65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج22. التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط بن العجمي

 

ج22. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح

  على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء]

5783# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ.

قوله: (لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ): أي: لا ينظر إليه نظر رحمة إن أنفذ عليه الوعيدَ، والله أعلم.

[باب من جر إزاره من غير خيلاء]

قوله: (خُيَلَاءَ): هو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة وتُكسَر أيضًا، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، وفي آخره همزةٌ ممدودةٌ؛ وهي التَّكبُّر، وقد تَقَدَّمَ.

[حديث: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.]

5784# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): هو ابن معاوية بن حُدَيج، الحافظ، أبو خيثمة، تَقَدَّمَ.

قوله: (خُيَلَاءَ): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي أعلاه وقبله أيضًا.

[حديث أبي بكرة: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله]

5785# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: (نسبه ابن السكن: مُحَمَّد بن سلَام)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وتَقَدَّمَ سماعه من أبي بكرة نفيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ (أَبُو بَكْرَةَ) مُترجَمًا.

قوله: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخسوف) و (الكسوف) مُطَوَّلًا في بابه، ومتى خُسِفتِ الشَّمس، وهل اتَّفق ذلك مَرَّاتٍ أو مرَّة واحدة، مُطَوَّلًا في بابه.

قوله: (وَثَابَ النَّاسُ): (ثاب)؛ بالمثلَّثة، وفي آخره مُوَحَّدَةٌ؛ أي: اجتمع.

قوله: (فَجُلِّيَ عَنْهَا): (جُلِّي)؛ بِضَمِّ الجيم، وكسر اللَّام المُشَدَّدة وتُخفَّف: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ومعناه معروف.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 560]

(1/10480)

[باب التشمير في الثياب]

(1/10481)

[حديث أبي جحيفة: فرأيت بلالًا جاء بعنزة فركزها]

5786# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (إسحاق) هذا في (سورة البقرة) في (التَّفسير)، و (ابن شُمَيل): هو النَّضر؛ بالمُعْجَمة، ولا يحتاج إلى تقييد، و (عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، والاختلاف فيه.

قوله: (جَاءَ بِعَنَزَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (العَنَزَة) في أوائل هذا التعليق، ومَن جاء بها، ومن أين أتت، وغير ذلك؛ فانظره.

قوله: (فِي حُلَّةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلَّة) ما هي.

(1/10482)

[باب: ما أسفل من الكعبين فهو في النار]

(1/10483)

[حديث: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار]

5787# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبرِيّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتحِها.

==========

[ج 2 ص 560]

(1/10484)

[باب من جر ثوبه من الخيلاء]

قوله في التَّرجمة: (مِنَ الْخُيَلَاءِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطها، وما هي.

==========

[ج 2 ص 560]

(1/10485)

[حديث: لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرًا]

5788# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنُّون، واسمه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (بَطَرًا): هو بفتح الموحَّدة والطَّاء المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: (ويجوز كسرها على المصدر أو على الحال، وأصل البطر: الطُّغيان عند النِّعمة والعافية، فيسوء احتماله لها، يكون منه الكِبرُ، والأشَرُ، والبَذَخُ ... ) إلى آخر كلامه.

==========

[ج 2 ص 560]

(1/10486)

[حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته]

5789# قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ): هذا (الرَّجل) الذي خُسِف به تَقَدَّمَ في (المناقب) عن شيخنا أنَّه قارون، وهذا الحديث يشبه ذاك الحديث الذي قال فيه شيخنا ذلك، ويحتمل أن يكون غيره، وأمَّا هنا؛ فلم يذكر فيه شيئًا، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ هنا عن السُّهيليِّ أنَّه ذكر في «مبهمات القرآن» في قوله تعالى: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا} [الصَّافَّات: 97]: (قائل هذه المقالة _فيما ذكره الطَّبريُّ_ الهَيْزَنُ، رجل من أعراب فارس؛ وهم التُّرك، وهو الذي جاء في الحديث: «بينما رجل في حلَّة يتبختر فيها فخُسِف به؛ فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة»، قال: (وفي «صحاح الجوهريِّ»: أنَّه قارون)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: (ذكر البَيْهَقيُّ عن الطَّبريِّ أنَّ اسمه الهَيْزَن، وأنَّه مِن أعراب فارس)، قال: ووقع في كتاب «القرآن» للكلاباذيِّ الجزمُ بأنَّه قارون، وكذا ذكر الجوهريُّ في «الصِّحاح»، وفي «تاريخ الطَّبريِّ» عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: (ذُكِر لنا أنَّه يُخسَف بقارون كلَّ يوم قامة، وأنَّه يتجلجل فيها، لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة).

قوله: (فِي حُلَّةٍ): تَقَدَّمَ ما (الحلَّة).

قوله: (مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ): (مُرَجِّل): بِضَمِّ الميم، وفتح الراء، وكسر الجيم المُشَدَّدة؛ أي: مُسرِّح مُنظِّف شعر رأسه، و (الجُمَّة)؛ بِضَمِّ الجيم، وفتح الميم المُشَدَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث: أكثر من الوفرة، وذلك إذا سقطت على المنكبين، والوفرة إلى شحمة الأذن، واللِّمة بينهما تلمُّ بالمنكب، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الجُمَّة والوفرة، وما وقع فيها مِن التناقُض لبعضهم.

(1/10487)

قوله: (فَهْوَ يَتَجَلْجَلُ [1]): هو بجيمَين مفتوحتَين، بعد كلِّ جيم لامٌ؛ الأولى ساكنة، قال ابن قُرقُول: («يتجلجل»: كذا للكافَّة، ورواه بعضهم: «يتخلخل»؛ بخاءَين معجمتَين، والأوَّل أصحُّ وأعرفُ، والتَّجلجل: السُّؤوخ في الأرض مع حركة واضطراب، قاله الخليل، قال الأصمعيُّ: هو الذهاب بالشيء أو المجيء به، وأصله: التَّردُّد، ومنه: تَجلجَل في كلامه، وتلجلج؛ إذا تردَّد، وأمَّا يتخلخل؛ فبعيدٌ ههنا إلَّا أن يكون من قولهم: خلخلت العظم؛ إذا أخذت ما عليه مِن اللَّحم، أو من التخلُّل والتَّداخُل خلال الأرض، قال القاضي: وقد رويناه في غير هذين الكتابين: «يتحلحل»؛ بحاءَين مهملتين)، انتهى، وفي أصل من أصولي: (يتخلَّل)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) وهامش «اليونينيَّة»، وفي «اليونينيَّة»: (يَتجَلَّل).

[ج 2 ص 560]

(1/10488)

[حديث ابن عمر: بينا رجل يجر إزاره خسف به فهو يتجلل في الأرض]

5790# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمام الجَوَادُ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الرَّجل) أعلاه، وقبله قبيل (المناقب)؛ فانظره.

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على عبد الرحمن بن خالد الراوي عن ابن شهاب؛ وهو الزُّهريُّ، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، ومتابعة يونس عن الزُّهريِّ أخرجها البُخاريُّ في (ذكر بني إسرائيل) عن بِشْر بن مُحَمَّد، عن عبد الله، عنه به، وقال: تابعه عبد الرحمن بن خالد عن الزُّهريِّ، وأخرجها النَّسَائيُّ في (الزِّينة) عن وهب بن بيان، عن ابن وهب، عنه به.

قوله: (وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): كذا في أصلنا، وعليه علامة راويه، وفي الهامش عوض (الزُّهريِّ): (أبي هريرة)، وعليه: (صح)، وفوقه: (كذا)؛ أي: كذا وُجِد، وفي هذا نظر، و (أبو هريرة) لم يجر له ذكرٌ في هذا الحديث، وراجعتُ أصلنا الدِّمَشْقيَّ؛ فوجدته كان كذلك: (عن أبي هريرة)، ثُمَّ ضُرِب عليه، وعُمِل عوضه (عن الزُّهريِّ)، ولكنَّه كُتِب عليه: (خـ)؛ صورة نسخة، ولم يذكر ذلك أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»، ولا ابن قُرقُول في «مطالعه»، والذي يظهر أنَّ الصواب: (عن الزُّهريِّ)، وكذا ذكره المِزِّيُّ في مكانَين في تطريف الحديث، والله أعلم.

و (شعيب): هو ابن أبي حمزة، هذا وقفه، والاثنان عبد الرَّحمن بن خالد ويونس رفعاه، وقد قَدَّمْتُ الخلاف فيما إذا روى بعضُ الثِّقات الحديث موقوفًا وبعضهم مرفوعًا، أو بعضهم مُرْسَلًا وبعضهم مُتَّصلًا؛ أربعة أقوال، وأنَّ الصَّحيح: أنَّ العبرة بمَن رَفَع أو وَصَل، والله أعلم.

[ج 2 ص 560]

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» لم يذكر راويًا عن وهب بن جَرِير اسمه عبد الله بن مُحَمَّد إلَّا المسنديَّ، ونسبه أيضًا، وأمَّا الذَّهَبيُّ؛ فإنَّه ذكر رواةً في ترجمة وهب، ثُمَّ قال: وخلائق، ولم يذكر فيهم المسنديَّ، والله أعلم، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): هو ابن حَازم.

(1/10489)

[حديث: من جر ثوبه مخيلة]

5791# قوله: (لَقِيتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (مُحَاربًا [1])؛ بالحاء المُهْمَلة، والموحَّدة: اسم فاعل من (حَارب)، و (دِثَار)؛ بكسر الدال المُهْمَلة، وتخفيف الثاء المثلَّثة، وفي آخره راءٌ، وهذا كلُّه ظاهر عند أهله معروف لا يحتاج إليه المُحدِّثون، وترجمة مُحَارب معروفة، قاضي الكوفة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (مِنْ مَخِيْلَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأنَّها التَّكبُّر.

قوله: (تَابَعَهُ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحارب بن دِثَار، و (جَبَلة)؛ بالجيم المفتوحة، والموحَّدة المفتوحة، ثُمَّ لام، ثُمَّ تاء التأنيث، و (سُحَيْم)؛ بِضَمِّ السين وفتح الحاء المُهْمَلتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم، ومتابعته أخرجها النَّسَائيُّ، ومتابعة زيد بن أسلم أخرجها البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ [2] مِثْلَهُ): ومتابعة (اللَّيث) _هو ابن سعد_ أخرجها مسلم والنَّسَائيُّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): متابعة موسى بن عقبة أخرجها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، ومتابعة عمر بن مُحَمَّد _هو عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر_ أخرجها مسلم، و (قدامة بن موسى): هو قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون، ومتابعته ليست في الكُتُب السِّتَّة ولا في شيء منها، والله أعلم.

(1/10490)

[باب الإزار المهدب]

قوله: (بَابُ الإِزَارِ الْمُهَدَّبِ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الهاء، وتشديد الدال المُهْمَلة المفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة؛ وهو الذي له هُدب؛ وهي أطراف مِن سَدَاةٍ لم تُلحَم، وربَّما فُتِلَتْ يُقصَد بها بقاؤه، قاله الحربيُّ، وقد يُقصَد به جَمالُه أيضًا، وقد فسَّره بعضهم بما له خملٌ، ولم يقل شيئًا، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَحَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكأنَّه لم يصحَّ عنده الإسنادُ إلى كلِّ واحد منهم، و (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، و (أبو بكر بن مُحَمَّد): الظاهر أنَّه أبو بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَتْ ترجمته، وقد وُلِّي القضاء والإمرة والموسم على المدينة لسليمان ولعمر بن عبد العزيز، كان من علماء زمانه، مشهور الترجمة، وقد تَقَدَّمَ بعضُها، وأمَّا (حمزة بن أَبي أُسَيد)؛ فهو بِضَمِّ الهمزة، وفتح السِّين على الصواب، كما تَقَدَّمَ، و (أبو أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّه مالك بن ربيعة السَّاعديُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وأمَّا (معاوية بن عبد الله بن جعفر)؛ فهو ابن أبي طالب الهاشميُّ المدنيُّ، وَثَّقَهُ أحمد العِجْليُّ وغيره، وقال يعقوب بن شيبة: كان مُقدَّمًا يُوصف بالفضل والعلم، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وروى له النَّسَائيُّ وابن ماجه.

قوله: (لَبِسُوا ثِيَابًا مُهَدَّبَةً): تَقَدَّمَ أعلاه ما (المُهَدَّب)، والله أعلم.

(1/10491)

[حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى يذوق عسيلتك]

5792# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها؛ فقيل: سُهَيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل (باب مَن أجاز الطلاق الثلاث) عليها؛ فانظره إن أردته، و (رفاعة): تَقَدَّمَ الكلام عليه في الباب المشار إليه، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ)، وأنَّه بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبه رضي الله عنه.

قوله: (مِثْلُ الْهُدْبَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الهدبة) وضبطها، وأنَّها الخصلة الواحدة من الهُدب، ومثَّلتْ ذكَره بهُدبة الثَّوب.

قوله: (مِنْ جِلْبَابِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم، وإسكان اللَّام، وتَقَدَّمَ ما هو.

قوله: (فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ): هو خالد بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس أبو سعيد، قالت ابنتُه أمُّ خالد: كان أبي خامسًا في الإسلام، وقيل: كان ثالثًا أو رابعًا في الإسلام، وهو مشهور رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ كلام مَن قال: إنَّه أسلم قبل الصِّدِّيق، وكلامُ من قال: قبل عليٍّ رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها؛ فانظر ذلك، وما جاء في «النَّسَائيِّ» وغيره أنَّها الجماع.

قوله: (فَصَارَ سُنَّةً بَعْدُ): هذا من كلام الزُّهريِّ، فيما يظهر لي، فإنَّها عادتُه، وإذا كان كذلك؛ فقول التابعيِّ: (مِن السُّنَّة كذا) هل هو موقوف مُتَّصِل أو مَرْفوعٌ مُرْسَل؟ فيه وجهان لأصحاب الشَّافِعيِّ، والأصحُّ في مسألة التابعيِّ: أنَّه موقوف، كما قاله النَّوَويُّ في «شرح المُهذَّب»، انتهى، والذي يظهر لي أنَّه مُرْسَل على قياس قول التابعيِّ: (يرفع الحديث) ونحوها من الألفاظ، وإلَّا؛ فما الفرق؟! وقد قال شيخنا العراقيُّ فرقًا بينه وبين (يرفع الحديث) ونحوها من تلك الألفاظ، لكن قال فيه: يُمكن أن يجاب عنه ... ؛ فذكره، وقد رأيتُ المسألة في كلام ابن قَيِّم الجَوزيَّة، ولم يذكر إلَّا أنَّه مُرْسَل، وهو الذي يظهر، والله أعلم.

(1/10492)

[باب الأردية]

قوله: (بَابُ الأَرْدِيَةِ): هو جمع (رِداء)؛ وهو _بكسر الرَّاء وبالمدَّ_ ما كان على أعلى الجسد، والإزار: ما كان على أسفله، قوله: (وَقَالَ أَنَسٌ: جَبَذَ أَعْرَابِيٌّ رِدَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الأعرابيُّ) لا أعرفه، وهذا التعليق يأتي في (باب البرود والحبرة والشملة)، وقد أخرجه في (الخمس)، وهنا في (اللِّباس) في (باب البرود والحبرة)، وفي (الأدب)، وأخرجه مسلم في (الزَّكاة) وابن ماجه.

==========

[ج 2 ص 561]

(1/10493)

[حديث: فدعا النبي بردائه ثم انطلق يمشي]

5793# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عَبْدان) لقبٌ، وأنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَةَ بن أبي روَّاد، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ [1]، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زين العابدين.

==========

[1] في (أ): (اللَّيثي).

[ج 2 ص 561]

(1/10494)

[باب لبس القميص وقول الله تعالى حكاية عن يوسف ... ]

قوله: (بَابُ لُبْسِ الْقَمِيصِ): ذكر فيه ثلاثة أحاديث، وقد ذكر شيخنا عدَّة أحاديث فيها ذكرُ القميص من الكُتُب السِّتَّة، ثُمَّ قال: وفيما ذكرناه ردٌّ على قول ابن العربيِّ في «سراجه»: (ما سمعت للقميص ذكرًا صحيحًا إلَّا في الآية السابقة؛ يعني: التي ساقها البُخاريُّ، وحديث ابن أُبيٍّ: «وتكفينه في قميصه»، ولم أر لهما ثالثًا فيما يتعلَّق برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في خاصَّته صحيحًا)، انتهى، وكأنَّ هذه الأحاديث التي ساقها شيخنا لم تصحَّ عند ابن العربيِّ، وبعضُها لا يَردُ عليه، والله أعلم.

(1/10495)

[حديث: لا يلبس المحرم القميص ولا السراويل ولا البرنس]

5794# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو حمَّاد بن زيد، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرجل) لا أعرفُه.

قوله: (وَلَا السَّرَاوِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (الْبُرْنُس).

==========

[ج 2 ص 562]

(1/10496)

[حديث: أتى النبي عبد الله بن أبي بعد ما أدخل قبره]

5795# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ [1]): كذا في أصلنا، وعلى (عثمان): نسخةٌ، وفي الهامش: (مُحَمَّد) عوض (عثمان)، وعُمِل عليه: (صح)، فصار الصَّحيح فيها: (عبد الله بن مُحَمَّد)، وكذا هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (عبد الله بن مُحَمَّد)، وفي نسخة عوض (مُحَمَّد): (عثمان)، وقد راجعتُ «أطراف المِزِّيِّ»؛ فرأيته قد طرَّفه، فقال: وفي (اللِّباس): (عن عبد الله بن عثمان)، قال: وفي (الجهاد): (عن عبد الله بن مُحَمَّد)، فالحاصل: أنَّ هذا عنده: عبد الله بن عثمان، والذي في (الجهاد): عبد الله بن مُحَمَّد، وقد تابع شيخُنا المِزِّيَّ على تطريفه على ما ذكرته: أنَّ هذا الذي في (اللِّباس) عبد الله بن عثمان، والذي في (الجهاد) عبد الله بن مُحَمَّد، انتهى، ورأيت أبا عليٍّ الغسانيَّ ذكر هذا المكان، فقال: هكذا روينا في «الجامع»: (حدَّثنا عبد الله بن عثمان: حدَّثنا سفيان)، عن أبي عليِّ ابن السكن وأبي ذرٍّ عن شيوخه، وكذلك في نسخة النسفيِّ، وهكذا أخرجه أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ في كتابه عن البُخاريِّ عن عبد الله بن عثمان، عن سفيان، ووقع في نسخة أبي زيد: (حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد: حدَّثنا سفيان)، أمَّا عبد الله بن عثمان؛ فهو عَبْدان، ولا أحفظ له رواية عن سفيان في «الجامع» إلَّا هذه إن كانت محفوظةً، وعبد الله بن مُحَمَّد المسنَديُّ قد روى البُخاريُّ عنه كثيرًا عن ابن عيينة، وروى البُخاريُّ أيضًا بعضَ هذا الحديث في (الجهاد) عن عبد الله بن مُحَمَّد المسنَديِّ، عن سفيان، انتهى، فإذن الراجح عنده أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد المسنديُّ، والله أعلم.

و (عبد الله بن عثمان): هو ابن جَبَلة بن أبي روَّاد عَبْدان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عبد الله بن مُحَمَّد) الذي في (الجهاد): تَقَدَّمَ أيضًا الكلام عليه مَن هو، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ.

قوله: (أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ): (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ فاعل، و (عبدَ الله): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهو عبد الله بن أُبَيٍّ ابنُ سلول، تَقَدَّمَ الكلام عليه وبعض ترجمته، وأنَّه رأس المنافقين، وكيف التلفُّظ به وكتابته.

(1/10497)

قوله: (بَعْدَمَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ): (أُدخِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (قبرَه): مَنْصوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)؛ فانظره.

قوله: (فَأُخْرِجَ، وَوُضِعَ): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما.

قوله: (وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ): تَقَدَّمَ ما (النفث)، وكذا (وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ)، والضمير في (القميص) يعود على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تَقَدَّمَ في (الجنائز) لِمَ فعل ذلك به.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ الهرويِّ والأصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت، وفي «اليونينيَّة»: (عبد الله بن محمَّد).

[ج 2 ص 562]

(1/10498)

[حديث: إذا فرغت فآذنا]

5796# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن الفضل، و (يَحْيَى) بعده: هو القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ الفقيهُ، أحد الفقهاء السبعة.

قوله: (لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ): تَقَدَّمَ تاريخ وفاته في (الجنائز).

قوله: (جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ابنه): عبد الله بن عبد الله بن أُبَيٍّ، رجلٌ صالحٌ من الأخيار الشهداء يوم اليمامة، وقد كان اسمه الحُبَاب، فسمَّاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عبدَ الله، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (أَعْطِنِي): هو بهمزة قطعٍ؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وكذا (فَآذِنَّا): تَقَدَّمَ أنَّه بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلِمْنَا، وكذا (فَآذَنَهُ [1]) بمدِّها؛ أي: أَعْلَمَه، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (آذنه).

[ج 2 ص 562]

(1/10499)

[باب جيب القميص من عند الصدر وغيره]

قوله: (بَابُ جَيْبِ الْقَمِيصِ): (جيب القميص): هو طوقه الذي يخرج منه الرأس، وإن شئتَ؛ قلتَ: المنفذ الذي يدخل فيه الرأس.

(1/10500)

[حديث: ضرب رسول الله مثل البخيل والمتصدق كمثل]

5797# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، ومستندي في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ؛ وذلك لأنَّه لم يذكر في الرواة عن أبي عامر العَقَديِّ عبدِ الملك بن عمرٍو راويًا اسمُه عبدُ الله بن مُحَمَّد سوى المسنَديِّ، فغلب على ظنِّي أنَّه هو، والذهبيُّ ذكر جماعةً روَوا عنه لم يذكر فيهم المسنَديَّ، ولا مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد، ثُمَّ قال: وخلائق، و (أَبُو عَامِرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه العَقَديُّ، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، و (الْحَسَن): هو ابن مسلم بن يَنَّاقَ.

قوله: (عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ): هو هنا في أصلنا بالموحَّدة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الزكاة)؛ فانظره، وأنَّ الصَّحيحَ النونُ.

قوله: (قَدِ اضْطُرَّتْ): هو بفتح الطاء المُهْمَلة وضمِّها؛ لُغَتان تقدَّما، وأنَّه بهما بالرفع في الحالَين، وفي أصلنا القاهريِّ مَنْصوبٌ مع فتح الطاء، وعليه علامة راويه، وفيه نظرٌ.

قوله: (إِلَى ثُدِيِّهِمَا): تَقَدَّمَ الكلام على (الثُّديِّ)، وعلى (التَّرَاقِي)، وعلى (الحَلْقَة)، وأنَّها بسكون اللام وتُفْتَح، والكلام على جمعهما.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ طَاوُوسٍ عَنْ أَبِيهِ): الضمير في (تابعه) يعود على الحسن بن مسلم بن يَنَّاق، و (ابن طاووس): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله، ومتابعة ابن طاووس عن أبيه أخرجها البُخاريُّ في (الزكاة) وفي (الجهاد) عن موسى بن إسماعيل، ومسلمٌ في (الزكاة) عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن أحمد بن إسحاق الحضرميِّ، والنَّسَائيُّ فيه عن أحمد بن سليمان عن عَفَّانَ بن مسلم؛ ثلاثتهم عن وهب بن خالد، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه به.

قوله: (وَأَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا الزناد) بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ (الأعرج): عبد الرحمن بن هرمز، وطاووس والأعرج يرويانه عن أبي هريرة، و (الْجُبَّتَيْنِ): بالموحَّدة، وحديث ابن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أخرجه مسلمٌ في (الزكاة) عن عمرٍو الناقد، والنَّسَائيُّ فيها عن مُحَمَّد بن منصور الجوَّاز؛ كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وشيخُنا بيَّض له.

(1/10501)

قوله: (وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ حَيَّانَ [1]): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، يكنى (جعفر) هذا أبو الأشهب، عطارديٌّ، يروي عن أبي رجاء والحسن، وعنه: القَطَّان ومسلم بن إبراهيم، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (165 هـ)، أخرج له الجماعة، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: قوله: (ابن [2] حَيَّانَ): وقع في روايةٍ، والأكثر: (ابن ربيعة)؛ وهو الأشبهُ، انتهى.

قوله: (جُنَّتَانِ): هو بالنون، في رواية جعفر عن الأعرج: (جُنَّتان)؛ بالنون.

قوله: (وَقَالَ حَنْظَلَةُ: سَمِعْتُ طَاوُوسًا: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: جُبَّتَانِ) [3]: (حنظلة) هذا: هو حنظلة بن أبي سفيان الجمحيُّ، وهو حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أُمَيَّة المَكِّيُّ، من الأثبات، عن طاووس والقاسم، وعنه: القَطَّان وأبو عاصم، ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، قال شيخنا: وحديث حنظلة أخرجه الإسماعيليُّ عن الفضل بن سهل: حدَّثنا إسحاق الرازيُّ: حدَّثنا حنظلةُ به.

قوله: (وَقَالَ جَعْفَرٌ عَنِ الأَعْرَجِ: جُنَّتَانِ) [4]: يعني: بالنون، ولم يُخَرِّج أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة حديثَ جعفر _وهو ابن ربيعة_ عن الأعرج إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخُنا.

(1/10502)

[باب من لبس جبةً ضيقة الكمين في السفر]

(1/10503)

[حديث: انطلق النبي لحاجته ثم أقبل فتلقيته]

5798# قوله: (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ): هذا دارميٌّ بصريٌّ، يروي عن أبي عوانة وطبقتِه، وعنه: البُخاريُّ، وابن الضريس، وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (227 هـ)، وقيل غير ذلك، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخٌ، وهذا غير قيس بن حفص أبي مُحَمَّد البصريِّ، حاجب بكَّار بن قتيبة القاضي بمصر، قال ابن يونس: كتبت عنه، تُوُفِّيَ سنة (281 هـ)، ذكرته للتمييز، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح، و (مَسْرُوقٌ): هو ابن الأجدع، أحد الأعلام.

[ج 2 ص 562]

قوله: (انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ): هذا كان في غزوة تبوك، كما هو مصرَّح به في بعض طرقه.

قوله: (شَأْمِيَّةٌ): هي بتشديد الياء، ويُقال بالتخفيف، ذكر ذلك الجوهريُّ.

(1/10504)

[باب جبة الصوف في الغزو]

(1/10505)

[حديث: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما]

5799# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو زكرياء بن أبي زائدة، و (عَامِر): هو عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ.

قوله: (فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّها غزوة تبوك، وكذا تَقَدَّمَت (الإِدَاوَةَ).

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10506)

[باب القباء وفروج حرير]

قوله: (بَابُ الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ): (الفَرُّوْج): بفتح الفاء، وبعد الفاء راء مشدَّدة وتُخَفَّف _ذكرهما ابن قُرقُول، وقال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: بفتح الفاء، وضمِّ الراء المُشَدَّدة، هذا هو الصَّحيح، ولم يذكر الجمهورُ غيرَه، وحُكِيَ ضمُّ الفاء، وحكى القاضي في «الشرح» و «المشارق» تخفيفَ الراء وتشديدَها، والتخفيف ضعيفٌ غريبٌ، قاله النَّوَويُّ، وقد ذكر ذلك في (الصلاة) بأطولَ من هذا_ وبعد الراء واو ساكنة، ثُمَّ جيم، قال البُخاريُّ في الترجمة: (وَهْوَ الْقَبَاءُ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ)، ولم يذكر النَّوَويُّ غير الثاني، والله أعلم.

(1/10507)

[حديث: قسم رسول الله أقبيةً ولم يعط مخرمة شيئًا]

5800# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، و (الْمِسْوَر ابْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه صَحَابيٌّ صغير، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وفتح الواو، وتَقَدَّمَ أنَّ (مَخْرَمة) والده: من مُسْلِمة الفَتْح.

(1/10508)

[حديث: أهدي لرسول الله فروج حرير فلبسه]

5801# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو الخَيْرِ): اسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ): (أُهدِيَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (فَرُّوجُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ ما (الفَرُّوج) أعلاه وضبطه.

قوله: (فَلَبِسَهُ): كان هذا قبل تحريم الحرير على الرجال.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ عَنِ اللَّيْثِ): الضمير في (تابعه) يعود على قتيبة بن سعيد، ومتابعة عبد الله بن يوسف عن الليث أخرجها البُخاريُّ في (الصلاة) عن عبد الله بن يوسف عن الليث به.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: فَرُّوجٌ حَرِيرٌ): هما مرفوعان منوَّنان في أصلنا، قال شيخُنا: كذلك تَقَدَّمَ له، إلَّا أنَّ في بعض الروايات أحدهما مشدَّد، والآخر مخفَّف، ويحتمل أن يريد أنَّ أحدهما غير مضاف، والآخرَ مضافٌ؛ كثوبِ خزٍّ، وبابِ حديدٍ، وفي بعض الكتب ضُبِطَ أحدُهما بِضَمِّ الفاء، والآخرُ بفتحها، والفتح أوجهُ؛ لأنَّ «فُعُّولًا» بالضمِّ ليس إلَّا في سُبُّوح، وقُدُّوس، وفُرُّوج، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: («وقال غيره: فرُّوجُ حريرٍ»؛ يعني: بالإضافة: هو أبو صالحٍ كاتبُ الليث، وكذا رواه يونس بن مُحَمَّد المؤدِّب عن الليث).

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10509)

[باب البرانس]

قوله: (بَابُ الْبَرَانِسِ): واحد (البرانس): برنس، وقد تَقَدَّمَ ما هو في (الحجِّ).

(1/10510)

[حديث: رأيت على أنس برنسًا أصفر من خز]

5802# قوله: (وَقَالَ لِي مُسَدَّدٌ): تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ فإنَّه كـ (حدَّثني)، غير أنَّه الغالبَ أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان التيميُّ، تقدَّما.

قوله: (بُرْنُسًا): تَقَدَّمَ ما (البرنس).

قوله: (مِنْ خَزٍّ): (الخَزُّ)؛ بفتح الخاء المُعْجَمة، وبالزاي المُشَدَّدة: هو ما خُلِطَ بالحرير والوَبَر وشبهه، وأصله من وبر الأرنب، ويُسَمَّى ذَكَرُه خُززًا، فَسُمِّيَ وإن خُلِطَ بكلِّ وَبَرٍ خَزًّا؛ من أجل خَلْطِه به.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10511)

[حديث: لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات]

5803# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه.

قوله: (وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ): تَقَدَّمَ الكلام على (السراويل)، وكذا (الْبَرَانِسَ).

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10512)

[باب السراويل]

قوله: (بَابُ السَّرَاوِيلِ): تَقَدَّمَ، وأنَّه عليه السلام صحَّ أنَّه اشتراه، وتَقَدَّمَ الكلام في أنَّه لبسه أم لا؛ فانظره في (باب الصلاة في القميص، والسراويل، والتبان، والقَبَاء)، وتَقَدَّمَ بما اشتراه به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10513)

[حديث: من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل]

5804# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (جَابِر بْن زَيْدٍ): هو أبو الشَّعْثَاء.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10514)

[حديث: لا تلبسوا القميص والسراويل والعمائم]

5805# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ؟): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفُه.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10515)

[باب العمائم]

(1/10516)

[حديث: لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة]

5806# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيانَ) بعد (عليِّ بن عبد الله): ابنُ عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10517)

[باب التقنع]

قوله: (بَابُ التَّقَنُّعِ): (التقنُّع): تغطية الرأس من داء ونحوِه، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (التطيْلُس)، وكلامُ ابن القَيِّم وغيرِه، في (حديث الهجرة) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ): وهي بفتح الدال وإسكان السين المُهْمَلتين، ممدودة، قال ابن قُرقُول: و (عصابة دسماء)، ويُروى: (دَسِمة)؛ بكسر السين؛ أي: لونها كلون الدسم؛ كالزيت وشبهه، وقيل: سوداء، وقد رُوِيَت هكذا: (وعليه عصابة سوداء)، ولم تكن دسماء لِما خالطها من الدسم، بل لأنَّ لونَها لونُ الدسم؛ كما يُقال: ثوب زيتيٌّ وجوزيٌّ، انتهى.

قوله: (عَصَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ): (عَصَبَ): بتخفيف الصاد وتشديدها، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10518)

[حديث: على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي]

5807# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ رِجَالٌ [1] مِنَ الْمُسْلِمِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ الهجرة إلى أرض الحبشة كانت مرَّتين، وقد ذكرت ذلك وعدَّتهم في المرَّتين

[ج 2 ص 563]

في (هجرة الحبشة)؛ فانظره إن أردته.

قوله: (عَلَى رِسْلِكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بفتح الراء وكسرها باختلاف المعنى.

قوله: (أَوَ تَرْجُوهُ؟): هو بفتح الواو على الاستفهام، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (أو) إذا كانت للاستفهام؛ تكون واوُها مفتوحةً، وتَقَدَّمَ متى تُسَكَّن.

قوله: (وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ إحداهما ناقة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الجدعاء، أخذها عليه السلام منه بالثَّمَن، وقد قَدَّمْتُ كم الثَّمَن؛ وهو أربع مئة درهمٍ؛ وذلك لأنَّ الصِّدِّيق اشتراهما بثمان مئة درهمٍ، كما تَقَدَّمَ، ويُقال: إنَّها القصواء؛ وذلك لأنَّ الناقة التي هاجر عليها قال جماعة: إنَّها الجدعاء، وتَقَدَّمَ أنَّها القصواء، في (باب هجرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابِه إلى المدينة)، وقبل ذلك أيضًا.

قوله: (وَرَقَ السَّمُرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ (نَحْر الظَّهِيرَةِ) ما هو، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ هذا القائل لا أعرفه، وكذا تَقَدَّمَ (التَّقَنُّع) ما هو، وكذا (فِدًى لَهُ أَبِي وَأُمِّي) على لفظ (فداء)، وعلى التفدية بالأبَوَين أو بأحدهما، و (أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ): بقطع الهمزة، وكسر الراء، رُبَاعيٌّ، فعل أمر، و (مَن): موصولة، وتَقَدَّمَ الكلام على (إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الصُحْبَة): أنَّه يجوز في تائها النصبُ والرفعُ، وهما ظاهران، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (بِالثَّمَنِ)، وما الحكمة فيه، وأنَّه لم يأخذها إلَّا بالثمن في (باب الهجرة إلى المدينة) وقبلها.

(1/10519)

قوله: (أَحَثَّ الْجِهَازِ): هو بالثاء المثلَّثة المُشَدَّدة؛ أي: أَسْرَعه وأَعْجَله، وكذلك هو في أصلنا، وفي هامش أصلنا: (أحبَّ)؛ بالموحَّدة، وكتب عليها علامة راويها، ولم يذكر هذه ابنُ قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام (الْجهَاز)، وأنَّه بالفتح والكسر، وعلى (السُّفْرَة) ما هي، وأنَّها الزوَّادة [2]، وعلى (الجِرَاب)، وأنَّه بالكسر ويُفتَح، حكاه النَّوَويُّ، وعلى (النِّطَاق)، و (أَوْكَتْ): كذا في أصلنا هنا، وهو المعروف في اللُّغة، وفي نسخة على هامش أصلنا: (أوكأت)؛ بهمزة مفتوحةٍ بعد الكاف، وعليها علامة راويها، وأنا لا أعرف هذه اللُّغَةَ؛ فلتُتْبع، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (جَبَلِ ثَوْرٍ)، وأنَّه بالثاء المثلَّثة المفتوحة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، وعلى قوله: (فَمَكثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ... ) إلى آخره، وتَقَدَّمَ في بعض طرقه: (فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليالٍ ثلاث): صريحٌ في أنَّهما مكثا فيه ثلاثًا، وقد حكى بعضهم: (بضعَ عشرةَ يومًا)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا _وهو (ثلاث) _ الصَّحيح، وتَقَدَّمَ الكلام على (لَقِنٌ) ضبطًا ومعنًى، وكذا (ثَقِفٌ)، وعلى (عَامِر بْن فُهَيْرَةَ)، وأنَّه قُتِل رضي الله عنه في بئر معونة، وتَقَدَّمَ متى كانت بئر معونة، وقد قَدَّمْتُ متى أسلم عامرُ بن فُهَيرة، وأنَّه أسلم قبل دخوله صلَّى الله عليه وسلَّم دار الأرقم، وتَقَدَّمَ الكلام على (المِنْحَة)، وأنَّها بكسر الميم، وإسكان النون، وهي هنا في أصلنا بفتح الميم والنون، وعلى التي بالكسر وإسكان النون تصويبٌ، وهذا هو المعروف، وتَقَدَّمَ ما (المنحة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الإِرَاحَة)، وعلى (الرِّسْل) ضبطًا، وما هو، وعلى (يَنْعِقَ) ضبطه ومعناه.

(1/10520)

[باب المغفر]

قوله: (بَابُ الْمِغْفَرِ): هو بكسر الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 564]

(1/10521)

[حديث: أن النبي دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر]

5808# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمان، وتَقَدَّمَ متى كان من الشَّهر بالاختلاف فيه.

قوله: (وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ): في هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (قال الحافظ أبو ذرٍّ: لم يروِ حديث المِغْفَر عن الزُّهريِّ إلَّا مالكٌ) انتهى، وأصل هذا الكلام للتِّرمذيِّ في «سننه» قال عقيب الحديث: (لا نعرف كثيرَ أحدٍ رواه غيرُ مالك عن الزُّهريِّ) انتهى، قال شيخنا العراقيُّ فيما قرأته عليه في «النُّكَت على ابن الصَّلاح»: (وقد ورد من عدَّة طرق غير طريق مالك من رواية ابن أخي الزُّهريِّ، وأبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أبي عامر، ومَعْمَر، والأوزاعيِّ؛ كلُّهم عن الزُّهريِّ)، انتهى، ورواه أيضًا ابن جُمَيع بإسناده إلى ابن لَهِيعَة عن عُقَيل عن الزُّهريِّ، قال شيخنا العراقيُّ: (فأمَّا رواية ابن أخي الزُّهريِّ عنه؛ فرواها البزَّار في «مسنده»، وأمَّا رواية أبي أويس؛ فرواها ابن سعد في «الطَّبقات» وابن عديٍّ في «الكامل» في ترجمة أبي أويس، وأمَّا رواية مَعْمَر؛ فذكرها ابن عديٍّ في «الكامل»، وأمَّا رواية الأوزاعيِّ؛ فذكرها المِزِّيُّ في «الأطراف»)، انتهى، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (رواية الأوزاعيِّ وصلها تمَّام في «فوائده»)، انتهى، وأمَّا رواية عُقَيل عن الزُّهريِّ؛ فقد عزوتُها أنا أعلاه، والله أعلم.

(1/10522)

تنبيهٌ: ذكر ابن مُسدي في «معجم شيوخه»: أنَّ أبا بكر بن العربيِّ قال لأبي جعفر المرخيِّ حين ذكر له أنَّه لا يُعرَف إلَّا مِن حديث مالك عن الزُّهريِّ: وقد رويتُه من ثلاثةَ عشرَ طريقًا غير طريق مالك، فقالوا له: أفِدْنا هذه الفوائدَ، فوعدهم، ولم يُخرِج لهم شيئًا، ثُمَّ تعقَّب ابن مُسدي هذه الحكاية بأنَّ [1] شيخه فيها _وهو أبو العَبَّاس العشَّاب_ كان مُتعصِّبًا على ابن العربيِّ؛ لكونه مُتعصِّبًا على ابن حزم، فالله أعلم)، انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (وقد تتبَّعت طرقه، فوقع لي عن ستَّةَ عشرَ نفسًا روَوه عن الزُّهريِّ غير مالك، وقد أشرت إليها في «فتح الباري»، وذكرت من خرَّجها أو ذكرها، وظهر لي مِن ذلك أنَّ الحكاية صحيحة، وأنْ لا حاجة لتهمة أحدٍ، وأنَّ ابن العربيِّ إنَّما لم يخرِّج لهم شيئًا تأدُّبًا لهم؛ لأنَّهم أنكروه عليه، وظهر له منهم التَّكذيب، فحرمهم، هذا الذي أظنُّه، والله أعلم)، انتهى.

وقد ذكرت هنا ابن مُسدي، فتعيَّن أن نُعرِّفه، فنقول: هو مُحَمَّد بن يوسف بن مُسدي أبو بكر المهلبيُّ الغَرناطيُّ المجاور، كان من بحور العلم، ومن كبار الحُفَّاظ، له أوهام، وفيه تشيُّع، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: (ورأيت جماعة يضعِّفونه، وله «معجم» في ثلاث مجلَّدات كبار طالعته، وعلَّقت منه كثيرًا، قُتِل بمكَّة سنة «663 هـ»)، انتهى، وقال الحافظ قطب الدين عبد الكريم الحلبيُّ في ترجمة ابن مُسدي: إنَّه رأى (مسدي) بخطِّه: (مُسْدٍ)؛ على الميم ضمَّة، وعلى السِّين المُهْمَلة سكون، وتحت الدال المُهْمَلة كسرتين، وقال أيضًا في ترجمته ما لفظه: (قال الشيخ أبو حَيَّانَ الأندلسيُّ: أخبرني شيخنا النَّاقد أبو عليِّ بن أبي الأحوص: أنَّ بعض شيوخهم مِن أهل الأندلس عمل أربعين حديثًا، فأخذها ابن مُسدٍ، ووصل بها أسانيده وادَّعاها) انتهى.

(1/10523)

وقد ذكر المِزِّيُّ هذا الحديث في ترجمة مالك عن الزُّهريِّ عن أنس، وقال بعد تطريفه: (زَ) _يعني: زاد المِزِّيُّ_: رواه أبو أويس ومُحَمَّد بن عبد الله ابن أخي الزُّهريِّ عن الزُّهريِّ، وروي عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعيِّ، عن الزُّهريِّ، انتهى، وإنَّما عُدَّ في أفراد مالك: (أنَّه عليه السلام دخلها يوم الفتح، وعليه عمامة سوداء)، كما أخرجه التِّرْمِذيُّ من حديث حمَّاد بن سلمة، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، ثُمَّ قال: حسن، ولم يكن عليه مِغْفَرٌ، ويمكن أن يكون عليه مِغْفَرٌ وتحته عمامة سوداء؛ لتتَّفق الروايات ولا تتباينُ، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (بأنَّه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 564]

(1/10524)

[باب البرود والحبرة والشملة]

قوله: (بَابُ الْبُرُودِ وَالْحِبَرَةِ): هي بكسر الحاء المُهْمَلة، وفتح الموحَّدة، بوزن: (عِنَبَة)، وهو بُرد مُوشًّى مُخطَّط.

قوله: (وَالشَّمْلَةِ): هو كساء يُشتمَل به، وقيل: إنَّما (الشَّملة)؛ إذا كان لها هُدْبٌ، وقال ابن دريد: هو كساء يُؤْتزر به، وقال الخليل: الشِّملة، وكلُّ شملة: ما اشتمل به الإنسان من الملاحف والبُرود، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَقَالَ خَبَّابٌ): هو بفتح الخاء المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وهو ابن الأرتِّ، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 564]

(1/10525)

[حديث: كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجراني]

5809# قوله: (نَجْرَانِيٌّ): هو منسوب إلى نَجْران؛ مدينة معروفة، وهي بين مكَّة واليمن، على سبع مراحل من مكَّة، وقد تَقَدَّمَتْ.

قوله: (فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الأعرابيَّ) لا أعرف اسمه.

قوله: (فَجَذَبَهُ [1] بِرِدَائِهِ): صوابه: (ببُردِه)؛ لقوله في أوَّله: (عَلَيهِ بُردٌ نَجْرَانِيٌّ)، قاله بعضهم، انتهى، وقد يكون البُردْ مرتديًا به، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَجَبَذَهُ).

[ج 2 ص 564]

(1/10526)

[حديث: والله ما سألتها إلا لتكون كفني يوم أموت]

5810# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها.

قوله: (فَجَسَّهَا فُلَانٌ [1]، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ اكْسُنِيهَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل هو عبد الرحمن بن عوف، أحد العشرة رضي الله عنهم، وقد تَقَدَّمَ ما قاله شيخنا فيه في بعض شروح الفقه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رجلٌ من القوم).

[ج 2 ص 564]

(1/10527)

[حديث: تدخل الجنة من أمتي زمرة هي سبعون ألفًا]

5811# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

[ج 2 ص 564]

قوله: (فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتَّشديد والتَّخفيف، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وما وقع فيه، و (الأَسَدِيُّ)؛ بفتح السِّين.

قوله: (نَمِرَةً): هي بفتح النُّون، وكسر الميم، تَقَدَّمَ أنَّها شملة مُخطَّطة من صوف، قيل: فيها أمثال الأَهِلَّة.

قوله: (ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرجل الأنصاريَّ) الذي قام ثانيًا: قيل: هو سعد بن عبادة، قاله الخطيب البغداديُّ، كما نقله عنه الشَّيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

(1/10528)

[حديث: أي الثياب كان أحب إلى النبي]

5812# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ): هو عَمرو بن عاصم الكلابيُّ الحافظ، عن جدِّه عبيد الله بن الوازع، وعمر بن أبي زائدة، وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، وعبد بن حُمَيد، وخلق، قال: كتبت عن حمَّاد بن سلمة بضعةَ عشرَ ألفًا، تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال النَّسَائيُّ: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ بعمرٍو، وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه، له ترجمة في «الميزان»، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (الْحِبَرَةُ): تَقَدَّمَ ضبطها قريبًا، وما هي.

(1/10529)

[حديث: كان أحب الثياب إلى النبي أن يلبسها الحبرة]

5813# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذٌ): هذا هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10530)

[حديث: أن رسول الله حين توفي سجي ببرد حبرة]

5814# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف؛ كما نسبه هنا الزُّهريُّ، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.

قوله: (سُجِّيَ): هو بِضَمِّ السين، وكسر الجيم المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه؛ أي: غُطِّي.

قوله: (بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ): وقد قَدَّمْتُ كلام ابن قُرقُول في (الجنائز)، وأنَّ الدَّاوديَّ قال: هو ثوب أخضر، وقال ابن الأثير: (والحبير من البرود: ما كان مُوشَيًا مُخطَّطًا، يقال: بردٌ حبيرٌ، وبردٌ حِبَرَةٌ _بوزن «عِنَبَة» _ على الوصف والإضافة، وهو برد يمان، والجمع: حبر وحبرات)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10531)

[باب الأكسية والخمائص]

قوله: (بَابُ الأَكْسِيَةِ وَالْخَمَائِصِ): (الخمائص): جمع (خَمِيْصَة)، وهي بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي كما قال ابن قُرقُول: (كساء من خزٍّ أو صوف مُعلَّمة كانت لباس الناس، قال غيره: هو البرنكان الأسود، وقال أبو عبيدة: هو كساء مُربَّع له عَلَمان، وقال الجوهريُّ: هو كساء رقيقٌ أصفرُ، أو أحمرُ، أو أسودُ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ الجوهريَّ هذا ليس بصاحب «الصَّحاح»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10532)

[حديث عائشة وابن عباس: لعنة الله على اليهود والنصارى ... ]

5815# 5816# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَاب): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح النُّون والزَّاي، وقد تَقَدَّمَ أنَّ النَّوَويَّ ضبطه: بِضَمِّ النُّون، وكسر الزَّاي، مبنيًّا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ في (باب ما ذكر في بني إسرائيل)، والله أعلم.

قوله: (طَفِقَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الفاء وفتحها، والكسر أفصح؛ ومعناه: جعل، و (الخَمِيصَة): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا ما هي.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10533)

[حديث: أخرجت عائشة كساء وإزارًا غليظًا قبض روح النبي ... ]

5818# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) [1]: (إسماعيل) هذا بعد (مُسدَّد): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو بُرْدَةَ): ابن أبي موسى الأشعريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث أو عامر القاضي، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (قُبِضَ رُوحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبِضَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (روحُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرُّوح) تُؤنَّث وتُذكَّر.

==========

[1] هذا الحديثُ حديثُ مُسدَّد جاء في «اليونينيَّة» لاحقًا بعد حديث موسى وتقديمه رواية أبي ذرٍّ، وعلى الحديثين في (ق) علامة تقديم وتأخير.

[ج 2 ص 565]

(1/10534)

[حديث: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم]

5817# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فِي خَمِيصَةٍ [1] لَهَا أَعْلَامٌ): تَقَدَّمَ ما (الخميصة).

قوله: (إِلَى أَبِي جَهْمٍ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم (أبي جهم) هذا، وأنَّه عامر _وقيل: عُبيد_ ابن حذيفة بن غانم، وسيأتي قريبًا نسبته كذلك، وأنَّه من بني عديِّ بن كعب، انتهى، القرشيُّ العدويُّ، أسلم يوم الفتح.

قوله: (آنِفًا): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر؛ لغتان، وأنَّهما قراءتان، وتَقَدَّمَ الكلام على (الأَنْبَجَانِيَّة) ولغاتها في أوائل هذا التَّعليق.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (له).

[ج 2 ص 565]

(1/10535)

[باب اشتمال الصماء]

قوله: (بَابُ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): هي بفتح الصاد المُهْمَلة، وتشديد الميم، وبالمدِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه الالتفاف في ثوب واحد مِن رأسه إلى قدمَيه، يجلِّل به جسده، وتُسمَّى: الشَّمْلة الصَّمَّاء، سُمِّيت بذلك؛ لشدِّها وضمِّها جميع الجسد، ومنه: صمام القارورة، قال ابن قُرقُول: (وهذا قول أهل اللُّغة، فأمَّا قول مالك وجماعة من الفقهاء؛ فهو عندهم: الالتحاف بثوب واحد، ويرفع جانبه عن كتفه، وهو بغير إزار، فيُفضِي ذلك إلى كشف عورته)، وسيأتي بُعَيد هذا تفسيرها بذلك في الحديث، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10536)

[حديث: نهى النبي عن الملامسة والمنابذة]

5819# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثَّقفيُّ الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، و (خُبَيْب) بعده: هو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة، وفتح الموحَّدة، وهو ابن عبد الرَّحمن، و (حَفْص بْن عَاصِمٍ): هو ابن عُمر بن الخطَّاب.

قوله: (عَنِ الْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ): تَقَدَّمَ تفسيرهما، وسيأتي قريبًا في الحديث.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10537)

[حديث: نهى رسول الله عن لبستين وعن بيعتين]

5820# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أعلاه أنَّه ابن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ ضبطه، وكذا تَقَدَّمَ (اللَّيْثُ)، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ [1]، و (ابْنُ شِهَاب): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.

[ج 2 ص 565]

قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): هي _بكسر اللَّام_ الهيئة، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (البَيْعَة)؛ بفتح الباء، وضبطها بعضهم بكسرها: الهيئة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ) وهنا تفسيرهما، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الصَّمَّاءِ) قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الاحْتِبَاء): أن ينصب ساقيه، ويُدِير عليهما ثوبَه أو يعقد يديه على ركبتيه مُعتمِدًا على ذلك، والاسم: الحبوة؛ بالضَّمِّ والكسر، والحُبْية والحِبية؛ بالياء، والله أعلم.

(1/10538)

[باب الاحتباء في ثوب واحد]

قوله: (بَابُ الاِحْتِبَاءِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (الاحتباء).

==========

[ج 2 ص 566]

(1/10539)

[حديث: نهى رسول الله عن لبستين أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد]

5821# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ مِن نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر اللَّام، وكذا (الاحْتِبَاء): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وكذا (الْمُلَامَسَة وَالْمُنَابَذَة) تقدَّمتا، وتَقَدَّمَ تفسيرهما في الحديث قريبًا.

(1/10540)

[حديث: أن النبي نهى عن اشتمال الصماء]

5822# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرَنَا [2] مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلَام، قاله الجَيَّانيُّ في «تقييده»، و (مَخْلَد): هو بفتح الميم، وإسكان الخاء، وهو ابن يزيد، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.

قوله: (نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): تَقَدَّمَ تفسيرها قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ (الاحْتِبَاء فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) ما هو.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرني).

[ج 2 ص 566]

(1/10541)

[باب الخميصة السوداء]

قوله: (بَابُ الْخَمِيصَةِ السَّوْدَاءِ): تَقَدَّمَ ما (الخميصة) قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 566]

(1/10542)

[حديث: أتي النبي بثياب فيها خميصة سوداء]

5823# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ): هو إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن سعيد الأمويُّ الكوفيُّ، عن أبيه وعكرمة بن خالد، وعنه: ابن عيينة، ووكيع، وأبو الوليد الطَّيالسيُّ، وأبو نعيم، وجماعة، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ وغيره، وقال أبو داود: مات سنة سبعين ومئة، وقال البُخاريُّ: يقال: مات سنة ستٍّ وسبعين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وإنَّما ذكرت ترجمته؛ ليُعرَف نسبه، فإنَّ فيه: (عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ فُلَانٍ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي)، وفي بعض النسخ بعد (فلان): (هو عمرٌو)، وأمَّا (أبوه سعيد بن عمرو)؛ فقد قال النَّسَائيُّ: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال الزُّبَير: كان من علماء قريش بالكوفة، وولده بها، قال الذَّهَبيُّ من زياداته على المِزِّيِّ: (قلت: عاش إلى أن وفد على الوليد بن يزيد)، انتهى، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، و (أُم خَالِدٍ بِنْت خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها: أمةُ _من غير إضافة_ بنت خالد بن سعيد بن العاصي الأمويَّة، وُلِدت بالحبشة، تزوَّجها الزُّبَير، فولدت له خالدًا وعَمرًا، ولها صحبة، وقد تَقَدَّمَتْ رضي الله عنها.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فِيهَا خَمِيصَةٌ): تَقَدَّمَ ما (الخميصة) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (مَنْ تَرَوْنَ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق.

قوله: (فَأُتِيَ بِهَا): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (تُحْمَلُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي): هو بقطع همزة (أبْلِي)، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ لام مكسورة، و (أخلقي) كذلك بقطع الهمزة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ قاف، قال ابن قُرقُول: («وأخلفي»: كذا لأبي ذرٍّ والمروزيِّ بالفاء، ولغيرهما: بالقاف؛ مِن إخلاق الثَّوب، ومعناه بالفاء: أن تَكتَسِب خلفه بعد بلاه، يقال: خلف الله لك مالًا، وأخلفه، وهو الأشهر، رُبَاعيٌّ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10543)

قوله: (هَذَا سَنَّاهْ وَسَنَّاهْ [1] بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ): (سنَّاه سنَّاه)، وفي أخرى: (سنَّه سنَّه)؛ كلُّها بفتح السين، وشدِّ النُّون إلَّا عند أبي ذرٍّ، فإنَّه خفَّف النون إلَّا القابسيَّ، فإنَّه كسر السين من (سِنا)، ومعنى هذه الكلمة: حسنة بالحبشيَّة، وقال عكرمة: سنا: الحسن، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بعد الإصلاح، وفي «اليونينيَّة»: (سنَاه سنَاه)؛ بتخفيف النُّون.

[ج 2 ص 566]

(1/10544)

[حديث: يا أنس انظر هذا الغلام فلا يصيبن شيئًا حتى تغدو به ... ]

5824# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن عون ابن أمير مصر، عبد الله بن عون ابن أمير مصر لم يرو له البُخاريُّ شيئًا؛ إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك مرارًا، و (مُحَمَّد) هذا: هو مُحَمَّد بن سيرين، أحد الأعلام.

قوله: (لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها والاختلاف في اسمها، وأنَّها بِضَمِّ السين، وفتح اللَّام، زوج أبي طلحة زيدِ بن سهل، وهذا الغلام هو عبد الله بن أبي طلحة، وكذا جاء مُسمًّى في بعض طرقه.

قوله: (فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ): تَقَدَّمَ ما (الحائط).

قوله: (خَمِيصَةٌ): تَقَدَّمَتْ قريبًا وبعيدًا.

قوله: (حُرَيْثِيَّةٌ): هو بالحاء المُهْمَلة المضمومة، وفتح الرَّاء، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة مكسورة، ثُمَّ ياء النِّسبة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («جونيَّة»: منسوبة إلى بني الجون؛ قبيلة من الأزد، أو إلى لونها مِن السواد، أو البياض، أو الحمرة؛ لأنَّ العرب تُسمِّي كلَّ لون مِن هذه: جَوْنًا، وهذه رواية ابن الحَذَّاء، وفي «البُخاريِّ»: «حريثيَّة»: منسوبة إلى حُرَيث؛ رجل من قضاعة، وصوَّب هذا بعضُهم، وكذا في «كتاب مسلم» عند بعض رواته، وفي «البُخاريِّ» أيضًا عند ابن السكن: «خيبريَّة»: إلى خيبر، وعند العذريِّ في «مسلم»: «حَوثنيَّة»؛ بالحاء، والواو، ثُمَّ الثَّاء المُثلَّثة، ثُمَّ نون، قيل: معناه: ملفوفة الهُدب، وعند القابسيِّ: «حُوَيتِيَّة»؛ من الحوت؛ مُصغَّر، وعند الهوزنيِّ: «حَوْنيَّة»؛ بنون بعد الواو، وهذه كلُّها تصاحيف إلَّا الوجهين الأوَّلين)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مرَّة أخرى وفي هامش نسخة صحيحة بـ «البُخاريِّ» عن الصغانيِّ ما لفظه: (وقع في بعض النُّسخ: «حُرَيْثيَّة»، وهو تصحيف لا محالة، والصواب: «حوتكيَّة»، فصُحِّفتِ الواو بالرَّاء، والتَّاء بالياء، والكاف إذ كانت غير ممطوطة بالثَّاء، وخرَّجه الإسماعيليُّ بهذا الإسناد بعينه،

[ج 2 ص 566]

(1/10545)

فقال: (حوتكيَّة) على الصواب، والحوتكيَّة ههنا: القصيرة، وهي في معنى (الشَّملة)، ومنه ما رُوِي عن عرباض بن سارية رضي الله عنه أنَّه قال: (كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يخرج علينا في الصُّفَّة وعليه الحوتكيَّة ... )؛ الحديث، قال شمر: قال أبو سعيد: عمَّة يعتمُّها الأعراب يسمُّونها بهذا الاسم، والحوتكيُّ والحوتكة: القصير، انتهى ببعض اختصار.

قوله: (وَهْوَ يَسِمُ): أي: يُعلِّم.

(1/10546)

[باب ثياب الخضر]

(1/10547)

[حديث: أن رفاعة طلق امرأته فتزوجها عبد الرحمن]

5825# قوله: (حَدَّثَنَي [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: ابن عبد المجيد الثَّقفيُّ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.

قوله: (عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): وهذا ممَّا انفرد به البُخاريُّ عن الأئِمَّة السِّتَّة، ولم يصرِّح هنا عكرمة بأنَّ عائشة حدَّثته أو أخبرته، ولا بالسَّماع منها، وقد قال العلائيُّ في «مراسيله» في عكرمة ما لفظه: (قال ابن المدينيِّ: لا أعلمه سمع مِن أحد من أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا، وقال أبو حاتم: لم يسمع مِن سعد بن أبي وقَّاص ولا من عائشة)، انتهى، فعلى هذا؛ الحديث مُرْسَل، وقد أخرج البُخاريُّ حديثًا عنه عن عائشة في (اعتكاف المستحاضة) وقد عنعن فيه، ولم أرهم ذكروه في المُدلِّسين، وقد أخرج له التِّرْمِذيُّ حديثًا عنها، وقال: حسن صحيح، وعجبٌ من البُخاريِّ مِن كونه دخل عليه ذلك، وحديثه عنها في (اعتكاف المستحاضة) أخرجه مع البُخاريِّ أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، والله أعلم، ولولا أنَّ البُخاريَّ ثبت عنده لقاء عكرمة لعائشة؛ لم يخرِّج له عنها شيئًا؛ لأنَّه اشترط ثبوت اللِّقاء، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رِفَاعَةَ): هو رفاعة القرظيُّ، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (امْرَأَته) في (الطَّلاق)، وبُعيده قريبًا؛ فانظره، وتَقَدَّمَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ)، وأنَّه بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة، وقَدَّمْتُ نسبه، وأنَّ (الزَّبَير): اسم الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى، قاله الجوهريُّ في «صحاحه».

قوله: (لَجِلْدُهَا): اللَّام مفتوحة؛ لام التَّأكيد، و (جلدُها) مَرْفوعٌ مبتدأٌ، و (أَشَدُّ): خبره مَرْفوعٌ أيضًا، و (ابْنَاهُ) لا أعرف اسمَيهِما.

قوله: (وَأَخَذَتْ هُدْبَةً): تَقَدَّمَ ضبط (الهُدْبَة)، وما هي.

قوله: (فَإِنْ [كَانَ] ذَلِكِ): هو بفتح الكاف في أصلنا، وصوابه الكسر؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا جليٌّ ظاهرٌ.

قوله: (حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ): تَقَدَّمَ الكلام على (العُسَيلة) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثنا).

[ج 2 ص 567]

(1/10548)

[باب الثياب البيض]

(1/10549)

[حديث: رأيت بشمال النبي ويمينه رجلين عليهما ثياب بيض]

5826# قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، العَبْديُّ.

قوله: (رَأَيْتُ بِشِمَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَمِينِهِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ): في «مسلم»: (يعني: جبريل وميكائيل).

==========

[ج 2 ص 567]

(1/10550)

[حديث: ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك ... ]

5827# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد، أبو عبيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ، و (الْحُسَيْنِ) بعده: هو ابن ذكوان، المعلِّم البصريُّ الثِّقة، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح المُثَنَّاة تحت، وفتح الميم، غير مصروف، وتَقَدَّمَ ما نقله ابن قُرقُول عن البُخاريِّ في اليعمُريِّ مِن أنَّه بِضَمِّ الميم أيضًا، فيجيء في الاسم مثله، والله أعلم، و (أَبُو الأَسْوَدِ الدِّيليُّ): اسمه ظالم بن عمرو، وقيل: عمرو بن سفيان، وقال الواقديُّ: عُوَيمِر بن ظُوَيلِم، ترجمته معروفة، فلا نطوِّل بها، أخرج له الأئِمَّة السِّتَّة، وهو ثقة، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه، والأكثر: جندب بن جنادة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ): هو بفتح الرَّاء، وإسكان الغين، المصدر، وفيه ضمُّ الرَّاء، وكسرها؛ ثلاث لغات في المصدر مع إسكان الغين، وأمَّا قوله: (وِإِنْ رَغَمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ) الآتية؛ فإنَّه بفتح الرَّاء والغين، ويجوز كسر الغين أيضًا [1].

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 567]

(1/10551)

[باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه]

قوله: (بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ): ذكرتُ في لُبْس الحرير في الجملة عشرةَ أقوال، وذلك في (باب لُبْس الحرير في الحرب) في (كتاب الجهاد).

==========

[ج 2 ص 567]

(1/10552)

[حديث: أن رسول الله نهى عن الحرير إلا هكذا]

5828# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن مِلٍّ، وتَقَدَّمَتِ اللُّغات في (مِلٍّ).

قوله: (بأَذْرَبِيجَانَ): (أذربيجان): تقدَّم الكلام على ضبطها، وعلى موانع الصَّرف فيها في (باب جمع القرآن) مُطَوَّلًا.

قوله: (إِلَّا هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ ... ) إلى آخره: وكذا الطَّريق بعده: السَّبَّابَة وَالوُسْطَى، وقد أخرج مسلم من حديث عمر رضي الله عنه: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن لبس الحرير إلَّا موضع إصبعَين، أو ثلاث، أو أربع)، وفي «أبي داود»: (ثلاثة أو أربعة)، والظاهر أنَّ هذا ليس شكًّا مِن الراوي، وإنَّما هو تفصيلٌ للإباحة كما يقال: خذ واحدًا، أو اثنين، أو ثلاثة؛ يعني: خذْ ما شئت مِن ذلك، و [الله] أعلم.

(1/10553)

[حديث: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان أن النبي نهى عن لبس الحرير]

5829# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية أبو خيثمة، و (عَاصِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّه عاصم الأحول ابن سليمان، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (إِنَّ [1] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ): (إنَّ)؛ بالكسر؛ لأنَّها [2] ابتدائيَّة، ويجوز أن تُفتَح؛ لما تَقَدَّمَ قبلها.

قوله: (وَرَفَعَ زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه زُهير بن معاوية أبو خيثمة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (أنَّ)، وفي (ق) بالفتح والكسر.

[2] في (أ): (لأنَّ)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 567]

(1/10554)

[حديث: كنا مع عتبة فكتب إليه عمر أن النبي قال: لا يلبس الحرير .. ]

5830# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (التَّيْمِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن طرخان، و (أَبُو عُثْمَان): هو النَّهديُّ، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (وَنَحْنُ [1] مَعَ عُتْبَةَ): هو عتبة بن فرقد، أبو عبد الله، السُّلميُّ الصَّحابيُّ، نزل الكوفة، وكان من أشراف قومه، له عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعن عمر، وعنه: قيس بن أبي حَازم، والشَّعْبيُّ، وعرفجة الثَّقفيُّ، وغيرُهم، وقد وُلِّي بعض الفتوحات، أخرج له النَّسَائيُّ، وقد شهد خيبر.

قوله: (إنَّ [2] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ)؛ بالكسر على الابتداء، ويحوز فتحها، وانظر ما قبلها؛ تعرفْ ذلك.

قوله: (لَا يُلْبَسُ الْحَرِيرُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لَمْ يَلْبِسْهُ [3] فِي الآخِرَةِ): سأذكر في هذا سؤالًا وجوابه فيما يأتي قريبًا جدًّا، وقد تَقَدَّمَ أيضًا إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قال [4]: حَدَّثَنَا أَبِي): هو معتمر بن سليمان بن طرخان، تقدَّما، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كنَّا).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (أنَّ)، وفي (ق) بالفتح والكسر.

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لم يُلْبَسْ).

[4] (قال): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 567]

(1/10555)

[حديث: الذهب والفضة والحرير والديباج هي لهم في الدنيا]

5831# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا عبد الرحمن بن أبي ليلى، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (بِالْمَدَايِنِ): تَقَدَّمَ أنَّها مدائن كسرى، وتَقَدَّمَ (الدِّهْقَان): لا أعرف اسمه، ومِن أيِّ شيء سُمِّي دِهْقَانًا.

==========

[ج 2 ص 567]

(1/10556)

[حديث: من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة]

5832# قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لَهُ [1]): أي: لعبد العزيز بن صُهَيب.

[ج 2 ص 567]

قوله: (فَقَالَ: شَدِيدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال ابن قُرقُول: («شديدًا عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»؛ يعني: حقًّا صحيحًا عنه)، انتهى، وفي هامش أصلنا: (قال أبو ذرٍّ: يعني: أنَّ رفعه شديد)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّه رفع صوته شديدًا، فقال: (عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، يؤكِّد رفعه إليه عليه السَّلام، ونزِّلْ كلامَ أبي ذرٍّ على ما قلتُه؛ تَجِدْه هو، والله أعلم، ولو فُرِض أنَّه لم يرفعه لفظًا؛ فهو مَرْفوعٌ معنًى؛ لأنَّ مثله لا يقال من قِبَلِ الرَّأي والاجتهاد كما نصَّ عليه الشَّافِعيُّ وغيرُه فيما قدَّمته؛ أعني: فيما قاله الصَّحابيُّ موقوفًا عليه، ومثله لا يقال مِن قِبَل الرَّأي؛ فإنَّه مَرْفوعٌ، والله أعلم.

(1/10557)

قوله: (مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا؛ فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الآخِرَةِ): اعلم أنَّ لابس الحرير في الدُّنيا؛ إذا لم يتُبْ منه، وكذلك شارب الخمر؛ إذا لم يتب منه، وكذلك مَنِ استعمل آنيةَ الذَّهب والفضَّة؛ إذا لم يتب مِن استعمالها، وقد روى أبو موسى الأشعريُّ: (أنَّه قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من استمع إلى صوت غناء؛ لم يُؤذَن له أن يسمع الرُّوحانِيِّين»، قيل: وما الرُّوحانيُّون يا رسول الله؟ قال: «قرَّاء أهل الجنَّة»)، أخرجه التِّرْمِذيُّ مُحَمَّد بن عليٍّ الحكيم في «نوادره»، وقد قيل: إنَّ حرمانه للخمر، ولباسه الحرير، وشربه في إناء الذَّهب والفضَّة، واستماعه للرُّوحانيِّين؛ إنَّما هو في الوقت الذي يُعذَّب فيه في النَّار، ويُسقَى من طينة الخبال، فإذا خرج من النَّار بالشفاعة أو بالرَّحمة العامَّة المُعبَّر عنها في الحديث بالقُبضَة؛ دخل الجنَّة، ولم يحرُم عليه شيء منها؛ لا خمر ولا حرير ولا غيره؛ لأنَّ حرمان الشيء من لذَّات الدُّنيا لمن في الجنَّة نوعُ عقوبة ومؤاخذةُ، والجنَّة ليست بدار عقوبة ولا مُؤاخَذة، ولكنَّ حديث أبي سعيد الآتي يردُّ هذا القول، وكما لا يشتهي منزلة مَن هو أرفع منه وليس ذلك بعقوبة؛ كذلك لا يشتهي خمر الجنَّة ولا حريرها ولا يكون ذلك عقوبة، وحديث أبي سعيد المشار إليه رواه أبو داود الطَّيالسيُّ، وفيه: (وإن دخل الجنَّة؛ لبِسه أهل الجنَّة، ولم يَلبسْهُ هو)، قال الإمام القُرْطُبيُّ في «تذكرته»: (وهذا نصٌّ صريح، وإسناد صحيح)، ثُمَّ قال: (وإن كان ذلك من قول الراوي على ما ذُكِر: أنَّه موقوف؛ فمثله لا يقال بالرَّأي) انتهى، والله أعلم، وفي «التُّحفة على المنهاج» لشيخنا المؤلِّف حين ذكر حديث أبي موسى مرفوعًا: («من لبس في الدُّنيا؛ لم يلبسه في الآخرة» مُتَّفق عليه، ثُمَّ قال: وعن أبي سعيد الخُدْريِّ قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بمثله بزيادة: «وإن دخل الجنَّة؛ لَبِسَهُ أهل الجنَّة ولم يَلْبَسْهُ هو»، رواه ابن حِبَّان والحاكم في «صحيحهما»، وقالا: صحيح)، انتهى.

