65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج23. التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط بن العجمي



ج23. التلقيح لفهم قارئ الصحيح 

 (التلقيح على الجامع الصحيح)لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث أنس: أنت مع من أحببت]

6171# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ [1]: مَتَّى السَّاعَةُ؟): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل قريبًا جدًّا، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: قيل: هو أبو موسى، أو أبو ذرٍّ، وفيه نظرٌ؛ لمجيئه من الطريق السابقة بلفظ: (أنَّ رجلًا من أهل البادية)، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ذو الخُوَيصرة، قال: ويحتمل أن يكون الذي من أهل البادية سأل أوَّلًا، ثُمَّ سأل أبو ذرٍّ أو أبو موسى، انتهى.

قوله: (مِنْ كَثِيرِ صَلَاةٍ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، كذا في أصلنا

[1] (فقال): ليس في «اليونينيَّة». 

[باب قول الرجل للرجل: اخسأ]

قوله: (قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: اخْسَأْ): هو بهمزة في آخره ساكنة؛ لأنَّه أمرٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (اخسأ) في (الجنائز) ما معناه.

 

[حديث: قد خبأت لك خبيئًا فما هو؟]

6172# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظُ، و (سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ): (سَلْم): بفتح السين المُهْمَلَة، وإسكان اللام، و (زَرِيْر): بفتح الزاي، وكسر الراء، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء أخرى، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، و (ابْن صَائِدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (الجنائز)، وما يتعلَّق به؛ فانظره، وكذا على (خَبَأْتُ لَكَ خَبْئًا [1])، وعلى (الدُّخِّ) لفظًا ومعنًى

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خبيئًا).

[ج 2 ص 628]

(1/11104)

[حديث: إن يكن هو لا تسلط عليه ... ]

6173# 6174# 6175# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط)، وأنَّه ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (النَّفر)، وعلى (ابْن صَيَّادٍ)، واسمه عبد الله، ولقبه صافٍ، وعلى (أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ)، وعلى (فَلَمْ يَشْعُرْ)؛ أي: يعلم، وقوله: (حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ): قال شيخنا: قال الداوديُّ: يحتمل أن يريد: ليخرج ما يُسرُّه على لسانه، وعلى قول ابن صيَّاد للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ)، وعلى قوله: (فَرَضَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وعلى (صَادِقٌ وَكَاذِبٌ)، وعلى (خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا)، وعلى (الدُّخِّ)، وعلى (إِنْ يَكُنْ هُوَ ... وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ)، وعلى قوله: (أَتَأْذَنُ لِي [1] أَضْرِبُْ عُنُقَهُ): (أضربُْ): مَرْفُوعٌ ومجزومٌ في أصلنا، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر شيخِنا الأندلسيِّ مجزومٌ، وهما جائزان، الجزم على تقدير شرط؛ أي: إن تأذنْ لي؛ أضربْ، والله أعلم، وعلى (يَؤُمَّانِ النَّخْلَ): أي: يقصدان، وعلى (طَفقَ)؛ بكسر الفاء وفتحها؛ ومعناها: جعل، وعلى (يَخْتِلُ)؛ ومعناه: يأخذ في غفلة، وعلى (قَطِيفَةٍ)، وعلى (رَمْرَمَة) برواياتها الأربع، وعلى أنَّ (أُمَّ ابْنِ صَيَّادٍ) لا أعرف اسمها، وعلى قوله: (لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ)؛ على اختصاص (نوح) دون غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فيه).

[ج 2 ص 628]

(1/11105)

[باب قول الرجل: مرحبًا]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَبًا): اعلم أنَّ (الرُّحبَ)؛ بالضَّمِّ: السَّعة، تقول منه: فلان رحيب الصدر، و (الرَّحْبُ)؛ بالفتح: الواسع، تقول منه: بلدٌ رَحْب، وأرضٌ رَحْبة، وقد رَحُبَتْ؛ بضَمِّ الحاء، ترحُب رُحبًا ورَحَابةً، وقولهم: مرحبًا وأهلًا؛ أي: أتيتَ سَعة، وأتيت أهلًا، فاستأنِس ولا تستوحشْ، وقد رحَّب به ترحيبًا؛ إذا قال له: مرحبًا.

قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّ هانئ)، وأنَّها بهمزة في آخرها، والاختلاف في اسمها.

(1/11106)

[حديث: مرحبًا بالوفد الذين جاؤوا غير خزايا ولا ندامى]

6176# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه يزيد بن حُمَيدٍ، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّمَ بعيدًا أنَّه بالجيم، والراء، وأنَّه نصر بن عِمران الضُّبَعِيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا في أوائل هذا التعليق.

قوله: (لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الوفد)، وعلى (وفد عبد القيس) متى وفدوا، وأنَّهم وفدوا مرَّتين، وكم كانوا، وذكرتُ الكلام في عددهم، وذكرت منهم خمسةَ عشرَ رجلًا، وجماعةً أيضًا كثيرةً، أيضًا منهم، وعلى (خَزَايَا) و (نَدَامَى)، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (خزايا: جمع «خزيان»؛ كحيارى جمع «حيران»، و (ندامى): جمع الواحد الذي هو نادم، ولكنَّه جاء هنا على غير قياس إتباعًا لـ (خزايا)، وإنَّما يُجمَع على (ندامى): الندمان الذي هو النديم، وقال القزَّاز في «جامعه»: يقال في النادم: الندمان، فعلى هذا يكون جاريًا على الأصل، لا على الإتباع)، انتهى، وعلى قولهم: (مِنْ رَبِيعَةَ)، وعلى قولهم: (لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ)، وعلى (نَدْخُلُْ): أنَّه بالجزم على الجواب، ويجوز رفعه، وكذا هو في أصلنا، وقوله: (أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ)؛ أي: الذي آمركم به أربع، والذي أنهاكم عنه أربع، وعلى (الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ)، وهل الانتباذ في هذه الأربع نُسِخ أم لا، والأكثرون على النسخ، مُطَوَّلًا، ومَن لم يقل بالنسخ.

==========

[ج 2 ص 628]

(1/11107)

[باب: ما يدعى الناس بآبائهم]

قوله: (بَابُ مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ): هذا التبويب هو معنى الحديث الذي في «أبي داود»: «إنَّكم تُدعَون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم ... »؛ الحديث، رواه أبو داود من حديث أبي الدرداء، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: بإسنادٍ جيِّد، قال البيهقيُّ: مرسلٌ، وفي هذا التبويب ردٌّ لقول مَن قال: إنَّه لا يُدعى الناس يوم القيامة إلَّا بأمَّهاتهم؛ لأنَّ فيه سترًا على آبائهم، وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» فيه حديثًا من حديث أنس رضي الله عنه: قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يُدعى الناس يوم القيامة بأمَّهاتهم؛ سترًا من الله عزَّ وجلَّ عليهم»، قال أبو الفرج ابن الجوزيِّ: هذا حديثٌ لا يصحُّ، والمتَّهم به إسحاق؛ يعني: ابن إبراهيم المذكور في سنده، قال ابن عديٍّ: (منكر الحديث، ومِن حديثه ... )؛ فذكر هذا الحديث، وقال ابن حِبَّانَ: (يأتي عن الثقات بالأشياء الموضوعات، لا يحلُّ كتب حديثه إلَّا على سبيل التعجُّب) انتهى، والحديث الذي ذكره ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الطَّبَريِّ، كان بصنعاء، قال الذَّهَبيُّ: هذا منكرٌ، انتهى.

وصريح كلام شيخنا أنَّهم يُدعَون بآبائهم المنسوبين إليهم في الحياة الدنيا، لا إلى آبائهم في نفس الأمر، والله أعلم.

(1/11108)

[حديث: الغادر يرفع له لواء يوم القيامة]

6177# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيه، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 628]

(1/11109)

[حديث: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة]

6178# قوله: (الْغَادِر): تَقَدَّمَ أنَّ (الغدر): نقضُ العهد.

==========

[ج 2 ص 628]

(1/11110)

[باب: لا يقل خبثتْ نفسي]

قوله: (خَبُثَتْ نَفْسِي): هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وضمِّ المُوَحَّدة؛ ومعناه: تغيَّرت نفسي، وهو تغيير النفس وكسلُها وقلَّة نشاطها، أو غثيانها، أو سوء خلقها، قاله ابن قُرقُول.

(1/11111)

[حديث: لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي]

6179# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (لَقِسَتْ نَفْسِي): (لَقِسَتْ): بفتح اللام، وكسر القاف، وفتح السين المُهْمَلَة، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة؛ ومعناه: غثت، و (اللَّقَس): الغثيان، وإنَّما كره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (خَبُثت) وإن كان (لَقِسَت) معناه؛ هربًا من لفظ الخبث والخبيث، قال الجوهريُّ: لَقِسَت نفسي من الشيء تلقَسُ؛ أي: غثت وخَبُثَت، انتهى، وكذا قال جميع أهل اللغة، والغريب فيما حكاه النَّوَويُّ عنهم، انتهى، وفي «المطالع»: (لَقِست): غثت، وقيل: ساء خلقها، وقيل: خبثت، وقيل: نازعته مالت به إلى الدَّعَة والكسل، انتهى.

[ج 2 ص 628]

(1/11112)

[حديث سهل: لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست ... ]

6180# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ لقبَ عبد الله عَبْدانُ، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه أسعد بن سهل بن حُنَيف الأنصاريُّ المدنيُّ، وُلِد في حياته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسُمِّيَ باسم جدِّه لأمِّه أسعد بن زرارة النَّقيبِ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (خَبُثَتْ نَفْسِي): تَقَدَّمَ قريبًا الكلام [عليها]، وعلى (لَقِسَتْ)؛ فانظره إن أردته.

(1/11113)

[باب: لا تسبوا الدهر]

(1/11114)

[حديث: قال الله: يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر]

6181# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/11115)

قوله: (وَأَنَا الدَّهْرُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع، هذا هو الصواب المعروفُ الذي قاله الشَّافِعيُّ، وأبو عُبيدة، وجماهير المتقدِّمين والمُتَأخِّرين، وقال أبو بكر مُحَمَّد بن داود بن عليِّ بن خلف الأصبهانيُّ الظاهريُّ: إنَّما هو (الدهرَ)؛ بالنصب على الظرف؛ أي: أنا مدَّةَ الدهر أقلبُ ليله ونهاره، وحكى ابن عَبْدِ البَرِّ هذه الروايةَ عن بعض أهل العلم، وقال النَّحَّاس: يجوز النصب؛ أي: فإنَّ الله باقٍ مقيمٌ أبدًا لا يزول، قال القاضي عياض: هو مَنْصُوبٌ على التخصيص، قال: والظرف أصحُّ وأصوبُ، وأمَّا رواية الرفع _وهي الصواب_؛ فموافقةٌ لقوله: «فإنَّ الله هو الدهر»، قال العلماء: وهو مجازٌ، وسببه: أنَّ العرب كان شأنَها أن تسبَّ الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها؛ من موت، أو هرم، أو تلف مال، أو غير ذلك، فيقولون: يا خبيثة الدهر، ونحوها من ألفاظ سبِّ الدهر، فقال عليه السلام: «لا تسبُّوا الدهرَ، فإنَّ الله هو الدهر»؛ أي: لا تسبُّوا فاعل النوازل، فإنَّكم إذا سببتم فاعلها؛ وقع السبُّ على الله تعالى؛ لأنَّه فاعلها ومنزلها، وأمَّا الدهر الذي هو الزمان؛ فلا فعل له، بل هو مخلوقٌ من جملة المخلوقات، ومعنى: «فإنَّ الله هو الدهر»؛ أي: فاعل النوازل والحوادث والكائنات، والله أعلم، وفي «المطالع» لمَّا فرغ من الكلام على الدهر المذكور في الحديث؛ قال: وأمَّا في الرواية الأخرى: «فإنِّي أنا الدهر»، ورُوِيَ بالنصب والرفع، وهو أكثر، والنصب [1] على الظرف، وقيل: على الاختصاص، وأمَّا الرفع؛ فعلى التأويل الآخر، وذهب بعضُ مَن تكلَّم بالعلم ممَّن [2] لا تحقيق عنده إلى أنَّه اسمٌ من أسماء الله تعالى، ولا يصحُّ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ بأقلَّ من هذا، وكلامُ ابن الجوزيِّ فيه، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (أ): (لعلَّه سقط: والنصب).

[2] في (أ): (من)، والمثبت موافق لما في مصدره.

[ج 2 ص 629]

(1/11116)

[حديث: لا تسموا العنب الكرم]

6182# قوله: (حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عيَّاشًا) بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وأنَّ (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ)، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ)، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ).

وقوله: (لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ): سيأتي الكلام عليه قريبًا جدًّا.

==========

[ج 2 ص 629]

(1/11117)

[باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ»): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجه المطابقة بجميع هذه الأحاديث من الجهة العامَّة، وههنا وقف الشارح _ يعني: ابن بَطَّال_ الأخبارَ على عكس الحقيقة العُرفيَّة والوَضعيَّة؛ تحقيقًا للمعنى المجازيِّ، ولا يُعَدُّ ذلك خُلفًا من القول؛ فتأمَّله، والله أعلم) انتهى.

قوله: (الصُّرَعَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الصاد، وفتح الراء، وبالعين، المُهْمَلَتين، وهو الذي يصرع الناس بقوَّته، وتَقَدَّمَ الكلام على: «إنَّما الصُّرَعة الذي يملك نفسه عند الغضب»؛ يعني: الذي يغلب شهوتَهُ وغضبَه حتَّى كأنَّه يصرعه، فهو أحقُّ بالمدح شرعًا وحقيقةً من الذي يصرع الناس؛ لأنَّ ذلك دليلٌ على اعتدال الخُلُق، وكمال العقل، وهذا من تحويل الكلام من معنًى إلى معنًى آخرَ، وأمَّا (الصُّرْعة) _بسكون الراء_؛ فهو الذي يصرعه الناس كثيرًا.

==========

[ج 2 ص 629]

(1/11118)

[حديث: ويقولون الكرم إنما الكرم قلب المؤمن]

6183# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (وَيَقُولُونَ: الْكَرْمُ)، وكذا قوله في الباب قبله: (لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ): قال العلماء: سبب كراهة ذلك: أنَّ لفظة (الكرم) كانت العرب تُطلِقها على شجر العِنَب، وعلى العِنَب، وعلى الخمر المتَّخذة من العِنَب، سمَّوها كرمًا؛ لكونها متَّخذة منه، ولأنَّها تحمل على الكرم والسخاء، فكره النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إطلاقَ هذه اللفظةِ على العِنَب وشَجَرِه؛ لأنَّهم إذا سمعوا اللفظة؛ ربَّما تذكَّروا بها الخمرَ، وهيَّجت نفوسَهم إليها، ووقعوا فيها، وقاربوا ذلك، وقال: إنَّما يستحقُّ هذا الاسمَ الرجلُ المسلمُ أو قلبُ المؤمن؛ لأنَّ الكَرْم مشتقٌّ من الكَرَم؛ بفتح الكاف والراء، وقد قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، فسُمِّيَ قلبُ المؤمن كَرْمًا؛ لما فيه من الإيمان، والهُدى، والنُّور، والصفات المستحِقَّة لهذا الاسم، وكذلك الرجل المسلم، قال أهل اللغة: يقال: رجلٌ كَرَْم؛ بإسكان الراء وفتحها، وامرأة كَرَْم، يوصف به المفرد والمثنَّى والمجموع، مذكَّرًا كان أو مؤنَّثًا، وهذا مثل: عَدْل، وأمثاله.

==========

[ج 2 ص 629]

(1/11119)

[باب قول الرجل: فداك أبي وأمي]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام غَيْرَ مَرَّةٍ على التفدية بالأبوين أو بأحدهما ما حكمه في (غزوة أُحُد) وغيرها، وفي استدلال البُخاريِّ بالحديث الذي ذكره في الباب وقفةٌ، وذلك لأنَّ القاضيَ عياضًا قال: وقد كرهه بعض السلف، وقال: لا يفدَّى بمسلمٍ،

[ج 2 ص 629]

قال القاضي عياض: والأحاديث الصحيحة تدلُّ على جوازه، سواء كان المفدَّى به مسلمًا أو كافرًا، حيًّا كان أو ميِّتًا، انتهى.

وقال السُّهَيليُّ في حديثٍ فيه التفدية بالأب والأمِّ: وفقهُ هذا الحديث: أنَّه جائز هذا الكلامُ لمن كان أبواه غير مؤمنَين، وأمَّا [مَن] كان أبواه مؤمنَين؛ فلا؛ لأنَّه كالعُقوق لهما، سمعت شيخنا أبا بكرٍ يقول في هذه المسألة، انتهى، وقد تعقَّبتُ كلام السُّهَيليِّ حين ذكرته في (غزوة أُحُد)، وأمَّا إطلاق البُخاريِّ؛ فإن كان أحدٌ قال: إنَّه لا تجوز التفدية بالأب والأمِّ مطلقًا؛ فما ذكره صالحٌ للاحتجاج، والحديث المعلَّق الموقوف على أبي بكر في الباب بعده: (فديناك بآبائنا وأمَّهاتنا) _وهو مسندٌ في غير هذا المكان_ فيه الاستدلال على مَن منع مِن السلف مِن ذلك؛ لأنَّ أبوَي أبي بكر إذ ذاك كانا مسلمَين؛ لأنَّه قال له عليه السلام في أواخر حياته عليه السلام، أو يحتمل أنَّ بعضهم منع منه مطلقًا، ولكن لم أقف عليه، ولا من وقفت أنا على كلامه، والله أعلم.

وكتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه هذا الكلام: (إنَّما أشار البُخاريُّ إلى تضعيف خبرٍ ورد في النهي عن ذلك، وقد أورده ابن بَطَّال من عند الطَّبَريِّ عن أنس) انتهى.

(1/11120)

[حديث علي: ارم فداك أبي وأمي]

6184# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: يحتمل أن يكون ابن عُيَيْنَة، وأن يكون الثَّوريَّ، من غير ترجيح، وذلك لأنَّ القَطَّان روى عنهما [1]، وهما عن سعد بن إبراهيم، ولم أرَ مَن عيَّن مَن هو منهما، والله أعلم، و (سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف.

قوله: (مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَدِّي أَحَدًا غَيْرَ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ عليًّا ما سمع، وغيرُه سمعه عليه السلام يُفَدِّي الزُّبَيرَ، قال النَّوَويُّ: وفدَّى غيرَه، انتهى، أو أراد عليٌّ رضي الله عنه تفديةً خاصَّة، وقد ذكرتها في (غزوة أُحُد)، و (سعد): ابن أبي وقَّاص، أحد العشرة، والله أعلم.

==========

[1] هذا المثبت مضروب عليه في (أ)، وفيها بدلًا منه: (رويا عنه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 630]

(1/11121)

[باب قول الرجل: جعلني الله فداك]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ): تَقَدَّمَ الكلام [على] ضبطه؛ (فداءك)؛ فانظره.

(1/11122)

[حديث: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون]

6185# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (المُفضَّل)؛ بتشديد الضاد المُعْجَمَة مفتوحة: اسم مفعول.

قوله: (وَأَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا طلحة): هو زيد بن سهلٍ الأنصاريُّ النقيب البدريُّ، زوجُ أمِّ سُلَيم، وعمُّ أنسِ بن مالكٍ.

قوله: (وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا): (صفيَّة) هذه: هي بنت حُيَيِّ بن أخطب، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ مَن وقفتُ عليه أنَّه أردفه عليه السلام في أوائل هذا التعليق، وأنَّ ابن منده جمعهم بضعًا وثلاثين شخصًا، و (مردفَها): بالنصب، وجُوِّز الرفع.

قوله: (عَلَى رَاحِلَتِهِ): هذه الراحلة التي [1] صُرِع عنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ومعه صفيَّة هي العضباء، كما صُرِّحَ بها في «مسلم».

قوله: (فَصُرِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (صُرِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ومعناه: أي: سقط عن بعيره.

(1/11123)

[باب: أحب الأسماء إلى الله عز وجل]

قوله: (بَابُ أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ): كذا في أصلنا الذي سمعت منه على شيخنا العِرَاقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقال ابن المُنَيِّر في «تراجمه»: (باب قول الرجل لصاحبه: يا أبا فلان، وأحبِّ الأسماء إلى الله عزَّ وجلَّ)، و «التراجم» لابن المُنَيِّر التي كانت عندي سقيمةٌ، لكنَّ الظاهر أنَّ مثل هذا كلِّه لا يزيده الكاتب، ثُمَّ ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته؛ وهو حديث جابر رضي الله عنه: (وُلِد لرجلٍ منا غلامٌ، فسمَّاه القاسمَ ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: مطابقة الترجمة أنَّهم أنكروا عليه أنْ كنَّاه بكنية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لا أصلَ الكنية، وأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أشار عليه بعبد الرَّحْمَن، وإنَّما أشار بما هو خيرٌ عند الله، وقد ورد حديثٌ على لفظ الترجمة في عبد الرَّحْمَن وعبد الله) انتهى، والحديث الذي أشار إليه ابن المُنَيِّر هو في «مسلم» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ أحبَّ أسمائكم إلى الله عبدُ الله، وعبدُ الرَّحْمَن».

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11124)

[حديث: سم ابنك عبد الرحمن]

6186# قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ) هذا (الرجل) لا أعرفُ اسمه، وأمَّا المولود القاسم؛ فعَدُّوه في الصَّحَابة، ولم يزدِ الذَّهَبيُّ على: (القاسم الأنصاريِّ)، وذكر الحديثَ مختصرًا، ولم يذكره أبو عمر في «الاستيعاب» بالكُلِّيَّة.

قوله: (فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ): (أَخبر): مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: أخبر والدُ القاسم، و (النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعول، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا.

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11125)

[باب قول النبي: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي»): ملخَّص المذاهب في هذه المسألة: النهي مطلقًا، وهو الذي نصَّ عليه الشَّافِعيُّ، الثاني: أنَّه خاصٌّ بحياته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، الثالث: أنَّه على الأدب، الرابع: إنَّما يحرم الجمع بين التسمية بأحمدَ أو مُحَمَّدٍ، والتكنِّي بأبي القاسم.

تنبيهٌ: شذَّ بعضهم فمنع التسمية باسم النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جملةً كيفما يكنى، حكاه غير واحد؛ منهم: النَّوَويُّ، وزكيُّ الدين عبد العظيم المنذريُّ قبله، قال: وذهب آخرون إلى أنَّ النهيَ منسوخٌ، وقد جاء في النهي عن التسمية بمُحَمَّد حديثٌ في «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» من حديث أنسٍ، ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة الحكم بن عَطيَّة، وقال: إنَّه منكرٌ، وهو في «مسند عبد» من حديث هذا الرجل، والله أعلم.

تنبيهٌ: قيل بالمنع من التسمِّي بالقاسم، حكاه غيرُ واحد.

غريبةٌ أغرب من اللَّتَين قبلها: كره جماعةٌ من السلف والخلف التكنِّي بـ (أبي عيسى)، وأجازها آخرون، وفي «أبي داود» بسنده إلى زيد بن أسلم عن أبيه: أنَّ عمر بن الخَطَّاب ضرب ابنًا له يكنى بأبي عيسى، وأنَّ المغيرة بن شعبة يكنى بأبي عيسى، فقال له عمر: أَمَا يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟ فقال: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كنَّاني، فقال: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد غُفِر له ما تَقَدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر، وإنَّ في جَلَجتنا، فلم يزل يكنى بأبي عيسى حتَّى هلك، وقد بوَّب عليه أبو داود: (بابٌ فيمن يتكنَّى بأبي عيسى)، والظاهر أنَّ سبب الكراهة: أنَّ عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليس له والد، والله أعلم، والكلام في التسمِّي بأسماء الملائكة نقل كراهتَه عن الحارث بن مسكين القاضي عياضُ، وكره مالكٌ التسمِّي بجبريل ويس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11126)

[حديث جابر: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي]

6187# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان، أحد العلماء، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (حُصَيْنٌ): هو بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وقدَّمت مرارًا أنَّ الأسماء كذلك، وأنَّ الكنى بفتح الحاء، وكسر الصاد، وهذا هو حُصَين بن عبد الرَّحْمَن، و (سَالِم): هو ابن أبي الجَعْد الغَطَفانيُّ.

قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ قريبًا [أنِّي] لا أعرفه، وقدَّمتُ قريبًا أنَّ القاسم هذا مذكورٌ في الصَّحَابة، ذكره الذَّهَبيُّ مختصرًا، وابن عَبْدِ البَرِّ لم يذكره.

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11127)

[حديث أبي هريرة: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي]

6188# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيانَ) بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المَدينيِّ_: ابنُ عُيَيْنَة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن سِيرِينَ): هو مُحَمَّد، وقد قَدَّمْتُ عدد بني سيرين في أوائل هذا التعليق وغيرِه.

(1/11128)

[حديث: أسم ابنك عبد الرحمن]

6189# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ؛ لما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ هذا (الرجل) لا أعرفه [1]، وأنَّ القاسم وَلَدَه ذُكِر في الصَّحَابة، ولم يذكره [2] ابن عَبْدِ البَرِّ في «استيعابه».

قوله: (وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا): هو بضَمِّ النون الأولى، وسكون الثانية، وكسر العين، قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: («ولا نُنْعِمُك عينًا» و «لا نُعمة عين»؛ أي: لا تقرُّ عينُك بذلك، والنّعمة؛ بالضَّمِّ والفتح: المَسَرَّة، يُقال: أنعم الله بك عينًا، ونَعِمَ بك عينًا؛ أي: أقرَّ بك عينَ من يُحبُّك، وأنكر بعضهم: نَعِمَ الله بك عينًا؛ لأنَّ الله لا يَنعَم؛ يريد: نعمة المخلوقين، وإذا تُؤوِّل على موافقة مراد الله؛ صحَّ لفظًا ومعنًى، ويقال: نُعمة عين، ونُعْمَى عين؛ أي: مسرَّتها وقرَّتها، والنَّعمة؛ بالفتح: التنعُّم، وبالكسر: اسمُ ما أُنعِم به)، انتهى.

فقوله: (وأنكر بعضهم: نَعِمَ الله بك عينًا): مراده مطرِّف، ففي «النهاية» لابن الأثير: وفي حديث مطرِّف: لا تقل: نَعِم الله بك عينًا، فإنَّ الله لا ينعم بأحد عينًا، ولكن قل: أنعم الله بك عينًا، قال الزمخشريُّ: الذي منع منه مطرِّف فصيحٌ في كلامهم، و (عينًا): نصبٌ

[ج 2 ص 630]

على التمييز من الكاف، والباء للتعدية؛ والمعنى: نعَّمك الله عينًا؛ أي: نعَّم عينك وأقرَّها، وقد يحذفون الجارَّ، ويوصلون الفعل، فيقولون: نعمك الله عينًا، وأمَّا أنعم الله بك عينًا؛ فالباء فيه زائدةٌ؛ لأنَّ الهمزة كافيةٌ في التعدية، تقول: نعم زيد عينًا، وأنعمه الله عينًا، ويجوز أن يكون من أنعم؛ إذا دخل في النعيم، فيتعدَّى بالباء، قال: ولعلَّ مطرِّفًا خُيِّل إليه أنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل، فاستعظمه _تعالى الله أن يوصف بالحواسِّ علوًّا كبيرًا_ كما يقولون: نعمت بهذا الأمر عينًا، والباء للتعدية، فحسِبَ أنَّ الأمر في «نعم الله بك عينًا» كذلك، انتهى.

قوله: (أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ): (أسْمِ)؛ بقطع الهمزة، وكسر الميم: فعل أمر، رُباعيٌّ، والهمزة من الرباعيِّ مفتوحةٌ، كذا هو في أصلنا، ورأيت في بعض النسخ الصحيحة: (اسمُ ابنك)؛ بهمزة وصلٍ، مَرْفُوعٌ على أنَّه مبتدأ، و (عبدُ الرَّحْمَن): خبره.

(1/11129)

[باب اسم الحزن]

قوله: (بَابُ اسْمِ الْحَزْنِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الزاي، وبالنون، وهو ما غَلُظ من الأرض وخَشُنَ، وأرضٌ فيها حُزونة؛ أي: خشونة.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11130)

[حديث: أنت سهل]

6190# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا هو الحافظ الكبير المصنِّف عبد الرزاق بن همَّام الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، و (المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، وأبوه: المُسَيّب بن حَزْن بن عمرو بن وهب بن عمرو بن عائذ _بالذال المُعْجَمَة_ بن عِمران بن مخزوم بن يقظة بن مُرَّة بن كعب بن لؤيِّ بن غالبٍ القرشيُّ المخزوميُّ، والمُسَيّب وحَزْن صحابيَّان أسلما يوم الفتح رضي الله عنهما.

قوله: (فَمَا زَالَتِ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ): (الحُزُونة)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة والزاي: الخشونة والغِلَظ، وقال شيخنا: يريد: صعوبة الأمور، وامتناع التسهيل فيما يريدونه، وقال الداوديُّ: يريد الصعوبة في أخلاقهم، إلَّا أنَّ سعيدًا قضى بذلك إلى الغضب في ذات الله، انتهى، كذا في النسخة التي وقفت عليها: (قضى)، ولعلَّه: (نحا)، وقال شيخنا في (كتاب الإيمان): فما زالت الحُزُونة في ولده؛ ففيهم سوء خُلُق، انتهى.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11131)

[باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه]

قوله: (بَابُ تَحْوِيلِ الاِسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ): ذكر في هذا الباب ثلاثةَ أسماءٍ غيَّرها عليه السلام إلى أسماءٍ أحسنَ منها: زينب، وزَنِبَ _كـ (فَرِحَ) _: سَمِنَ، والأزنبُ: السَّمِينُ، وبه سُمِّيت المرأة، أو من الزَّينَب: لشجرٍ حسنِ المنظرِ، طيِّبِ الرائحةِ، أو أصلُها: زَيْنُ أبٍ.

وقد غيَّر عليه السلام أسماءَ جماعةٍ إلى أحسنَ من أسمائهم فيما يُروى، وبعضها تغييره صحيحٌ؛ وهم: (عاصية بنت عمر)، فغيَّرها إلى (جميلة)، كما في «مسلم»، وفيه نظرٌ، ولا يُعرَف لعمرَ بنتٌ اسمها عاصية، وإنَّما هي زوجته، و (عبد الله بن سلَام) كان اسمه الحُصَين، و (جويرية) كان اسمها برَّة، و (جميلة) زوج عمر كان اسمها عاصية، و (زينب بنت أمِّ سلمة)، وكان اسمها برَّة، و (بشير الحارثيُّ) كان اسمه أكبر، فغيَّره إلى بشير، و (أمُّ صبيح عنبة): سمَّاها عُنقودة، في حديث ضعيفٍ، وقال خيثمة بن عبد الرَّحْمَن: كان اسم أبي عزيزًا، فغيَّره عليه السلام، و (مُحَمَّد بن خليفة) شهد الفتح فيما يُقال، وكان اسمه عبد مناف، فغيَّره عليه السلام، ذكره الحاكم فيمَن قدم خراسان من الصَّحَابة، وكان اسمه ناهية، فغيَّره إلى مُحَمَّد، رواه الحاكم بإسنادٍ مظلمٍ، و (عاقل بن البُكَير) كان اسمه غافلًا؛ بالمعجمَة والفاء، فسمَّاه: عاقلًا؛ بالعين والقاف، و (هشام بن عامر الأنصاريُّ) والدُ سعد بن هشام، كان اسمه شهاب، فقال له: «بل أنت هشام»، و (ناجية بن جندب بن كعب) صاحب بدنِهِ، كان اسمه ذكوان، فغيَّره إلى ناجية، و (صرم بن يربوع) غيَّره عليه السلام إلى سعيدٍ، و (عبد الله ذو البجادين) كان اسمه عبد العزَّى، فغيَّره، و (الحُباب بن عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول) غيَّره إلى عبد الله، وعن سعيد بن المُسَيّب: (كان رجلٌ يقال له: شيطان، فسمَّاه عليه السلام الحُبابَ)، و (الحارث بن حكيم الضَّبِّيُّ) رُوِيَ من طريقٍ واهية: كان اسمه عبد الحارث، فسمَّاه عليه السلام عبدَ الله، و (مكرَّم الغِفَاريُّ) كان اسمه مِهران، فغيَّره إلى مكرَّم.

(1/11132)

وفي «المسند» من حديث عليٍّ رضي الله عنه: (لمَّا وُلِد الحسن؛ سمَّاه حمزةَ، فلمَّا وُلِد الحسين؛ سمَّاه بعمِّه جعفرٍ، فدعاني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «أُمِرتُ أن أغيِّرَ اسم هذين»، قلت: الله ورسوله أعلم، فسمَّاهما حَسَنًا وحُسَينًا)، وفيه أيضًا من حديثه: (لمَّا وُلِد الحسن؛ سمَّيته حربًا، فجاء عليه السلام، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيته؟»، قلت: حربًا، فقال: «بل هو حَسَنٌ»، فلمَّا وُلِد الحسين؛ سمَّيته حربًا، فجاء عليه السلام، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتموه؟»، قلت: حربًا، قال: «بل هو حُسَين»، فلمَّا وُلِد الثالث؛ سمَّيته حربًا، فجاء عليه السلام، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتموه؟»، قلت: حربًا، قال: «بل هو مُحْسِنٌ»، ثُمَّ قال: «سمَّيتهم بأسماء ولد هارون: شَبَر، وشُبَير، ومُشْبر»).

وفي «المسند» أيضًا عن سبرة بن أبي سبرة عن أبيه: أنَّه أتى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «ما ولدك؟» قال: فلان، وفلان، وعبد العزَّى، وقال عليه السلام: «هو عبد الرَّحْمَن»، و (بشير بن الخصاصية) كان اسمه زحمًا، فسمَّاه عليه السلام بَشيرًا، وفي «التِّرْمِذيِّ» إشارةٌ إلى ذلك، وهو في «المسند» أيضًا.

وفي «المسند» أيضًا عن أبي إسحاق، عن رجل من جهينة سمعه عليه السلام يقول: يا حرام، فقال: «يا حلالُ»، وفيه عن مسلم بن عبد الله الأزديِّ قال: جاء عبد الله بن قرط الأزديُّ إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «ما اسمك؟»، قال: شيطان بن قرط، فقال: «بل أنت عبد الله بن قرط»، وقد قَدِم عليه السلام المدينةَ واسمها يثرب، لا تُعرَف بغير هذا، فغيَّره بطيبة، و (عبد الله بن أبي عوف بن عوف البجليُّ) له وفادةٌ، وكان اسمه عبد شمس، فغيَّره.

وفي «سنن أبي داود» ما لفظه: وغيَّر النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اسم العاصي، وعُزَير، وعَتْلة، وشيطان، وأبو الحكم، وغراب، وحُباب، وشهاب، فسمَّاه: هشام، وسمَّى حَرْبًا سِلْمًا، وسمَّى المضطجع المُنْبَعِثَ، وأرض عفرة سمَّاها خضرة، وشِعْب الضلالة سمَّاه بشِعْب الهُدَى، وبنو الزِّينة سمَّاهم بني الرِّشْدة، وسمَّى بني معاوية بني الرِّشْدة، قال أبو داود: تركت أسانيدها اختصارًا، انتهى.

(1/11133)

وهذا بابٌ متَّسعٌ، وتغيير الاسم إلى اسمٍ أحسنَ منه مستحبٌّ، وقد غيَّر عليه السلام أسماء إلى أقبحَ منه، فغيَّر عليه السلام أبا الحكم عمرَو بن هشام إلى أبي جهلٍ، وكذلك أبو عامر الراهب، واسمه: عبد عمرو بن صيفيِّ بن النعمان والد حنظلة الغَسِيل، كان يُقال له: الراهب، فلما قدم عليه السلام المدينة؛ أبى إلَّا الكفرَ والفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام، فقال عليه السلام: «لا تقولوا: الراهب، ولكن قولوا: الفاسق».

ومن التغيير إلى ما دونه ما ذكره السُّهَيليُّ في «روضه» قال: (كان اسمُ جحش بن رئاب بُرَّةَ؛ بضَمِّ المُوَحَّدة)؛ يعني: وتشديد الراء، قال: (قالت زينب لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لو غيَّرت اسم أبي، فإنَّ البُرَّةَ صغيرةٌ، فقيل: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال لها: «لو كان أبوك مسلمًا؛ لسمَّيته باسمٍ من أسمائنا أهلَ البيت، ولكنِّي سمَّيته جحشًا، والجحش أكبر من البُرَّة»؛ ذكره مسندًا الدَّارَ قُطْنيُّ في «المؤتلف والمختلف») انتهى.

(1/11134)

[حديث: ولكن أسمه المنذر]

6191# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (غسَّان): يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة: سلمة بن دينار.

قوله: (أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المنذر): وُلِد في عهده عليه السلام، وروى عن أبيه، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، و (أبو أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّ الصواب فيه ضمُّ الهمزة، وفتح السين.

قوله: (فَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بكسر الهاء وفتحها، قال ابن قُرقُول: بفتح الهاء؛ أي: غفل، هذه لغة طيِّئ، وغيرهم يقولون: لهيَ، وهو أشهرُ.

قوله: (فَاحْتُمِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَاسْتَفَاقَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: الاستفاقة: (استفعال) من أفاق؛ إذا رجع إلى ما كان قد شُغِل عنه، وعاد إلى نفسه.

قوله: («مَا اسْمُهُ؟» قالَ: فُلَانٌ): لا أعلم ما كان سمَّاه.

قوله: (لَكِنْ أَسْمِهِ الْمُنْذِرَ): (أَسمِه)؛ بفتح الهمزة: فعل أمر، وإنَّما أَمَرَ بتسميتِه المنذر؛ لأنَّ ابنَ عمِّ أبيه المنذرَ بن عمرو كان قد استُشهِد ببئر معونة، وكان أميرَهم، فتفاءل النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بكونه خَلَفًا منه، والله أعلم.

ويصحُّ أن يقرأ: (اسمُه المنذرُ): (اسمُه): مبتدأ مَرْفُوعٌ، و (المنذرُ): خبره، ويدلُّ لهذا الضبطِ قولُ النَّوَويِّ في «شرح مسلم»: وسببُ تسمية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هذا المولودَ المنذر ... ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11135)

[حديث: أن زينب كان اسمها برة فقيل: تزكي نفسها]

6192# قوله: (عَنْ أَبِي رَافِعٍ): اسمه رُفَيع، أبو رافع الصائغ، و (زَيْنَب) هذه: بنت جحش، أمُّ المؤمنين، قال ابن شيخنا: زينب بنت جحش، ويصحُّ تفسيرها بزينب بنت أمِّ سَلَمة، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: هي بنت أمِّ سَلَمة، رواه ابن مردويه، وقيل: إنَّه وقع ذلك لزينب بنت جحش، ولميمونة بنت الحارث، ولجويرية بنت الحارث؛ أمَّهات المؤمنين.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11136)

[حديث: بل أنت سهل]

6193# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

(1/11137)

[باب من سمى بأسماء الأنبياء]

قوله: (بَابُ مَنْ تَسَمَّى [1] بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ): الأحاديث التي ذكرها البُخاريُّ دالَّةٌ لِما ترجم له، وقد قال ابن المُسَيّب: «أحبُّ الأسماء إلى الله أسماءُ الأنبياء»، وهذه الأحاديث تردُّ قولَ مَن كره التسمية بأسماء الأنبياء، وقد كتب عمر رضي الله عنه إلى الكوفة: (لا تسمُّوا أحدًا باسم نبيٍّ)، وقد ذكر عنه النَّوَويُّ في «شرح مسلم».

(1/11138)

[حديث: مات صغيرًا ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي ... ]

6194# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَيْر، و (مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن أبي أوفى علقمةَ بنِ الحارث) انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أبا أوفى) صَحَابيٌّ؛ كابنه عبد الله.

قوله: (رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟): (رأيتَ): بفتح تاء الخطاب، وهذا ظاهِرٌ؛ لأنَّ إسماعيلَ تابعيٌّ.

قوله: (قَالَ: مَاتَ صَغِيرًا): تَقَدَّمَ متى وُلِد، وكم عاش، ومتى تُوُفِّيَ، رضي الله عنه.

قوله: (وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ [1] نَبِيٌّ؛ عَاشَ ابْنُهُ ... ) إلى آخره: (قُضِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة إبراهيم بن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لمَّا ذكر هذا الحديث؛ قال: هذا لا أدري ما هو، وقد وَلَد نوحٌ مَن ليس بنبيٍّ، وكما يلد غيرُ النبيِّ نبيًّا؛ فكذلك يجوز أن يَلِدَ النبيُّ غير نبيٍّ، والله أعلم، ولو لم يَلِد النَّبيُّ إلَّا نبيًّا؛ لكان كلُّ أحدٍ نبيًّا؛ لأنَّه مِن وَلَدِ نوحٍ عليه السلام، وآدمُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نبيٌّ مكلَّم، وما أعلم في ولده لصلبه نبيًّا غير شيث) انتهى، وقال شيخنا في (الكسوف): ما يُروى عن بعض المتقدمين: (لو عاش إبراهيم؛ لكان نبيًّا) باطلٌ، انتهى.

(1/11139)

وكذا تَقَدَّمَ أيضًا عن أنس مثل كلام ابن أبي أوفى، وهو في «مسند أحمد»، وقد رأيت بخطِّ الحافظ أبي إسحاق بن الأمين ما لفظه: الدَّارَقُطْنيُّ: حدَّثنا إبراهيم بن حَمَّاد القاضي وأبو الحسن أحمد بن مُحَمَّد الكاتب قالا: حدَّثنا مُحَمَّد بن يحيى الحُنَينيُّ: حدَّثنا الحارث بن رجب الضَّبِّيُّ، عن أبي شيبة، عن الحكم، عن مِقْسَم، عن ابن عَبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لو عاش إبراهيم؛ لكان صِدِّيقًا نبيًّا، ولم أسترقَّ قبطيًّا»، انتهى، وهو في «ابن ماجه»، فيه أبو شيبة؛ وهو إبراهيم بن عثمان، أبو شيبة العبسيُّ الكوفيُّ، قاضي واسط، وجدُّ أبي بكر ابن أبي شيبة، يروي عن خاله الحكم بن عتيبة وغيرِه، كذَّبه شعبة؛ لكونه روى عن الحكم عن ابن أبي ليلى أنَّه قال: (شهد صِفِّينَ من أهل بدرٍ سبعون)، قال شعبة: (كذب والله، ذاكرتُ الحكم، فما وجدنا شهد صِفِّين أحدٌ من أهل بدرٍ غير خزيمة)، انتهى، وهذا الكلام متعقَّبٌ، فما شهدها عليٌّ وعمَّار؟! وقد روى عثمان الدارميُّ عن ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد ابن حنبل: ضعيف، وقال البُخاريُّ: سكتوا عنه، وقال النَّسائيُّ: متروك، تُوُفِّيَ بعد الستين ومئة، أخرج له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، والله أعلم.

(1/11140)

[حديث البراء: إن له مرضعًا في الجنة.]

6195# قوله: (لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ [1]؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ»): تَقَدَّمَ متى مات إبراهيم رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ ضبط (المرضع) بثلاثة ضبوطٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم»: «إنَّ له لظئرين يكملان رضاعه في الجنَّة».

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

[ج 2 ص 631]

(1/11141)

[حديث جابر: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فإنما ... ]

6196# قوله: (عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وقدَّمت أنَّ الأسماء كذلك، وأنَّ الكنى بفتح الحاء، وكسر الصاد.

(1/11142)

[حديث أبي هريرة: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ... ]

6197# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو حَصِينٍ): بفتح الحاء، وكسر الصاد؛ لأنَّه كنية، واسمه عثمان بن عاصم، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وذكرتُ فيه أربعة مذاهب.

قوله: (وَمَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ؛ فَقَدْ رَآنِي): يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في (التعبير).

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11143)

[حديث أبي موسى: ولد لي غلام فأتيت ... ]

6198# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، واسم (أَبِي بُرْدَةَ) ابن أبي موسى: الحارث، ويقال: مالك، القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ): في هذا الحديث أنَّه عليه السلام سمَّاه إبراهيم، وهو إبراهيم بن أبي موسى، روى عن أبيه والمغيرةِ بن شعبة، وعنه: الشَّعْبيُّ

[ج 2 ص 631]

وعمارة بن عمير، روى له مسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، تابعيٌّ له رؤيةٌ، وقد قَدَّمْتُ في شرط الصَّحَابيِّ أنَّه يشترط أن يرى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مميِّزًا، وقد حنَّكه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

(1/11144)

[حديث: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم]

6199# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (زَائِدَةُ): هو ابنُ قدامة، أبو الصَّلْت الثقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، و (زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ): بكسر العين وفتحها.

قوله: (انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ إبراهيم رضي الله عنه؛ فليُنظَر منه.

قوله: (رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث.

(1/11145)

[باب تسمية الوليد]

قوله: (بَابُ تَسْمِيَةِ الْوَلِيدِ): اعلم أنَّ البُخاريَّ إنَّما بوَّب بهذا الباب؛ ليَرُدَّ على الحديث الوارد في النهي عن ذلك، وقد رواه الإمام أحمدُ في «مسنده»، فقال: (حدَّثنا أبو المغيرة: حدَّثنا ابن عيَّاش: حدَّثني الأوزاعيُّ وغيره عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد بن المُسَيّب، عن عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه قال: وُلِد لأخي أمِّ سلمة زوجِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم غلامٌ، فسمَّوه الوليدَ، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «سمَّيتموه بأسماء فراعِنَتِكم، ليكوننَّ في هذه الأمَّة رجلٌ يقال له: الوليد، هو أشرُّ على هذه الأمَّة من فرعونَ لقومه»)، سعيد بن المُسَيّب اختُلِف في سماعه من عمر رضي الله عنه، والصحيح: أنَّه لم يسمع منه، وذهب أحمد إلى أنَّه سمع منه، وقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» من طريق أحمدَ هذا الحديثَ، ثُمَّ نقل عن ابن حِبَّانَ: أنَّه خبر باطلٌ، ما قاله رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولا رواه عمر، ولا حدَّث [1] به سعيدٌ ولا الزُّهْرِيُّ، ولا هو من حديث الأوزاعيِّ بهذا الإسناد ... إلى آخر كلامه، وقد اعترض بعض حُفَّاظ العَصْرِ هذا الكلامَ بكلامٍ فيه طولٌ، والله أعلم.

وقال شيخنا لمَّا ذكر الحديث في الباب ما لفظه: وهذا يردُّ ما رُويَ عن مَعْمَر عن الزُّهْرِيِّ قال: بلغني: أراد رجلٌ أن يسمِّيَ ابنًا له الوليدَ، فنهاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقال: «إنَّه سيكون رجلٌ يُقال له: الوليد، يعمل في أمَّتي كما عمل فرعونُ في قومه»، وهذا بلاغٌ، وحديث الباب هو الحُجَّة، واعترض ابن التين فقال: لا يظهر لي فيه ردٌّ؛ لأنَّ الوليد لم يسمِّه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وإنَّما ذلك اسمه، انتهى، وجوابُه: أنَّه أقرَّه، ففي إقراره دليلٌ على جوازه، والله أعلم، وشيخنا لم يَقِف على الحديث من عند أحمد، وقد ذكر هذا المتنَ الحاكمُ في «المستدرك» في (كتاب الفتن والملاحم)، فرواه من طريق نعيم بن حَمَّاد، عن الوليد، عن الأوزاعيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، عن ابن المُسَيّب، عن أبي هريرة ... ؛ فذكره، ولم يتعقَّبه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»؛ فاعلمه، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (حدثت)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 632]

(1/11146)

[حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد]

6200# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد): هو ابن المُسَيّب، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَنْجِ): (أَنجِ)؛ بفتح الهمزة: رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ): هذا هو أخو خالد بن الوليد بن المغيرة، أسره عبد الله بن جحش يوم بدر، فافتكُّوه، وذهبوا به إلى مكَّة، فأسلم، فحبسوه بمكَّة، وكان رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يدعو له في القنوت، ثُمَّ إنَّه نجا، وتوصَّل إلى المدينة، فمات بها في حياة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ): هو سَلَمة بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، أخو أبي جهلٍ، قديم الإسلام، وهو المسمَّى في القنوت، هاجر إلى الحبشة، ثُمَّ قدم مكَّة، فمنعوه من الهجرة وعذَّبوه، ثُمَّ هاجر بعدَ الخندق، وشهد مؤتة، واستُشهِد بمرج الصُّفر، وقيل: بأجنادين، رضي الله عنه.

قوله: (وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ): و (أبو ربيعة): عمرو بن المغيرة المخزوميُّ، أخو أبي جهل لأمِّه، قديم الإسلام، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَطْأَتَكَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الوطأة): العقاب، وتَقَدَّمَ أنَّ (كَسِنِي يُوسُفَ) بتخفيف الياء، وأنَّ معناه: قَحْطًا وجَدْبًا.

==========

[ج 2 ص 632]

(1/11147)

[باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا]

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسم (أبي حَازم) هذا: سلمانُ، وأنَّه بالحاء المُهْمَلَة.

قوله: (يَا أَبَا هِرٍ): هو بتخفيف الراء، كذا في أصلنا؛ لأنَّه مكتوبٌ على الراء (خف)، والذي ظهر لي أنَّه مشدَّد الراء دائمًا إلَّا في هذا المكان؛ وذلك لأنَّ البُخاريَّ بوَّب عليه: (باب من دعا صاحبه فنقص مِن اسمه حرفًا)؛ فهو هنا ينبغي أن يكون مخفَّفًا؛ لأنَّه إذا خفَّف الراء؛ فقد نقص منه حرفًا، وهو التشديد، ولم أرَ فيه كلامًا لأحد؛ فأنقُلَه، ثُمَّ إنِّي رأيت فيه ما ذكره شيخنا؛ قال شيخنا: أمَّا قوله: (يا أبا هِرٍ)؛ فليس من باب الترخيم، وإنَّما هو نقل اللفظ من التصغير والتأنيث إلى التكبير والتذكير؛ لأنَّه كنَّاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتصغير هرَّةٍ كانت له، فخاطبه باسمها مذكَّرًا مكبَّرًا، وإن كان نقصانًا من اللفظ؛ ففيه زيادةٌ في المعنى، انتهى، فهذا كالصريح في أنَّ الراء مُشَدَّدةٌ، والله أعلم، ثُمَّ رأيت بعضهم قال: بتشديد الراء، ومنهم من خفَّف وصحَّحه، انتهى لفظه.

(1/11148)

[حديث عائشة: يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام]

6201# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (يَا عَائِش): هذا يجوز فيه البناء على الضمِّ، ويجوز فيه الفتح، وكذا يجوز في كلِّ منادًى مرخَّمٍ بناؤه على الضمِّ، أو إبقاء حركة ما قبل الحرف المحذوف، فإن كان مضمومًا؛ فضمٌّ، وإن كان مفتوحًا؛ ففتحٌ، وإن كان مكسورًا؛ فكسرٌ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 632]

(1/11149)

[حديث: يا أنجش رويدك سوقك بالقوارير]

6202# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أُمُّ سُلَيْم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها، وهي أمُّ أنس بن مالك، وزوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ.

قوله: (فِي الثَّقَلِ): هو بفتح الثاء والقاف، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَأَنْجَشَةُ غُلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو عبدٌ أسودُ رضي الله عنه.

قوله: (يَا أَنْجَش): يجوز فيه بناؤه على الضمِّ، ويجوز فيه فتح الشين، كما تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ الكلام على (رُوَيْدَكَ)، وعلى نصب (سَوْقَكَ)، وعلى (القَوَارِيْر)، قريبًا.

==========

[ج 2 ص 632]

(1/11150)

[باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل]

[ج 2 ص 632]

قوله: (بَابُ الْكُنْيَةِ لِلصَّبِيِّ وَقَبْلَ [1] أَنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ): فائدةٌ: ذكر أبو العَبَّاس ابن القاصِّ من الشَّافِعيَّة أنَّ عمر بن الخَطَّاب كان يكره كنية مَن لم يولد له حتَّى خُبِّر به عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وما نقله ابن القاصِّ عن عمر هو في «ابن ماجه»، والله أعلم، فالظاهر أنَّ الإمام البُخاريَّ قصد به الردَّ على هذا المذهبِ، والله أعلم، وقد نقل شيخنا [2] أنَّه رُويَ عن عمر بن الخَطَّاب أنَّه قال: (عجِّلوا بكنى أولادِكم؛ لا تسرع إليهم الألقابُ السُّوء) انتهى، والجمع ممكنٌ، والله أعلم.

(1/11151)

[حديث أنس: يا أبا عمير ما فعل النغير؟]

6203# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد، أبو عُبيدة الحدَّاد، و (أَبُو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه يزيد بن حُمَيدٍ الضُّبَعِيُّ.

قوله: (أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا): قال القاضي عياض: وأمَّا حديث أنس _يعني: هذا_؛ فروايته بالضَّمِّ؛ لأنَّه أخبرَ عن حُسْنِ معاشرته، انتهى.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو ابن أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ من أمِّ سُلَيم، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه حفصٌ، وقد عزوت ذلك للمكان الذي هو فيه؛ فانظره.

قوله: (قَالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (فطيمًا)، أمَّا رواية النصب؛ فظاهرةٌ، وأمَّا الرفع؛ فالظاهر أنَّه على الحكاية، فأنسٌ قال: كان لي أخٌ يُقال له: أبو عُمير، فطيمٌ)، فـ (فطيم): صفة لـ (أخٌ)، و (أخٌ): مَرْفُوعٌ اسم (كان)، و (يقال له): محلُّه النصب؛ لأنَّه خبر (كان)، والله أعلم، وأدخل الراوي الحُسْبان بين (عُمير) و (فطيم)؛ بين الصفة والموصوف.

قوله: (مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟): تَقَدَّمَ ضبط (النُّغَير) وما هو في (كتاب العلم).

قوله: (فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ لَهُ [1]): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعلُهما، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11152)

[باب التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى]

قوله: (بَابُ التَّكَنِّي بِأَبِي تُرَابٍ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى): في هذا أنَّ (أبا تراب) كنية؛ لأنَّ (الكنية) عند النحاة: ما صُدِّر بأبٍ أو أمٍّ، وهذا مُصَدَّر بأبٍ، وقد قال أبو عمرو ابن الصلاح في «علومه» في (النوع الموفي خمسين) ما لفظه: (الضرب الثالث: الذين لُقِّبوا بالكنى؛ مثاله: عليُّ بن أبي طالب يُلَقَّب بأبي تراب، ويكنى أبا الحسن، وأبو الزِّنَاد، وأبو الرِّجَال لقبٌ لُقِّبَ به؛ لأنَّه كان له عشرة أولادٍ كلُّهم رِجَالٌ، وأبو تُمَيلة لقبٌ، وأبو الآذان لُقِّبَ به، وأبو الشيخ الأصبهانيُّ عبد الله بن مُحَمَّد الحافظ كنيته أبو مُحَمَّد، وأبو الشيخ لقبٌ، وأبو حَازم العبدريُّ، وأبو حازم لقبٌ) انتهى، وذكر لكلِّ مَن ذكرته كنيةً [1]، وقد ذكر المِزِّيُّ في «تهذيبه» مَن لقب بكنية، فذكر جماعةً.

==========

[1] زيد في (أ) مستدركًا: (انتهى)، ولعلَّه سبق قلمٍ.

[ج 2 ص 633]

(1/11153)

[حديث سهل: اجلس يا أبا تراب]

6204# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان الخاء من (مَخْلد)، وهذا ظاهِرٌ عند أهلِه، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (أبو حَازم)؛ بالحاء المُهْمَلَة: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (فَجَعَلَ [1] يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ وَيَقُولُ: «اجْلِسْ [2] أَبَا تُرَابٍ»): ذكر أبو الفتح ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته» في (ذي العشيرة) _وقد رأيته في «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق، ورأيته في «المستدرك»، ولم يتعقَّبه الذَّهَبيُّ_: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كنَّاه بذلك حين وجده نائمًا هو وعمَّار بن ياسر وقد عَلِقَ به ترابٌ، فأيقظه عليه السلام برِجْلِه، وقال له: «ما لك أبا تراب؟»؛ لِما يُرَى عليه من التراب، ثُمَّ قال: «ألا أحدِّثكما بأشقى الناس رجلين؟»، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «أُحَيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا عليُّ [على] هذه _ووضع يده على قرنه_ حتَّى يَبلَّ منها هذه»، وأخذ بلحيته، وحديث أشقى الرجلين هو في «النَّسائيِّ» من حديث عمَّار بن ياسر.

قال الحافظ الدِّمْيَاطيُّ في غير هذه الحواشي: وفي «الصحيح» أنَّه كنَّاه بذلك حين غاضب فاطمة، وكان نكاحه إيَّاها بعد بدر، وبدرٌ بعد هذه؛ لأنَّ العشيرة في أثناء جمادى الأولى من السنة الثانية، وقد تعقَّب الحافظُ ابنُ القَيِّمِ في «الهدي» في غزوة العشيرة الدِّمْيَاطيَّ في ذلك، وأنَّه ليس كذلك، وذكر قصَّة «الصحيح»، ثُمَّ قال: وهو أوَّل يوم كنَّى فيه رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أبا تراب، والله أعلم، انتهى، ولعلَّه عليه السلام كنَّاه بذلك في العشيرة، ثُمَّ خاطبه بها عندما غاضب فاطمة، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال ابن إسحاق _كما حكاه ابن هشام_ ما لفظه: (وقد حدَّثني بعض أهل العلم: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إنَّما سمَّى عليًّا أبا تراب؛ أنَّه كان إذا عتب على فاطمة في شيءٍ؛ لم يكلِّمها، ولم يقل لها شيئًا تكرهه، إلَّا أنَّه كان يأخذ ترابًا، فيضعُه على رأسه، قال: فكان رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا رأى عليه التراب؛ عرف أنَّه عاتب فاطمة، فيقول: «ما لك يا أبا تراب؟»، والله أعلم أيَّ ذلك كان) انتهى.

وفي «الصحيح» أنَّ العلَّة في تسمِّيه أبا تراب غيرُ ما ذكره ابن إسحاق، والله أعلم.

==========

(1/11154)

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَا).

[ج 2 ص 633]

(1/11155)

[باب أبغض الأسماء إلى الله]

(1/11156)

[حديث: أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله]

6205# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تقدَّموا مرارًا.

قوله: (أَخْنَى الأَسْمَاءِ [1] عِنْدَ اللهِ): (أخْنَى): بفتح الهمزة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ نون، مقصورٌ، قال في «المطالع»: أي: أفحش، والخنا: الفُحْشُ، وقد يكون بمعنى: الهلاك، يقال: أخنى عليه: أهلكه، ولابن الأثير مثلُه.

قوله: (رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ): قال ابن قُرقُول: (تسمَّى بمَلِك الأملاك)؛ أي: سمَّى نفسه؛ مثل قوله: (شاهٍ شاه)، كذا فسَّره ابن عُيَيْنَة، وقال غيره: هو أن يتسمَّى باسمٍ مِن أسماء الله تعالى عزَّ وجلَّ الذي هو مَلِك الأملاك؛ كالعزيز، والجبَّار، والرَّحْمَن، والقادر، والمقتدر، كما فعل مَن لا خلاق له) انتهى، وقوله: (شاهٍ شاه): قال القاضي عياض: وأمَّا قول سفيان: مثل: شاهان شاه؛ فكذا في جميع النسخ؛ يعني: نسخ

[ج 2 ص 633]

«مسلم»، قال القاضي: ووقع في رواية [2]: (شاهٍ شاه)، وزعم بعضُهم أنَّ الأصوب: شاهان شاه .. إلى آخر كلامه، وسيأتي قريبًا في هذا «الصحيح»: (قال سفيان: يقول غيره: شاهان شاه).

فائدةٌ: رأيتُ في «معجم الطَّبَرانيِّ الصغير» _وقد سمعتُ بعضَه بحلب_ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سمع رجلًا يقول للآخر: يا شاهان شاه، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اللهُ مَلِك الملوك»، وسنده ضعيفٌ، فيه من تُكُلِّم فيه.

(1/11157)

[حديث: أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك]

6206# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المَدينيِّ_: هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ) و (الأَعْرَج) و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا.

قوله: (رِوَايَةً): تَقَدَّمَ أنَّ قولَهم عن الصَّحَابيِّ: (يرفع الحديث)، أو (يبلغ به)، أو (رواية)، أو (ينميه): مَرْفُوعٌ، قال ابن الصلاح: وحكم ذلك عند أهل العلم حكمُ المرفوع صريحًا، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا، والله أعلم.

قوله: (أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ): (أَخْنَع): بفتح الهمزة، وإسكان الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ عين مهملة، قال في «المطالع»: (فسَّره في «مسلم» أبو عمرٍو الشيبانيُّ: «أخنع» بـ «أوضع»، وقال أبو عبيد: «أخنع»: أذلُّ، والخانع: الذليل الخاضع، وقد يكون «أخنع»: أقبح، ويكون: أفجر، قال الخليل: الخنع: الفجور، وقال أبو عبيد: إنَّه رُويَ: «أبخع»؛ أي: أقتل وأهلك، والبخع: القتل الشديد، ورُويَ: «أخبث»)، انتهى، قال في «مسلم»: قال أحمد ابن حنبل: سألت أبا عمرو عن «أخنع»، فقال: أوضع.

وأبو عمرٍو الشيبانيُّ _بالشين المُعْجَمَة_: اسمه إسحاق بن مِرَار؛ بكسر الميم، وتخفيف الراء، وزان (قِتَال)، وقيل: مَرَّار؛ بفتح الميم، وتشديد الراء؛ كـ (عَمَّار)، ويُقال: بفتح الميم، وتخفيف الراء؛ كـ (غَزَال)، وهو أبو عمرو الشيبانيُّ النَّحْويُّ المشهور، وليس بأبي عمرو الشيبانيِّ سعدِ بن إياس، ذلك تابعيٌّ، تُوُفِّيَ قبل ولادة أحمد ابن حنبل، مشهور ذلك عنه وعن غيره، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ: غَيْرَ مَرَّةٍ: أَخْنَى [1]): أمَّا (سفيان)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة.

(1/11158)

[باب كنية المشرك]

قوله: (بَابُ كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ): اعلم أنَّ الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ حكى خلافًا للعلماء، ولفظه: قال القاضي عياض: وقد استُدِلَّ بهذه السورة _يعني: بسورة {تبَّت} _ على جواز تكنية الكافر، وقد اختلف العلماء في ذلك، واختلفت الراوية عن مالك في تكنية الكافر بالجواز والكراهة، وقال بعضُهم: إنَّما يجوز من ذلك ما كان على جهة التأليف، وإلَّا؛ فلا، إذ في التكنية تعظيمٌ وتكبيرٌ، انتهى، والظاهر أنَّ مجموع هذا الكلام للقاضي، ولكن أقرَّه عليه، وبعضُهم قال: إنَّما يجوز من ذلك ما كان على جهة التأليف، وإلَّا؛ فلا، إذ في التكنية نوعُ تعظيمٍ، انتهى ما قاله شيخنا.

ونحوُ هذه العبارة في «شرح مسلم» للنوويِّ، والذي في «الأذكار» للنوويِّ: (باب جواز تكنية الكافر والمبتدع والفاسق إذا كان لا يُعرَف إلَّا بها، أو خِيف من ذكره باسمه فتنةٌ ... ) إلى أن قال: (ونظائر هذا كثيرةٌ، هذا كلُّه إذا وُجِد الشرط الذي ذكرناه، فإن لم يوجد؛ لم يزد على الأسماء) انتهى، وفي «الروضة» قال: ولا بأس بمخاطبة الكافر والمبتدع والفاسق بكنيته إذا لم يُعرَف بغيرها، أو خيف من ذكره باسمه فتنةٌ، وإلَّا؛ فينبغي ألَّا يزيد على الاسم) انتهى.

قوله: (وَقَالَ المِسْوَرُ [1]): هو بكسر الميم، وإسكان السين، وفتح الواو، وهو ابن مَخْرَمة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ والده مَخْرَمةَ من مسلمة الفتح.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (مِسْوَرٌ).

[ج 2 ص 634]

(1/11159)

[حديث: أن رسول الله ركب على حمار عليه قطيفة]

6207# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق؛ فانظره إن أردته، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنَا [2] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَخَاهُ): اسمه عبد الحميد بن أبي أويسٍ [3] عبدِ الله، وتَقَدَّمَ أنَّه لا عبرة بما قاله الأزديُّ فيه، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (سُلَيْمَان): تَقَدَّمَ أنَّه ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ التيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافعٍ، والزُّهْرِيِّ، وعنه: عبد العزيز الماجِشُونُ، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، وجماعةٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، روى له البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وهو هنا مقرونٌ بشعيب، وهذا نوعٌ من القرن، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ.

قوله: (عَلَى قَطِيفَةٍ [4]): تَقَدَّمَ (القطيفة)، وكذا (الفَدَكِيَّة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ) ترجمةً وكتابةً وتلفُّظًا، وأنَّ (سلول) لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وعلى قوله: (قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ)؛ أي: في الظاهر، وعلى (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ)، وعلى (خَمَّرَ)؛ أي: غطَّى، وعلى (لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ)، وعلى قوله: (مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ)، وأنَّه بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف المُوَحَّدة، وهي كنية عبد الله بن أُبَيٍّ ابن سلول، وعلى (الْبَحْرَةِ)، وفي رواية: (البحيرة)؛ أي: البلدة أو البُليدة، وعلى (العِصَابَة)، وعلى قوله: (شَرِقَ بِذَلِكَ) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ): (أَذن)؛ بفتح الهمزة: مَبْنيٌّ للفاعل، وعلى (فَقَتَلَ اللهُ [5] مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ): تَقَدَّمَ أسماء المشاهر من القتلى، وجملةُ القتلى سبعون، وكذا الأسرى سبعون، وتَقَدَّمَ المشاهير من الأسرى.

(1/11160)

قوله: (قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله، وتَقَدَّمَ كيف يُقرَأ ويُكتَب، وأنَّ (سلول) لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث.

قوله: (فَبَايَعُوا [6] رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت قبل العين، فعل ماضٍ، وهو خبرٌ، لا أمرٌ، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، وكذا (فَأَسْلَمُوا): فعلٌ ماضٍ.

(1/11161)

[حديث: نعم هو في ضحضاح من نار]

6208# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عُمير، و (عَبْد اللهِ بْن الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ): هو ابن الحارث بن عبد المُطَّلِب، و (العَبَّاس): يكون عمَّ جدِّه، وهذا مشهورٌ معروفٌ.

قوله: (هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ؟): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي طالب): عبد مَناف، وقيل: اسمه كنيته، وقيل غيرُ ذلك، وقد تَقَدَّمَ في (الجنائز) وغيرِها.

قوله: (يَحُوطُكَ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الحاء، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ طاء، مهملتين، والكاف للخطاب، يُقال: حاطه يحوطه حياطةً وحَوْطًا؛ إذا حفظه، وصانه، وذبَّ عنه، وتوفَّر على مصالحه.

قوله: (هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ): (الضَّحْضاح): بضادَين معجمتَين؛ الأولى مفتوحة، وحاءين مهملتين؛ الأولى ساكنة؛ أي: في شيء قليل، و (الضَّحْضَاح): الماء، وهو ماءٌ لا يكادُ يستر القدم.

تنبيهٌ:

[ج 2 ص 634]

الحكمة في كون العذاب على رجليه فقط؛ لأنَّه كان مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بجملته متحزِّمًا له، إلَّا أنَّه كان مثبِّتًا لقدميه على ملَّة عبد المُطَّلِب، حتَّى قال عند الموت: أنا على ملَّة عبد المُطَّلِب، فسُلِّط العذاب على قدميه خاصَّةً؛ لتثبيته إيَّاهما على ملَّة آبائه، ثبَّتنا الله على الصراط المستقيم، قاله الإمام السُّهَيليُّ في «روضه».

(1/11162)

[باب: المعاريض مندوحة عن الكذب]

قوله: (بَابٌ: الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ذكر الطَّبَريُّ بإسناده عن عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه قال: إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب، وعن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما قال: ما أحبُّ أنَّ لي بمعاريض الكلام كذا وكذا، وهي مندوحةٌ؛ أي: متَّسع، يُقال منه: انتدح فلان بكذا ينتدح انتداحًا؛ أي: اتَّسع، وقال ابن الأنباريِّ: يُقال: ندحتُ الشيء؛ إذا وسَّعتَه، قال الطَّبَريُّ: انتدحَتِ الغنمُ في مرابضها؛ إذا تبدَّدت واتَّسعت من البِطنة، وانتدح بطنُ فلان وأندح؛ بمعنى: استرخى واتَّسع، مطابقة الحديث الأوَّل _يعني: حديث أنس رضي الله عنه: مات ابنٌ لأبي طلحة، فقال: كيف الغلام؟ قالت: هَدأ نَفَسُه، وأرجو أن يكون قد استراح، قال ابن المُنَيِّر_: للترجمة بيِّنةٌ، وأمَّا ما بعده _يعني: من الأحاديث التي أخرجها؛ يعني: حديث أنس بطرقه: «يا أنجشة؛ ويحك بالقوارير»، وحديثٌ أيضًا: «وإن وجدناه لبحرًا»، قال ابن المُنَيِّر_: فليس من المعاريض التي يُفزَع إليها عن الكذب، وإنَّما هو تشبيهٌ ومبالغةٌ، ولكنَّ وجهَ دخوله أنَّ التشبيه إذا كان ذكرُه بصيغة الإخبار بلا آلة تشبيه، ولم يعدَّ خلفًا، ولا دعت إليه حاجةٌ؛ فالمعاريض أولى) انتهى.

قوله: (بَابٌ: الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ): (المعاريض): جمع (مِعْراض)؛ من التعريض؛ وهو خلاف التصريح من القول، يُقال: عرفت ذلك في مِعراض كلامه، ومَعْرِض كلامه، قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: قال الحربيُّ: هو الكلام يشبه بعضُه بعضًا، يوُري بعضُه عن بعضٍ إذا لم يُدخَل به على أحد مكروهٌ؛ كاللفظ المشترك والمحتمِل المعنيين فصاعدًا، أو الذي فيه تجوُّزٌ يوري به عن التصريح والبيان عندما يضطرُّ إليه لدفع مكروهٍ عنه، أو حِنْثٍ يلزمه، أو لائمةٍ تتوجَّه إليه، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (مندوحة) ما معناها في كلام ابن المُنَيِّر أعلاه، وهذا التبويب نفسُه هو حديثٌ في «صحيح مسلم»، ولفظه: (إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب).

تنبيهٌ: وقع في «صحاح الجوهريِّ» ما لفظُه: (وفي المثل: «إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب»)، وقد علمتَ أنَّه حديث في «صحيح مسلم».

فائدةٌ: رأيتُ بدمشق مؤلَّفًا في المعاريض لابن دريد اسمه: «الملاحن»، وقد نظرت في أوائله.

(1/11163)

قوله: (وَقَالَ إِسْحَاقُ: سَمِعْتُ أَنَسًا: مَاتَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ): أمَّا (إسحاق)؛ فهو ابن عبد الله بن أبي طلحة، وهو ابن أخي أنس بن مالك لأمِّه أمِّ سُلَيم، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الجنائز) عن بِشْر بن الحكم، عن ابن عُيَيْنَة، عن إسحاق به.

