًا}]

4641# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة النساء)، قال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث: [البُخاريُّ] في (التفسير) عن إسحاق، وفي (أحاديث الأنبياء) عن إسحاق ابن نصر، ومسلم في آخر الكتاب عن محمَّد بن رافع، والتِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن عبد بن حميد؛ كلُّهم عن عبد الرزَّاق به، ففي قوَّة كلامه أنَّ ميله إلى أنَّه ابن نصر، والله أعلم، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان العين مرارًا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 289]

(1/8296)

[{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}]

(1/8297)

[حديث: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس]

4642# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): هو محمَّد بن مسلم.

قوله: (قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وذكرت بعض ترجمته.

قوله: (فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ بْنِ حِصْنٍ [1]): (الحرُّ): مذكور في الصَّحابة، له وفادة، وهو الذي خالف ابن عبَّاس في صاحب موسى، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الكلام عليه.

[ج 2 ص 289]

قوله: (هِيْ يَا بْنَ الْخَطَّابِ): قال ابن قُرقُول: قال ثابت: تقول للرجل؛ إذا استزدته: هيه، وإيهِ، وقد ذكرنا هذا في (الألف)، انتهى، وقد ذكرها في (الهاء مع الياءِ)، وقال شيخنا: (هيْ يا بن الخَطَّاب): على معنى التهديد، وفي كلام بعضهم: «هِيءَ»؛ بكسر الهاء، وآخره همزة مفتوحة، تقول للرجل إذا استزدته: هيه، وإيه، انتهى، وهذا الكلام فيه نظرٌ، وكأنَّه فيه غلطٌ، والذي أعرفه ما ذكرته، غير أنَّه يقال: هَأْهأَ بالإبل هِيْهَاءً وهأْهَأً: دعاها للعلف، فقال: هِيءْ هِيءْ، أو زجرها فقال: هَأْ هَأْ، والاسم: الهِيْءُ؛ بالكسر، والرجل قهْقهَ؛ فهو هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ: ضحَّاك، انتهى، فعلى الزجر يكون بفتح الهاء ساكنَ الهمز، والله أعلم.

قوله: (مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ): هو بفتح الجيم، وإسكان الزاي، وهو العطاء الكثير.

==========

[1] (بن حصن): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8298)

[حديث: ما أنزل الله إلا في أخلاق الناس]

4643# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة)، و (السَّلَم)، و (الجهاد)، و (حديث الإفك)، و (سورة الأعراف)، و (مريم)، و (الدخان) في موضعين، و (النجم)، و (اقْتَرَبَتِ)، و (المدثِّر)، و (الليل)، وفي (النكاح) في موضعين، و (الذبائح)، و (الأدب)، وفي آخر (كتاب استتابة المرتدِّين)، وفي (خبر الواحد)، وفي (التوحيد): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا وكيع)، فنسب ابن السكن في أكثر هذه المواضع: يحيى بن موسى الحُدَّانيُّ، وأهمل بعضَها، وقال البُخاريُّ في (الخوف): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا وكيع: حدَّثنا عليُّ بن المبارك ... )، فذكر حديثًا، نسبه ابن السكن أيضًا: يحيى بن موسى، ونسبه أبو ذرٍّ عن المستملي: يحيى بن جعفر، وقد قال البُخاريُّ في (عدَّة أصحاب بدر): (حدثنا يحيى بن جعفر: حدثنا وكيع عن سفيان)؛ هكذا في «الجامع» لجميع الرواة، وذكر أبو نصر أنَّ يحيى بن موسى الحُدَّانيَّ ويحيى بن جعفر البلخيَّ يرويان جميعًا عن وكيع في «الجامع»، انتهى.

4644# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الراء، وبالدال المهملة، وهو عبد الله بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريِّ، الكوفيُّ، أبو عامر، عن عبد الله بن إدريس، وابن فُضَيل، وأبي أسامة، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم، وأبو زرعة، ومُطيَّن، وعبدان، والحسن بن سفيان، وجماعةٌ، قال أحمد: ليس به بأس، وقال مُطيَّن: تُوُفِّيَ في جمادى الآخرة سنة (234 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلمٌ، كما تَقَدَّم، وقد قدَّمتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القول شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه؛ كـ (حدَّثنا)، كما قاله ابن الصلاح، ولكنِ الغالبُ أخذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، وأنَّ المِزِّيَّ والذهبيَّ يجعلانه تعليقًا، والله أعلم، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة.

==========

[ج 2 ص 290]

(1/8299)

(((8))) (سُورَةُ الأَنْفَال) ... إلى (بَرَاءَة)

(1/8300)

[حديث ابن جبير: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الأنفال؟]

4645# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشير، أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تَقَدَّم، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، وتَقَدَّم مترجمًا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا)، وكذا في هامش (ق) مصحَّحة.

[ج 2 ص 290]

(1/8301)

[تتمة غريب آيات سورة الأنفال 9 - 30]

قوله: (رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي: جَاءَ بَعْدِي): هو في أصلنا بفتح الدال، قال الجوهريُّ: (وردِفه): بالكسر؛ أي: تبعه ... إلى أن قال: وأردفه امرؤٌ: لغة في ردِفه؛ مثل: تبعه وأتبعه بمعنًى، وأنشد بيتًا، ولفظ ابن القطَّاع في «أفعاله» نحوُ لفظ البُخاريِّ في «الصحيح»، ولكنَّ الماضيَ بالكسر لا بالفتح، ولم أر فيما وقفت عليه في كتب اللغة: ردَفه؛ بفتح الدال، فيحرَّر ما في الأصل، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُكَاءً} [الأنفال: 35]: إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ، {وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35]: الصَّفِيرُ): هذا تفسير غريب، والذي أعرفه: أنَّ (المكاء) الصفير، (والتصدية): التصفيق باليدين، ثُمَّ رأيت شيخنا قال بعد هذا التفسير الذي في «البُخاريِّ»: أسنده ابن أبي حاتم من حديث ابن أبي نجيح عنه بزيادة: (فكانوا يخلطون على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم صلاته)، وهو عكس قول المفسِّرين وأهل اللغة؛ لأنَّهم قالوا: (المكاء): الصفير، (والتصدية): التصفيق، وكذا قال النحَّاس: إنَّه المعروف في اللغة، والمرويُّ عن ابن عمر وغيره من العلماء، قال مقاتل: كان عَلَيهِ السَّلام إذا صلَّى في الكعبة؛ قام رجلان من المشركين من بني عبد الدار عن يمينه، فيصفِّران كما يصفِّر المُكَّاء؛ وهو طائر هذا اسمه، ورجلان عن يساره يصفِّقان بأيديهما؛ ليخلطا عليه صلاته وقراءته، فقتل الله الأربعة ببدر، ولهم يقول ولبقيَّتهم: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ}؛ يعني: القتل ببدر {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون} [الأنفال: 35]، انتهى.

و (المُكَّاء): الطائر؛ بضمِّ الميم، وتشديد الكاف، ممدود، قال في «الكفاية»: (المكَّاء): طائر يصوِّت في الرياض، سُمِّيَ مُكَّاءً؛ لكونه يمكو؛ أي: يصفِّر.

(1/8302)

[{إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون}]

(1/8303)

[حديث ابن عباس في قوله: {إن شر الدواب}]

4646# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه محمَّد بن يوسف الفريابيُّ، وتَقَدَّم الفرق بين وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (وَرْقَاءُ) بعده: هو ابن عُمر، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ.

قوله: (هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ): (عبد الدار) المذكور هنا: هو عبد الدار بن قصيٍّ، وتنسب إليه جماعة، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هم الذين كانوا يحملون اللواء يوم أُحُد حتَّى قُتِلوا [1]، وأسماؤهم في السيرة، انتهى.

==========

[1] في (أ): (تُقلوا)، والمثبت موافق لمصدره.

[ج 2 ص 290]

(1/8304)

[{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم .. }]

(1/8305)

[حديث: ما منعك أن تأتي؟]

4647# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ): تَقَدَّم الكلام على (إسحاق) هذا في (سورة

البقرة)، وقبل ذلك أيضًا، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: في (التفسير) عن إسحاق بن منصور، انتهى، وقال شيخنا هنا: هو ابن منصور، كما صرَّح به أبو مسعود وخلف، انتهى، و (روح): تَقَدَّم أنَّه ابن عُبادة، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، وهذا معروف عند أهله، و (أَبُو سَعِيدِ بْنُ المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام مطوَّلًا في أوَّل (البقرة) في (الفاتحة)، ومن اتَّفق له مثله؛ فانظره.

قوله: (أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ): تَقَدَّم أنِّي أذكر الكلام على هذا في (فضائل القرآن) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): الحكمة في الإتيان بتعليق معاذ؛ لأنَّ حفص بن عاصم عنعن عن سعيد أبي سعيد بن المعلَّى، وفي التعليق صرَّح بالسماع منه، و (معاذ) هذا: هو ابن معاذ التميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، تَقَدَّم، تُوُفِّيَ سنة (196 هـ).

==========

[ج 2 ص 290]

(1/8306)

[{وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة.}]

قوله: (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا سَمَّى اللهُ [1] مَطَرًا فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ عَذَابًا ... ): إلى آخر كلامه، قال الدِّمْياطيُّ: بل قد سمَّى ما ليس عذابًا مطرًا، فقال: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَر} [النساء: 102]؛ فهو وإن نَسَب إليه الأذى؛ لا يُخرِجه من أن يكون غيثًا، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ معروف، قال في «المطالع»: مَطَرَتِ السماء وأمطرت؛ بمعنًى واحد، وحكى بعضُ المفسِّرين: مَطَرَت في الرحمة، وأمطرت في العذاب؛ لأنَّهم وصفوه كذلك في القرآن في مواضع، والصحيح: أنَّهما بمعنًى، ألا تراهم {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]، وإنَّما ظنُّوه مطر رحمة؛ فقيل لهم: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: 24]، انتهى.

[ج 2 ص 290]

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (تعالى).

(1/8307)

[حديث: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر .. ]

4648# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ): قال الإمام الذهبيُّ في «التذهيب»: (أحمد عن عبيد الله بن معاذ) في (سورة الأنفال)، قال الحاكمان: إنَّه أحمد بن النضر، وقد مرَّ؛ يعني: مرت ترجمته، انتهى، وقال الدِّمْياطيُّ في قول البُخاريِّ بُعَيد هذا المكان: (حدَّثنا محمَّد بن النضر) ما لفظه: أخو أحمد المطلق في الباب قبله، قاله ابن البيِّع، انتهى، فوافقه، وما قاله الذهبيُّ هو في «تهذيب المِزِّيِّ»، وقد ذكر هذا المكان الجيَّانيُّ، ونقل فيه: أنَّه أحمد بن النضر، وذكر شيخنا هنا كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، ثُمَّ تحرَّر لي أنَّه صحَّح أنَّه أحمد بن النضر، والله أعلم.

قوله: (عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ [2] الزِّيَادِيِّ): هو بكسر الزاي، وبالمثنَّاة تحت، و (عبد الحميد): وقع في بعض النسخ هنا: هو ابن كِرْدِيد، وكِرْدِيد؛ بكسر الكاف، وإسكان الراء، ثُمَّ دال مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال أخرى، مهملتين، وهو مصروفٌ، والكِرديدة: ما يبقى في أسفل الجُلَّة من التمر، والجُلَّة: وعاء التمر، قاله الجوهريُّ، وقال الغسانيُّ في «تقييده»: بكسر الكاف، والراء والدال المهملتين، انتهى، وهذا مثل ما ضبطته [3]، غير أنَّ الذي ضبطتُه أتمُّ، وهو عبد الحميد بن كِرْدِيد، وهو عبد الحميد بن دينار، وقيل: ابن واصل البصريُّ، صاحب الزياديِّ، عن أنس، وأبي رجاء العطارديِّ، وجماعةٍ، وعنه: شعبة وحمَّاد بن زيد وأثنى عليه، وجماعةٌ، وثَّقه أحمد وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وإنَّما ضبطتُ كِرْديدًا؛ لأنِّي رأيتُ بعض محدِّثي بلدنا وقد ذُكر هذا الاسم عنده، فاستغربه جدًّا، وقال: ما سمعته قطُّ، أو نحو هذا، والله أعلم، والذي ظهر لي منه أنَّه كان يكثر القراءة في نسخة عنده من البُخاريِّ مصريَّة، والظاهر أنَّ التوضيح لم يكن فيها، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو جَهْلٍ): تَقَدَّم أنَّه عَمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، وبقيَّة نسبه ذُكِرَت.

(1/8308)

[{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم ... }]

(1/8309)

[حديث: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر ... ]

4649# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، وضبط (الزِّيَاديِّ).

==========

[ج 2 ص 291]

(1/8310)

[{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}]

(1/8311)

[حديث: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه]

4650# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وإسكان المثنَّاة تحت، ثُمَّ واو، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ابن شُريح التُّجَيبيُّ، أبو زُرعة، فقيه مصر وزاهدها ومحدِّثها، عن أبي يونس مولى أبي هريرة، ويزيد بن أبي حبيب، وربيعة القصير، وعنه: الليث، وابن وهب، وغيرُهما، له كرامات وأحوال، مات سنة (158 هـ)، أخرج له الجماعة، و (بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو) بعده: هو المعافريُّ، و (بُكَيْرٌ): هو ابن عبد الله بن الأشجِّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ): هذا الرجل الذي جاء ابنَ عُمر تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة البقرة)، وفي مكان آخر، وأنَّ شيخنا قال عن الحُميديِّ في «جمعه»: إنَّه حكيم، انتهى، وتَقَدَّم أنَّ ابن شيخنا البلقينيِّ قال: إنَّه العلاء بن عَرار، ونقله عن «الخصائص» للنسائيِّ، وتَقَدَّم ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين.

قوله: (أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلاَ أُقَاتِلُ): (أغترُّ) في الموضعين: بفتح الهمزة، ثُمَّ غين معجمة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ راء مشدَّدة، كذا هو مضبوط في أصلنا في الموضعين؛ أي: أخاطر، تركي مقتضى الأمر بها أحبُّ إليَّ أن أخاطر بالدخول تحت خطر وعيدِ الآية الأخرى، و (الغَرَر): المخاطرة، ولم يذكر في «المطالع» سوى هذه الرواية، وفي نسخة هي على هامش أصلنا: (أُعَيَّر)؛ بضمِّ الهمزة، ثُمَّ عين مهملة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة مشدَّدة، ثُمَّ راء، من التعيير؛ وهوالتوبيخ، وأمَّا اللفظة الثانية؛ فلم يُكتَب تجاهها شيء، والله أعلم.

قوله: (إِمَّا يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا يُوثِقُوهُ): (إمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم، ووجه الكلام: (يقتلونه، وإمَّا يوثقونه)؛ بإثبات النون، والأوَّل في أصلنا، والثاني نسخة في هامشه، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (يقتلوه ويوثقوه) في الموضعين بغير تردُّد، قال شيخنا: بإثبات النون هو الصواب، ثُمَّ ذكر حذف النون، ثُمَّ قال: وهو خلاف الصواب، قال: لأنَّ (إمَّا) هنا عاطفة مكرَّرة، وإنَّما تَجزم إذا كانت شرطًا، انتهى، وما قاله ظاهر، غير أنَّ حذف النون لغة معروفة حيث لا جازم ولا ناصب أيضًا.

قوله: (حَتَّى كَثُرَ): هو بضمِّ الثاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَخَتَنُهُ): (الختن): زوج البنت.

(1/8312)

قوله: (وَهَذِهِ ابْنَتُهُ _أَوْ بِنْتُهُ_ حَيْثُ تَرَوْنَ)، تَقَدَّم الكلام عليه في (البقرة)، وفي أصلنا: (أو بيته حيث ترون)، وفي الهامش نسخة: (أَبْيُتُهُ): جمع (بيت)، جمع قلَّة.

==========

[ج 2 ص 291]

(1/8313)

[حديث: خرج علينا ابن عمر فقال رجل: كيف ترى في قتال الفتنة؟]

4651# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ) بعده: تَقَدَّم مرارًا أنَّه زهير بن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، و (بَيَانٌ) بعده: هو ابن بِشر المؤدِّب، عن أنس، وقيس بن أبي حازم، وعنه: شعبة، وزائدة، وعدَّةٌ، أخرج له الجماعة، قال أحمد وابن معين: ثِقةٌ، تُوُفِّيَ في حدود الأربعين ومئة، أخرج له البُخاريُّ فقط، و (وَبرَةُ) بعده: بفتح الباء الموحَّدة وإسكانها، هو ابن عبد الرَّحمن.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟): تَقَدَّم أعلاه وقبله ما قيل فيه، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في هذا: هذا الرجل اسمه حكيم، سمَّاه البَيهَقيُّ في روايته لهذا الحديث من الطريق التي أخرجها البُخاريُّ.

==========

[ج 2 ص 291]

(1/8314)

[{يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ... }]

(1/8315)

[حديث: لما نزلت: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}]

4652# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: (فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَكَتَبَ أَنْ لاَ يَفِرَّ): (كَتب): بفتح الكاف والباء، مبنيٌّ للفاعل، كذا في أصلنا.

قوله: (زَادَ سُفْيَانُ): هو ابن عيينة المذكور في السند، وكذا (سفيان) المذكور قبله وبعده.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ): (ابن شُبرمة): هو عبد الله بن شبرمة بن طُفيل، أبو شبرمة، الضَّبِّيُّ الكوفيُّ القاضي، الفقيه العالم، عالم أهل الكوفة

[ج 2 ص 291]

عن أنس، وأبي الطفيل، والشعبيِّ، وأبي زُرعة البجليِّ، وإبراهيم النخعيِّ، وطائفةٍ، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وابن المبارك، وخلقٌ، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ): (أُرَى): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وقد تَقَدَّم.

(1/8316)

[{الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا} ... ]

(1/8317)

[حديث: لما نزلت {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}]

4653# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ): هو بضمِّ السين، وفتح اللام، وهو يحيى بن عبد الله بن زياد المَروزيُّ، يعرف بخاقان، انفرد به البُخاريُّ، ثِقةٌ، وترجمته معروفة، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، و (الزُّبَيْرُ بْنُ خِرِّيتٍ): بكسر الخاء المعجمة، وتشديد الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق، مصروف، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ): (فُرِض): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ): (خُفِّف) في أصلنا: مبنيٌّ للمفعول، ولو بُنِيَ للفاعل؛ جاز، ولم يمتنع.

==========

[ج 2 ص 292]

(1/8318)

(((9))) (سُورَةُ بَرَاءَةَ)

فائدةٌ هي تنبيهٌ: قيل: إنَّما لم يُبسمَل في هذه السورة؛ لأنَّها و (الأنفال) سورة واحدة، ومعنى هذا في «التِّرْمِذيِّ» في (الصلاة)، وكذا في «أبي داود»، واللفظ للترمذيِّ عن ابن عبَّاس قال: قلت لعثمان بن عفَّان: ما حملكم على أن عمدتم إلى (براءة) وهي من المِئِين، وإلى (الأنفال) وهي من المثاني، فجعلتموهما [1] في السبع الطُّوَل، ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرَّحمن الرحيم)؟ فقال عثمان: كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ممَّا تَنزل عليه الآياتُ، فيدعو بعض من كان يكتب له، ويقول: «ضع هذه الآية في السورة التي يُذكَر فيها كذا»، وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت (الأنفال) من أوَّل ما نزل عليه بالمدينة، وكانت (براءة) من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصَّتها شبيهةً بقصَّتها، فظُننت أنَّها منها، فمِن هناك وضعتها في السبع الطول، ولم أكتب بينهما سطر: (بسم الله الرَّحمن الرحيم)، والتِّرْمِذيُّ أيضًا في (التفسير)، والنَّسائيُّ في (فضائل القرآن)، انتهى.

ونقل شيخنا في (سورة اقرأ): أنَّ عبد الله بن الزُّبَير سأل عثمان عن ذلك، والله أعلم، وفي «الحاكم» عن ابن عبَّاس قال: سألت عليًّا عن ذلك، فقال: لأنَّ البسملة أمان، و (براءة) نزلت بالسيف، ليس فيها أمان، قال القشيريُّ: والصحيح أنَّ جبريل ما نزل بها فيها.

قوله: (وَقَالَ: إِذَا مَا قُمْتُ ... )؛ البيتَ: كذا في نسختنا الأصل هنا، وكتب عليه وعلى شيء آخر غيره: إنَّه زائد، ولفظ البُخاريِّ فيما يأتي، وقال الشاعر:

~…إذا ما قُمْتُ أرحلُها بليل… ........

والشاعر المشار إليه هو: المُثَقَّبُ العبديُّ، والمُثَقَّبُ؛ بضمِّ الميم، وفتح الثاء المثلَّثة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وهذا لقبٌ له، واسمه: عائذ بن محصن، من عبد القيس، وإنَّما قيل له: المثقَّب؛ لقوله:

~…أَرَيْنَ مَحَاسِنًا وَكَنَنَّ أُخْرَى…وَثَقَّبْنَ الوَصَاوِصَ لِلعُيُونِ

وقد ذكر شيخنا في اسمه قولين آخرين مع الأوَّل، ثُمَّ قال: والأوَّل أثبت، انتهى.

قوله: (إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الراء.

قوله: (تَأَوَّهُ): هو بتشديد الواو المفتوحة، وضمِّ الهاء، محذوف إحدى التاءين.

(1/8319)

قوله: (آهَةَ): هو بفتح الهمزة الممدودة، والهاء مخفَّفة، ثُمَّ تاء، منصوب، ونصبه معروف، يقال: أوَّهَ الرجلُ تأويهًا، وتأوَّه تأوُّهًا؛ إذا قال: أوَّهْ، والاسم: الآهَةُ؛ بالمدِّ، وهذا البيت الذي أنشده الإمام البُخاريُّ يروى كما قيَّدته، ويُروى: (أَهَّةَ)؛ بفتح الهمزة، وتشديد الهاء مفتوحة، ونصب التاء، من قولهم: أَهَّ؛ بفتح الهمز، وتشديد الهاء مفتوحة؛ إذا توجَّع، قال العجَّاج:

…~…وإِنْ تَشَكَّيْتِ أَذَى القُرُوْحِ

…~…بأهَّةٍ كَأَهَّةِ المَجْرُوْحِ

قوله: (وَالْخُبَالُ [2]: الْمَوْتُ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، قال ابن قُرقُول: كذا للجميع، والصواب: المُوْتةُ؛ يعني: الجنون، انتهى.

قوله: ({كَرْهًا} و {كُرْهًا} [التوبة: 53]: وَاحِدٌ): يعني: بفتح الكاف وضمِّها؛ لغتان، وهذا رأي الكسائيِّ، والفرَّاءُ يقول: الكُره؛ بالضمِّ: المشقَّة، يقال: قمت على كُره؛ أي: على مشقَّة، ويقال: أقامني فلان على كَره؛ بالفتح؛ إذا أكرهك عليه، وسأذكره في (الإكراه) بزيادة إن شاء الله تعالى وقدَّره، وقد قرأ: {كُرْهًا} التي في (النساء [الآية: 16]) وهنا حمزة والكسائيُّ بالضمِّ، والباقون بالفتح، وأمَّا التي في (الأحقاف)؛ فقرأ الكوفيُّون وابن ذكوان بالضمِّ فيهما، والباقون بفتح الموضعين.

قوله: ({أَهْوَى} [النجم: 53]: أَلْقَاهُ فِي هُوَّةٍ): (الهُوَّة): بضمِّ الهاء وتشديد الواو، ثُمَّ تاء، وهي الوهدة العميقة، وكذا (الأُهْويَّة) على (أُفعولة) مثلُها.

قوله: (وَمِنْهُ: مَعْدِنٌ): هو بكسر الدال؛ وكذا قوله: (فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ)، وهذا معروف.

قوله: (إِلَّا [3] فَارِسٌ وَفَوَارِسُ، وَهَالِكٌ وَهَوَالِكُ): أهمل جموعًا أخرى ذكرها شيخنا في «شرحه».

قوله: (الشَّفَا: شَفِيرٌ؛ وَهْوَ حَدُّهُ): (حَدُّه): بفتح الحاء وتشديد الدال المهملتين، ثُمَّ هاء الضمير.

قوله: (وَفَرَقًا): هو بفتح الراء، و (الفرَق): الفزع، وهذا معروف.

قوله: (وَقَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا مَا قُمْتُ ... )؛ البيت، تَقَدَّم الكلام قُبَيل هذا على الشاعر، وعلى هذا البيت؛ فانظره.

(1/8320)

[{براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين}]

قوله: ({أُذُنٌ} [التوبة: 61]: يُصَدِّقُ): هو بضمِّ الياء، وفتح الصاد، وكسر الدال المشدَّدة، المهملتين، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 292]

(1/8321)

[حديث: آخر آية نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}]

4654# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السبيعيُّ.

قوله: (آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ): تَقَدَّم الاختلاف في آخر ما أُنزِل من الآيات في أوَّل هذا التعليق.

قوله: ({يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ} [النساء: 176]): تَقَدَّم الكلام على (الكلالة) في (النساء) وقبلها.

قوله: (وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ): تَقَدَّم الخلاف في آخر سورة نزلت، وقد ذكرت هناك أنِّي أذكر تعقُّبًا في ذلك، وها هو، قال الداوديُّ: لم يختلفوا أنَّ أوَّل (براءة) نزلت سنة تسع لمَّا حجَّ الصِّدِّيق بالناس، وأُنزِلت: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] عام حجَّة الوداع، فكيف تكون (براءة) آخرَ سورة أنزلت؟! ولعلَّ البراء أراد: بعض (براءة)، انتهى، نقله شيخنا.

==========

[ج 2 ص 292]

(1/8322)

[{فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ... }]

(1/8323)

[حديث: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين]

4655# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح الفاء، وتَقَدَّم أنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد الإمام، وأنَّ (عُقَيْلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ) هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) _عن أبي هريرة_: تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ، لا حميد بن عبد الرَّحمن الحميريُّ؛ لأنَّ الحميريَّ ليس له في «البُخاريِّ» شيء عن أبي هريرة، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ [1] قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا الحديث وضعه أبو مسعود وابن عساكر في (مسند أبي بكر)، وأنَّ خلفًا وضعه في (مسند أبي هريرة)، وأنَّ المِزِّيَّ ذكره فيهما.

قوله: (فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ): تَقَدَّم أنَّ هذه الحجَّة كانت سنة تسع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي مُؤَذِّنِينَ): هو بكسر النون، جمع (مُؤذِّن).

قوله: (قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ أعلاه وقبله أيضًا مطوَّلًا.

قوله: (قَالَ حُمَيْدٌ) _هو (ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ_: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق في الحكمة في إردافِ عليٍّ الصِّدِّيقَ بـ (براءة)، وذكرت فيه أقوالًا.

تنبيهٌ: قال أبو زرعة: حديث حُميد بن عبد الرَّحمن عن أبي بكر وعليٍّ مرسلٌ، قال العلائيُّ في «المراسيل»: قد سمع من أبيه وعثمان رضي الله عنهما، فكيف يكون حديثه عن عليٍّ مرسلًا وهو معه بالمدينة؟! نعم؛ روى عن عمر رضي الله عنه، وكأنَّه مرسلٌ، انتهى، ولم تقع هنا روايته عن أبي بكر، ولكنْ أبو زرعة ذكر ذلك، فلم أحذف كلامه في روايته عن أبي بكر، والله أعلم.

[ج 2 ص 292]

(1/8324)

[{وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ... }]

(1/8325)

[حديث: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في المؤذنين]

4656# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم في ظاهرها أنَّه الزُّهريُّ، لا الحِمْيَريُّ.

قوله: (فِي الْمُؤَذِّنِينَ): تَقَدَّم بظاهرها أنَّه بكسر النون، وأنَّه جمع.

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8326)

[{إلا الذين عاهدتم من المشركين}]

(1/8327)

[حديث: ألا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان]

4657# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في آخر (كتاب الأنبياء) قُبَيل (ذكر بني إسرائيل)؛ فانظره.

قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو ابن كيسان، تَقَدَّم مرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الزُّهريُّ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّم أنَّ (الرهط) ما دون العشرة من الرجال؛ كالنَّفرِ.

قوله: (يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ): وكذا في «مسلم»، وقوله: (يوم النحر: يوم الحجِّ الأكبر)، وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء: قال النوويُّ في «مناسكه»: إنَّ الصواب أنَّه يوم النحر، انتهى، والثاني: عرفة، والثالث: يأتي، والفاصل للنزاع: أنَّ عليَّ بن أبي طالب سأل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن يوم الحجِّ الأكبر، فقال: «يومُ النحر»، ذكره التِّرْمِذيُّ، وعند أبي داود بإسناد صحيح: أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحَجَّة التي حجَّ فيها، فقال: «أيُّ يوم هذا؟» قالوا: يوم النحر، فقال: «هذا يوم الحجِّ الأكبر»، وقد قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة: 3]، وإنَّما أذَّن المؤذِّن بهذه البراءة يوم النحر، وثبت في «الصحيح» عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: «يوم الحجِّ الأكبر يوم النحر»، وفي هذ «الصحيح» في (الحجِّ) حديث ابن عُمر رضي الله عنهما: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قال يوم النحر في الحَجَّة التي حجَّ: «هذا يوم الحجِّ الأكبر»، وفي الباب غير ما ذكرت.

(1/8328)

وقد رأيت المحبَّ الطبريَّ ذكر في «أحكامه» في (الحجِّ): (فضل يوم النحر) _هذه ترجمته_ فقال: واختلف في يوم الحجِّ الأكبر على أقوال؛ فذكر القولين المذكورين، والقائلَ بكلٍّ منهما، ثُمَّ قال: والقول الثالث: أنَّه أيَّام الحجِّ كلُّها، عبَّر عن الأيَّام باليوم؛ كما قيل: يوم الجمل، ويوم صفِّين، قال: وهو قول الثوريِّ، وعن مجاهد كالأقوال الثلاثة، وفي تسميته «الأكبر» أربعة أقوال؛ أحدها: الحجُّ الأكبر: هو الحجُّ، والأصغر: العمرة، وهو قول عطاء والشعبيِّ، والثاني وهو قول مجاهد: الأكبر: القِران، والأصغر: الإفراد، وفي يوم النحر يجوز فعل بقيَّة الأركان، فيتمُّ فيه الحجُّ؛ فلذلك قيل: (يوم الحجِّ الأكبر)، الثالث: سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه حصل في تلك الحَجَّة حجُّ المسلمين والمشركين، ووافق ذلك يوم عيد اليهود والنصارى، قاله الحسن، الرابع: سُمِّيَ به؛ لأنَّ أكبر أفعال الحجِّ تُفعَل فيه، وتَحلُّ فيه المحرَّمات، قاله عبد الله بن أبي أوفى، انتهى، وقال نحوه في مثله.

وقال السُّهيليُّ عقيب غزوة تبوك في إنزال سورة (براءة) ما لفظه: وقوله: (يوم الحجِّ الأكبر): قيل: أراد: حين الحجِّ؛ أي: أيَّام الموسم كلَّها؛ لأنَّ نداء عليٍّ رضي الله عنه بـ (براءة) كان في تلك الأيام، انتهى.

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8329)

[{فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم}]

(1/8330)

[حديث: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة]

4658# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو القطَّان، و (إِسْمَاعِيلُ) هذا: هو إسماعيل بن أبي خالد.

قوله: (إِلَّا ثَلاَثَةٌ): هؤلاء الثلاثة لا أعرفهم.

قوله: (وَلاَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ): هؤلاء الأربعة لا أعرفهم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: الأربعة من المنافقين الذين أشار إليهم حذيفة يمكن معرفة تعيينهم من الاثني عشر أصحاب العقبة بتبوك، فينظر من تأخَّر منهم، ويطبَّق على ذلك، انتهى.

قوله: (الَّذِينَ يبقّرُونَ بُيُوتَنَا): هو بضمِّ أوَّله، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مكسورة، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: (يَبْقُرون)؛ بفتح أوَّله، وإسكان الموحَّدة ثانية، وضمِّ القاف، قال ابن قُرقُول: يبقرون بيوتنا؛ أي: ينقبونها فيسرقوننا، وفي «النِّهاية» نحوه، ولفظه: يبقُرون بيوتنا؛ أي: يفتحونها ويوسِّعونها، وقال شيخنا: (يبقرون)؛ بالباء، ثُمَّ قاف؛ أي: يفتحون، ورواه قوم بالنون بدل الباء، حكاه ابن الجوزيِّ، والأوَّل أصحُّ.

قوله: (أَعْلَاَقَنَا): هو بالعين المهملة، قال ابن قُرقُول: أي: ما يعلق من الدوابِّ والأحمال من أسباب المسافرين، وهو أظهر في هذا الحديث، أو يكون جمعَ (عِلْق)؛ يعني: بكسر العين؛ وهو خِيار المال، وبه فسَّره بعضهم، انتهى، وفي «النِّهاية» في (العين المهملة والقاف): (أعلاقنا)؛ أي: نفائس أموالنا، الواحد: (عِلْق)؛ بالكسر، قيل: سُمِّي به؛ لتعلُّق القلب به، انتهى، وقال شيخنا: وبخطِّ الدِّمْياطيِّ بالغين المعجمة ضبطًا؛ يعني: (أغلاقنا)، قال شيخنا: وقد حكاه ابن التين، ثُمَّ قال: ولا أعلم له وجهًا.

قوله: (أَجَلْ): هو بفتح الهمزة والجيم، وإسكان اللام، تَقَدَّم أنَّ معناه: نعم.

قوله: (إِلاَّ أَرْبَعَةٌ): هؤلاء الأربعة لا أعرفهم.

قوله: (لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ): يعني: عاقبَهُ الله ببلاءٍ لا يجد معه ذوق الماء ولا طعم برودته.

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8331)

[{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ... }]

(1/8332)

[حديث: يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعًا أقرع]

4659# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ): هذا هو أبو اليمان، تَقَدَّم مِرارًا، و (شُعَيْبٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان.

قوله: (شُجَاعًا أَقْرَعَ): تَقَدَّم الكلام على (شجاع)، وعلى (الأقرع)، في (الزكاة).

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8333)

[حديث: مررت على أبي ذر بالربذة فقلت: ما أنزلك بهذه الأرض؟]

4660# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (حُصَيْنٌ): بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، هو ابن عبد الرَّحمن السُّلَميُّ، ابن عمِّ منصور، ومنصور: هو ابن المعتمر، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه جُنْدب بن جُنادَة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم مترجَمًا.

قوله: (بِالرَّبَذَةِ): هي بفتح الراء والموحَّدة والذال المعجمة، ثُمَّ تاء التأنيث، على ثلاث مراحل من المدينة، قريب من ذات عرق، تَقَدَّمتْ.

[ج 2 ص 293]

قوله: (مَا هَذِهِ الآيَةُ [1] [إلَّا] فِي أَهْلِ الكِتَابِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام عليها في (الزكاة) مطوَّلًا.

==========

[1] (الآية): ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8334)

[{يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم ... }]

(1/8335)

[معلق ابن شبيب: هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما ... ]

4661# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ): (أحمد) هذا: هو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (يُونُسُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ) الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (خَالِدُ بْنُ أَسْلَمَ): عدويٌّ مدنيٌّ، عن عبد الله بن عُمر، وعنه: أخوه زيد بن أسلم، والزُّهريُّ، وغيرُهما، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له ابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، هذا على قول المِزِّيِّ والذهبيِّ: على أنَّ (قال فلان) وإن كان شيخَه يكون تعليقًا، وأخرج له أبو داود في كتاب «الناسخ والمنسوخ»، وهو جزآن.

(1/8336)

[{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا ...... }]

(1/8337)

[حديث: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض]

4662# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، و (مُحَمَّدٌ): هو ابن سيرين، و (ابْنُ أَبِي بَكْرَة): عبد الرَّحمن، كما تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه نفيع بن الحارث الثقفيُّ، وعَبْدُ الرَّحْمَن: أوَّل من ولد بالبصرة، عن أبيه، وعليٍّ، والأسود بن سريع، والأشجِّ العصريِّ، وغيرِهم، وعنه: ابن سيرين، وقتادة، وعبد الملك بن عمير، وخلقٌ، ذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، أخرج له الجماعة.

قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ): في كلٍّ منهما لغتان: الفتح والكسر في أوَّلهما، لكنَّ الأفصح في (القَعدة) الفتح، وفي (الحِجَّة) الكسر، (وَرَجَبُ مُضَرَ): تَقَدَّم الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 294]

(1/8338)

[{ثاني اثنين إذ هما في الغار}]

قوله: (السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة)، وعلى لغة فيها غريبة قُرِئ بها شاذًّا.

(1/8339)

[حديث: ما ظنك باثنين الله ثالثهما]

4663# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ): هذا هو المسنديُّ، هكذا هو في «الكلاباذيِّ» و «ابن طاهر»، والله أعلم، و (حَبَّان بن هلال): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة.

قوله: (فِي الْغَارِ): هذا الغار هو بثور؛ جبل بقرب مَكَّة.

==========

[ج 2 ص 294]

(1/8340)

[حديث ابن عباس أنه قال حين وقع بينه وبين ابن الزبير ... ]

4664# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، ومستندي ما قدَّمتُه في (الجمعة)، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ): قال بعضهم: كان ذلك بينهما في بعض قراءات القرآن، انتهى، وسيأتي قريبًا ما قاله بعض حفَّاظ هذا العصر من المتأخِّرين، وهو ظاهرٌ؛ وذلك لأنَّ في الحديث الأوَّل: ابن أبي مليكة عن ابن عبَّاس، وفي الطريق الثاني: ابن أبي مليكة عن ابن عبَّاس، وفيه: قال ابن عبَّاس: (قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ ... )؛ الحديث [خ¦4665].

قوله: (وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ): يعني: بنت أبي بكر، تَقَدَّم بعض ترجمتها.

قوله: (وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ): يعني: عمَّةَ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهي أمُّ والدةِ الزُّبَير بن العوَّام، (وصفيَّة): صحابيَّة مشهورة.

قوله: (فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل لذلك: هو عبد الله بن محمَّد الراوي عنه هنا.

قوله: (إِسْنَادهُ): يجوز فيه النصب والرفع، وإعرابهما ظاهر.

قوله: (فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ): هذا الإنسان لا أعرفه.

قوله: (وَلَمْ يَقُلِ: ابْن جُرَيْجٍ): (ابن): يجوز فيه الرفع والنصب.

==========

[ج 2 ص 294]

(1/8341)

[حديث: إن الله كتب ابن الزبير وبني أمية محلين ... ]

4665# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وقد تَقَدَّم لم قيل له: المسنديُّ، و (حَجَّاجٌ): قال الدِّمْياطيُّ: حجَّاج بن محمَّد، أبو محمَّد الأعور التِّرْمِذيُّ، مات ببغداد سنة خمس _أو ستٍّ_ ومئتين، انتهى، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ)، وقبله مرارًا.

قوله: (وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ): الضمير يرجع إلى ابن عبَّاس وعبد الله بن الزُّبَير، تَقَدَّم أعلاه أنَّ بعضهم قال: إنَّه كان بينهما في بعض قراءات القرآن، وقال بعض حفَّاظ العصر: الاختلاف بينهما في أمر البيعة بالخلافة لابن الزُّبَير، فأبى ابن عبَّاس حتَّى يجتمع الناس عليه، فأمره ابن الزُّبَير بالخروج من مَكَّة، فآل الأمر إلى أن خرج إلى الطائف، فأقام بها حتَّى مات، وساق مسلم طرفًا من ذلك، انتهى، وقوله: (في أمر البيعة): هذا هو ظاهر هذا الحديث، والله أعلم، والأوَّل مختَصَرٌ منه، وهذا مطوَّلٌ.

قوله: (فَتُحِلَّ حَرَمَ اللهِ): (تحلَّ): منصوبٌ، جواب الاستفهام، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم ما معنى (الحواري)، وتَقَدَّم [أنَّ] الحواريِّين من الصَّحابة [2] اثنا عشر، ذكرتهم قبلُ غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (فَذَاتُ النِّطَاقِ): تَقَدَّم الكلام على (النِّطاق) ما هو مطوَّلًا.

قوله: (وَاللهِ إِنْ وَصَلُونِي؛ وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ): كذا في جميع النسخ، وسقط من ذلك: «وتركت بني عمِّي إن وصلوني ... »؛ الحديث، يريد: بني أُمَيَّة؛ لكونهم من بني عبد مناف، وقد جاء ذلك مبيَّنًا في رواية ابن أبي خيثمة في «تاريخه»، وبهذه الزيادة يستقيم الكلام، ويبيِّنه الحديث الآخر بعده، انتهى، قاله بعضهم.

قوله: (وَإِنْ رَبُّونِي رَبَّنِي): وفي رواية الثانية: (ربُّوني) أيضًا، وعليها (صح)، (رَبُّوني): بفتح الراء، وتشديد الموحَّدة المضمومة؛ أي: ملكوني، ودبَّروا أمري، وصاروا لي أربابًا؛ أي: سادة وملوكًا، قال الدِّمْياطيُّ: يريد بذلك: بني أُمَيَّة؛ ومعنى (ربُّوني): تعاهدوا إحسانَهم عندي ووصلوه، انتهى، وقال ابن الأثير: أي: يكونون عليَّ أمراء وسادة متَقَدِّمين؛ يعني: بني أُمَيَّة، فإنَّهم في النسب إلى ابن عبَّاس أقرب من ابن الزُّبَير، يقال: ربَّه يَربُّه؛ أي: كان له رَبًّا، انتهى.

(1/8342)

قوله: (فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالأُسَامَاتِ وَالْحُمَيْدَاتِ): يريد أبطنًا من بني أسد: بني تُوَيت، وبني أسامة، وبني حميد [3]، (آثر)؛ بمدِّ الهمزة، و (التُّوَيْتات): بضمِّ المثنَّاة فوق، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ تاء مثنَّاة فوق، (بنو تويت): هو ابن حبيب بن أسد، و (الأسامات): هو ابن عبد الله بن حميد بن زهير، و (الحُمَيدات)؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الميم: بنو حُمَيد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، و (بنو أسَد): بفتح السين، وقد تَقَدَّم من هم، وهم قرابته.

قوله: (إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَاصِي): يريد: عبد الملك بن مروان، كما سيأتي في هذا الحديث نفسِه، وهو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، ترجمته معروفة مشهورة، قال الذهبيُّ: أنَّى له العدالة وقد سفك الدماء وفعل الأفاعيل؟! انتهى، وقد ذكره ابن حبَّان في «الثِّقات» فقال: وهو بغير الثقات أشبه، انتهى، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّمتْ ترجمة أبيه مروان، وأنَّه ليس بصحابيٍّ.

قوله: (يَمْشِي الْقُدَمِيَّةَ): هي بضمِّ القاف، وفتح الدال المهملة، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْياطيُّ: قال أبو عُبيد: هذا مثلٌ ضربه؛ يريد به: أنَّه ركب معاليَ الأمور وعمل بها، انتهى، وقال ابن قُرقُول: كذا الرواية في «الصحيح»، ورواه بعض الناس: (اليَقَدميَّة): بفتح الدال وضمِّها، والضمَّ صحَّح لنا شيخُنا أبو الحسن؛ يعني: أنَّه تَقَدَّم في الشرف والفضل على أصحابه؛ وأصله: التبختُر، قال أبو عُبيد: إنَّما هو مثلٌ ضربه؛ يريد: أنَّه ركب معالي الأمور وعمل بها، انتهى، وفي «النِّهاية»: (مشى القُدَميَّة)، وفي رواية: (اليَقَدمية)، الذي جاء في رواية البُخاريِّ:

[ج 2 ص 294]

(القُدَميَّة)؛ ومعناها: أنَّه تَقَدَّم في الشرف والفضل على أصحابه، وقيل: معناه: التبختر، ولم يُرِد المشي بعينه، والذي جاء في كتب الغريب: (اليَقَدميَّة)؛ بالياء والتاء، وهما زائدتان؛ ومعناهما: التَقَدُّم، ورواه الأزهريُّ بالياء المعجمة من تحت، والجوهريُّ بالمعجمة من فوق، وقيل: إنَّ (اليقدُّمية) _بالياء من تحت_ هو التَقَدُّم بهمَّته وأفعاله، انتهى.

(1/8343)

قوله: (لَوَّى ذَنَبَهُ): يعني: ابن الزُّبَير، قال الدِّمْياطيُّ: قال أبو عبيد: يريد: لم يبرز لاكتساب المجد وطلب الحمد، ولكنَّه تنحَّى، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (لوَّى ذنبه)؛ بشدِّ الواو: كناية عن الجُبن والميل إلى الدَّعَة؛ كالكلب، وقال أبو عُبيد ... ؛ فذكر عنه ما ذكره عنه الدِّمْياطيُّ أعلاه، غير أنَّه زاد قبل (تنحَّى): راغ وتنحَّى، قال ابن قُرقُول: وكذلك (لوَّى ثوبه في عنقه)، ويقال بالتخفيف، وقد قُرِئ: {لَوَوْا رُؤُوسَهُمْ} [المنافقون: 5]، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[2] استدك هنا في (أ): (أنَّهم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (أسد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8344)

[حديث: ألا تعجبون لابن الزبير قام في أمره هذا]

4666# قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا غيرَ مرَّةٍ أنَّه عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (وَلَهُمَا): هو بفتح اللام؛ لام التأكيد، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: صفيَّة رضي الله عنها، وهي [1] والدة الزُّبَير.

قوله: (وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ): يعني: أمَّه أسماء بنت أبي بكر.

تنبيهٌ: أولاد بنات النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يُنسَبون إليه، وأولاد بنات غيره لا يُنسَبون إليه في الكفاءة وغيرها؛ لحديث: «كلُّ سببٍ ونسبٍ ينقطع يوم القيامة، إلَّا سببي ونسبي»، رواه الحاكم من حديث جعفر بن محمَّد عن عمر، وقال: صحيح الإسناد، ومن حديث المِسْوَر بن مخرمة بزيادة: «وصهرتي»، ثُمَّ قال: صحيح، وأخرجه الطبرانيُّ في أكثر معاجمه من حديث ابن عبَّاس بإسناد لا أعلم به بأسًا، وقد وقع لنا من حديث عمر بطريق آخر غيرُ ما سلف، وهذه الخَصِيصة قالها صاحبُ «التلخيص»، وتبعه الرافعيُّ، وأنكرها القفَّال وقال: لا اختصاص في انتساب أولاد البنات إليه، واختلف في معنى الحديث السالف، فقيل: معناه: أنَّ أمته ينسبون إليه يوم القيامة، وأمم سائر الأنبياء لا ينسبون إليهم، وقيل: لا يُنتَفع يومئذ بسائر الأنساب، ويُنتَفع بالنسبة إليه، وذكر القضاعيُّ هذه الخَصِيصة فيما خُصَّ به دون غيره من الأنبياء، وقد رأيت ما في هذا «الصحيح» من قول ابن عبَّاس، وأنَّه أطلق على ابن الزُّبَير أنَّه ابن أبي بكر، وهو ابن ابنته أسماء، فالظاهر: أنَّ عنده لا اختصاص، والله أعلم، وسيجيء مكان آخر في (سورة الحجرات)، وقد أطلقه عليه ابن أبي مليكة عبد الله الذي تَقَدَّم قريبًا، والله أعلم.

قوله: (وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ): (أخو خديجة) المشار إليه: هو العوَّام؛ لأنَّه ابن خويلد، وخديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، فالعوَّام وخديجة أمُّ المؤمنين أخوان، والله أعلم.

قوله: (وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ): يعني: أنَّه ابن أسماء بنت أبي بكر أختِ عائشة بنت أبي بكر، رضي الله عنهم.

(1/8345)

قوله: (فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي): أي: يتكبرَ ويرتفع، و (عنِّي) هنا بمعنى: (عليَّ)، وقد جاءت (عن) بمعنى (على) كثيرًا؛ كما جاء في حديث السقيفة: (وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ) [خ¦6830]، ومثله: قول أبي سفيان بن حرب: (لَكَذَبْتُ عَنْهُ) [خ¦7]؛ أي: عليه، وجاء العكس أيضًا، والله أعلم.

قوله: (أَعْرِضُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَمَا أُرَاهُ): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (لَأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

(1/8346)

[{والمؤلفة قلوبهم}]

(1/8347)

[حديث: يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين]

4667# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْنُ أَبِي نُعْمٍ): هو عبد الرَّحمن بن أبي نُعْم، أبو الحكم، البجليُّ الكوفيُّ، الزاهد، عن المغيرة، وأبي هريرة، وسفينة، وعنه: الحكم، ومغيرة، وفُضَيل بن غزوان، وكان يحرم من السنة إلى السنة، ويقول: لبيك، لو كان رياءً؛ لاضمحلَّ، مشهور من الأولياء الثقات، وقال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف، كذا نقل ابن القطَّان، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: وهذا لم يتابع عليه أحمد؛ يعني: ابن أبي خيثمة، تُوُفِّيَ إلى حدود سنة مئة، أخرج له الجماعة، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك الخدريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بُعِث): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَقَالَ: أَتَأَلَّفُهُمْ): تَقَدَّم الأربعة المشار إليهم، تَقَدَّم أنَّهم عُيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع وقع فيه شكٌّ للراوي؛ هل هو علقمة أو عامر بن الطفيل؟ وتَقَدَّم أنَّ الصوابَ: أنَّه علقمة، وأنَّ عامرًا هلك على كفره بالطاعون، وقد تَقَدَّم الكلام عليهم في (بعث عليٍّ وخالد إلى اليمن)، وذكرت بعض تراجم هؤلاء الأربعة.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا عَدَلْتَ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل في الباب المشار إليه أعلاه، وقد قال ابن شيخنا البلقينيِّ في هذا: والقائل يظهر أن يكون ذا الخويصرة التميميَّ، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ العصر، لكن جزم به، وهو كذلك، والله أعلم.

قوله: (مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/8348)

[{الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين}]

(1/8349)

[حديث: لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل]

4668# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، و (سُلَيْمَانُ) الذي بعده (شعبة): الأعمش، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّموا كلُّهم، وكذا (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، وتَقَدَّم أنَّه ليس من أهل بدر على الصحيح.

قوله: (لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ): (أُمِرنا): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (نَتَحَامَلُ): كذا في أصلنا وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، كذا وقع، والوجه: يُحامِلُ، وقد تَقَدَّم معناه.

قوله: (فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ): هو بفتح العين، وكسر القاف، تَقَدَّم الكلام عليه في (الزكاة).

قوله: (وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ): هذا الإنسان تَقَدَّم في (الزكاة) في قوله: (وَجَاءَ [1] رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ) [خ¦1415]، ويحتمل أن يكون واحدًا ممَّن ذكر أنَّه تصدَّق بالصاع،

[ج 2 ص 295]

وقد ذكرتهم في (الزكاة)، وفيه نظرٌ، وذكرت ما وقفت عليه من صدقات عبد الرَّحمن بن عوف هناك، والظاهر: أنَّه المراد، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (فجاء).

(1/8350)

[حديث: كان رسول الله يأمر بالصدقة فيحتال أحدنا ... ]

4669# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، و (أَبُو أُسَامَةَ): حمَّاد بن أسامة، و (زَائِدَةُ): هو ابن قدامة، تَقَدَّم، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو، تَقَدَّموا.

قوله: (حَتَّى يَجِيءَ بالمُدِّ): تَقَدَّم أنَّ (المُدَّ) رطل وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّم الخلاف في رطل بغداد.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8351)

[{استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... }]

(1/8352)

[حديث: إنما خيرني الله فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم}]

4670# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عُبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبيٍّ ابن سلول، وتَقَدَّم متى هلك، وتَقَدَّم الكلام على عبد الله ابنه، وأنَّه رجل صالحٌ، صَحابيٌّ، وأنَّه استشهد باليمامة سنة (12 هـ)، وتَقَدَّم الكلام على: (فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ) في (الجنائز)، وهل هما قميصان، أو واحد؟ مطوَّلًا؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8353)

[حديث: إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على ... ]

4671# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ): (غيرُه): قال المِزِّيّ في «أطرافه» ممَّا زاده: قيل: إنَّ قول البُخاريِّ: (وقال غيره): كناية عن عبد الله بن صالح كاتبِ الليث، انتهى، قال الذهبيُّ: وعنه أخرج البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه في «الصحيح» أيضًا، كما يذكره في اسم الذي بعده، وقد ذكر في الذي بعده _وهو عبد الله بن صالح العجليُّ_ أقوالًا في رواية البُخاريِّ في (تفسير الفتح) عن عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، فذكر فيه أقوالًا، ثُمَّ قال عن المِزِّيِّ: وأولى الأقوال بالصواب: قول من قال: إنَّه كاتب الليث، ثُمَّ شرع يعلِّل ذلك، انتهى، فصحَّح أنَّ البُخاريَّ روى عن كاتب الليث، قال الذهبيُّ: وروى عنه في (كتاب القراءة خلف الإمام) وغيرِه، انتهى.

وسأذكر في (سورة الفتح) ما يتعلَّق به إن شاء الله تعالى، وقد قدَّمتُه أيضًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تَقَدَّم مِرارًا، ومرَّةً مترجمًا.

قوله: (دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (دُعِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وابن عبد الله بن أُبيٍّ هو الداعي، وهو عبد الله، كما تَقَدَّم قريبًا.

(1/8354)

[{ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره}]

(1/8355)

[حديث: إنما خيرني الله أو أخبرني فقال: {استغفر لهم أو لا}]

4672# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ): (عبيد الله) هذا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مترجمًا رضي الله عنه، وأنَّه صَحابيٌّ جليل استشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8356)

[{سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم ... }]

(1/8357)

[حديث: والله ما أنعم الله علي من نعمة بعد إذ هداني أعظم من صدقي]

4673# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بكير، وأنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن كعب بن مالك، وأبوه: عبد الله بن كعب بن مالك.

قوله: (عَنْ تَبُوكَ): تَقَدَّم متى كانت تبوك، ولا خلاف أنَّها في التاسعة.

قوله: (مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ): (رسولَ): منصوبٌ، مفعول المصدر؛ وهو (صِدقي).

قوله: (أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ): قال الدِّمْياطيُّ: قال عياض: كذا في نسخ «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»: (أَن لا أكون كذبته)، والمعنى: أن أكون كذبته، و (لا): زائدة، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا في (غزوة تبوك).

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8358)

[{وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا ... }]

(1/8359)

[حديث: أتاني الليلة آتيان فابتعثاني فانتهينا إلى مدينة]

4674# قوله: (حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ): وفي نسخة منسوبًا: (هُوَ ابْنُ هِشَامٍ)، وهو هو، لا شكَّ فيه، و (مُؤَمَّل): اسم مفعول من (أمَّله)؛ بتشديد الميم، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله، إلَّا أنَّه سألني عنه بعض فضلاء الشافعيَّة من بلدنا: هل هو اسم فاعل، أو اسم مفعول؟ فلهذا ضبطته، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عُلَيَّة، و (عَوْفٌ): هو الأعرابيُّ، و (أَبُو رَجَاءٍ): هو العطارديُّ، عمران بن تيم، ويقال: ابن ملحان، تَقَدَّم، قال الدِّمْياطيُّ: أبو رجاء: عمران بن ملحان العطارديُّ البصريُّ، أسلم بعد فتح مَكَّة، ولم يرَ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يهاجر إليه، عمره مئة وثلاثون سَنةً، انتهى.

قوله: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ): هما جبريل وميكائيل، كما في بعض طرقه في (الجنائز): «وأنا جبريلُ وهذا ميكائيلُ».

قوله: (فَابْتَعَثَانِي): أي: أيقظاني من نومي، يقال: بعثته من نومه، فانبعث، كذا نحفظه، وفي أصلنا القاهريِّ: (فانبعثاني)، وهذا غير معروف في اللغة، وذلك لأنَّه لازمٌ، والمعروف ما ذكرته في الأوَّل، وكما هو المعروف هو في النسخ، والله أعلم.

قوله: (كَأَحْسَنِ) و (كَأَقْبَحِ): هما مجروران؛ للإضافة، وكذا قوله: (فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ).

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8360)

[{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}]

(1/8361)

[حديث: أي عم قل: لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله]

4675# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وتَقَدَّمتُ ترجمة (المُسَيّب)، وأنَّه لم يروِ عنه غير ابنه سعيد، وأنَّ فيه ردًّا على الحاكم وغيره، وحزن: والد المُسَيّب صَحابيٌّ، وأنَّه مخزوميٌّ، له هجرة، وكان أحد الأشراف، وقال سعيد: كان جدِّي من الطُّلَقاء، وقد قتل يوم اليمامة، وكانت في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة.

قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّم الكلام على اسم أبي طالب، وعلى تاريخ وفاته، والاختلاف فيها، وعلى (أَبِي جَهْلٍ): عمرو بن هشام، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ)، وأنَّه ابن عاتكة عمَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه أسلم وصحب، واستشهد بالطائف.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8362)

[{لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ... }]

(1/8363)

[حديث: أمسك بعض مالك فهو خير لك]

4676# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو المصريُّ، أبو جعفر، الحافظ المعروف بابن الطبريِّ، من كبار الحُفَّاظ، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم.

وقوله: (قَالَ أَحْمَدُ: وحَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ): قال الدِّمْياطيُّ: ابن خالد بن يزيد، ابن أخي يونس بن يزيد، قال أبو حاتم: كان على خَراج مِصر، وكان يعلِّق النساء بالثدي، مات سنة ثمان وتسعين ومئة، ومات عمُّه يونس بن يزيد بصعيد مصر سنة اثنتين وخمسين ومئة، وأخوه أبو عليِّ بن يزيد، روى عنه الزُّهريُّ، وهم موالي معاوية بن أبي سفيان، انتهى، لعنبسةَ ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ قرنه؛ كهذا المكان، والله أعلم، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (مِنْ بَنِيهِ): تَقَدَّم أنَّه جمع (ابن)، وتَقَدَّم ما رواه به بعضهم، وذكرت العميان من الصَّحابة في أوَّل هذا التعليق.

[ج 2 ص 296]

قوله: (أَمْسِكْ): تَقَدَّم أنّه بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/8364)

[{وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ... }]

(1/8365)

[حديث: إذًا يحطمكم الناس فيمنعونكم النوم سائر الليلة]

4677# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ وقد ذكر هذا المكان: لم يقع في نسخة ابن السكن ذكر (محمَّد) قبل (أحمد بن أبي شعيب)، وثبت لغيره من الرواة، واضطرب قول أبي عبد الله الحاكم في نسبة (محمَّد) هذا، فمرَّةً قال: هو محمَّد بن النضر بن عبد الله، ومرَّةً قال: هو محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، والذي عندي: أنَّه محمَّد بن يحيى الذهليُّ، فقد رُوِّينا هذا الحديث عن الذهليِّ عن أحمد بن أبي شعيب الحرانيِّ في كتاب «علل حديث الزُّهريِّ»، وساق سنده بذلك، والله أعلم، والمِزِّيُّ ذكره من طريق محمَّد، ولم ينسبه، وشيخنا لم يتعرَّض له.

قوله: (غَزْوَةِ الْعُسْرَةِ): تَقَدَّم أنَّها بالسين المهملة، وتَقَدَّم في أوَّل (غزوة تبوك) لِمَ قيل لها: العسرة.

قوله: (عَنْ كَلاَمِي وَكَلاَمِ صَاحِبَيَّ): تَقَدَّم أنَّ (صاحبيه) مراراة بن الربيع العَمريُّ، وهلال بن أُمَيَّة الواقفيُّ.

قوله: (عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ أمَّ [2] سلمة اسمُها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وأنَّها آخرهنَّ وفاةً، وبعض ترجمتها، وتاريخ وفاتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين، رضي الله عنهما.

قوله: (مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِي): هو بفتح الميم، وإسكان العين، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: أي: ذات اعتناء، كذا للأصيليِّ، ولغيره: (مُعِينة)؛ بضمِّ الميم، من العون، والأوَّل أليق بالحديث، انتهى.

قوله: (فَأُبَشِّرَهُ): هو بالنصب، جواب الاستفهام، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (يَحْطِمَنَّكُمُ [3] النَّاسُ): قال ابن قُرقُول: كذا للقابسيِّ وعبدوس، وللباقين: (يخطفكم الناس)، والأوَّل أشبه، ومعناه: يزدحمون عليكم، ويكثرون في منازلكم، ويدوسونكم، وأخَّر ذلك إلى النهار؛ ليكون ذلك في سعة فضاء المسجد.

قوله: (الَّذِي قُبِلَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8366)

[{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}]

(1/8367)

[حديث كعب بن مالك: فو الله ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث]

4678# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): بضمِّ العين، وفتح القاف، هو ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْنُ السَّبَّاقِ): هو بفتح السين المهملة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره قاف، واسمه: عبيد بن السَّبَّاق المدنيُّ، عن زيد بن ثابت، وسهل بن حنيف، وجويرية، وابن عبَّاس، وجماعةٍ، وعنه: ابنه سعيد، وابن شهاب، وآخرون، وثَّقه غير واحد، أخرج له الجماعة، و (زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه كاتب الوحي، وقدَّمتُ مَن كتب له صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الوحيَ أو الرسائلَ في (كتاب الصلح).

==========

[ج 2 ص 297]

(1/8368)

[{لقد جاءكم رسول من أنفسكم ... }]

(1/8369)

[حديث زيد: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ... ]

4679# قوله: (مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّها كانت في ربيع الأوَّل، سنة اثنتي عشرة، في خلافة الصِّدِّيق.