(1/10558)

[حديث: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة]

5833# قوله: (عَنْ ثَابِتٍ): هو ثابت بن أسلم البنانيُّ.

==========

[ج 2 ص 568]

(1/10559)

[حديث عمر: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة]

5834# قوله: (عَنْ أَبِي ذبْيَانَ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ): (أبو ذُبْيَانَ)؛ بِضَمِّ الذال المُعْجَمة وكسرها _قال الذَّهَبيُّ: (وبالكسر أفصح) _ ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسَائيُّ، و (ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام الخليفةُ رضي الله عنه.

(1/10560)

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج الحافظ، وفي نسخة: (وقال لنا)، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وأَوْلَى منها: (قال لنا)، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ، و (يَزِيد): هو يزيد بن أبي يزيد الضُّبَعيُّ الرِّشْك، و (الرِّشْك)؛ بكسر الرَّاء، وإسكان الشين المُعْجَمة، ثُمَّ كاف، وهو بالفارسيَّة: القاسم، وقيل: الغَيُور، وقيل: العقرب، وهو اسمها بالفارسيَّة، ولأنَّها اختفت في لحيته ثلاثة أيَّام، وقيل: سُمِّي به؛ لكبر لحيته، قاله في «المطالع»، وقال التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: (ويزيد، وهو القاسم، وهو القسَّام، والرِّشْك: هو القسَّام في لغة أهل البصرة)، انتهى، كان يقسم الدُّور؛ أي: يمسحها، روى عن مُطرِّف ومعاذة، وعنه: شعبة وابن عُلَيَّةَ، ثقة مُتعبِّد، تُوُفِّيَ سنة (130 هـ)، أخرج له الجماعة، و (مُعَاذَةُ): هي العدويَّة، أمُّ الصَّهباء، البصريَّة الزَّاهدة، زوجة صلة بن أشيم، عن عليٍّ وعائشة، وعنها: قتادة، وأيُّوب، وعمر بن ذرٍّ، وقيل: كانت تحيي اللَّيل، ماتت سنة (83 هـ)، أخرج لها الجماعة، و (أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ عَبْدِ اللهِ): هي أمُّ عمرو بنت عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام، عن أبيها كما هنا، وعنها: مُعاذة العدويَّة، أخرج لها النَّسَائيُّ، وعلَّق لها البُخاريُّ، وقولي: (علَّق لها): تبعتُ فيه المِزِّيَّ والذَّهَبيَّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ ابن الصَّلاح أبا عمرو ذكر في «علومه» أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، فهو مُتَّصل، فمقتضى ما قاله ابن الصلاح أن يُرقَم على أمِّ عمرو: (خ)، لا (خت)، لكن تبعتُ في كونه علَّق لها المِزِّيَّ والذَّهَبيَّ، وفي كونه مُتَّصلًا ابنَ الصَّلاح، وتبعت في الرَّقم المِزِّيَّ والذَّهَبيَّ؛ لئلَّا أبتدعَ شيئًا مِن عندي، فلا تناقُض في كلامي، والله أعلم.

(1/10561)

[حديث: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة]

5835# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ)؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (عِمْرَان بْن حِطَّانَ)؛ بكسر الحاء وتشديد الطَّاء المُهْمَلتين، و (عمران): من الخوارج الدُّعاة إلى بدعته، وهذا يردُّ قول مَن قال: إنَّه ليس في «الصَّحيحَين» ولا أحدهما أحدٌ من الدُّعاة، فهذا قد احتجَّ به البُخاريُّ، وهو من دعاة الشُّراة _بِضَمِّ الشين المُعْجَمة_؛ وهم الخوارج، واحدهم: شارٍ، سُمُّوا بذلك؛ لقولهم: إنَّا شرينا أنفسنا في طاعة الله سبحانه؛ أي: بعناها بالجنَّة حين فارقنا الأئِمَّة الجائرة، وأخرج البُخاريُّ ومسلمٌ لعبد الحميد بن عبد الرَّحمن الحمَّانيِّ، وكان داعيةً إلى الإرجاء، كما قال أبو داود، ولم يخرِّج مسلم لعبد الحميد إلَّا في المُقدِّمة، وقد وَثَّقَهُ [1] ابن مَعِين، قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصحُّ حديثًا من الخوارج، ثُمَّ ذكر: عمران بن حِطَّان وأبا حسَّان الأعرج، ولعمران بن حِطَّان وعبد الحميد الحمَّانيِّ ترجمتان في «الميزان»، والله أعلم.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ): أي: لا نصيبَ.

(1/10562)

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ): هو عبد الله [بن] رجاء، أبو عمرو، الغُدانيُّ البصريُّ، عن شعبة، وعكرمة بن عمَّار، وعمران القَطَّان، وهشام الدَّستوائيِّ، وحرب بن شدَّاد، وخلق، وعنه: البُخاريُّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو حاتم، وعثمان الدَّارميُّ، وأبو مسلم الكَجِّيُّ، وخلائقُ، قال الفَلَّاس: صدوق كثير الغلط والتَّصحيف ليس بحجَّة، وقال أبو حاتم: ثقة رضيٌّ، وقال ابن المدينيِّ: اجتمع أهلُ البصرة على عدالة رجلين: أبي عمر الحوضيِّ، وعبد الله بن رجاء، قيل: مات في سلخ ذي الحجَّة سنة تسعَ عشرةَ ومئتين، وقيل: في أوَّل سنة عشرين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ والنَّسَائيُّ، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُهُ له عنه في حال المذاكرة، و (حَرْبٌ): هو ابن شدَّاد أبو الخطَّاب، عن الحسن وشهر، وعنه: ابن مهديٍّ وعمرو بن مرزوق، وَثَّقَهُ أحمد، تُوُفِّيَ سنة (161 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وفي أصلنا: (حرب)، وعليه علامة راويه و (صح)، وفي الهامش عوضه: (جَرير)، وصحَّح عليه، وقد راجعتُ «تقييد المُهْمَل» و «المطالع»؛ فلم أرَ ذلك فيهما، وراجعت «الأطراف» للمزِّيِّ؛ فرأيته ذكره فيه: (عن عبد الله بن رجاء، عن حَرْب بن شدَّاد)، هكذا مُسمًّى منسوبًا، فإذن هو الصَّواب، لا (جَرِير)، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (عِمْرَان): هو ابن حِطَّان، تَقَدَّمَ، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ثقه)، وهو تحريف.

[ج 2 ص 568]

(1/10563)

[باب مس الحرير من غير لبس]

[ج 2 ص 568]

قوله: (بَابُ مَنْ مَسَّ الحَرِيرَ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ): قال ابن بَطَّال: وليس النَّهْي عن لباس الحرير من أجل نجاسة عينه، فيحرم مسُّه باليد، وإنَّما نُهِي عن لبسه مِن أنَّه ليس من لباس المُتَّقِين، وعينه مع ذلك طاهرةٌ، فلذلك جاز مسُّه والانتفاعُ به، نقله شيخنا عنه.

قوله: (وَيُرْوَى فِيهِ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: (يُروَى)؛ بِضَمِّ أوَّله، وفتح الواو: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذه صيغة تمريض، وهو مُعلَّق، وقد أخرجه أبو داود والنَّسَائيُّ، أمَّا أبو داود؛ ففي (اللِّباس) عن عمرو بن عثمان وكثير بن عُبَيد الحمصيِّيَن؛ كلاهما عن بقيَّة بن الوليد عن الزُّبيديِّ به، والنَّسَائيُّ في (الزِّينة) عن عمرو بن عثمان عن بقيَّة به، وبقيَّة ليس مِن شرط هذا الكتاب، ولهذا علَّقه بصيغة تمريض، والله أعلم، و (الزُّبَيديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزاي، وفتح الموحَّدة، وهو مُحَمَّد بن الوليد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الزُّهريُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/10564)

[حديث: مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا]

5836# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاقَ عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عَازب رضي الله عنهما.

قوله: (أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبُ حَرِيرٍ): (أُهدِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (ثوبُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا أهداه له صاحبُ دومةِ الجندل، واسمه أُكيدر بن عبد الملك، كذا في «مسلم»، وذكرتُ ذلك في (مناقب سعد بن معاذ): أُكيدر ذكرت ما يتعلَّق به، وغلط مَن غلط فيه في (مناقب سعد بن معاذ)؛ فانظره إن أردته.

قوله: (نَلْمسُهُ [1]): هو في أصلنا: بِضَمِّ الميم بالقلم، وقد ذكر فيه الجوهريُّ الضَّمَّ والكسر، وقد ذكر ذلك غيرُ واحد، والله أعلم.

قوله: (لمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا): تَقَدَّمَ ما الحكمة في ذكر المناديل دون غيرها في (مناقب سعد بن معاذ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نلمُسه)؛ بالضَّمِّ فقط.

[ج 2 ص 569]

(1/10565)

[باب افتراش الحرير]

قوله: (وَقَالَ عَبِيدَةُ: هُوَ كَلُبْسِهِ): (عَبِيدة) هذا: بفتح العين، وكسر الموحَّدة، ابن عمرو السلمانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/10566)

[حديث: نهانا النبي أن نشرب في آنية الذهب والفضة]

5837# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو ابن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ [1]): هو وهب بن جَرِير بن حَازم بن زيد، الأزديُّ البصريُّ، الحافظ، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبدُ الله بن أبي نجيح يسارٍ، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني، تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا أبي).

[ج 2 ص 569]

(1/10567)

[باب لبس القسي]

قوله: (لُبْسِ الْقَسِّيِّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه ضبطًا، وما هو، في أوَّل (الجنائز) وغيرِها، وسيأتي هنا ما هو.

قوله: (وَقَالَ عَاصِمٌ عَنْ ابْنِ [1] أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ): كذا في أصلنا، أمَّا (عاصم)؛ فهو ابن كُليب بن شهاب الجَرْميُّ الكوفيُّ، عن أبيه، وأبي بردة، وعلقمة بن وائل، وعبد الرحمن بن الأسود، ومُحَمَّد بن كعب القرظيِّ، وجماعة، وعنه: ابن عون، وشعبة، والسُّفيانان، وزائدة، وأبو الأحوص، وأبو عوانة، وابن فُضَيل، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسَائيُّ، وقال أحمد: لا بأس بحديثه، وقال أبو حاتم: صالحٌ، وقال أبو داود: كان أفضل أهل الكوفة، كان من العبَّاد، تُوُفِّيَ سنة سبع وثلاثين ومئة، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم والأربعةُ، له ترجمة في «الميزان».

و (ابنُ أبي بردة): خطأٌ في الأصل، صوابه: حذف (ابن)، فيبقى: (عن أبي بردة)، وعلى الصَّواب هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (أبو بردة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، ويقال: عامر القاضي، ولدُ أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وقد أخرج الحديث المشار إليه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة أبي بردة عن عليٍّ، والله أعلم، وأصل الحديث أخرجه البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وحديث عاصم عن أبي بردة أخرجه مسلم من طريق أبي عاصم، وأخرجه أبو داود والتِّرْمِذيُّ والنَّسَائيُّ من غير طريق، وفي بعضها بقصَّة الخاتم، وابن ماجه بقصَّة الخاتم.

تنبيهٌ: روى مُحَمَّد بن فُضَيل قصَّة الخاتم منه عن عاصم بن كُلَيب، عن أبي بردة، عن أبيه، عن عليٍّ، قال شيخنا: (وتعليق عاصم وصله أبو عبيد في «غريبه»، وبيَّن أنَّه ابن كُلَيب).

قوله: (فِيهَا أَمْثَالُ الأُتْرُجِّ): تَقَدَّمَتْ لغاته في (تفسير يوسف).

قوله: (وَالْمِيثَرَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وقد فسَّرها هنا.

قوله: (يُصَفِّرْنَهَا): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (يصفُّونها)، قال ابن قُرقُول: («يصفُّونها»: كذا لهم، وعند الجرجانيِّ: يُضيِّقونها، وفي رواية: (يُصفِّرُونها)، والأوَّل أشبه، قاله الحربيُّ)، انتهى، ومعنى (يصفُّونها): أي: يجعلنها صفة السَّرج؛ أي: يوطئون بها السَّرجَ، و (يُصفِّرْنَهَا)؛ من الصُّفْرة.

(1/10568)

قوله: (وَقَالَ جَرِيرٌ: عَنْ يَزِيدَ فِي حَدِيثِهِ): هذا الحديث الذي أشار إليه لا أعرف ما هو، ولا ذكره شيخنا في شرحه، والله أعلم، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين ما لفظه: (قد عرفته وذكرته في «فتح الباري»، وبيَّنت أنَّه سقط منه رجل، وأنَّه عن جَرِير _وهو ابن عبد الحميد_ عن يزيد _ وهو ابن أبي زياد_ عن سُهيل، وهو ابن ... [2]، فأسقط البُخاريُّ ذكرَ سهيل، وأنَّ إبراهيم الحربيَّ وصله في «غريب [3] الحديث» له مِن طريق جَرِير به)، انتهى.

==========

[1] (ابن): ليس في «اليونينيَّة».

[2] بياضٌ في (أ)، هو في «الفتح»: (الحسن بن سهيل).

[3] في (أ): (غر)، وهو تحريفٌ.

[ج 2 ص 569]

(1/10569)

[حديث: نهانا النبي عن المياثر الحمر والقسي]

5838# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنِّي راجعت «الكمال» لعبد الغنيِّ الحافظ و «التذهيب» للذَّهبيِّ؛ فلم أرهما ذكرا ابن عيينة في الرُّواة عن أشعث بن أبي الشَّعثاء، والله أعلم، و (مُقَرِّن): جدُّ معاوية، هو بِضَمِّ الميم، وفتح القاف، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، ثُمَّ نون، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.

قوله: (عَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ): تَقَدَّمَ أنَّ (المَيَاثِر): جمع (مِيْثَرَة)، وتَقَدَّمَ هنا تفسيرها، وسيأتي الكلام في لبس الأحمر سواء كان ميثرة أو غيرها قريبًا إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَعَنِ القَسِيِّ): تَقَدَّمَ الكلام على (القَسِيِّ) مُطَوَّلًا في (الجنائز)، وقد تَقَدَّمَ هنا تفسيرها.

==========

[ج 2 ص 569]

(1/10570)

[باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة]

(1/10571)

[حديث: رخص النبي للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكة بهما]

5839# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ): قال الجَيَّانيُّ: (قال البُخاريُّ في «الشركة»، و «الجزية»، و «اللِّباس»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا وكيع»، نسبه ابن السَّكن: ابن سلَام، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في «كتاب العلم» و «الفرائض»، فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: أخبرنا وكيع عن سفيان ... »؛ فذكر حديثًا، قال: «وحدَّثنا ابن سلَام: أخبرنا وكيع عن سفيان، عن الثَّوريِّ ... »)؛ فذكر حديثًا آخرَ، قال الجَيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الوضوء»: «وقال ابن المثنَّى: حدَّثنا وكيع عن الأعمش: سمعت مجاهدًا مثله»، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام، ومُحَمَّد بن مقاتل، ومُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَيْر روَوا في «الجامع» عن وكيع)، انتهى باختصار، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّف هذا الحديث قال: (البُخاريُّ في «الجهاد»: «عن مُسدَّد، عن يحيى، وعن بُنْدَار، عن غُنْدُر»، وفي «النِّكاح»: «عن مُحَمَّد _هو ابن سلَام_ عن وكيع») انتهى، وأغفل هذا المكان، فكتب الحافظ شيخ شيوخنا عماد الدين ابن كَثِير ما صورته: (و «اللِّباس» أيضًا)، وخرَّج ذلك بعد (النِّكاح)، فالظاهر أنَّه عند ابن كَثِير: (عن مُحَمَّد: هو ابن سلَام)، وشيخنا لم يتعرَّض له هنا.

==========

[ج 2 ص 569]

(1/10572)

[باب الحرير للنساء]

[ج 2 ص 569]

قوله: (بَابُ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (الأحاديث مطابقة للترجمة إلَّا حديثَ عمر _يعني: «أنَّه رأى حلَّةً سيراء، فقال: يا رسول الله؛ لو ابتعتها تلبسها للوفد ... » إلى آخره_ قال: فليس فيه إلَّا «ليبيعها أو يكسوها» وإن لم يقل: للنِّساء، ولكن قد عُلِم أنَّه لا يكسوها الرِّجال؛ لأنَّه نهاه عنها، والناس في الدين شرعٌ [1]، فلم يبقَ إلَّا النساء، فتعيَّن جواز لباسهنَّ له، ويَرِد عليه احتمال أن يبيعَها أو يكسوَها كافرًا، وقد ورد هذا صحيحًا في حديث عمر إلَّا أن يكون ما صحَّ عنده أنَّ عمرَ كساها لأخٍ [2] له مشركٍ بإذن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبنى على أنَّ الكافرَ مخاطبٌ، فتعيَّن كون المرادِ النساءَ، والله أعلم، انتهى.

ولا شك أنَّه ليس في «الصَّحيح»: أنَّه كساه إيَّاها بإذنه عليه السلام، ولكنَّ البُخاريَّ صحَّ عنده أنَّ عمرَ كساها أخاه، وقد أخرجه في عدَّة مواضعَ: (فكساها عمر أخًا له بمكَّة مشركًا)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا المشركَ ليس بأخيه، وإنَّما هو أخو أخيه زيدِ بن الخطَّاب لأمِّه، واسمه عثمان بن حَكِيم، ولا أعرف ترجمته، ولم أرَه في الصَّحابة، ولا في التابعين الذين وقفتُ عليهم، والظاهر هلاكُه على كفره، وإن وقع في «الصَّحيح»: (قبل أن يسلم)، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (سريح)، والمثبت من مصدره.

[2] في (أ): (الأخ)، والمثبت من مصدره.

(1/10573)

[حديث: كساني النبي حلة سيراء فخرجت فيها]

5840# قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق؛ فانظر ذلك إن أردته، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (حُلَّةً سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى (السِّيَرَاء)، وأنَّها بالإضافة والصفة، مُطَوَّلًا؛ فانظره في (الهبة).

قوله: (فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي): تَقَدَّمَ الكلام على نسائه مَن هنَّ في (الهبة).

==========

[ج 2 ص 570]

(1/10574)

[حديث: إنما يلبس هذه من لا خلاق له]

5841# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (حُلَّةً سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (الهبة).

تنبيهٌ: هذه الحُلَّة كانت لعطارد بن حاجب بن زرارة، قال شيخنا: وفي «مشكل الطحاويِّ»: (كانت مع لبيد بن ربيعة)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الهبة) أنَّ في «مسلم»: (أنَّ أكيدر أهداها له)، والله أعلم، وتَقَدَّمَ (الخَلَاق): أنَّه النَّصيب.

==========

[ج 2 ص 570]

(1/10575)

[حديث: أخبرني أنس أنه رأى على أم كلثوم برد حرير ... ]

5842# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ [1] بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ): (أمُّ كلثوم) هذه: هي بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ترجمتها رضي الله عنها معروفةٌ، أمُّها: خديجة بنت خُويلد، وَلَدَتها قبل فاطمة وقبل رُقَيَّة فيما ذكر مصعب، وخالفه أكثر أهل العلم بالأنساب والأخبار، وقد تابعه قومٌ، والاختلاف في الصُّغرى من بناته صلَّى الله عليه وسلَّم رضي عنهنَّ كثيرٌ، والاختلاف في أكبرهنَّ شذوذٌ، والصَّحيح أنَّ أكبرَهنَّ زينبُ، نكحها أبو العاصي بن الربيع، وتُوُفِّيَت سنة ثمانٍ من الهجرة، وتزوَّج رقيَّةَ عثمانُ رضي الله عنهما، وتُوُفِّيَت يومَ قدوم زيد بن حارثة بشيرًا بقتلى أصحاب بدر، وتزوَّج فاطمةَ عليٌّ، وتُوُفِّيَت بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بستَّة أشهرٍ على الصَّحيح من أقوالٍ، وتزوَّج أمَّ كلثوم عثمانُ، وتُوُفِّيَت سنة تسع من الهجرة.

قوله: (سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ ما (السِّيَرَاء) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/10576)

[باب ما كان النبي يتجوز من اللباس والبسط]

قوله: (بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّخِذُ [1] مِنَ اللِّبَاسِ وَالْبُسْطِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا، ثُمَّ قال: المطابقة بين حديث هندٍ والترجمة، وحديث هند _هي بنت الحارث_ عن أمِّ سلمة: استيقظ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الليل وهو يقول: «لا إله إلَّا الله، ماذا أُنزِلَ الليلة من الفتنة؟ ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: من وجهين؛ أحدهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «أيقظوا صواحب الحجرات»؛ يعني: أزواجه، ثُمَّ حذَّرهنَّ من لباس الشفوف؛ لأنَّ الجسد بها موصوفٌ، فإذا حذَّر النساء منه؛ فما الظنُّ به صلَّى الله عليه وسلَّم، الثاني: أنَّ هندًا راويةَ الحديث فهمت هذا المعنى، فجعلت أزراره على كُمَّيها؛ خشيةَ ظهور طرفها، وأفهم البُخاريُّ بهذا أنَّ الحديث على غير ما ظنَّه بعضُهم أنَّ المراد: ربَّ كاسيةٍ من الثياب، عاريةٍ من التقوى، فهي عاريةٌ يوم القيامة، وهذا المعنى يشبه أوَّلًا ما فهمته هند منه، والله أعلم، وتأويلُ راوي الحديث في سياق التفسير يُقَدَّم على غيره، انتهى.

قوله: (مِنَ اللِّبَاسِ وَالْبُسْطِ): هو بِضَمِّ الموحَّدة _وكذا هو مجوَّد في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ_ وإسكان السين.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) من نسخة الدمياطيِّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يتجوَّز).

[ج 2 ص 570]

(1/10577)

[حديث ابن عباس: لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين ... ]

5843# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ): بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وفتح النون، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (تَظَاهَرَتَا): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: تعاونتا.

قوله: (وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي كَلَامٌ): امرأة عمر هذه لا أعرفها بعينها.

قوله: (وِإنَّكِ لَهُنَاكِ): هو بكسر الكاف فيهما، وهذا ظاهِرٌ لا شكَّ فيه.

قوله: (فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، وهي بنت عمِّ أمِّ عمرَ حَنْتمةَ بنتِ هاشم على الصَّحيح، وقيل: بنت هشام، تَقَدَّمَ بعض ترجمة أمِّ سلمة، ومتى تُوُفِّيَت، وأنَّها بقيت إلى بعد مقتل الحُسين رضي الله عنهما، وأمُّ عمرَ لم تُسْلِم.

قوله: (أَعْجَبُ مِنْكَ يَا عُمَرُ!): (أعجبُ): فعلٌ مضارعٌ مَرْفوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أنَّه عِتْبَان بن مالك، وقيل: أوس بن خولي؛ لأنَّ في بعض طرقه: (وكان لي أخٌ من الأنصار)، وأخوه الأنصاريُّ هذا أو هذا، وقد تَقَدَّمَ ما فيه.

[ج 2 ص 570]

قوله: (إِلَّا مَلِكُ غَسَّانَ): (غسَّان): يُصرَف ولا يُصرَف، وتَقَدَّمَ أنَّ (ملك غسَّان): هو الحارث بن أبي شمر، وقيل: جَبَلَة بن الأيهم.

قوله: (فَمَا شَعَرْتُ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: علمتُ.

قوله: (طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه جاء في بعض طرقه: (اعتزلَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أزواجَه)؛ وهو الصواب.

قوله: (صَعِدَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل.

قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (الوَصِيف) هذا: اسمه رَباح، وهو مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو بفتح الراء، وبالموحَّدة.

قوله: (فَأُذِنَ لِي [1]): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا مختصر، إنَّما أذن له بعد الثالثة، كما جاء في «الصَّحيح» في بعض طرقه.

قوله: (مِرْفَقَةٌ): هي بكسر الميم، وإسكان الراء، ثُمَّ فاء ثُمَّ قاف مفتوحتين، ثُمَّ تاء التأنيث: المخدَّة، وفي «المطالع»: الوسادة، وهي هي.

قوله: (مِنْ أَدَمٍ): هو بقصر الهمزة، وفتح الدال، معروفٌ.

(1/10578)

قوله: (وَإِذَا أهبٌ): هو بِضَمِّ الهمزة والهاء، وفتحهما، تَقَدَّمَ الكلام عليه ما هو.

قوله: (وَقَرَظٌ): هو الذي يُدبَغ به، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] (فأذن لي): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ، لكنَّ الرواية: (فأَذِنَ)؛ مبنيًّا للفاعل.

(1/10579)

[حديث: لا إله إلا الله ماذا أنزل الليلة من الفتنة]

5844# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، تقدَّما، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، تَقَدَّمَتْ مرارًا.

قوله: (مَاذَا أُنْزِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا الثانية، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ): هي بِضَمِّ الحاء والجيم، ويجوز إسكان الجيم، وقد قُرِئ بهما، والثانية قراءة أبي مَعْمَر خارج السبعة، جمع (حُجْرة)، والمراد: أزواجُه صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي عنهنَّ، كما جاء في بعض طرقه.

قوله: (وَكَانَتْ هِنْدٌ لَهَا أَزْرَارٌ فِي كُمَّيْهَا): (هندٌ) هذه: هي بنت الحارث المذكورةُ في السند الراويةُ، عن أمِّ سلمة، وعنها: الزُّهريُّ، وهي هند بنتُ الحارث الفراسيَّة، ويقال: القرشيَّة، وكانت تحت المقداد، كذا في «الكاشف» و «التذهيب»، وهو غلطٌ، وصوابه: تحت معبد بن المقداد، وكذا هو في «تهذيب المِزِّيِّ» على الصواب وفي (باب مكث الإمام في مصلَّاه بعد السلام) من «البُخاريِّ»، وقد ذكرته هناك، وذكر هناك البُخاريُّ الاختلافَ في أنَّها قرشيَّة أو فراسيَّة، روت عن أمِّ سلمة، وعنها: الزُّهريُّ، لها حديثان، أخرج لها البُخاريُّ والأربعة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 571]

(1/10580)

[باب ما يدعى لمن لبس ثوبًا جديدًا]

قوله: (بَابُ مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ثُمَّ قال: كان هذا من قِبل التهنئة _يعني: قوله: (سنَّاه سنَّاه) _ بلُبس الجديد، وأدخله البُخاريُّ؛ لئلَّا يُظَنَّ أنَّ مثل هذا من قبيل ما اختُلِف فيه من التهنئة بالمواسم الشرعيَّة، والله أعلم، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الكلام في التهنئة بالأعياد والأعوام في (العيد)، وذكرت ما ذكر فيه القَمُوليُّ وغيرُه عن عليِّ بن المفضَّل المقدسيِّ، وأنَّه مباحٌ، وهو حافظٌ مالكيٌّ إسكندرانيٌّ.

==========

[ج 2 ص 571]

(1/10581)

[حديث: من ترون نكسوها هذه الخميصة؟]

5845# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وقَدَّمْتُ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَتْ (أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ [1]): هو ابن سعيد بن العاصي، وأنَّ اسمَها أَمَةُ؛ بغير إضافةٍ، وبعض ترجمتها، وأنَّها صحابيَّة صغيرة، ومَن تزوَّج بها، وبعض ترجمة أبيها رضي الله عنهما.

قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخميصة) ضبطًا، وما هي.

قوله: (فَأَسْكَتَ [2] الْقَوْمُ): هو بفتح الهمزة، قال ابن قُرقُول: (فأَسْكَت القومُ)؛ أي: سكتوا، يقال: سَكَتَ وأَسْكَت، وقيل: أطرقوا، وفي «النهاية»: (أَسكَت ... ) إلى أن قال: (يُقال: تكلَّم الرجل ثُمَّ سَكَت؛ بغير أَلِفٍ، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلَّم؛ قيل: أَسْكَت)، انتهى، وهذا في «صحاح الجوهريِّ»، وكذا في «القاموس»، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (فأَسكَت الشيخان) [خ¦3700] في (مناقب عثمان رضي الله عنه)، وقد وقع في أصلنا: (أُسكِت)؛ بِضَمِّ الهمزة، وكسر الكاف، وهذا لا أعرفه أنا، ولا رأيتُه إلَّا في هذه، والله أعلم، وقال شيخُنا هنا: (إنَّه بِضَمِّ الهمزة)، ثُمَّ ذكر كلامًا من عند أهل اللُّغَة يدلُّ كلامُهم على أنَّه بالفتح، فضبطه بالضمِّ، وساق كلامَهم الدالَّ على الفتح، والله أعلم، فلعلَّ قوله: (بِضَمِّ الهمزة): إنَّما هو: (بفتح الهمزة)، والله أعلم.

قوله: (فَأُتِيَ بِي): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبِيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي): تَقَدَّمَ الكلام عليهما قريبًا، و (العَلَم): بفتح العين واللام، معروفٌ، وتَقَدَّمَ (سَنَا) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (قَالَ إِسْحَاقُ: حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِي ... ) إلى آخره: (إسحاق) هذا: هو المذكور في السند إسحاقُ بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن عمرو بن العاصي، والمرأة من أهله لا أعرفها، وهي مجهولةٌ.

(1/10582)

[باب التزعفر للرجال]

(1/10583)

[حديث: نهى النبي أن يتزعفر الرجل]

5846# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

(1/10584)

[باب الثوب المزعفر]

(1/10585)

[حديث: نهى النبي أن يلبس المحرم ثوبًا مصبوغًا]

5847# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ.

==========

[ج 2 ص 571]

(1/10586)

[باب الثوب الأحمر]

قوله: (بَابُ الثَّوْبِ الأَحْمَرِ): أخرج في هذا الباب حديثَ البَراء: (كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مربوعًا، وقد رأيته في حُلَّة حمراءَ ما رأيت شيئًا أحسنَ منه)، وهذا صريحٌ في أنَّ الإمام شيخَ الإسلامِ البُخاريَّ يرى جواز لُبس الأحمر، والظاهر أنَّه البحتُ، وقد حَكى الإجماعَ في

[ج 2 ص 571]

ذلك النَّوَويُّ في «شرح المهذَّب»، وفي تبويب «رياض الصالحين» للنوويِّ أيضًا جوازُه، ولم يحكِ فيه إجماعًا.

وقد ذكر شيخُنا في هذا المكان في «شرحه» بعد أن ذكر أحاديثَ في الأحمر ظاهرةً في النَّهْي ذكر أنَّها غيرُ مستقيمةِ الإسنادِ، ثُمَّ قال: قال الطبريُّ: وقد اختلف السَّلَفُ في ذلك؛ فمنهم مَن رخَّص في لُبس ألوان الثياب المصبغة بالحُمرة مشبعةً كانت أو غير مشبعة، ومنهم مَن كره المشبعة، ورخَّص فيما لم يكن مشبعًا، ومنهم مَن كره لُبس جميع الثياب مشبَعها وغير مشبعها، ومنهم مَن رخَّص فيه للمهنة، وكرهه للُّبس، ثُمَّ شرع يذكر مدركَ كلِّ قولٍ، انتهى.

وقال أبو عبد الله الإمامُ الحافظ ابنُ قَيِّم الجَوزيَّة ما لفظه: (ولبس صلَّى الله عليه وسلَّم حُلَّةً حمراءَ، والحُلَّة: إزارٌ ورداءٌ، ولا تكون الحُلَّة إلَّا اسمًا للثوبين معًا، وغَلِطَ مَن ظنَّ أنَّها كانت حمراءَ بحتًا لا يخالطها غيرُها، وإنَّما الحُلَّة الحمراء بُردان يمانيان منسوجان بخطوطٍ حُمْرٍ مع الأسود؛ كسائر البُرود اليمنيَّة، وهي معروفةٌ بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحُمْر، وإلَّا؛ فالأحمر البحت منهيٌّ عنه أشدَّ النَّهْي، ثُمَّ شرع يذكر الأحاديثَ الدالَّة على ذلك، ثُمَّ قال: وفي جواز لُبس الأحمر من الثياب والجوخِ وغيرِها نظرٌ، وأمَّا كراهته؛ فشديدةٌ جدًّا، فكيف يُظَنُّ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه لبس الأحمر القانئَ؟! كلَّا؛ لقد أعاذه الله منه، وإنَّما وقعت الشبهة من لفظ الحُلَّة الحمراء، والله أعلم، انتهى، وقال في (العيدين) من «الهدي»: (والذي يقوم عليه الدليل تحريمُ لباس الأحمر أو كراهته كراهةً شديدةً)، انتهى، وما قاله هذا الإمامُ؛ لم أرَه لغيره إلَّا ما في كلام شيخِنا الذي قدَّمتُه الذي نقله عن الطبريِّ، والله أعلم.

(1/10587)

[حديث: كان النبي مربوعًا وقد رأيته في حلة حمراء]

5848# قوله: (فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (الحلة: بُرود اليمن، ولا تُسَمَّى حُلَّة إلَّا أن تكون ثوبين من جنسٍ واحدٍ)، انتهى، وقد ذكرت أنا قبل هذا ما (الحُلَّة).

(1/10588)

[باب الميثرة الحمراء]

قوله: (بَابُ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الميثرة) ما هي، وتَقَدَّمَ الكلام على لباس الأحمر مِيْثَرةً كانت أو غيرَها، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10589)

[حديث: أمرنا النبي بسبع عيادة المريض واتباع الجنائز]

5849# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، و (أَشْعَث): بالمثلَّثة، وأمَّا الطامع؛ فذاك بالموحَّدة، وهو فردٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن أبي الشعثاء سُلَيمِ بن الأسود المحاربيُّ الكوفيُّ، مات سنة خمسٍ وعشرين ومئة)، انتهى، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): تَقَدَّمَ ضبط (مُقَرِّن) قريبًا وبعيدًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح القاف، وتشديد الراء مكسورة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (الْبَرَاء): تَقَدَّمَ، ابن عَازب، وتَقَدَّمَ أنَّ عَازبًا صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ بالشين المُعْجَمة وبالمُهْمَلة، وقَدَّمْتُ أنَّ ألفاظًا كذلك تُقال بهما زيادة على تسعين لفظةً أفردها شيخُنا مجد الدين صاحبُ «القاموس» بالتأليف، وقد قرأتُها عليه بالقاهرة.

قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (الديباج: ثيابٌ تتَّخذ من الحرير)، وكذا تَقَدَّمَ (الْقَسِّيُّ) ضبطًا وما هو مُطَوَّلًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (ثيابٌ من كتَّان مخلوطٍ بحرير يؤتى بها من مصر، منسوبة إلى قرية يُقال لها: القَسُّ)، انتهى، وكذا تَقَدَّمَ (الإِسْتَبْرَق) أيضًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (ما غَلُظَ من الحرير، والسُّندس: ما رقَّ من الديباج) انتهى، و (المَيَاثِر): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (والمِيْثَرة: من مراكب العجم، تُعمَل من حريرٍ أو ديباجٍ، وتتَّخذ كالفراش الصغير، وتُحشَى بقطن أو صوف، يجعلها الراكبُ تحته فوق الرحل أو السرج)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (الجنائز).

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10590)

[باب النعال السبتية وغيرها]

(بَابُ النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ) ... إلى (كِتَاب الأَدَبِ)

قوله: (السِّبْتِيَّةِ): قال ابن قُرقُول: والسِّبت: كلُّ جلدٍ مدبوغٍ، قاله أبو عمرو، وقال أبو زيد: السِّبت: جلود البقر خاصَّةً، سواء دُبِغَت أو لم تُدبَغ، وقيل: هي جلود البقر المدبوغة بالقَرظ، وقال ابن وهب: هي السُّود التي لا شَعر عليها، وقيل: هي التي لا شَعر عليها؛ أيُّ لون كانت، ومن أيِّ جلد كانت، وبأيِّ دباغ دُبِغَت، وهو ظاهِر قول ابن عمر في هذه الكتب، وهي مأخوذة من السِّبت؛ وهو الحلق، سَبَتَ: حَلَقَ، قال بعضهم: فعلى هذا ينبغي أن يُقال: سَبْتِيَّة؛ بفتح السين، ولم يُروَ إلَّا بالكسر، وقال الأزهريُّ: كأنَّها من سَبَتَت بالدباغ؛ أي: لانت، وقال الداوديُّ: منسوبة إلى موضعٍ يُقال له: سوق السِّبت، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الوضوء) مع مذهبٍ أفاده شيخُنا هنا عن قوم: أنَّه لا يجوز لُبسها في المقابر، ويجوز في غيرِها، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (السِّبت؛ بالكسر: جلود البقر المدبوغة بالقَرظ، تتَّخذ منها النعال، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّ شَعرها قد سُبِتَ عنها؛ أي: حُلِق)، انتهى، وهذا لفظ «النهاية».

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10591)

[حديث: أما الأركان فإني لم أر رسول الله يمس إلا اليمانيين]

5851# قوله: (عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتحها وكسرها، و (المقبرة): مُثَلَّثة الباء، تَقَدَّمَتْ غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتخفيف ويُشَدَّد، و (السِّبْتِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه وقبله أيضًا في (الوضوء)، وأنَّه إنَّما نكر عليه النعال السِّبْتِيَّة؛ لأنَّها لباس أهل الترف والسعادة، قاله ابن الأثير، وكذا الكلام على (تَصْبُغُ)، وأنَّه مثلَّث الباء، وتَقَدَّمَ ما المراد بالصبغ بها آلشَّعر أم الأثواب، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَهَلَّ): رفع صوته، وأنَّ (الإهلال): رفع الصوت بالتلبية، وتَقَدَّمَ أنَّ (يَوْمَ التَّرْوِيَةِ): ثامنُ ذي الحجَّة، وعلى (تَنْبَعِثَ).

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10592)

[حديث: من لم يكن له إزار فليلبس السراويل]

5853# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيابيُّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، نصَّ عليه المِزِّيُّ، وقد ذكرت الفرق بين مُحَمَّد بن يوسف الفِرْيابيِّ ومُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وأين روى عن البُخاريِّ البيكنديِّ من الأبواب في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

قوله: (السَّرَاوِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/10593)

[باب: يبدأ بالنعل اليمنى]

(1/10594)

[حديث: كان النبي يحب التيمن في طهوره وترجله وتنعله]

5854# قوله: (أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): (أشعث): بالثاء المثلَّثة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أشعب) الطامع بالموحَّدة فردٌ، و (سُلَيم): بِضَمِّ السين، وفتح اللام.

قوله: (فِي طُهُورِهِ): هو بِضَمِّ الطاء: الفعل، والماءُ بالفتح، ويجوز في كلٍّ منهما ما في الآخَرِ، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ (التَّرجُّلَ): تسريحُ الشَّعر، وهو الترجيل أيضًا.

(1/10595)

[باب: لا يمشي في نعل واحد]

(1/10596)

[حديث: لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ليحفهما جميعًا]

5856# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ.

[ج 2 ص 572]

قوله: (لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ): كذا في أصلنا، وهو خبرٌ بمعنى النَّهْي، وهو أبلغُ من النَّهْي.

قوله: (وَلِيُحْفِهِمَا [1]): هو بِضَمِّ أوَّله، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَوْ لِينْعَلْهُمَا جَمِيعًا): هو بِضَمِّ الياء وفتحها، وبالضمِّ هو مضبوطٌ في أصلنا، وكذا هو في ألسنة المحدِّثين ممَّن رأيته، يقال: نَعَلت رِجلِي، وأَنْعلتها، والثلاثيُّ أكثر، وذكر الرُّبَاعيَّ ابنُ القطَّاع في «أفعاله».

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لِيُحْفِهِمَا)؛ بلا واو.

(1/10597)

[باب: ينزع نعله اليسرى]

قوله: (بَابٌ: تُنْزَعُ [1] نَعْلُ الْيُسْرَى) [2]: (تُنزَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (نعلُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

==========

[1] في «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (يَنزِع)؛ مبنيًّا للفاعل.

[2] هذا الباب وحديثه (5855) جاء في «اليونينيَّة» متقدَّمًا على (باب لا يمشي في نعل واحد) وحديثِه (5856)، وعليه في (ق) علامة التقديم، وتأخيرُه روايةُ أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 573]

(1/10598)

[حديث: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين]

5855# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا ضبطًا، واسمه [1] واسم أبيه، وكذا (الأَعْرَج)، وكذا (أَبُو هُرَيْرَة).

قوله: (لِتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ): قال شيخُنا: قال ابن وضَّاح: كلامه عليه السلام إلى قوله: «فليبدأ بالشمال»؛ يعني: والباقي من الراوي، ولا يظهر لي ذلك، انتهى؛ يعني: أنَّ قولَه: (لتكن اليمنى ... ) إلى آخره: مدرجٌ في الحديث، وقد تعقَّبه شيخُنا بقوله: (ولا يظهر لي ذلك)، وما قاله شيخُنا هو الظاهر، والله أعلم.

قوله: (تُنْعَلُ) و (تُنْزَعُ): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] في (أ): (واسم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 573]

(1/10599)

[باب: قبالان في نعل ومن رأى قبالًا واحدًا واسعًا]

قوله: (بَابٌ [1]: قِبَالَانِ فِي نَعْلٍ): (بابٌ): مَرْفوعٌ منوَّن، و (القِبَال): بكسر القاف، وتخفيف الموحَّدة، وباللام في آخره، قال الدِّمْيَاطيُّ: (زمام النعل، وهو السيرُ الذي يكون بين الإصبعين)، انتهى، والإصبعان: هي الوسطى والتي تليها، كذا قاله غيرُ واحد.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بعد الإصلاح، وفي «اليونينيَّة»: (بابُ).

[ج 2 ص 573]

(1/10600)

[حديث: أن نعل النبي كان لها قبالان]

5857# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ.

(1/10601)

[حديث: خرج إلينا أنس بنعلين لهما قبالان]

5858# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة الرجيع)، وقد وقع في أصلنا هنا: (يعني: ابن مقاتل)، وكُتِب عليه: (زائد)، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا، وهو مُحَمَّد بن مقاتل، و (عبد الله): هو ابن المبارك.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 573]

(1/10602)

[باب القبة الحمراء من أدم]

(1/10603)

[حديث: أتيت النبي وهو في قبة حمراء من أدم]

5859# قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (أبي جُحَيْفَة) مرارًا، وأنَّه بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلة، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ.

قوله: (وَضُوءَ): هو بفتح الواو: الماءُ، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وكذا (يَبْتَدِرُونَ الْوَضُوءَ): بالفتح أيضًا، ويجوز ضمُّه.

(1/10604)

[حديث: أرسل النبي إلى الأنصار وجمعهم في قبة من أدم]

5860# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد أخرجه مسلمٌ في (الزكاة) عن حرملة عن ابن وهب؛ كلاهما عن يونس به، والله أعلم.

(1/10605)

[باب الجلوس على الحصير ونحوه]

(1/10606)

[حديث: يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون]

5861# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ): هذا هو المقدَّميُّ، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه منسوبٌ إلى مُقَدَّم؛ بفتح الدال المُشَدَّدة، وهو جدُّه، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان، و (عُبَيْدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، الفقيهُ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سَعِيد بْن أَبِي سَعِيدٍ): هو المقبريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ): (يَحْتَجِر): (يَفْتَعِل) من الحجر، ومعناه: يجعله لنفسه خاصَّةً دون غيره، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ (يَثُوبُونَ)؛ أي: يجتمعون، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا) مُطَوَّلًا.

(1/10607)

[باب المزرر بالذهب]

(1/10608)

[معلق الليث: يا مخرمة هذا خبأناه لك]

5862# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ): كذا في أصلَينا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وفي بعض النسخ: (حدَّثنا قتيبة: حدَّثنا الليث)، وكذا ذكره خلفٌ والمِزِّيُّ، قال شيخُنا: هذا التعليق وصله الإسماعيليُّ عن يوسف القاضي: حدَّثنا كامل بن طلحة: حدَّثنا الليث ... ؛ فذكره، وأخرجه الحازميُّ من حديث أبي الشيخ: حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد بن زكريَّا: حدَّثنا ابن خالد البرمكيُّ: حدَّثنا الليث به، ثُمَّ ذكر ما في بعض النسخ مِن وَصْلِه، ثُمَّ قال: كذا ذكره خلفٌ وغيرُه، قال: وأخرجه في (الشهادات) متَّصلًا من حديث أيوب عن ابن أبي مُلَيْكَة به، انتهى.

و (المِسْوَر بن مَخْرَمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه مَخْرَمةَ من مُسْلِمة الفَتْح، والله أعلم.

قوله: (خَبَأْنَا [1]): هو بهمزة ساكنة قبل النون، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10609)

[باب خواتيم الذهب]

قوله: (بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ): قال أبو الفتح اليعمريُّ شيخُ شيوخِنا: وقد اختلفت الروايات في صفة الخاتم _يعني: خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ قال: فيحتمل أن تكون خواتم متعدَّدة، وقد كان له عليه السلام خاتمٌ من فضَّة، وخاتمٌ من ذهب لبسه ثُمَّ طرحه، وخاتم حديد ملويٌّ بفضَّة، نقشه: مُحَمَّد رسولُ الله، انتهى، وفي «مسلم»: (كان خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من فضَّة، وكان فَصُّه حبشيًّا)، وفي «صحيح البُخاريِّ» عن أنس أيضًا: (فَصُّه منه)، كما سيجيء قريبًا، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: هذا أصحُّ، وقال غيره: كلاهما صحيحٌ، وكان له عليه السلام خاتم فَصُّه منه، وفي وقتٍ خاتمٌ فصُّه حبشيٌّ، وفي حديثٍ آخَرَ: (فَصُّه من عقيق)، قاله النَّوَويُّ.

فالحاصل إذن من الخواتيم: خاتم ذَهَبٍ قبل النَّهْي، ثُمَّ طرحه، ثُمَّ خاتم فضَّة فَصُّه منه، وآخر فصُّه حبشيٌّ، والحبشيُّ: قيل: العقيق، وقيل: الجزْع؛ لأنَّ معدِنَهما الحبشةُ، وقيل: أسود، وآخرُ فَصُّه من عقيق، وآخَرُ من حديد ملويٌّ عليه فضَّة، فهذه خمسة خواتمَ، ويمكن ردُّها إلى أربعةٍ.

فائدةٌ: كان اتَّخاذ الخاتم الذي تُختَم به الكتب في السنة السادسة، قاله بعض الحُفَّاظ، وهذا ظاهِرٌ؛ لأنَّه حينئذٍ كتب إلى الملوك، وعمل ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته»: (أنَّ الكتابة واتِّخاذ الخاتم في السابعة)، ذكر ذلك في (الحوادث)، وقد قَدَّمْتُ كلام مَن قال: إنَّ الكتابة في السابعة في أوَّل هذا التعليق وبعده.

فائدةٌ: ذكر القاضي أبو بكر ابن العربيِّ في «الأحوذيِّ» لمَّا ذكر الخاتم؛ قال: (وكان قبلُ إذا كتب كتابًا؛ ختمه بظفره).

فائدةٌ ثانيةٌ: الخاتم الحديد معروفٌ، وكذا الحديث الضعيف فيه وفي النحاس، ونقل شيخُنا عن النَّقَّاش في «نزهة الألباب» قال: (خاتم الفولاذ مطردة للشيطان، لا سيَّما إذا لوي عليه فضَّة بيضاء، فكأنَّه أراد تعليم أمَّته بهذا)، انتهى.

قوله: (بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ): هو جمع (خاتم)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في (الخاتم) لغاتٌ: فتح التاء، وكسرها، والخيتام، والخاتام، والجمع: الخواتيم.

(1/10610)

[حديث: نهانا النبي عن سبع نهى عن خاتم الذهب]

5863# قوله: (حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمثلَّثة في آخره، وأنَّ ذاك الطامعَ بالموحَّدة، وأنَّه فردٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيمًا) بِضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ ضبط (مُقَرِّنٍ) قريبًا وبعيدًا، وأنَّه بكسر الراء المُشَدَّدة، وضمِّ الميم.

[ج 2 ص 573]

قوله: (حَلْقَةِ الذَّهَبِ): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان اللام وتُفتَح، وتَقَدَّمَ الكلام على جمعهما، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الإِسْتَبْرَقِ)، وعلى (الدِّيبَاجِ)، وعلى (الْمِيثَرَةِ)، وعلى (الْقَسِّيِّ)، وعلى (التَّشْمِيت)، وأنَّه بالمُعْجَمة والمُهْمَلة، وهو الدعاء للعاطس بقولك: يرحمك الله.

(1/10611)

[حديث: نهى النبي عن خاتم الذهب]

5864# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ أنَّ (النَّضْر) بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالمُهْمَلة؛ لأنَّ (النضر) _بالمُعْجَمة_ لا يأتي إلَّا بالألف واللام، بخلاف (نصر) _بالمُهْمَلة_؛ فإنَّه لا يأتي بهما، و (بَشِير بْن نَهِيكٍ): بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمة، و (نَهِيك): بفتح النون، وكسر الهاء، وهذا كلُّه ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ): (عمرو) هذا: هو ابن مرزوق الباهليُّ، أبو عثمان البصريُّ، عن شعبة، ومالك بن مغول، وعكرمة بن عمَّار، والمسعوديِّ، وزائدة، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو قِلابة الرَّقاشيُّ، وإسماعيل القاضي، وخلقٌ، قال أبو حاتم: ثقةٌ من العُبَّاد، لم نجد أحدًا من أصحاب شُعبة كان أحسن حديثًا منه، تُوُفِّيَ بالبصرة سنة (224 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، له ترجمةٌ في «الميزان»، وهذه الطريق أعلى من التي قبلها بواحدٍ.

وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ شيخُه كهذا؛ فإنَّه مثل (حدَّثنا)، لكنَّه الغالبَ أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

(1/10612)

[حديث: أن رسول الله اتخذ خاتمًا من ذهب]

5865# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ) بعد (يحيى): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ الفقيهُ.

==========

[ج 2 ص 574]

(1/10613)

[باب خاتم الفضة]

(1/10614)

[حديث: أن رسول الله اتخذ خاتمًا من ذهب أو فضة]

5866# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى): هذا هو يوسف بن موسى بن راشد القَطَّان الكوفيُّ، تَجِر إلى الريِّ، وسمع جريرًا، وأبا خالد الأحمرَ، وابنَ وهب، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، والمحامليُّ، وسمع منه ابنُ معين، مات سنة (253 هـ)، أخرج له مِن الأئِمَّة مَن روى عنه، قال ابن معين وأبو حاتم: (صدوق)، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العُمريُّ.

قوله: (مِنْ وَرِقٍ [1]): (الوَرِق): الدَّراهم المضروبة، وكذلك الرِّقَة، والهاء عوض من الواو، وقيل: إنَّهما يقعان على المسكوك وغيره، وقيل: الوَرِق: المسكوك، والرِّقة: الفضَّة كيفما كانت، وفي (الوَرِق) أربعُ لُغَات؛ ثلاثٌ حكاهنَّ الفرَّاء: وَرِق، وَوَرْق، وَوِرْق، والرابعة حكاها الصغانيُّ: وَرَقٌ _بفتح الواو والرَّاء_ في كتابٍ له مفردٍ، فيه لغاتٌ وقراءاتٌ شاذَّةٌ، وبحلبَ منه نسخةٌ، والله أعلم.

(1/10615)

قوله: (حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ): كذا في «البُخاريِّ» و «مسلم» أنَّه: (وقع من عثمان) من حديث ابن عُمر، وفي «مسلم» أيضًا من حديثه: (وهو الذي سقط من مُعَيقِيب في بئر أريس)، وسيجيء من حديث أنس أنَّه: (سقط من عثمان)، وفي «النَّسَائيِّ» من حديث ابن عمر: (أنَّ عليه السَّلام لبس خاتمًا ... ) إلى أن قال: (وفي يد عثمان ستَّ سنين من عمله، فلمَّا كثرت عليه؛ دفعه إلى رجل مِن الأنصار، فكان يختم به، فخرج الأنصاريُّ إلى قليبٍ لعثمان؛ فسقط، فالتُمِس، فلم يُوجد)، فهذا فيه أنَّ الخاتم سقط من أنصاريٍّ، فينبغي أن يُجمَع بين سقوطه من عثمان ومعيقيب _وهو ليس أنصاريًّا_ ومن الأنصاريِّ، ولعلَّه أضاف السقوط إلى عثمان؛ لأنَّه كان في زمنه، وهو الخليفة الإمام، وعنده الخاتم، فكأنَّه سقط منه، ولكن يُبعِّد هذا قولُه هنا في «البُخاريِّ»: (فجعل يعبث به، فسقط)، اللَّهمَّ إلَّا أن يقال: إنَّه بعد أن كان يعبث به أعطاه واحدًا من الأنصاريِّ أو معيقيب، فسقط، والله أعلم، وأمَّا معيقيب والأنصاريُّ؛ فلعلَّهما كانا على بئر أريس يتعاطيانه، فسقط منهما، فأُضِيف السقوط إلى هذا مرَّة وإلى الآخر أخرى، وقد ذكر المحبُّ الطَّبريُّ معيقيبًا، وقال: إنَّه الذي سقط منه الخاتم في بئر أريس زمن عثمان، وقد جمع بين سقوطه من معيقيب ومن عثمان الشيخُ محيي الدين النَّوَويُّ بأنَّ أحدَهما كان يناوله الآخر، فسقط، وأشكُّ؛ هل قال هذا أو إنَّهما كانا يتجاذبانه، فسقط، وأُضِيف سقوطه إلى هذا مرَّة وإلى الآخر مرَّة؟ وكأنَّ الشيخ محيي الدين لم يستحضر قصَّة الأنصاريِّ.

تنبيهٌ: ذكر شيخنا ما لفظه: (وفي «علل أبي جعفر»: ذهب يوم الدَّار، فلا يُدرَى أين ذهب)؛ يعني: خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذي كان في يد عثمان، وهذا شيخنا ذكر أنَّه في «علل» هذا الرجل؛ يعني: أنَّه معلول، ولا حجَّة فيه، والحجَّة لما في «الصَّحيحين» وغيرِهما، والله أعلم.

فائدةٌ: قال أبو داود: لم يختلف النَّاس على عثمان حتَّى سقط الخاتم من يده.

و (بئر أَرِيْس): معروفة بالمدينة المشرَّفة، عليها مال لعثمان، وهي إلى جانب مسجد قباء، و (أَرِيْس)؛ بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة، مصروفٌ، وقَيَّدهُ الشيخ محيي الدين تارة بالصَّرف، وتارة بعدمه، والله أعلم.

(1/10616)

[باب في نبذ خاتم الذهب]

(1/10617)

[حديث: كان رسول الله يلبس خاتمًا من ذهب فنبذه]

5867# قوله: (فَنَبَذَهُ) أي: طرحه، و (النَّبذ): الطرح، وهذا معروف.

==========

[ج 2 ص 574]

(1/10618)

[حديث: النهي عن لبس الذهب للرجال]

5868# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا ... ) إلى أن قال فيه: (فَطَرَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَهُ ... ) إلى آخرها، قال: (تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَزِيَادٌ، وَشُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): وكذا في «مسلم»: أنَّ النَّبذ جرى في خاتم الفضَّة، وأنَّ الناس طرحوها لمَّا طرحه عليه السَّلام، قال القاضي عياض: (قال جميعُ أهل الحديث: هذا وَهم من ابن شهاب، فوهم مِن خاتم الذَّهب إلى خاتم الوَرِق، والمعروف من روايات أنس من غير طريق ابن شهاب اتِّخاذه صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم فضَّة، وإنَّما طرح خاتم الذَّهب، كما ذكره مسلم في باقي الأحاديث)، انتهى، وكذا ذكره البُخاريُّ قال القاضي: (ومنهم من تأوَّل حديث ابن شهاب، وجمع بينه وبين الروايات، فقال: لمَّا أراد النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم تحريم خاتم الذهب؛ اتَّخذ خاتم الفضَّة، فلمَّا لبس خاتم الفضَّة؛ رآه الناس في ذلك اليوم يُعلِمُهم إباحته، ثُمَّ طرح خاتم الذَّهب، فأعلمهم تحريمه، فطرح الناس خواتيمهم من الذهب، فيكون قوله: «فطرح النَّاس خواتيمهم»؛ أي: خواتيم الذهب، وهذا التأويل هو الصَّحيح، وليس في الحديث ما يمنعه)، انتهى، نقله النَّوَويُّ عنه في «شرح مسلم»، وقال المحبُّ

[ج 2 ص 574]

الطَّبريُّ بعد أن ذكر هذا الوهم، وذكر جوابَهُ عن المهلَّب ما لفظه: (وفيما ذكره المُهلَّب تكلُّفٌ لا حاجة إليه، بل نقول: طرحه لمَّا تتابع الناس على عمل الخواتيم، والظاهر من حالهم إرادة الزِّينة، فطرحه وَجْدًا عليهم؛ لكي يطرحوه، فلمَّا طرحوه؛ لبسه بعد ذلك، ودام لبسه)، انتهى، كذا قال.

(1/10619)

وقولُ البُخاريِّ: (تابعه إبراهيم بن سعد ... ) إلى آخره: الضَّمير في (تابعه): يعود على يونس، وأراد البُخاريُّ رحمه الله بهذه المتابعة: حصر الوهم في الزُّهريِّ هذا إن قلنا: إنَّه وهم، وهو الظاهر، فالبُخاريُّ حصر بذلك الوهم في الزُّهريِّ، ومتابعة إبراهيم بن سعد أخرجها مسلم عن مُحَمَّد بن جعفر بن زياد _هو الوركانيُّ_ وأبو داود في (الخاتم)، والنَّسَائيُّ في (الزِّينة)؛ جميعًا عن مُحَمَّد بن سليمان لُوين؛ كلاهما عن إبراهيم بن سعد عنه به.

و (زياد): هو زياد بن سعد الخراسانيُّ، نزل مكَّة، ثُمَّ اليمن، عن شرحبيل بن سعد، وضُمرة بن سعيد، والزُّهريِّ، وعنه: ابن عيينة ومالك، ثقة ثبت في الزُّهريِّ، أخرج له الجماعة، قال أحمد وجماعة: ثقة، وقال النَّسَائيُّ: ثقة ثبت.

تنبيهٌ: هذا الرجل هو غير زياد بن سعد بن ضُمَيرة، ويقال: زياد بن ضُميرة بن سعد، ويقال: زيد بن ضميرة السُّلميُّ، ويقال: الأسلميُّ الحجازيُّ، عن أبيه وجدِّه، ويقال: عن أبيه وعمِّه، شهد حنينًا، فذكر قصَّة محلَّم بن جثَّامة، وعنه: مُحَمَّد بن جعفر بن الزُّبَير، أخرج له أبو داود، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (زياد بن سعد السُّلميُّ، ذكره ابن قانع في «الصَّحابة»، والمشهور بالصحبة أبوه وجدُّه) انتهى، ومتابعة زياد أخرجها مسلم في (اللِّباس) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن روح بن عُبادة، وعن عقبة بن مُكْرَم، عن أبي عاصم؛ كلاهما عن ابن جُرَيج، عن زياد بن سعد به.

و (شعيب): هو ابن أبي حمزة، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومتابعةُ شعيب لم يخرِّجها أحد من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (وحديث شعيب: رواه)؛ يعني: الإسماعيلي، قال شيخنا: (عن الفضل بن عبد الله: حدَّثنا عمرو بن عثمان: حدَّثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة)، انتهى، كان ينبغي أن يقول: (عن أبيه به)، ويحتمل أنَّ الناقل غلط، وأنَّ شيخنا قال: (حدَّثنا بشر عن شعيب بن أبي حمزة)، والله أعلم.

(1/10620)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أُرَى: خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ): (ابن مسافر): هو عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر، هذا فَهْميٌّ، أميرُ مصر، كنيته أبو خالد وأبو الوليد المصريُّ، أمير مصر لهشام، واللَّيث بن سعد أحد مواليه، روى عن الزُّهريِّ، وعنه: اللَّيث، ويحيى بن أيُّوب، قال ابن معين: كان عنده عن الزُّهريِّ كتابٌ فيه مئتا حديث أو ثلاث مئة حديث كان اللَّيث يحدِّث بها عنه، قال النَّسَائيُّ: ليس به بأس، قال ابن يونس: وُلِّي مصر سنة ثماني عشرة، وعُزِل سنة تسع عشرة، وكان ثبتًا في الحديث، تُوُفِّيَ سنة سبع وعشرين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ.

وتعليق ابن مسافر: لم أره في «أطراف المِزِّيِّ»، وهو يلزمه إلَّا أنَّي رأيت في أصلنا الدِّمَشْقيِّ مكتوبًا عليه: (لا ... إلى)؛ يعني: أنَّه ليس في الأصل المُقابَل عليه، وهو أصل في الضِّيائيَّة، وأصل في السُّمَيْسَاطيَّة، فعليه؛ لا يلزمه، وقال شيخنا: (رواه الإسماعيليُّ ... )؛ فذكر سنده إليه.

وقوله: (أُرَى [1]): هو بِضَمِّ الهمزة، وفتح الرَّاء؛ أي: أظنُّ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَرَى).

(1/10621)

[باب فص الخاتم]

قوله: (بَابُ فصِّ الْخَاتَمِ): (الفصُّ): بفتح الفاء وكسرها.

==========

[ج 2 ص 575]

(1/10622)

[حديث: إنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها]

5869# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عبدان) لقب لعبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد.

قوله: (وَبِيْصِ): هو بفتح الواو، وكسر الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة: البريق واللَّمعان، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 575]

(1/10623)

[حديث: أن النبي كان خاتمه من فضة وكان فصه منه]

5870# قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: سَمِعَ أَنَسًا): (يحيى بن أيُّوب) هذا: هو الغافقيُّ، أبو العَبَّاس المِصريُّ، مولى بني أُمَيَّة، وأحد علماء مصر، عن جعفر بن ربيعة، وبُكَيْر بن الأشجِّ، وسهل بن معاذ الجهنيِّ، وخلق، وعنه: جَرير بن حازم، واللَّيث بن سعد، وابن المبارك، وابن وهب، وخلق، قال ابن معين: صالح، وقال مرَّة: ثقة، وقال أبو حاتم: محلُّه الصدق ولا يُحتَجُّ به، وقال النَّسَائيُّ: ليس بالقويِّ، تُوُفِّيَ سنة (168 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

تنبيهٌ: (يحيى بن أيُّوب) جماعة: هذا الرَّجل، ويحيى بن أيُّوب العلَّاف، ويحيى بن أيُّوب بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجليُّ، ويحيى بن أيُّوب المقابريُّ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا المُعْتَمِر): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _يعني: البُخاري_ في «اللِّباس»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا معتمر»؛ فذكر هذا المكان، ثُمَّ قال: لم أجد «إسحاق» هذا منسوبًا لأحد من رواة الكتاب، ولا قال فيه أبو نصر شيئًا)، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: («عن إسحاق»: هو ابن إبراهيم)، انتهى، والظَّاهر أنَّه ابن راهويه، أحد الأعلام، و (معتمر): هو ابن سليمان.

==========

[ج 2 ص 575]

(1/10624)

[باب خاتم الحديد]

(1/10625)

[حديث: اذهب فالتمس، ولو خاتمًا من حديد]

5871# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، واسم (أبي حازم): سلمة بن دينار.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (المرأة) في (سورة الأحزاب).

قوله: (فَقَالَ [1] رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرجلَ) لا أعرف اسمه.

قوله: (مَعِي [2] سُورَةُ كَذَا وَكَذَا): تَقَدَّمَ الكلام على ما معه من القرآن مُعيَّنًا كما في «أبي داود».

قوله: (قَدْ مَلَكْتَهَا [3] بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ على ذلك كلامٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فقال).

[2] (معي): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) لعلَّه بعد الإصلاح: (مَلَّكْتُكَهَا).

[ج 2 ص 575]

(1/10626)

[باب نقش الخاتم]

(1/10627)

[حديث: أن نبي الله أراد أن يكتب إلى رهط من الأعاجم]

5872# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): هو عبد الأعلى بن حمَّاد بن نصر الباهليُّ مولاهم، البصريُّ، أبو يحيى النَّرسيُّ، عن الحمَّادَين، وسلَّام بن أبي مطيع، وداود العطَّار، ومالك، ووُهَيب بن خالد، وخلق، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وأبو زُرْعة، وزكريَّا خيَّاط السُّنَّة، وأبو يعلى، والبغويُّ، وخلق، وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره، وقال ابن خراش: صدوق، تُوُفِّيَ في جُمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومئتين، وقيل: سنة ستٍّ، وهو غلط، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ.

قوله: (أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى رَهْطٍ، أَوْ أُنَاسٍ مِنَ الأَعَاجِمِ): في «مسلم» من حديث أنس: (أن يكتب إلى الرُّوم)، وسيأتي قريبًا في هذا «الصَّحيح»، وفي أخرى في «مسلم»: (أراد أن يكتب إلى العجم)، وفي أخرى: (أراد أن يكتب إلى كسرى، وقيصر، والنَّجاشيِّ)، ولا تنافي بين هذه الرِّوايات، والله أعلم.

قوله: (بِوَبِيصِ أَوْ بِبَصِيصِ): (الوَبِيْص): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وأنَّه البريق واللَّمعان، وأمَّا (البصيص)؛ فهو كالوبيص، و (أو): شكٌّ من الرَّاوي.

قوله: (فِي إِصْبَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) تثليثَ الهمزة، وتثليثَ الباء، والعاشرة: أُصْبُوع.

تنبيهٌ: هذه الإصبع: هي الخنصر؛ كما سيأتي من حديث أنس أيضًا، فيحتمل أن يكون من اليد اليمنى، ويحتمل أن يكون من اليد الشمال، فإنَّ كلًّا قد ثبت أنَّه يختم فيه من حديث أنس، قال الشيخ محيي الدين: (قد أجمعوا على جواز التَّختُّم في اليمين، وعلى جوازه في اليسار، ولا كراهة في

[ج 2 ص 575]

واحدة منهما، وسيأتي ما قاله مالك، واختلفوا أيَّتُهما أفضلُ، فتختَّم كثيرون من السَّلف في اليمين وكثيرون في اليسار، واستحبَّ مالكٌ اليسارَ، وكره اليمين، وفي مذهبنا وجهان لأصحابنا؛ الصَّحيح: أنَّ اليمين أفضل؛ لأنَّه زينة، واليمين أحقُّ بالزِّينة والإكرام)، انتهى، وقال المحبُّ الطَّبريُّ: (قال البغويُّ في «شرحه»: كان آخرُ الأمرين من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم التَّختُّمَ في اليسار)، قال المحبُّ: (قلتُ: ولا يُحمَل ذلك على النَّسخ، وإنَّما اتَّفق أنَّ المدَّة التي تختَّم فيها كان يساره يعقبها حال استمرَّ إلى وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى.

(1/10628)

[حديث: اتخذ رسول الله خاتمًا من ورق وكان في يده]

5873# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) بالتخفيف على الصَّحيح، وقد قَدَّمْتُ ما يفصل النزاع، و (عُبَيْدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب الفقيه.

قوله: (اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ): تَقَدَّمَ متى اتِّخاذ الخاتم، وأنَّ ابن سَيِّد النَّاسِ قال: (إنَّه في السَّنة السَّابعة حين كتب إلى الملوك)، وقد قَدَّمْتُ متى كتب إلى الملوك مرَّات؛ أوَّلها في أوَّل هذا التَّعليق في كتابه إلى هرقل.

قوله: (حَتَّى وَقَعَ [1] فِي بِئْرِ أَرِيسَ): تَقَدَّمَ تاريخ وقوعه قريبًا، وممَّن وقع، وأنَّ (أريس) تُصرَف ولا تُصرَف، وأين هي، وأنَّها بئر قباء.