قوله: (هَدَأَ نَفَسُهُ): (هدأَ): بهمزة مفتوحة في آخره، و (نَفَسُه): بفتح الفاء.

قوله: (وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ): أي: في الظاهر، وإلَّا؛ فهي صادقةٌ في نفس الأمر، والله أعلم.

(1/11164)

[حديث: ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير]

6209# قوله: (فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَحَدَا الْحَادِي): سيأتي في نفس هذا الحديث أنَّه أنجشة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (المسير): هي غزوة خيبر، كما في بعض طرقه.

قوله: (وَيْحَكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح)، وكذا على (القَوَارِيْر).

==========

[ج 2 ص 635]

(1/11165)

[حديث: رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير]

6210# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (حَمَّادًا) إذا لم يُنسَب؛ فإن كان الذي أطلقه سليمان بن حرب أو عَارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّ حَمَّادًا يكونُ ابنَ زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانَ أو الحَجَّاج بن منهال؛ فإنَّه يكون ابنَ سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب، وحَمَّاد بن سلمة قد عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ): (أيُّوبَ): مجرورٌ، علامة الجرِّ فيه الفتحةُ؛ لأنَّه لا ينصرف، وقائل ذلك هو حَمَّاد بن زيد، روى الأوَّل عن ثابت عن أنس، والثاني عن أيُّوب عن أبي قِلَابَة عن أنس، والأوَّل أعلى برَجُلٍ، وهذا ظاهِرٌ عند أهل الفنِّ، والله أعلم.

قوله: (كَانَ فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ هذا (السَّفَر) كان غزوة خيبر، وتَقَدَّمَ أنَّ (الغُلَام): هو أنجشة، وقد صُرِّحَ به في نفس الحديث، وتَقَدَّمَ الكلام على (رُوَيْدَكَ)، وعلى نصب (سَوْقَكَ)، وعلى (القَوَارِيْر)؛ كلُّ ذلك قريبًا، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

==========

[ج 2 ص 635]

(1/11166)

[حديث: رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير]

6211# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: لعلَّه إسحاق بن منصور، فقد روى مسلمٌ عن إسحاقَ بن منصور، عن حَبَّان بن هلال، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا، والله أعلم، و (حَبَّان بن هلال): بفتح الحاء، وهذا ظاهِرٌ، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/11167)

[حديث أنس: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرًا]

6212# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ.

قوله: (فَرَسًا لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الفرس) يقال له: مندوب، كما في بعض طرقه في «الصحيح».

قوله: (وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا): تَقَدَّمَ الكلام على (إنْ)، وعلى (بَحْرًا)، غَيْرَ مَرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 635]

(1/11168)

[باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق]

(1/11169)

[حديث: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني]

6213# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الصحيحُ في لامه التخفيفُ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكُهَّانِ): هؤلاء الأناس يأتي الكلام عليهم آخرَ «الصحيح»، و (الكهَّان): تَقَدَّمَ الكلام على (الكاهن) ما صفته.

قوله: (أَحْيَانًا): أي: أوقاتًا، [تقدَّم الكلام عليه]، وعلى (يَخْطَفُهَا)، وأنَّ الأفصح فتحُ الطاء، وهي لغة القرآن، ويجوز كسرها، وقوله: (يحفظها [2]): اعلم أنَّ ابن قُرقُول قال في «مطالعه» ما لفظه: (وفي «كتاب الأدب»: «تلك الكلمة يحفظها الجنيُّ» كذا لهم، من الحفظ، وللقابسيِّ: (يخطفها [3])، وفي «كتاب التوحيد»: (يخطفها) لكافَّتهم، وعند القابسيِّ وعُبدوس: (يحفظها)، وصوابه في الموضعَين: (يخطفها)، وهو المذكور في غير هذا الموضع، ومنه: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ} [الصافات: 10]) انتهى.

وعلى (فَيَقُرُّهَا)، وعلى (قَرَّ الدَّجَاجَةِ):

[ج 2 ص 635]

قال ابن قُرقُول: لم يختلف الرواة في كتاب «مسلم» فيه، واختلف رواةُ «البُخاريِّ» فيه، فرواه بعضهم: (الزجاجة)؛ بالزاي، قال الدَّارَقُطْنيُّ: وهو تصحيفٌ، وكذا للمستملي وابن السكن وعُبدوس والقابسيِّ في (كتاب التوحيد)، وللأصيليِّ هناك: (الدجاجة)، وقد ذكر في بعض رواياته: «في القارورة»، فمَن رواه (الدجاجة)؛ شبَّه إلقاءَ الشيطان ما يَسْتَرِقُه مِن السَّمْع في أُذُن وليِّه بقرِّ الدجاجة؛ وهو صوتُها لصواحباتها، وقيل: «يَقُرُّها»: يُسارُّه بها، ومَن قال: (الزجاجة) _ بالزاي_؛ فمعناه: يلقيها ويُودِعُها في أذن وليِّه كما يُقَرُّ الشيء في القارورة، وقيل: يقُرُّها بصوت وحسٍّ كحسِّ الزجاجة إذا حرَّكتها على الصفا أو غيره، وقيل: معناه: يردِّدها في أذن وليِّه كما يتردَّد ما يُصَبُّ في الزجاجة وفي جوانبها، لا سيَّما على رواية مَن رواه: (فيُقِرُّها)، وسيأتي في (القاف) إن شاء الله تعالى، و (الدَّجاجة): بالفتح أفصح، والكسر لغة، انتهى، و (الدجاجة): مُثَلَّثَة الدال، وكذا الجمع، وقد تَقَدَّمَ.

==========

(1/11170)

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنَا).

[2] الكلمة محرَّفة في (أ): (يحفظفها)، ولعلَّ المراد رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ ورواية أبي الوقت في الحديث (7561).

[3] في (أ): (يحفظها)، وفوقها: (لعلَّه: يخطفها).

(1/11171)

[باب رفع البصر إلى السماء ... ]

قوله: (بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ): فيما ذكره الإمام البُخاريُّ رحمه الله تعالى ردٌّ لقول مَن قال: لا ينبغي النظر إلى السماء تخشُّعًا وتذلُّلًا، وهو بعضُ الزُّهَّاد، وذكر الطَّبَريُّ عن إبراهيم التيميِّ: أنَّه كره أن يُرفَع البصرُ إلى السماء في الدعاء، انتهى، ورُويَ عن عطاء السُّلَميِّ أنَّه مكث أربعين سنةً لا ينظر إلى السماء، فحانت منه نظرةٌ، فخرَّ مغشيًّا عليه، فأصابه فتقٌ في بطنه، وسيأتي في (الدعاء): أنَّ شريحًا وآخرين كرهوا رفع البصر إلى السماء في الدعاء، وجوَّزه الأكثرون، قالوا: لأنَّ السماءَ قِبلةُ الدُّعاء؛ كما أنَّ الكعبةَ قِبلةُ الصلاة، فلا يُكرَه رفعُ الأبصار إليها، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ): أمَّا (أيُّوب)؛ فهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، وأمَّا (ابن أبي مُلَيْكَة)؛ فهو عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 636]

(1/11172)

[حديث: ثم فتر عني الوحي فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء]

6214# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1] ابْنُ بُكَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، وتَقَدَّمَ (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الْوَحْيُ): تَقَدَّمَ كم كانت مدَّة فترة الوحي في أوَّل هذا التعليق من عند السُّهَيليِّ، وما الحكمة في فتوره، وتَقَدَّمَ الكلام على (المَلَك) الذي جاءه بِحِرَاء، وأنَّه جبريل، وتَقَدَّمَ الكلام [على] (حِرَاء) بلُغَاتِه.

==========

[1] (يحيى): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 636]

(1/11173)

[حديث: بت في بيت ميمونة والنبي عندها]

6215# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (شَرِيكٌ): هو شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر.

قوله: (فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها خالته، وأنَّها أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، وتَقَدَّمَ متى عقد عليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ومتى تُوُفِّيَت، رضي الله عنها.

(1/11174)

[باب نكت العود في الماء والطين]

قوله: (منْ نَكَتَ العُودَ فِي الْمَاءِ): (نكت): هو بالتاء المُثَنَّاة من فوق، و (النكت): أن ينكت في الأرض بقضيب؛ أي: يضرب فيؤثِّر فيها، وفائدة هذا التبويب: أنَّ مثل هذا جائزٌ، وأنَّه ليس من باب العبث.

==========

[ج 2 ص 636]

(1/11175)

[حديث: افتح له وبشره بالجنة]

6216# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُثْمَان بْن غِيَاثٍ): بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وهذا ظاهِرٌ مشهورٌ عند أهله، و (أَبُو عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمَتِ اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحائط): البستان، وهذا الحائط بقُباء، وهو الذي فيه بئر أريس.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ): الرجل الأوَّل الذي لم يُسَمَّ في هذه الرواية هو أبو بكرٍ عبدُ الله بن عثمان الصِّدِّيقُ، والرجل الثالث المبشَّر بالجنَّة على بلوى تصيبه هو عثمان بن عَفَّانَ رضي الله عنه.

(1/11176)

[باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض]

قوله: (بَابُ الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ فِي الأَرْضِ): (ينكت): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بالتاء المُثَنَّاة فوق، وتَقَدَّمَ أعلاه ما (النَّكْتُ).

(1/11177)

[حديث: ليس منكم من أحد إلا وقد فرغ من مقعده من الجنة والنار]

6217# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، (وَمَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، وهذا مَعْرُوفٌ، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ اسمه عبد الله بن حَبِيب.

قوله: (كُنَّا [1] فِي جَنَازَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ صاحب الجنازة لا أعرفه، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (يَنْكُتُ) بالمُثَنَّاة فوق.

قوله: (فُرِغَ): هو بضَمِّ الفاء، وكسر الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11178)

[باب التكبير والتسبيح عند التعجب]

(1/11179)

[حديث: سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن]

6218# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، و (صَوَاحِبَ الْحُجَرِ): بضَمِّ الحاء، وفتح الجيم، جمع (حُجْرة).

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (ابن أبي ثور): عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور المدنيُّ، مولى ابن نوفل، عن ابن عَبَّاس وصفيَّة بنت شيبة، وعنه: الزُّهْرِيُّ وغيره، وَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في أماكنَ من «صحيحه» مسندًا، فأخرجه في (العلم) عن أبي اليمان الحكمِ بن نافع، عن شعيب، قال: وقال ابن وهب: أخبرنا يونس؛ كلاهما عن الزُّهْرِيِّ عن ابن أبي ثور به، وأعاده في (النكاح) عن أبي اليمان به، وأخرجه في (المظالم)، وأخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

(1/11180)

[حديث: على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي.]

6219# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَخَاه): عبدُ الحميد بن أبي أويسٍ، وأنَّ ما قاله عنه الأزديُّ ليس بصحيح، و (سُلَيْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّ البُخاريَّ قرنه، وهو هنا مقرونٌ بشعيب، وهذا نوعٌ من القَرْن، و (عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ): هو زين العابدين، و (صَفِيَّة بِنْت حُيَيٍّ): هي أمُّ المؤمنين، و (حيَيٌّ): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة وكسرها، تَقَدَّمَت.

قوله: (فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ): أي: البواقي، و (غبر): يستعمل فيما بقي، وفيما مضى، وهنا معناه: البواقي؛ بدليل الرواية الأخرى: (في العشر الأواخِرِ).

[ج 2 ص 636]

قوله: (ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ): أي: تنصرف، و (يَقلبها): يَصرفُها.

قوله: (مَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذين الرَّجُلَين في (الاعتكاف)، قال شيخنا نقلًا عن بعض شُرَّاح «العمدة»: (إنَّهما عبَّاد بن بِشْر وأُسَيد بن الحُضَير)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ فيه نظرًا، وقدَّمْتُ أنِّي سألتُ [2] شيخَنا عن قائل ذلك، فقال لي: إنَّه ابن العطَّار، انتهى، والظاهر أنَّه انتقالُ حفظٍ من قضيَّةٍ إلى قضيَّة، والله أعلم.

قوله: (عَلَى رِسْلِكُمَا): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء وفتحها، باختلاف المعنى.

قوله: (وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا): (كبُر): بضَمِّ المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11181)

[باب النهي عن الخذف]

قوله: (بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ): (الخَذْف)؛ بفتح الخاء وإسكان الذال المعجمتين، وبالفاء: هو الرَّميُ بحصًى أو نوًى بين السبَّابتين وبين الإبهام والسبَّابة، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11182)

[حديث: إنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو وإنه يفقأ العين]

6220# قوله: (سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ): هو بضَمِّ الصاد المُهْمَلَة، وإسكان الهاء، والباقي معروفٌ مشهورٌ، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ فاء مُشَدَّدة مفتوحة، وأنَّه فردٌ، وأنَّه صَحَابيٌّ، رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله.

قوله: (وَلَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (كتاب الذبائح)، وأنَّ الأشهر أنَّه معتلٌّ، لا مهموزٌ.

قوله: (يَفْقَأُ الْعَيْنَ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة في آخره.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11183)

[باب الحمد للعاطس]

قوله: (بَابُ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ): اعلم أنَّ العاطس يُستَحَبُّ له الحمدُ، فإن كان في خلوة؛ فإنَّه يحمد، فإن لم يكن هناك أحدٌ؛ فقد ذكر العبَّاديُّ في «طبقاته» في ترجمة يحيى بن سعيد القَطَّان: أنَّ السُّنَّةَ أن يقولَ العاطسُ: الحمدُ لله، بحيث يسمع الحاضرُ، فإن لم يسمع منه؛ قال: يرحمك اللهُ إن حمدتَ اللهَ، وإذا لم يكن هناك أحدٌ؛ قال العاطسُ: الحمد لله، يرحمني الله، انتهى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11184)

[حديث: هذا حمد الله وهذا لم يحمد الله]

6221# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن طرخان التيميُّ، أبو المعتمر البصريُّ.

قوله: (عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الذي لم يشمِّتْه هو عامر بن الطفيل، والذي شمَّته هو ابن أخي عامر بن الطفيل، كما رواه الطَّبَرانيُّ في «معجمه الكبير» من حديث سهل بن سعد، قاله ابن بشكوال، وعامر بن الطفيل رماه الله بالطاعون، فهلك على كفره، وأخطأ مَن عدَّه صحابيًّا، وابن أخيه لا أعرف له ترجمةً.

قوله: (فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا، وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ): تَقَدَّمَ أنَّ (التشميت) بالسين والشين غَيْرَ مَرَّةٍ، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (التشميت؛ بالسين والشين: الدعاء، وكلُّ داعٍ لأحدٍ بخيرٍ؛ فهو مُشَمِّتٌ ومُسَمِّتٌ) انتهى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11185)

[باب تشميت العاطس إذا حمد الله]

قوله: (بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللهَ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (الترجمة مقيَّدةٌ بالحمد، والحديث مطلَقٌ، فنبَّه البُخاريُّ على أنَّ الحديث ليس على إطلاقه، بل مقيَّد [1] بالأحاديث التي أوردها قبل هذه الترجمة، وقد تضمَّنَتِ اشتراطَ الحمد)، انتهى.

(1/11186)

[حديث: أمرنا النبي بسبع ونهانا عن سبع أمرنا]

6222# قوله: (عَن أَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الأشعث) بالثاء المُثَلَّثَة، وأنَّ أشعب الطامع _ بالمُوَحَّدة_ فردٌ، و (سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ أنَّ (مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ) بضَمِّ الميم، وتشديد الراء مكسورة، و (البَراء): هو ابن عَازب، وعَازبٌ صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بالفتح والكسر، وقيل بالفرق في أوَّل (الجنائز)، و (التَّشْمِيت): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه وقبله، وتَقَدَّمَ الكلام على (الحَلْقَة)، وأنَّها بإسكان اللام، ويجوز فتحها، وكذا تَقَدَّمَ (الدِّيبَاجِ)، وكذا (السُّنْدُسِ)، وكذا (الْمَيَاثِرِ) ضبطًا ومعنًى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11187)

[باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب]

قوله: (مِنَ التَّثَاؤُبِ): قال الجوهريُّ: الثُّؤَبَاء: ممدودٌ، وفي المثَل: (أعدى من الثُّؤَباء)، تقول منه: تثاءبت؛ على (تفاعلت)، ولا تقل: تثاوبت، انتهى، وفي «القاموس»: (ثُئِبَ؛ كـ «عُنِيَ» ثَأَبًا، فهو مَثْؤُوب، وتثاءب وتثأَّب: أصابه كسل وفترة كفترة النعاس؛ وهي الثُّؤَبَاء، والثَّأَبُ؛ محرَّكة) انتهى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11188)

[حديث: إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب]

6223# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، ووالد سعيد اسمه كيسان، وكنيته أبو سعيد، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (فَلْيَرُدّهُ مَا اسْتَطَاعَ): هو بضَمِّ الدال المُشَدَّدة في (يردُّه)، ويجوز فتحها، تَقَدَّمَ له نُظَرَاءُ.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11189)

[باب: إذا عطس كيف يشمت؟]

قوله: (كَيْفَ يُشَمَّتُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ أنَّه يجوز فيه الإعجام والإهمال.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11190)

[حديث: إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله]

6224# قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان.

(1/11191)

[باب: لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله]

قوله: (بَاب لَا يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ إِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللهَ): (يُشمَّت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العاطسُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11192)

[حديث: إن هذا حمد الله ولم تحمد الله]

6225# قوله: (عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أعلاه الرجلان مَن هما، والذي شمَّته، والذي لم يشمِّتْه.

(1/11193)

[باب إذا تثاوب فليضع يده على فيه]

قوله: (بَاب إِذَا تَثَاءَبَ): تَقَدَّمَ الكلام على (تثاءب) قريبًا، ووضع اليد على الفم: إن شاء؛ وضع باطنها، وإن شاء؛ ظاهرها، والباطن أمكن، وقد سألني شخصٌ في قطنا عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان إذا تثائب؛ يضع يده على فِيه بباطنها أو بظاهرها؟ فأجبته: بأنَّه عليه السلام

[ج 2 ص 637]

كان لا يتثاءب؛ لأنَّه التثاؤُبُ من الشيطان.

قال شيخنا الشارح في كتاب «الخصائص» فيما قرأته عليه قال: (ومن الفوائد الجليلة: أنَّه عليه السلام كان لا يتثاءب)، أخرجه البُخاريُّ في «تاريخه الكبير» مرسلًا، وأخرجه في كتاب «الأدب» تعليقًا، وقال سلمة بن عبد الملك: (ما تثاءب نبيٌّ قطُّ)، وإنَّها من علامة النبوَّة، انتهى، ونحوُه في شرح هذا الكتاب، وفي الحديث ما يشير إلى ذلك، وذلك أنَّه عليه السلام قال: «وأمَّا التثاؤب؛ فإنَّما هو من الشيطان».

فائدةٌ ثانيةٌ: قال شيخنا في «الخصائص»: (وقيل: كان لا يتمطَّى أيضًا؛ لأنَّه من عمل الشيطان)، ذكره ابن سبع في «الشفا»، انتهى، والمراد بـ (كتاب الأدب): «الأدب المفرد»، والله أعلم.

(1/11194)

[حديث: إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب .. ]

6226# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، وأنَّ اسم والد سعيد كيسان، وأنَّ كنيته أبو سعيد.

قوله: (فَإِذَا عَطَسَ): هو بفتح الطاء في الماضي، وكسرها وضمِّها في المضارع.

==========

[ج 2 ص 638]

(1/11195)

((79)) (كِتَابُ الاِسْتِئْذَان) ... إلى (كِتَاب الدَّعَوَات)

فائدةٌ: قال شيخنا شيخ الإسلام البُلْقينيُّ: لمَّا كان الاستئذان يتقدَّمه السلام؛ بدأ البُخاريُّ بترجمة (بدء السلام)، ثُمَّ ترجم بما يقتضي الاستئذان بقوله: (باب قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27] ... ) إلى آخر كلامه.

(1/11196)

[باب بدء السلام]

قوله: (بَابُ بَدْءِ السَّلَامِ): هو بفتح المُوَحَّدة، وسكون الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ همزة، من الابتداء، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (بَدْوِ)؛ على أنَّه من المعتلِّ، بمعنى الظُّهور، ولا أعرف مصدر (بدا)؛ بمعنى: ظهر، إلَّا (بُدُوًّا)؛ كقعدَ قُعودًا، والله أعلم، ففي النسخة نظرٌ.

(1/11197)

[حديث: خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعًا]

6227# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن همَّام الصنعانيُّ، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه الأبناويُّ الصنعانيُّ.

قوله: (خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في حديث: «فإنَّ الله خلق آدم على صورته»، قال: إنَّه من أحاديث الصفات، وقد سبق في (كتاب الإيمان) بيانُ حكمها واضحًا مبسوطًا، وأنَّ مِن العلماء مَن يُمسِك عن تأويلها، ويقول: نؤمن بأنَّها حقٌّ، وظاهرها غيرُ مرادٍ، ولها معنًى يليق بها، وهذا مذهب جمهور السلف، وهو أحوطُ وأسلمُ، والثاني: أنَّه يُتأوَّل على حسب ما يليق بتنزيه الله عزَّ وجلَّ، وأنَّه ليس كمثله شيءٌ، قال المازريُّ: هذا الحديث بهذا اللفظ ثابتٌ، ورواه بعضُهم: (إنَّ الله خلق آدم على صورة الرَّحْمَن)، وهذا ليس بثابتٍ عند أهل الحديث، وكأنَّ مَن نقله رواه بالمعنى، ووقع له غلطٌ في ذلك، انتهى.

واعلم أنَّ الذَّهَبيَّ ذكر في «ميزانه» _في ترجمة أبي الزِّناد عبدِ الله بن ذكوان_ كلامَ مالكٍ في حديث: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، وتعقَّبه، ثُمَّ قال: قال حرب: سمعت إسحاق ابن راهويه يقول: صحَّ عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ الله خلق آدم على صورة الرَّحْمَن»، قال: وقال الكوسج: سمعت أحمد يقول: صحيحٌ ... إلى آخر كلامه، انتهى.

(1/11198)

قال المازريُّ: وقد غلط ابن قُتَيْبَة في هذا الحديث _يعني: الحديث الذي في الأصل، الذي فيه: «على صورته» _، قال: فأجراه على ظاهره، وقال: (الله تعالى [له] صورة لا كالصور)، وهذا الذي قاله ظاهرُ الفساد؛ لأنَّ الصورة تفيد التركيب، وكلُّ مركَّبٍ مُحْدَثٌ، والله تعالى ليس بمُحْدَثٍ، وليس هو مُرَكَّبًا، فليس مُصَوَّرًا، وهذا كقول الجسميَّة: جسمٌ لا كالأجسام، لمَّا رأوا [1] أهل السُّنَّة تقول: (الباري شيءٌ لا كالأشياء)؛ طردوا الاستعمال فقالوا: جسم لا كالأجسام، والفرق: أنَّ لفظة (شيء) لا تفيد الحدوث ... إلى أن قال: واختلف العلماء في تأويله؛ فقالت طائفة: الضمير في (صورته) عائدٌ على الأخ المضروب، وهذا ظاهِرُ رواية مسلم، انتهى، وهذا لا يتأتَّى في الحديث الذي نحن فيه، قال: وقالت طائفةٌ: يعود إلى آدم، وفيه ضعفٌ، انتهى، وهذا يتأتَّى في الحديث الذي نحن فيه، قال: وقالت طائفة: يعود إلى الله تعالى، ويكون المراد إضافةَ تشريفٍ واختصاصٍ؛ كقوله تعالى: {نَاقَةَ اللهِ} [الشمس: 13]، وكما يُقال في الكعبة: بيت الله، ونظائره، والله أعلم.

والحاصل من الضمير: هل يعود إلى آدم، أو إلى المضروب، أو إلى الله تعالى؟ ثلاثة أقوالٍ، والله أعلم، ولا شكَّ أنَّ الضمير في حديث «صحيح البُخاريِّ» إنَّما يعود على آدم؛ لأنَّه أقرب، والله أعلم.

تنبيهٌ: روى حمدان بن الهيثم _روى عنه أبو الشيخ ووَثَّقَهُ، لكنَّه أتى بشيء منكرٍ_ عن أحمدَ ابن حنبل في معنى قوله عليه السلام: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، زعم أنَّه قال: صوَّر الله آدمَ قبل خلقه، ثُمَّ خلقه على تلك الصورة، فأمَّا أن يكون خلقَ اللهُ آدمَ على صورته؛ فلا، فقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].

قال يحيى بن منده في «مناقب أحمد»: قال المظفَّر بن أحمد الخيَّاط في كتاب «السُّنَّة»: وحمدان بن الهيثم يزعم أنَّ أحمد قال: صوَّر اللهُ آدمَ قبل خلقه، وأبو الشيخ موَثِّقُهُ في كتاب «الطبقات»، ويدلُّ على بطلان روايته ما رواه حمدان بن عليٍّ الورَّاق _الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم وأقدم_: أنَّه سمع أحمد ابن حنبل وسأله رجلٌ عن حديث: «خلق الله آدم على صورته»؛ على صورة آدم؟ فقال أحمد: وأين الذي يُروى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إنَّ الله خلق آدم على صورة الرَّحْمَن)؟! قال أحمد: وأيُّ صورةٍ لآدمَ قبل أن يُخْلَق؟!

(1/11199)

قال الطَّبَرانيُّ: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: قال رجلٌ لأبي: إنَّ قائلًا يقول: حدَّث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، فقال: على صورة الرجل، فقال أبي: كَذَبَ، هذا قول الجَهْميَّة، وأيُّ فائدةٍ في هذا؟! وقيل: إنَّ عمر بن عبد الوهَّاب هجر أبا الشيخ لمكان حكاية حمدان، وقال: إن أردت أن أُسَلِّمَ عليك؛ فأخرج من كتابك حكايةَ حمدان بن الهيثم، انتهى كلام الذَّهَبيِّ في «ميزانه».

قوله: (طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب خلق آدم) هل هو بذراعه، أو ذراعنا، وأنَّ الصحيح: أنَّه بذراعنا، وتَقَدَّمَ كم عرضُه.

قوله: (فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ): قال شيخنا: قال المهلَّب: الحديث يدلُّ على أنَّ الملأ الأعلى يتكلَّمون بلسان العرب، ويحيُّون بتحيَّة الله، وأنَّ التحيَّةَ للسَّلَام هي التي أراد الله أن يُحيَّا بها، والله أعلم، انتهى، وفي هذا الاستدلال بعضُ وقفةٍ؛ لاحتمال أن يكون هذا معنى ما قالته الملائكةُ، ولكنَّ الظاهر ما قاله المهلَّب، والله أعلم.

(1/11200)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا ... }]

قوله: (بَابُ قَوْلِهِ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه الجمع بين الترجمة بالآية وبين الآثار والآيات المذكورة بعدها _يعني قوله: قال سعيد بن أبي الحسن: «إنَّ نساء العجم يكشفن صدورهنَّ ورؤوسهنَّ، قال: اصرف بصرك، يقول الله تعالى: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}» [النور: 30]، وقال قتادة: «عمَّا لا يحلُّ لهم، {وَقُلْ لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ}» [النور: 31]، «{خَائِنَةَ الأَعْيُنِ} [غافر: 19]: النظر إلى ما نهى عنه»، وقال الزُّهْرِيُّ في النظر إلى التي لم تُحصَن من النساء: «لا يصلح النظر إلى شيءٍ منهنَّ ممَّن يُشتَهَى النظر إليه وإن كانت صغيرةً»: خشية أن يرى العورة فجأةً_ فقرَّر بالآثار [أنَّ] رؤيةَ العورة تحرم، ومنهيٌّ عنها [1]، فإذا كان الهجوم بلا استئذان ذريعةً إليه؛ وجب تحريمه؛ لأدائه إلى المحرَّم، انتهى.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ: إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ ... ) إلى آخره: (سعيد) هذا: هو أخو الحسن البصريِّ ابن أبي الحسن يسارٍ البصريِّ الأنصاريِّ مولاهم، روى سعيدٌ هذا عن أمِّه، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وأبي بكرة، وجماعةٍ، وعنه: أخوه، وقتادة، ومُحَمَّد بن واسع، وخالد الحَذَّاء، وسليمان التيميُّ، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أبو زرعة والنَّسائيُّ، تُوُفِّيَ سنة مئة على الصحيح _وقيل غير ذلك_ بفارس، أخرج له الجماعة، وقوله: (للحسن)؛ يعني: أنَّ سعيدًا سأل الحسنَ البصريَّ.

قوله: (إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ): (نُهِيَ): مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (وَكَرِهَ عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

(1/11201)

[حديث: أردف رسول الله الفضل بن عباس يوم النحر خلفه]

6228# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن منده جمع أرادف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فنيَّف بهم على ثلاثين نفرًا، وقد ذكرت أنا ما وقفت عليه في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

قوله: (وَضِيئًا): هو بهمزة في آخره؛ أي: حسنًا جميلًا، وكذا في المرأة (وَضِيئَةٌ)؛ أي: حسنةٌ جميلةٌ.

قوله: (وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (الحجِّ).

قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناه: جعل.

[ج 2 ص 638]

قوله: (وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا): (حسنُها): مَرْفُوعٌ فاعل (أعجب)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ): أي: عطفها إلى خلفه.

قوله: (أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا): أبوها لا أعرفُه.

(1/11202)

[حديث: إياكم والجلوس بالطرقات]

6229# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، وذلك لأنَّ الحافظ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في ترجمة العَقَديِّ في الرواة عنه مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سوى المسنَديِّ، وليس في «التذهيب» شيءٌ من ذلك، و (أَبُو عَامِرٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن عمرو بن قيس العَقَديُّ)، انتهى، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (زُهَيْرٌ): هو ابن مُحَمَّد التيميُّ المروزيُّ، أبو المنذر، نزل الشام، عن عمرو بن شعيب، وابن أبي مُلَيْكَة، وابن المنكدر [1]، وعنه: ابن مهديٍّ ويحيى بن أبي بُكَيْر، ثقةٌ مُغرِب، ولبعضهم عنه مناكيرُ، تُوُفِّيَ سنة (162 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ): (الجلوسَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ على التحذير.

قوله: (مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ): (بُدٌّ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وتشديد الدال المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ؛ أي: انفكاكٌ وفراقٌ دونها.

==========

[1] في (أ): (المنكد)، والمثبت من المصادر.

[ج 2 ص 639]

(1/11203)

[باب: السلام اسم من أسماء الله تعالى ... ]

(1/11204)

[حديث: إن الله هو السلام فإذا جلس أحدكم في الصلاة]

6230# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ): تَقَدَّمَ في (باب التشهُّد في الآخرة): أنَّ (فلانًا وفلانًا [1]): الملائكةُ؛ وذلك لأنَّ في «سنن ابن ماجه» من حديث عبد الله بن مسعود: (هذا السلام على الله قَبْلَ عباده، السلام على جبريل وميكائيل، وعلى فلان وفلان)؛ يعنون: الملائكة.

قوله: (فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى (الصَّلَوَاتُ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (السَّلَامُ عَلَيْكَ) في الباب المشار إليه أعلاه.

==========

[1] في (أ): (وفلان)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 639]

(1/11205)

[باب تسليم القليل على الكثير]

(1/11206)

[حديث: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد]

6231# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عبد الله) بعد (مُحَمَّد بن مقاتل): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11207)

[باب تسليم الراكب على الماشي]

(1/11208)

[حديث: يسلم الراكب على الماشي]

6232# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَام [2]): كذا في أصلنا، وعلى (ابن سلَام) علامة نسخة، وهو كذلك مُحَمَّد بن سلَام، وكذا وضَّحه المِزِّيُّ في «أطرافه»، فقال: هو ابن سلَام، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الصحيحُ فيه التخفيفُ مُطَوَّلًا، و (مَخْلَدٌ): بإسكان الخاء المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، وهو ابن مرثد الحرَّانيُّ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (زِيَادٌ) بعده: هو ابن سعد، أبو عبد الرَّحْمَن الخراسانيُّ، نزيل مكَّة ثُمَّ اليمن، قال أحمد وجماعةٌ: ثقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثبتٌ، أخرج له الجماعة، و (ثَابِتٌ مَوْلَى [3] ابْنِ زَيْدٍ): سيأتي في الطريق الثاني بعد هذا: (وَهْوَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ)؛ يعني: عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الخَطَّاب، و (ثابت) هذا: هو ثابت بن عياض العدويُّ مولاهم، الأحنفُ الأعرجُ، وقال ابن سعد: ثابت بن الأحنف بن عياض، عن أبي هريرة، وعبد الله بن عَمرو، وعبد الله بن عُمر، وعنه: زياد بن سعد، وسليمان الأحول، وفُلَيح، ومالكٌ، وآخرون، قال أبو حاتم: لا بأس به، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وقال الدِّمْيَاطيُّ في الطريق التي بعد هذه في قوله: (أنَّ ثابتًا أخبره)، كتب تجاه (ثابت): (ابن عياض الأحنف الأعرج، مولى عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الخَطَّاب) انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثنا).

[2] (بن سلام): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[3] زيد في «اليونينيَّة»: (عَبْدِ الرَّحْمَن).

[ج 2 ص 639]

(1/11209)

[باب تسليم الماشي على القاعد]

(1/11210)

[حديث: يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد]

6233# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، الإمام المشهور، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضهم قال: وبضمِّها، و (عُبَادة): بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، والباقي تَقَدَّمَ أعلاه.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11211)

[باب تسليم الصغير على الكبير]

(1/11212)

[معلق أبي هريرة: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد.]

6234# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (إبراهيم) في نسخة في هامش أصلنا: (ابن طهمان)، وهو هو كذلك، و (صفوان بن سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، قال شيخنا في تعليق إبراهيم: أسنده أبو نُعَيم في كتابه عن الآجرِّيِّ: (حدَّثنا عبد الله بن العَبَّاس: حدَّثنا أحمد بن حفص: حدَّثنا أبي: حدَّثنا إبراهيم بن طهمان ... )، فذكره، والله أعلم.

(1/11213)

[باب إفشاء السلام]

قوله: (بَابُ إِفْشَاءِ السَّلَامِ): (الإفشاء): الإذاعة والإظهار، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11214)

[حديث: أمرنا رسول الله بسبع بعيادة المريض]

6235# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد، و (الشَّيْبَانِيُّ [1]) بعده: هو بفتح الشين المُعْجَمَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشَّيبانيُّ)، انتهى، و (أَشْعَث بْن أَبِي الشَّعْثَاءِ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، تَقَدَّمَ، وأنَّ (أشعب) _ بالمُوَحَّدة_ الطامعَ فردٌ، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وكسر الراء المُشَدَّدة.

قوله: (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالشين والسين، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْمَيَاثِرِ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الدِّيبَاجِ)، وعلى (الْقَسِّيِّ)، وعلى (الإِسْتَبْرَقِ).

==========

[1] في هامش (ق): (هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سُليمان فيروز الشَّيبانيُّ).

[ج 2 ص 639]

(1/11215)

[باب السلام للمعرفة وغير المعرفة]

(1/11216)

[حديث: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت]

6236# قوله: (حَدَّثَنِي يَزِيدُ): هو ابن أبي حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، تقدَّما.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟): هذا الرجل هو أبو موسى الأشعريُّ، كما تَقَدَّمَ في (كتاب الإيمان).

قوله: (أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟): أي: بعد التوحيد، أو يريد: أيُّ شُعَبِ الإسلام خيرٌ؟ وقد تَقَدَّمَ الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك في (باب من قال: إنَّ الإيمان هو العمل)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11217)

[حديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث]

6237# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو أَيُّوبَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (خالد بن زيد بن كليب) انتهى، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (فَوْقَ ثَلَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ أبا داود قال في «السنن»: (إذا كانت الهجرة في الله تعالى؛ فليس من هذا في شيءٍ).

قوله: (فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا): (يصُدُّ): بضَمِّ الصاد فقط؛ أي: يُعرِض، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه ربَّما ظنَّ شخصٌ أنَّه يجوز (يصُدُّ) و (يصِدُّ)؛ بالضَّمِّ والكسر؛ مثل قوله تعالى: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]، ذاك فيه اللُّغَتان، وهما قراءتان؛ ومعناه: يضجُّ، والله أعلم.

قوله: (وَذَكَرَ سُفْيَانُ: أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ): الضمير في (منه) يعود على الزُّهْرِيِّ، وإنَّما عقَّب البُخاريُّ الحديث بذلك؛

[ج 2 ص 639]

لأنَّ سفيان بن عُيَيْنَة مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند، فعقَّبه بذلك، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الخلاف في عنعنة المُدَلِّس في غير ابن عُيَيْنَة، وأنَّ عنعنة ابن عُيَيْنَة كالإِخبار والتحديث والسماع، والله أعلم.

(1/11218)

[باب آية الحجاب]

قوله: (بَابُ آيَةِ الْحِجَابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ آية الحجاب نزلت في مبتنَى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بزينب بنت جحش، وهذا في هذا الباب، وقد قَدَّمْتُ في (سورة الأحزاب) الاختلافَ في ذلك، وذكرتُ جمعًا، وقد تزوَّج عليه السلام بزينب بنت جحش في السنة الرابعة، وقيل: سنة ثلاثٍ، وقيل: سنة خمسٍ، والله أعلم.

(1/11219)

[حديث: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله]

6238# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ): تَقَدَّمَ ما في ذلك، والجمع بينه وبين ما في «مسلم» وغيرِه، والكلام على ما في «مسند أبي يعلى الموصليِّ».

قوله: (وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط) غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّهم ما دون العشرة من الرِّجال، وتَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء المتخلِّفين في البيت لا أعرفُهم، وأنَّهم في رواية: (كانوا ثلاثة)، وفي رواية: (كانا اثنين)، وتَقَدَّمَ الجمع في (سورة الأحزاب).

(1/11220)

[حديث: لما تزوج النبي زينب دخل القوم فطعموا]

6239# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقب مُحَمَّد عَارمٌ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سُليمان بن طرخان، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ اسمَه لاحقُ بن حُمَيدٍ.

قوله: (لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه زينب بنت جحش أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ أعلاه وقبله متى تزوَّج بها، وله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زوجةٌ أخرى اسمها زينب، لكنْ أبوها اسمه خزيمة بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف، أمُّ المساكين، تَقَدَّمَت؛ فلهذا قيَّدتها، تُوُفِّيَت بنت خزيمة في حياته، ولم تمت امرأةٌ من أزواجه في حياته إلَّا خديجة وهي، وفي ريحانة خلافٌ، تُوُفِّيَت بنت خزيمة في آخر ربيع الآخر على رأس تسعةٍ وثلاثين شهرًا من الهجرة، وصلَّى عليها عليه السلام، ودفنها بالبقيع، وقد بلغت ثلاثين سنة أو نحوَها.

قوله: (فَطَعِمُوا): هو بفتح الطاء، وكسر العين؛ أي: أكلوا.

قوله: (وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَدْخُلَ): (إنَّ): بكسر الهمزة، وتشديد النون، على الابتداء، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11221)

[حديث: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله: احجب نساءك]

6240# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في آخر (كتاب الأنبياء) قُبَيل (باب ما ذُكِر في بني إسرائيل)، وفي حاشية أصلنا القاهريِّ: (ابن راهويه)، وهو أحد القولين فيه، والقول الآخَرُ: إنَّه إسحاق بن منصور، و (يَعْقُوبُ) بعده: هو ابن إبراهيم بن سعد الزُّهْرِيُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ صالح بن أبي الأخضر يروي أيضًا عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن عائشة، لكنْ في «النَّسائيِّ»، ليس له عنه شيءٌ في «البُخاريِّ» ولا في «مسلمٍ» بهذا السند، وابن أبي الأخضر ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ لا بهذا ولا بغيره؛ فاعلمه، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (قِبَلَ الْمَنَاصِعِ): (قِبَل): بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، و (المناصع): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (حديث الإفك) في (الشهادات).

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11222)

[باب: الاستئذان من أجل البصر]

(1/11223)

[حديث: لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك]

6241# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (اطَّلَعَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل _كما قال ابن بشكوال_: الحكمُ بن أبي العاصي، قال ابن بشكوال: سمعت شيخَنا أبا الحسن بن مغيث يقول ذلك، ولم يأتِ عليه بشاهدٍ، انتهى، وقد قال ابن شيخنا العِرَاقيِّ الحافظُ وليُّ الدين: إنَّه رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»، انتهى.

قوله: (مِنْ جُحْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الجيم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة.

قوله: (فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الجيم، جمع (حُجْرةٍ)؛ وهي معروفةٌ.

قوله: (مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (المِدْرَى)، وأنَّ الميم فيها زائدةٌ.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11224)

[حديث: أن رجلًا اطلع من بعض حجر النبي]

6242# قوله: (أَنَّ رَجُلًا): تَقَدَّمَ هذا الرجل أعلاه.

قوله: (بِمِشْقَصٍ، أَوْ بِمَشَاقِصَ): (المِشْقَص): بكسر الميم، وإسكان الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ صاد مهملة، وهو نصل السهم الطويل غير العريض، وقال ابن دريد: هو الطويل العريضُ، وجمعه: مشاقص، وقال الداوديُّ: هو السِّكِّين، وهو تفسيرٌ على المعنى.

قوله: (يَخْتِلُ الرَّجُلَ): أي: يغتفله ويُراوِغُه؛ ليأخذه على غفلة، و (يختِل): بكسر التاء.

قوله: (لِيَطْعنَهُ): هو بضَمِّ العين وفتحها، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11225)

[باب زنا الجوارح دون الفرج]

(1/11226)

[حديث: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا]

6243# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير في أوَّل هذا التعليق، وهو أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّمَ الكلام على النسبة لماذا، وهو بضَمِّ الحاء، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (ابْن طَاوُوسٍ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه عبد الله بن طاووس.

قوله: (بِاللَّمَمِ): هو بفتح اللام والميم الأولى، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد اختُلِف في {اللَّمَمَ} [النجم: 32] الواقع في القرآن العظيم؛ فقيل: أن يأتيَ الذنب نَدرةً، ثُمَّ لا يعاوِده، وقيل: صغائر الآثام؛ وهي التي تكفِّرها الصلاةُ والصيامُ واجتنابُ الكبائر، وقيل: هو الهمُّ بالشيء دون وقوعٍ فيه، وقيل: الميل إليه دون الإصرار عليه، وقيل: هو ما دون الشرك، وقيل: هو كلُّ ذنبٍ لم يأتِ فيه حدٌّ ولا وعيدٌ، وقيل: هو ما كان في الجاهليَّة، ودليل الأحاديث ما دون الكبائر، والله أعلم، قاله في «المطالع».

قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بعده: هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (ابْن طَاوُوس): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الله.

قوله: (كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ): (كَتَبَ)؛ بفتح الكاف والباء: مَبْنيٌّ للفاعل، و (حظَّه): مَنْصُوبٌ مفعول، كذا هو في أصلنا، ولا يمتنع أن يجيءَ فيه البناءُ للمفعول، ورفعُ (حظُّه) مقام الفاعل.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11227)

[باب التسليم والاستئذان ثلاثًا]

(1/11228)

[حديث: أن رسول الله كان إذا سلم سلم ثلاثًا]

6244# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن عبادة)، و (عبد الصمد): هو ابن عبد الوارث، الحافظ الحجَّة، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

[ج 2 ص 640]

قوله: (كَانَ إِذَا سَلَّمَ؛ سَلَّمَ ثَلَاثًا): قال الشيخ محيي الدين: (وهذا محمولٌ على ما إذا كان الجمع كثيرًا) انتهى، والذي ظهر لي أنَّ هذا في الاستئذان، وتبويب البُخاريِّ كالصريح فيه، والله أعلم، وكذا الحديث الذي فيه استئذان أبي موسى.

قوله: (وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ؛ أَعَادَهَا ثَلَاثًا): لتُفهَم عنه، وكذا جاء في بعض طرقه.

(1/11229)

[حديث: إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع]

6245# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة بعد (عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هو ابن المَدينيِّ، و (يَزِيدُ ابْنُ خُصَيْفَةَ): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح الصاد المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى): هو عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: وَاللهِ؛ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ): يقوله أبو سعيد، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل (البيع) أنَّه شهد له أُبيُّ بن كعب، وأنَّه قال لعُمرَ: (لا تكن عذابًا على أصحاب مُحَمَّد)، فالظاهر أنَّهما شهدا، وقال أُبَيٌّ ما قال، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ): هو ابن خُصَيْفَة، (عَنْ بُسْرٍ): هو ابن سعيد: (سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ بِهَذَا): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ بُسْر بن سعيد عنعن في السند الأول، وفي الثاني صَرَّحَ بالسماع من أبي سعيد، وبُسْر ليس مُدَلِّسًا، ولكن ليخرج من الخلاف، وهذا التعليق في أصلنا ليس بالبيِّن، وفيه خبطٌ، وهذا هو الصواب، انتهى، وعلى الصواب هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقال شيخُنا في هذا التعليق: أخرجه ابن المبارك في كتاب «البِرِّ والصِّلَة» بهذا، و (يزيد ابن خُصَيْفَة): هو يزيد بن عبد الله بن خُصَيْفَة، وقد تَقَدَّمَ أعلاه ضبط (خُصَيْفَة).

(1/11230)

[باب: إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن]

قوله: (بَاب إِذَا دُعِيَ الرَّجُلُ فَجَاءَ؛ هَلْ يَسْتَأْذِنُ؟): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: أورد البُخاريُّ الحديثَين ظاهرهما التعارض، ففي حديث أبي هريرة المعلَّق عنه عليه السلام: «هو إذنه»، وحديثه المسنَد: (دخلتُ مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فوجد لبنًا في قدح ... ) إلى أن قال: (فأقبلوا، فاستأذنوا)، قال ابن المُنَيِّر: لينبِّه على الجمع، ووجهه: أنَّ الحديث الأول فيمَن دُعِيَ بالباب مثلًا، فهذا لا يستأذن، والحديث الآخَرُ فيمَن دُعِيَ وهو غائبٌ، فجاء؛ هل يستأذن؟ والعادة تشهد بذلك، والله تعالى أعلم، انتهى.

و (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرجلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، ذكر في الباب حديثَين؛ الأوَّل معلَّقٌ، والثاني مسندٌ؛ وهو مجاهدٌ عن أبي هريرة، والمعلَّق يدلُّ على أنْ لا إذنَ، والمتَّصِلُ يدلُّ على الإذن، فقالت طائفةٌ: بأنَّ الحديثَين على حالين، فإن جاء المدعوُّ على الفور من غير تراخٍ؛ لم يحتج إلى الإذن، وإن تراخى مجيئُه عن الدعوة وطالَ الوقتُ؛ احتاج إلى الاستئذان، وقال آخرون: إن كان عند الداعي مَن قد أُذِن له قبل مجيء المدعوِّ؛ لم يحتج إلى استئذانٍ آخَرَ، وإن لم يكن عنده مَن قد أذن له؛ لم يدخل حتَّى يستأذن، والله أعلم، وتَقَدَّمَ كلام ابن المُنَيِّر في ذلك.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هُوَ إِذْنُهُ»): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، بلا تردُّد، وفي نسخة في هامش أصلنا القاهريِّ عوض (سعيد): (شعبة)، وقد رأيت في حاشية نسخةٍ صحيحةٍ بـ «البُخاريِّ» عن الصغانيِّ، ولفظها: في الإسماعيليِّ: (شعبة)؛ يعني: عن قتادة ... ؛ الحديث، قال: وفي «صحيح ابن عمارة»: (سعيد)، ورفع الحديثَ الإسماعيليُّ، ولم يرفعه ابنُ عمارة، انتهى.

(1/11231)

وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» قال أبو داود: قتادة لم يسمع من أبي رافع، وقال غيره: سمع منه، ثُمَّ ذكر المعلَّق، ثُمَّ قال: وهو مختصَرٌ من الذي بعده، ثُمَّ ذكر الحديث بعده، ولفظه: «إذا دُعِيَ أحدُكم إلى الطعام، فجاء مع الرسول؛ فإنَّ ذلك إذنه»، أبو داود في (الأدب) عن حسين بن معاذ، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة به، وقال: قتادة لم يسمع من أبي رافع، انتهى، و (أبو رافع) هذا: اسمه نُفَيع أبو رافعٍ الصائغ البصريُّ، روى أبو رافع هذا عن عمر، وعثمان، وأُبيٍّ، وعنه: قتادة وبكرٌ المزنيُّ، ثقة نبيلٌ، أخرج له الجماعة.

وقال شيخُنا في المعلَّق: وهذا أخرجه أبو جعفر في «مشكله» عن أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى، عن المعتمر، عن ابن عُيَيْنَة، عن سعيد به، انتهى، وأبو جعفر: هو الطحاويُّ، وأبو إبراهيم: هو المزنيُّ صاحب الشَّافِعيِّ.

(1/11232)

[حديث: أبا هر الحق أهل الصفة فادعهم إلي]

6246# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام على (ح) كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بعد (مُحَمَّد بن مقاتل): عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (الْحَقْ إِلَيَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ [2]): هو بهمزة وصل، ثُلاثيٌّ، وبفتح الحاء، وهذا ظاهِرٌ، و (أَهْل الصُّفَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» من حديث أبي هريرة: (لقد رأيتُ سبعين من آل الصُّفَّة)، وتَقَدَّمَ أنَّ شيخنا قال: إنَّ أبا نُعيم صاحبَ «الحلية» عدَّ منهم مئةً ونيِّفًا، انتهى، وقد رأيتهم أنا في «الحلية»، ولم أعدَّهم، وقد قَدَّمْتُ أنا عن الشيخ شهاب الدين السَّهْرَوَرْدِيِّ في «عوارفه»: أنَّهم كانوا نحوَ أربعِ مئةٍ، والله أعلم.

(1/11233)

[باب التسليم على الصبيان]

(1/11234)

[حديث: أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي يفعله]

6247# قوله: (عَنْ سَيَّارٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (سيَّار بن أبي سيَّار وردانَ العنزيُّ الواسطيُّ، أخو مساورٍ الورَّاق لأمِّه) انتهى، وهو سيَّار أبو الحكم العنزيُّ الواسطيُّ، ويقال: البصريُّ، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، تُوُفِّيَ سنة (122 هـ).

==========

[ج 2 ص 641]

(1/11235)

[باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال]

قوله: (بَابُ تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ): ذكر في الباب سلَام جبريلَ على عائشةَ، وردَّ عائشةَ عليه، وهذا يقتضي أنَّ جبريلَ رجلٌ، وقال شيخنا: اعترض الداوديُّ على إدخاله حديثَ عائشةَ في الباب؛ لأنَّ الملائكة لا يُقال لهم: رجالٌ، ولا: نساء، ولكنَّ الله تعالى خاطب فيهم بالتذكير، انتهى، وهذا قدَّمته عن ابن جُبَيرٍ: أنَّهم ليسوا بذكور، ولا إناث، ولا يتوالدون، ولا يأكلون، ولا يشربون، انتهى.

أمَّا أنَّهم ليسوا بإناث؛ فهو بالنصِّ، وأمَّا كونهم ليسوا بذكور؛ فهذا يحتاج إلى نصٍّ، لا بمعنى أنَّهم ذوو فروج، هذا ممَّا لا يجهله أحد أنَّهم ليسوا بأصحاب فروج، وفي «التذكرة» للقرطبيِّ في قوله: (باب منه وذِكْر أصحاب الأعراف)، في أواخر هذا الباب ذَكَر أصحاب الأعراف، وذَكَر فيهم اثني عشرَ قولًا؛ منها: أنَّهم ملائكةٌ موكَّلون بهذا السُّور [1]، يميِّزون الكافرين من المؤمنين قبل إدخالهم الجنَّة والنار، قاله أبو مِجْلَز لاحقُ بن حُمَيدٍ، فقيل له: لا يُقال للملائكة: رجالٌ، فقال: إنَّهم ليسوا بذكورٍ، وليسوا بإناث، فلا يبعد إيقاع لفظ «الرِّجال» عليهم؛ كما وُضِعَ على الجنِّ في قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6]) انتهى، وقد ذكرت بعض كلامٍ على الملائكة في (باب الملائكة) في (ابتداء الخَلْق)، وذكرته هنا أيضًا؛ لبُعْدِه، والله أعلم.

وقوله في الترجمة: (باب تسليم الرجال على النساء ... ) إلى آخرها: لا يجوز ذلك عند الشَّافِعيَّة إلَّا ألَّا تُخافَ الفتنةُ بهنَّ، وكذا في سلامهنَّ على الرجال بهذا الشرط، وكذا يجوز سلامُ الرجل على المرأة من محارمِه، وعكسُه.

(1/11236)

[حديث: كنا نفرح يوم الجمعة قلت ولم؟]

6248# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، هذا هو عبد العزيز بن أبي حَازمٍ سلمةَ بن دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد الساعديُّ.

قوله: (كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ): هذه العجوز لا أعرف اسمها، كما تَقَدَّمَ.

قوله: (تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وبالضاد المُعْجَمَة المُخَفَّفة، وبعد الألف عين مهملة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: بضَمِّ الباء، دارُ بني ساعدة بالمدينة، وبئرها معلومٌ، فيها أفتى عليه السلام بأنَّ الماء طهورٌ ما لم يتغيَّر، وبها مالٌ لأهل المدينة من أموالهم، وفي «البُخاريِّ» تفسيرُ القعنبيِّ لـ (بُضَاعة): نخل بالمدينة، انتهى، وقال غيره: وهي بديار بني ساعدة، قيل: هو اسمٌ للبئر، وقيل: كان اسمًا لصاحبها، فسُمِّيَت باسمه، انتهى، قال ابن الأثير في «النهاية»: ضمُّ الباء، وأجاز بعضهم كسرَها، انتهى، وفي «الصحاح»: أنَّ الباء تُكسَر وتُضَمُّ، انتهى، وذكرهما ابن فارس في «مجمله»، فقال: والضمُّ أشهر.

قوله: (قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ [1]: نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وهو خطأ محضٌ، وقد كانت على الصواب (مسلمة)، فأُصلِحَت على (سلمة)، والصواب: (ابن مسلمة)، وعلى الصواب هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وهو المذكور في أوَّل السند، وهو شيخ البُخاريِّ عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبيُّ، صاحب «موطَّأ» عن مالكٍ سمعتُه بحلبَ عاليًا، وقد تَقَدَّمَ أعلاه في كلام ابن قُرقُول التصريحُ بذلك، ولفظه: (وفي «البُخاريِّ» تفسيرُ القعنبيِّ لـ «بضاعة»: نخل بالمدينة)، والله أعلم.

قوله: (وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ): (تُكَركِر): بضَمِّ أوَّله، وفتح الكاف الأولى، وكسر الكاف الثانية، رُباعيٌّ؛ ومعناه: تطحن.

[ج 2 ص 641]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مَسْلَمَة).

(1/11237)

[حديث: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام.]

6249# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا تصريح البُخاريِّ بأنَّه مُحَمَّد بن مقاتل أبو الحسن، وهذا ظاهِرٌ، وبعده (عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما: هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (تَابَعَهُ شُعَيْبٌ): الضمير في (تابعه) يعود على مَعْمَر، وهو شعيب بن أبي حمزة، ومتابعة شعيب أخرجها البُخاريُّ في (الرِّقاق) عن أبي اليمان عن شعيب به، وأخرجها مسلم في (الفضائل) عن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدارميِّ عن أبي اليمان به، وأخرجها النَّسائيُّ.

قوله: (وَقَالَ يُونُسُ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، وأمَّا (النعمان)؛ فقال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن راشد الرَّقِّيُّ) انتهى، يروي النعمان عن ميمون بن مِهْرَان والزُّهْرِيِّ، وعنه: جَرِير بن حَازم وحَمَّاد بن زيد، ضُعِّف، وقال البُخاريُّ: (صدوقٌ، في حديثه وَهَمٌ كبير) انتهى، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليق يونس عن الزُّهْرِيِّ أخرجه البُخاريُّ في (فضل عائشة) عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ به، وتعليق النعمان عن الزُّهْرِيِّ لم يكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أسنده الإسماعيليُّ من حديث إبراهيم بن أبي إسحاق السَّاميِّ: حدَّثنا ابن المبارك ... ، فذكره بلفظ: (وبركاته)، ثُمَّ قال _يعني: الإسماعيلي_: وقال ابن وهب عن يونس، وعُقَيل، وعبيد الله بن أبي زياد؛ كلِّهم: (وبركاته) انتهى.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11238)

[باب: إذا قال من ذا؟ فقال أنا]

قوله: (بَابُ إِذَا قَالَ: مَنْ ذَا؟ فَقَالَ: أَنَا): ذكر فيه حديث جابر رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11239)

[حديث: أتيت النبي في دين كان على أبي]

6250# وقوله: (كَأَنَّهُ كَرِهَهَا): قال شيخنا: قال ابن الجوزيِّ: إنَّ لفظ (أنا) من غير أن يضاف إليها (فلان) يتضمَّن نوعَ كِبرٍ؛ كأنَّه يقول: أنا الذي لا أحتاج أن أُسمِّيَ نفسي، أو أتكبَّرُ عن تسميتها، فيُكرَه لهذا أيضًا، وقال المهلَّب: إنَّما كره قول جابر؛ لأنَّه ليس في ذلك بيانٌ إلَّا عند مَن يعرف الصوت، وأمَّا عند من يمكن أن يشتبهَ عليه؛ فهو من التعصُّب؛ فلذلك كرهه، وقال بعضُ الناس: ينبغي أن يكون لفظ الاستئذان بالسلام، وزعم أنَّه عليه السلام إنَّما كره قول جابر: (أنا)؛ ليستأذن عليه بلفظ السلام، وقال الداوديُّ: (إنَّما كرهَهُ؛ لأنَّه أجابه بغير ما سأله عنه؛ لأنَّه أراد أن يعرف ضاربَ الباب، وهو قد علم أنَّ ثَمَّ ضاربًا، فأخبره أنَّه ضاربٌ.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11240)

[باب من رد فقال عليك السلام]

(1/11241)

[حديث: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل]

6251# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ، و (سَعِيدٌ المَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ): تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق أنَّه خلَّاد بن رافع الزُّرَقيُّ.

قوله: (فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ): هو بقطع الهمزة، وكسر المُوَحَّدة، رُباعيٌّ، أمرٌ، وهذا ظاهِرٌ، و (الوُضوء): بضَمِّ الواو، وتَقَدَّمَ أنَّه يجوز فتحها.

قوله: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا): في هذا الحديث ثبوت جلسة الاستراحة، وفي ذلك ردٌّ على مَن أنكرها في حديث المسيء صلاتَه، وهو إمام الحرمين من الشَّافِعيَّة.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11242)

[حديث: ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا]

6252# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا في «البُخاريِّ» ومتى أنَّه مُحَمَّد بن بَشَّار، وتَقَدَّمَ ضبط (بَشَّار) مرارًا، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدَار)، و (يَحْيَى) بعده: هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ، و (سَعِيدٌ): هو المقبريُّ، و (أَبُوهُ): أبو سعيد كيسان، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، هذه الرواية: عُبيد الله، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال التِّرْمِذيُّ: وهو أصحُّ.

(1/11243)

[باب: إذا قال: فلان يقرئك السلام]

قوله: (بَاب إِذَا قَالَ: فُلَانٌ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ): هذا صواب التبويب، وقع في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ: (إذا قال: فلانك يُقرِئك)، وهو غلطٌ.

قوله: (يُقْرِئُكَ السَّلَامَ): قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: قوله: (وهو يقرأ عليك السلام)، وقد رُوِيَ: (يُقرئك السلام)؛ بضَمِّ الياء، قال أبو حاتم: يُقال: اقرأْ عليه السلامَ، وأَقْرِئه الكتابَ، ولا يُقال: أَقْرَأَهُ السلامَ إلَّا في لغة سوءٍ، إلَّا إذا كان مكتوبًا، فيقول ذلك؛ أي: اجعله يقرَأْه؛ كما يُقال: أقرأته الكتاب، انتهى، وقال الجوهريُّ: (قرأ عليك السلام وأقرأكَ السلام بمعنًى)، انتهى، وفي «القاموس»: وقرأ عليه السلام: أبلغه؛ كأَقْرَأَه، أو لا يُقال: «أقرأه» إلَّا إذا كان السلامُ مكتوبًا، انتهى.

(1/11244)

[حديث: إن جبريل يقرئك السلام]

6253# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو زكريَّاء بن أبي زائدة، و (عَامِرٌ): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11245)

[باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين]

قوله: (بَابُ التَّسْلِيمِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ): اعلم أنَّه يحتمل أنَّه عليه السلام نوى المسلمين منهم، وأنَّه لا يجوز مثل هذا إلَّا إذا نوى بالسلام المسلمين، كذا قالت الشَّافِعيَّة، والله أعلم.

(1/11246)

[حديث: أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب؟]

6254# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (عَلَيْهِ إِكَافٌ): تَقَدَّمَ ما (الإكاف) بلُغَتَيه، وتقدَّمت (القَطِيفَة)، وتقدَّمت (الفَدَكِيَّة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الأَرْدَاف [1])، وأنَّ ابن منده جمعهم نيِّفًا وثلاثين، وأنِّي قد ذكرتُ مَن وقفت عليه في أوائل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ ابْن سَلُولَ) كتابةً وتلفُّظًا، وأنَّ (سلول) لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وعلى (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ) ما هو، وعلى (خَمَّرَ)؛ ومعناه: غطَّى، وعلى (الرِّدَاء) ما هو.

قوله: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّه لعلَّه عليه السلام نوى بالسلام المسلمين.

قوله: (لَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (رَحْلِكَ)؛ أي: منزلك، وعلى (أَبِي حُبَابٍ)، وأنَّه عبد الله بن أُبيٍّ ابنُ سلولَ، وأنَّ الحُبَاب هو ولده عبد الله، غيَّره عليه السلام من الحُبَاب إلى عبد الله، وعلى (الْبَحْرَةِ)، وعلى (فَيُعَصِّبُونَهُ)، وعلى (شَرِقَ) ضبطًا ومعنًى.

==========

[1] في (أ): (الأداف)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 642]

(1/11247)

[باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا ... ]

قوله: (وَلَمْ يَرُدّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا وأمثالَه يجوز فيه الضمُّ والفتح.

قوله: (حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ): (توبتُه): مَرْفُوعٌ فاعل (تتبيَّن)، وكذا قوله: (تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِي).

قوله: (وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِي): ليس في ذلك حدٌّ محدودٌ، ولكنَّ معناه: أنَّه لا تتبيَّن توبته من ساعته، ولا توبةَ حتَّى يمرَّ عليه ما يدلُّ على ذلك، وعند الشَّافِعيَّة: أنَّ الأكثرين قدَّروها بسَنَةٍ.

قوله: (عَلَى شَرَبَةِ الْخَمْرِ): (الشَّرَبَة): بفتح الشين والراء والباء؛ كأنَّه جمع (شارب)؛ كآكِل وأَكَلَة، ولم أرَه في اللغة إلَّا على شَارب وشَرْب؛ كصَاحب وصَحْب، وجمع الشَّرْب: شروب، ولكنَّ عبد الله بن عَمرو بن العاصي من بني سهمٍ، وهُم من صميم قريش، فقوله حجَّةٌ في اللُّغة، والله أعلم، وكذا شيخُنا قال: (شَرَبة): بفتح الشين والراء؛ كأنَّه جمع (شارب)؛ مثل: آكِل وأَكَلة، ولم يجمعه اللُّغَويُّون كذلك، وإنَّما جمعوه شارب وشَرْب؛ مثل: صاحب وصَحْب، وجمع الشَّرْب: شروب، انتهى، ولم يخرِّج شيخُنا موقوفَ عبد الله بن عمرو؛ هو ابن العاصي، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11248)

[حديث عبد الله بن كعب: سمعت كعب يحدث حين تخلف]

6255# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجواد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (حَتَّى كَمَلَتْ): تَقَدَّمَ أنَّ ميم (كمل) مُثَلَّثَة، قال الجوهريُّ: والكسر أردؤها.

قوله: (وَآذَنَ): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلَمَ.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11249)

[باب: كيف يرد على أهل الذمة السلام]

(1/11250)

[حديث: مهلًا يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله]

6256# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

[ج 2 ص 642]

قوله: (دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ ما (الرَّهْط)، وهؤلاء من اليهود لا أعرفُهم.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (السَّام)، وما هو.

(1/11251)

[حديث: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم]

6258# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بشير، حافظ بغداد، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ): قال الشيخ محيي الدين: اتَّفق العلماء على الردِّ على أهل الكتاب إذا سلَّموا، لكن لا يُقال لهم: وعليكم السلام، بل يُقال: (عليكم) فقط، أو: (وعليكم)، وقد جاءت الأحاديث: (عليكم) (وعليكم)؛ بإثبات الواو وحذفها، وأكثر الروايات بإثباتها، وعلى هذا في معناه وجهان؛ أحدهما: أنَّه على ظاهره، فقالوا: عليكم الموت، فقال: وعليكم أيضًا؛ أي: نحن وأنتم فيه سواءٌ، كلُّنا يموت، والثاني: أنَّ الواو هنا للاستئناف، لا للعطف والتشريك؛ وتقديره: وعليكم ما تستحقُّونه من الذمِّ، وأمَّا مَن حذف الواو؛ فتقديره: بل عليكم السَّام، قال القاضي عياض: واختار بعضُ العلماء _منهم: ابن حبيب المالكيُّ_ حذف الواو؛ لئلَّا يقتضي التشريكَ، وقال غيره: بإثباتها، كما في أكثر الروايات، قال: وقال بعضُهم: يقول: (عليكم السِّلام)؛ بكسر السين؛ أي: الحجارة، وهذا ضعيفٌ، وقال الخَطَّابيُّ: عامَّة المحدِّثين يروون هذا الحديث: (وعليكم)؛ بالواو، وكان ابن عُيَيْنَة يرويه بغير واو، قال الخَطَّابيُّ: وهذا هو الصوابُ؛ لأنَّه إذا حذف الواو؛ صار كلامهم بعينه مردودًا عليهم خاصَّة، وإذا ثبتت الواوُ؛ اقتضى المشاركةَ معهم فيما قالوه، هذا كلام الخَطَّابيِّ.

فائدةٌ: ذهب عامَّة السلف وجماعةٌ من الفقهاء إلى أنَّ أهلَ الكتاب لا يُبدَؤن بالسلام حاشا ابن عَبَّاس، وصديِّ بن عجلان، وابن محيريز، فإنَّهم جوَّزوه ابتداءً، وهو وجهٌ لبعض أصحاب الشَّافِعيِّ، حكاه الماورديُّ، ولكنَّه يقول: (عليك)، ولا يقوله: (عليكم)؛ بالجمع.

وحُكِيَ أيضًا أنَّ بعض أصحابنا جوَّز أن يقول: (وعليكم السلام) فقط، ولا يقول: (ورحمة الله وبركاته)، وهو ضعيفٌ مخالفٌ للأحاديث، ورأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» ذكر بإسناده إلى ابن عَبَّاس قال: (من سلَّم عليك مِن خلق الله؛ فاردُدْ عليه وإن كان مجوسيًّا، فإنَّ الله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]) انتهى.

(1/11252)

وذهب آخرون إلى جواز الابتداء للضرورة، أو لحاجةٍ تعنُّ له إليه، أو لذمام، أو نسب، ورُويَ ذلك عن إبراهيم وعلقمة، وقال الأوزاعيُّ: إن سلَّمت؛ فقد سلَّم الصالحون، وإن تركت؛ فقد ترك الصالحون، واختُلِف في ردِّه عليهم؛ فقيل: فريضة على المسلمين والكفَّار، وقالت طائفةٌ: لا يردُّه على الكتابيِّ، والآية مخصوصةٌ بالمسلمين، وهو قول الأكثرين، وقال طاووس: يقول: علاك السلام؛ أي: ارتفع عنك، واختار بعضهم كسرَ سِينه؛ أي: الحجارة.

قال شيخنا: قال القرطبيُّ: الواو هنا زائدةٌ، وقيل: للاستئناف، وحَذْفُها أحسنُ في المعنى، وإثباتها أصحُّ روايةً وأشهرُ، قال المنذريُّ: مَن فسَّر (السام) بالموت؛ فلا تَبعُد الواو، ومَن فسَّره بالسآمة؛ فإسقاطُها هو الوجه، وكان قتادة _فيما حكاه ابن الجوزيِّ_ يمدُّ أَلِفَ (السَّامة) انتهى.

وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (والصوابُ: أنَّ إثباتَ الواو وحذفَها جائزٌ؛ لِما صحَّت به الروايات، وأنَّ الواو أجودُ، كما هو في أكثر الروايات، ولا مفسدة فيه؛ لأنَّ السام: الموت، وهو علينا وعليهم، ولا ضرر في قوله بالواو) انتهى.

وقال في «المطالع»: (فقولوا: عليكم)، وفي بعضها: (وعليكم)، وهو أكثر، ثُمَّ ذكر كلام الخَطَّابيِّ، وقال القاضي عياض: مَن فسَّر السام بالموت؛ فلا تَبعُد الواو، ومن فسَّره بالسآمة؛ وهي المَلَالة؛ أي: يسأمون دِينكم؛ فإسقاط الواو هو الوجه) انتهى.

(1/11253)

[باب من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره]

قوله: (بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ): (يُحذَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، في هذا التبويب والحديث فيه تخصيصٌ للحديث الوارد فيه: أنَّه لا يجوز النظر في كتاب أَحَد، وأنَّ ذلك حرامٌ، وما جاء في التغليظ فيه محمولٌ على كتابٍ يُظَنُّ به الخيرُ، فإن كان متَّهمًا على المسلمين؛ فإنَّه لا حرمةَ لكتابه ولا له، ألا ترى أنَّه لا يجوز النظر للمرأة _إلَّا لزوجها أو سيِّدها_ عريانةً، ولا مستورةَ العورة مكشوفةَ الباقي إلَّا للمَحْرَم؛ لأنَّها عورةٌ، وقد أراد عليٌّ تجريدها لو لم تُخرِج الكتابَ، وأقسم إنَّه إن لم تخرجْه؛ ليُجَرِّدَنَّها، وحرمة المرأة أكبرُ من حرمة الكتاب، وقد سقطت عند جنايتها، فكذلك حرمة الكتاب، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 643]

(1/11254)

[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ.]

6259# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، مصروفٌ، وهو في اللغة من الرِّجَال: الضَّحَّاك، وهو يوسف بن بُهلُولٍ التميميُّ، أبو يعقوب الأنباريُّ، حدَّث بالكوفة عن شريك، وابن المبارك، وابن عُيَيْنَة، وغيرِهما، وعنه: البُخاريُّ، وعبد بن حُمَيدٍ، والحارث بن أبي أسامة، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ مُطَيَّن، تُوُفِّيَ سنة (218 هـ)، انفرد به البُخاريُّ، و (ابْنُ إِدْرِيسَ): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو مُحَمَّدٍ، أحد الأعلام، قال أحمد: كان نَسِيجَ وَحْدِهِ، تَقَدَّمَ، و (حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وتَقَدَّمَ أيضًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ السين، وفتح اللام، وأنَّ اسمه عبد الله بن حَبِيب.