قوله: (اسْتَحَرَّ): أي: كثر واشتدَّ.

قوله: (لَأَرَى): (أَرى): بفتح الهمزة.

قوله: (وَالأَكْتَافِ): هو جمع (كتف)؛ وهو العظم العريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدوابِّ، كانوا يكتبون فيه، لعلَّه الكاغد عندهم.

قوله: (وَالْعُسُبِ): هو بضمِّ العين والسين المهملتين، وبالموحَّدة، جمع (عسيب)؛ وهو من السَّعف فوق الكَرَب ما لم ينبت عليه الخوص، وما ينبت عليه الخوص؛ فهو السَّعَفُ، وكانوا يكتبون فيه، لعلَّه الكاغد عندهم.

قوله: (مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ): سيأتي الخلاف في الموجود معه آخر (سورة التوبة)، والصحيح: أنَّه أبو خزيمة، وأنَّ آية (الأحزاب) مع خزيمة، وسيأتي الاختلاف فيه في كلام البُخاريِّ عقيب هذا، ويأتي أيضًا كلام الدِّمْياطيِّ، وأنَّ آية (التوبة) مع أبي خزيمة، وآية (الأحزاب) مع خزيمة قريبًا.

قوله: (مَعَ أَحَدٍ غَيْره): يجوز جرُّ (غير)، ويجوز النصب.

قوله: (تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَاللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضمير في (تابعه) يعود على شعيب، و (عثمان بن عمر): هو عثمان بن عمر بن فارس العبديُّ البصريُّ، عن يونس بن يزيد، وابن جُرَيج، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، والرماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصالحين الثقات، تُوُفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، و (الليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، تَقَدَّم مترجمًا، ومن جملة ترجمته أنَّ الشافعيَّ قال: الليث أفقه من مالك، غير أنَّ أصحابه أضاعوه.

ويعني: تابعاه على رواية ذلك عن ابن شهاب في قوله: (خزيمة الأنصاريِّ)، ومتابعة الليث عن يونس عن ابن شهاب أخرجها البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن يحيى ابن بكير عن الليث به، ومتابعة عثمان بن عمر لم تكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أخرجها أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدَّثنا محمَّد بن يحيى قال: حدَّثنا عثمان به، انتهى، وأبو بكر هذا: هو ابن أبي داود صاحبِ «السنن»، حافظ مشهور.

(1/8370)

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): أمَّا (الليث)؛ فقد تَقَدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وأمَّا (عبد الرَّحمن بن خالد)؛ فهو عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر أمير مصر، عن الزُّهريِّ، وعنه: مولاه الليث، ويحيى بن أيوب، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له البُخاريُّ في الأصول، ومسلمٌ في الشواهد، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن يونس: كان ثبتًا في الحديث، وتعليق الليث هذا لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غَنْم بن مالك بن النَّجَّار، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان، وليس له عقب، وأخوه أبو محمَّد مسعود بن أوس الذي كان يزعم أنَّ الوتر واجب، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عمر بن الخَطَّاب، وليس له عقب، وأبو خزيمة: هو صاحب هذه الآية، وأمَّا خزيمة بن ثابت بن الفاكه؛ فصاحب قوله: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا} [الأحزاب: 21]

[ج 2 ص 297]

انتهى.

تنبيهٌ: آية (التوبة) وجدها زيد بن ثابت أيام الصِّدِّيق، وآية (الأحزاب) وجدها أيام عثمان، كما صرَّح به بعض الحُفَّاظ في «مسنده» وغيره، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، شيخ البُخاريِّ، (عَنْ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): هذا التعليق لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (إبراهيم): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، لكن روى هذا التعليق _كما قال شيخنا_ البُخاريُّ في (الأحكام) عن محمَّد بن عبيد الله أبي ثابت: حدَّثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب به، انتهى، ولكن قال: مع خزيمة أو أبي خزيمة، والله أعلم، وليس هذا مراد البُخاريِّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ): يعني: عن ابن شهاب به، فلم أجد هذه المتابعة في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وقال شيخنا: يريد المتابعة في أبي خزيمة، لكنَّ ابن أبي داود لمَّا ذكر حديث يعقوب هذا عن أبيه عن ابن شهاب، عن ابن السَّبَّاق، عن زيد؛ قال في الحديث: (حتَّى [وجدت] آخر سورة التوبة مع خزيمة بن ثابت)، انتهى.

(1/8371)

قوله: (وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الأحكام) عنه، وهو محمَّد بن عبيد الله، أبو ثابت المدينيُّ، يروي عن مالك وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وإسماعيل القاضي، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، وأخرج له النَّسائيُّ في «عمل اليوم والليلة»، قال أبو حاتم: صدوق، والله أعلم.

(1/8372)

(((10))) (سورة يُونُسَ) ... إلى (يُوسُفَ)

قوله: ({تِلْكَ آيَاتُ} [يونس: 1]؛ يَعْنِي: هَذِهِ أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ): يعني: {تلك} للغائب؛ والمراد بها: الحاضر؛ مثل قوله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]؛ أي: بكم، فقوله: (وَمِثْلُهُ): هو بكسر الميم، وإسكان المثلَّثة، وسأذكر في هذا التعليق إن شاء الله تعالى أنَّه ردَّ عليَّ بعضُهم في قولي: (ومِثْله)، فقال: (ومُثُله)؛ يعني: بضمِّ الميم والثاء، جمع (مَثَل)، ولفظ شيخنا: (يقال: {تلك}؛ يعني: هي أعلام القرآن ومُثُله، أسنده ابن أبي حاتم عن السُّدِّيِّ عن أبي مالك: تِلْكَ آيَاتُ اللهِ؛ يعني: أعلام الدين ... ) إلى آخر كلامه، فإن كان هذا صحيحًا من النسخة التي نقلت منها؛ فإنَّ فيها سقمًا، فإنَّ الذي أسنده ابن أبي حاتم ليس فيه دليل على أنَّها مُثُلٌ، وسببه أنَّه لم يسند: (ومثله)، وإنَّما أسند {تلك آيات}، وسأذكره في أواخر التعليق مبسوطًا، فإنَّ البُخاريَّ ذكره هناك أيضًا، وقال شيخنا عقيب قوله: (المعنى: بكم): (قلت: ويجوز أن يكون عودًا بعد الخطاب إلى الإخبار)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8373)

[شرح غريب الآيات [24 - 90]]

قوله: (أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ): جمع (عَلَم)، و (العَلَم): العلامة، قاله الجوهريُّ.

قوله: ({فَاتَّبَعَهُمْ} [يونس: 90] وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ)؛ انتهى: قال الجوهريُّ: تبِعت _بالكسر_ القوم تبعًا وتبَاعة؛ بالفتح؛ إذا مشيت خلفهم، أو مرُّوا بك فمضيت معهم، وكذلك (اتَّبعهم)، وهو افْتَعَلْت، وأَتبعت القوم؛ على أفعلت؛ إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم، وأتبعت أيضًا غيري، يقال: أتبعه الشيءَ فتبعَهُ، قال الأخفش: تبعته وأتبعته بمعنًى؛ مثل: ردفته وأردفته، ومنه قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10].

قوله: (لَأُهْلِكَ مَنْ دَعَا [1] عَلَيْهِ): (أُهلِك): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ مثل: {لَقُضِيَ} [يونس: 11].

قوله: ({وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]: مَغْفِرَةٌ): جاء في حديث مرفوع في «التِّرْمِذيِّ»: «الزيادة: النظر إلى وجه الله»؛ يعني: في الجنَّة، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ في قوله: (وقال غيره: النظر إلى وجه الله): (هذا رواه مسلم من حديث ثابت، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، عن صهيب مرفوعًا، وقيل: الصواب: أنَّه موقوف على عبد الرَّحمن، ورواه الطبريُّ من قول أبي موسى الأشعريِّ وحذيفة بن اليماني وغيرهما، وأخرجه ابن خزيمة من قول جرير بن عبد الله البجليِّ وغيره)، انتهى.

وكذا قال شيخنا الشارح: (إنَّه في «مسلم»، ثُمَّ قال: قال أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ: رُوِيَ عن ابن أبي ليلى قولَه، وقال التِّرْمِذيُّ: إنَّما أسندها حمَّاد، ورواه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى قولَه، قلت: أسنده سفيان بن سعيد عن عطاء بن السائب عن ابن أبي ليلى عن صهيب، وشعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن صهيب مرفوعًا بزيادة: «{الحُسْنَى}: شهادة أن لا إله إلَّا الله»، رواهما ابن مردويه، وذكر له شاهدًا ... ) إلى آخر كلامه، وكونه النظر إلى وجه الله أخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وذكر التِّرْمِذيُّ عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أنَّه من قوله.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (دُعِيَ).

[ج 2 ص 298]

(1/8374)

[{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا}]

قوله: (عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ): (النَّجْوة): بفتح النون، وإسكان الجيم، وهو النَّشز؛ المكان المرتفع، والنَّشز: بفتح النون والشين المعجمة وتُسَكَّن، وبالزاي، والنشْز والنشَز: المكان المرتفع، وجمع النشْز؛ بالإسكان: نشوز، وجمع النشَز؛ بالتحريك: أنشاز ونِشاز؛ مثل: جبل، وأجبال، وجبال، وأمَّا النَّشَاز؛ بفتح النون، وتخفيف الشين؛ فهو المكان المرتفع، وهو واحد، يقال: اقعد على ذلك النَّشَاز، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8375)

[حديث: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا]

4680# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ): أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وقدَّمتُ ما (الغندر)، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، قال الدِّمْياطيُّ: (أبو بشر: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ اليشكريُّ الواسطيُّ، مات سنة أربع _أو ثلاث_ وعشرين ومئة، انتهى، وهذا معروف، ولكنَّ شرطي أن أذكر ما رأيته للدِّمْياطيِّ من الحواشي على «الصحيح».

قوله: (عَاشُورَاءَ): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر، وقدَّمتُ أيضًا الاختلاف في أيِّ يوم هو، وأنَّ الصحيح: أنَّه عاشر المحرَّم.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8376)

(((11))) [سورة هود]

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ): (أبو ميسرة) هذا: هو عمرو بن شرحبيل، أبو ميسرة الهمْدانيُّ الكوفيُّ، يروي عن عمر، وعليٍّ، وابن مسعود، وقيس بن سعد، وعائشة، وجماعة، وعنه: أبو وائل، والشعبيُّ، والقاسم بن مخيمرة، وأبو إسحاق، وطلحة بن مصرِّف، وآخرون، وكان من فضلاء التابعين، حُجَّة، قيل: مات قبل أبي جحيفة السُّوائيِّ، وأوصى أن يصليَ عليه شريحٌ القاضي، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد قدَّمتُ ترجمته في (كتاب الأنبياء).

قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ [1]): يعني: أنَّ الحبشيَّة وافقت العربية في ذلك؛ لأنَّ القرآن ليس فيه غير عربيٍّ.

قوله: ({بَادِيَ [2] الرَّأْيِ} [هود: 27]): هو بغير همز، وذلك لأنَّ البُخاريَّ فسَّره فقال: (مَا ظَهَرَ لَنَا)، وهذا تفسير للقراءة التي بغير همز، ولم يقرأ بالهمز إلَّا أبو عمرو من السبعة، والله أعلم، وقرأ السِّتَّة بترك الهمز.

قوله: ({الجُودِيِّ} [هود: 44]: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ): (الجزيرة) المشار إليها: هي الجزيرة المعروفة بابن عمر، ناحية الموصل، وقد تَقَدَّم الكلام على نسبتها لابن عمر، ومن هو ابن عمر، وعلى جبل آخر يقال له: الجوديُّ، في (كتاب الأنبياء عليهم السلام).

قوله: ({أَقْلِعِي} [هود: 44]: أَمْسِكِي): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بالحبشة).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): ({بَادِئَ}).

[ج 2 ص 298]

(1/8377)

[{ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}]

قوله: (وَقَال غَيْرُه: {وَحَاقَ} [هود: 8]: نَزَلَ ... ) إلى آخر قوله: (مِنْ يَئِسْتُ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هذا كلام أبي عبيدة في «المجاز».

(1/8378)

[حديث ابن عباس: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء ... ]

4681# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو حجَّاج بن محمَّد الأعور الحافظ، تَقَدَّم، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {أَلَا إنَّهم تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ} [هود: 5]): في هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة ما لفظه: عن ابن عبَّاس ثلاثة أوجه: {يَثْنُونَ}، و {يَثْنُونِي}، و {يَثْنَونَى}، انتهى، قال البُخاريُّ: (شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ)، وهذا التفسير وقع للقراءة المتواترة، وقال شيخنا: قراءة الجمهور بفتح الياء، وعن سعيد بن جُبَير ضمُّها، ثُمَّ ذكر بعده بقليل [1] كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، وبخطِّ شيخنا الإمام أبي جعفر الأندلسيِّ ما لفظه: لابن عبَّاس في هذه الآية قراءتان: بالتاء على تأنيث الصدور، والياء على إرادة الجمع، وهو مضارعٌ ماضيه: (اِثْنَوْنَى) على وزان (اِفْعَوْعَل)، و {صُدُورُهُم}: فاعل؛ والمعنى: تنطوي صدورهم، انتهى.

وقال بعضهم: قرأ ابن عبَّاس: (تَثنَونِي)؛ بمثنَّاة مفتوحة، ثُمَّ مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ واو ساكنة، ونون مكسورة، على وزن (تَفْعَوعِل)؛ وهو بناء مبالغة؛ أي: تلتوي [2]، وقد نسب أهل القراءات لابن عبَّاس فيها قراءاتٍ، الثانية: بفتح الياء، وسكون الثاء المثلَّثة، وفتح النون، وكسر الواو، وتشديد النون الأخيرة، وفي (يثنوني) قراءاتٌ ذكرها الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»؛ أحدها: المتواترة، ثُمَّ ذكر فيها عشر قراءات شواذٍّ، وعزا كلَّ قراءة لقارئها، وذكر تخريجها وأطال، وقد ذكرت ذلك في المسوَّدة في ورقة أجنبيَّة، فإن أردت ذلك؛ فانظره من المسوَّدة.

قوله: (أَنْ يَتَخَلَّوْا): هو بالخاء المعجمة في أصلنا، قال شيخنا: وروي بالخاء المعجمة، من (الخلوة)، وبالمهملة، حكاهما ابن التين، ثُمَّ قال عن الشيخ أبي الحسن: إنَّ الثاني أحسنُ، ولعلَّه يريد: [أنَّه يرقد] على حُلاوة قفاه [3]، فيقال: يحلى، انتهى.

قوله: (فَيُفْضُوا): هو بضمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيُّ (أفضى)، وكذا (فَيُفْضُوا) الثانية.

(1/8379)

[حديث: أن ابن عباس قرأ: {ألا إنهم تثنوني صدورهم}]

4682# قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّه الفرَّاء الحافظ، و (هِشَامٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن يوسف، قاضي صنعاء، و (ابْنُ جُرَيْج): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (أَوْ يَتَخَلَّى): هو بالخاء المعجمة، ومعناه: يقضي حاجته، وهذا ظاهرٌ، وبالمهملة من حُلاوة القفا، وقد تَقَدَّم أعلاه.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8380)

[حديث: قرأ ابن عباس {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}]

4683# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

[ج 2 ص 298]

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): أي: غير عمرو؛ يعني: ابن دينار، وهذا ظاهرٌ، وأمَّا (غيره عن ابن عبَّاس)؛ فقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هذه رواية عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس، أخرجها الطبريُّ وغيرُه من طريقه، وعن ابن عبَّاس فيها قولٌ ثالث، انتهى.

(1/8381)

[{وكان عرشه على الماء}]

(1/8382)

[حديث: قال الله عز وجل: أنفق أنفق عليك]

4684# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّم مِرارًا أيضًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَنْفِقْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، والثانية بضمِّ الهمزة.

قوله: (لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ): (تَغِيضها): هو بفتح التاء المثنَّاة فوق، ثُمَّ غين معجمة مكسورة، ثُمَّ ضاد معجمة، ومعناه: لا تنقصها، و (نفقةٌ): مرفوع منوَّن، فاعل؛ ومعناه: لا تنقصها ولا تُقِلُّ عطاءها، يقال: غاض الشيء يغيض، وغضته أنا، ومنه قوله تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ} [الرعد: 8]؛ أي: تنقص من مدَّة الحمل، وقيل: ما تُسقِط قبل تمام مدَّته، والله أعلم.

قوله: (سَحًّا [1] اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ): (السَّحُّ): بفتح السين وتشديد الحاء المهملتين، وهو منصوب على المصدر، و (الليلَ والنهارَ): منصوبان، ظرفان، قال ابن قُرقُول: («سحًّا» كذا عند جميع شيوخنا منوَّنٌ على المصدر؛ أي: تسحُّ سحًّا، إلَّا عند القاضي الصدفيِّ في «مسلم» وابن عيسى فعنده: «سحَّاءُ»، على النعت؛ أي: دائمة العطاء، والسَّحُّ: الصبُّ، ولا يقال إلَّا في المؤنَّث لم يأت له مذكَّر؛ مثل: هطلاء، ولم يأت له «أهطلُ»، وبعده: «لا يغيضها شيء الليلَ والنهارَ»؛ منصوبان على الظرف: لا ينقصها، وقد فسَّرناه في الحديث الآخر عند مسلم: «لا يغيضها، سحَّاءُ، الليلَ والنهارَ»، والخلاف فيه كما تَقَدَّم، لكن عند الطبريِّ ههنا: «سحَّاءُ الليلِ والنهارِ»؛ برفعه على الفاعل على «يغيض»، وكسر «الليل والنَّهار»؛ للإضافة، يقال: سحَّت السماء والشاة تسِحُّ سحًّا، وتسُحُّ؛ بالضمِّ والكسر)، انتهى.

قوله: (لَمْ يَغِضْ): هو بفتح المثنَّاة تحت، وكسر الغين، وبالضاد، المعجمتين؛ أي: لم ينقص.

(1/8383)

[شرح غريب الآيات [54 - 82]]

قوله: (فِي ملْكِهِ وَسُلْطَانِهِ): (ملكه): بضمِّ الميم وكسرها، كذا في أصلنا.

قوله: ({سِجِّيلٍ} [هود: 82]: الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ): (الكبير): في أصلنا بالموحَّدة، قال شيخنا: (وأُنكِر على البُخاريِّ تفسير «السِّجِّيل» بالشديد، ولو كان كذلك؛ لكان حجارة سجِّيلًا؛ لأنَّه لا يقال: حجارة من شديد؛ لأنَّ «شديدًا» نعت)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ): هو من بني ... [1].

قوله: (وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ): (رَجْلة): بفتح الراء، وإسكان الجيم، وفي آخره تاء، وهو مجرور؛ لأنَّ الواو بمعنى: رُبَّ، قال ابن قُرقُول: («ورَجْلة»: بفتح الراء للمستملي، وهو الصواب، وبكسر الراء لأكثر الرواة، وهما جمع «راجل»، وعند القابسيِّ: «ورحلة»؛ بالحاء المهملة، وليس بشيء، فأمَّا «رَجلة»؛ فجمع «راجل»، وبكسر الراء أكثر في العدد، ويقال أيضًا: رِجِلة؛ بكسر الجيم، ورِجْل، ورَجْل، ورُجْل، ورَجَّالة، ورجال؛ كلُّه جمع الماشي، وأراجل، ومرجل)، انتهى.

وأمَّا (يضربون)؛ فكذا أحفظه، وفي أصلنا: (يضْربُنَّ)، وهذا ينبغي أن يكون بضمِّ الموحَّدة، وبنون التوكيد الثقيلة، وذلك لأجل الوزن، والله أعلم، وهذا الذي ذكرته عن أصلنا إنَّما هو قبل هذا، وكتب عليه: زائد، وأمَّا هنا؛ فـ (يضربون) ليس غير.

قوله: (يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ): هو بفتح الموحَّدة، جمع (بيضة)؛ وهي الخوذة، قال ابن قُرقُول: (كذا للكافَّة)، قال: (وفي رواية أبي الوليد عن أبي ذرٍّ: «البِيض»؛ يعني: بكسر الموحَّدة؛ يعني: السيوف، والأوَّل الصواب، إلَّا على من يرى حذف باء الإلصاق؛ كقوله:

~…تمرُّون الديارَ ولم تَعُوجوا… ...............

ومررتُ زيدًا)، انتهى.

وقد أنشد الجوهريُّ هذا البيت الذي أنشده البُخاريُّ في (سجن):

~…ورَجْلة يضربون الهام عن عُرُضٍ…ضربًا تواصت بها الأبطال سِجِّينا

فقال: وقال ابن مقبل: ولم يسمِّه إنَّما نسبه إلى أبيه، وهو هو، قال شيخنا: (ورواه ابن الأعرابيِّ: «سخينا»؛ بالخاء المعجمة؛ أي: سخنًا حارًّا؛ يعني: الضرب)، انتهى.

قوله: (ضَاحِيَةً): هو بالضاد المعجمة، وبعد الألف حاء مهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء؛ ومعناها: علانيةً، والله أعلم.

==========

[1] في (أ) بياض.

[ج 2 ص 299]

(1/8384)

[باب تتمة شرح غريب الآيات [27 - 92]]

قوله: (وَالظِّهْرِيُّ [1]: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ)، اعلم أنَّ (الظهير): المعين، ومنه قوله تعالى: {بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، وإنَّما لم يجمعه؛ لأنَّ (فَعِيلًا) و (فُعُولًا) قد يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث والجمع؛ كما قال تعالى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ} [الشعراء: 16]، قال الأصمعيُّ: بعير ظهير، بيِّن الظهار؛ إذا كانا قويًّا، وناقة ظهيرة، قال: والبعير الظِّهريُّ: العُدَّة للحاجة إن احتيج، وجمعه (ظهارِيُّ) غير مصروف؛ لأنَّ ياء النسبة ثابتةٌ في الواحد، و (الظِّهريُّ): الذي يجعله بظهر؛ أي: ينساه، ومنه قوله تعالى: {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92].

قوله: ({إِجْرَامِي} [2] [هود: 35]: مِنْ أَجْرَمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَرَمْتُ) انتهى: قال الجوهريُّ: الجُرم: الذنب، والجريمة مثله، تقول منه: جرم، وأجرم، واجترم؛ بمعنًى، وأمَّا (بعضهم)؛ فقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين من المتأخِّرين: هكذا ذكره أبو عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: ({الفُلْكَ} [هود: 37] وَالْفُلُكُ [3] وَاحِدٌ): الأوَّل في أصلنا بإسكان اللام، والثاني بضمِّها، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر: كلاهما بضمِّ الفاء، وإسكان اللام، قال ابن قُرقُول: («{الفُلْكَ} والفَلَك واحد»؛ يعني: الأوَّل بضمِّ الفاء، وإسكان اللام، والثاني: بفتح الفاء واللام، كذا لبعض الرواة عنه، وعند آخرين: «الفُلْك والفُلْك واحد»، وهو الصواب؛ يعني: أنَّهما بضمِّ الفاء، وإسكان اللام)، قال: (أي: الواحدُ والجمعُ واحدٌ، وهو مراد البُخاريِّ بقوله: «وَهْيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ»؛ أي: الفُلْك: السفينة، والفُلْك أيضًا: هي السفن؛ أي: الواحد والجمع بلفظ واحد، وقد قيل: واحده «فَلْك»، وقد تَقَدَّم آنفًا، وقد يخرَّج على هذه الرواية الأخرى)، انتهى، وقال شيخنا: (قال ابن التين: ضبط في بعض الأمَّهات بالإسكان، وفي بعضها بالفتح، وهو أبيَن)، انتهى.

[ج 2 ص 299]

(1/8385)

قوله: ({مُجْرَاهَا} [4] [هود: 41]: مَدْفَعُهَا): (مُجرى): بضمِّ الميم، قال ابن قُرقُول: («{ومُرسيها}: موقفها» كذا عندهم للمروزيِّ، وعلى الميم الرفع والنصب، وعند الجرجانيِّ: «{مُرسيها}: موقفها»، ثُمَّ قال: ويُقرَأ: {مَرساها}: من رست، و {مَجريها}: من جرت، وكلامه يدلُّ على أنَّ الميمات أوَّلًا مضموماتٌ، وأنَّه اسمُ فاعلِ ذلك بها، [و] لغير الأصيليِّ تلك الكلمات ساقطة، وإنَّما عندهم: «{مجراها}: موقفها»)، انتهى، وقد قرأ حفص، وحمزة، والكسائيُّ: {مَجريها} [5]؛ بفتح الميم، والباقون بضمِّها.

قوله: (وَيُقْرَأُ: {مَرْسَاهَا} [هود: 41] مِنْ رَسَتْ هِيَ، و {مَجْريهَا} [هود: 41] مِنْ جَرَتْ هِيَ): هو بفتح الميم، وقد تَقَدَّم من قرأ بذلك أعلاه.

قوله: (و {مُجْريهَا وَمُرْسيهَا} [هود: 41] مِنْ فُعِلَ بِهَا): هما بضمِّ الميم، قال الجوهريُّ في (جرى): وقوله عزَّ وجلَّ: {مُجريها ومُرسيها}: هما مصدران من أُجرِيَت السفينة، وأُرسِيَت، و {مَجريها} و {مَرساها}؛ بالفتح، من جرت السفينة ورست، انتهى.

وقوله: (فُعِلَ بِهَا): هو بضمِّ الفاء، وكسر العين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (ههنا)، وإسقاطها موافق لرواية أبي ذرٍّ.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مصدر).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصلَّحًا بالقلم: (الفَلَك).

[4] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: ({مَجراها})، وهي غير واضحة في (ق).

[5] في (أ): (مجراها)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(1/8386)

[{ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ... }]

قوله: (وَاحِدُ الأَشْهَادِ: شَاهِدٌ؛ مِثْلُ: صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ) قال الجوهريُّ: وشهد له بكذا شهادة؛ إذا أدَّى ما عنده من الشهادة، فهو شاهد، والجمع: شَهْد؛ مثل: صاحب وصَحْب، وسافر وسَفْر، وبعضهم يُنْكِره، وجمع (الشَّهْد): شهود وأشهاد، وكذا في كلام غيره من أهل اللغة: أنَّ «شهود» و «أشهاد» جمعُ الجمع، وفي كلام بعضهم: الأشهاد: جمع «شاهد»؛ كصاحب وأصحاب، أو «شهيد»؛ كشريف وأشراف، وهم الأنبياء، أو الملائكة، أو هما والمؤمنون وأعضاؤهم، أو الخلائق، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 300]

(1/8387)

[حديث: يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه]

4685# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ): الظاهر أنَّهما سعيد بن أبي عَروبة، وهشام الدَّستوائيُّ، و (صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ): (مُحرِز): بضمِّ الميم، اسم فاعل من أحرز الشيءَ.

قوله: (إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرفه، وكذا قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: إنَّه لم يسمَّ.

قوله: (سَمِعْتَ رَسُولَ الله [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سمعتَ): بفتح التاء للخطاب، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي النَّجْوَى): (النجوى) هنا: تقرير الله العبدَ على ذنوبه في سترٍ عن الناس، و (النجوى): اسمٌ أُقِيم مقام المصدر؛ وهو المناجاة، وأوضح من هذا في (النجوى)؛ أي: في مساررة الله عبده، والله أعلم.

قوله: (يُدْنَى الْمُؤْمِنُ): (يُدنَى): بضمِّ أوله، وفتح النون، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والمؤمنُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ): تَقَدَّم أنَّ الظاهر أنَّه الدَّستوائيُّ.

قوله: (كَنَفَهُ): هو بفتح الكاف والنون والفاء، قال ابن قُرقُول: أي: ستره ولا يفضحه، وقد يكون (كنفه) ههنا: عفوه ومغفرته، وقد صحَّفه بعض المحدِّثين فقال: (كتفه)، وهو قبيح، انتهى، وفي «النِّهاية»: («كنفه»؛ أي: يستره، وقيل: يرحمه ويلطف به، والكَنَف؛ بالتحريك: الجانب والناحية، وهذا تمثيل بجعله تحت ظلِّ رحمته يوم القيامة).

قوله: (فَيُنَادَى): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو بفتح الدال.

قوله: (وَقَالَ شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ): (شيبان) هذا: هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، أبو معاوية، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، كذا قاله ابن الأثير، وقال ابن أبي داود وغيره: المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النحويُّ، لا شيبان النحويُّ هذا، انتهى، وتعليقه هذا أخرجه في (التوحيد) فقال: (وقال آدم عن شيبان ... )؛ فذكره، وأتى به هنا؛ لأنَّ قتادة مدلِّس، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريح قتادة بالتحديث من صفوان، والله أعلم، ولزيادة: {أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]، والله أعلم، وهذه الزيادة ليست في أصلنا الدِّمَشْقيِّ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيَّ).

[ج 2 ص 300]

(1/8388)

[{وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ... }]

(1/8389)

[حديث: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته]

4686# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم الضرير، و (خازم): بالخاء المعجمة، و (بُرَيْدٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عامر، أو الحارث، القاضي، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (أَبِي مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيْم بن حَضَّار الأشعري.

==========

[ج 2 ص 300]

(1/8390)

[{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل ... }]

قوله: (وَزُلْفَى [1]: سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ): كذا في الأصل، وفيه تفسير المفرد بالجمع، والصواب: {وَزُلَفًا} [هود: 114]، والله أعلم.

قوله: (وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةُ): قال شيخنا: ظاهر هذا أنَّ المزدلفة سُمِّيَت بذلك؛ للاجتماع بها، ولعلَّه لاجتماع قريش بها دون عرفة، وقيل: سُمِّيَت بذلك؛ لقربها من عرفات.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({وزُلَفًا}).

[ج 2 ص 300]

(1/8391)

[حديث: أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة]

4687# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): (أبو عثمان) هذا: هو النهديُّ، عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّ (ملًّا) مثلث الميم، ثُمَّ لام مشدَّدة، ويقال فيه: بفتح الميم، وإسكان اللام، ثُمَّ همزة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً): قال الدِّمْياطيُّ: اسمه أبو اليَسَر، واسمه: كعب بن عمرو، شهد العقبة مع السبعين، وشهد بدرًا وهو ابن عشرين سَنةً، وأَسَرَ العبَّاسَ يومئذ، وكان رجلًا قصيرًا، تُوُفِّيَ بالمدينة سنة (55 هـ) وله عَقِب، انتهى.

فقول الدِّمْياطيِّ: (مع السبعين): تَقَدَّم أنَّ هذا قولٌ من أقوالٍ في عددهم، وأمَّا أبو اليَسَر؛ فكذا ذكره الخطيب البغداديُّ، وتابعه النوويُّ: أنَّه أبو اليَسَر، وكذا قدَّمه ابن بشكوال، وساق له شاهدًا، ثُمَّ قال: وقيل: نبهان التمَّار، وساق شاهده، وقيل: معتِّب الأنصاريُّ، وساق شاهدًا، كذا في النسخة التي نقلت منها، ولكن بعده عن إبراهيم قال: (جاء رجل إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقال له: فلان بن معتِّب)، فالظاهر أنَّه سقط (ابن) من الأوَّل، وقد ذكرت هذه الأقوال الثلاثة، وثلاثةَ أقوال أخرى في (باب: الصلاة كفَّارة) في أوائل هذا التعليق؛ فانظرها، وذكرت هناك أيضًا أقوالًا في قوله: (فقال رجل: أله خاصَّة؟).

قوله: (أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً): هذه المرأة لا أعرفها.

(1/8392)

(((12))) (سُورَةُ يُوسُفَ) ... إلى (سُورَة {سُبْحَان})

قوله: (وَقَالَ فُضَيْلٌ: عَنْ حُصَيْنٍ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة؛ وهو ابن عياض، التميميُّ الخراسانيُّ الزاهد، عن منصور، وحصين، وصفوان بن سُلَيم، وخلقٍ، وعنه: القطَّان، وابن مهديٍّ، ولوين، وخلقٌ، ثِقةٌ رفيع الذكر، مات في المحرَّم سنة (187 هـ)، جاوز ثمانين سَنةً، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ: مُجمَعٌ على ثقته وجلالته، ولا عبرة بما رواه ابن أبي خيثمة قال: سمعت قطبة بن العلاء يقول: تركت حديث فضيل بن عياض؛ لأنه روى أحاديث أزرى فيها على عثمان رضي الله عنه، قال الذهبيُّ: فمَن قطبة؟! وما قطبة حتَّى يُجرِّح وهو هالك؟!

تنبيهٌ: قال في «الميزان»: قطبة بن العلاء، قال البُخاريُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن حبَّان: كان يخطئ كثيرًا، فعُدِل به عن مسلك الاحتجاج به، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، انتهى كلامه في «الميزان»، ولم يذكر فيه أنَّه هالك.

تنبيهٌ آخر: لهم شخص آخر يقال له: الفضيل بن عياض الخولانيُّ، لاندري من ذا؟ ولهم آخر يقال له: الفضيل بن عياض الصدفيُّ بمصر، قال الذهبيُّ: فهذا ما علمت به بأسًا.

و (حُصَين): هو بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم.

قوله: ({مُتْكَأً} [يوسف: 31]: الأُتْرُجُّ): (مُتْكأً): هو بضمِّ الميم، وإسكان المثنَّاة فوق، منوَّن الآخر، وكذا قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ مُتْكًا)، وكذا قوله: (عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مُتْكًا}: كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ)، ضبْطُه واحدٌ،

[ج 2 ص 300]

وهي قراءة شاذَّة، قال الفرَّاء: حدَّثني شيخ من ثقات أهل البصرة: أنَّه الزُّمَّاوَرْدُ، قال بعضهم: هو الأترجُّ، حكاه الأخفش، والزُّمَّاوَرْد معرَّب، والعامَّة تقول: بزْمَاوَرْد، قال ابن قُرقُول: ذكر البُخاريُّ: (المتَّكأ)، وأنكر قول من قال: إنَّه الأترجُّ، وقد قُرِئ: {متْكًا}، وقد قيل: إذا ثُقِّل؛ فهو الطعام، وإذا خُفِّف؛ فهو الأترجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد، وقيل: بالتشديد هو المرافق (متَّكأ)، وهو الذي رجَّح البُخاريُّ، وقال: إنَّما (المُتَّك): طرف البظر قُيِّد بالضمِّ والفتح والكسر، وامرأةٌ مَتْكَاء: غير مخفوضة، ويقال: لا تمسك بولها، انتهى لفظه.

(1/8393)

قوله: (وَلَيْسَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الأُتْرُجُّ): قال ابن قُرقُول: يعني: أنَّه لا يعرف ذلك في تفسير (المتك)، لا أنَّه أنكر اللفظة، انتهى، وهذا أحسن ممَّا قال شيخنا: قلت: ودعوى أنَّ ذلك ليس في كلام العرب من الأعاجيب، فقد قال في «المحكم»: المتك: الأترجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد، وهو ما في «الصحاح» عن حكاية الفرَّاء، وعن الأخفش: هو الأترجُّ، قال في «الجامع»: (المتك): الأترجُّ، وأنشد عليه شعرًا، واحده: متكة، وأهل عُمَان يسمُّون السوسنَ المتكَ، وأما أبو حنيفة الدِّينوَريُّ؛ فزعم أنَّ المُتك _ بالضمِّ_ الأترجُّ، قال: وقرأ قوم هذا الحرف بالإسكان، وقالوا: هو الأترجُّ، وكذلك قال ابن عبَّاس، وذكر أنَّ الذي بالفتح هو السوسن، وبنحوه ذكره أبو عليٍّ القاليُّ، وابن فارس [في] «المجمل»، وغيرُهما، انتهى.

و (الأُتْرُجُّ): بضمِّ الهمزة، ثُمَّ مثنَّاة فوق ساكنة، ثُمَّ راء مضمومة، ثُمَّ جيم مشدَّدة، وفي نسخة: ({متْكًا}: الأترنج)، انتهى، يقال في الواحدة: أترجَّة وأترنجة، وحُكِيَ أيضًا: ترنجة لغة ثالثة، والأترجَّة أفصح، وأترنجة: ليست في «الصحاح» للجوهريِّ، ولا في «القاموس» لشيخنا مجد الدين على ما جمعه، وهي في «المطالع» لابن قُرقُول، وأمَّا قوله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: 31]؛ قيل: مجلسًا للطعام، وقيل: طعامًا، وقيل: هو كلُّ ما يُحَزُّ؛ لأنَّه في الغالب يؤكل على متَّكأٍ، وقيل: بطيخًا وموزًا، وقيل: أترجًّا وعسلًا يؤكل به، وقيل: زُمَّاوَرْد، والله أعلم ما كان.

قوله: (قَالَ فُضَيْلٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عياض رحمة الله عليه.

قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ): يعني: أنَّه وافقت الحبشيَّةُ لغةَ القرآن العربيَّة.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هو منصور بن المعتمر.

قوله: (و {الجُبِّ} [يوسف: 10]: الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ): كذا أيضًا في «صحاح الجوهريِّ»، وفي «القاموس»: (والجبُّ: البئر، أوالكثيرة الماء البعيدة القعر، أو الجيِّدة الموضع من الكلأ، أو التي لم تطوَ، أو ممَّا وُجد [لا] ممَّا حفر الناس)، انتهى.

(1/8394)

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ): بيَّض بعض حفَّاظ المِصْريِّين له، قال ابن قُرقُول: («واحدها: شُدٌّ»؛ بالضم، كذا لهم، وعند المهلَّب بالفتح، وكذلك حكى أبو عبيدة بالضمِّ، ولم ينكر الفتحَ، وحكى غيره اللغتين، قال الهرويُّ: هو جمع «شِدَّة»؛ أي: قوَّة وغاية، قال ابن عبَّاس: هو ثلاث وثلاثون سَنةً، والاستواء: أربعون، وقيل: الأشُدُّ: الحلم، وقيل: أوَّله من خمسة عشر عامًا، وقيل: ثمانية عشر)، انتهى، قال الجوهريُّ: {أَشُدَّهُ} [يوسف: 22]: قوَّته، وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين، وهو واحدٌ جاء على بناء الجمع؛ مثل: آنُك؛ وهو الأُسْرُبُّ، ولا نظير لهما، ويقال: هو جمع لا واحد له من لفظه؛ مثل: أشاكٍ، وأبابيل، وعباديد، ومذاكير، وكان سيبويه يقول: واحده (شِدَّة)، وهو حسن في المعنى؛ لأنَّه يقال: بلغ العالَم شدَّته، ولكن لا يجمع فعله على (أفعُلٍ)، وأمَّا (أنعُم)؛ فإنَّما هو جمع (نُعْمٍ)، من قولهم: (يوم بُؤْسٍ، ويوم نُعْمٍ)، وأمَّا قول من قال: واحده: شَدٌّ؛ مثل: كلب وأكلب، أو (شِدٌّ)؛ مثل: ذئب وأذؤب؛ فإنَّما هو قياس، كما يقولون في واحد الأبابيل: أَبَّوْلٌ قياسًا على عَجَّوْل، وليس هو شيء سمع عن العرب، انتهى، وقال غيره: {أَشُدَّهُ}: منتهاه في قوَّته وشبابه، وآخره أربعون سَنةً، وقيل: خمسون، وقيل: ستُّون.

قوله: (وَأَبْطَلَ الَّذِي قَالَ: الأُتْرُجُّ): قال بعض حفاظ المِصْريِّين: قال أبو عبيدة في «المجاز»: زعم قوم أنَّه التُّرنج، وهذا أبطل باطلٍ في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتَّكأ تُرُنْجٌ، انتهى.

قوله: (فَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ الْمُتْكُ، سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا الْمُتْكُ طَرَفُ الْبَظْرِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ (المَتْك) هنا مثلَّث الميم، ساكن التاء.

قوله: (وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا: مَتْكَاءُ وَابْنُ الْمَتْكَاءِ): (المَتْكاء): بفتح الميم، وإسكان التاء فوق، وفي آخره همزة ممدودة، والمتكاء من النساء: التي لم تُخفَض.

قوله: (إِلَى شِغَافِهَا؛ وَهْوَ غِلاَفُ قَلْبِهَا): (الشِّغاف): بكسر الشين المعجمة، كذا في أصلنا بالقلم، وفي «الصحاح»: بفتح الشين بالقلم، قال شيخنا: بفتح الشين، كما في كتب اللغة، وضبطه المحدِّثون بكسرها، انتهى.

(1/8395)

قوله: (وَأَمَّا {شَعَفَهَا} [يوسف: 30]؛ فَمِنَ الْمَشْعُوفِ): هذا اللفظ ثابت في بعض أصولي، وهو في أصلنا القاهريِّ، وهو بالشين المعجمة، والعين المهملة، قال ابن قُرقُول في (الشين المعجمة والعين المهملة): (وأمَّا شعفها من المشعوف): القرب، يقال [1]: فلان مشعوف بفلانة؛ أي: ترَّح [2] به حبُّها، ومنه: {قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا} [يوسف: 30]، وقال في (الشين والغين المعجمتين): {شَغَفَهَا حُبًّا} [يوسف: 30]، وشغفة القلب: أعلاه، وهو معلَّق النياط، قال أبو عبيد: المشغوف: الذي بلغ حبُّه شغاف قلبه، وبالمهملة: الذي خلص الحبُّ إلى قلبه وأحرقه، ويكون بمعنى: أفزعني وراعني، قال الهرويُّ: الشعف: الفزع حتَّى يذهب بالقلب، انتهى، و {شعفها}؛ بالعين المهملة: قراءة الحسن، كما عزاها الجوهريُّ إليه.

قوله: (الضِّغْثُ: مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ): (الضِّغْث): بكسر الضاد، وإسكان الغين، المعجمتين؛ مثل: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص: 44].

قوله: ({كَيْلَ بَعِيرٍ} [يوسف: 66]: مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ): قال مجاهد: أراد: كيل حمار، وقال بعض العرب: يقال للبعير: حمار، وهذا شاذٌّ، قال ابن خالويه: وذلك أنَّ يعقوب وإخوة يوسف كانوا بأرض كنعان، ولم يكن هناك إبل، وكذا قال مقاتل بن سليمان، وفي «زبور داود»: البعير: كلُّ ما يُحمَّل، ويقال لكلِّ ما يُحمَّل بالعبرانيَّة: بعير، قال ابن خالويه: وهذا حرف نادر ألقيته على المتنبِّي بين يدي سيف الدولة، ولم يأت بحُجَّة؛ لأنَّ المقالة لم تكن بأرض كنعان، بل بأرض مصر، وما حكاه عن «الزَّبور» لا سبيل إلى إثباته؛ لثبوت التغيير، والله أعلم، قال ابن عبد السلام في «تفسيره»: {حِمْلُ بَعِيْرٍ} [يوسف: 72]؛ لأنَّه كان يُكَال، وقيل: حمل حمار، وهي لغة، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وعبارة «المطالع»: (العرب تقول).

[2] كذا في (أ)، وعبارة «المطالع»: (برَّح).

(1/8396)

[{ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب ... }]

(1/8397)

[حديث: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ... ]

4688# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وقال عبد الله بن محمَّد)، وكذا ذكره المِزِّيُّ وخلف، قال شيخنا: والبُخاريُّ رواه عن عبد الله بن محمَّد؛ يعني: المسنديَّ، كذا هو في الأصول، وأمَّا خلف؛ فذكره بلفظ: وقال، انتهى، وقد قدَّمتُ أنَّ المِزِّيَّ ذكره كذلك، وأنَّه كذلك في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فالحاصل: أنَّه اختلف فيه؛ هل أخذه عنه مذاكرة، أو في وقت التحديث؟ وعلى قول المِزِّيِّ: هل هو تعليقٌ، أم لا؟ و (عَبْدُ الصَّمَدِ) بعده: هو ابن عبد الوارث.

==========

[ج 2 ص 301]

(1/8398)

[{لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}]

(1/8399)

[حديث: أكرمهم عند الله أتقاهم]

4689# قوله: (حَدَّثَنِي مَحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي [1] عَبْدَةُ): (محمَّد) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)؛ فانظره، وكذا (عبدة) بعده: أنَّه ابن سليمان، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر العُمريُّ.

[ج 2 ص 301]

قوله: (مَعَادِنِ الْعَرَبِ): هي أصولها وبيوتها، ومعدِن كلِّ شيء: أصلُه، وقد تَقَدَّم.

قوله: (إِذَا فَقهُوا): تَقَدَّم ضبطه في (المناقب)، وأنَّه بضمِّ القاف وكسرها؛ ومعناه: إذا صاروا فقهاء علماء.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): الضمير في (تابعه) يعود على (عبدة)، وهو ابن سليمان، و (أبو أسامة): هو حمَّاد بن أسامة، ومتابعة أبي أسامة أخرجها البُخاريُّ عن عبيد بن إسماعيل عنه به في (أحاديث [2] الأنبياء).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا).

[2] في (أ): (الأحاديث)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8400)

[{قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا}]

(1/8401)

[حديث: إن كنت بريئةً فسيبرئك الله]

4690# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (وَحَدَّثَنَا الحَجَّاجُ): هو الحجَّاج بن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، عن قرَّة وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، وعن واحد عنه، وعبدٌ، والكجِّيُّ، وكان دلَّالًا ثِقةً ورعًا، ذا سُنَّة وفضل، تَقَدَّم، و (يُونُسُ بْنُ يَزيِدَ الأَيْليُّ): بفتح الهمزة، منسوب إلى أيلة؛ قرية معروفة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّ ياءه بالفتح والكسر، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ): تَقَدَّم في (الشهادات) مَن أهل الإفك.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8402)

[حديث أم رومان: بينا أنا وعائشة أخذتها الحمى ... ]

4691# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام [على] نسبته هذه لماذا، و (أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الصاد، المهملتين، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن، وأنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ): تَقَدَّم الكلام على روايته عن أمِّ رومان في (الشهادات) مطوَّلًا، و (أُمُّ رومَانَ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ الراء وفتحها، وأنَّ اسمها دعد [1]، ويقال: زينب، وتَقَدَّم الكلام على بعض ترجمتها، ووفاتها، وما يتعلَّق بها.

قوله: (تُحُدِّثَ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الدال المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في (أ): (دعدد)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[ج 2 ص 302]

(1/8403)

[{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ... }]

قوله: ({وَرَاوَدَتْهُ الَتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ} [يوسف: 23]): هي زَلِيْخَا؛ بفتح الزاي، وكسر اللام، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة، مقصورٌ.

قوله: ({هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23]): هو بفتح التاء في أصلنا، والثانية بضمِّها في أصلنا: {هَيْتُ لَكَ}؛ بضمِّ التاء، وقد قرأ نافع وابن ذكوان: {هِيْتَ}؛ بكسر الهاء من غير همز وفتح التاء، وهشام كذلك إلَّا أنَّه يهمز، وقد روي عنه ضمُّ التاء، وابن كثير: بفتح الهاء وضمِّ التاء، والباقون: بفتحهما.

قوله: (بِالْحَوْرَانِيَّةِ): اعلم أنَّ {هَيْتَ لَكَ} قيل: هي لغة نبطيَّة، وقيل: سريانيَّة؛ أي: عليك، وقيل: حورانيَّة؛ أي: تعال، وقيل: عربيَّة؛ أي: أقبل، والجمهور على أنَّها عربيَّة، وقيل: معرَّبة.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8404)

[حديث ابن مسعود: وإنما نقرؤها كما علمناها]

4692# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (سُلَيْمَانُ) بعد (شعبة): هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة.

قوله: (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ): الظاهر أنَّه بالسند المتَقَدَّم الذي قدَّمه، وهو عن أحمد بن سعيد، عن بشر بن عمر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن عبد الله، والله أعلم، وأنَّه ليس تعليقًا.

قوله: ({هَيْتُ لَكَ} [1] [يوسف: 23]): كذا في أصلنا بضمِّ التاء، وقد تَقَدَّم من قرأ بها أعلاه.

(1/8405)

[تتمة حديث قراءات ابن مسعود]

قوله: ({بَلْ عَجِبْتُ} [الصافات: 12]): هو بضمِّ التاء في أصلنا، وقد قرأها بضمِّ التاء حمزة والكسائيُّ، والباقون: بفتحها، وهذه اللفظة ليست في هذه السورة؛ بل في (الصافَّات)، وإنَّما ذكرها هنا؛ لأنَّها قُرِئت بضمِّ التاء؛ كما قُرِئ: {هَيْتُ}؛ بضمِّها، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8406)

[حديث: اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف]

4693# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام على نسبته هذه، في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو أبو الضحى، مسلم بن صبيح، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ): (حصَّت): بفتح الحاء، وتشديد الصاد المفتوحة، المهملتين، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: استأصلته واجتاحته، يقال: حصَّ رحمه؛ إذا قطعها، وحصَّت البيضة رأسه: حلقته، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (أفيَكشف عنهم العذابَ): (يَكشف): بالفتح مبنيٌّ للفاعل، و (العذابَ): منصوبٌ، مفعولٌ.

(1/8407)

[{فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك ... }]

قوله: ({فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ} [يوسف: 50]): هذا الرسول الذي جاء يوسف من الملِك لا أعرف اسمه.

قوله: (وَحَاشَ وَحَاشَى: تَنْزِيهٌ): هو بمثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ نون ساكنة، وبعد النون زاي مكسورة، ورواه ابن السكن: (تَبْرِئَة)؛ بموحدة ساكنة بعد التاء المثنَّاة فوق المفتوحة، ثُمَّ راء.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8408)

[حديث: يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ... ]

4694# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): قال الدِّمْياطيُّ: سعيد بن عيسى بن تليد، أبو عثمان، مات سنة تسع عشرة ومئتين، انفرد به البُخاريُّ، انتهى، يعني: عن مسلم، وقد أخرج له مع البُخاريِّ النَّسائيُّ، قال أبو حاتم: ثِقةٌ لا بأس به، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ) بعده: هو عبد الرَّحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العُتَقيُّ، أبو عبد الله المصريُّ، الفقيه، صاحب مالك، روى عن مالك، وبكر بن مضر، وابن عيينة، وجماعةٍ، وعنه: سعيد بن عيسى بن تليد، وأصبغ بن الفرج، وآخرون، قال أبو زرعة: ثِقةٌ صالح، وقال النَّسائيُّ: ثِقةٌ مأمون، أحد الفقهاء، تُوُفِّيَ في صفر سنة (191 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، والظاهر أنَّه ليس له في «البُخاريِّ» غيرُ هذا الحديث، والله أعلم.

قوله: (عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ): (مضر): لا ينصرف؛ لأنَّه معدول عن (ماضر)، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزهريُّ، محمَّد بن مسلم، و (سَعِيْدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

[ج 2 ص 302]

قوله: (يَرْحَمُ اللهُ لُوطًا): تَقَدَّم الكلام عليه في (الأنبياء)، وعلى قوله: ({رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80])، وعلى (الدَّاعِيَ)، وأنَّه رسول الملِك، وعلى قوله: (وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ)؛ يعني: بالشكِّ، والجواب عنه مطوَّلًا، كلُّه في (الأنبياء).

(1/8409)

[{حتى إذا استايس الرسل}]

(1/8410)

[حديث عائشة: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها ... ]

4695# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريَّ.

قوله: (أ {كُذِبُوا} أَوْ [1] {كُذِّبُوا} [يوسف: 110]): اعلم أنَّهما قراءتان في السبع، قرأ عاصم وحمزة بالتخفيف، والباقون بالتشديد، وهو الذي ذهبت إليه عائشة، قال ابن الجوزيِّ: وهو الفصيح، نقله شيخنا عنه، قال: ويُحمَل التخفيف على أنَّ قوم الرسل ظنُّوا أنَّهم قد كُذِبوا فيما وُعِدوا به من النصر، انتهى، وهذا لفظه في (البقرة)، وأمَّا في هذا المكان؛ فقريب منه، ولفظه: ومعنى التخفيف: ظنَّ الأمم أنَّ الرسل كَذَبوهم فيما أخبروهم [2] به من نصر الله إياهم بإهلاك أعدائهم، انتهى، وما قاله هو تأويل عائشة في الآية.

4696# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (مَثَلُ الْمُشْرِكِ): (مَثَل): بفتح الميم والثاء، وكذا الذي بعده (كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ).

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُّتَجَاوِرَاتٌ} [الرعد: 4]: مُتَدَانِيَاتٌ): هذا كلام أبي عبيدة في «المجاز»، وكذا قوله: (وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهِيَ الأَمْثَالُ)، ولفظ أبي عبيدة: مجازها مجاز الأمثال، انتهى [3]

قوله: (واحدها: مَثُلة) هي بفتح الميم، وضمِّ الثاء؛ كسَمُرةٍ وسَمُراتٍ.

قوله: (تُعَقِّبُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر القاف المشدَّدة، وكذا (عَقَّبْتُ): هو بفتح العين والقاف المشدَّدة، قال شيخنا: وبخطِّ الدِّمْياطيِّ: بتشديد القاف، وقال ابن التين: بفتح القاف وتخفيفها، قال: وضبطه بعضهم بتشديدها، وفي بعض النسخ بكسرها، ولا وجه له، إلَّا أن يكون لغةً، انتهى.

قوله: (فِي أثرِهِ): تَقَدَّمت [4] اللغات فيها.

قوله: (أَجْفَأَتِ الْقِدْرُ؛ إِذَا غَلَتْ): قال الدِّمْياطيُّ: جفأَتِ القدر؛ إذا غلت: أفصح من أجفأَت، وجفأْتُ القدر؛ إذا كفأتَها وأملتَها، فصببتَ ما فيها، ولا تقل: أجفأتُها، انتهى، وهذا في «الصحاح».

(1/8411)

قوله: ({أَفَلَمْ يَيْئَسِ} [الرعد: 31]: لَمْ يَتَبَيَّنْ): كذا قال أبو عبيد: ألم يعلم ويتبيَّن؟ وردَّ الفرَّاء هذا، وقال: لم يسمع (يئست) بمعنى: علمت، ورُدَّ عليه بأنَّ مَن حفظ حُجَّةٌ على من لم يحفظ، ويدلُّ عليه قراءة ابن عبَّاس وجماعةٍ من السلف: {أفلم يتبيَّن} من (تبيَّنتُ)، كذا إذا عرفته، وقد افترى من قال: إنَّما كتبه الكاتب وهو ناعس، وكان أصله: (أفلم يتبيَّن) سوَّى هذه الحروف فتوهَّم أنها سين، وهذا لا يُصدَّق في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وييئس؛ بمعنى: يعلم: لغة النَّخَع، وقيل: يتبيَّن: بلغة جرهم.

قوله: (مِنَ الْمَلِيِّ): هو بفتح الميم، مشدَّد الياء.

قوله: (وَالْمُلاَوَةِ): هي بضمِّ الميم، وكسرها، وفتحها، قال الجوهريُّ: ويقال لمن لبس الجديد: أبليت جديدًا وتملَّيت حبيبًا؛ أي: عشت معه مَلاوة من دهرك وتمتَّعت به، وأقمت عنده مَلاوة من الدهر، ومُلاوة، ومِلاوة؛ أي: حينًا وبرهة، انتهى، وقال شيخنا: (والملاوة): بضمِّ الميم وفتحها؛ أي: قد أُطيل في عمره، انتهى.

قوله: (وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ: مَلَا [5]): هو بفتح الميم، مقصور، قال الدِّمْياطيُّ: («الملا»؛ مقصور غير مهموز: الصحراء الواسعة التي لا بيت فيها ولا جبل)، انتهى، وما قاله معروف، وأمَّا (الملوان)؛ فالليل والنهار، الواحد: مَلًا؛ بفتح الميم، مقصورٌ، منوَّن.

قوله: (وَالْحِلْيَةِ): هي بكسر الحاء المهملة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو مجرور معطوف على المضاف إليه؛ أي: وخبث الحلية.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أم).

[2] في (أ): (أخبروه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متقدمة على قوله: (مثل المشرك ... ).

[4] في (أ): (تقدَّم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[5] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ملًى).

[ج 2 ص 303]

(1/8412)

(((13))) [سورة الرعد]

(1/8413)

[{الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام}]

قوله: ({غِيضَ} [هود: 44]: نُقِصَ): هو بضمِّ النون، وكسر القاف، كذا في أصلنا، يقال: نقص الشيء نقصًا ونقصانًا، ونقصته أنا، يتعدَّى لواحد واثنين أيضًا، ولا يتعدَّى بالكلِّيَّة، وانتقص الشيء؛ أي: نقص، وانتقصته أنا، فإذا بنيت من (نقص) المتعدِّي؛ قلت: نُقِص، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 303]

(1/8414)

[حديث: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله]

4697# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): هو معن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز، أبو يحيى، أحد الأئِمَّة، عن ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وعنه: ابن المدينيِّ، وابن معين، ومحمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوُفِّيَ في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة.

==========

[ج 2 ص 303]

(1/8415)

(((14))) [سورة إبراهيم]

قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} [الرعد: 33]: دَاعٍ) هذا في (سورة الرعد)، وليس هو في هذه السورة.

قوله: (هَذَا مَثَلٌ): هو بفتح الميم والثاء، تَقَدَّم قريبًا.

قوله: ({لَكُمْ تَبَعًا} [إبراهيم: 21]: وَاحِدُهَا تَابِعٌ، مِثْلُ: غَيَبٍ وَغَائِبٍ)، انتهى، ومثل: خَدَم وخادم، وقال الجوهريُّ: والتبع: يكون واحدًا وجماعة، قال الله تعالى: {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} [إبراهيم: 21]، ويُجمَع على أتباع، انتهى؛ فانظر ما بينهما.

قوله: ({وَلاَخِلالٌ} [إبراهيم: 31]: مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلاَلًا، وَيَجُوزُ _ أَيْضًا_ جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ): وهذا الذي قال فيه: (ويجوز) جزم به بعض المفسِّرين ولم يحكِ غيرَه، فقال: (خلال): جمع خُلَّة؛ كقُلَّة وقِلَال، انتهى، وكظُلَّة وظِلَال، قال شيخنا: قال ابن التين: كذا قال، والذي قاله الجماعة: أنَّه مصدر خاللته؛ كما ذكره أوَّلًا، انتهى.

(1/8416)

[{كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ... }]

(1/8417)

[حديث: أخبروني بشجرة تشبه أو كالرجل المسلم لا يتحات ورقها]

4698# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة مرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ.

قوله: (لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا، وَلَا، وَلَا، وَلَا): أي: ولا يصيبها كذا، ولا كذا، ولا كذا، ولم يذكر الراوي تلك الأشياء المعطوفة، ثُمَّ ابتدأ فقال: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25]، قد تكلَّم القاضي عياض في «شرح مسلم» في (كتاب التوبة) على ذلك، وعلى كلام لإبراهيم بن محمَّد بن سفيان راوي «مسلم» عنه فيه، واستشكاله، والصوابُ في معناه ما ذكرته؛ فانظره.

قوله: (أَنْ تَكَلَّمَ): هو محذوف إحدى التاءين، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لأَنْ تَكُونَ): هو بفتح لام (لأن)، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 303]

(1/8418)

[{يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}]

(1/8419)

[حديث: المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله]

4699# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ): بفتح الميم، وإسكان الراء، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة.

(1/8420)

[{ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}]

قوله: ({بُورًا} [الفرقان: 18]: هَالِكِينَ): هو بضمِّ الباء الموحَّدة، فسمَّى {بُورًا}؛ أي: هالكين.

[ج 2 ص 303]

(1/8421)

[حديث ابن عباس في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}]

4700# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح.

==========

[ج 2 ص 304]

(1/8422)

(((15))) [سورة الحجر]

قوله: ({يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70]: مُسْرِعِينَ): هذا في (سورة هود)، لا في هذه السورة، وفيه تجوُّز؛ لأنَّ {يهرعون}؛ أي: يسرعون، فعَبَّر عنه باسم الفاعل مجموعًا، والإهراع: الإسراع، وقد جاء في القرآن مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعلُه، قال أبو عبيدة: يُسْتَحَثُّونَ إليه، كأنَّه يحثُّ بعضُهم بعضًا، وأُهْرِع الرجلُ؛ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، فهو مهرع؛ إذا كان يُرْعَد من غضب، أو حمَّى، أو فزع، وقد قدَّمتُ فيه كلامًا؛ فانظره.

قوله: ({لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]: مَلاَقِحَ): قال الجوهريُّ: لقِحَ الفحلُ الناقةَ، والريحُ السحابَ، ورياحٌ لواقح، ولا يقال: ملاقح، وهو من النوادر، وقد قيل: الأصل فيه: مُلقَحَة، ولكنها لا تُلقِح إلَّا وهي في نفسها لاقح؛ كأنَّ الرياح لقحت بخير، فإذا أنشأت السحاب وفيها خير؛ وصل ذلك إليه، انتهى، وفي «القاموس»: وألقحت الرياحُ الشجرَ، فهو لواقح وملاقح، انتهى، فهذا يؤيِّد ما قاله البُخاريُّ، قال ابن قُرقُول: قول البُخاريِّ في تفسير {لواقح}: (ملاقح): هو أحد الأقوال؛ بمعنى: مُلقَحة، أو ذوات لقح؛ أي: تَلقِح الشجر والنبات، وتأتي بالسحاب، وقيل: {لواقح}: حاملاتٌ للسحاب؛ كما تحمل الناقة، انتهى.