(1/10629)

[باب الخاتم في الخنصر]

قوله: (بَابُ الْخَاتَمِ فِي الْخِنْصَرِ): (الخاتم): تَقَدَّمَتْ لغاته غيرَ مَرَّةٍ، و (الخنصر): هي الإصبع الصُغرى، والجمع: الخناصر، وفي «المطالع» بعد أن ضبطها بكسر الخاء والصاد، فقال: (الإصبع الصغير في اليد والرِّجل، قال أبو عليٍّ: والخنصر أيضًا: الإصبع الوسطى)، انتهى، وهذا غريب.

(1/10630)

[حديث: إنا اتخذنا خاتمًا ونقشنا فيه نقشًا]

5874# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة، الحافظ.

قوله: (فَلَا يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ): سبب النَّهْي أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما اتَّخذه ونقش فيه؛ ليختم به كتبه إلى ملوك العجم وغيرهم، فلو نقش غيره مثله؛ لدخلت المَفسدة، وحصل الخلل، ولم أر مَن تعرَّض لهذه المسألة ما حكمها بعد موته عليه السَّلام: هل النَّهْي زال بموتِه صلَّى الله عليه وسلَّم أو النَّهْي باقٍ؟ وكلٌّ منهما له نظائرُ، فلو قيل بالنَّهي؛ كان له نظائر، ولو قيل بالجواز؛ كان له نظائر، والله أعلم، ثُمَّ إنَّي رأيتُ المحبَّ الطبريَّ قال في «أحكامه» _ذَكَرَ نقش خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والمنعَ مِن أن ينقش على نفس خاتمه، وذكر فيها حديثًا من عند أحمد عن أنس: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تنقشوا على خواتمكم عَربيًّا» _: (قال الهرويُّ: معناه: لا تنقشوا فيها: مُحَمَّد رسول الله؛ لأنَّه كان نقش خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، انتهى، وأصل هذا الحديث في «أبي داود»)، انتهى، وقد فسَّر (عربيًّا) ابنُ الأثير في «نهايته»، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: واتَّخذ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاتمًا، ونقش فيه ما سلف، وعهد ألَّا ينقش أحدٌ مثله، فصارت خواتيم الأئِمَّة والحكَّام سُنَّةً لا يُعاب [1] عليهم فيها، ولا يتسوَّر في اصطناع مثلها، ثُمَّ ذكر المسألة في اتِّخاذ الخاتم في الخنصر، وذكر كلامًا ظاهرُه تحريم نقش ذلك لغير النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «شرح ابن بطَّال»: (يفتات).

[ج 2 ص 576]

(1/10631)

[باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء أو ليكتب به إلى أهل الكتاب ... ]

قوله: (بَابُ اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ؛ لِيُخْتَمَ بِهِ الشَّيْءُ): (يُخْتَم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الشيءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وكذا (لِيُكْتَبَ بِهِ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 576]

(1/10632)

[باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه]

قوله: (بَابُ [1] جَعْلِ فصِّ الْخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ): (فصِّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الفاء وكسرها.

قوله: (فِي بَطْنِ كَفِّهِ): قال العلماء: لم يأمر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك بشيء، فيجوز جعل فَصِّ الخاتم في بطن كفِّه وفي ظاهرها، وقد عمل السَّلف بالوجهين، وممَّن اتَّخذه في ظاهرها ابنُ عَبَّاس، قالوا: ولكنَّ الباطن أفضلُ؛ اقتداءً به عليه السَّلام، ولأنَّه أصون لفصِّه وأسلم، وأبعدُ مِن الإعجاب.

(1/10633)

[حديث: إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه]

5876# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ): هو بكسر القاف، وفتح الياء، وفي نسخة: (فرَقَى)؛ بفتح القاف، من غير همز، وهي لغة معروفة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه يجوز (رقأَ)؛ بالهمز.

(1/10634)

[باب قول النبي: «لا ينقش على نقش خاتمه»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَنْقُشُ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ»): تَقَدَّمَتْ المسألة أعلاه؛ فانظرها.

(1/10635)

[حديث: إني اتخذت خاتمًا من ورق ونقشت فيه محمد رسول الله]

5877# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): [حمَّاد] بعد (مُسدَّد): هو حمَّاد بن زيد، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10636)

[باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ؟): (يُجْعَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (نقش): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، و (ثلاثة): منصوبة مفعول ثانٍ.

==========

[ج 2 ص 576]

(1/10637)

[حديث: لما استخلف كتب له وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر]

5878# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ [1]: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ [2] لَمَّا اسْتُخْلِفَ ... )؛ الحديث: (ثمامة): ذكره ابن عديٍّ، وتابعه الذَّهَبيُّ في «ميزانه»، فذكره، وصحَّح عليه، وفي «الميزان»: (وذُكِر كتاب الصَّدقات لابن معين، فقال: لا يصحُّ هذا الحديث، يرويه ثمامة عن أنس، وكذا انفرد)؛ فذكر له حديثًا آخر، وسأذكره في (الأحكام)، وحديثًا آخر، والله أعلم.

قوله: («مُحَمَّدٌ» سَطْرٌ، وَ «رَسُولُ» سَطْرٌ، وَ «اللهِ» سَطْرٌ): (مُحَمَّدٌ): مَرْفوعٌ منوَّن، و (رسولُ): مَرْفوعٌ من غير تنوين، و (الله): مجرور، وهذا على الحكاية.

تنبيهٌ: المُتبادَر إلى الذهن أنَّ الكتابة التي كانت على خاتمه صلَّى الله عليه وسلَّم من فوق إلى أسفل كما هو المعتاد في الكتابة ثلاثةُ أسطر؛ سطرٌ فيه: (مُحَمَّد)، وسطرٌ فيه: (رسولُ)، وسطر فيه: (الله)، ولكنِّي رأيت في كلام العلَّامة شيخ شيوخنا جمال الدين عبد الرحيم الإسنويِّ في «المُهمَّات» أنَّه رأى في بعض الكتب _قال: ولا يحضرني اسمه_: أنَّ الكتابة كانت على خاتمه عليه السلام تُقرَأ من أسفل إلى فوق، واسم الرَّبِّ عزَّ وجلَّ فوق، وفي الوسط: (رسول)، وتحته: (مُحَمَّد) قال: وهذا إن صحَّ؛ كان حسنًا في غايةٍ، انتهى، وقال شيخنا: (وكنَّا نبحث قديمًا: هل «الجلالة» فوق، و «الرسول» في الوسط، والباقي في أسفل أو بالعكس؛ فيحرَّر)، انتهى، وقد ذكرت ذلك في أوائل هذا التعليق، وذكرتُ هناك أنَّ الكتابة التي على الخاتم الشريف الظاهر أنَّها كانت مقلوبة؛ لأنَّه عليه السَّلام إذا ختم به؛ جاءت الكتابة على المختوم مستوية، وليس كذلك إذا كانت الكتابة في الخاتم مستوية، فإنَّها تُختَم مقلوبًا، ولا تُقرَأ إلَّا بعسر؛ كيف والقارئ مِن الأعاجم، ومع ذلك فلم أر في ذلك كلامًا لأحد، والله أعلم.

تنبيهٌ: ما هو مذكور هنا: هو الصَّحيح في نقش خاتمه صلَّى الله عليه وسلَّم، قال شيخنا رحمه الله: (قيل كان نقشه: «لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسول الله»، وذكر شيخنا رحمه الله هنا عن جعفر، عن أبيه قال: (كان نقش خاتمه عليه السلام: العزَّة لله)، ثُمَّ قال: ولابن سعد قال: قال ابن سيرين: (كان في خاتم رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:

[ج 2 ص 576]

(1/10638)

باسم الله مُحَمَّد رسول الله)، وقال أبو العالية: كان نقشه: «صدق الله»، وسيأتي قريبًا ما رأيته في «الميزان» للذهبيِّ، قال شيخنا: (ثُمَّ ألحق الخلفاءُ بعده: «مُحَمَّد رسول الله») انتهى، فإن صحَّت هذه الأحاديث؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام كان له خمس خواتمَ، كلُّ كتابة من المذكورات على واحد منها، والله أعلم، وإن لم يصحَّ؛ فالقول قولُ «الصَّحيح» أنَّه: كان نقشه: مُحَمَّد رسول الله، وقد رأيت في «ميزان الذَّهَبيِّ» في ترجمة مُحَمَّد بن عبد العزيز الدِّينوريِّ من «موضوعاته» عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه: كان نقش خاتم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: صدق الله) انتهى.

تنبيهٌ شاردٌ: جاء عن جابر بن عبد الله: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كان نقش خاتم سليمان بن داود: لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسول الله»، ذكر هذا بإسناده في «سيرته» أبو الفتح ابن سَيِّد النَّاسِ في (ذكر ما حفظ من الأحبار والرُّهبان والكهَّان ... ) إلى آخر التبويب، وفي سنده شيخ بن أبي خالد، وهو وضَّاع، وقد ذكر هذا الحديث في «ميزانه» الذَّهَبيُّ في ترجمة شيخ، وقال: (إنَّه من أباطيله)، وذكر أيضًا أبو الفرج ابن الجوزيِّ هذا الحديث في «موضوعاته»، وتكلَّم عليه بسبب شيخٍ المذكورِ، انتهى.

(1/10639)

[حديث: كان خاتم النبي في يده وفي يد أبي بكر بعده]

5879# قوله: (وَزَادَنِي أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ ... ) إلى آخره: أمَّا (أحمد)؛ فهو أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل، أبو عبد الله، الإمام المجتهد رحمه الله، فيما قِيل، قاله شيخنا في (الخمس) في (باب ما ذكر في درع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه)، والله أعلم، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا الحديث، ولم أره في «كتاب الغسَّانيِّ»، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، و (أحمد): شيخ البُخاريِّ، ومسلم، وأبي داود، وأخرج له الباقون بواسطة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه إذا قال: (قال فلان)، وكان شيخَه _كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، لكنَّ الغالبَ أَخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وترجمة أحمد مشهورةٌ رحمة الله عليه، و (الأنصاريُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ [1]؛ فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّه سقط من عثمان، وفي رواية: (من معيقيب)، وفي رواية في «النَّسَائيِّ»: (من أنصاريٍّ)، وتَقَدَّمَ أنَّ معيقيبًا ليس أنصاريًّا، وقَدَّمْتُ جمعًا جمعته أنا وجمعًا للشيخ محيي الدين، ولم يقف الشيخ على الرواية بأنَّه: (سقط من الأنصاريِّ)، وتَقَدَّمَ متى سقط، وأنَّ (بئر أريس)؛ بالصَّرف وعدمه، وأنَّها بئر قباء، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (قال).

[ج 2 ص 577]

(1/10640)

[باب الخاتم للنساء]

(1/10641)

[حديث: شهدت العيد مع النبي فصلى قبل الخطبة]

5880# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبِيلُ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يَنَّاقَ، وأنَّ (يَنَّاقَ) لا يُصرَف؛ للعلميَّة والعجمة.

قوله: (وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): (ابن وهب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ أعلاه، وتعليق ابن وهب أخرجه البُخاريُّ في (التَّفسير) عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم، عن هارون بن معروف، عن ابن وهب به.

قوله: (يُلْقِينَ الْفَتَخَ): هو بفتح الفاء، والمُثَنَّاة فوق، وبالخاء المُعْجَمة، تَقَدَّمَ ما هو في أوائل هذا التعليق مُطَوَّلًا.

(1/10642)

[باب القلائد والسخاب للنساء]

قوله: (وَالسِّخَابِ لِلنِّسَاءِ؛ يَعْنِي: قِلَادَةً مِنْ طِيبٍ وَسُكٍّ): (السِّخاب)؛ بكسر السين المُهْمَلة، وتخفيف الخاء المُعْجَمة، وفي آخره مُوَحَّدَة، وقد فسَّره البُخاريُّ في الترجمة، وقال ابن الأنباريِّ: (هو خيط يُنظَم فيه خرزٌ، ويلبسه الصِّبيان والجواري)، وقال غيره: هو من المَعَاذات، وقال ابن دريد: (هي قلادة مِن قرنفل أو غيره، والجمع: سخب)، وقال غيره: (هي قلادة من قرنفل، وسكٍّ، ومحلب، ليس فيها من الجوهر شيءٌ)، وقد ذكر فيه ابن الأثير بعض ما ذكرتُه، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 577]

(1/10643)

[حديث: خرج النبي يوم عيد فصلى ركعتين]

5881# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (عرعرة) مرارًا، وأنَّه بعينين مهملتين مفتوحتين، بعد كلِّ واحدة راءُ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (بِخرْصِهَا وَسِخَابِهَا): (الخرص): تَقَدَّمَ، وهو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة وكسرها، ذكرهما الجوهريُّ، و (السِّخاب): تَقَدَّمَ أعلاه، وقبله أيضًا.

==========

[ج 2 ص 577]

(1/10644)

[باب استعارة القلائد]

(1/10645)

[حديث: هلكت قلادة لأسماء فبعث النبي في طلبها رجالًا]

5882# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه ابن سليمان، كما صرَّح به المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو معروف، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (هَلَكَتْ قِلَادَةٌ لأَسْمَاءَ): هذه هي أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة لأبيها، جليلةٌ رضي الله عنها، تَقَدَّمَتْ مُترجَمة، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبد الله بن الزُّبَير.

قوله: (فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا فِي طَلَبِهَا [2]): تَقَدَّمَ أنَّ هذه القلادةَ ضاعت من عائشة رضي الله عنها، وكانت استعارَتْها من أختها أسماء، وتَقَدَّمَ كم ثمنها، ومتى ضاعت، وأنَّها إن كانت التي سقطت بالأبواء؛ فقد قال ابن بشكوال: (إنَّه عليه السَّلام أرسل في طلبها الزُّبَير وأُسيد بن الحُضير)، والله أعلم.

قوله: (زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) كـ (قال)، و (ابن نُمير): هو عبد الله بن نُمَير، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (الطَّهارة) عن زكريَّا بن يحيى، عن عبد الله بن نُمَير به، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (في طلبها رجالًا).

[ج 2 ص 577]

(1/10646)

[باب القرط للنساء]

قوله: (بَابُ الْقُرْطِ لِلنِّساءِ): (القُرْط): بِضَمِّ القاف، وإسكان الراء، وبالطاء المُهْمَلة، قال ابن دريد: (هو ما عُلِّق في شحمة الأذن مِن ذهب أو فضَّة أو غيرهما).

تنبيهٌ: ثقب المرأة أذنَها أو ثقب غيرها أذنَها حرامٌ عند الشَّافِعيَّة، صرَّح به الغزاليُّ في «الإحياء» في (باب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر) في الباب الثالث، وقال فيه: (إنَّ الاستئجار عليه حرام إلَّا أن يثبت فيه من جهة النَّقل رخصة، ولم تبلغنا إلى الآن فيه رخصةٌ) انتهى، وقال ابن حمدان من الحنابلة _وهو أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن محمود بن شبيب بن غياث بن سابق بن وثَّاب النُّميريُّ شيخ مذهبه، عنده فنون عديدة، صنَّف «الرعاية»، وله مصنَّفات في الأصول، واشتُهِر بالفتوى، وله يد باسطة في علم الخلاف والجبر والمقابلة، سمع من عبد القادر، وابن روزبة، وابن تيمية بحرَّان، وابن خليل يوسف بحلب، وبدمشق من مُحَمَّد بن غسَّان، وعمر بن المنجى، وكريمة القرشيَّة، وغيرهم، وله إجازة من بغداد سنة (611 هـ) وكذا الموصل، مولده في سنة ثلاث وستِّ مئة، وتُوُفِّيَ بكرة الخميس سادس صفر سنة (695 هـ) بالمدرسة المنصوريَّة بالقاهرة، ودُفِن مِن يومه بالقرافة الصُّغرى بالقرب من تربة الشَّافِعيِّ_ في «الرِّعاية»: (ويجوز ثقبُ أذنها للزِّينة، ويُكرَه ثقب أذن الصبيِّ، قال أحمد: إنَّما هو للبنات)، انتهى.

وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الإغاثة»: (ومن هنا كره جمهور أهل العلم تثقيب أذني الطفل، ورخَّص بعضهم في ذلك للأنثى دون الذَّكر؛ لحاجتها، واحتجُّوا بحديث أمِّ زَرع ... ) إلى أن قال: (ونصَّ أحمد على جواز ذلك في حقِّ البنت، وكراهته في حقِّ الصَّبيِّ) انتهى، وفي «الأوسط» للطَّبَرانيِّ: عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: (سبعة من السُّنَّة في الصَّبيِّ يوم السابع: يُسمَّى، ويختن، ويُماط عنه الأذى، وتُثقَب أذنه، ويُعقُّ عنه، ويُحلَق رأسه، ويُلطَخ بدم عقيقته، ويُتصدَّق بوزن شعره في رأسه

[ج 2 ص 577]

ذهبًا أو فضَّةً)، قال شيخنا الحافظ نور الدين الهيثميُّ تلميذ شيخنا العراقيِّ: (رجاله ثقات) لمَّا سألته عنه، كذا في غالب ظنِّي، والله أعلم، انتهى، وفي سنده روَّادٌ _وهو ابن الجرَّاح_ وَثَّقَهُ ابن معين، انتهى، وقد ضُعِّف، وله مناكير، وقد ذكر الطَّبَرانيُّ: أنَّه انفرد به.

(1/10647)

تنبيهٌ شاردٌ: قال شيخنا الشَّارح في «العجالة شرح المنهاج» له _وقد قرأت عليه بعضَها_ في (العقيقة) في قوله: (ويُتصدَّق بزنته)؛ أي: زنة شعره ذهبًا أو فضَّةً، قال: للأمر، لكن لم أر للذَّهب ذكرًا في الأخبار، انتهى، وقد علمت أنَّه في «الطَّبَرانيِّ»، والله أعلم.

قوله: (يهْوِينَ): هو بِضَمِّ أوَّله في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ.

(1/10648)

[حديث: أن النبي صلى يوم العيد ركعتين لم يصل قبلها]

5883# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَدِيٌّ): هذا هو عديُّ بن ثابت، و (سَعِيد) بعده: هو ابن جُبير.

قوله: (تُلْقِي قُرْطَهَا): تَقَدَّمَ قريبًا ما (القُرط) وبعيدًا أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرني).

[ج 2 ص 578]

(1/10649)

[باب السخاب للصبيان]

قوله: (بَابُ السِّخَابِ لِلصِّبْيَانِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (السِّخاب)، وضبطه، وبعيدًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10650)

[حديث: أين لكع ادع الحسن بن علي]

5884# قوله: (فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ): جاء في بعض طرق هذا الحديث في (باب ما ذكر في الأسواق) أنَّه سوق بني قينقاع، وتَقَدَّمَ أنَّ (قينُقاع): مثلَّث النون.

قوله: (أَيْنَ لُكَعُ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (باب ما ذكر في الأسواق)، وأنَّه لا ينصرف.

قوله: (فَالْتَزَمَهُ): أي: أعتنقه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَأَحِبَّهُ): قال القاضي: نقوله بالفتح، ومذهب سيبويه ضمُّها، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مثل هذا في (لم يضرَّه شيطان)، وفي (لم يردُّه)، وكذا يأتي في كلِّ فعل مُضعَّف مجزوم، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10651)

[باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال]

(1/10652)

[حديث: لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء]

5885# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبط (بَشَّار) مرارًا، وأنَّ (مُحَمَّدًا) لقبه بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وتَقَدَّمَ ضبط (غُنْدر).

قوله: (تَابَعَهُ عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن جعفر؛ وهو غُنْدر، و (عَمرو): هو ابن مرزوق الباهليُّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ عَمْرًا هذا روى عنه البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وقد روى عنه أبو داود أيضًا، وقد قَدَّمْتُ ترجمته، وقد ذكر هذه المتابعة هنا؛ لعلوِّها؛ لأنَّه فيها يكون بينه وبين شعبة واحد؛ وهو عَمرٌو، وفي السند الأوَّل بينه وبين شعبة اثنان، والله أعلم، ولم أر متابعة عَمرٍو في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخنا.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10653)

[باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت]

(1/10654)

[حديث: أخرجوهم من بيوتكم]

5886# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ إلَّا أنِّي رأيت مَن ينطق بالفاء مضمومة، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير اليماميُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.

قوله: (الْمُخَنَّثِينَ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ (المُخنّث) بكسر النُّون وفتحها.

قوله: (أَخْرِجُوهُمْ): هو بقطع الهمزة، وكسر الرَّاء.

قوله: (فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا): لعلَّه هيت، وقد قَدَّمْتُ أسماء المخانثة الذين كانوا في عهده عليه السَّلام، وأنَّهم أربعة: هيت، وأنة، وهرم [1]، وماتع، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ هنا: لعلَّه: هيت، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: إنَّ المُخنَّث الذي أمر عليه السلام ألَّا يدخل على نسائه هو هيت، وقيل: ماتع، وقيل: أنة، قال: ووقع في رواية أبي ذرٍّ الهرويِّ: (فأخرج عليه السَّلام فلانة)، فإن كان محفوظًا؛ فيُكشَف عن اسمها، وفي «الطَّبَرانيِّ» من حديث واثلة نحوُ حديث ابن عَبَّاس، وفيه: (أنَّه أخرج أنجشة)، وهو [في] «فوائد تمَّام» أيضًا، انتهى، وقال ابن البلقيني: وروى الطَّبَرانيُّ في «معجمه» عن واثلة قال: (لعن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المُخنَّثين من الرجال، والمترجِّلات مِن النِّساء، وقال: «أخرِجُوهم من بيوتكم»، وأخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنجشة، وأخرج عمر فلانًا)، ثُمَّ قال: فهذا يفسِّر المبهم في رواية «البُخاريِّ»، وذكر قبله عن «قبائلِ الخزرج» للدِّمياطيِّ من جملة كلام: (وكان أنجشة يحدو للنِّساء) انتهى.

قوله: (وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا): لعلَّه واحد من الأربعة المذكورين أعلاه، وقيلُ بعض حفَّاظ: إنَّه ماتع، وقيل: هدم.

==========

[1] كتب فوقها في (أ): (وهدم).

[ج 2 ص 578]

(1/10655)

[حديث أم سلمة: لا يدخلن هؤلاء عليكن]

5887# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو زُهير بن معاوية بن حُدَيج، أبو خيثمة، الحافظ، و (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَة): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وكذا أمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، إحدى أمَّهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ.

قوله: (وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو هيت، وقيل: ماتع، وأنَّ (المخنّث) بكسر النُّون وفتحها، وكذا تَقَدَّمَ (عَبْد اللهِ): أخو أمِّ سلمة رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام على (بِنْتِ غَيْلَانَ)، وأنَّها بادية، وقيل: بادنة، وأنَّ أباها غيلان بن سلمة، أسلم على عشر نسوة، وتَقَدَّمَ الكلام على (تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ)، وذكرت زيادات على ذلك في (غزوة الطائف) وغيرها.

(1/10656)

[باب قص الشارب]

قوله: (وكانَ ابنُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى بَيَاضِ الْجِلْدِ ... ) إلى آخره: لم يخرِّج هذا شيخُنا، والأحاديث بإحفاء الشَّوارب كثيرةٌ؛ منها: ما هو في «البُخاريِّ» و «مسلم»، ومنها: ما هو في «البُخاريِّ»، ومنها: ما هو في «مسلم»، ومنها: ما هو في «النَّسَائيِّ»، ومنها: ما هو في «السُّنَن»، وقد روى الخشنيُّ عن عثمان بن عبد الله بن رافع قال: (رأيت أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يبيِّضون شواربهم سنَّة الحلق)، وقال الطَّحاويُّ في «شرح الآثار» (باب حلق الشارب): وهو مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومُحَمَّد بن الحسن، ونقل غير واحد أنَّه مذهب أحمد وغيره، قال بعض أصحابنا: ولا يُعرَف فيه خلافٌ بين الصَّحابة ولا التَّابعين، انتهى، وما قاله البُخاريُّ عن ابن عمر دليلٌ لذلك، كيف وهو راوي حديث الإحفاء؟! وأمَّا رواية النَّسَائيِّ: (وحلق الشَّارب) _رواها النَّسَائيُّ في «الصغرى» و «الكبرى» _؛ فأجاب شيخنا العراقيُّ عنها بالشُّذوذ، وقد قرأت الجواب عليه، والله أعلم، وقد قرأ بعض أصْحَابي الظاهريَّة عليَّ مُؤلَّفًا له في حلق الشارب، والدليل له: روايةُ النَّسَائيِّ وغيره، وليس هذا موضع نصب الأدلَّة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10657)

[حديث: من الفطرة قص الشارب]

(1/10658)

5888# قوله: (حَدَّثَنَا مَكِّيُّ [1] بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ نَافِعٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: عَنِ الْمَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ [2]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال شيخنا البلقينيُّ شيخ الإسلام فيما رأيته من كلام ولده قاضي المسلمين الإمام جلال الدين: القائلُ: (قال أصحابنا) هو البُخاريُّ، و (المَكِّيُّ): هو حنظلة؛ يعني: ابن أبي سفيان الجمحيُّ المَكِّيُّ، والمراد به في السند الأوَّل، سُمِّي بـ (حنظلة)، وفي طريقة أصحابنا نُسِب إلى بلده، والسَّندان متَّصلان؛ الأوَّل [3]: مكيٌّ عن حنظلة، عن نافع، عن ابن عمر، والثاني: أصحاب البُخاريِّ عن المَكِّيِّ _وهو حنظلة_ عن نافع، عن ابن عمر، وفي فهمِ ذلك صعوبةٌ، قال: وترك المُصنِّفُ _يعني: المِزِّي_ أيضًا الحديث الأوَّل في ترجمة حنظلة بسندٍ آخرَ أخرجه البُخاريُّ عقب التَّرجمة المذكورة، فقال: (حدَّثنا أحمد ابن أبي رجاء: حدَّثنا إسحاق بن سليمان: سمعت حنظلة عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «من الفطرة ... »)؛ فذكره، وفي «أطراف خلف» ذكر حديث: «من الفطرة: تقليم الأظفار»، وقال: رواه البُخاريُّ في (اللِّباس) عن أحمد ابن أبي رجاء، عن إسحاق بن سليمان، عن حنظلة بهذا، قال أبو مسعود: وأخرجه في (اللِّباس) عن عليٍّ، عن حنظلة، عن نافع، قال أبو عبد الله: وقال أصحابنا: عن مكِّيٍّ، عن حنظلة، عن نافع، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، قال خلف: (ولم أجد أنا حديث مكِّيٍّ)، قال شيخنا البلقينيُّ: (وحديث مكِّيٍّ الذي لم يجده خلفٌ هو في باب قبل الباب الذي فيه حديث أحمد ابن أبي رجاء)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: قلتُ: لكن قول أبي مسعود: (وقال أصحابنا: عن مكِّيٍّ، عن حنظلة، عن نافع)؛ يقتضي أنَّ المراد: مكِّيُّ بن إبراهيم، انتهى، والظاهر هو الذي قاله ابن شيخنا البلقينيِّ: والذي فهمه بعضُهم من ذلك أنَّه يحتمل أنَّ البُخاريَّ رواه مرَّةً عن شيخه مكِّيِّ بن إبراهيم، عن نافع مُرْسَلًا، ومرَّةً عن أصحابه، عن المكِّيِّ، عن ابن عمر مرفوعًا، فذكر الطَّريقَين، ويحتمل أنَّ بعضهم نسب الراوي عن ابن عمر إلى أنَّه المَكِّيُّ، ويشهد للأول أنَّ البُخاريَّ يروي عن المَكِّيِّ بن إبراهيم شيخه مرَّة، ويروي أيضًا عن واحد عنه، والله أعلم، وقد كتب بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين تجاه قوله: (بعضهم) ما لفظه: (هو أحمد بن

(1/10659)

عليِّ بن حجر)، قال _وقد أوضحه في «المقدِّمة» مبسوطًا في «فتح الباري»، ومن «المقدِّمة» تلقَّنه القاضي جلال الدِّين_: وقد أوردته في «تغليق التَّعليق» من ثلاثة طرق عن ثلاثة من الحُفَّاظ رووه عن مكِّيِّ بن إبراهيم عن حنظلة موصولًا، فحرَّرت أن يكون مرادَ البُخاريِّ، انتهى.

ولم يطرِّف المِزِّيُّ هذا الحديث ولا حديث أحمد ابن أبي رجاء المذكور بعده، وهما يلزمانه؛ لأنَّهما يأتيان في راوية الحمُّوي في نسخة صحيحة مقابَلة على نسخة السُّمَيساطيَّة والضِّيائيَّة، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (قال بعض أصحابنا: عن المَكِّيِّ بن إبراهيم): رويناه من طريق أبي أُمَيَّة الطرسوسيِّ، عن مكِّيٍّ، وهو في «جزء أبي الفضل بن الفرات»، وفي «شعب الإيمان» للبيهقيِّ من وجه آخر: (عن مكِّيِّ بن إبراهيم)، أرسله كما حدَّث به البُخاريُّ، ثُمَّ سمعه البُخاريُّ موصولًا، انتهى.

قوله: (مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ): يعني: من سنن الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام الذين أُمرْنا بالاقتداء بهم فيها.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (المكيُّ).

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).

[3] في (أ): (الأولى)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 578]

(1/10660)

[حديث: الفطرة خمس الختان والاستحداد]

5889# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّب)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غير أبيه، فإنَّه لا يقال فيه إلَّا بالفتح، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (رِوَايَةً: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ الصَّحابيَّ إذا قيل عنه: (يرفع الحديث)، أو (يبلغ به)، أو (روايةً)، أو (ينميه)؛ أنَّ كلَّ ذلك مَرْفوعٌ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، وإن قيل: عن تابعيٍّ؛ فهو مُرْسَل، والله أعلم.

[ج 2 ص 578]

قوله: (الِاسْتِحْدَادُ): هو حلْقُ العانةِ بالحديدِ.

(1/10661)

[باب تقليم الأظفار]

قوله: (بَابُ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ): أخرج فيه حديثَ ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «خالفوا المشركين، وفِّرُوا اللِّحى، وأَحفُوا الشَّوارب»، إن قيل: ما وجه إخراج هذا الحديث في هذا الباب؟ فالجواب: أنَّ في «الصحيح»: «وأمَّا الظُّفْرُ؛ فمُدى الحبشة، ولولا أنَّها تطول طولًا زائدة؛ لما كانت تَذبَح به»، والحبشة إذ ذاك كانوا مشركين نصارى، وقد نُهينا عن التَّشبُّه بهم، وأُمِرنا بمخالفتهم ومخالفة غيرهم من المشركين، ومن جملة ما كانوا يصنعونه طولُ أظافرهم، ففيه حثٌّ على تقليم الأظفار، وهو استدلال بالعُموم، والله أعلم.

تنبيهٌ: قلم الأظفار إزالةُ وسخ، فيُستحَبُّ متى طال، ولكن لا يُؤخَّر زيادة على أربعين يومًا؛ للحديث في «مسلم»، فإن أَخَّر؛ عصى عند الظَّاهِرِيَّة، وفي حفظي: «أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقصُّ شاربه، ويقلِّم أظفاره يوم الجمعة»، وفي حفظي: أنَّه في «البزَّار»، وروينا في «مسلسلات التَّيميِّ» أنَّه قال: وقصُّ الأظفار يوم الخميس، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: (وأمَّا تقليم الأظفار؛ فسُنَّةٌ، ليس بواجبٍ، وهو (تفعيل) مِن القَلْم؛ وهو القطع، ويُستحَبُّ أن يبدأ باليدين قبل الرِّجلين، فيبدأ بمُسبِّحة يده اليمنى، ثُمَّ الوسطى، ثُمَّ البِنصِر، ثُمَّ الخِنصِر، ثُمَّ الإبهام، ثُمَّ يعود إلى اليسرى، فيبدأ بخِنصِرها، ثُمَّ ببِنصِرها ... إلى آخرها، ثُمَّ يعود إلى الرِّجل اليمنى، فيبدأ بخِنصِرها، ويختم بخِنصِر اليسرى)، انتهى، قال شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ في «تخريج أحاديث الإحياء للغزاليِّ» لمَّا ذكر هذه الكيفيَّة ما لفظه: (لم أجد له أصلًا، وقد أنكره أبو عبد الله المازريُّ في «الردِّ على الغزاليِّ»، وشنَّع عليه به)، انتهى.

(1/10662)

[حديث: من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار]

5890# قوله: (سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه حنظلة بن أبي سفيان المَكِّيُّ، وقد قَدَّمْتُ فيما مضى ترجمته.

قوله: (مِنَ الْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّه مِنْ سُننِ الأنبياءِ الَّذينَ أُمِرْنا بالاقتداءِ بهم.

(1/10663)

[حديث: الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب]

5891# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ يونسَ، وتَقَدَّمَ (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بنُ مُسلمٍ الزُّهْرِيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سَعِيد ابْن المُسَيّب): بفتحِ ياء أبيه وكسرِها، وأنَّ غيرَ أبيه لا يجوزُ فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (وَفِّرُوا اللّحَى): (اللّحَى): بكسر اللَّام وضمِّها، مقصورٌ؛ مثل: ذِروة، وذُروة، وذرًى.

(1/10664)

[حديث: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب]

5892# قوله: (وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ: جُزُّوا، قال ابن قُرقُول: (وحكى ابن الأنباريِّ: «حفوت»)، انتهى، وكذا في «الجمهرة»: (حَفُوت شاربي أَحْفُوه حَفْوًا؛ إذا استأصلت أخذ شعره، ومنه الحديث ... )؛ فذكره، انتهى، يعني: فعلى هذه؛ تكون همزته همزة وصل.

تنبيهٌ: مسألة حلق الشارب _كما في «سنن النَّسائيِّ الصغرى» و «الكبرى» بإسنادٍ صحيحٍ_ معروفةٌ، وكذا المذاهب فيها ومذهب الشَّافِعيِّ وأبي حنيفة وغيرهما والأحاديث فيه، وقد ألَّف فيه بعضُ أصحابنا الفقهاء الظَّاهِرِيَّة مؤلَّفًا وقرأه عليَّ، وقد ذكر شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ في الحديث الذي في «سنن النَّسائيِّ»، ونسبه إلى الشذوذ، وقد قرأتُ عليه الكلام على الحديث المذكور، وأنَّ المختار قصُّ الشارب، لا حلقُه، وهو ردٌّ حسنٌ من حيث صنعة الحديث، والله أعلم.

(1/10665)

[باب إعفاء اللحى]

قوله: (بَابُ إِعْفَاءِ اللّحَى): (إعفاء): مصدر بكسر الهمزة، ممدودٌ، وسيأتي أنَّ فيه الرُّباعيَّ والثُّلاثيَّ، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10666)

[حديث: انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى]

5893# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلام، قاله الجَيَّانيُّ، وقد ذكرته قبل هذا، وكذا قال المِزِّيُّ: هو ابن سلام، و (عبدة): هو ابن سليمان الكلابيُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ.

قوله: (انْهَكُوا الشَّوَارِبَ): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأت بها؛ كسرتها، وفتح الهاء، وفي أصلنا القاهريِّ هذه اللُّغة ولغة أخرى؛ وهي فتح الهمزة وكسر الهاء، رُباعيٌّ، وأنا لا أعرف هذه، والله أعلم.

قوله: (وَأَعْفُوا): تَقَدَّمَ أنَّه بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، ويجوز من حيث اللُّغة وصلُها ثلاثيًا، وقد ذكر الجوهريُّ اللُّغتين.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10667)

[باب ما يذكر في الشيب]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الشَّيْبِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10668)

[حديث أنس: لم يبلغ الشيب إلا قليلًا]

5894# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وهيب بن خالد، الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، و (ابْن سِيرِينَ): هو مُحَمَّد، وقد قَدَّمْتُ الكلام في عدد بني سيرين وبناته، ومن هو سيرين، وهو مولى أنس بن مالك الأنصاريِّ الخادمِ.

قوله: (أَخَضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغِ الشَّيْبَ إِلَّا قَلِيلًا): هذه المسألة: هل خضب النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أم لا؟ تَقَدَّمَت في (باب صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وسيجيء من حديث عبد الله بن مَوهَب: (أنَّه رأى شعر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مخضوبًا)، وسيأتي بعيد هذا روايةٌ أخرى: (أنَّه رأى شعر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أحمرَ)، وتَقَدَّمَ كلام السُّهَيليِّ في ذلك؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10669)

[حديث: إنه لم يبلغ ما يخضب لو شئت أن أعد شمطاته في لحيته]

5895# قوله: (لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ): أي: شيباته.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10670)

[حديث: مطلب في بركة شعرات النبي]

5896# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ.

قوله: (أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ): أهله المُرسِلون لا أعرفهم.

قوله: (إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (مِنْ قُصَّةٍ فِيهِا [1] شَعَرٌ): (القُصَّة): بضَمِّ القاف، وتشديد الصاد المُهْمَلَة، ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس سُمِّي بذلك؛ لأنَّه يُقَصُّ، وقال ابن دريد: كلُّ خُصلة من الشعر قُصَّة، و (قُصَّة) في أصلنا: بضَمِّ القاف وكسرها، وفي الكسر نظرٌ، ولكن طرأ عليها مع الكسر إعجامُ الضَّاد، بقيت: (من فضَّة)، قال ابن قُرقُول في (الفاء مع الضَّاد)؛ يعني المُعْجَمَة: (وقبض إسرائيل ثلاثة أصابع من قُصَّة فيها شعر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «من فِضَّة» و «من قُصَّة»؛ معًا، قال القاضي: والأشبه عندي: «من فضَّة»؛ لقوله بعد: «فاطَّلعت في الجلجل»)، انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته» في (الفاء مع الضَّاد)؛ يعني: المُعْجَمَة: (فقبض ثلاثة أصابع من فضَّة فيها من شعر)، وفي رواية: «من فضَّة»

[ج 2 ص 579]

أو «من قُصَّة»، فالمراد بـ «الفضَّة»: شيء مَصُوغٌ منها قد تُرِك فيه الشعر، فأمَّا بالقاف والصاد المُهْمَلَة، فهو الخُصلة مِن الشَّعر)، انتهى، وقال السُّهَيليُّ في «روضه» في (غزوة الفتح) وقد ذكر الحديث المذكور فيه: (فاطَّلعت في الجلجل)، ثُمَّ قال: (وهذا كلام مُشكِل، وشرحه في «مسند وكيع بن الجرَّاح»، قال: كان جلجلًا من فضَّة صُنِع صِوانًا لشعرات كانت عندهم مِن شعر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، انتهى.

قوله: (مِخْضَبَهُ): (المِخضب): بكسر الميم، تَقَدَّمَ ضبطه وما هو.

قوله: (في الجُلْجُلِ): هو بجيمَين مضمومتَين، وبعد كلِّ جيم لامٌ؛ الأولى ساكنة، وهو الحُقُّ، وهذه في أصلنا، وعليها: (صح) وعلامة راويها، وفي نسخة خارج الأصل الذي لنا وعليها (صح): (الحَجْل)، وهذه أغربها، وقد قال ابن قُرقُول في (الجلجل): (كذا لكافَّتهم، وعند ابن السَّكن: «في المخضب»، و «الجلجل» ههنا أشبه)، انتهى.

(1/10671)

[حديث: دخلت على أم سلمة فأخرجت إلينا شعرًا من شعر النبي]

5897# قوله: (حَدَّثَنَا سَلَّامٌ): هو بتشديد اللَّام، قال المِزِّيُّ: (وهو ابن أبي مطيع)، قال الجيانيُّ في «تقييده»: («سلَّام» في هذا الإسناد غير منسوب، وقد نسبه ابن السَّكن: سلَّام بن أبي مطيع، وذهب الكلاباذيُّ: إلى أنَّه سلَّام بن مسكين)، قال الجيانيُّ: (وقول أبي عليٍّ _يعني: ابن السَّكن_ أولى بالصواب، والحديث محفوظ لسلَّام بن أبي مطيع)، وساق ما يشهد لذلك بفوائد، فإن أردته؛ فانظره من «تقييد المُهْمَلَ»، والله أعلم، ولخَّص شيخنا كلام الجَيَّانيِّ، ونسبه إليه بلا شاهد لذلك.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10672)

[حديث: أن أم سلمة أرته شعر النبي أحمر]

5898# قوله: (وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لنا فلان)؛ أنَّه كـ (حدَّثنا) غير أنَّ الغالب أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (نُصَيْرُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ): بضَمِّ النُّون، وفتح الصاد المُهْمَلَة، وهو نُصَير بن أبي الأشعث، ويقال: ابن الأشعث، الأسديُّ، الكوفيُّ، أبو الوليد، عن حبيب بن أبي ثابت، وسماك بن حرب، وعثمان بن عبد الله بن مَوهَب، وأبي الزُّبَير، وطائفةٍ، وعنه: شعبة_وهو من أقرانه_ وأبو بكر بن عيَّاش، وأبو نعيم، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو حاتم وأبو زرعة، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، و (ابْن مَوْهَبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عثمان بن عبد الله بن مَوهَب، و (أُم سَلَمَةَ): هند، تَقَدَّمَت رضي الله عنها.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10673)

[باب الخضاب]

(1/10674)

[حديث أبي هريرة: إن اليهود والنصارى لا يصبغون ... ]

5899# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النِّسبة لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (سُلَيْمَان بْن يَسَارٍ): بتقدُّم المُثَنَّاة تحت، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10675)

[باب الجعد]

قوله: (بَابُ الجَعْدِ): هو بفتح الجيم، وإسكان العين، وبالدال المُهْمَلَتين، وهو ضدُّ (السبط)، وهو الذي في شعره عزَّة ورجوع في نفسه، وليس باللَّيِّن في استرساله، فإذا وصف بالقَطَط؛ كان الشَّديد الجعودة؛ كشعور السُّودان، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10676)

[حديث: كان رسول الله ليس بالطويل البائن]

5900# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (الْبَائِنِ): هو المُفرط طولًا الذي بان عن قدود الرِّجال الطوال، وبَعُد عن شبههم.

قوله: (الأَمْهَقِ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ هاء مفتوحة، ثُمَّ قاف، وهو الأبيض الذي لا يشوب بياضَه حمرةٌ، ولا صفرةٌ، ولا سمرةٌ، ولا إشراقٌ؛ كلون المريض، وقال الخليل: بياض في زرقة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (بِالآدَمِ): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الدَّال، و (الأُدْمة): السُّمرة الشديدة، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا أصحُّ من الحديث الذي أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من أنَّه أسمر، وأنَّ الصَّحيح في لونه عليه السلام: أنَّه أبيض مُشرَب بحمرة، وهذا أحسن الألوان وأعدلُها، وكذا تَقَدَّمَ (الجَعْد)، و (القَطط)، وأنَّه بفتح الطَّاء وكسرها.

قوله: (بَعَثَهُ اللهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً): تَقَدَّمَ الاختلاف في ذلك، وحكيتُ فيه أربعة أقوال؛ بل خمسة، بل ستَّة، هذا أصحُّها، وكذا تَقَدَّمَ قوله: (فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ)، وكذا (وَتَوَفَّاهُ اللهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً)، وتَقَدَّمَ الاختلاف في مبلغ سنِّه، وأنَّه ثلاث وستُّون سنة، وأنَّه قد قال شيخنا العِرَاقيُّ في «سيرته المنظومة»: (إنَّ القولين _خمسًا وستِّين وستِّين_ قولان وهنوهما بمرَّة)، كلُّ ذلك في (باب صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وذكرت هناك جمعًا بين الروايات للسهيليِّ؛ فانظره [1].

(1/10677)

قوله: (وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ): جاء عند ابن سعد تعيينُ عددِها: بسبعة عشرَ، قال شيخنا العلَّامة غياث الدين ابن العاقوليِّ في كتابه: «الرَّصف» ما لفظه: (روى ابن سعد عن زهير عن حُمَيد الطَّويل قال: قيل لأنس بن مالك: أكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخضب؟ قال: كان شمطه أقلَّ مِن ذلك، لم يبلغ ما في لحيته من الشيب عشرين شعرة، قال زهير: وأصغى حُمَيد إلى رجل عن يمينه، قال: سبع عشرة، ووضع يده على عنفقته، وأخرجه من طريقٍ آخرَ عن أنس، وقال فيه: ما كان في رأسه ولحيته إلَّا سبعَ عشرةَ، أو ثماني عشرةَ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا في (باب صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) بزيادات، ومعها حديثٌ آخرُ من عند التِّرْمِذيِّ في «الشمائل»، وهو أيضًا في «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» عن أنس: أنَّه ما عدَّ في رأسه عليه السَّلام ولحيته إلَّا أربعَ عشرةَ شعرةً بيضاءَ، ولا تنافي بين الروايات في ذلك، فإنَّها وإن كانت أربعَ عشرةَ، ثُمَّ صارت سبعَ عشرةَ، ثُمَّ ثماني عشرةَ؛ فأخبر عمَّا عده في كلِّ مرَّة، والله أعلم.

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) بعد الفقرة اللَّاحقة.

[ج 2 ص 580]

(1/10678)

[حديث: ما رأيت أحدًا أحسن في حلة حمراء من النبي]

5901# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاقَ عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِي عَنْ مَالِكٍ): بعض أصحاب البُخاريِّ لا أعرفه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (هو يعقوب بن سفيان، كذا رواه في «تاريخه» بالزيادة التي أشار إليها المُؤلِّف)، انتهى، و (مالك): هو ابن إسماعيل شيخ البُخاريِّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (إِنَّ جُمَّتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الجمَّة) و (اللِّمَّة) و (الوَفْرَة)، وما وقع فيها من التناقض للجوهريِّ، قال ابن قُرقُول: («الجُمَّة»: أكثر من «الوفرة»، وذلك إذا سقطت على المنكبين).

[ج 2 ص 580]

قوله: (قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ): هو المذكور في السَّند، وقد قَدَّمْتُ أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، جدُّ إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق هذا.

قوله: (تَابَعَهُ شُعْبَةُ): الضَّمير في (تابعه) يعود عل إسرائيل، ومتابعة شعبة عن أبي إسحاق به أخرجها البُخاريُّ في (صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وفي (اللِّباس) مختصرًا، وأخرجها مسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ أيضًا.

(1/10679)

[حديث: أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلًا آدم كأحسن]

5902# قوله: (أَرَانِي [1] اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ): (أَراني): بفتح الهمزة، من رؤية العين، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (أُدْم)؛ يعني: عيسى ابن مريم، وقد تَقَدَّمَ الكلام على لون عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هل هو آدم، أو أحمر، وجَمْعُ مَن جَمَعَ، ومَن قال: إنَّ رواية (آدم) أَثْبتُ في مناقب عيس، وتَقَدَّمَ الكلام على (اللِّمَّة)، وما وقع مِن التناقض بينها وبين (الجُمَّة) و (الوَفْرَة)، قال ابن قُرقُول: (إنَّ اللِّمَّة بين الجُمَّة والوَفْرَة تلُمُّ بالمنكب)، وتَقَدَّمَ (رَجَّلَهَا)، وأنَّ معناه: سرَّحها، وتَقَدَّمَ الكلام على (جَعْدٍ)، وعلى (قَططٍ)، وأنَّه بفتح الطاء وكسرها، وعلى (أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى)، وما وقع في «مسلم» في رواية: (اليسرى)، والجمع بينهما، وعلى (طَافِيَة)، وأنَّها بالهمز وعدمه، وما معناه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (أُراني).

[ج 2 ص 581]

(1/10680)

[حديث: أن النبي كان يضرب شعره منكبيه]

5903# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: (إنَّه لم يجده منسوبًا عند أحد مِن رواة الكتاب)، قال: (ولعلَّه: إسحاق بن منصور)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه»، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء وتشديد المُوَحَّدة: هو ابن هلال.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصححًا عليه: (حَدَّثَنَا).

[ج 2 ص 581]

(1/10681)

[حديث: كان شعر رسول الله رجلًا ليس بالسبط ولا الجعد]

5905# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الصَّيرفيُّ الحافظ الفلَّاس.

قوله: (رَجِلًا): هو بكسر الجيم، كذا هو في أصلنا، وكذا قرأناه على المشايخ، وفي «الصِّحاح»: («شعر رَجِل»، و «رَجَل»؛ بكسر الجيم وفتحها، عن ابن السِّكِّيت)، انتهى، وهو الشعر المُتكسِّر قليلًا؛ بخلاف (السَّبِط والجعْد).

قوله: (لَيْسَ بِالسَّبِطِ): (السَّبِط): الشعر الذي ليس فيه تكسُّر؛ كشعور العجم، قال ابن قُرقُول: (وفي «الأفعال»: سَبُط الجسم سباطة، والشَّعر سبوطة، فالجسم سبْط، والشعر سَبِط، وحكى الحربيُّ: «سَبَط»)، انتهى، وفي «الصِّحاح»: (شعر سبَط وسبِط؛ بكسر المُوَحَّدة وفتحها).

قوله: (وَلَا بِالْجَعْدِ [1]): تَقَدَّمَ ما (الجعد)، وكذا تَقَدَّمَ [الكلام] على (الرَّجِل)، وعلى (السَّبِطِ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الْجَعْدِ).

[ج 2 ص 581]

(1/10682)

[حديث: كان النبي ضخم اليدين لم أر بعده مثله]

5906# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، والفراهيديُّ: نسبة إلى جدِّه فُرهود، والنسبة إليه: فُرهوديٌّ، وفراهيديٌّ، و (جَرِيرٌ) بعده: هو _بفتح الجيم، وكسر الرَّاء_ ابن حازم الأزديُّ.

قوله: (رَجِلًا): تَقَدَّمَ معنى (رَجِل)، وكذا تَقَدَّمَ (الجعد والسَّبِط) قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 581]

(1/10683)

[حديث: كان النبي ضخم اليدين والقدمين حسن الوجه]

5907# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ عارمٌ، كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (أبو نعيم)، وفوقه: (أبو النُّعمان)، ولم يذكره في «الأطراف» إلَّا من حديث أبي النُّعمان مُحَمَّد بن الفضل، فإذًا هو الصواب، والله أعلم، وتَقَدَّمَ [أنَّ] عارمًا لقبٌ له، وأنَّه بعيد مِن العرامة، وأنَّه الشِّرِّير، أو الشَّرس، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ جدًّا.

قوله: (بَسِيْطَ الكَفَّيْنِ): هو بفتح المُوَحَّدة، وكسر السِّين المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة؛ أي: واسع.

(1/10684)

[حديث: كان النبي ضخم القدمين حسن الوجه]

5908# 5909# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ أنَّه الصَّيرفيُّ الفلَّاس الحافظ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): فقوله: (أو عن رجل عن أبي هريرة): هذا (الرَّجل) لا أعرفه، ولا عرَّفه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (هذا الرجل يحتمل أن يكون سعيد بن المُسَيّب، فقد رواه ابن سعد في حديثه عن أبي هريرة، وقتادة مُكثِر عنه)، انتهى.

5910# قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ): هذا تعليق مجزوم به، و (هشام): هو ابن يوسف القاضي الصَّنعانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو من شيوخ شيوخ البُخاريِّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، قال شيخنا: (وتعليق هشام رواه الإسماعيليُّ من حديث عليِّ بن بحرٍ عنه).

قوله: (شَثْنَ الكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ [1]): (الشَّثْن): بفتح الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَلَّثَة ساكنة، ثُمَّ نون؛ يعني: أنَّ كفَّيه وقدميه يميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: (الشَّثن): الذي في أنامله غلظ بلا قصر، ويُحمَد ذلك في الرِّجال؛ لأنَّه أشدُّ لقبضهم، ويُذمُّ في النساء، قاله ابن الأثير، وقال القاضي عياض: شثنُ الكفَّين والقدمين: لَحِيمُهما، والله أعلم.

5911# 5912# قوله: (وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ): (أبو هلال): هذا هو مُحَمَّد بن سُلَيم الراسبيُّ، نزل البصرة، ولاؤه لبني سامة بن لؤيٍّ، يروي عن الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وجماعة، وعنه: وكيع، وزيد بن الحُبَاب، وابن مهديٍّ، وخلقٌ، قال ابن معين: صدوق، وقال أبو داود: ثقة، ولم يكن صاحبَ كتاب، وهو فوق عمران القَطَّان، وقال ابن أبي حاتم: أدخله البُخاريُّ في كتاب «الضُّعفاء»، فسمعت أبي يقول: يُحوَّلُ منه، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال مُحَمَّد بن محبوب: مات سنة سبع وستِّين ومئة في ذي [الحجَّة]، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له الأربعة، وقولُ أبي هلال؛ قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (وصلها الذَّهَبيُّ في «دلائل النُّبوَّة»)، انتهى، له ترجمة في «الميزان».

(1/10685)

[حديث: أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم وأما موسى]

5913# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (ابْن عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ»، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.

قوله: (فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ): كذا هنا، وفي بعض طرقه: (يعني: نفسه)، ويؤيِّد هذا: أنَّ في بعض طرقه: «وأنا أَشْبه ولده به»؛ يعني: إبراهيم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (فَرَجُلٌ آدَمُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا ما (الآدم)، وضبطه، وكذا (الجَعْد).

قوله: (مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ): (المَخطُوم): هو الذي له خِطام، وقد قَدَّمْتُ ما (الخِطام)، وأمَّا (الخُلْبة)؛ فبضمِّ الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ لام ساكنة _وتُضمُّ، ذكرهما الجوهريُّ_ ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي اللِّيف، ويقال: بل هو ليف المُقْلِ.

==========

[ج 2 ص 581]

(1/10686)

[باب التلبيد]

[ج 2 ص 581]

قوله: (بَابُ التَّلْبِيدِ): تَقَدَّمَ ما (التَّلبيد) في (الحجِّ)، وهو جمع الشعر بما يلزق بعضه إلى بعض من خطميٍّ، أو صمغ، أو شبهه؛ ليتَّصل بعضُه ببعض.

(1/10687)

[حديث: من ضفر فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد]

5914# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ أنَّ (شُعَيْبًا): هو ابن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهْرِي): هو مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (مَنْ ضَفَّرَ): هو بالتَّشديد في أصلنا، وهو يقال: بالتَّخفيف والتَّشديد؛ لغتان حكاهما الجوهريُّ، وهذا ظاهِرٌ، وهو بالضاد المُعْجَمَة غير المشالة، ووقع في أصلنا بالظاء المشالة، وهو خطأ في الكتابة، وقد ضبَّبتُ أنا عليه في الأصل، وصوَّبت في الحاشية بأنَّه بالضَّاد غير المشالة.

قوله: (فَلْيَحْلِقْ): يعني: في الحجِّ.

قوله: (وَلَا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ): أي: لا تفعلوا أفعالًا تشبه التَّلبيد في الانتفاع بها، وهي العقص، والضَّفر، ثُمَّ تُقصِّرون، وتقولون: لم نُلبِّد، فمن فعل؛ فهو مُلبِّد، وعليه الحِلَاق، كذا حلَّه شيخنا، ثُمَّ اعلم أنَّ الحاجَّ والمُعتمِر يُستحَبُّ لهما تلبيد شعر رأسهما، فإذا لبَّد رأسه أحدهما عند الإحرام؛ لم يكن مُلتزِمًا الحلقَ على المذهب الصحيح عند الشَّافِعيَّة، وللشَّافعيِّ رحمه الله تعالى قولٌ قديمٌ: أنَّ التَّلبيد كنذر الحلق، وإذا نذر الحلق؛ لزمه، وفي وجه غريب: أنَّه لا يلزم بالنذر؛ إذا لم يجعله نسكًا، انتهى، ونقل شيخنا في حجَّة الوداع أنَّ مالكًا يرى على من لبَّد أن يحلق للاتِّباع)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (مُلَبِّدًا): هو بكسر المُوَحَّدة وفتحِها.

==========

[ج 2 ص 582]

(1/10688)

[حديث: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك]

5915# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة.

قوله: (وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو فيما يظهر أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ مردويه السِّمسار، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومَن يقال له: أحمد بن مُحَمَّد في مشايخ البُخاريِّ ثلاثةُ أشخاص؛ الأوَّل: أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل، الإمام المجتهد المشهور، لم أر عَبْد الغَنيِّ صاحب «الكمال» ولا الذَّهَبيَّ في «تذهيبه»: ذكرا في ترجمته أنَّه روى عن عبد الله بن المبارك، ولا في ترجمة ابن المبارك أنَّه روى عنه أحمد، ومثل أحمد وابن المبارك في الترجمتين لا يهملان كما يُهمَل غيرهما؛ لعظمهما، وجلالتهما، وعلمهما، والثاني: أحمد بن مُحَمَّد بن الوليد الغسَّانيُّ الأزرقيُّ المَكِّيُّ، فنظرت ترجمته في «الكمال»؛ فلم أره ذكره في تلاميذ ابن المبارك، ولا ذكر في ترجمة ابن المبارك أنَّه أخذ عنه هذا، وكذا في «التذهيب»، فغلب على ظنِّي أنَّه مردويه؛ لأنَّه ذُكِر في الآخذين عن ابن المبارك، وهو مذكور في الآخذين عنه في «الكمال» و «التذهيب»، أمَّا في «الكمال»؛ ففي ترجمة ابن المبارك وترجمة مردويه، وأمَّا «التذهيب»؛ ففي ترجمة مردويه، والله أعلم، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يُهِلُّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الإهلال): رفع الصوت بالتلبية، وهو رُباعيٌّ، وهذا يُعرَف من قولي: الإهلال، ولكن قد يجيء شخص لا يعرف ذلك، وتَقَدَّمَ (مُلَبِّدًا): أنَّه بكسر المُوَحَّدة وفتحها، وتَقَدَّمَ ما (التلبيد) قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّمَ قوله: (إِنَّ الْحَمْدَ)؛ بكسر الهمزة، ويجوز فتحها في (الحجِّ)، وما نُسِب إلى الشَّافِعيِّ عند الزمخشريِّ عكسُ المعروف عند أصحابه، والله أعلم، وتَقَدَّمَ أنَّ (النِّعْمَةَ): المشهورُ نصبها، وأنَّه يجوز رفعُها على الابتداء، والخبر محذوف.

(1/10689)

[حديث: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر .. ]

5916# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام، وتقدَّمت حفصة بنت عمر بن الخَطَّاب أمُّ المؤمنين، ومتى تزوَّج بها عليه السلام، ومتى تُوفِّيت، وبعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي): تَقَدَّمَ ما (التلبيد) غَيْرَ مَرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 582]

(1/10690)

[باب الفرق]

قوله: (بَابُ الْفَرْقِ): هو بفتح الفاء، وإسكان الراء، وبالقاف، وهو فرق الشَّعر.

==========

[ج 2 ص 582]

(1/10691)

[حديث: كان النبي يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه]

5917# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ مُترجما، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ): هذا كان في أوَّل الأمر، ثُمَّ إنَّه أحبَّ مخالفتهم، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (يَسْدُلُونَ): هو بفتح أوَّله، وإسكان السين، وضمِّ الدال المُهْمَلَتين، كذا نصَّ على ضمِّ الدَّال الجوهريُّ في «صحاحه»، وكذا هو مضبوط في أصلنا هنا بالقلم، ثُمَّ طرأ عليها الكسرُ أيضًا [1]، وقد تَقَدَّمَ في (بَابِ صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) أنَّه مكسور الدَّال بالقلم في أصلنا، ولم أقف أنا على الكسر، وقال شيخنا هنا ما قلته عن الجوهريُّ، ونقل عن ابن التين أنَّه قرأه بكسر الدَّال، انتهى، ومعناه: يُرخُون.

قوله: (يَفْرُقُونَ): هو بضَمِّ الرَّاء، وفتح أوَّله، قال ابن قُرقُول: (فرق رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكانوا يفرُقون؛ بالتخفيف أشهر، وقد شدَّها بعضهم، والمصدر (الفرْق)؛ بالسكون، وقد انفرق شعره: انقسم في مفرقه؛ وهو وسط رأسه؛ وأصله: الفرق بين الشَّيْئَين.

قوله: (فَسَدَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ): تَقَدَّمَ ما (السدل) أعلاه.

قوله: (ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ): تَقَدَّمَ كلام ابن قُرقُول أعلاه في (فرق).

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة»؛ (يسدِلون).

[ج 2 ص 582]

(1/10692)

[حديث: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق النبي]

5918# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، و (الْحَكَم): هو ابن عُتَيبة القاضي الإمام، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ؛ تقدَّموا كلُّهم.

[ج 2 ص 582]

قوله: (وَبِيصِ الطِّيبِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الوَبيص) بفتح الواو، وكسر المُوَحَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة، وأنَّه البريق واللَّمعان.

قوله: (فِي مَفَارِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): إنَّما جمعته؛ لأنَّ كلَّ قطعة منه مَفْرَق، و (المَفرَق): بفتح الميم والراء، وبفتح الميم وكسر الرَّاء: وسط الرَّأس؛ وهو الذي يُفرَق فيه الشَّعر.

(1/10693)

[باب الذوائب]

(1/10694)

[حديث: المؤتم إذا كان وحده يصلي عن يمين إمامه]

5919# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هُشَيْمٌ): هو هشيم بن بشير حافظ بغداد، تَقَدَّمَ، و (أبو بِشْر) بعده: بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

قوله: (ح [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، ومَن هو، و (مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِثِ): هي أمُّ المؤمنين زوج النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهي خالة ابن عَبَّاس وخالد بن الوليد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها تُوفِّيت بسرف، وتاريخ وفاتها رضي الله عنها.

قوله: (حَدَّثَنِي [3] عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو عمرو بن مُحَمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان، البغداديُّ، الناقد الحافظ، تَقَدَّمَ، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بشير، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (خ)، وينظر هامشها.

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[ج 2 ص 583]

(1/10695)

[باب القزع]

قوله: (بَابُ الْقَزَعِ): هو بفتح القاف والزَّاي وبالعين المُهْمَلَة، وهو أن تُحلَق مِن رأس الصَّبيِّ مَواضعُ، وتُترَكَ مواضعُ، وأصله: من قزع السَّحاب، وهي قطعٌ دقاق متفرِّقاتٌ، قاله أبو عبيد، كذا ذكره الهرويُّ، وابن فارس، والجوهريُّ، وقال اللَّيث عن الخليل في النَّهي عن القزع: هو أخذ بعض الشعر، وترك بعضِه مِن الرأس، وكذا قال في «المُحكَم»، وسيأتي هنا: (وَمَا الْقَزَعُ؟ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: إِذَا حُلِقَ الصَّبِيُّ، وَتَرَكَ هَهُنَا [شَعَرَةً وَهَهُنَا] وَهَهُنَا، فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ رَأْسِهِ ... ) إلى أن قال: (وَلَكِنَّ الْقَزَعَ أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ شقُّ رَأْسِهِ هَذَا وَهَذَا)، وقال الشيخ أبو إسحاق صاحب «التَّنبيه» في «المُهذَّب»: (ويُكرَه أن يترك على بعض رأسه الشعر؛ للنَّهي عن القزع، وظاهر كلامه أنَّ مُطلَق البعض مكروهٌ، وقال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: («القزعُ»: حلق بعض الرأس مُطلَقًا، وقيل: إنَّه حلق مواضع مُتفرِّقة منه)، قال الشيخ محيي الدين: (أجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضعَ متفرِّقةٍ إلَّا أن يكون لمداواة ونحوها، وهي كراهة تنزيه، وقال بعض أصحاب مالكٍ: لا بأس به في القُصَّة والقفا للغلام، قال العلماء: والحكمة في النَّهي عنه: أنَّه تشويه للخَلْق، وقيل: لأنَّه زِيُّ أهل الشَّرِّ والشَّطارة، وقيل: لأنَّه زِيُّ اليهود، وقد جاء هذا في رواية لأبي داود)، انتهى مُلَخَّصًا، وقال شيخنا هنا: (حقيقة القزع: حلق بعض الرأس مُطلَقًا، وقيل: إنَّه حلق بعض مواضعَ متفرِّقةٍ منه)، قال: (وهو قول الغزاليِّ)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 583]

(1/10696)

[حديث: سمعت رسول الله ينهى عن القزع]

5920# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرَنِي مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه ابن سلَام، و (مَخْلَد): هو _بفتح الميم، وإسكان الخاء_ ابن يزيد، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، الإمام، أحد الأعلام، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ حَفْصٍ): كذا في أصلنا، وعلى (حفص) علامة نسخة، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (عبيد الله بن عمر بن حفص، وكلاهما صواب، وما في أصلنا هو نسبة إلى جدِّه، وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيه، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: قُلْتُ: وَمَا الْقَزَعُ؟ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ): كذا في أصلنا، وهو صحيح في نفسه، لكن في فهمه وقفة، والذي يظهر أنَّ ابن جُرَيجٍ ينبغي أن يكون السائلَ، والمُجيب عبيد الله، وهذا ظاهِرٌ لو قيل كذلك، ولكنَّه ليس كذلك في أصلنا القاهريِّ، ولا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ؛ بل كلاهما واحد، وأمَّا آخر الحديث؛ فيدلُّ على أنَّه من كلام عمر بن نافع، ولفظه: (فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: إِذَا حُلِقَ الصَّبِيُّ ... ) إلى آخره، ثُمَّ قال: (قَيلَ لِعُبَيْدِ اللهِ: فَالْجَارِيَةُ وَالْغُلاَمُ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي، هَكَذَا قَالَ: الصَّبِيُّ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: وَعَاوَدْتُهُ، فَقَالَ ... ): كذا وكذا، وأمَّا «مسلم»؛ ففيه: (قال: قلت لنافع)؛ يعني: أنَّ عمر بن نافع هو السَّائل لأبيه، وذكر التَّفسير، وفي رواية جَعْلُ التَّفسير مِن قول عبيد الله كما في أَصلَينا، وفي رواية إلحاقُ التَّفسير في الحديث، والله أعلم، وكذا في «أبي داود» إلحاق التَّفسير بالحديث، وفي «ابن ماجه»: «قال: وما القزع؟»؛ فذكره، ولكن لم يُعيِّن مِن قولٍ مَن التَّفسير مِن رُواتِهِ، ولم أراجع «النَّسائيَّ الكبير»، وراجعت «الصَّغير»، فلم يذكر فيه التَّفسير بالكليَّة، والله أعلم.

قوله: (إِذَا حُلِقَ الصَّبِيُّ [2]): (حُلِق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الصَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أَمَّا الْقُصَّةُ): تَقَدَّمَ أنَّها بضَمِّ القاف، وتشديد الصاد المفتوحة المُهْمَلَة، ثُمَّ تاء التأنيث.

(1/10697)

قوله: (وَالْقَفَا): هو مقصور، وحكى شيخنا الشارح في «شرح التنبيه» له: مَدَّه، عن أبي الحسن طاهر بن بابشاذ في «شرح الجُمَل» أنَّه حكى عن الفرَّاء أنَّه جوَّز فيه القصرَ والمدَّ، انتهى.

قوله: (أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ): (يُترَك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شعرٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَكَذَلِكَ شقُّ رَأْسِهِ): هو بفتح الشين وكسرها، كذا في أصلنا، والذي أعرفه أنا الكسرَ فقط.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (حَلَقَ الصَّبيَّ).

[ج 2 ص 583]

(1/10698)

[حديث: أن رسول الله نهى عن القزع]

5921# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ.

قوله: (عَنِ الْقَزَعِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (القزع).

==========

[ج 2 ص 583]

(1/10699)

[باب تطييب المرأة زوجها بيديها]

قوله: (بَابُ تطْيِيبِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِيَدَيْهَا): (زوجها): بالنصب، مفعول المصدر، وهو (تطييب)، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 583]

(1/10700)

[حديث: طيبت النبي بيدي لحرمه]

5922# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (أحمد بن مُحَمَّد) هذا _فيما يظهر_: مردويه، و (عبد الله): هو ابن المبارك، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ):

[ج 2 ص 583]

هو الأنصاريُّ القاضي.

قوله: (قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وتعني بالإفاضة: طواف الإفاضة.

(1/10701)

[باب الطيب في الرأس واللحية]

(1/10702)

[حديث: كنت أطيب النبي بأطيب ما يجد]

5923# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله.

قوله: (بِأَطْيَبِ مَا نَجِدُ): (أطيب): مجرورٌ وإن كان (أفعلَ) تفضيل، إلَّا أنَّه أُضِيف، فانجرَّ بالكسرة.

قوله: (حَتَّى أَجِدُ): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا بالقلم؛ والمراد: الحال على ذلك، ويجوز نصبه، وقد قَدَّمْتُ نظيره؛ وهو قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] على قراءة نافع، وقرأ الباقون بالنَّصب.

قوله: (وَبِيصَ الطِّيبِ): تَقَدَّمَ ما (الوَبيص) ضبطًا ومعنًى قريبًا وبعيدًا.