قوله: (بعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّام وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ): تَقَدَّمَ من طريق أخرى: عليٌّ والزُّبَيرُ والمقدادُ، وقد قَدَّمْتُ ما ذكره الواقديُّ في ذلك في (باب الجهاد بإذن الأبَوَين)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] ضبط (رَوْضَةَ خَاخٍ)، وعلى (المَرْأَةِ مِنَ المُشْرِكِين)، والاختلاف في اسمها، وأنَّها أمُّ سارة، أو سارة، أو كنود، المزنيَّة، وعلى (المُشْرِكِينَ) الذين كتب إليهم حاطب؛ وهم ثلاثةٌ: سُهَيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أُمَيَّة، فإنَّهم أسلموا بعد ذلك، وذكرت ما كان في الكتاب بما فيه من الخلاف.

قوله: (وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ): (يُحلَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (الْجِدَّ): هو بكسر الجيم، ضدُّ الهَزْل.

قوله: (إِلَى حُجْزَتِهَا): و (الحُجْزة): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الجيم، وبالزاي، و (الحُجْزة): معقد الإزار والسراويل، وتَقَدَّمَ الجمع بين هذا [و] (فأخرجته من عقاصها).

قوله: (عَنْ أَهْلِي وَمَالِي): أعرفُ أنَّ له فيهم أُمًّا، كما جاء في روايةٍ.

قوله: (فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ): هو بنصب (أضربَ)، ونصبه ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 643]

(1/11255)

[باب: كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب؟]

[ج 2 ص 643]

قوله: (بَاب كَيْفَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ [1] إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ): (يَكتُب): مَبْنيٌّ للفاعل، و (الكتابَ) بعده: مَنْصُوبٌ مفعول، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وهم ابن بَطَّال فاستدلَّ بالكتاب على جواز بُداءة أهل الكتاب بالسلام، وليس فيه إلَّا (سلامٌ على من اتَّبع الهُدَى)؛ فكأنَّه سلامٌ معلَّقٌ على إسلامهم، والمعلَّقُ على شرطٍ عدمٌ عند عدمِ الشرط، ولو كان كما ظنَّ؛ لقال [2]: سلامٌ عليكم، انتهى.

(1/11256)

[حديث: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله .. ]

6260# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عبد الله) بعد (ابن مقاتل): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سُفْيَان بْنَ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ اسمه صخرٌ، في أوَّل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ الكلام على (هِرَقْلَ) بلُغَتيه، وما يتعلَّق به، وأنَّه هلك على نصرانيَّته سنة عشرين، وكذا تَقَدَّمَ على (النَّفَرِ مِنْ قُرَيْشٍ)، وتَقَدَّمَ أنَّ فيهم المغيرةَ بن شعبة، وليس من قريش، بل هو من ثقيف، وما فيه من تعقُّبٍ، وعلى (تِجَارًا) بلُغَتَيه، وعلى (الشَّأمِ): الإقليم المعروف طولًا وعرضًا، وعلى (أَمَّا بَعْدُ) بما فيها من إعرابٍ، وأوَّل مَن قالها.

(1/11257)

[باب: بمن يبدأ في الكتاب؟]

قوله: (بَاب بِمَنْ يُبْدَأُ فِي الْكِتَابِ): (يُبدَأ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مهموزٌ، وهذا ظاهِرٌ، قال شيخنا: قال الداوديُّ: كتب ابن عمر إلى أبيه، فبدأ بنفسه، وسأله رجلٌ كتابًا إلى معاوية، فأراد أن يبدأ بنفسه، [فـ] قيل: إن بدأتَ به؛ كان أنجحَ للحاجة، ففعل، وهو جائزٌ عند مالكٍ؛ البُداءةُ بالمكتوب إليه، قال: وتطابق الناسُ اليومَ على ذلك، وكان يأباه بعضُ العراقيِّين، وقال المهلَّب: السُّنَّة أنَّ يبدأ صاحبُ الكتاب بذكر نفسه، وذَكَرَ آثارًا في ذلك، ورُويَ عن مالك: أنَّه سُئِل عن الذي يبدأ في الكتاب بأصغرَ منه، ولعلَّه ليس بأفضلَ منه؟ قال: لا بأس بذلك، أرأيت إذا وسَّع له في المجلس إذا جاء؛ إعظامًا له؟ وقال: إنَّ أهل العراق يقولون: لا تبدأ بأحدٍ قبلَك وإن كان أباك أو أكبرَ منك؛ يعيب ذلك من قولهم، انتهى.

==========

[ج 2 ص 644]

(1/11258)

[حديث: نجر خشبةً فجعل المال في جوفها]

6261# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على هذا التعليق ستَّ مَرَّاتٍ معلَّقًا، وسابعة اختُلِف فيها؛ وهي (باب في التجارة في البحر)؛ اختُلِف فيه هل أسنده أم لا، وكونه مسندًا هو ثابتٌ في عدَّة أصول من رواية أبي الوقت، عن الداوديِّ، عن ابن حَمُّويه، عن الفِرَبْريِّ، عن البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (كتاب الزكاة)، وأنِّي لا أعلم له نظيرًا، وهو أنَّ البُخاريَّ يذكر حديثًا ستَّ مَرَّاتٍ معلَّقًا، والسابعة يُختَلَف فيها، والله أعلم، وقد ذكرت ذلك في (الزكاة) حيث ذكره البُخاريُّ أوَّل مرَّةٍ في (باب ما يستخرج من البحر)، وذكرت [1] إلى مَن عزاه شيخُنا، وعزا شيخُنا هنا تخريجَه إلى الإسماعيليِّ، وفي (الزكاة) استوعب.

قوله: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ): هذا الرجل لا أعرفُ اسمه.

قوله: (إِلَى صَاحِبِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ المقرِض هو النجاشيُّ أصحمةُ.

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ): (عمر) هذا: هو ابن أبي سلمة بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ المدنيُّ، يروي عن أبيه وغيرِه، وعنه: ابن عمِّه سعد بن إبراهيم، ومسعر، وأبو عوانة، وهُشَيمٌ، وغيرُهم، قال ابن سعد: كثير الحديث، لا يُحتَجُّ به، وضعَّفه يحيى القَطَّان، وقال ابن المَدينيِّ: تركه شعبةُ، وليس بذاك، وقال ابن مَعين مرَّةً: ضعيف، ومرَّةً: ليس به بأسٌ، وقال أبو حاتمٍ: صدوقٌ، لا يُحْتَجُّ به، وقال ابن خُزيمة وغيرُه: لا يُحْتَجُّ به، وقال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: قدم واسط، فكتبوا عنه، وكان على قضاء المدينة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له الأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (133 هـ)، وإنَّما نبَّهت عليه؛ لئلَّا يظنَّ مَن لا خبرة عنده أنَّه الرَّبيبُ.

وتعليقه هذا ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّج شيخُنا هذا التعليقَ، إنَّما عزا تعليق الليث، عن جعفر، عن عبد الرَّحْمَن بن هرمز، عن أبي هريرة، كما قدَّمتُه قريبًا أعلاه.

==========

[1] في (أ): (وذكره)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 644]

(1/11259)

[باب قول النبي: «قوموا إلى سيدكم»]

(1/11260)

[حديث: لقد حكمت بما حكم به الملك]

6262# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (أَبُو أُمَامَة بْن سَهْلٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ اسمه أسعد، و (أَبُو سَعِيد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن معاذٍ الذي اهتزَّ لموته عرش الرَّحْمَن، سيِّدُ الأنصار، تَقَدَّمَ بعض مناقبه في (المناقب).

قوله: (أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ): (تُقتَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مقاتلتُهم): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ)، وقد تَقَدَّمَ كم كان أهل قريظة، والاختلاف فيهم، مُطَوَّلًا في مكانه، وأنَّهم كانوا ستَّ مئةٍ أو سبعَ مئةٍ، والمُكَثِّر يقول: بين الثمان مئة والتسع مئة، وقد تَقَدَّمَ ما عددهم غير ذلك.

قوله: (بِحُكْمِ الْمَلِكِ [1]): هو بكسر اللام؛ أي: بحُكْم الله، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضهم رواه بالفتح؛ يعني: جبريل.

قوله: (قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَفْهَمَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، مِنْ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: إِلَى حُكْمِكَ): (أبو عبد الله): هو البُخاريُّ مُحَمَّد بن إسماعيل، و (بعض أصحابه الذي أفهمَهُ): لا أعرفه، وقال بعضُ حُفَّاظ مِصْرَ المُتَأخِّرين: وقع لنا الحديثُ تامًّا من رواية مُحَمَّد بن سعدٍ كاتبِ الواقديِّ عن أبي الوليد، أخرجه في «الطبقات»، ووقع لنا أيضًا من رواية مُحَمَّد بن أيُّوب بن الضُّرَيس عن أبي الوليد، أخرجه البيهقيُّ في «شعب الإيمان»، انتهى.

(1/11261)

[باب المصافحة]

قوله: (فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي): تَقَدَّمَ لِمَ قام إليه طلحة دون غيره من عند السُّهَيليِّ، وأمَّا قوله: (وهنَّأَني)؛ هو بهمزة مفتوحة بعد النون الأولى، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَكَفَّيَّ بَيْنَ كَفَّيْهِ) [1]: كذا في أصلنا مشدَّد الياء هنا، والذي أحفظه: (وكَفِّي)؛ على الإفراد [2]، ثُمَّ أيضًا كان من حقِّه أن يكون (وكفَّاي) على رواية التثنية، والله أعلم.

==========

[1] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» بعد (باب المصافحة)، وعليه علامة السقوط من رواية أبي ذرٍّ، وعليه في (ق) علامة التقديم والتأخير.

[2] وهي رواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق).

[ج 2 ص 644]

(1/11262)

[حديث: أكانت المصافحة في أصحاب النبي؟]

6263# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 644]

(1/11263)

[حديث: كنا مع النبي وهو آخذ بيد عمر]

6264# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (حَيْوَة): بفتح الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ابن شريح؛ بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، التُّجِيبيُّ المصريُّ، أحدُ الزُّهَّاد والعُبَّاد والأئمَّة، لاحَيْوَة بن شُريح الحضرميُّ الحمصيُّ، و (أَبُو عَقِيلٍ)؛ بفتح العين، وكسر القاف: زهرة بن معبد.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (حدَّثني).

[ج 2 ص 644]

(1/11264)

[باب الأخذ باليدين]

(1/11265)

[حديث: علمني رسول الله وكفي بين كفيه التشهد]

6265# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سَيْفٌ): هو ابن سليمان، ويقال: ابن أبي سليمان، المخزوميُّ مولاهم المَكِّيُّ، عن مجاهد وعديِّ بن عديٍّ، وعنه: يحيى القَطَّان وأبو نُعَيم، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة.

قوله: (وَكَفَّيَّ): هو في أصلنا القاهريِّ بفتح الفاء على أنَّه مثنًّى، وفي الهامش بالإفراد [1]، ويجيء فيه ما جاء في الذي قبله، والله أعلم.

قوله: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في مكانها، وكذا (الصَّلَوَاتُ).

قوله: (بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا): هو بفتح النون الأولى، ولا يجوز كسرها؛ أي: بيننا.

قوله: (فَلَمَّا قُبِضَ): هو بضَمِّ القاف، وكسر المُوَحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 644]

(1/11266)

[باب المعانقة وقول الرجل: كيف أصبحت؟]

قوله: (بَابُ الْمُعَانَقَةِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب؛ وهو حديث ابن عَبَّاس: (أنَّ عليًّا خرج من عندِ النَّبيِّ

[ج 2 ص 644]

صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في وَجَعِه الذي تُوُفِّيَ فيه، فقال الناس: يا أبا حسنٍ؛ كيف أصبح رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ فقال: أصبح بحمدِ الله بارئًا)، قال ابن المُنَيِّر: (المعانقة) ترجم عليها، ولم يذكر حديثها وإن كان قد ذكر معانقة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم للحسن في غير هذا الكتاب، ذكره في (باب ما ذُكِر في الأسواق)، وكأنَّ الذي منعه من ذكره ههنا أنَّ عادته لا يُكرِّر الحديث إلَّا إذا اختلف ألفاظُه أو إسنادُه، فلمَّا لم يجد لهذا الحديث عنده إسنادًا آخَرَ؛ كان في مُهْلةِ التماسه، فاختُرِم قبل ذلك، والله أعلم) انتهى، وفيما قاله نظرٌ؛ إذ قد كرَّر أحاديثَ متنًا وإسنادًا، وقد ذكرتُ منها عدَّة أحاديثَ قبل هذا، وهي قابلةٌ للزيادة، وأيضًا الحديث المشار إليه عند البُخاريِّ بإسناد آخَرَ، فإنَّه أخرجه في (اللباس) عن إسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، عن يحيى بن آدم، عن ورقاء بن عمر، عن عُبيد الله بن أبي يزيد، وفي (باب ما ذُكِر في الأسواق) أخرجه عن عليِّ بن عبد الله، عن سفيان، عن عُبيد الله بن أبي يزيد، عن نافع بن جُبَيرٍ بن مُطعِم، عن أبي هريرة، فهذان إسنادان مختلفان، وكذا المتنان أيضًا بينهما اختلافٌ، والذي يظهر _والله أعلم_ أنَّه ذكر (المعانقة) في الترجمة، ولم يذكر لها حديثًا؛ اعتمادًا على الحديثِ الذي فيه معانقتُه للحسن _لشهرته_ ولغيره؛ كحديث معانقته لزيد بن حارثة لمَّا قدم المدينة، روَته عائشةُ رضي الله عنها، أخرجه التِّرْمِذيُّ وقال: حسنٌ.

وجوابٌ آخرُ أحسنُ مِن هذا؛ وهو أنَّ (المعانقةَ) و (الواوَ) التي بعدها ثابتةٌ في بعض الروايات، وفي بعضها محذوفةٌ، فتبقى الترجمة على حذفها: (باب قول الرجل: كيف أصبحت؟)، وعلى هذه؛ فلا سُؤال عليها، وقد قال شيخنا: ذكر المعانقة مضروبٌ عليه في أصل الدِّمْيَاطيِّ، انتهى.

(1/11267)

[حديث: أن علي بن أبي طالب خرج من عند النبي في وجعه]

6266# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا، و (بِشْر بن شعيب): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، وقد تَقَدَّمَ الكلام في سماع بِشْر من أبيه شعيب، والصوابُ: أنَّه سمع منه، كيف وقد قال هنا وفي (مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم): (حَدَّثَنِي أَبِي)؟! والله أعلم، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد روى له البُخاريُّ مقرونًا، وهذا المكان مقرونٌ، وأخرج له أبو داود، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّمَ الكلام في رواية الزُّهْرِيِّ عنه في (باب مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) من عند الدِّمْيَاطيِّ، وذكرت هناك ما يؤيِّد كلامَ الدِّمْيَاطيِّ؛ فانظره.

قوله: (أَنْتَ وَاللهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ [2] عَبْدُ الْعَصَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ووفاتِه)؛ ومعناه: إنَّك من الرَّعِيَّة؛ يعني: أنَّه عليه السلام يموت بعد ثلاثٍ، وتكون أنت مأمورًا، لا أميرًا.

قوله: (لأُرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُرَى)؛ بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه ظاهرٌ معروفٌ.

قوله: (فَنَسْأَلَهُ): هو مَنْصُوبٌ على جواب الأمر، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَمَرْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا): من الأمر، بقصر الهمزة، كذا رويته، وقال شيخنا: ضبطه بعضُهم بمدِّ الهمزة؛ أي: شاورناه، والذي قرأناه: (أمرناه)؛ من الأمر، مقصورٌ بغير مدٍّ، انتهى.

(1/11268)

[باب من أجاب بلبيك وسعديك]

قوله: (بَابُ مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ): (لبَّيك): تثنيةٌ، ومعناها: إجابةً لك بعد إجابةٍ تأكيدًا؛ كما قالوا: حَنانَيك، ونُصِب على المصدر، هذا مذهب سيبويه، ومذهب يونس: أنَّه اسمٌ غير مسمًّى، وأنَّه أَلِفُه انقلبت ياءً؛ لاتِّصالها بالضمير؛ مثل: لَديَّ وعليَّ، وأصله: لبب؛ من لَبَّ بالمكان، وألَبَّ به؛ إذا أقام، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في قوله: (لبَّيك اللهمَّ لبَّيك) في (الحجِّ)؛ فانظره.

قوله: (وَسَعْدَيْكَ): أي: إسعادًا لك بعد إسعادٍ، ولهذا ثُنِّيَ، وهو من المصادر المنصوبة بفعلٍ لا يظهر في الاستعمال، قال الجَرْميُّ: لم يُسمَع (سعديك) مفردًا.

==========

[ج 2 ص 645]

(1/11269)

[حديث: هل تدري ما حق الله على العباد أن يعبدوه ... ]

6267# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (قَالَ: أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن منده جمع أرادف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فنيَّف بهم على ثلاثين، وقد ذكرتُ أنا مَن وقفت عليه منهم في أوائل هذا التعليق؛ فانظرهم.

قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ [1]): هو بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ، وأنَّه يُقال له: هدَّاب أيضًا، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

==========

[1] (بن خالد): ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِبَ عليها في (ق).

[ج 2 ص 645]

(1/11270)

[حديث: يا أبا ذر ما أحب أن أحدًا لي ذهبًا]

6268# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا، والاختلاف في اسمه واسم أبيه، والأصحُّ: جُندب بن جنادة.

قوله: (بِالرَّبَذَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأين هي، وكذا تَقَدَّمَ (الحَرَّة) ما هي.

قوله: (عُرِضَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عُرِض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، ومعناه: لَقِيَه أَحَدٌ.

قوله: (قُلْتُ لِزَيْدٍ): قائل ذلك هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (زيد): هو ابن وهب المذكورُ في السند.

قوله: (بَلَغَنِي أَنَّهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عُويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، وتَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه.

قوله: (وقَالَ الأَعْمَشُ: حَدَّثَنِيِ [1] أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَحْوَهُ): (الأعمش): هو سليمان بن مِهْرَان، و (أبو صالح): هو ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أبو الدرداء): عُويمر، تَقَدَّمَ أعلاه، والظاهر أنَّه أراد بتعليق الأعمش هذا ما أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة»: «يا أبا ذرٍّ؛ اذهب فنادِ: مَن شهد أنْ لا إله إلَّا الله ... »؛ الحديث، أخرجه في «اليوم والليلة» عن أحمد بن حرب الطائيِّ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح به، ولم أرَ في «الأطراف» لذكوان أبي صالح السَّمَّان الزَّيَّات عن أبي الدرداء سوى هذا، وسوى حديث: «ذهب أهل الأموال بالدنيا والآخرة ... »؛ الحديث، علَّقه البُخاريُّ في (الدَّعَوَات): وقال جَرِير [خ¦6329]، ورواه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة»، وسوى حديثٍ في (تفسير قوله عزَّ وجلَّ: {لَهُمُ الْبُشْرَى} [يونس: 64])، أخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير).

قوله: (وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ): (أبو شهاب): اسمه عبد ربِّه بن نافع الحنَّاط؛ بالنون، تَقَدَّمَ، و (الأعمش): سليمان بن مِهْرَان، وتعليق أبي شهاب أخرجه البُخاريُّ في (الاستقراض) عن أحمد ابن يونس عن أبي شهابٍ به.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال الأعمش: وحدَّثني).

[ج 2 ص 645]

(1/11271)

[باب: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا ... }]

(1/11272)

[حديث: نهى أن يُقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر]

6270# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ.

قوله: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَكَانِهِ [1]، ثُمَّ يُجْلِسُ [2] مَكَانَهُ): (يُجلِسُ): بضَمِّ أوَّله، وكسر اللام، مَرْفُوعٌ، وفيه وقفةٌ، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا بالقلم، وعليه (صح)، ومعناه: كان ابن عمر يكره أن يقومَ الرجل من مكانِه، ويُجلِس ذلك الرجلُ القائمُ مكانَه شخصًا آخرَ، وهذا الضبط على أنَّه رُباعيٌّ،

[ج 2 ص 645]

يدلُّ له حديثان في «سنن أبي داود» في (كتاب الأدب)؛ أحدهما عن أبي بكرة، والثاني عن ابن عمر، وكذا هو مضبوطٌ بخطِّ شيخنا الإمام العلَّامة أبي جعفر الغَرناطيِّ في نسخته بالقلم، والله أعلم؛ أعني: على أنَّه رُباعيٌّ، وأمَّا كونه مرفوعًا؛ ففيه وقفةٌ.

(1/11273)

[باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه ... ]

قوله في الترجمة: (أَوْ تَهَيَّأَ): هو بهمزةٍ مفتوحة في آخره.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11274)

[حديث: لما تزوج رسول الله زينب دعا الناس طعموا]

6271# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي): هو معتمر بن سُليمان بن طرخان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه لاحق بن حُمَيدٍ.

قوله: (لمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف متى تزوَّج بها على ثلاثة أقوال تَقَدَّمَت مرارًا، وأنَّه سنة أربعٍ، وقيل: ثلاثٍ، وقيل: خمسٍ.

قوله: (ثُمَّ [2] طَعِمُوا): هو بفتح الطاء، وكسر العين؛ أي: أكلوا.

قوله: (وَبَقِيَ ثَلَاثَةٌ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) أنِّي لا أعرفهم، وتَقَدَّمَ أنَّ في رواية أخرى: (فلمَّا رجع إلى بيته؛ رأى رَجُلَين)، وفي رواية: (بقي نَفَرٌ)، وفي طريق أخرى: (وبَقِيَ رَهْطٌ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النَّفَر) و (الرَّهْط)، والحاصل: أنَّه لا منافاة بين الرواياتِ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

[2] (ثُمَّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 646]

(1/11275)

[باب الاحتباء باليد وهو القرفصاء]

قوله: (بَابُ الاِحْتِبَاءِ بِالْيَدِ؛ وَهُوَ الْقُرْفُصَاءُ): تَقَدَّمَ ما (الاحتباء)، وقوله هنا: (وهو القرفُصاء): قال الدِّمْيَاطيُّ: (القُرفُصَاء): يُمَدُّ ويُقصَر، وتُكسَر القاف والفاء أيضًا، وهي جِلسة المحتبي بيديه، وقيل: هي جِلسة المستوفز، وقيل: هي جِلسة الرجل على أليتَيه، وقال الفرَّاء: إذا ضممتَ؛ مددتَ، وإذا كسرتَ؛ قصرتَ، انتهى، وهذا قد اختصره من «المشارق» أو «المطالع»، ولفظ «المطالع»: (القُرفُصاء): يُمَدُّ ويُقصَر، ويُقال بكسر القاف والفاء أيضًا، وبالوجهين قيَّدناه عن ابن سراج، وهي جِلسة المحتبي بيديه، وقال البُخاريُّ في (باب الاحتباء باليد): (وهو القرفصاء): قال: (وهي جِلسة المستوفز)، وقال أبو عليِّ: هي جِلسة الرجل على أليتَيه، وحديث قَيلة يدلُّ عليه؛ لقولها: (وبيده عَسِيب)، فقد أخبرت أنَّه لم يحتبِ بيديه، قال الفرَّاء: إذا ضممتَ؛ مددتَ، وإذا كسرتَ؛ قصرتَ، انتهى.

وينبغي أن يُقال: بضَمِّ القاف والفاء، وبكسرهما، ويُمَدُّ ويُقصَر، وهذا أكمل في الضبط، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11276)

[حديث: رأيت رسول الله بفناء الكعبة محتبيًا بيده]

6272# قوله: (أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ): هو بالزاي، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وهو من ولد خالد بن حِزَام أخي حَكِيم بن حِزَام، وهو شيخ البُخاريِّ، ويروي عن واحد عنه، و (مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11277)

[باب من اتكأ بين يدى أصحابه]

قوله: (بَابُ مَنِ اتَّكَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (قَالَ خَبَّابٌ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً): (خَبَّاب) هذا: هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد الباء المُوَحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدة أخرى، وهو ابن الأرتِّ؛ بمُثَنَّاة فوق مُشَدَّدة، وهذا كلُّه معروفٌ، صَحَابيٌّ مشهورٌ، من السابقين، تَقَدَّمَ مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11278)

[حديث: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟]

6273# 6274# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ، و (الْجُرَيْرِيُّ): بضَمِّ الجيم، وفتح الراء، وهو سعيد بن إياس، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفيع بن الحارث، صَحَابيٌّ مشهور رضي الله عنه.

قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ مِثْلَهُ): (بِشْر): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وأنَّه ابن المفضَّل.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11279)

[باب من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد]

قوله: (بَابُ مَنْ أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ [1]): (المِشْية): بكسر الميم، وإسكان الشين، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/11280)

[حديث: صلى النبي العصر فأسرع]

6275# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيلُ، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحَابيٌّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11281)

[باب السرير]

(1/11282)

[حديث: كان رسول الله يصلي وسط السرير]

6276# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح؛ بضَمِّ الصاد المُهْمَلَة، وفتح المُوَحَّدة.

قوله: (وَسْطَ السَّرِيرِ): بإسكان السين، ويجوز تحريكها بالفتح.

قوله: (فَأَسْتَقْبِلَهُ): بالنصب، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَأَنْسَلُّ): هو مَرْفُوعٌ، ليس معطوفًا، ولو قُرِئ بالنصب؛ لفسد المعنى.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11283)

[باب من ألقي له وسادة]

قوله: (بَابُ مَنْ أُلْقِيَ لَهُ وِسَادَةٌ): (أُلقِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وسادةٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11284)

[حديث: لا صوم فوق صوم داود شطر الدهر]

6277# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: هو ابن شاهين، أبو بِشْر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، وقد تَقَدَّمَ ذلك من عند الغسَّانيِّ، وكذا صَرَّحَ به المِزِّيُّ، وكأنَّه وقع في روايته منسوبًا، فإنَّه قال: (عن إسحاق بن شاهين)، ولو كان يوضِّحه أو يوضِّح غيره؛ لقال: عن إسحاق؛ هو ابن شاهين، أو: يعني: ابن شاهين.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ): (عبد الله) هذا: هو المسنَديُّ، قال الكلاباذيُّ وابن طاهر في ترجمة عَمرو بن عون: روى عنه البُخاريُّ في (الصلاة) وغير موضع، وروى عن عبد الله بن مُحَمَّد المسنَديِّ عنه في (الاستئذان) انتهى؛ يعني: أنَّ هذا المكانَ الثاني أنزلُ من الذي قبله بدرجةٍ، و (خَالِد) الأوَّل: هو الطَّحَّان، والثاني: الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أَبُو المَلِيحِ): بفتح الميم، وكسر اللام، واسمه عامر _وقيل: زيد_ ابن أسامة بن عُمير الهُذَليُّ، وَثَّقَهُ أبو زرعة وغيرُه، تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وتسعين، وقيل: سنة اثنتي عشرة ومئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (صومي): نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (قَالَ: خَمْسًا): (خمسًا): مَنْصُوبٌ بفعل مقدَّر؛ تقديره: صُمْ خمسًا، وكذا (سَبْعًا)، وكذا (تِسْعًا)، و (إِحْدَى عَشْرَة).

قوله: (شَطْرَ الدَّهْرِ): هو مَنْصُوبٌ في أصلنا، ونصبه على أنَّه بدلٌ من (صَوْمَ) المنصوب قبله، أو مفعولٌ لفعلٍ مقدَّرٍ؛ وهو: أعني، ويجوز رفعه على أنَّه خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره: وهو، ويجوز جرُّه على أنَّه بدلٌ من (صَوْمِ دَاوُدَ)، والله أعلم.

[ج 2 ص 646]

(1/11285)

[حديث: اللهم ارزقني جليسًا]

6278# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ): هذا هو يزيد بن هارون، و (مُغِيرَة): هو ابن مِقْسم الضَّبِّيُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (مُغِيرَة) و (إِبْرَاهِيم): تقدَّما أعلاه، والثاني أعلى من الأوَّل بدرجة، وهذا عملٌ مِن باب الترقِّي.

قوله: (إِلَى الشَّأْمِ): تَقَدَّمَ، الإقليم المعروف، وتَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق طولُه وعرضُه.

قوله: (إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عُويمر _وقيل غير ذلك_ ابن مالك، وقيل غيرُ ذلك، من بني الحارث بن الخزرج، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا مترجمًا.

قوله: (أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي [2] لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ؟ يَعْنِي: حُذَيْفَةَ): هذا هو ابن اليماني، تَقَدَّمَ، و (السِّرُّ) المشار إليه: هو سرُّه عليه السلام إليه في المنافقين، كان يعلمهم وحدَه، وقد سأله عمر بن الخَطَّاب: هل في عُمَّاله أحدٌ منهم؟ فقال: نعمْ؛ واحدٌ، قال: مَن هو؟ قال: لا أذكره، فعزله عمر؛ كأنَّما دُلَّ عليه، وقد تَقَدَّمَ ذلك بزيادة في (مناقب عمَّار بن ياسر رضي الله عنهما).

(1/11286)

قوله: (أَلَيْسَ فِيكُمْ [3] الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ [4] مِنَ الشَّيْطَانِ؟ يَعْنِي: عَمَّارًا): تَقَدَّمَ في (مناقب عمَّار) قصَّتُه، وقد ذكرها الدِّمْيَاطيُّ هنا، فقال هنا ما لفظه: (بيانُه: قال عمَّار: نزلت مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم منزلًا، فأخذت قِربتي ودَلوي لأستقيَ، فقال لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أَمَا إنَّه سيأتيك من يمنعُك من الماء»، فلمَّا كنت على رأس البئر؛ إذا رجلٌ أسودُ؛ كأنَّه مِرسٌ، فقال: لا والله لا تستقي اليوم منها ذَنوبًا واحدًا، فأخذتُه وأخذني، فصرعتُه، ثُمَّ أخذتُ حَجَرًا، فكسرت به أنفه ووجهه، ثُمَّ ملأتُ قِربتي، فأتيت بها رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «هل أتاك على الماء مِن أحد؟»، فقلت: عبدٌ أسودُ، فقال: «ما صنعتَ بِه؟»، فأخبرته، فقال: «أتدري مَن هو؟» قلت: لا، قال: «ذاك الشيطان، جاء يمنعك من الماء»، روى هذه القصَّةَ ابنُ سعد عن الحسن)، انتهى، و (المِرس) في كلامه: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب صفة إبليس وجنوده).

قوله: (صَاحِبُ السِّوَاكِ وَالْوِسَادِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قراءة {والذَّكَرِ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3]؛ بالجرِّ على العطف، وهي شاذَّةٌ، في {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}؛ فانظر ذلك.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (كان)، وضُرِب عليها في (ق).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أَوْ كَانَ فِيكُمُ).

[4] زيد في «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 647]

(1/11287)

[بابُ القائلة بعد الجمعة]

(1/11288)

[حديث سهل: كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة]

6279# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة [1]، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (نَقِيلُ): هو بفتح النون، ثُلاثيٌّ؛ قَالَ يَقِيلُ.

(1/11289)

[باب القائلة في المسجد]

(1/11290)

[حديث: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب]

6280# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (أبا حَازم) بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (لإِنْسَانٍ: انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟): هذا الإنسان لا أعرفُ اسمه.

قوله: (قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ): تَقَدَّمَ ما ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته» في (غزوة العُشَيرة)، وتَقَدَّمَ ما تعقَّبه ابنُ القَيِّمِ للدمياطيِّ في ذلك، وتَقَدَّمَ تنبيهٌ من عند ابن هشام؛ فانظره في (باب الكنية للصبيِّ).

==========

[ج 2 ص 647]

(1/11291)

[باب من زار قومًا فقال عندهم]

قوله: (بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَقَالَ عِنْدَهُمْ): (قَالَ): هو من القيلولة.

==========

[ج 2 ص 647]

(1/11292)

[حديث: أن أم سليم كانت تبسط للنبي نطعًا]

6281# قوله: (عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ ... )؛ فذكره: كذا هو في أصلنا بإثبات (أنس)، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (عن ثمامة: أنَّ أمَّ سُلَيم)، وهذا مرسلٌ، وقد ضَبَّبَ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ على (عن أنس)، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»، فرأيته ذكره في «أطرافه» في مسند أنسٍ عن ثُمَامة عنه، فإذن الضَّبُّ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ غيرُ صحيحٍ، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها، وأنَّها [1] أمُّ أنس بن مالك، وزوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل.

قوله: (نِطَعًا): تَقَدَّمَت اللُّغَات فيه.

قوله: (فِي سُكٍّ): هو بضَمِّ السين المُهْمَلَة، وتشديد الكاف، قال ابن قُرقُول: هو طِيبٌ مصنوعٌ من أخلاطٍ قد جُمِعَت، وفي «النهاية» بمعناه، وفي «الصحاح»: والسُّكُّ أيضًا: طِيب عربيٌّ.

قوله: (أَنْ يُجْعَلَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا بعده (فَجُعِلَ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي حَنُوطِهِ): هو بفتح الحاء، معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

(1/11293)

[حديث: ناس من أمتي عرضوا علي غزاةً في سبيل الله]

6282# 6283# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام.

قوله: (إِلَى قُبَاءٍ): موضعٌ معروفٌ، تَقَدَّمَت اللُّغَات فيه.

قوله: (يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ): هي بفتح الحاء المُهْمَلَة، وبالراء، بنت ملحان، وهي أخت أمِّ سُلَيم، وقدَّمت الاختلاف في اسمَيهما، وقد تَقَدَّمَ الكلام في أنَّهما كانتا خالَتَي النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مُطَوَّلًا، وإنكارُ الحافظ الدِّمْيَاطيِّ ذلك، وأنَّه كان يدخل عليهما بالعصمة.

قوله: (عُرِضُوا عَلَيَّ): (عُرِضوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية الآتية.

قوله: (يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ): (الثَّبَج)؛ بفتح الثاء المُثَلَّثَة، وفتح المُوَحَّدة، وبالجيم: الظهر، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (شَكَّ إِسْحَاقُ): هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المذكورُ في السند، وهو ابن أخي أنس بن مالك لأمَّه.

[ج 2 ص 647]

قوله: (فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ زَمَنَ [1] مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجهادِ).

قوله: (عَنْ دَابَّتِهَا): تَقَدَّمَ أنَّها كانت بغلةً.

(1/11294)

[باب الجلوس كيف ما تيسر]

قوله: (بَابُ الْجُلُوسِ كَيْفَمَا تَيَسَّرَ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب؛ وهو حديث أبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنه: (نهى النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن لِبستين ... )؛ الحديث، ثُمَّ قال: مطابقة الترجمة للحديث من جهة المفهوم؛ لأنَّه إنَّما نهى عن حالةٍ واحدةٍ من حالات الجلوس، فأفهم بالتخصيص أنَّ الحكمَ فيما عدا هذه الحالةِ الإباحةُ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 648]

(1/11295)

[حديث: نهى النبي عن لبستين]

6284# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظُ الجِهْبِذُ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): (اللِّبسة): بكسر اللام؛ لأنَّها هيئةٌ وحالةٌ في اللِّباس، قال في «المطالع» بعد أن ذكر الكسرَ: وقد رُوِيَ بضَمِّ اللام على اسم الفعل، قال: والأوَّل هنا أوجهُ، انتهى، ولابن الأثير نحوُه، ولفظُه: (نهى عن لِبستين): هي بكسر اللام، الهيئة والحالة، ورُوِيَ بالضَّمِّ على المصدر، والأوَّل أوجهُ.

قوله: (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ): الذي أحفظه فيه فتحُ الباء، ورأيتُ بعضَهم ذكره بالكسر لا غير، غَيْرَ مَرَّةٍ؛ أي: الهيئة، وقد قَدَّمْتُ ذلك، و (اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): تَقَدَّمَ، وكذا (الاِحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) ما هو، وكذا تَقَدَّمَ (الْمُلَامَسَةِ) و (المُنَابَذَةِ).

قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بُدَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على سفيان؛ وهو ابن عُيَيْنَة، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (مُحَمَّد بن أبي حفصة): أبو سلمة بنُ ميسرة البصريُّ، عن الزُّهْرِيِّ، وقتادة، وجماعةٍ، وعنه: ابن المبارك، ورَوحٌ، وآخرون، وَثَّقَهُ غيرُ واحد، وليَّنه يحيى بن سعيد القَطَّان، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، و (عبد الله بن بُدَيْل): مكِّيٌّ، يروي عن عَمرو بن دينار والزُّهْرِيِّ، وعنه: ابن مهديٍّ وزيد بن الحُباب، صُوَيلح الحديث، له مناكيرُ، قال ابن عديٍّ: له ما يُنكَر من الزيادة والنقص، وغمزه الدَّارَقُطْنيُّ، ومشَّاه غيره، قال ابن معين: صالح، له ترجمةٌ في «الميزان»، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود والنَّسائيُّ.

تنبيهٌ: لهم عبد الله بن بُدَيل بن ورقاء الخزاعيُّ، قُتِل يوم صفِّين مع عليٍّ، وأبوه صَحَابيٌّ مشهورٌ، ولا شيء له في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفات أصحاب الكُتُب المذكورة في «التهذيب».

(1/11296)

ومتابعة مَعْمَر أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن عيَّاش، عن عبد الأعلى، عن مَعْمَر به، وأخرجها أبو داود في (البيوع) عن الحسن بن عليٍّ، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر به، وأخرجها النَّسائيُّ فيه عن مُحَمَّد بن رافع، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر به، وأمَّا متابعة مُحَمَّد بن أبي حفصة؛ فلم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، وأمَّا متابعة عبد الله بن بُدَيْل؛ فكذلك، ولم يخرِّجها شيخُنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 648]

(1/11297)

[باب من ناجى بين يدي الناس ومن لم يخبر بسر صاحبه ... ]

(1/11298)

[حديث: مرحبًا بابنتي]

6285# 6286# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (فِرَاسٌ): هو ابن يحيى الهَمْدانيُّ الكوفيُّ المُكَتِّب، عن الشَّعْبيِّ وأبي صالح، وعنه: شعبةُ وأبو عوانة، مات سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد وَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، والنَّسائيُّ، قال القَطَّان: ما أنكرت من حديثه إلَّا حديث الاستبراء، ذكره في «الميزان» تمييزًا، و (عَامِر) بعده: الشَّعْبيُّ عامر بن شَراحيل.

قوله: (كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بالنصب على الاختصاص، و (عِنْدَهُ): الخبر، وفي أصلنا بالقلم مَرْفُوعٌ بدلٌ من الضمير في (كنَّا)، والخبر: (عنده).

قوله: (لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ): هو بفتح الدال بالقلم في أصلنا، وفي نسخة بكسر الدال، و (واحدةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن؛ أي: لم تُخلَّفْ منَّا واحدةٌ، أو تتخلَّفْ منَّا واحدةٌ.

قوله: (مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (المِشْية): بكسر الميم، تَقَدَّمَت هيئة المشي.

قوله: (رَحَّبَ بِهَا [1]): هو بتشديد الحاء المُهْمَلَة المفتوحة؛ أي: قال لها: مرحبًا.

قوله: (ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ في «سنن ابن ماجه»: (أجلسها عن شماله)؛ من غير شكٍّ.

قوله: (لِأُفْشِيَ): أي: لأذيعَ وأظهرَ، و (الإفشاء): الإذاعة والإظهارُ.

قوله: (عَزَمْتُ عَلَيْكِ): هو بفتح الزاي المُخَفَّفة؛ أي: أقسمتُ عليك، قاله الجوهريُّ في «صحاحِه».

قوله: (لَما [2] أَخْبَرْتِنِي): هو بفتح اللام، مخفَّف الميم، كذا أحفظه، وقال شيخنا هنا: يحتمل أن تكون اللام بمعنى: (إلَّا)، و (ما) زائدة، هذا مذهب الكوفيِّين، ويحتمل أن تكون (لمَّا [3]) مُشَدَّدة بمعنى: (إلَّا)، ذكره سيبويه، وأنكره الجوهريُّ، انتهى.

قوله: (أَمَّا حِينَ سَارَّنِي): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (سارَّني): بفتح الراء المُشَدَّدة، وكذا الثانية: (سَارَّنِي).

قوله: (كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ)، وكذا قوله: (وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي [4] الْعَامَ مَرَّتَيْنِ): تَقَدَّمَ معناه في (فضائل القرآن).

(1/11299)

قوله: (وَلَا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ): (أَرى): بفتح الهمزة، كذا في أصلنا، ومعناه صحيحٌ، ولو ضُمَّ؛ كان معناه: أظنُّ، وهو هو، لكنَّ الروايةَ المتَّبَعةُ.

قوله: (نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ): و (السَّلَف): قيل: هو من سلف المال؛ كأنَّه قد أسلفه وجعله ثمنًا للأجر والثواب الذي يُجازَى على الصبر عليه، وقيل: سلفَ الإنسان: مَن تقدَّمه بالموت مِن آبائه وذوي قرابته، ولهذا سُمِّيَ الصدر الأوَّل من التابعين: السَّلَف الصالح، قاله ابن الأثير، وفي «المطالع»: (السَّلَف): العمل الصالح تُقَدِّمُه، ومنه: (فاجعله فَرَطًا وسَلَفًا)؛ أي: خيرًا مقدَّمًا تجده في الآخرة، انتهى.

==========

[1] (بها): ليست في «اليونينيَّة»، وهي في (ق) مستدركة من نسخة.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لمَّا).

[3] في (أ) تبعًا لمصدره: (ما)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (به).

[ج 2 ص 648]

(1/11300)

[باب الاستلقاء]

قوله: (بَابُ الاِسْتِلْقَاءِ): هو الاضطجاع على القفا.

(1/11301)

[حديث: رأيت رسول الله في المسجد مستلقيًا]

6287# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المَدينيِّ_: ابنُ عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عَمُّ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ.

[ج 2 ص 648]

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

(1/11302)

[باب لا يتناجى اثنان دون الثالث]

(1/11303)

[حديث: إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث]

6288# قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11304)

[باب حفظ السر]

(1/11305)

[حديث: أسر إليَّ النبي سرًا فما أخبرت ... ]

6289# قوله: (أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرًّا): هذا السِّرُّ لا أعلم أحدًا ذكره، وفي كلام أنسٍ التصريحُ بأنَّه لم يُطلِع عليه أحدًا بعده عليه السلام، وأنَّ أمَّه أمَّ سُلَيم سألته عنه، فما أخبرها به، والظاهر أنَّه ليس بعِلْمٍ؛ لأنَّه لو كان عِلمًا؛ لما وسعه كتمانُه، ولعلَّه شيءٌ يتعلَّق بأحدٍ من زوجاته أو غيرهنَّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11306)

[باب: إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة]

قوله: (بَاب إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ فَلَا بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالْمُنَاجَاةِ): (المُسارَّة): بضَمِّ الميم، وتشديد الراء المفتوحة، قال الجوهريُّ: سارَّهُ في أذنه مُسارَّةً وسرارًا، وتسارُّوا: تناجَوا، وقال في (نجا): والنَّجْوُ: السِّرُّ بين اثنين، يُقال: نَجوته نجوًا؛ أي: ساررته، وكذلك ناجيته، وانتجى القومُ وتناجَوا؛ إذا تسارُّوا، وانتجيته أيضًا: خصصتَه بمناجاتك، والاسم: النَّجوى ... إلى آخر كلامه، فعلى هذا عطفُ البُخاريِّ (المناجاة) على (المُسارَّة) هو من باب عطف الشيء على نفسه، وحَسُنَ ذلك؛ لأنَّه تغيَّر اللفظ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11307)

[حديث: إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى رجلان دون الآخر]

6290# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو ابن أبي شيبة، أحد الأعلام، وهو أكبر في السِّنِّ من أخيه أبي بكر، تَقَدَّمَ، و (جَرِيرٌ) بعده: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (أَجْلَ أَنْ يحْزنَهُ): قال في «النهاية»: (أَجْلَ أنْ يحزنه)؛ أي: من أجله ولأجله، والكلُّ لُغاتٌ، وتُفتَح همزتها وتُكسَر، انتهى، وفي «المطالع»: (أَجْل أن يأكلَ معك)، وكذا في (باب النهي عن المناجاة): (أَجْلَ أن يحزنه)، وكلُّه بمعنى: من أجل ذلك؛ أي: مِن سببه، وقد يُقال في هذا: إجل، ومن إجل، وهي لغةٌ أخرى، وفي «صحاح الجوهريِّ»: يُقال: فعلتُ ذلك من أجلك، ومن إجلك؛ بفتح الهمزة وكسرها، ومن إجْلاك؛ أي: مِن جَرَّاك، انتهى، و (جَرَّاك) معناه: من أجلك، و (يحزنه): ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، لُغتَان قُرِئ بهما في السبع.

(1/11308)

[حديث: رحمة الله على موسى أوذي بأكثر من هذا فصبر]

6291# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، والزاي: مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، تَقَدَّمَ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (شَقِيق): هو ابن سلمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه مُعتِّب بن قُشَير.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (قَدْ [1] أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ الكلام على ما أُوذِيَ به موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

==========

[1] (قد): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 649]

(1/11309)

[باب طول النجوى]

قوله: (بَابُ طُولِ النَّجْوَى): تَقَدَّمَ أنَّ (النجوى): المُسارَّةُ أعلاه.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11310)

[حديث: أقيمت الصلاة ورجل يناجي رسول الله]

6292# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّد بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدُر، و (عَبْد العَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

قوله: (وَرَجُلٌ يُنَاجِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11311)

[باب: لا تترك النار في البيت عند النوم]

قوله: (بَاب لَا تُتْرَكُ النَّارُ فِي الْبَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ): (تُترَك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النارُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11312)

[حديث: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون]

6293# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11313)

[حديث: إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم]

6294# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الحارث، أو عامر، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ): أهلُ هذا البيت لا أعرفُهم.

قوله: (فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُدِّث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11314)

[حديث: خمروا الآنية وأجيفوا الأبواب]

6295# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حَمَّاد بن زيد، و (كَثِير): بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وهو ابن شَنْظِيْر، و (شَنْظِيْر): بفتح الشين، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ ظاء معجمة مشالة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، مصروفٌ، و (كَثِير): له ترجمة في «الميزان»، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (خَمِّرُوا الآنِيَةَ): أي: غطُّوها، وسيأتي قريبًا ما الحكمة فيه، وقد تَقَدَّمَ بعيدًا.

قوله: (وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ): (أَجِيْفوا): بفتح الهمزة، وكسر الجيم، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء؛ أي: ردُّوها.

(1/11315)

[باب إغلاق الأبواب بالليل]

(1/11316)

[حديث: أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم]

6296# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (عَطَاء): هو ابن أبي رباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (أَطْفِئُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الفاء، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ، وكذا (وَأَغْلِقُوا [1]): بفتح الهمزة، وكسر اللام، رُباعيٌّ.

قوله: (وَأَوْكِئُوا [2]): كذا في أصلنا، وكذا تَقَدَّمَ له غيرُ هذا الموضع، وتعقَّبته، والذي أعرفه: (أَوكُوا): بفتح الهمزة، وضمِّ الكاف من غير همز بعدها، وقد ذكره في (وكا) المعتلِّ الجوهريُّ في «صحاحه»، وابنُ الأثير في «نهايته»، وذكره ابن قُرقُول في (المعتلِّ)، ولم أرَ أحدًا ذكره في الهمز، ومعنى (أَوكُوا): شُدُّوا رؤوسها بالوكاء؛ لئلَّا يدخلها حَيَوانٌ، أو يَسقط فيها شيءٌ، يُقال: أوكيت السقاء إيكاءً؛ فهو موكًى.

فائدةٌ: إنَّما أمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء؛ للحديث الآخَرِ الذي في «مسلم»: «إنَّ في السنة ليلةً ينزل فيها وَباء لا يمرُّ بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاءٍ ليس عليه وكاء؛ إلَّا ترك فيه من ذلك الوباء»، قال الليث _هو ابن سعد_ عقيبه: (والأعاجمُ عندنا يتَّقون ذلك في كانون الأوَّل)، انتهى، ويحتمل أن تكون العلَّةُ ما جاء في حديثٍ آخَرَ في «الصحيح»: «فإنَّ الشيطان لا يَحُلُّ سِقاءً، ولا يَكشِف إناءً»، ويحتمل أن يكون من أجل العلَّتين قال ذلك، والله أعلم، قال شيخنا: قلت: وهو من شهور القيظ كيهك، انتهى؛ يعني: كانون الأوَّل.

قوله: (قَالَ هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يحيى العَوْذِيُّ المذكورُ في السند.

قوله: (وَلَوْ بِعُودٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (تعرُضُه)، قال ابن قُرقُول: بضَمِّ الراء، كذا رويناه، وكذا قاله الأصمعيُّ، ورواه أبو عبيد بفتح التاء أيضًا مع كسر الراء، والأوَّل أشهرُ، وهو أن يضعه عليه عرضًا [كأنَّه جعلَه بعرْضِه ومدَّه هناك؛ إذ لم يجِد ما يخمِّرُه أجمع، ومثلُه: «كان يُعرِّضُ رَاحِلَته ويُصلِّي إليها» [خ¦507، م: 502]؛ أي: يُنيخُها عَرضًا] في قِبلته، كذا ضبطناه، وكذا فسَّره الأصيليُّ، وقَيَّدهُ بعضهم: (بعَرْضٍ)، والأوَّل أوجهُ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11317)

[باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط]

[ج 2 ص 649]

قوله: (بَابُ الْخِتَانِ بَعْدَ الْكِبَرِ): (الختان) معروفٌ، يُقال: ختنتُ الصبيَّ خَتْنًا، والاسم: الخِتان والخِتانة، و (الخِتان) أيضًا: موضعُ القطع من الذَّكَر، ومنه: «إذا التقى الخِتانان»، وقد تُسَمَّى الدعوة لذلك: خِتانًا، و (الخِفَاض)؛ بكسر الخاء، وبالفاء المُخَفَّفة، وبعد الألف ضاد، معجمتان: للجارية؛ كالختان للغلام، و (الخافضة): الخاتنة، وقوله: (بعد الكِبَر): هو بكسر الكاف، وفتح المُوَحَّدة، معروفٌ.

(1/11318)

[حديث أبي هريرة: الفطرة خمس الختان والاستحداد]

6297# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (قَزَعَة) بفتح الزاي، ويجوز سكونها، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ): تَقَدَّمَ ما المراد بـ (الفطرة) في هذا الحديث، وهو من سُنَن المرسلين الذين أُمِرنا بالاقتداء بهم.

قوله: (وَالاِسْتِحْدَادُ): تَقَدَّمَ أنَّه حلق العانة بالحديد.

(1/11319)

[حديث: اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنةً]

6298# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ؛ مُخَفَّفَةً): تَقَدَّمَ الكلام على الجملة في (باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]) في (كتاب الأنبياء).

قوله: (حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ [2]): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو مُغيرة بن عبد الرَّحْمَن الحِزَاميُّ، و (أَبُو الزِّنَاد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، وقوله: (بِالْقَدُّومِ): يعني: بالتشديد، وهذا يُعرَف أنَّه بالتشديد مِن قوله في الحديث قبلَه: (مُخَفَّفة)، فهذه الطريق تخالف الأولى في التشديد فقط، وقد تَقَدَّمَ الكلام على التشديد والتخفيف مُطَوَّلًا في الباب المشار إليه في (كتاب الأنبياء).

==========

[1] (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (المغيرةُ).

[ج 2 ص 650]

(1/11320)

[حديث: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض النبي؟]

6299# 6300# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله.

قوله: (وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ): قال شيخنا: قال الإسماعيليُّ: لا يُدرَى من قول إسرائيلَ، أو أبي إسحاق، أو مَن بعدهم، انتهى، وقد تَقَدَّمَ كم كان سنُّ ابن عَبَّاس حين [1] قُبِضَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسيأتي بالاختلاف، والصحيح: ثلاثَ عشرةَ، ودخل في أربعَ عشرةَ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ): (ابن إدريس): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرَّحْمَن، أبو مُحَمَّد الكوفيُّ، أحد الأعلام، شيخ جماعة من شيوخ البُخاريِّ، و (إدريس) والده: أبو عبد الله الكوفيُّ، عن طلحة بن مُصرِّف، وسِمَاك، وعلقمة بن مرثد، وقيس بن مسلم، وأبيه يزيدَ بنِ عبد الرَّحْمَن، وطائفةٍ، وعنه: ابنه عبد الله بن إدريس، ووكيعٌ، ومُحَمَّد ويعلى ابنا عُبيد، وضمرة بن ربيعة، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وأخرج له الجماعة، و (أبو إسحاق): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وهذا التعليق لم يذكره أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا.

قوله: (قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبِضَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَأَنَا خَتِينٌ): (فعيل) بمعنى: (مفعول)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في سنِّ ابن عَبَّاس حين تُوُفِّيَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذكرتُ فيه أقوالًا، والذي قاله عَمرو بن عليٍّ الفَلَّاس: إنَّه كان ابن ثلاثَ عشرةَ، ودخل في أربعَ عشرةَ، والله أعلم.

(1/11321)

[باب: كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله]

قوله: (بَابٌ: كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ ... ) إلى آخر الترجمة: ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه استفادة الترجمة من الآية؛ يعني: قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]، قال ابن المُنَيِّر: إنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل اللَّهوَ داعيةَ الضلال عن سبيل الله، وسبيلُ الله هو الحقُّ، فكلُّ شيءٍ ضادَّها وحادَّها باطلٌ، وهذا الانتزاعُ أحسنُ من قول المؤلِّف: إنَّه انتزعه من قول القاسم: الغناءُ باطلٌ، والباطلُ في النار، انتهى، والمراد بـ (المؤلِّف): ابن بَطَّال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 650]

(1/11322)

[حديث: من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى ... ]

6301# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، الحِمْيَرِيُّ ليس له شيءٌ عن أبي هريرة غيرَ حديثٍ واحدٍ عند مسلمٍ، وليس له شيءٌ عن أبي هريرة في «البُخاريِّ»، والله أعلم.

قوله: (بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وكذا تَقَدَّمَ على قوله: (تَعَالَ أُقَامِرْكَ؛ فَلْيَتَصَدَّقْ).

(1/11323)

[باب ما جاء في البناء]

قوله: (رُعَاةُ [1] البَهْمِ): في أصلنا هنا: (البَهْم)؛ بفتح المُوَحَّدة بالقلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، واختلاف الرواة فيه، في أوَّل هذا التعليق في (كتاب الإيمان).

(1/11324)

[حديث: رأيتني مع النبي بنيت بيدي بيتًا]

6302# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (إِسْحَاقُ؛ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ): هو إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن سعيد الأَمويُّ الكوفيُّ، عن أبيه وعكرمة بن خالد، وعنه: ابن عُيَيْنَة، ووكيع، وأبو الوليد الطيالسيُّ، وأبو نُعيم، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ وغيرُه، وقال أبو داود: مات سنة (170 هـ)، وقال البُخاريُّ: يُقال: مات سنة (176 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه، وأبوه (سَعِيد): تَقَدَّمَ مترجمًا، عن ابن عَبَّاس، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عَمرو، وعائشة، ومعاوية، وأمِّ خالد بنت سعيد بن العاصي، ووالدِه.

قوله: (رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ تاء (رأيتُني)؛ أي: رأيتُ نفسي.

قوله: (يُكِنُّنِي مِنَ الْمَطَرِ): هو في أصلنا رُباعيٌّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّه رُباعيٌّ وثلاثيٌّ في قول عمر: (أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ مَطَرٍ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ)، في (المساجد) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[ج 2 ص 650]

(1/11325)

[حديث: والله ما وضعت لبنةً على لبنة ولا غرست نخلةً]

6303# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (عَمرو) بعده: هو ابن دينار.

قوله: (لَبِنَةٍ): هي بكسر الباء، ومن العرب مَن يُسَكِّنها.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة.

قوله: (لِبَعْضِ أَهْلِهِ): بعض أهل ابن عُمر لا أعرفه، والله أعلم.

[ج 2 ص 650]

(1/11326)

((80)) (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ) ... إلى (كِتَاب الرِّقَاقِ)

قوله: (وَلِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ): سيأتي الكلام عليها قريبًا.

(1/11327)

[حديث: لكل نبي دعوة يدعو بها]

6304# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

قوله: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ [1]): يعني: محققَّة الإجابة، وباقي دعائه في مظنَّة الإجابة، والله أعلم.

قوله: (أَنْ أَخْتَبِئَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] (مستجابة): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 651]

(1/11328)

[حديث: لكل نبي دعوة قد دعا بها]

6305# قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: قَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي عَنْ أَنَسٍ): كذا في نسخة في هامش أصلنا، وعليها علامة راويها و (صح)، وفي الأصل: (وقال مُعتمر)؛ بحذف (خليفة)، وما في الهامش هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولكن في «أطراف المِزِّيِّ» جعله تعليقًا، وقال فيه: (وقال مُعتمر عن أبيه ... ) إلى آخره، والله أعلم.

و (خليفة) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خيَّاط شبابٌ العصفريُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلانٌ)؛ فهو كـ (حدَّثني فلان)، غير أنَّ الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (مُعتمر): هو ابن سُليمان بن طرخان.

==========

[ج 2 ص 651]

(1/11329)

[باب أفضل الاستغفار ... ]

(1/11330)

[حديث: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي]

6306# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بميمَين مفتوحَتَين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج المنقريُّ، الحافظ المُقْعَد البصريُّ، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (الْحُسَيْنُ) بعده: هو ابن ذكوان المعلِّم.

تنبيهٌ: وقع لشيخِنا في «شرحه» قال: (إنَّه حسين، وهو ابن حُرَيث) [1]، وأين ابن حُرَيث وأين هذا؟ ابنُ حُرَيث من مشايخ الأئمَّة سوى ابن ماجه، وهذا غلطٌ، ونقل في آخر كلامه عن أبي نُعَيم في «عمل اليوم والليلة» قال: (ورواه الحسين بن ذكوان عن ابن بُريدة، عن بُشَير ... ) إلى آخر كلامه.

و (بُشَيْر بْن كَعْبٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة، و (شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ): هو شدَّاد بن أوس بن ثابت الأنصاريُّ، أبو يعلى، ويقال: أبو عبد الرَّحْمَن، المدنيُّ الشاعر، ابن أخي حسَّان بن ثابت، له ولأبيه صحبةٌ، نزل بيت المقدس، وعنه: ابنه يعلى، ومحمود بن لبيد، ومحمود بن الربيع، وأبو الأشعث الصنعانيُّ، وبُشَير بن كعب، وخلقٌ، غلط مَن عدَّه بدريًّا، بل أبوه، ذكره أحمد بن البرقيِّ فيهم، تُوُفِّيَ بالشام سنة (58 هـ)، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: ويُقال: سنة (64 هـ)، ويُقال: سنة (41 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ): (السيِّد): هو الذي يفوق قومَه، وهي السيادة والسُّؤدَد، وهي الرِّئاسة والزَّعامة، ورِفعةُ القَدْرِ، والنَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سَيِّد النَّاسِ في الدنيا والآخرة، ومن هذا المعنى (سيِّد الاستغفار)، وهو الذي يفوق الاستغفارَ كلَّه، والله أعلم.

قوله: (وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ): أي: أنا مقيمٌ على ما عاهدتُك عليه من الإيمان بك والإقرارِ بوَحدانيَّتِك، لا أزول عنه، واستثنى بقوله: (ما استطعتُ) موضعَ القَدَر، والسابقَ في أمره؛ أي: إن كان قد جرى القضاءُ أن أنقضَ العهدَ يومًا ما؛ فإنِّي أخلد عند ذلك إلى التنصُّل والاعتذار؛ لعدم الاستطاعة في دفع ما قضيتَه عَلَيَّ، وقيل: معناه: إنِّي متمسِّكٌ بما عهدتَه إليَّ مِن أَمْرِكَ ونَهْيِك، ومُبدٍ العذرَ في الوفاء به قَدْرَ الوسع والطاقة، وإن كنت لا أقدرُ أن أَبْلُغَ كُنْهَ الواجب، والله أعلم.

(1/11331)

قوله: (أَبُوءُ لَكَ): (أَبُوءُ): بفتح الهمزة، وضمِّ المُوَحَّدة، ثُمَّ همزة مضمومة؛ أي: أُقِرُّ وأعترفُ، وكذا الثانية.

==========

[1] العبارة في «التوضيح»: (هذا الحديث أخرجه البخاريُّ عن أبي معمر: حدَّثنا عبد الوارث: حدَّثني الحسين _ هو ابن ذكوان_: حدَّثنا عبد الله بن بريد، عن بشير، عن شداد به، وأخرجه الترمذيُّ من حديث الحسين بن حريث ... )، فلعلَّ ثمَّة سقطًا في نسخة المؤلِّف رحمه الله من قوله: (ابن ذكوان ... ) إلى ماقبل قوله: (بن حريث).

[ج 2 ص 651]

(1/11332)

[باب استغفار النبي في اليوم والليلة]

(1/11333)

[حديث: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه]

6307# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً): اعلم أنَّه تكرَّر في القرآن والسُّنَّة ذكر السبعين، والسبعة، والسبع مئة، والعرب تضعها موضعَ التضعيف والتكثير؛ كقوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261]، وكقوله: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، وكقوله: «الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة»، و «أعطى رجلٌ أعرابيًّا درهمًا، فقال: سبَّع الله لك الأجرَ»؛ أراد التضعيف، قاله ابن الأثير، وفي «المطالع»: كلُّ ما جاء في الحديث من ذكر الأسباع؛ قيل: هو على ظاهره وحصرِ عَدَدِه، وقيل: هو بمعنى التكثير والتضعيف وإن جاوز عَدَدَهُ.

==========

[ج 2 ص 651]

(1/11334)

[باب التوبة]

قوله: (بَابُ التَّوْبَةِ): اعلم أنَّ التوبةَ واجبةٌ مِن كلِّ ذَنْبٍ، وتصحُّ توبتُه مِن كلِّ مُذْنبٍ إذا وُجِدَت شروطُها، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله؛ فلها شروطٌ ثلاثةٌ، وإن كانت بينه وبين آدميٍّ؛ فلها أربعةٌ: الثلاثة، وأن يبرأَ من حقِّ صاحبِها بطريقةٍ، والثلاثةُ شروطٍ: أن يُقلِعَ عن المعصية، وأن يَندمَ على فعلها، وأن يَعزمَ ألَّا يعودَ إليها أبدًا، وفي كلام بعضهم شروطٌ أُخَرُ.

تنبيهٌ: رأيت في كلام شيخِنا استثناءَ جماعةٍ، قال: لا تُقبَل توبتَهم؛ وهم: إبليس، وهاروت، وماروت، وقابيل، وعاقر الناقة التي لصالح صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كذا قال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 651]

(1/11335)

[حديث: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف ... ]

6308# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (أَبُو شِهَابٍ): اعلم أنَّهما اثنان؛ أحدهما: أبو شهاب الأكبر، واسمه موسى بن نافع الهُذَليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، عن عطاء بن أبي رَباح، روى عنه أبو نُعَيم، ذكر له البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (كتاب الحجِّ)، والآخر: أبو شهاب الأصغر، وهو هذا الذي في سند هذا الحديث، واسمه عبد ربِّه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، يروي عن يونس بن عبيد، وابن عون، وعاصمٍ الأحول، والأعمش، وإسماعيلَ بنِ أبي خالد، وشعبةَ، رَوَيا له جميعًا، روى له البُخاريُّ في آخِرِ (الزكاة)، و (الأشربة)، و (الاستقراض)، و (الكفَّارات)، و (التوحيد)، حدَّث عنه: أحمد ابن يونس، وعاصم بن يوسف، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ حَدِيثَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ ... )؛ فذكرهما: أمَّا الحديث الذي عن نفسه؛ فهو من أوَّل الحديث إلى قوله: (هَكَذَا)، وأمَّا الحديث الذي عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فهو قوله: «لَلَّهُ أَفْرَحُ ... » إلى آخره، وكذا هو في «مسلم»، لكن لم يذكر مسلمٌ الحديثَ الذي عن نفسه، وذكر النَّسائيُّ قصَّة التوبة فقط، وذكرهما التِّرْمِذيُّ، والله أعلم.

قوله: (لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ): (الفرح) هنا وأمثاله: الرِّضا والسُّرعةُ إلى القَبول وحسن الجزاء؛ لأنَّ السُّرور _الذي هو انبساط النفس_ في حقِّ الله محالٌ.

[ج 2 ص 651]

قوله: (قَالَ أَبُو شِهَابٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبدُ ربِّه بن نافع.

قوله: (وَبِهِ مَهْلَكَةٌ): قال ابن الأثير: المهلكة: موضع الهلاك، أو الهلاكُ نفسُه، وجمعها: مهالك، وتُفتَح لامها وتُكسَر؛ يعني: مع فتح الميم، وهما أيضًا: المفازة، انتهى، وكذا قال الجوهريُّ: والمهلكة: المفازة، وفي «المطالع»: بفتح اللام؛ أي: يهلك فيها سالكُها بغير زادٍ، ولا ماءٍ، ولا راحلةٍ، وقال ثعلب: مُهلكة ومَهلِكة، والكلام: مُهْلِكة؛ بالكسر، انتهى.

قوله: (أَرْجِعُ): هو بفتح الهمزة، مَرْفُوعٌ، فعل مضارع لم يتقدَّمْه ناصبٌ ولا جازمٌ.

(1/11336)

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي شهاب عبدِ ربِّه بنِ نافع، و (أبو عوانة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، ومتابعته عن الأعمش لا أعلم مَن خرَّجها مِن [أصحاب] الكُتُب السِّتَّة سوى البُخاريِّ، ولم يخرِّجها [1] شيخنا، و (جَرِير): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومتابعة جَرِير أخرجها مسلم في (التوبة) عن عثمان ابن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن جَرِير به، ولم يخرِّجها [2] شيخُنا، و (الأعمش): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (أبو أسامة): هو حَمَّاد بن أسامة، وتعليق أبي أسامة أخرجه مسلم في (التوبة) عن إسحاق بن منصور، عن أبي أسامة، عن الأعمش، ولم يخرِّجه شيخُنا، و (الأعمش): تَقَدَّمَ أعلاه، و (عُمَارَةُ): هو ابن عُمير المذكورُ في السند، و (الْحَارِث): هو ابن سُوَيد.

قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ عَنِ الأَعْمَشِ): أمَّا (شعبة)؛ فشعبة، وتعليقُه لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا، وأمَّا (أبو مسلم)؛ فاسمه عُبيد الله بن سعيد بن مسلم، أبو مسلم الجعفيُّ الكوفيُّ، قائد الأعمش، عن الأعمش، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: عبد الله بن نُمَيْر، والحُسين بن حفص، وأبو مسلم عبدُ الرَّحْمَن بن واقد، ويحيى بن أبي بُكَيْر، وآخرون، قال البُخاريُّ: (في هذا نظرٌ)، وقال أبو داود: قائد الأعمش، أحاديثُه موضوعةٌ، وقال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: يخطئ، عَلَّقَ له _كما ترى_ البُخاريُّ فقط، ولم يخرِّج له أحدٌ من أصحاب الكُتُب [السِّتَّة]، له ترجمةٌ في «الميزان»، ولم أرَ تعليقَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله، والله أعلم، و (الأعمش): تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/11337)

قوله: (وقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (أبو معاوية): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خازم الضرير، بالخاء المُعْجَمَة، وتعليق أبي معاوية أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) عن هنَّادٍ عن أبي معاوية، وأخرجه النَّسائيُّ في (البعوث) عن مُحَمَّد بن عبيد بن مُحَمَّد عن أبي معاوية به، وعن أحمد بن حريث الموصليِّ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عُمير، عن الحارث بن سُوَيد والأسود؛ كلاهما عن ابن مسعود به.

قوله: (وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ): هذا معطوفٌ على تعليق أبي معاوية؛ يعني: أنَّه رواه عن الأعمش، عن عمارة، عن الأسود، عن عبد الله، ورواه عن الأعمش، عن إبراهيم التيميِّ، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله، وقد ذكرتُ تعليقَه الأوَّل من هذين التعليقَين، وأمَّا تعليقُه الثاني؛ فلم أرَه، لكنِّي رأيتُ حديثَ الأعمش عن إبراهيم عن الحارث به، أخرجه النَّسائيُّ في (البعوث) عن مُحَمَّد بن عبيد بن مُحَمَّد، عن عليِّ بن مسهر، عن الأعمش به، والله أعلم، ولم يعزُه شيخُنا رحمه الله.

(1/11338)

[حديث: الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره]

6309# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه لعلَّه ابنُ منصور، فقد روى مسلم عن إسحاق بن منصور، عن حَبَّان بن هلال، قاله الجَيَّانيُّ، انتهى، والمِزِّيُّ وشيخُنا لم ينسباه، ورأيت بخطِّ شيخِنا البُلْقينيِّ في هذا الحديث: أنَّه هو إسحاق بن منصور الكوسج، انتهى، ولكنَّ الذَّهَبيَّ قال في «تذهيبه»: إسحاق روى البُخاريُّ عنه، عن عبد الله بن بكر، وأبي عاصم، وجماعةٍ، والظاهر أنَّه الكوسج، وقيل: إنَّ الذي يروي عن أبي عاصم هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر، انتهى، وهذا اختصره من كلام المِزِّيِّ، فإذن الظاهر عند المِزِّيِّ أنَّ هذا المذكورَ هنا: هو الكوسج، وهو ابن منصور الذي ذكره الغسَّانيُّ، والله أعلم.

و (حَبَّان): هو ابن هلال، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ [2]): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه يُقال له: هدَّاب، و (هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يحيى العَوْذيُّ، وهذا الثاني أعلى مِن الذي قبله برَجُلٍ.

قوله: (سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ): أي: وجده وصادفه.

قوله: (وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ): معناه: أضاعه وأهلكه، رُباعيٌّ، وفي «المطالع»: لم يجده بموضعه.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] (بن خالد): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 652]

(1/11339)

[باب الضجع على الشق الأيمن]

قوله: (بَابُ الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ): وفي نسخة من أصولنا: (باب الضّجْعَة)، أمَّا (الضَّجْع)؛ فبفتح الضاد المُعْجَمَة، وإسكان الجيم، وهو مصدرٌ، يُقال: ضجع الرجل؛ أي: وضع جنبه بالأرض، يضجَعُ ضَجْعًا وضُجوعًا؛ فهو ضاجعٌ، واضطجع مثلُه، وأمَّا (الضجعة)؛ فإن أراد الهيئة؛ كسر، وإن أراد المرَّة؛ فتح، والظاهر أنَّ المراد هنا: الهيئة؛ فهي مكسورةٌ، والله أعلم، و (الشِّقُّ)؛ بكسر الشين: الجانبُ.

==========

[ج 2 ص 652]

(1/11340)

[حديث: كان النبي يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة]

6310# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

==========

[ج 2 ص 652]

(1/11341)

[باب: إذا بات طاهرًا]

(1/11342)

[حديث: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة.]

6311# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، وفتح المُوَحَّدة.

قوله: (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ): هو بفتج الجيم، تَقَدَّمَ، وقد نصَّ عليه النَّوَويُّ، ولكنَّ شيخَنا ذكر في هذا «الشرح» في (الجنائز): أنَّه بالكسر أيضًا.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ)، وفي رواية: (وجهي): المراد بـ (النفس) و (الوجه): الذَّاتُ كلُّها، والله أعلم.

قوله: (رَهْبَةً وَرَغْبَةً): أي: خوفًا من عذابك، وطمعًا في ثوابك.

قوله: (لَا مَلْجَأَ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَا مَنْجَى): هو غير مهموزٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ): أي: على الإسلام.