قوله: ({حَمَأٍ} [الحجر: 26]: جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهْوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ) انتهى: وكذا قال غيره: إنَّ (حمأً): جماعة حَمْأة، لكن في «صحاح الجوهريِّ» ما لفظه: (الحمأ): الطين الأسود، قال تعالى: {مِنْ حَمَأٍ مَّسْنُونٍ} [الحجر: 26]، وكذلك الحمْأة؛ بالتسكين: واحد، وفي «القاموس»: الحمأة: الطين الأسود المنتن؛ كالحمَأ؛ محرَّكة، فمقتضى كلامهما أن يكون الحَمَأُ والحَمْأَة واحدًا [1]، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 304]

(1/8423)

[{إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين}]

(1/8424)

[حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها]

4701# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (سُفْيَانُ)، و (عَمْرٌو)، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ): هو في أصلنا بضمِّ الخاء، قال ابن قُرقُول: بكسر الخاء، وضبطه الأصيليُّ بضمِّها، فيحتمل أن يكونا [1] مصدرَين؛ كالوجدان والكفران، وهو التذلُّل، وقد يكون بالضمِّ صفةً للملائكة، وحالًا منهم، وجوَّز بعضهم فيه الفتح، والخضوع: الرضا بالذلِّ، يقال: خضع هو، وخضعته، متعدٍّ ولازم، انتهى لفظه، وقال بعضهم: ورُوِيَ بكسر الخاء.

قوله: (عَلَى صَفْوَانٍ، قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ [2]): الأولى: بإسكان الفاء، والثانية: بالفتح، كذا في أصلنا، وقوله: (قال عليٌّ): هو عليُّ بن عبد الله المدينيُّ: (وقال غيرُه)؛ أي: غير سفيان؛ يعني: شَيخَه، والله أعلم، وقد ذكرت لك أنَّ الثانية بالفتح، وعليها: (صح)، وتجاهها (صفْوان)؛ مسكَّنة الفاء، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ، فإذن: اللفظتان بإسكان الفاء عند الدِّمْياطيِّ، وهذا الذي أعرفه، ولا أعرف الفتح لغة، و (الصفوان): الحجر الأملس، وقيل: هو جمع، واحده: صفوانة، قال ابن قُرقُول: ساكنة الفاء، وفي (التوحيد): (وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ يَنْفُذُهُمْ) [خ¦7481]؛ بفتح الفاء، وقد أتى أنَّ ذلك هو موضع الاختلاف، ولا يُعلَم فيه الفتح، والخلاف إنَّما هو في زيادة قوله: (ينفُذُهم)، بدليل أنَّ النسفيَّ لم يذكره في قول غيره: (صفوان) جملةً، وإنَّما قال: (وقال غيره: ينفذهم ذلك)، انتهى، وهذا يؤيِّد ما في نسخة الدِّمْياطيِّ، وهو الذي أعرفه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ [3]: يَنْفُذُهُمْ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ كما سيأتي قريبًا: وأمَّا الغير الأوَّل المبهم؛ فما عرفت من هو، انتهى، والظاهر أنَّه أراد هذا، لا الأوَّل في قوله: {كِتَابٌ مَّعْلُومٌ} [الحجر: 4]، والله أعلم.

قوله: (يَنْفُذُهُمْ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الفاء، وبالذال المعجمة، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ): (بعضَها): بالنصب، ويجوز فيه الرفع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَيُحْرِقَهُ): هو مضموم الأوَّل، وبالحاء المهملة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/8425)

قوله: (فَتُلْقَى): هو بضمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فيُصَدَّقُ [4]): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الدال المشدَّد، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الله، ابن المدينيِّ، وفي أصلنا هنا هو منسوب إلى أبيه فقط، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: (وَزَادَ: الْكَاهِنِ): تَقَدَّم الكلام على (الكاهن)، وهو هنا مجرور؛ أي: زاد بعد قوله: (على فم الساحرِ): (والكاهنِ)؛ أي: وعلى فم الكاهن.

قوله: (وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قائل هذا هو عليٌّ ابن المدينيِّ.

قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل له هو ابن المدينيِّ عليُّ بن عبد الله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ): هذا الإنسان لا أعرفه بعينه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: والإنسان المذكور هو الحميدي، وأشار عليٌّ بذلك إلى الرواية الشاذَّة التي قرأها الحسن في هذا الحرف: {إذا فُرِّغَ} [سبأ: 23]؛ بالراء، والغين المعجمة، وأمَّا (الغير) المبهم في الأوَّل؛ فما عرفت مَن هو؟

قوله: (أَنَّهُ قَرَأَ: {فُزِعَ} ... ) إلى أن قال: (قَالَ سُفْيَانُ: وَهْيَ قِرَاءَتُنَا): اعلم أنَّ ابن عامر قرأ: {فَزَّعَ} [سبأ: 23]؛ مبنيًّا للفاعل مشدَّدًا، وقرأ الباقون: مبنيًّا للمفعول، مشدَّدًا بهما، وقرأ الحسن: {فُرِغَ}؛ مبنيًّا للمفعول مخفَّفًا؛ كقولك: ذُهِب بزيدٍ، وهذه التي قرأ بها سفيان كما في أصلنا، وقرأ أيضًا الحسن وقتادة ومجاهد: {فَرَّغ}؛ مشدَّدًا مبنيًّا للفاعل، من (الفراغ)، وعن الحسن أيضًا تخفيف الراء، وعنه أيضًا وعن ابن عمر وقتادة: مشدَّد الراء مبنيًّا للمفعول، والفراغ: الفناء؛ والمعنى: حتَّى إذا أفنى اللهُ الوَجَلَ، أو انتفى بنفسه، أو نُفِيَ الوجل والخوف عن قلوبهم ... ، فلمَّا بُنِيَ للمفعول؛ قام الجارُّ مقامه، وقرأ ابن مسعود وابن عمر: {افرنقع}، من الافرنقاع؛ وهو التفرُّق، وهذه القراءة مخالفة للشواذِّ [5]، ومع ذلك هي لفظة عربيَّة ثقيلة اللفظ، نصَّ أهل البيان عليها، ومثَّلوا بها، لخَّصته من كلام الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (يكون)، والمثبت موافق لمصدره.

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (صفْوان).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (صفْوانٍ).

(1/8426)

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (فيَصْدُقُ).

[5] كذا في (أ)، وفي «الدر» (&): (للسَّواد).

[ج 2 ص 304]

(1/8427)

[{ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين}]

(1/8428)

[حديث: لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين]

4702# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه، وأنَّه ابن عيسى، إمام مشهور.

[ج 2 ص 304]

قوله: (لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ): أي: لأجل أصحاب الحجر.

(1/8429)

[{ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم}]

(1/8430)

[حديث: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد]

4703# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما (البندار)، و (غُنْدَرٌ) تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، و (أَبُو سَعِيدِ بْنُ المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (البقرة)، وغلطُ من غَلِطَ فيه، ومن جرى له مثلُ ما جرى له.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8431)

[حديث: أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم]

4704# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ) هو ابن أبي إياس، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الموحَّدة وفتحها.

قوله: (أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ [1]): هذا التفسير مُقَدَّم على كلِّ تفسير، وقيل لها: السبع المثاني؛ لأنَّها سبع آيات، وتُثنَّى في الصلاة، أو ثُنِّيَ نزولها، أو قسمان: ثناء ودعاء، وقيل: السبع الطُّوَل من (البقرة) إلى (الأنفال) مع (التوبة)؛ لتثنِّي الأحكام والعِبَر، أو لأنَّها جاوزت المئة الأولى إلى الثانية، أو (السبع): أسباع القرآن؛ تقديره: وهي القرآن العظيم، أو الواو مقحمة، وقيل: سبعًا من المعاني المثناة [2]: وهي مُرْ وانْهَ، وبشِّرْ وأنذرْ، واضربِ الأمثالَ، واعددِ النِّعَم، واذكرِ القَصَص، وقيل: سبعًا من الكرامة: الهدى، والنبوَّة، والرحمة، والشفقة، والمودَّة، والأُلفة، والسكينة، وفي هذه السورة سبعة أبواب، والسبع المثاني، فمن أُعطِيَ السبعُ؛ أَمِنَ من السبعة، {واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].

==========

[1] (الذي أوتيته): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي رواية الحديث السابق (4703).

[2] في (أ): (المياه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 305]

(1/8432)

[{الذين جعلوا القرآن عضين}]

قوله: (وَتُقْرَأُ: {لَأُقْسِمُ} [القيامة: 1]): هذا في (سورة القيامة)، وقد قرأ قنبل: {لأقسم}؛ بغير ألف بعد اللام، وكذا روى النقَّاش عن أبي ربيعة عن البَزِّيِّ، والباقون بألف، ولا خلاف في الثاني، والله أعلم، ونسبها بعضهم إلى الحسن أيضًا، وقال: والجمهور ضعَّفوها؛ لأنَّ اللام تصحبها النون في القسم.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8433)

[حديث: {الذين جعلوا القرآن عضين} قال: هم أهل الكتاب]

4705# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشير؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، حافظ بغداد، تَقَدَّمتْ ترجمته، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، واسمه: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، تَقَدَّم مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8434)

[حديث: {كما أنزلنا على المقتسمين} قال: آمنوا ببعض وكفروا ببعض]

4706# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): هو سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو ظبْيَانَ): هو بكسر الظاء المعجمة المشالة والفتح، فأهل الحديث يكسرونها، وأهل اللغة يفتحونها، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه حُصين بن جندب، مات سنة تسعين، وهو والد قابوسَ، اتَّفقا عليه، وقال فيه أحمد: منكر الحديث، انتهى، تَقَدَّم، وقول الدِّمْياطيِّ: (اتَّفقا عليه)؛ أي: على أبي ظبيان، وقد أخرج له الجماعة كلُّهم، وأمَّا ابنه قابوس؛ فأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وقوله: (قال فيه أحمد: منكر الحديث) إن أراد صاحبَ الترجمة أبا ظبيان؛ فهو فائدة، ولا أعلم فيه كلامًا لأحمد ولا لغيره، وإن أراد قابوس؛ فهو متكلَّم فيه، وفيه كلام لأحمد، وظاهر عبارة الدِّمْياطيِّ أن يكون الكلام في أبي ظبيان، وفيه نظرٌ، والله أعلم.

قوله: (الْيَهُودِ [1] وَالنَّصَارَى): (اليهودِ): بالجرِّ، بدل من {المُقْتَسِمِينَ} [الحجر: 90]، (والنصارى): معطوف عليه، ويجوز رفعه، ويكون بدلًا من الضمير في (آمنوا)، ويحتمل أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هم اليهود، و (النصارى) معطوف عليه، والله أعلم.

(1/8435)

[{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}]

قوله: (قَالَ سَالِمٌ: الْمَوْتُ): الظاهر أنَّه سالم بن عبد الله بن عمر، الفقيه المشهور، والله أعلم، وقد ذكره ابن أبي الدنيا في «اليقين» بإسناده إليه.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8436)

(((16))) [سورة النحل]

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَمِيدُ: تُكْفَأُ [1]): قال ابن التين _كما نقله شيخنا عنه_: ضبطه بعضهم بضمِّ التاء وتخفيف الفاء، وبفتح التاء وتشديد الفاء، وهو أشبه، انتهى، وهو مهموز الآخر، وهذا الضبط الثاني هو في أصلنا.

قوله: ({مُفْرَطُون} [النحل: 62]: مَنْسِيُّونَ): {مُفْرَطُونَ}: بفتح الراء، وهذا التفسير لهذه القراءة، وقد قرأ بفتح الراء مَن عدا نافعًا، وهم السِّتَّة، وقرأ نافع بكسر الراء؛ ومعنى: (منسيُّون)؛ أي: متروكون في النار، وأمَّا من قرأ بكسرها؛ فمعناه: مبالغون في الإساءة، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: أشار إلى هذا المعنى أبو عبيدة في «المجاز»، ونقله ابن جرير عن بعض أهل العربيَّة مبهمًا، وردَّه على قائله.

قوله: (هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ): وذلك أنَّ الاستعاذة قبل القراءة ما قاله هنا هو ما عليه الأكثرون، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه ودَاود ومالك: أنَّهم قالوا: إنَّها بعدها؛ أخذًا بظاهر الآية، والله أعلم، وقال بعضهم: وعليه من القرِّاء حمزةُ، انتهى.

قوله: ({شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]: نَاحِيَتِهِ): كذا في أصلنا، وكتب عليه زائد، وهو ثابت في بعض النسخ هنا، وهذه اللفظة في (سُبْحَانَ)، لا في هذه السورة.

(1/8437)

قوله: ({الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} [النحل: 66]، وَهْيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذَلِكَ [2] النَّعَمُ، الْأَنْعَامُ [3]: جَمَاعَةُ النَّعَمِ)، انتهى، فصريح كلامه أنَّ (النَّعَم) أيضًا تُؤنَّث وتُذكَّر، وهو فائدة، وسيجيء مَن ذكره، والذي في «الصحاح»: (والنَّعَم: واحد الأنعام؛ وهي المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل، قال الفرَّاء: هو ذكر لا يُؤنَّث، يقولون: هذا نَعَمٌ واردٌ، ويُجمَع على نُعمان؛ مثل: حَمَل وحُملان، والأنعام: تذكَّر وتؤنَّث، قال الله عز وجل في موضع: {مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: 66]، وفي موضع: {مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21]، وجمع الجمع: أناعيم ... ) إلى آخر كلامه، ثُمَّ إنِّي رأيت أنَّ (النَّعَم) تُؤنَّث وتُذكَّر، حكاها ابن دريد في «الجمهرة»، والمطرزيُّ في «المُغْرِب»، وهذا الإمام البُخاريُّ قد حكاها هنا، وقد تَقَدَّم أنَّ الفرَّاء قال: لا تُؤنَّث، وهؤلاء مثبتون، وهو نافٍ، فكلامهم مقدَّم على كلامه؛ لأنَّ معهم زيادةَ علمٍ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ): قال شيخنا: ابن عيينة حكاه عن صدقة عن السُّدِّيِّ، كذا أخرجه الطبريُّ وابن أبي حاتم، انتهى، و (صدقة) هذا: يحتمل أن يكون صدقة بن يسار الجزريَّ نزيل مَكَّة، يروي عن ابن عمر، وطاووس، وسعيد بن جُبَير، وجماعةٍ، والزُّهريِّ وهو من أقرانه، وعنه: ابن إسحاق، وشعبة، ومالك، والسُّفيانان، وجماعةٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، قال أبو داود: كان متوحِّشًا، يصلي جمعةً بمَكَّة وجمعةً بالمدينة، وقال ابن عيينة: قلت له: يزعُمون أنَّكم خوارج، قال: كنت منهم، غير أنَّ الله تعالى عافاني، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ في أوَّل خلافة بني العبَّاس، انتهى، له ترجمة في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والله أعلم.

وأوَّل خلفاء بني العبَّاس السَّفَّاحُ عبدُ الله بن محمَّد بن عليِّ بن عبد الله بن العبَّاس، وقد بُويع ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومئة.

(1/8438)

قوله: (هِيَ خَرْقَاءُ ... ) إلى آخره: هذه المرأة هي رَيطة بنت كعب، وذكر السُّهيليُّ: أنَّها بنت سعد بن زيد مناة، وجزم به ابن التين، وزعم غيره: أنَّها رَيطة بنت عمرو بن سعد، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: وروى ابن مردويه في «تفسيره» عن ابن عبَّاس: أنَّها نزلت في التي كانت تُصرَع، وخيَّرها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين الصبر والدعاء لها، فاختارت الصبرَ والجنَّةَ، قال: وهذه المجنونة سعيدة الأسديَّة، انتهى، وقد رأيت في كلام المحبِّ الطبريِّ: أنَّ الجعرانة لقب رَيطة بنت سعيد بن زيدٍ، وكانت من قريش، وهي المشار إليها في قوله تعالى: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل: 92]،

[ج 2 ص 305]

حُكِيَ ذلك عن السهيليِّ في «الأعلام»، انتهى، وهي خرقاء كانت تغزل الصوف وتأمر جواريَها بذلك إلى نصف النهار، ثُمَّ تنقض ما غُزِل في النصفِ الآخرِ، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: قال مقاتل: هي ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ذكره السُّهيليُّ، قلت: وذكره البلاذريُّ وغيرُه أيضًا، وزاد: أنَّ لقبها الخطيا، قالوا: وهي والدة أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ، وفي «تفسير ابن مردويه»: أنَّها المجنونة التي كانت تُصرَع، فدعا لها عَلَيهِ السَّلام بالصبر، واسمها: سُعَيرة الأسديَّة، أخرجه من طريق ابن عبَّاس بسندٍ ضعيفٍ، وسيأتي في (الطب) أنَّها أمُّ زُفَر.

(1/8439)

[{ومنكم من يرد إلى أرذل العمر}]

(1/8440)

[حديث: أعوذ بك من البخل والكسل]

4707# قوله: (عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ): هذا هو شعيب بن الحبحاب الأزديُّ، أبو صالح البصريُّ، عن أنس، وأبي العالية، وعنه: يونس بن عُبيد، والحمَّادان، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة ثلاثين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ): في (البخل) لغتان: بُخْل وبَخَل، وقد قُرِئ بهما.

قوله: (وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ): آخره، في حال الكبر، والعجز، والخرف، والأرذل من كلِّ شيء: الرديء، قال بعض المفسِّرين: {أَرْذَلِ العُمُرِ} [النحل: 70]: أوضعُه؛ يعني: الهرم، أو الخرف، وقيل: سبعين سَنةً، وقيل: تسعين، وفي الحديث: «خمسة وسبعين»، انتهى.

قوله: (وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ): تَقَدَّم الكلام على استعاذته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم منها، وما الحكمة فيه، في (الصلاة)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (فتنة المحيا والممات).

(1/8441)

(((17))) (سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) .... إلى (سُورَة مَرْيَم)

(إِسْرَائِيل): هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلَّى الله عليهم وسلَّم، قيل: معنى (إسرائيل): عبد الله، (إِسْر): هو العبد، أو الصفوة، (وإيل): هو الله عزَّ وجلَّ، عبريٌّ غير مشتقٍّ، وقيل: سُمِّيَ به؛ لأنَّه أسرى بالليل هاربًا من أخيه عيص إلى خاله، وقيل: لأنَّ إسرائيل حنَّا كان يُطفِئ سراج بيت المقدس، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام في (سورة البقرة) على قول من قال: إنَّ (إيل): الله، وردَّه؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 306]

(1/8442)

[حديث ابن مسعود: إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي]

4708# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ): هو النخعيُّ، أبو بكر الكوفيُّ، روى عن عمِّه علقمة وابن مسعود، وعنه: منصور، والأعمش، وأبو إسحاق، وعدَّةٌ، مات قبل الجماجم، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيرُه، وقد تَقَدَّم، ولكن تقادم العهد به.

قوله: (قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ: إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): كذا قال ابن مسعود، ورواه البُخاريُّ في (فضائل القرآن)، فقال في (بني إسرائيل)، و (الكهف)، و (مريم)، و (طه)، و (الأنبياء): (إنَّهن من العتاق الأُوَل).

قوله: (مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): قال ابن قُرقُولَ: أي: من أوَّل ما أُنزِل، والعتيق: القديم، وقيل: من قديم ما تعلَّمت من القرآن، والأوَّل أشبه؛ لقوله: (وهُنَّ من تلادي)؛ أي: ممَّا تعلَّمتُ أوَّلًا، ولا وجه لتكراره هنا، وقد يَكُنَّ بمعنى: الشريفات الفاضلات، والعرب تقول لكلِّ متناهٍ في الجود: عتيق.

قوله: (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي): (التِّلاد): بكسر المثنَّاة فوق، وتخفيف اللام، وبعد الألف دال مهملة، ثُمَّ ياء الإضافة، وقد تَقَدَّم تفسيره أعلاه.

==========

[ج 2 ص 306]

(1/8443)

[غريب الآيات 4 - 111]

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ): قال بعض الحُفَّاظ من المِصْريِّين المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز».

قوله: (نَغَضَتْ سِنُّكَ؛ أَيْ: تَحَرَّكَتْ): (نَغَضت): بفتح النون والغين والضاد المعجمتين، ثُمَّ تاء التأنيث، (وسنُّك): مرفوع فاعل، يقال: نغض رأسه، ينغُض، وينغِض؛ بالضمِّ والكسر في المستقبل، نغْضًا ونُغُوضًا؛ أي: تحرَّك، وأنغض رأسه؛ أي: حرَّكه كالمتعجِّب من الشيء، ومنه الآية: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} [الإسراء: 51]، ويقال أيضًا: نغض فلان رأسه؛ أي: حرَّكه، يتعدَّى ولا يتعدَّى، حكاه الأخفش.

قوله: (وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ ... )؛ فذكر منها ثلاثة: قال الأزهريُّ: وقضى في اللغة على وجوهٍ مرجعُها إلى انقطاع الشيء وتمامهِ، وكلُّ ما أُحكِم عملُه، أو أُتِمَّ، أو خُتِم، أو أُدِّيَ، أو وجب، أو أُعلِم، أو أُنفِذ ومضى؛ فقد قضى، وقد جاءت هذه الوجوه كلُّها في الحديث، انتهى، وقد رأيت أن أذكر ما حضرني من معاني (قضى)؛ فمنها: قضى؛ بمعنى: ختم، ومنه: {قَضَى أَجَلًا} [الأنعام: 2]؛ أي: أتمَّه وختمه، وتأتي بمعنى: الأمر؛ كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]؛ أي: أمر، وتأتي بمعنى: الإعلام؛ {قَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر: 66]، وبمعنى: فصل في الحكم، ومنه: {لَقُضِيَ إِلَيْهِم} [يونس: 11]، و {لَقُضِيَ بَيْنَهُم} [يونس: 19]، ويأتي بمعنى: الفراغ؛ {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71]؛ وبمعنى: أَنفِذْ وأمضِ؛ كقوله: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72]؛ وبمعنى: الانفصال والخروج عن الشيء، ومنه: قضى دَينَه، والله أعلم.

قوله: ({حَصِيراً} [الإسراء: 8]: مَحْبِسًا مَحْصِرًا [1]): (مَحبِسًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا، ولم يتعرَّض شيخنا إلَّا للموحَّدة، فقال: إنَّها مكسورة، انتهى، وضبطها غير شيخنا: بفتح الميم وكسر الموحَّدة، وكذا في نسختي من «صحاح الجوهريِّ» بالقلم، وهي صحيحة جدًّا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر في نسخته مفتوح الباء بالقلم، وهو القياس؛ لأنَّه مكان الحبس، والمكان بالفتح، ويأتي بالكسر في بعض الألفاظ أيضًا؛ كـ (مطلِع) وغيرِه، قال شيخنا بعد تقييدها كما ذكرته عنه: والأحسن سكونها؛ مثل: كذا وكذا، فذكرته شيئًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، انتهى.

(1/8444)

و (مَحْصِرًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء وكسر الصاد المهملتين، ثُمَّ راء، كذا في أصلنا بالقلم، وهو الظاهر، وقال شيخنا: و (محصِرًا) بفتح الصاد؛ لأنَّه من حصر يحصر، انتهى.

قوله: (يُرْمَى بِهِ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مبنيٌّ لما لمْ [يُسَمَّ] فاعلُه.

قوله: (وَجَمْعُهُ [2]: تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ): قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ: «تارة: جمع تِيَرَة وتارات»، وكذا للمهلَّب وغيره، وفي أصل الأصيليِّ: تِيَرٌ وتاراتٌ، وهو الصواب)، انتهى، وقوله: (تِيَر): هو بكسر المثنَّاة فوق، وفتح المثنَّاة تحت، وهو مقصور، من (تِيَار)، كما قالوا: قاماتٌ وقِيَمٌ، وإنَّما غُيِّرَ؛ لأجل حرف العلَّة، ولولا ذلك؛ لما غُيِّر، ألا ترى أنَّهم قالوا في جمع رَحْبَة: رِحاب، ولم يقولوا: رِحَبٌ، قال الشاعر:

تَقُومُ تاراتٍ وتَمشِي تِيَرا

وربَّما قالوا بحذف الهاء، قال الشاعر:

فالويلُ تارًا والثُّبُورُ تَارَا

والله أعلم.

قوله: (لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا): (يُحالِف): بالحاء المهملة، والحِلف والمحالفة: المؤازرة [3] والمناصرة، وهذا معروفٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (محصَرًا).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وجماعته).

[3] في (أ): (والمؤازرة)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 306]

(1/8445)

[باب قوله: {أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام}]

(1/8446)

[حديث: أتي رسول الله ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن]

4709# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ.

قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ [1]: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): (محمَّد): هو البُخاريُّ صاحب «الصحيح»، وهذا ظاهرٌ، ولايحتاج إلى كتابته.

قوله: (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّه المصريُّ، أبو جعفر، المعروف بابن الطبريِّ، من كبار الحُفَّاظ، تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، ومرَّة مترجمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ): قال الدِّمْياطيُّ: عنبسة بن خالد بن يزيد، ابن أخي يونس بن يزيد، مات سنة ثمان وتسعين ومئة، انتهى، وقد تَقَدَّم مترجمًا، وأنَّ البُخاريَّ قرنه كهذا، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان».

[ج 2 ص 306]

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ الإمام، أحد الأعلام، و (ابْنُ الْمُسَيّبِ): هو سعيد، وتَقَدَّم أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

قوله: (بِإِيلِيَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وأنَّها يقال: إنَّها بالسُّريانيَّة بيت الله، وتَقَدَّم أنَّ (الفِطْرَةَ): الاستقامة، و (غَوَتْ أُمَّتُكَ): تَقَدَّم أنَّ معناه: انهمكت [2] في الشرِّ.

==========

[1] (قال محمد): ليس في «اليونينيَّة»، وفيها بدلًا منها: (ح).

[2] في (أ): (انهمتْك)، والمثبت ممَّا تقدَّم.

(1/8447)

[حديث: لما كذبني قريش قمت في الحجر فجلى الله]

4710# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم في ظاهرها أنَّه أحد الحُفَّاظ، ابن الطبريِّ، وتَقَدَّم قبله مترجمًا، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم قريبًا، وكذا (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، اسمه: عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (قُمْتُ فِي الْحِجْرِ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وأنَّه كنصف دائرة من جانب الكعبة الشماليِّ، وتَقَدَّم الكلام عليه؛ هل كلُّه من البيت أو بعضه؟ وقد ذكرت ذلك البعض في (الحجِّ)؛ فانظره إن أردته.

قوله: (فَجَلَّى اللهُ لِي): تَقَدَّم ضبطه في (الإسراء)، وأنَّه مخفَّف، وهنا هو في أصلنا مشدَّدٌ، وبهما ضبطه النوويُّ في «شرح مسلم»، والتشديد لغة القرآن: {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَ هُوَ} [الأعراف: 187]، و (طَفقَتُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الفاء وفتحها؛ ومعناه: جعلتُ، و (آيَاتِهِ): علاماته.

قوله: (زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): (يعقوب) هذا: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، أبو يوسف الزُّهريُّ، حدَّث ببغداد، تَقَدَّم مترجمًا، وهذا تعليق، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، وتُوُفِّيَ هذا سنة (182 هـ) على المعروف فيها، أخرج له الجماعة، وليس يعقوب بن إبراهيم الدورقيَّ، هذا الثاني هو شيخه وشيخ بقيَّة السِّتَّة، ولو كان الدورقيَّ؛ لكان كـ (حدَّثنا)، كما تَقَدَّم في نظرائه، و (ابن أخي ابن شهاب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي الزُّهريِّ، و (عَمُّهُ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهابٍ.

قوله: (حِينَ أُسْرِيَ بِي): (أُسرِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8448)

[{ولقد كرمنا بني آدم}]

قوله: (وَهْيَ مِنْ شَكْلِهِ): هو بفتح الشين المعجمة، وإسكان الكاف، و (الشكل): المثل، يقال: هذا أشكل بكذا؛ أي: أشبه، وأمَّا بالكسر؛ فهو الدَّلُّ، تقول: امرأة ذات شِكْلٍ؛ بالكسر، وشَاكِلَتُه: عادته أو جديلته التي طُبع عليها من شقاءٍ أو سعادة، أو ناحيته، أو بيته، وحقيقته: ما يقرب منه ويألفه، تقول: لست على شكلي وشاكلتي، والله أعلم.

قوله: (وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا): هو بفتح أوَّله، وهذا ظاهرٌ، وقال شيخنا: ضبطه بعضهم بضمِّ التاء، كما نقله ابن التين، وليس ببيِّن، انتهى.

قوله: (أَنْفَقَ الرَّجُلُ: أَمْلَقَ): معناه: افتقر، (وأنفق)؛ بمعنى: افتقر وذهب ماله، معروفٌ، ومنه الآية هذه.

قوله: (وَنَفَقَ [1] الشَّيْءُ: ذَهَبَ): هو بفتح الفاء، كذا في أصلنا، وقال شيخنا: إنَّه بكسر الفاء، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (نفَق الشيء: ذهب)؛ بفتح الفاء، وهي اللغة الفصيحة، ويقال: بالكسر، وليست بالعالية، انتهى، وفي «الصحاح»: نفَقَتِ الدابَّة تنفُق نُفوقًا؛ أي: ماتت، ونفق البيع نَفاقًا؛ بالفتح؛ أي: راجَ ... إلى أن قال: ونفِق الزاد _يعني: بالكسر_ ينفَقُ نَفَقًا؛ أي: نَفِدَ، ولم يذكر غيره، وقال ابن القطَّاع: ونفِق المال: فَنِيَ، ونفَق أيضًا؛ بالفتح: لغة، انتهى، فهذا مخالف لما في الحاشية، والله أعلم.

قوله: ({قَتُورًا} [الإسراء: 100]: مُقْتِرًا [2]): هو بضمِّ الميم، وإسكان القاف، وكسر المثنَّاة فوق، اسم فاعل، يقال: قَتَر على عياله _بالتخفيف_ يقتُر ويقتِر قتْرًا وقتورًا؛ إذا ضيَّق عليهم في النفقة، وكذلك التقتير والإقتار؛ ثلاث لغاتٍ.

قوله: (مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ): (اللحي): بفتح اللام وكسرها، و (اللحي): منبت اللحية من الإنسان وغيره، والنسبة إليه: لحويٌّ.

قوله: ({خَبَتْ} [الإسراء: 97]: طَفِئَتْ): هو بفتح الطاء، وكسر الفاء، ثُمَّ همزة مفتوحة، وهذا معروفٌ.

(1/8449)

[حديث ابن مسعود: كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية]

4711# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أبو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الإمام المشهور.

قوله: (أَمِرَ بَنُو فُلاَنٍ): (أَمِر)؛ بفتح الهمزة، وكسر الميم، وكذا قوله بعده: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَقَالَ: أَمِرَ)، كذا في أصلنا في الموضعين، وفيه نظرٌ، فإنَّه لا بدَّ وأن يخالف الأوَّلُ الآخرَ حتَّى يحسن ذكره، وكان كذلك، ثُمَّ غُيِّر في أصلنا، فأُصلِح الثاني بالفتح في الميم، وقال شيخنا: (قال ابن التين: كسر الميم أنكره أهل اللغة؛ لأنَّ «أَمِر» لا يتعدَّى)، انتهى، وحكى بعضهم عن أبي حاتم: أنَّه حكى عن أبي زيد أنَّه يقال: (أَمِر اللهُ مالَه)، و (أَمَره): بفتح الميم وكسرها؛ إذا كثَّره، انتهى.

وقال شيخنا أيضًا: (ما ذكره عن الحميديِّ عن سفيان: «أَمَر»؛ بفتح الميم لا وجه له؛ لأنَّه لا يقال: أمَر بنو فلان؛ إذا كثروا ... ) إلى آخره، وهذا _فيما يظهر_ الصواب في الرواية، وإن كان من حيث المعنى سفيان مؤاخذٌ فيه، والله أعلم، وقد ذكرت لك عن بعضهم أعلاه أنَّه حكى ذلك عن أبي زيدٍ، ورأيت في نسخة مقروءة ومقابلة: بضمِّ الهمزة، وكسر الميم، فتحرَّر، والله أعلم، والذي رأيته أنا: أمِر الشيء؛ بالكسر في الميم، أمَرًا؛ بفتحها في المصدر: كثُر، وكذا أَمُر؛ بفتح الهمزة وضمِّ الميم، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم لماذا نُسِب، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة، و (قَالَ: أَمِرَ): تَقَدَّم أعلاه.

(1/8450)

[{ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا}]

(1/8451)

[حديث: أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك؟]

4712# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، وأنَّ اسمه يحيى بن سعيد بن حيَّان، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّم أنَّه اختُلِف في اسمه، فقيل: هرم، وقيل: غيره، ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ.

قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً): هما بالإهمال والإعجام، قال ابن قُرقُول: وبالمهملة للأصيليِّ، ومعناهما واحد، وقيل بالمهملة: الأخذ بأطراف

[ج 2 ص 307]

الأسنان، وبالمعجمة: بالأضراس، وقال الخَطَّابيُّ بالعكس، وقال ثعلب: النَّهس: سرعة الأكل، انتهى.

قوله: (يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الميم، رُباعيٌّ، والضمير مفعول، (والداعي): مرفوعٌ فاعل.

قوله: (وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ): قال ابن قُرقُول: («يُنفذهم»: بضمِّ الياء، ورواه بعضهم بالفتح؛ أي: يخرقهم ويتجاوزهم، ورواه الكافَّة بفتحها؛ أي: يحيط بهم الرائي لا يخفى منهم شيء؛ لاستواء الأرض؛ أي: ليس فيها شيء يستتر أحدٌ عن الرائي، وهذا الأوَّل من قول أبي عبيد، يأتي عليهم بصرُ الرَّحمن؛ إذ رؤية الله لجميعهم محيطةٌ في كلِّ حال، في المستوي وفي غيره، يقال: نفَذَه؛ إذا بلغه وجاوزه)، انتهى، وهو بالذال المعجمة، وقال ابن الأثير في «نهايته»: قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، وإنَّما هو بالمهملة؛ ومعناه: أنَّه يبلغ أوَّلَهم وآخرَهم حتَّى يراهم كلَّهم ويستوعبهم، من نفِذَ الشيء، وأنفذته، انتهى.

قوله: (فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ): (الناسَ): منصوبٌ مفعول.

(1/8452)

قوله: (فَيَأْتُونَ آدَمَ): وكذا قوله: (فَيَأْتُونَ نُوحًا)، وكذا المواضع الباقية، إن قيل: من هؤلاء الذين يأتون هؤلاء الأنبياء، ويسألونهم الشفاعة؟ فالجواب: أنَّ الغزاليَّ الإمام أبا حامد ذكر في كتاب «كشف علم الآخرة»: أنَّهم العلماء العاملون، كذا نقله القُرْطبيُّ عنه، ولفظه: (والعلماء العالمون على كراسيَّ من نور ... ) إلى أن قال: (وهذه الطائفة العالية أصحاب الكراسيِّ هم الذين يطلبون الشفاعة من آدم ونوح حتى ينتهوا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، قال القُرْطبيُّ بعد هذا: وذكر أبو بكر بن برَّجان في «الإرشاد» له: ويُلْهَم رؤوس المحشر بطلب من يشفع لهم ويريحهم ممَّا هم فيه، وهم رؤساء أتباع الرسل، فيكون ذاك، انتهى.

تنبيهٌ وهو تتمَّةٌ لما قبله: قال أبو حامد الغزاليُّ في «الكشف»: إنَّ بين إتيانهم من آدم إلى نوح ألفَ عام، وكذلك بين كلِّ نبيٍّ ونبيٍّ إلى محمَّد صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

قوله: (إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا): هو بفتح الغين المعجمة، هذا هو الصحيح المعروف، قال النَّوويُّ: وضبطه بعض الأئِمَّة المتأخِّرين بالفتح والإسكان، وهذا له وجهٌ، ولكنَّ المختارَ ما قدَّمناه؛ يعني: الفتح، ويدلُّ له: «ألا ترون إلى ما قد بلغكم»، ولو كان بإسكان الغين؛ لقال: بلغتم، انتهى.

قوله: (أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّم الكلام عليه مع إثبات إدريس في النسب الشريف؛ فانظره في أوائل هذا.

قوله: (وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ): تَقَدَّم الكلام على هذه، وأنَّها ليست بكذب، وكيف أطلق عليها إبراهيم _وكذا النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم_ كذبات، في (كتاب الأنبياء صلى الله عليهم وسلم) في (إبراهيم عَلَيهِ السَّلام).

قوله: (فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الْحَدِيثِ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ (حَيَّان) بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، وتَقَدَّم اسمه، ومن قبل ذلك تَقَدَّمتْ ترجمتُه، وتَقَدَّم في (كتاب الأنبياء) الثلاث.

(1/8453)

قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا): كذا في الصحيح: (ولم يذكر ذنبًا)، والذاكر هو أبو حيَّان، وحاشاهم من الذنوب، والذي نعتقده: أنَّهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوَّة وبعدها، والكلام في المسألة مشهورٌ معروفٌ، وقد ذكرته في (الأنبياء) في قول آدم: (فعصيته)؛ فانظره وفي «النَّسائيِّ» وهو في «مسند أحمد» من حديث ابن عبَّاس ولفظه: «إنِّي اتُّخِذتُ إلهًا من دون الله»، وفي «التِّرْمِذيِّ» في سورة (سبحان) من حديث أبي سعيد مرفوعًا ولفظه: «إنِّي عُبِدتُ من دون الله ... »؛ الحديث.

قوله: (فَأَنْطَلِقُ): هو بفتح الهمزة، وكسر اللام، مرفوعٌ، فعلٌ مضارعٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ): (آتي): بمدِّ الهمزة، وكسر التاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي): تَقَدَّم أنَّ هذه السجدة والتي بعدَها كلُّ واحدة منهما مقدار جمعة، كذا في «المسند» لأحمد، وكذا في «مسند أبي يعلى»، وتَقَدَّم أنَّ في بعض الأجزاء أنَّ هذه الجمعة مقدار سبعين سَنةً، كلُّ يوم بعشر سنين.

قوله: (أَدْخِلْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الخاء، مجزومٌ، فعلُ أمرٍ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ): (حِمْيَر): بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، وفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، قال الدِّمْياطيُّ: يريد: صنعاء؛ لأنَّها بلدة حِمْيَر، انتهى، وأمَّا ابن قُرقُول؛ فقال: (كذا عند البُخاريِّ في «سورة سبحان»، وصوابه: «وهَجَر»، وكذا في «مسلم»، وللنسائيِّ، وابن أبي شيبة)، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ أحسن من التغليط، والله أعلم.

(1/8454)

[{وآتينا داود زبورًا}]

(1/8455)

[حديث: خفف على داود القراءة فكان يأمر بدابته لتسرج]

4713# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّامٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن مُنَبِّه بن كامل، اليمانيُّ الأبناويُّ.

==========

[ج 2 ص 308]

(1/8456)

[{قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ... }]

(1/8457)

[حديث: كان ناس من الإنس يعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن]

4714# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفص الفلَّاس، أحد الأعلام، و (يَحيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، و (إِبْراهِيمُ) بعده: هو إبراهيم بن يزيد النَّخَعيُّ، و (أَبُو مَعْمَرٍ): بفتح الميمين، وإسكان العين، وتَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن سخبرة الأزديُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ): وكذا بعده (كَانَ نَاسٌ مِنَ الجِنِّ)، ذكر ابن التين المكان الأوَّل، وقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّ الجنَّ لا يُسمَّون ناسًا، انتهى، نقله شيخنا عنه، ولم يتعقَّبْه في ذلك، وفيه نظرٌ، قال الجوهريُّ: والناس: قد يكون من الإنس ومن الجن، انتهى.

قوله: (زَادَ الأَشْجَعِيُّ): هو عبيد الله بن عبيد الرَّحمن؛ مصغَّرٌ فيهما، وقيل: ابن عبد الرَّحمن؛ مُكبَّرًا، الأشجعيُّ، أبو عبد الرَّحمن الكوفيُّ، نزيل بغداد، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ثِقةٌ مأمون، تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثمانين ومئة، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فهو تعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ المذكور في السند، و (الأَعْمَشُ): سليمان، تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 308]

(1/8458)

[{أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} الآية]

(1/8459)

[حديث في تفسير {الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة}]

4715# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر الحافظ، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش ابن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم أعلاه، و (أَبُو مَعْمَرٍ): عبد الله بن سخبرة، وقد تَقَدَّم ضبطه أعلاه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

[ج 2 ص 308]

قوله: (كَانُوا يُعْبَدُونَ): هو بضمِّ [الياء]، وفتح الباء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8460)

[{وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنةً للناس}]

(1/8461)

[حديث في قوله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك}]

4716# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: (هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ ... ) إلى آخره: في هذا أنَّ مصدر (رأى) البصريَّة يأتي على (رؤيا)، وقد أنكره الحريريُّ وغيره، وقالوا: إنَّما يقال: رؤيةٌ، وفي الحُلُميَّة: رؤيا، وخطَّؤوا المتنبِّيَ في قوله:

ورؤياكِ أحلى في العُيونِ مِنَ الغمْضِ

وهذا التفسير يردُّ عليهم، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 309]

(1/8462)

[{إن قرآن الفجر كان مشهودًا}]

(1/8463)

[حديث: فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون ... ]

4717# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): بإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، و (ابْنُ المُسَيّبِ): سعيدٌ، بفتح الياء وكسرها.

==========

[ج 2 ص 309]

(1/8464)

[{عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا}]

(1/8465)

[حديث: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها]

4718# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ) تَقَدَّم أنَّ (أبانًا): الصحيح صرفه مطوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، الورَّاق، عن مسعر، وعدَّةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وخلقٌ، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (216 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، وثَّقه أحمد وجماعةٌ، وقال البُخاريُّ: صدوق، له ترجمة في «الميزان»، قال بعضهم: كان يتشيَّع، وروى الحاكم عن الدارقطنيِّ أنَّه قال: ليس عندي بالقويِّ.

تنبيهٌ: وهذا غير إسماعيل بن أبان الغنويِّ الكوفيِّ الخيِّاط، هذا الثاني كذَّبه يحيى بن معين، قال أحمد: روى أحاديث موضوعةً، وقال البُخاريُّ: ترك أحمد والناس حديثَه، لهذا أيضًا ترجمة في «الميزان»، روى عنه أحمد عن هشام بن عروة.

و (أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، وسكون الحاء، ثُمَّ واو مفتوحة ثُمَّ صاد مهملتين، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه سلَّام بن سُليم، الحنفيُّ مولاهم، الكوفيُّ، مات هو ومالك بن أنس وحمَّاد بن زيد وخالد بن عبد الله الطَّحَّان في سنة سبع وسبعين ومئة، انتهى، و (سلَّام): بتشديد اللام، و (سُلَيم): بضمِّ السين وفتح اللام، تَقَدَّم.

قوله: (جُثَاء [1]): هو في أصلنا بضمِّ الجيم، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، وفي آخره همزة ممدودة، وفي الهامش نسخة، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ: (جُثًا)؛ بضمِّ الجيم منوَّنٌ مقصورٌ، قال ابن الأثير: (الجُثا: جمع جُثوة؛ بالضمِّ: وهي الشيء المجموع، ومنه: حديث ابن عمر ... فذكره؛ أي: جماعة، وتروى هذه اللفظة: «جُثِيٌّ»؛ بتشديد الياء: جمع جاثٍ؛ وهو الذي يجلس على ركبتيه)، انتهى.

وفي «المطالع»: («جُثًا، كلُّ أمَّة تتبع نبيَّها»، قوله: «جثوة من تراب»: هو التراب المجموع المرتفع، ويقال: جُثوة وجِثوة، أصله: كلُّ شيء مرتفعٌ، وصريح كلامه: أنَّ «جثًا»: جمع جثوة)، انتهى، وفي (الجثوة) ثلاث لغاتٍ: فتح الجيم، وضمُّها، وكسرها، وقد تَقَدَّم، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ عن ابن الخشَّاب: («جُثًّا»؛ بالتشديد والضمِّ: جمع جاثٍ؛ كغازٍ وغُزًّا، وجُثَا؛ مخفَّفة: جمع جثوة، ولا معنى له ههنا، وقال ابن التين: جُثًا؛ بضمِّ الجيم: جمع جُثوةٍ؛ كخُطًا وخُطوة)، انتهى.

(1/8466)

قوله: (الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ): بَوَّبَ عليه: ({عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]): وقد فسَّره بأنَّها الشفاعة العظمى، وفي (المقام المحمود) مقالات ذكرها القُرْطبيُّ في «تذكرته»، وذكرها غيره، وهي خمسة أقوال؛ الأول: الشفاعة العامَّة للناس، الثاني: إعطاؤه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لواء الحمد، انتهى، ولواء الحمد تَقَدَّم كيفيَّته، ثُمَّ قال القُرْطبيُّ: ولا تنافي بين هذا القول وبين الأوَّل، فإنَّه يكون بيده لواء الحمد ويشفع، الثالث: قول مجاهدٍ، وسيأتي، ثُمَّ قال عقيبه: وهذا قولٌ مرغوبٌ عنه، فإن صحَّ؛ فيُتأوَّل على أن يجلسه مع أنبيائه وملائكته، ثُمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ، وسأذكره، والرابع: إخراجه طائفةً من النار، وذكره مستنده من حديث مسلم، والخامس: شفاعته رابع أربعة، وسيأتي، انتهى.

ثُمَّ ذكر بُعَيد هذا مستندَ هذا القول، ومستندُ هذا القول ما رواه أبو داود الطيالسيُّ، فذكر حديثًا عن أبي الزعراء عن عبد الله قال: «ثُمَّ يأذن الله عزَّ وجلَّ في الشفاعة، فيقوم روح القدس جبريل عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم إبراهيم عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم عيسى عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم موسى عَلَيهِ [السَّلام]_قال أبو الزعراء: لا أدري أيُّهما قال؟ قال_: ثُمَّ يقوم نبيُّكم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم رابعًا، فيشفع ... »؛ الحديث، قال: وهو المقام المحمود الذي قال الله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]، انتهى.

ذكر هذا الحديثَ الذهبيُّ في ترجمة عبد الله بن هانئ أبي الزعراء، وتعقَّبه: بأنَّ المعروف أنَّه عليه [السلام] أوَّلُ شافعٍ، نقله غير البُخاريِّ، وقال قبل هذا: قال البُخاريُّ: لا يتابع على حديثه، والحديث في «مستدرك الحاكم»، وقال: على شرط البُخاريِّ ومسلم، وتعقَّبه الذهبيُّ: بأنَّ أبا الزعراء لم يخرِّجا له، والله أعلم، وفيه غير ما ذكر من الأقوال، وقد ذكر شيخنا في حديث الشفاعة في أواخر «البُخاريِّ»: أنَّ (المقام المحمود): هو أن يكون أقربَ من جبريل، فهذا سادسٌ فيه.

(1/8467)

وقد ذكر القاضي عياض في «الشفا» أقوالًا؛ منها: مقالة وقال: إنَّها شاذَّةٌ، عن بعض السلف، يجب ألَّا تثبت ... إلى آخر كلامه، والظاهر أنَّ المراد بهذه المقالة: ما فسَّر به مجاهد (المقام المحمود)، قال: (المقام المحمود): بأنَّ الله تعالى يُجلِسُه معه على العرش، وقد عُدَّ هذا منكرًا، وقد ذكر مجاهدًا الذهبيُّ في «ميزانه»، وذكر له هذا التفسير، فقال ما لفظه: ومِن أنكر ما جاء عن مجاهدٍ في التفسير في قوله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]؛ فذكره، ومجاهد هذا أجمعت الأمَّةُ على إمامته والاحتجاج به، وقد قال ابن عبد البَرِّ في «تمهيده»: ومجاهد وإن كان أحدَ الأئِمَّة بتأويل القرآن؛ فإنَّ له قولين مهجورين عند أهل العلم؛ أحدهما ... فذكر ما ذكرته عنه في تأويل (المقام المحمود)، قال: والثاني: في تأويل قوله تعالى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]، قال: تنتظر الثواب، ليس من النظر، انتهى.

ومجاهد بن جبر: إمامٌ، ثبتٌ، مفسِّرٌ، أحد الأعلام، له ترجمة في «الميزان»؛ فانظرها إن أردتها، ومقالته ذكرتُ مثلَها في حديث مقاتل بن سليمان، ذكر ذلك الذهبيُّ في ترجمة مقاتل بسنده إليه عن الضَّحَّاك عن ابن عبَّاس قال: (إذا كان يوم القيامة؛ نادى منادٍ: أين حبيب الله؟ فيتخطَّى صفوفَ الملائكة حتَّى يصير إلى العرش، حتَّى يمسَّ ركبته)، فهذا الحديث كذبٌ، قال الذهبيُّ في «الميزان» عَقيب روايته: فهذا لعلَّه وضعه أحد هؤلاء: صاحب مقاتل، أو مقاتل، أو القادسيُّ، انتهى.

ومقاتلٌ معروف الترجمة، وذكر في ترجمته عن أبي حنيفة الإمام: أنَّه أفرط في الإثبات، حتَّى جعله مثلَ خلقه، وقد ذكر القُرْطبيُّ في «التذكرة» أقوالًا في (المقام المحمود) _كما تَقَدَّم_ عن فرقة منهم مجاهد: أنَّه يُجلِسُه معه على الكرسيِّ، ثُمَّ قال: وهذا قول مرغوبٌ عنه، وإن صحَّ الحديث؛ فيُتأوَّل على أن يجلسه مع أنبيائه، ثُمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ.

(1/8468)

[حديث: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة ... ]

4719# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّم أنَّه بالمثنَّاة تحت، وبالشين المعجمة.

قوله: (رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حمزة) هذا: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، روى عن أبيه، وعمَّته حفصة، وعائشة أمِّ المؤمنين، وعنه: الزُّهريُّ، وموسى بن عقبة، ثِقةٌ إمام، وثَّقه العجليُّ وغيره، وكان أحد فقهاء المدينة، أخرج له الجماعة، وهذا تعليق، وهو في أصلنا القاهريِّ وأصلنا الدِّمَشْقيِّ عقيب حديث عليِّ بن عيَّاش أبي جابر: «اللهم؛ ربَّ هذه الدعوة التامَّة ... »؛ الحديث، وأمَّا المِزِّيُّ؛ فذكره عقيب حديث آدم بن عليٍّ عن ابن عمر: «أنَّ الناس يصيرون يوم القيامة جُثًا ... »؛ الحديث، فقال: ما لفظه لمَّا ذكر (مسند حمزة عن عبد الله بن عمر): (البُخاريُّ في «التفسير» عقيب حديث آدم بن عليٍّ عن ابن عمر، ورواه حمزة بن عبد الله عن أبيه عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وهذا الحديث في أصلَينا بعد حديث ابن عمر من حديث جابر، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 309]

(1/8469)

[{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا}]

(1/8470)

[حديث: دخل النبي مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب]

4720# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق،

[ج 2 ص 309]

و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن أبي نجيح يسارٍ، مولى الأخنس بن شَرِيق الثقفيِّ، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه عبد الله بن سخبرة، قريبًا.

قوله: (نُصُبٍ): تَقَدَّم ضبطه، وما هو، وكذا (يَطْعنُ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين وفتحها.

قوله: (بِعُودٍ فِي يَدِهِ): كان في يده قوس، فأخذ بِسِيَةِ القوس، وفعل ذلك بها.

(1/8471)

[{ويسألونك عن الروح}]

(1/8472)

[حديث: بينا أنا مع النبي في حرث وهو متكئ على عسيب]

4721# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غِياثًا) بالغين المعجمة المكسورة، وبالمثنَّاة تحت، وبعد الألف ثاء مثلَّثة، وهذا مشهورٌ عند أهله، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فِي حَرْثٍ): هو في أصلنا بالحاء المهملة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، قال ابن قُرقُول: («في خِرَب المدينة»، كذا في «باب: {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا} [الإسراء: 85]» لجميعهم، وفي غير هذا الموضع: «في حرث المدينة»، وكذا رواه مسلم قبل، وهو الصواب، ومثله رواية مسلم في الحديث الآخر: «في نخل»)، انتهى.

قوله: (عَلَى عَسِيبٍ): تَقَدَّم.

قوله: (سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ): قال المازريُّ: الكلام في الروح والنفس ممَّا يغمض ويدقُّ، ومع هذا فأكثرَ الناسُ فيه الكلام، وألَّفوا فيه التآليف، قال أبو الحسن الأشعريُّ: هو النَّفَس الداخل والخارج، وقال ابن الباقلَّانيِّ: هو متردِّدٌ بين هذا الذي قاله الأشعريُّ وبين الحياة، وقيل: جسم لطيف مشارك للأجسام الظاهرة والأعضاء الظاهرة، وقال بعضهم: لا يعلم الروحَ إلَّا اللهُ تعالى؛ لقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]، وقال الجمهور: هي معلومة، واختلفوا فيها على هذه الأقوال، وقيل: هي الدم، وقيل غير ذلك، وليس في الآية دليلٌ على أنَّها لا تُعلَم، ولا أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يكن يعلمها، وإنَّما أجاب بما في الآية الكريمة؛ لأنَّه كان عندهم أنَّه إن أجاب بتفسير الروح؛ فليس بنبيٍّ، وفي (الروح) التذكير والتأنيث، والله أعلم.

(1/8473)

قوله: (مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ؟): بالموحَّدة، قال الدِّمْياطيُّ: وكلام العرب: ما أَرَبكم إليه؟ انتهى، قال ابن قُرقُول: («ما رابكم إليه؟» قيَّده الأصيليُّ بباء، وعن القابسيِّ: بياء، من الرَّأي، قال الوقشيُّ: صوابه: ما أَرَبكم؟ أي: حاجتكم، قال القاضي: ويحتمل أن يكون معنى «رابكم»: ما شكَّكَكُم [1] في أمره؟ يعني: الروح الذي سألوا عنه، أو ما الرَّيبُ الذي رابكم منه حتَّى احتجتم إلى معرفته والسؤال عنه؟ وما دعاكم إلى تعرُّف شيء قد تسوءُكم عقباه؟ ألا ترى إلى قولهم: لا يستقبلَنَّكُم بشيء تكرهونه؟!)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («ما رابكم إليه؟» أي: ما أَرَبكم وحاجتكم إلى سؤاله؟)، انتهى، وقال الخَطَّابيُّ _كما نقله شيخنا عنه_: («رابكم إليه»: كذا تقول العامَّة، وإنَّما هو «ما أربكم إليه؟» أي: ما حاجتكم؟)، انتهى.

قوله: (فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِمْ): تَقَدَّم أنَّ مثلَه يجوز فيه الضمُّ والفتح.

قوله: (فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ ... ) إلى آخره: ظاهر هذا السياق أنِّه لم يتأخَّر، لكن في «سيرة ابن إسحاق»: أنَّه تأخَّر خمس عشرة ليلة، قال القاضي عياض: «فلمَّا نزل الوحي»، هكذا ثبت في «مسلم» أيضًا، وهو وهم بيِّنٌ؛ لأنَّه إنَّما جاء هذا الفعل عند انكشاف الوحي، وفي «البُخاريِّ» في (الاعتصام): (فلمَّا صعد الوحي)، وهو صحيحٌ، والله أعلم.

وقال النوويُّ: وكلُّ الروايات صحيحةٌ، ومعنى رواية مسلم: أنَّه لمَّا نزل الوحي، وتمَّ نزوله، انتهى، والظاهر أنَّهما قصَّتان؛ الأولى: كانت بمَكَّة حين بعثت قريش النضرَ بن الحارث بن كلدة ومعه عقبة بن أبي مُعَيط إلى أحبار يهود ... إلى أن قال: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهنَّ؛ فهو نبيٌّ مرسل، وإن لم يفعل؛ فالرجل متقوِّلٌ، سلوه عن فتيةٍ ذهبوا في الدهر الأوَّل ... إلى أن قال: وسلوه عن الروح ... إلى أن قال: فقال: «أُخبركم غدًا»، ولم يستثنِ، فمكث رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _فيما يذكرون_ خمس عشرة ليلة لا يُحدِث اللهُ إليه في ذلك وحيًا، ولا يأتيه جبريل، كذا في «ابن إسحاق»، وقال السُّهيليُّ في «روضه» بعد أن ذكر ما في السيرة، وفي «سيرة التيميِّ»، و «موسى بن عقبة»: أنَّه أبطأ عنه ثلاثة أيام، انتهى.

(1/8474)

وقصَّة ابن مسعود في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، وفي بعض الطرق في «الصحيح»: أنَّها كانت بالمدينة، فهذه غيرُ تلك، والظاهر: أنَّهم اقترحوا عليه السؤال مع سؤالين بمَكَّة مع النضر وعقبة، وهذا الذي أبطأ عليه الوحي فيه، وسأله أيضًا عن الروح بالمدينة اليهودُ بأنفسهم، فأنزل الله فيه ما أنزل، والله أعلم، وهما قصَّتان؛ الواحدة بمَكَّة، والثانية بالمدينة.

==========

[1] في (أ): (شككم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 310]

(1/8475)

[{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]

(1/8476)

[حديث: نزلت ورسول الله مختف بمكة]

4722# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشِير؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، الحافظ، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: ({وَلاَتَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَتُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] ... )؛ الحديث: هذا تصريح من ابن عبَّاس أنَّها نزلت في القراءة في الصلاة، وقد عقَّبه البُخاريُّ هنا بحديث عائشة، وسيجيء أيضًا في (كتاب الدعاء) من حديثها: أنَّها نزلت في الدعاء، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم» حين ذكر مسلمٌ الحديثين ما لفظه: (كون الآية نزلت في الدعاء قال به الطبريُّ وغيره، ولكنَّ المختار ما قدَّمه مسلمٌ عن ابن عبَّاس)، انتهى، وكذا قدَّمه البُخاريُّ هنا، وقد رُوِيَ عن ابن عبَّاس كمقالة عائشة، لكنَّ في سنده أشعثَ، أخرجه ابن مردويه، كما أفاده شيخنا.

==========

[ج 2 ص 310]

(1/8477)

[حديث: أنزل ذلك في الدعاء]

4723# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ): هو بفتح الغين المعجمة، وتشديد النون، و (زَائِدَةُ): هو زائدة بن قدامة، أبو الصلت، الثقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة، وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ، وأحمد ابن يونس، ثِقةٌ حُجَّة، صاحب سنَّة، تُوُفِّيَ غازيًا بالروم في سنة (161 هـ)، تَقَدَّم، لكن طال العهد به.

==========

[ج 2 ص 310]

(1/8478)

(((18))) [سورة الكهف]

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17]: تَتْرُكُهُمْ، {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ} [1] [الكهف: 34]: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ): هذا كلُّه قول مجاهد، وقد أخرجه ابن عيينة في «تفسيره» عن ابن جُرَيج عنه، قاله شيخنا.

قوله: ({وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف: 34]: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ): هو بفتح الثاء والميم، قال شيخنا المؤلِّف: هو من تتمَّة قول مجاهد؛ يعني قوله: ({تَقْرِضُهُمْ}: تتركهم)، قال: وقد أخرجه ابن عيينة في «تفسيره» عن ابن جُرَيج؛ يريد: بضمِّ الثاء والميم، قال: وكلُّ ما في القرآن من {ثُمُر}؛ فهو المال، وقوله: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ}: قال أبو عمرو الداني في «التيسير»: عاصم: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ}، {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42]؛ بفتح الثاء والميم فيهما، وأبو عمرو: بضمِّ الثاء وإسكان الميم، والباقون: بضمِّهما، فعلى هذا يقرأ قول الله في «البُخاريِّ»: {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ}؛ بالضمِّ فيهما، ومن قرأه بغير ذلك؛ فهو يخطئ التفسير؛ أعني: مجاهدًا، إنَّما فسَّر قراءة الباقين، والله أعلم.

قوله: ({تَزَّاوَرُ} [الكهف: 17]: تَمِيلُ، مِنَ الزَّوَرِ): هو بفتح الواو، و (الزَّوَر)؛ بالتحريك: المَيْلُ، و (الميَل)؛ أيضًا بالتحريك: ما كان خِلقةً.

قوله: (آصَدَ الْبَابَ وَأَوْصَدَ): (آصد): بمدِّ الهمزة، وفتح الصاد.

قوله: ({أَزْكَى} [الكهف: 19]: أَكْثَرُ، وَيُقَالُ: أَحَلُّ): (أكثر): بالمثلَّثة، وكذا (أَكْثَر) الثانية، و (أحلُّ): بالمهملة [2].

قوله: (رَيْعًا): هو بفتح الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ عين مهملة، الزيادة والنماء.

قوله: ({وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ} [الكهف: 33]: لَمْ تَنْقُصْ): هو بفتح التاء، وضمِّ القاف، وقد تَقَدَّم الكلام في (سورة الرعد) في (نقص)، وأنَّه لازم، ومتعدٍّ إلى واحد وإلى اثنين، وهو هنا متعدٍّ إلى واحد.

قوله: (كَتَبَ عَامِلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ): أي: أسماء أصحاب الكهف، وقد ذكرتهم في قول الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ} [الكهف: 9] مطوَّلًا؛ فانظرهم، وأمَّا عاملهم؛ فلا أعرف اسمه، والله أعلم.

قوله: (فِي خِزَانَتِهِ): تَقَدَّم أنَّها بكسر الخاء، ولا تفتح.