(1/10703)

[باب الامتشاط]

(1/10704)

[حديث: لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في عينك]

5924# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الرجل): هو الحكم بن أبي العاصي، قال ابن بشكوال: (سمعت شيخنا أبا الحسن بن مغيث يقول ذلك، ولم يأت عليه بشاهد)، انتهى، وقال ابن شيخنا العِرَاقيِّ الحافظ وليُّ الدين: (إنَّه رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين كذلك، ولم يعزه هنا، قال: (وفي «أبي داود» في «باب كيفيَّة الاستئذان» من طريق هزيل _يعني: ابن شرحبيل_ قال: «جاء سعد فوقف على باب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليستأذن، فقام على الباب مستقبل الباب، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هكذا عنك، وإنَّما الاستئذان مِن النظر»، وسعد هذا لم يُسمَّ، وأورد ابن عساكر هذا الحديث في «الأطراف» في ترجمة سعد بن أبي وقَّاص)، انتهى، كذا رأيته في «أبي داود» في (الاستئذان)، وتجاهه بخطِّي: سعد هو ابن أبي وقَّاص، وكذا جعله المِزِّيُّ في «أطرافه» في مسند سعد بن أبي وقَّاص.

قوله: (مِنْ جُحْرٍ): هو بضَمِّ الجيم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، وبالرَّاء، وهو مَعْرُوفٌ.

قوله: (بِالْمِدْرَى): هو بكسر الميم، وإسكان الدال المُهْمَلَة، مقصورٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: («المدرى»: شيء من حديد، أو خشب على شكل سنٍّ من أسنان المشط، وأطول منه، يُسرَّح به الشعر المتلبِّد، ويستعمله مَن لا مشطَ له)، انتهى، وما ذكره هو عبارة «النِّهاية»، وقال ابن قُرقُول: (هو مجموع أعواد مُحدَّدة؛ مثل: المشط، وقال ابن كيسان: هو عود تُدخِله المرأة في شعرها؛ لتضمَّ بعضَه إلى بعض).

قوله: (مِنْ قِبَلِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ، و (الأَبْصَار): بفتح الهمزة جمع (بصر)، و (البصر): حاسَّة الرُّؤية، وجاء في بعض طرقه: (من أجل البصر)، وضبط بعضهم: (الإِبصار)؛ بالكسر أيضًا.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10705)

[باب ترجيل الحائض زوجها]

قوله: (بَابُ تَرْجِيلِ المَرْأَةِ [1] زَوْجَهَا): (التَّرجيل): تَقَدَّمَ، و (زوجَها): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدر؛ وهو (ترجيل).

(1/10706)

[حديث: كنت أرجل رأس رسول الله وأنا حائض.]

5925# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كُنْتُ أُرَجِّلُ): تَقَدَّمَ ما (التَّرجيل).

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10707)

[باب الترجيل]

(1/10708)

[حديث: أنه كان يعجبه التيمن ما استطاع في ترجله ... ]

5926# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، و (أَشْعَث بْن سُلَيْم): تَقَدَّمَ أنَّه بالمُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أشعب) الذي هو بالمُوَحَّدة الطَّامعَ فردٌ، و (سُلَيْم): بضَمِّ السين، وفتح اللَّام.

قوله: (التَّيَمُّنُ): مَرْفُوعٌ فاعلُ (يعجبه)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فِي تَرَجُّلِهِ): تَقَدَّمَ ما (الترجُّل)، وكذا (وُضُوئِهِ): وهو بضَمِّ الواو: الفعل، ويجوز فتح الواو، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/10709)

[باب ما يذكر في المسك]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ): هو بضَمِّ أوَّله، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الْمِسْكِ): تَقَدَّمَ في (الذبائح والصيد): أنَّه فارسيٌّ مُعرَّب، وأنَّ العرب كانت تسمِّيه المشموم، قاله الجوهريُّ.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10710)

[حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي]

5927# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف الصَّنعانيُّ القاضي، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين: ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، و (المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا فتح يائه، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ): تَقَدَّمَ لَم اختصَّ الله بالصَّوم مِن بين سائر العبادات في (كتاب الصَّوم).

قوله: (وَأَنَا أَجْزِي)؛ بفتح الهمزة، معتلٌّ، غير مهموز الآخِر، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (الخُلُوف)، وأنَّ الصَّواب فيه: ضمُّ الخاء، وتَقَدَّمَ ما هو، وكذا تَقَدَّمَ (أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ): هل هو في الدنيا والآخرة، كما قاله ابن الصَّلاح، أو في الآخرة فقط، كما قاله ابن عبد السَّلام، والصحيح: أنَّه فيهما، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10711)

[باب ما يستحب من الطيب]

(1/10712)

[حديث: كنت أطيب النبي عند إحرامه بأطيب ما أجد]

5928# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ (وُهَيْبٌ): أنَّه ابن خالد الكرابيسيُّ، الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، عن أخيه عثمان بن عروة، وعثمان روى عن أبيه، وعنه: أخوه هشام وابن عُيَيْنَة، وكان خطيبًا بليغًا عالمًا، تُوُفِّيَ قبل أخيه، وهو ابن عمَّة عبد الملك بن مروان، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال يعقوب بن شيبة: كان من خطباء النَّاس وعلمائهم، من ذوي الأقدار، أمُّه أمُّ يحيى أخت مروان بن الحكم الأمويِّ، قال ابن سعد: كان قليل الحديث، مات قبل الأربعين ومئة.

قوله: (بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ): (أطيب): مجرور بالإضافة وإن كان (أفعل) تفضيل.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10713)

[باب من لم يرد الطيب]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ الطِّيبَ): تَقَدَّمَ أنَّ مثل (يردَّ): يجوز فيه الفتح، ونصَّ سيبويه على الضَّمِّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ مثله قريبًا.

[ج 2 ص 584]

(1/10714)

[حديث: أن النبي كان لا يرد الطيب]

5929# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ): بفتح العين المُهْمَلَة، ثُمَّ زاي ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10715)

[باب الذريرة]

قوله: (بَابُ الذَّرِيْرَةِ): هي بفتح الذَّال المُعْجَمَة، وكسر الرَّاء، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء أخرى مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: (نوع مِن الطِّيب مجموعٌ مِن الأخلاط، وما قاله نحوُ عبارة ابن الأثير، وفي حفظي أنِّي رأيت: أنَّه فُتاتُ قصبٍ هنديٍّ)، انتهى، ولعلَّه الكادي، فإنَّه كذلك.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10716)

[حديث: طيبت رسول الله بيدي بذريرة في حجة الوداع]

5930# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ _وقد ذكر هذا الموضع، وموضعًا في (الأيمان والنُّذور) _: («مُحَمَّدٌ» في هذين الموضعين، وفي الموضع الذي قبله _يعني: مكانًا في «البيوع» _: هو الذهليُّ، فيما قاله الحاكم وغيره)، انتهى، والظاهر ما قاله الحاكم وغيره، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا شيخُنا تعرَّض له بالكليَّة هنا، و (ابْن جُرَيْج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

قوله: (بِيَدَيَّ): هو بتشديد الياء، كذا في أصلنا.

قوله: (بِذَرِيرَةٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (الذَّريرة).

(1/10717)

[باب المتفلجات للحسن]

قوله: (بَابُ الْمُتَفَلِّجَاتِ؛ لِلْحُسْنِ): قال ابن قُرقُول: (هنَّ اللَّاتي يأشرن أسنانهنَّ بحديدة حتَّى يُفلِّجْنها، و «الفلج»: فرجة بين الثَّنايا، قاله الخليل، وقال غيره: بين الأسنان، وقال بعضهم: بين الثنايا والرُّباعيات ... ) إلى أن قال: (و «المُتفلِّجات»: هنَّ المُؤتَشِرات)، انتهى، وفي «النهاية» في (وصفه عليه السلام): («كان مُفلَّج الأسنان»، وفي رواية: «أفلج الأسنان»، «الفَلَج»؛ بالتحريك: فرجة بين الثَّنايا والرُّباعيات، والفرق: فرجةٌ بين الثَّنيَّتَين، ومنه الحديث: «أنَّه لعن المُتفلِّجات؛ للحُسْنِ»؛ أي: النِّساء اللَّاتي يفعلن ذلك بأسنانهنَّ؛ رغبة في التحسين.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10718)

[حديث ابن مسعود: لعن الله الواشمات والمستوشمات]

5931# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو عثمان ابن أبي شيبة، أخو الحافظ أبي بكر، وقد قَدَّمْتُ أنَّه أسنُّ من أبي بكر، و (جَرِيرٌ): ابن عبد الحَمِيد الضَّبِّيُّ، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ): (الوشم): كالخيلان يُجعَل في الوجه، والرُّقومُ في الأيدي والمعاصم، وغيرِها، كانت العرب تفعل ذلك، فتَشُقُّ مكان ذلك بإبرة، ثُمَّ تملأه كحلًا، أو دخانًا، فيلتئم الجلد عليها، فيخضرُّ منه مكانُها، وهو مَعْرُوفٌ، و (الموتَشِمة): التي تسأل مَن يفعل ذلك بها.

قوله: (وَالْمُتَنَمِّصَاتِ): (النَّامصة): بالنون، والصاد المُهْمَلَة التي تنتف الشَّعر من وجهها أو وجه غيرها، و (المتنمِّصة): التي تطلب مَن يفعل بها ذلك.

قوله: (وَالْمُتَفَلِّجَاتِ): تَقَدَّمَ ما (التَّفلُّج) قريبًا.

(1/10719)

[باب الوصل في الشعر]

قوله: (بَابُ الوَصْلِ في الشَّعَرِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: (الأحاديث مطابقة إلَّا قول نافع: الوشم في اللِّثة، لكن وجه دخوله أنَّ الوشم كره؛ لأنَّه يُغيِّر الخلقة؛ لمعنى التحسين، فساواه الوصل في ذلك، والله أعلم)، انتهى، وسيأتي ضبط (اللِّثة) في كلامي وما هي.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10720)

[حديث: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم]

5932# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ هو وأبوه أبو سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس.

قوله: (عَامَ حَجَّ): حجُّ معاويةَ تَقَدَّمَ في (الصَّوم).

قوله: (وَتَنَاوَلَ قُصَّةً): تَقَدَّمَ أنَّها بضَمِّ القاف، وتشديد الصاد المُهْمَلَة.

قوله: (حَرَسِيٍّ): هو بفتح الحاء والراء وبالسين المُهْمَلَتين، ثُمَّ ياء مُشَدَّدة، منسوب إلى: الحَرَس، والحَرَس والحُرَّاس: خدم السُّلطان المُرتَّبون لحفظه وحراسته، والحَرَسِيُّ: واحد (الحرس)؛ كأنَّه منسوب إليه؛ حيث صار اسمَ جنس، ويجوز أن يكون منسوبًا إلى الجمع شاذًّا، وذلك لا يُنسَب إلى الجمع إلَّا إذا سُمِّي به، ومنه قول بعض الفقهاء: الآفاقيُّ والفرائضيُّ، والله أعلم.

(1/10721)

[معلق ابن أبي شيبة: لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة ... ]

5933# قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ): لم يعيِّنه المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ بل قال: (البُخاريُّ في «اللِّباس»: «قال ابن أبي شيبة عن يونس ... ») إلى آخره، والظَّاهر: أنَّه أبو بكر ابن أبي شيبة الحافظ المُصنِّف، وذلك لأنِّي راجعت «الكمال» لعبد الغنيِّ الحافظ؛ فرأيته ذكر أبا بكر فيمَن روى عن يونس بن مُحَمَّد، ولم يذكر أخاه عثمان، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلانٌ المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (يُونُسُ): هو يونس بن مُحَمَّد المُؤدِّب البغداديُّ، و (فُلَيْحٌ): هو ابن سليمان، وقد تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللَّام؛ مُصغَّرًا.

(1/10722)

قوله: (لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ): أمَّا (الواصلة)؛ فهي التي تصل شعرها بشعر غيره، و (المستوصلة): التي تستدعي ذلك مِن غيرها، وهي أيضًا الموصولة، وأمَّا (المُوصِلة)؛ فهي الواصلة، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد ذكر ابن الأثير الكلامَ عليه، ثُمَّ قال: (رُوِي عن عائشة أنَّها قالت: ليست الواصلة بالتي تَعْنُون، لا بأس أن تَعْرَى المرأة عَن الشعر، فتصلُ قرنًا من قرونها بصوفٍ أسودَ، وإنَّما الواصلة التي تكون بغيَّا في شبيبتها، فإذا أسنَّت؛ وصلتَها بالقيادة، قال أحمد ابن حنبل لمَّا ذُكِر له ذلك: ما سمعت بأعجبَ مِن ذلك)، انتهى، وما أظنُّ هذا التَّفسير يصحُّ عن عائشة رضي الله عنها، ولا أنَّ عائشة تقول بجواز وصل الشعر، ثُمَّ إنِّي رأيت الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ في «شرح مسلم» قال ما لفظه: (واختلف العلماء في المسألة؛ فقال مالكٌ والطَّبَريُّ وكثيرون أو الأكثرون: الوصل ممنوعٌ سواء وصله بشعر، أو بصوف، أو خرق .... ) إلى أن قال: (قال اللَّيث بن سعد: النَّهي مُختصٌّ بالوصل بالشعر، ولا بأس بوصله بصوف، أو خرق، أو غيرها، وقال بعضهم: يجوز جميع ذلك، وهو مرويٌّ عن عائشة، ولا يصحُّ عنها؛ بل الصَّحيح عنها كقول الجمهور)، انتهى، وأمَّا كلام أحمد؛ فالذي فهمته منه: التعجُّب مِن أن يُنسَب مثل هذا لعائشة، لا أنَّه استحسنه، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكر هذا القول عن عائشة _أعني: جواز الوصل في الشعر_ فقال: (وسألها ابن أشوع، فقالت هذا القولَ المنقول عنها هنا)؛ وهو وصل المرأة الزنا بالقيادة ...

[ج 2 ص 585]

إلى أن قال: (قال الطَّبَريُّ: وأمَّا خبر ابن أشوع عن عائشة؛ فهو باطل؛ لأنَّ رواته لا يُعرَفون، وابن أشوع لم يدرك عائشة)، انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين ما لفظه: (كيف يجتمع قوله: سألها، وقول الآخر: لم يدركها؟! يمكن الجواب: بأنَّ الذي سألها غيرُ الذي لم يدركها)، انتهى.

(1/10723)

[حديث عائشة: لعن الله الواصلة والمستوصلة]

5934# قوله: (سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ نون مُشَدَّدة، وفي آخره قافٌ، لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وقد تَقَدَّمَ، و (يَنَّاق) هذا: جدُّ الحسن بن مسلم، صَحَابيٌّ، وفد يوم حجَّة الوداع، فسمع الخطبة رضي الله عنه، و (صَفِيَّة بِنْت شَيْبَةَ): تَقَدَّمَ الكلام [عليها]، وهل هي صحابيَّة أم لا، والصَّحيح: لا، مُطَوَّلًا.

قوله: (أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ): هذه (الجارية وزوجها) لا أعرفهما.

قوله: (فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا): (تمعَّط): بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ ميم، ثُمَّ عين مهملة مُشَدَّدة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحات، ويقال: امَّعَط الشعر وتمعَّطَ؛ إذا تناثر.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على عمرو بن مرَّة، و (ابن إسحاق): مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، الإمام في «المغازي»، تَقَدَّمَ، و (أبان بن صالح): هو أبان بن صالح بن عمير القرشيُّ مولاهم، أبو بكر، المدنيُّ، وقيل: المَكِّيُّ، عن أنس، ومجاهد، والحسن، وعطاء، ومُحَمَّد بن كعب القرظيِّ، والزُّهْرِيِّ، وجماعة، وعنه: ابن جُرَيجٍ، وابن إسحاق، وعُقَيل الأيليُّ، ومُحَمَّد بن خالد الجَنَديُّ، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وأبو حاتم، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، مات بعسقلان سنة بضعَ عشرةَ ومئة، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا والأربعة، وقد ضعَّفه المِزِّيُّ في «الأطراف»، ولا أعلم مَن قال مثله، والله أعلم، وقد كتب بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين ما لفظه: (سبق المِزِّيَّ إلى تضعيفه ابنُ عَبْدِ البَرِّ في «التَّمهيد»، لكنَّهم ردُّوا عليه وقالوا: التبس عليه بأبان بن أبي عَيَّاش)، انتهى، و (الحسن): هو ابن مسلم بن يَنَّاق، والله أعلم، ومتابعة ابن إسحاق لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة، ولم أرَ تخريجها في كلام شيخنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 586]

(1/10724)

[حديث: إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرق رأسها]

5935# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، و (مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ [1]): قال الدِّمْيَاطيُّ: (صفيَّة بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة)، انتهى، وهذا ظاهِرٌ، وقد قَدَّمْتُ الكلام على صفيَّة هذه؛ أهي صحابيَّة أم لا، مُطَوَّلًا غَيْرَ مَرَّةٍ؛ منها مرَّة في (الجنائز).

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه المرأة، و (ابْنَتهَا)، و (زَوْجُهَا): لا أعرفهم، وقد تَقَدَّمَ في (النِّكاح) ما قاله بعض المُتَأخِّرين، وما قلته أنا، والله أعلم.

قوله: (فَتَمَرَّقَ رَأْسُهَا): هو بالرَّاء؛ ومعناه: انتتف، وهو بمعنى: تمعَّط وانمرق، قال ابن قُرقُول: («فتمزق شعرها»؛ بالزَّاي لهم؛ ومعناه: تمرَّط وتمعَّط؛ أي: انتتف وسقط مِن أجل المرض، وعند القابسيِّ، وعُبْدوس، وأبي الهيثم: «فتمرَّق»؛ بالرَّاء، والمعنى واحدٌ، غير أنَّه _يعني: الذي بالزَّاي_ لا يُستعمَل في الشعر حال المرض)، انتهى.

قوله: (وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِي بِهَا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (زوجها) لا أعرفه.

(1/10725)

[حديث أسماء: لعن النبي الواصلة والمستوصلة]

5936# قوله: (عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام، وأنَّها زوج هشام بن عروة بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام عليها.

(1/10726)

[حديث ابن عمر: لعن الله الواصلة والمستوصلة]

5937# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ عبد الله بعد (مُحَمَّد بن مقاتل): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه العمريُّ عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيه العمريُّ.

قوله: (قَالَ نَافِعٌ: الْوَشْمُ فِي اللِّثَةِ): (اللِّثَة): بكسر اللَّام، وفتح الثاء المُثَلَّثَة المُخَفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي لحم الأسنان، انتهى، وقد قَدَّمْتُ كلام ابن المُنَيِّر في مطابقة هذا القول للتبويب هناك، وقال شيخنا: (واعترض ابن التِّين على هذا التفسير، فقال: الذي ذكره أبو عبيد وغيره: أنَّ الوشم في اليد، وقال الداوديُّ: هو أن يعمل على لحم الأسنان صفرةً وغيرها، قال ابن التَّين: وقول أهل اللُّغة ما تَقَدَّمَ)، انتهى.

(1/10727)

[باب المتنمصات]

قوله: (بَابُ الْمُتَنَمِّصَاتِ): تَقَدَّمَ ما (التَّنمُّص) قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 586]

(1/10728)

[حديث: لعن عبد الله الواشمات والمتنمصات]

5939# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظاهر أنَّه ابن راهويه، الإمامُّ، أحد الأعلام، و (جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ؛ تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (الْوَاشِمَاتِ): تَقَدَّمَ مَن هنَّ، وكذا (الْمُتَنَمِّصَات)، وكذا (الْمُتَفَلِّجَات) قريبًا كلُّه.

قوله: (فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ): هذه لا أعرف فيها شيئًا غير أنَّها مِن بني أسد، و (أسَد): بفتح السين، وسيجيء قريبًا جدًّا روايتُها عن عبد الله؛ هو ابن مسعود، وعنها: عبد الرَّحْمَن بن عابس؛ بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (سورة الحشر).

قوله: (مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ): تريد: القرآن، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 586]

(1/10729)

[باب الموصولة]

(1/10730)

[حديث: لعن النبي الواصلة والمستوصلة]

5940# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا [1] عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلَام، وقد تَقَدَّمَ ذلك، و (عبْدة): بإسكان المُوَحَّدة، وهو عبدة بن سليمان الكلابيُّ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيهُ.

قوله: (الْوَاصِلَةَ): تَقَدَّمَت، وكذا (الْمُسْتَوْصِلَة)، وكذا (الْوَاشِمَة وَالْمُسْتَوْشِمَة).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).

[ج 2 ص 586]

(1/10731)

[حديث: لعن الله الواصلة والموصولة]

5941# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النِّسبة لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (فَاطِمَة): بنت المنذر زوجةُ هشام، بنت عمِّه المنذر بن الزُّبَير، و (أَسْمَاء): جدُّتهم بنت أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَت.

قوله: (سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه (المرأة)، و (ابْنَتُهَا) المريضة لا أعرفهما، والله أعلم.

[ج 2 ص 586]

قوله: (أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ)؛ بفتح الحاء، وإسكان الصاد المُهْمَلَتين، وبفتح الصَّاد وكسرِها: داءٌ معروفٌ.

قوله: (فَامَّرَقَ شَعَرُهَا): هو بتشديد الميم وبالرَّاء؛ ومعناه: انتتف وتقطَّع، وقد تَقَدَّمَ قريبًا.

قوله: (وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا): تَقَدَّمَ أنَّ الزوج لا أعرفه أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (النَّبِيَّ).

(1/10732)

[حديث: الواشمة والموتشمة والواصلة والمستوصلة]

5942# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى): (يوسف) هذا: هو ابن موسى _كما قال_ ابن راشد بن بلال، أبو يعقوب، الكوفيُّ القَطَّان، كان عالمًا صاحب حديث، عن جرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وابن عُيَيْنَة، وأبي نعيم، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ في «مسند عليٍّ»، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والبغويُّ، وآخرون، وكتب عنه ابن معين مع تقدُّمه، وقال هو وأبو حاتم: صدوق، تُوُفِّيَ سنة (253 هـ)، وقد قَدَّمْتُ الكلام فيه في (تفسير البقرة)، وفي غير ذلك؛ فاعلمه.

قوله: (حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وعلى (دُكَين) في أصلنا القاهريِّ: (صح)، وكذا وقع عن النَّسَفيِّ، ورُوِي عن الفِرَبْريِّ: (الفضل ابن زهير)، قال الجَيَّانيُّ: (وكلا الرِّوايتَين صوابٌ، وهو أبو نعيم الفضل بن دكين بن حَمَّاد بن زهير، وهو الفضل بن عمرو، و «دكين»: لقبٌ، نُسِب في رواية الفِرَبْريِّ إلى جدِّ، وقلَّ ما يستعمله [1] المُحدِّثون في اسم أبي نعيم إذا نُسِب، وإنَّما يقولون: الفضل بن دكين)، انتهى، وأمَّا المِزِّيُّ في «الأطراف» فقال: (عن الفضل ابن زهير، ثمَّ ذكر كلام أبي مسعود، وهو كان في كتاب الفِرَبْريِّ: («الفضل بن دُكَين، أو زهير»، وقال غيره: هما واحد هو الفضل بن دكين بن حَمَّاد بن زهير)، انتهى.

قوله في حديث ابن عمر: (الْوَاشِمَةَ وَالْمُوتَشِمَةَ [2])، وكذا ما بعده؛ كلُّه مَنْصُوبٌ على أنَّه مفعول؛ أعني: الواشمة، والباقي معطوف عليه، ويُوضِّحه قوله فيه: (يَعْنِي: لَعَنَ)، فهو مفعول بفعل مُقدَّر؛ تقديره: لعن النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الملفوظ به في الرواية، وسيأتي قريبًا من حديث ابن عمر: (لعن النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الواصلة ... ) إلى آخره.

==========

[1] في (أ): (يستعمل).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (الْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ).

[ج 2 ص 587]

(1/10733)

[حديث: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات]

5943# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك شيخ خراسان، و (سُفْيَانُ) بعده: لا أعرفه بعينه، وقد روى عبد الله بن المبارك عن السُّفيانَين، وهما رويا عن منصور غير أنَّ الثَّبْتَ فيه الثَّوريُّ، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

(1/10734)

[باب الواشمة]

(1/10735)

[حديث: العين حق]

5944# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة اقرأ)، وقبل ذلك أيضًا، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المُصنِّف، الصنعانيُّ، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين: ابن راشد، و (هَمَّام): ابن مُنبِّه الصَّنعانيُّ.

قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ [1] بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبط (بشَّار) مرارًا، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَارٌ، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): عبد الرَّحْمَن، أحد الأعلام، الحافظ الكبير، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ في الرواة عن عبد الرَّحْمَن بن عابس، ولم يذكرِ ابنَ عُيَيْنَة، والذَّهَبيَّ في «التَّذهيب» قال في ترجمة ابن عابس: روى عنه سفيان وأطلق، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، والله أعلم، و (عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بمُوَحَّدة، وسين مهملة، وتَقَدَّمَ أنَّ لهم عبدَ الرَّحْمَن بن عائش؛ بمُثَنَّاة تحت وشين معجمة، وهذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيء، إنَّما روى [له] التِّرْمِذيُّ، وهو شاميٌّ مُختلَف في صحبته، له حديث الرُّؤية، وحديثه عن مالك بن يُخامِر عن معاذ؛ صحَّحه التِّرْمِذيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا ابن عابس؛ بالمُوَحَّدة والمُهْمَلَة، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيمَ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، و (أُمُّ يَعْقُوب): تَقَدَّمَت قريبًا وبعيدًا.

(1/10736)

[حديث: إن النبي نهى عن ثمن الدم]

5945# قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا جُحَيفة) بضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، صَحَابيٌّ مشهور.

قوله: (رَأَيْتُ أَبِي، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ): تقديره: رأيت أبي اشترى غلامًا حجَّامًا، فكسر محاجمه، وقال: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نهى عن ثمن الدَّم، كما جاء في طريقٍ أخرى، طُوِي في هذه الرِّواية، والله أعلم.

قوله: (وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ ... ) إلى آخره: مُقتضَى العطفِ أن يكون (آكلِ الرِّبا)، وما بعده مجرورًا، وقد ضُبِط في أصلنا ما يدلُّ للعطف، فإنَّه ضبط (ومُوْكلِ)؛ بالجرِّ بالقلم، وطرأ عليه جرُّ ما بعده، والذي أحفظه أنَّ (آكلَ الرِّبا) مَنْصُوبٌ، وهو اسم فاعل، وما بعده معطوف عليه؛ وتقديره: ولعن آكل الرِّبا، وما في أصلنا صحيح في المعنى، لكن يحتاج إلى تقدير؛ وتقديره: ونهى عن آكل الرِّبا، ونهى عن كسب الواشمة أو فعل الواشمة، وفعل المستوشمة، وأمَّا مُوكِل الرِّبا؛ فيُقدَّر أيضًا، لكنَّ التَّقدير فيه قلقٌ، وما أحفظه ليس فيه شيء، غير أنَّ العامل مُقدَّر، ويؤيِّد ما أحفظه حديثُ ابن عمر قبله بيسير جدًّا: (قال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الواشمةَ»)؛ بالنَّصب؛ يعني: (لعن)، وما بعده معطوف عليه، ثُمَّ إنِّي رأيت في هامش نسخة عن الصغانيِّ ما لفظه: (كذا وقع في النُّسخ؛ والصواب: ولعن آكلَ الرِّبا، وقد أخرجه الإسماعيليُّ وابن عمارة على الوجه)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 587]

(1/10737)

[باب المستوشمة]

(1/10738)

[حديث: لا تشمن ولا تستوشمن]

5946# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، القاضي، و (عُمَارَة) بعده: هو بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هرم _وقيل غير ذلك_ ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أُتِيَ عُمَرُ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عمر): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (بِامْرَأَةٍ تَشِمُ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها، و (الوشم): تَقَدَّمَ ما هو قريبًا.

قوله: (أَنْشُدُكُمْ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين المُعْجَمَة؛ أي: أسألكم.

(1/10739)

[حديث: لعن النبي الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة]

5947# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القَطَّان، وقدَّمت مرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسَدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيه، العمريُّ.

==========

[ج 2 ص 587]

(1/10740)

[حديث: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات .. ]

5948# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَان) بعده: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، الرَّاوي عن (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد الله): هو ابن مسعود.

(1/10741)

[باب التصاوير]

قوله: (بَابُ التَّصَاوِيرِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: (أتبع البُخاريُّ حديث الوصل والوشم بحديث التَّصاوير؛ لاشتراك الجميع في تضادِّ خلق الله تعالى)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 587]

(1/10742)

[حديث: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تصاوير]

5949# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، البُخاريُّ، النقيب، البدريُّ الكبير، تقدَّم مُتَرجَمًا.

[ج 2 ص 587]

(1/10743)

قوله: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُوْرَةٌ [1]): قال العلماء: سبب امتناع الملائكة مِن دخول البيت الذي فيه ذلك: أمَّا الصُّورة؛ فلأنَّها معصية فاحشة، وفيها مضاهاة لخلق الله، وبعضها في صورة ما عُبِد مِن دون الله، وأمَّا الكلب؛ فلكثرة أكله النَّجاسات، ولأنَّ بعضها _وهو الأسود_ يُسمَّى شيطانًا، والملائكة ضدُّ الشَّياطين، وأيضًا؛ لقبح رائحته، والملائكة تكره الرَّائحة القبيحة، ولأنَّه منهيٌّ عن اتِّخاذه، فعُوقِب مُتَّخِذُها بحرمانه دخول الملائكة بيتَه، وصلاتَها فيه، واستغفارَها، وتبرُّكَها عليه في بيته، ودفعَها أذى الشيطان؛ والمراد بهؤلاء الملائكةِ: هم الملائكة الذين يطوفون بالرَّحمة، والتبريك، والاستغفار، وأمَّا الحفظة؛ فيدخلون كلَّ بيت، ولا يفارقون ابن آدم إلَّا في مكانَين؛ عند الجماع ودخول الخلاء، كما في «التِّرْمِذيِّ»، قال الخَطَّابيُّ: وإنَّما لا تدخل الملائكةُ بيتًا فيه كلب أو صورة ممَّا يحرم اقتناؤه مِن الكلاب والصور، وأمَّا ما ليس بحرام مِن كلب الزرع، والصيد، والماشية، والصورة التي تُمتهَن في البساط والوسادة، وغيرهما؛ فلا يُمتنَع الدُّخول بسببه، وأشار القاضي عياض إلى نحو ما ذكره الخَطَّابيُّ، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»: (والأظهر أنَّه عامٌّ في كلِّ كلب وكلِّ صورة، وأنَّهم يمتنعون مِن الجميع؛ لإطلاق الأحاديث، ولأنَّ الجرو الذي كان في بيته عليه السَّلام تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر، فإنَّه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل مِن دخول البيت ... ) إلى آخر كلامه، وليس من عادتي ذكرُ مثلِ هذا، إلَّا أنَّ الناس يسألون عن هذه المسألةِ كثيرًا، فلهذا ذكرتها، وما ذكره الخَطَّابيُّ وأشار إليه القاضي أفقهُ؛ وذلك لأنَّه لو امتنعتِ الملائكة مِن الدخول مع ما أُبِيح اتِّخاذُه؛ لكان عقابًا، والعقاب لا يناسب الإباحة، والله أعلم، وقال شيخنا: (وادَّعى ابن وضَّاح، والدَّاوديُّ، وجماعة من الفقهاء: أنَّ الملائكة في هذا الحديث ملائكةُ الوحي؛ مثل: جبريل وإسرافيل، فأمَّا الحفظة؛ فيدخلون في كلِّ بيت، ولا يفارقان الإنسان على كلِّ حال إلَّا عند الخلاء والجماع، كما ورد في الحديث، وقال بعضهم: المراد: ملائكة يطوفون بالرحمة والاستغفار دون الحفظة، وقيل: أراد: لا تدخله الملائكة؛ كدخولهم لو لم يكن في البيت صورة؛ نحو قوله عليه السَّلام: «لا يزني الزَّاني

(1/10744)

حين يزني وهو مؤمن»)، انتهى، وقول ابن وضَّاح، والدَّاوديُّ، والجماعة من الفقهاء: أنَّ المراد بالملائكة: ملائكة الوحي؛ كجبريل وإسرافيل؛ هذا في زمنه عليه السَّلام في بيته في النُّزول عليه، وأمَّا غيره وغير بيته؛ فليس كذلك، وهذا ظاهِرٌ لا خفاءَ فيه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ [2] عُبَيْدِ اللهِ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (عبيد الله): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، و (أبو طلحة): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه زيدُ بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وجاء بهذا التعليق لفوائدَ؛ منها: تصريح الزُّهْرِيِّ فيه بالإخبار من عبيد الله، والزُّهْرِيُّ مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل، وعبيد الله صَرَّحَ بالسماع من ابن عَبَّاس، وفي الأوَّل عنعن، وإن لم يُذكَر في المدلِّسين، وإنَّما أراد أن يخرج من خلاف مَن خالف في ذلك، كما ذكرته غَيْرَ مَرَّةٍ، وابن عَبَّاس صَرَّحَ بالسماع من أبي طلحة، والله أعلم، وتعليق الليث لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولكنَّ حديثَ يونس في هذا عن الزُّهْرِيِّ أخرجه مسلمٌ عن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى؛ كلاهما عن ابن وهب، عن يونس به، وشيخُنا لم يخرِّج تعليقَ الليث.

(1/10745)

[باب عذاب المصورين يوم القيامة]

(1/10746)

[حديث: إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون]

5950# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (مُسْلِم): هو ابن صُبَيح، أبو الضُّحى، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، تقدَّموا.

قوله: (فِي دَارِ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ): (يسار): بالمُثَنَّاة تحت، وسين مهملة مُخَفَّفة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (خازنُ عمرَ، وروى عن عمرَ وابنِه، وروى عنه أبو وائل شقيقُ بن سلمة وأبو عاصم الغطفانيُّ)، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: يسار بن نمير: مولى عمرَ وخازنُه، حكى عنه أبو وائلٍ وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ وغيرُهما، ذُكِرَ للتمييز؛ يعني: أنَّه ليس له شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفاتهم المذكورةِ في «التهذيب» للمِزِّيِّ شيءٌ، انتهى، وقد ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»، فلم يذكر فيه شيئًا، إلَّا أنَّه قال: روى عن عمر، روى عنه أبو إسحاق الهَمْدانيُّ، وأبو وائل، وسعيد بن أبي بردة، وعبيد الله بن سعد، وأبو عاصم الغطفانيُّ، سمعت أبي يقول ذلك، انتهى، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، والله أعلم.

قوله: (تَمَاثِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام على (التماثيل)، و (الصُّفَّة): كالظُّلَّة والسقيفة يُؤوَى إليها، وقد تَقَدَّمَت أيضًا.

==========

[ج 2 ص 588]

(1/10747)

[حديث: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة]

5951# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ): هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 588]

(1/10748)

[باب نقض الصور]

(1/10749)

[حديث: أن النبي لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه]

5952# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وتخفيف الضاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، و (عِمْرَان بْن حِطَّانَ): خارجيٌّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ): (التصاليب): قال الدِّمْيَاطيُّ: أي: نقشٌ فيه أمثال الصلبان، انتهى، وكذا قال غيره، وهو ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 588]

(1/10750)

[حديث: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبةً]

5953# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، ثقة، وله [1] [أحاديثُ] تُنكَر تجنَّبها أهل «الصحيح»، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا مترجمًا، و (عُمَارَةُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وأنَّه ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هرم _وقيل غيرُ ذلك_ ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (دَارًا بِالْمَدِينَةِ): هذه الدار لمروان بن الحكم.

قوله: (مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ): (المصوِّر)؛ بكسر الواو المُشَدَّدة: الذي يصنع الصُّوَر، وهذا المصوِّر لا أعرفه، و (يُصوِّر): بضَمِّ أوَّله، وكسر الواو المُشَدَّدة، فعل مضارع، كذا في أصلنا الاثنان.

قوله: (ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتاء المُثَنَّاة فوق، وتَقَدَّمَ ما هو.

==========

[1] في (أ): (وأبو)، ولعلَّه سبق نظر.

[ج 2 ص 588]

(1/10751)

[باب ما وطئ من التصاوير]

قوله: (بَابُ مَا وُطِئَ مِنَ التَّصَاوِيرِ): (وُطِئَ): بضَمِّ الواو، وكسر الطاء، ثُمَّ همزة مفتوحة، ومعناه معروفٌ.

[ج 2 ص 588]

(1/10752)

[حديث: أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله]

5954# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ [1] عَلَى سَهْوَةٍ): (سترت): قال شيخنا: بتشديد التاء المُثَنَّاة فوق، انتهى، وكذا قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في (سترت على بابي درنوكًا): إنَّه بتشديد التاء، وهذا إن كانت الرواية كذلك، وإلَّا فـ (ستر) بالتخفيف متعدٍّ، يُقال: ستر الله عبده، و (القِرَام): بكسر القاف، وتخفيف الراء، قال ابن قُرقُول: هو الستر، قال الهرويُّ: الرقيق، قال ابن دريد: هو الستر الرقيق وراء الستر الغليظ، وهذا يعضِّد قوله في الحديث الآخر: (قرام سترٍ)؛ أي: ستر لستر، وقال الخليل: (القرام): ثوبٌ من صوف فيه ألوان، وهو شفيفٌ يتَّخذ سترًا، وإذا خِيط وصُيِّر بيتًا؛ فهو كِلَّة، انتهى، وذكر ابن الأثير بعض ما هنا، وفي «الصحاح»: (ستر فيه رقم ونقوش)، وكذلك (المِقْرَمُ) و (المِقْرَمةُ).

قوله: (عَلَى سَهْوَةٍ): هي بفتح السين المُهْمَلَة، وإسكان الهاء، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: قال أبو عبيد: هي كالصُّفَّة بين يدي البيت، وقيل: بيت صغير شبه المِخْدع، وقال الخليل: هي عيدان تُعرَض بعضُها على بعض يُوضَع عليها المتاع في البيت، قال ابن الأعرابيِّ: هو الكوَّة بين الدارين، قال غيره: هي أن يُبنَى بين حائطي البيت حائطٌ صغيرٌ، ويُجعَل السقف على الجميع، فما كان في وسط البيت؛ فهو سَهْوةٌ، وما كان داخله؛ فهو مِخْدعٌ، وقيل: هو شبيهٌ بالرف والطاق يُوضَع فيه الشيءُ، وقيل: هو شبه دخلة داخلة البيت، وقيل: بيتٌ صغيرٌ منحدرٌ في الأرض، سَمكه مرتفعٌ شبيهٌ بالخزانة، وقيل: هي صُفَّة بين بيتَين، انتهى، وقال في «النهاية» بعضَ ما هنا، وقال غيرُهما: (السَّهْوة): كالصُّفَّة وشبهها.

قوله: (فِيهَا تَمَاثِيلُ): تَقَدَّمَ الكلام على (التماثيل).

(1/10753)

قوله: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا ... )؛ الحديث: أي: مِن أشدِّهم، قال شيخنا: لأنَّ إبليسَ وابنَ آدم الذي سنَّ القتل أشدُّ الناس عذابًا، انتهى، أمَّا إبليس؛ فنعم؛ لأنَّ خطايا بني آدم عليه مثلها؛ لأنَّه سنَّها لهم، مع خطيئته وهو كافر، وأمَّا ابن آدم؛ فيحتاج إلى نصٍّ، ولا شكَّ أنَّ عليه مثلَ آثام القاتلين، والكلام في قوله: {مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 31] معروفٌ، قيل: إنَّه لم يكن ندم توبةً، إنَّما كان ندمه على فقده، وإبليسُ كافرٌ، وحسَّن للناس الكفرَ والخطايا والفواحشَ، وأمَّا ابن آدم؛ فإنَّ عليه إثمَ قتلِ أخيه، ومثلَ آثام القاتلين، وهو شيءٌ كبير أيضًا؛ فيُحرَّر ذلك.

قوله: (يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ): أي: يعارضونه ويُشَبِّهون أنفسهم بالله في صنعها أو صنعتهم لها، ويحتمل أن يكون المراد بـ (خلق الله): مخلوقات الله، ومنهم من يهمز، ومنهم من لا يهمز، وقُرِئ بهما.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (لي)، وضُرِب عليها في (ق).

[ج 2 ص 589]

(1/10754)

[حديث: قدم النبي من سفر وعلقت درنوكًا فيه تماثيل]

5955# 5956# قوله: (مِنْ سَفَرٍ): هذا السَّفَر لا أعرفه بعينه.

قوله: (وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا): (الدُّرْنُوك): بضَمِّ الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ نون مضمومة، ثُمَّ كاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: ستر له خمل، وجمعه: درانك، انتهى، وما قاله لفظ «النهاية».

قوله: (فِيهِ تَمَاثِيلُ): تصاويرُ ذات أرواحٍ وأجرامٍ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيّ): يجوز فيه الرفع، ويجوز فيه النصب، وتكون الواو بمعنى: مع.

==========

[ج 2 ص 589]

(1/10755)

[باب من كره القعود على الصور]

(1/10756)

[حديث: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة]

5957# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (نمْرقَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتها، وما هي.

==========

[ج 2 ص 589]

(1/10757)

[حديث: إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه الصورة]

5958# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، و (بُكَيْر): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، وهو ابن عبد الله بن الأشجِّ، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة، و (زَيْد بْن خَالِدٍ): هو الجهنيُّ الصَّحابيُّ، و (أَبُو طَلْحَة): زيد بن سهل، النقيب البدريُّ النَّجَّاريُّ، تقدَّموا، قال الدِّمْيَاطيُّ: زيد بن سهل ابن عمِّ حسَّان بن ثابت، انتهى.

قوله: (قَالَ بُسْرٌ): هو بُسْر بن سعيد، تَقَدَّمَ أعلاه ضبطُه.

قوله: (ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ، فَعُدْنَاهُ): (زيد): هو ابن خالد المذكورُ في السند، الصَّحابيُّ المشهورُ.

قوله: (فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ طائفةً من العلماء قالوا: إنَّما يحرم من الصور ما كان في الحيطان، وأمَّا ما كان رقمًا في ثوب؛ فلا، على هذا الحديث، وسواء كان الثوب مبسوطًا أو منصوبًا، قال شيخنا: (وبه قال القاسم، وخالفه حديثه عن عائشة رضي الله عنها ... ) إلى أن قال: (وقال الطحاويُّ: يحتمل قوله: «إلَّا رقمًا في ثوب» أنَّه أراد: رقمًا يُوطَأ ويُمتَهَن؛ كالبسط والوسادة)، انتهى، والكلام في الصور والأقوال فيها معروفةٌ، فلا نطوِّل به، والله أعلم.

قوله: (قُلْتُ [1] لِعُبَيْدِ اللهِ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ): هذا هو عبيد الله بن راشد الخولانيُّ، ربيب ميمونة زوجِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، يروي عن عثمان بن عَفَّانَ وزيدِ بن خالد، عداده في أهل المدينة، روى عنه عاصم بن عمر بن قتادة وبسرُ بن سعيد، ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، وليس له روايةٌ في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفاتهم التي ذكرها المِزِّيُّ في «التهذيب»، والله أعلم.

(1/10758)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو [2] بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَهُ بُكَيْرٌ: حَدَّثَهُ بُسْرٌ، حَدَّثَهُ زَيْدٌ: حَدَّثَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا تعليق (ابن وهب)؛ فقد أخرجه البخاريُّ في (بدء الخلق) عن أحمد عن ابن وهب به، وأخرجه مسلمٌ عن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب به، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عمرو بن الحارث): هو ابن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (بُكَير): هو ابن عبد الله بن الأشجِّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، و (بُسْر): هو ابن سعيد، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، و (زيد): هو ابن خالد الجهنيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه، و (أبو طلحة): زيد بن سهل، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، والله أعلم، وأتى بهذا؛ لأنَّ الذي قبله عنعن فيه الليثُ، وبُكَيرٌ، وبُسرٌ، ومَن فوقه، وفي هذا كلُّهم صرَّحوا بالتحديث، والله أعلم.

[ج 2 ص 589]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَقُلْتُ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (هو).

(1/10759)

[باب كراهية الصلاة في التصاوير]

(1/10760)

[حديث: أميطي عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي]

5959# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عبد الوارث بن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (كَانَ قِرَاَمٌ لِعَائِشَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (القِرَام) وما هو قريبًا؛ فانظره.

قوله: (أَمِيطِي): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي): (تَعرِض): بفتح أوَّله، وكسر الراء؛ أي: تظهر وتبدو، كذا هو بالقلم مكسور الراء في أصلنا.

(1/10761)

[باب: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة]

(1/10762)

[حديث: إنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب .. ]

5960# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا، عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.

قوله: (وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ): (النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (جبريلُ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، كذا في أصلنا، وهو ظاهِرٌ.

قوله: (فَرَاثَ عَلَيْهِ): هو بالراء، وبعد الألف ثاء مُثَلَّثَة؛ أي: أبطأ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 590]

(1/10763)

[باب من لم يدخل بيتًا فيه صورة]

(1/10764)

[حديث عائشة: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة]

5961# قوله: (اشْتَرَتْ نمْرقَةً): تَقَدَّمَ ما (النمرقة) ولُغَاتُها.

قوله: (فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ): (عرفتْ): هو بإسكان تاء التأنيث، و (الكراهيَةَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، كذا في أصلنا، و (الكراهيَةَ): بتخفيف الياء، تَقَدَّمَ مِرارًا، ويقال من حيث اللغةُ: كراهي.

قوله: (أَحْيُوا): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 590]

(1/10765)

[باب من لعن المصور]

(1/10766)

[حديث: إن النبي نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب]

5962# قوله: (حَدَّثَنِي غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ ضبط (أَبِي جُحَيْفَةَ) قريبًا، وأنَّه وهب بن عبد الله، وقيل: وهب بن وهب، السُّوائيُّ.

قوله: (اشْتَرَى غُلَامًا حَجَّامًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الغلامَ لا أعرف اسمه.

قوله: (وَكَسْبِ الْبَغِيِّ): هو ما تأخذه الزانية على زناها.

(1/10767)

[باب: من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ ... ]

(1/10768)

[حديث: من صور صورةً في الدنيا كلف يوم القيامة ... ]

5963# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عيَّاشًا) هذا بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين عَبَّاس بن الوليد؛ بالمُوَحَّدة والسين المُهْمَلَة، وكم لهذا الثاني من مكان في «البُخاريِّ»، وهو مكانان، والثالث صَرَّحَ فيه بأنَّه النرسيُّ، وقد عيَّنتُهما وعيَّنتُ الثالثَ، وهذا عيَّاش بن الوليد الرَّقَّام: بالمُثَنَّاة تحت والشين المُعْجَمَة، فقد أكثر عنه البُخاريُّ، و (عَبْدُ الأَعْلَى) بعده: هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، تَقَدَّمَ، و (سَعِيدٌ) بعده: هو ابن أبي عروبة، و (النَّضْر بْن أَنَسِ): بالضاد المُعْجَمَة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لا يحتاج إلى التقييد مرارًا.

قوله: (يُحَدِّثُهُ [1] قَتَادَةَ): كذا في أصلنا، وهو خطأ محضٌ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (يحدِّثُ قتادةَ)، وهذا هو الصواب، وهذا الحديث مذكورٌ في مسند النَّضْر بن أنس عن ابن عَبَّاس، لا في مسند قتادة عن ابن عَبَّاس، بل لم يروِ قتادةُ عن ابن عَبَّاس في الكُتُب السِّتَّة شيئًا ولا في بعضها، ولم يدركْ من حياة ابن عَبَّاس إلَّا دون العشر سنين، وليس ببلديِّه، ولا أستحضر أيضًا أنَّه أرسل عنه، ولا أستحضر له عنه روايةً، والحاصل: أنَّ ما في الأصل خطأ، وصوابه: (يحدِّثْ)؛ بغير ضمير.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، وفي «اليونينيَّة»: (يحدِّث).

[ج 2 ص 590]

(1/10769)

[باب الارتداف على الدابة]

(1/10770)

[حديث: أن رسول الله ركب على حمار]

5964# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ): (أبو صفوان): قال الدِّمْيَاطيُّ: عبيد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان، اتَّفقا عليه، انتهى، وقد وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، وقال أبو زرعة: صدوقٌ، انتهى، سمع منه أبو السُّكَين الطائيُّ سنة أربع _أو خمس_ ومئتين، وفي «الكاشف»: مات بعد المئتين، له ترجمةٌ في «الميزان» قال فيها: وقد ذكرت في «المغني»: أنَّ ابن معين ضعَّفه، ولا أدري الساعة مِن أين نقلتُه، فيكون فيه قولان، انتهى، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (عَلَى إِكَافٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الهمزة، وتخفيف الكاف، وفي آخره فاء، تَقَدَّمَ بِلُغَاته، وما هو.

قوله: (قَطِيفَةٌ): تَقَدَّمَ ما (القطيفة).

قوله: (فَدَكِيَّةٌ): كذا لكافَّة رواة مسلم بالدال، منسوبة إلى فَدَك؛ المكان المعروف، ولبعضهم: (فركيَّة)، وكذا للنَّسَفيِّ، وهو تصحيفٌ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن منده جمع أرداف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فنيَّف على الثلاثين، وقد ذكرت أنا جماعةً أردفهم عليه السلام في (كتاب العلم) من هذا التعليق، ولم أقف على مؤلَّف ابن منده، وذكر شيخُنا منهم جماعةً يسيرةً، فقال: منهم أولاد العَبَّاس، وعبد الله بن جعفر، وأبو هريرة، وقيس بن سعد بن عبادة، وصفيَّة، وأمُّ صبيَّة الجهنيَّة، انتهى، ففي هذا: إرادفُ أولاد العَبَّاس؛ إن أراد كلَّهم؛ ففيه زيادةٌ، وإن أراد أولاد أمِّ الفضل السِّتَّة؛ ففيه أيضًا زيادة على ما ذكرتُه، وفيه زيادةُ أمِّ صبيَّة الجهنيَّة، والله أعلم، وأصغر أولاد العَبَّاس: تمَّام، وقد اختُلِف في صحبته، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: له رؤيةٌ، انتهى، فإن أدت زيادةً على ما هنا؛ فانظر مَن ذكرته في (كتاب العلم).

==========

[ج 2 ص 590]

(1/10771)

[باب الثلاثة على الدابة]

قوله: (بَابُ الثَّلَاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ): في هذا الحديث الذي أورده هنا تخصيصٌ لحديثٍ أورده ابن جرير، وذكره شيخُنا من حديث إسحاق بن زيد الخَطَّابيِّ: حدَّثنا محمَّد بن سليمان عن أبيه: حدَّثنا عطاء عن أبي سعيد الخُدْريِّ مرفوعًا: «لا يركبِ الدَّابَّةَ فوق اثنين»، ثُمَّ قال _يعني: ابن جرير_: اختلف السَّلَف في ذلك، فقال بعضهم بحديث الباب بشرط الإطاقة، رُويَ ذلك عن ابن عمر، قال: (ما أُبالي أن أكون عاشرَ عشرة على دابَّة إذا طاقت حمل ذلك)، وكره آخرون ركوب أكثر من اثنين؛ عملًا بحديث أبي سعيد، رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، قال: (إذا رأيتم ثلاثة على دابَّة؛ فارجموهم حتَّى ينزلَ أحدُهم)، قال الطَّبَريُّ: (وكلا الخبرين صحيحان، فحديث الباب محمولٌ على الإطاقة ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم، وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» في (باب ركوب ثلاثة على دابَّة) بسنده إلى زاذان: أنَّه رأى ثلاثةً على بغل، فقال: لينزل أحدكم، فإنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لعن الثالثَ، قال ابن الجوزيِّ: هذا حديثٌ ليس بصحيحٍ، وإسناده منقطعٌ، وقد صحَّ أنَّه عليه السلام دخل المدينة راكبًا، فتُلُقِّيَ بالصبيان، فحمل واحدًا بين يديه وآخرَ خلفه، فدخلوا المدينة ثلاثة على دابَّة) انتهى، والله أعلم.

[ج 2 ص 590]

(1/10772)

[حديث: لما قدم النبي مكة استقبله أغيلمة بني عبد المطلب]

5965# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ): هذا هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): (الغلام): معروفٌ، وتصغيره: غُلَيم، وجمعه: غِلمان، و (أُغَيْلِمة): تصغيرٌ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَآخَرَ [1] خَلْفَهُ): قال الخطيب البغداديُّ: أحدهما: عبد الله بن جعفر، والآخَرُ: قيل: الحسن بن عليِّ بن أبي طالب، وقيل: عبد الله بن عَبَّاس، ذكره الشيخ محيي الدين عنه، انتهى، وفي «سنن الدارميِّ» من حديث عبد الله بن جعفر قال: (كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا قفل؛ تُلُقِّيَ بي وبالحسن أو بالحسين _وأُراه قال: الحسن_ فحملني بين يديه والحسنَ [2] وراءه، قَدِمْنا المدينةَ ونحن على الدَّابَّة التي عليها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).

(1/10773)

[باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه]

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِ الدَّابَّةِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ): هذا ثابتٌ في بعض النسخ، وهو في أصلنا، ومُعَلَّم عليه علامة نسخة، وهو ثابت في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وكأنَّه لم يصحَّ عنده إلَّا موقوفًا، وهو معنى حديثٍ في «أبي داود» و «التِّرْمِذيِّ» من حديث بريدة، ولفظه من جملة حديث: قال عليه السلام: «لا، أنت أحقُّ بصدر دابَّتك، إلَّا أن تجعله لي»، قاله لرَجُلٍ، وقد بوَّب عليه أبو داود: (باب رَب الدابَّة أحقُّ بصدرها)، وقد سكت عليه أبو داود، فهو صالحٌ للاحتجاج به، وقد روى الإمامُ أحمد في «المسند»: أنَّ حبيب بن مسلمة جاء إلى قيس بن سعد بن عبادة في الفتنة الأولى وهو على فرس، فأخَّر عن السَّرج، وقال: اركب، فأبى، فقال قيس بن سعد: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «صاحب الدَّابَّة أولى بصدرها»، فقال: إنِّي لست أجهلُ ما قاله رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولكنِّي أخشى عليك، وفيه أيضًا: عن عمر بن الخَطَّاب قال: (قضى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّ صاحبَ الدَّابَّة أحقُّ بصدر حماره)، وفيه قصَّةٌ، وقد روى ابن ماجه القصَّةَ، ولم يذكر هذا الذي ذكرتُه.

(1/10774)

[حديث: أتى رسول الله وقد حمل قثم بين يديه]

5966# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ بُنْدَارًا لقب مُحَمَّدٍ هذا، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد المجيد الحافظ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (ذُكِرَ أَشَرُّ [1] الثَّلَاثَةِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أشرُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا هو في أصلنا (أشرُّ)، قال الجوهريُّ: (ولا يقال: أشرُّ الناس إلَّا في لغة رديئة)، وكذا قاله غيره، وقال في (خير): وفلان خير النَّاس، ولم يَقُل: أخير النَّاس، انتهى، وقد أنكر ابن قُتَيْبَة: (أشرَّ) و (أخير)، وقد جاءا في الأحاديث، فدلَّ على جوازهما، وسيجيء من كلام ابن عَبَّاس في آخر هذا: (فأيُّهُم أَشَرُّ أَوْ أَيُّهُم أَخْيَرُ [2])، وفي نسخة أخرى _وقد صُحِّح عليها في أصلنا_: (شرٌّ)، و (خيرٌ) [3]، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ حَمَلَ قُثَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ): (قُثَم) هذا: هو ابن العَبَّاس بن عبد المُطَّلِب، قال الجوهريُّ: (و «قثم»: اسم رجل معدولٌ عن «قاثم»، وهو المعطي)، انتهى، فإذًا هو ممنوع من الصَّرف، ويدلُّ لعدم صرفه قولُه: (حمل قثمَ بين يديه)، ولو كان مصروفًا؛ لقال: (قثمًا)، والله أعلم، وكذا قال بعده: (أَوْ قُثَمَ خَلْفَهُ).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (الأَشَرُّ).

[2] وهي رواية أبي ذرٍّ.

[3] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 591]

(1/10775)

[باب إرداف الرجل خلف الرجل]

(1/10776)

[حديث: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا]

5967# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوَحَّدة، ويقال له: هدَّاب، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العوذيُّ الحافظ.

قوله: (إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ): تَقَدَّمَ الكلام على (آخرة الرَّحل).

(1/10777)

[باب إرداف المرأة خلف الرجل]

(1/10778)

[حديث: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون .. ]

5968# قوله: (وَإِنِّي رَدِيفُ [1] أَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا طلحة): زيد بن سهل، نقيب بدريٌّ جليلٌ رضي الله عنه.

قوله: (وَبَعْضُ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدِيفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... )؛ الحديث: هذه المرأة هي صفيَّة بنت حُيَيٍّ _بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة وكسرها، تَقَدَّمَ_ ابن أخطب، وكذا صَرَّحَ بها في بعض طرق هذا الحديث في «الصَّحيح».

قوله: (فَقُلْتُ: الْمَرْأَة): يجوز في (المرأة) النَّصب؛ أي: عليك أو أدركِ المرأةَ، يخاطب نفسه، ويجوز الرفع؛ أي: سقطت المرأة أو نحو هذا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لرديف).

[ج 2 ص 591]

(1/10779)

[باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى]

(1/10780)

[حديث عبد الله بن زيد: أنه أبصر النبي يضطجع ... ]

5969# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ): (عمُّ عبَّاد بن تميم): هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ، ذكره التِّرْمِذيُّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 591]

(1/10781)

((78)) (كِتَاب الأَدَبِ) ... إلى (بَاب الصَّبْرِ)

تنبيهٌ: حديث: «أدَّبني ربِّي فأحسن تأديبي»: قال أبو العَبَّاس ابن تيمية فيما رأيته عنه مُعلَّقًا: معناه صحيحٌ، ولا يُعرَف له إسنادٌ، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: وقفت له على إسنادٍ في أوائل «الأمثال» للعسكريِّ، انتهى.

(1/10782)

[باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}]

(1/10783)

[حديث: أي العمل أحب إلى الله؟]

5970# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ): بفتح العين المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ زاي، ثُمَّ ألف، ثُمَّ راء، و (أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ): بالشين المُعْجَمَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: واسمه سعد بن إياس بن عمرو بن الحارث، أدرك الجاهليَّة، وعاش مئة وعشرين سنةً، انتهى، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (وَأَوْمَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

قوله: (قُلْتُ [1]: ثُمَّ أَيُّ؟): (أيُّ) في المكانين: تَقَدَّمَ الكلام عليها هل هي مُنَوَّنةٌ مرفوعةٌ، أو مرفوعةٌ غير مُنَوَّنةٍ، وكلام الناس في ذلك.

قوله: (ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ): في ذلك فضلٌ عظيمٌ ظاهرٌ لبِرِّ الوالدين، وإنَّما قدَّمه على الجهاد؛ لتعدِّيه إلى الفقير والضعيف، ولأنَّ الفاعلَ له لا يرى لنفسه فيه كبيرَ عملٍ؛ لأنَّه إنَّما يفعله مكافأةً لهما لما فعلا به، والجهاد يرى لنفسه فيه كبيرَ عملٍ، والله أعلم.

(1/10784)

[باب: من أحق الناس بحسن الصحبة]

(1/10785)

[حديث: أحق الناس بحسن صحابتي]

5971# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي.

[ج 2 ص 591]

قوله: (عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ [1] بْنِ [2] شُبْرُمَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخةٌ وعليها علامة راويها: (عُمارة بن القعقاع وابن شبرمة)؛ بالواو، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، كان: (عن عُمارة بن القعقاع بن شبرمة)، فعُمِل واوٌ قبل (ابن شبرمة)، فصارت (وابن شبرمة)، والصواب: حذف الواو، كما في أصلنا القاهريِّ؛ لأنَّ الحديثَ من رواية عُمارة بن القعقاع بن شبرمة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، والتعليق بعده: (عن ابن شبرمة)، وهو عبد الله بن شبرمة عمُّ عُمارة المذكور، وستأتي ترجمته، بُعَيد هذا: (وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَهُ)، وكذا عمل المِزِّيُّ الحافظ جمال الدين رحمه الله هذا الحديثَ في ترجمة عُمارة بن القعقاع، عن أبي زُرعة، عن أبي هريرة، وكذا عمل التعليقَ، ولو كان كما في الهامش بواو العطف؛ لما احتاج إلى ذكره في التعليق، والتعليق المذكور مسندٌ في «مسلم» و «ابن ماجه»، والله أعلم، و (أبو زرعة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هَرِم _وقيل غير ذلك_ ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: جاء حديثٌ يقتضي أنَّ السائل هنا لعلَّه معاويةُ بن حَيْدَة القُشيريُّ ... ؛ فذكره من «أبي داود»، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن: إنَّه معاوية بن حَيْدَة، ولم يعزُه، وجزم به.

قوله: (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ [3] بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» ... ) إلى آخره: في هذا الحديث أنَّ محبَّة الأمِّ والشفقةَ عليها ينبغي أن تكون ثلاثةَ أمثال الأب؛ لأنَّه عليه السلام كرَّرها ثلاثًا، وذكر الأب في الرابعة، قال شيخنا: وإذا تأمَّلت هذا؛ شَهِدَ له العِيان؛ لأنَّ الأمَّ تُقاسي صعوبة الحمل والوضع والتربية، فتنفرد بها، وتشقى بها دون الأب، فهذه ثلاث منازلَ تنفرد بها الأمُّ دون الأب، والله أعلم، انتهى.

(1/10786)

واعلم أنَّ المرأة لمَّا انفردت بحمله، ورضاعه، وتربيته في حجرها؛ كان لها ثلاثةُ أمثال الوالد في البِرِّ، وقد انتزعتُ أنا هذا من حديثٍ أخرجه أبو داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن عمرو بن العاصي: أنَّ امرأةً قالت: يا رسول الله؛ إنَّ ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحجري له حواءً، وإنَّ أباه طلَّقني، وأراد أن ينتزعه منِّي، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أنت أحقُّ به ما لم تُنكَحي»، وقد توصَّلت باختصاصها به؛ كما اختصَّ بها في هذه المواطن الثلاثة، والأب لم يشاركها في ذلك، بل إنَّما أنفق عليه فقط، فهذا معنى ما قاله شيخنا، وكأنَّه أخذه من الحديث الذي ذكرته، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ): هو عبد الله بن شبرمة بن طُفَيل، أبو شُبْرُمة الضَّبِّيُّ الكوفيُّ القاضي، عالم أهل الكوفة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ أعلاه عَزْوُ تعليقِه.

قوله: (وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ): هو يحيى بن أيُّوب بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير الكوفيُّ، عن جدِّه، والشَّعْبيِّ، وغيرهما، وعنه: ابن المبارك، وأبو أسامة، ومُحَمَّد بن يوسف الفِرْيَابيُّ، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو داود، وقال ابن معين: ليس به بأسٌ، قال أبو حاتم: هو أحبُّ إليَّ من أخيه جرير بن أيُّوب، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود والتِّرْمِذيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام في (الصلاة في القبلة) على مَن اسمه يحيى بن أيُّوب في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها، وأنَّهم أربعة، وقال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: إنَّهم ثلاثةٌ؛ لأنَّ الرابع له في «النَّسائيِّ» فقط، ولا يلزم أبا عليٍّ؛ لأنَّه إنَّما يتكلَّم على «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقد عيَّن في كلامه هذا المكانَ: أنَّه الجَريريُّ، والله أعلم، وتعليق يحيى بن أيُّوب ليس في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وعزاه شيخنا إلى «أوسط الطَّبَرانيِّ»، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، واسمه: هَرِم، وقيل غير ذلك، وقد ذكرت ما قيل في اسمه قبل هذا.

==========

[1] في هامش (ق): (عمارة هذا هو عمُّ عبد الله بن شبرمة الفقيه، وعبد الله هذا أكبر من عمِّه سنًّا وقدرًا).

(1/10787)

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وابن)؛ بزيادة واو، وهي رواية الأصيليِّ، ورواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

[3] (الناس): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

(1/10788)

[باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين]

قوله: (بابٌ: لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ): (يُجاهد): مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول أيضًا.

(1/10789)

[حديث ابن عمرو: ففيهما فجاهد]

5972# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسَدَّد): هو ابن سعيد الأنصاريُّ، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنِّي راجعت ترجمة حبيب بن أبي ثابت، فلم أرَ عَبْد الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكر في الرواة عنه ابنَ عُيَيْنَة، إنَّما ذكر عنه الثَّوريَّ، وراجعتُ «تذهيب الذَّهَبيِّ» فرأيته أطلق سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، وراجعتُ «الأطراف»، فلم يعيِّن فيها سفيان، لكن ذكر من «زوائده»: أنَّه رواه مُحَمَّد بن كثير عن سفيان الثَّوريِّ ... إلى أن قال: ورواه المُسَيَّب بن شريك عن سفيان الثَّوريِّ، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عَبَّاس، والله أعلم، و (حَبِيبٌ): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، هو ابن أبي ثابت.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، و (حَبِيب): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وأنَّه ابن أبي ثابت، و (أَبُو العَبَّاسِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: السائب بن فرُّوخ، الشاعر الأعمى المَكِّيُّ، اتَّفقا عليه، انتهى، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ، وقد وَثَّقَهُ غيرُ واحدٍ، وأخرج له الجماعة.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُجَاهِدُ؟ قالَ: «لَكَ أَبَوَانِ؟» قَالَ: نَعَمْ): هذا الرجل لا أعرفه.

(1/10790)

[باب: لا يسب الرجل والديه]

(1/10791)

[حديث: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه]

5973# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وهو ابن عوف الزُّهْرِيُّ.

==========

[ج 2 ص 592]

(1/10792)

[باب إجابة دعاء من بر والديه]

قوله: (إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ): تَقَدَّمَ في (الإجارة) في الدعاء بصالح العمل شيءٌ؛ فانظره من الكلام على هذا الحديث.

(1/10793)

[حديث: بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر ... ]

5974# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (فَمَالُوا إِلَى غَارٍ): (الغار): الفتح في الجبل، وهذا ظاهِرٌ، وفي نسخةٍ عوض (فمالوا): (فأوَوا إلى غارٍ)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا كهذا؛ يكون الأفصح فيه القصرَ، وإذا كان متعدِّيًا؛ يكون الأفصح فيه المدَّ، وهذه لغة القرآن.

قوله: (لَعَلَّهُ يَفْرِجُهَا): هو بكسر الراء هنا، وقد صُحِّح عليه، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا.

قوله: (بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ): هو بتشديد الياء مثنًّى، وهذا يُعرَف من قوله: (أَسْقِيهِمَا).

قوله: (نَأَى بِيَ الشَّجَرُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الحِلَابِ)، وأنَّ (أَبْدَأَ) بهمزةٍ في آخره، وكذا تَقَدَّمَ (يَتَضَاغَوْنَ)، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: ضاغ يضغو؛ إذا صاح، وبكى، وضجَّ، انتهى، وفي «المطالع»: أي: يصيحون باكين مستخذئين، والضُّغاء: صوت الذلة والاستخذاء، انتهى، وفي «الصحاح» نحوُه، ولفظه: ضغا الثعلب والسِّنَّور يَضْغُو، ضَغْوًا، وضُغَاءً؛ إذا صاح، وكذلك صوت كلِّ ذليلٍ مقهورٍ، انتهى.

[ج 2 ص 592]

قوله: (عِنْدَ قَدَمَيَّ): هو بتشديد الياء على التثنية، وكذا تَقَدَّمَ (دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ): أنَّه بالنصب خبر (زال)، وهذا ظاهِرٌ، و (دأبَهم): معطوفٌ عليه.

قوله: (فَافْرُجْ): تَقَدَّمَ الكلام على راءه قريبًا وفي (الإجارة)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فُرْجَةً).

قوله: (حَتَّى رَأَوا [1] مِنْهَا السَّمَاءَ): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (يَرَون)، وعليها (صح)، وهذه على لغةٍ؛ وهي إثبات النون مع الناصب، ومثله [من البسيط]:

~…أَنْ تَقْرَأَانِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا…مِنِّي السَّلَامَ وألَّا تُشْعِرَا أَحَدَا

والله أعلم.

قوله: (حَتَّى آتِيَهَا بِمِئَةِ دِينَارٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّ في روايةٍ: أنَّه أعطاها مئةً وعشرين، وقد تَقَدَّمَ الجمعُ بينهما، وعلى (الْخَاتَمَ) ولُغَاته، وكذا على (الفَرَق) كم هو، وهنا (أَرُزٍّ)، وفي رواية: (ذُرَةٍ)، وتقدَّمت لُغَات (الأرزِّ)، وهي ستُّ لُغاتٍ.

==========

(1/10794)

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يَرَوْنَ)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

(1/10795)

[باب: عقوق الوالدين من الكبائر]

قوله: (بابٌ: عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ): يقال: عقَّ والديه يعقُّهما عُقوقًا، فهو عاقٌّ؛ إذا آذاهما، وعصاهما، وخرج عليهما، وهو ضدُّ البِرِّ، وأصله من العَقِّ: الشقُّ والقطع.