قوله: (وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، قَالَ: لَا، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ): تمسَّك بهذا بعضُ من اختصر «علوم الحديث» لابن الصلاح على منع الرواية بالمعنى، وفي الرواية بالمعنى للعالِم أقوالٌ معروفةٌ، فلا نطوِّل بها، وقد تقدَّمه غيرُه، فقيل: إنَّه ليس فيه حجَّةٌ على ذلك؛ لأنَّ ألفاظ الأذكار توقيفيَّة في تعيين اللفظ وتقديرِ الثواب، وربَّما كان في اللفظ سرٌّ ليس في لفظٍ آخَرَ يرادفه، ولعلَّه أراد الجمع بين وصفه بالنبوَّة والرسالة في موضعٍ واحدٍ، لا جرمَ أنَّ النَّوَويَّ [قال]: الصوابُ جوازه؛ لأنَّه لا يختلف به هنا معنًى، والله أعلم؛ أعني: في مسألة إبدال (الرسولِ) بـ (النَّبيِّ)، وعكسِه.

(1/11343)

قال الشيخ محيي الدين حين ذكر هذا الحديثَ في «شرح مسلم»: (اختلف العلماء في سبب إنكاره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وردِّه اللفظَ؛ فقيل: إنَّما ردَّه؛ لأنَّ قوله: (آمنت برسولك) يحتمل غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من حيث اللفظُ، واختار المازريُّ وغيره: أنَّ سبب إنكاره: أنَّ هذا ذكرٌ ودعاءٌ، فينبغي فيه الاقتصارُ على اللفظ الواردِ بحروفه، وقد يتعلَّق الجزاء بتلك الحروف، ولعلَّه أُوحِيَ إليه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بهذه الكلمات، فيتعيَّن أداؤها بحروفها، وهذا القول حَسَنٌ، وقيل: لأنَّ قوله: (وبنبيِّك الذي أرسلت) فيه جزاءٌ له من حيث صنعةُ الكلام، وفيه الجمع بين النبوَّة والرسالة، فإذا قال: (رسولك الذي أرسلت)؛ فات هذان الأمران، مع ما فيه من تكرير لفظ (رسول) و (أرسلت)، وأهل البلاغة يَعيبُونه، وقد قدَّمنا في أوَّل شرح خُطبة هذا الكتاب أنَّه لا يلزم من الرِّسالة النبوَّة ولا عكسه، واحتجَّ بعض العلماء

[ج 2 ص 652]

بهذا الحديث لمنع الرواية بالمعنى، وجمهورُهم على جوازها من العارِف، ويجيبون عن هذا الحديثِ: بأنَّ المعنى هنا مختلفٌ، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، انتهى.

تنبيهٌ: أمَّا إبدال (الرسول) بـ (النَّبيِّ) وعكسه في الأحاديث؛ ففيه قولان معروفان، قال النَّوَويُّ: والصواب جوازه، انتهى، وقد نقل الخطيبُ عن مذهب أحمد الترخيصَ في ذلك لما سأله ابنُه صالحٌ: يكون في الحديث «رسولُ الله»، فيُجعَل «النَّبيُّ»؟ قال: أرجو أنَّه لا يكون به بأسٌ، وقال حَمَّاد بن سلمة لعَفَّانَ وبهزٍ حين جعلا يَغيِّران «النَّبيَّ» من «رسول الله»: أمَّا أنتما؛ فلا تفقهان أبدًا.

(1/11344)

[باب ما يقول إذا نام]

(1/11345)

[حديث: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور]

6312# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (عَبْد الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عمير، و (رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (رِبعيًّا [1]) بكسر الراء، مشدَّد الياء؛ كالمنسوب إلى (الربيع)، وأنَّ (حِرَاشًا) بالحاء المُهْمَلَة المكسورة، والباقي معروفٌ، و (حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِي [2]): تَقَدَّمَ أنَّ الصحيح كتابته بالياء مع (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، و (ابن العاصي)، وتَقَدَّمَ أنَّ (اليماني) اسمه حُسيل، ويُقال: حِسْل.

قوله: (إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا كهذا؛ كان الأفصح فيه قصر الهمزة، وإذا كان متعدِّيًا؛ كان الأفصح فيه مدُّها، وأنَّ هذا لغة القرآن.

قوله: (أَحْيَا وَأَمُوتُ [3]): (أَحيا): بفتح الهمزة.

قوله: (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ): يُقال: نَشَر الميتُ يَنْشُرُ نُشُورًا؛ إذا عاشَ بعد الموت، وأنشره الله؛ أي: أحياه، و (النُّشُور): البعث من القبور.

==========

[1] في (أ): (ربيعًا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] (بن اليماني): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[3] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَمُوتُ وَأَحْيَا).

[ج 2 ص 653]

(1/11346)

[حديث: إذا أردت مضجعك فقل اللهم أسلمت نفسي إليك]

6313# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا إسحاق) هذا: عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (أَمَرَ رَجُلًا): هذا الرجل: قال الخطيبُ البغداديُّ _كما نقله النَّوَويُّ عنه في «مبهماته» _: إنَّه أُسَيد بن الحُضَير، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: إنَّه البراء بن عازب، كما في «التِّرْمِذيِّ»، وكذلك في «مسلم»، قال: (وجاء أنَّه أُسَيد بن حُضَير، ذكره الخطيب)، انتهى.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا إسحاق) هذا: عَمرو بن عبد الله، و (الهَمْدانيُّ)؛ بإسكان الميم، وبالدال المُهْمَلَة: نسبة إلى القبيلة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وليس في الصَّحَابة ولا التابعين ولا في أتباعهم أحدٌ يُنسَب إلى البلد، والله أعلم.

قوله: (أَوْصَى رَجُلًا): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام عليه.

قوله: (مَضْجَعَكَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ النَّوَويَّ نصَّ عليه، وأنَّ شيخَنا قال: وبالكسر.

قوله: (لَا مَلْجَأَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مهموزٌ، وأنَّ (مَنْجَى): ليس بالهمز، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْفِطْرَةِ).

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 653]

(1/11347)

[باب وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمنى]

قوله في الترجمة: (تَحْتَ الخَدِّ اليُمْنَى [1]): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا الدِّمَشْقيِّ، وعلى الدِّمَشْقيِّ (صح)، وفي طُرَّة أصلنا القاهريِّ: (الأيمن)، وعليها (صح)، وقد قال شيخُنا مجدُ الدين في «القاموس»: إنَّ الخدَّ مذكَّرٌ، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة ما لفظه: (قال ابن سيده في «المحكم»: قال اللحيانيُّ: الخدُّ مذكَّرٌ لا غير)، انتهى، وفي «الجمهرة»: (الخدُّ معروفٌ)، انتهى، فهذا يدلُّ على أنَّه مذكَّرٌ، وأمَّا الجوهريُّ؛ فقال: (الخدُّ في الوجه، وهما خدَّان، فلم يبيِّن أهو مذكَّرٌ أم مؤنَّثٌ، وإذا كان كذلك _أنَّ الخدَّ مذكَّرٌ_؛ فيحتمل أنَّ البُخاريَّ أنَّثه على إرادة اللحمة، أو أنَّه رأى فيه التأنيثَ، والله أعلم.

تنبيهٌ: ليس في الحديث الذي أورده تعرُّضٌ لليمين، لكن ورد التصريحُ به على غير شرطه، فأراد الإشارةَ إليه، والله أعلم، مع أنَّ الحديثَ الذي في الترجمة التي بعد هذه فيه التصريحُ بالنوم على الشِّقِّ اليمين، فيُحمَل خدُّه على اليمين خصوصًا على قول مَن يقول: إنَّ (كان) تقتضي الدوام، والله أعلم.

(1/11348)

[حديث: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.]

6314# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد الْمَلِكِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُمَير أعلاه، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه، وهو ابن حِرَاش، وتَقَدَّمَ ضبطه أيضًا أعلاه، و (حذيفة): تَقَدَّمَ أنَّه ابن اليماني.

قوله: (مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا حكى فيه الكسرَ، وكذا (أَحْيَا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بفتح الهمزة، وتَقَدَّمَ الكلام على (النُّشُورُ).

==========

[ج 2 ص 653]

(1/11349)

[باب النوم على الشق الأيمن]

قوله: (عَلَى الشِّقِّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسر الشين، وأنَّه الجانبُ.

==========

[ج 2 ص 653]

(1/11350)

[حديث: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك]

6315# قوله: (إِذَا أَوَى): تَقَدَّمَ أنَّ الأفصح فيه القصر؛ لأنَّه لازمٌ، وتَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (رَغْبَةً وَرَهْبَةً)، وعلى (مَلْجَأَ)، وأنَّه مهموزٌ، وعلى (مَنْجَى)، وأنَّه بغير همزٍ، وعلى (الْفِطْرَةِ)، وأنَّها الإسلام.

قوله في بعض النسخ: (رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ): فسَّره البُخاريُّ بقوله: (تُرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ [1])، انتهى، وكذا قال الجوهريُّ في «صحاحِه» في (رهب) و (رحم)، وقوله: (تُرْهَبُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (تُرْحَمَ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (تَرهَب ... تَرحَم)، وفي (ق) معًا.

[ج 2 ص 653]

(1/11351)

[باب الدعاء إذا انتبه بالليل]

(1/11352)

[حديث: اللهم اجعل في قلبي نورًا]

6316# قوله: (عَنْ سُفْيَانَ): الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنِّي نظرت ترجمة سلمة بن كُهَيل؛ فوجدتُ عَبْد الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكره في الرواة عنه، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وكذلك الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، فغلب على ظنِّي أنَّه الثَّوريُّ، وأمَّا ابن مهديٍّ؛ فإنَّه روى عنهما، وقدَّمت هنا أنَّ (سَلَمَةَ): هو ابن كُهَيل، وتقدَّمت (مَيْمُونَة) أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، ومتى تزوَّج بها، ومتى تُوُفِّيَت، وأنَّها تُوُفِّيَت بسَرِف؛ المكانِ الذي دخل بها فيه، وأنَّها خالة ابن عَبَّاس وخالدِ بن الوليد.

قوله: (فَأَتَى حَاجَتَهُ): يعني: الخلاء.

قوله: (شِنَاقَهَا): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، وأنَّه ما يُربَط به فم القِربة، و (وُضُوءًا): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الواو، وهو الفعل، وأمَّا الماء؛ فبالفتح، ويجوز في كلٍّ اللُّغَتان؛ الضمُّ والفتحُ، وتَقَدَّمَ (كَرَاهِيَةَ)، وأنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يجوز في اللغة: كراهي.

قوله: (فَتَمَطَّيْتُ): هو بغير همزٍ، كذا في أصلنا، وهو الصواب، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (تمطَّيت) في (غزوة بدر).

قوله: (إِنِّي كُنْتُ أَرْقُبُهُ [1]): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخةٌ: (أتَّقيه)، وعليها (صح)، وفي نسخةٍ أخرى: (أرتقبه)، وعلى هذه علامةُ نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وفي «نهاية ابن الأثير»: (إنِّي أَبْقيه)؛ يعني: بفتح الهمزة، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، وهذه في بعض أصولنا الدِّمشقيَّة، قال: أي: أنظره وأرصده، انتهى، وكذا في «الصحاح»، ولفظه: وبقيته؛ أي: نظرتُ إليه وترقَّبتُه.

قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في (باب صلاة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم

[ج 2 ص 653]

ودُعائِه بالليل) في هذا الحديث: ووقع في «البُخاريِّ»: (أَبْقِيه)؛ بمُوَحَّدة، وقاف، ومعناه: أرقبه، وهو معنى: «أَنْتَبِهُ له»، انتهى؛ يعني: التي في «مسلم»، وفي «المطالع»: وفي الحديث الآخَرِ من رواية ابن السكن والقابسيِّ والأصيليِّ: (كنت أَبْقيه)؛ مثل رواية: (بقيت) في الحديث الأوَّل؛ أي: أرتقبه، ولغيرهم: (أتَّقيه)، وعند الطرابلسيِّ: (أبغيه)، وفي «مسلم» عند شيوخنا: (أنتبه)، ورواه أيضًا البرقانيُّ: (أرتقبه)، وأجوده: (بقيت)، و (أَبقيه)، و (ترقَّبتُ)، و (ارتقبتُ).

(1/11353)

قوله: (فَأَخَذَ بِأُذُنِي، فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ المُحَوَّلين من الشمال إلى اليمين أربعةُ أشخاص: ابنُ عَبَّاس في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وجابرُ بن عبد الله في «مسلم»، وجَبَّار بن صخر في «مسند أحمد»، وحذيفةُ بن اليماني في «زوائد معجمَي الطَّبَرانيِّ»، والله أعلم.

قوله: (فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تَقَدَّمَ أنَّ مِن خصائصه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّ وضوءَه لا ينتقض بالنوم على أيِّ صفة كان النومُ، وسواء كان طويلًا أو قصيرًا، ثقيلًا أو خفيفًا، قاعدًا أو نائمًا أو قائمًا.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تَقَدَّمَ أنَّ فيه: (يتوضَّ)، و (يتوضَّأْ)، و (يتوضَّا)، في (الوضوء) مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.

قوله: (اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا ... ) إلى آخره: قال ابن قُرقُول: هدايةً وبيانًا وضياءً للحقِّ، ويحتمل أن يريد الرزقَ الحلالَ؛ حتَّى يَقوَى به على هذه الأعضاء المذكورة للطاعة، انتهى.

قوله: (وَاجْعَلْ لِي نُورًا): وفي «مسلم»: (واجعلني نورًا)، قال ابن سبع: من خصائصه عليه السلام أنَّه كان نورًا، فكان إذا مشى في الشمس أو القمر؛ لا يظهر له ظلٌّ، ويشهد له أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلَ في جميع أعضائِه وجهاتِه نورًا، وختم ذلك بقوله: «واجعلني نورًا»، انتهى.

وقد ذكر شيخنا ابن العاقوليِّ في «الرَّصْف» عن ذكوان مولى عائشةَ: (أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يكن يُرَى له ظلٌّ في شمسٍ ولا قمرٍ، وله أثر قضاء حاجة)، أخرجه أبو عبد الله الحَكِيمُ التِّرْمِذيُّ، وقال: (معناه: لا يطأ عليه كافرٌ يكون له مذلَّة)، انتهى.

وقد رأيت أنا في «مسند أحمد» من حديث صفيَّة بنت حُيَيٍّ حديثًا، وفيه: (فلمَّا كان ربيع الأوَّل؛ دخل عليها، فرأت ظلَّه، فقالت: إنَّ هذا ظلُّ رجلٍ، وما يدخل عليَّ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فمَن هذا؟ ... )؛ الحديث، ولعلَّ هذا كان قبل الدُّعاء، فإنَّ ابن عَبَّاس متأخِّرُ الصحبة، وهو راوي حديث: «واجعلني نورًا»، والله أعلم.

(1/11354)

قوله: (وَسَبْعٌ فِي التَّابُوتِ): قال ابن قُرقُول: قيل: معناه: نسيتها، وقد وقع في رواية أبي الطاهر في «مسلم»: (ونسيتُ ما بقي)، فقد يريد: أنَّها كانت عنده مكتوبةً في كتبه في تابوته، كذا قال بعضُهم، وقد يحتمل عندي أن يريدَ: أنَّها في جسده وجوفه، ألا تراه كيف قال: (فلقيت بعضَ ولد العَبَّاس، فحدَّثني بهنَّ، فذكر: عصبي، ولحمي، ودمي، وشَعري، وبشري؟ ويكون نسيانه لما بقي من تمام السبعة، انتهى، وفي «النهاية»: أصل (التابوت): الأضلاع وما تحويه، والكبدُ [2]، وغيرُهما؛ تشبيهًا [3] بالصندوق الذي يُحرَز فيه المتاع؛ أي: أنَّه مكتوبٌ موضوعٌ في الصندوق، انتهى.

قوله: (فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ، فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ): قائل ذلك هو سلمة بن كُهَيل، كذا قاله الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، وفي طرَّة أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة: قيل: هو عليُّ بن عبد الله بن العَبَّاس، قاله أبو ذرٍّ، انتهى، يعني: الرجل المبهم من ولد العَبَّاس، وقال بعضُ حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: هو داود بن عليِّ بن عبد الله بن العَبَّاس، رواه التِّرْمِذيُّ وغيرُه من جهته، انتهى.

والقائل (فلقيت): هو سلمة بن كُهَيل الراوي له عن كُرَيب، لا كُرَيب، وقيل: هو كُرَيب، والذي لقيه عليُّ بن عبد الله بن عَبَّاس.

قوله: (فَذَكَرَ: عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ): في «مسلم»: «في لساني نورًا، وفي نفسي نورًا»، وقال شيخنا: قال ابن بَطَّال: وقد وجدتُ الخَصْلَتَين من رواية داود بن عليِّ بن عبد الله بن عَبَّاس عن أبيه: وهما: اللهم اجعل نورًا في عظامي، ونورًا في قبري، انتهى، وقال الداوديُّ: والخَصْلَتين: العظم والمخُّ، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أَتَّقِيهِ).

[2] كذا في (أ) مضبوطًا، ولعلَّه من عطف الخاصِّ على العام، وعبارة «النهاية»: (أرادَ بالتَّابوت: الأضلاع وما تَحْوِيه؛ كالقلب والكبد وغيرهما).

[3] في (أ): (نسبتها)، والمثبت من مصدره.

(1/11355)

[حديث: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض]

6317# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ، ويترجَّح أنَّه المسنَديُّ بما ذكرتُه عن بعض الحُفَّاظ في عصرنا في (الجمعة)، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ): قال ابن قُرقُول: (الله نورٌ)؛ أي: ذو نورٍ؛ أي: خالق النور، وقيل: مُنَوِّر الدنيا بأنوار الفَلَك، وقيل: مُنَوِّر قلوبَ عباده بالهداية والمعرفة، وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في شرح هذا الحديث: قال الخَطَّابيُّ في تَفْسِيرِ اسمِهِ (النُّور): معناه: الذي يبصر بنوره ذو العَماية، وبهدايته يَرشُد ذو الغَوَاية، قال: ومنه: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]؛ أي: منه نورُهُما، قال: ويحتمل أن يكون معناه: ذو النور، ولا يصحُّ أن يكون النورُ صفةَ ذاتِ الله تعالى، وإنَّما هو صفةُ فعلِه؛ أي: هو خالقه، وقال غيره: معنى {نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: مدبِّر شمسها وقمرها ونجومها.

قوله: (أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ): قال العلماء: من صفاته: القَيَّام، والقَيِّم، والقيُّوم بنصِّ القرآن، وقائم، ومنه قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33]، قال الهرويُّ: ويقال: قَوَّام، قال ابن عَبَّاس: القيُّوم: الذي لا يزول، وقال غيره: هو القائم على كلِّ شيءٍ؛ ومعناه: مُدَبِّر أمر خلقه، وهما سائغان في تفسير الآية والأحاديث.

==========

[ج 2 ص 654]

(1/11356)

[باب التكبير والتسبيح عند المنام]

(1/11357)

[حديث: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم]

6318# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ مِرارًا، ابن عتيبة، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (ابْن أَبِي لَيْلَى) بعده: هو عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى الأنصاريُّ، عالم الكوفة، تَقَدَّمَ.

قوله: (مِنَ الرَّحَى): هي التي يُطحَن بها، قال الجوهريُّ: (الرحى: معروفةٌ مؤنَّثةٌ، والأَلِفُ منقلبةٌ من الياء، تقول: هما رَحَيَان، وأنشد بيتًا لمُهَلْهِل، ثُمَّ قال: وكلُّ مَن مدَّ؛ قال: رحاء، ورحاءان، وأرحية؛ مثل: عطاء، وعطاءان، وأعطية، جعلها منقلبة من الواو، ولا أدري ما حُجَّته؟ وما صحَّته؟)، انتهى.

قوله: (إِذَا أَوَيْتُمَا): تَقَدَّمَ أنَّه بقصر الهمز؛ وذلك لأنَّه لازمٌ، والأفصح: قصرُها في اللازم، وإذا كان متعدِّيًا؛ كان الأفصحَ مدُّها، والله أعلم.

قوله: (فَكَبِّرَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ... ) إلى آخره: قال الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية ما معناه: (بلغنا أنَّ الشخص إذا حافظ على هذا الذِّكْر عند المنام؛ لا يصيبه إعياءٌ).

قوله: (وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، رواه سليمان بن حرب عن شعبة به، هذا الذي يظهر من كلام المِزِّيِّ، ولفظه: (وزاد في حديث سليمان عن شعبة، عن خالدٍ الحَذَّاء، عن ابن سيرين قال: «التسبيح أربع وثلاثون») انتهى؛ يعني: في هذا الحديث، وقد ذكره المِزِّيُّ في «المراسيل» في ترجمة مُحَمَّد بن سيرين، ثُمَّ قال في ترجمة الحكم: عن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عن عليٍّ، انتهى.

و (خالد): هو الحَذَّاء، و (ابن سيرين): مُحَمَّد، وقد أخرجَ حديثَ مُحَمَّد بن سيرين التِّرْمِذيُّ في (الدعوات) عن أبي الخطَّاب زياد بن يحيى البصريِّ، عن أزهر بن سعد السَّمَّان، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عَبيدة بن عَمرو السَّلْمانيِّ، عن عليٍّ بطوله، وقال: حسنٌ غريبٌ، وعن مُحَمَّد بن يحيى عن أزهرَ السَّمَّان به مختصرًا، والنَّسائيُّ في «عشرة النساء» عن أبي الخطَّاب زياد بن يحيى به، والله أعلم.

(1/11358)

[باب التعوذ والقراءة عند المنام]

(1/11359)

[حديث: أن رسول الله كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه]

6319# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا حكى فيها الكسر أيضًا.

قوله: (نَفَثَ): تَقَدَّمَ الكلام على (النَّفْث)، وأنَّ الشيخ محيي الدين قاله: النفث: نفخٌ لطيفٌ لا ريق معه، وتَقَدَّمَ [ما] قال غيرُه.

[ج 2 ص 654]

قوله: (وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ): هي بكسر الواو، وهي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمعوِّذتان.

(1/11360)

[باب عموم الذكر عند لنوم وما هو بمعنى التعوذ]

(1/11361)

[حديث: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة]

6320# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية بن حُدَيج، أبو خيثمة الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ): هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيه، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبرِيُّ): بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، واسم والد سعيد كيسانُ.

قوله: (إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) هنا لازمٌ، وإذا كان لازمًا؛ فالأفصح فيه قصر الهمزة، وإن كان متعدِّيًا؛ كان الأفصحَ فيه مدُّها.

قوله: (بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ): (داخِلة الإزار)؛ بالدال المُهْمَلَة، وبالخاء المُعْجَمَة المكسورة، ثُمَّ لام، ثُمَّ تاء التأنيث: طَرَفه وحاشيته من داخلٍ، وإنَّما أمره بداخِلة إزاره دون خارجته؛ لأنَّ المؤتَزِر يأخذ إزاره بيمينه وشماله، فيكون ما بشماله على جسده، وهي داخِلةُ إزاره، ثُمَّ يضع ما بيمينه فوق داخلته، فمتى عاجله أمرٌ وخشي سقوطَ إزاره؛ أمسكه بشماله، ودفع عن نفسه بيمينه، فإذا صار إلى فراشه، فحلَّ إزاره؛ فإنَّما يَحُلُّ بيمينه خارجة الإزار، وتبقى الداخلة معلَّقةً، وبها يقع النَّفْض؛ لأنَّها غير مشغولة اليد، والله أعلم.

قوله: (مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ): هو بتخفيف اللام؛ يعني: فراشه؛ أي: ما صار فيه بعده من الهَوَامِّ.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): الضمير في (تابعه) يعود على زهير؛ هو ابن معاوية الحافظ، و (أبو ضمرة): هو أنس بن عياض، أبو ضمرة الليثيُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، روى له الأربعة، ومتابعة أبي ضمرة أخرجها مسلمٌ في (الدعوات) عن إسحاق بن موسى عن أبي ضمرة، و (إسماعيل بن زكرياء): هو ابن مرَّة، أبو زياد الأسَديُّ مولاهم، الخُلقانيُّ الكوفيُّ، نزيل بغداد، ولقبه شَقُوصَا، أخرج له الجماعة، ومتابعة إسماعيل لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، و (عُبيد الله): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم الفقيه.

(1/11362)

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى وَبِشْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد الأنصاريُّ، وتعليق يحيى أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عَمرو بن عليٍّ، ومُحَمَّد بن المثنى؛ كلاهما عن يحيى بن سعيد، وأمَّا (بِشْر)؛ فهو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وهو ابن المفضَّل، ومتابعة بِشْر لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجها شيخُنا رحمه الله.

والحاصلُ: أنَّ زُهيرًا وأبا ضمرة أنسَ بن عياض وإسماعيلَ بنَ زكرياء روَوه عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأنَّ يحيى بن سعيد الأنصاريَّ وبِشْرَ بن المفضَّل روياه عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد، عن أبي هريرة؛ بإسقاط أبيه.

قوله: (وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (مالك)؛ فمالكٌ الإمامُ المجتهدُ، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن عبد العزيز الأويسيِّ عنه به، انتهى، وقال شيخنا: متابعة مالك أخرجها الدَّارَقُطْنيُّ في كتابه «حديث مالك؛ الغرائب» عن أبي بكر النيسابوريِّ إلى عبد العزيز بن عبد الله الأويسيِّ: حدَّثني عبد الله بن عمر العمريُّ ومالكُ بن أنس عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن رسول الله ... )، فذكره، ثُمَّ قال: هذا حديثٌ غريبٌ من حديث مالكٍ عن المقبريِّ عن أبي هريرة، ولا أعلم أسنده عنه إلَّا الأويسيُّ، ورواه إبراهيم بن طهمان عن مالك مرسلًا عن سعيد: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ، قال: وقال لنا أبو بكر النيسابوريُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ عن المقبريِّ ... إلى آخر كلام شيخنا فيه، وقد علمتَ أنَّها في «البُخاريِّ»، كما قدَّمته لك.

وأمَّا (ابن عجلان)؛ فهو مُحَمَّد بن عجلان، والله أعلم، وأمَّا متابعة ابن عجلان؛ فأخرجها التِّرْمِذيُّ في (الدعوات) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن ابن عجلان، وقال: حسنٌ، والنَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن قُتَيْبَة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرَّحْمَن، عن ابن عجلان.

(1/11363)

[باب الدعاء نصف الليل]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ): قال في هذه الترجمة: (نصف الليل)، وفي الحديث: «حين يبقى ثلث الليل الآخر»، وقد تَقَدَّمَت روايات النزول في (كتاب الصلاة)، وأنَّها ثلاثُ رواياتٍ، وأصحُّها ما أخرجه البُخاريُّ: «حين يبقى ثلث الليل الآخِر»، وذكرت جمعًا هناك؛ فانظره.

وقال شيخنا هنا: إن قلت: كيف ترجم (الدعاء نصف الليل)، وذكر الحديث: أنَّ النزول في ثلث الليل الآخِر؟ قيل: إنَّما أخذ ذلك من قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [المزمل: 2 - 3]، فالترجمة تقوم من دليل القرآن، والحديثُ يدلُّ على أنَّ وقت الإجابة ثلثُ الليل، إلَّا أنَّ ذكر النصف في كتاب الله يدلُّ على تأكيد المحافظة على وقت النزول قبل دخوله؛ ليأتيَ وقتُ الإجابة والعبدُ مُرتَقِبٌ له، مستعدٌّ للإنابة، فيكون ذلك سببًا للإجابة، وينبغي ألَّا يمرَّ وقتٌ _ليلًا كان أو نهارًا_ إلَّا أحدث العبدُ فيه دعاءً وعبادةً لله تعالى، انتهى.

==========

[ج 2 ص 655]

(1/11364)

[حديث: يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا]

6321# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَغَرُّ): بفتح الهمزة، وبالغين المُعْجَمَة، وبالراء المُشَدَّدة، واسمه سلمان المدنيُّ، مولى جُهينة، عن أبي هريرة في الكتب كلِّها، وعن أبي الدرداء، وعمَّار، وأبي أيُّوب، وغيرِهم، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وبُكَيْر بن الأشجِّ، وعِمران بن أبي أنس، وعبد الله بن دينار، وجماعةٌ، قال شعبة: كان الأغرُّ قاصًّا من أهل المدينة، وكان رضًا، وقال الواقديُّ: سمعت وُلْدَه يقولون: لقي عُمرَ، قال عَبْد الغَنيِّ بن سعيد: سلمان الأغرُّ، عن أبي هريرة، وهو أبو عبد الله الأغرُّ الذي روى عنه الزُّهْرِيُّ وغيره، وهو أبو عبد الله المدنيُّ، مولى جُهينة، وهو أبو عبد الله الأصبهانيُّ الأغرُّ، وهو مسلمٌ المدينيُّ، عن أبي هريرة وأبي سعيد، وعنه: الشَّعْبيُّ، وقال قومٌ: هو _الآخِرُ_ مسلمٌ الذي روى عنه أهل الكوفة، فهو زعمٌ باطلٌ؛ لأنَّ الكوفيَّ اسمُه الأغرُّ، وصاحب الترجمة اسمه سلمان، ولقبه الأغرُّ، احتجَّ لذلك بأشياء حسنةٍ، أخرج لسلمانَ الأغرِّ الجماعةُ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (يُنْزَلُ [1] رَبُّنا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلاة)، ومَن قاله بضَمِّ (يُنزَل) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (فَأَسْتَجِيبَ لَهُ): هو بنصبٍ، وكذا قوله: (فَأُعْطِيَهُ)، وكذا (فَأَغْفِرَ لَهُ)، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يتَنزَّلُ)، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ: (يَنزِلُ).

[ج 2 ص 655]

(1/11365)

[باب الدعاء عند الخلاء]

قوله: (عِنْدَ الْخَلَاءِ): هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وبالمدِّ، وهو مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 655]

(1/11366)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.]

6322# قوله: (مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

==========

[ج 2 ص 655]

(1/11367)

[باب ما يقول إذا أصبح]

(1/11368)

[حديث: سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت]

6323# قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ): هو ابن ذكوان المعلِّم، و (بُشَيْر بْن كَعْبٍ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة.

قوله: (سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على (سيِّد الاستغفار) في أوَّل هذا الكتابِ؛ (كتابِ الدعاء)؛ فانظره.

[ج 2 ص 655]

قوله: (وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (كتاب الدعاء)، وكذا (ما استطعتُ)، وكذا (أَبُوءُ)، وأنَّه بالهمز في آخره، وأنَّ معناه: أُقِرُّ وأعترفُ.

قوله: (مِثْلهُ): يجوز فيه الرفع والنصب، وهما ظاهران.

(1/11369)

[حديث: باسمك اللهم أموت وأحيا]

6324# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضلُ بن دُكَين الحافظُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الراء، مشدَّد الياء؛ كالمنسوب إلى (الربيع)؛ الفصلِ المعروفِ، و (حِرَاشٌ): تَقَدَّمَ أيضًا أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف الراء، وفي آخره شين معجمة، و (حُذَيْفَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن اليماني حُسَيل، ويقال: حِسْل، وهما صحابيَّان؛ حذيفةُ وأبوه.

قوله: (وَأَحْيَا): تَقَدَّمَ [1] أنَّه بفتح الهمزة، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (النُّشُورُ)، وأنَّه البَعث من القبور.

(1/11370)

[حديث: كان النبي إذا أخذ مضجعه من الليل قال: الحمد لله ... ]

6325# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (أَبُو حَمْزَةَ): بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ) تَقَدَّمَ، و (خَرَشَة بْن الْحُرِّ): بفتح الخاء المُعْجَمَة والراء والشين المُعْجَمَة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (الحُرِّ): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتشديد الراء، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا، جُندب بن جنادة، وقيل غير ذلك، من السابقين.

قوله: (إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا قال: وبكسرها، وكذا تَقَدَّمَ (وَأَحْيَا): أنَّه بفتح الهمزة، وكذا (النُّشُورُ).

==========

[ج 2 ص 656]

(1/11371)

[باب الدعاء في الصلاة]

(1/11372)

[حديث: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب.]

6326# قوله: (أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يَزِيدُ) بعده: هو يزيد بن أبي حَبِيب، عالم أهل مصر، و (أَبُو الخَيْر)؛ بالخاء المُعْجَمَة، والمُثَنَّاة تحت: مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، أبو الخير المصريُّ، و (أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيِق): عبد الله بن عثمان، أشهر من أن يُذكَر.

قوله: (ظُلْمًا كَثِيرًا): هو بالمُثَلَّثَة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (كبيرًا)، وللقابسيِّ بالثاء المُثَلَّثَة، انتهى، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ رحمه الله ما معناه: رُويَ: (كثيرًا) بالمُثَلَّثَة وبالمُوَحَّدة، وينبغي أن يُجمَع بينهما، فنقول: (ظلمًا كثيرًا كبيرًا) انتهى، وفي هذا وقفةٌ؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يقلهما جملةً، إنَّما قال واحدًا منهما، والظاهر أنَّه قاله مرَّةً بالمُثَلَّثَة، ومرَّةً بالمُوَحَّدة، والذي ينبغي أن يقولَه كذلك؛ فمرَّةً كذا، ومرَّةً كذا، والله أعلم.

قوله: (مِنْ عِنْدِكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بنُ الحَارِثِ [1]): كذا هو منسوبٌ في نسخةٍ في أصلنا (عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ [2]: سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو: قَالَ أَبُو بَكْرٍ [3] لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (عمرو)؛ فهو ابن الحارث، كما في نسخة، و (يزيد): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي حَبِيب، و (أبو الخير): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وأنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

والحاصلُ: أنَّ الرواة اختلفوا في هذا الحديث؛ فجعله بعضُهم من مسند أبي بكر الصِّدِّيق، وبعضُهم من مسند عبد الله بن عَمرو بن العاصي، وكلا الطريقَين أخرجها البُخاريُّ، وقد أخرج تعليقَ عَمرو بن الحارث به البُخاريُّ في (التوحيد) عن يحيى بن سليمان، وأخرجها مسلم في (الدعوات) عن أبي الطاهر؛ كلاهما عن ابن وهب، عن عَمرو بن الحارث به، وأخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن أبي الطاهر عن ابن وهب به، والله أعلم.

(1/11373)

[حديث عائشة في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]

6327# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): قال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث وحديثٍ آخَرَ رواه البُخاريُّ عن عليٍّ: أُنزِلَت هذه: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] ... )؛ الحديث، البُخاريُّ في (الدعوات) عن عليٍّ، عن مالك بن سُعَيْر، عن هشام به، على هذا قال أبو مسعودٍ في الحديث الأوَّل _يعني: (أُنْزِلَت هذه الآية) _: هو ابن سلمة، وقال في الحديث الثاني _يعني: هذا الذي نحن فيه_: يُقال: هو ابن سلمة، انتهى.

والأوَّل أخرجه البُخاريُّ في (التفسير)، وقد تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) الكلامُ على ذلك بأطولَ من هذا من عند الجَيَّانيِّ، وذكرت هناك كلامَ المِزِّيِّ، والله أعلم.

و (مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ): بضَمِّ السين وفتح العين المُهْمَلَتين، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهذا ظاهِرٌ عند أهلِه.

قوله: ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] ... ) إلى آخره: إنَّها نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ، وقد تَقَدَّمَ في (سورة سبحان) حديثُ عائشة هذا، وحديثُ ابن عَبَّاس: (أنَّها نَزلت في القراءة في الصلاة) [خ¦4722]، وذكرت هناك ما صحَّحه الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ، والله أعلم؛ فانظره.

(1/11374)

[حديث: إن الله هو السلام فإذا قعد أحدكم في الصلاة ... ]

6328# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا على (التَّحِيَّاتُ).

==========

[ج 2 ص 656]

(1/11375)

[باب الدعاء بعد الصلاة]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ): ذكر الإمام البُخاريُّ في الباب حديثين؛ الأوَّل فيه: التسبيح، والتحميد، والتكبير، وهذا ثناءٌ وذكرٌ، وليس فيه من الدعاء شيءٌ، غير أنَّ المرء إذا أثنى على الله عزَّ وجلَّ؛ كفاه مِن تعرُّضه ذلك الثناء، ولقوله عليه السلام عن الله: «مَن شغله ذكري عن مسألتي ... »؛ الحديث، والحديث الثاني: (كان يقول في دُبر كلِّ صلاة ... )؛ الحديث، وليس صريحًا في أنَّه يقولُه بعد الفراغ من الصلاة، فإنَّ دُبُر الشيء منه، ودبر الصلاة: آخِرُ وقتها، وآخِرُ وقتها منها، وهذا الدعاء يقوله في آخِرِ الصلاة، والحاصلُ: أنَّه ليس صريحًا في الدعاء بعد الفراغ من الصلاة.

وقد قال ابن القَيِّمِ في «الهدي»: وأمَّا الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبلَ القِبلة أو المأمومين؛ فلم يكن ذلك من هَدْيِه أصلًا، ولا رُوِيَ عنه بإسنادٍ حسنٍ ولا صحيحٍ، وأمَّا تخصيص ذلك بصلاتَي الفجر والعصر؛ فلم يفعله هو ولا أحدٌ من خُلفائه، ولا أرشد إليه أمَّتَه، وإنَّما هو استحسانٌ رآه مَن رآه عوضًا من السُّنَّة بعدَهما، والله أعلم، وعامَّة الأدعية المتعلِّقة بالصلاة إنَّما فعلها فيها، وأمر بها فيها، وهذا هو اللائق بحال المصلِّي، فإنَّه مقبلٌ على ربِّه يناجيه ما دام في الصلاة، فإذا سلَّم منها؛ انقطعت تلك المناجاة ... إلى أن قال: إلَّا أنَّ ههنا نكتةً لطيفةً؛ وهي أنَّ المصليَ إذا فرغ من صلاته وذكر الله، وهلَّله، وسبَّحه، وحَمِدَه، وكبَّره، بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة؛ استُحِبَّ له أن يصلِّيَ على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد ذلك، وأن يدعوَ بما شاء، ويكون دعاؤه عقيب هذه العبادة الثانية، لا لكونه دُبُر الصلاة، فإنَّ كلَّ مَن ذَكَرَ الله، وحَمِده، وأثنى عليه، وصلَّى على رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ استُحِبَّ له الدعاءُ عَقيب ذلك؛ كما في حديث فَضالة بن عبيد: «إذا صلَّى أحدُكم؛ فليبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثُمَّ ليصلِّ على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ ليدعُ ما شاء»، قال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ صحيحٌ، انتهى.

(1/11376)

وقال أيضًا في «الهدي» في (الدعاء عند الجمرتين، ولم يدعُ في الثالثة) ما لفظه: (وهذه كانت سُنَّتَه في دعائه في الصلاة، كان يدعو في صُلبها، وأمَّا بعد الفراغ منها؛ فلم يثبت عنه أنَّه كان يعتادُ الدعاءَ، ومَن روى عنه ذلك؛ فقد غلط عليه، وإن رُويَ في غير «الصحيح» أنَّه كان أحيانًا يدعو بدعاءٍ عارضٍ بعد السلام، وفي صحَّته نظرٌ، وبالجملة فلا ريب أنَّ عامَّة أدعيته التي كان يدعو بها وعَلِمَها الصِّدِّيق إنَّما هي في صُلب الصلاة، وأمَّا حديث معاذٍ: «لا تنسَ أن تقولَ دُبُر كلِّ صلاة: اللَّهمَّ أعنِّي على ذكرك ... »؛ الحديث؛ فـ «دُبُر الصلاة» يُراد به: آخرُها قبل السلام منها؛ كدُبُر الحَيَوَان، ويُراد ما بعد السلام منها؛ كقوله: «تُسَبِّحُون [1] الله في دُبُر كلِّ صلاةٍ ... »؛ الحديث)، انتهى.

(1/11377)

[حديث: أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم]

6329# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ): تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ قال في (الشهادات)، و (النكاح)، و (الدعاء): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يزيد)، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: إنَّه لم يجده منسوبًا لأحد من شيوخه، قال: وقد صَرَّحَ بنسبه في (باب شهود الملائكة بدرًا)، فقال: (حدَّثنا إسحاق بن منصور: أخبرني يزيد بن هارون) انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وزان (عُلَيٍّ)؛ مُصَغَّرًا، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ): القائلون لا أعرفهم بأعيانهم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: تَقَدَّمَ في أواخر (صفة الصلاة) أنَّ قائل ذلك فقراء المهاجرين، وسُمِّيَ منهم في رواية النَّسائيِّ في «اليوم والليلة»: أبو الدرداء، أخرجه من طريق أبي عمر الضَّبِّيِّ وأبي صالح؛ كلاهما عن أبي الدرداء، قال: (قلت: يا رسول الله)، وسُمِّيَ منهم أيضًا: أبو ذرٍّ، أخرجه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» من وجهٍ آخَرَ عن أبي هريرة، وأخرجه أحمدُ، وابنُ خزيمة، وابنُ ماجه، من حديث أبي ذرٍّ نفسِه، انتهى، تنبيهٌ: أبو الدرداء أنصاريٌّ.

قوله: (ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ): هو بضَمِّ الدال المُهْمَلَة، وضمِّ الثاء المُثَلَّثَة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، جمع (دَثْر)؛ بفتح الدال المُهْمَلَة، وإسكان الثاء المُثَلَّثَة، قال شيخُنا: وحُكِيَ التحريكُ، انتهى، و (الدَّثْر): المال الكثير، يُقال: مال دَثْر، ومالان دَثْرٌ، وأموال دَثْرٌ، لا يُثَنَّى ولا يُجمَع، و (الدُّثور) في غير هذا: دثر الشيءُ؛ إذا درس، وجاء في رواية المروزيِّ: (أهل الدور)، وهو تصحيفٌ، وقد تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

[ج 2 ص 656]

(1/11378)

قوله: (فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ): قال ابن قُرقُول: قال الخَطَّابيُّ: الدَّبْرُ _بفتح الدال، وسكون الباء_ والدُّبُر _ بضمِّهما_ أيضًا: آخرُ وقت الشيءِ، وكذا الرواية بضَمِّ الدال والباء، وفي كتاب «اليواقيت» المعروفِ في اللغة: (دَبْر) _في مثل هذا_ بفتح الدال، وإسكان الباء، ومنه: جعلته دَبْر أُذُني؛ أي: خلفي، وأمَّا الجارحة؛ فالبضمِّ في الدال مع ضمِّ الباء وإسكانها أيضًا، وقد تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق.

قوله: (تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُمَيٍّ): الضمير في (تابعه) يعود [على] ورقاء، و (عبيد الله بن عمر): هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيهُ، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه، ومتابعة عبيد الله أخرجها البُخاريُّ في (الصلاة) عن مُحَمَّد بن أبي بكر، وأخرجها مسلم فيها عن عاصم بن النَّضْر، والنَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن مُحَمَّد بن عبد الأعلى؛ ثلاثتهم عن مُعتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر به.

قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ): أمَّا (ابن عجلان)؛ فهو مُحَمَّد بن عجلان، وروايته أخرجها مسلمٌ في (الصلاة).

قوله: (وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ): أمَّا (جَرِير)؛ فهو ابن عبد الحميد، و (عبد العزيز بن رُفَيع): بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو الدَّرْدَاءِ): عُوَيمر، وقيل غيرُ ذلك، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهذا التعليقُ _تعليقُ جَرِيرٍ_ أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن إسحاق بن إبراهيم عن جَرِير به، والله أعلم.

قوله: (وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (سُهَيل)؛ فهو سُهَيل بن أبي صالح السَّمَّان، أبو يزيدَ، عن أبيه وابن المُسَيّب، وعنه: شعبة، والحَمَّادان، وعليُّ بن عاصم، قال ابن معين: هو مثل العلاء بن عبد الرَّحْمَن، وليسا بحُجَّة، وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجُّ به، ووَثَّقَهُ ناسٌ، تُوُفِّيَ سنة (140 هـ)، قرنه البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وما رواه سُهَيلٌ أخرجه مسلمٌ في (الصلاة) عن أُمَيَّة بن بِسطام، عن يزيد بن زُرَيع، عن رَوح بن القاسم، عن سُهَيل به، والله أعلم.

(1/11379)

[حديث معاوية: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد]

6330# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (المُسَيَّب بْن رَافِعٍ): بفتح يائه بلا خلاف، و (وَرَّاد): بفتح الواو، وتشديد الراء، وفي آخره دال مهملة.

قوله: (كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على الرواية بالمكاتبة، سواء جرَّدها من الإجازة كهذه، أو أجاز معها، وأنَّها صحيحةٌ، مُطَوَّلًا، و (معاوية): ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمسٍ، الخليفةُ، تَقَدَّمَ، رضي الله عنهما.

قوله: (في دُبُرِ صَلَاتِهِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام على (الدبر) أعلاه وقبله أيضًا.

قوله: (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ): قال ابن قُرقُول: المشهور الفتح، وبالوجهين رَويناه؛ أي: البَخْتُ والحظُّ، أو العَظَمَةُ والسُّلطان، أو الغنى والمال؛ كقوله: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} [الشعراء: 88]، والمعاني متقاربةٌ، وأمَّا رواية الكسر؛ فمعناه: الحرص في أمور دنياه لا ينفعه ممَّا كُتِبَ له من الرزق فيها، وأنكر أبو عبيدٍ روايةَ الكسر التي قيَّدناها في «المُوطَّأ» عن أحمد بن سعيد بن حزم، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق.

قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ المُسَيَّبَ): (منصور): هو ابن المعتمر، و (المُسَيَّب): هو ابن رافع المذكورُ في سند هذا الحديث، وإنَّما أتى بتعليق شعبة؛ لأنَّ منصورًا عنعن في السند الأول، وهنا صَرَّحَ بالسماع من المُسَيَّب، ومنصورٌ لا أعلم أحدًا ذكره بالتدليس، ولكن ليخرجَ من الخلاف، ويدلَّ على اللُّقِيِّ، ورواية شعبة عن منصور لم أرَها إلَّا ما هنا، ولم يذكرها شيخُنا رحمه الله.

(1/11380)

[باب قول الله تعالى: {وصل عليهم} ... ]

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأمير، و (عُبَيْدٌ أَبُو عَامِرٍ): هو عمُّ أبي موسى الأشعريِّ، وهو عُبيد بن سُلَيم بن حَضَّار، استُشهِد يوم أوطاس، مشهورٌ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 657]

(1/11381)

[حديث: ما هذه النار على أي شيء توقدون؟]

6331# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كان فتح خيبر مع الاختلاف في ذلك غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (فَقَالَ [2] رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَيْ [3] عَامِرُ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (أي أبا عامر)، وهو خطأ محضٌ، وقد ضبَّبتُ أنا على (أبا)، والصوابُ حذفُها، ولكن في بعض النسخ: (أَيَا عامر)؛ بالنداء، فمِن هنا نشأ الخطأ، جمع الناسخُ بين نسختين؛ وهما (أي)، وفي نسخة: (أيا)، فحصل هذا الخطأ، والله أعلم، ولكن في أصلنا نقط (أبا) بواحدةٍ فقط.

قوله: (أَيْ عَامِرُ): (عامرٌ) هذا: هو ابن الأكوع، وتَقَدَّمَ أنَّه عمُّ سلمة بن عمرو بن الأكوع، وتَقَدَّمَ ما وقع في «صحيح مسلم»، وجمعتُ بينه وبين غيره في (غزوة خيبر)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (هُنَيْهَاتِكَ) في (خيبر)، وكذا (الرَّجُلُ مِنَ القَومِ) الذي قال: (لَوْلَا مَا [4] مَتَّعْتَنَا بِهِ)، وأنَّه عمر بن الخَطَّاب، وهو القائل: (وَجَبَتْ)، وتَقَدَّمَ مستند عمر بن الخَطَّاب في ذلك في قوله: (وجبت)؛ أي: وجبت له الشهادةُ، وعلى (الحُمُرِ الإنْسِيَّة)، وعلى (نُهَْرِيقُ)، وأنَّه بفتح الهاء وإسكانها، وعلى (الرَّجُل) الذي قال: (أَلَا نُهَرِيقُ مَا فِيهَا؟)، وأنِّي لا أعرفه، وأنَّ بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين قال: يحتمل أن يكون عمرَ بن الخَطَّاب، انتهى، وعلى (أَوْ ذَاكَ)، وأنَّها ساكنة الواو على الإباحة والتسوية، ولا يجوز الفتح، قاله ابن قُرقُول، وقال بعضُهم: إنَّه بفتح الواو على التقرير، انتهى، وفيه نظرٌ، بل هو خطأ محضٌ، والله أعلم.

(1/11382)

[حديث: اللهم صل على آل أبي أوفى.]

6332# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، وأنَّها إلى جدِّه فُرهُود، والنسبة إلى (فُرهود): فرهوديٌّ [1] وفراهيديٌّ، وتَقَدَّمَ بعضُ ترجمته، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن [أبي] أوفى

[ج 2 ص 657]

علقمةَ بنِ خالد بن الحارث بن أبي أُسَيد بن رفاعة الأَسلَميِّ، أتى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بصدقته، فصلَّى على آله، وعبدُ الله وأبوه صحابيَّان، تقدَّما.

قوله: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ [2] فُلَانٍ ... ) إلى آخره: (آل الرجل): أهلُه وعياله، و (آله) أيضًا: أتباعُه، فيحتمل أنَّه عليه السلام كان إذا جاءهُ أحدٌ بصدقة؛ دعا لآله، ويحتمل أن يكون (الآل) صلةً زائدةً؛ كمِثل قوله: «من مزامير آل داود»، وهذا أولى؛ لأنَّ الدعاء للمتصدِّق أنسبُ من الدعاء لآلِه وعيالِه، ويؤيِّد ذلك: أنَّ (آل) نسخةٌ في أصلنا، وعليها علامة راويها.

وفي تبويب البُخاريِّ على هذا الحديث في (الزكاة): (باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة) ما يؤيِّد هذا الاحتمالَ، ويؤيِّده أيضًا في تبويبه هنا: (وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاء دُونَ نَفْسِهِ)، وستجيء في (باب هل يُصلَّى على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) روايةٌ تدلُّ على هذا الاحتمال، وهي قوله: (وكان إذا أتى الرجلُ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بصدقته؛ قال: «اللهمَّ صلِّ عليه»)، والله أعلم.

فائدةٌ هنا: إنَّ الدعاء لدافع الزكاة على المشهور من مذهب الشَّافِعيِّ ومذهب العلماء كافَّةً أنَّه مستحبٌّ، وليس بواجبٍ، وقال أهل الظاهر: واجبٌ، وبه قال أبو عبد الله الحنَّاطيُّ _بالحاء المُهْمَلَة، وتشديد النون_ من الشَّافِعيَّة، واعتمدوا الأمرَ في الآية.

(1/11383)

وأمَّا قول آخذ الزكاة: (اللهمَّ صلِّ على آل فلان)؛ فكرهه جمهور الشَّافِعيَّة، وهو مذهب ابن عَبَّاس، ومالك، وابن عُيَيْنَة، وجماعةٍ من السَّلَف، وقال جماعةٌ: يجوز ذلك بلا كراهة؛ لهذا الحديث، قال أصحاب الشَّافِعيِّ: لا يُصلَّى على غير الأنبياء إلَّا تَبَعًا، واختلفوا في النهي عن ذلك؛ هل هو تنزيهٌ، أو محرَّمٌ، أو مجرَّد أدبٍ؟ ثلاثةُ أوجه؛ الأصحُّ الأشهر: التنزيه، واتَّقفوا على أنَّه يجوز أن يُجعَل غير الأنبياء تبعًا لهم في ذلك، وقال أبو مُحَمَّد الجوينيُّ: السلام في معنى الصلاةِ، فلا يُفرَد غيرُ الأنبياء؛ لأنَّ الله تعالى قرن بينهما، فلا يُفرَد به غائبٌ، فلا يقال: فلانٌ عليه السلام، وأمَّا المخاطبة به لحيٍّ أو ميِّتٍ؛ فسُنَّة، فيقال: السلام عليكم، أو عليك، أو سلامٌ عليك، أو عليكم، وقد ذكر القاضي عياض في كتاب «الشفا» كلامًا مُطَوَّلًا في الصلاة على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإن أردته؛ فانظره، فإنَّه حسنٌ.

وقد قال شيخنا في (باب هل يُصلَّى على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم): والصلاة على غير رسولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جائزةٌ بدليل الكتاب والسُّنَّة، ألا ترى أنَّه عليه السلام كان يصلِّي على مَن أتاه بصدقته؟! وفي حديث أبي حُميد: (أمرنا بالصلاة على أزواجه وذرِّيَّته)، وهذا الباب ردٌّ لقول مَن أنكر الصلاة على غير رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وروى ابن أبي شيبة من حديث عثمان بن حَكِيم، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس: (ما أعلم الصلاة تنبغي مِن أحدٍ على أحدٍ إلَّا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، والحُجَّة في السُّنَّة، لا في ما خالفها، ثُمَّ ذكر كلامًا آخر، لكن في النسخة التي نقلتُ منها سُقْمٌ، والله أعلم، وما ذكره شيخنا عن ابن عَبَّاس ذكره القاضي عياض عنه في «الشفا».

وعن «فتاوى ابن عبد السلام» الشيخِ عزِّ الدين الشَّافِعيِّ في «الفتاوى الموصليَّة»: الأَولى أن يُقتَصَرَ في الصلاة على الرسول على ما صحَّ في الحديث، ولا يزيد عليه بذكر الصَّحَابة ولا غيرهم، قال: وصحَّ أنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نصَّ على أزواجِه وذرِّيَّته في الصلاة عليه، انتهى.

==========

[1] في (أ): (فرودي)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] عليها في (أ) علامة ثبوتها من نسخة، وهي ساقطة في رواية أبي ذرٍّ.

(1/11384)

[حديث: ألا تريحني من ذي الخلصة.]

6333# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (جَرِيْر): هو ابن عبد الله البَجَليُّ، يوسفُ هذه الأمَّة، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها وضبطُها، وعلى (النُّصُب)، وضبطه، و (الْيَمَانِيَةَ): بتخفيف الياء.

قوله: (فَصَكَّ فِي صَدْرِي): أي: ضرب بكفِّه بقوَّة في صدري.

قوله: (فَخَرَجْتُ فِي خَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ): كذا هنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه خرج في خمسين ومئة من أَحْمَسَ من طُرُقٍ، ولا تنافيَ؛ لأنَّه ليس في ذكر القليل ما ينفي الكثيرَ، وهو من باب مفهوم العدد، ولا يُعمَل به عند جمهور الأصوليِّين، ويحتمل أنَّ الخمسين الرؤساء، والمئة الأتباع، ويحتمل العكس، ويحتمل غير ذلك، والله أعلم.

قوله: (مِنْ أَحْمَسَ): هو بالحاء والسين المُهْمَلَتين، قبيلةٌ معروفةٌ.

قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّمَ أنَّه مقلوبٌ؛ أي: مَهدِيًّا هاديًا.

قوله: (فِي عُصْبَةٍ): (العُصبة) من الناس: ما بين العشرة إلى الأربعين، وقيل: العشرة، لا تُقال لمن دونها، وقيل: كلُّ جماعة عُصبةٌ إذا كانوا قِطَعًا قِطَعًا، وقيل: العُصبة والعصابة: جماعةٌ ليس لها واحد، قاله بِرُمَّته في «المطالع».

قوله: (مِثْلَ الْجَمَلِ الأَجْرَبِ): أي: سوداء محترقة؛ كالجمل الأجرب المدهون بالقَطِرَان.

==========

[ج 2 ص 658]

(1/11385)

[حديث: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته]

6334# قوله: (قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها، وأنَّها زوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل، وأمُّ أنس بن مالك الخادمِ.

(1/11386)

[حديث: رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها ... ]

6335# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وأنَّه ابن سليمان.

قوله: (رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ): تَقَدَّمَ في (باب نسيان القرآن) أنَّ هذا الرجل اسمه عبد الله بن يزيد الخطميُّ الأنصاريُّ، قاله الخطيب البغداديُّ، كما نقله النَّوَويُّ في «مبهماته»، انتهى، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا الحديثَ وقع في هذا «الصحيح» في (الشهادات)، وفيه: (وزاد عبَّاد بن عبد الله عن عائشة قالت: تهجَّد النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في بيتي، فسمع صوت عبَّاد ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ مَن عبَّاد هذا، وأنَّ ابن بشكوال ذكر هذا الحديثَ، وذكر زيادةَ عبَّادٍ، وأنَّ الرجل عبَّادٌ، ولم ينسبه، ثُمَّ قال: وقد جاء أنَّه عبد الله بن يزيد الأنصاريُّ، وشاهده في «غوامض عَبْد الغَنيِّ الأزديِّ»، وفي «المنتخب» لعليِّ بن عبد العزيز، وقد ذكر بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين هنا: أنَّه تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن يزيد الأنصاريُّ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 658]

(1/11387)

[حديث: يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر]

6336# قوله: (أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ): هذا هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا): هو بفتح القاف، هذا الذي أحفظه، وهو في أصلنا بفتحها وكسرها بالقلم، وقد قَدَّمْتُ ما (القَسْم)؛ بالفتح، وما (القِسْم)؛ بالكسر؛ فانظره.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ [1]: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّ ابنَ شيخنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه مُعتِّب بن قُشَير، قاله الواقديُّ، انتهى.

[ج 2 ص 658]

قوله: (لَقَدْ أُوذِيَ مُوسَى [2] بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ ما أُوذِيَ به موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

==========

[1] (من القوم): ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِب عليه في (ق) بالحُمْرَة.

[2] (موسى): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/11388)

[باب ما يكره من السجع في الدعاء]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ): (السَّجع): بالسين المُهْمَلَة، وهذا ظاهِرٌ، وإنَّما قيَّدته؛ لأنِّي سمعتُ بعضَ المغفَّلين من طلبة الفقه يُعجِمُه، و (السَّجع): هو الكلام المُقَفَّى، والجمع: أسجاعٌ وأساجيع، وقد سجع الرجل سجعًا، وسجَّع تسجيعًا، وكلام مُسَجَّعٌ.

تنبيهٌ: ينبغي أن تكون الكراهة فيما إذا كان يتكلَّفه، أمَّا إذا طبعًا، أو أنَّه محفوظٌ له؛ فلا يُكرَه؛ لأنَّ المحذورَ لم يوجد في ذلك، وقد ذكر شيخُنا عن الداوديِّ نحوَ ما ذكرتُه أنا، وعن ابن بَطَّال مثلَ ما ذكرته، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11389)

[حديث: حدِّث الناس كل جمعة مرة فإن أبيت ... ]

6337# قوله: (حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وهو أبو حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، كنيته؛ حَبَّانَ بن هلال، و (هَارُونُ الْمُقْرِئُ)؛ بالهمز: منسوب إلى القراءة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ): بكسر الخاء المُعْجَمَة، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، وهذا أيضًا معروفٌ عند أهله.

قوله: (حَدِّثِ النَّاسَ): (حدِّث): فعل أمر، و (الناسَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِنْ أَبَيْتَ): هو بفتح تاء الخِطَاب، وكذا (أَكْثَرْتَ).

قوله: (وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ): هو بضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وكسر الميم، وتشديد اللام.

قوله: (وَلَا أُلْفِيَنَّكَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الفاء؛ ومعناه: لا أجِدَنَّك، يقال: ألفيتُ الشيءَ أُلفيه إلفًا؛ إذا وجدتَه، وصادفتَه، ولقيتَه.

قوله: (فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ)، وكذا (فَتَقْطَعُ)، وكذا (فَتُمِلُّهُمْ): الكلُّ مَرْفُوعٌ، كذا في أصلنا في الكلِّ، ويجوز نصب الكلِّ، وهو جادَّة العربيَّة، وكذا هو في نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وقال شيخنا: كلُّه مَرْفُوعٌ، عطف على قوله: (تَأْتِي)، قاله ابن التين، قال: وضُبِطَ في بعض الكتب بنصب (فتُمِلَّهم) على أنَّه جواب النهي، وصوَّبه بعضُهم، والصواب أنَّه معطوف على (تأتي)، انتهى.

قوله: (أَنْصِتْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الصاد، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، فعل أمر، و (الإنصات): السُّكون، و (الاستماع): الإصغاء.

قوله: (فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (السَّجع).

(1/11390)

قوله: (لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (لا يفعلون إلَّا ذلك) [1]؛ يعني: إلَّا ما ذكرت لك من الاجتناب، والحكمة في عدوله عن قوله: (فإنِّي عهدت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابَهُ يفعلون ذلك)؛ للحصر، وفي بعض النسخ _وهي في أصلِنا، كما قدَّمته_: (لا يفعلون ذلك)؛ يعني: لا يفعلون هذا الفعلَ الذي نهيتُك عنه، وقال شيخنا حين ذكر (لا يفعلون إلَّا ذلك) ما لفظه: أخرجه الطَّبَرانيُّ من هذا الوجه، وهو أشبهُ بما في الكتاب من قوله: (إلَّا ذلك) انتهى؛ يعني: يفعلون ذلك، ثُمَّ ذكره بُعَيده بـ (إلَّا)، وحَلَّه، ثُمَّ قال: ورواية الطَّبَرانيِّ السالفةُ: (لا يفعلون ذلك) واضحةٌ، انتهى.

(1/11391)

[باب: ليعزم المسألة فإنه لا مكره له]

قوله: (بَاب لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ): معناه: يَجِدُّ فيها ويقطعُها.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11392)

[حديث: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة]

6338# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو ابن إبراهيم بن مِقْسَم البصريُّ، المعروف بابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

قوله: (فَأَعْطِنِي): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ [1] لَهُ): يُفهَم الإكراه من قوله: (إن شئت؛ فأعطني)؛ لأنَّه لمَّا خيَّره؛ دلَّ ذلك على أنَّ له الإكراهَ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)،، وهي رواية الحديث اللاحق، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مُسْتَكْرِهَ).

[ج 2 ص 659]

(1/11393)

[حديث: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي اللهم ارحمني]

6339# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11394)

[باب: يستجاب للعبد ما لم يعجل]

(1/11395)

[حديث: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت ... ]

6340# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو عُبَيْد مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه سعد بن عبيد الزُّهْرِيُّ المدنيُّ، مولى عبد الرَّحْمَن بن أزهر.

قوله: (فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي): (يُستَجَبْ): مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فَاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11396)

[باب رفع الأيدي في الدعاء]

قوله: (بَابُ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ): اعلم أنَّ النَّوَويَّ ذكر في «شرح المهذَّب» نحوَ ثلاثين حديثًا في «الصحيحين»، أو في أحدهما، فيها كلِّها رفعُ الأيدي في الدعاء، وأمَّا مسح الوجه بعد الدعاء؛ فقال العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ: ولا يمسح بهما وجهه، ولا يفعله إلَّا جاهلٌ، انتهى، وفي مسح الوجه باليدين بعد الدعاء حديثٌ في «أبي داود»، وحديثٌ في «التِّرمِذيِّ» وقال: إنَّه غريبٌ، وأمَّا عبدُ الحقِّ؛ فإنَّه نقل عنه أنَّه صحَّحه، وغَلِطَ في ذلك، وقد ترجم عليه النَّوَويُّ في «الأذكار» في (باب رفع اليدين ومسح الوجه بهما)، انتهى.

وهل يرفعهما إذا كانت يدُه نجسةً؟ قال الرُّويانيُّ: يحتمل أن يُقال: يُكرَه من غير حائلٍ، ولا يُكرَه، وقد ذكر الحاكم في «المستدرك» في (كتاب الذِّكْر والدعاء) حديثًا عن حَمَّاد بن عيسى: حدثنا حنظلة عن سالم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان إذا مدَّ يديه في الدعاء؛ لم يردَّهما حتَّى يمسح بهما وجهه)، سكت عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، وذكر بعده حديثًا آخَرَ عن ابن عَبَّاس مرفوعًا: «إذا سألتم الله؛ فاسألوه ببطون أَكُفِّكُم، ولا تسألوه بظهورهما، وامسحوهما بوجوهكم»، سكت أيضًا عليه الذَّهَبيُّ، أمَّا الأول؛ فمُتَعقَّبٌ، كيف وفيه حَمَّاد بن عيسى الجُهنيُّ؟! وقد ضعَّفه غير واحد، وقد قال فيه الحاكم: دجَّال، فكيف يُخَرِّج حديثَه ويسكت عليه الذَّهَبيُّ؟! وأمَّا الثاني؛ فإنَّ فيه سعيدَ بن هبيرة، وقد قال فيه ابن حِبَّانَ: يروي الموضوعاتِ عن الثقات؛ كأنَّه كان يضعُها، أو تُوضَع له فيجيب فيها، وأخرج حديثَ ابنِ عَبَّاس أبو داود، وقال: رُوِيَ هذا الحديثُ من غير وجهٍ عن مُحَمَّد بن كعب كلُّها واهيةٌ، وهذا الطريق أمثلُها، وهو ضعيفٌ أيضًا، فإذن الحديثان ضعيفان، والله أعلم، ولأجل ذلك لم يترجِم البُخاريُّ على مسح الوجه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ رضي الله عنه.

[ج 2 ص 659]

(1/11397)

[معلق أنس عن النبي رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه]

6341# قوله: (وَقَالَ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): (الأُوَيسيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أُوَيس)، انتهى، روى عن الأويسيِّ البُخاريُّ، وهارونُ الحمَّال، والذهليُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وآخرون، ووَثَّقَهُ أبو داود وغيرُه، وقال أبو حاتم: صدوق، وهو أحب إليَّ من يحيى ابن بُكَيْر، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (مُحَمَّد بن جعفر): هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (شَرِيك): هو ابن عبد الله بن أبي نَمِر.

قوله: (حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ بياض إبطه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من علاماتِ نبوَّته، وأنَّ غيرَه أسودُ الإبط؛ لمكان الشَّعر.

(1/11398)

[باب الدعاء غير مستقبل القبلة]

(1/11399)

[حديث أنس: اللهم حوالينا ولا علينا]

6342# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ اُدْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين.

قوله: (فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَوْ غَيْرُهُ): تَقَدَّمَ في (الاستسقاء) أنَّه هو، وذكرتُ مستندي في ذلك في (الاستسقاء).

قوله: (وَلَا يُمْطَرُ أَهْلُ [1] الْمَدِينَةِ): (يُمطَر)؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، وفي روايةٍ: (يُمطِر أهلَ): (يُمطِر): بضَمِّ أوَّله، وكسر الطاء، و (أهلَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (مطرت) و (أمطرت).

(1/11400)

[باب الدعاء مستقبل القبلة]

(1/11401)

[حديث: خرج النبي إلى هذا المصلى يستسقي]

6343# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): التَّبُوذَكيُّ، تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة غَيْرَ مَرَّةٍ، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد الحافظ.

==========

[ج 2 ص 660]

(1/11402)

[باب دعوة النبي لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله]

قوله: (بَابُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ): ثُمَّ ذكر حديث أنسٍ رضي الله عنه، وليس فيه طولُ العُمُر، ولكن ورد في بعض طرق الحديث، ويُؤخَذ أيضًا من دعوته بكثرة الولد؛ لأنَّه لا يكون ذلك إلَّا في كثيرٍ من السنين، فدعاؤه له بكثرة الولد دعاءٌ له بطول العُمُر، ويدخل أيضًا في قوله: «وبارِك له فيما أعطيته»، والعُمُر ممَّا أعطاه، وأمَّا كثرة ماله؛ فكانت نخله تطرح في السنة مرَّتين، وفي «التِّرْمِذيِّ» في (المناقب): (وكان له بُستانٌ يحمل في السنة مرَّتين، وكان فيه رَيحان يجيء منه رائحة المِسْك)، وأمَّا كثرة ولده؛ فهو أحد الصَّحَابة الذين لم يموتوا حتَّى رأوا من صلبهم مئة ولد ذَكَرٍ، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم) تحديثه عن ابنته أُمَينة: أنَّها أخبرته أنَّه دُفِن لصُلْبِه مَقْدَمَ حَجَّاج البصرةَ مئةٌ وبضعٌ وعشرون، وقد تَقَدَّمَ أنَّه قَدِمها سنة خمسٍ وسبعين، ووُلِدَ لأنسٍ بعد قدوم الحجَّاج [1] البصرةَ أولادٌ كثير ببركة دعائه عليه الصلاة والسلام، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (وكان أكثر الصَّحَابة أولادًا) انتهى.

وأمَّا عُمُره؛ فجاوز المئة على قول الأكثر، قال النَّوَويُّ: واتَّفق العلماء على مجاوزة عُمُره مئةَ سنةٍ، والصحيح الذي عليه الجمهور: أنَّه تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وتسعين، وقيل: سنة تسعين، وقيل: سنة خمسٍ وتسعين، وقيل: سنة سبعٍ وتسعين، انتهى، قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «استيعابه»: وأصحُّ ما فيه؛ يعني: أنَّه عاش مئةَ سنةٍ إلَّا سنةً، انتهى، قال شيخنا: ودعا له برابعةٍ؛ وهي المغفرة، وتُرجَى له، انتهى.

فإن قلت: فما معنى دعائه بطول العُمُر؟ فالجواب عنه: ما تَقَدَّمَ في قوله: «ويُنْسَأَ له في أثره» في أوائل (البيع).

(1/11403)

فائدةٌ: قال ابن قُتَيْبَة في «معارفه»: (ثلاثةٌ من أهل البصرة لم يموتوا حتَّى رأى كلُّ واحدٍ منهم مئةَ ذَكَرٍ من صُلبه: أنس بن مالك، وأبو بكرة، وخليفة بن بدر) انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الصوم)، وذكرت هناك أنَّ ابن خَلِّكان نقل في «تاريخه»: أنَّ تميم بن المعزِّ بن باديس خلَّف مئةَ ابنٍ، وستِّين بنتًا، وأزيدُ هنا _بل قد ذكرته في (الصوم) _ أنَّ في «تاريخه» أيضًا في ترجمة المهلَّب بن أبي صفرة: أنَّه وقع من صُلبه إلى الأرض ثلاثُ مئةِ ولدٍ، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الحجام)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 660]

(1/11404)

[حديث أنس: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته]

6344# قوله: (حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ): هو لا كالمنسوب إلى الحَرَم؛ لأنَّ المنسوب إلى الحرم: حِرْميٌّ؛ بكسر الحاء، وإسكان الراء، وهذا بفتح الحاء والراء، وهو ابن عُمارة.

قوله: (قَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللهِ): (أمُّ أنس): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّها] أمُّ سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ الخلاف في اسمها رضي الله عنها.

قوله: (أَكْثِرْ مَالَهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الثاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 660]

(1/11405)

[باب الدعاء عند الكرب]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ): ذكر فيه حديثَ ابن عَبَّاس رضي الله عنهما المشهورَ، فإن قلت: إنَّ هذا ذِكْرٌ، وليس بدعاءٍ؟ فالجوابُ: أنَّه ذكرٌ يُسْتَفتَح به الدعاء، ثُمَّ يدعو بما شاء، على ما روى عَبْد بن حُمَيدٍ في «مسنده» بإسناده إلى أبي العالية عن ابن عَبَّاس: (أنَّه عليه السلام كان إذا حَزَبَه أمرٌ؛ قال هذا الذِّكْرَ، ثُمَّ يدعو) توضِّحه رواية الأعمش عن النَّخَعيِّ قال: كان يُقال: إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء؛ استوجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء؛ كان على الرجاء، وقد أوضح هذا المعنى ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه، قال: (إذا خشيتم من أميرٍ ظُلمًا؛ فقولوا [1]: اللهمَّ ربَّ السماوات وربَّ العرش العظيم؛ كن لي جارًا من فلان وأشياعِه من الجنِّ والإنس ... ) إلى آخره، ويحتمل أيضًا ما رُويَ عن الحُسين المروذيِّ قال: سألت ابن عُيَيْنَة: ما كان أكثرَ قوله عليه السلام بعَرَفة؟ قال: «لا إله إلَّا الله»، فـ «سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولله الحمدُ»، ثُمَّ قال لي سفيان: إنَّما هو ذكرٌ، وليس فيه دعاءٌ، ثُمَّ قال: أمَا علمت قول الله حيث يقول: «إذا شغل عبدي ثناؤه على مسألتي؛ أعطيته أفضلَ ما أعطي السائلين ... » إلى أن قال سفيان: أمَا علمت قول أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت؛ بيتين ثانيهما:

…~…إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ المَرْءُ يَوْمًا…كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ

والله أعلم، ذكر ذلك شيخنا [من] غير عزوِ الحديث لعبد بن حُمَيدٍ.