(1/8479)

قوله: (وَأَلَتْ تَئِلُ: تَنْجُو): (وَأَلَت): بعد الواو همزة مفتوحة، ثُمَّ لام مثلها، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، و (تَئِل): بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ لام، (والموئلُ): الملجأ، وكذا (المَوئِلة)؛ مثال: المهلِكة، وقد وأَلَ إليه، يَئِل وَأْلًا وَوُؤُلًا؛ على (فُعولٍ)؛ أي: لجأ، ووَاءَلَ منه؛ على (فاعَل)؛ أي: طلب النجاة، قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ: «وأَلَ يَئِلُ؛ أي: نجا ينجو»، صوابه: لجأَ يلجأُ، قال القاضي: كلاهما صواب، وما قاله البُخاريُّ صحيح، قال في «الجمهرة»: وأل يئِل؛ إذا لجأ، فهو وائل؛ ومثله في «الغريبَين»، وبه سُمِّيَ الرجل وائلًا، وكذلك صحَّحنا هذا التفسير على أبي الحسين بن سراج، ويقول: لا وَأَلْتُ؛ أي: لا نجوتُ إن نجوتَ، وقال في «الغريبين»: فوألنا؛ أي: لجأنا، وبهذا التفسير فسَّر الكلمة صاحبُ «العين»، وبه فسَّر الآيةَ مكيٌّ لا غير، قال صاحب «الأفعال»: وألت إلى الشيء: لجأت إليه، والموئل: الملجأ، ولا وَأل من كذا؛ أي: لا نجاء)، انتهى.

[ج 2 ص 310]

قوله: ({مَوْئِلاً} [الكهف: 58]: مَحْرِزًا): (المَحْرِز): بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: ({ثَمَرٌ})، ورواية (ق): ({ثُمْر}).

[2] زيد في (أ): (المهملة)، وهو تكرار.

(1/8480)

[{وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا}]

(1/8481)

[حديث: أن رسول الله طرقه وفاطمة قال ألا تصليان]

4724# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَاب): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنٍ): هو زين العابدين، تَقَدَّم.

قوله: (طَرَقَهُ): أي: أتاه ليلًا، و (فَاطِمَةَ): بالنصب؛ لأنَّها معطوف على الضمير المنصوب في (طرق).

==========

[ج 2 ص 311]

(1/8482)

[تتمة غريب آيات سورة الكهف]

قوله: (وَالْحُجْرَةِ): هي بضمِّ الحاء المهملة، وإسكان الجيم، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (الفَسَاطِيط): واحدها (فسطاط)، وقد تَقَدَّم ما هو، وما فيه من اللغات.

قوله: ({لَكِنَّاْ هُوَ اللهُ رَبِّي} [الكهف: 38])؛ أي: لكنْ أنا هو الله ربي، (لكنْ): بإسكان النون، إلَّا أنِّي رأيت في نسخة الشيخ أبي جعفر مشدَّد النون بالقلم، وفيه نظرٌ.

قوله: (مَصْدَرُ الْوَلْيِ [1]): هو بفتح الواو، وإسكان اللام، كذا في أصلنا بالقلم، وفي أصل آخر: (من الوَلِيِّ)؛ بفتح الواو، وكسر اللام، مشدَّد الياء، اسم فاعل، وقال ابن قُرقُول: («{الوَلَايَةُ} [الكهف: 44]: مصدر وَلِيَ»، كذا للأصيليِّ، وعند النسفيِّ: «مصدر الولاءِ»، وعند غيرهما: «مصدر الوَلَى»؛ مقصور، وهو وهم)، انتهى، و (الوَلْي)؛ بفتح الواو، وإسكان اللام: القرب والدنوُّ، والله أعلم.

قوله: ({قِبَلًا} وَ {قُبُلًا}: وَ {قَبَلًا} [الكهف: 55]: اسْتِئْنَافًا): الأولى في أصلنا: بكسر القاف وفتح الموحَّدة، والثانية: بضمِّهما، والثالثة: بفتحهما.

قوله: (الدَّحضُ: الزَّلَقُ): (الدحض): بإسكان الحاء وفتحها.

(1/8483)

[{وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين}]

قوله: ({وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} [الكهف: 60]): تَقَدَّم أنَّ فتاه هو يوشع بن نون، وقدَّمتُ نسبه، والمراد هنا بـ (فتاه): خادمه.

قوله: ({حُقُبًا} [الكهف: 60]: [زَمَانًا]، وَجَمْعُهُ: أَحْقَابٌ): قال شيخنا مجد الدين في «قاموسه»: (والحُقب؛ بالضمِّ، وبضمتين: ثمانون سَنةً أو أكثر، والدهر، والسنة، أو السنون، ج _يعني: الجمع_: أحقاب وأحقب)، انتهى، وفي «الصحاح»: (الحُقب؛ بالضمِّ: ثمانون سَنةً، ويقال: أكثر من ذلك، والجمع: حِقاب) ... إلى أن قال: والحُقُب: الدهر، والأحقاب: الدهور، ومنه قوله تعالى: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} [الكهف: 60]، وكلام «القاموس» فيه زيادة على الجوهريِّ من وجهين، وكذا على البُخاريِّ، وأمَّا قوله تعالى: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [النبأ: 23]؛ فجمع حُقْب، والحُقْب: سبعون خريفًا، كلُّ خريف سبع مئة سنة، السنة ثلاث مئة وستُّون يومًا، واليوم كألف سنة، قاله بعض المفسِّرين، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].

==========

[ج 2 ص 311]

(1/8484)

[حديث: إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل فسئل أي الناس]

4725# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وتَقَدَّم لماذا نسب في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، قدَّمتُ ذلك مرارًا.

قوله: (إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ): تَقَدَّم الكلام عليه وعلى نسبته هذه في (كتاب العلم)، وعلى (الْخَضِرِ)، وما يتعلَّق به، مطوَّلًا، ومن أين له هذه المقالة: إنَّه ليس بصاحب موسى، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين من المتأخِّرين في قوله: (لَيْسَ هُوَ مُوسَى [1] بَنِي إِسْرَائِيلَ) ما لفظه: قلت: هو قول غير واحد ممَّن أسلم من أهل الكتاب، كما نقله وثيمة عنهم، يزعمون أنَّه موسى بن منشا بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب، وهو ابن عمِّ يوشع؛ لأنَّه يوشع بن نون بن إفرايم، والحقُّ أنَّه موسى بن عمران، انتهى.

وقد قدَّمتُ بعض هذا، وذكرت نصَّ التوراة كما هو عندهم الآن، وهو مُبدَّلٌ، وعلى قوله: (كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ)، وأنَّه من باب الإغلاظ عليه، وعلى قوله: (فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ)، وعلى (مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: بحر الأردن وبحر القُلزُم، انتهى، وعلى (المِكْتَل)، وعلى (ثَمَّ)، وعلى أنَّ (نُونًا) مصروف، والد يوشع، وعلى (الصَّخْرَةَ)، وعلى (سَرَبًا) وانتصابه، وعلى (بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا)، وانتصاب (ليلتهما)، وما قاله فيه الشيخ محيي الدين، وأنَّه بالنصب والجرِّ، وعلى (نَصَبًا)، وعلى (مُسَجًّى)؛ ومعناه: مغطًى، وقوله: (وَأَنَّى): هو بفتح الهمزة، وفتح النون مشدَّدة، قال العلماء: (أنَّى) تأتي بمعنى: أين، ومتى، وحيث، وكيف، وعلى (النَوْل)، وسيأتي قريبًا مفسَّرًا في الحديث، وعلى (القَدُومِ)، وهي آلة النجَّار وأنَّها بالتخفيف، وحكى فيها البُخاريُّ التشديدَ، و (عَمَدْتَ): تَقَدَّم [2] مرارًا أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل؛ عكس (صعِد)، وما رأيته في حاشية عن «شرح الفصيح»، وهو عكس ذلك أيضًا، وعلى قوله: (وَجَاءَ عُصْفُورٌ): تَقَدَّم أنَّ هذا العصفور قال ذلك: (مَا نَقَصَ ... ) إلى آخره، وعلى (الغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ)، والاختلاف في اسمه، وسيأتي مسمًّى في هذا «الصحيح»، وعلى (القَرْيَةِ الَّتِي أَتَيَاهَا)، والاختلاف فيها.

(1/8485)

قوله: (وَدِدْنَا): هو بكسر الدال الأولى.

قوله: ({وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ}): تَقَدَّم أنَّه هُدَد بن بُدَد، وسأذكر قريبًا فيه أقوالًا.

قوله: ({كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا}): هذه قراءة ابن عبَّاس، وهي شاذَّة.

قوله: ({وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ}): وهذه أيضًا شاذَّة.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (صاحبَ).

[2] في (أ): (تفتح)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 311]

(1/8486)

[{فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ... }]

قوله: (يَسْرُبُ: يَسْلُكُ): هو بضمِّ الراء، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 311]

(1/8487)

[حديث: موسى رسول الله ذكر الناس يومًا حتى إذا فاضت العيون]

4726# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (وَغَيْرهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ): في (غير): الرفع والنصب، وقائل ذلك: هو ابن جُرَيج، وهذا ظاهرٌ، و (غيرهما): لا أعرفه، وقد رواه مسلم من طريق أبي إسحاق _هو السبيعيُّ_ عن سعيد بن جُبَير، والله أعلم، وفي نسخة شيخنا أبي جعفر: (وقد سمعته)؛ بإثبات واو في (قد)، ثُمَّ كُتِب في الهامش ما لفظه: (وغيرهما): معطوف على (يعلى) و (عمرٍو)، انتهى، يعني: قوله: (أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ)، وما قاله صواب على ما في نسخته.

قوله: (فِدَاءَكَ): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (رَجُلٌ قَاصٌّ): هو بتشديد الصاد المهملة، وهو الذي يقصُّ الأخبار، تَقَدَّم.

[ج 2 ص 311]

قوله: (يُقَالُ لَهُ: نَوْفٌ): تَقَدَّم الكلام عليه في (كتاب العلم).

قوله: (أَمَّا): هو بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وكذا الثانية.

قوله: (ذَكَّرَ النَّاسَ): هو بتشديد الكاف، وهذا ظاهرٌ جدًّا، من التذكير: الذي هو الموعظة.

قوله: (فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ): الرجل الذي أدرك موسى صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لا أعرف اسمه.

قوله: (قَالَ: بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمْ [1] ذَلِكَ بِهِ): (علَمًا): هو بفتح اللام؛ أي: علامة، (أعلم): مجزومٌ، جواب الأمر، وفي أصلنا مرفوعٌ، وهو جائزٌ.

قوله: (قَالَ لِي عَمْرٌو): قائل ذلك هو ابن جُرَيج، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (يَعْلَى): هو ابن مسلم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (خُذْ نُونًا): (النون): الحوت، وفي «مسلم»: «حوتًا مالحًا».

قوله: (حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ): (يُنفَخ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والروحُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فِي مِكْتَلٍ): تَقَدَّم ما (المكتل).

قوله: (مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا): (كلَّفتَ): مبنيٌّ للفاعل، والتاء مفتوحة للخطاب، و (كثيرًا): هو بالمثلَّثة في أصلنا.

قوله: (فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ): هو بفتح الثاء المثلَّثة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، والألف والنون زائدتان؛ فلا ينصرف، يقال: مكانٌ ثَرْيانُ، وأرضٌ ثَرْياءُ؛ إذا كان في ترابهما بللٌ وندًى.

(1/8488)

قوله: (إِذْ تَضَرَّبَ الحُوتُ): هو بالمثنَّاة فوق، والضاد المعجمة، والراء المشدَّدة، المفتوحات، ثُمَّ مُوَحَّدَة؛ أي: تلَوَّى.

قوله: (فِي حَجَرٍ): وكذا بعده: (كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ): هو بفتح الحاء والجيم، واحد الحجارة، كذا في أصلنا مضبوطٌ، و (الأثر): تَقَدَّم الكلام عليه مرارًا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر: (حِجَر)؛ بكسر الحاء وفتح الجيم بالقلم في المكانين؛ فيُحرَّر هذا الضبط، وقد رأيت في نسخته بخطِّه في (التفسير) أشياءً استنكرتُ ضبطَها، والله أعلم.

قوله: (وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيانِهِمَا): هو بتشديد اللام؛ أي: جعل حلْقةً.

قوله: (قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ): هو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مُطعِم النوفليُّ المَكِّيُّ، قاضي مَكَّة، عن عمِّه نافع، وابن عمِّه سعيد بن محمَّد، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وسعيد بن جُبَير، وعروة، وأرسل عن صفوانَ بن أُمَيَّة، وعنه: ابن جُرَيج، وابن إسحاق، وابن عيينة، وآخرون، وثَّقه أحمدُ، وأبو حاتم، وغيرُهما، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والقائل: (قال لي) هو ابن جُرَيج، والله أعلم.

قوله: (على طنْفُسة): (الطنفسة): بضمِّ الطاء والفاء، وبكسرهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء؛ وهو الأفصح، وحكى أبو حاتم فتح الطاء مع كسر الفاء، وقال أبو عليٍّ القاليُّ: بفتح الفاء لا غير، وهي بساط صغير، وقيل: حصير من سعف أو دَوْم، عرضه ذراع، وقيل: قَدرُ عظم الذراع، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: بكسر الطاء والفاء، وبضمِّهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء، وهو البساط الذي له خمل رقيق، وجمعه: طنافس.

قوله: (عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ): أي: على وسط موضعٍ من شاطئه، قاله ابن الأثير.

قوله: (مُسَجًّى): أي: مغطًّى.

قوله: (إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ، وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ).

قوله: (فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وَقَالَ: وَاللهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ الطائر قال ذلك، كما رواه الحاكم في «المستدرك»؛ فانظره في (كتاب العلم).

قوله: (إِلاَّ كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ): تَقَدَّم الكلام على (إلَّا) في (العلم)؛ فانظره.

(1/8489)

قوله: (وَجَدَ [2] مَعَابِرَ صِغَارًا): أي: سفنًا يُعبَر فيها من ضِفَّةٍ إلى ضِفَّة، والضِّفَّةُ: جانب النهر، وضِفَّتاه: جانباه.

قوله: (وَوَتَّدَ فِيهَا وَتِدًا): (وتَّد): بتشديد المثنَّاة فوق، كذا في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (وتَدَ)؛ بفتح التاء غير مشدَّدة، قال الجوهريُّ: (الوَتِد؛ بالكسر: واحد الأوتاد، وبالفتح لغة، وكذلك «الوَدُّ» في لغة من يُدغِم، تقول: وتَدْتُ الوتِد أَتِدُه وَتْدًا، وإذا أمرت؛ قلت: تِدْ)، فكلامه كالصريح في أنَّه بتخفيف التاء لا بتشديدها، بل كلام «القاموس» صريح في أنَّ المشدَّد لازمٌ، ولفظه: (الوَتْد؛ بالفتح، وبالتحريك، وكـ «كَتِف»: ما زُرَّ في الأرض والحائط من خشب ... )، إلى أن قال: (ووَتِد الوتِدَ يَتِده وَتْدًا وتِدةً: ثبَّته؛ كأوتده، ووتَد هو، ووتَّد، والأمر منه: تِدْ)، انتهى، فالذي يظهر أنَّ ما في «البُخاريِّ» يُقرَأ بالتخفيف، وهو الموافق لنسخة الدِّمْياطيّ.

قوله: (وَتِدًا): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

قوله: (لَقِيَا غُلاَمًا): تَقَدَّم الكلام على اسمه، والاختلاف فيه، ويأتي مسمًّى.

قوله: (فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ): كذا هنا، وفي رواية ستجيء: (فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَفَهُ [3]) [خ¦4727]، وفي لفظٍ [ ... ] [4].

قوله: (لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ): هو بالحاء المهملة المكسورة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، كذا في أصلنا.

[ج 2 ص 312]

قوله: (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا [5]: {زَاكِيَةً مُسْلِمَةً}): هذه شاذَّة؛ أعني: زيادة {مُسْلِمَةً}، وقد قرأ الكوفيُّون وابن عامر: {زَكِيَّةً} [الكهف: 74]؛ بتشديد الياء من غير ألف، والباقون: بالألف وتخفيف الياء، وأمَّا {مُسْلِمَةً}؛ فقال شيخنا: الأشبه قراءتها بفتح السين واللام؛ يعني: مع تشديدها، انتهى، قال بعضهم: قال القاضي: وهو أشبه؛ لأنَّه كان كافرًا، انتهى، وما قاله شيخنا والقاضي ظاهرٌ، ويحتمل أنَّ موسى صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال ذلك بناءً على أنَّه وُلِدَ بين مؤمنين، وعلى أنَّه وُلِدَ على الفطرة، والله أعلم، وقال شيخنا: وضبط أيضًا بإسكانها، انتهى، أمَّا في أصلنا؛ فهي بالثاني، وعُمِل على هامش أصلنا الأولى، والله أعلم.

قوله: ({جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ} [الكهف: 77]): تَقَدَّم الكلام على هذا الجدار طولًا وعرضًا وسمكًا في (العلم).

(1/8490)

قوله: (وَقَرَأَ [6] ابْنُ عبَّاس: {أَمَامَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79]): هذه شاذَّة.

قوله: (يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ): (غير سعيد): لا أعرفه، وفي «تفسير الثعلبيِّ»: وقال شعيب الجَبَأبيُّ: اسمه هَدَد بن بَدَد، انتهى، (والجَبَأبي)؛ بفتح الجيم، ثُمَّ مُوَحَّدَة كذلك، ثُمَّ همزة مقصورة، له ترجمة في «الميزان»، وذكره ابن حبَّان في «الثقات»، فلعلَّه المراد بقول البُخاريِّ: (غير سعيد)، والله أعلم.

قوله: (أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَد): (هُدَد): بضمِّ الهاء، وفتح الدال المهملة الأولى، وكذا (بُدَد): بضمِّ الموحَّدة، والباقي مثل ما قبله، وقد ذكر شيخنا في اسم الملك أقوالًا، منها: جُلَندَى، وكذا ذكره غيره، انتهى، قال: أو هُدَد بن بُدَد، أو مَنُولة بن الجُلندى بن سعيد الأزديُّ، وسمَّاه الرضيُّ الشاطبيُّ: فلع بن سارق بن ظالم بن عمرو بن شهابٍ، وقال ابن دريد: هُدَد بن العمال، انتهى، وفي «تاريخ ابن خَلِّكان» في ترجمة يوسف بن الحسن السيرافيِّ: يقال: إنَّ صاحبه _يعني: صاحب حصن ابن عمارة، وهو على بحر النجْر، وليس بجميع فارس حصنٌ أمنعَ منه_ الذي قال الله في حقِّه: {وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: 79] وقيل: إنَّ اسم ذلك الملك: الجُلندَى، وقيل غير ذلك، انتهى، في «ذيل الصغانيِّ» على «صحاح الجوهريِّ» في (قنَنَ) _بقاف، ثُمَّ نونين_ ما لفظه: وقيل: قنان اسم الملك الذي كان يأخذ كلَّ سفينة غصبًا.

قوله: (يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ): تَقَدَّم الكلام في ضبطه في (كتاب العلم).

قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بِالْقَارِ): (القار)؛ بتخفيف الراء: القير، و (القارورة): فَعْلُولَة من ذلك، وإلَّا؛ فـ (القارورة): واحدة القوارير من الزُّجَاجِ، ولا معنى له هنا، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ [7] أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ): اسم أبيه: ملَّاس، ويقال: كازيرى، وأمُّه: رُحمى، وقيل: سهوى، وقد تَقَدَّم ذلك كلُّه في (العلم).

قوله: (وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً): قال شيخنا: (لعلَّ المراد بـ «الغير»: الكلبيُّ، فإنَّه قال ذلك بزيادة: فتزوَّجها نبيٌّ، فولدت أنبياء، فهدى الله بهم أمَّةً من الأمم)، انتهى، والكلبيُّ ترجمته معروفةٌ، فلا نطوِّل بها، وهو هالكٌ.

(1/8491)

قوله: (أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً): قال بعض أهل التفسير: فأُبدِلا غلامًا زكيًّا، وقيل: جارية ولدت نبيًّا، وقيل: كان من نسلها سبعون نبيًّا، وقد تَقَدَّم أعلاه كلامُ الكلبيِّ.

قوله: (وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ): هو داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفيُّ المَكِّيُّ، ويقال: داود بن عاصم، عن عثمان بن أبي العاصي، وابن عمر، وسعيد بن المُسَيّب، وأبي سلمة، وعنه: قتادة، وحجَّاج بن أرطاة، وابن جُرَيج، وجماعةٌ، وثَّقه أبو داود وغيرُه، وقد علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود والنَّسائيُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أعلمُ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وجدا).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقطعه).

[4] في (أ) بياض.

[5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): ({زكيَّة})، وضرب عليها في (أ).

[6] كذا في (أ)، ورواية و (ق): (قرأ)؛ بغير واو، ورواية «اليونينيَّة»: (قرأها).

[7] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كان)؛ بغير واو.

(1/8492)

[{فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا ... }]

قوله: ({يَنقَضَّ} [الكهف: 77]: يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ): في هامش أصلنا: (ينقاض): بتخفيف الضاد، قاله الإمام في «مشارقه»، انتهى، وهذا معروفٌ، وسيأتي، وقال شيخنا وضبط (ينقاض) مشدَّدةَ الضاد: (ومخفَّفٌ، ومعناه مخالفٌ لمعنى الأوَّل، فإنَّ معنى {ينقضَّ}: ينكسر وينهدم ويسقط بسرعة، و «ينقاض»: ينقطع من أصله)، وذكر فيه قراءةً أنَّه بالصاد المهملة، قال: (قيل: معناه: انشقَّ طولًا)، انتهى، قال الجوهريُّ في (قضض): انقضَّ الحائط؛ أي: سقط، وقال في (قيض): (قال أبو زيد: انقاض الجدار انقياضًا؛ أي: تصدَّع من غير أن يسقط، فإن سقط؛ قيل: تقيَّض تقيُّضًا، وتقوَّض البيت تقوُّضًا، وقوَّضته أنا) ... إلى أن قال: (وانقاضت السن؛ أي: تشقَّقت طولًا).

قوله: ({رُحْمًا} [الكهف: 81]: مِنَ الرُّحْمِ، وَهْيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ): (الرُّحْم): بضمِّ الراء، وإسكان الحاء، قال الجوهريُّ: (والرُّحم؛ بالضم: الرحمة، قال عزَّ وجلَّ: {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81]، وقد حرَّكه زهير، فقال ... وأنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وهو مثل: عُشْر وعُشُر)، انتهى.

قوله: (وَتُدْعَى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ؛ أَيِ: الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا): اعلم أنِّي قد ذكرت لِمكَّة عدَّةَ أسماء في (كتاب الحجِّ)، تسعةً وأربعين اسمًا، بل خمسين؛ فانظرها، منها: هذا الذي ذكره الإمام البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 313]

(1/8493)

[حديث: قام موسى خطيبًا في بني إسرائيل فقيل له: أي الناس أعلم؟]

4727# قوله: (إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ): تَقَدَّم الكلام على نوف، وعلى نسبته هذه في (كتاب العلم)، وعلى قوله: (كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ)، وأنَّه من باب التغليظ عليه، وعلى قوله: (أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَنَا)، وعلى (عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي)، وأنَّه الخَضِر، وما يتعلَّق به، وعلى (المِكْتَل)، وعلى (فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ)، وأنَّ (نونًا) مصروف، ونسبه، وأنَّه خادمه لا مملوكه، وهذا الحديث يردُّ قول من قال من المفسِّرين: إنَّ فتاه عبدٌ له، وغير ذلك من الأقوال؛ لأنَّه يوشع بن نون بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب، قال بعضهم: قيل: كان معه يخدمه، وقيل: إنَّه ابن أخته، والكلام على (الصَّخْرَةِ)، وأين هي.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو): أمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عيينة المذكور في السند، وأمَّا (عمرو)؛ فهو ابن دينار المذكور أيضًا في السند، وأمَّا (غير عمرو)؛ فلا أعرفه، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: («وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الْحَيَاةُ»: هذا كلام سفيان، يشير إلى أنَّ ذلك لم يقع في حديثِ عمرٍو، وقد رواه ابن مردويه من وجه آخر عن سفيانَ، فأدرجه في حديث عمرٍو)، انتهى.

قوله: (فَأَصَابَ الْحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ): (الحوت) في أصلنا: منصوبٌ على أنَّه مفعول، و (أصاب): عليه (صح)، وكذا هو منصوب في نسخة أخرى صحيحةٍ، و (من ماء): محلُّه الرفع، فاعل، وهذا كلامٌ صحيحٌ، ولكنَّ مقتضى أوَّل الحديث أن يُجعَل (الحوت) مرفوعًا فاعلًا، وذلك؛ لأنَّه قال فيه: (وفي أصل الصخرة عين ... لا يصيب من مائها شيء)، فـ (شيء): مرفوع فاعل، ولم يقل: (لا يصيب ماؤها شيئًا إلَّا حيي)، لكنَّ في بعض النسخ: (شيئًا)؛ بالنصب، وعلى هذه يتَّجه النصبُ، والله أعلم، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (فأصاب الحوتُ)؛ بالرفع، (ماءَ)؛ بالنصب، وعلى (الحوت) صح؛ فاعلمه.

قوله: (مَا أُمِرَ بِهِ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8494)

قوله: (كَالطَّاقِ): قال ابن قُرقُول: («مثل الطاق»؛ يعني: الحوت في البحر مثل الطاق؛ البناء الفارغ ما تحتَه، وهي الحنيَّة، وتُسمَّى الأزجَ أيضًا، وفسَّره بقوله: «أَمْسَكَ [1] اللهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ، [حَتَّى] كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ ... » وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامِهِ وَالَّتي تَلِيهَا [2] [خ¦4726])، انتهى.

قوله: (مُسَجًّى): تَقَدَّم أنَّه مغطًّى، وعلى (وَأَنَّى)، وعلى (القَدُومِ)، وأنَّه مخفَّف ومشدَّد، [وعلى] (النَّوْل)؛ وهو الأجر، وكذا فسَّره هنا، وعلى (عُصْفُورٌ)، وأنَّه القائل، كما في «المستدرك»،

[ج 2 ص 313]

وعلى قوله: (إِلاَّ مِقْدَارُ مَا غَمَسَ)، وعلى (الغُلام)، والاختلاف في اسمه، وعلى قوله: (فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ)، وبيَّن ذبحه، وعلى (الجِدَار) طولًا وعرضًا وسمكًا، وعلى (الْقَرْيَة)، والاختلاف فيها، وعلى (وَدِدْنَا)، وأنَّه بكسر الدَّال الأولى، و (يُقَصَّ): بضمِّ أوَّله، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى قراءة ابن عبَّاس: ({وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ})، وعلى ({يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا}) [الكهف: 79]، وأنَّهما شاذَّتان، وعلى قوله: ({وَأَمَّا الْغُلاَمُ؛ فَكَانَ كَافِرًا}) [الكهف: 80]، وأنَّها شاذَّةٌ أيضًا.

(1/8495)

[{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالًا}]

(1/8496)

[حديث سعد في قوله: {قل هل ننبئكم بالأخسرين}]

4728# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه غندر، و (عَمْرٌو): هو ابن مرَّة، وكذا هو منسوب في نسخة، و (مُصْعَبٌ): هو ابن سعد بن أبي وقاص مالكِ بن أُهَيب، وهو منسوب في نسخة إلى والده، وهو زهريٌّ، كنيته أبو زرارة المدنيُّ، روى عن أبيه، وعليٍّ، وطلحةَ، وغيرِهم، وعنه: طلحة بن مُصرِّف، وعمرو بن مرَّة، وإسماعيل السُّدِّيُّ، وخلقٌ، قال ابن سعد: ثِقةٌ كثير الحديث، وقال جماعة: تُوُفِّيَ سنة ثلاث ومئة، أخرج له الجماعة، والله أعلم.

قوله: (الْحَرُورِيَّةُ): تَقَدَّم الكلام عليهم، وأنَّهم الخوارج، ونُسِبُوا إلى حروراء، وأين هي.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8497)

[{أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم} الآية]

(1/8498)

[حديث: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ... ]

4729# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): قال الدِّمْياطيُّ: قيل: إنَّه محمَّد بن عبد الله الذهليُّ، انتهى، وقال الجيَّانيُّ في «تقييده» وقد ذكر هذا الموضع: نسبه أبو عبد الله الحاكمُ وأبو نصرٍ الكلاباذيُّ: محمَّد بن يحيى الذهلي، ثُمَّ عقَّب البُخاريُّ في إثر حديث ابن أبي مريم الذي ذكره عن المغيرة بعد قوله: (جناح بعوضة): (واقرؤوا: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِوَزْناً} [الكهف: 105]، وَعَنْ يَحْيَى ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِثْلَهُ) [خ¦4729]، وقول البُخاريِّ: (وعن يحيى) إنَّما يرويه البُخاريُّ عن الذهليِّ، انتهى ملخَّصًا، يعني: ويرويه الذهليُّ عن يحيى ابن بُكَيْر، وقد ذكروا فيمن روى عنه الذهليُّ يحيى ابنَ بُكَيْرٍ، وقد ذكر شيخنا هذا المكان، ونقل فيه كلامَ الجيَّانيِّ ملخَّصًا، ثُمَّ قال: وكذا ذكر أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ حيث قال: رواه محمَّد عن محمَّد بن يحيى عن سعيد ويحيى ابن بُكَيْر، ورواه مسلمٌ عن محمَّد بن إسحاق الصغانيِّ، عن يحيى ابن بُكَيْر، عن مغيرة بن عبد الرَّحمن، انتهى.

وقال المِزِّيُّ ما لفظه: البُخاريُّ في (التفسير): عن محمَّد بن عبد الله، عن سعيد بن أبي مريم، عن المغيرة بن عبد الرَّحمن الحزاميِّ به، وقال في عَقِبه: وعن يحيى ابن بُكَيْر عنه به، ولم يقل: حدَّثنا يحيى ابن بُكَيْر، ومسلم في (التوبة) و (ذكر المنافقين): عن أبي بكرٍ محمَّدِ بن إسحاق عن يحيى ابن بُكَيْرٍ به، انتهى، والله أعلم، والذي ظهر لي من كلام المِزِّيِّ أنَّه يترجَّح عنده أنَّ البُخاريَّ روى الثاني عن يحيى، لا عن محمَّد بن عبد الله عنه، والله أعلم.

قوله: (مِثْلَهُ): هو منصوب على ما ظهر لي من كلام المِزِّيِّ، والله أعلم، وعلى القول الآخر كذلك، وفي أصلنا (مثلُه)؛ بالضمِّ بالقلم، وفيه نظرٌ.

(1/8499)

قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الذهليُّ، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن محمَّد، و (الْمُغِيرَةُ): هو ابن عبد الرَّحمن الحزاميُّ؛ بالحاء المهملة والزاي، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَعَنْ يَحْيَى ابْنِ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم قوله: (وعن يحيى ابن بُكَيْر) أعلاه؛ فانظره.

(1/8500)

(((19))) (سُورَةُ مَرْيَم) ... إلى (الفُرْقَان)

قوله: ({أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] ... ) إلى آخره: يريد أنَّه أمر بمعنى: الخبر، والله أعلم.

قوله: ({لأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46]: لَأَشْتمَنَّكَ): (يشتم)؛ بكسر التاء وضمِّها، كذا في «الجمهرة» لابن دريد.

قوله: ({بُكِيًّا} [مريم: 58]: جَمَاعَةُ بَاكٍ): هذا قول؛ مثل: جاث وجُثِيٍّ، ومثل: جالس وجلوس، إلَّا أنَّهم قلبوا الواو ياء، وقيل: إنَّه مصدر؛ نحو: صلى يصلى؛ أي: وبكوا بكيًّا.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8501)

[{وأنذرهم يوم الحسرة}]

(1/8502)

[حديث: يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة]

4730# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ): اعلم أنَّ (الموت) عند أهل السنة عَرَض من الأعراض، يضادُّ الحياة، وقد قال بعض المعتزلة: ليس بعَرَض؛ بل معناه: ضدُّ الحياة، وهذا خطأ؛ لقوله تعالى: {خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2]، فأثبت الموت مخلوقًا، وعلى القولين: ليس الموت جسمًا، فإن قيل: ما ليس بجسم كيف يُجسَّد؟ قيل: يؤوَّل الحديث على أنَّه تعالى يخلق هذا الجسم، ثُمَّ يذبح مثالًا؛ لأنَّ الموت لا يطرأ على أهل الآخرة، وقال القُرْطبيُّ: إنَّ الله يخلق شخصًا يسمِّيه الموت؛ فيُذبَح بين الجنَّة والنار، وهكذا كلُّ ما ورد عليك في هذا الباب التأويلُ فيه ما ذكرتُ لك، انتهى، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «حادي الأرواح»: إنَّ الله يُنشِئ من الموت صورةَ كبش يُذبَح؛ كما يُنشِئ من الأعراض أجسامًا تكون الأعراضُ مادَّةً لها، ويُنشِئ من الأجسام أعراضًا؛ كما يُنشِئ سبحانه من الأعراض أعراضًا، ومن الأجسام أجسامًا، فالأقسام الأربعة ممكنةٌ مقدورةٌ، ولا حاجة إلى تكليف مَن قال: إنَّ الذبح لمَلَك الموت، فهذا كلُّه من الاستدراك الفاسد على الله ورسوله، والتأويلِ الباطل الذي لا يوجبه عقلٌ ولا نقلٌ، وسببه قلَّة الفهم لمراد الرسول صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من كلامه، فظنَّ هذا القائل أنَّ لفظ الحديث يدلُّ على أنَّ نفس العَرَض يُذبَح، وظنَّ غالطٌ آخر أنَّ العَرَض يُعدَم ويزول، ويصير مكانه جسمٌ يُذبَح، ولم يهتدِ الفريقان إلى هذا القول الذي ذكرناه، وأنَّ الله تعالى يُنشِئ من الأعراض أجسامًا يجعلها مادَّةً لها، ثُمَّ شرع يستدلُّ لذلك بأحاديث، والله أعلم، انتهى، والحكمة في كونه في صورة كبش: لعلَّه لأنَّه جاء أنَّه جاء آدمَ في صورة كبشٍ أملح قد نشر من أجنحته أربعة آلاف جناح.

(1/8503)

قوله: (أَمْلَحَ): هو الذي يشوب بياضَه شيءٌ من سواد عند الأصمعيِّ، وقال أبو حاتم: هو الذي يخالط بياضَه حمرةٌ، وقيل: هو الذي يعلو سوادَه حمرةٌ، قال ابن الأعرابيِّ: هو النقيُّ البياض، وقال الكسائيُّ: هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر، وقال الخَطَّابيُّ: هو الذي في بياضه طاقاتٌ سود، وقال الداوديُّ: هو مثل الأشهب، انتهى كلام ابن قُرقُول.

تنبيهٌ: والحكمة في كونه أبيض وأسود فيما نقله شيخنا عن عليِّ بن حمزة: أنَّ البياض من جهة الجنَّة، والسواد من جهة النار، انتهى، وهذا إنَّما يتمشَّى على قول الكسائيِّ.

قوله: (فَيُنَادِي مُنَادٍ): هذا المنادي لا أعرفه.

قوله: (فَيَشْرَئِبُّونَ): هو بفتح الياء أوَّله تحت، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مشدَّدة مضمومة، ثُمَّ واو، ثُمَّ نون، ومعناه: يمدُّون أعناقهم رافعي رؤوسهم متشوِّفين متطاولين لذلك، والاسم: الشُّرَأْبِيبة؛ كالطمأنينة.

قوله: (فَيُذْبَحُ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، إن قيل: فمن يذبحه؟ فالجواب: أنَّ القُرْطبيَّ ذكر في «تذكرته» عن صاحب كتاب «خلع النعلين»: أنَّه يتولى ذبحه يحيى بن زكريا بين يدي النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وبأمره الأكرم، قال: وذكر صاحب كتاب «العروس»: أنَّ الذي يذبحه جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، ولكلٍّ من القولين معنًى لطيفٌ في ذبحه، والله أعلم.

تنبيهٌ: صاحب كتاب «خلع النعلين» هو أحمد بن قسيٍّ الأندلسيُّ، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: فلسفيُّ التصوف، مبتدع، أراد الثورةَ، فظفر به عبد المؤمن وسجنه، انتهى.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8504)

[{وما نتنزل إلا بأمر ربك}]

(1/8505)

[حديث: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟]

4731# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8506)

[{أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالًا وولدًا}]

(1/8507)

[حديث: جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقًا لي عنده]

4732# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، و (خَبَّابٌ): بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وأنَّه ابن الأرتِّ؛ بالمثنَّاة فوق المشدَّدة، رضي الله عنه، تَقَدَّموا كلُّهم مترجمين.

[ج 2 ص 314]

قوله: (جِئْتُ الْعَاصِيَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ): (العاصي)؛ كالقاضي، منقوصٌ، وقد تَقَدَّم الكلام على إثبات الياء فيه وحذفها، وهو العاصي بن وائل بن هاشم بن سُعَيْد _بضمِّ السين وفتح العين المهملتين_ ابن سهم بن عمرو بن هُصَيص بن كعب بن لؤيِّ بن غالب السهميُّ، كافرٌ مشهور، وهو والد عمرو بن العاصي، وقد قدَّمتُ أنَّه هلك على كفره، وأنَّه كان من المستهزئين، وأنَّه عرض لرِجلِه الشوكة، فهلك منها.

قوله: (فَأَقْضِيَكَهُ): هو بفتح الهمزة والنصب، ونصبه ظاهرٌ.

(1/8508)

قوله: (رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ): أمَّا (الثوري)؛ فهو أحد الأعلام، سفيان بن سعيد بن مسروق، وما رواه الثوريُّ أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن محمَّد بن كثير عن الثوريِّ، قال: (ولم يقل الأشجعيُّ عن الثوريِّ ... )، و (شعبة): هو أحد الأعلام أيضًا، ابن الحجَّاج، أشهر من أن يُذكَر، ومتابعة شعبة أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن بندار عن ابن أبي عديٍّ، وفي (المظالم) عن إسحاق، عن وهب بن جرير، وفي (التفسير) عن بشر بن خالد؛ ثلاثتهم عن شعبة، و (حفص): هو ابن غياث، وما رواه حفص بن غياث أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن عمر بن حفص عن أبيه، وما رواه أبو معاوية؛ فأخرجه مسلم في (ذكر المنافقين) عن أبي كريب محمَّد بن العلاء عن أبي معاوية، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن هنَّاد بن السريِّ عن أبي معاوية، وقال: حسن صحيح، و (أبو معاوية): هو محمَّد بن خازم الضرير؛ بالخاء المعجمة، تَقَدَّم، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح الإمام، وما رواه وكيع في (التفسير) عن يحيى عن وكيع عن الأعمش به، وأخرجه مسلم في (ذكر المنافقين) عن أبي بكر وأبي سعيد الأشجِّ؛ كلاهما عن وكيع، و (الأعمش): سليمان بن مهران.

(1/8509)

[{أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدًا}]

قوله: ({عَهْدًا} [مريم: 87]: قَال: مَوْثِقًا): (المَوْثِق)؛ بفتح الميم، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مكسورة، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8510)

[حديث خباب: كنت قينًا بمكة فعملت للعاص بن وائل السهمي]

4733# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (أَبُو الضُّحَى)، وكذا (خَبَّابٌ)، وكذا (العَاصِي بْنُ وَائِلٍ).

قوله: (كُنْتُ قَيْنًا): تَقَدَّم أنَّه بفتح القاف، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون، وتَقَدَّم أنَّه الحدَّاد، ويُطلَق أيضًا (القينُ) على الصائغ.

قوله: (لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ: سَيْفًا، وَلَا: مَوْثِقًا)؛ تَقَدَّم أنَّ (الأشجعيَّ): هو عبيد الله بن عبيد الرَّحمن الأشجعيُّ، كوفيٌّ إمام، تَقَدَّم مترجمًا، وما رواه الأشجعيُّ عن سفيان _هو الثوريُّ_ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، إلَّا أنَّ رواية الثوريِّ لهذا الحديث في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم أنَّ (سفيان): هو الثوريُّ.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8511)

[{كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدًا}]

(1/8512)

[حديث: والله لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث]

4734# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، و (سُلَيْمَانُ): الأعمش، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح، و (خَبَّابٌ): هو ابن الأرتِّ، تَقَدَّم.

قوله: (كُنْتُ قَيْنًا): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الحدَّاد، وأنَّه يُطلَق أيضًا على الصائغ، وتَقَدَّم الكلام على (الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ)؛ وهو السهميُّ.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8513)

[{ونرثه ما يقول ويأتينا فردًا}]

(1/8514)

[حديث: كنت رجلًا قينًا وكان لي على العاصي بن وائل دين فأتيته ... ]

4735# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)؛ فانظره، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح، تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا، و (خَبَّابٌ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8515)

(((20))) [طه]

قوله: (قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: بِالنَّبَطِيَّةِ {طه} [طه: 1]: يَا رَجُلُ): (ابن جُبَير): هو سعيد، و (النبطيَّة): منسوبة إلى النَّبَط، وقد تَقَدَّم الكلام على (النبط) مَن هم، وقوله: ({طه}: يا رجل): قال ابن قُرقُول ما لفظه: («{طه}: يا رجل بالنبطيَّة»: ذكره البُخاريُّ في «التفسير»، وصحَّحه بعضهم، وقال: هي لغة عَكٍّ، وقال الخليل: من قرأ: {طَهْ}؛ فهو «يا رجل»، ومَن قرأ: {طَهَ}؛ فحرفان من الهجاء؛ فمعناه: اطمئنَّ، وقيل: طأِ الأرضَ، والهاء كناية عنها)، انتهى.

فحاصل كلامه: أنَّ (يا رجل): هو تفسيرٌ للقراءة الشاذَّة {طَهْ}، وقد قرأ بها قتادة، كما سيأتي، وقال ابن عبد السلام: {طَهَ}: قيل: معناها بالسُّريانيَّة: يا رجل، فَعُرِّب، وقيل: بالنبطيَّة، وقيل: معناه: يا حبيبي بلغة عَكٍّ، وقيل: طوبى لمن هُدِيَ، وقيل: يا طاهر، وقيل: يا هادي، أو طأِ الأرض بقدميك، والهاء بدل الهمزة، دليله: قراءة قتادة: {طَهْ}؛ بالسكون، انتهى.

وقال العلَّامة أبو حيَّان شيخ شيوخنا في «البحر»: قال ابن عبَّاس، والحسن، وابن جُبَير، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة: معنى {طَهَ}: يا رجل، فقيل: بالنبطيَّة، وقيل: بالحبشيَّة، وقيل: بالعبرانيَّة، وقيل: لغة يمنيَّة في عَكٍّ، وقيل: في عُكْل، وقال الكلبيُّ: لو قلتَ في عَكٍّ: يا رجل؛ لم تُجَبْ حتَّى تقولَ: طه، وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: {طَهْ}، قيل: أصله: (طأ)، فحذف الهمزة؛ بناء على أصل قلبها في (يطأُ)، ثُمَّ بُنِي الأمر عليه، وأُدخلَت هاء السكت، وأُجرِيَ الوصل مُجرى الوقف، وأصله: طأ، وأُبدِلت همزته هاءً، فقيل: طَهْ، فعلى ما قاله أبو حيَّان يُقرَأ ما في «الصحيح»: ({طَهَ}: يا رجل)، فإن قرأت: («طَهْ» _بفتح الطاء وسكون الهاء_: يا رجل)؛ كان على ما قاله الخليل، كما تَقَدَّم، وهي قراءة قتادة كما قدَّمتُه، وإن قرأت: ({طَهَ}: يا رجل)؛ كان على ما نقلته بعده، وقال الشهاب السمين الإمام: وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: {طَهْ}؛ بإسقاط الألف بعد الطاء، وهاء ساكنة، ثُمَّ شرع يذكر توجيهَه، والله أعلم.

(1/8516)

قوله: (أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ فَأْفَأَةٌ): (التمتمة): تحبُّس اللسان وتردُّده إلى لفظ كأنَّه التاء والميم، واسم الرجل منه تمتام، وقال ابن دريد: هو ثقل النطق بالتاء، و (الفأفأة)؛ بهمزتين؛ الأولى منهما ساكنة، والثانية مفتوحة، و (الفأفاء): يُمَدُّ ويُقصَر، وهو الذي يغلب على لسانه الفاء يردِّدها، وقال ابن دريد: الفأفأة: حُبسة اللسان.

قوله: (لَنَذْرِيَنَّهُ): هو بفتح النون وتضمُّ، ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ.

قوله: ({فَنَسِيَ} [طه: 88]): موسى قولَ السامريِّ؛ أي: ترك إلهه عندكم، أو ضلَّ عنه، وقيل: نسي السامريُّ إيمانه، أو نسي ألَّا يُصدِّق في عبادة ما لا ينفع، أو نسي موسى أنَّ قومه يضلُّون بعده.

قوله: (أَخْطَأَ الرَّبَّ): (الربَّ): منصوبٌ؛ لأنَّه مفعول (أخطأ).

قوله: (لاَ يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ): (يُهضَم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو منصوب، ويجوز رفعه، و (يُظلَم): مبنيٌّ أيضًا، ومعنى (يُهضَم): يُظلَم حقُّه، يقال: هضمه وأهضمه؛ إذا ظلمه وكسر عليه حقَّه.

قوله: ({هَوَى} [طه: 81]: شَقِيَ): قال ابن قُرقُول: («شَقَى»؛ يعني: بفتح القاف، كذا لكافَّتهم، ورواه بعضهم: «شَقِيَ»؛ يعني: بفتح الشين، وكسر القاف، وفتح الياء، قال: وهو المعروف، وتلك لغة طيِّئ)، انتهى، ولغة بعضٍ غير طيِّئ من القبائل.

قوله: ({سُوًى} [طه: 58]: مَنْصَفٌ): إن كسرت السين؛ فالمعنى: سِوى هذا المكان، وإن ضممت؛ فالمراد: نصفًا بيننا وبينك، أو وسطًا مستويًا يبيَّن للناس ما يُعمَل فيه، وقيل: {سِوى} و {سُوى}؛ بالضمِّ والكسر: واحد؛ مثل: عِدَى وعُدى، وقد قرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة: {مَكَاناً سُوًى} [طه: 58]؛ بضمِّ السين، والباقون: بكسرها، ووقف أبو بكر، وحمزة، والكسائيُّ: {سوى}، وفي (القيامة): {أَن يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]؛ بالإمالة، وورش وأبو عمرو على أصلهما؛ بين بين، والباقون: بالفتح على أصولهم، والله أعلم، فيقرأ: {سُوى}؛ بالضمِّ على الراجح؛ لأجل التفسير الذي فسَّر به البُخاريُّ، والله أعلم.

قوله: (مَنْصَفٌ): هو بفتح الميم، وإسكان النون، ثُمَّ صاد مهملة مفتوحة _كذا هو مضبوط في أصلنا هنا بالقلم، وقد ذكرته فيما مضى_ ثُمَّ فاء.

[ج 2 ص 315]

(1/8517)

[{واصطنعتك لنفسي}]

(1/8518)

[حديث: التقى آدم وموسى فقال موسى لآدم أنت الذي أشقيت الناس]

4736# قوله: (الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى): سيأتي الكلام عليه في (كتاب القَدَر) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى): (آدم): مرفوعٌ فاعل، و (موسى): منصوبٌ مفعول؛ أي: ظهرت حُجَّتُه عليه، وغلبه بها، والله أعلم، قيل: إنَّما احتجَّ في خروجه من الجنَّة بأنَّ الله خلقه ليجعله خليفة في الأرض، لا أنَّه نفى عن نفسه الذنب، وقيل: إنَّما أنكر على موسى أن يلومه؛ لتوبته منه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 316]

(1/8519)

[و {أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي ... }]

قوله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى): التلاوة: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا} [طه: 77].

(1/8520)

[حديث: نحن أولى بموسى منهم فصوموه]

4737# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وتَقَدَّم أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: من بعض القَدَمَاتِ، لا من الهجرة، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (تَصُومُ عَاشُورَاءَ): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّه عاشر المحرَّم على الصحيح، وقيل: تاسوعاء، وقيل: الحادي عشر.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

[ج 2 ص 316]

(1/8521)

[{فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}]

(1/8522)

[حديث: حاج موسى آدم فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة]

4738# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ): هو أيُّوب بن النجَّار بن زياد، أبو إسماعيل الحنفيُّ، قاضي اليمامة، عن يحيى بن أبي كثير، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وقتيبة، وعمرو الناقد، وطائفةٌ، قال أحمد: ثِقةٌ، رجل صالح عفيفٌ، وقال ابن معين: صدوق، قال: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلَّا حديثًا واحدًا، ووصفه غير واحد بالصلاح والفضل، قال محمَّد بن مهران: كان يقال: إنَّه من الأبدال، خرَّج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، حديثه عن يحيى فقط؛ وهو «احتجَّ آدمُ وموسى» هذا، والله أعلم، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

(1/8523)

(((21))) [سورة الأنبياء]

(1/8524)

[حديث ابن مسعود: بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء]

4739# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما (البندار)، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وما معناه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، ومَن لقَّبه بذلك، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ): صوابه: بنو إسرائيل، ولكنَّه وقع (بني)؛ فاعلمه، والظاهر أنَّه على الحكاية في التلاوة.

قوله: (هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): تَقَدَّم ذلك في (سورة سبحان)، وكذا (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي).

(1/8525)

[غريب آيات سورة الأنبياء]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وهذا معروفٌ مشهورٌ.

قوله: (فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ): (فَلْكة): بفتح الفاء، وإسكان اللام، وسُمِّيَت (فلكة المغزل) فلكةً؛ لاستدارتها، و (المِغْزَل): بضمِّ الميم، وإسكان الغين المعجمة، ويقال: (المِغْزَل)؛ بكسر الميم وإسكان الغين أيضًا، وكلاهما بفتح الزاي، قال الفرَّاء: الأصل الضمُّ؛ يعني: في الميم، وهو ما يُغزَل به.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَحَسُّوا} [الأنبياء: 12]: تَوَقَّعُوهُ ... ) إلى آخره: قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: (ذكره أبو عبيد في «المجاز» بمعناه، وقال فيه: مجاز «خامد»: مجاز «هامد»)، انتهى.

قوله: ({عَمِيقٍ} [الحج: 27]: بَعِيدٌ): هذا في (سورة الحجِّ) لا هنا؛ فاعلمه.

قوله: ({آذَنَّاكَ} [فصلت: 47]: أَعْلَمْنَاكَ): هذا في (فُصِّلت)، وإنَّما أتى به؛ لأجل قوله: {آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: 109]، والله أعلم.

قوله: (آذَنْتَهُ [1]): هو بمدِّ الهمزة، أعلمته، وهذا ظاهرٌ.

قوله: ({لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 13]: تُفْهَمُونَ): هو في أصلنا بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه.

قوله: ({السِّجِلِّ} [الأنبياء: 104]: الصَّحِيفَةُ): في هذا إبطالٌ لمن ذكر أنَّه كاتبٌ للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد ذكرته مطوَّلًا في (الشروط) مع الكُتَّاب؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: ({آذنتكم}).

[ج 2 ص 316]

(1/8526)

[{كما بدأنا أول خلق}]

(1/8527)

[حديث: إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غرلًا]

4740# قوله: (عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، شَيْخ مِنَ النَّخَعِ): هو المغيرة بن النعمان النخعيُّ الكوفيُّ، يروي عن سعيد بن جُبَير، ومالك بن أنس الكوفيِّ، وغيرِهما، وعنه: سفيان، وشعبة، ومسعر، وشريك، وغيرُهم، وثَّقه ابن معين وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وله فيها حديثان، و (النَّخَع)؛ بفتح النون والخاء المعجمة، وبالعين المهملة: قبيلة من اليمن.

قوله: (غُرْلًا): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه بالغين المعجمة المضمومة، وإسكان الراء، جمع (أغرل)؛ ومعناه: غير مختونين، وتَقَدَّمتْ الحكمة في ذلك في (كتاب الأنبياء عليهم السلام)، وعلى قوله: (إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ)، وعلى هؤلاء الرجال الذين يُؤخَذ بهم ذات الشمال.

==========

[ج 2 ص 316]

(1/8528)

(((22))) [سورة الحج]

قوله: (إِذَا حَدَّثَ؛ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ ... ) إلى آخره: أي: أنَّ الشيطان قد يوقِع في مسامع أهل الشرك ما يوافق رأيَهم، فيتوهَّمون [1] أنَّه حدَّث عن الرسول، وليس كذلك، وأمَّا الذي رواه البزَّار في «مسنده»، وذكره ابن أبي حاتم وابن جرير في «تفسيرَيهما» في قصَّة (الغرانيق العلا)؛ فباطلٌ وإن أكثر الطبريُّ طرقَه، وقد تكلَّم القاضي عياض عليه في «الشفا»، والإمام في «تفسيره»، وقد ذكرته في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس» حيث ذكره، ورددته بالكلبيِّ؛ لأنَّ مداره عليه وهو كذَّاب، وبباذان، وهو مثل الكلبيِّ، ولم يسمع من ابن عبَّاس إلَّا الحرف بعد الحرف؛ فانظره، فإنَّه هناك مطوَّل، والله أعلم.

قوله: (بالقَضَّةِ [2]): هو بفتح القاف، وتشديد الضاد المعجمة المفتوحة، ثُمَّ تاء، وهي الجِيْر.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: يَفْرُطُونَ، مِنَ السَّطْوَةِ): (يَفْرُطُون): بفتح الياء، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء مضمومة، ثُمَّ طاء مهملة، (غيره): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: هذا قول أبي عبيدة [3] في «المجاز».

قوله: (وَيُقَالُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: يَبْطشُونَ): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: هذا قول ابن عبَّاس في رواية أبي طلحة عنه، أخرجه الطبريُّ وغيرُه، انتهى.

قوله: (يَبْطشُونَ): هو بضمِّ الطاء وكسرها، لغتان مشهورتان.

قوله: ({تَذْهَلُ} [الحج: 2]: تُشْغَل): (تُشْغَل): بضمِّ أوَّله، وإسكان الشين وفتح الغين المعجمتين، كذا في أصلنا، ولو فسَّره بـ (تشتغل)؛ كان أوضح، وسيأتي تعليله، وقد فسَّره به بعضهم، وذلك لأنَّ (تُشْغَل) من المتعدِّي، وما ذكرته لازمٌ، و {تذهل}: لازم، والله أعلم.

قوله: ({بِسَبَبٍ} [الحج: 15]: بِحَبْلٍ): هو بالحاء المهملة المفتوحة، وإسكان الموحَّدة، واحد الحبال، وهو معروفٌ.

==========

[1] في (أ): (فيتوهموا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بالقَصَّة).

[3] في (أ): (عبيد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 316]

(1/8529)

[حديث: يقول الله يوم القيامة: يا آدم. يقول: لبيك ربنا وسعديك.]

4741# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (فَيُنَادِي [1] بِصَوْتٍ): قال ابن قُرقُول: كذا لأكثرهم، وعند أبي ذرٍّ: (فينادَى)؛ بفتح الدَّال، وهو أبين، وكيفما كان؛ فالمنادي غير الله أضيف النداء إليه؛ لأنَّه عن أمره، والأوَّل أعرف وأشهر، انتهى، وهو في أصلنا بفتح الدَّال بالقلم.

قوله: (مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ): وهذا يدلُّ على أنَّ يأجوج ومأجوج من نسل آدم، فقيل: إنَّهم من ولد يافث، وقيل: من الترك، وقيل: احتلم آدم، فاختلط ماؤه بالتراب، فأسِفَ، فخُلِقُوا من ذلك، قال ابن عبد السلام: وفيه نظر لحديث: «ما احتلم نبيٌّ قط»، انتهى، وهذا الحديث رواه الطَّبرانيُّ من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: «ما احتلم نبي قط إنَّما الاحتلام من الشيطان»، وقد ضعَّف هذا الحديث ابنُ دحية، قال شيخنا الشَّارح: وما يحكى من أنَّ آدم احتلم، فاختلط ماؤه بالتراب، فخُلِقوا من ذلك؛ فلا أصل له، فالأشهر: امتناع الاحتلام عليهم، وذكر عن مقاتل بن حيَّان عن عكرمة مرفوعًا: «بعثني الله عزَّ وجلَّ ليلة أُسْرِيَ بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله، فأبوا أن يجيبوني، فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وإبليس» انتهى، وهذا مرسل، عكرمة تابعيٌّ، والأشهر في مذهب الشافعيِّ: امتناع الاحتلام على الأنبياء،

[ج 2 ص 316]

وقال ابن قُرقُول في «مطالعه» في (الحاء واللام): (كان يصبح جنبًا من غير حُلْم؛ يعني: النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، بجزم اللام؛ أي: لا من حلْم المنام، وهو الاحتلام ليس فيه إثبات أنَّه كان يحتلم، وقد نفاه عنه بعض الناس؛ لأنَّه من الشيطان، ولأنَّه لم يروَ في ذلك أثرٌ، وقد يحتمل جوازه عليه، ولا يكون من الشيطان؛ لكن من الطبع البشري عند اجتماع الماء والبعد من النساء)، انتهى لفظه، وقد ذكرتُ هذه المسألة مطوَّلة في (كتاب الأنبياء) في (باب: قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القَرْنَيْنِ} [الكهف: 83]).

(1/8530)

قوله: (ثُمَّ قَالَ: «شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ»): تَقَدَّم الكلام على هذا، والجمع بينه، وبين الحديث الآخر: «أهل الجنَّة مئة وعشرون صفًّا، أنتم منهم ثمانون، وصفوف الجنَّة من المسلمين والكفَّار»، في (باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125]).

قوله: (قَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): (أبو أسامة): حمَّاد بن أسامة، و (الأعمش): سليمان بن مهران، ويأتي عزو تعليقه.

تنبيهٌ: هذا مكرَّر مع ما سبق، وكأنه لمَّا قدَّمه؛ نسي أن يضرب عليه في هذا الموضع، وفي «الجامع»: هكذا مواضعُ، وقد وقع له كذلك أيضًا في (التفسير)، فإنَّه تكرَّر فيه في نفس السورة التي يفسرها، وقد قدَّمتُ في أوَّل هذا التعليق سبب اختلاف النُّسخ، وغير ذلك.

قوله: (وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ): يعني: عن الأعمش، أمَّا (جرير)؛ فهو ابن عبد الحميد الضبِّيُّ، القاضي، تَقَدَّم، و (عيسى بن يونس): هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ، أحد الأعلام في الحفظ، تَقَدَّم، و (أبو معاوية): محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ الضرير، تَقَدَّم، وحديث جرير عن الأعمش أخرجه البُخاريُّ في (الرقاق): عن يوسف بن موسى عن جرير، وأخرجه مسلم في (الإيمان): عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عنه، وأمَّا ما رواه عيسى بن يونس؛ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وحديث أبي أسامة أخرجه في (الأنبياء): عن إسحاق ابن نصر عن أبي أسامة، وأبو معاوية حديثه في «مسلم».

(1/8531)

[{ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن ... }]

قوله: ({أَتْرَفْنَاهُمْ} [المؤمنون: 33]: وَسَّعْنَاهُمْ): كذا في أصلنا، وعليه مع شيء آخر معه (لا ... إلى ه)، فعلى الرواية بإثباته هنا، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ كذلك؛ فهو في السورة الآتية بعدها، وقد وقع له كذلك في غير مكان، وقد قدَّمتُ ما تنبَّهت له من ذلك في أماكنه.

==========

[ج 2 ص 317]

(1/8532)

[حديث ابن عباس: كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت ... ]

4742# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا، ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ عمرو بن عبد الله، و (أَبُوحَصِين): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ الكنى بالفتح؛ كهذا، وأنَّ هذا عثمان بن عاصم.

قوله: (وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ): (نُتج): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وخيلُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقوله: (وَلَمْ تُنْتَجْ): هو أيضًا مبنيٌّ، ولم يُسْمَع الماضي والمستقبل من هذا إلَّا مبنيَّان، و (خَيْلُهُ) في الثانية: مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 317]

(1/8533)

[{هذان خصمان اختصموا في ربهم}]

(1/8534)

[حديث: إن هذه الآية {هذان خصمان} نزلت في حمزة وصاحبيه]

4743# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن بَشير حافظ بغداد، و (أَبُو هَاشِمٍ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: يحيى بن أبي الأسود دينارٍ، وقيل: يحيى بن نافع الواسطيُّ، حدَّث عن أبي مِجْلَز لاحق بن حُمَيد، السدوسيُّ البصريُّ، الأعور الأسود، مات سنة ثنتين وعشرين ومئة، ومات أبو مِجْلَز في خلافة عمر، وكان ورَد خراسان مع قتيبة بن مسلم الباهليِّ، انتهى، فقوله: (ومات أبو مِجْلَز في خلافة عمر): يعني: عمر بن عبد العزيز، وهذا يعرف من طبقة الشخص، ولكن ذكرته لمن لا يعرف الطبقة إلَّا التي تُبنى فوق القاعة، وكونه في خلافة عمر بن عبد العزيز قاله المدائنيُّ وجماعة، وقال خليفة: تُوُفِّيَ سنة ستٍّ ومئة، وقال الفلَّاس: مات سنة تسع ومئة، وأبو مِجْلَز؛ بكسر الميم، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ زاي، وأبو هاشم المذكور: هو الرُّمانيُّ؛ بضمِّ الراء، كان ينزل قصر الرمَّان بواسط، فنُسِبَ إليه.

قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّم أنَّه جندب بن جنادة، وتَقَدَّم الخلاف فيه، وفي أبيه، وترجمة أبي ذرٍّ.