قوله: (مِنَ الْكَبَائِرِ): اعلم أنَّ شيخنا قد عدَّ الكبائر في شرحه ستًّا وعشرين كبيرةً، وقد أفردها الحافظ أبو عبد الله الذَّهَبيُّ بمصنَّف مفردٍ، وقد عدَّدها ستًّا وسبعين كبيرةً بأدلَّتها من الأحاديث، وقد رويتها عن بعض أصحابه بالإجازة، وهو سمعها عليه، وقد ألحق بها كبائرَ، ثُمَّ قال: فهذه تسعٌ وعشرون كبيرةً ... ؛ فذكرها، ثُمَّ قال: فتمَّت إحدى وثلاثين وذكرها من الأحاديث، وقد كتبت المجموعَ في آخر نسختي بـ «الكبائر»، فمَن أرادها؛ فلينظر نسختي بذلك، والله أعلم، وقد ذكر ابن القَيِّمِ الحافظُ شمس الدين في «إعلام الموقِّعين» جملةً من الكبائر، وهو مفيدٌ أيضًا، وقد كتبتها في آخر نسختي بـ «كبائر الذَّهَبيِّ»، فإن أردت ذلك؛ فانظر نسختي من «كبائر الذَّهَبيِّ».

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10796)

[حديث: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنع ... ]

5975# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ [1]): هو سعد بن حفص الطَّلْحِيُّ الكوفيُّ الضخم، عن شيبان النَّحْويِّ فقط، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، وعَبَّاس الدوريُّ، وغير واحدٍ، وَثَّقَهُ مُطَيَّن، وقال: تُوُفِّيَ سنة (215 هـ)، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، وليس في مشايخ البُخاريِّ _بل ولا في مشايخ بقيَّة أصحاب الكُتُب السِّتَّة_ مَن اسمه سعدٌ سواه، و (شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه النَّحْويُّ، وتَقَدَّمَ بعيدًا أنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، كذا قاله ابن الأثير في «الأنساب»، وقال ابن أبي داود وغيرُه: مَن [2] يُنسَب إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (المُسَيَّب): هو بفتح الياء بلا خلاف، وهو المُسَيَّب بن رافع الكاهليُّ، أبو العلاء الضرير، عن سعدٍ وحفصةَ مرسلًا، وعن البراء وعلقمة، وعنه ابنه العلاء، ومنصور، وإسماعيل بن أبي خالد، وكان حُجَّة صوَّامًا قوَّامًا، مات سنة (105 هـ)، أخرج له الجماعة، و (وَرَّاد): تَقَدَّمَ، و (الْمُغِيرَة): هو ابن شعبة، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَحَرَّمَ [3] عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (العقوق)، وإنَّما خصَّ الأمهات هنا بالذِّكْرِ وإن كان عقوقُ الآباء وغيرِهم من ذوي الحقوق عظيمًا؛ فلعقوق الأمَّهات مزيَّة في القبح على ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَمَنْعَ وَهَاتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الصلاة)، وعلى (وَأْدِ البَنَاتِ)، وعلى (قِيلَ وَقَالَ)، وعلى (كَثْرَةَ السُّؤَالِ)، وعلى (إِضَاعَةَ الْمَالِ).

(1/10797)

[حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟]

5976# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ): (إسحاق) هذا: هو ابن شاهين، أبو بشر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان تَقَدَّمَ، و (الْجُرَيْرِيُّ): بضَمِّ الجيم، وفتح الراء، واسمه سعيد بن إياس، كنيته أبو مسعود، يُنسَب إلى جُرَير _بضَمِّ الجيم، وفتح الراء_ ابن عُبَاد؛ بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، وسيأتي مُطَوَّلًا إن شاء الله تعالى، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه نُفيع بن الحارث.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10798)

[حديث: الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين]

5977# قوله: (وَأَكْبَرُ ظَنِّي): هو بالمُوَحَّدة في أصلنا.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10799)

[باب صلة الوالد المشرك]

(1/10800)

[حديث: أتتني أمي راغبة في عهد النبي]

5978# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة.

قوله: (أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (أمُّها)؛ فقد تَقَدَّمَ الخلاف في أنَّها أمُّها من النسب، أو من الرضاعة، وأنَّ الصحيح أنَّها من النسب، وهل أسلمت أم لا، والصحيح: لم تُسْلِم، وأنَّ اسمها قَتْلةُ؛ بفتح القاف، وإسكان المُثَنَّاة فوق، أو مُصَغَّرُه، وبالأوَّل قاله ابن ماكولا وغيرُه، قالوا: ويُقال أيضًا: قُتَيلة بنت عبد العُزَّى بن عبد أسعد بن نصر بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤيِّ بن غالبٍ، وقد ذكرها الذَّهَبيُّ في «تجريده» بالتصغير، ثُمَّ قال: لم تُسلِم فيما ورد من حديث أسماءَ: (قَدِمَت عليَّ أمِّي) ... إلى آخر كلامه، ذكرها (س)؛ أي: الحافظ أبو موسى المدينيُّ.

قوله: (رَاغِبَةً): أي: طالبة طامعة منِّي شيئًا، وقد رُوِيَ في «أبي داود»: (قَدِمت عليَّ راغمةً مشركةً)؛ أي: كارهةً للإسلام، وقيل: هاربةً منه، وفي رواية: (راغبةً أو راهبةً)، فقيل: راغبة عن الإسلام كارهة، وقيل: طامعة طالبة له، و (راغبة): يجوز فيه نصبُه وتنوينُه على الحال، ويجوز رفعُه مُنَوَّنًا على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: وهي راغبةٌ.

وقوله: (فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: في صلح الحديبية، وقد قَدَّمْتُ الخلاف في مدَّة الصلح كم كانت غَيْرَ مَرَّةٍ، منها مرَّة في أوَّل هذا التعليق في حديث هرقل، والصحيح: عشر سنين من أقوالٍ.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10801)

[باب صلة المرأة أمها ولها زوج]

(1/10802)

[حديث: يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصلة]

5980# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): (يحيى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ ضبط (بُكَيْر): أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور، و (عُبَيْد الله بْن عَبْد الله): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أَبُو سُفْيَان): تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مَناف، وتَقَدَّمَ (هِرَقْلَ) ضبطًا، وأنَّه اسمه، وأنَّ (قيصر) لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، وما يتعلَّق بـ (هرقل) في أوَّل هذا التعليق مُطَوَّلًا.

قوله: (وَالْعَفَافِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وهو ترك المحارم، وتركُ خوارم المروءة.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10803)

[حديث: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش]

5979# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي هِشَامٌ) [1]: (الليث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام المجتهد الجواد، وهذا تعليقٌ مجزوم به، وليس هو في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والحديث نفسُه في «البُخاريِّ» و «مسلم» و «أبي داود» من حديث هشامٍ، عن عروة، عن أسماء، و (أَسْمَاء): هي بنت أبي بكر عبدِ الله بن عثمان الصِّدِّيق، تَقَدَّمَت مترجمةً رضي الله عنها.

قوله: (قَدِمَتْ عَلَيَّ [2] أُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّها) أعلاه وقبله، وعلى قوله: (فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ)؛ أي: في صلح الحديبية، وقد تَقَدَّمَ كم كان أَمَدُ الصلح، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (مَعَ ابْنِهَا)، وأنَّه الحارث بن مدرك بن عبيد بن عمر بن مخزوم، كما سمَّاه الدِّمْيَاطيُّ عن الزُّبَير، وأنَّه بهمزة وصلٍ، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثُمَّ نون، وفي أصلنا هنا: (مَعَ أَبِيهَا) [3]؛ بقطع الهمزة، وبالمُثَنَّاة تحت، وفي نسخة: (مع ابنها)؛ بالنون، وما إخالُ (أبيها) إلَّا تصحيفًا من (ابنها)، كيف وقد نقلَ الدِّمْيَاطيُّ الحافظ عن الزُّبَير اسمَه ونَسَبَه؟! فإن صحَّ مجيئًا _وما إخالُه إلَّا مِن النُّسَّاخ_؛ فإنَّها تكون قَدِمَت معهما، وقد قَدَّمْتُ اسمَ أبيها ونسبته، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (وَهْيَ رَاغِبَةٌ) ما معناه أعلاه.

(1/10804)

[باب صلة الأخ المشرك]

قوله: (بَابُ صِلَةِ الأَخِ الْمُشْرِكِ): وأخرج حديث ابن عمر: (أنَّ عمر رأى حلَّة سِيَراء ... ) إلى آخره، وسأذكر بعد هذا بقليلٍ أنَّه ليس بأخيه، وإنَّما هو أخو أخيه زيدِ بن الخَطَّاب لأمِّه، وقد قَدَّمْتُ ذلك، لكنَّه لمَّا وصل أخا أخيه؛ كان صلتُه أخاه من بابٍ أولى، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10805)

[حديث: إنما يلبس هذه من لا خلاق له.]

5981# قوله: (رَأَى عُمَرُ حُلَّةَ سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها ضبطًا ومعنًى؛ فانظر ذلك، وهي بالصفة والإضافة.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ): تَقَدَّمَ أنَّه النصيب.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

[ج 2 ص 593]

قوله: (فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ): إن قيل: ليس له أخٌ إلَّا زيد بن الخَطَّاب، وقد أسلم قبل عُمر، وسبقه إلى الشهادة، فقُتِل في اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة؟

فالجواب: أنَّه أخو أخيه زيدِ بن الخَطَّاب لأمِّ زيدٍ، أمُّهما أسماء بنت وهب، وقد ذكره الحافظ الدِّمْيَاطيُّ، فقال ما لفظه: قيل: إنَّه عثمان بن حكيم بن أُمَيَّة، ولم يكن أخًا لعُمرَ، إنَّما كان أخًا لأخي عمرَ زيدِ بن الخَطَّاب لأمِّه، وذكر النَّسائيُّ وابن الحَذَّاء: أنَّه كان أخًا لعمرَ لأمِّه، والصواب ما تَقَدَّمَ، وذكر ابن هشام عن ابن إسحاق: أنَّ أباه حكيم بن أُمَيَّة أسلم قديمًا بمكَّة، انتهى.

وعثمان هذا: لا أعرف له ترجمة لا في الصَّحَابة ولا في التابعين، والظاهر أنَّه لم يسلم، وأنَّ قوله: (قبل أن يسلم) ينبغي أن يُحرَّر، وفي «تجريد الذَّهَبيِّ»: حكيم بن أُمَيَّة بن حارثة بن الأوقص السُّلَميُّ، حليف بني أُمَيَّة، أسلم قديمًا بمكَّة، ذكره الأَشِيريُّ، انتهى، والأَشِيريُّ: بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت، ثُمَّ راء، ثُمَّ ياء النسبة، قال الذَّهَبيُّ في «المشتبه»: نسبه إلى أَشِيرة من عمل سَرَقُسْطَة، الحافظ أبو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الأَشِيريُّ النَّحْويُّ، نزل الشام، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ما نقله الدِّمْيَاطيُّ عن ابن هشام عن ابن إسحاق في إسلام حكيمٍ المذكورِ.

(1/10806)

[باب فضل صلة الرحم]

قوله: (بَابُ فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ): هو كنايةٌ عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب _كالأصهار_ والتعطُّف عليهم، والرفقِ بهم، والرِّعايةِ لأحوالهم، وكذلك وإن بَعُدُوا وأساؤوا، وقطع الرَّحِم ضدُّ ذلك كلِّه، يقال: وصل رَحِمه يَصِلُها وَصْلًا وصِلةً _والهاء فيها عوضٌ من الواو المحذوفة_ كناية عن الإحسان إليهم، وقد وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والصهر، قال القاضي عياض: ولا خلاف أنَّ صِلة الرَّحِم واجبةٌ في الجملة، وقطيعتها معصيةٌ كبيرةٌ، والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكنَّ الصلةَ درجاتٌ؛ بعضها أرفع من بعض، فأدناها: ترك المهاجرة وصلتُها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف تعذُّره والحاجةِ، فمنها واجب، ومنها مستحبٌّ، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها؛ لم يُسَمَّ قاطعًا، ولو قصَّر عمَّا يقدر عليه وينبغي؛ لم يُسَمَّ واصلًا، قال: واختلفوا في حدِّ الرَّحِم التي تجب صلتها، فقيل: هو كلُّ رَحِم مَحْرَم بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى؛ حرمت مناكحتهما؛ فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال ... إلى أن قال: وقيل: هو عامٌّ في كلِّ رَحِم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي فيه المَحْرَم وغيرُه، ويدلُّ له قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ثُمَّ أدناك أدناك»، هذا كلام القاضي رحمه الله، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: وهذا القول الثاني هو الصواب، ثُمَّ شرع يستدلُّ له، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10807)

[حديث أبي أيوب: أرب ما له؟]

5982# 5983# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (شُعْبَةُ): مشهورٌ، إمام المحدِّثين، بل أمير المؤمنين فيه، و (ابْنُ عُثْمَانَ): وفي السند الثاني في أصلنا مخبوطٌ، وكان في الثاني: (حدَّثنا مُحَمَّد بن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه عثمان)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الثاني: (قال شعبة: أخبرنا ابن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه عثمان)، كما كان في أصلنا القاهريِّ، ثُمَّ ضُرِب في أصلنا القاهريِّ على (محمَّد)، وخرج (عمرو)، وضُرِب على (عمرو)، والذي في أصلنا الدِّمَشْقيِّ هو الوارد.

واعلم أنَّ هذا المكان تَقَدَّمَ في (الزكاة) في أوَّلها، ولمَّا طرَّف المِزِّيُّ الحديثَ؛ قال: البُخاريُّ في (الزكاة) عن حفص بن عمر، عن شعبة، عن مُحَمَّد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبي أيُّوب، وقال: أخشى أن يكون (مُحَمَّدٌ) غيرَ محفوظٍ، إنَّما هو (عمرٌو)، وفي (الأدب) _ أعني: هذا المكان_ عن أبي الوليد، عن شعبة، عن ابن عثمان بن عبد الله بن موهب _ولم يُسَمِّه_، عن موسى بن طلحة به، وعن عبد الرَّحْمَن بن بشر، عن بَهْز بن أسد، عن شعبة، عن ابن عثمان بن عبد الله وأبيه عثمان؛ كلاهما عن موسى بن طلحة به، ثُمَّ طرَّفه من «مسلم»، ومن «النَّسائيِّ»، وهذا الذي ذكره المِزِّيُّ هو الذي في النسخ؛ فليُتْبَع، ويُنظَر الكلام عليه في أوَّل (الزكاة)، والله أعلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن بِشْر، و (بِشْر): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، ابن الحكم النيسابوريُّ، لا عبد الرَّحْمَن بن بِشْر بن مسعود، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (بَهْز): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أسد، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، وقد تَقَدَّمَ ببعض ترجمته، وأرَّخْتُ وفاته، وفي أيِّ مكان، رضي الله عنه.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلْنِي [2] الْجَنَّةَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (الزكاة)؛ فانظره.

(1/10808)

قوله: (يُدْخِلْنِي الْجَنَّةَ): هو بالجزم جواب الأمر، ويجوز رفعه، وبهما هو في أصلنا.

قوله: (أَرَبٌ مَالَهُ): هو بفتح الهمزة والراء، مُنَوَّنٌ، كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ في هامش الأصل: (أَرِبَ): فعلٌ ماضٍ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (الزكاة).

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يدخلُني)؛ بالرفع، وكذا في الموضع اللاحق.

[ج 2 ص 594]

(1/10809)

[باب إثم القاطع]

(1/10810)

[حديث: لا يدخل الجنة قاطع]

5984# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ ضبط (بُكَير)، و (اللَّيْثُ) بعده: هو ابن سعدٍ الإمام، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ أنَّ (عُقَيلًا) كذلك ثلاثةٌ بهذا: عُقَيل بن خالدٍ هذا له في «البُخاريِّ» و «مسلم»، ويحيى بن عُقَيل روى له مسلمٌ، وعُقَيل القبيلةُ لهم ذكر في «مسلم»، والباقي [في] «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» بفتح العين، وكسر القاف، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ): هذا الحديث يتأوَّل بتأويلَين؛ أحدهما: حمْلُه على مَن يستحلُّ القطيعة بلا سببٍ ولا شبهةٍ، مع علمه بتحريمها، فهذا كافرٌ يُخلَّد في النار، ولا يدخل الجنَّة أبدًا، والثاني: معناه: لا يدخلها في أوَّل مرَّة مع السابقين، بل يُعاقَب بتأخيره القدرَ الذي يريده اللهُ عزَّ وجلَّ، والله أعلم.

(1/10811)

[باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم]

قوله: (بَاب مَنْ بُسِطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ): (بُسِط)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة، وكسر السين: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ: و (بَسْطُه): توسعته وكثرته، وقيل: بالبركة فيه.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10812)

[حديث: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره ... ]

5985# قوله: (وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ): (يُنسَأ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مهموز الآخر، ومعنى: (ينسأ له في أَثَرِه): يُؤخَّر له في أجله، وفي نسخة في هامش أصلنا: (ويُنسَى)، في الحديث الذي بعد هذا، معتلٌّ، ولا أعرفها، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه مع السؤال فيه وأجوبتِه في (البيوع)؛ فانظر ذلك إن أردته، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10813)

[حديث: من أحب أن يبسط له في رزقه]

5986# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ ... ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا السند أعلاه؛ فانظره.

(1/10814)

[باب: من وصل وصله الله]

(1/10815)

[حديث: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه]

5987# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ): تَقَدَّمَ ضبطه غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الزاي، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ دال مهملة، و (سَعِيد بْن يَسَارٍ): بتقديم المُثَنَّاة تحت على السين المُهْمَلَة.

قوله: (مِنَ الْقَطِيعَةِ): هي الهِجران والصدُّ، (فعيلة) من القطع؛ يريد: ترك البِرِّ والإحسان إلى الأهل والأقارب، وهو ضدُّ صلة الرَّحِم.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10816)

[حديث: إن الرحم شجنة من الرحمن]

5988# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر، تَقَدَّمَ، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر على الأصَحِّ.

قوله: (الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ): قال ابن قُرقُول: بضَمِّ الشين _يعني: المُعْجَمَة_ وكسرها، وحُكِيَ الفتح؛ يعني: الكلُّ مع سكون الجيم، قال: ومعناه: قرابةٌ مشبَّكةٌ؛ كالعروق

[ج 2 ص 594]

المتداخلة، والأغصان المتشابكة، وأصل ذلك من الشجر الملتفِّ أغصانُه أو عروقُه، انتهى، ولم يذكر ابن الأثير في «النهاية» الفتحَ، وقال: شبَّهه مجازًا واتِّساعًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ بعد هذا في الطريق الثانية: (أي: شعبةٌ من غصون الشجر؛ ومعناه: قرابةٌ مُشْتَبكة)، انتهى، وحكى شيخنا عن صاحب «الباهر» فتحَ الشين، وكسرَ الجيم، ونقل أيضًا عن ابن الجوزيِّ: لا يخلو معناه من أحد شيئين؛ إمَّا أن يُراد به: أنَّ الله يرعى الرَّحِم، أو يُراد: أنَّ الرَّحِم بعضُ حروف الرَّحْمَن، فكأنَّه عظم قدرها بهذا الاسم، انتهى.

(1/10817)

[باب: يبل الرحم ببلالها]

قوله: (بَاب يَبُلُّ الرَّحِمَ بِبَلَالِهَا): (يَبُلُّ): مَبْنيٌّ للفاعل، و (الرَّحِمَ): مَنْصُوبٌ، ومَبْنيٌّ للمفعول، و (الرحمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل [1]، قال ابن قُرقُول: (ببِلالها): بكسر الباء، ورُوِّيناه بفتحها، من بلَّه يبلُّه، قال الحربيُّ: لا تبله بالَةً، و (بَلال)؛ بالفتح، وما في السِّقاء بَلَّةٌ وبَلال، والبِلال: الماء، قال البُخاريُّ: وبِلالها أصحُّ؛ يعني: بكسر المُوَحَّدة، وبَلالها: لا أعرف له وجهًا؛ يعني: بالفتح، وسقط كلام البُخاريِّ من كتاب الأصيليِّ، وكذلك لفظ الشكِّ، وليس عنده غير (بلالها)، وما قاله البُخاريُّ صحيحٌ؛ ومعنى الحديث: سأصلها، شُبِّهَت قطيعتُها بالحرارة تُطفَأ بالبرد والماء، وتندى بالصِّلَة، ومنه: «بُلُّوا أرحامكم»؛ أي: صِلُوها، انتهى، وفي «النهاية»: البِلال: جمع «بلل»، وقيل: هو كلُّ ما بلَّ الحلق من ماء أو لبن أو غيرِه، انتهى، وفي «الصحاح»: ويقال أيضًا: ما في سقائك بِلال؛ يعني: بكسر الباء؛ أي: ماءٌ، وكلُّ ما يُبَلُّ به الحلق من ماء أو لبن؛ فهو بِلال، ومنه قوله: «انضحوا الرحم ببلالها»؛ أي: صِلوها بصِلَتها وندُّوها، انتهى.

==========

[1] وهي رواية أبي ذرٍّ: (تُبَلّ الرَّحِمُ).

[ج 2 ص 595]

(1/10818)

[حديث: ولكن لهم رحم أبلها ببلالها]

5990# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): هو بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ، وأنَّه ليس لهم في الكُتُب السِّتَّة راوٍ اسمه عمرو بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، ولا عُمَر بن عَبَّاس؛ بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، ولا عُمر بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة، وبالشين المُعْجَمَة، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، و (عَمْرو بْن الْعَاصِي): تَقَدَّمَ الكلام على يائه، وأنَّ الشيخ محيي الدين قال: (الصحيح: إثبات الياء في «العاصي»، و «ابن أبي الموالي»، و «ابن الهادي»، و «ابن اليماني»)، و (العاصي) في أصلنا هنا بغير ياء.

قوله: (إِنَّ آلَ أَبِي ... _قَالَ عَمْرٌو: فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَيَاضٌ_ لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ بعد (أبي) ما لفظه: (فلان)، وعليها علامة راويها، فيبقى الكلام على ثبوتها: (إنَّ آل أبي فلان) كنَّى عنه بـ (فلان)، و (عَمرٌو) القائل ذلك: هو المذكور في السند شيخُ البُخاريِّ عَمرو بن عَبَّاس، و (مُحَمَّد بن جعفر) المذكور: هو غُنْدر، كنَّى عنه بـ (فلان)، والمشار إليه: هو الحكم بن أبي العاصي، قاله القاضي، معناه: أنَّه المرادُ بـ (آل) الحكم بن أبي العاصي، وإنَّما كنَّى عنه بـ (فلان)؛ خوفًا منهم، وكذا سمَّاه القاضي عياض، وفي كلام الدِّمْيَاطيِّ: أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس، وهذا أظهرُ؛ لقوله: (أبي فلان)، والله أعلم.

قوله: (لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي): قيل: معنى الولاية التي نفاها عليه السلام: القربُ والاختصاصُ، لا ولاية الدِّين، ونقل بعضُهم عن صاحب كتاب «سراج المريدين»: أنَّ معنى الحديث: آل أبي طالب، قال: ومعناه: إنِّي لا أخصُّ ميراثي ولا فضيلتي الأدنَينَ بولايةٍ دون المسلمين، انتهى، والذي أعرفه أنَّ «سراج المريدين» للقاضي أبي بكر ابن العربيِّ المالكيِّ، والله أعلم، وما قاله في آل أبي طالب غريبٌ، وقد ذكر القولَين بعضُ حُفَّاظ العَصْرِ، وأوضح فقال: أبو بكر ابن العربيِّ.

قوله: (إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ): قال قتادة: أبو بكرٍ، وقال الثَّوريُّ: الأنبياء، وقال عكرمة وسعيد بن جُبَيرٍ: أبو بكرٍ وعمرُ، وقال مجاهدٌ: عليٌّ، وقيل: الأنبياء، وأبو بكر، وعمر، وأصحابه، انتهى.

(1/10819)

قوله: (زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ): هو عنبسة بن عبد الواحد بن أُمَيَّة بن عبد الله بن سعيد بن العاصي بن سعيدٍ العابدُ، أبو خالدٍ الأَمويُّ الأعور الكوفيُّ، عن بيان بن بِشْر، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وطبقتِهم، وعنه: أبو عبيد، ومُحَمَّد بن عيسى بن الطَّبَّاع، ومنصور بن أبي مزاحم، وآخرون، قال أحمد: ما أُرَى به بأسًا، وقال ابن معين: ثقةٌ، وقال ابن الطَّبَّاع: كنا نقول: إنَّه من الأبدال، قبل أن نسمع أنَّ الأبدال من الموالي، وقال أبو حاتم: ثقةٌ ليس به بأس، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، وروى له أبو داود، و (بَيَان) بعده: هو ابن بِشْر المؤدِّب، تَقَدَّمَ، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم [1]، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثلُ: (قال)، فهو تعليقٌ، ولم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: وصله البُخاريُّ في كتاب «برِّ الوالدين» المفرد، غير «الصحيح»، انتهى.

قوله: (أَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (بلالها)؛ ومعناه: سأصِلها بصِلتها.

==========

[1] في (أ): (حاتم).

[ج 2 ص 595]

(1/10820)

[باب: ليس الواصل بالمكافى]

قوله: (بِالْمُكَافِئ): هو بهمزةٍ في آخره، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 595]

(1/10821)

[حديث: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت]

5991# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (الْحَسَن بْن عَمْرٍو): هو الفُقَيميُّ الكوفيُّ، ثقةٌ، تُوُفِّيَ [سنة] (142 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، (وَفِطْرٌ): هو بكسر الفاء، وإسكان الطاء المُهْمَلَة، وبالراء، وهو ابن خليفة المخزوميُّ مولاهم، الحنَّاط، قرنه البُخاريُّ كما ترى، وروى له الأربعة، شيعيٌّ جَلْدٌ، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، مات سنة (153 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، و (مُجَاهِد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): قيل: إنَّه لم يسمع منه، وقد نقل شيخنا أنَّ في «العلل» لابن المَدينيِّ: أنَّه سمع من عبد الله بن عمرو، انتهى، وسأذكر ذلك في (الدِّيَات)؛ فانظره منها.

قوله: (إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ؛ وَصَلَهَا): (قَطَعَت): ضبطه الشيخ محيي الدين بفتح القاف والطاء، و (رَحِمُه): مَرْفُوعٌ فاعل، في «رياض الصالحين»، وفي أصلنا بضَمِّ القاف، وكسر الطاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفيه نظرٌ، وفيه أيضًا بفتح القاف والطاء، و (رَحِمَه): بالنصب، وفي الآخَر نظرٌ أيضًا.

(1/10822)

[باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم]

(1/10823)

[حديث: أسلمت على ما سلف من خير.]

5992# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (حَكِيم بْن حِزَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَكِيمًا) بفتح الحاء، وكسر الكاف، و (حِزَامًا): بالحاء المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَتَحَنَّثُ بِهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (التحنُّث) مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وهو بالثاء المُثَلَّثَة.

قوله: (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الزكاة).

قوله: (وقال مَعْمَرٌ وَصَالِحٌ وَابْنُ الْمُسَافِرِ: أَتَحَنَّثُ): أمَّا (مَعْمَر)؛ فهو ابن راشد، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ ضبطه، وأمَّا (صالح)؛ فهو ابن

[ج 2 ص 595]

كيسان، وأمَّا (ابن المسافر)؛ فهو عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر الفَهْمِيُّ، وهؤلاء [1] الثلاثة من تلامذة الزُّهْرِيِّ.

قوله: (أَتَحَنَّثُ): يعني: بالثاء المُثَلَّثَة.

قوله: (يُقَالُ [2] أيضًا عَنْ أَبِي الْيَمَانِ: أَتَحَنَّتُ) [3]: يعني: بالتاء المُثَنَّاة من فوق، ويأتي الكلام عليه بُعَيده.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يَسار، إمام أهل المغازي، تَقَدَّم، (التَّحَنُّثُ: التَّبَرُّرُ): (التحنُّث): بالمثلَّثة.

قوله: (وَتَابَعَهُمْ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ): أي: تابع الثلاثةَ المذكورين الذين روَوه عن الزُّهْرِيِّ؛ مَعْمَرًا، وصالحًا، وابنَ المسافر؛ أي: فرواه هشام بن عروة عن أبيه عن حَكِيم بالمُثَلَّثَة، قال ابن قُرقُول: (كنت أتحنَّت): بتاء مُثَنَّاة رواه المروزيُّ في (باب مَن وصل رَحِمه)، وهو غلطٌ مِن جهة المعنى، وأمَّا الرواية؛ فصحيحةٌ، والوَهَم فيه من شيوخ البُخاريِّ؛ بدليل قول البُخاريِّ: (ويُقال أيضًا عن أبي اليمان: أتحنَّث أو أتحنَّت)؛ على الشكِّ، والصحيح الذي روَته الكافَّة بثاء مُثَلَّثَة، انتهى.

(1/10824)

[باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها]

قوله: (بَاب مَنْ تَرَكَ صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حَتَّى تَلْعَبَ بِهِ، أَوْ قَبَّلَهَا، أَوْ مَازَحَهَا): ذكر ابن المُنَيِّر حديثَ الباب بغير إسنادٍ، وهو حديث أمِّ خالد: «أبلي وأخلقي»، ثُمَّ قال: جعل تمكين النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لها مِن ذلك يُنَزَّلُ منزلةَ ابتدائه بتناولها لتلعبَ، وقاس قُبلة الصغير على المماسَّة، انتهى، وقوله: (صبيَّة غيرِه)؛ أي: بنت غيره، و (الصبيَّة): الجارية الصغيرة، وهذا ظاهِرٌ إلَّا أنِّي سُئِلت عنه.

==========

[ج 2 ص 596]

(1/10825)

[حديث: أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي.]

5993# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، وأنَّه ابن موسى، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (خَالِد بْن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي الأَمويُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وكذا (أَبُوهُ)، و (أُمُّ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ اسمَها أَمَةُ _بغير إضافة_ بنت خالد بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس، أبو سعيد، تَقَدَّمَ أنَّ ابنته هذه قالت: كان أبي خامسًا في الإسلام، ويقال: كان ثالثًا أو رابعًا، وهو صَحَابيٌّ مشهور، وقد قَدَّمْتُ أنَّ بعضهم قال: أسلم قبل عليٍّ، وبعضهم قال: قبل الصِّدِّيق، والله أعلم، وقدَّمت أنَّ أمَةَ مِن صغار الصَّحَابيَّات، وأنَّها وُلِدت بالحبشة، تزوَّجها الزُّبَير، فأولدها عمرًا وخالدًا، روى عنها: موسى بن عقبة، وسعيد بن عمرو بن سعيدٍ، وغيرُهما، بقيَت إلى قريب الثمانين، أخرج لها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، تَقَدَّمَت.

قوله: (سَنَّهْ سَنَّهْ [1]): تَقَدَّمَ ضبطها ومعناها.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، المذكورُ في السند، شيخ خراسان.

قوله: (بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ): تَقَدَّمَت صفة خاتم النبوَّة مُطَوَّلًا، و (خاتم) فيه لُغَاتٌ تَقَدَّمَت.

قوله: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (اللباس) قريبًا، وهما بقطع الهمزة، وقال الدِّمْيَاطيُّ: يقال: خلف الله لك خَلَفًا بخير، وأخلف عليك خيرًا؛ أي: أبدلك بما ذهب منك، وعوَّضك عنه، وقيل إذا ذهب للرجل ما يخلفه؛ كالمال والولد: خلف [2] الله لك وعليك، وإذا ذهب ما لا يخلفه؛ كالأب والأمِّ؛ قيل: خلف الله عليك، انتهى، وهذا على رواية الفاء، وقد تَقَدَّمَ أنَّه رُويَ بالقاف وبالفاء؛ فانظره من (اللباس) وغيره.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك المذكورُ في السند.

(1/10826)

قوله: (فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (حتَّى دَكِنَ)، قال ابن قُرقُول: (حتَّى دَكِن)؛ يعني: اسودَّ، وكذا لأبي الهيثم، والدُّكنة: غُبرة كدرة، ولأكثر الرواة: (حتَّى ذَكَر)، وزاد ابن السكن: (حتَّى ذكر دهرًا)، وهو تفسيرٌ لرواية مَن روى: (ذَكَر)، كأنَّه أراد: بقي هذا القميصُ مدَّة من الزمان طويلةً نسيها الراوي، فعبَّر عنها بقوله: (ذَكَرَ دهرًا)؛ أي: زمانًا طويلًا، فنسيت تحديده، ففي (ذَكَرَ) على هذا ضميرٌ يرجع على الراوي؛ أي: ذكر الراوي دهرًا نَسِيَ الذي روى عنه تحديدَه، وقيل: في (ذكر) ضميرُ القميص؛ أي: بقي هذا القميصُ حتَّى ذَكَر دهرًا؛ كما يُقال: شيخ مُسِنٌّ يذكر دهرًا؛ أي: يعقل زمانًا طويلًا قد مضى، انتهى.

(1/10827)

[باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته]

قوله: (أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ): (إبراهيم) هذا: هو ابن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ متى وُلِد، وكم أقام، ومتى تُوُفِّيَ، مُطَوَّلًا، رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 596]

(1/10828)

[حديث: هما ريحانتاي من الدنيا.]

5994# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، و (مَهْدِيٌّ) بعده: هو ابن ميمون، و (ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ): هو مُحَمَّد [بن] عبد الله بن أبي يعقوب التميميُّ الضَّبِّيُّ البصريُّ، عن عبد الله بن شدَّاد بن الهادي، وعبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة، وجماعةٍ، وعنه: هشام بن حسَّان، وجَرِير بن حَازم، وشعبة، ومهديُّ بن ميمون، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو حاتم، أخرج له الجماعة، وقال الدِّمْيَاطيُّ: مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضَّبِّيُّ البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ عن عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعْم البَجَليِّ الكوفيِّ، كان ابن أبي نُعْم يمكث خمسةَ عشرَ يومًا لا يأكل، روى له الجماعة، انتهى، قال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: كان من عُبَّاد أهل الكوفة ممَّن يصبر على الجوع الدائم، أخذه الحَجَّاج ليقتله، وأدخله بيتًا مظلمًا، وسدَّ الباب خمسةَ عشرَ يومًا، ثُمَّ أمر بالباب ففُتِح ليُخرَج فيُدفَن، فدخلوا عليه؛ فإذا هو قائمٌ يصلِّي، فقال له الحَجَّاج: سِرْ حيثُ شِئت، انتهى، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ) بعده: هو عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعْم، أبو الحكم البَجَليُّ الكوفيُّ، عن المغيرة، وأبي هريرة، وسفينة، وعنه: ابنه الحكم، ومغيرة، وفُضَيل بن غزوان، وكان يُحرِم من السَّنَة إلى السَّنَة، ويقول: لبَّيك، لو كان رياءً؛ لاضمحلَّ، وهو من الأولياء الثقات، تَقَدَّمَ، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ أعلاه ما أُثنِيَ عليه به.

قوله: (وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ): هذا الرجل السائل لابن عمر هو من أهل العراق كما هنا، ولا أعرف اسمه.

قوله: (رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب الحسن والحُسين رضي الله عنهما).

(1/10829)

[حديث: من يلي من هذه البنات شيئًا فأحسن إليهن ... ]

5995# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي): هذه المرأة السائلة وابنتاها لا أعرفهنَّ.

قوله: (مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا): (يَلِي)؛ بفتح المُثَنَّاة تحت في أوَّله، وكسر اللام: كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (بُلِيَ بشيء)، و (بُلِي): بضَمِّ المُوَحَّدة، وكسر اللام، قال ابن قُرقُول في (حرف الباء المُوَحَّدة واللام): «مَن بُلي من هذه البنات بشيءٍ»: كذا هو، وذكر البُخاريُّ في (باب رحمة الولد): (مَن يَلِي)، وصوابه: (مَن بُلِيَ)، وكذلك وقع في (الزكاة): (مَن بُلِيَ)، ورواه مسلمٌ: (من ابتُلِيَ)، وكذا في «التِّرْمِذيِّ»، وهذا يرفع الاختلاف، انتهى.

[ج 2 ص 596]

(1/10830)

[حديث: خرج علينا النبي وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه]

5996# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، و (عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ): بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن رِبعيٍّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، (وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِي): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها بنت بنته زينبَ، وأبوها أبو العاصي بن الربيع، وقدَّمت الاختلاف في اسمه، وردَّ قولِ من قال في والده: ربيعة، وفي أيِّ صلاةٍ كان الحمل في (كتاب الصلاة) في (باب مَن حمل جاريةً صغيرةً على عنقه).

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10831)

[حديث: من لا يرحم لا يرحم]

5997# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ): تَقَدَّمَ رضي الله عنه، وأولاده العشرة ما عرفتهم، واسم الأقرعِ فراسٌ.

قوله: (مَنْ لَا يَرْحَمُْ؛ لَا يُرْحَمُْ): هما مجزومان، وأيضًا مرفوعان، الأوَّل: مَبْنيٌّ للفاعل، والثاني: مَبْنيٌّ للمفعول، قال القاضي: أكثر ضبطهم فيه بالضَّمِّ على الخبر، انتهى، فإن جعلتَ (مَن) بمعنى: الذي؛ ارتفع الفعلان، وإن جعلتَها شرطًا؛ انجزما، قال السُّهَيليُّ: حمله على الجواب بسياقة الكلام.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10832)

[حديث: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة]

5998# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين البيكنديِّ البُخاريِّ مُحَمَّدِ بن يوسف، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أتقبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟!): هذا الأعرابيُّ: قال الخطيب البغداديُّ: الأقرع بن حابس التميميُّ، وقيل: عُيَيْنَة بن حِصن بن بدرٍ، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: وقد جاء التصريح في «صحيحَي البُخاريِّ ومسلم» بتسمية الأقرع بن حابس، فإن صحَّ عن عُيَيْنَة أيضًا؛ كان واقعًا منهما جميعًا، انتهى، وجزم بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين بأنَّه الأقرعُ، قال: وفي كتاب أبي الفرج الأصبهانيِّ بإسناده عن أبي هريرة: أنَّ قيس بن عاصم دخل عليه عَليه السلام ... ، فذكر قصَّة، وفيها: «فهل إلَّا أن انتزع الرحمة منك؟!» فهذا أشبه بحديث عائشة.

قوله: (أَوَأَمْلِكُ لَكَ): هو بفتح الواو من (أو) على الاستفهام التوبيخيِّ، ومعناه: لا أملك _أي: لا أقدر_ أن أجعلَ الرحمة في قلبك؛ إذ لم يضَعْها الله فيه، وقد قَدَّمْتُ متى تُفتَح (أو) ومتى تُسَكَّن.

قوله: (أَنْ نَزَعَ اللهُ): (أنْ): بفتح الهمزة، وسكون النون.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10833)

[حديث: لله أرحم بعباده من هذه بولدها]

5999# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، واسمُ أبي غسَّان مُحَمَّدُ بن مُطرِّف.

قوله: (سَبْيٌ): هذا (السبي) لا أعرف ممَّن هم، وكذا المرأة التي تحلب ثديها، ولا ولدها.

قوله: (قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (تَحلَّب ثديُها)، و (تحلِّب)؛ بتشديد اللام: فعلٌ ماضٍ، و (ثديُها): مَرْفُوعٌ فاعله، والرواية التي في الأصل: (تَحْلُب)؛ بإسكان الحاء، وضمِّ اللام وكسرِها، لُغتَان: فعل مضارع، والفاعل هي، و (ثديَها): مَنْصُوبٌ، قال ابن قُرقُول: (فتَحَلَّبَ ثديُها)؛ أي: سال حَلَبُه، ومنه سُمِّيَ الحليب، وتَحَلَّب فُوْهُ: سال لُعابُه.

قوله: (أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟): (تَرَون)؛ بفتح التاء: من الرأي، ويجوز ضمُّها؛ أي: أتظنُّون؟

قوله: (وَهْيَ تَقْدِرُ عَلَى أَلَّا تَطْرَحَهُ): أي: أترون أن تطرح هذه ولدَها في النار وهي متمكِّنة من عدم طرحه؟

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10834)

[باب: جعل الله الرحمة مئة جزء]

(1/10835)

[حديث: جعل الله الرحمة مئة جزء فأمسك عنده تسعةً وتسعين ... ]

6000# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ البَهْرَانِيُّ): هذه النسبة وقعت في نسخة في أصلنا، وهو بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الهاء، و (بَهْراء)؛ بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الهاء، وبالراء ممدودة: قبيلةٌ من قُضاعة، والنسبة إليها: بَهْرانيٌّ؛ مثل: بَحْرانيٍّ، على غير قياس؛ لأنَّ قياسَه (بَهْراويٌّ)؛ بالواو، قاله الجوهريُّ، وهو أبو اليمان المشهور، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق في روايته عن شعيب، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وأمَّا غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)؛ فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10836)

[باب قتل الولد خشية أن يأكل معه]

(1/10837)

[حديث: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك]

6001# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (نِدًّا): هو بكسر النون، وتشديد الدال المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ أنَّه المِثْلُ، تعالى الله.

قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليها هل هي مرفوعةٌ مُنَوَّنةٌ، أو مرفوعةٌ مضمومةٌ بغير تنوين، في أوائل هذا التعليق، وكذا الثانية.

قوله: (أَنْ تُزَانِيَ): يعني: أن يزني بها وهي مطاوِعة.

قوله: (حَلِيلَةَ جَارِكَ): (الحليلة): زوجة الرجل، وهو حليلها؛ لأنَّهما يَحُلَّان في موضعٍ واحد، وتُسمَّى الجاريةُ أيضًا حليلةً؛ من الحلول، وقد تَقَدَّمَ، ولعلَّ المراد: مَن يَحِلُّ لجارِك وطؤُها؛ إمَّا بزوجيَّة أو مِلكِ يمين، فتدخل فيه السِّرِّيَّة، والله أعلم.

(1/10838)

[باب وضع الصبي في الحجر]

قوله: (فِي الْحجْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وتُكسَر.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10839)

[حديث: أن النبي وضع صبيًا في حجره يحنكه]

6002# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه القَطَّان الحافظ.

قوله في حديث عائشةَ: (وَضَعَ صَبِيًّا فِي حِجْرِهِ): هذا الصبيُّ تَقَدَّمَ في (باب بول الصبيان) أنَّه لا يخلو من أن يكون الحسنَ، أو الحُسين، أو عبدَ الله بن الزُّبَير؛ لرواياتٍ في ذلك، وتَقَدَّمَ كلام ابن شيخنا البُلْقينيِّ: أنَّه يحتمل أن يكون ابنَ أمِّ محصن، وقد قَدَّمْتُ أسماء الصغار الذين بالوا في حَجْر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هناك وقريبًا؛ فانظرهم؛ وهم: الحسن، والحُسين، وعبد الله بن الزُّبَير، وابن أمِّ قيس بنت محصن _ولا أعرف اسمه_، وسليمان بن هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10840)

[باب وضع الصبي على الفخذ]

قوله: (عَلَى الْفَخِذِ): هو بفتح الفاء وكسر الخاء، وبفتح الفاء وإسكان الخاء، وبكسرها مع إسكان الخاء، وقد تَقَدَّمَت اللُّغَات فيه.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10841)

[حديث: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما]

6003# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، كما عيَّنه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَارِمٌ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه لقبه، وأنَّه بعيدٌ من العَرامة، وأنَّه مُحَمَّد بن الفضل، و (أَبُو تَمِيمَةَ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر الميم، والباقي معروفٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (واسمه طرِيف بن مجالدٍ الهُجَيميُّ؛ هُجَيم بن عمرو بن تميم،

[ج 2 ص 597]

وفي الرواة أبو تَمِيمة آخرُ، واسمُه كَيسان، روى لطِريفٍ الجماعةُ إلَّا مُسْلِمًا) انتهى.

فقوله: (وفي الرواة أبو تَمِيمة آخرُ، واسمه كيسان): ذكر الذَّهَبيُّ في «مختصر الكنى»: أبا تَمِيمة طرِيفَ بن مجالد، وقد ذُكِر، وكيسانَ السَّخْتيَانيَّ والدَ أيُّوب، عن ابن عُمر، وهذا الذي ذكره الدِّمْيَاطيُّ، وقرَّةُ بن موسى الهُجَيميُّ شيخ قرَّة بن خالد، وأبو تَمِيمة مولى بني مروان، عن عمر بن عبد العزيز، فهذان اثنان زيادة على ما قاله الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم.

و (أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ).

قوله: (فَيُقْعِدُنِي [عَلَى فَخِذِهِ]، وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ [1] عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا ... ) إلى آخره: ظاهر هذا الحديث: أنَّ ذلك كان في وقتٍ واحدٍ، قال شيخنا: قال الداوديُّ: لا أُراه في وقتٍ واحدٍ، كان أسامةُ أكبرَ من الحسن بمُدَّة طويلة؛ لأنَّه عليه السلام أخرج أسامة إلى الحرقات، وأخرجه إلى مَناة، وأخرجه في الجيش الذي تُوُفِّيَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قبل خروجه، والحسن كان عند وفاة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ابنَ ستِّ سنين، وقال غيره: وُلِد سنة ثلاثٍ في رمضان، فيكون عمرُه عند وفاته ثمانيَ سنين، فإنَّ وفاته عليه السلام سنةَ إحدى عشرةَ، وفي سنةِ ثلاثٍ عَلِقَت فاطمةُ بالحسن، ولم يكن بينهما إلَّا طهر واحد، يقال: خمسون ليلةً، والله أعلم، انتهى، وما قاله ظاهرٌ.

وقد اختُلِف في سنِّ أسامة يوم مات النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فقيل: ابن عشرين، وقيل: ابن تسعَ عشرةَ، وقيل: ابن ثماني عشرةَ، فيحتمل أنَّه أقعدهما في أوائل عُمرِ الحسن، وأسامةُ إذ ذاك كبيرٌ، والله أعلم.

(1/10842)

قوله: (وَعَنْ عَلِيٍّ [2]: حَدَّثَنَا يَحْيَى): (عليٌّ) هذا: هو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، شيخ البُخاريِّ، والظاهر أخذُه عنه هذا الحديثَ في حال المذاكرة، وفي قوَّة كلام المِزِّيِّ: أنَّه رواه عنه، ويبعد أن يكون أخذه عن واحدٍ عنه، ولكن سيأتي ما ينافي هذا قريبًا، و (يحيى): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُلَيْمَانُ): هو التيميُّ والد المعتمر، وهو سليمان بن طرخان، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ، وقوله: (قَالَ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه سليمان والد المعتمر.

قوله: (فَنَظَرْتُ فَوَجَدْتُهُ عِنْدِي مَكْتُوبًا فِيمَا سَمِعْتُ): يعني: من أبي عثمان، وهذا ظاهِرٌ، لكن إذا وَجد سماعَه في كتابه وهو غير ذاكرٍ له؛ فحُكِيَ عن أبي حنيفة: أنَّه لا يجوز له روايته، وإليه ذهب بعض أصحاب الشَّافِعيِّ، وخالف أبا حنيفة في ذلك صاحباه؛ مُحَمَّدُ بن الحسن وأبو يوسف، فذهبا إلى الجواز، وإليه ذهب الشَّافِعيُّ وأكثرُ أصحابه، قاله ابن الصلاح أبو عمرٍو، وقال: ينبغي أن ينبنيَ على الخلاف في جواز اعتماد الراوي على كتابه في ضبط ما سمعه، فإنْ ضَبَطَ أصلَ السماع كأصل المسموع؛ فكما كان الصحيحُ وما عليه أكثر أهل الحديث تجويزَ الاعتماد على الكتاب المصون في ضبط المسموع حتَّى يجوزَ له أن يرويَ ما فيه، وإن كان لا يذكر أحاديثه حديثًا حديثًا؛ كذلك ليكن هذا إذا وُجِد شرطُه؛ وهو أن يكون السماعُ بخطِّه أو بخطِّ مَن يثق به، والكتاب مصون، وهذا إذا سكنت نفسه إلى صحَّته، فإن شكَّ فيه؛ لم يجز الاعتماد عليه، والله أعلم.

(1/10843)

قوله: (قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَنْ يَقُولُ: عَنْ عَلِيٍّ؟ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ) [3] انتهى: هكذا في أصلنا، ومكتوبٌ عليه (زائد)، ولم يكن في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولا في «الأطراف»، ولا في شرح شيخنا، وفيه فائدةٌ؛ وهو تعيين الذي حدَّثه عن عليٍّ؛ وهو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، ولولا أنَّه أخذه عنه بواسطة؛ لقال _ كعادته_: وقال عليٌّ، أو وقال لي عليٌّ، فلمَّا قال: وعن عليٍّ؛ دلَّ ذلك على أنَّ بينهما واسطةً، وقد راجعت كلام عَبْد الغَنيِّ في ترجمة ابن المَدينيِّ؛ فلم أرَه ذكر في الآخذين عنه المسنَديَّ، ولم أرَ أيضًا في ترجمة المسنَديِّ أنَّه أخذ عن عليِّ ابن المَدينيِّ، ولا في الترجمَتين في «التذهيب» ذلك، ولا رأيتُ في ترجمة ابن أبي شيبة أنَّه أخذ عن ابن المَدينيِّ، ولا في ترجمة عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء أنَّه أخذ عن ابن المَدينيِّ، ولا في ترجمة عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الأسود ذلك، فهؤلاء الأربعةُ الذين يروي عنهم البُخاريُّ، واسم كل واحد منهم: عبد الله بن مُحَمَّد، ولا في ترجمة ابن المَدينيِّ أنَّه أخذ عنه واحدٌ مِن الأربعة المذكورين، والله أعلم، والظاهر أنَّه كلام صحيحٌ وإن كان زائدًا، والله أعلم.

==========

[1] (بن عليٍّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[3] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وعليه في (ق) علامة الزيادة.

(1/10844)

[باب: حسن العهد من الإيمان]

(1/10845)

[حديث: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة.]

6004# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلَاثِ سِنِينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب تزويج النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خديجةَ وفضلها).

قوله: ([1] بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكلام السُّهَيليِّ، وكذا على قوله: (مِنْ قَصَبٍ)، وأنَّه اللؤلؤ المجوَّف، وما قاله السُّهَيليُّ.

قوله: (فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا): قال ابن قُرقُول: (فيبعث في خلائلها)؛ أي: أصدقائها، كما جاء مفسَّرًا في الحديث الأوَّل، وفي (كتاب الأدب) من «البُخاريِّ»: (إلى خُلَّتها)؛ بالضَّمِّ، الخُلَّة: الصاحب، والخُلَّة: الصداقة والمودَّة، يعني: إلى خلائلها؛ كما قال في الحديث الأوَّل، وأقام الواحدَ مُقام الجمع، أو إلى أهل صُحبَتِها وصَداقتها، ثُمَّ حذف المضاف، انتهى، وفي «الصحاح»: والخُلَّة: الخليل، يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث؛ لأنَّه في الأصل مصدرُ قولك: خليلٌ بيِّن الخُلَّة والخُلولة، ثُمَّ أنشد بيتًا شاهدًا لما قاله، ثُمَّ قال: وقد جُمِع على «خِلَالٍ»؛ مثل: قُلَّة وقِلَالٍ، انتهى.

==========

[1] زيد في (أ): (من)، ولعلَّه أراد الكلام على (من قصب) أوَّلًا.

[ج 2 ص 598]

(1/10846)

[باب فضل من يعول يتيمًا]

(1/10847)

[حديث: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا]

6005# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أبا حَازم اسمُه سلمة بن دينار.

قوله: (بِإِصْبَعَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) عشرَ لُغَاتٍ؛ تثليث الهمزة والباء، والعاشرة: أُصبوع.

(1/10848)

[باب الساعي على الأرملة]

(1/10849)

[حديث أبي هريرة: الساعي على الأرملة والمسكين .. ]

6006# قوله: (حَدَّثَنَا [1] صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ): هو بضَمِّ السين، وفتح اللام، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ ... »)؛ الحديث: صفوان بن سُلَيم تابعيٌّ، وقوله: (يرفع الحديث)، أو (ينميه)، أو (يبلُغ به)، أو (روايةً)؛ فكلُّه مرسلٌ، وقد تَقَدَّمَ مثله، هذا إذا قاله تابعيٌّ، أمَّا إذا كان القائلُ صحابيًّا؛ فهو مُسنَدٌ، وهذا لم يخرِّجه البُخاريُّ مسندًا، وإنَّما أخرج مثلَه من حديث أبي هريرة، وكذلك أخرجهما التِّرْمِذيُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّمَ أنَّه سالمٌ مولى عبد الله بن مطيع.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عن).

[ج 2 ص 598]

(1/10850)

[باب الساعي على المسكين]

(1/10851)

[حديث: الساعي على الأرملة والمسكين ... ]

6007# قوله: (يَشُكُّ الْقَعْنَبِيُّ): هو شيخ البُخاريِّ المذكورُ في أوَّل السند عبدُ الله بن مسلمة، وهو ابن قعنب، نسبه إلى جدِّه.

(1/10852)

[باب رحمة الناس والبهائم]

[ج 2 ص 598]

قوله: (بَابُ رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ): ساق ابن المُنَيِّر أحاديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: الأحاديث كلُّها ظاهرةُ المطابقة إلَّا حديث الغَرْس؛ يعني: حديث أنسٍ رضي الله عنه: «ما من مسلم يغرس غرسًا ... »؛ الحديث، قال: ولكنَّه أدخله؛ لأنَّه ذكر فيه الصَّدَقة على الناس والبهائم بما عساه يتناول من ثمره، وفي هذا حثٌّ على شمول الرحمة حتَّى للبهائم، وترغيبٌ في ذلك، والله أعلم، انتهى.

(1/10853)

[حديث: ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم وصلوا ... ]

6008# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن زيد بن عمرو بن نابل بن مالك بن سِلَّى الجَرْميُّ) انتهى، وقد قَدَّمْتُ اسمه واسم أبيه مرارًا.

قوله: (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ): أي: في السنِّ، وقد تَقَدَّمَ، وكذا قوله: (وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا): (رفيقًا)؛ بفاء وقاف: كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: كذا للقابسيِّ بالفاء، وللأصيليِّ وأبي الهيثم بالقاف، وهو من رِقَّة القلب، ومِن رِفْقه بأمَّته وشفقته؛ كما قال: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 599]

(1/10854)

[حديث: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش ... ]

6009# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (سُمَيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بوزن (عُلَيٍّ) المُصَغَّر، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ): هذا الرجل لا أعرفه، وقد قَدَّمْتُ ذلك.

قوله: (يَأْكُلُ الثَّرَى): تَقَدَّمَ أنَّه التراب النَّديُّ.

قوله: (لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي): (الكلبَ): مَنْصُوبٌ مفعول، و (مثلُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وقد قَدَّمْتُ أنَّه يجوز العكس، فيقال: إنَّ (من العطش) هو الفاعل، محلُّه الرفع، و (مثلُ): صفة لـ (العطش).

قوله: (فَمَلَأَ خُفَّهُ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

قوله: (فَشَكَرَ اللهُ لَهُ): أي: أثابه، وزكَّى ثوابه وضاعفه، وقيل: قَبِل عملَه، وقيل: أثنى عليه بذلك، وذكره لملائكته، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، وفي «النهاية» في اسمه الشكور: هو الذي يزكو عنده القليل من أعمال العباد، فيضاعِف لهم الجزاءَ، فشكره لعبادته: مغفرته لهم، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10855)

قوله: (ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ): أي: صاحبة كَبِدٍ حيَّةٍ؛ لأنَّ إذا مات؛ جفَّت جوارحه، والحيُّ يحتاج إلى ترطيب كَبِده من العطش؛ إذ فيه الحرارة الموجبة له، وفي الحديث الآخر: «في كلِّ كَبِدٍ حرَّى أجرٌ»، الحرَّى: (فَعْلَى) من الحرِّ، وهي تأنيث (حرَّان)، وهما للمبالغة؛ يريد: أنَّها لشدَّة حرِّها قد عطشت ويبست من العطش؛ والمعنى: أنَّ في سقي كلِّ كَبِدٍ حرَّى أجرًا [1]، وقيل: أراد بالكبد الحرَّى: حياةَ صاحبها؛ لأنَّه إنَّما تكون حرَّى كبدُه إذا كان فيه حياةٌ؛ يعني: في سقي كلِّ روح من الحَيَوَان، ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر: «في كلِّ كَبِدٍ حارَّة أجرٌ»، والحديث الآخر: «ما دخل جوفي ما يدخل جوفَ حرَّان كَبِدٍ»، وما جاء في حديث ابن عَبَّاس: (أنَّه نهى مضاربه أن يشتريَ بماله ذا كَبِدٍ رَطْبَةٍ)، وفي حديث آخرَ: «في كلِّ كَبِدٍ حرَّى رَطْبةٍ أجرٌ)، وفي هذه الرواية ضعفٌ، ذكر ذلك ابن الأثير، ثُمَّ قال: فأمَّا معنى (رَطْبة)؛ فقيل: إنَّ الكبد إذا ظَمِئت؛ ترطَّبت، وكذا إذا أُلقِيَت على النار، وقيل: كنَّى بالرطوبة عن الحياة، فإنَّ الميِّت يابسُ الكَبِدِ، وقيل: وصفها بما يؤول أمرُها إليه.

(1/10856)

[حديث: لقد حجرت واسعًا]

6010# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهْوَ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ... )؛ الحديث: هذا الأعرابيُّ لا أعرف أنا اسمَه، وأخبرني بعض فضلاء الحلبيِّين: أنَّ هذا الأعرابيَّ عُيَيْنَةُ بن حِصن، وقيل: ذو الخويصرة، ونقل ذلك عن بعض مَن شرح «الإلمام»، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: هذا الأعرابيُّ هو الذي بال في طائفة المسجد، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ذو الخويصرة اليماني [1]، ثُمَّ ذكر مستنده من كتاب أبي موسى، انتهى، وقد قَدَّمْتُ قولَين في البائل في المسجد؛ هل هو ذو الخويصرة اليماني، وأنَّ ذلك في حديثٍ مرسلٍ، أو أنَّ البائل عُيَيْنَة بن حِصْن، في أوائل هذا التعليق.

قوله: (لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا): (حجَّرت)؛ بتشديد الجيم؛ أي: ضيَّقت ما وسَّعه الله، وخصَصْت نفسَك دون غيرك، قاله ابن الأثير.

قوله: (يُرِيدُ: رَحْمَةَ اللهِ): هو بالمُثَنَّاة تحت؛ يعني: يريد النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رحمةَ الله، ويكون هذا الكلام من الراوي، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، وذلك أنَّ القرآن فيه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156].

==========

[1] زيد في (أ): (بصرة اليماني)، ولعلَّه سبق قلمٍ.

[ج 2 ص 599]

(1/10857)

[حديث: ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم ... ]

6011# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو زكريَّاء [1] بن أبي زائدة، و (عَامِر): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، و (النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ): بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة.

قوله: (وَتَوَادِّهِمْ): هو بكسر الدال المُشَدَّدة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ [2]): (تداعى): أي: استجاب؛ كأنَّه يدعو بعضُه بعضًا؛ ومثله: البناء إذا تهيَّأ للسقوط، معناه لابن الأثير.

(1/10858)

[حديث: ما من مسلم غرس غرسًا فأكل منه إنسان]

6012# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الوضَّاح بن عبد الله.

==========

[ج 2 ص 599]

(1/10859)

[حديث: من لا يرحم لا يرحم.]

6013# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث؛ بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، تَقَدَّمَ مِرارًا،

[ج 2 ص 599]

و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ.

قوله: (مَنْ لَا يَرْحَمُْ؛ لَا يُرْحَمُْ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز رفعهما وجزمهما، وتَقَدَّمَ كلام القاضي عياض وكلام السُّهَيليِّ قريبًا فيه، والأوَّل: مَبْنيٌّ للفاعل، والثاني: للمفعول، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10860)

[باب الوصاة بالجار]

قوله: (بَابُ الْوَصَاةِ بِالْجَارِ): (الوَصاة): بفتح الواو، وبعد الصاد ألفٌ، لا همزة ممدودة، ثُمَّ تاء، يقال: أوصيتُ له بشيء، وأوصيتُ إليه؛ إذا جعلتَه وصيَّك، والاسم: الوَصاية والوِصاية؛ بفتح الواو وكسرها، وأوصيته ووصَّيته أيضًا، إيصاءً وتوصيةً بمعنًى، والاسم: الوَصاةُ، وتَقَدَّمَ ذلك أيضًا.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10861)

[حديث عائشة: ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت ... ]

6014# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو أبو بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حَزْم، تَقَدَّمَ، و (عَمْرَة): هي بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زرارة، وجدُّها سعد بن زرارة هو أخو أسعد بن زرارة، تَقَدَّمَت، خالة أبي بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم الراوي عنها هنا.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10862)

[حديث ابن عمر: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت ... ]

6015# قوله: (يُوصِينِي بِالْجَارِ): هو بإسكان الواو، وبفتحها وتشديد الصاد، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10863)

[باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه]

قوله: (بَوَايِقَهُ، {يُوبِقْهُنَّ} [الشورى: 34]: يُهْلِكْهُنَّ، {مَوْبِقاً} [الكهف: 52]: مَهْلكًا): (البوائق): قد فسَّرها البُخاريُّ بما عقَّبها، وقال غيره: (بوائقه): غوائله وشروره، واحدها: بائقة؛ وهي الداهية، وكلُّه قريبٌ، و {يُوبِقْهُنَّ}: هو بجزم القاف، كذا التلاوة، وأمَّا (يُهلكْهُنَّ)؛ فإنَّه بالجزم أيضًا، ويجوز رفعه، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (بَدء الخلق) وغيرِه تعليلُ مثلِه.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10864)

[حديث: والله لا يؤمن. قيل: ومن يا رسول الله؟]

6016# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيد) بعده: هو سعيد بن أبي سعيدٍ المَقْبريُّ، و (أَبُو شُرَيْحٍ): هو الخزاعيُّ، بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، وقد اختُلِف في اسمه؛ فقيل: كعب بن عمرو، وقيل: هانئ بن عمرو، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّمَ، صَحَابيٌّ مشهورٌ.

قوله: (تَابَعَهُ شَبَابَةُ وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى): الضمير في (تابعه) يعود على ابن أبي ذئب، تابعاه في روايته عن سعيد؛ هو المَقْبريُّ، و (شَبَابة): هو ابن سوَّار الفزاريُّ مولاهم، تَقَدَّمَ مترجمًا، أخرج له الجماعة، و (أسد بن موسى): هو أسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الأمويُّ، أَسَدُ السُّنَّة، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ، لو لم يصنِّف؛ لكان خيرًا، تُوُفِّيَ سنة (212 هـ)، وله ثمانون سنة، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وَثَّقَهُ العِجْليُّ، والبزَّارُ، وغيرُهما، وتكلَّم فيه ابنُ حزم بلا حُجَّة، وقال البُخاريُّ: هو مشهور الحديث، ووَثَّقَهُ ابن يونس، له ترجمة في «الميزان»، والله أعلم، ومتابعتهما لم أرَهما في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، ولا رأيتُ واحدةً منهما، ولم يخرِّجهما شيخُنا.

قوله: (وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [1]): هذا التعليق بأسره ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله، والله أعلم، ولم أرَ أيضًا تعليقَ واحدٍ من المذكورين في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة.

==========

[1] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 600]

(1/10865)

[باب: لا تحقرن جارة لجارتها]

(1/10866)

[حديث: يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ... ]

6017# قوله: (يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ): تَقَدَّمَ الكلام على ما يجوز فيه من الإعراب في أوائل هذا التعليق.

قوله: (لَا تَحْقِرَنَّ): هو من الاحتقار؛ وهو الاستصغار، يقال: حَقَرَهُ وحَقَّرَه؛ مشدَّدًا ومخفَّفًا، واحتَقَره واسْتَحْقَرَه، فعلى هذا يُقرَأ الحديث بالتشديد والتخفيف، والله أعلم.

قوله: (وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ): (الفِرْسِن): بكسر الفاء، وإسكان الراء، ثُمَّ سين مهملة مكسورة، ثُمَّ نون، قال الجوهريُّ: الفِرْسِن من البعير بمنزلة الحافر من الدَّابَّة، وربَّما استُعير في الشاة، قال ابن السَّرَّاج: النون زائدة؛ لأنَّها مِن فَرَسْتُ، وقد ذُكِر، انتهى، وقد ذُكِر في (فرس)، فذكره كما ذكرتُه في (فِرْسِن)، وذكر كلامَ ابن السَّرَّاج، والمراد به هنا: ظِلْف الشاة.

(1/10867)

[باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره]

(1/10868)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره]

6018# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء الساكنة والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ اسمه سلَاّم _ بالتشديد_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو حَصِينٍ): بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، إلَّا حُضَين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بالضاد المُعْجَمَة، والكنى بالفتح، إلَّا أن تكون بالألف واللام، وأنَّ اسم هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر على الأصَحِّ.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10869)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره]

6019# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا، ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتحها، وكسرها، و (أَبُو شُرَيْحٍ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا، وتَقَدَّمَ بعض الاختلاف في اسمه، وتَقَدَّمَ قبلَه الاختلافُ في اسمه، وبعضُ ترجمته، رضي الله عنه.

قوله: (جَائِزَتَهُ ... ) إلى آخره: قال ابن الأثير: أي: يُضاف ثلاثة أيَّام، فيتكلَّف له في اليوم الأوَّل ما اتَّسع له [من] برٍّ وإلطافٍ، ويقدِّم له في اليوم الثاني والثالث ما حضره، ولا يزيد على عادته، ثُمَّ يعطيه ما يجوز به مسافةَ يومٍ وليلةٍ، ويُسمَّى [الجيزةَ] قدرُ ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل، فما كان بعد ذلك؛ فهو صدقةٌ ومعروفٌ، إن شاء؛ فعل، وإن شاء؛ ترك، وإنَّما كُرِه له المُقام بعد ذلك؛ لئلَّا تضيق به إقامته، فتكون الصدقة على وجه المَنِّ والأذى، انتهى.

وقال في «المطالع»: («جائزته يومٌ وليلة»، قيل هنا: يُجوَّز ويكفيه في سفرة يومٍ وليلةٍ يستقبلهم بعد ضيافته، والجائزة: العَطيَّة، والجيزة: ما يجوز به المسافر، وقيل: «جائزته»: تحفته والمبالغةُ في إكرامه، وفي باقي الثلاثة الأيَّام ما حضره، وهذا تفسير مالك، وقيل: «جائزته يومٌ وليلةٌ»: حقُّه إذا اجتاز به، وثلاثةُ أيَّام أنَّى قصده)، انتهى.

(1/10870)

[باب حق الجوار في قرب الأبواب]

(1/10871)

[حديث: إلى أقربهما منك بابًا.]

6020# قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو عِمْرَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن حَبِيب الجَونيُّ البصريُّ، اتَّفقا عليه)، و (طَلْحَة عَنْ عَائِشَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله، انفرد به البُخاريُّ) انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يعني: عن مسلم، وإلَّا؛ فقد روى له أبو داود والنَّسائيُّ.

تنبيهٌ: قال شيخنا: واعترض الإسماعيليُّ فقال: إخراج البُخاريِّ هذا الحديثَ هنا فيه نظرٌ، فإنَّ طلحة لا يُدرى مَن هو، قلت: عجيبٌ! انتهى، وقد صَرَّحَ البُخاريُّ بأنَّه ابن عبد الله في بعض طرق هذا الحديث، فإنَّه أخرجه في (الشفعة) كرَّتين، وفي (الأدب)، وفي (الهبة)، والله أعلم، وهو في «أبي داود» في (الأدب)، ولم ينسبه أبو داود، قال شعبة: في هذا الحديث طلحة؛ رجلٌ مِن قريش، قال الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ شيخ شيوخنا في «أطرافه»: رواه سليمان بن حرب، عن شعبة، عن أبي عِمران الجونيِّ، عن طلحة بن عبد الله الخزاعيِّ، انتهى.

1/ 318/أ قوله: (إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟): جارا عائشة رضي الله عنها لا أعرفهما.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10872)

[باب: كل معروف صدقة]

(1/10873)

[حديث: كل معروف صدقة]

6021# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة، وبالشين المُعْجَمَة، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وأنَّ (غسَّان) ينصرف ولا ينصرف.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10874)

[حديث: على كل مسلم صدقة]

6022# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا موسى الأشعريَّ) عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ)، وكذا (فَيُعِينُ)، وكذا (فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ)، وكذا (فَيُمْسِكُ): الفعل المضارع مَرْفُوعٌ في الكلِّ، كذا عُزيَ لابن مالك، وهو ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10875)

[باب طيب الكلام]

(1/10876)

[حديث: اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد ... ]

6023# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (عَمْرٌو) بعد (شعبة): هو عَمرو بن مُرَّة، تَقَدَّمَ، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ بعض ترجمة (عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ) رضي الله عنه.