(1/11406)

[حديث: لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله]

6345# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، و (قَتَادَةُ): هو ابن دعامة، أبو الخطَّاب السدوسيُّ، وسأذكر قريبًا ما قيل في سماعه من أبي العالية، و (أَبُو العَالِيَةِ) هذا: هو رُفَيع بن مِهْرَان.

تنبيهٌ: أبو العالية اثنان تابعيَّان من أهل البصرة؛ أحدهما: صاحب هذا الحديث رُفَيع، كما قدَّمته، وهو مولى امرأة من بني رِياح؛ بكسر الراء، وبالمُثَنَّاة تحت، أعتقته سائبةً لوجه الله، أسلم بعد عامين من موته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، روى عن ابن عَبَّاس،

[ج 2 ص 660]

وروى عنه قتادة، والثاني: أبو العالية البرَّاء، يروي عن ابن عَبَّاس أيضًا، وعبدِ الله بن الصامت ابن أخي أبي ذرٍّ، روى عنه: أيُّوب السَّخْتيَانيُّ، ومطر الورَّاق، وبُدَيل بن ميسرة، وزياد، هذا ليس له عن ابن عَبَّاس في «البُخاريِّ» غيرُ حديثٍ واحدٍ؛ وهو: (قدم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابُه لصُبح رابعةٍ يُلَبُّون بالحجِّ)، ليس له غيره، وهو في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «النَّسائيِّ».

تنبيهٌ ثانٍ: قال يحيى بن سعيد القَطَّان: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية رُفَيع بن مِهْرَان إلَّا ثلاثة أحاديث؛ حديث عليٍّ: (القضاة ثلاثةٌ)، وحديث: «لا صلاةَ بعدَ العصر»، وحديث يونس بن متَّى، كذا نقله غيرُ واحدٍ عن يحيى بن سعيد عن شعبة، وهذا الحديث ليس واحدًا من الثلاثة، وقد أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وغيرُهما، وله فيهما عن أبي العالية هذا الحديثُ في مسند ابن عَبَّاس، وحديث: «لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متَّى ... »؛ الحديث، وحديث: ذكر عليه السلام ليلةَ أُسْرِيَ به، فقال: «موسى آدمُ طُوال ... »؛ الحديث، والله أعلم.

(1/11407)

[حديث: لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش ... ]

6346# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان.

قوله: (وَقَالَ وَهْبٌ) _كذا في أصلنا، وفي نسخة: (وُهَيب) _: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ): أمَّا (وهب)؛ فهو وهب بن جَرِير بن حَازم، قاله أبو ذرٍّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وَهْب)؛ بلا خلاف، والظاهر صحَّة هذه، وفي كونه وُهَيبًا نظرٌ، وفي «الأطراف»: (وَهْب)؛ مُكَبِّرًا، وتعليق وَهب عن شعبة به لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 661]

(1/11408)

[باب التعوذ من جهد البلاء]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ): (جَهْد): بفتح الجيم، ونقل شيخُنا عن القزَّاز بعد تفسير (الجَهد) أنَّه قال: وتُفتَح جيمه وتُضَمُّ، انتهى، قال ابن قُرقُول في أثناء كلامٍ في (الجَهد): وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال: (إنَّ جَهْدَ البلاء قلَّةُ المال، وكثرةُ العيال)، وعن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «جهدُ البلاء الصبرُ»، ثُمَّ ذكر كلامًا في (الجَهد) و (الجُهد)، وهو مَعْرُوفٌ، وقال غيره: كلُّ ما أصاب الإنسانَ من شدَّة المشقَّة والجهد ممَّا لا طاقةَ له بحمله، ولا يقدر على دفعه؛ فهو من جَهد البلاء، انتهى.

وفي «النهاية»: تكرَّر لفظ «الجَهد» و «الجُهد» في الحديث كثيرًا، وهو بالضَّمِّ: الوُسْع والطَّاقة، وبالفتح: المشقَّة، وقيل: المبالغة والغاية، وقيل: هما لُغَتان في الوُسْع والطاقة، فأمَّا في المشقَّة والغاية؛ فبالفتح لا غير ... إلى أن قال: ومن المفتوح حديثُ الدعاء: «أعوذ بك من جَهد البلاء»؛ أي: الحالة الشاقَّة.

(1/11409)

[حديث: كان رسول الله يتعوذ من جهد البلاء]

6347# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه وزان (عُلَيٍّ) المصغَّر، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (وَدَرَكِ الشَّقَاءِ): (الدَّرَك): اللَّحَاقُ والوصولُ إلى الشيء، أدركته إدراكًا ودَرَكًا، و (الشقاء): ضدُّ السعادة، وفي «المطالع»: («دَرَك الشقاء»، و «إلَّا كان دَرَكًا لحاجته»: «الدَّرَك»؛ بالفتح في الراء والدال: اسمٌ من «الإدراك»؛ كاللَّحَق من اللَّحاق، وقد ضبطه بعضُهم في الحديثَين بالإسكان، والأشهر ههنا الفتحُ، وأمَّا الوجهان؛ ففي المنزلة؛ كقوله: {فِي الدَّرَْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] ... إلى آخر كلامه، وكذا فعل ابن الأثير، فإنَّه لم يذكر اللُّغَتَين إلَّا في الذي قاله في «المطالع»، والله أعلم.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: الْحَدِيثُ ثَلَاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً): أمَّا (سفيان)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة، وأمَّا الواحدة التي زادها؛ فهنا قد جزم بأنَّه زاد واحدةً، وفي «مسلم» في (الدَّعَوَات): قال عمرٌو في حديثه: قال سفيان: أشكُّ أنِّي زدتُ واحدةً منها، ففي وقتٍ جزم بالزيادة، وفي وقتٍ شكَّ؛ هل زاد أم لا؟ وفي وقتٍ جزم فحدَّث بالأربعِ مرفوعةً، وذلك في (كتاب القدر) في هذا «الصحيح»، وفي «النَّسائيِّ» تارةً رفع، وتارةً شكَّ في الواحدة، والله أعلم، وما أعلم أنا الواحدةَ المزادةَ؛ فليُتَّبعْ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 661]

(1/11410)

[باب دعاء النبي: «اللهم الرفيق الأعلى»]

قوله: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ الكلام على (الرفيق الأعلى) غَيْرَ مَرَّةٍ؛ منها مرَّة في (الوفاة) قُبَيل (التفسير).

==========

[ج 2 ص 661]

(1/11411)

[حديث: لن يقبض نبي قطُّ حتى يرى مقعده من الجنة ... ]

6348# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيْرًا) بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، والباقي معروفٌ، بل كلُّه معروفٌ عند أهله، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجواد، أحد الأعلام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): تَقَدَّمَ أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، بخلاف غير أبيه، فإنَّه لا يجوز في يائه إلَّا الفتحُ.

قوله: (فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ): هؤلاء الرجال لا أعرفُهم بأعيانِهم.

قوله: (لَمْ [1] يُقْبَضَ نَبِيٌّ [قَطُّ] حَتَّى): (يُقبَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نبيٌّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام على اللُّغَات التي فيها في أوائل هذا التعليق.

قوله: (فَلَمَّا نزلَ بِهِ): (نَزَل): بفتح النون والزاي، وبضمِّ النون وكسر الزاي أيضًا، وبهما ضُبِط في أصلنا، قال النَّوَويُّ: إنَّه بضَمِّ النون، وكسر الزاي، انتهى، و (نزل): لازمٌ لا يُبنى منه على الجادَّة، وقد نُقِل عن سيبويه جوازهُ.

قوله: (فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ): تَقَدَّمَ الكلام في قوله: (شخَص بصرُه)؛ بفتح الخاء، ورفع (البصر)؛ إذا ارتفع، وقيل: امتدَّ ولم يَطْرَف، وكذلك (شخَص في الحاجة)؛ بالفتح، وأشخص بصره: مدَّه ولم يَطْرَف، قال أبو زيد: شخَص البصر يشخَص _بالفتح فيهما_ شخوصًا، ولا أعرف الكسر، وإنَّما الكسر إذا عَظُم شخصُه.

قوله: (قلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارنَا): تَقَدَّمَ الكلام على أنَّه بالرفع والنصب.

قوله: (فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ): (آخِرَ): مَنْصُوبٌ خبرُ (كان)، و (تلك): هو الاسم، وهذا ظاهِرٌ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ما تكلَّم به عليه السلام آخِرَ حياته.

[ج 2 ص 661]

قوله: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/11412)

[باب الدعاء بالموت والحياة]

(1/11413)

[حديث: لولا أن رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به]

6349# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أن (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم؛ بالحاء المُهْمَلَة، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ مُوَحَّدة مُشَدَّدة، وفي آخره مُوَحَّدة، وهو ابن الأَرَتِّ؛ بفتح الهمزة، وفتح الراء، وبالمُثَنَّاة فوق المُشَدَّدة.

قوله: (وَقَدِ اكْتَوَى): تَقَدَّمَ الكلام على (الكَيِّ) في (الطِّبِّ).

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11414)

[حديث: أتيت خبابًا وقد اكتوى سبعًا ... ]

6350# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (خَبَّاب): هو ابن الأَرَتِّ، تقدَّموا.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11415)

[حديث: لا يتمنين أحد منكم الموت لضر نزل به]

6351# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): هو مُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، و (سلَام): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصحيحَ فيه التخفيفُ.

قوله: (أَحْيِنِي): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11416)

[باب الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم]

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ): هذا الغلام اسمه إبراهيم، كذا سمَّاه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كما تَقَدَّمَ في «الصحيح»، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة إبراهيمَ هذا.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11417)

[حديث: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله ... ]

6352# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هو حاتم بن إسماعيل، و (الْجَعْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ، وأنَّه يقال له: الجُعيد، وقد ذكره البُخاريُّ في موضع مُكَبَّرًا، وفي موضعٍ مُصَغَّرًا، وهو بهما مشهورٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره، وتَقَدَّمَ (السائب بن يزيد).

قوله: (ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي): تَقَدَّمَ أنَّ اسم خالته لا أعرفه، وأنَّ أمَّه عُلَيَّة بنت شريح، وقد تَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ في خالته.

قوله: (وَجِعٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم، كذا لأكثرهم، وأنَّ عند ابن السكن في (باب استعمال فضل وَضوء الناس): (وَقِعٌ)، وهو بمعنى: (وَجِعٌ)؛ أي: مُشْتَكٍ مريضٌ.

قوله: (فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو الماءُ، وأنَّه يجوز ضمُّها.

قوله: (مِثْل زِرِّ الْحَجَلَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب خاتم النبوَّة)، وقدَّمت الروايات التي وقفتُ عليها في صفة خاتم النبوَّة في الباب المذكور، وضبطتُ (زرَّ الحَجَلة)، وما وقع لإبراهيم بن حمزة فيه، وأنِّه (رِزِّ)؛ بتقديم الراء؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11418)

[حديث أبي عقيل: أنه كان يخرج به جده ... ]

6353# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (أَبُو عَقِيل) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر القاف، وأنَّ اسمه زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام بن زُهرة بن عثمان، وجدُّه عبدُ الله بن هشام له رؤيةٌ، وُلِدَ سنة أربعٍ، حمَّر عليه الذَّهَبيُّ في «تجريده»، فالصحيح عنده أنَّه تابعيٌّ، لكن قال: له رؤيةٌ، انتهى، وشرطُ الرؤيةِ المعتبرةِ في الصُّحبَة: أن تكون مع التمييز حتَّى يُعَدَّ صحابيًّا، وفي ترجمة زُهْرَة بن معبد أبي عَقِيل في «التذهيب» قال: له صحبةٌ؛ يعني: لعبد الله بن هشام، فناقضَ.

قوله: (أَشْرِكْنَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فيَشْرَكُهُمْ [1]): هو بفتح الياء والراء، وفي أصلنا مجوَّد بالحُمْرة: (فيُشرِكهم)؛ بضَمِّ الياء وكسر الراء بالقلم؛ يعني: أنَّه رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، قال في «المطالع»: يُقال: شرِكتُه أشرَكُه، وأَشركتُه أُشرِكه، وفي «الصحاح»: شاركت فلانًا: صِرت شريكَه، واشتركنا وتشاركنا في كذا، وشرِكته في البيع والميراث أَشرَكُه، والاسم: الشِّرك ... إلى أن قال: وقوله عزَّ وجلَّ: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32]؛ أي: اجعله شريكي فيه، انتهى، فهو هنا رُباعيٌّ، وقال شيخنا هنا: (أشرِكنا): رُباعيٌّ؛ أي: اجعلنا من شركائك، ومنه: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}، وضبطُهُ ثُلاثيٌّ في بعض الكتب، والصحيح ما تَقَدَّمَ، وإنَّما يُقال: شرِكه [2] في الميراث والبيع؛ إذا ثبتت شركته، وأمَّا إذا سألته الشركة؛ فإنَّما تقول: أشرِكني؛ رباعيًّا، نبَّه عليه ابن التين، انتهى.

==========

[1] (فيشركهم): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (شركته).

[ج 2 ص 662]

(1/11419)

[حديث محمود بن الربيع: مج رسول الله في وجهه وهو غلام ... ]

6354# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ): قد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب العلم) في (باب سماع الصغير).

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11420)

[حديث: كان النبي يؤتى بالصبيان فيدعو لهم]

6355# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا الصبيُّ تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب بول الصبيان) من كلام شيخنا: أنَّه لا يخلو من أن يكون عبدَ الله بن الزُّبَير، أو الحسنَ، أو الحُسينَ؛ لرواياتٍ في ذلك سُقْتُها في «تخريجي أحاديثَ الرافعيِّ»، انتهى، وذكرت هناك أنَّ ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: يحتمل أن يكون ابنَ أمِّ قيس، انتهى، وقد ذكرت مَن بال في حِجْره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهم خمسةُ أشخاصٍ رضي الله عنهم، ذكرتهم قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11421)

[حديث عبد الله بن ثعلبة: كان رسول الله قد مسح عنه]

6356# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عَبْدُ اللهُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ): بضَمِّ الصاد وفتح العين المُهْمَلَتين، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، تَقَدَّمَ الكلام على عبد الله هذا.

قوله: (رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَوْتَرَ [1] بِرَكْعَةٍ): يعني: أنَّه لا شفع قبلها، وقد تَقَدَّمَ عن معاوية بن أبي سفيان مثلُه، وأنَّه ذُكِر ذلك لابن عَبَّاس، فقال: إنَّه فقيهٌ، ومذهب أكثر الفقهاء: استحباب الشفع قبلها، وفي هذا حجَّة على قائل: الوتر بثلاث رَكَعاتٍ، والله أعلم.

(1/11422)

[باب الصلاة على النبي]

قوله: (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ الصلاة على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ هل هي واجبةٌ كُلَّما ذُكِر، أو لا تجب في العمر إلَّا مرَّة، أو تجب في التشهُّد الأخير؟ أقوالٌ، وقال شيخنا في «شرح المنهاج» في الفقه: أحدها: يجب في حقِّ كلِّ مَن أسلم لله تعالى خاصَّةً، وثانيها: لا تجب بعد الإسلام

[ج 2 ص 662]

إلَّا مرَّة، وثالثها: أنَّها واجبةٌ بكلِّ حال مهما ذُكِر، ورابعها: إن كانت في الصلاة؛ وجبت في التشهُّد الأخير، وإن كانت في غيرها؛ كانت مستحبَّةً، وقيل: هي فرضٌ على الكفاية إذا ذُكِرَ، ذَكَرَ هذه الأقوالَ برهانُ الدين بن الفِركاح في «تعليقه على التنبيه»، وفي «الزمخشريِّ» منها الثاني والثالث، وحكى قولًا: أنَّها تجب في كلِّ مجلسٍ مرَّةً وإن تكرَّر ذكرُه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

تنبيهٌ: نسب القاضي عياض في «الشفا» الشَّافِعيَّ إلى الشذوذ في إيجابه إيَّاها في التشهُّد الأخير، وفي كلامه نظرٌ، فإنَّه لم يشذَّ، وله سَلَفٌ، ونقل شيخُنا أنَّه روايةٌ عن أحمد أيضًا، وحكاه الرُّويانيُّ عن عمر، وابنه عبد الله، وابن مسعود، وأبي مسعود البدريِّ، ونقله الماورديُّ عن مُحَمَّد بن كعب القرظيِّ التابعيِّ، ورواه البيهقيُّ عن الشَّعْبيِّ، وغيرُه عن عليِّ بن الحسين، وبه قال ابن الموَّاز من المالكيَّة، فيما حكاه ابن القصَّار، انتهى.

تنبيهٌ ثانٍ: تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) أنَّ أبا ذرٍّ الحافظَ قال: ابتداء الصلاة على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في السنة الخامسة من الهجرة، وأنَّ اليونينيَّ قال: وفيه نظرٌ؛ لأنَّه قد ورد في حديث الإسراء ذِكْرُ الصلاة عليه، وكان الإسراءُ بمكَّة شرَّفها الله تعالى، انتهى، وقد ألَّفَ الحافظُ شمس الدين ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في الصلاة على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تأليفًا حسنًا، وذكر أنَّ في الصلاة عليه فوائدَ، ذكرها وعدَّدها؛ فانظره، فإنَّه تأليفٌ حسنٌ، منها: أنَّها تُفَرِّج الهمَّ، والله أعلم، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

(1/11423)

[حديث: فقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد]

6357# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عتيبة القاضي، وتَقَدَّمَ للبُخاريِّ فيه غلطٌ، وأنَّ مَن يقال له: (الحكم بن عتيبة) اثنان، ذكرتهما فيما مضى، وتَقَدَّمَ الكلام على (كَعْب بْن عُجْرَةَ)، وأنَّه بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وإسكان الجيم، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً): (أُهدِي): بضَمِّ الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11424)

[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك.]

6358# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه عبد العزيز بن أبي حَازم سلمة بن دينار، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد، و (يَزِيد) بعدهما: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (عَبْد الله بْنِ خَبَّابٍ)؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة: الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ مولاهم، المدنيُّ، أخرج له الجماعة، لا عبد الله بن خَبَّاب بن الأرتِّ، هذا الثاني أخرج له التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ فقط، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11425)

[باب هل يصلى على غير النبي ... ]

قوله: (بَابُ هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: من الناس، قال شيخُنا: والصلاة على غير رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جائزةٌ بدليل الكتاب والسُّنَّة، أَلا ترى أنَّه عليه السلام كان يصلِّي على مَن أتاه بصدقته؟! وفي حديث أبي حُمَيد: (أُمِرنا بالصلاة على أزواجه ... ) إلى آخر كلامه، قال: وهذا الباب ردٌّ لقول مَن أنكر الصلاةَ على غير رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقال النَّوَويُّ في كتاب «الأذكار» ما لفظه: اتَّفقوا على الصلاة على نبيِّنا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكذلك أجمعَ مَن يُعْتَدُّ به على جوازها واستحبابها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالًا، انتهى، وقد روى [1] ابن أبي شيبة من حديث عثمان بن حَكِيم عن عكرمة عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما قال: (ما أعلم الصلاةَ تنبغي من أحد إلَّا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، والحُجَّة في السُّنَّة لا [2] فيما خالفها، وعندنا يُصَلَّى عليهم تبعًا كهذا الحديث، انتهى، وإن أردت أن تنظر الكلام في الصلاة على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الأنبياء؛ فانظر كتاب القاضي عياض في الباب الرابع في (فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النَّبيِّ وسائر الأنبياء عليهم السلام)، وقد تَقَدَّمَ.

وقد تَقَدَّمَ الكلام في الصلاة على غير الأنبياء استقلالًا ما حكمه، ولا خلاف في جوازها تبعًا فيما أعلمه، وإن كان عموم كلام ابن عَبَّاس يعارضه، وللقاضي عياض في «الشفا» كلامٌ في الصلاة على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الأنبياء؛ فانظره في (فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النَّبيِّ وسائر الأنبياء عليهم السلام)، وقد قُدِّم ذلك قريبًا، وما ذكرته قريبًا عن ابن عبد السلام في «الفتاوى الموصليَّة» هو في الأَولويَّة، كما صَرَّحَ هو به فيها، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وروى)، وذلك أنَّ قول النوويِّ السابق كان مستدركًا.

[2] زيد في (أ): (ما)، وذلك أنَّها كانت: (ما في)، ثمَّ ضَرَبَ على (في)، وترك (ما)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[ج 2 ص 663]

(1/11426)

[حديث ابن أبي أوفى: اللهم صل على آل أبي أوفى]

6359# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن أبي أوفى، وأنَّ أبا أوفى صَحَابيٌّ أيضًا، واسمه علقمة بن خالد.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11427)

[حديث: قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته]

6360# قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ): (سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (الزُّرَقي)؛ بضَمِّ الزاء، وفتح الراء المُخَفَّفة، وبالقاف: نسبة إلى بني زُرَيق من الأنصار، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، تَقَدَّمَ، واسمه، واسم أبيه، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (أبو حُمَيد: اسمه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، ابن عمِّ سهل بن سعد) انتهى.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11428)

[باب قول النبي: «من آذيته فاجعله له زكاةً ورحمة»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ آذَيْتُهُ؛ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً»): ذكر في هذا الباب حديثًا واحدًا، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»: قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اللهمَّ إنَّما أنا بشرٌ، فأيُّ المسلمين لعنتُه أو سببتُه؛ فاجعله له زكاةً وأجرًا»، وفي رواية: «أو جلدته؛ فاجعلها له زكاةً»، وفي رواية: «فأيُّ المؤمنين آذيتُه؛ شتمتُه أو لعنتُه، إنَّما مُحَمَّدٌ بشرٌ، يغضب كما يغضب البشر، وإنِّي اتَّخذت عندك عهدًا لن تخلِفَنِيه، فأيُّما مؤمن آذيتُه أو سببتُه أو جلدتُه؛ فاجعلها له كفارةً وقُربةً»، وفي رواية: «إنِّي اشترطت على ربِّي، فقلت: إنَّما أنا بشرٌ، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيُّما أحدٍ دعوت عليه من أمَّتي بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ؛ أن تجعلها له طَهورًا وزكاةً وتوبةً»، هذه الأحاديث مبيِّنةٌ ما كان عليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الشَّفَقَةِ على أمَّته، والاعتناءِ بمصالحهم، والاحتياطِ لهم، والرغبةِ في كلِّ ما ينفعهم، وهذه الرواية المذكورة أخيرًا تبيِّن المرادَ بباقي الروايات المُطْلَقة، وإنَّما يكون دعاؤه عليه رحمةً وكفَّارةً وزكاةً ونحوَ ذلك إذا لم يكن أهلًا للدعاء عليه والسبِّ واللعنِ ونحوِه، وكان مسلمًا، وإلَّا؛ فقد دعا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الكفَّار والمنافقين، ولم يكن ذلك رحمةً.

(1/11429)

فإن قيل: كيف يدعو على مَن ليس هو أهلٌ للدعاء عليه، أو يسبُّه، أو يلعنه، ونحو ذلك؟ والجواب ما أجاب به العلماء، ومختصره وجهان: أحدهما: أنَّ المراد: ليس بأهل لذلك عند الله تعالى، وفي باطن الأمر، ولكنَّه في الظاهر مستوجبٌ له، فيظهر له صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم استحقاقُه لذلك بأمارةٍ شرعيَّة، ويكون في باطن الأمر ليس أهلًا لذلك، وهو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مأمورٌ بالحكم بالظاهر، والله يتولَّى السرائر، والثاني: أنَّ ما وقع من سبِّه ودعائه ونحوِه ليس بمقصودٍ، بل هو ما جرت به عادة العرب في وَهَل كلامها بلا نيَّة؛ كقوله: «تَرِبت يمينكِ»، و «عَقْرَى حَلْقَى»، وفي هذا الحديث: «لا كبرت سنُّك»، وفي حديث معاوية رضي الله عنه بعده: «لا أشبع الله بطنه»، ونحو ذلك، لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقةَ الدعاء، فخاف صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يصادِفَ شيءٌ من ذلك إجابةً، فسأل ربَّه سبحانه وتعالى ورَغِب إليه أن يجعل ذلك رحمةً، وكفَّارةً، وقُربةً، وطَهورًا، وأجرًا، وإنَّما كان يقع منه هذا في النادر الشاذِّ من الأزمان، ولم يكن صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فاحشًا ولا مُتَفَحِّشًا، وقال: «اللهمَّ؛ اغفِر لقومي؛ فإنَّهم لا يعلمون»، انتهى لفظه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11430)

[حديث: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك ... ]

6361# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ،

[ج 2 ص 663]

و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/11431)

[باب التعوذ من الفتن]

(1/11432)

[حديث: لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم]

6362# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (حَتَّى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ): أي: أكثروا عليه وألحُّوا، وقال شيخُنا: وقال الداوديُّ: يريد: سألوه عمَّا يكره الجوابَ عنه.

قوله: (فَكَانَ رَجُلٌ [1] إِذَا لَاحَى الرِّجَالَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن حذافة، كذا جاء مسمًّى في هذا «الصحيح»، واسم والد حذافة: قيسُ بن عديٍّ، أبو حذافة السهميُّ، له هجرتان، وهو أخو خُنَيس بن حذافة زوجِ حفصة أمِّ المؤمنين قبل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ ذكره أيضًا في (سورة المائدة)، و (لاحى): تَقَدَّمَ معناه، وفاعل (لاحى): (هو)؛ عائد على (رجل)، و (الرجالَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقال شيخُنا عن العسكري: إنَّه أخوه قيسٌ، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ [2] أَنْشَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ، ومعناه: ابتدأ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ): (صُوِّرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الجنَّةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (النَّارُ): معطوف عليه.

(1/11433)

[باب التعوذ من غلبة الرجال]

(1/11434)

[حديث: التمس لنا غلامًا من غلمانكم يخدمني]

6363# قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَنْطَبًا) بفتح الحاء، وإسكان النون، وفتح الطاء، المُهْمَلَيتن، ثُمَّ مُوَحَّدة، وقد تَقَدَّمَ ما رأيتُه في حاشيةِ نسخةٍ عراقيَّةٍ، والله أعلم.

قوله: (لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، زوجُ أمِّ سُلَيم، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ.

قوله: (يَخْدُمْنِي): هو بإسكان الميم، جواب الأمر، ويجوز رفعه، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما؛ فانظره، وأنَّه يجوز (الحزن)؛ بضَمِّ الحاء وإسكان الزاي، وبفتحهما، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ): (الكسل): فترةٌ تقع في النفس تُثَبِّط عن العمل، وسيأتي بمقلوبها ما قاله صاحب «تثقيف اللسان».

قوله: (وَالْبُخْلِ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز (البُخْل) و (البَخَل)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وإسكان الخاء، وبفتحهما، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد قُرِئ بهما في السبع، وسيجيء ذلك قريبًا من كلام البُخاريِّ.

قوله: (وَالْجُبْنِ): هو ضدُّ الشجاعة، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (ضَلَعِ الدَّيْنِ): أنَّه بفتح الضاد المُعْجَمَة واللام، وبالعين المُهْمَلَة، قال ابن قُرقُول: (ضَلَع الدَّين): شدَّته وثقلُ حمله، ورُوِيَ عن الأصيليِّ في موضعٍ بالظاء، ووهَّمه بعضهم، والذي حكى ابن العربيِّ بالضاد، انتهى، وفي «النهاية»: («وضَلَع الدَّين»: ثقله، والضَّلَع: الاعوجاج؛ أي: يثقله حتَّى يميل صاحبُه عن الاستواء والاعتدال، يُقال: ضَلِعَ _بالكسر_ يَضْلَعُ ضَلَعًا؛ بالتحريك، وضَلَع يضْلَع ضَلْعًا؛ بالتسكين: مال، وقد أخذ ذلك من «صحاح الجوهريِّ».

قوله: (فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ): يعني: إلى موته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ ابتدأ فقال: (حَتَّى أَقْبَلْنَا)؛ يقول: فلمَّا أقبَلْنا، والله أعلم، وهذا متعيِّنٌ، ولا يُقال: إنَّه لم يزل يخدمه حتَّى أقبل من خيبر؛ يعني: في السَفَر؛ فإنَّه لم يزل يخدمه حَضَرًا وسَفَرًا حتَّى تُوُفِّيَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهذا مَعْرُوفٌ لا يُرتَاب فيه.

(1/11435)

قوله: (وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ): تَقَدَّمَ الكلام على صفيَّة أمِّ المؤمنين، وأنَّ والدها حيَيُّ بن أخطب بضَمِّ الحاء وكسرها، يهوديٌّ معروفٌ، قُتِل مع بني قريظة.

قوله: (يُحَوِّي لَهَا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة خيبر) وغيرِها، وتَقَدَّمَ (الصَّهْبَاء) أين هي، وأنَّها على رَوْحة من خيبر، كما وقع في هذا «الصحيح»، وضبطُها، وتَقَدَّمَ الكلام على (الحَيْس) ضبطًا، وما هو، وتَقَدَّمَ (النِّطَع) بِلُغَاته، و (بَدَا لَهُ أُحُدٌ): بغير همزة؛ أي: ظهر، وهذا مَعْرُوفٌ، وعلى (يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ)، وأنَّه حقيقةٌ على الصحيح، ولا مانعَ منها، والكلام على (المُدِّ) و (الصَّاعِ).

==========

[1] (لها): ليست في «اليونينيَّة»، وهي مستدركة في (ق) من نسخة، وهي ثابتة في الحديث (2235).

[ج 2 ص 664]

(1/11436)

[بابُ التعوذ من عذاب القبر]

(1/11437)

[حديث: سمعت النبي يتعوذ من عذاب القبر]

6364# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وتَقَدَّمَ لماذا نُسِب، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سُفْيَان) بعده: ابن عُيَيْنَة.

قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ [1]، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهَا): (أمُّ خالد): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها أَمَةٌ _بغير إضافة_ بنت خالد بن سعيد بن العاصي، وأنَّ أباها من السابقين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وهو أفضل بني أُمَيَّة حاشى عثمان بن عَفَّانَ، فإنَّه أسلم قديمًا، فقال بعضهم: قبل عليٍّ، وقال بعضهم: قبل الصِّدِّيق، وهاجر إلى الحبشة، وهو سيِّدٌ جليلٌ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (أمُّ خالد) ابنتُه تَقَدَّمَت، وأنَّها وُلِدَت بالحبشة، وقول موسى بن عقبة هو حقيقةٌ، لا مجازَ فيه، ولم يسمع من أحدٍ من الصَّحَابة غيرَها، لكنَّه رأى أنسًا ولم يسمع منه، وهذا بخلاف ما يجيء عن سلمة بن كُهَيل: أنَّه سمع جُندبًا ولم يسمع غيره، ذاك فيه مجازٌ، وسأذكره حيث يجيء إن شاء الله تعالى في (باب الرياء والسمعة) من (كتاب الرقائق)، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 664]

(1/11438)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن]

6365# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ): هذا هو عبد الملك بن عُمَير؛ بضَمِّ العين، وفتح الميم، تَقَدَّمَ، و (مُصْعَب): هو ابن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، وسعدٌ أحد العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (مِنَ الْبُخْلِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: (بُخْل) و (بَخَل) قريبًا، وكذا تَقَدَّمَ قريبًا (الْجُبْن)، وأنَّه ضدُّ الشجاعة.

قوله: (أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ): (أرذل العُمُر): آخرُه في حال الكِبَر والعَجْز والخَرَف، والأرذلُ من كلِّ شيء: الرديء منه.

قوله: (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وفسَّرها هنا بفتنة الدَّجَّال.

(1/11439)

[حديث: صدقتا إنهم يعذبون عذابًا تسمعه البهائم كلها]

6366# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة.

[ج 2 ص 664]

قوله: (دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ): هاتان العجوزان اليهوديَّتان لا أعرف اسميهما.

قوله: (وَلَمْ أُنْعِمْ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر العين؛ أي: لم تطب نفسي.

قوله: (بَعْدُ): هو بضَمِّ الدال، مقطوع عن الإضافة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11440)

[باب التعوذ من فتنة المحيا والممات]

(1/11441)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل]

6367# قوله: (حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ [1]: سَمِعْتُ أَبِي): هو المعتمر بن سُليمان بن طرخان التيميُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (مِنَ الْعَجْزِ): عن صاحب «تثقيف اللسان»: أنَّ (العجز) عمَّا لا يستطيعه، و (الكسل): أن يترك الشيء ويتراخى عنه وإن كان يستطيعه.

قوله: (وَالْكَسَلِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الكسل)، وكذا (الجُبْنِ)، و (الهَرَمِ): معروفٌ، وهو بفتح الهاء والراء، وهو غاية الكِبَرِ وضعف الشيخ، وإنَّما استعاذ منه؛ كما قال: «وأن أُرَدَّ إلى أرذل العُمر»، يقال: هَرِم الرجل يهرَم هَرَمًا، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فِتْنَةِ الْمَحْيَا)، وعلى (فِتْنَةِ الْمَمَاتِ)، في (الدعاء قبل السلام) في (الصلاة).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 665]

(1/11442)

[باب التعوذ من المأثم والمغرم]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ): تقدَّما في (باب الدعاء قبل السلام).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11443)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم]

6368# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد.

قوله: (مِنَ الْكَسَلِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الكسل)، و (الهَرَم): تَقَدَّمَ أعلاه، و (المَأْثَم وَالمَغْرَم): تقدَّما في (باب الدعاء قبل السلام)، و (فِتْنَة الْقَبْرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، و (الْمَسِيح الدَّجَّال): تَقَدَّمَ الكلام عليه في ضبط (المسيح)، ويأتي الكلام على (الدَّجَّال) في بابه في (الفتن) إن شاء الله تعالى، وتَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق سؤالٌ؛ وهو إن قال قائلٌ: كيف استعاذ عليه السلام من المسيح الدَّجَّال، وقد ثبت أنَّ الدَّجَّال إذا رأى عيس ابن مريم يذوب، فكيف بسيِّد الخلق؟ وجوابه: أنَّه أراد تعليم أمَّته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو تعوَّذ منه لأمَّته، أو أنَّه معصومٌ ويُظهِر الاستعاذة.

قوله: (بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ): تَقَدَّمَ ما الحكمة في طلبه عليه السلام أن يغسل ذلك بماء الثلج والبَرَد والماء المُسَخَّن أبلغُ في إزالة الأدران.

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11444)

[باب الاستعاذة من الجبن والكسل]

قوله: (بَابُ الاِسْتِعَاذَةِ مِنَ الْجُبْنِ وَالْكَسَلِ): تقدَّما.

قوله: ({كَسَالَى} و {كُسَالَى} [النساء: 142] وَاحِدٌ) [1]: الأولى بفتح الكاف، والثانية بضمِّها، كذا في أصلنا بالقلم، وهذه الجملة هي في بعض النسخ، وعليها علامة نسخةٍ في أصلنا، هذا ما يتعلَّق بها من ثبوتها وعدمه، وأمَّا من حيث اللغةُ؛ ففيها (كُسَالَى) و (كَسالى)؛ بضَمِّ الكاف وفتحها؛ لُغَتان، وكلٌّ منهما فيه فتح اللام وكسرها، حكى الكلَّ الجوهريُّ في «صحاحه»، وقال الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»: الجمهور على ضمِّ الكاف، وهي لغة أهل الحجاز، وقرأ الأعرج بفتحها، وهي لغة تميم وأسَد، وقرأ ابن السَّمَيْفَع: {كَسْلَى}، وصفهم بما توصف به المؤنَّثة المفردة؛ اعتبارًا بمعنى الجماعة؛ كقوله: {وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى} [الحج: 2].

==========

[1] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي الوقت، ورواية أبي ذرٍّ عن المستملي.

[ج 2 ص 665]

(1/11445)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن]

6369# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه باسكان الخاء من (مَخْلد)، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال، و (عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو): هو مولى المُطَّلِب بن عبد الله بن حَنْطَب، تَقَدَّمَ قريبًا.

قوله: (مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ): تقدَّما في (الصلاة)، و (الكَسَلِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وكذا (الجُبْنِ)، وكذا (البُخْلِ) بِلُغَتَيه، وكذا (ضَلَعِ الدَّيْنِ)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11446)

[باب التعوذ من البخل]

(1/11447)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ ... ]

6370# قوله: (حَدَّثَنَا [1] غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ مَن لقَّبه به.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

[ج 2 ص 665]

(1/11448)

[باب التعوذ من أرذل العمر]

قوله: ({أَرَاذِلُنَا} [هود: 27]: أَسْقَاطُنَا)، وفي نسخةٍ: (سُقَّاطُنَا)، جمع (ساقط)؛ وهو اللئيم في حَسَبه ونفسه.

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11449)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الكسل]

6371# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو، (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحدَّاد.

(1/11450)

[باب الدعاء برفع الوبأ والوجع]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الوباء) بِلُغَتَيه وما هو في (باب ما يُذكَر في الطاعون) في (كتاب الطِّبِّ)، وأنَّه هو الطاعون أم لا، وأنَّ الصحيح أنَّ بينهما خصوصًا وعمومًا، فكلُّ طاعونٍ وباءٌ، ولا عكس، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على الدعاء برفعه قُبَيل (كتاب الطِّبِّ).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11451)

[حديث: اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد]

6372# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

قوله: (وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ): تَقَدَّمَ ضبط (الجحفة)، وأنَّها بقرب رابغ، ولِمَ دعا عليهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أواخر (الحجِّ) قُبَيل (الصوم).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11452)

[حديث: إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً]

6373# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَامِر بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، وسعدٌ أحد العشرة.

قوله: (إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ اسمها عائشة، وأنَّها [1] تابعيَّة لها رؤيةٌ، (وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّها أمُّ الحكم الكبرى، ووَهم مَن قال: إنَّها عائشة) [2]، و [تقدَّم] أنَّ سعدًا رُزِقَ بعد ذلك أولادًا كثيرةً؛ بضعًا وثلاثين ولدًا [3]، ذكرتهم في أوائل (كتاب البيع) عن الدِّمْيَاطيِّ، ومن كلام ابن الجوزيِّ الحافظ أبي الفرج.

قوله: (أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أَنْ)، وأنَّ الصحيح أنَّها بالفتح، وعلى (العَالَةَ)، وأنَّهم بالتخفيف: الفقراء، وعلى (يَتَكَفَّفُونَ).

قوله: (آأُخَلَّفُ؟): هو بمدِّ الهمزة في أصلنا، كذا هي في أصلنا، ثُمَّ أُزِيلت المَدَّة، وبقيت (أُخَلَّف)؛ بغير همزة الاستفهام.

قوله: (حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)، و (أَمْضِ)؛ بقطع الهمزة: رُباعيٌّ، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ) من كلام مَن هو في (الجنائز)، وأنَّه مِن كلام ابن أبي وقَّاص، ويُقال: من كلام الزُّهْرِيِّ، وهنا: (قالَ سَعْدٌ: رَثَى لَهُ رَسُولُ اللهِ [4] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [5] أَنْ تُوُفِي بِمَكَّةَ)، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة سعد ابن خولة.

(1/11453)

[باب الاستعاذة من أرذل العمر ومن فتنة الدنيا وفتنة النار]

قوله: (بَابُ الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (أرذل العمر)، والكلام على (فِتْنَةِ الدُّنْيَا).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11454)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل]

6374# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (الحُسَيْن) بعده: هو الحسين بن عليِّ بن الوليد الجعفيُّ مولاهم، الكوفيُّ المقرئ الزاهد، أبو مُحَمَّد، وأبو عبد الله، أحد الأعلام، عن خاله الحسن بن الحرِّ، والأعمش، وجعفر بن بُرْقان، وزائدة بن قدامة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد، وإسحاق،

[ج 2 ص 665]

وابن معين، وخلقٌ، قال أحمد: ما رأيت أفضل منه ومن سعيد بن عامر، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، و (زَائِدَةَ): هو ابن قدامة، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عُمير، و (مُصْعَب): هو ابن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، وسعدٌ أحد العشرة، تَقَدَّمَ.

(1/11455)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم ... ]

6375# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى البَجَلِيُّ [1]): كذا في أصلنا، وعلى (البَجَليُّ): (ز)؛ علامة راوٍ، أو إشارة إلى أنَّها زائدة، وفي صحَّة هذه النسبة نظرٌ، وهو يحيى بن موسى بن عبد ربِّه بن سالم الحُدانيُّ، أبو زكريَّا الكوفيُّ ثُمَّ البلخيُّ، خَتٌّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وضبط (خَتٍّ)، وأنَّه بالخاء المُعْجَمَة المفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق مُشَدَّدة، روى عنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال موسى بن هارون: كان من خِيار المسلمين، وقال السراج: ثقةٌ مأمونٌ، قيل: مات في رمضان سنة (239 هـ)، وقال البُخاريُّ: سنة أربعين، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه، وقوله في نسبه: (البَجَليُّ) لا أعرفه، ولعلَّ هذه النسبةَ زائدةٌ، وإنَّما هو بلخيٌّ، كما ذكرت لك، والله أعلم.

(1/11456)

[باب الاستعاذة من فتنة الغنى]

قوله: (مِنْ [1] فِتْنَةِ الْغِنَى): هو بكسر الغين، مقصورٌ، معروفٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وشرِّ).

[ج 2 ص 666]

(1/11457)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار]

6376# قوله: (حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد اللام، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (خَالَتهِ): عائشة أمُّ المؤمنين؛ لأنَّ أمَّه أسماءُ بنت أبي بكر الصِّدِّيق.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11458)

[باب التعوذ من فتنة الفقر]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ): جاء في حديث: «كاد الفقر أن يكون كفرًا»، وسأذكر مَن ذكره في (باب فضل الفقر) في (الرقائق).

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11459)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار.]

6377# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة أُحُد) في (باب ما أصاب النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجراح يوم أُحُد).

قوله: (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) [1]: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وسؤالٌ فيه وجوابه قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ (الْكَسَلِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث السابق، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ).

[ج 2 ص 666]

(1/11460)

[باب الدعاء بكثرة المال مع البركة]

(1/11461)

[حديث: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته .. ]

6378# 6379# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَت، وأنَّها بضَمِّ السين، وفتح اللام، والاختلاف في اسمها، وأنَّها [1] زوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل، وهي أمُّ أنسٍ.

قوله: (أَكْثِرْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الثاء المُثَلَّثَة، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَعَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مِثْلَهُ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وقائل: (وعن هشام) هو شعبة، فروى هذا الحديث عن قتادةَ، وعن هشام بن زيد، وقتادةُ مُدَلِّس، وقد عنعن عن أنسٍ، وهشامٌ صَرَّحَ بالسماع من أنس، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 666]

(1/11462)

[باب الدعاء عند الاستخارة]

(1/11463)

[حديث: إذا هم بالأمر فليركع ركعتين]

6382# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي): تَقَدَّمَ أنَّ (ابن أبي الموالي) و (ابنَ الهادي) و (ابنَ العاصي) و (ابن اليماني) الصحيحُ: إثبات الياء في ذلك كلِّه، نبَّه عليه النَّوَويُّ، وقد تَقَدَّمَ في (صلاة الليل) أنَّ حديثَ الاستخارة قال الإمام أحمد: منكرٌ، وقد أخرجه البُخاريُّ هنا، وفي المكان المشار إليه، وأخرجه الأئمَّة إلَّا مسلمًا، وقال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفه إلَّا من حديث ابن أبي الموالي، وهو مدنيٌّ ثقةٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ له ترجمةً في «الميزان».

قوله: (وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ): هو بفتح الهمزة؛ أي: أطلب منك أن تجعل لي عليه قدرةً.

قوله: (فَاقْدُرْهُ لِي): (اقدُر): بهمزة وصل، وبضمِّ الدال، وبالضَّمِّ هو مضبوط في أصلنا، قال في «المطالع» في قوله: (واقدر لي الخير): بالكسر ضبطه الأصيليُّ، وبالوجهين ضبطه غيره، انتهى، وهذا مثله، وكذا (وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ): بهمزة وصل، وكسر الدال وضمِّها، كما قاله ابن قرقول.

تنبيهٌ: هذا الدعاء يقوله عقيب السلام من الركعتين، كذا نُصَّ عليه، وهذا سألني عنه غيرُ واحد، وهو يُؤخَذ من قوله: «فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثُمَّ يقول ... »، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11464)

[باب الدعاء عند الوضوء]

قوله: (الوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ [1]): كذا في أصلنا، وقد كُتِبَ على (الوضوء): (م)، وعلى (الدعاء): (م)، فصار: (باب الدعاء عند الوضوء)، وفي ذلك نظرٌ، وإنَّما صوابه: (باب الوضوء عند الدعاء)، كما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.

قوله: (بَابُ الوُضُوءِ): هو بضمِّ الواو الفعلُ، ويجوز فتح الواو، وتقدَّم مرارًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (الدعاء عند الوضوء).

[ج 2 ص 666]

(1/11465)

[حديث: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر.]

6383# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، مشهورٌ، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر، ويُقال: الحارث، القاضي، وَلَدُ أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ)، وأنَّه عمُّ أبي موسى الأشعريِّ، وهو عبيد بن سُلَيم بن حَضَّار، وأنَّه استُشهِد يوم أوطاس رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ ما وقع في رواية ابن إسحاق من أنَّه ابن عمِّ أبي موسى، وقد سُقْتُ نسبَهما قبل هذا.

قوله: (وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ بياض إبطه من علامات النبوَّة، ذكره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهانيُّ.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11466)

[باب الدعاء إذا علا عقبة]

(1/11467)

[حديث: ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة]

6384# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، العالم المشهور، و (أَبُو عُثْمَانَ): هو النهديُّ عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ): (اربَعوا): بهمرة وصل _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وفتح المُوَحَّدة؛ أي: اعطفوا عليها بالرِّفْق بها، والكفِّ عن الشِّدَّة.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11468)

[باب الدعاء إذا أراد سفرًا أو رجع]

قوله: (فِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ) [1]: (يحيى) هذا: هو ابن أبي إسحاق الحضرميُّ مولاهم، البصريُّ النَّحْويُّ، عن أنس وسليمان بن يسار، وعنه: عبَّاد بن العَوَّام، وعبد الوارث، وابن عُلَيَّة، ثقةٌ، صاحب قرآن وعربيَّةٍ، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وحديثه المشار إليه أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن أبي مَعْمَر عن عبد الوارث، وفيه وفي (الأدب) عن عليٍّ عن بِشْر بن المفضَّل، وفي (اللباس) عن الحسن بن مُحَمَّدِ بن الصَّبَّاح، عن يحيى بن عبَّاد، عن شعبة، عن يحيى به.

==========

[1] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي.

[ج 2 ص 666]

(1/11469)

[حديث ابن عمر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ... ]

6385# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ أحدِ الأعلام.

قوله: (إِذَا قَفَلَ): معناه: رجع.

قوله: (شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ): (الشَّرَف): بفتح الشين المُعْجَمَة والراء، وبالفاء، وهو ما ارتفع من الأرض.

قوله: (وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ): (الأحزاب): الجموع المتحزِّبة من قبائلَ شتَّى لحربه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكان ذلك في الخندق، وهي غزوة الأحزاب.

(1/11470)

[باب الدعاء للمتزوج]

(1/11471)

[حديث: بارك الله لك، أولم ولو بشاة]

6386# قوله: (أَثَرَ صُفْرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على التَّزَعْفُر للرَّجُلِ العروسِ.

قوله: (مَهْيَمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (البيع).

[ج 2 ص 666]

قوله: (أَوْ: مَهْ): هذا شكٌّ من الراوي، وتَقَدَّمَ الجزم بـ (مَهْيَم)، وقد قَدَّمْتُ معنى (مه)، ومعنى (مَهْيَم).

قوله: (تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ أنَّ هذه لا أعرف اسمها، وأنَّها بنت أبي الحيسرِ أنسِ بن رافعٍ الأنصاريِّ، وتَقَدَّمَ الكلام على أبيها.

قوله: (عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (البيع).

(1/11472)

[حديث: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك]

6387# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ عَارم، وعَارمٌ لقبه، وتَقَدَّمَ معنى (عَارم).

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار.

قوله: (هَلَكَ أَبِي): تَقَدَّمَ أنَّ أباه عبدُ الله بن عمرو بن حرامٍ الأنصاريُّ، استُشهِد بأُحُد رضي الله عنه، بدريٌّ نقيب.

قوله: (وَتَرَكَ سَبْعَ _أَوْ تِسْعَ_ بَنَاتٍ): تَقَدَّمَ (إنَّ أبي هلك وترك تسعَ بناتٍ)، ولكن هنا شكَّ الراوي، والصواب من أحد الشَّكَّين: التسع، ولا أعرف أسماءَ أخواتِ جابرٍ.

قوله: (فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً): هذه المرأة التي تزوَّج بها جابرٌ لا أعرف اسمها، وقد قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّ اسمها سُهَيمة بنت مسعود.

قوله: (لَمْ يَقُلِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو): أمَّا (ابن عُيَيْنَة)؛ فهو الإمام، أحد الأعلام، سفيانُ، أشهرُ من أن يُذكَر، وأمَّا تعليقه؛ فأخرجه البُخاريُّ في (المغازي) عن قُتَيْبَة، وعليِّ بن عبد الله، فرَّقهما، كلاهما عن سفيان عن عمرو به، وأخرجه مسلمٌ في (النكاح) عن قُتَيْبَة به.

تنبيهٌ: حديثُ عليٍّ رفيقِ قُتَيْبَة ذكره خلفٌ وحدَه، وقال ابن عساكر: لم أجده، ولم يذكره أبو مسعودٍ.

وأمَّا (مُحَمَّد بن مسلم)؛ فهو الطائفيُّ، يروي عن عَمرو بن دينار وابنِ أبي نَجِيْح، وعنه: ابن مهديٍّ ويحيى بن يحيى، فيه لينٌ، وقد وُثِّقَ، وله في «مسلمٍ» حديثٌ، تُوُفِّيَ سنة (177 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج [له] مسلمٌ والأربعةُ، قال ابن القَيِّمِ في «الهدي» عن ابن حزم: ساقطٌ ألبتَّة، قال: ولم [أرَ] هذه العبارةَ فيه لغيره، قال: وقد استشهد به مسلمٌ، ونقل قبل ذلك عن أحمد تضعيفه، وأنَّه عند ابن معين ثقةٌ، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ: له في «مسلم» حديثٌ واحدٌ، انتهى، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله، وأمَّا (عَمرو)؛ فهو ابن دينار.

(1/11473)

[باب ما يقول إذا أتى أهله]

(1/11474)

[حديث: لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال باسم الله]

6388# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المعتمر، و (سَالِم): هو ابن أبي الجَعْد الغطفانيُّ.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع، ويجوز فتحه.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب التسمية على كلِّ حالٍ وعند الوِقاع) في أوائل هذا التعليق.

(1/11475)

[باب قول النبي: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة}]

(1/11476)

[حديث: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً]

6389# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

(1/11477)

[باب التعوذ من فتنة الدنيا]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ ما (فتنة الدنيا).

(1/11478)

[حديث سعد: اللهم إني أعوذ بك من البخل ... ]

6390# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَ (المَغْراء) بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ راء، ثُمَّ مدَّة، و (عَبِيدَةُ) بعده: ابن حُمَيدٍ، بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة.

قوله: (كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ): (تُعَلَّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الكتابةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ): تَقَدَّمَ بِلُغَتَيه، وتَقَدَّمَ ما (الْجُبْن)، وتَقَدَّمَ (أَرْذَلِ الْعُمُرِ) ما هو، وتَقَدَّمَ ما (فِتْنَة الدُّنْيَا).

==========

[ج 2 ص 667]

(1/11479)

[باب تكرير الدعاء]

(1/11480)

[حديث: أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه]

6391# قوله: (طُبَّ): هو بضَمِّ الطاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، فعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي طبَّه هو لبيد بن الأعصم، وستجيء تسميتُه في هذا الحديث، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (لبيد).

قوله: (لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ [1] قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ): تَقَدَّمَ ماذا كان يُخَيَّل إليه، وذكرتُ فيه قولَين.

قوله: (وَإِنَّهُ دَعَا): (إنَّه): بكسر همزتها.

قوله: (أَشَعَرْتِ؟): أي: أَعَلِمْتِ؟ وتَقَدَّمَ (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ) ما معناه، وأنَّ معناه: أجابني فيما دعوتُه، وكذا الكلام على (الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ جَاءَاهُ) مَن هما، وأنَّهما جَبرئيل وميكائيل، وعلى (مَطْبُوبٌ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (المُشْط) بِلُغَاته، وعلى (المُشَاطَة)، وعلى (جُفِّ طَلْعَةٍ)، وأنَّه بالإضافة، وعلى (ذَرْوَان) و (زُرَيْق)؛ بتقديم الزاي المضمومة، على الراء المفتوحة: قَبيلٌ من الأنصار، وعلى قوله: (فَهَلَّا أَخْرَجْتَهُ)، والتوفيق بين الروايتين: الإخراج وعدمه، وعلى قوله: (وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا).

قوله: (زَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَاللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ): أمَّا (عيسى بن يونس)؛ فهو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، أحدُ الأعلام في الحفظ والعبادة، عن أبيه، وهشام بن عروة، والأعمش، وخلقٍ، وعنه: حَمَّاد بن سلمة مع تقدُّمه وجلالته، وابنُ المَدينيِّ، وإسحاق، وابن عرفة، وكان يحجُّ سنةً، ويغزو سنةً، تُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (الطِّبِّ) و (صفة إبليس) عن إبراهيم بن موسى، عن عيسى بن يونس به، وأخرجه النَّسائيُّ في (الطِّبِّ) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس به، وحديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، و (الليث): هو ابن سعد، وتعليقه قال: البُخاريُّ في (صفة إبليس): قال البُخاريُّ: وقال الليث: كتب إليَّ هشام بن عروة ... ؛ فذكره به، ولم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سواه، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله تعالى.

(1/11481)

[باب الدعاء على المشركين]

قوله: (اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا ... ) إلى أن قال: (حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى [1]: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]): تَقَدَّمَ الكلام عليهم في (غزوة أُحُد).

[ج 2 ص 667]

(1/11482)

[حديث: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب.]

6392# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): هو مُحَمَّد بن سلَام، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، و (وَكِيعٌ): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (ابْن أَبِي خَالِدٍ): هو إسماعيل بن أبي خالد، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): عبد الله بن أبي أوفى علقمةَ بنِ خالد، وتَقَدَّمَ أنَّ أبا أوفى صَحَابيٌّ أيضًا، رضي الله عنهما.

قوله: (دَعَا [1] عَلَى الأَحْزَابِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّهم أهلُ الخندق الذين تحزَّبوا لحربِ رسولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق، وكم كانوا.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 668]

(1/11483)

[حديث: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة]

6393# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء على قول الأكثر.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَنْجِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ و (عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (الْوَلِيد بْن الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ أنَّه أخو خالد بن الوليد، وبعض ترجمته، و (سَلَمَة بْن هِشَامٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه أخو أبي جهل لأبوَيه، رضي الله عنهم، وتَقَدَّمَ الكلام على (الوَطْأَةِ)، وعلى (مُضَرَ)، وتَقَدَّمَ أنَّها قبيلةٌ معروفةٌ، وتَقَدَّمَ الكلام على (السنين)، و (كَسِنِي): أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّ (السنين): القَحْطُ والجَدْب.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11484)

[حديث: إن عصية عصوا الله ورسوله]

6394# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بحاء وصاد مهملتين، وأنَّه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (عَاصِم) بعده: هو عاصم بن سليمان الأحول، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً يُقَالُ لَهُمُ: الْقُرَّاءُ): تَقَدَّمَ متى كان هذا البَعث، وأنَّه كان في صفر على رأس أربعة أشهر من أُحُد عند ابن إسحاق، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوة أحُد، وأنَّ هؤلاء السَّرِيَّة أصحابُ بئر معونة، وأنَّهم كانوا سبعين، وقد تَقَدَّمَ أنَّهم سبعون، كما في هذا «الصحيح»، وفي هذا «الصحيح»: (أربعون، أو سبعون)؛ بالشكِّ، والصحيح: سبعون، ويُقال: كانوا أربعين، كما عند ابن إسحاق، وأنَّ في قوله: (أُصِيبُوا) مجازًا؛ لأنَّهم كلَّهم لم يُقْتَلوا، بل بقي منهم كعب بن زيد أخو بني دينار بن النَّجَّار، فإنَّهم تركوه وبه رمقٌ، فارتُثَّ من بين القتلى حتَّى قُتِل في الخندق شهيدًا، وكان في سَرْح القوم عَمرو بن أُمَيَّة الضمريُّ ورجلٌ آخرُ من الأنصار، وقد تَقَدَّمَ مَن هو، كلُّ ذلك في (أُحُد)، وقد ذكرت قبل ذلك مَن عُدَّ أنَّه استُشهِد في بئر معونة، والله أعلم.

قوله: (فَمَا ... وَجَدَ): أي: حَزِن، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11485)

[حديث: مهلًا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله .. ]

6395# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ [1] ضبطه، وأنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ أنَّ (الزُّهْرِيَّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يَقُولُونَ: السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ ما (السام)، وضبطُه.

قوله: (فَفَطَنَتْ [2] عَائِشَةُ): هو بفتح الطاء، كما قَيَّدهُ به الجوهريُّ في «صحاحه».

قوله: (ذَلِكِ عَلَيْهِمْ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] في (أ): (بفتح)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ففطِنت)؛ بكسر الطاء.

[ج 2 ص 668]

(1/11486)

[حديث: ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا]

6396# قوله: (حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله، و (عَبِيدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عَمرو السَّلْمانيُّ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَهْيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الصحيحُ _أنَّها العصر_ الذي ثبت في الأحاديث، وقدَّمت سبعةَ عشرَ قولًا فيها، وأنَّ شيخَ شيوخنا الحافظَ أبا مُحَمَّد عبدَ المؤمن بن خلف التونيَّ الدِّمْيَاطيَّ أفردها بالتأليف، وقد قرأته بالقاهرة على ناصر الدين مُحَمَّدِ الطبردار بإجازته منه، وذكر فيه مَدرك كلِّ قولٍ، ومَن قال به.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11487)

[باب الدعاء للمشركين]

(1/11488)

[حديث: اللهم اهد دوسًا وأت بهم .. ]

6397# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ الحافظُ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو): هو الطُّفيل بن عمرو بن طريف الأزديُّ الدَّوسيُّ، يُلَقَّب ذا النور، استُشهِد يوم اليمامة، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وقد تَقَدَّمَ متى كانت اليمامة مرارًا.

قوله: (اللَّهُمَّ اهْدِ): هو بهمزة وصلٍ؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11489)

[باب قول النبي: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت»]

(1/11490)

[حديث: رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله]

6398# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (ابْن أَبِي مُوسَى): هو أبو بُردة الحارثُ _ويُقال: عامر_ ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، فإنَّه يأتي مصرَّحًا به في الطريق التي بعد [1] هذه، ويحتمل أن يكون أبا بكر بن أبي موسى، فإنَّه يأتي كذلك بعدَ التصريحِ بأبي بُردة [2]، ثُمَّ إنِّي راجعت «الأطراف» للمِزِّيِّ؛ فوجدته قد ذكر الحديثَ في ترجمة أبي بُردة عن أبيه، وفي ترجمة أبي بكر عن أبيه، وكلاهما روى عنه هذا الحديثَ أبو إسحاق عَمرُو بن عبد الله، والله أعلم.

قوله: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي ... ) إلى قوله: (وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي): أي: أنا متَّصفٌ بهذه الأشياءِ، فاغفرها لي، قيل: قاله تواضعًا، وعدَّ على نفسه فواتَ الكمالِ ذنوبًا، وقيل: أراد ما كان عن سهو، وقيل: ما كان قبل النبوَّة، وعلى كلِّ حالٍ فهو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مغفورٌ له ما تَقَدَّمَ وما تأخَّر، فدعا بهذا وغيرِه تواضعًا، ولأنَّ الدعاءَ عبادةٌ، قاله النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، انتهى، والذي يُقال هنا: إنَّه قاله تعليمًا، ويُعَكِّر عليَّ ما تَقَدَّمَ آخِرَ الحديث، إلَّا أن يؤوَّل، وتأويله متعيِّنٌ لا بدَّ منه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ: وَحَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ، و (عبيد الله بن معاذ): أخرج له البُخاريُّ عن واحدٍ عنه، وقد روى عنه نفسِه مسلمٌ وأبوداود، والبُخاريُّ عن واحدٍ عنه، وقد أخرج تعليقَه مسلمٌ في (الدَّعَوَات) عنه به [3].

==========

[1] في (أ): (بعده)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] يعني في التعليق: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ: وَحَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيه).

[3] هذ الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متأخِّرةً بعد قوله: (وَجِدِّي ... ).

[ج 2 ص 668]

(1/11491)

[حديث: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري]

6399# قوله: (وَجِدِّي): هو بكسر الجيم: ضدُّ الهَزْل، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11492)

[باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة]

قوله: (بَابُ [الدُّعَاءِ فِي] السَّاعَةِ الَّتِي فِي [1] الْجُمُعَةِ): اعلم أنَّه تَقَدَّمَ الاختلاف في ساعة الإجابة التي في يوم الجمعة في (كتاب الجمعة)، وذكرت فيها أحدَ عشرَ قولًا، وأنَّ الراجح من الأقوال قولان تضمَّنتهما الأحاديثُ الصحيحةُ الثابتةُ، واختُلِف في ترجيح كلٍّ منهما على الآخَرِ؛ أحدهما: أنَّها ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تُقضَى الصلاةُ، رواه مسلمٌ في «صحيحه»، والثاني: أنَّها بعد العصر، وذكرت حُجَّته من عند أحمد من «المسند» من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، وأنَّه جاءت بذلك أحاديثُ غير ذلك، وأنَّ ذلك قولُ أكثر السَّلَف، كما قاله ابن القَيِّمِ، وأنَّ عليه أكثرَ الأحاديثِ، وذكرت في الحديث الذي في «صحيح مسلم» علَّتين؛ إحداهما ليست قادحةً على الصحيح، والثانيةُ قادحةٌ، وقد ذكر شيخُنا فيها عشرين قولًا، وفيها تداخلٌ، قال: وقد أفردتها قديمًا في جزء، انتهى.

[ج 2 ص 668]

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يوم).

(1/11493)

[حديث: في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم]

6400# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن عُلَيَّة، أحدُ الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

قوله: (يُزَهِّدُهَا): معناه: يُقلِّلها، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 669]

(1/11494)

[باب قول النبي: يستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا]

(1/11495)

[حديث: مهلًا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف أو الفحش]

6401# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، أبو مُحَمَّد الحافظ الثقفيُّ، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرِ بن عبد الله بن جُدعان التيميُّ المَكِّيُّ، مشهورٌ جدًّا، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ.

قوله: (أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا رَسُولَ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء اليهودُ لا أعرف أسماءهم.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ): (وإيَّاكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ (العنف) مثلَّث العين، وهو هنا مَنْصُوبٌ على التحذير، و (العنف): ضدُّ الرِّفْق.

قوله: (أَوِ [2] الْفُحْشَ): تَقَدَّمَ ما (الفحش)، وهو مَنْصُوبٌ أيضًا، سواء قلنا على رواية: (أو)، فيكون الراوي شكَّ في أيِّهما قال، أو إن حذفنا الهمزة [3]؛ فإنَّه يكون بحذفها معطوفًا على المنصوب، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيَّ).

[2] على الهمزة في (أ) علامة نسخة، وعليها في (ق): (لا ه)؛ أي: أنَّ رواية أبي ذرٍّ بالواو: (والفحش).

[3] في (أ): (الواو)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 669]

(1/11496)

[باب التأمين]

قوله: (بَابُ التَّأْمِينِ): (التأمين): هو قول: (آمين)، وقد تَقَدَّمَ أنَّها بمدِّ الهمزة وقصرها، ومُخَفَّفة الميم ومشدَّدته، وأنكر أكثرُ العلماء شدَّ الميم، وأنكر ثعلب قصرَ الهمزة إلَّا في الشِّعر، وصحَّحه يعقوب في الشِّعر وغيرِه، والنون مفتوحة أبدًا مبنيَّةٌ؛ مثل: (كيف) و (ليت)، واختُلِف في معناها؛ فقيل: كذلك يكون، وقيل: هو اسمٌ من أسماء الله تعالى، أصله القصر، فأُدخِلَت عليه همزةُ النداء؛ كما يقال: يا أمينُ؛ استجب دعاءنا، وهذا لا يصحُّ، وقد رَوينا هذا القول عن مجاهد، وليس من أسماء الله عزَّ وجلَّ اسمٌ مَبْنيٌّ ولا غيرُ مُعْرَب، مع أنَّ أسماءه تعالى لا تثبت إلَّا قرآنًا أو سُنَّةً متواترةً، واختار بعضهم ثبوتَها بالآحاد، وقد عُدِم الكلُّ في (أمين)، وقيل: (آمين): درجةٌ في الجنَّة تجب لقائلها، وقيل: هو طابَع الله على عباده يدفع به الآفاتِ، وقيل: معناه: اللهمَّ؛ أُمَّنا بخير، وقيل: معناه: مَن استُجِيب له كما يُستَجَاب للملائكة، وقيل: بل معناه: اللهمَّ؛ استجب لنا، وقد قَدَّمْتُ هذا كلَّه، ولكن طال به العهد، فلهذا أَعَدْتُه.

وملخَّص ما في (آمين) من اللغات: (آمين)؛ بالمدِّ، وهو أفصحها، ثانيها: القصر، ثالثها: المدُّ والإمالة مُخَفَّفة الميم، رابعها: المدُّ وتشديد الميم، وأُنْكِرَت، وفي بطلان الصلاة بها وجهٌ، خامسها: القصر والتشديد، وهي غريبةٌ.

(1/11497)

[حديث: إذا أمن القارئ فأمنوا فإن الملائكة تؤمن]

6402# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، وأنَّ (الزُّهْرِيَّ): مُحَمَّد بن مسلم، وأنَّ (سَعِيد بْن المُسَيّبِ) بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ؛ فَأَمِّنُوا): قال ابن قُرقُول في قوله: «إذا أمَّن الإمام»: أي: قال: آمين، وقيل: أراد: دعا بقوله: {اهْدِنَا ... } إلى آخرها [الفاتحة: 6 - 7]، ويُسَمَّى كلُّ واحدٍ من الداعي والمؤمِّن داعيًا ومؤمِّنًا، قال الله تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89]، وكان أحدُهما مُؤَمِّنًا، والآخرُ داعيًا، وقيل: معناه: إذا بلغ موضعَ استدعاءِ التأمين بقوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، انتهى.

قوله: (فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ [1] الْمَلَائِكَةِ): إن رفعتَ الأوَّل؛ فانصب الثاني، وإن عكستَ؛ فاعكس، وهذا ظاهِرٌ، قيل: هي موافقةُ القول؛ لقوله: «قالت الملائكة: آمين»، قال الشيخ محيي الدين في هذا القول: هذا هو الصواب والصحيح، وقيل: في الصفة من الخشية والإخلاص، وقيل: هو أن يكونَ دعاؤه لعامَّة المؤمنين كالملائكة، وقيل: معناه: مَن استُجِيب له كما يُستَجَاب للملائكة، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.

قوله: (الْمَلَائِكَةِ): قد اختُلِف فيهم؛ فقيل: الحَفَظَة، وقيل: غيرهم.

قوله: (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه كلِّه في (باب جهر الإمام بالتأمين [2]).

(1/11498)

[باب فضل التهليل]

(1/11499)

[حديث: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له]

6403# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ السين المُهْمَلَة، وفتح الميم، وتشديد الياء، وزان (عُلَيٍّ) المُصَغَّر، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ذكوانُ مرارًا.

قوله: (كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ): (عَدل) في أصلنا: بفتح العين، وهو بالفتح: المِثْلُ، وما عادل الشيء وكافأه من غير جنسه، وإن كان من جنسه؛ فهو بكسر العين، وهما لغتان، وهو قول البصريِّين، ونحوُه عن ثعلب، قاله ابن قُرقُول، وقال ابن الأثير: قد تكرَّر لفظ «العَدل» و «العِدل» _بالكسر والفتح_ في الحديث، وهما بمعنى: المثل، وقيل: بالفتح: ما عادله من جنسه، وبالكسر: ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس.

قوله: (وكُتِبَتْ [1] لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ): (كُتِبَتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مئةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وكذا (وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ).

قوله: (حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ): (الحِرْز): الحافظ.

قوله: (بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ [2]): (أفضل) هنا: مجرورٌ، علامة الجرِّ فيه الفتحةُ؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا رَجُلٌ): بالرفع، كذا في أصلنا، وهذا مثل قوله: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66]، فقرأ القرَّاء السِّتَّة بالرفع، وقرأ ابن عامر بالنصب على الاستثناء.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة»: (وكُتِبَ).

[2] (به): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهو ثابت في بعض نسخ «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 669]

(1/11500)

[حديث: من قال عشرًا كان كمن أعتق رقبةً من ولد إسماعيل]

6404# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو _فيما يظهر_ المسنَديُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظَ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في الرواة عن أبي عامر العَقَديِّ مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سوى المسنَديِّ، والذَّهَبيُّ لم يذكره في ترجمة عبد الملك أبي عامر، و (عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو): هو أبو عامر العَقَديُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مترجمًا، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن خالد، و (دَاوُد): هو ابن أبي هند، و (عَامِرٌ): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

[ج 2 ص 669]

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن أبي خالد، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الرَّبِيع): هو ابن خُثَيْم، وتعليقه أخرجه النَّسائيُّ في (الدَّعَوات) عن أحمد بن سليمان، عن يعلى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد به.

قوله: (قَوْلَهُ): (قولَهُ): مَنْصُوبٌ _أي: من قوله_ بنزع الخافض، ومعنى هذا: أنَّه موقوفٌ عليه من كلامه، لا مرفوعًا من كلام النبوَّة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، إلَّا أنَّه خفي عند غيرهم، والله أعلم.

(1/11501)

قوله: (وَقَالَ آدَمُ): هذا هو ابن أبي إياسٍ العسقلانيُّ شيخُ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ عنه في حال المذاكرة، و (هِلَال بْن يسَافٍ): قال ابن قُرقُول: بكسر الياء يقوله المحدِّثون، قال أبو عبيد: ويُقال: إساف، قال غيره: هو كلام العرب، قال بعضهم: بفتح الياء؛ لأنَّه لم يأتِ في كلام العرب كلمةٌ أوَّلها ياءٌ مكسورةٌ إلَّا قولهم: يسار، انتهى، وقد جاءت (يِسار) لغةً في اليدِ وغيرِ ذلك، و (الرَّبِيع بْن خُثَيْمٍ): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَلَّثَة مفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، وهذا مَعْرُوفٌ، وليس له مشتَبِهٌ، إلَّا أنَّ بعض المغفَّلين يقوله: خيْثم؛ بتقديم المُثَنَّاة تحت الساكنة، ثُمَّ بالثاء المُثَلَّثَة، وهو تصحيفٌ.