قوله: (كَانَ يُقْسِمُ): هو بضمِّ أوله، وكسر السين، رُباعيٌّ؛ لأنَّه من الحلف.

قوله: (إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ): (إنَّ): بكسر الهمزة؛ لأنَّها بعد القسم.

قوله: (فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ): (صاحباه): هما عليُّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطَّلب بن عبد مناف، وسيجيء ذلك قريبًا.

قوله: (وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ): (صاحباه): شيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وسيجيء ذلك قريبًا، وقد قَتَلَ الثلاثةُ الصَّحابة _حمزةُ، وعليٌّ، وعبيدةُ_ الثلاثةَ المشركين من قريش؛ فقتل حمزةُ شيبة بن ربيعة، وعليٌّ الوليدَ بن عتبة، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكرَّ علي وحمزة بأسيافهما على عتبة، فذفَّفا عليه واحتملا صاحبهما، فحازاه إلى أصحابه، وكان ذلك يوم بدر، كما صرَّح به هنا في الرواية، وقد قدَّمتُ الاختلاف في القاتلين الثلاثة مَن قتل كلٌّ منهم فيما مضى؛ فانظره.

تنبيهٌ: إن قيل: كيف نزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الحج: 18] في يوم بدر والسورة مكِّيَّة؟ فالجواب: أنَّ السورة مكِّيَّة إلَّا ثلاث آيات، وهي: {هذان خصمان} إلى آخرها، والله أعلم.

(1/8535)

قوله: (رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ): الظاهر أنَّ سفيان هذا هو الثوريُّ، ومستندي في «الكمال لعبد الغنيِّ» أنَّه ذكر في الرواة عن أبي هاشم الثوريَّ، والذَّهبيُّ قال: روى عنه سفيان، فأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، وما رواه سفيان عن أبي هاشم أخرجه البُخاريُّ في «المغازي» عن قَبيصة، وعن يحيى بن جعفر عن وكيع؛ كلاهما عن سفيان عن أبي هاشم به، وأخرجه مسلم في آخر كتابه عن ابن مثنَّى، عن ابن مهديٍّ، عن سفيان به، وأخرجه النَّسائيُّ في (السير)، و (المناقب)، و (التفسير) عن بندار، عن ابن مهديٍّ، وابنُ ماجه في (الجهاد): عن يحيى بن حكيم وحفصِ بن عمرو الرَّباليِّ؛ كلاهما عن ابن مهديٍّ به، و (أبو هاشم) تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

قوله: (وَقَالَ عُثْمَانُ: عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: قَوْلَهُ): أمَّا (عثمان)؛ فهو [1] ابن أبي شيبة عثمان بن محمَّد بن أبي شيبة، أبو الحسن العبسيُّ مولاهم، الكوفيُّ الحافظ، أخو الحافظ الكبير أبي بكر بن أبي شيبة، عن شَريك، وأبي الأحوص، وجرير، وطبقتهم، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابنه محمَّد، وأبو يعلى، والبغويُّ، وأمم، مات في المحرَّم سنة (239 هـ)، أخرج له من روى عنه من الأئِمَّة، ثِقةٌ مأمون، تَقَدَّم، ولكن طال العهد به، وله ترجمة في «الميزان»، وما رواه عثمان أخرجه فقال: (وقال عثمان بن أبي شيبة: حدَّثنا جرير)، فقد تَقَدَّم أنَّه شيخ البُخاريُّ، فكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (جرير): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الحميد، و (منصور): هو ابن المعتمر، و (أبو هاشم): تَقَدَّم أنَّه يحيى بن أبي الأسود أعلاه، و (أبو مِجْلَز): تَقَدَّم ضبطه قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّم أعلاه أنَّه لاحق بن حُمَيد.

وقوله: (قولَه): هو منصوب بنزع الخافض؛ أي: من قوله؛ يعني: موقوفًا عليه لا مرفوعًا.

==========

[1] زيد في (أ): (فهو)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 317]

(1/8536)

(((23))) [سورة المؤمنين]

قوله: ({مِنْ سُلالَةٍ} [المؤمنون: 12]: الْوَلَدُ): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: (وَالْجِنَّةُ وَالْجُنُونُ وَاحِدٌ): اعلم أنَّ (الجِنَّة)؛ بكسر الجيم: الجنُّ، ومنه قوله تعالى: {مِنَ الجِنَّةِوَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13]، والجِنَّة أيضًا: الجنون، ومنه هذا المكان الذي ذكره البُخاريُّ {أَم بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8]، والاسم والمصدر على صورة واحدة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 317]

(1/8537)

(((24))) [سورة النور]

[ج 2 ص 317]

قوله: ({مِنْ خِلالِهِ} [النور: 43]: مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ): قال بعضهم: (أضعاف): مقحمة، ولهذا قال غيره: (من بين السحاب)، والله أعلم

قوله: (يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِئ [1]: مُذْعِنٌ): (المُستخذئ): بضمِّ الميم، ثُمَّ سين مهملة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة أيضًا مكسورة، ثُمَّ همزة، قال الجوهريُّ: الكسائيُّ: خَذِئْتُ له، وخذأتُ له _بالكسر والفتح_ خَذَاءً، وخَذْءًا، وخُذوءًافيهما: خضعتُ، وكذلك استخذأتُ له وأَخْذَأَهُ فلان؛ أي: ذلَّ _ له، انتهى، وفي «القاموس»: خَذَأَ له؛ كـ (مَنَعَ) (وفَرِحَ)، خَذْءًا، وخُذُوءًا، وخَذَأً؛ انخضع وانقاد؛ كاستخذأ، وأخذأه: ذلَّ _ له، والخَذَأُ: ضعف النفس.

قوله: ({أَشْتَاتاً} [النور: 61]، وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ): أي: كلُّه يرجع إلى معنى: التفرُّق، وليست كلُّها واحدًا إلَّا بهذا المعنى، وذلك لأنَّ (شتاتًا) و (شتًّا) مصدران، وأشتاتًا: واحدهم شتٌّ وشتَّى، تقول: قومٌ شتَّى؛ أي: متفرِّقون، والله أعلم.

قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: {سُوْرَةٌ أَنزَلْنَاهَا} [النور: 1]: بَيَّنَّاهَا): كذا في الأصول، والظاهر أنَّ (بيَّنَّاها) تفسير لـ {فَرَّضْنَاهَا} [النور: 1] المشدَّدة، وقد يدلُّ لذلك قوله بعده: (ومّنْ قَالَ [2]: {فَرَّضْنَاهَا}: أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً)، انتهى، وكذا فسَّر بعضهم المشدَّد بـ (بيَّنَّاها)، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الْقُرْآنُ ... ) إلى آخره: قال بعض المتأخِّرين من الحُفَّاظ: هو كلام أبي عبيدة أيضًا.

قوله: (فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ): (قُرِن): بضمِّ القاف [3]، وكسر الراء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بعضها): مرفوع قائم مقام الفاعل.

قوله: (أَيْ: مَا جُمِعَ فِيهِ): (جُمِع): بضمِّ الجيم، وكسر الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (لِأَنَّهُ يَفْرُقُ [4] بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ): (يَفْرُقُ): بفتح أوله، وإسكان الفاء، وضمِّ الراء.

(1/8538)

قوله: (مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ؛ أَيْ: لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا): (قَرَأَت): بهمزة مفتوحة بعد الراء، و (سَلًى): بفتح السين المهملة، منوَّن، والسَّلى؛ مقصور: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي إن نُزِعَت عن وجه الفصيل ساعة يولد، وإلَّا؛ قتلته، وقد تَقَدَّمت في (الطهارة).

قوله: (وَقَالَ: {فَرَّضْنَاهَا} [النور: 1]: أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ): {فرَّضناها}: بتشديد الراء، وقد قرأها بالتشديد ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ الباقون من السبعة بتخفيفها.

قوله: (قَرَأَ: {فَرَضْنَاهَا} [النور: 1]): يعني: بالتخفيف، وقد تَقَدَّم أعلاه من قرأ به.

قوله: (وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ) [5]: هو سعد بن عياض الثُّماليُّ _بضمِّ الثاء المثلَّثة، وتخفيف الميم_ الكوفيُّ، يروي عن ابن مسعود، وعنه: أبو إسحاق، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وكذا هو في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولفظه: سعد بن عياض الثُّماليُّ، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: (أنَّه كان أشدَّ الناس بأسًا)، وهو مرسل، وهو تابعيٌّ، روى عن ابن مسعود، روى عنه أبو إسحاق الهمْدانيُّ، سمعت أبي يقول ذلك، انتهى، أُخْرِج له في «أبي داود» و «النَّسائيِّ» و «التِّرْمِذيِّ» في «الشمائل»: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سُمَّ في الذِّراع)، انفرد عنه أبو إسحاق، ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه»؛ لرواية واحد عنه فقط، ولم يذكر فيه كلامًا لأحد، وقد علمتَ أنَّه في «ثقات ابن حبَّان»، وقد قال فيه: إنَّه روى عنه أهل الكوفة، وقال في (سعْد)؛ بحذف الياء: إنَّه روى عنه أبو إسحاق.

(1/8539)

تنبيهٌ: قوله في «البُخاريِّ»: (سعد): هو بغير ياء، كذا هو في أصلنا الذي سمعنا منه على العراقيِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (سعيد)؛ بزيادة ياء، وقد ذكره بغير ياء الذَّهبيُّ في «تذهيبه»، و «كاشفه»، و «ميزانه»، وقد رأيته بإثبات الياء في «ثقات ابن حبان»، ذكره في (سعد) وفي (سعيد)، وهذا شاهد لما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أر أنا فيه خلافًا في «المطالع»، ولا في «تقييد المهمل» لأبي عليٍّ الغسَّانيِّ، وكذا ذكره (سعد) _بغير ياء_ المِزِّيُّ، وقبله عبد الغنيِّ في «الكمال»، وكذا وقع في «أبي داود» في (الأطعمة) في حديثين، وفي «النَّسائيِّ» في (الوليمة)، وفي «الشمائل» للتِّرمذيِّ: (سعد)؛ بغير ياء، وكذا ذكر سعدًا _في (باب سعد)؛ بغير ياء_ ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»، وقال: حديثه مرسل، ولا تَصِحُّ له صحبة، وإنَّما هو تابعيٌّ، يروي عن ابن مسعود، انتهى، وكذا ذكره شيخنا في «شرحه» فقال: (سعْد) مكبَّرًا، والله أعلم.

قوله: (الْمِشْكَاةُ: الْكوَّة بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ): (الكَوَّة): تَقَدَّم أنَّها بفتح الكاف على المشهور، وقد حُكِيَت بالضمِّ، وقال الصدفيُّ عن بعض شيوخه عن المعرِّيِّ: إنَّها بالفتح: غير نافذة، وبالضمِّ: نافذة، وضُعِّف.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (للمستخذي).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قرأ).

[3] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يُفَرِّق).

[5] كذا في (أ) و (ق) جاء هذا القول في آخر الآيات المشروحة، وهو في «اليونينيَّة» بعد قوله: (سُمِّيَ قرآنًا).

(1/8540)

[{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء ... }]

(1/8541)

[حديث: قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك]

4745# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ): (إسحاق) هذا: لم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا رأيته في كلام الغسَّانيِّ، وقد ذكر عبد الغنيِّ في ترجمة محمَّد بن يوسف الفريابيِّ: أنَّه روى عنه أبو إسحاق بن منصور، وكذا قال الذَّهبيُّ: إنَّه روى عنه إسحاق الكوسج، وهو ابن منصور، والله أعلم، و (محمَّد بن يوسف): هو الفريابيُّ، تَقَدَّم، و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، أبو عمرو شيخ الإسلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ عُوَيْمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ): قال الدِّمْياطيُّ: هو عويمر بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجدِّ بن العجلان، وأمَّا (عاصم): فهو ابن عديِّ بن الجدِّ بن العجلان، شهد بدرًا وما بعدها، وقيل: لم يشهدها، بل استخلفه على قباء، وضرب له بسهمه وأجره، تُوُفِّيَ سنة (45 هـ)، وقد قارب مئة وعشرين سَنةً، وأخوه معن بن عديٍّ شهد العقبة وبدرًا وما بعدهما، انتهى، فقوله في عويمر: (ابن الحارث)؛ هذا قولٌ، وقيل: عويمر بن أبيض، وقدَّمه غير واحد من الحُفَّاظ، وقيل: عويمر بن أشقر، وقُدِّم أيضًا على (ابن الحارث)، قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: كان لعانهما _أي: لعانه ولعان زوجته_ في شعبان سنة تسع من الهجرة حين قدم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من تبوك، وقال في ترجمة عويمر، وهو صاحب اللعان الذي رمى زوجته بشَريك ابن السحماء، وهذا فيه نظر، والذي قذف امرأته بشريك ابن سحماء هلال بن أُمَيَّة، وكذا ذكره هو في ترجمته في «التهذيب».

قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ): يعني: امرَأتك، وامرأة عويمر العجلانيِّ لا أعرف اسمها، ورأيت في كلام ابن شيخنا البلقينيِّ ما لفظه: ورأيت بخطِّ شيخنا مغلطاي على حواشي «أسْد الغابة»: خولة بنت قيس الأنصاريَّة زوج عويمر العجلانيِّ التي لاعنها، وذكرها مقاتل في «تفسيره» قال: وهذا غريب، انتهى، وسيأتي بعيد هذا شيء يتعلَّق بهذا، وسيأتي الكلام قريبًا على قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ)، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: التي لاعنها خولة بنت قيس.

(1/8542)

قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا مِنَ [1] الْمُتَلاَعِنَيْنِ): قال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدْي» في (اللعان) في قوله: (فصارت سُنَّةً في المتلاعنين): يمكن أن يكون مدرجًا من كلام ابن شهاب، وهو الظاهر، انتهى، وفي «مسلم» قال ابن شهاب: (فكانت سُنَّةَ المتلاعنَين)، انتهى، وكذا في «البُخاريِّ» في (اللعان)، وفي (الطلاق) أيضًا، والله أعلم.

[ج 2 ص 318]

قوله: (أَسْحَمَ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ سين ساكنة، ثُمَّ حاء مفتوحة مهملتين، ثُمَّ ميم؛ أي: أسود شديد السواد، قال الحربيُّ: هو الذي لونه كلون [2] الغراب.

قوله: (أَدْعَجَ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ دال ساكنة، ثُمَّ عين مهملتين [3]، ثُمَّ جيم، هو شديد سواد سوادهما.

قوله: (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ): (خَدَلَّج): بفتح الخاء المعجمة، والدال المهملة، وتشديد اللام المفتوحة، ثُمَّ جيم؛ أي: عظيمهما.

قوله: (أُحَيْمِرَ، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ): (أُحَيْمِر): قال الدِّمْياطيُّ: تصغير أحمر، وهو الأبيض، و (وَحَرَة): دويبَّة تلزق بالأرض؛ كالعظأة، شبَّهه بها لقِصَره، (والأسحم): الأسود، ضدُّ الأحمر؛ بمعنى: الأبيض، انتهى، و (وَحَرَة): بفتح الواو، والحاء المهملة، والراء، ثُمَّ تاء التأنيث، وما قاله الدِّمْياطيُّ في تفسيرها هو قول «النِّهاية» لابن الأثير، وقال ابن قُرقُول: (وَحَرَة)؛ أي: وَزَغَة، وقيل: نوع من الوزغ، يكون في الصَّحارى.

تنبيهٌ: (أحيمرَ): بفتح الراء كذا في أصلنا وغيره، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكره في «شرحه» هنا، فقال: وهو غير مصروف، قال ابن التين: وصوابه: أُحيمرًا، وهو تصغير أحمر، انتهى، والله أعلم، وهذا الكلام فيه شيء؛ وذلك لأنَّ مقتضى العربيَّة ألَّا ينصرف، وإنَّما ينصرف معتلُّ اللام على قول، وفي كلام غير ابن التين أنَّه ينصرف أيضًا.

قوله: (فَكَانَ بَعْدُ نُسِبُ [4] إِلَى أُمِّهِ): انتهى، يعني: أنَّ الغلام ابن امرأة عويمر يُدعى إلى أمِّه، وذكر بعضهم: أنَّ المولود المذكور عاش سنتين، ثُمَّ مات، وعاشت أمُّه بعده يسيرًا، وفي «سنن أبي داود»: كان _يعني الغلام_ أميرًا على مصر، وما يدعى لأب، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (في).

[2] في (أ): (كون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (مفتوحتين).

[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يُنْسَبُ).

(1/8543)

[{والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين}]

(1/8544)

[حديث: قد قضي فيك وفي امرأتك]

4746# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا انَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، ابن سليمان العدويُّ مولاهم، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الرجل الآتي): الظاهر من القصَّة أنَّه عويمر العجلانيُّ، والله أعلم.

فائدةٌ: آية اللعان اختُلِف فيها فيمن أُنزِلَت، فقيل: في عويمر المذكور، وقيل: في هلال بن أُمَيَّة، وأرجحهما: أنَّها في هلال، واستُدِلَّ لذلك بحديث في «مسلم»: (وكان اوَّل رجل لاعن في الإسلام)؛ يعني: هلالًا، قال الماورديُّ في «حاويه»: قال الأكثرون: قصَّة هلال أسبق، قال: والنقل فيها مُشتبِه، وقال ابن الصبَّاغ مثلَه: قصَّة هلال تُبَيِّن أنَّ الآية نزلت فيه أوَّلًا، وأمَّا قوله: (قد أنزل الله فيكم [1]) [خ¦7304]، وفي رواية أخرى: (قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك) [خ¦5259]؛ فمعناه: ما نزل في قصَّة هلال، لأنَّه حكم عامٌّ لجميع المسلمين، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: ويحتمل أنَّها نزلت في ذا، وفي ذاك، وأنَّ هلالًا أوَّل ملاعن، والله اعلم، انتهى.

قوله: (قَدْ قُضِيَ فِيكَ): (قُضي): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا أنَّه من كلام الزُّهريِّ، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَتْ حَامِلًا ... ) إلى آخره: هو هنا من كلام سهل بن سعد، وفي (اللعان) ظاهر العبارة أنَّه من كلام الزُّهريِّ.

قوله: (ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ: أَنْ يَرِثَهَا ... ) إلى آخره: قال ابن قيِّم الجوزيَّة ضمن كلامه على ميراث الملاعنة من ابنها: وهل نجوِّزه _وهو مذهب ابن مسعود، وأحمد، وإسحاق_ أم لا؟ وقد ذكر: ثُمَّ جرت السنة أن يرث منها وترث منه ما فرض الله لها يتلقَّاه بالقبول والتسليم، والقول بموجبه، وإن أمكن أن يكون مدرجًا من كلام ابن شهاب، وهو الظاهر.

==========

[1] في (أ): (فيهما)، وعليها ضبَّة، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 319]

(1/8545)

[{ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين}]

(1/8546)

[حديث: البينة أو حد في ظهرك.]

4747# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُندار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عدي، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ): أمَّا (هلال)؛ فقد تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، ثُمَّ تِيبَ عليهم، قال بعضهم: لم يذكر هلالًا في هذا الحديث إلَّا هشامُ بن حسان، قال: وهو غلط، والدليل عليه: أنَّ القاسم بن محمَّد روى هذا الحديث عن ابن عبَّاس، فذكر فيه العجلانيَّ في حديث اللعان كما ذكر، فاتَّفقت الطرق على العجلانيِّ، وهو عويمر، فصحَّ بذلك غلط هشام، واستدلَّ لذلك بشيء آخر لا يتحرَّر لسقم في النسخة، انتهى، والله أعلم.

وأمَّا (امرأته)؛ فبخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: سهلة بنت عاصم، انتهى، قال الذَّهبيُّ: سهلة بنت عاصم بن عديٍّ، وُلِدَت يوم خيبر عن قولها، والحديث واهي السند، انتهى، وهذه إن صحَّ ذلك عنها؛ لا يمكن أن تكون زوجةَ هلال، ولا أن تكون ملاعِنة، وجاءت بولد، ولا أعلم في الصحابيَّات من اسمها سهلة بنت عاصم إلَّا هذه، ولا أدري من أين أخذه، وقد قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: خولة بنت عاصم زوجة هلال بن أُمَيَّة التي لاعنها، ففرَّق رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بينهما، انتهى، وكذا ذكر ابن شيخنا العراقيِّ الإمامُ أبو زرعة أحمد اسمَ امرأة هلال خولة بنت عاصم، لها ذكر وليس لها رواية، انتهى، وقد رَقَمَ عليها (ط)؛ يعني: أنَّ ابن طاهر ذكر ذلك.

ثُمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البلقينيِّ ذكر قصَّة في اللعان عن «تفسير مقاتل»: أنَّها خولة بنت قيس، ذكرها منسوبة، فسمَّاها [1] في القصة غيرَ مرَّةٍ ولا مرتين، انتهى، ولا أعرف أنا هذه خولة بنت قيس، وفي الصحابيَّات اثنتان يُقال لكلٍّ منهما: خولة بنت قيس، وهذه ليست واحدةً منهما، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكر ذلك عن مقاتل، وأنَّ أبا نُعيم وابنَ مَنده سمَّياها خولة بنت عاصم، قال شيخنا: ولم أر أحدًا ذكر خولة بنت قيس، ولا أحدًا من أصحاب المبهمات، انتهى، وكونها خولة بنت قيس ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ عن خطِّ مغلطاي: أنَّها زوج عويمر العجلانيِّ؛ فانظر هذا، والله أعلم.

(1/8547)

قوله: (بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ): هذا يقال له: شريك ابن السَّحماء، وهي أمُّه، وهي بفتح السين، ثُمَّ حاء ساكنة مهملتين، وبالمدِّ في آخرها، وهو شَريك بن عَبَدة _بفتح العين والموحَّدة_ بن مُعتِّب _وقيل: مغيث_ بن الجدِّ بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة البلويُّ، وهو عمُّ معن وعاصم ابنَي عديِّ بن الجدِّ، وهو حليف الأنصار، قيل: إنَّه شهد مع أبيه أحدًا، قال عياض: قول من قال: إنَّه يهوديٌّ؛ باطل، قال الخطيب: شهد أبوه عبَدة بدرًا، وقيل: في قوله: (بشريك ابن سحماء)؛ أي: بشخص هو شريك ابن سحماء، لا بشريكٍ نفسِه، نقله شيخنا عن أبي نعيم، والله أعلم.

[ج 2 ص 319]

قوله: (الْبَيِّنَةَ): هو بالنصب، ونصبه ظاهر؛ أي: أحْضِرِ، ويُروى برفعها.

قوله: (وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ): (أنزل): بفتح الهمزة، مبنيٌّ للفاعل.

قوله: (وَقَّفُوهَا): هو مشدَّد في أصلنا بالقلم، وفي نسخة خارج أصلنا مخفَّفة، وهما لغتان، يقال في المخفَّف: وقفته ووقف هو، يتعدَّى ولا يتعدَّى.

قوله: (وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ): أي: توجب عذاب النار.

قوله: (أَبْصِرُوهَا): هو بفتح الهمزة، وكسر الصاد، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ): (الأكحل): الذي في عينيه كَحَل _ بفتحتين_ وهو سواد أجفان العين خِلقة، يقال للرجل: أكحلُ وكحيلٌ.

قوله: (سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ): هو بالسين المهملة، وبعد الألف مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ غين معجمة، قال صاحب «المطالع» عن صاحب «العين»: أي: قبيحهما، يقال: عجيزة سابغة وألية سابغة؛ أي: قبيحة، قال القاضي: وقد يكون سبوغ الأليتين: عظيمها، ومنه: ثوب سابغ، وأسبغ الله علينا نِعَمَه؛ أي: كثَّرها ووسَّعها، ويدلُّ عليه قوله في بعض الروايات: (عظيم الأليتين)، وفي أخرى: (إن كان مُسْتَهًا)، والمُسْتَه والأَسْتَه: العظيم الأليتين، وقد يكون سابغ [الأليتين]؛ أي: شديد سوادهما؛ لأنَّه جاء في صفته في بعض الروايات: (أسود)، يقال في الصباغ؛ بالسين والصاد، وقد يكون (سابغ الأليتين): كثير شعرهما، كما يوجد في بعض الأطفال، يقال: سبغت الناقة؛ إذا ولدت ولدها حين يُشعِر، انتهى، وفي «النِّهاية»: (سابغ الأليتين): أي: تامَّهما وعظيمهما، من سبوغ الثوب والنِّعمة، انتهى.

قوله: (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

(1/8548)

[{والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}]

(1/8549)

[حديث: أن رجلًا رمى امرأته فانتفى من ولدها في زمان رسول الله]

4748# قوله: (حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ محمَّد بْنِ يَحْيَى): (مُقدَّم): بضمِّ الميم، وفتح الدال المهملة المشدَّدة، اسم مفعول من (قدَّم) المضعَّف، وهو مقدَّم بن محمَّد بن يحيى بن عطاء بن مقدَّم بن مطيع الهلاليُّ المقدَّميُّ الواسطيُّ، عن عمِّه القاسم بن يحيى، وعنه: البُخاريُّ، وأسلم بن سهل، وعليُّ بن العبَّاس المقانعيُّ، وطائفة، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وانفرد به البُخاريُّ عن أصحاب الكُتُب السِّتَّة، و (عُبَيْدُ اللهِ) هذا: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ.

قوله في حديث ابن عمر: (أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ، وانْتَفَى [1] مِنْ وَلَدِهَا): الظاهر أنَّه عويمر العجلانيُّ، وسيأتي في (اللعان) من حديثه: (فَّرق النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين أخوي بني العجلان)، وقال شيخنا: هذا الرجل هو العجلانيُّ وامرأته، انتهى، وقد تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمها، وتَقَدَّم ما رأيته في كلام ابن شيخنا البُلقينيِّ، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ هنا في قوله: (أنَّ رجلًا رمى امرأته): هذا المبهم يصحُّ تفسيره بحديث عويمر الثابت من طريق سهل بن سعد، وبحديث هلال الثابتِ من حديث ابن عبَّاس، وفي بعض الشروح: تعيين عويمر العجلانيِّ، وهو مُتَعَقَّبٌ إلَّا أن يأتي تصريح في رواية ابن عمر، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فانتفى).

[ج 2 ص 320]

(1/8550)

[{إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم ... }]

(1/8551)

[حديث عائشة: {والذي تولى كبره}. قالت: عبد الله بن أبي ابن سلول]

4749# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (مَعْمَرٌ) بعده: بفتح الميمين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.

قوله: (عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّم الكلام عليه مترجمًا، وأنَّه رأس المنافقين، وكيف النطق به وكتابته، وأنَّ (سلول): لا يصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وهي أمُّه.

==========

[ج 2 ص 320]

(1/8552)

[{لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ... }]

(1/8553)

[حديث: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني .. ]

4750# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وأنَّ (يُونُس): هو ابن يزيدَ الأيليُّ، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم أحد الأعلام، و (سَعيْد بن المُسَيّب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممن اسمه (المُسَيَّب) لا يقال إلَّا بفتح يائه.

قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّم في (الشهادات) من هم أهل الإفك، وتَقَدَّم أنَّ (طَائِفَةً) معناه: قطعة، و (أَوْعَى): أحفظ.

قوله: (وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ): الحديث: (حَدَّثَنِي عُرْوَةُ)، وهذا يدلُّ على أنَّ الحديث عند الزُّهريِّ كلُّه عن عروة، والله أعلم.

وتَقَدَّم أنَّ الغزوة التي وقع فيها الإفك غزوة بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع، وتَقَدَّم تاريخها والاختلاف في ذلك، وقولها: (فَخَرَجَ سَهْمِي): تَقَدَّم في (الشهادات): أنَّه خرج معها أمُّ سلمة من عند ابن سعد، وتَقَدَّم الاختلاف في الحجاب متى أُنزِل، وسيأتي في (الأحزاب)، وتَقَدَّم (الهَوْدَج) ما هو، وعلى (قَفَلَ)، وأنَّ معناه: رجع، و (آذن)؛ بمدِّ الهمزة: أعلمَ، وأنَّ (الرَّحْلَ): المنزل والمأوى، وتَقَدَّم الكلام على (جَزْعِ ظَفَارِ)، وتَقَدَّم في التيمُّم ما ثمنه، و (حَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ)؛ أي: أخَّرني طلبُه، وتَقَدَّم أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال؛ كالنفر، و (يَرْحَلُونَ): تَقَدَّم أنَّه بالتخفيف، وما قال فيه القاضي عياض: ولا أعرف منهم أحدًا، وقال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين: وقع عند الواقديِّ من طريق عباد بن عبد الله بن الزُّبَير عن عائشة في حديث الإفك: أنَّ الذي كان يرحل هودجها ويقود بعيرها أبو مويهبة مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكان رجلًا صالحًا، وذكره البلاذريُّ فقال: أبو مويهبة، انتهى.

(1/8554)

وعلى (الْعُلْقَةَ) ما هي، وهي البُلغة، وعلى (بَعَثُوا الجَمَلَ)؛ أي: أثاروه من بروكه، وعلى (اسْتَمَرَّ)؛ أي: ذهب، وعلى (أَمَمْتُ)؛ ومعناه: قصدت، وعلى (صَفْوَانِ بْنِ الْمُعَطَّلِ) وما يتعلَّق به، وسبب تأخُّره عن الجيش، وعلى (ادَّلَجَ [1])، وعلى (سَوَادَ)؛ أي: شخص، وعلى (جِلْبَابِي)، وما هو الجلباب، وعلى قوله: (وَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً)، وعلى (مُوغِرِينَ)، وعلى (نَحْرِ الظَّهِيرَةِ)، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ)، والنطق به، وكتابته، ونسبه، وعلى قوله: (فَاشْتَكَيْتُ [2] شَهْرًا)، وعلى (يَرِيبُنِي)، وأنَّه ثُلاثيٌّ على الأفصح، ويجوز رُباعيٌّ أيضًا، وعلى (اللَّطَفَ)، وعلى (تِيَكُمْ)، وأنَّه إشارة للمؤنَّث؛ كـ (ذاكم) للمذكَّر، وعلى (نَقهْتُ) بلغتيها؛ ومعناه: أفقت من المرض.

وعلى (أُمِّ مِسْطَحٍ) واسمها، وهنا: (وَهْيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: صوابه: أبو رُهم بن المطلب بن عبد مناف، انتهى، ولو قال: نُسِبَ أبو رهم إلى جدِّه؛ كان أحسنَ من التوهيم، والله أعلم، وعلى (ابْنِهَا مِسْطَحُ)، وأنَّ اسمه: عوف، ويقال: عامر، ومسطح لقب، وما هو (المسطح) [3]، وعلى (الْمَنَاصِعِ)، وأنَّه جمع (مَنْصع)، وعلى (الْكُنُفِ)، وهي المراحيض، وعلى قوله: (أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ)، وعلى قوله: (وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ)، قال الدِّمْياطيُّ: أمُّ الخير أمُّ الصدِّيق بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك.

(1/8555)

قوله: (قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا): كانتا خرجتا لقضاء الحاجة، فقضتا حاجتهما، وسيجيء بعد هذا في هذه السورة: (فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلاَ كَثِيرًا) [خ¦4757] ففيه أنَّها لم تقض حاجتها، وهما متضادَّان، والثاني هنا معلَّق عن أبي أسامة _وهو حمَّاد بن أسامة_ بصيغة جزم، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الشهادات)؛ فانظره، وعلى (المِرْط) ما هو وضبطه، وعلى (تَعسَ) بلغتيها، وعلى (هَنْتَاهْ) ضبطًا ومعناها، وعلى (أَبَويْها)، وهما أشهر من أن يذكرا، أبوها أبو بكر عبد الله بن عثمان الصدِّيق، وأمُّها أمُّ رومان دعد، ويقال: زينب، وعلى (وَضِيئَةً)، وعلى (يَرْقَأُ)، وأنَّه مهموز الآخر؛ أي: يرتفع، وعلى قوله: (فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): ظاهره أنَّ أم مسطح لمَّا أعلمتها بالخبر، ثُمَّ استشار عَلَيهِ السَّلام عليًّا وأسامة، وسيأتي بُعَيده ما يخالفه، وقد تَقَدَّم في (الشهادات)، وعلى (اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ)، وعلى (أَهْلَكَ) بالنصب، وأنَّه يجوز رفعه، وعلى (بَرِيرَةَ)، وتعقُّب من تعقَّبها، وهو تعقُّب حسن، وعلى (يَرِيبُكِ)، وأنَّه بفتحٍ، ويجوز الرباعيُّ أيضًا، وعلى (إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا)، وأنَّها نافية؛ بمعنى: (ما)، وعلى (أَغْمِصُهُ)؛ أي: أعيبه، وعلى (الدَّاجِنُ)، وعلى (سَعْدِ بْن مُعَاذٍ)، وذكره في هذه القصَّة، وعلى قوله: (وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا)، وعلى قوله: (لَعَمْرُ اللهِ): هو قسم ببقاء الله ودوامه، وهو رفع بالابتداء، والخبر محذوف؛ تقديره: لعمرو الله قسمي، أو ما أقسم به، واللام للتَّوكيد، فإن لم يأت باللام؛ نُصِبَ نصبَ المصادر، وقد تَقَدَّم، وعلى (أُسَيْد بْن حُضَيْرٍ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة، وفتح السين، وضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، وعلى قوله: (وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ)؛ يعني: سعد بن معاذ، وكذا جاء في بعض النُّسخ،

[ج 2 ص 320]

(1/8556)

وعلى قوله: (فَاسْتَأْذَنَتْ [4] امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ)، وأنِّي لا أعرفها، وعلى قوله: (وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ)، تَقَدَّم ما قاله السُّهيليُّ، وما قاله أبو محمَّد ابن حزم في (الشهادات)؛ فانظره، وعلى (أَمَّا بَعْدُ) في أوَّل التعليق إعرابًا، وأوَّل من قالها، وعلى (قَلَصَ)؛ ومعناه: ارتفع، وعلى (مَا رَامَ)؛ أي: لم يبرح من مكانه، وعلى (الْبُرَحَاءِ)، وعلى (الْجُمَانِ)، وعلى (سُرِّيَ)، وأنَّه مخفَّفٌ ومشدَّدٌ، وأنَّ معناه: كشف، وعلى قوله: (فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ)، وما رواه الطبرانيُّ في «معجمه الكبير»، وعلى (زَيْنَبَ بِنْتِ [5] جَحْشٍ) أمِّ المؤمنين، وعلى (أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي)، وعلى (تُسَامِينِي)، وعلى (أُخْتِهَا حَمْنَةَ)، وعلى (تُحَارِبُ)، وهل جُلِدوا أم لا، وعلى (عبد الله بن أُبَيٍّ) هل جلد أم لا مطوَّلًا؛ فانظر ذلك كلَّه في (الشهادات).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بالتشديد، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (فَأَدْلَجَ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (حين قَدِمْتُ).

[3] ثمَّة إشارة لحقٍ في (أ)، وليس لها مشارٌ إليه.

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَيَّ).

[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابنة).

(1/8557)

[{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ... }]

(1/8558)

[حديث: لما رميت عائشة خرت مغشيًا عليها]

4751# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن كثير، أخو محمَّد، وكونه (سليمان) كذا في أصلنا وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال ابن قُرقُول: (كذا لهم، وعند الجرجانيِّ: «سفيان»، وصوابه: سليمان، وهو ابن كثير، أخو محمَّد بن كثير)، انتهى، وكذا صوَّبه الجيَّانيُّ، و (حُصَيْنٌ) بعده: بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، وهو ابن عبد الرَّحمن، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.

قوله: (عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ رُومَانَ): تَقَدَّم الكلام على رواية مسروق عن أمِّ رومان، وكلام الناس في ذلك مطوَّلًا؛ فانظره في (الشهادات).

==========

[ج 2 ص 321]

(1/8559)

[{إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ... }]

(1/8560)

[حديث ابن أبي مليكة: سمعت عائشة تقرأ: {إذ تلقونه بألسنتكم}]

4752# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الرازيُّ الفرَّاء، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، وفي نسخة على هامش أصلنا هو منسوب إلى أبيه، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: ({إذ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُم} [النور: 15]): {تَلِقُونه}: بفتح أوَّله، وكسر ثانيه، وضمِّ ثالثه مخفَّفًا، هذه شاذَّة، وهي قراءة عائشة ويحيى بن يَعمَر.

==========

[ج 2 ص 321]

(1/8561)

[{ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا}]

(1/8562)

[حديث ابن أبي مليكة: استأذن ابن عباس قبل موتها على عائشة وهي.]

4753# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم أعلاه، وقول ابن أبي مليكة: (اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ [1]، عَلَى عَائِشَةَ ... )؛ الحديث، قال شيخنا: رواه أحمد عن عبد الرزَّاق: أخبرنا معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن ابن أبي مليكة، عن ذكوان مولى عائشة: (أنَّه استأذن لابن عبَّاس عائشةَ وهي تموت، وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرَّحمن ... )، فذكر نحوه، وفيه: (إنَّكِ أحبُّ أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يحبَّ إلَّا طيِّبًا، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات، فليس في الأرض مسجد إلا وهو يتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء، فنزل التيمُّم، فوالله إنَّكِ لمباركة)، قال شيخنا: وهذه الرواية تدلُّ على إرسال رواية البُخاريِّ، وأنَّ ابن أبي مليكة لم يشهد ذلك، ولا سمعه منها حالة قولها؛ لعدم حضوره، انتهى.

4754# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون، ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّم، و (الْقَاسِمُ): هو ابن محمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قبل موتها)، ورواية (ق): (على عائشة قبل موتها)، وعليها علامة التقديم والتأخير.

[ج 2 ص 321]

(1/8563)

[{يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا}]

(1/8564)

[حديث: جاء حسان بن ثابت يستأذن عليها قلت: أتأذنين لهذا؟]

4755# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفريابيُّ، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البُخاريِّ البيكنديِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، أفادهما شيخنا، قال: كما صرَّح به الإسماعيليُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح.

قوله: (حَصَانٌ رَزَانٌ ... )؛ البيتَ: تَقَدَّم الكلام على (حصان)، وعلى (رزان)، وعلى (تُزَنُّ)، وعلى (غَرْثَى)، وعلى أبيات مع هذا [1] البيت ذكرتُها؛ فانظر ذلك.

==========

[1] في (أ): (هذه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 321]

(1/8565)

[{ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم}]

(1/8566)

[حديث: دخل حسان على عائشة فشبب وقال ... ]

4756# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، قريبًا وبعيدًا مرارًا، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أبو الضُّحَى): مسلم بن صبيح.

قوله: ({وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11]): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ حسَّان لم يتولَّ كبره، وإنَّما الذي تولَّى كبره عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول.

(1/8567)

[{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ... }]

(1/8568)

[معلق: أما بعد أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي]

4757# قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم أنَّ هذا تعليق مجزوم به، فعلَّقه هنا وفي (الاعتصام)، وقد أخرجه مسلم في (التوبة) عن أبي بكر وأبي كريب، والتِّرْمِذيُّ في «التفسير» عن محمود بن غيلان؛ ثلاثتهم عن أبي أسامة، قال التِّرْمِذيُّ: حسن صحيح غريب من حديث هشام.

قوله: (لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ): (ذُكِر) فيهما: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَمَا عَلِمْتُ): تَقَدَّم الكلام عليه مع الحديث أنَّها علمت به قبل ذلك من أمِّ مسطح.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام عليها إعرابًا، والاختلاف في أوَّل من قالها، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (أَبَنُوا أَهْلِي): قال ابن قُرقُول: (أي: اتَّهموهم وذكروهم بالسوء، وفي رواية الأصيليِّ: «أبَّنوا»؛ بتشديد الباء، وكلاهما صوابٌ، قال ثابت: التأبين: ذكر الشيء وتتبُّعه، قال الشاعر:

فرفَّعَ أصحابي المَطِيَّ وأبَّنُوا

قال ابن السِّكِّيت: أي: ذكروها، والتخفيف بمعناه، وروي: «أنَّبُوا»؛ بتقديم النون، كذا قيَّده عبدوس بن محمَّد، وكذلك ذكره بعضهم عن الأصيليِّ، قال لي القاضي: وهو في كتابي منقوط من فوق ومن تحت، وعليه بخطِّي علامة الأصيليِّ، ومعناه إن صحَّ: لاموا ووبَّخوا، وعندي أنَّه تصحيف لا وجه له ههنا)، انتهى.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وعلى همزتها أنَّها بالوصل، وقيل: بالقطع.

قوله: (فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ [1]): كذا في نسخة، وفي أخرى: (معاذ)، وعلى (معاذ) صح، قال أبو ذرٍّ: وهو الصواب، انتهى، كذا في هامش أصلنا، وقال الدِّمْياطيُّ: («سعد بن عبادة» وَهَمٌ من أسامة، أو من هشام، وصوابه: سعد بن معاذ)، انتهى، وهذا التصويب ظاهرٌ جدًّا، وبعد أن نقل شيخنا هذا التصويب عن خطِّ الدِّمْياطيِّ قال: (وكذا قال ابن التين: هذا ليس بصحيح، والأحاديث كلُّها «سعد بن معاذ»، والذي عارضه سعد بن عبادة، كما ذكره قريبًا، وكذا أسلفه في «الشهادات»، وقد أسلفنا هناك أنَّ ابن حزم وغيره وهَّى رواية: «سعد بن معاذ»؛ فراجِعْه)، انتهى.

(1/8569)

قوله: (وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ): هذا الرجل الذي قام هو سعد بن عبادة، وكذا ذكرته في (المغازي)، وقدَّمتُ هناك أنَّ أمَّ حسَّان اسمها الفُرَيعة، وذكرت هناك نسبها، وهي صحابيَّة رضي الله عنها.

[ج 2 ص 321]

قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (أَنْ لَوْ كَانُوا): (أنْ): بفتح الهمزة، وإسكان النون.

قوله: (أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ): (تُضرَب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وأعناقُهم): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ): تَقَدَّم أنَّها سلمى، وقيل: ريطة، وفي غير مصنَّف: رائطة، كذا نُقِل عن خطِّ أبي نُعَيم.

قوله: (تَعسَ): تَقَدَّم الكلام عليه بلغتيه.

قوله: (فَبَقَرَتْ لِي الْحَدِيثَ): (بقرت): بالموحَّدة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: أي: استخرجته وبيَّنَتْه، كذا هو بالنون، وكذا رُوِّيناه، وبعضهم رواه بالفاء، وهو خطأ، والتنقير: الاستخراج للشيء والبحث عنه، وأُراه بالوجهين في كتاب الأصيليِّ، ولا معنى للفاء ههنا، انتهى، وقد ذكره ابن الأثير في (الموحَّدة والقاف)، وقال: أي: فتحته وكشفته، وقال في (النون والقاف): (فنقرت لي الحديث)، هكذا رواه بعضهم، والمرويُّ: بالباء الموحَّدة، انتهى.

قوله: (وَوُعِكْتُ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتاؤه مضمومة على التكلُّم، و (الوعك)؛ بإسكان العين وضمِّها: الحُمَّى، وقيل: ألمها.

قوله: (أَرْسِلْنِي): هو بفتح الهمزة، أمرٌ من الرباعيِّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلاَمَ): كذا هنا، ولا أعرف اسمه، وساق شيخنا في (سورة النور) هذه الرواية، ثُمَّ قال بُعَيد هذا: والخادم هي بريرة، انتهى، وقد علمتَ أنَّ الرواية هنا: (الغلام)، لا (الخادم)، ولكن سيأتي: (فسأل عنِّي خادمتي)، فلعلَّ الناسخ انتقل بصره من مكان إلى مكان مع ما في ذكر بريرة في هذا الحديث من الإشكال، وقد قدَّمتُه في (الشهادات)، ولعلَّه أرسل معها الخادم والخادمة؛ تعظيمًا لها، والله أعلم.

قوله: (فَوَجَدْتُ أُمَّ رومَانَ): تَقَدَّم أنَّها دعد، وقيل: زينب، ونسبها، وأنَّ راءها بالضمِّ والفتح.

قوله: (فِي السّفْلِ): هو بضمِّ السين وكسرها؛ لغتان.

قوله: (لَهَا ضَرَائِرُ): هو مرفوع غير منوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهرٌ.

(1/8570)

قوله: (فَاسْتَعْبَرْتُ): (استعبر): (استفعل)، من العَبْرة، وهو تحلُّب الدمع.

قوله: (إِلاَّ رَجَعْتِ): هو بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمِي [2]): وفي رواية: (خادمتي)، هذه لا أعرفها، إلَّا أن تكون بريرة، وقد تَقَدَّم في (الشهادات) ما في ذلك، وقدَّمتُ أنَّ شيخنا قال هنا: إنَّها بريرة.

قوله: (وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ): (بعضُ أصحابه): لعلَّه عليُّ بن أبي طالب، ولم أر فيه نقلًا، لكنَّ الأحاديث تدلُّ عليه، والظاهر أنَّ ذلك لمَّا جرى لم يكن حاضرًا إلَّا أسامةُ بن زيد وعليُّ بن أبي طالب، ولم يُنقَل في القصَّة شيءٌ يقتضي أن يكون المنتهِرَ أسامةُ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ): قال ابن قُرقُول: كذا ضبطناه عن شيوخنا، ومعناه: أتَوا بسؤالها وتهديدها بسَقَطٍ من الكلام، والهاء في (به) عائدة على الانتهار وتهديدها، وإلى هذا التأويل كان يذهب ابن سراج أبو مروان، وقيل: معناه: بيَّنوا لها وصرَّحوا، وإلى هذا كان يذهب ابن بطال والوقَشيُّ، من قولهم: سقطت على الأمر؛ إذا علمته، وساقطتُ الحديث؛ إذا ذكرته، ويقال منه: سقط فلان في كلامه يسقط، وأَسقط يُسقِط؛ إذا أتى بسَقَط منه أو خطأ، وصحَّف بعضهم هذا الحديث، فقال: (حتَّى أسقطوا لهاتها)، وهي رواية ابن ماهان؛ يريد: من شدَّة الضرب، ولا وجه لهذا، وقال ابن سراج: أسكتوها، انتهى، وقال في «النِّهاية»: («فأسقطوا لها»؛ يعني: الجارية؛ أي: سبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلام؛ وهو رديئُه؛ بسبب حديث الإفك)، انتهى.

قوله: (عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ): تَقَدَّم الكلام على (التِّبْر).

قوله: (وَبَلَغَ الأَمْرُ): (الأمرُ): مرفوع، فاعل (بلغ).

قوله: (مَا كَشَفْتُ مِنْ [3] كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ): تَقَدَّم ما (الكَنَف)، وما في ذلك، وأنَّ بعضهم قال: كان حصورًا، ويردُّه الحديث الذي في «أبي داود» في شكوى زوجته منه أشياءً، أو المراد: عليَّ حرامٌ، أو أنَّه تزوَّج بعد هذه القصَّة، والله أعلم.

قوله: (فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه أين قُتِل في (الشهادات).

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمتْ.

قوله: (وَ [4] جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة لا أعرفها.

قوله: (وَاللهُ [5] يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ): (إنِّي): بكسر الهمزة؛ لأنَّ اللام في خبرها، وهذا ظاهرٌ.

(1/8571)

قوله: (وَأُشْرِبَتْهُ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الراء؛ أي: حلَّ فيها محلَّ الشراب، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: («وأُشرِبَتْه قلوبكم»؛ أي: سُقِيَتْه قلوبُكم؛ كما يُسقى العطشان الماء، يقال: شربت الماء، وأُشربتُه؛ إذا سُقيتَه، وأُشرِب قلبه كذا؛ أي: حلَّ محلَّ الشراب، أو اختلط به؛ كما يختلط الصِّبغ بالثوب).

قوله: (قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا): (باءت): بهمزة ممدودة قبل تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول وذكر هذا وحديث: «أبوءُ بإثمي»: (معنى ذلك كلِّه: أعترف طوعًا، وكأنَّه من الأصل المتَقَدِّم في الرجوع؛ أي: رجعت إلى الإقرار بعد الإنكار أو السكوت، أو يكون من اللزوم، ألزمَتْ ذلك نفسها، وتحمَّلاه، قال الخَطَّابيُّ: باء فلان بذنبه؛ إذا احتمله كرهًا، ولم يستطع دفعه، انتهى، ومعنى (باءت): أقرَّت واعترفت.

[ج 2 ص 322]

قوله: (وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُنزِل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (فَرُفِعَ عَنْهُ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (أَبْشِرِي): هو بقطع الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ): تَقَدَّم الكلام على أصحاب الإفك في (الشهادات).

قوله: (يَسْتَوْشِيهِ): أي: يستخرجه ويبحث عنه.

قوله: (وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ): تَقَدَّم أنَّ في «معجم الطبرانيِّ الكبير»: أنَّه أضعف له النفقة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (معاذ).

[2] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خادمتي).

[3] (من): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قد).

[5] زيد في «اليونينيَّة»: (عَزَّ وَجَلَّ).

(1/8572)

[{وليضربن بخمرهن على جيوبهن}]

(1/8573)

[معلق عائشة: يرحم الله نساء المهاجرات الأول]

4758# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ): (شَبِيب): بفتح الشين المعجمة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القول شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، و (يُونُسُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ مرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8574)

[حديث: لما نزلت {وليضربن بخمرهن} أخذن أزرهن فشققنها]

4759# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، وتَقَدَّمتْ (صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ)، والكلام عليها مطوَّلًا، وهل هي صحابيَّة أم لا؛ فانظره في (الجنائز) وغيرها.

قوله: (أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ): قال بعض المِصْريِّين من المتأخِّرين الحُفَّاظ: في «تفسير ابن مردويه» وغيره: أنَّهنَّ من الأنصار، انتهى، وهذا في الطريق الثانية، وأمَّا الطريق الأولى؛ ففيها: «يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل».

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8575)

(((25))) (سورة الْفُرْقَانِ) ... إلى (يَس)

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّعِيرُ مُذَكَّرٌ ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز».

(1/8576)

[{الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانًا وأضل سبيلًا}]

(1/8577)

[حديث: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا .. ]

4760# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ [1]): الظاهر أنَّه المسنديُّ، وقد تَقَدَّم في (الجمعة) ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين من اطِّراد صنيع البُخاريِّ إذا قال: (حدَّثنا عبد الله بن محمَّد)؛ أنَّه الظاهر أنَّه المسنديُّ، انتهى، و (شَيْبَانُ): هذا هو بن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (البغداديُّ).

[ج 2 ص 323]

(1/8578)

[{والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ... }]

(1/8579)

[حديث: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك]

4761# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، كما نسبه الدِّمْياطيُّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَيْسَرَة): قال الدِّمْياطيُّ: هو عمرو بن شُرحبيل، روى [له] الجماعة إلَّا ابن ماجه، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على (أبي ميسرة) غيرَ مرَّةٍ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام على كتابتها، وكيف النطق بها، في أوائل هذا التعليق، وسأعيده في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ): قال الدِّمْياطيُّ: القائل: («وحدَّثني واصل»: هو سفيان الثوريُّ)، انتهى، وهذا معنى كلام المِزِّيِّ أيضًا، لكنَّ المِزِّيَّ لم ينسب سفيان، و (واصل): هو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، الأحدب الأسديُّ الكوفيُّ، مولى أبي بكر بن عيَّاش من فوق، عن شريح القاضي، والمعرور بن سويد، وأبي وائل، وإبراهيم النخعيِّ، وجماعةٍ، وعنه: أبو إسحاق الشيبانيُّ، ومغيرة بن مقسم، ومسعر، وشعبة، وسفيان، وطائفةٌ، وثَّقه ابن معين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة عشرين ومئة، أخرج له الجماعة، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (عَبْدُ اللهِ).

قوله: (ثُمَّ أَيٌّ؟): تَقَدَّم كيف النطق بها في (باب فضل الصلاة لوقتها).

قوله: (أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل.

قوله: (أَنْ تُزَانِيَ): تَقَدَّم أنَّ معناها: المطاوعة؛ لأنَّه من المفاعلة.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 323]

(1/8580)

[حديث القاسم أنه سأل سعيد: هل لمن قتل مؤمنًا متعمدًا من توبة؟]

4762# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مرَّات أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ): بفتح الموحَّدة، وتشديد الزاي مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو جدُّ صاحب القراءة البزيِّ الأعلى، وصاحب القراءة: أبو الحسن أحمد بن محمَّد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بَزَّة المَكِّيُّ، ثِقةٌ في القراءة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: ({وَلاَيَقْتُلُونَ النَّفْسَ} [الفرقان: 68]): كذا التلاوة، وفي بعض النسخ: (لا تقتلون)، والتلاوة ما ذكرته.

قوله: (فَقَالَ: هَذِهِ آيَةٌ [1] مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ؛ الَّتِي فِي [2] النِّسَاءِ): تَقَدَّم الكلام على ذلك.

==========

[1] (آية): ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (سورة).

[ج 2 ص 323]

(1/8581)

[حديث: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت فيه ... ]

4763# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم (غُنْدَرٌ) ضبطًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، ومن لقَّبه بذلك.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8582)

[حديث سعيد: سألت ابن عباس عن قوله تعالى {فجزاؤه جهنم} ... ]

4764# قوله: (حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8583)

[{يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا}]

(1/8584)

[حديث: سئل ابن عباس عن قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا} ... ]

4765# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (ابْنُ أَبْزَى): هو عبد الرَّحمن بن أبزى، تَقَدَّم ضبطه أعلاه، وسيجيء مبيَّنًا في الطريق التي بعد هذه.

قوله: (سُئلِ ابْنُ عَبَّاسٍ): سيجيء قريبًا عن سعيد بن جُبَير: (أمرني عبد الرَّحمن بن أبزى أن أسأل ابن عبَّاس)، وفي هذا الحديث الذي نحن فيه: (فسألته)، وقائله: سعيد بن جُبَير.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8585)

[{إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا ... }]

(1/8586)

[حديث: أمرني عبد الرحمن بن أبزى أن أسأل ابن عباس]

4766# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (عبدان) لقبٌ، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وتَقَدَّم أنَّ (مَنْصُورًا) هو ابن المعتمر.

قوله: (أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عبَّاس): كذا في جميع النسخ في «الصحيحين»، ورواه أبو عبيد: (أمرني سعيد بن عبد الرَّحمن بن أبزى)، ورواه جماعة: (أمرني ابن أبزى)، قال ابن قُرقُول: (قال بعضهم: فلعلَّ ما في «الصحيحين» من ضمير المتكلِّم في «أمرني» مصحَّف من «ابن»، فيكون موافقًا لما في غيرهما، قال: وهو الصحيح؛ لأنَّ لعبد الرَّحمن صحبةً، قال ابن قُرقُول: وهذا القول استبعادٌ من هذا القائل أنْ يكون عبد الرَّحمن بن أبزى يسأل ابنَ عبَّاس ويتعلَّم منه، ولا يُنكَر سؤال عبد الرَّحمن ومن هو أكبر منه من الصَّحابة لابن عبَّاس من العلم، فقد سأله الأكابر من الصَّحابة)، انتهى، وقول هذا القائل: (إنَّ لعبد الرَّحمن صحبة)؛ كذا هو، وقد حُكِيَ الاختلاف فيها، والله أعلم [1].

==========

[1] هذه الفقرة كاملةً جاءت في (أ) مستدركةً متقدِّمة على قوله: (حدَّثنا عبدان ... ).

[ج 2 ص 323]

(1/8587)

[{فسوف يكون لزامًا}]

(1/8588)

[حديث: خمس قد مضين الدخان والقمر والروم والبطشة]

4767# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم أنَّ (غِياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وتَقَدَّم أنَّ (الأَعْمَشَ) سليمانُ بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صبيح، أبو الضحى.

[ج 2 ص 323]

قوله: (خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، وَالْقَمَرُ، وَالرُّومُ، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ): أمَّا (الدخان)؛ فهو معروف: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]، وهو أنَّه عَلَيهِ السَّلام دعا على قريش بسبعٍ كسبع يوسف، فأخذتهم سَنَةٌ حتَّى حصَّتْ كلَّ شيء، فجعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء مثل الدُّخَان من الجوع، وقيل غير ذلك، وسيجيء في (سورة الروم)، وأمَّا (القمر)؛ فانشقاقه، وقد ذكرته حيث ذكره البُخاريُّ في (باب انشقاق القمر)، وأمَّا (الروم)؛ فهو ما ذكره في (سورة الروم)، وهو ظهورهم على كسرى، و (البطشة): يوم بدر، و (اللِّزام): فُسِّر بأنَّه يوم بدر، وسيجيء في (سورة الروم) تفسيرهما بذلك، وقيل في كلٍّ منهما غيرُ ذلك، و (اللزام) في اللغة: الفصل في القضيَّة، و (اللزام) أيضًا: الملازمة للشيء؛ أي: الثبوت عليه والدوام، قال أبو عبيد: وكأنَّه من الأضداد.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) من نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (واحد الرِّيعة).

(1/8589)

(((26))) [الشعراء]

قوله: ({تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]: تَبْنُونَ): هو من البناء.

قوله: ({مَوْزُونٍ} [الحجر: 19]: مَعْلُومٍ): هذا ليس في هذه السورة، ولكنَّه في (الحجر).

قوله: (وَقَالَ غَيْرُه: {لَشِرْذِمَةٌ} [الشعراء: 54]: طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: (الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (اليَفاع)، أمَّا (الرِّيع)؛ فبكسر الراء، وسكون الياء، وأمَّا (الأيفاع)؛ فهو جمع (يَفَاع)، والمفرد بفتح المثنَّاة تحت، وتخفيف الفاء، وآخره عين مهملة، وهو ما ارتفع من الأرض.

قوله: (وَجَمْعُهُ: رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيَعَةِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة صحيحة أخرى: (واحدُه: الرِّيْعة)، قال شيخنا: («وجمعه: رِيَعة»: هو بكسر الراء، وفتح الياء؛ كقِرد وقِرَدة)، انتهى، وفي «المطالع»: («والرِّيْع: الأيفاع»، كذا للأصيليِّ وابن السكن عن المروزيِّ، ولغيرهما: «الرِّيع: ما ارتفع من الأرض»، ثُمَّ قال البُخاريُّ: «وجمعه: رِيَعة»، وغيره يقول: إنَّ الرِّيع جمع «رِيْعة»، ثُمَّ قال البُخاريُّ: «وجمع ريْعة ورِيَعة: أرياع، وواحده: رِيْعة»، فجاء من كلامه أنَّ الرِّيع جمع «رِيْعة»، وأنَّ رِيَعة وأرياع جمع جمع)، انتهى، كذا نقل عن البُخاريِّ، وكأنَّه وقع كذلك في نسخ بلادهم، والذي في أصل سماعنا ما ذكرته لك، والله أعلم.

قال الجوهريُّ: والرِّيع؛ بالكسر: المُرتفِع من الأرض، وقال عمارة: هو الجبل، الواحد: رِيَعة، والجمع: رِياع، ومنه قوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128].

قوله: (وَأَرْيَاعٌ: وَاحِدُهُ رِيْعَةِ): قال شيخنا: (الذي ذكر بعض المفسِّرين: أنَّ جمع «رِيْعة» أريَاعٌ ورِيَعةٌ؛ بفتح الياء، وأنَّ «رِيعًا» جمع «رِيْعة»؛ بسكون الياء؛ كعِهْنة وعِهْن)، انتهى.

قوله: (كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ): هو بفتح الميم، وإسكان الصاد المهملة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ عين كذلك، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: ({فَرِهِينَ} [الشعراء: 149]: مَرِحِينَ)، كذا في أصلنا، وفي أصل آخر صحيح، وقال شيخنا: ({فَرِهِينَ}: فرحين؛ أي: والهاء مبدلة من الحاء؛ لأنَّها من حروف الحلق)، انتهى، وهذا جاء في بعض النسخ، والله أعلم، والذي في أصلنا (مرحين)، لا فرحين.

(1/8590)

قوله: ({الْجُبُلَة} [1] [الشعراء: 184]: الْخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ: {جُبُلًّا} وَ {جِبِلًّا} [2] وَجُبْلًا [يس: 62]): (الجُبُلة): بضمِّ الجيم والموحَّدة، وتخفيف اللام، كذا كان في أصلنا، ثُمَّ صنع تحت الجيم كسرة، وشُدِّدَتِ اللام، و (الخَلْق): بفتح الخاء، وإسكان اللام، وقوله: (ومنه جُبُلًّا): هو بضمِّ الجيم والموحَّدة، وتشديد اللام، والثانية: بكسرهما مع تشديد اللام، والثالثة: بضمِّ الجيم، وإسكان الموحَّدة، وقد ذكر شيخنا فيها سبعَ لغات، قُرِئ بخمسة منها، وفي «الصحاح»: الجِبْلة؛ بالكسر: الخِلْقة ... إلى أن قال: والجُبل: الجماعة من الناس، وفيه لغات قُرِئ بها قولُه تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا} [يس: 62] عن أبي عمرو، و {جُبُلًّا}، و {جِبْلًا} عن الأعرج وعيسى بن عمر، و {جِبِلًّا}؛ بكسر الباء والتشديد عن أهل المدينة، و {جُبُلًّا}؛ بالضمِّ والتشديد عن الحسن وابن أبي إسحاق، والجِبلَّة: الخلقة، ومنه قوله عَّز وجلَّ: {وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: 184]، وقرأها الحسن بالضمِّ، انتهى.