قوله: (وَأَشَاحَ): هو بالشين المُعْجَمَة المُخَفَّفة، وفي آخره حاء مهملة؛ أي: جَدَّ وانكمش على الوصيَّة باتِّقاء النار، وقيل: حذَّر من ذلك كأنَّه ينظرُ إليها، و (المُشيح): الحَذِر، وقيل: الهارب، وقيل: (أشَاح): أقبلَ، وقيل: قَبض وجهَه، وقال الحربيُّ: أحسن ما قيل فيه: التَّنْحِية، وهو موافقٌ للإعراض، انتهى كلام ابن قُرقُول، وفي «النهاية»: المُشيح: الحَذِر الجادُّ في الأمر، وقيل: المُقبِل إليك، المانعُ لما وراء ظهره، فيجوز أن يكون (أشَاح) أحدَ هذه المعاني؛ أي: حذَّر الناس كأنَّه ينظر إليها، أو جدَّ في الإيصاء باتِّقائها، وأقبل إليك في خطابك.

قوله: (إِمَّا مَرَّتَيْنِ): هو بكسر الهمزة، وتشديد الميم، كذا في أصلنا، ولكنَّ الذي يظهر أنَّه بفتح الهمزة [1]؛ لأنَّ الفاء بعدها، قال: (فَلَا أَشُكُّ).

(1/10877)

[باب الرفق في الأمر كله]

(1/10878)

[حديث: مهلًا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله]

6024# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، تَقَدَّمَ، وكذا (الزُّهْرِيُّ [1]): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء الرهط لا أعرف منهم أحدًا.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ): قال ابن قُرقُول: فيه تأويلان؛ أحدهما: السآمة؛ يعني: المَلَل، يُقال: سأَمةٌ وسأَمٌ، قال الخَطَّابيُّ: وبه فسَّره قتادة، التأويل الثاني: الموت، وعليه يدلُّ: «وعليكم»؛ إذ هو سبيل الكلِّ، وقد جاء في الحديث: «في الحبَّة السوداء شفاءٌ من كلِّ داءٍ إلَّا السَّام، والسَّام: الموت»، انتهى، وقاله [2] في (السين)؛ يعني: مع الهمز، وأخرجه ابن الأثير [3] في (سوم)، فقال: («إلَّا السَّام»، والسَّام: الموت، وألفه منقلبةٌ عن واو، ومنه الحديث: «إنَّ اليهود كانوا يقولون: السام عليكم»؛ يعني: الموت، ويُظهرون أنَّهم يريدون: السلام عليكم).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابْنِ شِهَابٍ).

[2] في (أ): (وقال)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[3] زيد في (أ): (مع)، وكأنَّها مضروبٌ عليها، ولعلَّ حذفها هو الصَّواب.

[ج 2 ص 600]

(1/10879)

[حديث: لا تزرموه]

6025# قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامُوا إِلَيْهِ): هذا (الأعرابيُّ) تَقَدَّمَ الكلام على اسمه، والاختلاف فيه، قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّمَ قريبًا ما قاله ابن شيخنا البُلْقينيِّ في قائل: (اللهمَّ ارحمني ومُحَمَّدًا).

قوله: (لا تُزْرِمُوهُ): هو بضَمِّ المُثَنَّاة فوق في أوَّله، ثُمَّ زاي ساكنة، ثُمَّ راء، رُباعيٌّ، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا أنَّه رُباعيٌّ، ورأيت بعض الفقهاء ينطق به ثلاثيًّا، فقلت له، فقال لي: رأيته كذلك في بعض الكتب، وما إخاله إلَّا أنَّه اعتمد على ضبطٍ خطأ بالقلم، قال الدِّمْيَاطيُّ: زَرِمَ الدمع والبول؛ إذا انقطعا، وأزرمته [1] أنا، انتهى، وما قاله هو عبارة «النهاية»، وكذا قال الجوهريُّ: زَرِمَ البول؛ بالكسر؛ إذا انقطع، وكذلك كلُّ شيء ولَّى، وأزرمه غيرُه، وفي الحديث: «لا تزرموا ابني»؛ أي: لا تقطعوا عليه بوله، انتهى، وكذا في «النهاية» وغيرها.

قوله: (فَصُبَّ عَلَيْهِ): هو بفتح الصاد في أصلنا، وأنا أحفظه مبنيًّا للمفعول.

(1/10880)

[باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا]

قوله: (بَعْضِهِمْ بَعْضًا): (بعضًا): مَنْصُوبٌ مفعول المصدر، وهو (تَعَاوُن) في الترجمة.

(1/10881)

[حديث: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا.]

6026# 6027# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقدَّمت في أوائل هذا التعليقِ الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (بُرَيْد): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

(1/10882)

[باب قول الله تعالى: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها ... }]

قوله: (قَالَ أَبُو مُوسَى: {كِفْلَيْنِ} [الحديد: 28]: أَجْرَيْنِ؛ بِالْحَبَشِيَّةِ): (أبو موسى): هو الأشعريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه، وقوله: (بالحبشيَّة): يعني: أنَّ لغة الحبشة وافقت لغةَ العرب.

(1/10883)

[حديث: اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان رسوله ما شاء]

6028# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، و (أَبُو بُرْدَةَ): اسمه الحارث، ويقال: عامر، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ أعلاه، هو الأشعريُّ.

(1/10884)

[باب: لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا]

قوله: (لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا): قال في «المطالع»: قال ابن عرفة: الفاحش: ذو الفحش في كلامه، والمتفحِّش: الذي يتكلَّف ذلك ويتعمَّدُه، قال الطَّبَريُّ: الفاحش: البذيء الذي يأتي بالفاحشة المَنْهيِّ عنها، انتهى، وذكر في «النهاية» كلام ابن عرفة من غير أن يعزوَه لأحدٍ، واقتصر عليه، وسأذكر قريبًا كلام الدِّمْيَاطيِّ حيث ذكره.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10885)

[حديث: إن من أخيركم أحسنكم خلقًا]

6029# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن مِهْرَان الأعمش، تَقَدَّمَ مرارًا، و (أَبُو وَائِلٍ): هو شقيق بن سلمة.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ أعلاه، سليمانُ بن مِهْرَان، و (شَقِيق بْن سَلَمَةَ): هو أبو وائل المذكورُ في السند قبله.

قوله: (حِينَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ [2] الْكُوفَةَ): قَدِم معاويةُ الكوفةَ سنة إحدى وأربعين، قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من أهل القاهرة.

قوله: (فَذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (رسولَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وفي (ذَكَرَ) ضميرٌ يعودُ على عبد الله بن عَمرو؛ هو ابن العاصي السهميُّ.

قوله: (لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: الفاحش: ذو الفحش في كلامه وفِعاله، والمتفحِّش: الذي يتكلَّف ذلك ويتعمَّدُه، انتهى.

قوله: (إِنَّ مِنْ أَخْيَرِكُمْ): تَقَدَّمَ الكلام على (أخير) وعلى (أشرِّ)، وأنَّهما لغةٌ، وأنَّ الفصيحَ (خيرٌ) و (شرٌّ) في (أفعل) التفضيل، والله أعلم.

(1/10886)

[حديث: مهلًا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش]

6030# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، وقدَّمت في أوَّل هذا التعليق ما يفصل النزاعَ، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (عَبْد الله ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): هو ابن عُبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ.

[ج 2 ص 600]

قوله: (أَنَّ يَهُودَ): (يهود): لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث؛ لأنَّه قبيلة.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا جدًّا.

قوله: (عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعنْفَ وَالْفُحْشَ): (عليكِ) و (إيَّاكِ): بكسر الكاف فيهما؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ، و (العنفَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ، و (الفحش): معطوفٌ عليه، و (العنف): مثلَّث العين، قاله بمعناه ابن قُرقُول عن أبي مروان بن سراج، وهو ضدُّ الرِّفق، ولم يذكر ابنُ الأثير فيه إلَّا الضمَّ، وكذا هو في «صحاح الجوهريِّ»، ولم ينصَّ على أنَّه بالضَّمِّ، لكن في النسخ الصحيحة هو كذلك بالقلم، والله أعلم.

(1/10887)

[حديث: لم يكن النبي سبابًا ولا فحاشًا ولا لعانًا]

6031# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أصبغ بن الفرج المصريُّ الفقيه، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (عِنْدَ الْمَعْتبَةِ): قال ابن قُرقُول: يُقال: عتبت عليه عَتبًا وعِتابًا ومَعْتَبةً؛ بفتح التاء والميم، وقد تُكسَر التاء ... إلى آخر كلامه، وكذا ذكر ابن الأثير: أنَّ الاسم (مَعْتَبة)؛ بالفتح والكسر، وكذا في «الصحاح» و «القاموس».

قوله: (تَرِبَ جَبِينُهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (تربت يداك) في (النكاح) وقبله، وقال شيخنا: قال الخَطَّابيُّ: الدعاء بهذا يحتمل وجهين؛ أحدهما: أن يخرَّ لوجهه، فيصيبَ الترابُ جبينَه، والثاني: أن يكون دعاءً له بالطاعة ليصلِّيَ فيتربَ جبينُه، والأوَّل أشبه؛ لأنَّ الجبين نفسَه لا يُصلَّى عليه.

(1/10888)

[حديث: بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة]

6032# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ): هو بفتح السين، وتخفيف الواو، ممدودٌ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ؛ قَالَ: «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ! أَوِ ابْنُ [1] الْعَشِيرَةِ!»): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّ الخطيبَ قال: إنَّ هذا كان مخرمة بن نوفل بن أُهَيب بن عبد مَناف القرشيُّ، وقيل: عُيَيْنَة بن حِصْن بن بدرٍ الفزاريُّ، انتهى، قاله النَّوَويُّ فيما نقله عنه في كتاب «المبهمات»، وقال القاضي عياض في «شرح مسلم»: هو عُيَيْنَة بن حِصْن، ولم يكن أسلم يومئذ حقيقةً وإن كان أظهرَ الإسلام، ذكر ذلك الشيخ محيي الدين عنه، ولم يذكر القولَ الآخرَ، وقد ذكر القولين غيرُ واحدٍ من الحُفَّاظ.

قوله: (بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ): (عشيرة الإنسان): أهله الأَدْنَون، وهم بنو أبيه، وقوله: (أَوِ ابْنُ الْعَشِيرَةِ): هذا شكٌّ من الراوي، وفي رواية مالكٍ الجزمُ بالثاني، والله أعلم.

قوله: (تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ): (تَطَلَّق): بفتح المُثَنَّاة فوق والطاء المُهْمَلَة، واللام المُشَدَّدة؛ أي: انبسط وظهر البِشْرُ فيه.

قوله: (مَتَى عَهِدْتِنِي): هو بكسر المُثَنَّاة فوق، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/10889)

[باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل]

قوله: (وَالسَّخَاءِ): هو بفتح السين، ممدودٌ: الجود، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ): (أجودُ) هنا: مَرْفُوعٌ بلا خلاف.

قوله: (وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه، وبعض ترجمته، غَيْرَ مَرَّةٍ، والأكثر: جُندب بن جُنادة.

قوله: (لأَخِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ أخا أبي ذر اسمه أنيس، وهو صَحَابيٌّ معروفٌ، رضي الله عنهما.

(1/10890)

[حديث: كان النبي أحسن الناس وأجود الناس]

6033# قوله: (قِبَلَ الصَّوْتِ): (قِبَلَ)؛ بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة: مَنْصُوبٌ، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (لمْ تُرَاعُوا): تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الفرس اسمه مندوب، وكذا جاء مسمًّى في بعض طرقه.

قوله: (لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10891)

[حديث: ما سئل النبي عن شيء قط فقال لا]

6034# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (ابْن الْمُنْكَدِرِ): مُحَمَّد بن المنكدر.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (فَقالَ: لَا): قال الشيخ عزُّ الدين بن عبد السلام في بعض كتبه: أي: لم يقُل: لا؛ منعًا للعطاء، وإنَّما يقول: لا؛ اعتذارًا من الفقد؛ كقوله تعالى: {قُلْ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92]، ولا أجد ما أعطيكم، وكذلك فرَّق بين قوله: (لا أحملكم)، وبين قوله: {لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ}، وهو كلامٌ حسن.

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10892)

[حديث: إن خياركم أحاسنكم أخلاقًا]

6035# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وبثاء مُثَلَّثَة في آخره، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مرارًا، و (شَقِيقٌ): هو ابن سَلَمة، أبو وائل.

قوله: (فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في الصفحة قبل هذه.

(1/10893)

[حديث: رجوت بركتها حين لبسها النبي لعلي أكفن فيها]

6036# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا انَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سَلَمة بن دِينار.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة لا أعرفها.

قوله: (هِيَ شَمْلَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الشَّمْلة) ما هي.

قوله: (فَرَآهَا [1] رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذا الرجلَ هو عبد الرَّحْمَن بن عوفٍ أحدُ العشرة، وتَقَدَّمَ أنَّ المؤلِّف شيخَنا قال في «شرح التنبيه»: إنَّه سهل بن سعد، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين، في (الجنائز).

(1/10894)

[حديث: يتقارب الزمان وينقص العمل]

6037# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، لا حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن الحِمْيَريُّ، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ عن أبي هريرة، إنَّما روى له عن أبي هريرة مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم»، وهذا الحديث ليس في «البُخاريِّ»، فالحِمْيَريُّ [ليس] له شيءٌ في «البُخاريِّ» عن أبي هريرة، والله أعلم

1/ 319/أ قوله: (يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ): قال ابن قُرقُول: وفي حديث أشراط الساعة: «يتقارب الزمان حتَّى تكون السنة كالشهر ... »؛ الحديث، قيل: معناه: لطيب تلك الأيَّام حتَّى لا يكاد يستطال، بل يقصر، وأشار الخَطَّابيُّ إلى أنَّه على ظاهره من قِصَر مُدَدها، وأمَّا حديث: «يتقارب الزمان، وتكثر الفتن، وينقص العلم»؛ فقيل: هو دنوُّه من الساعة، كما تَقَدَّمَ، وقيل: هو قِصَر الأعمار، وقيل: قِصَر الليل والنهار بمعنى الحديث الأول، وقيل: تقارُب الناس في الأحوال، وقلَّة الدِّين والعلم، وعدم التفاضل في الدِّين والعلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويكون أيضًا: يردأ ويسوء؛ لما ذكره من كثرة الفتن وما يتبعها.

قوله: (وَيُلْقَى الشُّحُّ): أي: يُجعَل في القلوب، وتُطبَع عليه، قال ابن قُرقُول: وضبطناه عن أبي بحر: (يُلقَّى)؛ مشدَّد القاف؛ بمعنى: يُعطى، ويُستَعمَل [1] به الناس، ويُحمَلون [2] عليه؛ كما قيل في قوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} [فصلت: 35]؛ أي: يُعطاها، وقيل: يُوفَّق لها، انتهى، وفي «تذكرة القرطبيِّ» الروايتان، وذكر أنَّ معنى المخفَّف: يُترَك لإفاضة المال وكثرته ... إلى أن قال: (ولا يجوز أن يكون بمعنى «يُوجَد»؛ لأنَّ الشحَّ ما زال موجودًا قبل تقارب الزمان)، والله أعلم.

قوله: (وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ): هو بفتح الهاء، وإسكان الراء، وبالجيم، وقد فسَّره بـ (الْقَتْل).

تنبيهٌ: في بعض طرقه في «الصحيح»: (والهَرْج؛ بلسان الحبشة: القتل)، قال ابن قُرقُول: هي من كلام بعض الرواة، وإلَّا؛ فهي عربيَّة صحيحةٌ، انتهى، وهي في «الصحيح»، قال أبو موسى ... فذكره؛ يعني: الأشعريَّ، فيحتمل أنَّ الحبشيَّة وافقت العربيَّةَ، والله أعلم.

(1/10895)

[حديث: خدمت النبي عشر سنين فما قال لي أف]

6038# قوله: (سَمِعَ سَلَّامَ بْنَ مِسْكِينٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (سلَّامًا) هذا بتشديد اللام، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ في «مسلم»: (تسع سنين)، والظاهر أنَّه خدمه تسعًا وكسرًا، فتارةً أطلق على الكسر سنةً، وتارةً أسقطه، وتَقَدَّمَ ما رواه أبو يعلى المَوصليُّ في «مسنده»، والكلام على سنده.

قوله: (فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ): (أف): معناه: الاحتقار؛ وهو صوتٌ إذا صوَّت به الإنسان؛ عُلِم أنَّه متضجِّر متكرِّه، وقيل: أصل الأفِّ: من وسخ الإصبع إذا فُتِل، وقد أفَّفتُ بفلان تأفيفًا، وأففتُ به؛ إذا قلتَ له: أفِّ لك، وفيها لغاتٌ حكاها الأخفش: أُفِّ؛ وهي أفصحها وأكثرها استعمالًا؛ بضَمِّ الهمزة، وتشديد الفاء مكسورة، وأُفُّ، وأُفَّ، وأُفٍّ، وأُفًّا، وأُفٌّ، وقد حكى فيها النَّوَويُّ في «تهذيبه» عشر لُغاتٍ عن القاضي عياض وآخرين: ضمُّ الهمزة مع ضمِّ الفاء وكسرها وفتحها بلا تنوين، وبالتنوين، فهذه ستُّ لُغاتٍ، و (أُفّْ)؛ بضَمِّ الهمزة، وإسكان الفاء، و (إِفَ)؛ بكسر الهمزة، وفتح الفاء، و (أُفي وأُفة)؛ بضَمِّ همزتهما، قالوا: وأصل الأفِّ والتُّفِّ: وسخ الأظفار، وتستعمل هذه الكلمةُ في كلِّ ما يُستقذَر، وهي اسم فعلٍ في الواحد والاثنين والجميع بلفظٍ واحدٍ، قال الله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، قال الهرويُّ: يُقال لكلِّ ما [1] يُضجَر منه ويُستثقَل: أفٍّ له، وقيل: معناه: الاحتقار، مأخوذٌ من الأفف؛ وهو القليل، انتهى لفظه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَلَا: لِمَ صَنَعْتَ؟): (لِمَ)؛ بفتح الميم: استفهامٌ.

(1/10896)

[باب: كيف يكون الرجل في أهله؟]

(1/10897)

[حديث: كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة ... ]

6039# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عتيبة الإمام القاضي، تَقَدَّمَ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (فِي مهْنَةِ أَهْلِهِ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (المَهْنة) بفتح الميم، وإسكان الهاء: الخدمة، وحكى أبو زيد والكسائيُّ كسرَ الميم، وأنكره الأصمعيُّ، هذا معنى «الصحاح».

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10898)

[باب المقة من الله]

قوله: (بَابُ الْمِقَةِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]): هذه الترجمة هي حديثٌ في «مسند الإمام أحمد» رحمه الله عن أسود بن عامر: حدَّثنا شريك، عن مُحَمَّد بن سعد الواسطيِّ، عن أبي ظبية، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ المِقَة من الله عزَّ وجلَّ _قال شريك: هي المحبَّة والصيت من السماء_ فإذا أحبَّ الله عبدًا؛ قال لجبريل ... »؛ الحديث، وذكره عبد الله بن الإمام أحمد في «زوائد المسند» من طريقٍ أخرى له من حديث أبي أمامة، وفيهما مَن ليس على شرط البُخاريِّ، فلهذا جعله في الترجمة، ولم يورده حديثًا في «الصحيح» مسندًا، و (المِقَة): بكسر الميم، وفتح القاف المُخَفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي المحبة، يقال: ومِقْتُه أمِقُه مِقَةً، فأنا وَامِقٌ، وهو موموقٌ، وقد تَقَدَّمَ تفسير شريك له: أنَّها المحبَّة والصيت من السماء.

(1/10899)

[حديث: إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل إن الله يحب فلانًا]

6040# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الصيرفيُّ الفلَّاس، أحد الأعلام، و (أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

قوله: (نَادَى جِبْرِيلَ): (جبريلَ): مَنْصُوبٌ؛ أي: نادى اللهُ جبريل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا): يجوز في همزة (إنَّ) الكسرُ والفتح، وهما ظاهران.

قوله: (ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ): (القَبول): بفتح القاف، قال في «المطالع»: المحبَّة في القلوب، ومنه: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران: 37]؛ أي: رضيها، قال المطرِّز: (القَبول): مصدرٌ لم أسمع غيرَه بالفتح، وقد جاء مفسَّرًا في رواية القعنبيِّ: «فتوضع له المحبَّة في الأرض»، وفي «الصحاح» للجوهريِّ: وتقبَّلت الشيء وقبلته قَبولًا؛ بفتح القاف، وهو مصدرٌ شاذٌّ، وحكى اليزيديُّ عن أبي عمرو بن العلاء: (القَبول)؛ بالفتح: مصدرٌ، ولم أسمع غيرَه، ويُقال: على فلان قَبول؛ إذا قَبِلتْهُ النفسُ.

(1/10900)

[باب الحب في الله]

(1/10901)

[حديث: لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء]

6041# قوله: (وَحَتَّى أَنْ يُقْذَفَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10902)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ... }]

(1/10903)

[حديث: بم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل]

6042# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (ضَرْبَ الْفَحْلِ): هو بفتح الفاء، وإسكان الحاء، قال ابن قُرقُول: الفَحْل من الإبل؛ إذا علا ناقةً دونه في الكرم والنجابة أو فوقَه، وكذا قال ابن الأثير، زاد ابن قُرقُول: وصحَّفه بعضهم: (العجل)؛ بالعين والجيم، وأكثر الروايات: (ضَرْبَ العبدِ) انتهى، وكذا يجيء قريبًا فيه.

[ج 2 ص 601]

قوله: (وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَوُهَيْبٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ: جَلْدَ الْعَبْدِ): تَقَدَّمَ أنَّ (سفيانَ) الراويَ في السند: ابنُ عُيَيْنَة، وقد خالفه الثَّوريُّ، وتعليقُ الثَّوريِّ أخرجه البُخاريُّ في (النكاح) عن مُحَمَّد بن يوسف عنه، وتعليق وُهَيب عن هشام أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن موسى بن إسماعيل عن وُهَيب به، وتعليق أبي معاوية لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها كلَّها ولا بعضَها شيخُنا، و (وُهَيب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، و (أبو معاوية): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضرير، وهذا مَعْرُوفٌ، فروَوه عن هشامٍ _هو ابن عروة المذكورُ في السند_: (جلد العبد).

(1/10904)

[حديث: فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم]

6043# قوله: (وَأَعْرَاضَكُمْ): (الأعراض): جمع (عِرْض)؛ وهو موضع المدح والذمِّ من الإنسان، سواء كان في سَلَفه، أو نفسه، أو مَن يلزمه أمره، وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحَسَبه، ويحامي عنه أن يُنتَقَص أو يُثلَب، وقال ابن قُتَيْبَة: عِرْض الرجل: نفسه وبدنه لا غير، قاله في «النهاية».

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10905)

[باب ما ينهى من السباب واللعن]

قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (منَ السِّبَابِ): هو بكسر السين، وتخفيف المُوَحَّدة، وهو المشاتمة، وهو من السبِّ؛ وهو القطع، وقيل: من السَّبة؛ وهي حَلْقَة الدُّبُر، كأنَّها على القول الأول: قطع للمسبوب عن الخير والفضل، وعلى الثاني: كشف العورة وما ينبغي أن يُستَرَ.

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10906)

[حديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.]

6044# قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هذا هو ابن المعتمر السُّلَميُّ، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافلٍ.

قوله: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (السِّبَاب)، قيل: إنَّ هذا الحديثَ محمولٌ على مَن سبَّ أو قاتل مسلمًا من غير تأويل، وقيل: إنَّما ذلك على جهة التغليظ، لا أنَّه يُخرِجه إلى الفسق والكفر، قاله في «النهاية».

قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر عَن شُعْبَةَ): كذا في نسخة، وفي الأصل: (غُنْدر) عوض (مُحَمَّد بن جعفر)، وهو هو، و (غُنْدر): لقبٌ لمُحَمَّد بن جعفر، وقد قَدَّمْتُ ضبطه مرارًا، والضمير في (تابعه) يعود على سليمان بن حرب، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، ومتابعة غُنْدر أخرجها مسلمٌ في (الإيمان) عن أبي بكر ابن أبي شيبة ومُحَمَّد بن المثنَّى؛ كلاهما عن غُنْدر عن شعبة به، وأخرجها النَّسائيُّ في (المحاربة) عن مُحَمَّد بن المثنَّى به.

(1/10907)

[حديث: لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق ولا يرميه بالكفر]

6045# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، والعين بينهما ساكنة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد، و (الْحُسَيْن): هو ابن ذكوان المعلِّم، و (يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح الميم، غير مصروفٍ، وتَقَدَّمَ كلام البُخاريِّ في (اليَعمريِّ)، و (أَبُو الأَسْوَدِ الدَّيلِيُّ)، وفي نسخة: (الدُّؤليُّ)، وهما قولان يُقالان في هذا النسب، لكن إلى شخصَين مختلفَين، قال الدِّمْيَاطيُّ: واسم أبي الأسود ظالمُ بن عمرو، وقيل: ظالم بن سارق، وقيل: سارق بن ظالم، شهد صفِّين مع عليٍّ، ووُلِّيَ قضاء البصرة لابن عَبَّاس، ومات بها، وهو أوَّل من تكلَّم بالنحو، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين: اسم أبي الأسود هذا ظالمُ بن عمرو، ونسبه ... إلى أن قال: ويُقال: ظالم بن عمرو بن ظالم، وقيل: اسمه عمرو بن ظالم، وقيل: عثمان بن عمرو، وقيل: عمرو بن سفيان، وقال الواقديُّ: اسمه عُوَيمر بن ظُوَيلم، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه، والأكثر: جُندب بن جُنادة، كما تَقَدَّمَ قريبًا.

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10908)

[حديث: لم يكن رسول الله فاحشًا ولا لعانًا]

6046# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وكذا (تَرِبَ جَبِينُهُ) قريبًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10909)

[حديث: من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال]

6047# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة [1]، وتَقَدَّمَ أنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

(1/10910)

[حديث: إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه الذي يجد]

6048# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّ والد حفص اسمه غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا مرارًا، و (سُلَيْمَان بْن صُرَدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الأذان)، وتَقَدَّمَ أنَّ (صُرَدًا) مصروفٌ، وأنَّه ليس بمعدول.

قوله: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذان الرجلان لا أعرف اسمَيهما.

قوله: (فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ): يحتمل أن يكون هذا الرجلُ أحدَ المستبَّين، والله أعلم، وهو الظاهر، لكن في «أبي داود» أنَّ القائل له معاذٌ، كما صَرَّحَ به في حديثه.

قوله: (أَتُرَى بِي بَأْسٌ؟): (تُرى): بضَمِّ التاء؛ أي: أتظنُّ، وقوله: (بأسٌ): كذا في أصلنا مَرْفُوعٌ مُنَوَّن بالقلم، وإعرابه [ ... ] [1] والظاهر أنَّه ليس مرفوعًا؛ بل مَنْصُوبٌ، وكُتِب بغير ألفٍ على نيَّة الوقف، وكذلك القدماء يكتب بعضُهم المنصوبَ بغير أَلِفٍ، والله أعلم، وفي نسخةٍ قديمةٍ قُرِئت على داود بن مَعْمَر بن الفاخر: (أتَرى بي بأسًا؟)؛ بفتح الهمزة والتاء بالقلم، و (أيُرى بي بأسٌ): (يُرى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ بالقلم، و (بأسٌ): قائمٌ مقام الفاعل، وهذه النسخة المذكورة ظاهرة الإعراب، وفي نسخة في هامش أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (بأسًا)، وعليها (صح)، وهذه ظاهرةٌ، وسأذكر قريبًا الكلام على جوابه في قوله: (أمجنون أنا؟).

(1/10911)

[حديث: خرجت لأخبركم فتلاحى فلان وفلان وإنها رفعت]

6049# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): هو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ مشهورٌ عند أهله.

قوله: (فَتَلَاحَى رَجُلَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الملاحاةِ)؛ وهي المسابَّة؛ أي: تسابَّا، وتَقَدَّمَ أنَّ هذين الرجلين: كعب بن مالك، وعبد الله بن أبي حَدْرَد.

قوله: (وَإِنَّهَا رُفِعَتْ): أي: رُفِعت معرفتُها، وإلَّا؛ فهي باقيةٌ؛ بدليل قوله: «فَالْتَمِسُوهَا»، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (وَعَسَى أَنْ يَكُونُ [1] خَيْرًا لَكُمْ): هو بضَمِّ نون (يكون)، كذا في أصلنا، فإن صحَّ ذلك؛ فلعلَّها مُخَفَّفة من الثقيلة، لكنَّ الضمة محتملة أن تكون على النون، وأن تكون على كاف (يكون)، وهذا أشبه، والله أعلم.

(1/10912)

[حديث: نعم هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم]

6050# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): (أبوه): حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (الْمَعْرُور): تَقَدَّمَ أنَّه بالعين المُهْمَلَة، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جُنادة، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف فيه وفي أبيه.

قوله: (وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدًا): غلام أبي ذرٍّ لا أعرف اسمه.

قوله: (كَانَتْ حُلَّةً): تَقَدَّمَ الكلام على (الحُلَّة) ما هي.

قوله: (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً): الرجل هو بلالٌ رضي الله عنه، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وقد تَقَدَّمَ، و (أمُّ بلال): تَقَدَّمَ أنَّها حمامة، وأنَّها صحابيَّة رضي الله عنها، وكانت نوبيَّة.

قوله: (فَنِلْتُ مِنْهَا): أي: قال له: يا بن السوداء، وقد قَدَّمْتُ عَزْوَه.

قوله: (فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ): قال ذلك له من أجل تفاخره بالأنساب.

(1/10913)

[باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير ... ]

قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ؛ نَحْوَ قَوْلِهِمُ: الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ ... ، وَمَا لَا يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ): (يُرَاد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شَينُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، [و (الشَّين): هو العَيب] [1]، و (الطويلُ): مَرْفُوعٌ،، و (القصيرُ): معطوف عليه، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب

[ج 2 ص 602]

على عادته، ثُمَّ قال: أشار البُخاريُّ في الترجمة إلى أنَّ مثل هذا إن كان للبيان والتمييز كما ورد في الحديث؛ فهو الجائز، وإن كان في غير هذا السياق؛ كالتنقيص والتعييب؛ فهذا الذي لا يجوز، وإشارة عائشة رضي الله عنها في بعض الحديث إلى المرأة التي دخلت عليها ثُمَّ خرجت، فأشارت عائشة بيدها أنَّها قصيرة، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اغتبتِها»؛ لأنَّ عائشة رضي الله عنها لم تفعل هذا بيانًا، [وإنَّما] قصدت إلى الإخبار عن صفتها خاصَّة، ففُهِم التعييب، فنُهِيَت، انتهى، وهذه المرأة لا أعرفها، غير أنَّ عائشة قالت للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (حسبك من صفيَّة كذا وكذا)، قال بعض الرواة؛ يعني: قصيرة، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لقد قلت كلمةً لو مُزِجت بماء البحر؛ لمزجته»، رواه أبو داود، والتِّرْمِذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، والحديث الذي ذكره ابن المُنَيِّر ذكره ابن أبي الدنيا وابن مردويه من رواية حسَّان بن مخارق عن عائشة رضي الله عنها، ولفظها: (دخلت عليها امرأةٌ فأومأتُ بيدي؛ أي: قصيرة، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اغتبتِها»).

ثُمَّ اعلم أنَّ اللقب ينقسم إلى ما يجوز التعريف به؛ وهو ما لا يكرهه الملقَّب، وإلى ما لا يجوز؛ وهو ما يكرهه الملقَّب، كذا قال ابن الصلاح أبو عمرو الشَّافِعيُّ في «علومه» في (الألقاب)، وكذا قال في «آداب المحدِّث»، ولفظه: ولا بأس بذكر مَن يروي عنه بما يُعرَف به من لقبٍ؛ كغُنْدر ... إلى أن قال: أو نسبه إلى أمٍّ عُرِف بها؛ كيعلى ابن مُنَيَّة، أو وصف بصفةِ نقصٍ في جسده عُرِف بها؛ كسليمان الأعمش، وعاصم الأحول، إلَّا ما يكرهه من ذلك، كما في إسماعيل بن إبراهيم المعروفِ بابن عُلَيَّة، انتهى.

(1/10914)

وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: إنَّه يجوز إذا كان يُعرَف بذلك، ويحرم إطلاقه عليه على جهة النقص، ذكر ذلك في «شرح مسلم»، وفي (باب الغِيبة) من «رياضه»، وهذا الذي قاله البُخاريُّ في هذه الترجمة، وهو غير ما قاله ابن الصلاح، والله أعلم.

قوله: (مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ ذي اليدين الخِرْباقُ _بكسر الخاء المُعْجَمَة، وإسكان الراء، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ ألف، ثُمَّ قاف_ ابن عمرو، من بني سُلَيم، وليس هو ذا الشِّمَالَين الذي قُتِل يوم بدر؛ لأنَّ ذا الشِّمالين خزاعيٌّ قُتِل يوم بدر، وذو اليدين عاشَ بعد النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زمانًا حتَّى رأى المُتَأخِّرين من التابعين، واستدلَّ العلماء لما ذكرتُه: بأنَّ أبا هريرة رضي الله عنه حضر قصَّة السهو في الصلاة، كما في «الصحيحين»، وفيها: (فقال له ذو اليدين ... )؛ الحديث، وقد أجمعوا على أنَّ أبا هريرة إنَّما أسلم عام خيبر سنة سبعٍ في أوَّل _أو في آخر_ سنة ستٍّ؛ على اختلاف القولين، وذلك بعد بدرٍ بسنين، وكان الإمام الزُّهْرِيُّ يقول: إنَّ ذا اليدين هو ذو الشِّمالين، وإنَّه قُتِل ببدر، وإنَّ قصَّته في الصلاة كانت قُبَيل بدرٍ، وتابعه أصحاب أبي حنيفة على هذا، وقالوا: كلام الناسي في الصلاة يبطلها، وادَّعوا أنَّ هذا الحديثَ منسوخٌ، والصواب ما سبق، وقد أطنب العلماء من المحدِّثين في إيضاح هذا، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الصلاة)، ولكن طال العهد به.

(1/10915)

[حديث: لم أنس ولم تقصر]

6051# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): هذا هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد تَقَدَّمَ الكلام في عدد بني سيرين وبناته في أوائل هذا التعليق وقريبًا أيضًا.

قوله: (وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ): تَقَدَّمَ [الكلام] عليه في (السهو).

قوله: (قُصِرَتِ [1] الصَّلَاةُ): تَقَدَّمَ، وأنَّه بضَمِّ القاف، وكسر الصاد، قال القاضي: ويُروى: (أَقَصُرت؟)، وذكرت هناك [2] أنَّ في «النهاية» قال: ويُروى على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وعلى تسمية الفاعل، بمعنى النقص، انتهى.

(1/10916)

[باب الغيبة ... ]

قوله: (بَابُ الْغِيبَةِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب، ثُمَّ قال: بوَّب على الغِيبة، وذكر النميمة؛ تنبيهًا على اجتماعهما في المعنى؛ وهو الذِّكْر بظهر الغيب بما يكره الإنسان أن يذكره عنه، وألحق الغيبة بالنميمة بطريق الأَولى؛ إذ النميمة قد لا يكون فيها تنقيص، والغِيبة لا تخلو منه، فهي حرام، انتهى، والذي ظهر: أنَّه إنَّما بوِّب على الغِيبة، وذكر الحديث المذكور؛ لأنَّه رُويَ بذكر الغِيبة من حديث ابن عَبَّاس هذا، رواه كذلك أبو داود الطيالسيُّ، ولفظه: «أمَّا أحدهما؛ فكان يأكل لحوم الناس»، وكأنَّ هذا الحديث ليس على شرطه، فإنِّي لم أنظر سنده، وسيأتي عَزْوُه قريبًا، وأنَّ إسناده جيِّدٌ، قاله شيخنا العِرَاقيُّ، وكأنَّه لم يحصل له روايته، فبوَّب عليه، وأخرج الذي على شرطه، والذي على شرطه قد أخرجه الأئمَّة السِّتَّة، والله أعلم.

وقد روى ابن ماجه في «سننه» فقال: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة: حدَّثنا وكيع: حدَّثنا الأسود بن شيبان: حدَّثني بحر بن مرَّار عن جدِّه أبي بكرة رضي الله عنه قال: مرَّ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقبرين، فقال: «إنَّهما ليُعَذَّبان، وما يُعَذَّبان في كَبِير، أمَّا أحدهما؛ فيُعَذَّب في البول، وأمَّا الآخر؛ فيُعَذَّب في الغِيبة»، وهذا فيه إرسالٌ؛ لأنَّ بحرًا لم يدرك أبا بكرة، وهو جدُّ أبيه؛ لأنَّه بحر بن مرَّار بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة، وأيضًا بحرٌ قال فيه يحيى القَطَّان: رأيته قد خُولِطَ، فلم أكتب عنه، وقال النَّسائيُّ: تغيَّر، وقال مرَّةً: ليس به بأس، وقال الكوسج عن ابن معين: ثقة، وقال ابن عديٍّ: لم أرَ له فيما رأيتُ حديثًا منكرًا، انتهى.

(1/10917)

وقد رأيته في «المسند»، وفيه بحر بن مرَّار المذكورُ، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة: حدَّثنا أبو بكرة ... ، فذكره مُطَوَّلًا، وفي آخره: «وما يُعَذَّبان إلَّا في الغِيبة والبول»، ثُمَّ ذكره من طريق آخرَ عن بحرٍ عن عبد الرَّحْمَن به نحوه، وحديث جابر: (كنَّا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في مَسِيرٍ، فأتى على قبرَين يُعَذَّب صاحباهما، فقال: «أَمَا إنَّهما ليُعَذَّبان في كَبِير، أمَّا أحدهما؛ فكان يغتاب الناس»، رواه ابن أبي الدنيا في «الصمت»، وأبو العَبَّاس الدَّغُوليُّ في كتاب «الآداب»، قال شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ بعد عزوه إلى مَن ذكرت: بإسنادٍ جيِّد، وهو في «الصحيحين» من حديث ابن عَبَّاس، إلَّا أنَّه ذكر فيه النميمة بدل الغِيبة، وللطيالسيِّ فيه: «أمَّا أحدهما؛ فكان يأكل لحوم الناس»، ولأحمدَ والطَّبَرانيِّ نحوُه بإسنادٍ جيِّدٍ، قاله شيخنا العِرَاقيُّ، انتهى.

(1/10918)

[حديث ابن عباس: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير]

6052# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ»): هذان القبران تَقَدَّمَ الكلامُ على أنَّ أصحابهما الظاهر أنَّهما من أهل القِبلة، وإن كان بعضهم قال: إنَّهما ليسا من أهل القِبلة؛ فإنَّ فيه بُعدًا، وما ذُكِر من تعيين أحدهما؛ فليس بصحيحٍ فيما أعلم، والله أعلم، وهذه القصَّة بالمدينة كما سيأتي قريبًا: (من بعض حيطان المدينة)، والحديث من مسند ابن عَبَّاس، وقد جرى له عليه السلام مثلُها في غزوة بُواط، والقصَّة في آخر «صحيح مسلم» من حديث جابر.

قوله: (فِي كَبِيرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (في)، وأنَّها سببيَّة، وفي بعض الطريق: «بلى؛ إنَّه كَبِير»، وقد تَقَدَّمَ تعريف (النَّمِيمَةِ) مُطَوَّلًا، و (العَسِيب)، وما هو، وأنَّ هذين أورقا من ساعتهما، ففرح النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقال: «خُفِّف عنهما بسبب شفاعتي»، مُطَوَّلًا؛ فانظره في مكانه.

(1/10919)

[باب قول النبي: «خير دور الأنصار»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على خير دور الأنصار، وفي هذا الحديث: (خير الأنصار)؛ لينبِّه على أنَّ المرادَ بـ «الدور»: أهلُها؛ على حذف مضاف، وقد ورد في حديث: «خير دور الأنصار»، لم يذكره البُخاريُّ؛

[ج 2 ص 603]

لئلَّا يُتخيَّل ظاهره، وهو التفضيل بين الدورِ لا أهلِها، والله أعلم، انتهى، وهذا كأنَّه وقع في روايته كذلك، والذي وقع في روايتي عن شيخنا العِرَاقيِّ في الأصل المذكور في الحديث: «خير دور الأنصار بنو النَّجَّار»، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.

(1/10920)

[حديث أبي أسيد: خير دور الأنصار بنو النجار]

6053# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وقد ذكرتُ مدركِيَ قبل هذا غَيْرَ مَرَّةٍ، و (أَبُو الزِّنَاد): عبد الله بن ذكوان، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ الصواب أنَّ همزته بالضَّمِّ، وقدَّمت الكلام عليه واسمِه ونسبِه، وقال الدِّمْيَاطيُّ: مالك [بن] ربيعة، انتهى.

==========

[ج 2 ص 604]

(1/10921)

[باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب]

قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنِ اغْتِيَابِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالرِّيَبِ): صريحُ تبويبِه مع استدلاله بالحديث الذي ذكره: أنَّه قائلٌ بأنَّ الفاسق لا غِيبة له، وكذا عزا الشيخ محيي الدين هذا المذهبَ إليه، وأنَّه استدلَّ بهذا الحديث المذكور هنا، وقد جاء حديثٌ لفظه: «مَن ألقى جلباب الحياء عن وجهه؛ فلا غِيبة له»، رواه ابن عديٍّ، وأبو الشيخ بن حَيَّان في كتاب «ثواب الأعمال» من حديث أنسٍ بسند ضعيف، وفي حديثٍ: «اذكروا الفاسق بما فيه؛ يحذره الناس»، رواه الطَّبَرانيُّ من حديث بَهْز بن حَكِيم عن أبيه عن جدِّه: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «متى تُرعون عن ذكر الفاسق؟! اذكروه بما فيه؛ يحذره الناس»، وقال: تفرَّد به عبد الوهَّاب بن همَّام أخو عبد الرَّزَّاق عن مَعْمَر عن بَهْز، قال بعض مشايخي: لم ينفرد به، فقد رواه الحاكم أبو عبد الله في «تاريخ نيسابور» من حديث الجارود بن يزيد عن بَهْزٍ، فذكره بلفظ: «أتُرعون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه بما فيه؛ كي يحذرَه الناس»، وكذا أخرجه البيهقيُّ في «سننه» في أثناء (الشهادات) عن الحاكم بهذا اللفظ، لكنَّه قال: «يعرفه الناس ويحذره الناس» ... إلى آخر كلام شيخنا في ذلك، وحديثٌ آخرُ لفظه: «لا غِيبة لفاسق»، أخرجه وعزاه شيخنا العِرَاقيُّ في مكانٍ إلى ابن عديٍّ وابن حِبَّانَ في «الضعفاء» نحوه من حديث أنس، وهو ضعيفٌ أيضًا، انتهى.

أمَّا الفاسق المتظاهر بفسقه؛ فإنَّه تجوز غِيبته، وأمَّا المختفي بفسقه؛ فلا أعلم مَن قال به غير البُخاريِّ، والغِيبة وإن كانت [1] محرَّمةً؛ فإنَّها تُباح عند أحد ستَّة أمورٍ نظمها بعضهم، فقال:

~…لَقَبٌ وَمُسْتفٍ وفِسْقٌ ظَاهِرٌ…والظُّلْمُ تَحْذِيرٌ مُزِيلُ المُنْكَرِ

وقد زاد بعضهم على هذه السِّتَّة أماكنَ، فبلَّغها سبعةَ عشرَ موضعًا بهذه السِّتَّة، وهي في بعضها متداخلة، وهي صغيرةٌ، كما قاله الرافعيُّ في أصحِّ الوجهين، وليست كبيرةً، والصواب أنَّها كبيرةٌ، فقد نقله الكرابيسيُّ في كتابه القديم المعروف بـ «أدب القضاء» فيما رواه عن الشَّافِعيِّ، واستدلَّ بقوله: «إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ؛ كحرمة يومكم هذا ... »؛ الحديث، وهو صريحٌ فيما قاله، وفي حفظي أنَّ القرطبيَّ قال: إنَّها كبيرةٌ بالإجماع، والله أعلم.

(1/10922)

قوله: (وَالرِّيَبِ): هو بكسر الراء، وفتح المُثَنَّاة تحت، جمع (رِيبة)، وكذا أحفظه.

(1/10923)

[حديث: ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة]

6054# قوله: (سَمِعَ [1] ابْنَ الْمُنْكَدِرِ): هذا هو مُحَمَّد بن المنكدر، وهذا كاد أن يكون بديهيًّا عند أربابه.

قوله: (اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى النَّبيِّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل: قال الدِّمْيَاطيُّ: اسمه مَخْرَمةُ بن نوفل بن أُهَيب بن عبد مَناف بن زُهرة، والد المِسْوَر بن مَخْرَمة، انتهى، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مَخْرَمة، وقيل: عُيَيْنَة، وأنَّ القولين ذكرهما الخطيب البغداديُّ فيما نقله النَّوَويُّ عنه في «مبهماته»، وقدَّمت أنَّ القاضيَ عياضًا ذكر أنَّه عُيَيْنَة بن حِصْن، وأنَّ ذلك كان قبل أن يُسلِم، ولم يذكر غيره، وقد ذكر القولين غيرُ واحدٍ من الحُفَّاظ، والله أعلم.

قوله: (بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا مَن عشيرة الرجل.

(1/10924)

[باب: النميمة من الكبائر]

(1/10925)

[حديث: يعذبان وما يعذبان في كبيرة وإنه لكبير]

6055# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، وقدَّمت ما يفصل النزاع في ذلك، وهو مُحَمَّد بن سلَام، و (عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: في «الصحيح» «عَبِيدة» ثلاثةٌ؛ واحدٌ متَّفقٌ عليه، وهو عَبِيدة بن عمرو السَّلْمانيُّ، أسلم قبل وفاة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بسنتين، وصلَّى ولم يهاجِر إليه، ولم يرَه، وعَبيدة بن حُمَيدٍ الضَّبِّيُّ، انفرد به البُخاريُّ، مات سنة تسعين ومئة، وعَبيدة بن سفيان الحضرميُّ، روى عن أبي هريرة، انفرد به مسلمٌ، انتهى، فقوله: في السَّلْمَانيِّ: (عبيدة بن عمرو) هو قولٌ، وقد قُدِّم، وقيل: هو عَبيدة بن قيس، وقوله: (في «الصحيح» ثلاثةٌ)؛ يعني: رواةٌ بأنفسهم، وإلَّا؛ ففي «البُخاريِّ»: عامر بن عَبيدة، وقع ذكره في «البُخاريِّ» في (كتاب الأحكام)، فجملة مَن فيهما: (عَبِيدة) _بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة_ أربعةٌ، لكنَّ الواحد اسم والده عَبيدة، لا اسمه، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ): (الحيطان): جمع (حائط)، و (الحائط): تَقَدَّمَ أنَّه البستان.

قوله: (فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ): هذان الإنسانان: قد ذُكِر أنَّهما من غير أهل القِبلة، وفيه بُعْدٌ، وقد عَيَّن بعضُهم صاحبَ أحدِ هذين القبرين في «التذكرة» للقرطبيِّ، ووهَّاه القرطبيُّ، ولا شكَّ أنَّه واهٍ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ في (بابٌ: من الكبائر ألَّا يستتر من بوله).

قوله: (وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ): تَقَدَّمَ [أنَّ] (في) سببيَّة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في قوله: (في كبير)؛ أي: في زعمهما، وقيل: في كبير تركُه عليهما، وذكرت قولًا آخرَ في (الطهارة).

قوله: (بِكِسْرَتَيْنِ): هو بكسر الكاف، وكذا قوله: (فَجَعَلَ كِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، وَكِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا)، والله أعلم.

تنبيهٌ: هذه القصَّة جرت في المدينة المشرَّفة، والحديث في ذلك رواه ابن عَبَّاس، وجرى في غزوة بُواط مثلُها، وذلك في أواخر «صحيح مسلم» من حديث جابرٍ، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

==========

[ج 2 ص 604]

(1/10926)

[باب ما يكره من النميمة ... ]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّمِيمَةِ): المراد بالكراهة هنا: التحريم، وقد استعمل ذلك في أماكنَ كثيرةٍ، وكذلك في لسان الأقدمين، وقد قال الله تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} [الإسراء: 38]، ومقتضى ما بوَّب به أن يكون النمَّامُ القتَّاتَ، وسيجيء ما في ذلك.

==========

[ج 2 ص 604]

(1/10927)

[حديث: لا يدخل الجنة قتات]

6056# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَيْن، و (سُفْيَانُ) بعده: يحتمل أنَّه الثَّوريُّ، وأن يكون ابنَ عُيَيْنَة، ولم أرَ تعيينه لأحدٍ، وقد روى أبو نُعَيم عنهما، وروَيا عن منصورٍ، غير أنَّ الثَّوريَّ أثبتُ الناس فيه، وقد تَقَدَّمَ، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم [1]): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (هَمَّام): هو ابن الحارث النَّخَعيُّ الكوفيُّ، و (حذيفة): هو ابن اليماني حُسيل، ويقال: حِسْل، رضي الله عن حذيفة وعن أبيه، تقدَّما.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى عُثْمَانَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ): هو بفتح القاف، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وفي آخره تاء أخرى غير مُشَدَّدة، قال في «المطالع»: قال ابن الأعرابيِّ: القَتَّات: الذي يسمع الحديث وينقله، وفسَّره في الحديث بالنَّمَّام، يُقال: نَمَيْتُ الحديثَ _ مخفَّفًا_؛ إذا نقلتَه على جهة الإصلاح، ونَمَّيتُه؛ إذا نقلتَه على جهة الإفساد، انتهى، وفي «النهاية» في هذا الحديث: هو النَّمَّام، يُقال: قَتَّ الحديثَ يقتُّه؛ إذا زوَّره، وهيَّأه، وسوَّاه، وقيل: النَّمَّام: الذي يكون مع القوم يتحدَّثون فينمُّ عليهم، والقَتَّات: الذي يتسمَّع على القوم وهم لا يعلمون، ثُمَّ ينمُّ، والقسَّاس: الذي يسأل عن الأخبار، ثُمَّ ينمُّها.

==========

[1] في هامش (ق): (ابن يزيد النَّخعيُّ، الفقيه).

[ج 2 ص 604]

(1/10928)

[باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}]

(1/10929)

[حديث: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ... ]

6057# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ أنَّ (ابْن أَبِي ذِئْبٍ): مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، و (الْمَقْبرِيُّ): سعيد بن أبي سعيد كيسانَ، بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

[ج 2 ص 604]

قوله: (قالَ أَحْمَدُ: أَفْهَمَنِي رَجُلٌ إِسْنَادَهُ): (أحمد) المذكور: هو شيخ البُخاريِّ؛ أحمد بن عبد الله بن يونس المذكورُ في أوَّل سند هذا الحديث، والرجل المفهِم لا أعرفُه، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ من المُتَأخِّرين: هو ابن أخي ابن أبي ذئب، كذلك ذكره أبو داود عن أحمدَ ابن يونس، وكذا أخرجه الإسماعيليُّ عن إبراهيم بن شَريك عن أحمدَ ابن يونس، انتهى.

(1/10930)

[باب ما قيل في ذي الوجهين]

(1/10931)

[حديث: تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين]

6058# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنًّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مرارًا.

(1/10932)

[باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه]

قوله: (بَابُ مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِمَا يُقَالُ فِيهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديثَ الباب على عادته، ثُمَّ قال: لمَّا ترجم على النميمة؛ استثنى هذا النحوَ، وترجم عليه بما يُفهَم منه إلحاقُه بالنصيحة الجائزة، ولهذا لم ينكِرِ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الناقل، انتهى، وسيجيء في الحديث نفسِه أنَّ الناقل هو ابن مسعودٍ؛ راوي هذا الحديث.

(1/10933)

[حديث: رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر]

6059# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقدَّمت الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وعيَّنت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَشِ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا القائل: قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: مُعَتِّب بن قُشَير، نقله عن الواقديِّ.

قوله: (فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ): هو بالعين المُهْمَلَة المُشَدَّدة؛ أي: تغيَّر كراهِيَةً وانقبض، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ في (الأنبياء) ما أُوذيَ به موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقالوا: أبرص، وقالوا: آدَر، قال شيخنا: قالوا: هو آدَر، وقيل: قال قارون لامرأةٍ ذاتِ جَمالٍ وحَسَبٍ: هل لك أن أشركك في أهلي ومالي أن تأتيَني إذا كنت في ملأٍ؛ فقولي: اكفِني موسى، فإنَّه أرادني على نفسي، فلمَّا وقفَتْ عليه؛ بدَّل الله قلبَها، فقالت: قال لي قارون كذا، فنكس رأسه، وأيقن بالهلاك، فأُخبِرَ موسى، وكان شديدَ الغضب، يخرج شعرُه من ثوبه، فتوضَّأ وصلَّى، وجعل يدعو ويبكي، ويقول: يا ربِّ؛ أراد فضيحتي، فأوحى الله إليه أنْ قد أمرتُ الأرض أن تطيعَك، فمُرها بما شئت، فأقبل إلى قارون، فلمَّا رآه؛ قال: يا موسى؛ ارحمني، قال: يا أرضُ؛ خُذيه، فساخت به الأرضُ وبدارِه إلى الكعبين، فقال موسى: خذيه، فساخت بداره، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة، وقيل: إنَّه نسب قتل هارون إليه، فأمر الله الملائكةَ، فحملته، فمرَّت به على مجالس بني إسرائيل، وتكلَّمت الملائكةُ بموته حتَّى علمت بنو إسرائيل أنَّه مات، فدفنوه، فلم يَعلم موضعَ قبره إلَّا الرَّخَمُ، فجعله الله أصمَّ أبكمَ، انتهى، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ قبره بأُحُد، وتَقَدَّمَ ردُّ ابنِ دِحية لذلك من التوراة، وقد عيَّن مكانَ قبره منها، والله أعلم.

(1/10934)

[باب ما يكره من التمادح]

قوله: (مِنَ التَّمَادُحِ): هو بضَمِّ الدال وبالحاء المُهْمَلَتين، يقال: مَدَحَه _كـ (مَنَعَه) _ مدْحًا ومِدْحةً؛ إذا أحسنَ بالثناء عليه؛ كـ (مَدَّحه، وامتدحه، وتمدَّحه)، والمديح والمِدْحة والأُمدوحة: ما يُمدَح به، ومُمَدَّح _كـ (مُحَمَّد) _: ممدوحٌ جدًّا، وتمدَّح: تكلَّف أن يُمدَح، وافتخر وتشبَّع بما ليس عنده.

(1/10935)

[حديث: أهلكتم _ أو قطعتم _ ظهر الرجل]

6060# قوله: (حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة _الحارثِ، أو عامر_ ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ.

قوله: (سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ): المثنِي والمثنَى عليه لا أعرفهما، والله أعلم.

قوله: (وَيُطْرِيهِ): هو بضَمِّ أوَّله، وإسكان الطاء المُهْمَلَة، وبعد الطاء راء مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، و (الإطراء): مجاوزة الحدِّ في المدح بالكذب فيه، وفي «الصحاح» للجوهريِّ: أطراه؛ إذا مدحه، انتهى، وقال شيخنا: وقيل: المدح بما ليس فيه، انتهى، وهذا هو القول الأول.

قوله: (فِي الْمِدْحَةِ): هي بكسر الميم، وإسكان الدال، وهو الثناء الحسن.

(1/10936)

[حديث: ويحك قطعت عنق صاحبك]

6061# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): (خالد) بعد (شعبة): هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مترجمًا، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَبَا بَكْرَةَ): نُفيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ): هذان الرجلان لا أعرفهما، و (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (إِنْ كَانَ يُرَى): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الراء؛ أي: يظنُّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قالَ وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (وهيبًا) هذا: هو ابن خالد، وتعليق وُهَيب أخرجه البُخاريُّ في (الأدب) عن موسى بن إسماعيل، عن وهيب، عن خالد به، و (خَالِد): هو الحَذَّاء بن مِهْرَان الذي قدَّمتُه أعلاه، و (وَيْلَكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

(1/10937)

[باب مَن أثنى على أخيه بما يعلم]

قوله: (مَنْ أَثْنَى عَلَى أَخِيهِ بِمَا يَعْلَمُ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: بيَّن بهذه الترجمة وبما اشتملت عليه أنَّ الحديث الأول _وهو قوله: «قطعتم ظهر الرجل» _ إنَّما كان لأنَّه جازفوا في الثناء، أو لأنَّ الممدوح كان ممَّن يَفتتن؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ههنا أثنى على أبي بكرٍ رضي الله عنه، فسلامته من الخُيَلاء؛ لأنَّه عَلِم منه ذلك، وأبو بكرٍ لا يَفتتن، وما لأحدٍ بعد النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الجزمُ.

قوله: (وَقَالَ سَعْدٌ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ [1] الأَرْضِ: «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ سعدًا ما سمع، وهو سعد بن أبي وقَّاص أحدُ العشرة، ولم يسمع ذلك إلَّا في عبد الله بن سلَام، وقد سمع غيرُ سعدٍ ذلك في غيرِه، فروى سعيدُ بن زيد أحدُ العشرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «أبو بكر في الجنَّة، وعمر في الجنَّة، وعثمان في الجنَّة، وعليٌّ في الجنَّة ... »، حتَّى عدَّ تسعةً، وسكت عن العاشر، قالوا: مَن العاشر؟ قال: سعيدُ بن زيد؛ يعني: نفسَه، رواه أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال التِّرْمِذيُّ: (حديثٌ حسنٌ صحيحٌ)، وقد قال عليه السلام ذلك في غير هؤلاء؛ مثل: ثابت بن قيس بن شمَّاس، وقد ذكرت ذلك بأطولَ من هذا، والغرضُ أن أبيِّنَ أنَّ سعدًا ما سمع، وأنَّ غيرَه سمع، وقد قدَّمته في (مناقب عبد الله بن سلَام).

قوله: (إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته، وما كان اسمه قبل قدومه عليه السلام المدينةَ، في (مناقبه).

(1/10938)

[حديث: إنك لست منهم]

6062# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

==========

[ج 2 ص 605]

(1/10939)

[باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان ... }]

قوله: (وَمَنْ [1] بُغِيَ عَلَيْهِ؛ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ): كذا في أصلنا، وقد خرج مِنْ (مَنْ)، وكُتِب (ثُمَّ)، وصُحِّح عليها، وكذا هي التلاوة، فإن صحَّ الأوَّل عن البُخاريِّ؛ فالظاهر أنَّها تكون شاذَّةً؛ لأنَّ مثل هذا لا يخفى على هذا الإمام شيخِ الإسلام، وقد تَقَدَّمَ الكلام على مثله في قوله: (ويا أهل الكتاب) أوَّل التعليق، والله أعلم، وقد راجعت نسخةً أخرى من أصولنا _وهو أصلنا الدِّمَشْقيُّ_ فوجدته على التلاوة المتواترة، {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ} [الحج: 60]، فما في أصلنا فيه نظرٌ، والله أعلم، ولم أرَ فيها شيئًا في الشواذِّ.

قوله: (وَتَرْكِ إِثَارَةِ الشَّرِّ): (تركِ): مجرورٌ معطوفٌ على ما قبله.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: {ثُمَّ}.

[ج 2 ص 605]

(1/10940)

[حديث: يا عائشة إن الله أفتاني في أمر استفتيته فيه]

6063# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (كَذَا وَكَذَا، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ): تَقَدَّمَ كم المدَّة التي أقام بها صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كذلك، وما ذُكِر فيها، وما قاله شيخُنا، وأنَّه أقام بذلك ثلاثًا أو أربعًا على الأصوَب؛ فانظره في (باب السحر)، وتَقَدَّمَ معنى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي أَهْلَهُ)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (إنَّهُ [1] أَفْتَانِي فِي أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ)؛ أي: أجابني في أمرٍ دَعوته فيه، وعلى الرجلين اللَّذَين جاءاه، وعلى مَن جلس عند رأسه، ومَن جلس عند رجليه، وهما جبريلُ وميكائيلُ، وعلى (مَطْبُوبٌ)؛ أي: مسحور، وعلى (مَنْ طَبَّهُ؟)؛ أي: سحره، وعلى (لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ)، وما يتعلَّق به، وعلى (جُفِّ طَلْعَةٍ)، وعلى (طَلْعَةٍ ذَكَرٍ)، وهي في أصلنا: (طلعةٍ) مُنَوَّنة، وكذا (ذَكَرٍ)، وما قاله الشيخ محيي الدين: إنَّه بالإضافة إلى (ذَكَرٍ)، وعلى (المُشْط)، و (المُشَاقَة)، وعلى (الرَّاعُوفَة [2])، وعلى (بِئْرِ ذَرْوَانَ)، وعلى (رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)، وعلى قوله: (فَأُخْرِجَ)، والجمع بينه وبين الرواية الأخرى، وعلى (تَنَشَّرْتَ)، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (النُّشْرَة: ضربٌ مِن الرُّقى

[ج 2 ص 605]

يُعالَج به مَن كان يُظَنُّ أنَّ به مسًّا من الجنِّ، وقد اختلف العلماء في جوازها، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النُّشْرَة) في (باب السحر).

قوله: (أَمَّا اللهُ) و (أَمَّا أَنَا؛ فَأَكْرَهُ): (أمَّا) في الموضعين: بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا): تَقَدَّمَ ما (الشرُّ) الذي كره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يثيره على الناس، وكلام ابن بَطَّال والسُّهَيليِّ، والله أعلم.

(1/10941)

[باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ... ]

قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَالتَّدَابُرِ): (التَّدابر): التباغض والتقاطع؛ لأنَّهم إذا فعلوا ذلك؛ أعرض كلُّ واحدٍ عن صاحبه، وولَّى دُبُره، وقال شيخنا، وقيل: لا يُكلَّم أحدٌ في غِيبة أحدٍ بما يسوءُه، وقال النَّوَويُّ: المعاداة، وهو هو.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10942)

[حديث أبي هريرة: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث]

6064# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، وإسكان العين، ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ): (الظنَّ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ، و (الظنُّ): يأتي بمعنى الشكِّ والتُّهَمة، واعتقادِ ما لا تحقيق له، ومنه هذا الحديث؛ أي: الشكَّ، والاسم منه (الظِّنَّة) و (الظَّنُّ)، وقال في «النهاية» في هذا الحديث: أي: الشكُّ يَعرِض لك في الشيء، فتحقِّقه وتحكم به، وقيل: أراد: إيَّاكم وسوءَ الظنِّ وتحقيقه، دون مبادئ الظُّنون التي لا تُملَك، وخواطرِ القلوب التي لا تَندفع، ومنه الحديث: «إذا ظننت؛ فلا تُحَقِّقْ».

قوله: (وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا): الأولى في أصلنا بالجيم، والثانية بالحاء، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما مُطَوَّلًا.

قوله: (وَلَا تَدَابَرُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (التدابُر) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10943)

[حديث: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا]

6065# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ): قال أبو داود في «السنن»: إذا كانت الهجرة في الله تعالى؛ فليس من هذا في شيءٍ.

(1/10944)

[باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن ... }]

(1/10945)

[حديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ... ]

6066# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا): الأولى بالجيم، والثانية بالحاء، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما مُطَوَّلًا.

قوله: (وَلَا تَنَاجَشُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (النَّجْش)؛ وهو أن يزيد في سلعةٍ لا لرغبةٍ، بل ليخدع غيره.

قوله: (وَلَا تَدَابَرُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (التدابر) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10946)

[باب ما يكون من الظن]

قوله: (بَابُ مَا يَكُونُ مِنَ الظَّنِّ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (يجوز) عوض (يكون)، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الترجمة على الظنِّ، والحديثُ صيغته نفي الظنِّ؛ يعني: أنَّه قال فيه: ما أظنُّ، قال: لكنَّ نفيَ الظنِّ فيه وفي أمثاله موضوعٌ لظنِّ النفي عُرفًا، وإنَّما يدلُّ على الحقيقة الأصليَّة في الإطلاق؛ تحقيقًا للنَّصَفَة، وأنَّ صاحبه بريءٌ من المجازفة، حريٌّ بالمُناصَفة، ولهذا قَبِل مالكٌ رحمه الله في الشهادة صيغةَ: لا أعلم له وارثًا سوى ولدِه، والصيغة وضعًا لنفي العلم بزائدٍ على الولد، وقد يكون شاكًّا فيه، لكنَّها عُرفًا للبتِّ بالنفي؛ تغليبًا وترجيحًا، انتهى، وقال شيخنا: سوء الظنِّ جائزٌ عند أهل العلم لمن كان مُظهِرًا للقبيح، ومجانبًا لأهل الصلاح، غيرَ مشاهدٍ للصلوات في الجماعة، وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما: (كنَّا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والصبح؛ أسأنا به الظنَّ) انتهى.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10947)

[حديث: ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا]

6067# 6068# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: («مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا»، قالَ لَيْثٌ [1]: كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ): هذان الرجلان لا أعرفهما بأعيانهما، وقد ذكرت في (سورة المنافقين) مَن وقفتُ عليه أنَّه نُبِزَ بنِفاقٍ، والظاهر أنَّ هذين منهم، والله أعلم، قال شيخنا: (والظنُّ هنا بمعنى اليقين؛ لأنَّه كان يَعرفُ المنافقين حقيقةً بإعلام الله تعالى له بهم في «سورة براءة» ... ) إلى أن قال: (ونقل ابن التين هذا عن بعضهم، قال: واستبعده الداوديُّ فقال: تأويل الليث بعيدٌ، وإنَّما ظنَّ النفاق، ولم يحقِّقْهُ، ولم يكن يعلمُ المنافقين كلَّهم، قال الله تعالى: {لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: 101]).

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، الجواد.

قوله: (مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ): هما الرجلان الأوَّلان، وقد قَدَّمْتُ أنِّي لا أعرفهما، والله أعلم.

(1/10948)

[باب ستر المؤمن على نفسه]

قوله: (بَابُ سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديثَي الباب بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: ترجم على سَتْر المؤمن على نفسه، ثُمَّ ذكر حديثَ النجوى وما فيه: (سترت على نفسك)، بل: «سترت عليك»؛ لأنَّ سَتْر العبد على نفسه هو سَتْر الله عليه؛ إذ هو خالق عبيده وأفعالِهم، انتهى.

قوله: (بَابُ سَتْرِ الْمُؤْمِنِ): (السَّتْر): بفتح السين، وهو مصدر (سَتَرتُ الشيءَ)؛ إذا غطَّيْتَه، وأمَّا بكسر السين؛ فالاسم، وهو واحد (الستور) و (الأستار)، والمراد الأوَّل، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10949)

[حديث: كل أمتي معافى إلا المجاهرين ... ]

6069# قوله: (عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): (ابن أخي ابن شهاب): اسمه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، و (ابْن شِهَابٍ) عَمُّه: هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم الإمام، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ الكلام على ترجمة ابن أخيه، وأنَّه أخرج له الجماعة، والله أعلم.

[ج 2 ص 606]

قوله: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ): (معافًى): مُنَوَّن، وقوله: (إلَّا المجاهرين): كذا في أصلنا (المجاهرين)، ثُمَّ إنَّها غُيِّرَت بعد قراءتنا إلى (المجاهرون)، والظاهر أنَّ الذي أصلحها أشكل عليه إعرابُ (المجاهرين) بالنصب، فأصلحه بالرفع، وإنَّما رفع المستثنى وإن كان بعد موجَب؛ لأنَّه قد يَرِدُ مرفوعًا بالابتداء ثابتَ الخبرِ؛ كقوله: (أحرموا كلُّهم إلَّا أبو قتادة لم يُحرِم)، ومحذوفَه؛ كهذا، فـ (إلَّا)؛ بمعنى: (لَكِنْ)، و (المجاهرون): مبتدأ، والخبر محذوفٌ؛ أي: المجاهرون بالمعاصي لا يُعافَون، قاله ابن مالك، قال: وبمثله تأوَّلوا قراءة بعضهم: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [البقرة: 249]؛ أي: إلَّا قليلٌ منهم لم يشرب، وإعرابُ النصب ظاهرٌ، والله أعلم، و (المجاهرون): هم المعلنون بالمعاصي، الذين يشتهرون بإظهارها، و (الجهر): خلاف السِّرِّ، يقال: جهر وأجهر وجاهر، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَة): وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (المَجَانَة)، أمَّا (المجاهرة)؛ فقد تَقَدَّمَت أعلاه، وأمَّا (المَجَانَة)؛ بفتح الميم، وتخفيف الجيم، وبعد الألف نون مفتوحة مُخَفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (المُجُون): أن لا يباليَ الإنسان ما صنع، وقد مَجُن _ بالضَّمِّ_ مُجونًا ومَجَانة، فهو ماجنٌ، والجمع: المُجَّان.