قوله: (قَوْلَهُ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلامُ عليه؛ فانظره، وهو مَنْصُوبٌ.

قوله: (وَقَالَ الأَعْمَشُ وَحُصَيْنٌ عَنْ هِلَالٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَوْلَهُ): أمَّا (الأعمش)؛ فتقدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، وتعليقُه هذا أخرجه النَّسائيُّ عن حاجب بن سليمان، عن وكيع، عن الأعمش به، وأمَّا (حُصَين)؛ فقد تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وهذا حُصَين بن عبد الرَّحْمَن، وتعليقه أخرجه النَّسائيُّ عن أحمد بن حرب، عن ابن فُضَيل، عن حُصَين به، و (هلال): هو ابن يساف، و (الربيع): ابن خُثَيْم، و (قولَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه مَنْصُوبٌ أعلاه؛ أي: مِن قوله؛ يعني: أنَّه موقوفٌ عليه من كلامه، لامن كلام النبوَّة.

(1/11502)

قوله: (وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ): (أبو مُحَمَّد الحضرميُّ) هذا: عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وهو غلام أبي أيُّوب خالدِ بن زيد، يقال: هو أفلح، عن أبي أيُّوب، وعنه: أبو الورد ثمامةُ، قال الذَّهَبيُّ في «الميزان» في أبي مُحَمَّد الحضرميِّ: لا يُعرَف، ورقم عليه: (خت)؛ يعني: عَلَّقَ له البُخاريُّ، وقال في «التذهيب» في أفلح: مولى أبي أيُّوب المدنيِّ، من سبي عين التمر، عن أبي أيُّوب، وكان يكون معه في مغازيه، وعن زيد بن ثابت، وأبي سعيد، وعثمانَ، وغيرِهم، وعنه: ابن سيرين، وأبو الوليد عبدُ الله بن الحارث، وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد، وآخرون، وَثَّقَهُ أحمد العِجْليُّ، قُتِل بالحرَّة سنة ثلاث وستِّين، أخرج له مسلمٌ، وما رواه أبو مُحَمَّد هذا لا أعلم أحدًا من أصحاب الكُتُب السِّتَّة أخرجه إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله تعالى.

قال شيخُنا: أبو مُحَمَّد هذا ذكره الحاكمُ وأبو عُمر وغيرُهما فيمَن لا يُعرَف اسمه، وقال أبو زرعة: لا أعلم أحدًا سمَّاه، وهو غلام أبي أيُّوب، وزعم المِزِّيُّ أنَّ اسمه أفلح، وعلَّم عليه علامة: (م)، وفيه وقفةٌ؛ لأنَّ أفلحَ مولى أبي أيُّوب اسمُ أبيه كثيرٌ، وتُوُفِّيَ في الحرَّة، روى عنه جماعةٌ منهم [1] مُحَمَّد بن سيرين، وعن عثمان وغيرِه، ولم أرَ له كنية، وادَّعى أبو عمر _وعنه نقله في «الاستقصاء» _: أنَّه روى عن أبي أيُّوب حديثين؛ أحدهما: في «أعلام النبوَّة»، والثاني: أنَّ رجلًا قال خلف رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا ... )؛ وأهمل حديث الباب، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: لا يُعرَف أبو مُحَمَّد، في هذا الحديث فقط، انتهى لفظه.

(1/11503)

وقد رأيت في «ثقات ابن حِبَّانَ» في أفلح بن كثير، فقال: (مولى أبي أيُّوب الأنصاريِّ، من أهل المدينة، يروي عن عثمان بن عَفَّانَ، وأبي أيُّوب، وعبد الله بن سلَام، روى عنه: ابن سيرين، وأبو بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم، قُتِل يوم الحرَّة سنة ثلاث وستِّين) انتهى، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» في أفلح بنحوِ ما ذكره ابن حِبَّانَ، غير أنَّه لم يؤرِّخ وفاته، ولم يذكر فيه تجريحًا ولا تعديلًا، وذكره في (الكنى)، فقال: أبو مُحَمَّد الحضرميُّ، روى عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ: أنَّ رجلًا قال خلف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (الحمد لله حمدًا ... )؛ الحديث، روى عنه أبو الوَرْد بن ثمامة، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعت أبا زرعة يقول: أبو مُحَمَّد هذا لا أعلم أحدًا سمَّاه، انتهى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الفاء في (الكنى)، قاله ابن الصلاح، قال: ومن المغاربة من سكَّن الفاء من «أبي السَّفْر» سعيدِ بن يحمد، قال: وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدَّارَقُطْنيُّ عنهم، وقد تَقَدَّمَ، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، و (الرَّبِيْع بْن خُثَيْم): تَقَدَّمَ ضبط (خُثَيْم) أعلاه، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن الأنصاريُّ، عالم الكوفة، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه خالد بن زيد.

(1/11504)

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ... ) إلى آخره: (إبراهيم) هذا: هو ابن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، عن أبيه وجدِّه، وعنه: إسحاق بن منصور السلوليُّ، وشريح بن مسلمة، وجماعةٌ، قال عَبَّاس عن ابن معين: ليس بشيء، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال الجَوْزَجَانيُّ: ضعيف، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، قيل: تُوُفِّيَ سنة (198 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (أبوه): يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن جدِّه، وأبيه، والشَّعْبيِّ، وابن المنكدر، وغيرِهم، وعنه: ابنه إبراهيم، وابن عمِّه إسرائيل، وابن عمِّه عيسى بن يونس، وابن عُيَيْنَة سفيانُ، وغيرُهم، قال ابن عُيَيْنَة: لم يكن في ولد أبي إسحاق أحفظُ منه، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال آخرُ: قليلُ الحديث، تُوُفِّيَ سنة (157 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان» ذكر فيها: أنَّه أُتِيَ من الراوي عنه، وإنَّما هو ثبتٌ حُجَّةٌ، والله أعلم، و (أبو إسحاق): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (قولَهُ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه مَنْصُوبٌ بنزع الخافض؛ أي: من قوله؛ يعني: أنَّه موقوف عليه، وليس من كلام النبوَّة، وتعليق إبراهيم بن يوسف لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ وفي بعض أصولنا الدِّمشقيَّة ما لفظه: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَوْلَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا هو مجوَّد، ولا يتبيَّن لي وجهُه، بل هما متضادَّان، والصواب حذف: (عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ويكون الحديث موقوفًا من هذه الطريق، أو أنَّه يُحذَف (قولَه)، ويُثبَت: (عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، فيصحُّ الكلام بحذف أحدهما، والله أعلم.

(1/11505)

قوله: (قالَ أبُو عبدِ اللهِ: والصَّحيحُ قولُ عَمْرٍو) [2]: كذا هو ثابتٌ في بعض النسخ، وليس في بعضها، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة: (قال أبو ذرٍّ: صوابه: عمر بن أبي زائدة، كما تَقَدَّمَ)، انتهى، وأمَّا على ما في أصلنا: (عَمرو)؛ فهو عَمرو بن ميمون، وهو مذكورٌ أيضًا في السند، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (معه)، وفوقها: (كذا)؛ يُراجَع التوضيح.

[2] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن المستملي.

(1/11506)

[باب فضل التسبيح]

(1/11507)

[حديث: من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه]

6405# قوله: (عن سُمَيٍّ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطُه وبعيدًا مرارًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

==========

[ج 2 ص 670]

(1/11508)

[حديث: كلمتان خفيفتان على اللسان]

6406# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، واسمه مُحَمَّد بن فُضَيل، و (عُمَارَةَ): هو بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا [1] أنَّ اسمه هرم _وقيل غير ذلك_ ابن عمرو بن جَرِير بن عبد الله البَجَليُّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] زيد في (أ): (أنَّه).

[ج 2 ص 670]

(1/11509)

[باب فضل ذكر الله عز وجل]

(1/11510)

[حديث: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت]

6407# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): الحارث، أو عامرٌ، القاضي، تَقَدَّمَ مترجمًا، ابن عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، وعبد الله بن قيس: هو أبو موسى الأشعريُّ الأمير، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 670]

(1/11511)

[حديث: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق]

6408# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان.

قوله: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ): هؤلاء الملائكة غيرُ الحَفَظَة، والله أعلم.

قوله: (هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ): تَقَدَّمَ الكلام على (هَلُمَّ)، وهي أفصح، لغة القرآن، وعلى (هلمُّوا)، ولغة مَن هي، والله أعلم.

[ج 2 ص 670]

قوله: (فَيَحُفُّونَهُمْ): هو بفتح أوَّله، وبالحاء المُهْمَلَة، وتشديد الفاء، المضمومتين؛ ومعناه: يُحْدِقُون بهم ويصيرون أَحِفَّتَهم؛ أي: جوانبهم.

قوله: (قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ... ) إلى آخره: هذا المَلَك إنَّما أراد إدخاله بالنصِّ عليه، لا بالعموم؛ لأنَّهم جُبِلوا على الخير، وهم يستغفرون للذين آمنوا، ولم يُرِدْ إخراجه، والله أعلم.

قوله: (رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ): يعني: أنَّ الراويين [1] عن الأعمش؛ أحدهما _وهو جرير؛ يعني: ابن عبد الحميد_ يرفعه عن الأعمش، وشعبةُ لم يرفعه عن الأعمش، بل وقفه على أبي هريرة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الثقات إذا اختلفوا في الحديث، فوصله بعضهم وبعضهم أرسله، أو بعضهم رفعه وبعضهم وقفه؛ على أربعة أقوالٍ، وأنَّ الصحيحَ: أنَّ العبرة بمَن [2] وَصَل أو رَفَع، والقول الثاني: العكس، والثالث: العبرة بالأكثر، والرابع: بالأحفظ، والصحيح الأوَّل، والله أعلم، وما رواه شعبة عن الأعمش لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله.

قوله: (وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سهيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سهيل بن أبي صالح، واسم أبي صالح: ذكوانُ السَّمَّان الزَّيَّات، وتقدَّمت ترجمته، وأنَّ البُخاريَّ قرنه، وروى له مسلمٌ والأربعة، والله أعلم، وما رواه سهيلٌ به لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْهُ شيخُنا رحمه الله تعالى.

==========

[1] في (أ): (الروايين)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] في (أ): (بم)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11512)

[باب قول: لا حول ولا قوة إلا بالله]

(1/11513)

[حديث: فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا]

6409# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ): هو سُليمان بن طرخان، و (أَبُو عُثْمَانَ): هو النهديُّ عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ.

قوله: (أَوْ [1]: ثَنِيَّةِ): (الثنيَّة): طريق العَقَبة.

قوله: (رَجُلٌ نَادَى): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: أظنُّه أبا موسى الأشعريَّ، انتهى.

قوله: (عَلَى بَغْلَتِهِ): تَقَدَّمَ كم كان له عليه السلام بغلةً، والله أعلم.

(1/11514)

[باب: لله مئة اسم غير واحد]

قوله: (بَابُ لِلَّهِ مِئَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ)، وكذا في الحديث: (لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا؛ مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا): اعلم أنَّ العلماء اتَّفقوا على أنَّ هذا الحديثَ ليس فيه حصرٌ لأسمائه تعالى، فليس معناه: أنَّه ليس له أسماءٌ غيرُ هذه التسعةِ والتسعين، وإنَّما مقصود الحديث: أنَّ هذه التسعةَ والتسعين مَن أحصاها؛ دخل الجنَّة، فالمراد: الإخبار عن دخول الجنَّة بإحصائها، لا الإخبارُ بحصر الأسماء، ولهذا جاء في الحديث الآخَرِ: «أسألك بكلِّ اسمٍ سمَّيت به نَفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك»، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحافظ أبا بكر ابنَ العربيِّ ذكر عن بعضهم أنَّه قال: لله تعالى ألفُ اسمٍ، قال ابن العربيِّ: وهذا قليلٌ فيها، والله أعلم، قال: وللنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ألفُ اسمٍ، وأمَّا تعيين هذه الأسماء _يعني: التي لله_؛ فقد جاء في «جامع أبي عيسى» _مُحَمَّد بن عيسى بن سَورة_ و «ابنِ ماجه» و «الحاكمِ» تعيينُها، وفي بعضها اختلافٌ، وقيل: إنَّها مختفية التعيين؛ كالاسم الأعظم، وليلةِ القدر، ونظائرِهما، وقال شيخُنا عن المهلَّب: ذهب قومٌ إلى أنَّ ظاهر هذا الحديثِ يقتضي أن لا اسمَ لله غير ما ذُكِر، ثُمَّ قال بعد ذلك: ذهب ابن حزم ومَن وافقه إلى القول الأوَّل؛ لأنَّه لا تجوز الزيادة عليها، قال _يعني ابن حزم_: والأحاديث في إحصائها مضطربةٌ، لا يصحُّ منها شيءٌ ألبتَّةَ، قال شيخُنا: قلت: فصحَّح بعضَها ابنُ خزيمة والحاكمُ، قال: وإنَّما تُؤخَذ من نصِّ القرآن، وممَّا صحَّ عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: وقد بلغ إحصاؤها إلى ما نذكره، فذكر أربعةً وثمانين اسمًا، انتهى.

==========

[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 671]

(1/11515)

[حديث: لله تسعة وتسعون اسمًا]

6410# قوله: (لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ): اعلم أنَّه جاء في بعض الطرق في «الصحيحين»: «مَن أحصاها»، واختُلِف في المراد بالإحصاء؛ فقال البُخاريُّ والمحقِّقون: حفظها؛ كهذه الرواية التي هنا، وفي «ابن ماجه»: «مَن حفظها؛ دخل الجنَّة»، وقيل: معنى (أحصاها): عدَّها في الدعاء، وقيل: أطاقها؛ أي: أحسن المراعاةَ لها، والمحافظةَ عليها على ما تقتضيه، وصدَّق بمعانيها، وقيل: معناه: العملُ بها، والطاعةُ بمعنى كلِّ اسمٍ؛ من الإيمان بما لا يقتضي عملًا، وقال بعضهم: حفظ القرآن وتلاوتُه كلِّه؛ لأنَّه مستوفٍ لها، وهذا ضعيفٌ، والصحيح الأوَّل، والله أعلم.

قوله: (وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ): (الوتر): بكسر الواو وفتحها، وقُرِئ بهما في السبع، قال شيخُنا: وبالكسر رويناه، انتهى: الفردُ؛ ومعناه في حقِّ الله تعالى: الواحدُ الذي لا شريك له ولا نظير، ومعنى (يحبُّ الوتر): يفضِّل الوتر في الأعمال وكثيرٍ من الطاعات، فجعل الصلواتِ خمسًا، والطهارةَ ثلاثًا ثلاثًا، والطوافَ سبعًا، ورميَ الجمار سبعًا، وأيَّام التشريق ثلاثًا، وكذا الأكفان، وفي الزكاة خمسة أوسق، وخمس أواق من الوَرِق، ونُصُب الإبل، وغير ذلك، وجعل كثيرًا من عظيم مخلوقاته وترًا؛ منها: السموات، والأرَضون، والبحار، وأيَّام الأسبوع، وغير ذلك، وقال: معناه منصرفٌ إلى صفة مَن يعبد الله تعالى بالوحدانيَّة والتفرُّد مخلِصًا، والله أعلم.

(1/11516)

[باب الموعظة ساعةً بعد ساعة]

(1/11517)

[حديث: أما إني أخبر بمكانكم ولكنه يمنعني من الخروج ... ]

6411# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، وتَقَدَّمَ أنَّ (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق): هو ابن سلَمة أبو وائل، و (عبد الله): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، الصَّحَابيُّ المشهور، رضي الله عنه.

[ج 2 ص 671]

قوله: (إِذْ جَاءَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ): هذا الرجل نَخَعيٌّ معدودٌ في عُبَّاد الكوفة، روى عن عبد الرَّحْمَن بن يزيد النَّخَعيِّ، قال: خرجنا مع جيش إلى نحوِ فارسَ وعلينا علقمة ويزيد بن معاوية، وله ذكرٌ في هذا «الصحيح» في هذا المكان، وليس له شيءٌ في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، لكنَّه يروي عن إدريس وجُندبٍ البَجَليِّ، وفي حاشية أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة ما لفظه: يزيد بن معاوية هذا عبسيٌّ كوفيٌّ، قاله أبو ذرٍّ، وقال الحافظ أبو مُحَمَّد المنذريُّ في «حواشيه على كتاب ابن طاهر»: (تابعيٌّ نَخَعيٌّ من أصحاب ابن مسعود، قُتِل غازيًا بفارسَ رحمه الله)، انتهى، وما قاله المنذريُّ قاله ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، ولفظه: (يزيد بن معاوية النَّخَعيُّ، يروي عن ابن مسعود، عداده في أهل الكوفة، روى عنه أهلُها، قُتِل غازيًا بفارسَ) انتهى، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»، ولفظه: يزيد بن معاوية النَّخَعيُّ، من أصحاب عبد الله، روى عن عبد الله بن مسعود، روى عنه: عبد الرَّحْمَن بن يزيد، روى أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرَّحْمَن بن يزيد قال: خرجنا في جيشٍ نحوَ فارس، فيهم علقمة ويزيد بن معاوية، فقُتِل يزيد بن معاوية، سمعت أبي يقول ذلك، انتهى.

تنبيهٌ: لهم يزيد بن معاوية جماعةٌ؛ منهم: يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس الذي وُلِّيَ الخلافةَ، وفَعلَ الأفاعيلَ، أخباره مشهورةٌ معروفةٌ، لا رواية له في الكُتُب السِّتَّة، وقد روى عن أبيه، وعنه: ابنه خالد وعبد الملك بن مروان، قال الذَّهَبيُّ في «الميزان»: مقدوحٌ في عدالته، ليس بأهلٍ أن يُروَى عنه، وقال أحمد ابن حنبل: لا ينبغي أن يُروَى عنه، انتهى، مات في نصف ربيع الأوَّل سنة (64 هـ)، وخلافته أقلُّ من أربع سنين، وعمره تسعٌ وثلاثون سنةً، ولم يسمع عبدَ الله بن مسعود؛ لأنَّ ابن مسعود تُوُفِّيَ سنة (32 هـ) رضي الله عنه، والله أعلم.

(1/11518)

قوله: (وَلَكِنْ أَدْخُلُ فَأُخْرِجُ إِلَيْكُمْ صَاحِبَكُمْ): (أدخلُ): فعلٌ مضارعٌ مَرْفُوعٌ، وكذا (أُخرِج): رُباعيٌّ، وهذان ظاهران.

قوله: (فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود رضي الله عنه.

قوله: (أَمَا إِنِّي أَخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إِنِّي): مكسورةُ الهمزة؛ لأنَّ (أَمَا) مثلُ: (أَلَا) التي للاستفتاح، فـ (إنَّ) بعدها مكسورةٌ، و (أَخْبَرُ): فعلٌ مضارعٌ، (أفعل) تفضيل، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا بالقلم، ومصحَّحٌ عليه.

قوله: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أنَّ): بفتح الهمزة، وتشديد النون؛ أي: لأنَّ.

قوله: (يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى الروايات فيها، وكذا (كَرَاهِيَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يجوز من حيث اللغةُ: (كراهي)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] (السَّآمَةِ)؛ وهي الملالة.

(1/11519)

((81)) (كِتَابُ الرِّقَاقِ) ... إلى (بَاب التَّوَاضُعِ)

قوله: (كِتَابُ الرِّقَاقِ): هو بكسر الراء، وقافين، بينهما ألف، جمع (رقيق)؛ وهو الشيء المستحسن، وترقيق الكلام: تحسينُه، وفي بعض النسخ: (الرَّقائق)، وهو جمع (رقيقة)، وهي المستحسَنة واللطيفة، قال شيخنا: (قال ابن سيده: الرِّقَّة: الرحمة، ورققت له أرقُّ، ورقَّ وجهه [1]: استحيا، والرِّقَّة: ضدُّ الغِلَظ، رقَّ يرقُّ، فهو رقيقٌ ورِقَاقٌ، وفي «الصحاح»: ترقيق الكلام: تحسينه، وفي «الجامع»: الرقق في المال والعيش: القلَّة، فكأنَّه قصد أحد هذه المعاني، و «الرقائق» غير مقولة وإن طبَّقت كتب العلماء)، انتهى.

قوله: (وَأَنَّ لَا عَيْشَ): (أَنَّ): بفتح الهمزة، مشدَّد النون في أصلنا، وله وجهٌ، والذي أحفظه بإسكان النون [2]، ثُمَّ اعلم أنَّ ابن المُنَيِّر ذكر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه دخول الحديث الأوَّل في الترجمة _ويعني بالحديث الأول: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ» _: قال: إنَّ النَّاس غُبِنَ كثيرٌ منهم في هاتين النعمتين؛ إيثارًا منهم لعيش الدنيا على عيش الآخرة، فبيَّن بحديث الترجمة أنَّ العيش الذي شغفوا به ليس بشيءٍ، إنَّما العيش هو الذي شُغِلوا عنه، والله أعلم، انتهى.

تنبيهٌ: إنَّما ابتدأ بحديث: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ»؛ اقتداءً بعبد الله بن المبارك، فإنَّه ابتدأ به في كتابه «الرِّقاق»، هذا فيما يظهر، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وجهد)، والمثبت من مصدره.

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 672]

(1/11520)

[حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس]

6412# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ؛ هُوَ [1] ابنُ أبي هِنْدٍ): (ابن أبي هند): هو سعيد، لا عبد الله؛ فاعلمه.

قوله: (قَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ): (عَبَّاس): هو بالمُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة، وهو عَبَّاس بن عبد العظيم العنبريُّ، أبو الفضل البصريُّ الحافظ، روى عن خلائقَ، وعنه: مسلمٌ، والأربعة، والبُخاريُّ تعليقًا، وبقيُّ بن مَخْلد، وعبدان، وابن خزيمة، وطائفةٌ، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ مأمونٌ، وقال مُحَمَّد بن المثنَّى: كان من سادات المسلمين، قال البُخاريُّ: مات سنة (246 هـ)، أخرج له مَن أخذ عنه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ قولَ البُخاريِّ: (قال فلانٌ) إذا كان شيخَه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

==========

[1] (هو): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 672]

(1/11521)

[حديث أنس: اللهم لا عيش إلا عيش الآخره ... ]

6413# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّ مُحَمَّدًا هو بُنْدَار الحافظ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدر، وهو في نسخةٍ في هامش أصلنا مذكورٌ باللَّقب دون الاسمِ والنسبِ [1]، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غُنْدر).

قوله: (فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ): (أَصلِح): بفتح الهمزة، وكسر اللام، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، والمثبت موافق لرواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 672]

(1/11522)

[حديث سهل: اللهم لا عيش إلا عيش الآخره ... ]

6414# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (كُنَّا مَعَ النَّبيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَنْدَقِ [2]): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق، والاختلاف فيها، في مكانها وغيرِه.

قوله: (وَنَحْنُ نَحْفِرُ [3]): تَقَدَّمَ في كم حُفِر، وذكرت فيه ثلاثةَ أقوالٍ في غير مكانٍ منها في غزوته.

قوله: (وبَصُرَ بِنَا [4]): وفي نسخة عوض (وبَصُر بنا): (ويمرُّ بنا)، وفي أصلنا الثانية عليها (صح)، و (بَصُر): بفتح المُوَحَّدة، وضمِّ الصاد، وهذا مَعْرُوفٌ.

تنبيهٌ: في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (تَابَعَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [5])، وكذا في أصلٍ آخرَ صحيحٍ، وكذا في أصلنا القاهريِّ في الهامش، وعليه (لا ... إلى)، وعلامة راويه، وفيه نظرٌ، وذلك لأنَّ الأوَّل عن سهل بن سعد، وسهلٌ لا يتابع نفسَه، ولو كان قبل سهلٍ تابعيٌّ غير أبي حازم، أو كان الحديثُ عن غير سهل؛ لكان له وجهٌ، وعلى تقدير ثبوته لا وجهَ له، وقد راجعت «الأطراف»؛ فلم أرَه ذكر هذه المتابعةَ، ولو قال: تابعه عبد العزيز بن أبي حَازم؛ لكان وجهًا؛ لأنَّه رواه عبد العزيز بن أبي حَازم كما رواه فضيل بن سليمان؛ كلاهما عن أبي حَازم، أخرج حديثَ عبدِ العزيز عن أبي حَازمٍ البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (في الخندق).

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَهْوَ يَحْفِرُ).

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (ويمرُّ بنا)، وهي رواية الكشميهنيِّ.

[5] زيد في «اليونينيَّة»: (مثلَه)، وهي مستدركة بالحمرة في (ق).

[ج 2 ص 672]

(1/11523)

[باب مثل الدنيا في الآخرة ... ]

قوله: (بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ): وأخرج حديث سهل: «موضع سوط في الجنَّة ... »، اعلم أنَّ البُخاريَّ لم يخرِّج حديثًا يطابق الترجمة، والحديثُ المطابقُ لها حديثُ المستورد بن شدَّاد، أخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه: «ما الدنيا في الآخرة إلَّا مثلُ ما يجعل أحدُكم إصبَعه في اليمِّ، فلينظر بمَ يرجع؟»، وطرقه صحيحةٌ، فكان ينبغي للبُخاريِّ تخريجُه، ولا عذرَ له في عدم تخريجه، ولعلَّ كان في عزمه تخريجُه، فاخترمته المنيَّة، كذا يُعتَذر عنه في أحاديثَ، وفي ذلك نظرٌ؛ لأنَّه أسمعه غَيْرَ مَرَّةٍ، والله أعلم [1].

قوله: (مَثَلِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ): (مَثَل): بفتح الميم والثاء، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متقدِّمة بعد قوله: (فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ).

[ج 2 ص 672]

(1/11524)

[حديث: موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها.]

6415# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا حازم) بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، منها أعلاه قريبًا.

قوله: (وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ): (الغدوة) و (الرَّوحة): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الجهاد)، وقال ابن قُرقُول: (الغدوة: من أوَّل النهار إلى الزوال، كما أنَّ الروحة بعدها ... ) إلى أن قال: (والغدوة ههنا: السير في النهار، وقيل: الغُدوة؛ بالضَّمِّ: من الصبح إلى طلوع الشمس، وقد استُعمِل الغُدُوُّ والرَّواحُ في جميع النهار، وفي الأحاديث من هذا: «غدا»؛ بمعنى: سار بالغُدُوِّ)، وقال في (الراء مع الواو): (والروحة: من زوال الشمس إلى الليل، والغدوة: ما قبلها، ومنه: «راح» و «غدا» حيثما وُجِدَ)، انتهى، و (أو) في الحديث: للتقسيم، لا للشكِّ، والله أعلم.

3/ 355/أ وما المراد بقوله: (فِي سَبِيلِ اللهِ): الجهادُ، وهو صريحُ عبارة الشيخ محيي الدين النَّوَويِّ في «شرح مسلم»؛ لأنَّه قال: والظاهر أنَّه لا يختصُّ ذلك الغدوّ أو الرواح من بلدته، بل يحصلُ هذا الثوابُ بكلِّ غَدوة أو رَوحة في طريقه إلى الغزو، وكذا غَدوُه أو رَوحُه من مواضع القتال؛ لأنَّ الجميعَ يُسمَّى: غَدوةً ورَوحةً في سبيل الله، وكذا أخرجه البُخاريُّ ومسلمٌ في الأحاديث المتعلِّقة بالجهاد والشهادة والدرجات في الجنَّة للمجاهدين، ولا شكَّ أنَّ الجهاد من سبيل الله، ولكن لا يمنع أن يكون عامًّا في سائر وجوه الخير، أو المراد ما هو أعمُّ من الجهاد من أفعال الطاعات كلِّها، ولا شكَّ أنَّ العرف يقتضي أنَّه الجهاد، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 672]

(1/11525)

[باب قول النبي: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل»]

(1/11526)

[حديث: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل]

6416# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظُ الجِهْبِذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الْمُنْذِرِ الطُّفَاوِيُّ): بضَمِّ الطاء المُهْمَلَة، وبالفاء المُخَفَّفة، وبعد الألف واو، ثُمَّ ياء النسبة إلى طُفَاوة؛ بضَمِّ الطاء أيضًا: قبيلة من قيس عيلان، و (الطُّفَاوة) في اللُّغَة: دارة الشمس، ويُقال أيضًا: أصبنا طُفَاوةً من الربيع؛ أي: شيئًا منه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان.

قوله: (بِمَنْكِبِي): هو بالإفراد، كذا أحفظه، وهو مُدَلَّسٌ في أصلنا، و (المنكِب): ما بين الكتف والعنق، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَكَانَ [1] ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ ... ) إلى آخره: هذا موقوفٌ على ابن عمر هنا، وهو مَرْفُوعٌ نحوَه في «ابن حِبَّانَ».

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (وكان)، وهي في (ق) محتملة.

[ج 2 ص 672]

(1/11527)

[باب في الأمل وطوله ... ]

(1/11528)

[حديث: هذا الإنسان وهذا أجله محيط به]

6417# قوله: (أَخْبَرَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مُنْذِر): هو منذر بن يعلى الثَّوريُّ الكوفيُّ، عن ابن الحنفيَّة والربيع بن خُثَيْم، وعنه: الأعمش، وفطر، وابن سوقة، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وابن خراش، و (الرَّبِيع بْن خُثَيْم): تَقَدَّمَ، وأنَّه بضَمِّ الخاء، وفتح المُثَلَّثَة، ثُمَّ مُثَنَّاة ساكنة، ثُمَّ ميم، و (عَبْد اللهِ) بعده: هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا ... ) إلى آخره: هذه صورته:

-

وعمله شيخنا هكذا:

-

وتكلَّم عليه، ولا يظهر لي ما عمله، وسأذكر كلامه عليه قريبًا.

قوله: (فِي الْوَسَْطِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح السين وإسكانها.

قوله: (وَخَطَّ خُطَطًا [1] صِغَارًا): (الخُطَط): بضَمِّ الخاء، وفتح الطاء المُهْمَلَة الأولى، جمعٌ، ونقل شيخُنا الشارح رحمه الله عن ابن التين أنَّه قال: رويناه بالضَّمِّ والكسر، وكذا ذكره مرَّة ثانيةً.

قوله: (وَهَذِهِ الْخُطَطُ [2] الصِّغَارُ): يأتي فيها ما تَقَدَّمَ.

قوله: (الأَعْرَاضُ): هو جمع (عَرَض)؛ بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالضاد المُعْجَمَة؛ وهو ما يَعرِض للإنسان من مرضٍ ونحوِه، هذا الذي فهمتُه من الحديث، وقال بعضهم: جمع (عَرَض)؛ ما يُنْتَفَع به في الدنيا، انتهى، وسيجي ما فهمه شيخُنا من الحديث، وأنَّ مقتضى ما فهمه أن يكون: (الأغراض)؛ بالغين المُعْجَمَة، والله أعلم.

قوله: (نَهَشَهُ هَذَا): (نَهَشَه) في الموضعين: بالشين المُعْجَمَة، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النهش) و (النهس)؛ بالإعجام وبالإهمال، وهل بينهما فرقٌ أم لا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (خُطُطًا)؛ بضمِّ الطاء.

[2] في «اليونينيَّة»: (الخُطُط)؛ بضمِّ الطاء.

[ج 2 ص 672]

(1/11529)

[حديث: هذا الأمل وهذا أجله]

6418# قوله: (إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ) [1]: تقدم أنه: الأجل، والله أعلم، قاله شيخنا، والذي يظهر أنَّه آخر الأعراض؛ وهي الأمراضُ ونحوُها، وقد تَقَدَّمَ تفسيرها، قال شيخنا: ومثَّل الشارعُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أملَ ابن آدم وأجلَه وأغراضَ الدنيا التي لا تفارقه، فجعل أجَلَه الخطَّ المحيط، وجعل أملَه وأغراضَه خارجةً من ذلك الخطِّ، [ومعلوم في العقول أن ذلك الخطَّ] المحيطَ به [الذي] هو أجلُه أقربُ إليه من الخطوط الخارجة منه، ألا ترى قوله في حديث أنسٍ رضي الله عنه: «فبينا هو كذلك؛ إذ جاءه الخطُّ الأقرب»؛ يريد: أجله؟)، انتهى، والله أعلم.

واعلم أنَّا إذا فسَّرنا الأعراض بالأمراض؛ فلا شكَّ أنَّها داخلة الأجل، فإن أخطأه مرضٌ منها؛ أصابه الآخرُ، وكلُّها داخلة الأجل؛ ففكِّر فيه، وقوله: «إذ جاءه الخطُّ الأقرب»: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الأجلُ، وقوله في الحديث: «من جانبه الذي في الوسط» يردُّ ما عمله شيخُنا، وأن تكون الخُطَط داخلة الخطِّ المربَّع، لا خارجته، والله أعلم، وكذا ما في «التِّرْمِذيِّ»، ولفظه: (خطَّ لنا رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خطًّا مربَّعًا، وخطَّ في وسط الخطِّ خطًّا، وخطَّ خارجًا من الخطِّ خطًّا، وحَوْلَ الذي في الوسط خطوطًا، وقال: «هذا ابن آدم، وهذا أجله محيطٌ به، وهذا الذي في الوسط الإنسان، وهذه الخطوط عروضه، إن نجا منه؛ تنهشه، وهذا الخطُّ الخارج الأملُ»)، وقال شيخنا: («الخطُّ الأقرب»: الأجل، والذي يظهر أنَّ الأقربَ آخرُ الأعراض؛ أي: مرض الموت، وهو عرض قريبٌ إلى الأجل، وليس العرض نفسُه الأجلَ، ويحتمل أنَّ شيخَنا أنَّه ظنَّ أنَّها (الأغراض)؛ بالغين المُعْجَمَة، فحلَّه على ما ذكر، وهذا إن كان فهمه؛ ففيه نظرٌ، وإنَّما هي (الأعراض)؛ بالعين المُهْمَلَة، ولم أسمع أحدًا قرأ ذلك بالمُعْجَمَة، ولا قرأتُه أنا إلَّا بالعين المُهْمَلَة، وهو مُدَلَّس في أصلنا، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، والكلام على نسبته، و (هَمَّامٌ) بعده: هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ): تَقَدَّمَ أنَّه الأجل، قاله شيخُنا، والذي يظهر أنَّه آخر الأعراض ونحوِها، وقد تَقَدَّمَ تفسيرها، والله أعلم.

==========

(1/11530)

[1] كذا جاءت هذه الفقرة في (أ) متقدِّمة على سند حديثها، ومكرَّرة لاحقًا.

[ج 2 ص 672]

(1/11531)

[باب: من بلغ ستين سنةً فقد أعذر الله إليه في العمر ... ]

قوله: (بَابٌ: مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً؛ فَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ): قال في «النهاية»: لم يبقَ فيه موضعًا للاعتذار حيث أمهله طولَ هذه المدَّة ولم يعتذر، يقال: أعذر الرجل؛ إذا بلغ أقصى الغاية في العذر، وقد يكون (أعذر) بمعنى: عذر، ومنه حديث المقداد: «لقد أعذر الله إليك»؛ أي: عذرك وجعلك موضع العذر، فأسقط عنك الجهادَ، ورخَّص لك في تركه؛ لأنَّه كان قد تناهى في السِّمَن، وعجز عن القتال، انتهى، وقال النَّوَويُّ: لم يترك له عذرًا، قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: وجه مطابقة حديثِ عِتْبَان للترجمة _وحديثُ عِتْبَان: «لن يوافيَ عبدٌ يوم القيامة يقول: لا إله إلَّا الله يبتغي بها وجهَ الله إلَّا حرَّم الله عليه النارَ» _ قال ابن المُنَيِّر: التنبيه على أنَّ هذا الإعذار لا يقطع التوبة بعد ذلك، وإنَّما هو إعذارٌ لقطع الحُجَّة التي جعلها الله حجَّةً للعبد بفضله، وإلَّا؛ فللَّه الحُجَّة البالغة قبل هذا السِّنِّ وبعدَه، واستدلَّ على قبول التوبة بعد الستِّين وبقاءِ الرجاء بالأحاديث التي ساقها مع حديث الترجمة، فقَبول الله توبة عبده بعد هذا السِّنِّ من فضله، لا من حقِّ العبد، على أنَّه لا حقَّ له على الله قبلُ ولا بعدُ، انتهى، وما قاله لا يتأتَّى على ما في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ، ولا أصلنا الآخر الدِّمَشْقيِّ؛ وذلك لأنَّه فصل بين حديث عِتْبَان والحديثِ الذي قبله بترجمةٍ، ولفظ الترجمة: (باب العمل الذي يُبتَغَى به وجه الله)، ولا سؤال على ذلك، والسؤال إنَّما يتأتَّى على ما وقع له؛ وهو وصلُ حديثِ عِتْبَان بما قبله، لا على فصله بينهما بترجمةٍ، والله أعلم.

[ج 2 ص 672]

قوله: ({وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37]): هو الرسول، أو الكتاب، أو كمال العقل، أو الحُمَّى، أو موت الأهل والعشائر، أو الشَّيب، والله أعلم.

(1/11532)

[حديث: أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنةً]

6419# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ): هو بفتح الهاء المُشَدَّدة، اسم مفعول، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (سَعِيد بْن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، وتَقَدَّمَ أنَّ اسم أبي سعيد كيسان.

قوله: (أَعْذَرَ اللهُ إِلَى امْرِئٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا جدًّا.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ وَابْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على معن بن مُحَمَّد الغفاريِّ، و (أبو حَازم): بالحاء المهملة، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه سلمة بن دينار، ومتابعته: قال شيخنا: أخرجها الإسماعيليُّ من حديث ولده عبد العزيز بن أبي حَازم: حدَّثني أبي عن سعيد به، قال: وأخرجها أيضًا عن أبي حَازم، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجها النَّسائيُّ عن قُتَيْبَة عن يعقوب بن عبد الرَّحْمَن، عن أبي حَازم به، انتهى، وقد رأيت التي في «النَّسائيِّ» في «أطراف المِزِّيِّ»، وقال: حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، انتهى، ومتابعة ابن عَجْلان _وهو مُحَمَّد_: قال شيخُنا: أخرجها الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» عن _سقط واحد، ولعله إسحاق بن إبراهيم الدبريِّ عن ... ، أو يكون شيخنا قال: بسنده_ عبدِ الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن منصور بن المعتمر، عنه، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ مُحَمَّد بن عَجلان عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ في «صحيحه» ثلاثةَ عشرَ حديثًا؛ كلُّها شواهدُ، وأخرج له الأربعةُ، له ترجمةٌ في «الميزان».

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

[ج 2 ص 673]

(1/11533)

[حديث: لا يزال قلب الكبير شابًا في اثنتين في حب الدنيا]

6420# قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال فيه إلَّا بالفتح.

قوله: (وَقَالَ [1] اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (الليث)؛ فهو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن وَهْب): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه معطوف على (اللَّيث)؛ أي: وقال ابن وهب، فالليث صَرَّحَ بالتحديث من يونس، وابن وهب عنعن عن يونس، وزادا عن يونس في السند عن الزُّهْرِيِّ أبا سلمة مع سعيدٍ، و (أبو سلمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، والله أعلم، وقال شيخُنا في تعليق الليث: وصله الإسماعيليُّ ... ؛ فذكره.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي مضروبٌ عليها بالحمرة في (ق).

[ج 2 ص 673]

(1/11534)

[حديث: يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان حب المال]

6421# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

قوله: (يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ): هو بفتح المُوَحَّدة فيهما، وهذا ظاهِرٌ، و (الكِبَر): في السِّنِّ، وقد كَبِر الرجل؛ بالكسر، يكبَر؛ بالفتح، كِبَرًا؛ أي: أسنَّ، ومكبِرًا أيضًا بكسر الباء، يُقال: علاه الكِبَر، والاسم: الكَبْرة؛ بالفتح، يُقال: عَلَتْ فلانًا كَبْرةٌ، وأمَّا كبُر يكبُر _بالضَّمِّ فيهما_؛ فمعناه: عَظُمَ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 673]

(1/11535)

[باب العمل الذي يبتغي به وجه الله]

قوله: (بَابُ الْعَمَلِ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]): (يُبتَغَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وجهُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَيهِ سَعْدٌ): هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحد العشرة رضي الله عنهم، وحديثه سلف مَرَّاتٍ: «إنَّك لن تخلَّف فتعملَ عملًا تبتغي به وجهَ الله إلَّا ازددت به درجةً ورِفعةً».

==========

[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 673]

(1/11536)

[حديث: لن يوافي عبد يوم القيامة يقول لا إله إلا الله]

6422# 6423# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ): صَحَابيٌّ صغيرٌ، تَقَدَّمَ في (كتاب العلم)، وكذا تَقَدَّمَ (عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ) رضي الله عنه.

قوله: (لَنْ يُوَافِيَ): أي: يأتي.

==========

[ج 2 ص 673]

(1/11537)

[حديث: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء]

6424# قوله: (عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ): هذا هو عمرو بن أبي عمرٍو مولى المُطَّلِب بن عبد الله بن حَنْطَب، تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: مَن يُقال له: عمرٌو، ويروي عن سعيد المقبريِّ عن أبي هريرة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: هذا، وعمرو بن شعيب بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي، ولكن رواية الثاني عنه به في «أبي داود» فقط، ومولى المُطَّلِب في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «أبي داود»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، له في «البُخاريِّ» بهذه الطريق هذا الحديثُ، وثلاثةُ أحاديثَ أُخَرَ، وحديثُ: «بُعِثْتُ من خير قرون بني آدم قَرْنًا فَقَرْنًا»، وحديثُ: «مَن أسعد الناس بشفاعتك؟»، وحديث: «إنَّ الله خلق الرحمةَ يوم خلقها مئةَ رحمةٍ»، والله أعلم.

قوله: (صَفِيَّهُ): قال ابن قُرقُول: (صفيَّه)؛ أي: حبيبه ومن يصافيه، وصفوة كلِّ شيء: خالصُه، انتهى، وفي «النهاية»: (صفيُّ الرجل: الذي يصافيه الوُدَّ ويخلصه له، «فعيل» بمعنى: «مفعول» أو «فاعل»)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 673]

(1/11538)

[باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها]

قوله: (بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ومختصرًا، ثُمَّ قال: وجه مطابقة هذه الترجمة لحديث عمرَ رضي الله عنه: «خير القرون قرني، ثُمَّ الذين يلونهم ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: قوله: «ويظهر فيهم السِّمَن»؛ فذلك من زهرة الدنيا، ويحتمل أن يكون ساقه لينبَّه على أنَّ السَّلَف رضي الله عنهم سَلِمُوا من فتنة الدنيا؛ لأنَّه عليه السلام وصفهم بأنَّهم خيرُ القرون إلى القرن الثالث؛ حذرًا من أن يُتَخَيَّل أنَّهم افتتنوا بزهرة الدنيا، وأنَّ الذي خشي عليهم وقع بهم، فبرَّأهم بحديثِ عمرَ، ويؤيِّدُه حديثُ خبَّابٍ، والله أعلم، وحديث خبَّاب: (إنَّ أصحاب مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مضَوا ولم تنقصهم الدُّنيا شيئًا ... )؛ الحديث.

قوله: (يُحْذَرُ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الذال المُعْجَمَة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا): (زهرتها): غضارتها ونعيمها؛ كزهرة النبات؛ وهو حُسنه ونُوَّاره، وزهرة الجنة: نضرتها وسرورها.

(1/11539)

[حديث: فأبشروا وأملوا ما يسركم]

6425# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام.

قوله: (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): اعلم أنَّ الإمام أبا بكر الإسماعيليَّ قال: إنَّ موسى بنَ عقبة لم يسمع من الزُّهْرِيِّ، انتهى، وفي هذا بُعْدٌ، وذلك لأنَّ البُخاريَّ لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللقاء، ولم أرَ مَن ذكر ابنَ عقبة بالتدليس، وموسى بن عقبة بلديُّ الزُّهْرِيِّ ومعاصرُه، فيبعد كلَّ البعد ألَّا يكون سمع منه والزُّهْرِيُّ شيخ بلده وعالمُه في وقته، هذا بعيدٌ جدًّا، وقد ذكرته بأطولَ من هذا، والله أعلم، وقد ذكرت أنَّ في «المحدِّث الفاصل بين الراوي والواعي»: أنَّ موسى بن عقبة فيه صرَّح بالتحديث عن الزُّهْرِيِّ، أو أذكرُ.

قوله: (أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه من مسلمة الفتح، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

[ج 2 ص 673]

قوله: (أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ، وَهْوَ حَلِيفُ بَنِي [1] عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، كَانَ مِمَّنْ [2] شَهِدَ بَدْرًا): تَقَدَّمَ في (بدر) أنَّ الدِّمْيَاطيَّ قال ما لفظه: (قال ابن سعد، وموسى بن عقبة، وأبو معشر، ومُحَمَّد بن عمر: هو عمير بن عوف، وقال ابن إسحاق: عمرو بن عوف)، انتهى، وتَقَدَّمَ هناك أنَّه كذا عن ابن إسحاق: عمير بن عوف، والذي قاله الذَّهَبيُّ عن ابن إسحاق: إنَّه سمَّاه عَمرًا؛ بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا.

قوله: (بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين هذه الأمَّة، وأحد العشرة رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (إِلَى الْبَحْرَيْنِ [3]): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأين هي.

قوله: (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (الحضرميِّ): عبدُ الله بن عبَّاد، أو ابن عمَّار، صَحَابيٌّ _ أعني: العلاء_ مشهورٌ، أخرج له الجماعةُ وأحمدُ.

(1/11540)

قوله: (فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ): قال شيخنا: كان قدوم أبي عبيدة سنة عشرٍ، قَدِمَ بمئة ألفِ ألفٍ [4] وثمانين ألفَ ألفٍ، كذا في «جامع المختصر»، وفي غيره: أنَّهم كانوا مجوسًا، وقال قتادة: كان المالُ ثمانين ألفًا، قال ابن حَبِيب: وهو أكثر مالٍ قَدم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال الزُّهْرِيُّ: قدم ليلًا، قال قتادة: وصُبَّ على حصير ... إلى آخر كلامه، وقد وقع في كلام شيخِنا في (الجزية) ما يخالفه؛ فانظره، وقد رأيت أنا في «المستدرك» في ترجمة العَبَّاس بن عبد المُطَّلِب رضي الله عنه: أنَّه كان ثمانين ألفًا، وقال: على شرط مسلم، ولم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ.

قوله: (فَوَافَتْ [5] صَلَاةَ الصُّبْحِ): (وافت)؛ أي: أَتَتْ.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: نعم، وتَقَدَّمَ ضبطها.

قوله: (فَأَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين المُعْجَمَة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا (أَمِّلُوا): بفتح الهمزة، وكسر الميم، رُباعيٌّ أيضًا.

قوله: (مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ): (الفقرَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ، ورفعه ضعيفٌ، فيقدَّر حذف العائد.

قوله: (أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمُ [6]): (تُبْسَط): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (بُسِطَتْ): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/11541)

[حديث: إني فرطكم وأنا شهيد عليكم]

6426# قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو الخَيْر) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ اسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ معناه: دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، وقال شيخنا هنا: ظاهره أنَّها حقيقةٌ، وبه قال بعضُهم، وخُولِف، انتهى، وقد قَدَّمْتُ هنا وهناك أنَّه دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، والله أعلم.

قوله: (إنِّي فَرَطٌ لَكُمْ [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ): (أُعطِيت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مفاتيحَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ): (أوْ): بإسكان الواو؛ لأنَّه شكٌّ من الراوي، و (مفاتيحَ) بعد (أو): مَنْصُوبٌ، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

(1/11542)

[حديث: لا يأتي الخير إلا بالخير إن هذا المال خضرة حلوة]

6427# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو سَعِيدِ الخُدْرِيُّ [1]): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَقَالَ [2] رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (يُنْزَلُ عَلَيْهِ): (يُنزَلُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الجبين)، وأنَّ لكلِّ إنسان جبينَين يكتنفان الجبهة.

قوله: (خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ): أي: ناعمة غضَّة طريَّة، وقال ابن قُرقُول: (خَضِرة حُلوة): وقع للأصيليِّ في (كتاب الوصايا) و (كتاب الخمس) هكذا، وفي غير هذين الموضعين: (خَضِرٌ حُلوٌ)، والخَضِر من النبات: الرَّخْصُ الغضُّ، وقال الأزهريُّ: الخَضِر هنا: ضرب من الجَنبة؛ وهو ما له أصلٌ غامضٌ في الأرض، فالماشية تشتهيه، وتُكثِر منه؛ لأنَّه يبقى فيه خضرةٌ ورطوبةٌ بعد هَيْجِ النبات، واحدتها: خَضِرة، وكذلك قوله في المال: «خَضِرٌ»؛ أي: ناعمٌ يُشتَهَى، شبَّهه بالمراعي الشهيَّة للأنعام، ومَن روى: «إنَّ هذا المال خَضِرة»؛ أنث على معنى تأنيث المشبَّه به؛ أي: هذا المال شيءٌ كالخضرة، وقال ثابتٌ: معناه: كالبقلة الخضرة، أو يكون على معنى: فائدة المال؛ وهي الحياة به؛ أي: أنَّ الحياة أو العيشة خَضِرة، أو أنَّ الدنيا خَضِرَة حُلوة؛ كما جاء في الحديث الآخر.

قوله: (يَقْتُلُ حَبَطًا): هو بفتح الحاء والمُوَحَّدة، وبالطاء، المُهْمَلَتين، حبطت الدابَّة؛ إذا أكلت المرعى حتَّى تنتفخَ فتموت، وفي النهاية: أحبط الله عمله؛ أي: أبطله، يقال: حبط عملُه يحبَط، وأحبطه غيرُه، وهو من قولهم: حَبِطت الدابَّة حَبَطًا _ بالتحريك_؛ إذا أصابت مرعًى طيِّبًا فأفرطت في الأكل حتَّى تنتفخَ فتموت، ومنه الحديث: «وَإِنَّ ممَّا يُنبِت الرَّبِيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطًا أو يُلِمُّ»، وذلك أنَّ الربيع يُنبِت أحرار العشب، فتستكثر منه الماشيةُ، ورواه بعضهم بالخاء المُعْجَمَة؛ من التخبُّط؛ وهو الاضطراب، انتهى.

قوله: (أو يُلِمُّ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر ثانيه، وتشديد الميم؛ ومعناه: يقرب من القتل.

(1/11543)

قوله: (إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ [3]): (آكلة): بمدِّ الهمزة، اسمُ فاعلٍ، قال ابن قُرقُول: و (الخضِر)؛ بكسر الضاد: كذا وقع بغير هاء في قوله: (إلَّا آكلة الخَضِر) في أكثر الروايات، وعند العذريِّ في حديث أبي الطاهر: (إلَّا آكلة الخَضِرَة)؛ بزيادة الهاء، وللطَّبريِّ: (الخُضْرة)، ثُمَّ ذكر كلامه في (خَضِرَةٌ حُلوةٌ ... ) إلى آخره، ثُمَّ قال: وأمَّا ما رُوِيَ: (إلَّا آكلة الخُضْرَة) _وهي رواية الطَّبَريِّ_؛ أي: النبات الأخضر الناعم، والرواية الأولى أعرفُ، انتهى، وفي «النهاية»: و (الخَضِر)؛ بكسر الضاد: نوعٌ من البقول، ليس من أحرارها وجيِّدها.

قوله: (فَاجْتَرَّتْ): هو بالجيم، وتشديد الراء؛ أي: ردَّدت جِرَّتها من جوفها ومضغتها.

[ج 2 ص 674]

قوله: (وَثَلَطَتْ): هو بثاء مُثَلَّثَة، ثُمَّ لام، ثُمَّ طاء مهملة، مفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، وقال شيخنا هنا: (وثلَطت)؛ بفتح اللام، ورويناه بكسرها، انتهى، وذكر قبل هذا كلامًا عن الشيخ أبي الحسن، فيحتمل أن يكون هذا من كلام أبي الحسن، وأن يكون من كلام شيخنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في أصلنا في (الزكاة) مضبوطٌ بكسر اللام، وتَقَدَّمَ أنَّ معناه: سَلَحتْ، و (الثَّلَطُ): الرجيع الخفيف، وفي «الصحاح»: ثلط البعير؛ إذا ألقى بعره رقيقًا، انتهى، والمضارع من المفتوح بكسر اللام، والمصدر: ثلْطًا؛ بإسكانها، وفي «النهاية»: الثَّلَط: الرجيع الرقيق، وأكثر ما يُقال للإبل والبقر والفِيَلَة.

قوله: (فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ): (المَعُوْنَة)؛ بفتح الميم، وضمِّ العين المُهْمَلَة، وبعد الواو الساكنة نون: الإعانة، يقال: ما عندك مَعُونة، ولا مَعَانة، ولا عونٌ.

واعلم أنَّ ابن الأثير ذكر هذا الحديث في (خضر)، وساقه على ما وقع له، ثُمَّ قال: هذا الحديثُ يحتاج إلى شرح ألفاظه مجتمعةً، فإنَّه إذا تفرَّق؛ لا يكاد يُفْهَم الغرضُ منه، وقد ذكرت كلامَه في (الزكاة)؛ فانظره إن أردته.

==========

[1] (الخدري): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الخَضِرَة).

(1/11544)

[حديث: خيركم قرني ثم الذين يلونهم]

6428# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه غُنْدر، وقد تَقَدَّمَ ضبطه، وفي نسخة عوض (مُحَمَّد بن جعفر): (غُنْدر) [1]، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا بأنَّه بالجيم والراء، وأنَّ اسمه نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وتشديد الراء المكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدة، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وأنَّ (حُصَينًا) هذا صَحَابيٌّ، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا.

قوله: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي): تَقَدَّمَ في أوَّل (فضائل الصَّحَابة) أنَّ الظاهر أنَّ ابتداء قرنه عليه السلام من حين البعثة، أو من حين فشوِّ الإسلام، وقد تَقَدَّمَ كلام الناس فيه، وتَقَدَّمَ أنَّ في (القرن) أقوالًا ذكرتها هناك، وأنَّ معنى «خيركم قرني»؛ أي: الصَّحَابة، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التابعين، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التابعين.

قوله: (يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ): تَقَدَّمَ في أوَّل (فضائل الصَّحَابة) فيه ثلاثُ تأويلاتٍ، وتَقَدَّمَ الجمع بين هذا الحديثِ الآخرِ الصحيحِ: «ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بالشهادة قبل أن يُسأَلَهَا»؛ فانظر إن أردته.

قوله: (وَيَنْذِرُونَ): (النذر): معروف، يقال: نذر ينذِر وينذُر؛ بضَمِّ الدال في المستقبل وكسرِها، وقد تَقَدَّمَ، وسأذكر في (النذر) ما لأصحاب الشَّافِعيِّ في الابتداء بالنذر، ولِمَ نهى عنه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ): تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل (فضائل الصَّحَابة).

(1/11545)

[حديث عبدالله: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم]

6429# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): [تَقَدَّمَ] مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبٌ، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وأنَّه مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وإنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، لا لأنَّه يبيع السُّكَّر، ولم يكن بيَّاعَهُ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عمرو السَّلْمانيُّ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (فضائل الصَّحَابة).

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11546)

[حديث: لولا أن رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت بالموت]

6430# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو البلخيُّ السَّخْتيَانيُّ خَتُّ؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المثنَّاة فوق، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (وَكِيعٌ): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدة أخرى، وهو ابن الأرتِّ؛ بالمُثَنَّاة المُشَدَّدة.

قوله: (وَقَدْ اكْتَوَى يَوْمَئِذٍ سَبْعًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الكيِّ)، والجمع بين الأحاديث التي وردت فيه، وأنَّها أربعة أنواع، في (الطِّبِّ)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11547)

[حديث: إن أصحابنا الذين مضوا لم تنقصهم الدنيا شيئًا]

6431# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (خَبَّاب)، تقدَّموا كلُّهم أعلاه.

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11548)

[حديث: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم]

6432# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، وبيانه: أنَّ الحافظ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخ مُحَمَّد بن كَثِير الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وأمَّا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»؛ فإنَّه قال في ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير: إنَّه سمع من فلانٍ وفلانٍ وسفيانَ، وأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ مثلُه [1]، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/11549)

[باب قول الله تعالى {يا أيها الناس إن وعد الله حق ... }]

(1/11550)

[حديث: من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين]

6433# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا ومرَّةً مترجمًا، وأنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، قاله ابن الأثير في «لُبابه»، وقد قَدَّمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ ابنَ أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد، لا شيبانُ النَّحْويُّ هذا، انتهى، و (يَحْيَى) بعده: هوابن أبي كَثِير، و (مُحَمَّدُ بْنِ إِبْرَاهِيم الْقُرَشِيِّ): هو التيميُّ، و (ابْن أَبَانَ): هو حُمْران بن أبان، وكذا هو مسمًّى في نسخة، ويقال فيه: ابن أبا، ويُقال: ابن أبي خالد بن عبد عمرو بن عقيل بن عامر النَّمِريُّ؛ من النَّمِر بن قاسط، من سبي عين التمر، كان للمسيَّب بن نَجَبة، فابتاعه منه عثمانُ بن عَفَّانَ وأعتقه، أدرك أبا بكر، وروى عن عثمان ومعاويةَ، ثقةٌ، ذكره ابن سعد في «الطبقات»، فقال: لم أرَهم يحتجُّون به، وقد أورده البُخاريُّ في «الضعفاء»، لكن لم يأتِ فيه ما يليِّنه قطُّ، ترجمته معروفة، وقد ذكره الذَّهَبيُّ في «الميزان»، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ بعد سنة خمسٍ وسبعين.

تنبيهٌ: جاء في بعض النسخ: (أنَّ أبان أخبره)؛ بسقوط (ابن)، والصواب: إثبات (ابن).

قوله: (بِطَهُورٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الطاء: الماء، وأنَّه يجوز فيه الضمُّ أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (الْمَقَاعِد)، وكذا (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ): أنَّه بضَمِّ الواو، ويجوز فتحها.

قوله: (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11551)

[باب ذهاب الصالحين]

قوله: (بَابُ ذَهَابِ الصَّالِحِينَ): هو بفتح الذال المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، ذَهَبَ؛ كـ (مَنَع)، ذهابًا وذُهوبًا ومذهبًا، فهو ذاهبٌ وذُهوبٌ: سار أو مرَّ، وفي بعض النسخ: (وَيُقَالُ: الذِّهَابُ: الْمَطَرُ): (الذِّهاب) الثاني: بكسر الذال المُعْجَمَة في أصلنا بالقلم، اعلم أنَّ (الذِّهبة)؛ بكسر الذال المُعْجَمَة: المطرة، كذا في «الصحاح»، والجمع: الذِّهاب؛ بكسرها أيضًا.

[ج 2 ص 675]

(1/11552)

[حديث: يذهب الصالحون الأول فالأول]

6434# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (بَيَان): هو ابن بشر المؤدِّب، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، و (مِرْدَاس الْأَسْلَمِيُّ): تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه مرداس بن مالك الأسلميُّ، شهد بيعة الرضوان.

قوله: (الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ): هما مرفوعان، ورفعهما معروفٌ.

قوله: (وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ): قال بعد ذلك: (قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) يعني: البُخاري: (حُفَالَةٌ وَحُثَالَةٌ): كذا في بعض النسخ، و (الحُفَالة): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف الفاء، وكذا (الحُثَالة)، وكذا (الخُشَارة)، بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة في الأولى، وبضم الخاء وبالشين المعجمتين المُخَفَّفة في الثانية: الرُّذالة.

قوله: (لَا يُبَالِيهِمُ اللهُ بَالَةً): قال الجوهريُّ: وقولهم: لا أباليه؛ أي: لا أكترثُ له، وإذا قالوا: لم أُبَلْ؛ حذفوا الألف تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال؛ كما حذفوا الياء من قولهم: لا أدرِ، وكذلك يفعلون في المصدر، فيقولون: ما أباليْه بالةً، والأصل: باليةً؛ مثل: عافاه الله عافيةً، حذفوا الياء منها؛ بناءً على قولهم: لم أُبَلْ ... إلى آخركلامه، وكذا قال شيخُنا، قال ابن بَطَّال: (بالة): مصدرٌ، وقال الشيخ أبو الحسن: سمعته (بالة) في الوقف، ولا أدري كيف هو في الإدراج ... إلى آخر كلامه.

(1/11553)

[باب ما يتقى من فتنة المال]

قوله: (بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ): (يُتَّقَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11554)

[حديث: تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة]

6435# قوله: (حَدَّثَنا [1] يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ): هذا هو يحيى بن يوسف بن أبي كريمة الزَّمِّيُّ، أبو يوسف، ويقال: أبو زكريَّا، الخراسانيُّ، نزيل بغداد، عن شريك، وأبي المليح الرَّقِّيِّ، وأبي الأحوص، وضمام بن إسماعيل، وابن عُيَيْنَة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، والذهليُّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو زرعة، وقال: هو من قرية يُقال لها: زَمُّ، قال البغويُّ: مات في رجب سنة خمسٍ وعشرين ومئتين، وقال ابن قانع: سنة ستٍّ، أخرج له البُخاريُّ وابن ماجه، و (أَبُو بَكْرٍ) بعده: هو ابن عيَّاش، و (أَبو حَصِينٍ): بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، واسم هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان.

قوله: (تَعَسَ [2] عَبْدُ الدِّينَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على (تعَس)، وأنَّه بفتح العين، قاله في «الصحاح»، وفي «النهاية» ذكره، ثُمَّ قال: وقد تُفتَح العين، فهو بالكسر والفتح، وقد تَقَدَّمَ أنَّ معناه: هلك، وقيل: عثر، وقيل: سقط، وقيل: خرَّ على وجهه خاصَّةً، وقيل: لزمه الشرُّ، وقيل: بَعُد، وكذا تَقَدَّمَ (القَطِيفَة) و (الخَمِيصَة) ما هما، و (أُعْطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (إِن لَم يُعْطَ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ معناه في (الجهاد) من كلام ابن بَطَّال.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[2] في «اليونينيَّة»: (تعِس)؛ بكسر العين، وفي (ق) معًا.

[ج 2 ص 676]

(1/11555)

[حديث: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثًا]

6436# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ مراراً أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح؛ بفتح الراء، وبالمُوَحَّدة.

(1/11556)

[حديث: لو أن لابن آدم مثل واد مالًا لأحب أن له إليه مثله]

6437# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ أنَّ الجَيَّانيَّ قال: نسبه شيوخُنا: مُحَمَّد بن سلَام، قال: وقد نسبه البُخاريُّ كذلك في مواضعَ من آخِرِ الكتاب، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (مَخْلد): هو بفتح الميم، وإسكان الخاء، وهو ابن يزيد، و (ابن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ ... ) إلى آخره (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَا أَدْرِي أهُوَ مِنْ الْقُرْآنِ أَمْ لَا): هذا الذي لم يدرِ ابنُ عَبَّاس أقرآن هو أم لا سيأتي قريبًا عن أُبيٍّ _هو ابن كعب_: (كُنَّا نُرَى [1] هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ})؛ يعني: فعلمنا أنَّه ليس من القرآن، هذا ظاهِر كلامه.

واعلم أنَّ هذا كان قرآنًا ونُسِخَت تلاوتُه، فإن قيل: في أيِّ سورةٍ كان هذا؟ وقد سُئِلت عنه، والجواب: أنَّه كان في (سورة لَمْ يَكُنِ)، كذا جاء في «مسند الإمام أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل» من غير طريق، وسيأتي أيضًا أنَّه في «التِّرْمِذيِّ»، ويأتي أنَّها كانت في (يونس)، فأمَّا إثبات كونه قرآنًا؛ ففي «مسند أحمد» أحاديثُ تشهد لذلك؛ منها: عن زيد بن أرقم قال: (لقد كنَّا نقرأ على عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضَّة ... »)، ومنها: عن عائشة رضي الله عنها: (أنَّه عليه السلام كان إذا دخل البيت؛ تمثَّل: «لو كان لابن آدم واديان من مالٍ؛ لابتغى واديًا ثالثًا، ولا يملأ فمَه إلَّا الترابُ، وما جعلنا المال إلَّا لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ويتوب الله على من تاب»)، ومنها: عن أبي واقد الليثيِّ: (كنَّا نأتي النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أُنزِل عليه الوحيُ فيحدِّثنا، قال لنا ذات يوم: «إنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: إنَّا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم وادٍ؛ لأحبَّ أن يكون إليه ثانٍ، ولو كان له واديان؛ لأحبَّ أن يكون إليهما ثالثٌ، ولا يملأُ جوفَ ابن آدم إلَّا الترابُ، ثُمَّ يتوب الله على من تاب»).

(1/11557)

وأمَّا تعيين السورة؛ فروى التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (المناقب) في (فضل أُبيِّ بن كعب) من حديث زِرِّ بن حُبَيش عنه، ورواه مُطَوَّلًا أحمدُ من غير طريقٍ بسنده إلى أُبيِّ بن كعب باختلافٍ بعضَ الشيء، قال: (إنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «إنَّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، فقرأ عليه: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}، قال: فقرأ فيها: «ولو أنَّ ابنَ آدم سأل واديًا من مال فأُعطيَهُ؛ لسأل ثانيًا، ولو سأله ثانيًا فأُعطِيَه؛ سأله ثالثًا، ولا يملأ جوفَ ابن آدم إلَّا الترابُ، ويتوب الله على من تاب، وإنَّ ذات الدين عند الله الحنيفيَّة غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية، ومن يفعلْ خيرًا؛ فلن يُكْفَرَهُ»)، وهو في «المستدرك» في أوَّل (التفسير) بسندٍ صحيحٍ، فإن قيل: سيأتي قريبًا في هذا الحديث عن أُبيِّ بن كعب: (كنَّا نرى هذا من القرآن حتَّى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ})، فبين هذا وما تَقَدَّمَ عنه من «المسند» و «المستدرك» تعارضٌ؛ والجواب: أنَّه يُحمَل قولُه: (كنَّا نرى هذا من القرآن)؛ أي: من القرآن الذي يثبت ولم يُنسَخ، والله أعلم.

فائدة: قال الإمام السُّهَيليُّ في خبر بئر معونة: وكانت هذه الآية _يعني قوله: (لو أنَّ لابن آدم) _ في سورة (يونس) بعد قوله: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]، كذلك قال ابن سلَّام، انتهى؛ يعني: يحيى بن سلَّام المغربيَّ، وسأذكر بعض ترجمة يحيى هذا إن شاء الله تعالى.

[ج 2 ص 676]

(1/11558)

[حديث: لو أن ابن آدم أعطي واديًا ملأً من ذهب أحب إليه ثانيًا]

6438# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنِ الْغَسِيلِ): هو بفتح الغين المُعْجَمَة، وكسر السين المُهْمَلَة، وهو عبد الرَّحْمَن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاريُّ، و (الغَسِيل): هو حنظلة، تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى حنظلة، ولِمَ قيل له: الغَسِيل، و (ابْن الزُّبَيْر): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خُوَيلد.

==========

[ج 2 ص 677]

(1/11559)

[حديث: لو أن لابن آدم واديًا من ذهب أحب أن يكون له واديان]

6439# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (وَلَنْ يَمْلَأَ): هو بهمزةٍ مفتوحةٍ في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 677]

(1/11560)

[حديث: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت {ألهاكم التكاثر}]

6440# قوله: (وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ): أمَّا (أبو الوليد)؛ فقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال لنا فلانٌ)؛ أنَّه كـ (حدَّثنا فلانٌ)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (حَمَّاد بن سلمة): تَقَدَّمَ أنَّه أحد الأعلام، وأنَّ البُخاريَّ عَلَّقَ له، وروى له مسلمٌ والأربعة، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

قوله: (كُنَّا نُرَى [1] هَذَا مِنْ الْقُرْآنِ): (نُرَى): بضَمِّ النون؛ أي: نظنُّ، وفي نسخة: (نَرى)؛ بفتحها، وهما في أصلنا مضبوطٌ بهما، وقد تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين ما تَقَدَّمَ عن أُبيِّ بن كعب في «المسند» و «المستدرك»، والله أعلم.

(1/11561)

[باب قول النبي: «هذا المال خضرة حلوة»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ [1] هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ»): تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (خَضِرَة حُلوة).

قوله: (وَقَالَ [2] عُمَرُ): هو عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، وفي الصَّحَابة من اسمه عُمر ثمانيةٌ وعشرون نفرًا؛ منهم أربعةٌ غلطٌ، وفيهم واحدٌ الصحيحُ: أنَّه تابعيٌّ.

==========

[1] قوله: (إنَّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وفوقه في (أ) علامة نسخة، وفي هامش (ق) علامة على أنَّها في رواية الدِّمياطيِّ.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

[ج 2 ص 677]

(1/11562)

[حديث: إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه]

6441# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غير أبيه؛ فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، و (حَكِيم بْن حِزَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وكسر الكاف، و (حِزَام): بكسر الحاء، وبالزاي، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بِإِشْرَافِ نَفْسٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بالشين المُعْجَمَة، في (الزكاة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْيَد الْعُلْيَا)، و (الْيَدِ السُّفْلَى).

(1/11563)

[باب ما قدم من ماله فهو له]

(1/11564)

[حديث: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله]

6442# قوله: (حَدَّثَنا [1] عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنا [2] أَبِي): تَقَدَّمَ أنَّ (أباه) _كما قال هنا_: حفصٌ؛ وهو ابن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 677]

(1/11565)

[باب: المكثرون هم المقلون]

(1/11566)

[حديث: إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة]

6443# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (عَبْد الْعَزِيزِ بْن رُفَيْعٍ): بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه، وأنَّ الأكثر: جُندب بن جنادة.

قوله: (فِدَاءَكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فَنَفَحَ): هو بالنون والفاء وبالحاء المُهْمَلَة المفتوحات؛ أي: ضرب يديه فيه بالعطاء، و (النفح): الضربُ والرَّمْيُ.

قوله: (فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ): (القاع): المستوي الواسعُ من الأرض، وقد يجتمع فيه الماء، وجمعه: قِيعان، وقيل: هي أرضٌ فيها رَمْلٌ.

قوله: (فِي الْحَرَّةِ): تَقَدَّمَ ما (الحرَّة)، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

قوله: (فَأَطَالَ اللَّبْثَ): هو بفتح اللام، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، وهو كـ (سَمِع)، وفي «النهاية»: يقال: لبِثَ يلبَثُ لَبْثًا؛ بسكون الباء، وقد تُفْتَح قليلًا على القياس، وقيل: اللَّبث: الاسم، واللُّبث؛ بالضَّمِّ: المصدر، انتهى، فما في الأصل يجوز فيه فتحُ اللام وضمُّها، مع سكون الباء، والله أعلم.

قوله: (مَنْ تُكَلِّمُ؟): هو بضَمِّ التاء، وكسر اللام المُشَدَّدة، فعلٌ مضارعٌ، وفاعله ضميرٌ مستترٌ؛ أي: أنت، وفي نسخة: (مَنْ تَكَلَّمَ؟): فعلٌ ماضٍ؛ يعني: معك.