(1/8591)

[{ولا تخزني يوم يبعثون}]

(1/8592)

[معلق ابن طهمان: إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة]

4768# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ): تَقَدَّم أنَّه أبو سعيد الخراسانيُّ، عن سماك بن حرب، ومحمَّد بن زياد، وثابت البنانيِّ، وخلقٍ، وعنه: معن، ويحيى بن أبي بكير، ومحمَّد بن سنان العَوَقيُّ، وخلقٌ، وثَّقه أحمد وأبو حاتم، وكان من أئمِّة الإسلام، فيه إرجاء، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، ولكن طال العهد به، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وهذا التعليق أسنده النَّسائيُّ في (التفسير) عن أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان به، حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، قاله المِزِّيُّ في «أطرافه».

قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ [1] يَرَى أَبَاهُ): (أبو إبراهيم): هو آزر، ولقبه: تارح، وقد تَقَدَّم ضبطه في النسب الشريف، وقيل: إنَّ لقبه آزر، واسمه تارح، والقولان مشهوران، قال السهيليُّ: (وآزر: قيل: معناه: يا أعوج، وقيل: هو اسم صنم، وانتصب على إضمار الفعل في التلاوة، وقيل: هو اسم لأبيه، كان يُسمَّى تارح وآزر، وهذا هو الصحيح؛ لمجيئه في الحديث منسوبًا إلى آزر)، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ).

[ج 2 ص 324]

(1/8593)

[حديث: يلقى إبراهيم أباه فيقول: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني]

4769# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، وتَقَدَّم أنَّ أخاه عبد الحميد بن أبي أويس، ولا عبرة بما قيل فيه، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم أعلاه، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): بضمِّ الموحَّدة وفتحها.

==========

[ج 2 ص 324]

(1/8594)

[{وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك}]

(1/8595)

[حديث: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم]

4770# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الغين المعجمة، وتخفيف المثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهران.

قوله: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [1]: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ... )؛ الحديث، هذا مرسلُ صَحابيٍّ؛ لأنَّها نزلت بمَكَّة، وابنُ عبَّاس وُلِد في الشِّعب وكان صغيرًا، قال شيخنا: كان صغيرًا، وقال في (سورة تبَّت) عن الداوديِّ: إنَّه لم يُخلَق، قال شيخنا: وهو لائح، انتهى، ومرسل الصحابيِّ معمول به، خلافًا لأبي إسحاق الإسفراينيِّ وطائفةٍ يسيرة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (حَتَّى اجْتَمَعُوا): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: إنَّهم [كانوا] يوم جمعهم لذلك خمسةً وأربعين رجلًا من بني هاشم وبني المطَّلب فقط، انتهى.

قوله: (فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ): اسمه عبد العزَّى بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف، هلك بعد وقعة بدر بسبعة أيَّام، كذا قال بعض الحُفَّاظ، قال ابن إسحاق بسنده ما معناه: عاش حتَّى وصل أبو سفيان بن الحارث إلى مَكَّة من وقعة بدر، ضربته أمُّ الفضل بعمودٍ ضربةً فَلَعَتْ في رأسه شجَّةً منكرةً ... إلى أن قال: فو الله ما عاش إلَّا سبع ليال حتَّى رماه الله بالعَدَسَةِ فقتلته، فهذا يقتضي أنَّه عاش بعد الوقعة أكثر من سبع ليال؛ لأنَّ بدرًا بينها وبين مَكَّة نحوُ أربع مراحلَ، ويمكن تأويل قول من قال: إنَّه عاش سبع ليال بعد بدر، والله أعلم، وسأذكر الحكمة في عدول البارئ عزَّ وجلَّ عن اسمه إلى كنيته في (تفسير تبَّت) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (قال).

[ج 2 ص 324]

(1/8596)

[حديث: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئًا]

4771# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير والده لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ اسمه عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، والله أعلم، وهذا الحديث مرسل صَحابيٍّ؛ لأنَّ أبا هريرة لم يصحب إلَّا في المدينة عام خيبر، فإمَّا أن يكون النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حدَّثه به مرَّة أخرى، أو أنَّ صحابيًّا أَخبره به، والله أعلم.

[ج 2 ص 324]

قوله: (يَا عَبَّاس بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يجوز فتح سين (العبَّاس) وضمِّها، وضمُّ (ابن) وفتحه؛ ومثله: (يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ)، والضمُّ في الاسم وفي (ابن) غريبٌ، ذكره ابن مالك في «التسهيل».

قوله: (يَا [1] صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ): لا يجيء فيها ما جاء في الذي قبلها، وإنَّما يجيء فيها الضمُّ، وفي (عمَّةَ) ليس فيه إلَّا النصب على الصحيح، والله أعلم، وقد ذكرته مطوَّلًا في أوائل هذا التعليق؛ فانظره إن أردته.

قوله: (يَا [2] فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ): يأتي في إعرابها ما جاء في (يا عبَّاس بن عبد المطَّلب).

قوله: (تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضمير في (تابعه): يحتمل أن يعود على أبي اليمان، ويحتمل عوده على شعيب، و (أصبغ): هو ابن الفرج، تَقَدَّم، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهريُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام، وعالم الحجاز، ومتابعة أصبغ لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وحديث ابن وهب في «مسلم» في (الإيمان) عن حرملة بن يحيى، و «النَّسائيِّ» في (الوصايا) عن سليمان بن داود المهريِّ؛ كلاهما عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ، عن سعيد وأبي سلمة؛ كلاهما عن أبي هريرة.

(1/8597)

(((27))) [النمل]

قوله: ({الصَّرْحَ} [النمل: 44]: كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنَ الْقَوَارِيرِ): (المِلاط)؛ بكسر الميم، وتخفيف اللام، وفي آخره طاء مهملة: الطين الذي بين أثناء البناء، ومنه: «مِلاطها المسك»، وقال شيخنا ما لفظه: (وقوله: «بلاط»: هو بخطِّ الدِّمْياطيِّ بالباء، وذكره ابن التين بالميم، قال: «المَلاط»؛ بفتح الميم: الطين، وقيل: إنَّه الصخر، وقيل: كلُّ بناء عالٍ مرتفع، قال ابن فارس: هو البيت الواحد المنفرد الطويل في السماء)، انتهى، وفي «المطالع» في (حرف الباء مع اللام) ما لفظه: وفي (التفسير): ({الصَّرْحَ}: كلُّ بَلاط اتُّخِذ من قوارير)، كذا لابن السكن والأصيليِّ، ولغيرهما: (مِلاط)؛ بميم مكسورة، والملاط: الطين، والبلاط: كلُّ ما فرشت به الأرض من آجرٍّ، أو حجارة، أو غير ذلك، انتهى.

قوله: (حُسْنُ الصَّنْعَةِ): (حُسْن): بضمِّ الحاء، وإسكان السين، المهملتين.

==========

[ج 2 ص 325]

(1/8598)

(((28))) [القصص]

(1/8599)

[{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء}]

(1/8600)

[حديث: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله]

4772# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): بكسر ياء أبيه وفتحها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، ورواية سعيد عن أبيه من الوحدان تَقَدَّم مع الكلام مع الحاكم.

قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّم الكلام على اسم أبي طالب، والاختلاف فيه، ومتى جاءته المنيَّة، وعلى (أَبِي جَهْلٍ)، وهو عمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، قُتِل ببدر كافرًا، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ)، وأنَّه ابن عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عاتكةَ، وأنَّه أسلم وصحب، وقُتِل بالطائف، و (يَعْرِضُهَا): بفتح الياء، وكسر الراء.

قوله: (وَيُعِيدَانِهِ تِلْكَ [1] الْمَقَالَةِ): صوابه: ويعيدان له تلك المقالة.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بتلك).

[ج 2 ص 325]

(1/8601)

[تتمة غريب آيات سورة القصص]

قوله: ({لَتَنُوءُ} [القصص: 76]: لَتُثْقِلُ): (تُثْقِل): بضمِّ التاء، ثُمَّ مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ قاف مكسورة، ثُمَّ لام، كذا في أصلنا، والذي يظهر (لَتَثْقُلُ)؛ بفتح المثنَّاة فوق، وضمِّ القاف، ثُلاثيٌّ لازم؛ لأنَّه متعدٍّ بحرف الجرِّ.

قوله: (وَالْعُدْوَانُ [1] وَالْعَدَاءُ وَالتَّعَدِّي وَاحِدٌ): (العَدَاء): بفتح العين، وتخفيف الدال، وبالمدِّ، وهو تجاوز الحدِّ، والظلمُ، يقال: عدا عليه عَدْوًا، وعُدُوًّا، وعَداء.

قوله: (وَالْجِذْوَةُ [2]: قِطْعَةٌ ... ) إلى آخره: (الجذوة): مثلَّثة الجيم، قرأ عاصم بالفتح، وحمزة بالضمِّ، والباقون بالكسر.

قوله: (وَالأَفَاعِي): جمع (أفعى)، وهو حيَّةٌ، وهو (أفعل)، تقول: هذه أفعًى؛ بالتنوين، والأُفعُوان؛ بضمِّ الهمزة والعين: ذكر الأفاعي، و (الجَانُّ): حيَّة بيضاء، والجمع: جِنَّان؛ مثل: حائط وحيطان.

قوله: (وَالأَسَاوِدُ): إنَّما جُمِع على هذا؛ لأنَّه اسمٌ، ولو كان صفةً؛ لجُمِع على (فُعْل)، وهو بفتح الهمزة، وبالسين المهملة، وبعد الألف واو مكسورة، ثُمَّ دال مهملة.

قوله: ({رِدْءًا} [القصص: 34]: مُعِينًا): هو بالعين المهملة، وقبل الألف نون.

قوله: (كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا): (عزَّزْتَ): بزايَين؛ الأولى مشدَّدة، وتُخفَّف أيضًا.

قوله: ({بَطِرَتْ} [القصص: 58]): (البطر): الطغيان عند النعمة والعافية.

قوله: (أَشِرَتْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين المعجمة، وبالراء، الماضي بالكسر، والمستقبل بالفتح (يأْشَر).

قوله: (أُمُّ الْقُرَى: مَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا): تَقَدَّم أسماء مَكَّة في (كتاب الحج)، وذكرت لها خمسين اسمًا؛ فانظر ذلك؛ ويريد بقوله: (مَكَّة وما حولها): أنَّ الضمير يعود على (القرى)، وقوله: (مَكَّة وما حولها): تفسير لـ (الأمِّ)، والإشارة بـ (الرسول) على هذا: إلى نبيِّنا صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/8602)

قوله: (أَكْنَنْتُ الشَّيْءَ: أَخْفَيْتُهُ، وَكَنَنْتُهُ: [أَخْفَيْتُهُ، وَ] أَظْهَرْتُهُ): قال ابن قُرقُول: وفي (التفسير): (أكننت الشي: أخفيته، وكننته: أخفيته، أظهرته)، كذا لهم، والأَوْجَه بمساق الكلام: وكننته وخفيته: أظهرته، وهو المعروف، ويُخرَّج الأوَّل على أن يكون «أخفى» من الأضداد، انتهى، والكلام على ما في أصلنا، ومعنى كلامه: أنَّ (كننت): من الأضداد؛ بمعنى: (أخفيت)، وبمعنى: (أظهرت)، ويوضِّحه أنَّ في بعض النسخ؛ كنسخة الدِّمْياطيِّ وغيرها: (وكننته: خفيته، وأظهرته)، وفي نسخةٍ أخرى صحيحةٍ: (أكننتُ الشيءَ: أخفيته، وكننته: أخفيته، أظهرته)، انتهى، وفي حفظي أنِّي رأيت لبعض أهل اللغة: أنَّ (كننته) بمعنى: خفيته، وأظهرته؛ ضدٌّ، والذي في «الصحاح»: كننت الشيء: سترته وصُنته من الشمس، وأكننته في نفسي: أبرزته، وقال أبو زيد: كننته وأكننته بمعنًى في الكنِّ وفي النفس جميعًا، تقول: كننت العلم وأكننته، فهو مكنون ومُكَنٌّ، وكننت الجارية وأكننتها، فهي مكنونة ومُكَنَّة.

وقوله: (خفيته): قال الجوهريُّ: الأصمعيُّ: خَفَيت الشيء أُخفِيه: كتمتُه، وخفيته أيضًا: أظهرته، وهو من الأضداد، وأبو عبيد مثلُه ... إلى أن قال: وأخفيت الشيء: سترته وكتمته، ويحتمل أن يريد البُخاريُّ: (وكننته: خفيته، أظهرته) _على رواية حذف الواو_: أنَّ (كننته) بمعنى: (خفيته)؛ التي هي بمعنى: الظهور، لا بالمعنى الآخر، ويحتمل أن يريد: بـ (خفيته): الكتمان، وبـ (أظهرته): الظهور، وحَذفَ الواو العاطفة، وأمَّا رواية: (أخفيته وأظهرته)؛ بالهمز في الأولى، والواو في الثانية؛ فيحتمل أن تكون للإزالة؛ أي: أزلت خفاءه وأظهرته، وعلى رواية: (أخفيته: أظهرته)؛ فهي أصرح في أنَّها للإزالة، والله أعلم.

[ج 2 ص 325]

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (العدوان)؛ بغير واو.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الجذوة)؛ بغير واو.

(1/8603)

[حديث ابن عباس: {لرادك إلى معاد} إلى مكة]

4773# قوله: (أَخْبَرَنَا يَعْلَى): هو ابن عبيد الطنافسيُّ، ثِقةٌ إلَّا في الثوريِّ، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا [1] سُفْيَانُ الْعُصْفُرِيُّ): قال الدِّمْياطيُّ: هو سفيان بن دينار، أبو ورقاء، وقيل: أبو سعيد، العصفريُّ الأحمريُّ، ويقال: الكوفيُّ، التمَّار، انفرد به البُخاريُّ، انتهى.

اعلم أنَّ سفيان العصفريَّ هو سفيان بن زياد، أبو الورقاء الكوفيُّ، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين في قوله: (سفيان العصفريُّ): هو ابن زياد، انتهى، عن أبيه، وشريح القاضي، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، وغيرِهم، وعنه: الثوريُّ، وعمر بن الخَطَّاب البجليُّ الكوفيُّ، ومروان بن معاوية، ومحمَّد ويعلى ابنا عُبيد، وثَّقه أبو حاتم وغيرُه، والصحيح: أنَّه غير سفيان التمَّار، وممَّن خلطهما البُخاريُّ وغيره، انتهى كلام الذهبيِّ في «تذهيبه»، وهو للمزِّيِّ قبلَه، وهذا الدِّمْياطيُّ ممَّن خلطهما، وانظر لفظه، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وأمَّا سفيان التمَّار؛ فهو سفيان بن دينار التمَّار، أبو سعيد الكوفيُّ، يروي عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن جُبَير، وعكرمة، والشعبيِّ، وجماعةٍ، وقيل: إنَّه روى عن ابن الحنفيَّة، وعنه: مندل بن عليٍّ، وابن المبارك، وأبو بكر بن عيَّاش، ويعلى بن عُبيد، وجماعةٌ، وثَّقه ابن معين وغيرُه، وقد أدرك كبار الصَّحابة، لكن لم يحمل عنهم، قال سفيان هذا: (رأيت قبر النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مُسنَّمًا)، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، وقول الدِّمْياطيِّ: (انفرد به البُخاريُّ) على تقدير صحَّة ما قاله؛ فمعناه: عن مسلم، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 326]

(1/8604)

(((29))) [العنكبوت]

قوله: (ضَلَلَةً): هو بفتح الضاد واللامين، وهذا معروف.

==========

[ج 2 ص 326]

(1/8605)

(((30))) [{الم غلبت الروم}]

قوله: ({يُحْبَرُونَ} [الروم: 15]: يُنَعَّمُونَ): هو بفتح النون، وتشديد العين المهملة.

قوله: ({يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]: يُسَوُّونَ الْمَضَاجِعَ): (يُسَوُّون): بضمِّ الياء، وفتح السين، ثُمَّ واو مضمومة.

قوله: ({ضَعْفٍ} وَ {ضُعْفٍ} [الروم: 54]: لُغَتَانِ) انتهى: قال الدِّمْياطيُّ: كذا قال الخليل، ويقال: الضُّعف: في الجسد، والضَّعف: في العقل، انتهى، وهما قراءتان، قرأ أبو بكر وحمزة بالفتح في الأماكن الثلاثة، وكذلك رُوِيَ عن حفص عن عاصم فيهنَّ، غير أنَّه ترك ذلك، واختار الضمَّ؛ اتِّباعًا منه لروايةٍ حدَّثَه بها الفضلُ بن مرزوق عن عطيَّة العوفيِّ عن عبد الله بن عمر: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أقرأه ذلك بالضمِّ، فردَّ عليه الفتحَ، وأباه)، وعطيَّة: يُضعَّف، وما رواه حفص عن عاصم عن أئمَّته أصحُّ، قال أبو عمرو الدانيُّ: وبالوجهين آخذُ في روايته؛ لأُتابعَ عاصمًا على روايته، وأُوافقَ حفصًا على اختياره، وقرأ الباقون بضمِّ الضاد فيهنَّ.

تنبيهٌ: قصة عطيَّةَ أخرجها الحاكم في «المستدرك» في (القراءات)، ولم يحتجَّ البُخاريُّ ومسلم بعطيَّة، وهو ضعيف، كما قال أبو عمرو.

(1/8606)

[حديث: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف]

4774# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه الثوريُّ، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» قال: روى عن سفيان الثوريِّ، والذهبيُّ قال: عن سفيان، فأطلق، فحملتُ المُطلَقَ على المقيَّد، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا، (وَالأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): قال الدِّمْياطيُّ: مسلم بن صبيح العطَّار الكوفيُّ، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، انتهى، وقد قدَّمتُه مرارًا.

قوله: (بَيْنَا [1] رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وفي «مسلم» في أواخره في (كتاب صفة القيامة): (أنَّ قاصًّا عند أبواب كندة يقصُّ)، و (أبواب كندة): باب من أبواب الكوفة.

قوله: (ويَأْخُذُ [2] الْمُؤْمِنَ مِنْهُ [3] كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ): (المؤمنَ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): تَقَدَّم أنَّها القحط والجَدْب.

قوله: (فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ): هذا هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، وقد تَقَدَّم في (الاستسقاء).

قوله: (فَقَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]): اعلم أنَّ في الحديث الصحيح: أنَّها لن تقوم حتَّى يرَوا قبلها عشر آيات، فذكر الدَّجَّال والدُّخَان ... ، وهذا الحديث يؤيِّد قول من قال: إنَّ الدُّخَان دُخَانٌ يأخذ بأنفاس الكفَّار، ويأخذ المؤمنَ منه كهيئة الزكام، وأنَّه لم يأتِ بعد، وإنَّما يكون قريبًا من قيام الساعة، وهذا القول هو الذي أنكره عبد الله بن مسعود على قائله، وأنَّه إنَّما هو عبارة عمَّا نال قريشًا من القحط حتَّى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان، وقد وافق ابنَ مسعود جماعة، ٌ وقال بالقول الآخر حذيفةُ، وابن عمر، والحسن، ورواه حذيفة عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه يمكث في الأرض أربعين يومًا، ويحتمل أنَّهما دخانان؛ جمعًا بين الروايتين والقولين، والله أعلم.

قوله: ({يَوْمَ نَبْطشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى} [الدخان: 16]: يَوْمَ بَدْرٍ، و {لِزَامًا} [الفرقان: 77]: يَوْمَ بَدْرٍ)، وهذا صريح في أنَّ (البطشة) و (اللزام): يوم بدر، وقد تَقَدَّمتْ الإشارة إلى ذلك في (الفرقان) في كلام؛ فانظره، و {نبطش}: بكسر الطاء وضمِّها؛ لغتان، وهذا معروف.

(1/8607)

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بينما).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (يأخذ)؛ بغير واو، وكانت في (ق) ثمَّ مُسِحت وصُحِّح عليها.

[3] (منه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 326]

(1/8608)

[{لا تبديل لخلق الله}]

(1/8609)

[حديث أبي هريرة: ما من مولود إلا يولد على الفطرة]

4775# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهريُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ): تَقَدَّم الكلام على (الفطرة) في (الجنائز) في (باب: إذا أسلم الصبيُّ فمات؛ هل يُصلَّى عليه؟)، وكذا (تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ)، وأنَّه مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وأنَّه لم يُسمَع إلَّا كذلك، و (البهيمةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وعلى (جَمْعَاءَ)، وعلى (تُحِسُّونَ)، وأنَّ الأفصح فيه الرباعيُّ، وعلى (جَدْعَاءَ).

==========

[ج 2 ص 326]

(1/8610)

(((31))) [لقمان]

(1/8611)

[{لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}]

(1/8612)

[حديث: إنه ليس بذاك ألا تسمع إلى قول لقمان لابنه ... ]

4776# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ الفقيه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا كلُّهم.

قوله: (إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ): قال السهيليُّ: (لقمان بن عنقاء بن سرون فيما ذكروا ... ) إلى أن قال: وليس هو بلقمان بن عاد الحميريِّ، انتهى، وقال الثعلبيُّ في «العرائس»: كان لقمان مملوكًا، وكان أهونَ مملوكي سيِّده عليه، قال: وأوَّل ما ظهر من حكمته أنَّه كان مع مولاه، فدخل مولاه الخلاء،

[ج 2 ص 326]

فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إنَّ طول الجلوس على الحاجة تتَّجِعُ منه الكبد، ويورث الباسور، ويُصعِد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هُوَينى وقُم، فخرج مولاه، وكتب حكمته على باب الخلاء، ورُوِيَ أنَّه كان عبدًا حبشيًّا نجَّارًا، انتهى، وقيل: نوبيًّا من سودان مصر، ذو مشافر، وكان خيَّاطًا، وقيل: راعيًا، وقيل: كان ابن أخت أيُّوب، وقيل: ابن خالته، وزمانُه ما بين عيسى ومحمَّد صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقيل: وُلِد لعشر سنين من ملك داود، وبقي إلى عهد يونس، وقد اتَّفق العلماء على أنَّه ليس بنبيٍّ، إلَّا ما يُحكى عن عكرمة وبعض الناس معه فقالوا: هو نبيٌّ، وإخراج البُخاريِّ له في (كتاب الأنبياء) يدل على أنَّه عنده نبيٌّ، وقد تَقَدَّم، وأمَّا ابنه؛ فاسمه أنعم، وقيل: ماثان، وقيل: مَشْكُور، وقال السهيليُّ: اسمه: ثاران، فيما ذكر الزَّجَّاج وغيره، وقيل في اسمه غير ذلك، انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/8613)

[{إن الله عنده علم الساعة}]

(1/8614)

[حديث: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله]

4777# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، عَنْ جَرِيرٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (باب الخمس) في (بابٌ: في قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41])، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا الحديث: إنَّه إسحاق بن إبراهيم، و (جَرِير): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (أَبُو حَيَّانَ): بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، قال الدِّمْياطيُّ: أبو حيَّان: يحيى بن سعيد التيميُّ، و (أَبُو زُرْعَةَ): هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ، انتهى، وقد تَقَدَّم هذا مرارًا، وفي اسم أبي زُرعة أقوالٌ أخرى ذكرتها.

قوله: (إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا الإِيمَانُ؟): هذا الرجل هو جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كما سيجيء في الحديث نفسِه، وقد مضى أيضًا.

قوله: (بِالْبَعْثِ الآخِرِ): هو بكسر الخاء، تَقَدَّم الكلام عليه في (كتاب الإيمان)، وعلى قوله: (إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ [1] رَبَّتَهَا).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (المرأة)، وهي في (ق) مخرومة.

[ج 2 ص 327]

(1/8615)

[حديث: مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ: {إن الله عنده علم الساعة}]

4778# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ): هذا هو يحيى بن سليمان الجعفيُّ، أبو سعيد الكوفيُّ، نزل مصر، عن الدراورديِّ والمحاربيِّ، وعنه: البُخاريُّ والحسن، صُويلِحٌ، تُوُفِّيَ سنة (237 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 327]

(1/8616)

(((32))) [{تنزيل} السجدة]

قوله: (الَّذِي [1] لاَ تُمْطَرُ إِلاَّ مَطَرًا لاَ يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا): (تُمطَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (الذي): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (التي)، وهذه على الجادَّة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (التي).

[ج 2 ص 327]

(1/8617)

[{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}]

(1/8618)

[حديث: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت .. ]

4779# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الناقد، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجَ) عبدُ الرَّحمن بن هرمز.

قوله: (وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قائل ذلك: هو عليُّ بن عبد الله، هو ابن المدينيِّ، و (سفيان): هو ابن عيينة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (قِيلَ لِسُفْيَانَ: رِوَايَةً؟): تَقَدَّم أنَّ معنى قول الراوي: (روايةً)، و (يبلُغُ به)، و (يَنْمِيه)، و (يرفعه)؛ أي: مرفوعًا، وإذا قال ذلك التابعيُّ؛ فهو مرسلٌ.

==========

[ج 2 ص 327]

(1/8619)

[حديث: يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت]

4780# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، أبو محمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان.

قوله: (مِنْ [1] بَلْهِ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (بَلْهَ)؛ من غير (مِن)، ورأيت في حاشيةِ نسخةٍ من هذا «الصحيح» ما لفظه: اتَّفقت نُسَخُ «الصحيح» على قوله: (مِن بَلْهِ)، والصواب: إسقاط حرف (مِن) لا غير، هكذا نقلتُ هذه الحاشية من خطِّ الصغانيِّ، وعلى مذهب الكوفيِّين: يجوز أن تكون (مِن) زائدةً؛ كما يقولون: قد كان من مطر، انتهت، وقال ابن هشام الإمام جمال الدين القاهريُّ النحويُّ في كتاب «المغني» له، ومنه نقلت: (بله) على ثلاثة أوجه: اسم؛ كـ (دَعْ)، ومصدرٌ بمعنى الترك، واسمٌ مرادفٌ لـ (كيف)، وما بعدها منصوب على الأوَّل، ومخفوضٌ على الثاني، ومرفوعٌ على الثالث، وفتحها بناءٌ على الأوَّل والثالث، وإعرابٌ على الثاني، ومن الغريب أنَّ في «البُخاريِّ» في (تفسير سورة السجدة): يقول الله: «أعددت لعبادي ... »، وساق حتَّى قال: «من بَلْهِ ما أُطلِعْتُم عليه»، فاستُعمِلت معربةً مجرورة بـ (من)، وخارجةً عن المعاني الثلاثة، وفسَّرها بعضهم بـ (غير)، وهو ظاهرٌ، وبهذا يتقوَّى من يعدُّها في ألفاظ الاستثناء، انتهى.

وفي «الصحاح»: و (بَلْهَ): كلمةٌ مبنيَّة على الفتح؛ مثل: كيف؛ ومعناها: دَعْ، وأنشد بيتًا شاهدًا لذلك، ثُمَّ قال: قال الأخفش: (بَلْه) ههنا _ يعني: في البيت_ بمعنى المصدر؛ كما تقول: ضَرْبَ صيدٍ، ويقال: معناها: سوى، وفي الحديث ... ، فذكر هذا الحديث، وقال في «المطالع»: (بَلْهَ)؛ أي: دَعْ عنك؛ كأنَّه إضراب عمَّا ذكره؛ لاستحقاره في جنب ما لم يُذكَر، وقيل: معنى ذلك: كيف ما أُطلِعتم عليه؟ وقال شيخنا: قال ابن التين: ضبطه بفتح الهاء؛ كأنَّه رآه فيها مثل: كيف، وأين، وفي بعضها الكسرُ، وهو الظاهر؛ لأنَّه مضاف إلى ما بعده؛ مثل: «قبلُ» و «بعدُ» إذا أضيفا، انتهى.

(1/8620)

قوله: (قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي [2] هُرَيْرَةَ: {قُرَّاتِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]) [3]: (أبو معاوية): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن خازم الضرير؛ بالخاء المعجمة، و (الأعمش): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ذكوان، وقوله: {قرات أعين}؛ يعني: بالجمع، وهي قراءة عبد الله، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وفي «المستدرك» في (القراءات) عن أبي هريرة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قرأ كذلك، وقال: صحيح، وأقرَّه الذهبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم، وعلى كلِّ تقديرٍ؛ فهي شاذَّةٌ.

==========

[1] (من): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية الأصيليِّ.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قرأ أبو).

[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وجاء هذا القول في رواية «اليونينيَّة» متقدِّمًا على هذا الحديث، وكلمة (أعين): ثابتة في رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر، وليست في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 327]

(1/8621)

(((33))) [الأحزاب]

(1/8622)

[{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}]

(1/8623)

[حديث: ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة]

4781# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّم أنَّ (فُلَيحًا) بضمِّ الفاء، وفتح اللام.

قوله: (أَوْ ضَيَاعًا): (الضَّياع): بفتح الضاد _وسيأتي في كلام «النِّهاية» ما يقتضي أنَّه يقال بكسرها_ وبتخفيف المثنَّاة تحت بعدها، وفي آخره عين مهملة، قال ابن قُرقُول: هم العيال، سُمُّوا باسم الفعل، ضاع الشيء ضياعًا؛ أي: من ترك عيالًا عالةً وأطفالًا يضيعون بعده، أمَّا بكسر الضاد؛ فجمع ضائع، والرواية عندنا بالفتح، وقد رُوِيَ: (مَن ترك ضَيعةً)؛ أي: ذي ضَيعة؛ أي: قد تُرِكوا وضُيِّعوا، وهو أيضًا مصدر ضاع العيال ضيعة وضياعًا، وأضعتهم: تركتهم، انتهى.

وفي «النِّهاية»: الضياع: العيال؛ وأصله: مصدر ضاع يضيع ضياعًا، فسُمِّيَ العيال بالمصدر؛ كما تقول:

[ج 2 ص 327]

مَن مات وترك فقرًا؛ أي: فقراء، وإن كسرتَ الضاد؛ كان جمعَ ضائع؛ كجائع وجياع، انتهى.

(1/8624)

[{ادعوهم لآبائهم}]

(1/8625)

[حديث: أن زيد بن حارثة مولى رسول الله ما كنا ندعوه إلا زيد]

4782# قوله: (حَدَّثَنِي سَالِمٌ): هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، هو أحد الفقهاء السبعة على قول.

قوله: (أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه، وأنَّه مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وحِبُّه، وتَقَدَّم أنَّ (حارثة) والدَه عُدَّ في الصَّحابة.

==========

[ج 2 ص 328]

(1/8626)

[{فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا}]

قوله: ({لآتَوْهَا} [الأحزاب: 14]: لَأَعْطَوْهَا): (آتَوها): بالمدِّ؛ وِفاقًا لما فُسِّر به، وما قاله هو أحد القراءتين فيها، وقد قرأ بالمدِّ غير الحِرْمِيَّين؛ وهما نافع وابن كثير، وقرأ الحِرْميَّان بالقصر.

==========

[ج 2 ص 328]

(1/8627)

[حديث: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر]

4783# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار.

قوله: (نُرَى هَذِهِ الآيَةَ): (نُرَى): بضمِّ النون؛ أي: نظنُّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ): تَقَدَّم الكلام على أنس هذا، (والنضر): بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (نصرًا) بالصاد المهملة لا يأتي بالألف واللام، بخلاف النضر بالمعجمة، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، و (أنس) هذا: هو عمُّ أنس بن مالك بن النضر، استشهد بأُحُد، وكان من السادات رضي الله عنه.

فائدةٌ: في «الحلية» لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ الأصبهانيُّ: أنَّه عَلَيهِ السَّلام تلا هذه الآية على المنبر، فسأله رجل: مَن هؤلاء؟ فأقبل طلحة بن عُبيد الله، فقال عَلَيهِ السَّلام: «هذا منهم»، وكذا في «ابن ماجه»، وكذا في «التِّرْمِذيِّ» في (التفسير): أنَّ طلحة ممَّن قضى نحبه، وعن «تفسير ابن أبي حاتم»: أنَّ عمَّارًا منهم، وعن «تفسير ابن سلَّام يحيى»: هم حمزة وأصحابه، قال شيخنا: وقال ابن التين: كان ممَّن برز ذلك اليوم عبدُ الله بن جحش، وقُتِل في أُحُد، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23]: طلحة بن عبيد الله منهم، انتهى ما ذكره شيخنا، فاجتمع منهم: أنس بن النضر، وطلحة بن عبيد الله، وعمَّار، وحمزة وأصحابه، انتهى، والظاهر أنَّه عنى بـ (أصحابه): شهداء أُحُد.

(1/8628)

ثُمَّ إنِّي رأيت في «المستدرك» في (القراءات) من حديث أبي هريرة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام حين انصرف من أُحُد مرَّ على مصعب بن عمير فوقف عليه، ودعا له، ثُمَّ قرأ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} ... ؛ الآية [الأحزاب: 23]، ثُمَّ قال: «أشهد أنَّ هؤلاء شهداءُ عند الله»، الحديث على شرط البُخاريِّ ومسلمٍ، تعقَّبه الذهبيُّ فقال: كذا قال، وأنا أظنُّه موضوعًا، وقطن لم يرو له مسلم، وعبد الأعلى لم يخرِّجا له، وحديث عائشة: «أنَّ طلحة ممَّن قضى نحبه» هو في «المستدرك» في (سورة الأحزاب)، قال الذهبيُّ عقيبه: بل إسحاق متروك، انتهى، و (إسحاق) هذا: هو إسحاق بن يحيى بن طلحة، وقد ذكر الحديث في أنَّ مصعبًا ممَّن قضى نحبه في ترجمة مصعب في «المستدرك» من حديث أبي ذرِّ قال: لمَّا فرغ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم أُحُد؛ مرَّ على مصعب مقتولًا، فقرأ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} ... ؛ الآية، صحيح ولم يتعقَّبه الذهبيُّ، والله أعلم.

(1/8629)

[حديث: لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آيةً من سورة الأحزاب]

4784# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (الجهاد).

قوله: (إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ [2]، الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ): (خزيمة) هذا: هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأوسيُّ الخطميُّ، أبو عُمارة، ذو الشهادتين، بدريٌّ عند بعضهم، والمحفوظ: أنَّه شهد أحدًا وما بعدها، وقُتِل مع عليٍّ، وقد قدَّمتُ في (الجهاد) قصَّة جعل عَلَيهِ السَّلام شهادَتَه شهادةَ رجلين، وهو في قصَّة الفَرَس الذي اشتراه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من سواء بن قيس، أو [3] هو سواء بن الحارث، المحاربيُّ، فجحده سواء، فشهد خزيمة بتصديقه عَلَيهِ السَّلام ولم يشهد العقد، وإنَّما شهد بتصديقه عَلَيهِ السَّلام، وهذا فهمٌ عظيمٌ من خزيمة، والفَرَس المشار إليه: المرتجز، وكان أبيض، وقيل: هو الطِّرف؛ بكسر الطاء، وقيل: النجيب.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خزيمة الأنصاريِّ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الأنصاريِّ).

[3] في (أ): (وهو)، والمثبت موافق لما في المصادر، انظر: «أسد الغابة»، و «الإصابة».

[ج 2 ص 328]

(1/8630)

[{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة}]

(1/8631)

[حديث: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك]

4785# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، تَقَدَّموا كلُّهم مترجمين.

قوله: (فَبَدَأَ بِي): (بدأ): مهموز الآخر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ): هما أبو بكر وأمُّ رومان.

==========

[ج 2 ص 328]

(1/8632)

[{وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة ... }]

(1/8633)

[معلق الليث: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي ... ]

4786# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق، و (الليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، قال شيخنا: يجوز أن يكون أخذه _يعني: البُخاري_ عن كاتب الليث أبي صالح عبد الله بن صالح، فإنَّ الحديث عنده، وليس هو عند البُخاريِّ ممَّن يُخرَّج له في الأصول، إلَّا في موضع واحد في (البيوع) صرَّح بسماعه منه وروايتِه عنه، انتهى، وفي «التذهيب» رقم له (خت)، وقال: وعنه البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه في «الصحيح» أيضًا، كما نذكره في اسم الذي بعده، وقال في ترجمة الذي بعده وهو عبد الله بن صالح العجليُّ، وقد ذكر مكانًا في (سورة الفتح) في (التفسير)، ثُمَّ قال: قال شيخنا أبو الحجَّاج: وأَوْلى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: إنَّه كاتب الليث ... إلى آخر كلامه، وسأذكره في (سورة الفتح) إن شاء الله تعالى.

وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن أبي اليمان عن شعيب، وقال: تابعه موسى بن أعين عن معمر، وقال: الليث عن يونس؛ ثلاثتهم عن الزُّهريِّ به، وأخرجه مسلم من طريق يونس، لكن عن أبي الطاهر وحرملة؛ كلاهما عن ابن وهب عنه، وكذا التِّرْمِذيُّ من طريق يونس، عن عبد بن حميد، عن عثمان بن عمر، عنه، وقال: حسن صحيح، وقد رُوِيَ عن عروة عن عائشة، وأخرجه النَّسائيُّ في (النكاح) عن محمَّد بن يحيى بن عبد الله، عن موسى بن أعين، عن أبيه، عن معمر به، وفي (الطلاق) عن يونس بن عبد الأعلى الصدفيِّ، عن ابن وهب، عن يونس وموسى بن عليٍّ؛ كلاهما عن ابن شهاب به.

قوله: (لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (بَدَأَ بِي): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بهمز آخره.

قوله: (أَنَّ أَبَوَيَّ): أبواها معروفان: أبو بكر الصِّدِّيق عبدُ الله بن عثمان، وأمُّ رومان: دعد [1]، ويقال: زينب، تَقَدَّما مرارًا.

(1/8634)

قوله: (ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ)، وكذا يأتي في (باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجِها) في (النكاح)، ففيه إبطالٌ لقول من قال: إنَّ فاطمة بنت قيس أختَ الضَّحَّاك بن قيس الكلابيَّة لم تخترْهُ، وكان قد دخل بها، فاختارت الدنيا وزينتها، فسرَّحها عَلَيهِ السَّلام، فلمَّا كان في زمن عمر رضي الله عنه؛ وُجِدت تلقط البعر، وتقول: اخترت الدنيا على الآخرة، فلا دنيا ولا آخرة، قال ابن الطلاع: إنَّها كانت تلقط البعر وتقول: أنا الشقيَّة، قال الذهبيُّ في «تجريده»: فاطمة بنت الضَّحَّاك الكلابيَّة، يقال: إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تزوَّج بها، وليس بشيء، انتهى، وقد ذكرها ابن عبد البَرِّ، وذكر القصَّة وردَّها، وقيل: إنَّ التي كانت تقول: أنا الشقيَّة المستعيذة منه، وقيل غير ذلك، وما أظنُّ أنا أنَّ أحدًا من الصحابيَّات تختار الدنيا على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كيف نظنُّ بأحدٍ منهنَّ ذلك؟! وهذا لا يصحُّ عن أحد فيما أعلم، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): يجوز أنْ يعود الضمير في قوله: (تابعه) على الليث، ويجوز أن يعود على يونس، و (موسى بن أعين): حرَّانيٌّ، يروي عن خُصيف، وعبد الله بن محمَّد بن عَقيل، وعنه: ابنه محمَّد، والنفيليُّ، ويحيى بن يحيى، ثِقةٌ، مات سنة (177 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (معمر): هو ابن يزيد، بإسكان العين، ومتابعة موسى تَقَدَّمتْ أعلاه.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (عبد الرزَّاق)؛ فهو ابن همَّام، الحافظ الكبير، وتعليقه أخرجه ابن ماجه عن محمَّد بن يحيى، عن عبد الرزَّاق، عن معمر به، و (أبو سفيان المَعمَريُّ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو سفيان: محمَّد بن حميد البصريُّ المَعمَريُّ، سُمِّيَ بذلك؛ لرحلته إلى معمر، تُوُفِّيَ سنة اثنتين ومئتين، روى له مسلم والنَّسائيُّ، انتهى.

(1/8635)

و (المَعْمَري): بفتح الميمين، وإسكان العين، ويعرف هذا من كلام الدِّمْياطيِّ، لكن إنَّما يعرفه المحدِّثون، وهو محمَّد بن حميد اليشكريُّ، بصريٌّ، ثِقةٌ، نزل بغداد، وكان مذكورًا بالصلاح والعبادة، روى عن هشام بن حسَّان، ومعمرٍ، وسفيان، وعنه: أبو خيثمة، وسريج بن يونس، وعمرو الناقد، وسفيان بن وكيع، وخلقٌ، وثَّقه ابن معين، وعنه: هو أحبُّ إليَّ من عبد الرزَّاق، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قال ابن قانع: مات سنة اثنتين وثمانين ومئة، انتهى، أخرج له مسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، له ترجمة في «الميزان»، ما ذكر فيها سوى كلام العقيليِّ: في حديثه نظرٌ، ثُمَّ ساق له العقيليُّ حديثًا لا بأس به، انتهى كلام الذهبيِّ، ثُمَّ أرَّخه كما ذكرتُه، فقول الدِّمْياطيِّ: (تُوُفِّيَ سنة اثنتين ومئتين) فيه نظر، ولعلَّه: اثنتين وثمانين، ولم يذكر المئة اعتمادًا على الطبقة، فتصحَّفت على الناقل عنه، ثُمَّ إنِّي نظرت «الكمال» لعبد الغنيِّ، فرأيته أرَّخه كما قاله الدِّمْياطيُّ، فبَرِئا من العهدة؛ الدِّمْياطيُّ والناقلُ عنه، والله أعلم، وقوله: (روى [له] مسلم والنَّسائيُّ): قد ذكرت لك أنَّه أخرج له ابن ماجه أيضًا.

[ج 2 ص 328]

==========

[1] في (أ): (دعدد).

(1/8636)

[{ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ... }]

(1/8637)

[حديث: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله]

4788# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ عبارة عائشة رضي الله عنها صريحةٌ: أنَّ اللَّاتي وهبْنَ أنفسَهنَّ لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم جماعةٌ، وقد حضرني منهن من قيل عنها ذلك، أو ثبت ذلك عنها: خَوْلة _أو خُويلة_ بنت حكيم السُّلَميَّة، كانت امرأة صالحة تُكنَّى أمَّ شريك، قيل: هي التي وهبت نفسها، وأمُّ شريك العامريَّة، قال أبو عمر: اسمها غُزيَّة بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رفاعة بن حجر _ويقال: حجير_ بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤيٍّ، يقال: هي التي وهبت نفسها، وقيل غير ذلك في جماعة سواها، وقد اختلفوا في تعيين المذكورة في قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50]، فقيل: أمُّ شريك، قاله عروة، وأخرجه النَّسائيُّ عنها، وقيل: ميمونة بنت الحارث، قاله ابن عبَّاس، وقال الشعبيُّ: هي زينب بنت خزيمة الأنصاريَّة أمُّ المساكين، وقيل: اسم أمِّ شريك غُزيَّةُ بنت جابر بن حكيم، وقيل: بنت دودان، وقيل: غُزَيلة، وقيل: ليلى بنت الخطيم، وقيل: فاطمة بنت شريح، وقيل: خولة بنت حكيم، قالته عائشة، ففي «البُخاريِّ» و «مسلم»: (كانت خولة بنت حكيم من اللَّاتي وهبن أنفسهنَّ لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ... )؛ الحديث.

قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «تهذيبه»: قوله في أوَّل (الصداق) من «المهذَّب»: (أنَّ امرأةً قالت: قد وهبت نفسي لك يا رسول الله): اسمها خولة بنت حكيم بن أُمَيَّة، وقيل: أمُّ شريك، وهو الأشهر وقول الأكثرين، وقال ابن سعد: اسمها: غُزيَّة بنت جابر، انتهى.

وأمَّا التي وهبت نفسها فزوَّجها عَلَيهِ السَّلام على سور من القرآن؛ قال ابن بشكوال في «مبهماته»: اختُلِف فيها، فقيل: خولة بنت حكيم، وقيل: أمُّ شريك، ويقال: ميمونة، وساق لكلِّ قول شاهدًا، وقد ذكر بعضُهم في الواهبة اختلافًا؛ هل هي أمُّ شريك، أو خولة بنت حكيم، أو غُزيَّة بنت جابر، أو ميمونة، أو زينب بنت خزيمة الأنصاريِّ؟ انتهى.

==========

[ج 2 ص 329]

(1/8638)

[حديث: أن رسول الله كان يستأذن في يوم المرأة منا]

4789# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وتَقَدَّم من يقال له كذلك: حِبَّان؛ بالكسر، وأنهم: هذا، وحِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان ابن العرقة، وأنَّ هذا كافرٌ هلك على كفره، وأنَّه هو الذي رمى سعدَ بن معاذ في الخندق، و (عَبْدُ اللهِ) بعد (حِبَّان) هذا: تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (تَابَعَهُ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ: سَمِعَ عَاصِمًا): الضمير في (تابعه): يعود على عبد الله؛ هو ابن المبارك، و (عبَّاد) هذا: هو ابن عبَّاد بن حبيب بن المهلَّب بن أبي صُفْرَةَ، الأزديُّ العَتَكيُّ المُهلَّبيُّ البصريُّ، أبو معاوية، عن أبي جمرة الضُّبَعيِّ، ويونس بن خبَّاب، وعاصمٍ الأحول، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وقتيبة، ومسدَّد، وابن معين، وأبو عُبيد، وجماعةٌ آخرهم الحسن بن عرفة، قال أحمد: ليس به بأس، كان رجلًا عاقلًا أديبًا، وقال ابن معين وأبو داود: ثِقةٌ، وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتجُّ به، وقال التِّرْمِذيُّ عن قتيبة: ما رأيت مثل هؤلاء الفقهاء الأشراف الأربعة: مالك، والليث، وعبَّاد بن عبَّاد، وعبد الوهَّاب الثقفيُّ، تُوُفِّيَ ببغداد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة إحدى وثمانين ومئة، أخرج له الجماعة، وهذا غير عبَّاد بن عبَّاد الأُرسوفيِّ، وغير عبَّاد بن عبَّاد المازنيِّ، لصاحب الترجمة ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (عاصم) بعده: هو الأحول المذكور في السند قبله، ومتابعة عبَّاد أخرجها مسلم في (الطلاق) عن سريج بن يونس، عن عبَّاد، عن عاصم به، وأخرجها أبو داود في (النكاح) عن ابن معين، ومحمَّد بن عيسى بن الطَّبَّاع؛ كلاهما عن عبَّاد به، وأخرجها النَّسائيُّ في (عشرة النساء) عن محمَّد بن عامر المصيصيِّ، عن محمَّد بن عيسى به.

==========

[ج 2 ص 329]

(1/8639)

[{لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ... }]

قوله: (أَنَى يَأْنِي أَنَاةً): وفي نسخة: (أنى يأني أنًى)، قال الدِّمْياطيُّ: (الوجه: أنْيًا)، انتهى، وفي «الصحاح»: أنى يأني إنًى؛ أي: حان، وأَنَى أيضًا: أدرك، قال عزَّ وجلَّ: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53]، يقال: أنى الحميم؛ أي: انتهى حرُّه، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرَّحمن: 44]، وآناه يؤْنيه إيْناءً؛ أي: أخَّرَه، وحبسه، وأبطأه، والاسم منه: الأناء ... إلى أن قال: وتأنَّى في الأمر؛ أي: ترفَّق وتنظَّر، واستأنى [به]؛ أي: انتظر به [1]، يقال: استُؤنِيَ به حولًا، والاسم الأَنَاةُ؛ مثل: قَنَاةٍ، انتهى.

فقول البُخاريِّ: (أَنَى يَأْنِي أَنَاةً) لم يذكر فيها الجوهريُّ إلَّا (إنًى)، وأمَّا (أناة) وإن كانت من المادَّة إلَّا أنَّها مصدر من (استأنى)؛ بمعنى: ترفَّق وانتظر، فما عمله الجوهريُّ لم يكن ما في الأصل ولا ما في الهامش موافقًا له، والله أعلم.

(1/8640)

قوله: ({لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63]: إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ الْمُؤَنَّثِ؛ قُلْتَ: قَرِيبَةً، وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلًا وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ؛ نَزَعْتَ الْهَاءَ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الْوَاحِدِ والاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ، لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى)، انتهى: هذا لفظه، وهو كلام حسنٌ، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (يقال: {إِنَاهُ} [الأحزاب: 53]: إدراكه ... ) إلى آخره، وفيه الكلام على قوله: {لعلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى، وكنت قد رأيت في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمةَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] هذا الجوابَ، أو يقال: إنَّ (فعيلًا) يوصف به المؤنَّث بلا علامة تأنيث كما يوصف به المذكَّر؛ نحو: امرأة قتيل، وكفٌّ خضيب، وقد قال الجوهريُّ: (وقوله: {إنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ}، ولم يقل: قريبة؛ لأنَّه سبحانه أراد بـ «الرحمة»: الإحسان، ولأنَّ ما لا يكون تأنيثه حقيقيًا؛ جاز تذكيره، وقال الفرَّاء: إذا كان «القريب» في معنى المسافة؛ يُذكَّر ويُؤنَّث، وإذا كان في معنى النسب؛ يؤنَّث بلا خلاف بينهم)، انتهى، وقال الزمخشريُّ: ({قَرِيبٌ} على تأويل «الرحمة» بالرحم أو الترحُّم، أو لأنَّه صفة موصوف محذوف؛ أي: شيءٌ قريبٌ، أو على تشبيهه [2] بـ «فعيل» الذي هو بمعنى «مفعول»، كما كان ذلك به، فقيل: قُتَلاء وأُسَراء، أو على أنَّه بزنة المصدر الذي هو النقيض والضغيب، أو لأنَّ تأنيث «الرحمة» غيرُ حقيقيٍّ)، انتهى.

==========

[1] في (أ): (انتظرته)؛ بنقط التاء، والمثبت موافق لما في مصدره.

[2] في (أ): (تشبيه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 329]

(1/8641)

[حديث: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر]

4790# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الطويل، ابن تير ويقال: تيرويه، وأنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ» والكُتُب السِّتَّة: (حميد عن أنس) هو الطويل، إلَّا في حديثين ذكرتُهما غيرَ مرَّةٍ، والحديثان: «أَخَذ الرايةَ زيدٌ فأُصيب»، فهو في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، والثاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غَنْم موكب جبريل» في «البُخاريِّ» فقط، فهو حُميد بن هلال.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِجَابِ): تَقَدَّم أنَّها أُنزِلت في مبتنى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بزينب بنت جحش، وقد تَقَدَّم متى تزوَّج بها، وحكيتُ في ذلك ثلاثةَ أقوال: سنة أربع، وقيل: ثلاث، وقيل: خمس، وهي أوَّل نسائه لحوقًا به، تُوُفِّيَت سنة عشرين، أو سنة إحدى وعشرين، وقد تَقَدَّم ذلك، وقد رأيت في «معجم الطبرانيِّ الصغير» في (الأباره [1]) ما لفظه: حدَّثنا إبراهيم بن بندار الأصبهانيُّ: حدَّثنا محمَّد بن أبي عمر العَدَنيُّ: حدَّثنا سفيان بن عيينة عن مسعر، عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت آكل مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حَيسًا في قعب، فمرَّ عمر رضي الله عنه، فدعاه فأكل، فأصابت إصبعُه إصبعي، فقال: حسَّ أوه، لو أُطاع فيكُنَّ؛ ما رأتْكُنَّ عينٌ)، فنزلت آية الحجاب، لم يروه عن مسعر إلَّا سفيان بن عيينة، انتهى.

فظاهره أنَّها نزلت في عائشة، وهذا الحديث في «النَّسائيِّ» في (التفسير) عن زكريَّا بن يحيى عن ابن أبي عمر به، وقد ذكر شيخنا أسبابًا في نزول الحجاب، ثُمَّ قال: والجمع بين هذه الأقوال _والله أعلم_ أنَّ بعض الرواة ضمَّ قصَّةً إلى أخرى، ونزلت

[ج 2 ص 329]

الآية عند المجموع، انتهى.

(1/8642)

[حديث: لما تزوج رسول الله زينب دعا القوم فطعموا]

4791# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ): هو بفتح الراء، وتخفيف القاف [1]، وشين معجمة بعد الألف، مشهورٌ ظاهرٌ، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه لاحق بن حُمَيد، قال الدِّمْياطيُّ: لاحق بن حميد بن سعيد بن خالد البصريُّ، مات سنة تسع ومئة، انتهى.

وقوله في وفاته: (سنة تسع ومئة): هو قولٌ قاله الفلَّاس وغيره، وقيل: إنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عمر بن عبد العزيز، قاله المدائنيُّ وجماعةٌ، وقال خليفة: مات سنة ستٍّ ومئة، وقدَّم الذهبيُّ في «تذهيبه» هذين القولين على ما حكاه الدِّمْياطيُّ، والظاهر أنَّه كذلك في «التهذيب» للمزِّيِّ، وفي «الكاشف» اقتصر على ستٍّ ومئة، والله أعلم.

قوله: (لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ [3] بِنْتِ جَحْشٍ): قد قدَّمتُ لك الخلاف متى تزوَّج بها قريبًا وبعيدًا.

قوله: (وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ): هؤلاء الثلاثة لا أعرف أسماءهم، وسيجيء (فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ)، وسيجيء: (وَبَقِيَ نَفَرٌ) [خ¦5163]، ويجيء أيضًا: (وَبَقِيَ رَهْطٌ) [خ¦5166]، ويجيء الكلام على (النفر) و (الرهط)، وقد تَقَدَّم، والحاصل: أنَّه لا منافاة بين الروايات، والله أعلم، وقد ذكر شيخنا رواية: (بقي ثلاثة)، ورواية: (رجلين)، ثُمَّ قال: لعلَّه باعتبارَين كانوا ثلاثة، ذهب واحد وبقي اثنان، وهو أولى [4] من قول ابن التين: إحداهما وَهَمٌ، انتهى.

==========

[1] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (زينب)؛ بغير باء.

[4] في (أ): (أوَّل)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 330]

(1/8643)

[حديث: أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب]

4792# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام، أحد الأعلام، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن زيد الجرميُّ.

قوله: (فَضُرِبَ الْحِجَابُ): (ضُرِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والحجابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

(1/8644)

[حديث: بني على النبي بزينب بخبز ولحم]

4793# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ): (أُرسِلْتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء مضمومة على التكلُّم.

قوله: (وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرفهم، وتَقَدَّم أنَّ (الرهط): ما دون العشرة من الرجال؛ كالنفر.

قوله: (أَهْلَ الْبَيْتِ): هو منادى مضافٌ منصوبٌ.

قوله: (فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ): (تقرَّى): بغير همزٍ، معتلٌّ؛ أي: تتبَّعهنَّ واحدة بعد واحدةٍ، يقال: قروت الأرض: تتبَّعتها أرضًا بعد أرض، وناسًا بعد ناس.

قوله: (كُلِّهِنَّ): بالجرِّ؛ لأنَّه تأكيد لـ (نسائه)، وهو مجرورٌ، لا لـ (الحُجَرِ)، وهذا معروف ظاهرٌ.

قوله: (فَإِذَا ثَلاَث رَهْط): تَقَدَّم أنَّ هؤلاء الثلاثة لا أعرفهم.

قوله: (آخْبَرْتُهُ؟): هو بمدِّ همزة الاستفهام، ويجوز تحقيقها.

قوله: (أَوْ أُخْبِرَ؟): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا معروفٌ.

قوله: (فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ): قال الدِّمْياطيُّ: قال الخليل: أُسْكُفَّة الباب: عتبته التي يوطأ عليها، انتهى، وفي «الصحاح»: أُسكفَّة الباب: عتبته.

قوله: (دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً): (داخلة) و (خارجة): منصوبان منوَّنان، وذلك معروفٌ.

==========

[ج 2 ص 330]

(1/8645)

[حديث: أولم رسول الله حين بنى بزينب ابنة جحش فأشبع الناس]

4794# قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حميد الطويل، لا حميد بن هلال.

قوله: (رَأَى رَجُلَيْنِ): تَقَدَّم الكلام على الجمع بين هذا وبين (ثلاثة رهط) قريبًا، وتَقَدَّم أنَّ هذين لا أعرفهما أيضًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى): أمَّا (ابن أبي مريم)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن محمَّد، انتهى، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدثنا)، غير أنَّه يكون غالبًا أخذه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثل هذا يرقم عليه المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، والله أعلم، وأمَّا (يحيى)؛ فقال الدِّمْياطيُّ: يحيى بن أيُّوب، أبو العبَّاس، الغافقيُّ المصريُّ، استشهد به البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في (مسند أنس): إنَّه هو، له ترجمة في «الميزان»، وفيها أحاديث أُنكِرت عليه، أخرج له الجماعة، كذا رقموا عليه، وكذا رأيته في «الكاشف»، و «التذهيب»، و «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (168 هـ).

تنبيهٌ: (يحيى بن أيُّوب) جماعةٌ: يحيى بن أيُّوب العلَّاف، أخرج له النَّسائيُّ، ويحيى بن أيُّوب بن أبي زرعة البجليُّ، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له أبو داود والتِّرْمِذيُّ، وصاحب الترجمة الغافقيُّ أحد العلماء، ويحيى بن أيُّوب المقابريُّ، أخرج له مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ، ويحيى بن أيُّوب بن أبي عقال هلالٍ، للبجليِّ ترجمة في «الميزان»، وللغافقيِّ، ولابن أبي عقال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 330]

(1/8646)

[حديث: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن]

4795# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (خَرَجَتْ سَوْدَةُ): هذه هي أمُّ المؤمنين سودة بنت زَمعة بن قيس العامريَّة، انفردت بالنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعد خديجة إلى أن دخل بعائشة، رضي الله عنهما، ولمَّا أسنَّت؛ وهبت نوبتها لعائشة، تُوُفِّيَت في آخر خلافة عمر، وهذا قول الأكثرين، روى عنها ابن عبَّاس، ويحيى بن عبدٍ الأنصاريُّ، أخرج لها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

قوله: (فَانْكَفَأَتْ): هو بهمزة مفتوحة بعد الفاء، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: انقلبت.

قوله: (عَرْقٌ): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الراء، وبالقاف، وهو العظم بما عليه من بقيَّة اللحم، يقال: عرقته، وتعرَّقته، واعترقته؛ إذا أكلتَ ما عليه بأسنانك، وقال أبو عُبيد: العَرق: الفِدْرَة من اللحم، قال الخليل: العُراق: العظم بلا لحم، وإن كان عليه؛ فهو عَرْق، قال الهرويُّ: العُراق: جمع (عَرْق) نادرٌ، قال بعضهم: التعرُّق: مأخوذ من العَرْق؛ كأنَّ المتعرِّق أكل ما عليه من لحم وعَرْقٍ وغيرِه.

قوله: (قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ): (أُذِن): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 330]

(1/8647)

[{إن تبدوا شيئًا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليمًا ... }]

[ج 2 ص 330]

قوله: ({إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ} [الأحزاب: 54]): إلى آخر الآية التي تليها، ثُمَّ ساق حديث عائشة: (استأذن عليَّ أفلح ... )؛ الحديث، قال شيخنا: وهو ليس فيه شيء من تفسيرالآية، وإن كان يجوز أن يكون أراد به بيانَ جواز دخول الأعمام والآباء من الرضاعة على أمَّهات المؤمنين؛ لقوله: «ائذني له، إنَّه عمُّك، تربت يمينك»، انتهى.

(1/8648)

[حديث: ائذني له فإنه عمك تربت يمينك]

4796# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ، أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ): كذا هنا، وفي مكان آخر: (أفلح بن أبي القُعَيس)، وفي رواية في «الصحيح» و «السنن»: (استأذن عليَّ عمِّي من الرضاعة)، زاد مسلم: (أبو الجعد)، وفي رواية عن هشام في «مسلم»: (إنَّما هو أبو القُعَيس)، وفي رواية: (أفلح بن قُعَيس)، قال الحُفَّاظ: الصواب: (أفلح أخو أبي القُعَيس)، وهي المعروفة في كتب الحديث وغيرها: أنَّ عمها من الرضاعة هو أفلح أخو أبي القُعَيس، وكنية أفلح: أبو الجعْد، وأفلح صَحابيٌّ، وأبو قُعَيس صَحابيٌّ، عمُّ عائشة من الرضاعة، وقيل: أبوها، وقيل: هو أفلح، (والقُعَيْس): بضمِّ القاف، وفتح العين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا.

قوله: (بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ): (أُنزِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والحجابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا متى أُنزِل الحجاب.

قوله: (أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ): امرأة أبي القعيس لا أعرف اسمها ولا ترجمتها.

قوله: (أَنْ تَأْذَنِي [1] عَمّكِ): (عمُّك): في أصلنا مرفوع، وهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو عمُّك، والظاهر أنَّه يجوز النصب بنزع الخافض؛ أي: لعمِّك، والله أعلم.

قوله: (تَرِبَتْ يَمِينُكِ): تَقَدَّم الكلام عليها في (تربت يداك).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تأذنين).

[ج 2 ص 331]

(1/8649)

[{إن الله وملائكته يصلون على النبي ... }]

قوله: ({إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]): الآية بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة في حاشية أصلنا.

فائدةٌ: قال أبو ذرٍّ: ابتداء الصلاة على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في السنة الخامسة من الهجرة، قال اليُونينيُّ: وفيه نظرٌ؛ لأنَّه قد ورد في حديث الإسراء الصلاةُ عليه، وكان الإسراء بمَكَّة شرَّفها الله تعالى، انتهى.

قوله: (قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلاَةُ اللهِ: ثَنَاؤُهُ): (أبو العالية) هذا: الظاهر أنَّه هو رفيع بن مهران، أبو العالية الرياحيُّ، تَقَدَّم مترجمًا، وهو أحد علماء التابعين.