(1/10950)

[حديث: يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه ... ]

6070# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ): بضَمِّ الميم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي، وهذا ظاهِرٌ في الغاية عند أهله.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟): الرجل السائل لابن عمر لا أعرف اسمَه.

قوله: (فِي النَّجْوَى): هو تعزير الله عزَّ وجلَّ العبدَ على ذنوبه في سِترٍ عن الناس.

قوله: (كَنَفَهُ): هو بفتح الكاف والنون والفاء، ثُمَّ هاء الضمير، قال في «المطالع»: أي: سَتَره، ولا يفضحه، وقد يكون «كنفه» ههنا: عفوُه ومغفرتُه، وقد صحَّفه بعض المحدِّثين فقال: «كَتِفه»، وهو قبيحٌ، انتهى.

تنبيهٌ: ليس هذا لكلِّ أحدٍ، وإنَّما هو لبعض الناس، وفي روايةٍ: (يدنو المؤمن)، وهو مثل الذي قبله في الكلام عليه، وأنَّه خاصٌّ لا عامٌّ.

(1/10951)

[باب الكبر]

(1/10952)

[حديث حارثة: ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضاعف]

6071# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وذكرت مدركيَ في ذلك، و (حَارِثَة بْن وَهْبٍ): هو بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الألف راء، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثَة، الخزاعيُّ، وهو أخو عبيد الله بن عمر لأمِّه، له صحبةٌ، أمُّهما أمُّ كلثوم بنت جَرْوَل الخزاعيَّة، روى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعن حفصة، وعنه المُسَيَّب بن رافع، ومعبد بن خالد، وأبو إسحاق، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (كُلُّ ضَعِيفٍ متَضَعَّفٌ): كذا في نسخةٍ في هامش أصلنا، وفي هامشه وصُحِّح عليه: (متضاعِف)؛ بكسر العين بالقلم [1]، وقد سبق ما قاله ابن الجوزيِّ، وكذا ما قاله غيره، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (التفسير) في (سورة ن وَالْقَلَمِ)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (العُتُلِّ)، و (الجَوَّاظِ) في (ن).

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي (ق): (متضعِّف)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

[ج 2 ص 607]

(1/10953)

[معلق أنس: كانت الأمة من إماء أهل المدينة]

6072# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى): هذا هو مُحَمَّد بن عيسى بن نَجِيحٍ البغداديُّ، أبو جعفر بن الطَّبَّاع، سكن أَذَنة، وروى عن مالك، وأبي غسَّان مُحَمَّد بن مُطرِّف، والدارميِّ، وخلقٍ، ثقةٌ مأمون يُدَلِّس، وعنه: البُخاريُّ تعليقًا كما هنا، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان كذا)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة في الغالب، و (هُشَيم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بشير، حافظ بغداد، تَقَدَّمَ مترجمًا.

(1/10954)

[باب الهجرة ... ]

قوله: (بَابُ الْهِجْرَةِ): (الهجر): ضدُّ الوصل، وقد هجرَهُ، هَجْرًا، وهِجْرَانًا، والاسم: الهِجْرة؛ بالكسر، وقال ابن قُرقُول: لا تهاجروا: من الهِجْران؛ وهو إظهار العداوة، وقطعُ الكلام والسلام عنه.

قوله: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ [1] أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ): تَقَدَّمَ كلام أبي داود في «السنن»: أنَّ الهجرة إذا كانت لله تعالى؛ فليس من هذا في شيءٍ.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث اللاحق، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (لِرَجُلٍ).

[ج 2 ص 607]

(1/10955)

[حديث: إن النبي نهى عما قد علمت من الهجرة فوق ثلاث]

6073# 6074# 6075# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عَوْفُ بْنُ مَالِكِ): كذا في نسخة، وفي أصلنا: (عوف بن الطفيل)، وهو ابن أخي عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لأمِّها، قال الدِّمْيَاطيُّ: عوف بن الحارث بن الطُّفَيل بن عبد الله بن سَخْبرة، انفرد البُخاريُّ بعوفٍ، والطُّفَيلُ أخو عائشة لأمِّها؛ أمِّ رومان، انتهى، عوف بن الحارث بن الطفيل ابن سخبرة الأزديُّ، رضيع عائشة، وابن أخيها لأمِّها أمِّ رومان، روى عن عمَّته عائشة، وابن الزُّبَير، وأبي هريرة، وأمِّ سلمة، وغيرِهم، وعنه: عامر بن عبد الله بن الزُّبَير، والزُّهْرِيُّ، وهشام بن عروة، وجماعةٌ، وكان ثقةً، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقول الدِّمْيَاطيِّ: (انفرد البُخاريُّ بعوف)؛ يعني: عن مسلم.

قوله: (أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ): هو بضَمِّ الحاء، وكسر الدال، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، وهو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والذي حدَّث عائشةَ بذلك لا أعرفه.

قوله: (هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب قريش)؛ فانظره.

قوله: (الْهِجْرَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه الاسم، وأنَّ (الهجر) ضدُّ الوصل، أعلاه.

قوله: (لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (أحدًا) عِوَضَ (أبدًا)، و (أُشَفِّع): بضَمِّ الهمزة، وفتح الشين، وكسر الفاء المُشَدَّدة.

قوله: (وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي): معنى: (أَتَحنَّث): أكتسب الحنث؛ وهو الذَّنْب.

(1/10956)

قوله: (كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المِسْور) بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ (مخرمة) أباه من مسلمة الفتح، تقدَّما، (وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ): وبعد (يغوث): وهبُ بن عبد مَناف بن زُهْرَة، أبو مُحَمَّد الزُّهْرِيُّ، وُلِد على عهده عليه السلام، ولا تصحُّ له رؤيةٌ، وروى عن أبي بكر، وعمر، وعائشة، وغيرِهم، وعنه: مروان بن الحكم، وعبيد الله بن عديِّ بن الخيار، وأبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ العِجْليُّ فقال: تابعيٌّ ثقة، رجلٌ صالحٌ، من كبار التابعين، انتهى، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 607]

قوله: (أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكما، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (لَمَا [1] أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ): (لمَا): بفتح اللام، مُخَفَّفة الميم، وقال شيخنا: حكى سيبويه: (نشدتكما بالله لمَّا فعلتَ)؛ مُشَدَّدة؛ أي: إلَّا فعلتَ، وقد قُرِئ: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]؛ بالتشديد؛ تقديره: ما كلُّ نفسٍ إلَّا عليها حافظٌ، فتكون {إن} بمعنى: (ما)، وفي «الصحاح»: وقول مَن قال: «لمَّا» بمعنى: «إلَّا» غير معروفٍ في اللغة، انتهى، وما قاله شيخنا عن «الصحاح» قد رأيته فيه في (لَمَمَ)، وقوله: {لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} قرأها عاصم، وابن عامر، وحمزةُ: {لمَّا}؛ بتشديد الميم، والباقون بتخفيفها، وكذا {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} في (هود [الآية: 111])، وفي (يس [الآية: 32]): {لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، والله أعلم.

قوله: (أَنْ تَنْذرَ قَطِيعَتِي): هو بفتح أوَّله، وكسر الذال وضمِّها؛ لُغَتان في «الصحاح».

قوله: (ادْخُلُوا كُلُّكُمْ): هو برفع (كلُّكم)، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا): (طَفق): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الفاء وفتحها، وكذا الثانية والثالثة، وتَقَدَّمَ أنَّ معناه: جعل.

قوله: (إِلَّا مَا كَلَّمْتِهِ): هو بكسر التاء، وهذا ظاهِرٌ جدًا، وكذا (وَقَبِلْتِ مِنْهُ).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (لمَّا)؛ بالتشديد.

(1/10957)

[حديث: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا .. ]

6076# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَلَا تَدَابَرُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (التدابر) قريبًا.

قوله: (وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ): تَقَدَّمَ قريبًا كلام أبي داود.

==========

[ج 2 ص 608]

(1/10958)

[حديث: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال]

6077# قوله: (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتاريخ وفاته، وأين كانت، رضي الله عنه.

قوله: (فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا): (يُعرِض): بضَمِّ أوَّله، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الَّذِي يَبْدَأُ): هو مهموز الآخِرِ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 608]

(1/10959)

[باب ما يجوز من الهجران لمن عصى]

قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى): تَقَدَّمَ الكلام على (الهِجران [1])، وأنَّه بكسر الهاء، وأنَّه مصدر هجر هَجْرًا وهِجْرانًا.

قوله: (وَقَالَ كَعْبٌ): هو كعب بن مالك بن أبي كعب عمرِو بن القَين الخزرجيُّ السَّلَميُّ، عَقَبِيٌّ فاتته بدرٌ، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا رضي الله [عنه]، أحد الثلاثة الذين تخلَّفوا عن تبوك.

(1/10960)

[حديث: إني لأعرف غضبك ورضاك]

6078# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)، وعلى (عَبْدة)، وقال المِزِّيُّ في هذا الحديث: هو ابن سلَام، انتهى، و (عبْدة): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو ابن سُليمان، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنِّي لأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ ... ) إلى آخره: قال القاضي عياض: مغاضبة عائشة رضي الله عنها له عليه السلام هو ما سبق من الغَيرة التي عُفِيَ عنها للنساء في كثيرٍ من الأحكام، كما سبق؛ لعدم انفكاكهنَّ، حتَّى قال مالكٌ وغيرُه من علماء الحديث: يسقط عنها الحدُّ إذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغَيرة، قال: واحتجَّ بما رُويَ عنه [1] عليه السلام أنَّه قال: «ما تدري الغيرى أعلى الوادي من أسفله»، ولولا ذلك؛ لكان على عائشة في ذلك من الحرج ما فيه؛ لأنَّ الغضب على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهجرَه كبيرةٌ عظيمةٌ؛ ولهذا قالت: (لا أهجر إلَّا اسمك)، فدلَّ على أنَّ قلبها وحبَّها كما كان، وإنَّما الغَيرة في النساء؛ لفَرْطِ المحبَّة، انتهى، والحديث الذي أشار إليه القاضي عياض رحمه الله الذي احتجَّ به رأيتُه في «مسند أبي يعلى المَوصِليِّ» من حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه قصَّةٌ، جرى لها مع أبيها أبي بكر رضي الله عنه، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه».

(1/10961)

[باب: هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرةً وعشيًا؟]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ بُكْرَةً وَعَشِيًّا؟): وفي نسخة في هامش أصلنا: (أو بكرةً)، وعليها (صح) وعلامة راويها، والحاصل: أنَّ هذا التبويب والحديثَ المذكور فيه يُرَدُّ به على الحديثِ الذي جمع أبو نعيم الأصبهانيُّ طُرُقَه، وقد رُوِّيناه عاليًا بالإجازة ونازلًا بالسماع: (زُرْ غِبًّا؛ تزدَدْ حُبًّا)، وهو ضعيفٌ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 608]

(1/10962)

[حديث: إني قد أذن لي بالخروج]

6079# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن موسى الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق تلفُّظًا وكتابةً، وسيأتي أيضًا في أواخره.

قوله: (وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، وقد أخرج البُخاريُّ هذا التعليق متَّصلًا في (الصلاة)، وفي (الهجرة)، و (الإجارة)، و (الكفالة)، و (الأدب)؛ مختصرًا ومُطَوَّلًا، عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن عُقَيل، عن الزُّهْرِيِّ به.

قوله: (لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ): أبواها أشهرُ مِن أن يُذكَرا؛ أبو بكرٍ الصِّدِّيق عبدُ الله بن عثمان، وأمُّ رومان دعدٌ، ويُقال: زينب، تَقَدَّمَت في (حديث الإفك)؛ والمراد بـ (الدِّين): دينُ الإسلام، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو وقت الزوال.

قوله: (قَالَ قَائِلٌ: هَذَا رَسُولُ اللهِ): هذا القائل لا أعرف جاء مسمًّى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ بعض حُفَّاظ مِصْرَ المُتَأخِّرين قال: يحتمل أن يكون عامرَ بن فهيرة، وهذا تفقُّهٌ حَسَنٌ، والله أعلم.

قوله: (قَدْ أُذِنَ لِي): (أُذِن): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/10963)

[باب الزيارة ومن زار قومًا فطعم عندهم]

قوله: (فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ): (طَعِم): بفتح الطاء، وكسر العين؛ أي: أَكَل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ): أمَّا (سلمانُ)؛ فهو الفارسيُّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه قُبَيل (المغازي)، وفي الصَّحَابة من اسمه سلمان بالفارسيِّ ستَّةٌ، منهم واحدٌ الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ؛ وهو سلمان بن ربيعة الباهليُّ، قال ابن منده: ذكره البُخاريُّ في الصَّحَابة، ولا يصحُّ، و (أبو الدرداء): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عُوَيمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، تأخَّر إسلامه، أسلم عَقِبَ بدرٍ، فرض له عمرُ رضي الله عنهما، فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

(1/10964)

[حديث: أن رسول الله زار أهل بيت في الأنصار فطعم عندهم طعامًا]

6080# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، وتَقَدَّمَ ما يفصل النزاعَ في أوَّل هذا التعليقِ، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد المجيد الثقفيُّ.

[ج 2 ص 608]

قوله: (زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ [1] الأَنْصَارِ): (أهل هذا البيت) لا أعرفهم، و (قد دعت مُلَيكةُ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لطعامٍ صنعته له، فأكل منه، ثُمَّ قال: «قوموا؛ فلأصلِّي لكم»، قال أنس: فقمت إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِس، فنضحته بماءٍ، فقام رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا ... )؛ الحديث، وهذه القصَّة تشبه المذكورةَ هنا، غير أنَّ التي في أوَّل «البُخاريِّ»: المنضوح حصيرٌ، وفي هذه: بساطٌ، وفي اللغة: البساط: ما يُبسَط، والظاهر أنَّ (أهل هذا البيت) هو بيت أمِّ سُلَيم أمِّ أنس بن مالك زوجِ أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ، وكلا الحديثَين من حديث أنسٍ، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا الشارح قال: وهذا البيت هو بيت جدَّته مُلَيْكة، انتهى، يعني به: بيتَ أمِّ سُلَيم، وهي أمُّ أنسٍ لا جدَّته على الصحيح، وإنَّما هي جدَّة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ثُمَّ إنِّي رأيت ابنَ شيخنا البُلْقينيِّ قال: هذه القصَّة لعلها قصَّة أمِّ سُليم، قال: ويحتمل أن تكون الإشارة بها إلى قصَّة عِتبان بن مالكٍ، لا بدَّ لكَ مِن نظرة، والله أعلم، ثُمَّ إني رأيتُ في (باب الكنية للصبيِّ وقبل أن يُولَد للرجل) من حديث أنسٍ أيضًا: (فربَّما حَضَر الصلاةَ وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته، فيُكنَس، ثُمَّ يُنضَح، ثُمَّ يقوم، ونقوم خلفَه، فيصلِّي بنا)، ثُمَّ رأيت بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين ذكر القولَين، انتهى، والذي يظهر أنَّه بيت أمِّ سُلَيم؛ وذلك لأنَّه في بيت عِتْبان: أوَّل ما دخل صلَّى، وهذا _ أعني: بيت أمِّ سُلَيم_: صلَّى بعدما أكل، والله أعلم.

قوله: (فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ): (طَعِم): بكسر العين، وفتح الطاء؛ أي: أكل عندهم، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10965)

قوله: (فَنُضِحَ لَهُ): هو بضَمِّ النون، وكسر الضاد المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّضْح) معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النضح) و (النضخ)؛ بالمُهْمَلَة وبالمُعْجَمَة، وأيُّهما أبلغُ؛ فانظره.

(1/10966)

[باب من تجمل للوفود]

(1/10967)

[حديث: إنما يلبس الحرير من لا خلاق له]

6081# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، وذلك لأنَّ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة المسنَديِّ أنَّه روى عن عبد الصمد بن عبد الوارث، والله أعلم، و (عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث التَّنُّوريُّ، أبو سهلٍ، حافظٌ حُجَّةٌ، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ): الحضرميُّ البصريُّ النَّحْويُّ، عن أنس وسليمان بن يسار، وعنه: عبَّاد بن العَوَّام، وعبد الوارث، وابن عُلَيَّة، ثقةٌ، صاحب قرآنٍ وعربيَّةٍ، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (مَا الإِسْتَبْرَقُ؟): تَقَدَّمَ الكلام على (الإستبرق)، وقد فسَّره هنا بـ (مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ، وَخَشُنَ مِنْهُ)؛ بالخاء والشين المعجمتين، كذا أحفظه بالخاء والشين المعجمتين، وفي هامش أصلنا: (وَحَسُنَ)؛ بالحاء والسين المُهْمَلَتين، قال بعضهم: ويُروى بالحاء والسين المُهْمَلَتين.

قوله: (رَأَى عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ حُلَّةً): (الحُلَّة): تَقَدَّمَ ما هي، وهذا الرجل يجوز أن يكون عطاردَ بن حاجب، وشاهده: أنَّ في بعض طرق هذا الحديث: (قال عمر: بعثتَ بها إليَّ وقد قلتَ في حُلَّة عطارد ما قُلتَ ... )؛ الحديث، ثُمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البُلْقينيِّ جزم به، وعطارد المذكور: هو ابن حاجب بن زرارة التميميُّ، له وفادة مع الأقرع بن حابس والزِّبْرِقَان بن بدرٍ، والله أعلم.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ): تَقَدَّمَ، وأنَّه النصيبُ.

قوله: (فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1] يَكْرَهُ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ لِهَذَا الْحَدِيثِ): هذا كما قال الخَطَّابيُّ: مذهبُ ابنِ عمر في هذا الورعُ، ولهذا كان يتوخَّى في أكثر مذاهبه الاحتياطَ، وكان ابن عَبَّاس رضي الله عنهما يقول في روايته: (إلَّا عَلَمًا في ثوبٍ)، وكذلك هو؛ لأنَّ العَلَم لا يقع عليه اسم اللبس ... إلى أن قال: فكان قول ابنِ عَبَّاسٍ أشبهَ، انتهى، نقله شيخنا رحمه الله تعالى.

(1/10968)

[باب الإخاء والحلف]

قوله: (بَابُ الإِخَاءِ وَالْحِلْفِ): اعلم أنَّ المؤاخاة يُقال: كانت مرَّتين؛ مرَّةً بين المهاجرين بعضِهم في بعضٍ على الحقِّ والمواساة، وقد ذكر هذه غيرُ واحدٍ من الحُفَّاظ، وقد أنكرها الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية في كتابه «الردُّ على ابن المطهَّر الرافضيِّ» في الفصل الحادي عشر من المجلد الثاني، ولفظه: (ومنها أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يؤاخِ عليًّا ولا غيرَه، وحديث المؤاخاة لعليٍّ ومؤاخاة أبي بكرٍ لعمرَ من الأكاذيب، وإنَّما آخى بين المهاجرين والأنصار، ولم يؤاخِ بين مهاجريٍّ ومهاجريٍّ)، انتهى، وقد ذكرت غير حديث في المؤاخاة بين مهاجريٍّ ومهاجريٍّ، وذكرت الجواب عنها في «تعليقي على سيرة أبي الفتح اليعمريِّ» في المؤاخاة بعد مقدمه المدينة، فلمَّا نزل عليه السلام المدينةَ؛ آخى بين المهاجرين والأنصار على المواساة والحقِّ في دار أنس بن مالكٍ، فكانوا يتوارثون بذلك دون القرابات، حتَّى نزلت وقتَ وقعةِ بدرٍ: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأنفال: 75]، فنسَخت ذلك، وكانت هذه المؤاخاة بعد بنائه المسجد، وقيل: كان قبل ذلك والمسجد يُبنَى، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: بعد قدومه عليه السلام بخمسة أشهرٍ، وقد تَقَدَّمَ هذا؛ فانظره، وقد ذُكِر أنَّ المؤاخاةَ الثانيةَ بين المهاجرين والأنصار، كانوا مئةً؛ خمسون من كلِّ صنف، وقيل: كانوا تسعين؛ خمسةٌ وأربعون من كلِّ صنف، قد ذكرت ذلك فيما مضى، وقال أيضًا ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: (وقد قيل: وآخى بين المهاجرين بعضِهم مع بعضٍ مؤاخاةً ثانيةً، واتَّخذ فيها عليًّا أخًا لنفسه، والثَّبْت الأوَّل)، ثُمَّ شرع يوهِّن مؤاخاته بين المهاجرين، ثُمَّ قال: (ولو واخى بين المهاجرين؛ لكان أحقَّ الناس بأخوَّته أحبُّ الخلق إليه، ورفيقُه في الهجرة، وأنيسُه في الغار، وأفضلُ الصَّحَابة، وأكرمُهم عليه؛ أبو بكر الصِّدِّيق ... ) إلى آخر كلامه، وقد قَدَّمْتُ كلام السُّهَيليِّ في الحكمة في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.

(1/10969)

قوله: (وَالْحِلْفِ): هو بكسر الحاء المُهْمَلَة، وإسكان اللام، وبالفاء؛ وأصله: المعاقدة والمعاهدة على التعَاضُد والتَّساعُد والاتِّفاق، فما كان منه في الجاهليَّة على الفتن والقتال بين القبائل والغارات؛ فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله عليه السلام: «لا حِلْفَ في الإسلام»، وما كان منه في الإسلام على نَصر المظلوم، وصِلة الأرحام؛ كحلف المطَيِّبين _وهو بفتح الطاء المُهْمَلَة، وكسر المُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة_ وما جرى مجراه؛ فذلك الذي قال عليه السلام: «وأيُّما حِلْف كان في الجاهليَّة؛ لم يزده الإسلامُ إلَّا قوَّةً»، وهذا الحِلْف الذي يقتضيه الإسلامُ، والممنوع منه ما خالف الإسلامَ، وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح، وقوله: «لا حلفَ في الإسلام» قاله زمن الفتح، فكان ناسخًا، قاله ابن الأثير بأطولَ من هذا بيسيرٍ جدًّا، والله أعلم.

[ج 2 ص 609]

قوله: (وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه وَهْبُ بن عبدٍ السُّوائيُّ.

قوله: (بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما قريبًا جدًّا، وقبل ذلك أيضًا.

(1/10970)

[حديث أنس: أولم ولو بشاة.]

6082# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (حُمَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الطويل، حميد بن تير، وقيل: تيرويه، وقيل غيرُ ذلك، لا حميد بن هلالٍ، هذا ليس له في «البُخاريِّ» عن أنس إلَّا حديثَين ذكرتُهما مَرَّاتٍ.

قوله: (وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه رضي الله عنه، وأنَّه سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهيرٍ الأنصاريُّ الخزرجيُّ، عَقَبِيٌّ بدريٌّ، نقيب بني الحارث بن الخزرج، هو وعبد الله بن رواحة، استُشهِد يوم أُحُد.

تنبيهٌ: لهم آخر في الصَّحَابة يقال له: (سعد بن الربيع): ابن عمرو بن عديٍّ، أبو الحارث ابن الحنظليَّة، استُصغِر يوم أُحُد، وهو أخو سهل ابن الحنظليَّة، وهما من بني حارثة من الأنصار، وآخرُ غَلِطَ فيه بعضُهم، وصوابه: سعيد؛ بزيادة ياء، لا سعدٌ، وهو ابن الربيع بن عديِّ بن مالكٍ، من بني جحجبى، قُتِل يوم اليمامة، والله أعلم.

(1/10971)

[حديث أنس: لا حلف في الإسلام]

6083# قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ): (عاصمٌ) هذا: هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرَّحْمَن البصريُّ، لا عاصم بن عمر بن قتادة الظَّفَريُّ، الثاني له حديثٌ عن أنس في «سنن أبي داود»، لم يروِ له الشيخان عن أنسٍ شيئًا، والله أعلم.

قوله: («لَا حِلْفَ فِي الإِسْلَامِ»، فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ [1] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي): تَقَدَّمَ الكلام على الحديثَين والجمعُ بينهما قريبًا من عند ابن الأثير؛ فانظره.

==========

[1] في هامش (ق): (أي: آخى).

[ج 2 ص 610]

(1/10972)

[باب التبسم والضحك]

قوله: (بَابُ التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ): ذكر فيه أحاديثَ ظاهرةَ الرَّدِّ على ما رُويَ عن الحسن البصريِّ: أنَّه كان لا يضحك، كما حكاه عنه ابن بَطَّال بصيغة: رُوي، والمكروه من ذلك الإكثارُ من الضحك، والله أعلم، ذكره شيخنا.

==========

[ج 2 ص 610]

(1/10973)

[حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟]

6084# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وهذا مَعْرُوفٌ عندهم، وقد ذكرتُ ابنَ موسى أنَّه روى عنه البُخاريُّ ومسلمٌ، وحِبَّان بن عَطيَّة: له ذكرٌ في «البُخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بَلْتَعَة، وحِبَّان ابن العَرِقة: له ذكرٌ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وهو الذي رمى سعدَ بن معاذ يومَ الخندق، هلك على كفره، والباقي [في] «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» بالفتح، و (عَبْدُ اللهِ) بعد (حِبَّان بن موسى): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (رِفَاعَةُ الْقُرَظِيُّ): تَقَدَّمَ أيضًا.

قوله: (طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (امرأته) هذه في (الطلاق)، والاختلاف فيها، وكذا تَقَدَّمَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ)، وأنَّه بفتح الزاي من أبيه، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه صَحَابيٌّ معروفٌ، وتَقَدَّمَ الاختلاف في نسبه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْهُدْبَة) ضبطًا، وما هي، وعلى (الجِلْبَاب)، والكلام على (ابْن سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي)، وهو خالدٌ، من كبار الصَّحَابة السابقين، وقدَّمت بعض ترجمته، وقد صَرَّحَ به في بعض الطرق في هذا الحديث.

تنبيهٌ: قوله: (وابن سعيد بن العاصي جالسٌ بباب الحجرة): هذا هو الصواب، ووقع في نسخة أبي مُحَمَّد عن أبي أحمد، (وسعيد بن العاصي جالسٌ)، والصواب: (وابن سعيد بن العاصي)، والله أعلم.

وعلى (فَطَفقَ)، وأنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناه: جعل، وتَقَدَّمَ الكلام على (العُسَيْلَة).

==========

[ج 2 ص 610]

(1/10974)

[حديث: عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي]

6085# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالكِ بن أنسٍ صاحبِ المذهب والأتْبَاع، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن سعدٍ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (مُحَمَّد بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة.

قوله: (وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ): هنَّ أزواجه، وتَقَدَّمَ الكلام عليهنَّ.

قوله: (وَيَسْتَكْثِرْنَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ) ما معناه، و (عالية): يجوز فيه الرفعُ مع التنوين، والنصبُ معه.

قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): تَقَدَّمَ [1] الكلام [على الفداء] بالأب والأمِّ أنَّه جائزٌ، وما قيل في ذلك، في (أُحُد) وقبلَها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وأنَّ (أفعل) ليست على بابها، أو على بابها، وتَقَدَّمَ ما معناه، وعلى (إِيهٍ) ما معناها، وعلى (الفَجِّ)، وعلى قوله: (إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ)، وكلام القاضي عياض فيه، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (تقدَّمت)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 610]

(1/10975)

[حديث: إنا قافلون غدًا إن شاء الله]

6086# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (أَبُو العَبَّاسِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه السائب بن فرُّوخ، و (عَبْد الله بْن عَمْرٍو): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ: (عبد الله بن عُمر)، قال الدِّمْيَاطيُّ على هذه النسخة ما لفظه: (ابن الخَطَّاب)، وورد في «مسلم» و «النَّسائيِّ»: (عن أبي العَبَّاس عن عبد الله بن عمرو)؛ يعني: ابن العاصي، هكذا قاله خلفٌ الواسطيُّ: هو في «البخاريِّ»: عبد الله بن عُمر، وفي «مسلمٍ»: عبد الله بن عَمرٍو، قال الدِّمياطيُّ: (وابن العاصي هو أشبه؛ لأنَّ أبا العبَّاس السائبَ بن فرُّوخ روى عن عبد الله بن عَمرٍو عدَّة أحاديثَ)، انتهى، قد ذكرت في (غزوة الطائف) الاختلافَ في ذلك مُطَوَّلًا، وأنَّ الاضطراب فيه من سفيان بن عُيَيْنَة؛ فانظره فإنَّه مفيدٌ.

قوله: (بِالطَّائِفِ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الطائف، وتَقَدَّمَ أنَّ (القُفُول): الرجوعُ.

قوله: (لَا نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا): يجوز فيه النصب والرفع، وهذا ظاهِرٌ، وقال شيخنا: (ضُبِط «نفتحها» بالرفع [1]، وصوابه النصبُ، كما ضَبطَ الدِّمْيَاطيُّ، ونبَّه عليه ابن التين)، انتهى.

قوله: (قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِالخَبَرِ كُلِّه): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الحميديَّ) عبدُ الله بن الزُّبَير، وأنَّه شيخ البُخاريِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عُيَيْنَة.

==========

[1] في (أ): (وبالرفع)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 610]

(1/10976)

[حديث: أتى رجل النبي فقال: هلكت]

6087# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن سعدٍ، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ الحِمْيَرِيَّ لم يَرْوِ له البُخاريُّ شيئًا عن أبي هريرة، إنَّما روى له مسلمٌ حديثًا واحدًا، وهو «أفضل الصيام بعد رمضان ... »؛ الحديث، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم هذا الرجل في (الصوم)، وأنَّه سلمة بن صخرٍ البيَاضيُّ، ويقال فيه: سلمان، وتَقَدَّمَ أنَّه وقع في بعض النسخ الصحيحة من «المصابيح»: أنَّ اسمه سليمان، وأظنُّه من الأعاجم الذي يقرؤونه ويكتبونه، لا من المؤلِّف، والله أعلم.

[ج 2 ص 610]

قوله: (أَعْتِقْ رَقَبَةً): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَأُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ في (الزكاة): أنَّ الذي أتاه به فروة بن عمرو البياضيُّ، كذا في (كتاب الظِّهَار) من «جامع التِّرْمِذيِّ»، و (العَرَق): بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالقاف، تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ.

قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ): هذا هو إبراهيم بن سعدٍ الراوي في هذا الحديث.

قوله: (الْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ): (المِكْتَل): بكسر الميم، وإسكان الكاف، وفتح المُثَنَّاة فوق، وباللام، تَقَدَّمَ ما هو، وكذا تَقَدَّمَت (اللَّابَتَان) [ضبطًا] ومعنًى، وأنَّ (اللَّابة): الحرَّة، وأنَّ الحرَّة: أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ، وتقدَّمت (النَّوَاجِذُ)؛ بالذال المُعْجَمَة، وأنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس.

(1/10977)

[حديث: كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجراني غليظ الحاشية]

6088# قوله: (وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه منسوب إلى نجران، وتَقَدَّمَ أين هي، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الأعْرَابِيَّ) لا أعرف اسمه.

قوله: (حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ بعضهم قال: صوابه: (حاشية البُرْد)؛ لأنَّ في أوَّله: (وعليه بُرْدٌ)، وهذا التصويب فيه نظرٌ؛ إذ لعلَّ البُرْد كان مرتديًا به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 611]

(1/10978)

[حديث: ما حجبني النبي منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم]

6089# 6090# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ نُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، و (ابْنُ إِدْرِيسَ): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالدٍ، و (قَيْس): هو ابن أبي حازمٍ؛ بالحاء المُهْمَلَة، و (جَرِيْر): هو ابن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّمَ أنَّه مقلوبٌ؛ أي: اجعله مهديًّا هاديًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 611]

(1/10979)

[حديث: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق]

6091# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيدٍ القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وأحد الأعلام، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب بِنْت أُمِّ سَلَمَةَ): ربيبةُ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، تقدَّمت، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ شيءٌ من ترجمتها، وتقدَّمت (أُمُّ سُلَيْمٍ)، والاختلاف في اسمها، وهي أمُّ أنس بن مالك، وزوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ السؤال الذي سألت عنه أمُّ سُلَيم سأله ثلاثُ صحابيَّاتٍ غيرها، مجموعهنَّ أربعٌ: أمُّ سُلَيم، وسهلة بنت سهيل، وخولة بنت حكيم، وبُسْرة بنت صفوان، وعَزَوتُ كلَّ سؤالٍ إلى الكتاب الذي هو فيه.

قوله: (فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ): كذا هنا، وتَقَدَّمَ أنَّ في «مسلمٍ»: أنَّ أمَّ سُلَيم ذكرته بحضرة عائشةَ، وأنَّ عائشةَ أنكرتُه عليها، فيحتمل أنَّ عائشةَ وأمَّ سَلَمة أنكرتاه على أمِّ سُلَيم، فأجابَ كلَّ واحدةٍ منهما بما أجاب، وإن كان أهل الحديث يقولون: إنَّ الصحيحَ [أنَّ] أمَّ سلمة هي المنكِرَة، لا عائشة.

قوله: (فَبِمَ يُشْبِهُ الْوَلَدُ؟): (الولدُ): مَرْفُوعٌ فاعل (يُشْبِه)، وهذا ظاهِرٌ؛ يعني: أمَّه.

(1/10980)

[حديث: ما رأيت النبي مستجمعًا قط ضاحكًا]

6092# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (أَبُو النَّضْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد، وهو سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (اللَّهَواتِ): جمعُ (لَهَاة)، وأنَّها اللَّحمة المعلَّقة في أقصى الحلق، مُطَوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 611]

(1/10981)

[حديث: اللهم حوالينا ولا علينا]

6093# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ): هو مُحَمَّد بن الحسن، ولقبُ الحسنِ محبوبٌ، وهو به أشهر، كنيته أبو جعفرٍ، ويُقال: أبو عبد الله، البُنانيُّ البصريُّ، ثقةٌ، روى عنه البُخاريُّ وأبو داود، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وعشرين ومئتين، ويقال: سنة اثنتين وعشرين، وروى النَّسائيُّ عن واحدٍ عنه، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط، شباب، العصفريُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا، فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرةِ، و (سَعِيدٌ) بعد (يزيدَ بنِ زُرَيع): هو سعيد بن أبي عَروبة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين في (الاستسقاء)، وتَقَدَّمَ الكلام على (قَحِطَ الْمَطَرُ): أنَّه مَبْنيٌّ للفاعل، وللمفعول أيضًا، وهذه هنا في أصلنا، ورأيت في حاشيةِ أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (يُقال: قَحِط وقَحَط، والفتح أعلى، قال [1] القاضي في «إكماله»: قَحَط المطر، وقَحِط الناس، [وفي «الأفعال» معًا في المطر] [2]، وحُكِيَ: قُحِط) انتهى، وكذا رأيتُ في كلام غيره الثلاثةَ، والذي رأيتُه في «أفعال ابن القطَّاع»: قُحِط القوم قحْطًا، وأُقحِطُوا، والأرضُ: أصابها القحط؛ كذلك، وقَحِطوا وأَقْحَطوا مثلُه، وقَحَط القطرُ قُحوطًا: احتبس، وقَحِط قَحَطًا كذلك، وأَقحطنا: صرنا فيه، والرجل: أكسل عن الإنزال في الجماع، انتهى، وفي «الصحاح»: والقَحْطُ: الجَدْبُ، وقَحَطَ المطر يقحَط قُحوطًا؛ إذا احتبس، وحكى الفرَّاء: قَحِط المطرُ _بالكسر_ يقحَط، وأقحط القوم؛ إذا أصابهم القحطُ، وقُحِطوا أيضًا _على ما لم يُسَمَّ فاعلُه_ قَحْطًا، انتهى.

قوله: (فَنَشَأَ السَّحَابُ): (نشأ): هو بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: ابتدأ في الارتفاع.

قوله: (ثُمَّ مُطِرُوا [3]): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/10982)

قوله: (مَثَاعِبُ الْمَدِينَةِ): (المَثاعِب): بفتح الميم، وبالثاء المُثَلَّثَة، وبعد الألف عين مهملة مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدة؛ أي: مسايل مائها، جمع (مَثعَب)؛ بفتح الميم والعَين.

قوله: (مَا تُقْلِعُ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر اللام، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ): تَقَدَّمَ في (الاستسقاء): (فسألنا أنسًا: أهو الرجل الأوَّل؟ قال: لا أدري)، وقد جاء في غير طريقٍ ما يدلُّ على

[ج 2 ص 611]

أنَّه الأوَّل؛ مثل قوله: (فأتى الرجل)، وظاهره الأوَّل، وفي روايةٍ أخرى: (فقام ذلك الأعرابيُّ)، وغير ذلك، والله أعلم.

قوله: (يَتَصَدَّعُ عَنِ الْمَدِينَةِ): أي: يتفرَّق.

قوله: (يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا): (يُمطَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله: (وَلَا يُمْطَرُ [4] مِنْهَا شَيْءٌ).

==========

[1] في (أ): (قاله)، والمثبت من هامش (ق).

[2] ما بين معقوفين مستدركٌ من هامش (ق).

[3] في (أ): (مطرا)، وليس بصحيح.

[4] في «اليونينيَّة» هنا: (يُمطِر)، وانظر هامشها.

(1/10983)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا .. }]

قوله: (وَمَا يُنْهَى عَنِ الْكَذِبِ): (يُنهى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10984)

[حديث: إن الصدق يهدي إلى البر]

6094# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، وكذا (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، وكذا (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

==========

[ج 2 ص 612]

(1/10985)

[حديث: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب ... ]

6095# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْن سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الصحيحُ فيه التخفيفُ، وقدَّمت ما يفصل النزاعَ في أوائل هذا التعليقِ، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو إسماعيل بن جعفر المدنيُّ، يروي عن العلاء، وعبد الله بن دينار، وأبي سُهيل نافعِ بن مالك، وخلقٍ، وعنه: قُتَيْبَة، وعليُّ بن حجر، ويحيى بن يحيى، ومُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، وخلقُ، وَثَّقَهُ أحمدً وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (185 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (الآيةَ): العلامةُ، وقد تَقَدَّمَ في (باب علامة المنافق) الكلامُ عليه مُطَوَّلًا؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 612]

(1/10986)

[حديث: رأيت رجلين أتياني قالا الذي رأيته يشق شدقه]

6096# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا هي، و (جَرِيرٌ): هو ابن حازم؛ بالحاء المُهْمَلَة، الأزديُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عِمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك، وتقدَّمت ترجمته.

قوله: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي): تَقَدَّمَ في متن الحديث أنَّ أحدَهما جبريلُ، والآخرَ ميكائيل، في (الجنائز)، وسيجيء.

قوله: (يُشَقُّ شِدْقُهُ): (يُشَقُّ)؛ بضَمِّ أوَّله: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شِدْقُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وأنَّ (الشِّدْق) بالدال المُهْمَلَة، ووقع في «المشارق» للقاضي عياض إعجامُها، ولم أَرَه لغيره، وهو سبقُ قلمٍ، والله أعلم.

قوله: (بِالْكذْبَةِ): هي بكسر الكاف وإسكان الذال، وبفتح الكاف مع سكون الذال.

قوله: (تُحْمَلُ عَنْهُ): (تُحمَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (الآفَاقَ): بمدِّ الهمزة؛ أي: النواحي.

قوله: (فَيُصْنَعُ بِهِ): (يُصنَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/10987)

[باب: في الهدي الصالح]

قوله: (بَابُ الْهَدْيِ الصَّالِحِ): (الهَدي): بفتح الهاء، وإسكان [الدال]، وهو _حيث ذُكِر_ الطريقةُ والمذهبُ والسَّمْتُ.

==========

[ج 2 ص 612]

(1/10988)

[حديث: إن أشبه الناس دلا وسمتًا وهديًا برسول الله]

6097# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظاهر أنَّه ابن راهويه، أحد الأعلام، وانظر «الكمال» و «التذهيب»، فإنَّهما لم يذكرا أحدًا اسمه إسحاق بن إبراهيم عن حَمَّاد بن أسامة إلَّا ابنَ راهويه، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حَمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ، و (شَقِيْق): هو ابن سلمة، أبو وائلٍ، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حُسيلٍ، ويُقال: حِسل، وحسلٌ صَحَابيٌّ، رضي الله عنهما، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (دَلًّا): هو بفتح الدال المُهْمَلَة، وتشديد اللام، حُسْنُ السَّمْتِ، والشمائل، والحديث، والحركة، قاله ابن قُرقُول، وفي «النهاية» لابن الأثير كما قال ابن قُرقُول، ولفظه: وتكرَّر ذكرُ (الدَّلِّ) في الحديث، وهو والهَدْيُ والسَّمْتُ عبارةٌ عن الحالة التي يكون عليها الإنسانُ من السَّكِينة والوَقَار، وحُسْنِ السِّيرة والطريقة، واستقامةِ المنظر والهيئة.

قوله: (وَسَمْتًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه في كلام «النهاية» ضمنًا، ولفظه فيه استقلالًا، نحو ما ذكرته عن ابن قُرقُول، ولفظ ابن قُرقُول في قوله: (أقرب سَمْتًا): هو حسن الهيئة والمنظر والدِّين والخير، لا في الجمال والملبس، والسَّمْتُ أيضًا: القصد والطريق والجهة، ومنه: سَمْتُ القبلة، قال الخَطَّابيُّ: وأصله الطريق المنقاد، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَهَدْيًا): (الهَدْيُ): تَقَدَّمَ الكلامُ عليه أعلاه؛ فانظره، وضبطُه.

قوله: (لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ): (ابنُ): مَرْفُوعٌ، واللام مفتوحةٌ للتأكيد، وهو عبد الله بن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه رضي الله عنه، و (أمُّ عبدٍ): بغير إضافةٍ، وهي أمُّ عبد الله بن مسعود، وهي بنت سود بن قويم بن صاهلة، من المهاجرات، رضي الله عنه وعنها.

(1/10989)

تنبيهٌ: قال شيخنا: قال الداوديُّ: قال مالكٌ: أشبه الناس برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في هَدْيِه عمرُ، وأشبه الناس بعمرَ عبدُ الله، وأشبهُ الناس بعبدِ الله سالمٌ، انتهى، فهذا حذيفة صَحَابيٌّ ابن صَحَابيٍّ قد قال: إنَّ أشبهَ الناس برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ابنُ مسعود، فقولُه مقدَّم على قول مالكٍ؛ لأنَّه شاهدَ الثلاثةَ، ويحتمل أنَّ يُجمَع بين كلامه وكلامِ مالكٍ، فيُقال: إنَّ كلامَ مالكٍ: (إنَّ عمرَ أشبهُ برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) في الهَدْيِ فقط، وابن مسعود في مجموع هذه الخصال المذكورةِ، أو يُقال: إنَّ كلام حذيفةَ بعد عمر؛ لأنَّ عمرَ تُوُفِّيَ سنة (23 هـ)، وابن مسعود تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، ثُمَّ صار ابنُ عمر أشبهَ الناس برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد وفاة ابن مسعود في هذه الخِصال، وقد روى أحمدُ في «المسند» بإسنادٍ جيِّد عن عمر رضي الله عنه: (مَن سرَّه أن ينظر إلى هَدْيِ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فلينظر إلى هَدْيِ عمرو بن الأسود) انتهى، وعمرو بن الأسود هذا: هو عمرو بن الأسود العَنْسيُّ، أدرك الجاهليَّة، وروى عن عمر رضي الله عنه، سكن داريَّا، ويقال له: عُمَير، وقد عُمِّر دهرًا طويلًا، وهذا الرجل روى له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «تهذيب الكمال» وفروعه، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: روى بقيَّة عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرَّحْمَن بن جُبَيرٍ بن نفير قال: حجَّ عمرو بن الأسود، فلمَّا انتهى إلى المدينة؛ نظر إليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو قائمٌ يصلِّي، فسأل عنه، فقيل: رجلٌ من أهل الشام، فقال: ما رأيت أحدًا أشبهَ صلاةً، ولا هَدْيًا، ولا خُشوعًا، ولا لِبْسَةً، برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مِن هذا الرجل،

[ج 2 ص 612]

وقد ذكر الذَّهَبيُّ أثرَ عمر الذي في «المسند» في زيادته على المِزِّيِّ في ترجمة هذا الرجل، وبقيَّة: وَثَّقَهُ الجمهور بما روى عن الثقات، وقال النَّسائيُّ: إذا قال: (حدَّثنا، وأخبرنا)؛ فهو ثقةٌ، وعبد الرَّحْمَن بن جُبَيرٍ ثقةٌ، قال ابن سعد: ثقةٌ يَستنكِر بعضُهم حديثَه.

(1/10990)

وينبغي أن يُجمَع بين كلام حذيفة، وكلام عمر، وابنِه، ومالكٍ، فهذا عمرُ وابنُه يقولان في عَمرو بن الأسود ما قالا، وهذا حذيفةُ يقول في عبدِ الله بن مسعود ما قال، وهذا مالكٌ يقول في عمرَ ما قال، والله أعلم، وقد رُوِّينا في كتاب «رفع اليدين» للبُخاريِّ: قال جابر بن عبد الله: لم يكن أحدٌ منهم ألزمَ لطريق النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولا أتْبَعَ مِن ابن عمر رضي الله عنهما، وفي «أبي داود» و «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسائيِّ» من حديث عائشة، وكذا في «المستدرك» للحاكم على شرطهما، قال الذَّهَبيُّ: وأخرجاه بنحوه من حديث مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت أحدًا كان أشبهَ سَمْتًا وهديًا ودلًّا برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من فاطمة)، قال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه، وكلام الجماعة الذين تَقَدَّمَ قولهم في الرجال، وعائشة في النساء، أو فيمَن رأته من النساء والرجال، والله أعلم.

فتحصَّلنا على جماعةٍ يشبهونه عليه السلام في هَدْيِه وطريقته؛ وهم: عبد الله بن مسعود، وعمر، وعبد الله بن عمر، وسالم، وعمرو بن الأسود، وفاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ورضي عنها.

قوله: (مِنْ حِين يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ): (حين): بالجرِّ، ويجوز أن تُفتَح.

قوله: (لَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ): (نَدرِي): بفتح النون، وكسر الراء، مَبْنيٌّ للفاعل.

(1/10991)

[حديث: إن أحسن الحديث كتاب الله]

6098# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (مُخَارِق): بضَمِّ الميم، وتخفيف الخاء المُعْجَمَة، وبعد الألف راء مكسورة، ثُمَّ قاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: مخارق بن عبد الله، وقيل: ابن عبد الرَّحْمَن، وقيل: ابن خليفة، انفرد به البُخاريُّ، انتهى، و (مُخَارق) هذا: أَحْمَسِيٌّ كوفيٌّ، عن طارق بن شهاب، وعنه: شعبة، والسفيانان، وإسرائيل، وجماعةٌ، قال أحمد ابن حنبل: ثقةٌ ثقةٌ، وقول الدِّمْيَاطيِّ: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يعني: عن مسلم، وكذا هي عادته، وإلَّا؛ فقد أخرج له معه التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ.

قوله: (الْهَدْيِ؛ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الهَدي): بفتح الهاء هنا، ويجوز ضمُّها، قاله ابن قُرقُول، قال: وهو ضدُّ الضلال، انتهى، وذكره ابن الأثير في (المفتوح الهاء).

==========

[ج 2 ص 613]

(1/10992)

[باب الصبر على الأذى ... ]

(بَابُ الصَّبْرِ) ... إلى (كِتَاب الاسْتِئذَان)

فائدةٌ: ذكر اللهُ الصبرَ في القرآن في بضعٍ وتسعين موضعًا؛ وذلك لصعوبته على النَّفْس، وليس مَقامٌ من المقامات أكثرَ ذكرًا في القرآن منه، والله أعلم.

(1/10993)

[حديث: ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله]

6099# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان) بعده: هو سفيان الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن السُّلَمِيُّ)؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام: عبد الله بن حَبِيب _بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة_ ابن رُبَيِّعة؛ بضَمِّ الراء، تَقَدَّمَ، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (لَيْسَ شَيْءٌ، أَوْ لَيْسَ أَحَدٌ [1] أَصْبَرَ): (أصبرَ): بالنصب خبر (ليس)، وهو في أصلنا مَنْصُوبٌ ومرفوعٌ، وهو جائزٌ.

تنبيهٌ: الصبر من الله عزَّ وجلَّ هو الحِلم، كذا أوَّله ابن فُورَك، قاله شيخنا، وقال بعد ذلك: ومعنى وصفه بالحِلم: هو تأخير العقوبة عن المستحقِّين لها.

تنبيهٌ آخرُ: وصفُه تعالى بالحِلم لم يَرِد في القرآن، وإنَّما ورد في السُّنَّة، ويُؤوَّل الحِلمُ، قاله شيخنا، انتهى، وفيه نظرٌ، ففي القرآن وصفُه بالحِلم، ففي (الأحزاب) [الآية: 51]: {وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً}، وفي (فاطر) [الآية: 41]: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}، وفي (البقرة) [الآية: 263]: {والله غَنِيٌ حَلِيمٌ}، وفي (آل عمران) [الآية: 155]: {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}، وفي (المائدة) [الآية: 101]: {وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}، وفي (سبحان) [الآية: 44]: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}، والظاهر أنَّ هذا غلط من الناسخ، وكأنَّ شيخَنا قال: وصفُه بالصبر لم يَرِدْ في القرآن، وإنَّما ورد في السُّنَّة، ويُؤوَّل بالحِلم [2]، ويستقيم الكلام على هذا، والله أعلم.

(1/10994)

[حديث: قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر]

6100# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيْق): هو ابن سلمة، أبو وائل، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: وَاللهِ؛ إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه مُعَتِّب بن قُشَير.

قوله: (أَمَا [1] أَنَا): (أَمَا) في أصلنا: بتشديد الميم بالقلم، وقال شيخنا: قال ابن التين: صوابه أن تكون مُخَفَّفةً، وقد وقع في بعض الروايات بتشديد الميم، وليس ببيِّن، انتهى.

قوله: (قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا [2] فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ الكلام على ما أوذي به موسى قريبًا وبعيدًا؛ فانظره إن أردته.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أمَّا).

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ذَلِكَ).

[ج 2 ص 613]

(1/10995)

[باب من لم يواجه الناس بالعتاب]

(1/10996)

[حديث: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه]

6101# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (حفصًا): هو ابن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِياث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ) أعلاه وقبله مرارًا: سليمان بن مِهْرَان، و (مُسْلِمٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن صُبَيح؛ بضَمِّ الصاد المُهْمَلَة، وفتح المُوَحَّدة، أبو الضُّحى.

قوله: (صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ ... )؛ الحديث: لعلَّ الذي صنعه ورخَّص فيه وتنزَّه هؤلاء القومُ عنه ما رواه مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خرج عام الفتح إلى مكَّة في رمضان، فصام حتَّى بلغ كُراعَ الغميم، فصام الناس، ثُمَّ دعا بقَدَح مِن ماء، فرفعه حتَّى نظر الناسُ إليه، ثُمَّ شرب، فقيل له بعد ذلك: إنَّ بعض الناس قد صام، فقال: «أولئك العُصَاة، أولئك العُصَاة»، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخَنا مثَّل بحديث الصوم في السَّفَر، والله أعلم، وقد ذكر بعضُ الحُفَّاظ المُتَأخِّرين هذا الحديثَ، ولم يذكر فيه شيئًا، غير أنَّه قال: يُنظَر فيه، انتهى.

(1/10997)

[حديث: كان النبي أشد حياءً من العذراء في خدرها.]

6102# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّادٍ الحافظ، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (عَبْد اللهِ [1] بْنُ أَبِي عُتْبَةَ مَوْلَى أَنَسٍ): (عُتبة): بضَمِّ العين المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، يروي عن مَولاه أنس بن مالكٍ، وعائشة، وغيرِهما، وعنه: ابن جُدعان، وحُميدٌ الطويل، بصريٌّ صدوقٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وابن ماجه، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

[ج 2 ص 613]

قوله: (مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا): (العذراء)؛ بالذال المُعْجَمَة: البكر، و (الخِدْر): بكسر الخاء المُعْجَمَة، وإسكان الدال المُهْمَلَة: السِّتْر يكون للجارية البِكر في ناحية البيت، وقيل: الخِدْر: سريرٌ عليه سِتْر، وقيل: الخِدْر: البيت نفسه، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10998)

[باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال]

قوله: (بَابٌ: مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ _وفي نسخة: أكفر_ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ؛ فَهْوَ كَمَا قَالَ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: حمل البُخاريُّ قوله: «فقد باء بها أحدُهما» على تحقيق الكفر على أحدهما؛ لأنَّه إن كان صادقًا؛ فالمرمِيُّ كافرٌ، وإن كان كاذبًا؛ فقد جعل الرامي الإيمانَ كُفرًا، ومن جعل الإيمانَ كفرًا؛ فقد كفر، ولأجل هذا ترجم عليه مقيَّدًا: (بغير تأويل)، والله أعلم.

(1/10999)

[حديث: إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما]

6103# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): قال الجَيَّانيُّ وقد ذكر هذا الموضع هكذا: في نسخة الأصيليِّ والقابسيِّ: (حدَّثنا مُحَمَّد)؛ غيرَ منسوبٍ، وكذلك أخرجه أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ، نسبه ابن السكن مُحَمَّد بن بَشَّار، وذكر مكانًا آخر في (الحجِّ) في (الدعاء بين الجمرتين): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عثمان بن عمر)، ثُمَّ قال: هكذا وقع عن أبي مُحَمَّد الأصيليِّ وأبي مسعود الدِّمَشْقيِّ: (مُحَمَّد)؛ غيرَ منسوبٍ، ونسبه لنا ابن السكن في روايتنا عنه فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن بَشَّار: حدَّثنا عثمان بن عمر)، ثُمَّ قال الجَيَّانيُّ: قلت: وقد روى البُخاريُّ في (كتاب الأطعمة): (عن مُحَمَّد بن المثنَّى عن عثمان بن عمر)، وذكر أبو نصرٍ أنَّ البُخاريَّ حدَّث في «الجامع» عن مُحَمَّد بن المثنَّى ومُحَمَّد بن بَشَّار، عن عثمان بن عمر، والله أعلم، انتهى.

و (أحمد بن سعيد): هو أحمد بن سعيد بن صخر، أبو جعفرٍ الدارميُّ السَّرَخْسِيُّ، ثُمَّ النيسابوريُّ، الفقيه الحافظ، أحد الأئمَّة، عن النَّضْر بن شُمَيل، وعثمان بن عمر بن فارس، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي عامر العَقَديِّ، وطبقتِهم، وعنه: الجماعةُ سوى النَّسائيِّ، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو عوانة، وغيرُهم، تُوُفِّيَ سنة (253 هـ).

و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (فَقَدْ بَاءَ بِهِ [1] أَحَدُهُمَا): أي: التزمه ورجع عليه.

(1/11000)

قوله: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ: سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، فهو صحيحٌ إلى المعلَّق عنه؛ وهو عكرمة بن عمَّار، وعكرمة ليس من شرط الكتاب، ولم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا إلَّا تعليقًا كما رأيته، وهو عكرمة بن عمَّار الحنفيُّ اليماميُّ، عن الهرماس وله صحبةٌ، وعن طاووس وطائفةٍ، وعنه: شعبة، ويحيى بن سعيد القَطَّان، وعبد الرَّزَّاق، وخلقٌ، وهو ثقةٌ إلَّا في يحيى بن أبي كثير؛ فمضطرب، قال التِّرْمِذيُّ في «جامعه» ولفظه: ربَّما يَهِمُ في حديث يحيى، انتهى، وكان مجابَ الدعوة، مات سنة (159 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (عَبْد اللهِ بْن يَزِيدَ): هو مولى الأسود بن سفيان المخزوميِّ، المدنيُّ المقرئ الأعور، عن أبي سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وعروة، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثوبان، وعنه: يحيى بن أبي كثير، وإسماعيل بن أُمَيَّة، وأسامة بن زيدٍ الليثيُّ، ومالك بن أنس، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، وأخرج له الجماعة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/11001)

[حديث: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما]

6104# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

==========

[ج 2 ص 614]

(1/11002)

[حديث: من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال]

6105# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، الحافظ الكرابيسيُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، ورواية أبي قِلابة عن ثابت بن الضَّحَّاك متَّصلة، وهي في الكُتُب السِّتَّة، ذكرها غيرُ واحد، و (ثَابِت بِن الضَّحَّاكِ): وهو ابن خليفة، أبو زيد الأنصاريُّ الأشهليُّ، نزل البصرة، بايع تحت الشجرة، وكان دليلَ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى حمراءِ الأسدِ، روى عنه عبد الله بن مَعْقِل، وأبو قِلابة الجَرْميُّ، قال الفلَّاس: مات سنة (45 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: لهم ثابت بن الضَّحَّاك بن أُمَيَّة بن ثعلبة الأنصاريُّ الخزرجيُّ، وُلِد سنة ثلاث من الهجرة، ومات قريبًا من سنة سبعين، ذكره الواقديُّ فيمَن رأى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد خَلَطَ غيرُ واحدٍ إحدى الترجمتين بالأخرى وتناقضوا؛ زعموا أنَّ هذا بايع تحت الشجرة، وأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أردفه يوم الخندق، وأنَّه كان دليلَه، ثُمَّ قالوا: وُلِد سنة ثلاثٍ من الهجرة، ومات سنة (45 هـ)، قال: ويُقال: في فتنة ابن الزُّبَير، وقد ثبت في «الصحيحين» أنَّ ثابت بن الضَّحَّاك ممَّن بايع تحت الشجرة، قال أبو قِلابة: أخبرني ثابت بن الضَّحَّاك: أنَّه بايع تحت الشجرة، وذكر ابن سعد: أنَّ الذي روى عنه أبو قِلابة مات في فتنة ابن الزُّبَير، قال الذَّهَبيُّ: وأحسب أنَّ هذا أشبهُ؛ لأنَّ أبا قِلابة لم يسمع إلَّا متأخِّرًا قبل السبعين، انتهى، والله أعلم.

(1/11003)

[باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: الأحاديث مطابقةُ الترجمة إلَّا حديثَ عمرَ رضي الله عنه؛ يعني: (أنَّه عليه السلام أدرك عمر وهو في ركب وهو يحلف بأبيه، فناداهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ألا إنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: لكن لمَّا كان الحَلِف تعظيمًا للمحلوف، ولم يكن الخطَّاب مؤمنًا؛ كان الحَلِف تعظيمًا للكافر، لكن عُذِر بالتأويل، انتهى.

قوله: (لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ: إِنَّه مُنَافِقٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (حاطب بن أبي بَلْتَعة) رضي الله عنه، وسبب قول عمرَ له ذلك؛ لكتابته إلى قريش بمسيره عليه السلام إليهم في الفتح، وقد قَدَّمْتُ ما كتب به إليهم، وإلى مَن كتب، غَيْرَ مَرَّةٍ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 614]

(1/11004)

[حديث: يا معاذ أفتان أنت؟]

6106# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ): هو بفتح العين، وتخفيف المُوَحَّدة، وهو مُحَمَّد بن عَبَادة بن البُخْتُريِّ الأسديُّ، وقيل: العِجْليُّ، وقيل: الباهليُّ، الواسطيُّ، أبو عبد الله، وقيل: أبو جعفر، عن إسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، وأبي أسامة، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، ومُطَيَّن، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون، قال أبو حاتمٍ: صدوقٌ، صاحبُ نَحْوٍ وأَدَبٍ، وقال أبو داود: ثقةٌ، قال الجَيَّانيُّ: روى البُخاريُّ عنه في (كتاب الأدب) وفي (الاعتصام)، و (يَزِيدُ): هو ابن هارون، و (سَلِيمٌ): هو بفتح السين، وكسر اللام، وهو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ، فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً): هذا الرجل تَقَدَّمَ الكلام عليه، والاختلاف فيه، والله أعلم.

[ج 2 ص 614]

قوله: (وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا): (النَّواضح): بفتح النون، وبالضاد المُعْجَمَة، وحاء مهملة، جمع (ناضح)، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

(1/11005)

[حديث: من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى]

6107# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ وقد ذكر هذا المكان: نسبه ابن السكن في روايته: (إسحاق ابن راهويه)، وقال أبو نصرٍ: كان أبو حاتم الحَذَّاء يقول: هو إسحاق بن منصور الكوسج، وقد روى مسلمٌ عن إسحاق بن منصور عن أبي المغيرة، فهذا يقوِّي ما حكاه أبو نصرٍ عن أبي حاتم، انتهى.

و (أَبُو الْمُغِيرَةِ): هو عبد القُّدُّوس بن الحَجَّاج الخولانيُّ الحمصيُّ، عن حريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، والأوزاعيِّ، وطائفةٍ كبيرةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وروى أيضًا هو ومسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه عن رجلٍ عنه، وروى عنه أيضًا أحمد ابن حنبل، وإسحاق الكوسج، والدارميُّ، ومُحَمَّد بن يحيى الذهليُّ، وخلقٌ، وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنيُّ وغيرُه، وقال أبو حاتمٍ: صدوق، قال البُخاريُّ: مات سنة (212 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، قال فيه: أخطأ من أودعه في الضُّعفاء.

و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو عمرٍو عبدُ الرَّحْمَن بن عمرو، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْد): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَريُّ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

قوله: (بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

قوله: (فَلْيَتَصَدَّقْ): تَقَدَّمَ أنَّه يتصدَّق بما ينطلق عليه اسم الصدقة؛ لما في «مسلم»: «فليتصدَّق بشيءٍ»، وقيل: يتصدَّق بمثل ما أراد أن يُقامر به، وقيل غير ذلك ممَّا تَقَدَّمَ ويأتي.

==========

[ج 2 ص 615]

(1/11006)

[باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله ... ]

(1/11007)

[حديث: من أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور]

6109# قوله: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، والسين المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو إبراهيم بن سعدٍ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَفِي الْبَيْتِ قِرَامٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر القاف، وتَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 615]

(1/11008)

[حديث: يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز]

6110# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيدٍ القَطَّان، وتَقَدَّمَ (قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، و (أَبُو مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وتعقُّبُ من عدَّه بدريًّا، وإنَّما كان ينزل بدرًا فنُسِبَ إليها.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ؛ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرجل) لا أعرفه، وأن المطوِّلَ: أُبيُّ بن كعب، قاله ابن شيخنا البُلْقينيِّ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَت اللُّغات فيها ومعناها.

(1/11009)

[حديث: إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله حيال وجهه]

6111# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (حِيَالَ وَجْهِهِ): وكذا قوله: (حِيَالَ وَجْهِهِ)، (حِيَال): بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره لام، و (حيال الشيء): مقابلُه، وهو من ذوات الواو، انقلبت ياءً؛ من أجل الكسرة؛ أي: الجهة التي عظَّمها الله عزَّ وجلَّ قُبَالة وجهه، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 615]

(1/11010)

[حديث: عرفها سنةً ثم اعرف وكاءها وعفاصها.]

6112# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ في (النكاح) أنَّ الجَيَّانيَّ قال في ذاك المكان: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا إسماعيل بن جعفر)، قال: لم ينسبه أحدٌ من رواة الكتاب، وذكر أبو نصرٍ أنَّ مُحَمَّد بن سلَام يروي عن إسماعيل بن جعفر في «الجامع»، انتهى، ولو ظفر بهذا المكان؛ لقال فيه كذلك، أو أنَّه وقع في روايته منسوبًا، والله أعلم، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وكذا شيخنا.

قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللُّقَطَةِ): هذا (الرجل) تَقَدَّمَ أنَّه بلال، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: ويحتمل أنَّه عُمَير والد مالكٍ، قال: وجاء أنَّه زيد بن خالدٍ الجُهَنيُّ الراوي، كما تَقَدَّمَ، انتهى، وعُمَير [1] هذا: قال الذَّهَبيُّ: والد مالكٍ، أورده الإسماعيليُّ في الصَّحَابة، روى عنه ابنه في اللُّقَطَة، (س)؛ يعني: ذكره أبو موسى المدينيُّ.

قوله: (ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا): تَقَدَّمَ ما (الوِكاء)، وكذا (العِفَاص) ضبطًا ومعنًى، وتَقَدَّمَ أنَّ (رَبُّهَا): مالكها، وتقدَّمت (وَجْنَتَاهُ) ما هي، وكذا تَقَدَّمَ (الحِذَاء) و (السِّقَاء).

==========

[1] في (أ): (وعمر).

[ج 2 ص 615]

(1/11011)

[معلق زيد: ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم]

6113# قوله: (وَقَالَ الْمَكِّيُّ): هذا هو المَكِّيُّ بن إبراهيم، شيخُ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة في الغالب، وأنَّه كـ (حدَّثنا)، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ): هو ابن أبي هند.

قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ): هو مُحَمَّد بن زياد بن عبيد الله الزياديُّ البصريُّ، أبو عبد الله، عن حَمَّاد بن زيد، وعبد الوارث، وابن عُيَيْنَة، وبشر بن المفضَّل، وغُنْدر مُحَمَّد بن جعفر، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ كالمقرون، وفي «الكاشف»: وعنه البُخاريُّ مقرونًا بغيره، ولا شكَّ أنَّه هنا مقرونٌ، وهذا نوعٌ من القَرن، قرنه بالمَكِّيِّ بن إبراهيم، وروى عنه ابن ماجه أيضًا، وزكريَّا السَّاجيُّ، وابن خزيمة، وطائفةٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، قيل: تُوُفِّيَ في حدود الخمسين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا، وابن ماجه، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدر، تَقَدَّمَ ضبطه، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي هند، وقدَّم البُخاريُّ السند الأوَّلَ الذي أخذه في المذاكرة؛ لعلوِّه؛ لأنَّه أعلى من الثاني برجلٍ، وأخَّر هذا النازل، و (بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (احْتَجَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجيْرَةً): (احتجر): (افتعل) من الحَجْر؛ أي: جعلها لنفسه خاصَّةً.

قوله: (مُخَصَّفَةً): هي بالخاء المُعْجَمَة، والصاد المُهْمَلَة المُشَدَّدة، قال ابن قُرقُول: (حجيرة بخَصَفَة)؛ أي: حصير، ووقع لغير ابن السكن:

[ج 2 ص 615]

(حجيرة مخصَّفة)، والأوَّل أبين؛ أي: اقتطعها عن الناس بخَصَفَة، وفي أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ: (احتجر)؛ بالراء، وفي نسخة بالزاي، وهذه التي بالزاي رأيتُ بعضَهم حكاها، و (حجيرة): بضَمِّ الحاء وفتحها، وفتح الجيم وكسرها؛ يعني: مع فتح الجيم، وعليها (معًا)، والاثنتان رأيتُ بعضَهم حكاهما، وفي الهامش: (حُجيزة)؛ بالزاي بالقلم، و (مخصّفة): مفتوح الصاد ومكسورها بالقلم، كلاهما مع التشديد.

قوله: (وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أبطأ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

(1/11012)

قوله: (إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ): (الصلاةَ): نصب على الاستثناء، و (المكتوبةَ): صفة لها.

(1/11013)

[باب الحذر من الغضب ... ]

(1/11014)

[حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه ... ]

6114# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (بِالصُّرَعَةِ): (الصُّرَعة): بضَمِّ الصاد، وفتح الراء، وبالعين، المُهْمَلَتين؛ مثال: (الهُمَزَة)، هو الذي يصرع الناس بقوَّته، وبإسكان الراء: هو الذي يصرعه الناس كثيرًا، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ): يعني: الذي يغلب شهوتَه وغضبَه حتَّى كأنَّه يصرعُه، فهو أحقُّ بالمدح شرعًا وحقيقةً من الذي يصرع الناس؛ لأنَّ ذلك دليلٌ على اعتدال الخُلُق وكمال العقل، وهذا من تحويل الكلام من معنًى إلى معنًى آخرَ.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11015)

[حديث: إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد]

6115# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ (صُرَدًا) ليس معدولًا، وهو مصروفٌ، في (الأذان) وغيرِه.

قوله: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين لا أعرفهما.