قوله: (يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا): (يَرجِع): هو بفتح أوَّله، وكسر الجيم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (رجع) متعدٍّ.

قوله: (قَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَالْأَعْمَشُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ بِهَذَا): أمَّا (النَّضْر)؛ فهو ابن شُمَيل، بالضاد المُعْجَمَة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لا يُحتَاج إلى تقييده، وذلك لأنَّ (نصرًا) _بالصاد المُهْمَلَة_ لا يأتي بالألف واللام، و (النَّضْر) _ بالمُعْجَمَة_ لا يأتي إلَّا بهما، و (حَبِيب بن أبي ثابت): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (الأعمش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (عبدُ العزيز بن رُفَيع): هو بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، وتعليق النَّضْر أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عبدة بن عبد الرحيم عن النَّضْر بن شُمَيل به.

(1/11567)

قوله: (وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): هذه الواو إنَّما أتى بها شعبة؛ لأنَّه كان الحديثُ عنده معطوفًا على ما قبله بالواو، فأدَّاه كذلك، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ، إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ قَالَ: مُرْسَلٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، وَقَالَ: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ): هكذا هو في نسخةٍ في هامش أصلنا، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ ثابتٌ في الأصل، قال شيخُنا في «شرحه»: («وقال أبو عبد الله: حديث أبي صالح ... » إلى آخره: قد أخرجه النَّسائيُّ بإسنادٍ صحيحٍ من حديث ابن إسحاق عن عيسى بن مالك، عن زيد، عن أبي الدرداء، وكما قال شيخُنا: أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة»، قال شيخُنا: ولمَّا ذكر الدَّارَقُطْنيُّ روايةَ الحسن وعيسى مع رواية مَن رواه عن أبي ذرٍّ؛ قال: يشبه أن يكون القولان صحيحين، وحديث عطاء بن يسار مرسلٌ، قد أخرجه الطَّبَرانيُّ بإسنادٍ جيِّد مصرِّحًا بسماعه منه: أخبرني أبو الدرداء: أنَّه عليه السلام ... ؛ فذكره، انتهى، وقد رأيت أنَّ البُخاريَّ قال: سمع من ابن مسعود، وابنُ مسعود تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، وكذا أبو الدرداء، وقد ذكروا في ترجمته بأنَّه روى عن أبي ذرٍّ وأبي الدرداء، وأبو ذرٍّ أيضًا تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، وذكروا في وفاة عطاء بن يسار أنَّه تُوُفِّيَ سنة (97 هـ)، وقال الفَلَّاس وجماعةٌ: تُوُفِّيَ سنة (103 هـ)، وهو ابن أربعٍ وثمانين سنةً، وحديث عطاء عن أبي الدرداء أخرجه النَّسائيُّ في (التفسير) عن عليِّ بن حُجْر، عن إسماعيل بن جعفر، عن مُحَمَّد بن أبي حرملة، عن أبي الدرداء ... ؛ فذكره.

(1/11568)

نعم؛ عطاءُ بن أبي مسلم الخراسانيُّ عن أبي الدرداء مرسَلٌ، لم يدركه، وقد أخرج له ابنُ ماجه عنه حديثَ: «إنَّه ليستغفر للعالِم مَن في السموات ومَن في الأرض حتَّى الحيتان في البحر»، أخرجه في (كتاب السُّنَّة)، وحديث أبي صالحٍ ذكوانَ المشارُ إليه أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن أحمد بن حرب الطائيِّ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء ... ؛ فذكره، ثُمَّ ساقه كما قال شيخُنا _يعني: الطَّبَراني_ من حديث مُحَمَّد بن سعيد بن مالك عن أبي الدرداء: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، وقد ذكره شيخُنا عن الطَّبَرانيِّ من طرقٍ أخرى، ثُمَّ قال: وذكر الدَّارَقُطْنيُّ في حديث الأعمش عن زيد بن وهب علَّةً إن صحَّتْ؛ فهي تقدح في صحَّته، وهي روايةُ جَرِير بن حَازم عن الأعمش: فقال رجل عن زيد بن وهب عن أبي ذرٍّ، انتهى.

وأبو صالح ذكوانُ السَّمَّان روى عن أبي الدرداء وحضر الدار، وتُوُفِّيَ أبو الدرداء سنة (32 هـ)، ولا يتبيَّن لي وجه إرساله، اللهمَّ إلَّا أن يريدَ أنَّ الصحيح حذف (أبي الدرداء)، ويكون الحديثُ مرسلًا، لا أنَّه من جهةِ اللقيِّ، أو يكون جاءه الإرسالُ قبل عطاء، فيكون المرادُ بالإرسال سقوطَ راوٍ من الإسناد، وعطاء بن يسار تابعيٌّ كبيرٌ، والله أعلم.

قوله: (هَذَا: إِذَا [1] مَاتَ وَقَالَ [2]: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ): كذا في نسخةٍ، وهو ثابتٌ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ نحوَه، والله أعلم.

[ج 2 ص 677]

==========

[1] في (أ): (ذا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي ساقطة من رواية أبي ذرٍّ.

(1/11569)

[باب قول النبي: «ما أحب أن لي مثل أحد ذهبًا»]

(1/11570)

[حديث: ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبًا]

6444# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سُليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه، وأنَّ الأكثر: جُندب بن جنادة.

قوله: (فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ ما (الحرَّة)، وضبطُها.

قوله: (إِلَّا شَيْئًا أرْصدُهُ لِدَيْنٍ): كذا في [هامش] أصلنا القاهريِّ، وفيه: (شيءٌ)، وعليه علامة روايه، وفي الدِّمَشْقيِّ: (شيءٌ)، وهما جائزان، قال ابن قُرقُول: (أرصِده): أُعِدُّه؛ بضَمِّ الهمزة وفتحها، ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، يُقال: أرصدته ورصدته، أَرصُده بالخير والشَّرِّ: أعددته له، وقيل: رصدته: ترقَّبته، وأرصدته: أعددتُه، قال الله تعالى: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: 107]، وقال: {شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 9].

==========

[ج 2 ص 678]

(1/11571)

[حديث: لو كان لي مثل أحد ذهبًا لسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال]

6445# قوله: (حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): هو أحمد بن شبيب بن سعيد التميميُّ الحنظليُّ، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَثَنَا [1] يُونُسُ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وأتى به؛ لأنَّ شَبِيبًا عنعن، فأتى بهذا التعليقِ؛ لأنَّ فيه تصريحَ الليث بالتحديث من يونس، وشبيبٌ ليس مُدَلِّسًا، ولكن ليخرج من الخلاف، وتعليقُ الليث ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

(1/11572)

[باب: الغنى غنى النفس]

قوله: (بَاب الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ): (الغنى) في المكانين: بالقصر؛ وهو ضدُّ الفَقْرِ.

(1/11573)

[حديث: ليس الغنى عن كثرة العرض]

6446# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، و (أَبُو بَكْرٍ) بعده: هو ابن عيَّاش، أحد الأعلام، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِح): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ): هو بفتح العين والراء، قال ابن قُرقُول: (العَرَض)؛ بفتح الراء؛ يعني: كثرة المال والمتاع، وسُمِّيَ عرضًا؛ لأنَّه عارضٌ يَعرِض وقتًا، ثُمَّ يزول ويَفنى، ومنه قوله: «يبيع دينه بعَرَض من الدنيا»؛ أي: بمتاعٍ ذاهبٍ، والعَرَض: ما عدا العين، قاله أبو زيد، قال الأصمعيُّ: ما كان من مال غير نَقْدٍ، قال أبو عبيد: ما عدا الحَيَوَان والعَقَار والمَكِيل والموزون، وقال بعضُهم بعد ضبطه لما ذكرته: وقال ابن فارس في «المقاييس» وذكر هذا الحديثَ: إنَّما سمعناه بسكون الراء، وهو كلُّ ما كان من المتاع غير نقد، وجمعه: عُروض، فأمَّا العَرَض _بفتح الراء_؛ فما يصيبُه الإنسانُ مِن حظِّه مِن الدُّنيا، قال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الأنفال: 67]، {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ} [الأعراف: 169]، انتهى.

==========

[ج 2 ص 678]

(1/11574)

[باب فضل الفقر]

قوله: (بَابُ فَضْلِ الْفَقْرِ): فائدةٌ: حديث: «الفقر فخري ... »؛ الحديث، وكذا حديثُ: «اتَّخِذوا مع الفقراءِ أياديَ»، قال أبو العَبَّاس ابن تيمية فيما رأيته عنه: كلاهما كَذِبٌ، انتهى، وقال شيخُنا المؤلِّف في «تخريج أحاديث الرافعيِّ» _التخريج المختصَر_ فيما قرأته عليه قال فيه: غريبٌ، وقاعدته: إذا قال: غريبٌ؛ أنَّه لا يُعرَف مَن رواه، ثُمَّ قال: وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: كَذِبٌ، ولا نعرفه في شيءٍ من كتب المسلمين المعروفةِ، انتهى، وما أظنُّ قائلَ ذلك إلَّا ابنَ تيمية أبا العَبَّاس، والله أعلم.

وقد رأيت شيخَنا الحافظ العِرَاقيَّ قال في «تخريج أحاديث الإحياء»: ذكر حديث: «أكثروا معرفة الفقراء، واتَّخذوا عندهم الأياديَ، فإنَّ لهم دولة ... »؛ الحديث أبو نُعَيم في «الحِلية» من حديث الحسين بن عليٍّ بسندٍ ضعيفٍ: «اتَّخِذوا عند الفقراء أياديَ، فإنَّ لهم دولة يوم القيامة، وإذا كان يوم القيامة؛ نادى منادٍ: سيروا إلى الفقراء، فيُعتَذَر إليهم كما يَعتَذِر أحدُكم إلى أخيه في الدنيا»، انتهى.

تنبيهٌ: حديث: «كاد الفقر أن يكون كفرًا» ضعيفٌ، أخرجه أبو مسلم الكجِّيُّ في «سننه»، والبيهقيُّ في «شعب الإيمان» من حديث أنسٍ رضي الله عنه، وفيه: يزيدُ الرَّقاشيُّ عنه، وهو ضعيفٌ، ورواه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» من وجهٍ آخرَ بلفظ: «كادت الحاجة أن تكون كفرًا»، وفيه ضعفٌ أيضًا.

تنبيهٌ آخَرُ: اختلف الناس في تفضيل الفقر على الغنى؛ فذهب قومٌ إلى تفضيله على الغنى، وممَّن ألَّفَ فيه ابن الفخار، وذهب آخرون إلى تفضيل الغنى، وممَّن ألَّف فيه ابنُ قُتَيْبَة، وقد فضَّل قومٌ الكفافَ؛ وهو الذي سأله رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «اللهمَّ؛ اجعل رزقَ آلِ مُحَمَّد قوتًا»، وهو أعلى من الدرجتَين اللَّتَين قبله، قال شيخُنا: المختار عندنا: أنَّ الغنيَّ الشاكرَ أفضلُ من الفقيرِ الصابرِ؛ لأنَّ الغنى الحالةُ التي تُوُفِّيَ عنها الشارع، وهي أكملُ الحالات، ثُمَّ ذكر كلام أبي عليٍّ الدَّقَّاق في ترجيح الغنيِّ الشاكرِ على الفقيرِ الصابرِ، ثُمَّ قال: وأمَّا الكَفَاف؛ فهي الدرجة الرفيعة؛ لأنَّه عليه السلام لا يسأل إلَّا أفضلَ الأحوال، ثُمَّ ذكر كلام القرطبيِّ في تفضيل الكفاف، وقد رأيته في «التذكرة» قبل ذلك.

(1/11575)

واعلم أنَّ الغنيَّ الشاكرَ قد عرَّفه النَّوَويُّ في «رياضه»: بأنَّه مَن أخذَ المال من وجوهه، وصرفه في وجوهه المأمورِ بها، انتهى، ومحلُّ الخلاف في الغنيِّ الشاكر والفقير الصابر ذكره الشيخُ تقيُّ الدين ابن دقيق العيد، فقال بعد أن ذكر بعضَ أدلَّة المَأْخَذَيْن للغنيِّ الشاكر والفقير الصابر، ثُمَّ قال: وإنَّما النظرُ إذا تساوَوا في أداء الواجب فقط، وانفرد كلُّ واحدٍ بمصلحةِ ما هو فيه، وإذا كانت المصالحُ متقابلةً؛ ففي ذلك نظرٌ يرجع إلى تفسير الأفضل، فإن فُسِّر بزيادة الثواب؛ فالقياس يقتضي أنَّ المصالحَ المتعدِّيةَ أفضلُ من القاصرة، وإذا كان الأفضل بمعنى: الأشرف بالنسبة إلى صفات النفس؛ فالذي يحصل للنفس من التطهير للأخلاق، والرياضة لسوء الطباع بسبب الفقر أشرفُ، فيترجَّح الفقر، ولهذا المعنى ذهب الجمهور من الصوفيَّة إلى ترجيح الفقيرِ الصابرِ؛ لأنَّ مدارَ الطريق على تهذيب النفس ورياضتها، وذلك مع الفقر أكثرُ منه مع الغنى، فكأنَّ أفضلَ بمعنى: أشرف، انتهى، ذكره في «شرح العمدة»، ذكره في حديث: «ذهب أهل الدثور ... »؛ الحديث في (الذِّكْرِ عقيب الصلاة).

وأجاب أبو العَبَّاس ابن تيمية، فقال: أفضلهما: أتقاهما لله، فإن استويا في التقوى؛ استويا في الدرجة، انتهى، والله أعلم.

(1/11576)

[حديث: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.]

6447# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ أحدِ الأعلام، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَ أبي حَازم سلمةُ بن دينار.

قوله: (مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرفه، سيأتي قريبًا جدًّا ما قاله بعضُ الحُفَّاظ فيه.

قوله: (فَقَالَ لرَجُلٍ جَالِسٍ عِنْدَهُ): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: الرجل المقول له: هو أبو ذرٍّ، كذلك رواه ابن حِبَّانَ، فذكر الحديثَ الذي فيه الشاهدُ له، انتهى، وقد رأيتُ حديثًا في «المستدرك» في (الرقائق) عن أبي ذرٍّ نحوَه، وقال: على شرط البُخاريِّ، قال: وأخرجا بعضَه من حديث زيد بن وهب عن أبي ذرٍّ، انتهى، وأقرَّه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه».

قوله: (حَرِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه وضبطُه في (النكاح).

قوله: (إِنْ خَطَبَ؛ أَنْ يُنْكَحَ): (إِنْ) الأولى: بكسر الهمزة، شرطيَّة، والثانية: بفتحها، تقدَّما في (النكاح)، وكذا قوله: (وَإِنْ شَفَعَ؛ أَنْ يُشَفَّعَ): مثلُ الذي قبله، وقد تقدَّما في (النكاح)، و (شفَع): بفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ): هذا الثاني تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه أيضًا، قال بعض حفَّاظ [مصر] من المُتَأخِّرين: والمارَّانِ لم يُسَمَّيا، لكن في «مسند أبي يعلى» ما يُشْعِر بأنَّ الفقيرَ المارَّ هو جُعيل الضمريُّ، انتهى.

قوله: (حَرِيٌّ): تَقَدَّمَ في (النكاح)، وكذا (إِنْ خَطَبَ؛ أَلَّا يُنْكَحَ)، وكذا (إِنْ شَفَعَ؛ أَلَّا يُشَفَّعَ)، وكذا (إِنْ قَالَ؛ أَلَّا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ).

==========

[ج 2 ص 678]

(1/11577)

[حديث: هاجرنا مع النبي نريد وجه الله فوقع أجرنا على الله]

6448# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه [النسبة] لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (الْأَعْمَشُ):

[ج 2 ص 678]

تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلَمة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدة أخرى، وأنَّه ابن الأرتِّ؛ بالمُثَنَّاة فوق المُشَدَّدة.

قوله: (هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): فيه مجازٌ؛ لأنَّه لم يهاجر معه عليه السلام إلَّا أبو [1] بكر وغلامُه عامر بن فُهَيرة.

قوله: (فَوَقَعَ): أي: وَجَب، وفيه مجازٌ أيضًا؛ لأنَّ الله لا يجب عليه شيءٌ لعباده.

قوله: (مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (يَوْمَ أُحُدٍ): تَقَدَّمَ متى كانت وقعة أحُد في مكانها وغيرِه مرارًا، وهي في شوَّال سنة ثلاثٍ من الهجرة.

قوله: (وَتَرَكَ نَمِرَةً): (النَّمِرة): تَقَدَّمَت، وكذا (بَدَا [2]): بغير همزٍ؛ أي: ظهر، وكذا (بَدَا) الثانية، وكذا تَقَدَّمَ (الْإِذْخِر) ضبطًا وما هو، وكذا (أَيْنَعَتْ): تقدَّم، وكذا (يَهْدِبُهَا): تَقَدَّمَ، وأنَّه بكسر الدال وضمِّها.

==========

[1] في (أ): (أبا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] يعني: الذي هو أصل (بَدَت) التي في الحديث.

(1/11578)

[حديث: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء .. ]

6449# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (سَلْمُ بْنُ زَرِيْرٍ): بإسكان اللام، و (زَرِيْر): بفتح الزاي، وكسر الراء، وفي آخره راء أخرى، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ أنَّه العطارديُّ، وأنَّ اسمه عمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ (حُصَينًا) صَحَابيٌّ أيضًا، وقدَّمته مُطَوَّلًا.

قوله: (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على نصب (أكثرَ) في الموضعين، وقدَّمت فيه ثلاثَ إعراباتٍ، وتَقَدَّمَ في الحديث سؤالٌ وجوابُه.

قوله: (تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَعَوْفٌ): الضمير في (تابعه) يعود على سَلْم بن زَرِيْر؛ يعني: أنَّه رواه عن أبي رجاء عن عِمران كما رواه سَلْم، (أيُّوب): ابن أبي تيمية السَّخْتيَانيُّ، و (عوف): الأعرابيُّ، وهو عوف بن أبي جَمِيلة، والاثنان تَقَدَّمَت ترجمتُهما، قال المِزِّيُّ: قال أبو مسعود: (تابعه أيُّوب)، إنَّما رواه عن أيُّوبَ كذلك عبد الوارث، وسائر أصحاب أيُّوب يقولون: عن أيُّوب عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، وقد رواه أبو الأشهب، وابن أبي عروبة، وابن عُلَيَّة، والثقفيُّ، وعاصم بن هلال، وجماعةٌ، عن أيُّوب عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، انتهى.

(1/11579)

قوله: (وَقَالَ صَخْرٌ وَحَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ: عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ): أمَّا (صخرٌ)؛ فهو ابن جويرية، أبو نافع البصريُّ، عن أبي رجاء وعائشةَ بنتِ سعد، وعنه: ابن مهديٍّ وعَفَّانُ، ثقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال أحمد ابن حنبل: ثقة ثقة، وقال ابن معين: صالح، ذهب كتابه فبُعِث إليه من المدينة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وتعليقه هذا لم أرَه إلَّا ما في هذا «الصحيح»، ولم يخرَّجْه شيخُنا، و [أمَّا] (حَمَّاد بن نَجِيْح)؛ فهو الإسكاف أبو عبد الله السدوسيُّ البصريُّ، عن أبي رجاء العطارديِّ، ومُحَمَّد بن سيرين، وأبي عمران الجونيِّ، وعنه: وكيع، وأبو داود الطيالسيُّ، ومسلم بن إبراهيم، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وأحمد، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا كما ترى، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقه هذا أخرجه النَّسائيُّ في «عِشرة النساء» عن مُحَمَّد بن مَعْمَر البحرانيِّ، عن عثمان بن عمر، عن حَمَّاد بن نَجِيْح، عنه به.

تنبيهٌ: لهم: حَمَّاد بن نَجِيْح آخرُ، لكنَّه رازيٌّ قصَّابٌ، يروي عن طلحة بن عمرو، وعنه: نوح بن أنس الرازيُّ، وليس له شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة، له ترجمةٌ في «الميزان».

و (أبو رجاء): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عِمران بن تيم، وقيل في أبيه غيرُ ذلك.

(1/11580)

[حديث: لم يأكل النبي على خوان حتى مات]

6450# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطُه، وأنَّ اسمه عبد الله بن عَمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (عَلَى خوَانٍ): تَقَدَّمَ ما (الخوان) بِلُغَاتِه.

==========

[ج 2 ص 679]

(1/11581)

[حديث: لقد توفي النبي وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد]

6451# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (وَمَا فِي رَفِّي): (الرَّفُّ): خشبةٌ تُرفَع عن الأرض في البيت، يُوقَّى عليه ما يُراد حفظه، وهو الرفرف أيضًا، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ): قال ابن قُرقُول: أي: نصف وَسْق من شعير، وقال ابن الأثير: قيل: أراد نصف مكُّوك، وقيل: أراد نصف وَسْق، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (المكُّوك) كم هو في (باب نفقة نساء النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وقال التِّرْمِذيُّ: يعني: شيئًا من شعير، انتهى.

==========

[ج 2 ص 679]

(1/11582)

[باب كيف كان عيش النبي وأصحابه وتخليهم من الدنيا؟]

(1/11583)

[حديث: الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي]

6452# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ): (أبو نعيم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وقوله: (بنحوٍ من نصف هذا الحديث)؛ يعني: الحديثَ الآتيَ الذي يسوقه، وليس له شيخٌ في هذا الحديث، مُطَوَّلًا كما هنا، إنَّما أخرجه في (الاستئذان) عن أبي نُعَيم هذا، وعن مُحَمَّد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك؛ كلاهما عن عمرَ بن ذرٍّ عن أبي هريرة ببعضه ... إلى قوله: (فدخلوا)، وأعاده هنا عن أبي نُعَيم وحدَه كما ترى بطوله، فقال: (حدَّثنا أبو نُعَيم بنحوٍ من نصف هذا الحديث ... )؛ فذكره أجمعَ، وقد أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) عن هنَّاد بن السَّريِّ، عن يونس بن بُكَيْر، عن عمرَ بن ذرٍّ به، وقال: صحيحٌ، وأخرجه النَّسائيُّ في (الرقائق) عن أحمد بن يحيى عن أبي نُعَيم به، حديث أحمد بن يحيى ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، انتهى.

والظاهر أنَّ المراد بقوله: (بنحوٍ من نصف هذا الحديث): النصف الأوَّل، فيحتمل أنَّ باقيَه إجازةٌ، أو يكون وِجادةً، ولم يحدِّث البُخاريُّ في هذا الحديث الصحيح بالإجازة _خلافًا لابن منده، وقد تَقَدَّمَ كلامه_، ولا بالوِجادة _فيما أعلم_، ولا بالمناولة، خلافًا لأبي عمرو مُحَمَّد بن أبي جعفر بن حمدان الحيريِّ، فإنَّه قال: كلُّ ما قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)؛ فهو عرضٌ ومناولةٌ، وابن منده جعلها إجازةً، وبعضُهم جعلها من أقسام التعليق.

(1/11584)

قال شيخُنا الشارح: ولعلَّه [1] النصفُ المشارُ إليه ههنا، انتهى، وقد ذكر شيخُنا العِرَاقيُّ في «النكت على ابن الصلاح» هذا الحديثَ؛ فانظره في (السماع على نوعٍ من الوهن أو عن رجلين)، والله أعلم، وها أنا أسوق لك ما قاله فيها، قال شيخُنا العِرَاقيُّ: وقد بيَّن البُخاريُّ في موضعٍ آخَرَ من «صحيحه» القَدْرَ الذي سمعه من أبي نُعَيم من هذا الحديث، أو بعضَ ما سمعه منه، فقال في (كتاب الاستئذان): «حدَّثنا أبو نُعَيم: حدَّثنا عمر بن ذرٍّ. ح: وحدَّثنا مُحَمَّد بن مقاتل: أخبرنا عبد الله: أخبرنا عمر بن ذرٍّ: أخبرنا مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلتُ مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فوجد لبنًا في قَدَح، فقال: «أبا هرٍّ؛ الحق أهلَ الصُّفَّة فادعهم» ... إلى أن قال: فأتيتُهم فدعوتُهم، فأقبلوا فاستأذنوا، فأَذِنَ لهم، فدخلوا»، انتهى، فهذا بعض حديث أبي نُعَيم الذي ذكره في (الرقاق)، وأمَّا بقيَّة الحديث؛ فيحتمل أنَّ البُخاريَّ أخذه من كتاب أبي نُعَيم وجادةً أو إجازةً، أو سمعه من شيخٍ آخَرَ غير أبي نُعَيم، إمَّا مُحَمَّد بن مقاتل الذي روى عنه في (الاستئذان) بعضَه، أو غيرُه، ولم يبيِّن ذلك، بل اقتصر على بعض الحديث من غير بيان، ولكن ما من قطعةٍ منه إلَّا وهي محتملةٌ لأنَّها غير متَّصلة بالسماع، إلَّا القطعة التي صَرَّحَ بها البُخاريُّ في (الاستئذان) باتِّصالها، والله أعلم، انتهى، وهذا لمكانٌ من عُقَد «صحيح البُخاريِّ»، والله أعلم.

قوله: (آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ): هو في أصلنا: (اللهِ) مجرورٌ، وجرُّه معروفٌ، قال القاضي عياض في أواخر «شرح مسلم»: («قال: آلله؟ قال: الله»: رويناه بكسر الهاء وفتحها معًا، قال: وأكثر أهل العربيَّة لا يُجِيزون غير كسره)، انتهى، وقال شيخُنا: يجوز في (الله) الخفضُ والنصبُ، قال ابن التين: ورويناه بالنصب، قال ابن جنِّي: إذا حذفتَ حرفَ القسم؛ نصبتَ الاسم بعده بالفعل المقدَّر، ومن العرب مَن يجرُّ اسم (الله)، انتهى مُلَخَّصًا، وهو مَعْرُوفٌ.

قوله: (مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيسْتَتْبِعَنِي [2]): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (ليُشْبِعَني)، وعليها (صح) في الموضعين، قال ابن قُرقُول: (ليشبعني): كذا لابن السكن، والنَّسَفيِّ، والحمُّوي، والبلخيِّ، ولبقيَّتهم: (يستتبعني)؛ أي: يأمرني باتِّباعه فيطعمني، وهو المعروف، انتهى.

(1/11585)

قوله: (إِلَّا لِيسْتَتْبِعَنِي): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه.

قوله: (أَبَا هِرٍّ): قال بعضهم: يُروَى بتخفيف الراء وتشديدها، انتهى، كذا قال، وقد تَقَدَّمَ الكلام فيه في (باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا) ما ذُكِرَ فيه، والله أعلم.

قوله: (قُلْتُ: لَبَّيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (الحجِّ).

قوله: (الْحَقْ): هو بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وبفتح الحاء، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أَهْلِ الصُّفَّةِ)، وما هي (الصُّفَّة)، وأنَّ صاحب «الحِلْية» عدَّ منهم مئة ونيِّفًا، وقدَّمت أنَّ الإمام السَّهْرَوَرْدِيَّ قال في «عوارفه»: إنَّهم كانوا نحوَ أربع مئة، والله أعلم.

[ج 2 ص 679]

قوله: (وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال ابن القوطيَّة: شركتك في الأمر شِرْكًا وشِركةً: صرت لك شريكًا، وفي المال كذلك، وأشرك الكافرُ بالله: جعل له شريكًا، والنَّعْلَ: جعلتَ لها شراكًا، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (شرك) و (أشرك).

قوله: (فَأَعْطِهِمْ): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ): هو بفتح الراء، وكسر الواو، وفتح الياء.

(1/11586)

[حديث: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله.]

6453# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل) بعده: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (سَعْد): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة رضوان الله عليهم أجمعين.

قوله: (إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ): تَقَدَّمَ أنَّ رميه ذلك كان في سريَّة عبيدة بن الحارث بن المُطَّلِب، وكان عليه السلام بعث عبيدة في ستِّين _أو ثمانين_ راكبًا من المهاجرين، والقصَّة معروفةٌ، وقد رمى سعدٌ بسهمٍ في سبيل الله فيها، وكان أوَّلَ سهمٍ رُمِيَ به في سبيل الله، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (مناقب سعد)، وتَقَدَّمَ هناك أيضًا أنَّه أوَّل من أراق دمًا في الإسلام، ويُقال: بل أوَّلُ من أراق دمًا في الإسلام طُلَيب بن عُمَير، ذكر القولَين ابنُ عَبْدِ البَرِّ في ترجمة طُلَيب في «الاستيعاب»، والله أعلم.

قوله: (وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو): هو بضَمِّ تاء (رأيتُنا)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ): تقدَّم، وكذا (السَّمُرُ)، وكذا (مَا لَهُ خِلْطٌ)، وكذا (بَنُو أَسَدٍ)، وأنَّ النَّوَويَّ قال: إنَّهم بنو الزُّبَير بن العَوَّام، وتَقَدَّمَ ما وقع لابن بَطَّال فيه من الغلط، وكذا تَقَدَّمَ (تُعَزِّرُنِي) ما معناه، كلُّ ذلك في (مناقب سعد).

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11587)

[حديث: ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بر]

6454# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (قُبِض): بضَمِّ القاف، وكسر المُوَحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11588)

[حديث: ما أكل آل محمد أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر]

6455# قوله: (حَدَّثَنا [1] إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا الرجل بغويٌّ، يُلَقَّب لؤلؤ، وهو ابن عمِّ أحمد بن مَنِيع، روى عن وكيع، وإسحاقَ الأزرقِ، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد بن عمرو البزَّار، وابن أبي داود، ومُطَيَّن، ومُحَمَّد بن مَخْلد، وآخرون، وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنيُّ وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (259 هـ) في شعبان، أخرج له البُخاريُّ، و (إِسْحَاقُ؛ هُوَ الْأَزْرَقُ): هو إسحاق بن يوسف بن مرداس، أبو مُحَمَّد المخزوميُّ الواسطيُّ الأزرق، أحد الأعلام، عن الأعمش، وابن عون، وزكريَّاء بن أبي زائدة، وفُضَيل بن غزوان، وعبد الملك بن أبي سليمان، وطائفةٍ، وأَكْثَرَ عن شَريك، وعنه: أحمد، وابن معين، وتميم بن المنتصر، وخلقٌ، قيل لأحمد: أثقةٌ هو؟ قال: إي والله، وقال أبو حاتم: صحيحُ الحديث، صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة (195 هـ)، أخرج له الجماعة، و (مِسْعَر): هو بكسر الميم، وإسكان السين، وفتح العين، و (كِدَام): بكسر الكاف، وتخفيف الدال المُهْمَلَة، و (هِلَال): هو هلال بن أبي حُمَيد، ويُقال: ابن حُمَيدٍ، ويُقال: ابن عبد الله، ويُقال: ابن مقلاص، الجهنيُّ مولاهم، الكوفيُّ، أبو عمرو، ويُقال: أبو أُمَيَّة، ويُقال: أبو الجهم، الصيرفيُّ الجِهْبِذُ الوزَّان، عن عبد الله بن عُكَيم، وعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وعروة بن الزُّبَير، وعنه: مِسْعَر، وشعبة، وشيبان، وإسرائيل، وشَريك، وابن عُيَيْنَة، وطائفةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال ابن عُيَيْنَة: كان هلال الوزَّان قد كَبِر، وكان يكتب على البيدر في الشهر بعشرة دراهم، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (أَكْلَتَيْنِ): هو بفتح الهمزة: المَرَّة، وأمَّا بالضَّمِّ؛ فاللقمة، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليهما: (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 680]

(1/11589)

[حديث: كان فراش رسول الله من أدم وحشوه من ليف]

6456# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): هو ابن شُمَيل الإمام، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يلتبس بـ (نصر)؛ بالصاد.

قوله: (مِنْ أَدَمٍ): هو بفتح الهمزة والدال، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/11590)

[حديث: كلوا فما أعلم النبي رأى رغيفًا مرققًا]

6457# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وأنَّه يُقال له: هدَّاب أيضًا.

قوله: (وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ): خبَّاز أنس تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11591)

[حديث: كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارًا]

6458# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتَقَدَّمَ أنَّ مَن يُقال له: يحيى، ويروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في الكتب أو بعضِها جماعةٌ؛ هذا أحدهم، والثاني: يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي زكريَّا أبو مروان الغسَّانيُّ، ويحيى بن سعيد الأمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن مُحَمَّد بن قيس أبو زُكير، ويحيى بن يمان، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11592)

[حديث: إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين]

6459# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هذا الحديث هو ثابتٌ في بعض النسخ، وهو في أصلنا نسخةٌ، ومكتوبٌ في الطُّرَّة، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل، لكن كتب عليه (لا ... إلى) من أوَّله إلى آخره، وهو ثابتٌ في نسخة الدِّمْيَاطيِّ، و (ابن أبي حازم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، عبد العزيز بن أبي حَازم سلمةَ بنِ دينار.

قوله: (يَا [1] بْنَ أُخْتِي): تقول ذلك لعروة بن الزُّبَير بن العَوَّام؛ لأنَّه ابنُ أختها أسماءَ بنتِ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما، وأسماءُ أختُ عائشةَ لأبيها فقط.

قوله: (ثَلَاثَةً): هو مَنْصُوبٌ مُنَوَّن في أصلنا، ونصبُه على أنَّه مفعولٌ مطلقٌ، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (ثلاثةَ أَهِلَّةٍ) [2].

قوله: (فَمَا [3] كَانَ يُعِيْشُكُمْ؟): هو بضَمِّ أوَّله، وسكون الياء المُثَنَّاة تحت، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: وأعاشه الله سبحانه عيشةً راضيةً، ولا أعلمه بالتشديد، وهو معدًّى بالهمزة، لا بالتضعيف، إلَّا ما حكاه الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في أواخره مقتصرًا عليه.

قوله: (كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ): (المنائح): جمع (مَنيحةٍ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (المِنحة)، و (المَنيحة) ما هي.

(1/11593)

[حديث: اللهم ارزق آل محمد قوتًا]

6460# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو ابن أبي شيبة فيما يظهر، ومستندي أنَّ الحافظ عَبْدَ الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في الرواة عن مُحَمَّد بن فُضَيل

[ج 2 ص 680]

مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سواه، وكذا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، وقد تَقَدَّمَ في (الجمعة) ما قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ من اطِّراد صنيع البُخاريِّ؛ أنَّه إذا قال: (حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد)؛ أنَّه الظاهر أنَّه المسنَديُّ، والله أعلم، و (مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، معروفٌ، ووالده فُضَيل بن غزوان بن جَرِير الضَّبِّيُّ مولاهم، و (عُمَارَة): هو بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هرم، وقيل غير ذلك.

قوله: (قُوتًا): تقدَّم، وأنَّه ما يَسدُّ [1] الرَّمَقَ.

(1/11594)

[باب القصد والمداومة على العمل]

قوله: (بَابُ الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ): (القَصْد): الوسط بين الطَّرَفَين.

(1/11595)

[حديث: أي العمل كان أحب إلى النبي قالت الدائم]

6461# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدان لقبٌ له، و (أَشْعَث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالثاء المُثَلَّثَة، وهو ابن سُليَم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، أبو الشعثاء، وأنَّ أشعبَ _بالمُوَحَّدة_ ذاك الطامعُ، وهو فردٌ.

قوله: (إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ): (الصارخ): هو الدِّيكُ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه يصيح نصفَ الليل.

فائدةٌ: ذكر شيخُنا العِرَاقيُّ في «سيرته»: أنَّه عليه السلام كان له ديكٌ أبيضُ، وعزا ذلك إلى المُحِبِّ.

==========

[ج 2 ص 681]

(1/11596)

[حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله]

6463# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): هو ابن أبي إياس العسقلانيُّ، (عَنِ [1] ابْن أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ مترجمًا، ووقع في أصلنا: (حدَّثنا ابن ذئب)، وهو غلطٌ، وقد سقط (أبي)، وغَفِل عنها المقابلُ والقارئُ، واعلم أنَّه إذا كان الساقط من الأصل يسيرًا يُعلَم أنَّه سقط في الكتابة وهو مَعْرُوفٌ؛ كهذا وكحرفٍ لا يَخْتَلِف المعنى به؛ فلا بأسَ بإلحاقه في الأصل من غير تنبيهٍ على سقوطه، وقد سأل أبو داود أحمدَ ابنَ حنبل، فقال: وجدت في كتابي (حجَّاج عن جريج عن أبي الزُّبَير)، يجوز لي أن أُصلِحه: (ابن جُرَيجٍ)؟ فقال: أرجو أن يكون هذا لا بأسَ به، وقيل لمالك: أرأيتَ حديث النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يُزاد فيه الواو والألف والمعنى واحدٌ؟ فقال: أرجو أن يكون خفيفًا، والمسألة معروفةٌ في علوم الحديث، والله أعلم، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبريُّ، وأنَّ (المقبريَّ) بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.

قوله: (وَشَيْءٌ مِنْ الدُّلْجَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوائل هذا التعليق، وعلى معنى الحديث المذكورة فيه.

قوله: (وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا): معناه: عليكم بالقصد في الأمور في القول والفعل؛ وهو الوسط بين الطرفين، وهو مَنْصُوبٌ على الإغراء؛ أي: الزموا القصدَ، ويحتمل أن يكون نصبُه على المصدر، وكُرِّرَ للتأكيد.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[ج 2 ص 681]

(1/11597)

[حديث: سددوا وقاربوا واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة]

6464# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمَ أبي سلمة عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّهُ [1] لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72] في (كتاب الإيمان).

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أنْ).

[ج 2 ص 681]

(1/11598)

[حديث: أي الأعمال أحب إلى الله؟]

6465# قوله: (اكْلَفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ): (اكلَفوا): بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وبفتح اللام، قال ابن قُرقُول: («اكلفوا من العمل ما تطيقون»: كلِفت بالشيء: أُولِعْتُ به، ثُلاثيٌّ مفتوح اللام في المضارع، مكسورُها في الماضي، ووقع عند بعض شيوخنا بألف القطع ولامٍ مكسورة، ولا يصحُّ عند أهل العربيَّة، انتهى، وما قاله ابن قُرقُول هو الذي رأيته في كتب اللغة التي وقفت عليها، وقال شيخُنا: (اكلَفوا)؛ بفتح اللام، وقال ابن التين: قرأناه بالضَّمِّ، وهو بالفتح في كتب اللغة، انتهى.

==========

[ج 2 ص 681]

(1/11599)

[حديث: يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي]

6466# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً): أي: دائمًا متَّصلًا، و (الدِّيمة)؛ بكسر الدال المُهْمَلَة: المطر الدائم في سكونٍ.

==========

[ج 2 ص 681]

(1/11600)

[حديث: سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لا يدخل أحدًا الجنة عمله]

6467# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ): هو بكسر الزاي، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة أيضًا، ثُمَّ قاف، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، يقال: زبرقت الثوب؛ أي: صفَّرته، والزِّبْرِقَان: القمر، والزِّبْرِقَان أيضًا: خفيف العارضين، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، وهو أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَأَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِنَّهُ لَن يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ): (عملُهُ): مَرْفُوعٌ فاعلُ (يُدخِل)، و (أحدًا): مَنْصُوبٌ مُنَوَّنٌ مفعولٌ.

قوله: (قَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ): قائل ذلك هو موسى بن عقبة، و (أبو النَّضْر)؛ بالضاد المُعْجَمَة: اسمه سالم بن أبي أُمَيَّة مولى عمر بن عبيد الله التيميِّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): أمَّا (عَفَّانُ)؛ فهو ابن مسلم، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، إلَّا أن الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (وُهَيب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد.

(1/11601)

[حديث: قد أريت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار]

6468# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، واسمُ والد فُلَيْحٍ سليمانُ.

قوله: (ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ): هو بكسر القاف، ويجوز فتحها، ويجوز [1] (رقأ)؛ بهمزة في آخره، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 681]

قوله: (قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ): (قِبَل): بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف.

قوله: (فِي قُبُلِ هَذَا الْجِدَارِ): (قُبُل): بضَمِّ القاف والمُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11602)

[باب الرجاء مع الخوف]

قوله: (بَابُ الرَّجَاءِ مَعَ الْخَوْفِ): (الرجاء): ممدودٌ، وهو ضدُّ الخوف، واعلم أنِّ الخوفَ والرجاءَ مقامان لا بدَّ للإيمان منهما، ثُمَّ اعلم أنَّ الشخص له حالتان: حالة صِحَّة، وحالة مرضٍ، ففي حالة الصِّحَّة فيها وجهان؛ أحدهما: أن يكون رجاؤه وخوفُه سواءً، قال النَّوَويُّ في «شرح المهذَّب»: وهو الأظهرُ، وجزم في «رياضه» بأنَّهما في حال الصِّحَّة يكونان على السواء، ولم يحكِ خلافًا، والثاني: أن يكون خوفُه أرجحَ، وصحَّحه القاضي حسينٌ، وللغزاليِّ في «الإحياء» في ذلك كلامٌ مطوَّلٌ فيه تفاصيلُ، فإن أردته؛ فانظره، وقد ذكرته في المُسَوَّدَة، وأمَّا في حالة المرض؛ فيكون رجاؤه أرجحَ، ويحتمل أن يُقال: إنَّه يتمحَّض الرجاء، وفي حفظي أنِّي رأيتُه منقولًا كذلك.

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68]): (سفيان) هذا: هو [ ... ] [1].

==========

[1] في (أ) بياض.

[ج 2 ص 682]

(1/11603)

[حديث: إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة]

6469# قوله: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِئَةَ رَحْمَةٍ): إن قيل: كيف هذا؟ وذلك لأنَّ الرحمة صفةٌ لله عزَّ وجلَّ، وهي إمَّا صفةُ ذاتٍ أو صفةُ فعلٍ، فإن كانت صفةَ ذاتٍ؛ فقديمةٌ، وإن كانت صفةَ فعلٍ؛ فكذا عند الحنفيَّة؟ وجوابه: أنَّ عند الأشعريِّ صفةُ الفعل حادثةٌ، وأصلُ الرحمةِ النعمةُ، وبه فُسِّر قولُه تعالى: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98]، وفي «الصحيح»: «جعل الله الرحمة في مئة جزء»، لا بلفظ (خلق)، والله أعلم.

(1/11604)

[باب الصبر عن محارم الله]

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ): (عمرُ): هو ابن الخَطَّاب، أبو حفصٍ، الخليفةُ الفاروقُ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11605)

[حديث: ما يكن عندي من خير لا أدخره عنكم]

6470# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَعِيد): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ): هؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (حَتَّى نَفِدَ): هو بكسر الفاء، وبالدال المُهْمَلَة؛ أي: فَرَغ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (يُعِفَّهُ اللهُ): تَقَدَّمَ أنَّ مثلَه الأفصحُ فيه الضمُّ، وهو الذي نصَّ عليه سيبويه، ويجوز فتحه، وهو الجاري على ألسنة الناس.

قوله: (تُعْطَوْا): هو بفتح الطاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11606)

[حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا.]

6471# قوله: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين المُهْمَلَة، وهو ابن كِدَام، تَقَدَّمَ، و (زِيَادُ بْنُ علَاقَةَ): بكسر العين وفتحها.

قوله: (قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَلَّثَة مفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة ساكنة، وهذا ظاهِرٌ، ولا يتصحَّف، غير أنِّي رأيت مَن يُقَدِّم المُثَنَّاة على المُثَلَّثَة، وهذا تصحيفٌ وخطأٌ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11607)

[باب: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}]

(1/11608)

[حديث: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب]

6472# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة البقرة)، وفي غير ذلك، و (رَوح بن عبادة): بفتح الراء، وقال بعضهم: وبضمِّها، و (حُصَيْن بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح.

قوله: (هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ): تَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم»: «لا يرقون ولا يسترقون»، وتَقَدَّمَ من كلام أبي العَبَّاس ابن تيمية: أنَّ (يرقون) مقحمةٌ في الحديث، قال: ولهذا لم يذكرها البُخاريُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11609)

[باب ما يكره من قيل وقال]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وأنَّهما فعلان، ويُقال: مصدران، وما معناهما.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11610)

[حديث: لا إله إلا الله وحده لا شريك له]

6473# قوله: (أَخبرنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، حافظ بغدادَ.

قوله: (أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ؛ مِنْهُمْ: مُغِيرَةُ، وَفُلَانٌ [1]، وَرَجُلٌ ثَالِثٌ): (مغيرة) هذا: هو ابن مِقْسَم، والاثنان لا أعرفهما، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيلَ.

قوله: (أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على الرواية بالكتابة، سواء قرنها بالإجازة أو جرَّدها، وكلاهما صحيحٌ، مُطَوَّلًا.

قوله: (عَنْ قِيلَ وَقَالَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّهما فعلان، ويُقال: مصدران، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ في معناهما، وتَقَدَّمَ [2] الكلام على (كَثْرَةِ السُّؤَالِ)، وعلى (إِضَاعَةِ الْمَالِ)، وعلى (مَنْعٍ)، وَعلى (هَاتِ)، وعلى (عُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ)، وعلى (وَأْدِ الْبَنَاتِ).

قوله: (وَعَنْ هُشَيْمٍ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن عليِّ بن مسلم، عن هُشَيم، عن عبد الملك بن عمير به، وليس تعليقًا.

==========

[1] زيد في (أ): (وفلان)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[2] في (أ): (وعلى تَقَدَّمَ)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 682]

(1/11611)

[باب حفظ اللسان]

(1/11612)

[حديث: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة]

6474# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه منسوب إلى جده مقدَّم؛ بفتح الدال المُهْمَلَة المُشَدَّدة، اسمُ مفعولٍ، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ): يعني: لسانه، وقيل: بطنه، و (اللّحي)؛ بفتح اللام وكسرها: عظم الأسنان الذي تنبت عليه اللحيةُ.

قوله: (وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ): يعني: فَرْجَهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنَا).

[ج 2 ص 682]

(1/11613)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا]

6475# قوله: (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن [بن] عوف الزُّهْرِيُّ، وأنَّ اسمَه عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11614)

[حديث: الضيافة ثلاثة أيام جائزته]

6476# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، و (سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبريُّ؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها وكسرها، و (أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بالشين

[ج 2 ص 682]

المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه خُوَيلد بن عمرو، وقيل: بالعكس، وقيل: كعب بن عمرو، وقيل: هانئ بن عمرو، وتَقَدَّمَ أنَّه حمل لواءَ قومه يومَ الفتح، وكان من العقلاء، وقد أنكر على عمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكَّة، وتَقَدَّمَ الكلام في ذلك.

قوله: («جَائِزَتُهُ»، قِيلَ: مَا جَائِزَتُهُ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»): تَقَدَّمَ الكلام على (جائزته).

(1/11615)

[حديث: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالًا]

6478# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيْرٍ) [1]: هو بضَمِّ الميم، وكسر النون، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، تَقَدَّمَ، و (النَّضْر) بعده: بالضاد المُعْجَمَة، هو ابن شُمَيل الإمام، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ): هو بفتح أوَّله، وكسر الواو؛ أي: يسقط، وهو في أصلنا الآن مضبوطٌ ثلاثيًّا ورُبَاعيًّا، والرُّباعيُّ طارئٌ عليها، قال ابن قُرقُول لمَّا ذكر (هوى) بمعنى: سقط؛ قال: وزعم بعضُهم أنَّ صواب هذا الحرف: أهوى إلى الأرض، وكذا جاء في «البُخاريِّ» في (الوفاة)، ولم يَقُل شيئًا، إنَّما يُقال من السقوط: هَوَى، ومنه: «فهو يهوي في النار»، أي: ينزل ساقطًا، وقيل: أهوى: من قريب، وهَوَى: من بعيد، انتهى.

(1/11616)

[حديث: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها]

6477# قوله: (حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو عبد العزيز بن أبي حَازم _بالحاء المُهْمَلَة_ سلمةَ بن دينار، تَقَدَّمَ، و (يَزِيد) بعده: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثيُّ، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو التيميُّ.

قوله: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ ... ) إلى آخره: قال ابن عَبْدِ البَرِّ: هي الكلمة عند السُّلطانِ الجائرِ، وقال ابن عبد السلام: هي الكلمة التي لا يُعرَف حسنُها من قُبْحِها، ويَحْرُم على الإنسان أن يتكلَّم بما لا يعرف حُسنَه مِن قُبْحِه.

قوله: (مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا): أي: ما يفكِّر أخيرٌ هي أم شرٌّ؟

==========

[ج 2 ص 683]

(1/11617)

[باب البكاء من خشية الله]

(1/11618)

[حديث: سبعة يظلهم الله رجل ذكر الله ففاضت عيناه]

6479# قوله: (حَدَّثَني [1] مُحَمَّدُ بن بَشَّار): تَقَدَّمَ أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ) بعده: هو عُبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة.

قوله: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ [2]): ذكر هذا الحديثَ مختصرًا، فلم يذكر مِن السبعة غير الباكي من خشية الله، وقد ذكرهم مجموعًا مَرَّاتٍ، وقد قال الإمامُ قاضي المسلمين تاجُ الدين أبو نصر ابن شيخ الإسلام تقيِّ الدين عليِّ بن عبد الكافي السُّبكي قال: أنشدونا للشيخ شهاب الدين أبي شامة:

…~…وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى إِنَّ سَبْعَةً…يُظِلُّهُمُ اللهُ العَظِيمُ بِظِلِّهِ

…~…عَفِيفٌ مُحِبٌّ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ…وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالإِمَامُ بِعَدْلِهِ

وقد أنشدني بعضُهم بيتين يجمع أحدهما السبعةَ، وهما:

…~…إِمَامٌ مُحِبٌّ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ مُصَلٍّ…وَبَاكٍ خَائِفٌ سَطْوَةَ البَاسِ

…~…يُظِلُّهُمُ الرَّحْمَنُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ إِذَا…كَانَ يَوم الحَشْرِ لَا ظِلَّ لِلنَّاسِ

قوله: (يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ [3]): يعني: ظلَّ عرشه، كما جاء في الحديث الآخَرِ، وإضافته إضافةُ مُلكٍ، أو على حذف مضافٍ، أو يريد بذلك ظلًّا من الظِّلال، وكلُّها لله، وكلُّ ما أكنَّ؛ فهو ظلٌّ، وظلُّ كلِّ شيء: كِنُّه، وقد يكون (الظلُّ) بمعنى الكنف والستر، ويكون بمعنى: في خاصَّته ومَن يدني منزلته ويخصُّه بكرامته في الموقف، وقد قيل هذا في قوله: (السلطان ظلُّ الله في الأرض)؛ أي: خاصَّته، وقيل: ستره، وقيل: عزُّه، وقد يكون الراحة والنعيم؛ كما يُقال: عيشٌ ظليلٌ؛ أي: طيِّبٌ، ومنه: «في ظلِّ شجرة يسير في ظلِّها خمس مئة عامٍ»؛ أي: في ذراها وكنفها، أو راحتها ونعيمها، قاله ابن قُرقُول في «مطالعه»، وفي «النهاية» لابن الأثير: (سبعة في ظلِّ العرش)؛ أي: في ظلِّ رحمته، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنَا).

[2] (في ظِلِّه): ليست في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي ثابتة في رواية الحديث (660) و (6806).

(1/11619)

[3] (في ظِلِّه): ليست في «اليونينيَّة» و (ق)، وقد تقدَّم أنَّها ثابتةٌ في رواية الحديث (660) و (6806).

[ج 2 ص 683]

(1/11620)

[باب الخوف من الله]

(1/11621)

[حديث: كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله]

6480# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء، وإسكان المُوَحَّدة، مشدَّد الياء؛ كالمنسوب إلى (الربيع)، وهو ابن حِرَاش، و (حُذَيْفَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن اليماني حُسَيلٍ، ويُقال: حِسْل، وتَقَدَّمَ أنَّ حُسَيلًا صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ): سيأتي أنَّه كان نبَّاشًا، قال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: جاء في وصف هذا أربعةُ أشياء؛ أحدها: أنَّه كان نبَّاشًا، وهذا في «البُخاريِّ»، والثاني: أنَّه كان من بني إسرائيل، وهذا في «البُخاريِّ» ما يرشد إليه، فإنَّه ذكره في بني إسرائيل، والثالث: أنَّه آخِرُ أهلِ النار خروجًا منها، والرابع: أنَّه كان يقول: أجرني من النار؛ مقتصرًا على ذلك، ثُمَّ ذكر للأَوَّلَينِ _أنَّه كان نبَّاشاً، ومن بني إسرائيل_ حديثًا من «الطَّبَرانيِّ»، قال: وأمَّا الثالث؛ ففي «صحيح أبي عوانة» في (باب صفة الساعة) ... ؛ فذكر الحديثَ، وفيه: (فيقول الله تعالى: انظروا من النار، هل مِن أحدٍ عَمِل خيرًا ... ) إلى أن قال: (ثُمَّ يخرجون من النار رجلًا آخَرَ، فيقول: هل عملتَ خيرًا قطُّ؟ فيقول: لا، غير أنِّي أمرت ولدي: إذا متُّ؛ فأحرِقوني)، قال: وأمَّا الرابع؛ ففي «الزهد» لابن المبارك عن عوف بن مالك الأشجعيِّ: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «قد علمتُ آخرَ أهلِ الجنَّة دخولًا؛ رجلٌ كان يسأل الله عزَّ وجلَّ في الدنيا أن يجيره من النار، ولا يقول: أدخلْنِي الجنَّةَ ... »؛ فذكر الحديث، ثُمَّ ذكر جوابًا عن اعتراضٍ قد يُعتَرَض به، ثُمَّ قال: وحيث ثبت هذا؛ فيكون هو الذي يُعرَض عليه صغار ذنوبه ويُشفِق من كبارها، ففي «مسلم» ... ؛ فذكره، قال: وينبغي أن يُعَدَّ هذا أمرًا خامسًا، ثُمَّ قال: وفي «تذكرة القرطبيِّ»: (آخِرُ مَن يدخل الجنَّة رجلٌ من جُهَينة يقال له: جهينة)، ذكره الميَانشيُّ، وقد قيل: إنَّ اسمَه هنَّاد، انتهى، وهذا قد قدَّمتُه في (الصلاة) في (السجود)، وهو آخرُ مَن يخرج من النار ويدخلُ الجنَّة، والله أعلم.

(1/11622)

قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: قيل: إنَّ هذا اسمُه جهينةُ؛ وذلك أنَّ في «صحيح أبي عوانة» عن أبي بكر: أنَّ هذا الرجل هو آخِرُ أهلِ النار خروجًا منها، وفي «الرواة عن مالكٍ» للخطيب من رواية ابن عمر: آخِرُ مَن يدخل الجنَّة رجلٌ من جُهينة، يقول أهل الجنَّة: عند جهينة الخبرُ اليقين، انتهى، وقال السُّهَيليُّ: إنَّ اسمَه هنَّاد، فلعلَّ أحدَهما اسمٌ، والآخرَ اللقبُ.

قوله: (فَذَرُّونِي): هو بضَمِّ الراء المُشَدَّدة، ومعناه معروفٌ.

قوله: (فِي يَوْمٍ صَائِفٍ): قال ابن قُرقُول: كذا للكافَّة ههنا في حديث ابن أبي شيبة؛ يعني: هذا الحديث، فإنَّه من رواية عثمان ابن أبي شيبة، قال: ورواه بعضهم: (في يوم عاصف)؛ وهو المعروف، انتهى، و (اليوم العاصف): اليوم الشديد الرِّيحِ، يقال: عصفت الريح وأعصفت.

قوله: (إِلَّا مَخَافَتُكَ): هو مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه استثناءٌ مفرَّغٌ.

==========

[ج 2 ص 683]

(1/11623)

[حديث: أي عبدي ما حملك على ما فعلت قال مخافتك]

6481# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ قَبْلَكُمْ): هذا هو الرجل المذكور أعلاه، وقد علمت أنَّه كان نبَّاشًا، وكان من بني إسرائيل، والله أعلم.

قوله: (آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا؛ يَعْنِي: أَعْطَاهُ): (آتاه): بمدِّ الهمزة.

قوله: (فَلَمَّا حُضِرَ): هو بضَمِّ الحاء، وكسر الضاد المُعْجَمَة؛ أي: جاءَه الموتُ.

قوله: (أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ [1]؟): (أيَّ): مَنْصُوبٌ، ونصبُه معروفٌ على أنَّه خبرٌ مقدَّمٌ.

قوله: (لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا، فَسَّرَهَا قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ): (يَبْتَئِر): بمُثَنَّاة تحت مفتوحة؛ ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ راء،

[ج 2 ص 683]

قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: عند أبي زيد المروزيِّ بالزاي، قال القاضي: وعند الأصيليِّ داخلَ كتابه: (ينْتَبئر)؛ بنون وراء، وصحَّح عليه، وعند ابن السكن: «ينتئر» أو «يبتئر»، وهما بمعنًى، وُجِدَ بخطِّ القاضي رحمه الله بخطِّ يده في داخل الكتاب: (ينتئر)، وكُتِب عليه في مقابلته في الحاشية: كذا، عند أبي زيدٍ بالزاي قرأه، وداخل كتاب الأصيليِّ: (ينتئر) صحيحٌ، قلت: هذا كلُّه ممَّا نقلته من خطِّ القاضي أبي الفضل رحمه الله بخطِّه، ومن خطِّه أيضًا في الحاشية: وعند ابن السكن: (لم يأتبر) و (يبتئر)، وهما بمعنًى، وأنشد الأصيليُّ:

~…فَإِنْ لَمْ تَأْتَبِرْ رُؤَسَا قُرَيْشٍ…فَلَيْسَ لِسَائِرِ النَّاسِ ابْتِئَارُ

(1/11624)

وفي رواية: (يبتهر)، وفي رواية أخرى: (ما ابتأر)؛ بالهمز، هكذا في «مسلم»، وفسَّره: «لم يدَّخر»، وفي روايةٍ لمسلمٍ أيضًا: (ما امتأر)؛ بالميم، انتهى، وفي «النهاية»: (فلم يبتئر خيرًا) _على ما ضبطتُه في أوَّل الكلام_: أي: لم يقدِّم لنفسه خبيئةَ خيرٍ، ولم يدَّخر، تقول منه: بأَرْتُ الشيءَ وابتأَرْتُه أَبْأَرُه وأَبتئِرُه، انتهى، ولم يذكر غيرَه، انتهى، وتعقَّب المحبُّ الطَّبَريُّ رواية: (لم يبتهر)، فقال: الابتهار: ادِّعاء الشيء كذبًا، فإن كان صادقًا؛ فهو الابتئار، على قلب الهاءِ ياءً، ولعلَّه: (لم يبتئر)، فصُحِّف، وإن صحَّ النقل؛ فيكون وضع أحدهما موضِعَ الآخر، والله أعلم.

قوله: (فَأَحْرِقُونِي): هو بهمزة مفتوحة أوَّله، وكسر الراء، رُباعيٌّ.

قوله: (فَاسْحَقُونِي، أَوْ قَالَ: فَاسْهَكُونِي): أمَّا معناه بالحاء؛ فقال ابن قُرقُول: دُقُّوني إذا أحرقتموني؛ بدليل بقيَّة الحديث: (ليُذرَى رماده في الريح)؛ كما قال: (فإذا كان يوم ريحٍ عاصفٍ؛ فأذروني فيها) انتهى، وأمَّا بالهاء؛ فلم يذكر في معناها ابنُ قُرقُول ولا ابنُ الأثير شيئًا، وهي بمعنى: اسحقوني، يُقال: سهَكَه يسْهَكه سَهْكًا: لغةٌ في (سحقه)، قاله الجوهريُّ، انتهى، وهذا شكٌّ من الراوي هل قال هذا أو هذا.

قوله: (فَأَذْرُونِي فِيهَا [2]): هو بقطع الهمزة، قال ابن قُرقُول: (وذرُّوني)، وفي رواية: (أذروني)، وفي رواية: (أذروا نصفي): فرِّقوه في البحر مقابلَ الرِّيحِ لتنتشر أجزاءُ رمادِه ويتبدَّد، يُقال: ذريت الشيءَ وذروتُه ذَريًا وذَروًا، وأذريت أيضًا؛ رُباعيٌّ، وذرَّيتُ _ بالتشديد_؛ إذا بدَّدتَه وفرَّقتَه، وقيل: إذا طرحتَه مقابلَ الريح كذلك، مثله النَّسْفُ، وقال شيخُنا: (فذُرُّوني)؛ أي: فرِّقوني، وهو بضَمِّ الذال، ثلاثيٌّ متعدٍّ، قال الجوهريُّ وغيرُه: تقول: ذرَرْتُ الملحَ والدواءَ والحَبَّ أذروه ذرًّا: فرَّقتُه ... إلى أن قال: ويصحُّ فتح الذال من ذَرَّتِ الريحُ الشيءَ تذروه؛ أي: تفرِّقُه، ومنه قوله تعالى: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45]، وقال ابن التين: قرأناه بالفتح، ورَويناه بالضَّمِّ.

قوله: (أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ): (الفَرَق): بفتح الفاء والراء، وبالقاف؛ وهوالفَزَع.

قوله: (فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ): (تلافاه)؛ أي: تداركه، قال الجوهريُّ: وتلافيتُه: أدركتُه، ذكره في (المعتلِّ).

(1/11625)

قوله: (فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ): القائل: (فحدَّثت أبا عثمان): هو سليمان بن طرخان التيميُّ، والد المعتمر، وهو مذكورٌ في سند الحديث، و (أبو عثمان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدمت اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (سلمان): هو الفارسيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه.

قوله: (فَاذْرُونِي): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، فمَن قاله ثلاثيًّا؛ كانت همزتُه همزةَ وصلٍ [3]، ومَن قاله رباعيًّا؛ كانت همزتُه همزةَ قطعٍ [4].

قوله: (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (معاذ)؛ فهو ابن معاذ التميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، عن حميد والتيميِّ، وعنه: ابناه: عبيدُ الله ومثنَّى، وأحمدُ، وبُنْدَار، قال أحمد: إليه المنتهى في الثَّبْت بالبصرة، مات سنة (196 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، وهذا تعليقٌ مجزومٌ به، وإنَّما أتى بهذا التعليق؛ لأنَّ قتادةَ مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل عن عقبة، وفي هذا صَرَّحَ بالتحديث، وكذا عقبةُ بن عبد الغافر صَرَّحَ بالتحديث من أبي سعيد في هذا، وفي الأوَّل عنعن، فأتى به؛ فإنَّ فيه التصريحَ من أبي سعيد، وإن كان عقبةُ ليس مُدَلِّسًا، لكن ليخرج من الخلاف في العنعنة، والله أعلم، وتعليق معاذ في «مسلم» في (التوبة) أخرجه عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه به.

(1/11626)

[باب الانتهاء عن المعاصي]

(1/11627)

[حديث: مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قومًا]

6482# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّه] بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه اسمه الحارث أو عامرٌ، القاضي، ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ.

قوله: (بِعَيْنَيَّ): هو تثنية (عين)، وكذا هو مشدَّد الياء في أصلنا.

قوله: (وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ): تَقَدَّمَ الكلام على (النذير العُريان)، وقال شيخُنا هنا: و (النذير العُريان): رجلٌ من خَثْعَم، حمل عليه رجلٌ يوم ذي الخَلَصَة _وهو عوف بن عامر_ فَقَطَّ يده ويدَ امرأته، فرجع إلى قومه، وزعم ابن الكلبيِّ أنَّ (النذير العُريان): هي امرأةُ رقبة بن عامر بن كعب، لمَّا خَشِيَ زوجُها ... إلى آخر كلامه، ويُقال: إنَّ أوَّل مَن فعله أبرهةُ الحبشيُّ، لمَّا أصابته الرميةُ بتهامة حين غزا البيت، وفي «المؤتلف والمختلف» لأبي بشر الآمديِّ: زنبر _بالنون_ ابن عمرو الخثعميُّ، الذي يقال له: النذير العُريان، هذا ملخَّصٌ مِن كلام شيخنا.

قوله: (الْعُرْيَانُ): هو بالعين المُهْمَلَة المضمومة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ بالمُثَنَّاة تحت، قال الخَطَّابيُّ: ورواه مُحَمَّد بن خالد بباء مُوَحَّدة، فإن كان محفوظًا؛ فمعناه: المُفْصِح بالإنذار، لا يُكَنِّي ولا يُورِي، يقال: رجلٌ عَرَبَان؛ أي: فصيحُ اللسان، و (العَرَبان) في رواية مُحَمَّد بن خالد: بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالمُوَحَّدة.

قوله: (فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ): قال ابن قُرقُول: (فالنجا النجا): مقصورٌ؛ يعني: التخلُّص، وكذلك النجاة، وقد يُمَدُّ فيُقال: نجاء، حكاها ابن ولَّاد، والأوَّل أشهر، وفي «الأفعال»: نجا من المكروه: خلص، وكلُّ شيء: أسرع، وهو عندي بمعنى: سبق وفات، انتهى، وفي «النهاية»: (فالنجاء النجاء)؛ أي: انجوا بأنفسكم، وهو مصدرٌ مَنْصُوبٌ بفعلٍ مُضمَرٍ؛ أي: انجوا النجاء، وتَكراره للتأكيد، وقد تَكرَّر في الحديث، و (النجاء): السرعة، يقال: نجا ينجُو نجاءً؛ إذا أسرع، ونجا من الأمر: إذا خلص، وأنجاه غيرُه، انتهى، وفي «الصحاح»: نجوتُ من كذا نجاء؛ ممدودٌ، ونجاةً؛ مقصورٌ، انتهى.

فالحاصل:

[ج 2 ص 684]

(1/11628)

أنَّه بالقصر والمدِّ، والجوهريُّ لم يذكر غير الممدود، وابن قُرقُول ذكره، غير أنَّه قال: إنَّ المقصورَ أشهرُ.

قوله: (فَأَدْلَجُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (أدْلَج) و (ادَّلج)، قال شيخُنا: ضبطه الدِّمْيَاطيُّ _يعني: هنا_ بتشديد الدال.

قوله: (فَاجْتَاحَهُمْ): أي: استأصلهم.

(1/11629)

[حديث: إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارًا]

6483# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن هرمز الأعرج، و (أَبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (جَعَلَ الْفَرَاشُ): هو ما تطاير من الذُّباب والبَعُوض، ما يطير بالليل ويتساقط في النار، الواحد والجمع سواءٌ، قاله ابن دريد، وقال غيره: يقال للخفيف من الرجال وغيرِه: فَراشة، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (فَأَنَا آخِذٌ [1]): هو بمدِّ الهمزة، وكسر الخاء، اسم فاعلٍ من (أَخَذ).

قوله: (بِحُجَزِكُمْ): (الحُجَزُ): جمع (حُجزة)، تَقَدَّمَ الكلام عليها؛ وهي مَعْقِد الإزار والسراويل، قال شيخُنا هنا: والجيم يصحُّ سكونُها وفتحُها، قال ابن التين: وبالفتح قرأناه، انتهى، قال بعضهم: قيل: صوابه: (بحُجَزِهم)، انتهى، وهو كلامٌ صحيحٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (آخُذُ)، ويُنظَر هامشها.

[ج 2 ص 685]

(1/11630)

[حديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده]

6484# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو ابن أبي زائدة، و (عَامِر): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11631)

[باب قول النبي: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرا]

(1/11632)

[حديث أبي هريرة: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا]

6485# قوله: (حَدَّثَنَا يحيى ابن بُكَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر؛ بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: ابن خالد، و (ابْن شِهَاب): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله ابن شهاب الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): بفتح الياء وكسرها، تَقَدَّمَ مِرارًا، وغيرُه لا يُقال إلَّا بالفتح.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11633)

[باب: حجبت النار بالشهوات]

قوله: (حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ): (حُجِبَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النارُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، ومعناه: أنَّ الشهواتِ بين الشخص وبين النار، وكذا المكاره بين الشخص وبين الجنَّة، فإذا أخذ بالشهوات؛ دخل النار، والمراد: الشهوات المحرَّمة؛ كالخمر، والزنى، والنظرِ إلى الأجنبيَّة، والغيبةِ، واستعمالِ الملاهي، ونحوِ ذلك، وأمَّا الشهواتُ المباحةُ؛ فلا تدخل في هذا، لكن يُكرَه الإكثار منها؛ مخافةَ أن تجرَّ إلى المحرَّمة، وتُقَسِّيَ القلبَ، وتشغلَ عن الطاعاتِ.

وقال القرطبيُّ في «تذكرته» فيه شيئًا عن القاضي أبي بكر ابن العربيِّ المالكيِّ في قوله: «حُفَّتِ الجنَّة بالمكاره، وحُفَّتِ النار بالشهوات»؛ أي: جُعِلَت بحفافها [1]؛ أي: جوانبها، قال: وتوهَّم الناس أنَّها ضُرِبَ فيها المَثَلُ، فجعلها في جوانبها من خارج، ولو كان ذلك مَثَلًا؛ كان صحيحًا، وإنَّما هي من داخل، وهذه صورتها:

الدنيا المال الجاهُ…الصبر الألم الفقر المكاره العدوُّ

وعن هذا عبَّر ابنُ مسعود بقوله: (الجنَّة حُفَّت بالمكاره، والنَّار حُفَّت بالشهوات)، فمَن اطَّلع الحجابَ؛ فقد واقع ما وراءه، وكلُّ مَن تصوَّرها من خارج؛ فقد ضلَّ عن معنى الحديث، وعن حقيقة الحال.

[مطلبٌ في التوفيق بين حديث: «حُفَّتِ الجنَّةُ بالمكاره»، وحديث: «حُجِبَت الجنَّة بالمكاره»]

فإن قيل: فقد قيل: (حُجِبَت النار بالشهوات)؟ قلنا: المعنى واحدٌ؛ لأنَّ الأعمى عن التقوى الذي قد أَخَذَت سمعَه وبصَرَه الشهواتُ يراها ولا يرى النارَ التي هي فيها وإن كانت؛ باستيلاء الجهالة ورَين الغفلة على قلبه؛ كالطائر يرى الحبَّة من داخل الفخِّ وهي محجوبةٌ عنه؛ لغلبة شهوة الحبَّة، وتعلُّق بالِه بها، وجهلِه بما جُعِلَت فيه وحُجِبَت، انتهى.

==========

[1] في (أ): (بحفافتها)؛ بلا نقط، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 685]

(1/11634)

[حديث: حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره]

6487# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ (الْأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

قوله: (شِرَاك نَعْلِهِ): (الشِّراك): تَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11635)

[باب: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك»]

(1/11636)

[حديث: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله]

6488# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان [1] الثَّوريُّ، وقد صَرَّحَ الحافظُ عَبْدُ الغَنيِّ والذَّهَبيُّ في «التذهيب» _والظاهر أنَّه في أصله_ بأنَّ موسى بن مسعود روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكرا ابنَ عُيَيْنَة في مشايخه، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (الْأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللَّهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

==========

[1] زيد في (أ): (هو)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[ج 2 ص 685]

(1/11637)

[حديث: أصدق بيت قاله الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل]

6489# قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، ثُمَّ راء، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ مَن لقَّبه بذلك، و (أَبُو سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّ اسمَه عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (قَالَهُ الشَّاعِرُ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ): هذا الشاعر جاء مسمًّى في بعض طرقه بـ (لبيد)، وهو لبيد بن ربيعة، صَحَابيٌّ مشهورٌ رضي الله عنه، تَقَدَّمَ مترجمًا.

(1/11638)

[باب: لينظر إلى من هو أسفل منه ولا ينظر إلى من هو فوقه]

قوله: (بَابٌ: لِيَنْظُرْ): هو بلام الأمر المكسورة، و (ينظرْ): مجزومٌ بالأمر.