(1/8650)

[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد]

4797# قوله: (حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ [1]: حَدَّثَنَا أَبِي): قال الدِّمْياطيُّ: هو سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة، مات سنة تسع وأربعين ومئتين، ومات أبوه سنة (194 هـ)، انتهى، و (الْحَكَمُ): هو ابن عتيبة، الإمام القاضي، تَقَدَّم.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى): هو عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، تَقَدَّم، و (كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ): تَقَدَّم، صَحابيٌّ مشهور، و (عُجْرَة): بضمِّ العين المهملة، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

==========

[1] (بن سعيد): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 331]

(1/8651)

[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك]

4798# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (ابْنُ الهَادِي): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ الصحيح إثبات الياء في (الهادي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن العاصي)، و (اليماني)، وهو في أصلنا هنا بحذف الياء، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ خَبَّابٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، و (أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن صالح، كاتب الليث، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ علَّق له، وتَقَدَّم كلام المِزِّيِّ فيه، وسأذكره أيضًا في (سورة الفتح) أنَّه روى عنه نفسه، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، وهو عبد العزيز بن أبي حازم المدينيُّ، مولى بني مخزوم، تَقَدَّم مِرارًا، (وَالدَّرَاوَرْدِيُّ): هو عبد العزيز بن محمَّد الدراورديُّ، أبو محمَّد، ودراورد [1]: قرية بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها، تَقَدَّم، و (يَزِيدُ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي المذكور في السند قبله.

(1/8652)

[{لا تكونوا كالذين آذوا موسى}]

(1/8653)

[حديث: إن موسى كان رجلًا حييًا]

4799# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء، وقال بعضهم: بضمِّها، و (عُبادة): بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، تَقَدَّم، و (عَوْفٌ): هو الأعرابيُّ، تَقَدَّم، وهو عوف بن أبي جميلة، و (الحَسَنُ، ومُحَمَّدٌ، وخِلَاسٌ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، ولم يسمع من أبي هريرة، قاله التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ، وأمَّا (محمَّد)؛ فهو ابن سيرين، وأمَّا (خِلَاس)؛ فهو بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف اللام، وفي آخره سين مهملة، قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لم يسمع من أبي هريرة حديث: «إنَّ موسى عَلَيهِ السَّلام كان حييًّا ... »؛ الحديث؛ يعني: هذا الحديث، فسألت عوفًا فترك محمَّدًا، وقال: خِلاسٌ مُرسِل، وسأذكر ترجمة خِلَاس في (الأيمان والنذور) إن شاء الله تعالى، وقد تَقَدَّم الكلام على سماعه، وكذا سماع الحسن بن أبي الحسن من أبي هريرة في (أحاديث الأنبياء)، وقد تَقَدَّم بعض هذا الكلام قبل ذلك أيضًا، فالعُمدة إذن على محمَّد بن سيرين، والله أعلم.

قوله: ({كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: 69]): تَقَدَّم ما آذوه به في (الأنبياء).

==========

[ج 2 ص 331]

(1/8654)

(((34))) [سبأ]

قوله: (سُورَةُ [1] سَبَأ): اعلم أنَّ (سَبَأ) هنا [سبأ: 15] وفي (النمل) [22] قد قرأ البزِّيُّ وأبو عمرٍو فيهما بفتح الهمزة من غير تنوين، وقرأ قُنبل بإسكانها فيهما على نيَّة الوقف، والباقون: بخفضها فيهما مع التنوين، وهو كـ (جَبَل) ويُمْنَعُ، بلدة بِلْقيس، ولقب ابن يشجب بن يَعرب، واسمه: عبد شمس، يجمع عامَّة قبائل اليمن، والله أعلم.

قوله: (يقال: {مُعَاجِزِينَ} [سبأ: 5]: مُسَابِقِينَ، {بُمُعْجِزِينَ} [الزمر: 51]: بِفَائِتِينَ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّه كان ينبغي أن يذكر هذا في (سورة الحجِّ)، فإنَّه أوَّل مكان وقع فيه ذلك، وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {مُعَجِّزِينَ} في (الحجِّ) [51] وفي المكانين من (سبأ): بتشديد الجيم من غير ألف، والباقون: بالألف وتخفيف الجيم، والله أعلم.

قوله: (فَارْتَفَعَتَا عَنِ الجَنْبَتَيْن): كذا في أصلنا، قال الدِّمْياطيُّ: (صوابه: «يعني: الجنتين»، وكذلك هو في بعض النسخ من رواية أبي ذرٍّ)، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ كلام مقبول صحيحٌ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيل): هو أبو ميسرة، عمرو بن شرحبيل، و (شُرحبيل): بضمِّ الشين المعجمة، لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وهذا ظاهرٌ جدًّا إلَّا أنِّي رأيت مَن يفتح شينه، وأمَّا كونه لا ينصرف؛ فلا يعرفه إلَّا من يعرف النحو، وهو همْدانيٌّ كوفيٌّ، من فضلاء التابعين، وليس هو بعمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجيِّ المدنيِّ؛ لأنَّ هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، بل ولا تعليقًا، والخزرجيُّ أخرج له النَّسائيُّ وانفرد به، وصاحب الترجمة كان من فضلاء التابعين، عابدًا حُجَّة، والخزرجي ذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، تُوُفِّيَ الهمْدانيُّ وأوصى أن يصلِّيَ عليه شريحٌ القاضي، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: ({العَرِمِ} [سبأ: 16]: الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ): (المُسَنَّاة): بضمِّ الميم، وفتح السين المهملة، ثُمَّ نون مشدَّدة، وبعد الألف تاء، قال شيخنا عن ابن التين: بضمِّ الميم، وتشديد النون، كذا هو مضبوط في أكثر الروايات، وكذا هو في أكثر كتب اللغة، وضُبِط في رواية الأصيليِّ بفتح الميم، وسكون السين، وتخفيف النون، انتهى، قال النَّوويُّ: ضفيرة تُجعَل في جانب النهر لتمنعَه من الأرض، وقال البندنيجيُّ: هي الأحواض التي يُجعَل

[ج 2 ص 331]

(1/8655)

فيها الماء تحت النخل، انتهى.

و (العَرِم): لا واحد لها من لفظها، ويقال: واحدتها عَرِمة، (بلحن اليمن)؛ أي: أهل اليمن، وفي بعض النسخ: (بلحن حمير)، و (اللَّحن)؛ بإسكان الحاء وتفتح، ذكرهما ابن الأثير عن ابن الأعرابيِّ، وفتح اللام؛ أي: بلغتهم، و (حِمْيَر)؛ بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، وفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، غير مصروفٍ، أبو قبيلة من اليمن، وهو حِمْيَر بن سبأ بن يشجُبَ بن يعربَ بن قحطان، ومنهم كانت الملوك في الدهر الأوَّل، قال ابن قُرقُول: («{العَرِم}: المسناة»، كذا في «البُخاريِّ»: «بلحن حمير»؛ يعني: لغتهم، وهو السدُّ، وقيل: الوادي، وقيل: اسم الفأر الذي حفره، وقيل: المطر الشديد)، انتهى، وقال السهيليُّ: وفي {العرم} أقوال: قيل: هي المسناة؛ أي: السُّدُّ، وهو قول قتادة، وقيل: هو اسمٌ للوادي، وهو قول عطاء، وقيل: هو الجُرَذُ الذي خرَّب السُّدَّ، وقيل: هو صفة للسيل، من العرامة، وهو معنى رواية عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس، وقال البُخاريّ: ({العرم}: ماء أحمر ... )، فذكره، انتهى، وأوضح من الذي ذكروه في {العَرِم}: أنَّه السُّدُّ؛ يعنون به: السِّكر؛ وهو ضفيرة تُبنى للسيل تردُّه، أو للنهر، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {العَرِمِ} [سبأ: 16]: الْوَادِي): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هو قول قتادة، رواه ابن جرير بإسناد صحيح، انتهى.

قوله: ({مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ: 46]: وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ) قال الدِّمْياطيُّ: صوابه: واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، انتهى، وقال الجوهريُّ: ويقال: جاؤوا مثنى مثنى؛ أي: اثنين اثنين، فظاهره يردُّ على الدِّمْياطيِّ، ويوافق البُخاريَّ، و {فُرَادَى}: جمع (فرد) على غير قياس؛ كأنَّه جمع (فردان)، قاله في «الصحاح»، وفي «القاموس»: الفرد: نصف الزوج، والمتَّحد، ج _يعني: الجمع_: فِراد، ومَن لا نظير له ج _يعني: الجمع_: أفراد وفرادى، انتهى.

وليس هذا مرادَ البُخاريِّ، والذي أراد البُخاريُّ معناه: واحدًا واحدًا، جاء القوم فرادًا وأفرادًا وفرادى وفُرادَ وفَرادَ وفَرْدَى؛ كـ (سَكْرَى): واحدًا بعد واحد، والواحد: فَرَد وفَرِد وفَرِيد وفَرْدَان، ولا يجوز (فَرْد) في هذا المعنى، قاله شيخنا في «القاموس».

قوله: (وَالأَثْلُ: الطَّرْفَاءُ): هو بفتح الطاء المهملة، وإسكان الراء، ممدود الآخر، وتَقَدَّم ما هي.

==========

(1/8656)

[1] في (أ): (في)، وكان قد أتى بقوله: (يقال: {معاجزين} ... ) اللاحق، لكنَّه استدرك هذا الكلام التالي هنا، ولا يستقيم مع كلمة (في)، والمثبت موافق لما في (ق)، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

(1/8657)

[{حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ... }]

قوله: ({حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]): {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} تَقَدَّم الكلام عليه وعلى القراءات فيها في (الحجر).

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8658)

[حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة ... ]

4800# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، ولماذا نُسِب، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، لا قهرمان آل الزُّبَير، قهرمان آل الزُّبَير ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، و (عِكْرِمَةُ) بعده: هو مولى ابن عبَّاس.

تنبيهٌ: من اسمه عمرو، ويروي عن عكرمة مولى ابن عبَّاس في الكُتُب السِّتَّة، أو بعضها: عمرو بن دينار هذا المَكِّيُّ الإمام، وعمرو بن عبد الله بن الأسوار اليمانيُّ، روى له عنه أبو داود، وعمرو بن مسلم الجنديُّ، روى له عنه أبو داود أيضًا.

قوله: (خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ): هو في أصلنا بضمِّ الخاء، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الحجر)؛ فانظره.

قوله: (عَلَى صَفْوَانٍ): هو بإسكان الفاء، وأمَّا الذي في (سورة الحجر): (قال عليٌّ: وقال غيرُه: صفَوان): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّ الصواب فيهما إسكان الفاء.

قوله: (فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ) قال الدِّمْياطيُّ: (الصواب: «مسترقو» في الموضعين)، انتهى، وكذا هو على الصواب في (سورة الحجر): (مسترقو السمع)، ولو قيل: إنَّ المراد بـ (مسترق السمع) في الموضعين هنا الجنسُ؛ كان أَوْلَى من التخطئة، والله أعلم، مع أنَّ الذي قاله هو في نسخة، وما اعترض عليه نسخةٌ أخرى؛ فهما روايتان، والله أعلم.

قوله: (وَوَصَفَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، وهو المذكور في السند.

قوله: (وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ): (بَدَّد): بفتح الموحَّدة، وتشديد الدال المهملة؛ أي: فرَّق، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ وَالْكَاهِنِ [1]): تَقَدَّم الكلام على (الكاهن) وتعريفِه، وفي بعض النسخ: (على لسان الآخِر أو الكاهن)، و (الآخِر): بكسر الخاء المعجمة لأبي أحمد الجرجانيِّ، وللكافَّة: (على لسان الساحر أو الكاهن)، وهو أصوب، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (فَيُصَدَّقُ): هو بفتح الدال المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أوِ الكاهن).

[ج 2 ص 332]

(1/8659)

[{إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد}]

(1/8660)

[حديث: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم ... ]

4801# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالخاء المعجمة، أبو معاوية الضرير، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران.

قوله: (صَعِدَ النَّبِيُّ): (صعِد): بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، وهذا ظاهرٌ، إلَّا أني رأيت من يفتح عينه، أو يتوقَّف فيه جهلًا.

قوله: (يَا صَبَاحَاهْ): تَقَدَّم أنَّ هذه كلمة يقولها المستغيث مطوَّلة، وأنَّ هاء السكت في آخرها ساكنة.

قوله: (فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشعراء)، وسأذكر سبب عدول البارئ عزَّ وجلَّ عن اسمه لكنيته في (تبَّت) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8661)

(((35))) [الملائكة]

قوله: ({مُثْقَلَةٌ} [فاطر: 18]: مُثَقَّلَةٌ): الثانية: بفتح الثاء، وتشديد القاف مفتوحة أيضًا، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ): يعني: غير مَن قال ما قبله.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَرُورُ: بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ: بِالنَّهَارِ)، انتهى: قال الجوهري: قال أبو عبيد: (الحرور بالليل، وقد يكون بالنهار، والسَّموم بالنهار، وقد يكو ن بالليل)، وأنشد بيتًا شاهدًا لذلك للعجَّاج.

قوله: ({غَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27]: أَشَدُّ سَوَادً [1]، الْغِرْبِيبُ): وعلى هذا قال أبو عبيد: إنَّه على التقديم والتأخير؛ أي: سود غرابيبُ.

قوله: (وَالْغِرْبِيبُ [2]: الشَّدِيدُ السَّوَادِ): (الغِربيب): بكسر الغين المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (سوادٍ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الغربيب)؛ بغير واو.

[ج 2 ص 332]

(1/8662)

(((36))) (سُورَةُ يس) ... إلى (الزُّخْرُف)

قوله: ({فَعَزَّزْنَا} [يس: 14]: شَدَّدْنَا): تَقَدَّم أنَّ (عزَّزنا): بالتشديد والتخفيف، والقراءتان بمعنى: شددنا وقوَّينا، قرأ أبو بكر _وهو أحد الروايتين عن عاصم، وهو أبو بكر بن عيَّاش، واسمه: شعبة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم_ بالتخفيف، والباقون بالتشديد.

قوله: ({فَكِهُونَ} [يس: 55]: مُعْجَبُونَ): {فَكِهُونَ}: قراءة شاذَّة، وليست في السبع، وهي قراءة يعقوب في رواية عنه [1]؛ للمبالغة، وقد عزاها إليه البيضاويُّ في «تفسيره»، ولكن قُرِئ في قوله تعالى: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَكِهِينَ} [الدخان: 27]؛ أي: أَشِرين، و {فَاكِهِينَ}؛ أي: ناعمين، و (مُعجَب) في كلام البُخاريِّ: بفتح الجيم، وقد قرأ حفص في (المطفِّفين) قوله تعالى: {انقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين: 31]، والباقون قرؤوا: {فَاكِهِين}، والله أعلم.

==========

[1] وقراءة أبي جعفر من العشرة.

[ج 2 ص 332]

(1/8663)

[{والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}]

(1/8664)

[حديث: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟]

4802# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، تَقَدَّم مع الاختلاف في اسمه، واسم أبيه، وتَقَدَّمتْ ترجمته.

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8665)

[حديث: مستقرها تحت العرش]

4803# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وتَقَدَّم لماذا نسب في أوَّل هذا [التعليق]، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (وَكِيعٌ): تَقَدَّم أنَّه أحد الأعلام، ابن الجرَّاح، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مِهران.

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8666)

(((37))) [{والصافات}]

[ج 2 ص 332]

قوله: ({وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ} [الصافات: 8]: يُرْمَوْنَ): (يُرمَون): بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ مثل: {يُقْذَفُونَ}: مبنيٌّ أيضًا.

قوله: ({يُنزَفُونَ} [الصافات: 47]: لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الزاي، ومَن قال: الزاي بالكسر؛ فمعناه، _والله أعلم_: ولا هم عن شُربها ينفَدُ شرابُهم، وقد قرأ حمزة والكسائيُّ بكسر الزاي هنا، والباقون بفتحها، ولا خلاف في ضمِّ الياء، وقال شيخنا رحمه الله تعالى ما لفظه: {يُنزِفون}: لا تذهب عقولهم، قلت: هذا على قراءة كسر الزاي، ومن قرأ بفتحها؛ فمعناه: لا ينفد شرابُهم، انتهى، وهذا على العكس، والله أعلم.

قوله: ({يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70]: كَهَيْئَةِ الْهَرْوَلَةِ): تَقَدَّم الكلام على {يُهرَعُونَ} في (الأنبياء)؛ فانظره.

قوله: ({يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]: النَّسَلَانُ فِي الْمَشْيِ): {يَزِفُّونَ}؛ بفتح أوَّله: قراءة الجماعة إلا حمزة، فإنَّه قرأ بالضمِّ، لغتان، و (النَّسَلان): هو بفتح النون والسين المهملة، يقال: نسل في عَدْوِه ينسِل نسْلًا ونسَلانًا: أسراع.

قوله: (سَرَوَاتِ الْجِنِّ): هو جمع (سراة)، و (سراة): جمع (سرِيٍّ)؛ وهو الشريف، وقد تَقَدَّم الكلام عليه، وقدَّمتُ انتقاد السهيليِّ على النحاة في ذلك.

قوله: ({مَّدْحُورًا} [الأعراف: 18]: مَطْرُودًا): هذا في (الأعراف)، وأمَّا هنا؛ فالتلاوة {دُحُورًا} [الصافات: 9]؛ وهو مصدر (دحرته)؛ أي: دفعته، وأبعدته، وطردته، والله أعلم، وقد تَقَدَّم له في أوَّل (ابتداء الخلق) في (باب صفة إبليس وجنوده) ما لفظه: ({دُحُورًا}: مطرودين)، وقد تَقَدَّم ما فيه.

قوله: (يُذْكَرُ بِخَيْرٍ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8667)

[{وإن يونس لمن المرسلين}]

(1/8668)

[حديث: ما ينبغي لأحد أن يكون خيرًا من ابن متى]

4804# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضبيُّ الكوفيُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرً [1]): (خيرً) في أصلنا: بغير ألف، وكأنَّه كُتِب على نيَّة الوقف، وهو لغة، وفي نسخة أخرى: (خيرًا)، وهذه ظاهرةٌ، و (مِنِ ابْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام عليه في (يونس).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وكتب في هامشها: (كذا هي موضوعة في نسخ شرف الدين الأنصاري، مكتوب عليها: صح)، ورواية «اليونينيَّة»: (خيرًا).

[ج 2 ص 333]

(1/8669)

[حديث: من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب]

4805# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، و (هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّم أنَّ (لؤيًّا) يهمز ولا يهمز.

قوله: (مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ... )؛ الحديث، تَقَدَّم أنَّ (أنا): تعود على المتكلِّم مَن كان، ليس على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خاصَّة، في (كتاب الأنبياء) بزيادة على هذا؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 333]

(1/8670)

(((38))) [{ص}]

قوله: ({ص} [ص: 1]): تَقَدَّم أنَّ فيها قراءاتٍ، قال مكيٌّ: فيها أربع قراءات: {صْ}؛ بالإسكان، و (صادِ)؛ بكسر الدال، و (صادَ)؛ بفتحها، و (صادٍ)؛ بالكسر والتنوين، انتهى، وما عدا الإسكان شواذُّ، والله أعلم.

(1/8671)

[حديث: سألت مجاهدًا عن السجدة في {ص} قال ... ]

4806# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّم مِرارًا، بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم مَن لقَّبه بذلك، و (العَوَّامُ): هو ابن حوشب الواسطيُّ، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 333]

(1/8672)

[حديث مجاهد: سألت ابن عباس من أين سجدت؟]

4807# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ): شيخ البُخاريِّ (محمَّد بن عبد الله) هذا: قال شيخنا: قال الكلاباذيُّ وابن طاهر: نُراه الذهليَّ، انتهى، ثُمَّ رأيته فيهما، وفي لفظ الكلاباذيِّ: روى عنه _يعني: عن محمَّد بن عبيد الطنافسيِّ_ في (مناقب بلال)، و (بدء الخلق)، و (تفسير ص)، و (غزوة خيبر)، انتهى، والمِزِّيُّ لم يعيِّنه، و (العَوَّامُ): هو ابن حوشب، أحد الأعلام، تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (أُمِرَ نَبِيُّكُمْ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ونبيُّكُم): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 333]

(1/8673)

[غريب آيات سورة ص]

قوله: (الْقِطُّ: الصَّحِيفَةُ): هو ههنا صحيفة الحسنات، وقال بُعَيد هذا: ({قِطَّنَا} [ص: 16]: عَذَابَنَا)، قال الجوهريُّ: القطُّ: الكتاب، والصَّكُّ بالجائزة، وأنشد بيتًا للأعشى، ثُمَّ قال: ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِسَابِ} [ص: 16]، قال ابن عبد السلام في قوله تعالى: {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا}: حظَّنا من الجنَّة أو من العذاب، قاله النضر، أو كتابنا الموعودَ في الآخرة، على الاستهزاء، والقِطُّ: كتابٌ بالجوائز.

قوله: ({فُوَاقٍ} [ص: 15]: رُجُوعٍ): {فُوَاق}؛ بضمِّ الفاء: قراءة حمزة والكسائيِّ، والباقون قرؤوا بفتحها، والفتح والضمُّ لغتان، ويقال: الفتح: رجوع أو إقامة [1]؛ كـ (جواب) من إجابة، وبضمِّها: تأخير أو انتظارٌ قَدْرَ فُوَاق؛ وهو ما بين الحلبتين؛ لرجوع اللبن من جانبَي الضرع.

قوله: ({أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63]: أَحَطْنَا بِهِمْ) قال الدِّمْياطيُّ: لعلَّه: أخطأناهم، وحُذِف مع ذلك القولُ الذي هذا تفسيره؛ وهو: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ} [ص: 63]، انتهى، وقد أخذ هذا من ابن قُرقُول، أو من أصله، ولفظ «المطالع»: («أحطنا بهم»: كذا هو في جميع النسخ، وفيه _لا شكَّ [2]_ تغيير، وصوابه _والله أعلم_: أخطأناهم، يدلُّ عليه قوله: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ})، انتهى، لكنَّ عبارة الدِّمْياطيِّ أصرحُ في المقصود.

قوله: ({أَتْرَابٌ} [ص: 52]: أَمْثَالٌ): (الأتراب): جمع (تِرْب)؛ بكسر المثنَّاة فوق، وإسكان الراء، وبالموحَّدة، وهو اللِّدَة؛ أي: على سنٍّ واحد.

==========

[1] كذا في (أ)، ولعله: (إفاقة).

[2] زيد في (أ) مستدركةً: (أنَّه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب موافقة لمصدره.

[ج 2 ص 333]

(1/8674)

[{هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}]

(1/8675)

[حديث: إن عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة ... ]

4808# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحٌ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضهم ذكر فيه الضمَّ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غندر.

قوله: (إِنَّ عِفْرِيتًا): (العفريت): القوي النافذ مع خُبث ودَهاء، وهذا هو عدوُّ الله إبليس كما صُرِّح به في رواية، ويحتمل أن يكون غيره، وتكون الواقعة تعدَّدت، وقد قدَّمتُ ذلك في (الصلاة)، وقال هنا بعض حُفَّاظ مِصْرَ: يمكن أن يُفسَّرَ بإبليس، كما رواه مسلم من حديث أبي الدرداء، انتهى.

[ج 2 ص 333]

قوله: ({هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص: 35]): تَقَدَّم الكلام عليه في (الصلاة) مطوَّلًا، وكلام الداوديِّ والقاضي عياضٍ.

(1/8676)

[{وما أنا من المتكلفين}]

(1/8677)

[حديث ابن مسعود: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ... ]

4809# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه [1] جرير بن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن صبيح، وأنَّ (صُبَيحًا) بضمِّ الصاد، وفتح الباء.

قوله: (عَنِ الدُّخَانِ): تَقَدَّم الكلام على (الدخان)؛ هل هو ما قاله هنا الذي رأته قريش، أو أنَّه الذي قبل يوم القيامة فيأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنَ منه كهيئة الزكام؟ في (سورة [2] الروم)، وتَقَدَّمت الإشارة إليه في (الفرقان).

قوله: (كَسَبْعِ يُوسُفَ): يعني: قحطًا وجَدْبًا، وكذا (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): هي القحط والجَدْب.

قوله: (حَصَّتْ [3]): تَقَدَّم أنَّ معناه: استأصلت.

قوله: (أَفَيُكْشَفُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والعذابُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَكُشِفَ): هو بضمِّ الكاف، وكسر الشين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] زيد في (أ): (أنه)، وهو تكرار.

[2] في (أ): (سور)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فحصَّت).

[ج 2 ص 334]

(1/8678)

(((39))) [الزمر]

قوله: (يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ): (يُجَرُّ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: ({ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28]: لَبْسٍ): هو بفتح اللام، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ سين مهملة.

قوله: ({وَرَجُلاً سَلْمًا [1] لِّرَجُلٍ} [الزمر: 29])، وكذا قوله ثانيًا: ({وَرَجُلًا سَلْمًا} [2]: وَيُقَالُ: {سَالِمًا}): هو في المكانين في أصلنا بفتح السين وإسكان اللام بالقلم، والذي فيه في السبع: {سَالمًا}؛ بألف بعد السين، وكسر اللام، قرأ به ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ الباقون بفتح اللام من غير ألف، وليس في العشر شيءٌ غيرَ هذا [3]، وفي «الصحاح»: وقُرِئ: {سَلَمًا}؛ يعني: بفتحتين _كما ذكرته لك عن غير ابن كثير وأبي عمرو_، انتهى، وقد قُرِئ: {سالمًا}؛ بالألف، و {سَلَمًا}؛ بفتح الفاء والعين، وفتح الفاء وكسرها مع سكون العين، وهي مصادر «سَلِم»؛ والمعنى: ذا سلامة، قاله الزمخشريُّ في «تفسيره»، فما في الأصل على قراءة شاذَّة، والله أعلم.

قوله: (الشَّكِسُ): هو بفتح الشين المعجمة، وكسر الكاف، وتُسكَّن، وبالسين المهملة، قال الجوهريُّ: رجل شَكْسٌ _ بالتسكين_ أي: صعب الخُلُق، وقومٌ شُكْسٌ؛ مثل: رجلٍ صِدْقٍ، وقومٍ صِدْقٍ، وقد شَكِس شكاسة، وحكى الفرَّاء: رجلٌ شَكِسٌ، وهو القياس، انتهى، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (وَقَالَ غَيْرُه: {مُتَشَاكِسُونَ} [الزمر: 29]، الرَّجُل الشَّكِسُ): هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: (بِحِفَافَيْهِ: بِجَوَانِبِهِ): هو بكسر الحاء المهملة، وبفاءين، بينهما ألف، الفاء الثانية مفتوحة، وبعدها ياء مثنَّاة من تحت ساكنة، ثُمَّ هاء الضمير، وحِفافا الشيءِ: جانباه، وقوله في أصلنا: (بجوانبه) وكذا في أصل لنا آخر دمشقيٍّ، وفي نسخة أخرى: (بجانبيه)، وهذه ظاهرةٌ، وهي الوجه، والله أعلم.

(1/8679)

[{يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ... }]

(1/8680)

[حديث: أن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا]

4810# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (يَعْلَى) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن مسلم.

تنبيهٌ: كون يعلى هو ابن مسلم، كذا قاله المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمته عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس، وقال شيخنا: ويعلى هو ابن حكيم، كما ذكره أبو داود مصرَّحًا به في إسناده، وأمَّا أبو مسعودٍ وخلفٌ؛ فقالا: هو ابن مسلم، وكلاهما يروي عن سعيد بن جُبَير، انتهى، وقد راجعت نسخة عندي مسموعة من «سنن أبي داود» رواية اللؤلؤيِّ، فرأيت الحديث المشار إليه في (كتاب الفتن)، ولم يبيِّنه فيها، والله أعلم.

تنبيهٌ ثانٍ: من اسمه يعلى، وهو يروي عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس: هذا ابن مسلم، ويعلى بن حكيم الثقفيُّ البصريُّ، أخرج له بهذه الطريق البُخاريُّ ومسلم وابن ماجه، وصاحب الترجمة _ابن مسلم_ أخرج له بهذا الطريق البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ... )؛ الحديث: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: قال الواحديُّ في «أسبابه» عن ابن عبَّاس: إنَّ من هؤلاء وحشيًّا قاتلَ حمزة، ذكره في «تفسير القرآن»، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: سمَّى الواحديُّ منهم وحشيَّ بن حرب، انتهى.

قوله: (أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً): منصوب منوَّن، اسم (أنَّ).

(1/8681)

[{وما قدروا الله حق قدره}]

(1/8682)

[حديث: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال ... ]

4811# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): هو آدم بن أبي إياس، و (شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبِيدَةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، السَّلْمانيُّ، تَقَدَّموا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّم.

قوله: (جَاءَ حبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ): (الحبر): بكسر الحاء وفتحها، وأنكر أبو الهيثم الكسرَ، و (الأحبارُ): جمعٌ، قال الجوهريُّ: والحَبر والحِبر: واحد أحبار اليهود، وبالكسر أفصح؛ لأنَّه يُجمَع على (أفعال) دون (الفُعول)، قال الفرَّاء: هو حِبر؛ بالكسر، يقال ذلك للعالم، وإنَّما قيل: كعب الحِبر؛ لمكان هذا الحِبر الذي يُكتَب به، قال: وذلك أنَّه كان صاحب كتب، قال الأصمعيُّ: لا أدري هو الحِبر أو الحَبر للرَّجُل العالم، وقال أبو عبيد: الذي عندي أنَّه الحَبر؛ بالفتح؛ ومعناه: العالم، انتهى، وقد حكى غيرُ واحد اللغتين، فلا معنى للإنكار، وهذا الحبر لا أعرف اسمه.

قوله: (عَلَى إِصْبَعٍ): تَقَدَّم أنَّ في (الإصبع) عشرَ لغات: تثليث الهمزة، وتثليث الباء، والعاشرة: أصبوع، وقد نظم بعض فقهاء الحلبيِّين ذلك فقال مع الأنملة:

~…با إصبعِ ثلِّثًا مع ميمِ أنملة…وثلِّثِ الهمزَ أيضًا واروِ أُصبوعا

وقد حُكِيَ: أُنمولة أيضًا، وقد نظم اللغات في الإصبع والأنملة بعض أدباء القاهرة، وأنشدني ذلك فقال:

~…أنمولةٌ وكذا الأصبوع همزَهما…والميمَ والباءَ ثلِّثْ حيث لا واوُ

واعلم أنَّ اللبليَّ حكى في «شرح الفصيح» عن ابن سيده في «المخصص» عن ابن جنِّي: أنَّ في الأنملة من اللغات مثل ما في الإصبع، فعلى هذا فيها أُنمولة؛ لأنَّ الأُصبوع مشهورة، والله أعلم.

قوله: (وَالأَرَضِينَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء وتُسكَّن، وهذا معروف.

قوله: (وَالثَّرَى): هو التراب النَّدِيُّ، وقد فُرِّق في هذا الحديث بين الأرض والثرى.

(1/8683)

قوله: (نَوَاجِذُهُ): (النواجذ): قال ابن قُرقُول: بذال معجمة، وهي هنا الأضراس والأنياب، وقيل: المضاحك، والنواجذ أيضًا: أواخر الأسنان، وهي أضراس العقل، وفي الحديث: «عضُّوا عليها بالنواجذ»؛ أي: بالأنياب، انتهى، وفي «النِّهاية»: «حتى بدت نواجذه»، النواجذ من الأسنان: الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والأكثر والأشهر أنَّها أقصى الأسنان، والمراد الأوَّل؛ لأنَّه ما كان يبلغ به الضحك حتَّى يبدوَ آخرُ أضراسه، كيف وقد جاء في صفة ضحكه: (جُلُّ ضحكه التبسُّم)؟! وإن أُريد بها الأواخر؛ فالوجه أن يريد مبالغة مثله في ضحكه من غير أن يراد ظهور نواجذه في الضحك، وهو أقيس القولين؛ لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان، وقال الشيخ محيي الدين النوويُّ: النواجذ: الأنياب، وقيل: الأضراس، انتهى.

[ج 2 ص 334]

(1/8684)

[حديث: يقبض الله الأرض ويطوي السموات بيمينه]

4812# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وتَقَدَّم كذلك أنَّ (اللَّيْث) هو ابن سعد، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 335]

(1/8685)

[{ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض ... }]

(1/8686)

[حديث: إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة]

4813# قوله: (حَدَّثَنِي الْحَسَنُ): هذا هو فيما قيل: الحسن بن شجاع البلخيُّ الحافظ، قاله المِزِّيُّ، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على الحسن هذا في (غزوة خيبر) من هذا التعليق؛ فانظره، وذكرت فيه كلام المِزِّيِّ، و (عَامِرٌ): هو ابن شراحيل الشعبيُّ.

==========

[ج 2 ص 335]

(1/8687)

[حديث: بين النفختين أربعون]

4814# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هذا هو ابن غياث، وقد تَقَدَّم ضبط (غياث)، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): هو ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ ... ) إلى آخره: تنبيهٌ: عند ابن وهب في هذا الحديث: (فأربعون جمعة؟ قال: أَبَيت)، وإسناده منقطع، قاله القُرْطبيُّ في «تذكرته»، قال ابن الأثير في «نهايته» ما لفظه: وفي حديث أبي هريرة: (ينزل المهديُّ فيبقى في الأرض أربعين، فقيل: أربعين سَنةً؟ فقال: أبيتَ، فقيل: شهرًا؟ قال: أبيتَ، فقيل: أربعين يومًا؟ قال: أبيتَ)؛ أي: أبيت أن أعرفه [1]، فإنَّه غيبٌ لم يرد الخبر ببيانه، وإن رُوِيَ: (أبيتُ)؛ بالرفع؛ فمعناه: أبيتُ أن أقول في الخبر ما لم أسمعه، وقد جاء مثله عنه في حديث العدوى والطيرة، انتهى.

وكذا قال النوويُّ في حديث: «بين النفختين أربعون ... » إلى آخره، ولفظه: (أبيتُ أن أجزم بأنَّ المراد أربعون يومًا، أو سنةً، أو شهرًا؛ بل الذي أجزم به أربعون مُجْمَلَةً، وقد جاءت مفسَّرة من رواية غيره في غير «مسلم»: أربعون سَنةً)، انتهى.

وفي «التذكرة للقُرْطبيِّ»: فيه تأويلان: الأوَّل: أبيتُ؛ أي: امتنعت من بيان ذلك وتفسيره، وعلى هذا كان عنده علمٌ من ذلك، سمعه من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، الثاني: أبيتُ؛ أي: أبيت أن أسأل عن ذلك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعلى هذا لم يكن عنده علم من ذلك، والأوَّل أظهر، وإنَّما لم يبيِّنه؛ لأنَّه لم يرهق إلى ذلك حاجة، ولأنَّه ليس من البيِّنات والهدى الذي أُمِر بتبليغه، وقد بَعُدَ ذلك، وقد جاء أنَّ بين النفختين أربعين عامًا، فالله أعلم، وقد تَقَدَّم قبلُ هذا الكلام، وعند ابن وهب في هذا الكلام: (فأربعون جمعة؟ قال: أبيتُ)، وإسناده منقطع، انتهى، وقد تَقَدَّم أعلاه.

و (أبيتُ): في الأماكن الثلاثة في أصلنا حديث النفختين مضمومةٌ بالقلم، وما أتى في الحديث الذي ذكره ابن الأثير يأتي في الحديث الذي ذكره البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

(1/8688)

قوله: (إِلاَّ عَجْبَ ذَنَبِهِ)، وفي رواية: (منه خُلِقَ وفيه يُرَكَّب)، قال الدِّمْياطيُّ: العَجْب؛ بالسكون: العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وهو العسيب من الدوابِّ، انتهى، وما قاله هو لفظ «النِّهاية»، والعَجْب؛ بفتح العين، وإسكان الجيم، وبالموحَّدة، وفي «المطالع»: «إلا عجبَ الذنب»، ويقال بالميم، وهو العظم الحديد آخر الصلب مكان الذنب من الحيوان، انتهى، و (عجب الذنب) في الحديث: منصوب على الاستثناء.

فائدة: في كتاب «البعث والنشور» لابن أبي داود _عبد الله بن سليمان بن الأشعث السِّجستانيِّ الحافظ ابن الحافظ، وقد رُوِّيته بالسماع عاليًا بحلب ودمشق_ من حديث أبي سعيد الخدريِّ قيل: يا رسول الله؛ وما عجب الذنب؟ قال: «مثل حبَّة خردلٍ»، وقد رأيته في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديثه أيضًا، ورأيته في «المستدرك» في آخره من حديثه أيضًا، وقال: صحيح، والله أعلم.

ومعنى: (منه خلق وفيه يركب)؛ أي: أوَّل ما خلق من الإنسان هو، ثُمَّ إنَّ الله عزَّ وجلَّ يبقيه إلى أن يركَّب الخلقُ منه تارةً أخرى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «النهاية» (&): (تعرفه).

[ج 2 ص 335]

(1/8689)

(((40))) [المؤمن]

قوله: (مَجَازُهَا: مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ): (المجاز): الطريق والمسلك؛ أي: طريق أوائل السور ومسلكها، والظاهر أنَّ معناه: ما قيل في أوائل السور من الحروف المقطَّعة؛ مثل: {الم} [البقرة: 1]، و {الر} [يونس: 1]، و {طس} [النمل: 1]، وغيرها؛ يقال في هذه، والله أعلم، أو تأويل مجازها وصرف لفظها عن ظاهره، والله أعلم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: إنَّه كلام أبي عبيدة في «المجاز» إلى آخر كلام شريح.

قوله: (لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيِّ): (شريح): بالشين المعجمة، والحاء المهملة، و (العبسيُّ)؛ بالموحدة والسين المهملة، وكذا هو في أصلنا وفي أصلٍ لنا دمشقيٍّ، وفي آخر مصريٍّ صحيح: (شريح بن أوفى)؛ بحذف (أبي)، وقد رأيت في «المطالع» في الأسماء في حرف (الهمزة): وشريح بن أبي أوفى العبسيُّ، كذا للأصيليِّ، وعند القابسيِّ: ابن أوفى، ويقالان معًا، انتهى.

قوله: (يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ…فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ): في {حم} خمسة أقوال معروفة: اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عبَّاس، أو اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة، أو حروف مقطَّعة من أسماء الله الذي هو (الرحمن)، أو هو محمَّد، قاله جعفر بن محمَّد، أو فواتح السور، قاله مجاهد، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101]، وأمَّا قوله: (يُذَكِّرني حم): قيل: معناه: القرآن؛ أي: يستجير منِّي بالقرآن.

تنبيهٌ: أنشد ابن عبد البَرِّ هذا البيت في ترجمة محمَّد بن طلحة بن عبيد الله في «الاستيعاب»، ولم يعزُه لمعيَّنٍ، إلَّا أنَّه قال: حتَّى شدَّ عليه _أي: على محمَّد بن عليِّ بن طلحة_ رجلٌ فقتله، وأنشأ يقول ... ، فذكر هذا البيت من أبياتٍ هو رابعها، ثُمَّ ذكر اختلافًا في قاتل محمَّد بن طلحة، وقاتله الذي أنشد الشعرَ، فيجيء فيه الخلاف في [أنَّه] أنشد أبياتًا ستَّة آخرها: يذكِّرني حم ... ؛ البيت بنحو ما في «البُخاريِّ»، وعزاه لعصام بن مُقْشَعِرٍّ النصريِّ، وقد ذكر شيخنا خلافًا فيمن قتل محمَّد بن طلحة في هذا المكان؛ فانظره إن أردته، وقد ذكر النوويُّ في «مبهمات تهذيبه» فيه أقوالًا: أحدها: عصام النصريُّ، وقيل: كعب بن مدلج من بني منقذ بن طريف، وقيل: شريح بن أبي أوفى العبسيُّ، حكاها ابن باطيش، انتهى.

(1/8690)

فائدةٌ: قال الجوهريُّ: وآل {حم}: سور في القرآن، قال ابن مسعود: آل {حم}: ديباج القرآن، قال الفرَّاء: إنَّما هو كقولك: آل فلان وآل فلان؛ كأنَّه ينسب السور كلَّها إلى {حم}، قال الكُمَيت:

~…وجدنا لكمْ في آلِ {حم} آيةً…تأوَّلها منَّا تقيٌّ ومُعْرِبُ

قال: وأمَّا قول العامة: الحواميم؛ فليس من كلام العرب، قال أبو عبيدة: الحواميم: سُوَرٌ في القرآن على غير القياس، وأنشد:

وبالحواميم التي قد سُبِّعَتْ

قال: والأولى أن يُجمَع بـ «ذوات حاميم»، انتهى، وسيأتي في هذا «الصحيح» في (باب تأليف القرآن): (آخرهنَّ الحواميم) من قول علقمة، وعلقمة: هو ابن قيس، نخعيٌّ عربيٌّ، أحد الأعلام، ولد في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وترجمته معروفة، وفي «ابن ماجه» من حديث أبي الدرداء قال: (سجدت مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إحدى عشرة سجدة ... ) إلى أن قال: (وسجدة الحواميم)،

[ج 2 ص 335]

وهذا الآخر من الأنصار من العرب العاربة أيضًا، والله أعلم.

قوله: (وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ): هو بالشين المعجمة، وبالجيم المكسورة، يقال: شجره بالرمح؛ أي: طعنه، وتشاجروا بالرماح؛ أي: تطاعنوا.

قوله: ({تَمْرَحُونَ} [غافر: 75]: تَبْطَرُونَ): هو بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحة، و (البَطَر): الأَشَر، وهو شدَّة المرح، وقد بطِر؛ بالكسر، يبطَر؛ بفتحها.

(1/8691)

قوله: (وَكَانَ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يَذْكُرُ [1] النَّارَ): هو العلاء بن زياد بن مطر، أبو نصر العدويُّ البصريُّ، أرسل عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعن معاذ وأبي ذرٍّ كذلك، وعن أبي هريرة، ومطرِّف بن الشِّخِّير، والحسن البصريِّ، وعنه: قتادة، ومطرٌ الورَّاق، وأرسل عنه: هشام بن حسَّان، وحمَّاد بن زيد، وجماعةٌ، وكان أحدَ العبَّاد، فعن قتادة قال: بكى زياد بن مطر حتَّى عَمِيَ، وبكى ابنه العلاء حتَّى غَشِيَ بصره، وكان إذا أراد أن يتكلَّم أو يقرأ؛ جهشه البكاء، مناقبه كثيرة، قال ابن حبَّان في «ثقاته»: كان من عبَّاد أهل البصرة وقرَّائهم، مات بالشام سنة (94 هـ)، أخرج له النَّسائيُّ وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود في «المراسيل»، قال الذهبيُّ: قلت: والعلاء بن زياد آخَر، خلَطَهما شيخنا المِزِّيُّ، وهذا عن الحسن، وعنه: حمَّاد بن زيد، انتهى، وقد ذكر الذهبيُّ في «تذهيبه» في ترجمة العلاء بن زياد العابد: حمَّاد بن زيد، عن أيوب وهشام والعلاء بن زياد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إذا التقى المسلمان بسيفَيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار» قال الذهبيُّ: قلت: العلاء بن زياد في هذا الحديث رجلٌ آخرُ متأخِّرٌ، لقِيَه حمَّاد بن زيد، والله أعلم، انتهى.

قوله: (فَقَالَ لَهُ [2] رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟): هذا الرجل لا أعرفه.

قوله: (لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟): (لِمَ): بفتح الميم، استفهامٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، (وتقنِّط): مرفوع؛ لأنَّه لم يتَقَدَّمه ناصب ولا جازم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَنْ تُبَشَّرُوا): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الشين المعجمة المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8692)

[حديث: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله]

4815# قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أبو عمرو، عبد الرَّحمن بن عمرو، وتَقَدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبته هذه، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة المكسورة.

قوله: (لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي): تَقَدَّم الكلام على ياء (العاصي)، وأنَّ الصحيح كتابته بالياء مع (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، و (ابن اليماني)، و (عبدُ الله): سيِّدٌ جليلٌ، ابن صَحابيٍّ جليلٍ، رضي الله عنهما.

قوله: (بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ): (أشدِّ): بالجر؛ لأنَّه مضاف، وما لا ينصرف إذا أضيف أو دخله الألف واللام؛ ينجرُّ بالكسرة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ): (عقبة) هذا: كافرٌ معروفٌ مشهورٌ، تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق، وأنَّه قُتِل صبرًا، وذكرتُ المكان الذي قتل به بُعَيد وقعة بدر، أُخِذ منها أسيرًا، وقُتِل هناك.

قوله: (وَلَوَى ثَوْبَهُ): يقال بالتخفيف.

قوله: (خَنْقًا شَدِيدًا): هو بكسر النون والإسكان، تَقَدَّم الكلام عليه قُبَيل (مناقب عمر) رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 336]

(1/8693)

(((41))) [{حم} السجدة]

قوله: (وَقَالَ طَاوُوسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {آتِيَا [1] طَوْعًا أَو كَرْهًا}: أَعْطِيَا [2]، {قَالَتَا آتَينَا [3] طَائِعِينَ} [فصلت: 11]: أَعْطَيْنَا) قال الدِّمْياطيُّ: ليس {آتيا} بمعنى: «أعطِيَا» معروفًا في كلامهم، ثُمَّ قال: قرأ ابن جُبَير: {آتيا طوعًا}؛ على معنى: أعطيا الطاعة، وقرأ ابن عبَّاس: {آتينا طائعين}؛ على المعنى المتَقَدَّم، انتهى.

وقال ابن قُرقُول: (تنبيهٌ على وَهَمٍ في (كتاب التفسير) في «البُخاريِّ»: «{آتيا طوعًا أو كرهًا}؛ أي: أعطيا، {قالتا آتينا}؛ أي: أعطينا»، وليس هذا من باب الإعطاء، لكن من باب المجيء والانفعال للوجود بدليل الآية نفسها، وكذلك فسَّر المفسِّرون: جيئا بما خلقتُ فيكما وأظهِرَاه، ومثله عن ابن عبَّاس، وقد روى سعيد بن جُبَير مثل ما ذكره البُخاريُّ، وهو يُخرَّج على تأويل أنَّهما لمَّا أُمِرا بإخراج ما بُثَّ فيهما من شمس، وقمر، ونجوم، وأنهار، ونبات، ومعدن، وثمار؛ كان كالإعطاء، فعبَّر [4] عن المجيء بما أُودِعَتَا بالإعطاء، انتهى.

واعلم أنَّ {آتيا} و {آتينا} تقرأان بالمدِّ، وكذا هو في أصلنا القاهريِّ، وهذه قراءة شاذَّةٌ، وقد فسَّر البُخاريُّ في «الصحيح» عدَّةَ أماكنَ على قراءةٍ شاذَّةٍ، وليس هذا أوَّلَ مكانٍ فسَّره على الشذوذ، وقال ابن عبد السلام: {ائْتِيَا} [فصلت: 11]: أمر تكوين؛ أي: كونا، لخطاب: (كن) قبل كونهما، وقيل: خاطب بعد التكوين؛ أي: كونا كما أردتُ من حَزْن وسهل، وشدَّة ولين، وغيرها، وقيل: أعطيا الطاعة في السير المقدور، والفعل المأمور لكما؛ دليله: قراءة ابن عبَّاس: {آتيا} و {آتينا}؛ بمدِّ الألف، وقيل: ائتيا معرفتي وعبادتي باختيار وعن اختيار، وقال شيخنا: ليس {آتيا}: بمعنى: أعطيا في كلامهم، لا جرم، قال ابن التين: فيه نظرٌ، إلَّا أن يكون ابن عبَّاس قرأ بالمدِّ، ثُمَّ قال: ونقل غيره عن ابن جُبَير أنَّه قرأها بالمدِّ على معنى: أعطيا الطاعة، وأنَّ ابن عبَّاس قرأ: {آتينا}؛ بالمدِّ أيضًا على المعنى المذكور، انتهى.

(1/8694)

واعلم أنَّ ابن عبَّاس، وابن جُبَير، ومجاهدًا قرؤوا بالمدِّ في {آتيا} و {آتينا}، وفيه وجهان، أحدهما: من المؤاتاة؛ وهي الموافقة؛ أي: لتوافق كلٌّ منهما الأخرى بما يليق بها، وإليه ذهب الرازيُّ والزمخشريُّ، ووزن {آتيا}: (فاعِلا)؛ كقاتلا، و {آتينا}: (فاعَلنا)؛ كقاتلنا، والثاني: أنَّه من الإيتاء؛ بمعنى: الإعطاء، فوزن {آتيا}: (أفعِلا)؛ كأكرِما، ووزن {آتينا}: (أفعَلنا)؛ كأكرمنا، فعلى الأوَّل يكون قد حذف مفعولًا، وعلى الثاني يكون قد حذف مفعولين؛ إذ [5] التقدير: أعطِيَا الطاعة من أنفسكما مَنْ أمركما، قالتا: أعطيناه الطاعة، وقد منع أبو الفضل الرازيُّ الوجه الثاني، فقال: {آتينا}؛ بالمدِّ على وزن (فاعَلنا)؛ من المؤاتاة؛ يعني: سارعنا، على حذف المفعول به، ولا يكون من الإيتاء الذي هو الإعطاء؛ لبعد حذف مفعولَيه، قال الإمام شهاب الدين السمين: وهذا الذي منع الزمخشريَّ أن يجعله من الإيتاء، انتهى كلام السمين في «إعرابه».

تنبيهٌ: عن الإمام السهيليِّ في «أماليه»: أنَّ البُخاريَّ رحمه الله تعالى كان يهم في القرآن، وأنَّه أورد في كتابه آياتٍ كثيرةً على خلاف ما هي عليه في التلاوة، انتهى، واعلم أنَّ الجواب عن البُخاريِّ أنَّها قراءاتٌ بلغته، وقد قدَّمتُ أنَّه قُرِئ بالمدِّ فيها، والله أعلم.

قال السهيليُّ في (التفسير): إنَّ الله سبحانه وتعالى حين قال للسماوات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَينَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] لم يجبه بهذه المقالة إلَّا أرضُ الحرم؛ يعني: مَكَّة، ولذلك حرَّمها، انتهى.

(1/8695)

قوله: (وَقَالَ الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ [6]: قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): اعلم أنَّ هذا الموقوف هنا على ابن عبَّاس كذا هو في أصلنا غير موصولٍ، وفي أصل الدِّمْياطيِّ و «أطراف خلف» و «أطراف المِزِّيِّ» موصولٌ، قال فيه البُخاريُّ بعد الفراغ منه: (حَدَّثَنَا [7] يُوسُفُ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَن زَيدِ بِن أَبِي أُنَيْسةَ، عَن المِنْهَالِ بِهَذَا)، وقد رأيته كذلك موصولًا في بعض النسخ العراقيَّة، ونَسَب المنهال فيها، فقال: ابن عمرٍو، انتهى، و (يوسف بن عديٍّ): تيميٌّ مولاهم، كوفيٌّ، حدَّث بمصر عن شريك ومالك، وعنه: البُخاريُّ، وأبو الزنباع روحٌ، والفسويُّ، ثِقةٌ، مات سنة (232 هـ) في ربيع الآخر، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، ولكن يبقى فيه تقديم بعض السند والمتن على بعض السند، والصحيح جوازه، وقد تَقَدَّم، وأمَّا (المنهال): فهو ابن عمرو الأسديُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن ابن الحنفيَّة، وزرِّ بن حبيش، وسعيد بن جُبَير، وجماعةٍ، وعنه: زيد بن أبي أُنَيْسَة، ومنصور، والأعمش، وشعبة، وخلقٌ، ورواية شعبة عنه في «النَّسائيِّ»، قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: ترك شعبةُ المنهالَ عمدًا، قال ابن أبي حاتم: لأنَّه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثِقةٌ، وقال وهب بن جرير عن شعبة قال: أتيت منزل منهال بن عمرو، فسمعت منه صوت الطُّنبور، ولم أسأله، قلت: فهل سألته عسى كان لا يعلم؟ وكلام الناس فيه معروفٌ، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

تنبيهٌ: المنهال بن عمرو آخَرُ شيخٌ حدَّث عن شعبة، قال الذهبيُّ: لا أعلم أحدًا تكلَّم فيه، ولا هو بمشهورٍ، انتهى.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): هذا الرجل: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: روى الحاكم في «المستدرك» في (كتاب الأهوال) عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: سأله نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} [المرسلات: 35] ... ؛ الحديث، قال ابن شيخنا: فعلى هذا يُفسَّر المبهم هنا بنافع بن الأزرق؛ فليتأمَّل، انتهى، وقد رأيته في «تلخيص المستدرك» للذهبيِّ [8]، وقال عَقيبه: يحيى ضعَّفه النَّسائيُّ؛ يعني: يحيى بن راشد المازنيَّ المذكور في سنده، انتهى.

(1/8696)

ونافع بن الأزرق هذا: من الحروريَّة، ومن رؤوس الخوارج، ذكره الجُوزجانيُّ في كتاب «الضعفاء»، قاله في «الميزان»، وقد ذكر بعض حُفَّاظ مِصْرَ ذلك فقال: قيل: هو نافع بن الأزرق، وقيل: عطيَّة بن الأسود، انتهى، وعطيَّة بن الأسود في «ثقات ابن حبَّان»: شخص يقال له: عطيَّة بن الأسود، أبو الأسود، عن ابن عمر، وعنه: المغيرة بن مالك، وكذا هو في «كتاب ابن أبي حاتم»، ولم يذكر فيه شيئًا، والظاهر: أنَّه المذكور هنا، وإلَّا لم أعرفه، والله أعلم، ونافع بن الأزرق السائل هنا لا أعرف له ترجمة، ولكنَّ هذا لا يضرُّ السند.

قوله: ({فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 101]: فِي النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ نُفِخَ [9] فِي الصُّورِ {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللهُ} [الزمر: 68] ... إِلَى أن قال: (ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ): اعلم أنَّ في هذا الكلام أنَّ النفخاتِ ثلاثٌ، وقد اختُلِف فيها؛ هل هي ثلاثٌ كما هنا، أو اثنتان؟ قولان، وقد صحَّح القُرْطبيُّ أنَّهما اثنتان، وسيأتي الكلام على ذلك في (باب النفخ في الصور) إن شاء الله تعالى.

قوله: (تَعَالَوْا نَقُولُ): هو بفتح اللام، وقد قُرِئ شاذًّا: {تَعَالُوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُم} [الأنعام: 151]، ذكرها الصغانيُّ، فهي لغة.

قوله: (فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ): (خُتِم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (عُرِفَ أَنَّ اللهَ): (عُرِف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (يُكْتَمُ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (وَدَحْوُهَا): وفي نسخة: (ودحيها)، (الدَّحْو): بفتح الدال، وإسكان الحاء المهملتين، وهما لغتان، يقال: دحا يدحو ويدحي؛ أي: بسط.

قوله: (وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ): قال ابن قُرقُول: («وخلق الجِبال والأكوام»؛ بجيم مكسورة، وعند الأصيليِّ: بفتح الجيم، وكلاهما تغيير، والله أعلم، ووجدته محوَّقًا عليه في كتاب النسفيِّ، ولعلَّه «الجبال» تكرر مرَّتين في الحديث، قال ابن قُرقُول: أو تكون «الحبال»؛ بالحاء المهملة؛ أي: الرمال، قال القاضي: أو تكون «البحار» أو «الأشجار»، فغُيِّر، وقد جاء ذلك في أحاديث، كلُّها: أنَّه خلق الدوابَّ يوم الخميس).

[ج 2 ص 336]

(1/8697)

قوله: (وَالآكَامَ): هو في أصلنا بمدِّ الهمزة بالقلم، انتهى، و (الإكام): بكسر الهمزة، وجمع (أكمة)، ويجمع على أُكُم، والأُكُم: على الآكام؛ بالمدِّ، وقد تَقَدَّم في (الاستسقاء).

قوله: (مِمَّا أَمَرَ بِهِ): (أَمَر): بفتح الهمزة والميم؛ أي: أمر الله به.

قوله: (وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ: أَسْعَدْنَاه): كذا هو بالسين في أصلنا وأصلنا الآخر، وعن السهيليِّ: هو بالصاد أقرب إلى تفسير (أرشدناه) من (أسعدناه)؛ بالسين، ثُمَّ شرع يبرهن على ذلك.

قوله: ({يُوزَعُونَ} [فصلت: 19]: يُكَفَّوْنَ): هو بضمِّ المثنَّاة تحت في أوَّله، وفتح الكاف، ثُمَّ فاء مشدَّدة مضمومة، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ كـ {يُوزَعُون}: مبنيٌّ أيضًا.

قوله: (قِشْرُ الْكُفرَّى): قال الدِّمْياطيُّ: وعاء الطلع، وقشره الأعلى، وقيل: هو الطلع حين ينشقُّ، والأوَّل أظهر، انتهى.

وقال ابن قُرقُول: (الكُفرَّى): بضمِّ الكاف، وفتح الفاء وضمِّها، وتشديد الراء، مقصور، وهو وعاء الطلع وقشره الأعلى، هذا قول الأصمعيِّ، وهو الكافور، والكُفُر أيضًا، وقال بعض أهل اللغة: وعاءُ كلِّ شيء كافورُه، وقال الخَطَّابيُّ: الكفرَّى: الطلع بما فيه، وقال الفرَّاء: هو الطلع حين ينشقُّ، قال أبو عليٍّ: وقول الأصمعيِّ هو الصحيح، وقوله فيه: (قشر الكفرَّى): يُصحِّح قول من قال: إنَّه وعاء الطلع، وهو قول الأصمعيِّ، انتهى، وذكر ابن الأثير في (الكفرَّى) اللغتين المذكورتين.

قوله: (هِيَ الْكِمُّ [10] وَاحِدُهَا [11]): أي: واحد الأكمام (كِمٌّ)؛ بكسر الكاف، وتشديد الميم، قال الجوهريُّ: والكِمُّ _ بالكسر_ والكِمامة: وعاء الطلع، وغطاء التنور، والجمع: كمام، وأكمَّة، وأكمام، وأنشد بيتًا للشمَّاخ ثُمَّ قال: والأكاميم أيضًا، وأنشد بيتًا لذي الرُّمَّة، انتهى.

وكذا ذكره غيره، وهو معروفٌ، وأمَّا الكُمُّ؛ بضمِّ الكاف؛ فهو للقميص، والجمع: أكمام وكِمَمَة؛ مثل: حُبٍّ وحِبَبَة؛ فاعلم ذلك، ولا تقرأ ما في «البُخاريِّ» بالضمِّ فتُحرِّفَ، والله أعلم.

قوله: ({مِرْيَةٍ} [فصلت: 54]، وَ {مُرْيَةٍ} وَاحِدٌ؛ أَيِ: امْتِرَاءٌ): {مِرية} الأولى: بكسر الميم، والثانية: بضمِّها، قال شيخنا: قراءة الجماعة بالكسر، وقرأ الحسن بالضمِّ، انتهى.

(1/8698)

قال في «الصحاح»: والمِرية: الشكُّ، وقد تُضَمُّ، وقد قُرِئ بهما قوله تعالى: {فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} [هود: 17]، قال ثعلب: هما لغتان.

تنبيهٌ: كان ينبغي أن يذكر ذلك في (سورة هود)؛ لأنَّه أوَّل مكان وقع فيه {مرية} [17]، والله أعلم، ويأتي في ذلك المكان ما أتى في هذا، وتأتي قراءة الحسن فيما يظهر؛ إذ لا فرق، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): ({ائتيا}).

[2] في (أ): (أعطنا)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[3] في (أ): (فآتينا) مع سقوط {قالتا}، وليس بصحيح، والمثبت موافق لما في (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({أتينا}).

[4] زيد في (أ): (به)، ولعلَّ حذفها هو الصواب وفاقًا لمصدره.

[5] في (أ): (إذا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[6] زيد في «اليونينيَّة»: (قال)، وهي مستدركة في (ق).

[7] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي هامش «اليونينيَّة»: (حدَّثني).

[8] في (أ): (الذهبي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[9] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصلَّحة: (يُنْفَخ).

[10] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (الكُمُّ).

[11] كذا في (أ)، وهي مستدركة في (ق) ومصحَّح عليها، وهي ثابتة في رواية الأصيليِّ، وليست في رواية «اليونينيَّة».

(1/8699)

[{وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ... }]

(1/8700)

[حديث: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف ... ]

4816# قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، قال الدِّمْياطيُّ: عبد الله بن سخبرة، انتهى، وهذا تَقَدَّم أيضًا.

قوله: (كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ): كذا بالشكِّ، وقد رُوِيَ بغير شكٍّ: (أنَّ رجلين من قريش)، وقد ذكر ابن بشكوال في «مبهماته»: القرشيُّ: هو الأسود بن عبد يغوث، والثقفيُّ الواحد: الأخنس بن شَرِيق، وساق شاهده، انتهى.

وقد عزا ابن شيخنا الإمام أبو زرعة ابن العراقيِّ شاهدَ ذلك إلى تفسير ابن عبَّاس من رواية خلف بن قاسم، وقال شيخنا عن الثعلبيِّ: إنَّ الثقفيَّ اسمُه عبد ياليل بن عمرو بن عمير، وخَتَناه: ربيعة، وصفوان بن أُمَيَّة، ثُمَّ ذكر كلام ابن بشكوال، وعزاه إليه، ثُمَّ قال: وفي «تفسير الجُوزيِّ»: نزلت في صفوان بن أُمَيَّة، وربيعة وحبيب ابني [1] عمرو الثقفيَّين، انتهى.