قوله: (إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ): (أسفلَ): مَنْصُوبٌ على الظرف.

قوله: (وَلَا يَنْظُرْ): هو مجزومٌ على النهي.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11639)

[حديث: إذا نظر أحدكم إلى مَن فضل عليه في المال والخلق]

6490# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و (أَبُو الزِّنَادِ): [تقدَّم] أعلاه أنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

قوله: (فُضِّلَ عَلَيْهِ): (فُضِّل)؛ بضَمِّ الفاء، وكسر الضاد المُشَدَّدة المُعْجَمَة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَالْخَلْقِ): هو بفتح الخاء، وإسكان اللام.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11640)

[باب من هم بحسنة أو بسيئة]

قوله: (بَابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ [1]): الحديثُ الذي ذكره مع التبويب يصحِّحان مقالةَ من قال: إنَّ الحَفَظَة تكتبُ ما يَهمُّ به العبدُ من حسنةٍ أو سيِّئةٍ، وتعلم اعتقادَه لذلك، وردَّ مقالةَ مَن زعم أنَّ الحَفَظَة إنَّما تكتب ما ظهر مِن عمل العبدِ وسُمِعَ، قاله الطحاويُّ، وقيل: إنَّ ذلك بريح تظهر لهما من القلب، قاله شيخُنا، انتهى.

تنبيهٌ: في «مسند أبي يعلى المَوْصِليِّ» من حديث عائشة رضي الله عنها حديثٌ قال في أثنائه: «إذا كان يومُ القيامة، وجمعَ اللهُ الخلائقَ لحسابهم، وجاءتِ الحَفَظَة بما حفظوا وكتبوا؛ قال الله لهم: انظروا هل بقيَ له مِن شيءٍ؟ فيقولون: ربَّنا؛ ما تركنا شيئًا ممَّا علمناه وحفظناه،

[ج 2 ص 685]

إلَّا وقد أحصيناه وكتبناه، فيقول الله تبارك وتعالى: إنَّ لك عندي خَبْئًا لا تعلمه، وأنا أجزيك به؛ وهو الذِّكْرُ الخَفِيُّ»؛ ففي هذا: أنَّ الحَفَظَة لا يكتبون إلَّا ما ظهر من الأعمال، والله أعلم.

وقد عزا شيخُنا في أوائل «شرح هذا الكتاب» إلى أبي يعلى: أنَّه عليه السلام قال: «يقول الله للحَفَظَة يوم القيامة: اكتبوا كذا وكذا من الأجر، فيقولون: ربَّنا؛ لم نحفظ ذلك عنه، ولا هو في صُحُفنا، فيقول: إنَّه نواه، إنَّه نواه»، ولم أرَ أنا هذا في «مسند أبي يعلى»، فهو أيضًا شاهدٌ للحديث الآخَرِ الذي ذكرتُه، ورأيتُ القرطبيَّ ذكر حديثًا صريحًا في أنَّ الحَفَظَة لا يكتبون إلَّا الظاهرَ من الأعمال، والله أعلم، ورأيت ابنَ الأثير ذكر في «النهاية» في (قرأ): وأنَّ معنى قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]: أنَّ القراءة التي تجهر بها أو تسمعها نفسك يكتُبُها المَلَكان، وإذا قرأت بها في نفسك؛ لم يَكتباها، والله يحفظُها لك ولا ينساها؛ ليجازيَك عليها، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بسيِّئة).

(1/11641)

[حديث: إن الله كتب الحسنات والسيئات]

6491# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه عبد الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك.

قوله: (سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام في أنَّ الحسناتِ هل تنتهي إلى سبع مئة أو تزيد على ذلك؛ لهذا الحديث، في أوائل هذا التعليق، وذكرت فيه حديثًا عن أبي هريرة: «إنَّ الله يجازي بالحسنة الواحدة ألفَي ألفِ حسنةٍ»، والله أعلم، وعزوتُ الحديثَ الذي فيه (ألفا ألفِ حسنةٍ)، وتكلَّمتُ عليه؛ فانظره.

تنبيهٌ: روى هذا الحديثَ مسلمٌ أيضًا وغيرُه، وفي طرقه عنده في آخره: «ولا يهلك على الله إلَّا هالكٌ»، وقد سُئِلتُ عن معناه، معناه _كما قاله القاضي عياض_: مَن حُتِم هلاكُه، وسُدَّت عليه أبوابُ الهدى مع سعة رحمة الله تعالى به وكرمه، وجَعْلِه السيِّئةَ حسنةً إذا لم يعملها، وإذا عملها؛ واحدةً، والحسنة إذا لم يعملها؛ واحدةً، وإذا عملها؛ عشرًا إلى سبع مئة ضعف إلى أضعافٍ كثيرةٍ، فمن حُرِم هذه السَّعَةَ، وفَاته هذا الفضلُ، وكثرت سيِّئاته حتَّى غلبت _مع أنَّها أفرادٌ_ حسناتِه مع أنَّها مضاعفةٌ؛ فهو الهالِك المحروم، والله أعلم، انتهى.

تنبيهٌ ثانٍ: سئلت: أكلُّ الحسناتِ تتضاعف؟ فظهر لي من الأحاديث: أنَّ الحسنة المبدلَةَ من السيِّئة لا تتضاعف، بخلاف الحسنة الأصليَّة، والله أعلم، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق في (كتاب الإيمان).

(1/11642)

[باب ما يتقى من محقرات الذنوب]

(1/11643)

[حديث: إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر]

6492# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (مَهْدِيٌّ) بعده: هو ابن ميمون المَعْوليُّ، عن أبي رجاء وابن سيرين، وعنه: يحيى، وابن مهديٍّ، ومسدَّد، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة، و (غَيْلَان) بعده: هو ابن جَرِير المَعْوليُّ الأزديُّ البصريُّ.

قوله: (الْمُوبِقَاتِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: يَعْنِي [1]: الْمُهْلِكَاتِ).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (بذلك)، وهي ساقطة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 686]

(1/11644)

[باب: الأعمال بالخواتيم وما يخاف منها]

قوله: (بَابٌ: الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ): سيأتي في آخر هذا الكتاب؛ (كتابِ الرقائق): (باب العمل بالخواتيم)، وأذكرُ هناك أعمالًا هي بخواتمها.

قوله: (وَمَا يُخَافُ مِنْهَا): (يُخاف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 686]

(1/11645)

[حديث: إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة]

6493# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو غَسَّانَ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وأنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَه سلمةُ بن دينار.

قوله: (نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ ... ) إلى آخره: هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّه قُزْمَان، وأنَّه منافقٌ، وأنَّ كنيتَه أبو الغَيداق، وأنَّه أَتِيٌّ؛ أي: غريبٌ، وتَقَدَّمَ في أيِّ الغزوات كان ذلك، وقد ذكره البُخاريُّ في (خيبر)، وكذا هو في «مسلم»، وقد اختلف رواة «مسلم»؛ هل هو خيبر أو حنين؟ والأصحُّ عندهم: خيبر، وذكرت الخلاف في تلك الغزوة، وأنَّ الذي يظهر _وجاء به حديثٌ_: أنَّه في أُحُد، وكذا ذكروه في المغازي، والله أعلم.

قوله: (وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْنَّاسِ [1] غَنَاءً عَنْهُمْ): (الغَنَاء): بفتح الغين المُعْجَمَة، ممدودٌ، وكذا في أصلنا، وهي الكفاية، و (الغِنى)؛ بكسر الغين، والقصر: ضدُّ الفَقر، وكذا ضبطه شيخُنا وفسَّرَه.

قوله: (فَتَبِعَهُ رَجُلٌ): (الرَّجل الذي تبع قُزْمان): قال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: يحتمل أنَّه أكثم بن الجون، أو ابن أبي الجون؛ فليُحَرَّر، انتهى.

قوله: (حَتَّى جُرِحَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ): تَقَدَّمَ ما (ذُبَابة السيف)، وتَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين الروايتين الأُخْرَيَين؛ إحداهما في «صحيح البُخاريِّ»: (فانتزع سهمًا من كنانةٍ، فانتحر بها)، ورواية ابن إسحاق: (فقطع رواهشَ يده)، في (غزوة خيبر).

قوله: (فِيمَا يَرَى النَّاسُ)، وكذا الثانية: (يَرَى النَّاسُ): كلاهما بفتح الياء، من رؤية العين.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وكان من أعظم المسلمين).

[ج 2 ص 686]

(1/11646)

[باب: العزلة راحة من خلاط السوء]

قوله: (الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ خُلَّاطِ السُّوءِ): (خُلَّاط): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وتشديد اللام، وفي آخره طاء مهملة، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، و (خُلَّاط): لم أجدها، والذي قاله الجوهريُّ: والخليطُ المخالِط؛ كالنديمِ المنادِمِ، والجليسِ المُجَالِسِ، وهو واحدٌ وجمعٌ، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وقد يُجمَع على خُلطاء وخُلُط، ثُمَّ أنشد بيتًا، و (السَّوء) في أصلنا: بفتح السين بالقلم، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ بضمِّها، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (السَّوء) و (السُّوء) في (سورة الفتح) في (التفسير)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 686]

(1/11647)

[حديث: رجل جاهد بنفسه وماله ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه]

6494# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، محدِّث قَيساريَة، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، وذكرتُ الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، والله أعلم، و (الْأَوْزَاعِيُّ): أبو عمرو عبدُ الرَّحْمَن بن عمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على (الأوزاع) ما هي، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته؛ ومنها: أنَّه أفتى في سبعين ألفَ مسألةٍ رحمة الله عليه، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عمرو عبد الرَّحْمَن بن عمرو، مات سنة «157 هـ») انتهى، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟): هذا الأعرابيُّ لا أعرفه.

قوله: (فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ): (الشِّعب): بكسر الشين، تَقَدَّمَ ما هو.

قوله: (تَابَعَهُ النُّعْمَانُ وَالزُّبَيْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ [2] عَنْ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على الأوزاعيِّ، و (النعمان): هو ابن راشد،

[ج 2 ص 686]

(1/11648)

ترجمته معروفةٌ، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وكذا قال الدِّمْيَاطيُّ، ولفظه: (وأمَّا النعمان؛ فهو ابن راشد الجزريُّ، ضعَّفه ابن المَدينيِّ، وقال البُخاريُّ: كثير الوَهَم)، انتهى، ومتابعةُ النعمان _هو ابن راشد_ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله، و (الزُّبَيديُّ): بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن الوليد الشاميُّ، اتَّفقا عليه، مات سنة ثمان وأربعين ومئة)، انتهى، ومتابعة الزُّبَيديِّ أخرجها مسلمٌ في (الجهاد) عن منصور بن أبي مزاحم، عن يحيى بن حمزة، عن الزُّبَيدي به، و (سليمان بن كَثِير): هو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، ترجمته معروفة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، ومتابعة سليمان أخرجها أبو داود في (الجهاد) عن أبي الوليد الطيالسيِّ عن سليمان بن كَثِير به.

قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ): (مَعْمَر): بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، وتعليق مَعْمَر أخرجه مسلم في (الجهاد) عن عَبْد بن حُمَيدٍ، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ به، قال المِزِّيُّ: قال أبو مسعود: روى الناس عن عبد الرَّزَّاق، فقالوا فيه: قال عبد الرَّزَّاق: كان مَعْمَرٌ يقول مرَّةً: عن عبيد الله عن أبي سعيد، ومرَّةً: عن عطاء عن أبي سعيد، ثُمَّ حدَّث به مرَّةً عن عطاءٍ بغير شكٍّ، انتهى.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عبيد الله): مجرورٌ معطوفٌ على (عطاءٍ)، و (عطاءٌ): هو ابن يزيد الليثيُّ، و (عبيد الله): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ، وقد شكَّ الزُّهْرِيُّ في أيِّهما روى عنه ذلك؛ عطاء أو عبيد الله؟ وكلاهما ثقةٌ، وإذا كانا ثِقَتَين؛ لم يضرَّ الشكُّ؛ لأنَّهما عدلان، إنَّما كان يضرُّ إنْ لو كان أحدُهما غيرَ ثقة، والله أعلم.

(1/11649)

قوله: (وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن مسافر): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، و (يحيى بن سعيد): هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، وما قاله يونسُ وابن مسافر ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب لم أرَ شيئًا منها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله تعالى، و (ابن شهاب): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَطَاء): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن يزيد الليثيُّ.

وقوله: (عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو أبو سعيد الخُدْريُّ، ولو لم يُعرَف أنَّه أبو سعيد؛ كان ذلك لا يضرُّ؛ لأنَّ الجهلَ بعين الصَّحَابيِّ لا يضرُّ؛ لأنَّ الصَّحَابةَ كلّهم عدولٌ على الصحيح من أقوال تَقَدَّمَت، وإنَّما يضرُّ الجهلُ بعين غيرهم، والله أعلم، والمِزِّيُّ ذكر هذا الحديثَ في ترجمة عطاء بن يزيد عن بعض أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ قال في ترجمته: عن أبي سعيد الخُدْريِّ، انتهى، فهو عنده أبو سعيد.

(1/11650)

[حديث: يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم]

6495# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (الْمَاجِشُونُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم، وشين معجمة مضمومة، وتَقَدَّمَ معناه، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الماجِشُونُ: عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة دينارٍ، مات سنة أربع وستِّين ومئة على الأصَحِّ)، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في تطريف هذا الحديث: عن أبي نُعَيم، عن عبد العزيز ابن أبي سلمة، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عن أبيه به؛ يعني: عن أبي سعيد، انتهى، وقول الدِّمْيَاطيِّ في وفاته مثلُ قولِ جماعةٍ، وقيل في وفاته غيرُ ذلك، و (عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن أَبِي صَعْصَعَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الحارث بن أبي صعصعة عمرِو بن زيدٍ الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ، أخو مُحَمَّد بن عبد الله، انفرد البُخاريُّ بهما وبأبيهما، انتهى؛ يعني: عن مسلمٍ، وهي عادته، و (أَبو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (شَعَفَ الْجِبَالِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، واختلافُ الرواة فيه، في أوَّل هذا التعليق في (كتاب الإيمان).

(1/11651)

[باب رفع الأمانة]

(1/11652)

[حديث: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة]

6496# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (فُلَيحًا) بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ): (ضُيِّعَت)؛ بضَمِّ الضاد المُعْجَمَة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأمانةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر النون، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، كذا هو في أصلنا في الهامش، وعليه (صح)، وفي نفس الأصل: (أُسِّدَ)؛ بضَمِّ الهمزة، وكسر السين المُشَدَّدة وبالدال المُهْمَلَتين، وعلى هذه علامة نسخةِ الدِّمْيَاطيِّ، قال ابن قُرقُول: قوله: (وسِّد الأمر): كذا لكافَّة [1] الرواة؛ أي: أُسنِد وجُعِل إليهم وقُلِّدوه؛ يعني: الإمارة، وعند القابسيِّ: (أُسِّد)، وقال: الذي أحفظ: (وُسِّد)، قال: وفيه عنده إشكالٌ بين (وُسِّدَ) أو (أُسِّد)، قال: وهما بمعنًى، قال القاضي: هو كما قال، وقد قالوا: وِساد وإساد، واشتقاقهما واحدٌ، والواو هنا بعد الألف، ولعلَّها صورة الهمزة، انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته»: (إذا وُسِّد)؛ أي: أُسنِد وجُعِل في غير أهله؛ يعني: إذا سُوِّد وشُرِّف غيرُ المستحقِّ للسيادة والشَّرَف، وقيل: هي الوسادة،؛ إذا وُضِعَت وسادةُ المِلْك والأمرِ والنهيِ لغير مَن يستحقُّها، وتكون (إلى) بمعنى اللام، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الإيمان) في أوَّل هذا التعليق.

(1/11653)

[حديث: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال]

6497# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني حُسَيلٍ، ويُقال: حِسْل، صَحَابيٌّ أيضًا، رضي الله عنهما، تقدَّما.

قوله: (فِي جَذْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم وكسرها، وإسكان الذال المُعْجَمَة والمُهْمَلَة، وبالراء: الأصلُ.

قوله: (فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ): (تُقبَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأمانةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، [تقدَّم]، وكذا تَقَدَّمَ (فَيَظَلُّ أَثَرُهَا)، وكذا (الْوَكْتِ)، وأنَّه بفتح الواو، وإسكان الكاف، وبالمُثَنَّاة فوق، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (الوَكْتة: الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه، والجمع: وَكْتٌ)، انتهى.

تنبيهٌ: لا أعلم خلافًا في أنَّه بالمُثَنَّاة فوق، ووقع في «شرح شيخِنا» هنا: أنَّه بالمُثَلَّثَة، وهو تصحيفٌ فيما أعلم، والله أعلم؛ فاحذره، ولعلَّه من الناسخ.

وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْمَجْلِ)، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (مَجِلَت يدُه؛ إذا ثَخُنَ جِلدها وتعجَّر وظهرَ فيه ما يُشبِه البثر من العمل)، انتهى، وكذا تَقَدَّمَ (فَنَفِطَ)، وأنَّه بكسر الفاء، وكذا تَقَدَّمَ (مُنْتَبِرًا)؛ أي: مرتفعًا، وضبطُه.

قوله: (مَا أَعْقَلَهُ!): مَنْصُوبٌ على التعجُّب، وكذا (مَا أَظْرَفَهُ!)، وكذا (مَا أَجْلَدَهُ!)؛ أي: أقواه.

قوله: (وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ ... ) إلى آخره: هو من قول حذيفةَ، وهذا ظاهِرٌ، وفي «التِّرْمِذيِّ»: (قال: ولقد)، وكذا قال النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، ولفظه: (وأمَّا قول حذيفة: «ولقد أتى عليَّ زمانٌ» ... )، والله أعلم.

قوله: (أَيَّكُمْ): هو مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

قوله: (رَدَّهُ عَلَيَّ [1] الْإِسْلَامُ): (عليَّ): جارٌّ ومجرورٌ، و (الإسلامُ): مَرْفُوعٌ فاعلُ (ردَّ)، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ).

(1/11654)

قوله: (سَاعِيهِ): قال في «المطالع»: قيل: واليه، وقيل: رئيسه، كلُّ مَن وَلِيَ على قومٍ؛ فهو ساعٍ لهم، وأكثر ما يستعمل في وُلَاة الصدقات، انتهى، وكذا قال في «النهاية»، ولفظه: يعني: رئيسهم الذي يَصدُرُون عن رأيه، ولا يُمضُون أمرًا دونه، وقيل: أراد الوليَّ عليه؛ أي: يُنْصِفُه منه، وكلُّ مَن وَلِيَ أمرَ قومٍ؛ فهو ساعٍ عليهم.

قوله: (فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا): أي: أفرادًا أعرِفُهم وأثقُ بهم، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: قال صاحب «التحرير» والقاضي رحمهما الله: وحمل بعض العلماء المبايعةَ هنا على بيعة الخلافة وغيرِها من المعاقدة والتحالف في أمور الدين، قالا: وهذا خطأ مِن قائله، تبطله مواضعُ؛ منها: قوله [2] كذا ... ؛ فذكراها.

(1/11655)

[حديث: إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلةً]

6498# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارً أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِئَةِ، لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً): يريد عليه السلام: أنَّ الناسَ كثيرٌ، والمرضيَّ منهم قليلٌ، وهذا إنَّما يكون في القرون المذمومة في آخِرِ الزمان، ولذلك ذكره البُخاريُّ هنا، ولم يُرِدْ عليه السلام زمنَ أصحابه وتابعيهم؛ لأنَّه شهد لهم بالفضل، وقيل: يحتمل كلَّ الناس، فلا يكون المؤمنُ إلَّا في مئةٍ وأكثر، وقيل: إنَّ الناس في أحكام الدين سواءٌ، لا فضلَ لشريفٍ على غيره، وقيل في معناه غيرُ ذلك، والله أعلم، وعن الأزهريِّ: الزاهدُ في الدنيا قليلٌ؛ كقلَّة الراحلة في الإبل، والراحلة: الناقة المختارة، والهاء للمبالغة، والإبل هي المئة، قاله بعضُهم، قال: فإنَّ العرب تقول لمن له مئةٌ من الإبل: لفلانٍ إِبِلٌ، ومَن له مئتان: لفِلانٍ إبلان، فـ (المئة) توكيدٌ، انتهى، وفي «الصحاح»: الإبل: لا واحدَ لها من لفظها، وهي مؤنَّثة ... إلى أن قال: فإذا قالوا: إبلان، وغنمان، فإنَّما يريد: قطعتين من الإبل، انتهى، وقال أيضًا بعضهم عن ابن مالك ما لفظه: قال الراغب: إنَّ الإبل في عرفهم اسمٌ لمئةِ بعيرٍ، فمئة بعيرٍ هي عشرة آلاف، انتهى، فتقديره: الناس كالمئة المئة، فهذه عشرة آلافٍ.

==========

[ج 2 ص 687]

(1/11656)

[باب الرياء والسمعة]

[ج 2 ص 687]

قوله: (بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ): (الرياء)؛ بالمدِّ معروف، أتقنه بعض الناس إتقانًا عظيمًا، والفرق بين الرياء والسمعة: أنَّ العمل لغير الله عزَّ وجلَّ رياءٌ، وأمَّا السُّمعة؛ فهي أن يعمل عملًا فيما بينه وبين الله تعالى، ثُمَّ يحدِّث به الناسَ، فإن كان ذلك لأجل أن يُقتَدى به أو يُنتَفَع به؛ ككتابة علم؛ فهذا لا يكون تسميعًا محرَّمًا، ولذلك استُحِبَّ للعالم أن يعبد الله تعالى جهرًا؛ ليُقتَدَى به، قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّما فعلت هذا لتأتمُّوا بي، ولتعلموا صلاتي»، وإن كان قصدُه بإفشاء [1] عمله التحدُّثَ بنعمة ربِّه؛ لم يكن هذا محرَّمًا، نصَّ عليه بعضهم، وإن كان قصدُه بإفشاء عمله التودُّدَ إلى الناس والتقرُّبَ إليهم؛ حَبِطَ عملُه، قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «من سمَّع؛ سمَّع الله به، ومن راءى؛ راءى اللهُ به»، وهذا الفرقُ بين الرياء والسُّمعة ذكره الشيخُ عزُّ الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى.

(1/11657)

[حديث: من سمَّع سمَّع الله به]

6499# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ، و (سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ): بفتح اللام، و (كُهَيل): بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، ويأتي في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (سَلَمَة): هو ابن كُهَيل المذكورُ قبله، و (جُنْدب): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الدال وفتحها، وهو ابن عبد الله بن سفيان البَجَليُّ ثُمَّ العَلَقيُّ، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (عَنْ سَلَمَةَ): هو ابن كُهَيل: ( ... وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ): صريحُ هذا أنَّه لم يسمع أحدًا يحدِّثُ عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الصَّحَابة سواه، وهذا مؤوَّل بأنَّه لم يسمع هذا الحديثَ من غيرِه من الصَّحَابة؛ وذلك لأنَّ سلَمة هذا رأى ابنَ عمر وزيدَ بنَ أرقم، ولكن روى عن جُندب بن عبد الله هذا، وعن أبي جُحَيْفَة، وعبدِ الله بن أبي أوفى، وأبي الطُّفيل عامرِ بن واثلة، وسويدِ بن غفلة _والصحيح: أنَّ هذا تابعيٌّ، وقيل: رأى وصحب_، وعلقمةَ بنِ قيس، والصحيح: أنَّه تابعيٌّ، وقد روى في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «ابنِ ماجه» عن جُندب، وروايته عن ابن أبي أوفى وقعت في «النَّسائيِّ» في «اليوم والليلة» وفي «ابن ماجه»، ولم يروِ أيضًا في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة عن أبي الطُّفيل، وكذا لم يروِ في الكُتُب السِّتَّة ولا في شيءٍ منها عن أبي جُحَيْفَة، وسلَمَة متقنٌ، قال أحمد العِجْليُّ: ثَبْتٌ ثقةٌ، فيه تشيُّعٌ قليلٌ، انتهى، وقد وَثَّقَهُ غيره، وُلِد سلَمةُ _كما قاله ابنه يحيى_ سنة (47 هـ)، ومات يوم عاشوراء سنة (121 هـ)، وكذلك قال غيرُ واحدٍ في وفاته، وغلط مَن قال: سنة اثنتين، أو سنة ثلاثٍ، أخرج له الجماعة.

(1/11658)

قوله: (مَنْ سَمَّعَ؛ سَمَّعَ اللهُ بِهِ): أي: من عَمِل عملًا مراءاة للناس يشتهر بذلك ويعظِّم شهرةَ الناس؛ شَهَره اللهُ يوم القيامة، وقيل: معناه: من أذاع على مسلم عيبًا وسمَّعه عليه؛ أظهر اللهُ عيوبَه، وقيل: (سمَّع الله به): أسمعه المكروهَ، قال ذلك ابن قُرقُول في «مطالعه»، وقيل في «النهاية»: (سمَّع الله به سامعَ خَلْقِه)، وفي رواية: (أسامعَ خلقه)، ويُقال: سمَّعتُ بالرجل تسميعًا وتسمعةً؛ إذا شهرتَه وندَّدتَ به، وسامع: اسم فاعل من سَمِع، وأسامع: جمع «أسمُعَ»، وأسمُعُ: جمع قلَّة لـ «سَمع»، وسمَّع فلانٌ؛ إذا أظهرَه ليُسمَع، فمَن رواه: (سامعُ خلقه)؛ بالرفعِ؛ جَعَله من صفةِ الله تعالى، أي: سمَّع اللّهُ سامِعُ خلقه به الناسَ، ومن رواه: (أسامِعَ)؛ أراد أنَّ الله يُسمِع به أسماعَ خَلْقه يومَ القيامة، وقيل: أرادَ: مَن سمَّع الناس بعَمَله؛ سمَّعه اللهُ وأرَاه ثوابَه من غير أن يُعْطِيَه، وقيل: [مَن] أراد بعمله الناسَ؛ أسمعَهُ اللهُ الناسَ، وكان ذلك ثوابَه، وقيل: أراد أن يفعل فعلًا صالحًا في السِّرِّ، ثُمَّ يُظهره ليَسمعه الناسُ، ويُحمَد عليه، فإنَّ الله يُسَمِّع به، ويُظْهِر إلى الناس غرضَه، وأنَّ عملَه لم يكن خالصًا، وقيل: يريد: مَن نسبَ إلى نفسه عملًا صالحًا لم يفعلْه، وادَّعى خيرًا لم يصنعه، فإنَّ الله يفضَحُه ويُظْهِرُ كَذِبَه، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بين الرياءِ والسُّمعة قريبًا أعلاه.

قوله: (وَمَنْ يُرَائِي؛ يُرَائِي اللَّهُ بِهِ): أي: مَن تزيَّن للناس بما ليس فيه من عملٍ صالحٍ؛ ليَعْظُم في نفوسهم؛ أظهرَ الله في الآخرة سريرتَه على رؤوس الخلائق، قاله في «المطالع»، وقد قَدَّمْتُ الفرق بين الرياء والسُّمعة قريبًا أعلاه.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 688]

(1/11659)

[باب من جاهد نفسه في طاعة الله]

(1/11660)

[حديث: حق العباد على الله أن لا يعذبهم]

6500# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): هو بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ويُقال فيه: هَدَّاب، و (هَمَّامٌ) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ ابنَ منده جمع أرداف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في جزء فبلغ بهم نيِّفًا وثلاثين شخصًا، وقد ذكرتُ أنا في أوَّل هذا التعليق مَن وقفت عليه منهم، والله أعلم.

قوله: (إِلَّا آخِرَةُ الرَّحْلِ): هو بهمزة ممدودة، عودٌ في مؤخِّره، وأوضح من هذه العبارةِ عبارةُ ابن الأثير: هي بالمدِّ: الخشبةُ التي يَسْتَنِدُ إليها الرَّاكبُ من كور البعير، وكذا في «صحاح الجوهريِّ».

قوله: (لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (لبَّيك) في (الحجِّ) وقريبًا أيضًا، و (سعديك): تَقَدَّمَ أيضًا في (الأدب).

قوله: (يَا مُعَاذ بْنَ جَبَلٍ): (معاذ) في الموضعين: بضَمِّ الذال وفتحها، وفي (ابن) الفتح، ويُضَمُّ أيضًا، وقد قَدَّمْتُ ذلك، والثاني في (ابن) ذكره ابن مالك في «التسهيل»، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق.

قوله: (هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟): (حقُّ العباد): معناه: حقُّهم الذي وعدهم به مَن صفةُ وعدِه أن يكون واجبَ الإنجاز، فهو حقٌّ بوعده الحقِّ، لا أنَّهم يستحقُّون ذلك عقلًا، قاله في «المطالع»، وهو ظاهِرٌ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 688]

(1/11661)

[باب التواضع]

(بَابُ التَّوَاضُعِ) ... إلى (كِتَاب القَدَرِ)

(التَّوَاضُع): التذلُّل.

(1/11662)

[حديث: إن حقًا على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه]

6501# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زُهير بن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (حُمَيْدٌ) هذا: هو الطويل، ابن تير، ويُقال: تيرويه، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةٌ): سيأتي في الطريق الثاني: (تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (القصواء) و (العضباء) و (الجدعاء)؛ هل هنَّ ثلاثٌ، أو اثنتان، أو واحدة وُصِفَت بثلاثِ صفاتٍ، والله أعلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكر ذلك أيضًا في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

[ج 2 ص 688]

قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ): قال الحافظ أبو مُحَمَّد الدِّمْيَاطيُّ: (هو مُحَمَّد بن سلَام، والفَزَاريُّ: هو مروان بن معاوية، وأبو خالد: سليمان بن حيَّان الكوفيُّ)، انتهى، وكذا قال أبو عليٍّ الغَسَّانيُّ: إنَّه مُحَمَّد بن سلَام، في «تقييده»، وها أنا أذكرُ لك كلام الجَيَّانيِّ: قال البُخاريُّ في (كتاب الحجِّ)، و (تفسير المائدة)، وغيرِ ذلك: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا مروان الفزاريُّ): نسبه ابن السكن وأبو نصر: مُحَمَّد بن سلَام، وحدَّث البُخاريُّ في غير موضع من «الجامع»: عن مُحَمَّد بن سلَام منسوبًا عن مروان، انتهى، ومقتضى كلام المِزِّيِّ في «أطرافه» أنَّه جاء كذلك منسوبًا؛ لأنَّه لو كان من توضيحه أو توضيح أحدٍ؛ لقال: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام، أو يعني: ابن سلَام، كما جرت عادة الحُفَّاظ وعادتُه.

قوله: (لَا تُسْبَقُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ [2] فَسَبَقَهَا): هذا الأعرابيُّ لا أعرف اسمه.

(1/11663)

قوله: (عَلَى قَعُودٍ): (القَعود) _ بالفتح_ من الإبل: هو البكر حين يُركَب؛ أي: يمكِّنُ ظهره من الركوب، وأدنى ذلك أن يأتيَ عليه سنتان إلى أن يُثني، وإذا أثنى؛ سُمِّيَ جملًا، ولا تكون البَكْرة قعودًا، وإنَّما تكون قَلُوصًا، قال أبو عبيد: القعود من الإبل: الذي يقتعده الراعي في كلِّ حاجة، وهو بالفارسية: رَخْت، ويُقال للقعود أيضًا: قُعدة؛ بالضَّمِّ، يُقال: نِعْمَ القُعدةُ هذا؛ أي: نِعْمَ المقتَعَدُ، وفي «القاموس»: وبالفتح _يعني: القَعود من الإبل_: ما يقتعده الراعي في كلِّ حاجة؛ كالقَعودة، والقُعدة؛ بالضَّمِّ، انتهى.

قوله: (سُبِقَتْ الْعَضْبَاءُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العضباءُ): مَرْفُوعٌ ممدودٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

(1/11664)

[حديث: إن الله قال من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب]

(1/11665)

6502# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ): هذا هو مُحَمَّد بن عثمان بن كرامة _كما قاله الجَيَّانيُّ_، العِجْليُّ مولاهم، عن أبي أسامة وطبقتِه، وعنه: البُخاريُّ، وأبوداود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وابن صاعد، والمحامليُّ، وابنُ مَخْلد مُحَمَّدٌ، وآخرون، مات في رجب سنة (256 هـ)، أخرج له مَن روى عنه من الأئمَّة، وكان صاحبَ حديثٍ، صدوقًا، وَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ وغيرُه، و (خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): القَطَوانيُّ، بفتح القاف والطاء المُهْمَلَة، أبو الهيثم البَجَليُّ مولاهم، الكوفيُّ، وقَطَوان: مكانٌ بالكوفة، عن نافع القارئ، وعليِّ بن صالح بن حيٍّ، وكَثِير بن عبد الله المزنيِّ، ومالكٍ، وسليمان بن بلال، وعنه: البُخاريُّ، وابن راهويه، وابن نمير، وأبو كُرَيب، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وعَبَّاس الدُّوريُّ، ومُحَمَّد بن عثمان بن كرامة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال ابن معين: ما به بأسٌ، وقال أحمدُ: له مناكيرُ، وقال أبو داود: صدوقٌ، لكنَّه يتشيَّع، تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، وقال ابن سعد: منكر الحديث، مفرِط التشيُّع، وذكره ابن عديٍّ، وساق له في «الكامل» عشرةَ أحاديثَ منكرة، ثُمَّ قال: هو من المكثرين، ولا بأس به إن شاء الله عندي، أخرج له الجماعةُ، ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» ترجمةً، وذكر له [2] فيها مناكيرَ استُنكِرت عليه، وفي آخرها ما لفظه: وممَّا انفرد به: ما رواه البُخاريُّ في «صحيحه» عن ابن كرامة عنه، ثُمَّ ساق بإسناده من طريق البُخاريِّ هذا الحديثَ الذي نحن فيه، ثُمَّ قال: فهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، ولولا هيبة «الجامع الصحيح»؛ لعدُّوه في منكرات خالد بن مَخْلد؛ وذلك لغرابة لفظه، ولأنَّه ممَّا ينفرد به شَريك، وليس بالحافظ، ولم يُروَ هذا المتنُ إلَّا بهذا الإسناد، ولا خرَّجه مَن عدا البُخاريِّ، ولا أظنُّه في «مسند أحمد»، وذكره في ترجمة عبد السلام بن حفص، فقال: وخالدٌ له مناكيرُ، قال: وقد اختُلِف في عطاء؛ فقيل: هو ابن أبي رَباح، والصحيح: أنَّه عطاء بن يسار، ثُمَّ أرَّخ وفاةَ خالد، وقد ذكر أيضًا هذا الحديثَ في «تذهيبه» في ترجمة مُحَمَّد بن عثمان بن كرامة، وقال في آخره: لشيخِنا أبي الحَجَّاج _يعني: المِزِّيَّ_ فيه طرقٌ عدَّةٌ ساقها، وقال: رواه البُخاريُّ عن ابن كرامة، وليس له في «الصحيح» غيرُه، تفرَّد به شَريك ابن أبي نَمِر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، وتفرَّد به خالد

(1/11666)

بن مَخْلد عن سليمان عنه، انتهى لفظه في «التذهيب»، وقد راجعت الحديثَ المشارَ إليه؛ فرأيته في ترجمة عطاء بن يسار عن أبي هريرة، كما رجَّحه الذَّهَبيُّ، ولم يذكر فيه خلافًا، ولم يذكره في ترجمة عطاء بن أبي رَباح عن أبي هريرة، ولم أرَهُ عزاه لغيرِ البُخاريِّ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة.

قوله: (فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ): (آذنته): بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلمتُه بأنِّي محاربٌ له.

قوله: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ): و (التَّقرُّب): المراد به: قرب المنزلة وقَبول العمل، والله أعلم.

قوله: (كُنْتُ سَمْعَهُ ... ) إلى آخره: هو من المجاز؛ يعني: أنَّ الله يحفظُه كما يحفظ العبدُ جوارحَه؛ لئلَّا يقع في مهلكة، قاله الداوديُّ، وقال الخَطَّابيُّ: هذه أمثالٌ؛ والمعنى: ترقِّيه في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء، وتيسير [3] الخير له فيها، فيحفظ جوارحَه عليه بعَصْمِهِ من مواقعةِ ما يكره اللهُ من إفضاءٍ إلى لهوٍ، ونظرٍ إلى ما نُهِيَ عنه، وبطشٍ في [4] ما لا يحلُّ، وسعيٍ في باطلٍ، قال: وقد يكون معناه: سرعة إجابة الدعاء، والإلحاح في الطلب؛ وذلك أنَّ مساعيَ الإنسان إنَّما تكون بهذه الجوارح، وقال بعضهم: قيل: لا تتحرَّك جوارحُه إلَّا في الله وبالله ولله، وجوارحُه كلُّها تعمل بالحقِّ، انتهى.

قوله: (يَبْطِشُ بِهَا): هو بكسر الطاء وضمِّها.

قوله: (وَلَئِنْ اسْتَعَاذَ بِي): رُويَ بالمُوَحَّدة، وبالنون [5]، قاله الشيخ محيي الدين في «رياضه» في (باب علامات حبِّ الله تعالى العبدَ).

قوله: (وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ): أي: ما عطفت وأشفقت، والتردُّد في صفات الله عزَّ وجلَّ غيرُ جائزٍ، والبَدَاء عليه في الأمور غيرُ ثابتٍ، وقال بعضهم: ردَّدْتُ رسلي؛ كما حُكِيَ عن ترادِّ مَلَك الموت لموسى، أو يشرف على البلاء، فيدعو، فأعافيه وأصرف السوءَ عنه _كما قال: «الدعاء يردُّ البلاءَ» _ إلى أن ينقضيَ أجلُه فيموت، انتهى.

(1/11667)

[باب قول النبي: «بعثت أنا والساعة كهاتين»]

قوله: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ): (الساعة): مَنْصُوبٌ ومرفوعٌ، فالنصب على أن تكون الواو بمعنى (مع)، والرفعُ ظاهرٌ.

قوله: (كَهَاتَيْنِ): يعني: السبَّابة والوسطى، وكذا في بعض طرقه، والحكمة في قرنه بين السبَّابة والوسطى: القربُ، وقيل في معناه غيرُ ذلك، قال الإمام السُّهَيليُّ في «الروض» فيه شيئًا لطيفًا، وكذا ذكرَ شيخُنا الشارح في (سورة والنازعات) فيه شيئًا عن السُّهَيليِّ وغيرِه مقدارَ صفحةٍ، فإن أردتهما أو واحدًا منهما؛ فانظره، وذكر شيخُنا أيضًا في هذا المكان كلامًا في ذلك، وكلام السُّهَيليِّ في الحروف المقطَّعة في أوائل السُّوَر، وتكلَّم على الحديث الذي أُخِذَ منه ذلك: أنَّ ألفاظَه مصنوعةٌ، قاله ابن الأثير، قال: وذكر بعض الحُفَّاظ أنَّه موضوعٌ، وذكر كلامَ ابنِ الجوزيِّ فيه، انتهى.

تنبيهٌ: ليُعلَم أنَّ ممَّا يَردُّ على السُّهَيليِّ في ذلك: أنَّ سبَّابةَ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أطولُ من الوسطى، وهذا في «مسند أحمد»، وذكره القرطبيُّ أيضًا في «تفسيره» في {أَفَتَطْمَعُونَ} [البقرة: 75]، اللهمَّ؛ إلَّا أن يقولَ السُّهَيليُّ: إنَّ السبَّابةَ أطولُ من الوسطى؛ كما طالت به الوسطى على السبَّابة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 689]

(1/11668)

[حديث: بعثت أنا والساعة هكذا]

6503# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وأبو مريم كنيةُ الحكم، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وتَقَدَّمَ أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد الساعديُّ، مشهورٌ.

==========

[ج 2 ص 689]

(1/11669)

[حديث: بعثت أنا والساعة كهاتين]

6504# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الجعفيُّ الحافظ، و (وَهْبُ) بعده: هو ابن جَرِير، و (وَأَبو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُثَنَّاة فوق، وتشديد المُثَنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، وأنَّ اسمه يزيدُ بن حُمَيدٍ.

قوله: (أَنَا وَالسَّاعَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (الساعة) بالنصب والرفع.

==========

[ج 2 ص 689]

(1/11670)

[حديث: بعثت أنا والساعة كهاتين.]

6505# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيَّاش، أحد الأعلام، و (أَبو حَصِينٍ): بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، تَقَدَّمَ أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وأنَّ اسم هذا عثمان بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان.

قوله: (تَابَعَهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي بكر؛ هو ابن عيَّاش، و (إسرائيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، ومتابعةُ إسرائيلَ لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولا خرَّجهُ شيخُنا رحمه الله، و (أَبو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وأنَّه عثمان بن عاصم.

(1/11671)

[باب طلوع الشمس من مغربها]

(1/11672)

[حديث أبي هريرة: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ... ]

6506# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): هو بالنون، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (عَبْد الرَّحْمَنِ) بعده: هو الأعرج عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

[ج 2 ص 689]

قوله: (بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (اللِّقْحَة) ما هي.

قوله: (فَلَا يَطْعَمُهُ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكلُه.

قوله: (وَهُوَ يَلِيْطُ حَوْضَهُ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت في أوَّله، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة أخرى تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة؛ أي: يطينه ويصلحه، وأصله من اللصوق، قال الجوهريُّ: الكسائيُّ: لاط الشيء بقلبي يلوطُ ويليطُ، يُقال: هو أَلْوَطُ بقلبي وأَلْيَطُ، وإنِّي لأجد له في قلبي لَوْطاً ولَيْطًا؛ يعني: الحُبَّ اللازق بالقلب ... إلى أن قال: ولُطْتُ الحوضَ بالطِّين لَوْطًا؛ أي: مَلَّطتُه به وطيَّنتُه.

قوله: (أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ): (الأُكلة)؛ بالضَّمِّ: اللقمة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَلَا يَطْعَمُهَا): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكلُها.

(1/11673)

[باب: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه]

(1/11674)

[حديث: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه]

6507# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو حجَّاج بن منهال، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ [1] أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ): (بعض أزواجه): لا أعرفها بعينها، والراوي شكَّ، وفي روايةٍ جُزِم فيها بأنَّها عائشةُ رضي الله عنها.

قوله: (لَيْسَ ذَاكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَكِنِ الْمُؤْمِنُ): (لكن): مُخَفَّفة، و (المؤمنُ): مَرْفُوعٌ، كذا هو في أصلنا.

قوله: (إِذَا حُضِرَ [2]): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وكسر الضاد المُعْجَمَة؛ أي: نزل به الموتُ.

قوله: (مِمَّا أَمَامَهُ): هو بفتح الهمزة، ظرفٌ؛ أي: قُدَّامه.

قوله: (اخْتَصَرَهُ أَبُو داود وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ): أما (أبو داود)؛ فالظاهر أنَّه الطيالسيُّ سليمانُ بن داود بن الجارود الحافظُ، تَقَدَّمَ، وأنَّه عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ والأربعةُ، وأما (عمرو)؛ فإنَّه ابن مرزوق، وقوله: (عن شعبة)؛ يعني: عن قتادة، وما رواه أبو داود أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود، عن شعبة به، وما رواه عمرو بن مرزوق؛ لم أرَه إلَّا ما هنا في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وقال شيخُنا: أخرجه الطَّبَرانيُّ في «أكبر معاجمه» عن أبي مسلم الكجِّيِّ ويوسفَ بنِ يعقوب القاضي قالا: حدَّثَنا عمرو بن مرزوق: أخبرَنَا شعبة ... ؛ فذكره بمثل لفظ أبي داود، انتهى.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [3]): (سعيد): هو ابن أبي عروبة، و (زُرارة): هو ابن أبي أوفى، و (سعد): هو ابن هشام، و (عائشة): أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، وتعليق سعيد به أخرجه مسلمٌ في (الدَّعَوات) عن مُحَمَّد بن عبد الله الرازي عن خالد بن الحارث، وعن مُحَمَّد بن بَشَّار عن مُحَمَّد بن بكر؛ كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (الجنائز) عن مُحَمَّد بن بَشَّار به، وعن عَبْد بن حُمَيد بن مسعدة، عن خالد بن الحارث به، وقال: حسنٌ صحيحٌ، وأخرجه النَّسائيُّ عن حُمَيد بن مسعدة به، وعن عمرو بن عليٍّ، عن عبد الأعلى عن سعيد به، وأخرجه ابن ماجه في (الزهد) عن أبي سلمة يحيى بن خلف، عن عبد الأعلى به، وشيخُنا اقتصر على عزوه لـ «مسلم» فقط، والله أعلم.

==========

(1/11675)

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَتْ عَائشَةُ).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَضَرَهُ).

[3] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 690]

(1/11676)

[حديث: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه.]

6508# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، ويقال: عامر، القاضي، ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

==========

[ج 2 ص 690]

(1/11677)

[حديث: إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير]

6509# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ): في أصلنا: (نزل)؛ مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول، وقد تَقَدَّمَ الكلام قريبًا، وفي (باب ما ذُكِر عن بني إسرائيل).

قوله: (فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ): تقدَّم، وكذا (الرَّفِيقَ الْأَعْلَى): تَقَدَّمَ، والأقوالُ فيه، وكذا قوله: (إِذًا لَا يَخْتَارنَا)، وأنَّه يجوز فيه الرفعُ والنصبُ، وكذا ضُبِطَ في أصلنا، وقال شيخُنا: يُقرأ برفع الراء من (يختار)؛ لأنَّه فعلُ حالٍ، و (إذًا) إنَّما تنصب الفعلَ المستقبلَ إذا لم يعتمد ما بعدها على ما قبلها، وإذا لم يكن معها حرف عطف، فإن كان معها حرفُ عطفٍ؛ جاز الوجهان: الرفعُ والنصب ... إلى آخر كلامه، وحاصله: أنَّ (يختارنا) بالرفع لا بالنصب؛ لأنَّه حال، والله أعلم، وقد ضبطت مثله في (مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) بهما؛ فانظره.

(1/11678)

[باب سكرات الموت]

قوله: (بَابُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ): (السَّكَرات)؛ بفتح السين والكاف: جمع (سَكْرة)؛ بإسكان الكاف؛ وهي غلبة الكرب على العقلِ واختلاطُه.

==========

[ج 2 ص 690]

(1/11679)

[حديث: لا إله إلا الله إن للموت سكرات.]

6510# قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ أبي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبو عَمْرٍو ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ): تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ _أَوْ عُلْبَةٌ_ فِيهَا مَاءٌ): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال البُخاريُّ: العُلبة من الخشب، والرَّكوة من الأَدَم، انتهى، وقال ابن قُرقُول: ركوة: هي شبه تَور من أَدَمٍ، وتُفتَح الراء وتُكسَر، انتهى، وقال أيضًا: العُلْبة: القَدَح الضخم من جلود الإبل يُحلَب فيه، وقيل: أسفله جلدٌ، وأعلاه خشبٌ مدوَّرٌ؛ مثل إطار الغربال، وقيل: هو من خشبٍ كلُّه، وقيل: هو عُسٌّ يُحلَب فيه، وقيل: جفنة يُحلَب فيها، انتهى، ولم يذكر شيخُنا في (الركوة) سوى الكسر، ولكن أطال فيها كلامَ أهلِ اللغة، وفي (العلبة).

قوله: (يَشُكُّ عُمَرُ): هو عمر بن سعيد المذكورُ في السند، وهو عمر بن سعيد بن أبي حسين القرشيُّ النوفليُّ المَكِّيُّ، عن طاووس، والقاسم بن مُحَمَّد، وابن أبي مُلَيْكَة، وعطاء، وطائفةٍ، وعنه: ابن المبارك، ويحيى القَطَّان، وعيسى بن يونس، ورَوح بن عُبَادة، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أحمدُ وابن معين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

[ج 2 ص 690]

(1/11680)

[حديث: إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم]

6511# قوله: (حَدَّثَنَا [1] صَدَقَةُ): هذا هو ابن الفضل المروزيُّ، و (عَبْدَةُ) بعده: بإسكان المُوَحَّدة، ابن سليمان.

قوله: (كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْأَعْرَابِ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم بأعيانهم، و (الأعراب): سكَّان البوادي، وكلُّ بدويٍّ أعرابيٌّ وإن لم يكن من العَرَب، وإن كان يتكلَّم بالعربيَّة وهو من العَجَم؛ قلتَ: عَرَبانيٌّ.

قوله: (جُفَاةٌ [2]): أي: غليظو الطَّبْع، وهو مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، صفة لـ (رجال)، و (يَأْتُونَ): هو الخبر، وفي هامش أصلنا نسخةٌ وعليها علامة راويها: (حُفَاةٌ)، وقد عُمِل عليها علامة إهمال تحت الحاء، ولم أرَ أنا هذه النسخةَ في «المطالع» ولا في غيرِه، والذي أعرفه من أنَّه بالجيم، والله أعلم.

قوله: (لَا يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ): تَقَدَّمَ ما (الهرم).

قوله: (قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي: مَوْتَهُمْ): (هشامٌ) هذا: هو المذكور في السند ابنُ عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (جفاةً).

[ج 2 ص 691]

(1/11681)

[حديث: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله]

6512# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و أنَّه [ابن] أخت مالكٍ أحدِ الأعلام المجتهدِ، و (مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بحاءين مهملتين [2] مفتوحَتَين، بعد كلِّ حاءٍ لامٌ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، وبعد الثانية تاء التأنيث، و (أَبو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث بن رِبعيٍّ، و (رِبعيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء، مشدَّد الياء؛ كالنسبة إلى (الربيع) الفصلِ المعروفِ، صَحَابيٌّ معروفٌ، فارسُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ): (مُرَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو لازمٌ، وقد بُنِيَ منه، واللازم لا يُبنَى منه إلَّا قليلًا، نُقِل عن سيبويه، وصاحبُ هذه الجنازة لا أعرفه، و (الجنازة): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الجيم وكسرها، وقيل بالفرق: فللميِّت بالفتح، وبالكسر للسرير، وقيل بالعكس، تَقَدَّمَ في أوَّل (الجنائز).

قوله: (مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا): (النَّصَب): التعب، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَذَاهَا): هو بالقصر، معروفٌ.

قوله: (وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ): أمَّا استراحة الشجر؛ فقيل: لأنَّها تُمنَع القطرَ بمعصيته، قاله الداوديُّ، وقال الباجيُّ: لأنَّه يغيضها ويمنعها حقَّها من الشرب وغيرِه، وأمَّا استراحة الدَّوَابِّ؛ فلأنَّه يؤذيها بضربها والتحميلِ عليها ما لا تطيقه، ويجيعها في بعض الأوقات، وغير ذلك.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] في (أ): (مهملة)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 691]

(1/11682)

[حديث: مستريح ومستراح منه المؤمن يستريح]

6513# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، و (ابْنُ كَعْب): ابن مَالِكٍ، تَقَدَّمَ في الطريق التي قبل هذه أنَّه معبد بن كعب بن مالك، وهو هو، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ، و (أَبو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/11683)

[حديث: يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد]

6514# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء، ولماذا نسب في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/11684)

[حديث: إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده غدوةً وعشيًا]

6515# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّد عَارم، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ): (عُرِض)؛ بضَمِّ العين، وكسر الراء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مَقعدُهُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (إِمَّا النَّارُ، وَإِمَّا الْجَنَّةُ): (إِمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (حَتَّى تُبْعَثَ): (تُبعَث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (البَعْثُ): نشر الموتى من قبورهم.

==========

[ج 2 ص 691]

(1/11685)

[حديث: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.]

6516# قوله: (عَنْ الْأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

==========

[ج 2 ص 691]

(1/11686)

[باب نفخ الصور]

قوله: (بَابُ نَفْخِ الصُّورِ: قَالَ مُجَاهِدٌ: الصُّورُ: كَهَيْئَةِ الْبُوقِ) انتهى: تنبيهٌ: قد أنكر بعض أهل الزيغ أن يكون الصُّور قرنًا، انتهى، يُقال: هو من نورٍ تُجعَل فيه الأرواحُ، يُقال: فيه من الثقب على [عدد] أرواح الخلائق، والله أعلم، ويُروى: أنَّ له رأسَين؛ رأسًا بالمشرق، ورأسًا بالمغرب، والله أعلم.

تنبيهٌ: اختُلِف في عدد النفخات؛ فقيل: ثلاثة؛ نفخة الفَزَع، ونفخة الصَّعْق، ونفخة البَعْث، وهذا اختيار القاضي أبي بكر ابن العربيِّ المالكيِّ وغيرِه، وقيل: نفختان، ونفخةُ الفزع هي نفخةُ الصَّعْق؛ لأنَّ الأمرين لازمان لها؛ أي: فزعوا فزعًا ماتوا منه، والصحيح أنَّهما نفختان لا ثلاثٌ، وصحَّحه القرطبيُّ في «تذكرته»، قال الحَلِيميُّ: واتَّفقتِ الرواياتُ على أنَّ بين النفختين أربعينَ سنةً، وقد تَقَدَّمَ في (تفسير حم السجدة): أنَّها ثلاثُ نفخاتٍ.

(1/11687)

تنبيهٌ: وأمَّا الذي ينفخ؛ فهو إسرافيلُ، قال القرطبيُّ: قال علماؤنا: والأممُ مُجمِعُون على أنَّ الذي ينفخ في الصور إسرافيلُ عليه السلام، قال القرطبيُّ: وقد جاء حديثٌ يدلُّ على أنَّ الذي ينفخ في الصور غيرُ إسرافيلَ، خرَّجه أبو نُعَيم ... ؛ فذكره كما أذكرُه عنه بُعَيد هذا، والله أعلم، ووقع في «المستدرك» للحاكم في (كتاب الأهوال) في أوَّله عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكر حديثًا، وفيه: «مَلَكان مُوَكَّلان بالصُّوْر، ينتظران متى يُؤمَران، فيَنْفُخان ... »؛ الحديث، وفي سنده خارجةُ؛ ضعيفٌ، وفي «سنن ابن ماجه» وغيرِه عن أبي سعيد: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ صاحبَي الصُّوْر في أيديهما قرنان ... » إلى آخره، وفي سنده في «ابن ماجه» حجَّاج وعَطيَّة، وحالتهما معروفةٌ مشهورةٌ، وفي «مسند أحمد» عن أبي مرية _ولا أعرفه؛ أهو صَحَابيٌّ أو تابعيٌّ أو غيرُ ذلك؟ وعنه أسلم الحرانيُّ_ عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو عن عبد الله بن عمرو عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (النافخان في السماء الثانية، رأس أحدهما في المشرق، ورِجلاه بالمغرب، أو قال: رأس أحدهما بالمغرب، ورجلاه بالمشرق، ينتظران متى يُؤمَران أن ينفخان في الصور، فينفخان)، قال القرطبيُّ في «تذكرته» في آخر الكلام على النافخ للصور وقد ذكر حديثًا من «سنن أبي داود» فقال: عن يمينه _يعني: صاحب الصور_ جبريلُ، وعن يساره ميكائيلُ، قال: فلعلَّ لأحدهما قرنًا آخَرَ ينفخ فيه، والله أعلم، وذكر أيضًا حديثًا آخَرَ، وقد قال قبله: قد جاء حديثٌ يدلُّ على أنَّ الذي ينفخ في الصور غيرُ إسرافيل عليه السلام، خرَّجه أبو نُعَيم الحافظ: حدَّثنا سليمان: حدَّثَنا أحمد بن القاسم: حدَّثَنا عَفَّانُ بن مسلم: حدَّثَنا حَمَّاد بن سلمة عن عليِّ بن زيد، عن عبد الله بن الحارث قال: كنت عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعبُ الأحبار، فذكر كعبٌ إسرافيلَ، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا كعبُ؛ أخبرني عن إسرافيل، قال: عندكم العِلْمُ، فقالت: أَجَلْ؛ فأخبرني، فقال: له أربعةُ أجنحةٍ؛ جناحان في الهواء، وجناحٌ قد تسربل به، وجناحٌ على كاهله، والعرشُ على كاهله، والقلمُ على أذنه، فإذا نزل الوحيُ؛ كتب القلمُ، ثُمَّ درست الملائكة، ومَلَك الصُّوْر جاثٍ على إحدى رُكبتَيه، وقد نصبَ الأخرى، ملتقمٌ الصُّوْر،

(1/11688)

محنيًّا ظهرُه، شاخصًا ببصره، ينظر إلى إسرافيل، وقد أُمِر إذا رأى إسرافيلَ قد ضمَّ جناحه أن ينفخَ في الصُّوْر، قالت عائشة: هكذا سمعتُ من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول، غريبٌ من حديث كعبٍ، لم يروِه عنه إلَّا عبدُ الله بن الحارث، رواه خالدٌ الحَذَّاء عن الوليد أبي بشر، عن عبد الله بن رباح، عن كعب نحوَه، انتهى، في السند عليُّ بن زيد، وحالتُه معروفةٌ، قال القرطبيُّ: وما خرَّجه التِّرْمِذيُّ وغيرُه يدلُّ على أنَّ صاحبَ الصُّوْر إسرافيلُ، ينفخ فيه وحدَه، وحديث ابن ماجه يدلُّ على أنَّ معه غيرَه، ثُمَّ ذكر حديثًا عن أبي السريِّ التيميِّ بسنده إلى عبد الرَّحْمَن بن أبي عمرو، وفيه: «ومَلَكان مُوَكَّلان بالصُّوْر، ينتظران متى يُؤمَران»، ثُمَّ قال: قال _يعني: أبا السريِّ_ وحدَّثنا ... ؛ فذكر حديثًا عن كعب، وفيه: «ومَلَكان مُوَكَّلان بالصُّوْر، ينتظران متى يُؤمَران فينفخان».

تنبيهٌ: الصُّوْرُ: القرنُ الذي ينفخ فيه إسرافيلُ عليه السلام عند بعث الموتى إلى المحشر، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ بعضَ أهل الزيغ أنكرَ أن يكون الصُّوْر قرنًا، وقال بعضهم: إنَّه الصُّوَرُ؛ جمعُ (صورة)؛ يريد: صُوَر الموتى تُنفَخ فيها الأرواح، وبه قرأ الحسن بن أبي الحسن البصريُّ: {وَنُفِخَ فِي الصُوَرِ} [الكهف: 99]، وقد ذكر هذه القراءةَ البُخاريُّ في (التفسير) في (سورة الأنعام) [الآية: 73]، ولفظه: ({الصُّوَرِ}: جَمَاعَةُ صُورَةٍ؛ كَقَوْلِهِ: سُورَةٌ وَسُوَرٌ)، انتهى، وكسر الصاد لغةٌ في (الصُّوَر)، والصحيح الأوَّل؛ لأنَّ الأحاديثَ تعاضدت عليه، تارةً بـ (الصُّوْر)، وتارةً بـ (القرن)، وذكر ابن عبد السلام الشَّافِعيُّ الشيخ عزُّ الدين السُّلَميُّ:

[ج 2 ص 691]

الصُّوَر: جمع (صورة)، أو شبه قرن ينفخ فيه، أو عبارة عن الدعاء؛ كالنفخ بالبوق للجيش، انتهى.

قوله: (النَّاقُورُ: الصُّوْرُ): هو بضَمِّ الصاد، وإسكان الواو.

(1/11689)

[حديث: لا تخيروني على موسى.]

6517# قوله: (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): ابن عوف عبدُ الله، وقيل: اسمه إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ؛ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين لا أعرفهما، غير أنَّ الرجلَ المسلمَ أنصاريٌّ، وتَقَدَّمَ قول مَن قال: إنَّ اليهوديَّ فَنحاص، وإنَّ المسلمَ أبو بكر الصِّدِّيق، وأنَّه غلطٌ، تلك قصَّةٌ أخرى غير هذه.

قوله: (لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه غَيْرَ مَرَّةٍ، منها مرَّةٌ في (الأنبياء)، وقبل ذلك في (الإشخاص).

قوله: (يَصْعَقُونَ): قال ابن قُرقُول: ويصعق الناس؛ يعني: يُغشَى على الناس؛ لأنَّه إنَّما يُفاقُ من الغَشْيِ، ويُبْعَثُ من الموت، وأيضًا فإنَّ موسى عليه السلام قد مات بلا شكٍّ، وصعقة الطور لم تكن موتًا؛ بدليل قوله: {فَلَمَّا أَفَاقَ} [الأعراف: 143]، وبدليل قوله تعالى: {فَفَزِعَ} [النمل: 87]، ومرَّةً: {فَصَعِقَ} [الزمر: 68]، وهذه الصعقة _والله أعلم_ في عرصة القيامةِ غيرُ نفخة الموت والحشر، وبعدهما عند تشقُّق الأرض والسماء، وقد تَقَدَّمَ، وفي «التذكرة» ذكر فيه كلامًا للقاضي عياض وغيرِه؛ فانظره، فإنَّه حسنٌ، لكنْ فيه طولٌ، وقد ذكرت أنا كلامًا في ذلك في (الإشخاص)؛ فانظره، وفي آخر كلام «التذكرة»: فإذا تقرَّر أنَّهم أحياءُ؛ فإذا نُفِخَ في الصُّوْر نفخةُ الصَّعْق؛ صَعِق كلُّ مَن في السموات ومن في الأرض إلَّا مَن شاء الله، فأمَّا صعق غير الأنبياء؛ فموتٌ، وأمَّا صعقُ الأنبياء؛ فالأظهر أنَّه غشيةٌ، فإذا نُفِخ في الصور نفخةُ البعث؛ فمَن مات؛ حَيِيَ، ومَن غُشِيَ عليه؛ أفاقَ ... إلى أن قال: ما أختاره هو ما ذكره الحَلِيميُّ واختاره في قوله: فإن حُمِل عليهما الحديث؛ فذاك.

(1/11690)

[حديث: يصعق الناس حين يصعقون فأكون أول من قام]

6518# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَاد): بالنون، واسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (يَصْعَقُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وفي (الإشخاص).

==========

[1] (يوم القيامة): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 692]

(1/11691)

[باب: يقبض الله الأرض]

(1/11692)

[حديث: يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه]

6519# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن المبارَك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيرُ أبيه لا يُقال إلَّا بالفتح.

==========

[ج 2 ص 692]

(1/11693)

[حديث: تكون الأرض يوم القيامة خبزةً واحدةً]

6520# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، و (خَالِد): هو ابن يزيد، أبو عبد الرحيم المصريُّ الفقيه، عن عطاء بن أبي رَباح والزُّهْرِيِّ، وعنه: الليث ومُفَضَّل بن فَضالة، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: لا بأس به.

تنبيهٌ: في الثقات والضعفاء جماعةٌ كلٌّ منهم اسمه: خالد بن يزيد.

و (أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً): (الخُبْزة): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وإسكان المُوَحَّدة، وبالزاي، ثُمَّ تاء التأنيث، قال أهل اللغة: هي الظُّلمة توضَع في الملَّة.

قوله: (يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ): (يتكفَّؤها): بالهمز؛ أي: يميلها من يدٍ إلى يدٍ حتَّى تجتمعَ وتستويَ؛ لأنَّها ليست منبسطةً كالرُّقَاقة ونحوِها، والكلام في (اليد) معروفٌ، تعالى الله عن الجارحة.

قوله: (كَمَا يَكْفَأُ): هو بفتح أوَّله، وهمزة في آخره.

قوله: (فِي السَّفَرِ): هو بفتح السين المُهْمَلَة والفاء، و (السَّفَر): ضدُّ الحضر، قال شيخُنا: وروينا: (السُّفر)؛ بضَمِّ السين، على أنَّه جمع «سُفرة»، انتهى، وظاهر ذلك أنَّه من كلام ابن التين، لا من كلام شيخِنا، والله أعلم.

قوله: (نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ): (النُّزُل): بضَمِّ النون والزاي، ويجوز إسكانها، و (النُّزل): ما يُعَدُّ للضيف عند نزوله، والحكمة في جعل الله عزَّ وجلَّ الأرضَ رغيفًا واحدًا يضيف به أهل الجنَّة؛ إشارة إلى أنَّهم لا يعودون إلى دار الدنيا إلى الأرض التي كان قرارُهم عليها، وكذا الحكمة في ريح النون والثور، كما تَقَدَّمَ، وقدَّمت فيه كلامَ السُّهَيليِّ؛ فانظره.

قوله: (فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ): هذا الرجل اليهوديُّ لا أعرف اسمه.

قوله: (بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ ما (النُّزل) أعلاه وضبطُه، وكذا تَقَدَّمَ (خُبْزَةً) أعلاه، وكذا تَقَدَّمَ قبلُ (النَّوَاجِذ): أنَّها الأنيابُ، ويقال: الأضراس.

(1/11694)

قوله: (بَالَامُ [1] وَنُونٌ): قال النَّوَويُّ: هو بفتح المُوَحَّدة، وتخفيف اللام، وميم مرفوعة غير مُنَوَّنة، وفي معناها أقوالٌ مضطربةٌ، الصحيح منها الذي اختاره القاضي عياض وغيرُه من المحقِّقين: أنَّها لفظة عبرانيَّة؛ معناها بالعبرانيَّة: ثور، ولهذا سألوا اليهوديَّ عن تفسيرها، ولو كانت عربيَّة؛ لعرفتها الصَّحَابةُ، ولم يحتاجوا إلى سؤاله، فهذا هو المختار في بيان هذه اللفظة، انتهى، وللناس فيها كلامٌ ذكره في «المطالع» في (الباء مع الهمزة)، وكذا في «النهاية»، ولكن لم يُطِلِ الكلامَ عليها، بل ذكرَ فيها كلام الخَطَّابيِّ، والله أعلم، ومقتضى ما ذكره ابن قُرقُول وابنُ الأثير أن تكون الكلمةُ مهموزةً، وكأنَّها لمَّا كانت همزتُها في الوسط ساكنةً؛ تُجُوِّزَ تسكينُها، ولم ينصَّ النَّوَويُّ على همزها، والله أعلم.

قوله: (مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا): تَقَدَّمَ الكلام على (زيادة الكبد) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» بالتنوين.

[ج 2 ص 692]

(1/11695)

[حديث: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء]

6521# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّ] أبا مريم الحكمُ بن مُحَمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة:

[ج 2 ص 692]

سلمة بن دينار.

قوله: (عَفْرَاءَ): (العَفْرَاء): بفتح العين المُهْمَلَة، ثُمَّ فاء ساكنة، ممدودٌ، وهي التي ليست بخالصة البياض، هي إلى الحُمْرة قليلًا، ومنه قيل للظِّباء: عُفْرٌ؛ لأنَّها كذلك، وقيل: شديدة البياض.

قوله: (كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ): (النَّقِيُّ): بفتح النون، وكسر القاف، وتشديد الياء، وهو الدقيق الحُوَّارى؛ وهو الدَّرْمَك، قال القاضي: كأنَّ النارَ غيَّرت بياضَ هذه الأرض إلى الحُمْرة.

قوله: (قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ): أمَّا (سهل)؛ فهو الصَّحَابيُّ راوي هذا الحديث، ابنُ سعد، وأمَّا (غيره)؛ فلا أعرفه مَن هو مِن رواة هذا الحديث، والله أعلم، والظاهر أنَّه صَحَابيٌّ، والله أعلم.

قوله: (مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ): (المَعْلَم)؛ بفتح الميم، وإسكان العين [1] المُهْمَلَة، وفتح اللام: العلامة والأثر؛ لأنَّها أرضٌ أُخرى.

تنبيهٌ: قوله: (لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ): فصله البُخاريُّ فجعله من قول سهلٍ أو غيرِه، وأدرج ذلك مسلمٌ، ولفظه: «كقرصة النَّقِيِّ، ليس فيها عَلَمٌ لأَحَدٍ»، انتهى.

==========

[1] في (أ): (اللام)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11696)

[باب: كيف الحشر]

قوله: (بَاب كَيْفَ الْحَشْرُ): اعلم أنَّه اختلف الناس في حشر البهائم، وفي قصاص بعضها من بعض؛ فرُوِيَ عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ حشرَ الدَّوابِّ والطيرِ موتُها، وقاله الضَّحَّاك، ورُوِيَ عن ابن عَبَّاس في روايةٍ أخرى: أنَّ البهائمَ تُحشَر وتُبعَث، وقاله أبو ذرٍّ، وأبو هريرة، والحسنُ، وغيرُهم، وهو الصحيح؛ لقوله: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5]، وقولِه: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38]، وقال أبو هريرة: يُحشَر الخلقُ كلُّهم يوم القيامة؛ البهائم، والطير، والدَّوابُّ، وكلُّ شيء، فيبلغ من عدل الله أن يأخذَ للجمَّاء من القرناء، ثُمَّ يقول: (كوني ترابًا)، فذلك قولُه تعالى حكايةً عن الكفَّار: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40]، ونحوُه عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاصي، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 693]

(1/11697)

[حديث: يحشر الناس على ثلاث طرائق]

6522# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، و (ابْنُ طاوُوسٍ) بعده: هو عبد الله بن طاووس.

قوله: (عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ): (ابن طاووس): هو عبد الله، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ [1]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا في أصلنا، ومكتوبٌ في هامشه: (عن أبي هريرة، في بعض النسخ) [2]، و (أبو هريرة) لا بدَّ منه، والحديثُ ليس مرسلًا، وإنَّما هو متَّصلٌ، وقد طرَّفه المِزِّيُّ بذكر (أبي هريرة) في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «النَّسائيِّ»، وراجعت أصلنا الدِّمَشْقيَّ؛ فوجدته بذكر (أبي هريرة)، والله أعلم، فقد سقط من أصلنا القاهريِّ.

قوله: (يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: قال العلماء: هذا الحشرُ في آخر الدنيا قبل القيامة قبل النفخ في الصُّوْر؛ بدليل قوله: «وتَحشُر بقيَّتَهم النارُ تبيت معهم حيث باتوا»، وهذا الحشر آخر أشراط الساعة؛ بدليل قوله: «وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من قعر عدن، تُرحل الناسَ»، وفي رواية: «تطردُ الناسَ إلى محشرهم»، انتهى، وعن الخَطَّابيِّ: أنَّ هذا الحشرَ الذي قبل قيام الساعة، يُحشَرُ الناسُ أحياءً إلى الشام، وأمَّا الحشرُ بعد البعث من القبور؛ فإنَّ ذلك يخرجون حفاةً [3] عراةً، انتهى.

قوله: (عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ): (الطرائق): الفِرق، وقال الحَلِيميُّ في كتاب «المنهاج»: حديث ابن عَبَّاس ... ؛ وذكر أنَّ ذلك في الآخرة، فقال: يحتمل قولَه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يحشر الناس على ثلاثِ طرائقَ»: إشارةً إلى الأبرار والمخلِّطين والكفَّار، فالأبرار: هم الراغبون إلى الله تعالى فيما أعدَّ لهم من ثوابه، والراهبون هم الذين بين الخوف والرجاء، فأمَّا الأبرار؛ فإنَّهم يُؤتَون بالنجائب، كما في الحديث على ما يأتي في هذا الباب، وأمَّا المخلِّطون؛ فهم الذين أُريدوا في هذا الحديث، وقيل: إنَّهم يُحمَلون على الأبعرة، وأمَّا الفُجَّار؛ فإنَّهم الذين تحشرُهم النارُ ... إلى آخر كلامه، فإن أردته؛ فانظره من «المنهاج»، أو في كلام القرطبيِّ في «التذكرة» في (باب الحشر)، وعقَّب الكلامَ القرطبيُّ: أنَّ ما ذكره القاضي عياض أنَّ ذلك في الدنيا أظهرُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...