وقد أخذ ذلك ابن شيخنا البلقينيِّ من شيخنا الشارح، لكن عزاه إلى الثعلبيِّ والبغويِّ، والله أعلم.

قوله: (وَخَتَنٌ لَهُمَا): (الخَتَن): بفتح الخاء المعجمة والمثنَّاة فوق، ثُمَّ النون، وهو ما كان من قبل المرأة؛ مثل: الأب، والأخ، والأختان، هكذا عند العرب، وأمَّا العامَّة؛ فخَتَن الرجل: زوج ابنته، قاله الجوهريُّ.

قوله: (أَتُرَوْنَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ المثنَّاة فوق؛ أي: أتظنُّون.

(1/8701)

[{وذلكم ظنكم} الآية]

(1/8702)

[حديث: اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي كثيرة شحم بطونهم]

4817# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وأنَّه عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ): تُقرَأ: بإضافة (كثيرة) إلى (شحم)، وكذا (قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ)، وعلى هذا الضبط اقتصر شيخنا في شرحه هنا، وذكر في (كتاب التوحيد): أنَّه ضبطه بضمِّ (كثيرةُ)، وتنوين (شحمٍ)، ورفع (بطونُهم)، وكذا (قليلة ... )، عن ابن التين أنَّه قال: ورُوِّيناه: (كثيرة شحم)، وهو تجوُّزٌ على المعنى؛ أي: كثرت شحم بطونهم، قال ابن التين: وأصوب من ذلك: أن ترفع (كثيرة) بأنَّه خبر مبتدأ مقدَّم، والمبتدأ (بطونهم [1])، وتخفض (شحمًا) بالإضافة، و (قليلة فقه قلوبهم) على هذا، انتهى.

وهو في أصلنا: (كثيرةٌ): مرفوعٌ منوَّنٌ، و (شحمُ): مرفوعٌ غير منوَّنٍ، و (بطونِهم): بالجرِّ مضاف، وكذا (قليلةٌ فقهُ قلوبِهم)، انتهى، ولو قال: (كثيرةٌ) و (قليلةٌ) مرفوعان على الصفة لـ (قرشيَّان وثقفيٌّ أو ثقفيَّان وقرشيٌّ)؛ لجاز، وفي الحديث: تأنيث (الشحم) و (الفقه)؛ لإضافتهما إلى مؤنَّث، أو يؤَّول (الشحم) بالشحوم، و (الفقه) بالفهوم.

قوله: (أَتُرَوْنَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بضمِّ التاء، وفتح الهمزة؛ أي: أتظنُّون.

قوله: (وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا): قائل هذا هو الحميديُّ المذكور في السند عبدُ الله بن الزُّبَير، و (سفيان) المشار إليه: هو ابن عيينة.

قوله: (أَوِ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): و (ابن أبي نجيح): تَقَدَّم أنَّ اسمَه عبدُ الله بن أبي نجيح يسارٍ، وكنية عبد الله: أبو يسار أيضًا، تَقَدَّم مترجمًا، وأمَّا (حُمَيْدٌ)؛ فهو الأعرج، وهو حميد بن قيسٍ المَكِّيُّ القارئ، عن مجاهد، وعكرمة، وعنه: مالك، والسفيانان، تُوُفِّيَ زمن السَّفَّاح، قال الإمام أحمد: ليس بالقويِّ، ورجَّح في «الميزان» توثيقه، ونقله عن أحمد أيضًا، وقال: مات سنة ثلاثين ومئة، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة.

(1/8703)

[{فإن يصبروا فالنار مثوى لهم} الآية]

4817# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس، أحد الأعلام، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 337]

(1/8704)

(((42))) [{حم عسق}]

فائدةٌ: قرأَ ابنُ عبَّاسٍ: {حم سق}؛ بإسقاط العين، وكذلك هو في مصحف ابن مسعود، حكاه الطبريُّ، ذكر ذلك القُرْطبيُّ في «تذكرته» في (الفتن)، وهذه شاذَّةٌ، والله أعلم.

قوله: (ويُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ليس بصحيح على شرطه، فلهذا مرَّضه، والله أعلم.

[ج 2 ص 337]

(1/8705)

[{إلَّا المودة في القربى}]

(1/8706)

[حديث ابن عباس أنه سئل عن قوله: {إلا المودة في القربى}]

4818# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما معنى (البندار)، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، وقد قدَّمتُ ضبطه مرارًا.

قوله: (عَجِلْتَ): هو بكسر الجيم، والتاء مفتوحة للخطاب، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8707)

(((43))) ({حم} الزُّخْرُفِ) ... إلى (الرَّحْمَن)

قوله: ({وَقِيلَهُ} [الزخرف: 88] ... إلى أن قال: (وَلاَ نَسْمَعُ قِيلَهُمْ): أي: أنَّه منصوب على العطف على المفعول، انتهى، وقد قرأ بالنصب مَن عدا عاصم وحمزة [1]، وقيل: إنَّه منصوب على المصدر؛ أي: مَن شهِدَ وقال قيلَه، وقد قرأ عاصمٌ وحمزةُ: بخفض اللام، وكسر الهاء بالعطف على {السَّاعَةَ} [الزخرف: 66]؛ أي: علم قيلِهِ، وقيل: على القسم، والله أعلم، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في قوله: {وَقِيلَهُ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88] ... إلى آخره: لم يُعيَّن قائله، ثُمَّ قال: فكنت أظنُّه من جملة قول مجاهد، فلم أجده منقولًا عن مجاهد، ثُمَّ وجدت في كلام أبي عبيدة في «المجاز» نحوه، وهو كثير النقل عنه.

قوله: (أَيْ: تُكَذِّبُونَ): هو بكسر الذال المشدَّدة.

قوله: (ثُمَّ لاَ تُعَاقَبُونَ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: ({يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]: يَضِجُّونَ): {يصِدُّون} هنا بكسر الصاد، كذا هو مضبوط في أصلنا، وكذا رأيته في نسخة أخرى، وأخرى عراقيَّة، ويجوز ضمُّ الصاد أيضًا، قال الجوهريُّ: وصَدَّ يصُدُّ ويصِدُّ صديدًا؛ أي: ضجَّ، فـ {يصدون} هنا: إن شئت أن تكسر صاده، وإن شئت ضممتها؛ لأنَّهما بمعنًى، وهما قراءتان في السبع، قرأ نافع وابن عامر والكسائيُّ بالضمِّ، والباقون بالكسر، وأمَّا صدَّ؛ بمعنى: أعرض؛ فلا أستحضر فيه إلَّا الضمَّ في المستقبل، غير أنَّ فيه لغةً أخرى، يقال: أصَدَّه عن الأمر، ومعنى قوله تعالى: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ أي: يضحكون فرحًا بأنَّ النصارى عبدوا المسيح كما عبدوا الأوثان، وقيل: يعرضون؛ بمعنى: {يصُدُّون}؛ بالضمِّ، وقيل: هما لغتان؛ نحو: شدَّه يشُدُّه ويشِدُّه، أو يقولون: ما يريد محمَّد منا إلَّا أن نتَّخذه إلهًا نعبده؛ كما عبدت النصارى المسيح، وقال شيخنا: {يصِدُّون}: يضِجُّون، بكسر الصاد، ومن قرأ بالضمِّ؛ فالمعنى: يُعرضون، وقال الكسائيُّ: هما لغتان بمعنًى، وأنكر بعضهم الضمَّ، وقال: لو كان مضمومًا؛ لكان (عنه)، ولم يكن {منه}، وقيل: معنى {منه}: من أجله، فلا إنكار في الضمِّ، انتهى.

قوله: ({مُبْرِمُونَ} [الزخرف: 79]: مُجْمِعُونَ): هو بضمِّ الميم الأولى، وكسر الميم الثانية، وهذا ظاهرٌ.

(1/8708)

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} [الزخرف: 26] ... ) إلى آخره: قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز» بمعناه.

قوله: (الْبَرَاءُ وَالْخَلاَءُ): هما ممدودان، وفتح أوَّلهما، و (الخلاء): بالخاء المعجمة.

قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {إِنَّنِي بَرِيءٌ}؛ بِالْيَاءِ): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود، وهذه شاذَّةٌ؛ فاعلمه.

==========

[1] زيد في (أ): (الكسائي)، وكذا في الموضع اللاحق، وليس بصحيح، انظر «النشر» (2/ 277).

[ج 2 ص 338]

(1/8709)

[{ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك} الآية]

(1/8710)

[حديث: سمعت النبي يقرأ على المنبر: {ونادوا يا مالك}]

4819# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (عَطَاءٌ) هذا: هو ابن أبي رباح فيما يظهر، والله أعلم.

قوله: (وَالأَكْوَابُ: الأَبَارِيقُ الَّتِي لاَ خَرَاطِيمَ لَهَا): كذا هنا، وهو قولٌ فيها، وقال في (الواقعة): (والكوب: لا أذن له ولا عروة)، انتهى، وينبغي أن يحرَّر ما في (الواقعة)، فإنَّ الأذن والعروة واحدٌ، وقال الجوهريُّ: الكوب: كوزٌ لا عروة له، والجمع: أكواب، وفي «القاموس»: الكوب: كوز لا عروة له ولا خرطوم له، ج _ يعني: الجمع_: أكواب، وقال بعضهم في الآية: أوانٍ مدوَّرةُ الأفواه، وقيل: التي ليست لها آذان ولا خراطيم، فيها شرابهم، انتهى، وقال قتادة: الكوب: المدوَّر القصير العنق، القصير العروة، والإبريق: المستطيل الطويل العنق، الطويل العروة، وقال ابن عزيز: أكواب: أباريق لا عُرَا لها ولا خراطيم، واحدها كوب، وقاله الأخفش وقُطْرُب، والذي تَقَدَّم عن الجوهريِّ نحو قول مجاهد والسُّدِّيِّ، وهو مذهب أهل اللغة: التي لا آذان لها ولا عُرَا، وقد تَقَدَّم في (صفة الجنة).

قوله: (فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ): هو بمدِّ الهمزة، وكسر النون.

قوله: (وَهُمَا لُغَتَانِ: رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ): اعلم أنَّ (عَبِدَ)؛ بكسر الموحَّدة: غَضِب أَنَفةً، يعبَد؛ بالفتح، عَبَدًا؛ بالتحريك، فهو عابد وعبِد، و (عبِدٌ)؛ بكسر الموحَّدة: كذا هو بخطِّ الدِّمْياطيِّ، وكذا هو في أصلنا، قال شيخنا: وقال ابن التين: ضُبِط بفتحها، قال _يعني: ابن التين_: وكذا هو في ضبط كتاب ابن فارس: العَبِد: الأنِف، وكذا في «الصحاح»: العبَد؛ بالتحريك: الغَضَب، وعبِد؛ بالكسر؛ أي: أَنِف، وأمَّا (عبِد)؛ بمعنى: جحد؛ فهو بكسر الباء في أكثر النسخ، وفتحها في المضارع، وفي بعض الروايات فتحها ماضيًا، وضمُّها مضارعًا، وفي أخرى: وكسرها أيضًا، قال: ولم يذكر أهل اللغة (عبِد) بمعنى: جحد، وذكر ابن عزيز: أنَّ معنى {العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: الآنفين والجاحدين، انتهى، وسيأتي ما في ذلك قريبًا.

(1/8711)

قوله: (وَيُقَالُ: {أَوَّلُ العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: الْجَاحِدِينَ، مِنْ عَبِدَ)؛ بكسر الموحَّدة، و (يَعْبَد)؛ بفتحها: كذا في أصلنا وغيره، قال في «القاموس»: وبالتحريك العَبَد: الغضب، والحرب الشديد، والندامة، وملامة النفس، والحرص، والإنكار، عبِد؛ كـ (فرِح) في الكلِّ، انتهى؛ يعني: أنَّ تصريفه كتصريف (فرح) وضبطه، تقول: عبِد يعبَد عبَدًا، فهو عابد وعبِد؛ كفارِح وفرِح، والله أعلم.

قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {وَقَالَ الرَّسُولُ: يَا رَبِّ} [الزخرف: 88]): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الصحابيُّ المشهور، أحد المهاجرين؛ أي: قرأ قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88]: {وقال الرسول}، وهي شاذَّة.

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8712)

(((44))) [الدخان]

قوله: (يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ): (يَحار): بفتح أوَّله، وبالحاء المهملة المخفَّفة، وفي آخره [1] راء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {تُبَّعٍ} [الدخان: 37]: مُلُوكُ الْيَمَنِ) قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة.

==========

[1] في (أ): (آخر)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 338]

(1/8713)

[{يوم تأتي السماء بدخان مبين}]

(1/8714)

[حديث: مضى خمس: الدخان والروم والقمر والبطشة واللزام]

4820# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عبدان): لقب له، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء المهملة: محمَّد بن ميمون السكريُّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه إنَّما قيل له: السكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (الدُّخَانُ، وَالرُّومُ، [وَالْقَمَرُ]، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ): تَقَدَّم الكلام عليها في (الفرقان).

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8715)

[{يغشى الناس هذا عذاب أليم}]

(1/8716)

[حديث ابن مسعود: إنما كان هذا لأن قريشًا]

4821# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (باب الصلاة في الجبَّة الشامِيَّة)، و (الجنائز)، و (الدخان): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا أبو معاوية)، نسب ابن السكن الذي في (الجنائز): يحيى بن موسى، وأهمل الموضعين الآخرين، ولم أجدهما منسوبين لأحد من شيوخنا، انتهى، ولم أر هذا المكان في كلام شيخنا، ولا في «أطراف المِزِّيِّ»، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم الضرير، بالخاء المعجمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صُبيح، أبو الضحى، تَقَدَّم، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (كَسِنِي يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّ (سني) بالتخفيف، وأنَّ المراد بـ (سَبْعِ يُوسُفَ): سبع سنين قحطٍ وجَدْب.

قوله: (مِنَ الْجَهْدِ): هو بفتح الجيم، المشقَّة، وقال شيخنا: («الجَهد»: بفتح الجيم وضمِّها؛ لغتان، وقيل بالفرق، فبالضمِّ: الجوع، والفتح: المشقَّة)، انتهى.

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، والآتي: يحتمل أنَّه أبو سفيان صخرُ بن حرب، كما جاء في روايةٍ في «الصحيح» وسيأتي قريبًا: (فقال: إنَّ قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم ... )؛ الحديث، لكنْ فيه نظرٌ؛ لقوله فيه: (يا رسول الله)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذا القائل: هو كعب بن مرَّة، وقيل بالعكس، السُّلَميُّ البهزيُّ، والأوَّل أكثر، قال أبو عمر: كعب بن مرَّة أصحُّ، وقال ابن أبي خيثمة: هما اثنان، ذكر ذلك ابن الأثير، انتهى.

قوله: (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اسْتَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ): سيأتي (فأتاه أبو سفيان)؛ يعني: ابن حرب، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (وفي ترجمة كعب بن مرَّة في «المعرفة» لابن منده بإسناده إليه قال: «دعا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على مضر، فأتيته فقلت: يا رسول الله؛ قد نصرك الله وأعطاك، واستجاب لك، وإنَّ قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم ... »، فذكر الحديث، فهذا أولى أن يُفسَّر به القائل؛ لقوله: «يا رسول الله»، بخلاف أبي سفيان، فإنَّه وإنْ كان جاء أيضًا مستشفعًا، لكنَّه لم يكن أسلم)، انتهى، وهو كلام مليح [1].

قوله: (فَسُقُوا): هو بضمِّ السين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ [2].

(1/8717)

قوله: (الرَّفَاهِيَةُ)، وكذا الثانية: هي بفتح الراء، وتخفيف الياء، و (الرَّفَاهيَة)؛ على (فَعاليَة): السَّعَة في العيش، وكذا الرفاغية؛ بالغين المعجمة: لغة لا رواية.

(1/8718)

[{ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون}]

(1/8719)

[حديث ابن مسعود: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.]

4822# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، وفتح الموحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): هي القحط والجَدْب، تَقَدَّمتْ.

قوله: (مِنَ الْجَهْدِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/8720)

[{أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين}]

(1/8721)

[حديث: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.]

4823# قوله: (حَصَّتْ): أي: استأصلت، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والعذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8722)

[{ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون}]

(1/8723)

[حديث: إن الله بعث محمدًا وقال: {قل ما أسألكم عليه من أجر}]

4824# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو غندر، محمَّد بن جعفر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، (وَمَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحى): مسلم بن صُبَيح، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.

قوله: (وَقَالَ [1] أَحَدُهُمْ): أي: أحد الرجلين، وهما الأعمش ومنصور، وجمعَهُما تعظيمًا، أو على قول: إنَّ الاثنين جمعٌ، وكذا (أَحَدُهُمْ) الثانية، والله أعلم.

[ج 2 ص 338]

قوله: (الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ): كذا في أصلنا، وكذا أحفظها، و (الميتة) معروفة، ورأيت في نسخة صحيحة في هامشها: (والمَنِيئَة)؛ بفتح الميم، وكسر النون، ثُمَّ همزة مفتوحة ممدودة، ثُمَّ تاء التأنيث، انتهى، و (المنيئة): الجلد في الدباغ، وهذا كلام صحيحٌ، ولكنْ أنا لا أحفظها إلَّا (الميتة)، ولا رأيتها في «المطالع» ولا في «النِّهاية»، والله أعلم، ولا أعلم فيها غير ما ذكرت لك من أنَّها (الميتة).

قوله: (فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ): هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (ثُمَّ قَالَ: يَعُودُوا [2] بَعْدَ): الجادَّة: (يعودون)، وما وقع هنا هو على لغة.

قوله: (أَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَةِ؟): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تعودوا).

(1/8724)

[{يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}]

(1/8725)

[حديث: خمس قد مضين: اللزام والروم والبطشة ... ]

4825# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّم الكلام على يحيى هذا في (الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو مسلم بن صُبَيح، أبو الضحى، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّم الكلُّ.

فائدةٌ: قولة ابن مسعود: (إِنَّمَا كَانَ هَذَا) [خ¦4821]؛ أي: قوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، أشار بذلك إلى ما أخرجه مسلمٌ في أوَّل هذا الحديث، قال: (جاء عبدَ الله رجلٌ فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسِّر هذه الآية: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ... ) إلى آخره، قال بعض حفَّاظ العصر من المِصْريِّين: (يحتمل أن يُفسَّر بأبي مالك الأشعريِّ، فإنَّ الطبرانيَّ أخرج في ترجمته من طريق شريح بن عبيد عنه في أثناء حديثٍ قال: «الدخان يأخذ المؤمنَ كالزَّكمة»)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 339]

(1/8726)

(((45))) [الجاثية]

قوله: (مُسْتَفِزِّينَ [1] عَلَى الرُّكَبِ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (مستوفزين على الرُّكَب)، وهذه ظاهرة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (مستوفزين).

[ج 2 ص 339]

(1/8727)

[{وما يهلكنا إلا الدهر} الآية]

(1/8728)

[حديث: قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر]

4826# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

قوله: (يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ): أي: يخاطبني من القول بما يتأذَّى به مَن يصحُّ في حقِّه التأذِّي، لا أنَّ الله سبحانه وتعالى يتأذَّى به.

قوله: (يَسُبُّ الدَّهْرَ): كان من عادة العرب أن تذمَّ الدهرَ وتسبَّه عند النوازل والحوادث، ويقولون: أبادهم الدهر، وأصابهم قوارع الدهر وحوادثُه، ويُكثِرون ذلك في أشعارهم، وقد ذكره الله عنهم فقال: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24]، وسيأتي الكلام عليه في (الأدب) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَأَنَا الدَّهْر): رُوِيَ (الدهر) بالرفع والنصب، والرفع أكثر، والنصب على الظرف، وقيل: على الاختصاص، قال ابن الجوزيِّ: هو باطلٌ من وجوه؛ أحدها: أنَّه خلاف أهل النقل، فإنَّ المحدِّثين المحقِّقين لم يضبطوه إلَّا بالضمِّ، ثُمَّ ذكر وجهين آخرين، انتهى، وقد جوَّز النصبَ جماعةٌ منهم النَّحَّاس، وقال القاضي عياض: نصبه بعضهم على الاختصاص، والظرف أصحُّ، انتهى، وذهب بعضهم إلى أنَّ (الدهر) اسمٌ من أسماء الله تعالى، ولا يصحُّ، وسيأتي هذا في (باب: لا تسبوا الدهر) من (كتاب الأدب) بزيادة.

(1/8729)

(((46))) [الأحقاف]

قوله: (الأَحْقَافُ): تَقَدَّم الكلام عليها في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65]).

قوله: (قَالَ بَعْضُهُمْ: أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَ {أَثَارَةٍ} [الأحقاف: 3]): الأُولى في أصلنا: بفتح الهمزة والثاء، والثانية: بضمِّ الهمزة وسكون الثاء، قال بعض حفَّاظ العصر المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، ورأيت في حاشية نسخةٍ بهذا «الصحيح» ما لفظه: قُرِئَ بستَّة أوجهٍ: {أثارة}، و {إثارة}، و {أَثْرة}، و {أَثَرة}، و {أُثْرة}، و {إِثْرة}؛ كـ (سَلامة، وسِفارة، وضَرْبة، وأَكَمة، ومُضْغة، وصِبْغة)، انتهت، وكتب عليها: (صغ)؛ يعني: من نسخة الصغانيِّ؛ يعني به: الإمام العلَّامة الحسن بن محمَّد اللغويَّ، وقد لقيه الدِّمْياطيُّ، وأنشده بيتين رُوِّيتُهما عن بعض أصحاب الدِّمْياطيِّ عنه.

فائدةٌ: في «مسند أحمد بن محمَّد بن حنبل» الإمام أبي عبد الله، من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما _قال سفيان: لا أعلمه إلَّا عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم_ قال: «{أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4]، قال: الخطُّ»، ورأيته موقوفًا على ابن عبَّاس في «المستدرك» في (الأحقاف)، وقال: [على شرط] البُخاريِّ ومسلم، وفيه أيضًا عنه موقوفًا: هو جَودة خطٍّ.

قوله: (تَوَعُّدٌ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وفتح الواو، وضمِّ العين المشدَّدة.

قوله: (أَنْ يُعْبَدَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أُبَلِّغُكُمْ [1]): هو بضمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة، وتشديد اللام المكسورة، كذا في أصلنا.

(1/8730)

[{والذي قال لوالديه أف لكما ... }]

قوله: ({وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]): {أُفٍّ} هنا و (الأنبياء) و (سبحان): بالتنوين مع الكسر قرأ نافع وحفص، وقرأ ابن كَثِير وابن عامر: بفتح الفاء من غير تنوينٍ، والباقون: بكسرها من غير تنوين، وفي (أف) عشر لغات حكاهنَّ القاضي عياض وآخرون: ضمُّ الهمزة مع ضمِّ الفاء، وكسرها وفتحها بلا تنوين وبالتنوين، فهذه ستُّ لغاتٍ، و (أُفْ)؛ بضمِّ الهمزة وإسكان الفاء، و (إِفَّ)؛ بكسر الهمزة وفتح الفاء، و (أُفي) و (أُفَّةٌ)؛ بضمِّ الهمزة فيهما، فالواو أصل الألف، و (التفُّ): وسخ الأظفار، وتُستَعمل هذه الكلمة في كلِّ ما يُستَقذَر، وهي اسم فعل يُستَعمل في الواحد والاثنين والجمع بلفظٍ واحدٍ، قال الله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، قال الهرويُّ: يقال لكلِّ ما يُضجَر منه ويستثقل، وقيل: معناه: الاحتقار، مأخوذ من (الأَفَفِ)؛ وهو القليل.

==========

[ج 2 ص 339]

(1/8731)

[حديث: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب ... ]

4827# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ)؛ بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، و (مَاهَكَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهاء، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة، وأنَّه هنا مصروفٌ في أصلنا وغير مصروف بالقلم، و (مَرْوَانُ): هو ابن الحكم، تَقَدَّم أنَّه تابعيٌّ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (مُعَاوِيَةُ): هو ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب، تَقَدَّم، و (يَزِيدُ): هو ابن معاوية، هو الخليفة، تَقَدَّم أنَّه مقدوح في عدالته، قال أحمد ابن حنبل: لا ينبغي أن يُروَى عنه.

قوله: (يُبَايَعَ لَهُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح المثنَّاة تحت بعد الألف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا): (عبد الرَّحمن) هذا: أسلم قبل الفتح، قَتَل يوم اليمامة سبعةً؛ منهم مُحَكِّم اليمامة، روى عنه ابن أخيه القاسمُ وأبو عثمان النهديُّ، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (53 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (شَيْئًا): إن قيل: ما هذا الشيء؟ فالجواب: أنَّه قد أوضحه الإسماعيليُّ: قال له عبد الرَّحمن: ما هي إلَّا هرقليَّة، إنَّ أبا بكر لم يجعلها في أحدٍ من ولده، ولا من أهل بلده، ولا من أهل بيته، فقال مروان: ألست الذي قال الله فيه ... ؟ فذكره، قال شيخنا: وذكر ابن التين أنَّه قال له: أهرقليَّة؟! بيننا وبينكم ثلاثٌ سبقن؛ تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وفي أهله مَن لو جعل الأمر إليه؛ لكان أهلًا لذلك، فلم يفعل، وتُوُفِّيَ أبو بكر وفي أهله مَن لو جعل الأمر إليه؛ لكان أهلًا، وكذلك عمر، رضي الله عنهما، وقال ابن عبد البَرِّ في «استيعابه»: أهرقلية؟! إذا مات كسرى؛ كان كسرى مكانَه، لا نفعل والله أبدًا، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من العصريِّين: قال مروان: سُنَّة أبي بكر وعمر، فقال له عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ: بل وسُنَّة هِرَقل، بيَّنه الإسماعيليُّ في «مستخرجه»، انتهى.

(1/8732)

قوله: (إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ [اللهُ] فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]): قال الزَّجَّاج: والصَّحيح أنَّها نزلت في الكافر العاقِّ، ولا يجوز أن يقال: إنَّها في عبد الرَّحمن بن أبي بكر؛ لأنَّ الله تعالى قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [الأحقاف: 18]، وعبد الرَّحمن من خِيار المسلمين، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ عُذْرِي): يعني: في بني أبي بكر، وأمَّا أبو بكر؛ فأنزل الله تعالى فيه: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40]، و {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 29]، {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [التوبة: 100]، {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33]، في آيٍ كثيرةٍ، والله أعلم.

(1/8733)

[{فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض}]

==========

[ج 2 ص 339]

(1/8734)

[حديث: ما رأيت رسول الله ضاحكًا حتى أرى منه لهواته]

4828# 4829# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): (أحمد عن ابن وهب): تَقَدَّم الكلام عليه مَن هو، وقد قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: أحمد عن ابن وهب، وعنه البُخاريُّ في مواضع: هو أحمد بن صالح، أو أحمد بن عيسى، قال أبو أحمد الحاكم: هو أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب عن عمِّه، وليس بشيء، انتهى، وقال شيخنا: وأحمد شيخ البُخاريِّ هو أحمد بن عيسى المصريُّ، كما قاله أبو مسعود وخلف، وعرَّفه ابن السكن بأنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، وغلَّط الحاكمُ قولَ من قال: إنَّه ابن وهب، وقال ابن منده: كلُّ ما قال البُخاريُّ في «جامعه»: «حدَّثنا أحمد عن ابن وهب»؛ فهو ابن صالح، وإذا حدَّث عن ابن عيسى؛ نَسَبَه، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: أحمد بن عيسى، ومقتضى كلامه أن يكون كذلك في الرواية منسوبًا.

و (عَمْرٌو) بعد (عبد الله بن وهب): هو عمرو بن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم، و (أَبُو النَّضْرِ): تقدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد، واسمه سالم، قال الدمياطيُّ: أبو النَّضر سالم بن أبي أُمَيَّة، مولى عمر بن عبيد الله وكاتبُه، انتهى، و (سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ): بتقديم المثنَّاة تحت.

[ج 2 ص 339]

قوله: (حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ): (اللهوات): بفتح اللام والهاء، جمع (لهاة)؛ وهي اللحمة بأعلى الحنجرة من أقصى الفم، ولفظ «النِّهاية»: اللهوات: جمع لهاة؛ وهي اللحمات في سقف أقصى الفم، انتهى، و (اللهاة): تُجمَع على (لَهًا)؛ بفتح اللام _وتُكسَر أيضًا_ والقصرِ، وقد مُدَّ في الشعر ضرورةً، و (اللَّهَوات واللَّهِيَّات)؛ مثل: العَطِيَّات.

قوله: (عُرِفَ فِي وَجْهِهِ): (عُرِف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وفاعلها مرفوع (الكراهيةُ).

قوله: (الْكَرَاهِيَةُ): تَقَدَّم أنَّها بتخفيف الياء، ويقال من حيث اللغة: كراهي.

(1/8735)

(((47))) [{الذين كفروا}]

قوله: (آثَامَهَا): هو بمدِّ الهمزة، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 340]

(1/8736)

[{وتقطعوا أرحامكم}]

(1/8737)

[حديث: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم ... ]

4830# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (مخْلدًا) بإسكان الخاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ): بضمِّ الميم، وفتح الزاي، وكسر الراء المشدَّدة، ثُمَّ دال مهملة، اسم فاعل من (زرَّد) المضعف، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ): بتقديم المثنَّاة تحت.

قوله: (فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ): (الحَقْو): بفتح الحاء المهملة، وإسكان القاف، وهو الإزار، والأصل فيه: معقد الإزار، وجمعه: أحقٍ وأحقاء، ثُمَّ سُمِّيَ به الإزار؛ للمجاورة، وقد تَقَدَّم الكلام على (الحقو) في (الجنائز)، ثُمَّ اعلم أنَّه لمَّا جَعَلَ الرَّحِمَ شجنةً من الرَّحمن عزَّ وجلَّ في حديث آخر؛ استعار لها الاستمساك به؛ كما يستمسك القريب بقريبه، والنسيب بنسيبه، و (الحقو) فيه مجازٌ وتمثيل، ومنه قولهم: عُذْت بحَقو فلان؛ إذا استجرتَ به واعتصمت، ولفظ ابن قُرقُول بعد أن فسَّر (الحقو) بالإزار، قال: وأصله: مشدُّ الإزار من الإنسان، وهو الخاصرتان، وقيل: طرفا الوركين، ثُمَّ سُمِّيَ به الإزار، وذكر جمعه ثُمَّ قال: وقوله في الرحم: «أخذت بحقوي الرَّحمن»: قلنا: إنَّ الحقوَ مشدُّ الإزار، ومن شأن المحتزم بحزمة العزيز والمستجير أن يدفع إليه ثوبًا من ثيابه يحتزم به، ويحتمي ممَّن [1] يريده، ثُمَّ الإزار من أوكد ما يُحتَزَم به ويُستجار؛ لأنَّه ممَّا يحامي عليه الإنسان ويدفع به، حتَّى يقال: نمنعه ممَّا نمنع منه أُزرنا، وهي الأحقاء، وكأنَّ المستجير ربَّما أخذ بطرف ثياب المستجار به أو بطرف إزاره، فلا يُسلمه بحال، فاستعير ذلك مجازًا للرحم، واستعاذتها بالله عزَّ وجلَّ من القطيعة؛ لما في ذلك من المبالغة، والتأكيد، والتقريب للمعقول بالمثال المحسوس المعتاد بينهم، انتهى.

(1/8738)

قوله: ([فَقَالَ] لَهُ: مَهْ): كذا في أصلنا، و (الرحم) مؤنَّثة، والمراد هنا _والله أعلم_: فقال له؛ أي: للآخذ والمستعيذ، و (مَه): بفتح الميم، وإسكان الهاء، وهي كلمة زجر، قيل: أصله: ما هذا، ثُمَّ حُذِف استخفافًا، تقال مكرَّرةً ومفردةً؛ ومثله: (بَهْ بَهْ)، وقال يعقوب: هي لتعظيم الأمر كـ (بخٍ بخِ)، وقد تنوَّن مع الكسر، وينون الأوَّل ويكسر الثاني دون تنوين، قاله ابن قُرقُول، ثُمَّ قال بُعَيده: (وقوله: «فقالت الرحم: هذا مقام العائذ بك» هو زجر، ولكنَّه مصروف إلى المستعاذ منه؛ وهو القاطع، لا المستعاذ به سبحانه وتقدَّس، وقيل: هي في الحقيقة ضرب مثل، واستعاره للرحم معنًى؛ وهو اتَّصال القربى بين أهل النسب في أمٍّ وأبٍ، وإذا كان هكذا؛ لم يحتج إلى تأويل «مه»)، انتهى.

وما ذكره هو على رواية أن تكون الرحم قالت: (مه)، وكذا في «النِّهاية» ولفظه: وفي حديث طلاق ابن عمر: قلت: (فمه إن رأيت إن عجز واستحمق)، (فماذا): للاستفهام، فأبدل الألف هاء؛ للوقف والسكت، وفي حديث آخر: «ثُمَّ مه»، ومنه الحديث هذا، وأمَّا هنا؛ فالظاهر أنَّ البارئَ سبحانه وتعالى هو القائل، وإذا كان كذلك؛ فمعناها مذكور فيما تَقَدَّم، والله أعلم.

قوله: (فَذَاكِ): هو بكسر الكاف إشارة إلى المؤنَّث المخاطب.

4831# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو ابن إسماعيل، ثِقةٌ، تَقَدَّم مترجمًا، أخرج له الجماعة، و (مُعَاوِيَةُ) بعده: هو ابن أبي مزرِّد، تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وتَقَدَّم فيما مضى ترجمته، و (أَبُو الْحُبَابِ): بضمِّ الحاء المهملة، وتخفيف الموحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى.

4832# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي الْمُزَرِّدِ): تَقَدَّم ضبطه أعلاه.

قوله: (بِهَذَا): أي: بالسند المتَقَدَّم، وهو معاوية بن أبي المزرِّد [2] عن عمِّه أبي الحُبَاب سعيد بن يسار عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/8739)

(((48))) [سورة الفتح]

قوله: (السَّحنَة): هي بالسين والحاء المهملتين المفتوحتين، وقد تُسكَّن الحاء، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: في (السين والحاء المهملتين): (السِّحْنة)؛ بسكون الحاء، وكسر السين، كذا قيَّده أبو ذرٍّ، وقيَّده الأصيليُّ وابن السكن بفتح السين والحاء معًا، وهذا هو الصواب عند أهل اللغة، وكذا حكاه صاحب «العين» وغيره، وقال ابن دريد وغيره: (السَّحَنة): مفتوحة، ولا تُسكَّن، قال ابن قتيبة: العامَّة تُسكِّنه، وهي لين البشرة، والنعمة في المنظر، وقيل: الهيئة، وقيل: الحال، ويقال لها: السحناء، وعن الجيَّانيِّ: السَّحْنة، والسُّنحة، والسَّحناء، وحكى الكسائيُّ: السَّحْنة، وحكاه أبو عبيد عن الفرَّاء، وعند القابسيِّ وعبدوس في تفسير {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29]: السجدة؛ يريد: أثرها في الوجه هو السِّيما، وعند النسفيِّ: (السُّحنة)، انتهى لفظه.

وفي «الصحاح»: السَّحَنة؛ بالتحريك: الهَيئَة، وقد تُسكَّن، يقال: هؤلاء قوم حسنٌ سَحْنتهم، وكذلك السحناءُ، يقال: إنَّه لحسن السحناء، وكان الفرَّاء يقول: السَّحَناء والتَّأَداء بالتحريك، قال أبو عبيد: ولم أسمع أحدًا يقولهما بالتحريك غيره، وقال ابن كيسان: إنَّما حرَّكنا لمكان حرف الحلق، وفي «النِّهاية»: السَّحنة: وهي بشرة الوجه وهيأته وحاله، وهي مفتوحة السين، وقد تُكسَر، ويقال فيها: السحناء أيضًا بالمدِّ، انتهى.

قوله: (وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ): (منصور) هذا: هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: ({شَطْأَهُ} [الفتح: 29]: فِرَاخَهُ): هو بكسر الفاء، وبالراء، وبعد الألف خاء معجمة، ثُمَّ هاء الضمير، جمع (فرخ)، وجمع شَطْءٍ: أشطاءٌ، قاله الجوهريُّ مقتصرًا عليه، وفي «القاموس»: الشطء: فراخ النخل والزرع، أو ورقه، (ج) _يعني: الجمع_: شُطُوْء، وشَطَأَ؛ كـ «منع» شطْأً وشطُوءًا: أخرجها، ومن الشجر: ما خرج حول أصله، (ج) _يعني: الجمع_: أشطؤ وأشطاء: أخرجها، انتهى.

[ج 2 ص 340]

(1/8740)

قوله: ({دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98]؛ كَقَوْلِكَ: رَجُلُ السَّوْءِ): الثانية بالفتح، قال الجوهريُّ: ساءه يسوءُه سَوْءًا؛ بالفتح، ومَساءةً ومسايأة: نقيض سرَّه، والاسم: السُّوء، وقرئ: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السُّوْءِ} [الفتح: 6]؛ يعني: الهزيمةَ والشرَّ، ومَن فتح؛ فهو من (المَساءة)، وتقول: هذا رجل سَوءٍ؛ بالإضافة، ثُمَّ تدخل عليه الألف واللام، فتقول: هذا رجل السَّوء، وأنشد بيتًا للفرزدق، ثُمَّ قال: قال الأخفش: ولا يقال: الرجل السُّوء، ويقال: الحقُّ اليقين وحقُّ اليقين جميعًا؛ لأنَّ السَّوءَ ليس بالرجل، واليقين: هو الحقُّ، قال: ولا يقال: هذا رجل السُّوء؛ بالضمِّ، انتهى.

(1/8741)

[{إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا}]

(1/8742)

[حديث: لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس]

4833# قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ ... )؛ الحديث: اعلم أنَّ (أَسْلَم) تابعيٌّ حكى قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ كان يكون صحابيًّا، فهي مرسلة، كذا رواه عبد الله بن مسلمة _هو القعنبيُّ_ عن مالك، قال شيخنا الشارح: (قال الدارقطنيُّ: رواه عن مالك عن زيد عن أبيه متَّصلًا محمَّدُ بن خالد بن عثمة، وأبو نوح عبد الرَّحمن بن غزوان، وإسحاق الحُنَينيُّ، ويزيد بن أبي حكيم، ومحمَّد بن حرب المَكِّيُّ، وأمَّا أصحاب «الموطأ»؛ فروَوه عن مالك مرسلًا، وقال القابسيُّ: قوله: «قال عمر: فحرَّكت بعيري ... » إلى آخره: يبيِّن أنَّ أسلمَ عن عمرَ رواه، وكما رواه البزَّار عن محمَّد بن المثنى عن ابن عثمة بلفظ: «قال: سمعت عمر يقولُ»، ثُمَّ قال: «وحدَّثنا الفضل بن سهل: حدَّثنا ابن غزوان: حدَّثنا مالك عن زيد، عن أبيه، عن عمر ... »؛ فذكره، قال: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن عمر إلَّا من هذا الوجه، ولا نعلم حدَّث به عن زيد بن أسلم إلَّا مالكًا، ولا عن مالك إلَّا ابن عثمة وابن غزوان، قلت: قد سلف عنه غيرهما، ورواه أحمد في «مسنده» عن أبي نوحٍ قراد بن نوح [1]، عن مالك، عن زيد، عن أبيه، عن عمر به)، انتهى.

قوله: (لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ): تَقَدَّم في (الحُدَيْبيَة) فيه سؤالٌ وجواباه، والله أعلم.

قوله: (كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا ... ) إلى أن قال: (قَدْ أُنْزِلَ [2] عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]): كان هذا السفر في غزوة الحُدَيْبيَة، وقد تَقَدَّم متى كانت الحُدَيْبيَة، قال ابن سعد: (أقام بالحُدَيْبيَة بضعة عشر يومًا، ويقال: عشرين ليلة، ثُمَّ انصرف رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فلمَّا كانوا بضَجْنان؛ نزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ... ؛ الحديث، وضَجْنان: جُبَيلٌ على بريد من مَكَّة، وهو بفتح الضاد المعجمة، ثُمَّ جيم ساكنة، وقال شيخنا: نزلت بين الحُدَيْبيَة والمدينة، أو بكُراع الغميم، انتهى، وقد تَقَدَّم ما قاله في (الحُدَيْبيَة).

(1/8743)

قوله: (ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ): (أمُّ): مرفوعة؛ لأنَّها فاعلةٌ، وتَقَدَّم معنى (الثُّكل) في (الحُدَيْبيَة).

قوله: (نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام عليها مطوَّلًا في (الحُدَيْبيَة)، وقد تَقَدَّم لِمَ قال عمر: (نزرت رسول الله في الحُدَيْبيَة)، والله أعلم.

قوله: (كُلَّ ذَلِكَ): تَقَدَّم أنَّها بالنصب على الظرف.

قوله: (فَمَا نَشِبْتُ): هو بكسر الشين المعجمة؛ أي: لبثتُ.

قوله: (أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا): تَقَدَّم أنَّ هذا الصارخ لا أعرف اسمه.

قوله: (فِيَّ قُرْآنٌ): (فيَّ): جارٌّ ومجرور.

قوله: (لَقَدْ أُنْزِلَ [3] عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ): تَقَدَّم في أيِّ مكان نزلت أعلاه وفي (الحُدَيْبيَة).

==========

[1] كذا في (أ) تبعًا لما في «التوضيح» (23/ 249)، وتقدَّم أنَّه أبو نوحٍ عبد الرحمن بن غزوان، ويُعرَف بقراد، انظر تهذيب الكمال (17/ 335).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (لقد أُنزِلت).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أُنزِلت).

[ج 2 ص 341]

(1/8744)

[حديث: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا} الحديبية]

4834# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ) ضبطًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر.

==========

[ج 2 ص 341]

(1/8745)

[حديث: قرأ النبي يوم فتح مكة سورة الفتح فرجع فيها]

4835# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النِّسبة، وأنَّها إلى جدِّه، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم، وأنَّ (مُغَفَّلًا) صَحابيٌّ أيضًا، وأنَّه بضمِّ الميم، وفتح الغين المعجمة، وتشديد الفاء المفتوحة.

قوله: (فَرَجَّعَ): هو بتشديد الجيم، و (الترجيع): ترديد القراءة، وقد بيَّن صورة الترجيع في آخر «الصحيح»، وسأذكره هناك إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِيَ لَكُمْ): (معاوية) هذا: هو ابن قرَّة المذكور في سند هذا الحديث، الراوي عن عبد الله بن مُغَفَّل.

قوله: (لَوْ شِئْتُ): هو بضمِّ تاء المتكلِّم، وكذا (لَفَعَلْتُ)، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 341]

(1/8746)

[{ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ... }]

(1/8747)

[حديث: قام النبي حتى تورمت قدماه ... ]

4836# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] زِيَادٌ): هو زياد بن علاقة الغطفانيُّ، وعلاقة: بالكسر والفتح، كنيته أبو مالك الثعلبيُّ، روى عن عمِّه قطبة وجرير البجليِّ، وعنه: شعبة والسفيانان، تُوُفِّيَ سنة (125 هـ) تقريبًا وقد قارب المئة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، و (المُغِيرَةُ): هو ابن شعبة.

(1/8748)

[حديث: أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا]

4837# قوله: (أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهو ابن شريح، تَقَدَّم، و (أَبُو الأَسْوَدِ) بعده: هو محمَّد بن عبد الرَّحمن بن نوفل، يتيم عروة.

قوله: (لِمَ تَصْنَعُ هَذَا؟): (لِمَ): بفتح الميم، استفهاميَّة، (تَصْنعُ): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ، وهو بفتح أوَّله، وإسكان الصاد المهملة.

قوله: (فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ؛ صَلَّى جَالِسًا): قال شيخنا: أنكر الداوديُّ قولَه: (فلمَّا كثر لحمه؛ صلَّى جالسًا)، وقال: إنَّما في الحديث: (فلمَّا بدَّن)؛ يعني: كبر، وهذا في رسم الخطِّ يقع على أخذ اللحم وعلى الكبر، فرواه بعضهم على ما يحتمل من التأويل، ونقل غيره: (لمَّا كبر وسمن)، مثل ما هنا، ومن صفاته: أنَّه لمَّا كبر؛ سمن، قال ابن الجوزيِّ: لم يصفه أحد بالسِّمَن أصلًا، ولقد مات وما شبع من خبز الخمير في يوم مرَّتين، وأحسب أنَّ بعض الرواة روى قولها: (لمَّا بدَّن)؛ ظنَّه: كثر لحمه، فإنَّ قومًا ظنُّوا ذلك، وليس كذلك؛ فإنَّ أبا عبيد قال: (بدَّن الرجل تبدينًا؛ إذا أسنَّ)، فيحتمل أن يكون المعنى: لمَّا ثقل عليه حمل لحمه وإن كان قليلًا؛ لأنَّه طعن في السنِّ، انتهى.

وقال في «المطالع»: (فلمَّا بَدُن)، ورُوِيَ: (بَدَّن)، وأنكر ابن دريد وغيرُ واحدٍ ضمَّ الدال؛ لأنَّ معناه: عظم بطنه، وكثر لحمه، قالوا: ولم تكن هذه صفته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قالوا: والصواب: بدَّن؛ أي: أسنَّ وثقل من السِّنِّ، وفي حديث عائشة رضي الله عنها ما يُصحِّح الروايتين، وذلك قولها: «فلمَّا أسنَّ وأخذ اللحم»، فجمَعَتْ بين السنِّ وأخذ اللحم، ورُوِيَ عنها: (فلمَّا كبر)، و (حتى إذا كَبِر)، وفي حديث آخر: (وكان معتدل الخَلْق، وبدَّن آخر زمانه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم).

(1/8749)

[{إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا}]

(1/8750)

[حديث: أن هذه الآية التي في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك}]

4838# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ): (عبد الله) هذا: قال الذهبيُّ في «تذهيبه» لمَّا ذكر هذا المكان قال: فزعم الكلاباذيُّ واللالكائيُّ أنَّه عبد الله بن صالح العجليُّ، وقال أبو عليٍّ ابن السَّكَن في روايته عن الفربريِّ عن البُخاريِّ: حدَّثنا عبد الله بن مسلمة؛ يعني: القعنبي، وقال أبو مسعود في «الأطراف»: هو عبد الله بن رجاء، قال: والحديث عند عبد الله بن صالح وعبد الله بن رجاء، وقال أبو عليٍّ الغسانيُّ: هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقال أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام القاضي: إنَّما روى البُخاريُّ في (تفسير الفتح) عن عبد الله بن مسلمة _هو القعنبيُّ_ عن عبد العزيز بن أبي سلمة، ولا ذكر لعبد الله بن صالح بن مسلم هناك، ولا في شيء من «الجامع»، وإنَّما قال هذا: أبو الوليد على رواية أبي عليٍّ ابن السَّكَن، قال المِزِّيُّ: وأَولى هذه الأقوال بالصواب قولُ من قال: إنَّه كاتب الليث، ثُمَّ شرع يتبرهن على ذلك، والله أعلم، وقال الذهبيُّ عَقيب ما برهن به المِزِّيُّ: قلت: سمع البُخاريُّ من أربعة اسمهم عبد الله، كلٌّ منهم يروي عن عبد العزيز بن الماجِشُون، وعبد الله الخامس يمكن أن يكون سمع منه، وهو العجليُّ، وأمَّا الأربعة؛ فهم: عبد الله بن صالح كاتب الليث، فهو مُكثرٌ عن الماجِشُون، كما أنَّ البُخاريَّ أكثرَ عنه خارج «الصحيح»، وعبد الله بن يوسف التنيسيُّ، وعبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، وعبد الله بن رجاء الغُدانيُّ، وقد صرَّح ابن حمُّويه عن الفربريِّ عن البُخاريِّ بروايته عن عبد الله بن صالح عن الليث في حديث رواه البُخاريُّ أوَّلًا تعليقًا، فلمَّا فرغ من المتن؛ قال: حدَّثني عبد الله بن صالح عن الليث به، والله أعلم.

قوله: (قَالَ فِي التَّوْرَاةِ): تَقَدَّم لِمَ نقل عبد الله بن عمرو بن العاصي عن التوراة في (البيوع)، وذلك أنَّه كان يحفظها؛ لرؤيا رآها، وقد ذكرت الرؤيا في (البيوع)؛ فانظر ذلك.

[ج 2 ص 341]

(1/8751)

قوله: (وَحِرْزًا): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وإسكان الراء، وبالزاي؛ أنَّه الحافظ، وكذا (الأُمِّيِّينَ) تَقَدَّم، وكذا (لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ) تَقَدَّما، و (الفَظُّ): سيِّءُ الخُلُق، و (الغليظ): شديد القول، وكذا (السَخَّاب)، وأنَّه بالسين المهملة، وتشديد الخاء المعجمة، وفي آخره مُوَحَّدَة، قال القاضي: يقال بالصاد وبالسين، والصاد أشهر، والسين لغة، انتهى، وكذا (الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ): التي غيَّرتها العرب عن استقامتها، وكذا (وَقُلُوبًا غُلْفًا)، وهو مثل قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]؛ معناه: كأنَّه من قلَّة فطنته وانشراحه لا يصل إليه شيءٌ ممَّا يسمع؛ فكأنَّه في غلاف؛ وهو صِوان الشيء، وهو غطاؤه، وهو الأكنَّة، تَقَدَّم.

(1/8752)

[{هو الذي أنزل السكينة}]

(1/8753)

[حديث: تلك السكينة تنزلت بالقرآن]

4839# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (الْبَرَاءُ): هو ابن عَازب، وقد قدَّمتُ مرارًا أنَّ عازبًا أيضًا صَحابيٌّ رضي الله عنه.

قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ): هذا الرجل هو أُسَيد بن الحُضَير، وقد تَقَدَّم أنَّ (أُسَيدًا) بضمِّ الهمزة، وأنَّ (حُضَيرًا) بضمِّ الحاء المهملة، وسيأتي كذلك مسمًّى منسوبًا في (باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن).

فائدةٌ: هذه السورة التي قرأها هي (سورة الكهف)، وفي هذا «الصحيح» في (باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن) معلَّقًا من حديث أُسَيد هذا: أنَّها البقرة، قال شيخنا: زعم بعضهم تعدُّد الواقعة، ويحتمل أنَّه قرأهما كلتيهما ... إلى آخر كلامه، انتهى.

قوله: (تِلْكَ السَّكِينَةُ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة)، وما هي، ولُغَتَيها.

(1/8754)

[{إذ يبايعونك تحت الشجرة}]

(1/8755)

[حديث: كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة]

4840# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): [1] (سفيان) هذا: هو ابن عيينة، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّموا.

قوله: (أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ): تَقَدَّم الكلام على الروايات في عدد أهل الحُدَيْبيَة، وأنَّ هذا القول هو الأكثر، وتَقَدَّم الكلام على (الحُدَيْبيَة) بلُغَتَيها.

==========

[1] زيد في (أ): (هذا هو)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[ج 2 ص 342]

(1/8756)

[حديث: إني ممن شهد الشجرة نهى النبي عن الخذف]

4841# 4842# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، وفي نسخة في أصلنا القاهريِّ وليس في الدِّمَشْقيِّ: (عليُّ بن سلمة)، قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني البُخاري_ في (كتاب الشفعة): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا شَبَابة)، فذكر حديث: (إنَّ [لي] جارين، فإلى أيِّهما أهدي؟)، ثُمَّ قال: وفي (تفسير الفتح): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا شَبَابة)، فذكر هذا الحديث ثُمَّ قال: وهكذا أتى عليٌّ غير منسوب في هذين الحديثين في نسخة الأصيليِّ، ولم ينسبه أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ فيهما، فقال أبو نصرٍ في إسناده حديث عائشة _يعني الأوَّل_: هو عليُّ بن سلمة اللبقيُّ، وكذلك نسبه أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي، ونسبه ابن السكن في روايتنا عنه: عليُّ بن عبد الله، وهذا ضعيف عندي، وأمَّا في إسناد حديث ابن مُغَفَّل _يعني: هذا الذي في هذه السورة_؛ فنسبه أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي: عليُّ بن سلمة، ونسبه أيضًا عن الحمُّوي وأبي الهيثم: عليُّ بن عبد الله، ولم ينسب أبو نصر عليًّا في حديث ابن المُغَفَّل، انتهى ملخَّصًا، وفي «أطراف المِزِّيِّ» لمَّا ذكر هذا الحديث المذكور هنا؛ قال: البُخاريُّ في (الأدب) عن آدم، وفي تفسير (سورة الفتح) عن عليِّ بن عبد الله عن شَبَابة، ثُمَّ طرَّفه من عند مسلم، وأبي داود، وابن ماجه؛ فاعلمه، وقد تَقَدَّم في (سورة المائدة) الكلام على ابن سلمة اللبقيِّ، وتعقُّب مغلطاي للمزِّيِّ _والله أعلم_ في رقمه عليه ابن ماجه فقط.

و (شَبَابَةُ): بفتح الشين المعجمة، وتخفيف الموحَّدة، وهو شَبَابة بن سوَّار، تَقَدَّم مترجمًا، و (عُقْبَةُ بْنُ صُهْبَانَ): بضمِّ الصاد المهملة، ثُمَّ هاء ساكنة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم ضبط والده قريبًا وبعيدًا، وأنَّه صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ): يعني: شهد بيعة الحُدَيْبيَة تحت الشجرة، وقد قدَّمتُ أنَّها كانت سَمُرة، وقدَّمتُ متى كانت الحُدَيْبيَة.

قوله: (عَنِ الْخَذْفِ): (الخَذْف): الرمي بحصًى أو نوًى بين سبَّابتيه، أو بين الإبهام والسبَّابة، والله أعلم، وهو بالخاء المفتوحة، ثُمَّ ذال ساكنة، معجمتين، ثُمَّ فاء.

(1/8757)

قوله: (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ عَنْ [1] عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ ... ) إلى آخره: هذا يرويه البُخاريُّ بسند الذي قبله عن عليِّ بن عبد الله، عن شَبَابة، عن شعبة، عن قتادة، عن عقبة بن صُهْبان به، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ الأوَّل قال فيه: عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مَغَفَّل، وفي الثاني صرَّح بالسماع من عبد الله بن المغفَّل، هذا على ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وأمَّا أصلنا القاهريُّ؛ فكان فيه كذلك، ثُمَّ ضُرِب على (قال: سمعت)، وخُرِّج: (عن) عوضَها، وصُحِّح عليها، والذي يظهر صحَّةُ ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وإلَّا فلولا ذلك؛ ما كان به حاجة إلى ذكر البول في المغتسل أنَّه يأخذ الوسواس منه، مع أنَّ عقبةَ بن صُهْبان ليس مدلِّسًا، وإنَّما صنع ذلك؛ ليخرج من خلاف من قال في العنعنة بالردِّ مطلقًا وإن لم تكن من مدلِّس، وقد قدَّمتُ ذلك، والله أعلم، وحديث النهي عن البول في المغتسل رواه الأربعة لكنْ من حديث الحسن البصريِّ عن ابن مُغَفَّلٍ، قال التِّرْمِذيُّ: غريبٌ، انتهى، قال شيخنا العراقيُّ: وإسناده صحيحٌ، انتهى، واستدركه الحاكم على البُخاريِّ ومسلم، وذكر له شاهدًا، وأعلَّه عبد الحقِّ بما بيَّن أبو الحسن بن القطَّان وهمه فيه، وفي سنده في «الأربعة»: أشعث بن عبد الله الحدانيُّ، وثَّقه النَّسائيُّ وغيرُه، وأورده العقيليُّ في «الضعفاء»، وقال: في حديثه وهم، ثُمَّ ذكر له هذا الحديث، وقد ذكر أشعثَ الذهبيُّ في «ميزانه»، وقال في آخر ترجمته: قولُ العقيليِّ: (في حديثه وَهَمٌ) ليس بمُسَلَّمٍ إليه، وأنا أتعجَّب كيف لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلم؟! انتهى، وقد رُوِيَ هذا الحديث موقوفًا، وزعم بعض الحُفَّاظ أنَّه أصحُّ، وكَرِهَ جماعاتٌ من الصَّحابة فمَن بعدَهم البولَ في المغتسل؛ منهم ابن مسعود، حتَّى قال عمر: (إنَّ مَن بال في مغتسله؛ لم يطهر)، وعن عائشة قالت: (ما طهَّر الله رجلًا يبول في مغتسله)، ورخَّص فيه ابن سيرين وغيره، وروى ابن ماجه عن عليِّ بن محمَّد الطنافسيِّ قال: إنَّما هذا في الحظيرة، فأمَّا اليوم؛ فمغتسلاتهم بجصٍّ وصاروج؛ يعني: النَّورة وأخلاطَها والمُقيَّر، فإذا بال وأرسل عليهما الماء؛ فلا بأس، وكذا قال الخَطَّابيُّ عن مغتسلٍ يكون جددًا صلبًا، ولم يكن له مسلك ينفذ فيه البول، ويروى عن عطاء: إذا كان يسيل؛ فلا بأس، وفيه كلامٌ لغير مَن ذكرت، قال شيخنا: وأغرب ابن التين فقال: قوله:

(1/8758)

(في البول)؛ يريد: نهيه عَلَيهِ السَّلام عن البول في الماء الدائم الذي يُغتَسل فيه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) مصحَّحًا عليها، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (قال: سمعتُ).

[ج 2 ص 342]

(1/8759)

[حديث: عن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة]

4843# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ): هذا هو محمَّد بن الوليد البسريُّ؛ من ولد بُسْر بن أبي أرطاة، وإن شئت قلت: بُسْر بن أرطاة؛ بحذف (أبي)، القرشيُّ، يروي عن غُنْدُر _محمَّد بن جعفر المذكور هنا_ والقطَّان، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والمحامليُّ، ثِقةٌ، مات بعد الخمسين ومئتين، أخرج له من روى عنه من الأئِمَّة، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النَّسائيُّ وغيره: ثِقةٌ، و (خَالِدٌ) بعد (شعبة): هو خالد بن مِهران الحذَّاء، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

==========

[ج 2 ص 342]

(1/8760)

[حديث: يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا]

4844# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ): هذا هو أحمد بن إسحاق بن الحصين المطوعيُّ، أبو إسحاق البُخاريُّ السُّرماريُّ، تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق، وسُرمارة: من قرى بخارى، أحد فرسان الإسلام، ممَّن يُضرَب بشجاعته المثلُ، مع العلم والزهد، تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق مع ضبط بلده، و (يَعْلَى) بعده: هو ابن عبيد، تَقَدَّم، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر السين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، وبعد الألف هاء لا تاء، ويقرؤه المحدِّثون مصروفًا، وقد رأيته مصروفًا وغير مصروف بالقلم في بعض النسخ الصحيحة، و (السياه): الأسْوَد، فهو صفةٌ، والظاهر أنَّه ليس علمًا في العجمة، والله أعلم، و (حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سَلَمة.

قوله: (كُنَّا بِصِفِّينَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأين هي، وما فيها.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، قال بعض الحُفَّاظ من المعاصرين: الرجل: الأشعث بن قيس، انتهى.

قوله: (يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ): (يُدعَون): بضمِّ أوَّله، كذا في أصلنا بالقلم، وكذا رأيته في أصلٍ آخرَ، وكذا كنت أقرؤه، وكذا التلاوة [آل عمران: 23]، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا قال ما لفظه: و (يَدْعُون): بفتح أوَّله، كذا الرواية، وكأنَّ هذا الرجلَ لم يُرِدِ التلاوة، انتهى.

قوله: (فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ): (عليٌّ) هذا: هو ابن أبي طالب الهاشميُّ، الخليفة، رضي الله عنه.

قوله: (قَالَ [1] سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ): تَقَدَّم أنَّ (حُنَيْفًا) بضمِّ الحاء المهملة، وفتح النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ، و (سهل): بدريٌّ جليلٌ، أوسيٌّ، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (38 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ التاء، وهذا ظاهرٌ، و (الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ فيها التخفيفَ والتشديدَ، وعلى (الدَّنِيَّةَ): أنَّها بالهمز وعدمه؛ أي: الخصلة المذمومة.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).

[ج 2 ص 342]

(1/8761)

(((49))) [الحجرات]

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1]: لَا تَفْتَاتُوا): من الافتيات، الظاهر أنَّ هذا التفسيرَ على قراءة ابن عبَّاس، وقرأ بها يعقوب: بفتح التاء والدال، من التَقَدُّم، وعن بعضهم أنَّه ضبطه بخطِّه كذلك، انتهى، وقد يُشعِر بذلك عزوُ البُخاريِّ هذا التفسير لمجاهد؛ لأنَّ مجاهدًا من طلبة ابن عبَّاس، وقراءة الجماعة من التقديم، والله أعلم.

قوله: ({يَلِتْكُمْ} [الحجرات: 14]: يَنْقُصْكُمْ) بفتح أوَّله، وضمِّ القاف، وقد تَقَدَّم الكلام على (نقص) في (الرعد).

قوله: (يُدْعَى بِالْكُفْرِ [1]): (يُدعَى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ

[1] كذا جاء هذا القول في (أ) و (ق) بعد قوله: ({يلتكم} ... )، وهو في رواية «اليونينيَّة» متقدِّمٌ عليه

[{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} الآية]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...