قوله: (فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ): اعلم أنَّه تَقَدَّمَ: أنَّه قال له رجلٌ، وقدَّمت أنَّه معاذٌ، وهنا: (فقالوا له)، فيكون معاذٌ أحدَ القائلين له، وأمَّا الرجل الذي غَضِب؛ فقال شيخنا: إمَّا أن يكون منافقًا، أو أَنِف من كلام أصحابه، دون كلام رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11016)

[حديث: أن رجلًا قال للنبي: أوصني؟ قال: لا تغضب]

6116# قوله: (عَنْ أَبِي حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وكسر الصاد، المُهْمَلَتين، وأنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ، واسم هذا: عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ»): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ عن ابن بشكوال: إنَّه جاريةُ بن قُدامة، كذا في «مسند ابن أبي شيبة»، و «المؤتلف والمختلف» للدارقطنيِّ، انتهى، ورأيت بعضهم عزا لأحمدَ في «المسند»: أنَّه جارية بن قدامة، انتهى، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: ويحتمل أن يكون أبا الدرداء، كما في «فوائد أبي الفضل بن خيرون»، ويحتمل أن يكون عبدَ الله بن عمر وغيره؛ كما في «فوائد ابن صخر»، قال ابن صخرٍ بعد ذِكْرِ أنَّه عبد الله بن عمر من حديثٍ: وهذا روى عن غير واحدٍ من الصَّحَابة رضي الله عنهم مسندًا، وهو من حديث عبد الله بن عمر صحيحٌ، وإسناده صالحٌ، وفي «الفوائد» أيضًا: عن سفيان بن عبد الله الثقفيِّ مثلُ حديث ابن عمر، انتهى مُلَخَّصًا، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: إنَّه وقع مثلُ هذا السؤال لأبي الدرداء، وعبد الله بن عمر، وكذا وقع مثلُه لعثمان بن أبي العاصي، وذكر ذلك مَعْزُوًّا لكتبه، ولكنَّ النسخةَ سقيمةٌ، وغالب ظنِّي أنَّه ذُكِر وقوعُ ذلك لغير من ذَكَر، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11017)

[باب الحياء]

قوله: (بَابُ الْحَيَاءِ): تَقَدَّمَ تعريف (الحياء) في (كتاب الإيمان) في (بابٌ: الحياءُ من الإيمان)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11018)

[حديث: الحياء لا يأتي إلا بخير]

6117# قوله: (عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ): (أبو السَّوَّار): بفتح السين المُهْمَلَة، وتشديد الواو، وبالراء في آخره، واسمه: حسَّان بن حُرَيث، وقيل: منقذ، وقيل غيرُ ذلك، عن عليٍّ، وعِمران بن حُصَين، وجُندب بن عبد الله، وجماعةٍ، وعنه: قتادة، وأبو التَّيَّاح، والجُريريُّ، وأشعث بن عبد الله الحُدَّانيُّ، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أبو داود وغيره، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حُصَينًا) بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وأنَّ الأسماء كذلك، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ حُصَينًا صَحَابيٌّ.

قوله: (فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ): (بُشَير): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة؛ ومراده بـ (الحكمة): التوراة، وكذلك صَرَّحَ به في بعض الطرق، فقال: مكتوبٌ في التوراة كذا وكذا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11019)

[حديث: دعه فإن الحياء من الإيمان.]

6118# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتِبُ [1] فِي الْحَيَاءِ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه، ولا اسمَ الذي يُعاتَبُ، وفي بعض طرقه: (مرَّ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على رجلٍ من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء ... )؛ الحديث، وفي أصلنا: (يعاتِب)؛ بكسر التاء المُثَنَّاة فوق بالقلم، والله أعلم.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (يُعاتَب)، والسياق يقتضي المثبت.

[ج 2 ص 616]

(1/11020)

[حديث: كان النبي أشد حياءً من العذراء في خدرها .. ]

6119# قوله: (اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (عُتْبة) بضَمِّ العين، وإسكان المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (مِنَ الْعَذْرَاءِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطها ومَن هي، وتَقَدَّمَ أيضًا الكلام على (الخِدْرِ).

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11021)

[باب: إذا لم تستح فاصنع ما شئت]

(1/11022)

[حديث: إنَّ مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ... ]

6120# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية بن حُدَيج الحافظ، أبو خيثمة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (رِبْعيًّا) بكسر الراء، وإسكان المُوَحَّدة، وتشديد الياء؛ كالنسبة إلى الرَّبيع؛ الفَصْلِ المعروفِ، و (حِرَاش): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف الراء، وفي آخره شين معجمة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عَمرو الأنصاريُّ.

قوله: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (المناقب)، والاختلاف في معنى قوله: (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ).

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11023)

[باب ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين]

قوله: (بَابُ مَا لَا يُسْتَحْيَا مِنَ الْحَقِّ؛ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة لحديثِ التي

[ج 2 ص 616]

عرضت نفسها: أنَّها إنَّما فعلت ذلك دِينًا، لا لحظِّ نفسٍ، ولِما يترتَّب على تزويجه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من حملها الشريعة، ولِما يطرأ وراء الحجب؛ أسوة بنسائه [1] رضي الله عنهنَّ، فطلبُها لذلك داخلٌ في طلب التفقُّه في الدِّين والعلم، انتهى.

==========

[1] في (أ) تبعًا لمصدره: (نسائه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11024)

[حديث: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل ... ]

6121# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ، أحد الأعلام، قال الدِّمْيَاطيُّ تجاه (إسماعيل): ابن أبي أويسٍ عبدِ الله بن عبد الله بن أويس بن مالكٍ، روى عنه البُخاريُّ ومسلمٌ، وروى أيضًا مسلمٌ عن جماعةٍ عنه، انتهى، وهذا مَعْرُوفٌ، و (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَت مرارًا، وأبو ها أبو سلَمة: عبد الله بن عبد الأسد الشهيد، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها، أمُّ المؤمنين، و (أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَت مع بعض ترجمة، والاختلاف في اسمها.

قوله: (فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غَسْلٌ [1] إِذَا احْتَلَمَتْ؟): تَقَدَّمَ جماعةٌ من الصَّحَابيَّات سألت كسؤالها قريبًا وبعيدًا جدًّا، وتَقَدَّمَ أنَّ أمَّ سلمة أنكرت عليها، وأنَّ في «مسلم»: أنَّ عائشة أنكرت عليها، وتَقَدَّمَ الجواب عن ذلك، وجواب المحدِّثين، قريبًا كلُّه، وفي (كتاب العلم).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (غُسل).

[ج 2 ص 617]

(1/11025)

[حديث: مثل المؤمن كمثل شجرة خضراء]

6122# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (مُحَارب): اسم فاعل من (حارب)، وأنَّ (دِثَارًا) بكسر الدال، وبالثاء المُثَلَّثَة المُخَفَّفة، وفي آخره راء.

قوله: (وَعَنْ شُعْبَةَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وظاهره أنَّ آدم _وهو ابن أبي إياس_ حدَّث بالأوَّل عن شعبة، عن مُحارب بن دِثَار، عن ابن عمر، وحدَّث به عن شعبة، عن خُبَيب بن عبد الرَّحْمَن، عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر، وقدَّم الأوَّل؛ لعلوِّه؛ لأنَّه عالٍ برَجُلٍ، و (خُبَيْب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بالخاء المُعْجَمَة المضمومة.

قوله: (مِثْلَهُ): هو مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَزَادَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ): يعني: أنَّه زاد من هذه الطريق الثانية هذه الزيادةَ.

(1/11026)

[حديث: جاءت امرأة إلى النبي تعرض عليه نفسها]

6123# قوله: (حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ): هو بالحاء المُهْمَلَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن عبد العزيز العطَّار، مولى معاويةَ بنِ أبي سفيان) انتهى، وهذا مَعْرُوفٌ جدًّا.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا ... )؛ الحديث: هذه (المرأة) تَقَدَّمَ الخلاف فيها في (سورة الأحزاب).

قوله: (فَقَالَتِ ابْنَتُهُ): (ابنة أنسٍ) هذه: تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها، وقال بعض المُتَأخِّرين من الحُفَّاظ: إنَّها أمينة بنت أنس، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11027)

[باب قول النبي: «يسروا ولا تعسروا»]

(1/11028)

[حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا]

6125# قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) [1]: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة فوق المفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة، وفي آخره حاء مهملة، وتَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه يزيد بن حُمَيدٍ.

==========

[1] صحَّ تقديم هذا الحديث على ما قبله في رواية أبي ذرِّ، بخلاف «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 617]

(1/11029)

[حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا .. ]

6124# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام [عليه] في (سورة البقرة)، و (النَّضْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالصاد المُهْمَلَة، وهذا هو ابن شُمَيلٍ الإمام، و (سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَةَ): ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، واسم (أَبِي بُرْدَةَ) القاضي؛ قاضي الكوفة: الحارثُ، أو عامرٌ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ): تَقَدَّمَ في أوَّل (الزكاة) متى بَعَثَهما إلى اليمن.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: الْبِتْعُ): هو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان المُثَنَّاة فوق على المشهور _وحكى بعض أهل اللغة فتحَها، كما قاله في «المطالع» _ وبالعين المُهْمَلَة، وقد فسَّره هنا بأنَّه من العَسَل.

قوله: (وَشَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ، يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ): قال ابن قُرقُول: (المزر): شراب الذُّرَة، وكذا في «صحاح الجوهريِّ»، وكما في «الصحيح» قاله ابن فارس، فكأنَّه منهما، والله أعلم.

(1/11030)

[حديث: ما خير رسول الله بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما]

6126# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا): (خُيِّر)؛ بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وفيه: استحباب الأخذ بالأيسر والأَرْفَق ما لم يكن حرامًا أو مكروهًا، ويحتمل أن يكون تخييره عليه السلام هنا من الله عزَّ وجلَّ، فيخيِّره فيما فيه عقوبتان، أو فيما بينه وبين الكفَّار من القتال وأخذ الجزية، أو في حقِّ أمَّته في المجاهدة في العبادة أو الاقتصاد، فكان يختار الأيسر في كلِّ هذا، وأمَّا قوله: (ما لم يكن إثمًا)؛ فيُتَصوَّر إذا خيَّره الكفَّار والمنافقون، فأمَّا إذا كان التخيير من الله تعالى أو من المسلمين؛ فيكون الاستثناء منقطعًا، والله أعلم.

(1/11031)

[حديث: ما عنفني أحد منذ فارقت رسول الله]

6127# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عَارم السَّدوسيُّ، و (الأَزْرَق بْن قَيْسٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبل (الجنائز).

قوله: (عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ): (الشاطئ)؛ بهمزة في آخره: شطُّه وجانبه، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ، و (النَّهَْر): بفتح الهاء وإسكانها، و (الأَهْوَاز): تَقَدَّمَ الكلام عليها في آخر (الصلاة) قبل (الجنائز).

قوله: (وَقَدْ [1] نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ): (نَضَبَ)؛ بفتح النون، والضاد المُعْجَمَة المُخَفَّفة، والمُوَحَّدة، ينضُب؛ بضَمِّ الضاد؛ أي: غار، قال شيخنا: قال الداوديُّ في قوله: (نضب عنه الماء): إنَّه تحبَّس [2]، وليس كذلك، انتهى.

قوله: (فَجَاءَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ): (أبو بَرْزَة): بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الراء، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، واسمه نضلة بن عبيد على الصحيح، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وبقيٌّ في «مسنده»، صَحَابيٌّ مشهورٌ رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْيٌ): هذا الرحل لا أعرف اسمه، ومعنى: (له رأيٌ): يعني: أنَّه من الخوارج، وكذا تَقَدَّمَ في آخر (الصلاة): (فجعل رجلٌ

[ج 2 ص 617]

من الخوارج)، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ مَنْزِلِي مُتَرَاخٍ): أي: بعيدٌ.

(1/11032)

[حديث: دعوه وأهريقوا على بوله ذنوبًا من ماء]

6128# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، وهذا التعليق لم أَرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا.

قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الأعرابيِّ)، والاختلاف فيه، في (باب ترك النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والناسِ الأعرابيَّ ... ) إلى آخر الترجمة، وفي غيره، وكذا تَقَدَّمَ (الذَّنُوب)، وأنَّه بفتح الذال المُعْجَمَة، وما هو، وكذا تَقَدَّمَ (السَّجْل) ضبطًا ومعنًى.

(1/11033)

[باب الانبساط إلى الناس]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [1] ... ) إلى أن قال: (وَدِينَكَ لَا تَكْلِمَنَّهُ): (تَكْلِمَنَّه): تَجْرَحَنَّه؛ أي: لا تفعل معهم حرامًا، ولا تقرَّهم عليه، قال بعضهم: (تَثْلِمَنَّه)، ويُروى: (لا تَكْلِمَنَّه) انتهى، و (الثُّلمة): الخلل في الحائط وغيره، و (دينَك): نصبُه أحسنُ من رفعه؛ لأنَّ الفعل إذا اشتغل عن المفعول بضميرٍ؛ كان المختارُ الرفعَ، إلَّا أن يكون مع الأمر، أو النهي، أو العَرْض، أو التمنِّي، أو الاستفهام، أو الجزاء، أو الجَحْد، وهو هنا مع النهي، والله أعلم.

قوله: (وَالدُّعَابَةِ مَعَ الأَهْلِ): (الدُّعابةِ): مجرورةٌ معطوفةٌ على (الاِنْبِسَاطِ)، وهي بضَمِّ الدال المُهْمَلَة: المزاح، وفعلها كـ (مَنعَ).

(1/11034)

[حديث: يا أبا عمير ما فعل النغير]

6129# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وأنَّه يزيد بن حُمَيدٍ الضُّبَعِيُّ.

قوله: (لأَخٍ لِي صَغِيرٍ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ): (أبو عُمَير) هذا: لا أعلم أحدًا سمَّاه، إلَّا أنَّه نُقِل لي عن أبي الفرج ابن الجوزيِّ: أنَّه سمَّاه حفصًا، وقد ذكرت ذلك قبل هذا، وإنَّما يُعرَف بالكنية، وهو ولد أبي طلحة زيد بن سهلٍ الأنصاريِّ من أمِّ سُلَيم أمِّ أنس بن مالك.

قوله: (مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ): هو بضَمِّ النون، وفتح الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهو طائرٌ يشبه العُصْفُور، وقيل: هو فرخُ العُصفور، وقيل: نوعٌ من الحُمَّرَة، ومكبَّرُه: نُغر، وهو جمعٌ، واحدته: نُغرة، وقيل: بل واحدٌ، وجمعه: نُغران، ويقال: هو طائرٌ أسودُ اللون، أحمرُ المِنقار، قاله في «المطالع».

فائدةٌ: أفرد حديث أبي عُمير هذا أبو العَبَّاس أحمدُ بن أحمد الطَّبَريُّ المعروف بابن القاصِّ بالتأليف، وعندي منه نسخةٌ، وفيه من الفوائد جواز حبس الطائر في قفصٍ وإطعامه؛ كالدَّابَّة في الإصطبل، وهي مسألةٌ عزيزة النقل.

==========

[ج 2 ص 618]

(1/11035)

[حديث: كنت ألعب بالبنات عند النبي]

6130# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (المغازي) في (غزوة أحُد) في (باب ما أصاب النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجراح يوم أحُد)، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وشيخُنا لم يتعرَّض له بالكُلِّيَّة، و (أبو معاوية): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضرير.

قوله: (كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال القاضي عياض رحمه الله: فيه جواز اللَّعِب بهنَّ، وهنَّ مخصوصات من الصُّوَر المَنْهيِّ عنها؛ لهذا الحديث، ولما فيه من تدريب النساء في صغرهنَّ لأمر أنفسهنَّ وبيوتهنَّ وأولادهنَّ، قال: وقد أجاز العلماء بيعهنَّ وشراءهنَّ، ورُويَ عن مالكٍ كراهةُ شرائهنَّ، وهذا محمولٌ على كراهة الاكتساب بها، وتنزيه ذوي المروءات عن تولِّي بيع ذلك، لا كراهة اللَّعِب، وقال: ومذهب جمهور العلماء جوازُ اللَّعِب بهنَّ، وقالت طائفةٌ: هو منسوخٌ بالنهي عن الصُّوَر، هذا كلامه، ومذهب الشَّافِعيِّ في المسألة معروفٌ: أنَّه حرامٌ، قال شيخنا هنا في قوله: (بالبنات): يحتمل أن تكون الباء بمعنى: (مع)، و (البنات): الجواري، وهو غيرُ ظاهرٍ؛ لقولها: (وكان لي صواحب يلعبنَ معي) انتهى.

قوله: (يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ): هو بمُثَنَّاة فوق مفتوحة قبل القاف، وتشديد الميم، المفتوحات، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ نون جماعة النسوة؛ أي: يتغيَّبْنَ حياءً منه وهيبةً، وقيل: يدخُلْنَ في بيتٍ ونحوِه، وهو قريبٌ من الأوَّل، وفي «المطالع»: (يتقمَّعْنَ)؛ أي: يتغيَّبْنَ ويدخُلْنَ البيتَ، ويُروى: (ينقمِعْنَ)، وهما سواءٌ، ورواه بعضهم: (يتقنَّعْنَ)؛ بالنون، والأوَّل المعروف، انتهى.

قوله: (فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ): هو بضَمِّ أوَّله؛ المُثَنَّاةِ تحت، وفتح السين المُهْمَلَة، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ مُوَحَّدة، والباقي معروفٌ؛ ومعناه: يُرسلهنَّ.

==========

[ج 2 ص 618]

(1/11036)

[باب المداراة مع الناس]

قوله: (بَابُ الْمُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ): (المداراة): قال الجوهريُّ في (المعتلِّ): (ومداراة الناس: يُهمَز ولا يُهمَز، وهي المداجاة والملاينة، وقد ذكره في (المهموز) أيضًا فقال: وأمَّا المدارأة في حسن الخُلُق والمعاشرة؛ قال الأحمر فيه: إنَّه يُهمَز ولا يُهمَز، يقال: درأتُه وداريتُه؛ إذا اتَّقيتَه ولَايَنْتَه، ولفظ «القاموس» في (المهموز): ودارأته: داريته، ودافعته، ولاينته، انتهى، فذكره في المهموز وعدمه، ولم يكن عندي (المعتلُّ) منه، وكذا ذكره غيرُهما أنَّه بالهمز وعدمه.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذه صيغة تمريضٍ، وكأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطه، و (أبو الدرداء): تَقَدَّمَ أنَّه عُويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، تأخَّر إسلامه، أسلم عَقيب بدرٍ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ): هو بفتح النون، ثُمَّ كاف ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مكسورة، ثُمَّ راء، قال الدِّمْيَاطيُّ: الكشر: ظهور الأسنان للضَّحِك، وكاشَرَه؛ إذا ضَحِك في وجهه، وانبسط إليه، انتهى، وفي «الصحاح»: كشر البعيرُ عن نابه؛ أي: كشف عنها، ابنُ السِّكِّيت: الكَشْر: التبسُّم، يُقال: كشر الرجل، وانكلَّ، وافترَّ، وابتسم: كلُّ ذلك تبدو منه الأسنان، انتهى، والاسم: الكِشْرَة؛ كـ (العِشْرَة)، ولم يذكر في مثله النَّوَويُّ إلَّا التخفيف، وفي «المطالع»: («حتَّى كشَّر»: التكشير: هو انكشاف الأسنان عند الضحك أو التبسُّم، وقد يُستعمَل في غير الضحك، يقال: كشر الكلب عن نابه؛ إذا أبداه ورفع شفتيه عند غضبه واكفهراره، انتهى.

[ج 2 ص 618]

(1/11037)

[حديث: ائذنوا له فبئس ابن العشيرة]

6131# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (ابْن المُنْكَدِر): هو مُحَمَّد بن المنكدر.

قوله: (اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ): هذا (الرجل): قال الخطيب البغداديُّ _كما نقله عنه النَّوَويُّ_: إنَّه مخرمة بن نوفل، وقيل: عُيَيْنَة بن حِصْن الفزاريُّ، وقال القاضي عياض في «شرح مسلم»: إنَّه عُيَيْنَة بن حِصْن، ولم يكن أسلم يومئذ، ذكر ذلك عنه النَّوَويُّ، ولم يزد، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، وقد ذكر غيرُ واحد القولَين فيه، وذكر السُّهَيليُّ في أوَّل (غزوة الخندق) في ترجمة عُيَيْنَة بن حِصْن: أنَّه الذي قال فيه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ شرَّ الناس مَن وَدَعَهُ الناس اتَّقاء شَرِّه»، انتهى.

قوله: (بِئْسَ [1] ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا شكٌّ من الراوي، وأنَّه جاء الجزم بالأوَّل، وتَقَدَّمَ أنَّ عشيرةَ الرَّجُل: أهلُه الأدنَون، وهم بنو أبيه.

(1/11038)

[حديث: أن النبي أهديت له أقبية من ديباج مزررة بالذهب]

6132# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ عُلَيَّةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (عَبْد اللهِ ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): هو عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، وهذا الحديث بهذا السند مرسلٌ؛ لأنَّ ابن أبي مُلَيْكَة تابعيٌّ، ولهذا عقَّبَه بقوله: (ورواه حَمَّاد بن زيد ... ) إلى آخره، وتعليق حَمَّاد بن زيد أسنده في (الخمس)، لكن بالإرسال، وأسند تعليق حاتم بن وردان متَّصلًا في (الشهادات).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 619]

(1/11039)

[باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين]

قوله: (بَابٌ: لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ): عن الخَطَّابيِّ: أنَّه يُروى على النهي بالسكون، وكسرُ الغين؛ لالتقاء الساكنين، وعلى الخبر بالضَّمِّ، وهو ضربُ مَثَلٍ؛ أي: لا يُستغفَل ويُخدَع مرَّةً بعد أخرى في شيءٍ واحدٍ، وقيل: المراد به: في أمر الآخرة دون الدنيا، وسبب هذا الكلام: أنَّ أبا عَزَّة عمرَو بن عبد الله الجُمَحِيَّ كان قد منَّ عليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم بدر، وكان فقيرًا ذا عِيَالٍ وحاجةٍ، وكان في الأُسارى، فقال: يا رسول الله؛ إنِّي فقيرٌ وذو عيالٍ وحاجةٍ، وقد عرفتها، فامنن عليَّ صلَّى الله عليك، فمنَّ عليه عليه السلام، ثُمَّ رجع أبو عزَّة يستنفر الناس بشِعره، هو ومسافع بن عبد مَناف، فأمَّا أبو عزَّة؛ فظفر به عليه السلام بعد وقعة أحُد بحمراءِ الأسد، فقال: يا مُحَمَّد؛ أَقِلْني، قال: «لا والله؛ لا تمسح عارضيك بمكَّة تقول: خدعت مُحَمَّدًا مرَّتين»، ثُمَّ أمر عاصم بن ثابت فضرب عنقه، وقال سعيد بن المُسَيّب فيه: قال عليه السلام: «لا يُلدَغ المؤمن من جُحْرٍ مرَّتَين».

تنبيهٌ: هذا اللفظ هو من جملة ألفاظٍ تكلَّم بها صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يُسبَق إلى شيءٍ منها، وقد ذكرتها في تعليقي على «سيرة ابن سَيِّد النَّاسِ» بعد (غزوة بدر) في (سريَّة عمير بن عديٍّ إلى عصماء)، وقال شيخنا هنا: قال ابن التين: وهذا مَثْلٌ قديمٌ تُمُثِّل به من قبل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهو عليه السلام لمَّا يتمثل بالأمثال القديمة، وأصل ذلك: أنَّ رجلًا أدخل يده في جُحْر، فلُدِغ منه مرَّةً ثانية، انتهى، ثُمَّ نَقل شيخُنا عن ابن بَطَّال: إنَّ هذا لكلامٌ ممَّا لم يُسبَق به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال شيخنا: وهذا مخالِفٌ لِما أسلفناه، انتهى؛ يعني: ما أسلفه عن ابن التين من أنَّه قديمٌ.

قوله: (وَقَالَ مُعَاوِيَةُ): هو معاوية بن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس الأمويُّ، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة، وكذا أبوه.

قوله: (لَا حِلمَ إِلَّا بِتَجْرِبَة): كذا في نسخة هي في أصل سماعنا، وعن ابن حِبَّانَ أنَّه رفعه في «صحيحه»، وفي نسخةٍ هي في الهامش وعليه تصحيح: (لا حَكِيم إلَّا ذو تجربة) [1].

(1/11040)

[حديث: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين]

6133# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، وتَقَدَّمَ أنَّ (المُسَيّب) بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 619]

(1/11041)

[باب حق الضيف]

(1/11042)

[حديث: ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟]

6134# قوله: (حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (رَوحًا) بفتح الراء، وقال بعضهم: وبضمِّها أيضًا، و (عُبَادة): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَأَفْطِرْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ.

قوله: (وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا): قال ابن قُرقُول: الزَّوْر: جمع (زائر)، يُقال: أتانا زَورٌ، الواحد والاثنان والجمع سواءٌ، ويقال: الزَّوْر: مصدرٌ سُمِّيَ به الزائر؛ كما قالوا: رجل صَوْمٌ وعَدْلٌ، ورجالٌ صَوْمٌ وعَدْلٌ، وقال في «النهاية»: الزَّوْر: الزائر، وهو في الأصل مصدرٌ وُضِع موضعَ الاسم؛ كصوم ونوم؛ بمعنى: صائم ونائم، وقد يكون الزَّوْر جمعَ (زائر)؛ كراكب ورَكْب، انتهى، وسيجيء قريبًا من كلام البُخاريِّ ما لفظه: (يُقَالُ ... هَؤُلَاءِ زَوْرٌ وَضَيْفٌ؛ وَمَعْنَاهُ: أَضْيَافُهُ وَزُوَّارُهُ، لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ، مِثْلُ قَوْمٍ رِضًا وَعَدْلٍ، يُقَالُ: مَاءٌ غَوْرٌ، وَبِئْرٌ غَوْرٌ، وَمَاءَانِ غَوْرٌ، وَمِيَاهٌ غَوْرٌ ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (مِنْ حَسْبِكَ): هو بإسكان السين، و (الحَسْب)؛ بإسكانها: الكفاية.

قوله: (فَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ [1]): هو مَنْصُوبٌ، و (كلَّه): بالبدل.

قوله: (فَشُدِّدَ عَلَيَّ): (شُدِّد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11043)

[باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه]

(1/11044)

[حديث أبي شريح: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه]

6135# قوله: (عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ): (أبو شريح): بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، الخزاعيُّ الكعبيُّ، واسمه خُوَيلد بن عمرو، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الحجِّ)، وفي (كتاب العلم) أيضًا.

قوله: (جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ): (جائزتُه): بالرفع، وهو مبتدأ، وخبره: (يومٌ وليلةٌ)، ويجوز النصب على بدل الاشتمال، ونصب (يومًا) على الظرف، قاله السُّهَيليُّ، ولفظه: وأمَّا مَن نصب؛ فعلى كذا وكذا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الجائزة).

قوله: (أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، يُقال: ثَوَى يثوِي، وثَوِيَ يَثْوَى، قال ابن قُرقُول: واختُلِف في الفُصحى منهما، وبالفتح في «العين»، و «الأفعال»، و «الجَمْهرة»، وبحسب اختلاف ذلك اختلف ضبطُ شيوخنا، فمنهم من فتح، ومنهم من كسر؛ أعني: الماضي، انتهى، وفي «صحاح الجوهريِّ»: ثَوَى بالمكان:

[ج 2 ص 619]

أقام به، يثوِي ثَوَاءً وثُوِيًّا؛ مثل: مضى يمضي مَضَاءً ومُضِيًّا، يقال: ثَوَيتُ البصرة، وأثويت بالمكان: لغةٌ في «ثويتُ»، ثُمَّ قال: وأثويت غيري، يتعدَّى ولا يتعدَّى، وثوَّيت غيري تثويةً.

قوله: (حَتَّى يُحْرِجَهُ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، قال ابن قُرقُول: أي: يَضيق صدره، وقيل: يُؤَثِّمه، والحَرَج: الإثم؛ معناه: يُعرِّضه للإثم، ويسبِّبه له، حتَّى يتكلَّم بما لا يجوز من سيِّء القول فيأثم، وقد جاء في الرواية الأخرى: (حتَّى يُؤَثِّمَه).

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

(1/11045)

[حديث أبي هريرة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر]

6136# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه الحافظ المسنَديُّ، وقد تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (سُفْيَانُ) بعد (ابن مهديٍّ): هو الثَّوريُّ، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ، وهذا اسمه عثمان بن عاصم، و (أَبُو صَالِح): اسمه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

==========

[ج 2 ص 620]

(1/11046)

[حديث: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا]

6137# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، و (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا اسمه واسم أبيه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (مرثد بن عبد الله اليزنيُّ) انتهى.

قوله: (فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (المظالم)، والأجوبة عن ذلك.

(1/11047)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ... ]

6138# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل _ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

(1/11048)

[باب صنع الطعام والتكلف للضيف]

قوله: (بَابُ صُنْعِ الطَّعَامِ): (صُنع) في أصلنا: بضَمِّ الصاد، وكذا أحفظه، وكذا قرأته على الشيوخ، ويشهد له قول الجوهريِّ: (الصُّنع؛ بالضَّمِّ: مصدرُ قولِك: صنع إليه معروفًا، وصنع به صنيعًا قبيحًا؛ أي: فعل) انتهى، وكذا ابن القطَّاع: وصنع الله لك صُنْعًا في جميع الأمور: هيَّأ، ولطف، وغيرُه، صَنيعةً، وصنع عندك معروفًا، والشيءَ صنعه: عَمِله، انتهى.

وقال شيخنا هنا: قوله في التبويب: (صَنع)؛ بفتح الصاد: مصدرٌ، وضبطه الدِّمْيَاطيُّ بخطِّه بالفتح، انتهى، كذا قال، ولعلَّه: بالضَّمِّ؛ حتَّى يُغايرَ ما تَقَدَّمَ، ويحتمل أن يكون استشهد بضبط الدِّمْيَاطيِّ على ما قاله، والأوَّل أظهرُ، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ المصدر بالضَّمِّ من كلام الجوهريِّ، وكذا هو في نسختي بـ «أفعال ابن القطَّاع» بالقلم، وهي صحيحةٌ جدًّا.

(1/11049)

[حديث: آخى النبي بين سلمان وأبي الدرداء فزار ... ]

6139# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (أَبُو الْعُمَيْسِ): هو بضَمِّ العين، وفتح الميم، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين، مهملتين، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عُتْبةُ بن عبد الله بن عُتْبة بن عبد الله بن مسعودٍ الهُذَليُّ المسعوديُّ الكوفيُّ، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، وقد تَقَدَّمَ (عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفَةَ) ضبطًا، وأنَّ اسمَ أبي جُحَيْفَة وهبُ بن عبد الله السُّوائيُّ، وتَقَدَّمَ لِمَ نُسِب، وتَقَدَّمَ (سَلْمَان) _وهو الفارسيُّ_ و (أَبُو الدَّرْدَاء) عويمر مترجمَين، رضي الله عنهما.

قوله: (فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً): (أمُّ الدرداء) هذه: هي الكُبرى، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمها خَيْرة، وتَقَدَّمَ أنَّ أمَّ الدرداء الصُّغرى اسمُها جُهَيمة _ويُقال: هجيمة_ بنت حُيَيٍّ الأوصابيَّة، وهي تابعيَّةٌ جليلةٌ، لها في الكُتُب السِّتَّة، وللصحابيَّة في «مسند أحمدَ»، وتَقَدَّمَ أنَّ مقتضى كلام شيخنا أن يكون البُخاريُّ علَّق لها، وإذا كان كذلك؛ فيلزم أن يترجمَها المِزِّيُّ ومَن تابعه، والله أعلم.

قوله: (مُتَبَذِّلَةً): أي: في ثياب بِذْلَةٍ، ويجوز (مبتذلة)؛ بتقديم المُوَحَّدة على المُثَنَّاة فوق، قاله ابن الأثير في «نهايته»، تَقَدَّمَ، وهما نسختان في أصلنا، الأولى في الأصل، والثانية في الطرَّة.

قوله: (لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا): الظاهر أنَّها تعني: الزوجة، وقد قال بعض حفَّاظ عصرنا ما لفظه: وقد أخرج ابنُ خزيمة والدَّارَقُطْنيُّ من طريق جعفر بن عون بالسند الذي ساقه البُخاريُّ، ولفظه: (ليست له حاجة في نساء الدنيا ... )؛ الحديث، انتهى.

قوله: (فَصَلَّيَا): هو بفتح اللام المُشَدَّدة، فعلٌ ماضٍ، لا فعل أمر، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَأَعْطِ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11050)

[باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْغَضَبِ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11051)

[حديث: أن أبا بكر تضيف رهطًا فقال لعبد الرحمن .... ]

6140# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وقدَّمت أنَّ عَبَّاس بن الوليد _بالمُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة_ له مكانان في «البُخاريّ»، وعيَّنتُهما، والمكان الثالث نسبه: (النرسي)، فزال ما يُحذَر منه، والله أعلم، و (عَبْدُ الأَعْلَى) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الأعلى، و (سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ)؛ بضَمِّ الجيم، وفتح الراء: هو سعيد بن إياس، كنيته أبو مسعود، ينسب إلى جُرَير _بضَمِّ الجيم، وفتح الراء_ ابن عُبَاد؛ بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، أخي الحارث بن عُبَاد بن ضُبَيعة بن قيس بن بكر بن وائل، وكذا يُنسَب غير سعيدٍ إليه، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللغات في (مَلٍّ).

قوله: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَضَيَّفَ رَهْطًا): تَقَدَّمَ أنَّ (الرهط): ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء الرهط لا أعرفهم، و (تضيَّفهم)؛ أي: اتَّخذهم أضيافًا، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 620]

قوله: (مِنْ قِرَاهُمْ): (القِرى): الضيافة، معتلٌّ غير مهموز، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقَالَ: اطْعَمُوا): هو بهمزة وصلٍ، وفتح العين؛ أي: كلوا، وهذا مَعْرُوفٌ، وكذا (اطْعَمُوا) الثانية، وكذا الثالثة.

قوله: (أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا): (ربُّ): بمعنى: صاحب.

قوله: (يا غُنْثَرُ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه.

قوله: (لَمَا [1] جِئْتَ): هو بتخفيف الميم، وقال شيخنا: هو مشدَّدٌ، بمعنى: (إلَّا)، ويصحُّ أن يكون مخفَّفًا، انتهى.

قوله: (وَاللهِ؛ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ): (أَطعَمه): بفتح الهمزة والعَين؛ أي: لا آكله، وكذا (وَاللهِ؛ لَا نَطْعَمُهُ): بفتح النون والعَين؛ أي: نأكله، وكذا (حَتَّى تَطْعَمَهُ): بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: تأكله، وكلُّ هذا مَعْرُوفٌ، و (هَاتِ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر التاء، فعل أمر من (هاتى يُهاتي)، الأمر منه: هاتِ.

قوله: (الأُولَى لِلشَّيْطَانِ): يعني: يمينه، وقال القاضي عياض: وقيل: اللقمة الأولى، فلِقَمْعِ الشيطان وإرغامِه ومخالفتِه في مراده باليمين، وهو إيقاع الوحشة بينه وبين أضيافه، فأخزاه أبو بكر بالحِنث الذي هو خيرٌ، انتهى، واقتصر شيخنا هنا على القول الثاني، ثُمَّ ذكر في الباب نفسِه القولَين، وقدَّم الأوَّل الذي قدَّمتُه، والله أعلم.

(1/11052)

[باب قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل]

قوله: (فِيهِ حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (أبي جُحَيْفَة)، وأنَّه وَهْبُ بن عبد الله السُّوائيُّ، قريبًا وبعيدًا مرارًا.

==========

[ج 2 ص 621]

(1/11053)

[حديث: جاء أبو بكر بضيف له فأمسى عند النبي]

6141# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (سُلَيْمَانَ) بعده: هو سليمان بن طرخان التيميُّ، من السادة، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه النهديُّ، عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (قَالَت لَهُ [1] أُمِّي): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّه وأمَّ عائشة: أمُّ رُومان دعدٌ، ويقال: زينب، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (وَجَدَّعَ): تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (لَا يَطْعَمَه): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكله، وكذا تَقَدَّمَ (غُنْثَرُ).

قوله: (كَأَنَّ هَذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ).

قوله: (إِلَّا رَبَا): هو غير مهموز، بل معتلٌّ؛ ومعناه: زاد.

قوله: (أَكْثَرُ): مَرْفُوعٌ فاعل (رَبَا).

قوله: (يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ رومان، وقوله: (يا أخت بني فراس)؛ أي: مَن هي من بني فِراس، وقد تَقَدَّمَ نسبها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قولها: (لَا [2]، وَقُرَّةِ عَيْنِي)، وما قاله الداوديُّ.

(1/11054)

[باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال]

قوله: (وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ): (يبدأ): بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/11055)

[حديث: أتستحقون قتيلكم بأيمان خمسين منكم؟]

6142# 6143# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة، و (يَسار): بتقديم المُثَنَّاة تحت، وهذان [1] ظاهران عند أهل الحديث، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر الدال المُهْمَلَة، (وَسَهْل بْن أَبِي حَثْمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الثاء المُثَلَّثَة.

قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وعلى نسبهما، وأنَّ (مُحيصة) بإسكان المُثَنَّاة تحت، وبكسرها مُشَدَّدة، وكذا أخوه (حويصة): بإسكان الياء المُثَنَّاة تحت، وبكسرها مُشَدَّدة، والأشهر فيهما التشديد، ابنا مسعود بن كعب بن عامر بن عديِّ بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاريَّان الحارثيَّان المدنيَّان الصَّحَابيَّان المشهوران.

قوله: (فَبَدَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: («كَبِّرِ الْكُبْرَ»، قَالَ يَحْيَى: يَعْنِي [2]: لِيَلِيَ الْكَلَامَ الأَكْبَرُ): (كَبِّر): فعل أمر، و (الكُبْر)؛ بضَمِّ الكاف، وإسكان المُوَحَّدة: مَنْصُوبٌ مفعول (كَبِّر)؛ أي: قدِّمِ السِّنَّ، وقد فسَّره يحيى؛ وهو ابن سعيد الأنصاريُّ المذكورُ في السند،، وهو جمع (أكبر)؛ مثل: أحمر وحُمْر؛ ومثله قوله عليه السلام: «ادفعوه إلى كُبْر خزاعة»، ويُروى في هذا: (إلى أكبر)، والله أعلم، [و (لِيَلِيَ): كذا في أصلنا، وهي مفتوحة الياء على أنَّها لام (كي)، والجادَّة حذف الياء من (لِيَلِ)، وكسر اللام على الأمر] [3].

قوله: (فَوَدَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِهِ): سأذكر هذا مع ما يخالفه، وأجمع بينها، وقوله: (فوَدَاهم): أي: أعطى دِيَتَهُم.

قوله: (مِنْ قِبَلِهِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وهكذا أحفظه، وقال بعضهم: ويُروى بفتح القاف، وإسكان المُوَحَّدة، كذا قال.

قوله: (مِرْبَدًا لَهُمْ): (المربد): تَقَدَّمَ الكلام عليه ضبطًا ومعنًى.

(1/11056)

قوله: (وَقَالَ [4] اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ): (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (يحيى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ القاضي، و (بُشَير): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وتعليق الليث أخرجه مسلمٌ في «صحيحه».

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ، و (بُشَيْر): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وتعليق ابن عُيَيْنَة أخرجه النَّسائيُّ عن عَمرٍو الناقد عن سفيان به.

(1/11057)

[حديث: أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم؟]

6144# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيهُ.

قوله: (مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ): تَقَدَّمَ الكلام على وجه شَبَهِهَا بالرجل المسلم في (كتاب العلم) في أوَّل هذا التعليق.

[ج 2 ص 621]

قوله: (وَلَا تَحُتُّ وَرَقُهَا): (ورقُها): مَرْفُوعٌ في أصلنا، وفيه نظرٌ، ثُمَّ إنَّه غُيِّر إلى النصب، وهو الذي يظهر، مفعولٌ، يُقال: حَتَّه: فركه وقَشَره؛ فانحاتَّ وتحاتَّ، والورق: سقطتْ؛ كانحتَّتْ، وتحاتَّتْ، وتَحَتْحَتَتْ.

قوله: (وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ): (ثَمَّ): بفتح الثاء المُثَلَّثَة؛ أي: هناك.

(1/11058)

[باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه]

قوله: (وَالرَّجَزِ): (الرَّجَز): معروفٌ، وفيه قولان في أنَّه شِعرٌ أم لا، والصحيح: أنَّه شِعر، وقد تَقَدَّمَ، وقد عطفه البُخاريُّ على (الشِّعر)، فهو غيره عنده، وهو أحد القولين، والله أعلم.

قوله: (وَالْحُدَاءِ): هو بضَمِّ الحاء وبالدال المُهْمَلَتين، وبالمدِّ في آخره، وكذا ضبطه شيخنا في «شرحه»، و (الحَدْو): سَوْق الإبل والغناءُ لها، وقد حدوتُ الإبل حدوًا وحُدَاءً، انتهى، وقال بعضهم: بضَمِّ الحاء وكسرها، مقصورٌ، انتهى، وقال في «الجَمْهرة»: الحَدْو: مصدرٌ، يمكن أن يكون من حدوتُه أَحدُوه، والاسم: الحُدَاءُ، انتهى، والظاهر أنَّ (الحَدْوَةَ) المفردُ، والجمعَ: حِدَاءٌ؛ كرَكْوَةٍ ورِكَاء، والله أعلم.

قوله: (وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 622]

(1/11059)

[حديث: إن من الشعر حكمة]

6145# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (مَرْوَان بْن الحَكَمِ): تَقَدَّمَ أنَّه تابعيٌّ، وليس بصَحَابيٍّ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ)، وبعد (يغوث): ابن وهب بن عبد مَناف بن زُهْرة، أبو مُحَمَّد، زهريٌّ، لا تصحُّ له رؤيةٌ، وشهد الحكمين، له رواية، روى عن أبي بكر، وعمر، وأُبيِّ بن كعب، وعائشة، وغيرِهم، وعنه: مروان بن الحكم، وعبيد الله بن عديِّ بن الخِيَار، وأبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وجماعةٌ، قال أحمد العِجْليُّ: تابعيٌّ ثقة، رجلٌ صالح من كبار التابعين، ترجمته معروفة، له في الكتب حديثٌ واحدٌ؛ وهو هذا: الزُّهْرِيُّ عن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، عن مروان بن الحكم، عنه، عن أُبيٍّ: «إنَّ من الشِّعر حكمةً»، وهذا السند فيه أربعةٌ تابعيُّون، يروي بعضهم عن بعض، وله غير نظير، تَقَدَّمَ، أخرج لعبد الرَّحْمَن البُخاريُّ وأبو داود.

قوله: (إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً): أي: ما يمنع من الجهل، وقيل: الحكمة: الإصابة في القول من غير نبوَّة، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 622]

(1/11060)

[حديث جندب: هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت]

6146# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (جُنْدب): بضَمِّ الدال وفتحها، وهو ابن عبد الله بن سفيان البَجَليُّ ثُمَّ العَلَقيُّ، صَحَابيٌّ جليلٌ مشهورٌ، وفي الصَّحَابة من اسمه جندب بالمشار إليه ثلاثةَ عشرَ؛ فلهذا ميَّزته.

~…قوله: (هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ…وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ):

تَقَدَّمَ الكلام على هذا وأشباهه، والجمع بين ما وقع منه عليه السلام وبين قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69]، وأنَّ هذا الكلام وما أشبهه وقع منه عليه السلام لا بقصد الشِّعر، فلا يُسمَّى شِعرًا؛ لأنَّ للشِّعر ثلاثةَ شروطٍ حتَّى يكون شِعرًا؛ أحدها: أن يكون موزونًا، والثاني: مقفًّى، والثالث: مقصودًا، وهذا اختلَّ فيه شرط القصد، هذا إن قلنا: إنَّ الرجز شِعرٌ، وفيه خلافٌ تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، والصحيح: أنَّه شِعرٌ، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ مقتضى كلام البُخاريِّ: أنَّ الرَّجَز ليس بشِعرٍ؛ لأنَّه عطفه على (الشِّعر)، والعطف يقتضي التَّغايُر، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال ابن هشام في «السيرة»: وحدَّثني مَن أثق به: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال وهو بالمدينة: «من لي بعيَّاش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي»، فقال الوليد بن الوليد بن المغيرة: أنا لك يا رسول الله بهما، فخرج إلى مكَّة، فقَدِمها مستخفيًا ... ) إلى أن قال: (ثُمَّ حملهما على بعيره، وساق بهما، فعَثَر، فدَمِيَت إصبعه، فقال:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ)

انتهى، وقد رأيت ابنَ سعد أنشده للوليد بن الوليد في ترجمة في «الطبقات»، فلعلَّ هذا للوليد، وتمثَّل به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قاله ولم يقصد به الشِّعر، فسمعه الوليد، فتمثَّل به حين عَثَر، والله أعلم، ورأيت بخطِّ شيخنا الشارح في «شرحه» هذا في (الجهاد) أنَّ ابن التين قال: هذا الشِّعر لابن رواحة، انتهى، وقال شيخنا هنا: قد سلف أنَّه قول ابن رواحة، تمثَّل به صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، انتهى، وقد قال السُّهَيليُّ في أوَّل (غزوة خيبر): (وقال أيضًا إمَّا متمثِّلًا وإمَّا مُنشِئًا:

(1/11061)

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ)

انتهى.

(1/11062)

[حديث: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء]

6147# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّه بُنْدَار، وبُنْدَارٌ لقبٌ لمُحَمَّد، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحْمَن، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: لم أرَ مَن عيَّنه مَن هو منهما، وابن مهديٍّ روى عنهما، وهما عن عبد الملك بن عُمير، والله أعلم، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عُمير، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (كَلِمَةُ لَبِيدٍ): تَقَدَّمَ بعض الكلام على (لبيد) هذا، وأنَّه ابن ربيعة بن مالك، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وأنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عثمانَ، وقيل: في أوَّل خلافة معاوية، والأوَّل أصحُّ.

قوله: (مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ): المراد به الخصوصُ؛ لأنَّ كلَّ ما قرَّب إلى الله تعالى؛ فليس بباطلٍ، وإنَّما أراد: كلَّ شيءٍ من أمر الدنيا الذي لا يؤول إلى طاعة الله ولا يقرِّب منه؛ فهو باطلٌ، قاله ابن بَطَّال، وقال الداوديُّ: أراد به: ما عدا الأنبياء، والرُّسُل، والملائكة، والكتب، والبعث، وأراد: (ما خلا الله): ما لم يكن لله، نقله شيخنا عنهما، والله أعلم.

(1/11063)

وقال الإمام السُّهَيليُّ لمَّا ذكره: وليس فيه ما يشكل غير سؤالٍ واحدٍ، وهو قوله عليه السلام: «أصدق كلمة قالها الشاعر قولُ لبيد: أَلَا كلُّ شيء ما خلا الله باطلُ»، فصدَّقه في هذا القول، وهو يقول عليه السلام في مناجاته: «أنت الحقُّ، وقولك الحقُّ، ووعدك الحقُّ، والجنَّة حقٌّ، والنار حقٌّ، ولقاؤك حقٌّ»، فكيف يجتمع هذا مع قوله: (أَلَا كلُّ شيء ما خلا الله باطلُ)؟ فالجواب من وجهين؛ أحدهما: أن يريد بقوله: (ما خلا الله)؛ أي: ما عداه، وعدا رحمته التي وعد بها، فإنَّ وعده حقٌّ، وما عدا عقابه الذي يوعِد به، والباطل ما سواه، والجنَّة ما وعد به من رحمته، والنار ما يوعِد به من عقابه، وما سوى هذا؛ فباطلٌ؛ أي: مُضْمَحِلٌّ، والجواب الثاني: أنَّ الجنَّة والنار وإن كانتا حقًا؛ فإنَّ الزوال عنهما جائزٌ لذاتهما، وإنَّما يبقيان بإبقاء الله لهما، وأنَّه يخلق الدوام لأهلها على قول مَن جعل الدوام والبقاء معنًى زائدًا على الذات، وهو قول الأشعريِّ، وإنَّما الحقُّ على الحقيقة مَن لا يجوز عليه الزوال، وهو القديم الدائم الذي انعدامه محالٌ؛ ولذلك قال عليه السلام: «أنت الحقُّ»؛ بالألف واللام؛ أي: المستحقُّ لهذا الاسم على الحقيقة، و «قولك الحقُّ»؛ لأنَّ قولَه قديمٌ، وليس بمخلوق فيبيدَ، و «وعدك الحقُّ» كذلك؛ لأنَّ وعدَه كلامُه، هذا مقتضى الألف واللام، ثُمَّ ذكر تتمَّة كلامه، وهو حسنٌ؛ فراجعه إن أردته، والله أعلم.

(1/11064)

قوله: (وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ): هذا من قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسيجيء من كلامي التصريحُ بأنَّه من كلامه عليه السلام، كما في «مسلم»، واعلم أنَّ أُمَيَّة بن أبي الصلت هذا سمع عليه السلام شِعرَه الذي فيه حكمةٌ، واسم أبي الصلت: عبد الله بن ربيعة بن عوف بن عقدة بن غِيَرة _بكسر الغين المُعْجَمَة_ ابن قسيٍّ _وهو ثقيفٌ_ الثقفيُّ، كان أُمَيَّة هذا يتعبَّد في الجاهليَّة، ويؤمن بالبَعث، وينشد في إثباته الشِّعر، وأدرك الإسلام، ولم يسلم، روى مسلمٌ في «صحيحه» من حديث الشَّريد بن سويد قال: (ردفت النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا، فقال: «هل معك من شِعر أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت شيءٌ؟»، قلت: نعم، قال: «هيه»، فأنشدته بيتًا، فقال: «هيه»، ثُمَّ أنشدته بيتًا، فقال: «هيه»، حتَّى أنشدته مئةَ بيتٍ، فقال: «إنَّه كاد ليسلم»)، وفي رواية: «كاد يُسلِم في شِعره»، وقد تَقَدَّمَ غير هذه المرَّة؛ فانظره إن شئت، وقد قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا لأخته الفارعة _وهي صحابيَّة_: «هل تحفظين شيئًا من شِعر أخيك؟»، فأخبرته خبره، وما رأت منه، وقصَّت عليه قصَّته في شقِّ جوفه، وإخراج قلبه، ثُمَّ صَرْفه مكانه وهو نائمٌ، وأنشدت له الشِّعر الذي أوَّله:

~…بَاتَتْ هُمُومِي تَسْرِي طَوَارِقُهَا…أَكُفُّ عَيْنِي والدَّمْعُ سَابِقُهَا

نحو ثلاثةَ عشرَ بيتًا، ذكر ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة أخته الفارعة منها أربعةَ أبياتٍ، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: وفي الخبر حضور وفاته، وأنَّه قال عند المعاينة [من الرجز]:

إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا

وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلمَّا

[ج 2 ص 622]

ثُمَّ قال بيتَين ذكرهما ابنُ عَبْدِ البَرِّ، ثُمَّ مات، فقال لها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يا فارعة؛ مَثَل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته، فانسلخ منها، فأتبعه الشيطان، فكان من الغاوين»، ذكر الخبرَ بتمامه ابنُ إسحاق عن ابن المُسَيّب، قال أبو عمر: أنا اختصرته، ثُمَّ ذكر سنده به.

(1/11065)

[حديث: من هذا السائق؟]

6148# قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر في مكانها، وفي غير مكان.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ): هذا الرجل القائل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.

قوله: (أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (غزوة خيبر)، وأنَّ معناها: من أخبارك، وأمورك، وأشعارك، فكنَّى عن ذلك كلِّه.

قوله: (وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا): قد يَفهمُ الشخص من هذا: أنَّ هذا الذي قاله هنا مِن قوله، وإنَّما هو مِن قول عبد الله [بن] رواحة؛ فاعلمه.

قوله: (اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) أنَّ هكذا الرواية، وأنَّ صوابها في الوزن: لاهمَّ، أو تالله، أو والله؛ كما في الحديث الآخر: (لولا اللهُ)، والله أعلم، وكذا تَقَدَّمَ (فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ)، وكذا (مَا اقْتَفَيْنَا)، والكلام على (السَّكِينَة)، وعلى (آَتَيْنَا)، وكذا (عَوَّلُوا)، وعلى (الرَّجُل) الذي قال: (وَجَبَتْ)، وأنَّه عمر بن الخَطَّاب، كما صَرَّحَ به مسلمٌ في «صحيحه»، وابنُ إسحاق في «سيرته»، وعلى (وَجَبَتْ)، وأنَّ مراده: وجبت له الشهادة، وتَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) لِمَ قال عمرُ ذلك، وعلى (أَمْتَعْتَنَا)، وأنَّه بقطع الهمزة، وعلى (المَخْمَصَة)، وأنَّها المجاعة، وعلى (الحُمُر الإِنْسِيَّةِ)، وعلى (الرَّجُل) الذي قال: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَوْ نُهَرِيقُهَا؟)، وأنِّي لا أعرف اسمه، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: يحتمل أن يكون عمرَ، وعلى (أوْ): أنَّها بإسكان الواو، وكذا قوله: (أَوْ ذَاكَ): أنَّها بإسكان الواو أيضًا، وأنَّها على الإباحة والتسوية، وأنَّه لا يجوز فيها الفتح، وعلى (عَامِر)، وأنَّه عمُّ سلمة بن عَمرو بن الأكوع، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما وقع في «مسلمٍ» مِن كونه أخًا لسَلَمة، وعلى (اليَهُودِيِّ) الذي تناوله ليضربه، وأنَّه مرحبٌ، وأنَّ الشاهد له في «مسلمٍ»، وعلى (ذُبَاب السَّيْفِ)، وأنَّه بضَمِّ الذال المُعْجَمَة، وهو طرفه الذي يُضرَب به، قاله الجوهريُّ، وعلى قوله: (فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ)، وفي (خيبر): (عين ركبته)، وعين الركبة: رأسها، وعلى (قَفَلُوا)، وأنَّ معناها: رجعوا، كلُّ ذلك في (غزوة خيبر).

(1/11066)

قوله: (شَاحِبًا): هو بالشين المُعْجَمَة، وبعد الألف حاء مهملة مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدة مُخَفَّفة، قال ابن قُرقُول: هو تغيُّر اللون من مرضٍ أو جَزَعٍ، ولا يقال من الشمس: شَحَبَ، يقال: شَحَب لونُه يشحَب؛ بالفتح فيهما، قال أبو زيد: ولا يقال: شَحُب؛ بالضَّمِّ، انتهى، وفي «الصحاح»: شحَب جسمه؛ بالفتح، يشحُب؛ بالضَّمِّ، شحوبًا؛ إذا تغيَّر، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وشحُب جسمُه؛ بالضَّمِّ، شحوبةً: لغةٌ فيه حكاها الفرَّاء، انتهى، وفي «القاموس» ما لفظه: شَحَبَ لونُه؛ كجَمَعَ، ونَصَرَ، وكَرُم، وعُنِيَ، شحوبًا وشحوبةً: تغير من هزالٍ، أو جَزَعٍ، أو سَفَرٍ.

قوله: (فِدَاءً [1] لَكَ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فُلَانٌ وَفُلَانٌ [2] وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ): وكذا في «مسلم»، ولا أعرف (فلانًا وفلانًا) المذكورَين مع أُسَيد، و (أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الهمزة، وفتح السين، و (حُضَير): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وأُسَيدٌ صَحَابيٌّ جليلٌ مشهورٌ، رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة خيبر)، وكذا (نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ)، و (مشى بها) أيضًا، و (مثلُه) هنا: مَرْفُوعٌ، كذا هنا، وفي (غزوة خيبر): (مثلُه): مَرْفُوعٌ في الأصل، وفي الهامش نسخةٌ وعليها علامة راويها: (مثلَه)؛ مَنْصُوبٌ، وهما جائزان من حيث العربيَّةُ.

(1/11067)

[حديث: ويحك يا أنجشة رويدك سوقًا بالقوارير]

6149# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ): هؤلاء لا أعرفهنَّ بأعيانهنَّ، و (أَمُّ سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَت مع الاختلاف في اسمها.

قوله: (يَا أَنْجَشَةُ): هو عبدٌ أسودُ كان يسوق _أو يقود_ بنساء النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عام حجَّة الوداع، وكان يحدو، وكان حسنَ الصوت، وكانت الإبل تزيد في الحركة بحُدائه، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «رويدًا يا أنجشة، رِفقًا بالقوارير»؛ يعني: النساء.

قوله: (رُوَيْدَكَ): تصغير (رُوْدٍ)؛ وهو الرفق، وانتصب على الصفة لمصدرٍ محذوفٍ؛ أي: سَوقًا رُويدًا، أو: اُحدُ حُداءً رُويدًا، على اختلاف الناس فيما أمره به، و (رويدك): على الإغراء؛ أي: الزم رِفْقَك، أو على المصدر؛ [أي]: أروِدْ [1] رُوَيْدَك؛ مثل: ارفُق رِفْقَكَ، وقال الإمام السُّهَيليُّ في «روضه»: (رُوَيْدَك)؛ أي: رِفقًا، جاء بلفظ التصغير؛ لأنَّهم يريدون به تقليلًا ما؛ أي: ارفق قليلًا، وليس له مُكبَّر من لفظه عند أكثر الناس، وقد حكى أبو عُبيد أنَّ له مُكبَّرًا؛ وهو رُوْدٌ؛ لأنَّ المصدر: إرواد، إلَّا أن يكون من باب تصغير الترخيم؛ وهو أن يُصغَّر الاسم الذي فيه الزوائد فتحذفها في التصغير، فتقول في أسود: سُوَيد، وفي مثل إرواد: رُوَيد، انتهى.

(1/11068)

قوله: (سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ): (سَوقًا): قال الشيخ محيي الدين: (سَوقًا): مَنْصُوبٌ بإسقاط الجارِّ؛ أي: ارفق في سوقك، انتهى، وقال ابن الأثير: مصدرٌ، أراد النساء، شبَّهَهُنَّ بالقوارير من الزُّجَاج؛ لأنَّه يُسرِع إليهنَّ الكسرُ، وكان أنجشةُ يحدو أو يُنشد القريظ والرَّجَز، فلم يأمن أن يصبيهنَّ أو يقعَ في قلوبهنَّ حداؤه، فأمره بالكفِّ عن ذلك، وفي المَثَل: (الغناء رُقْيَة الزِّنى)، قال القاضي عياض: وهذا أشبه بمقصوده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وبمقتضى اللفظ، قال: وهو الذي يدلُّ عليه كلامُ أبي قِلَابَة المذكورُ في الحديث في «مسلم»، انتهى، وقيل: أراد: أنَّ الإبل إذا سمعت الحُداء؛ أسرعت في المشي واشتدَّت، فأزعجت الراكب وأتعبته، فنهاه عن ذلك؛ لأنَّ النساء يضعُفْنَ عن شدَّة الحركة، وواحد (القوارير): قارورة، سُمِّيَت بها؛ لاستقرار الشراب بها، والله أعلم.

قوله: (قالَ أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (فَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ، لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا [2] بَعْضُكُمْ؛ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ): قال شيخنا: قال الداوديُّ: إنَّما قاله لأهل العراق؛ لما فيه من التكليف والزَّهْوِ، ومعارضةً بالباطل، وقد تَقَدَّمَ ما قاله القاضي عياض في كلام أبي قِلَابَة أعلاه، والله أعلم.

(1/11069)

[باب هجاء المشركين]

قوله: (بَابُ هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: كلُّ هذه الأحاديثِ مطابقةٌ، وشعر ابن رواحة أيضًا لقوله:

~… ................. …إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ

والله أعلم.

[ج 2 ص 623]

(1/11070)

[حديث: استأذن حسان بن ثابت رسول الله في هجاء المشركين]

6150# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلَام، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلام، انتهى، و (عَبْدة)؛ بإسكان المُوَحَّدة: هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَعَنْ هِشَامٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فروى هذا البُخاريُّ عن مُحَمَّد _هو ابن سلَام_، عن عَبْدة _هو ابن سليمان_، عن هشام، عن أبيه به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

قوله: (لَا تَسُبُّهُ): يجوز في بائه الضمُّ _وهو الذي نصَّ عليه سيبويه_ والفتح، وقد تَقَدَّمَ نظراؤه.

قوله: (كَانَ يُنَافِحُ): هو بالفاء، والحاء المُهْمَلَة؛ أي: يُدافع ويُخاصم، يُقال: نافحت عنه، ونفحت عنه: خاصمت ودافعت.

(1/11071)

[حديث: إن أخًا لكم لا يقول الرفث.]

6151# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو أصبغ بن الفرج الفقيه، و (ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ [1]): مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (فِي قَصَصِهِ): هو بفتح القاف، وكذا هو في أصلنا، يُقال: قصَّ عليه الخبرَ قَصَصًا؛ بالفتح، والاسم أيضًا: القَصَص؛ بالفتح، وُضِع موضعَ المصدر حتَّى صار أغلبَ عليه، والقِصَص؛ بكسر القاف: جمع (قصَّة)؛ التي تُكتَب، والله أعلم.

قوله: (لَا يَقُولُ الرَّفَثَ): أي: لا يأتي برفث الكلام وفُحْشِه، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّفَث).

قوله: (يَعْنِي بِذَلِكَ [2]: ابْنَ رَوَاحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن رَواحة بن ثعلبة الأنصاريُّ، من بني الحارث بن الخزرج، أبو مُحَمَّد، نقيبٌ بدريٌّ أميرٌ، قُتِل يوم مؤتة شهيدًا، ترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ متى كانت مؤتة، وأين هي، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمدُ في «المسند»، وأخرج له بقيُّ بن مَخْلد حديثًا واحدًا.

قوله: (سَاطِعُ): أي: مرتفع.

قوله: (يُجَافِي جَنْبَهُ): (يجافِي): بكسر الفاء، و (جنبَه): مَنْصُوبٌ مفعول.

قوله: (إِذَا اسْتَثْقَلَتْ): كذا للكافَّة؛ أي: استثقلت بهم، وعند أبي ذرٍّ: (استقلَّت)، والمعنى متقاربٌ، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (تَابَعَهُ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على يونس؛ هو ابن يزيد الأيليُّ، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): هو ابن شهاب المذكورُ في السند الذي قبله، ومتابعة عُقَيل عن الزُّهْرِيِّ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجها شيخُنا، لا هنا ولا في (الصلاة).

(1/11072)

قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (الزُّبَيديُّ)؛ فهو مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديُّ؛ بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، و (سعيد): هو ابن المُسَيّب، و (الأعرج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، ويعني بذلك: أنَّ يونس وعُقَيلًا رَوَيَاه عن الزُّهْرِيِّ، عن الهيثم بن أبي سنان، عن أبي هريرة، وأنَّ مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديَّ خالفهما، فرواه عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد والأعرج، عن أبي هريرة، وهذا ظاهِرٌ، وتعليق الزُّبَيديِّ لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما [في] «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخُنا هنا ولا في (الصلاة).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابْن شِهَابٍ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بِذَاكَ).

[ج 2 ص 624]

(1/11073)

[حديث: يا حسان أجب عن رسول الله اللهم أيده بروح القدس.]

6152# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَخُوهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه لا عبرة بما قاله الأزديُّ فيه، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (ابْن شِهَاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، والسند الأوَّل الذي قدَّمه أعلى من السند الثاني برَجُلين؛ لأنَّ الإسناد الأوَّلَ: الزُّهْرِيُّ بينه وبين البُخاريِّ اثنان، والإسناد الثاني بين الزُّهْرِيِّ والبُخاريِّ أربعةٌ، والله أعلم.

قوله: (نَشَدْتُكَ بِاللهِ): أي: سألتك بالله.

قوله: (بِرُوحِ الْقُدُسِ): (روح القُدُس): هو جبريل صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ لأنَّه روحٌ مطهَّرة مقدَّسة.

==========

[ج 2 ص 624]

(1/11074)

[باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر ... ]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى الإِنْسَانِ الشِّعْرُ ... ) إلى آخر الترجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديثَي الباب على عادته، ثُمَّ قال: وطابقَ الحديثُ الترجمةَ بالمفهوم؛ لأنَّه إذا ذمَّ الامتلاء الذي لا متَّسعَ [1] معه لغيره، فدلَّ أنَّ ما دون ذلك لا يدخله الذمُّ، انتهى.

قوله: (يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في (أ): (يسع)، وفي هامشها: (لعلَّه: أو يتَّسع)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 624]

(1/11075)

[حديث ابن عمر: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له ... ]

6154# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حَنْظَلَةُ): هذا هو حنظلة بن أبي سفيان القرشيُّ الجُمَحيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنا).

[ج 2 ص 624]

(1/11076)

[حديث أبي هريرة: لأن يمتلئ جوف رجل قيحًا يريه خير ... ]

6155# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (قَيْحًا يَرِيهِ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة مثل الأولى ساكنة، ثُمَّ هاء الضمير، وفي نسخة في هامش أصلنا: (حتَّى يَريَهُ)، وهذه النسخة منسوبةٌ للدِّمْياطيِّ، قال ابن قُرقُول: قال أبو عبيد: من الوَرْيِ؛ وهو أن يَدْوَى جوفُه، قال الخليل: هو قيحٌ يَأكل جوفَ الإنسان، انتهى، وفي «النهاية»: من الوَرْيِ: الداءُ، يقال: وَرِي يَوْرَى، فهو مَوْرِيٌّ؛ إذا أصاب جوفَه الداءُ، قال الأزهريُّ: الوَرْيُ مثال: الرَّمْيِ، داءٌ يدخل الجوف، يُقال: رجلٌ مَوْرِيٌّ؛ غير مهموز، وقال الفرَّاء: هو الوَرَى؛ بفتح الراء، قال ثعلب: هو بالسكون المصدرُ، وبالفتح الاسم، وقال الجوهريُّ: وَرَى القيحُ جوفَه يَرِيْه وَرْيًا: أكله، وقال قومٌ: معناه: حتَّى يصيب رئته، وأنكره غيرهم؛ لأنَّ الرئة مهموزة، وإذا بنيتَ منها فعلًا؛ قلت: رآه يَراؤه، فهو مريٌّ، وقال الأزهريُّ: إنَّ الرئة أصلها من وَرَى، وهي محذوفة منه، تقول: وَرَيتُ الرجل،

[ج 2 ص 624]

فهو مَوْرِيٌّ؛ إذا أصبتَ رئته، والمشهور في الرئة الهمز، انتهى، وعن ابن الجوزيِّ: (حتى يَريَهُ)، وههنا بإسقاط (حتَّى)؛ يعني: فتكون (يريْه) ساكنةَ الياء، قال: فنرى جماعةً من المبتدئين ينصبون (يريه)؛ جريًا على العادة في قراءة الحديث الذي فيه (حتَّى)، وليس ههنا ما ينصب، سمعته من ابن الخشَّاب، انتهى، وقد سمعت أنا بعضَ فضلاء بلدنا نصبه في المذاكرة، لا في القراءة على الناس، وقال بعضهم: رواية الأصيليِّ بالنصب؛ يعني: من غير (حتَّى)، قال: على بدل الفعل من الفعل؛ يعني: بدل من (يمتلئ) المنصوب، انتهى، وإنَّما يُبدَل الفعل من الفعل إذا كان بمعناه، و (يمتلئ) ليس بمعنى: (يريه)، والله أعلم؛ فيُحرَّر ذلك؛ هل هو بمعناه أم لا؟

(1/11077)

تنبيهٌ: قال لنا شيخنا الحافظ نور الدين الهيثميُّ تلميذ شيخنا الحافظ العِرَاقيِّ وخادمُه: «لَأَن يمتلئ جوف أحدكم قَيْحًا خيرٌ له من أن يمتلئَ شِعرًا هُجِيتُ به»، في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من رواية مُحَمَّد بن المنكدر عن جابر، انتهى، وقد رأيت الحديثَ في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» كما ذكره الحافظ نور الدين، وقد رواه عن الجرَّاح بن مليح: حدَّثنا أحمد بن سليمان الخراسانيُّ: حدَّثنا أحمد بن محرز الأزديُّ، عن مُحَمَّد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، وفي سند هذا الحديث: أحمد بن محرز الأزديُّ، وصوابه: النَّضْر بن محرز الأزديُّ، والنَّضْر مجهولٌ، وقال ابن حِبَّانَ: لا يُحتَجُّ به، وقال ابن عديٍّ وساق له حديثَين، ثلاثة: هذه الأحاديث غير محفوظة، منها الحديث المذكور في الأصل الذي ذكرته من عند أبي يعلى، ثُمَّ إنِّي رأيت الحديثَ المشارَ إليه في «موضوعات الحافظ أبي الفرج ابن الجوزيِّ» بالسند المذكور، ثُمَّ عقَّبه ابن الجوزيِّ بأنَّه موضوع، والنَّضْر لا يُتابَع على هذا الحديث، ولا يُعرَف إلَّا به، قال ابن حِبَّانَ: لا يجوز الاحتجاج بالنَّضْر، وإنَّما يُعرَف هذا الحديثُ بالكلبيِّ عن أبي صالح، وليسا بشيء، انتهى.

وقال السُّهَيليُّ في (غزوة وَدَّان) في «روضه»: قال عليه السلام: «لَأَن يمتلئ جوفُ أحدِكم قَيْحًا خيرٌ له من أن يمتلئَ شِعرًا»، تأوَّلته [1] عائشة رضي الله عنها في الأشعار التي هُجِيَ بها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأنكرت قولَ مَن حمله على العموم في جميع الشِّعر ... إلى آخر كلامه، انتهى، وقال شيخنا: وفسَّر الشَّعْبيُّ هذا الحديثَ بالشِّعر الذي هُجِيَ به النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ووهَّاه أبو عبيد والداوديُّ؛ لأنَّ شطر بيت من ذلك كفرٌ، والراوي أحد الشاتمَين، قال أبو عبيد: والذي عندي: أنَّه إذا غلب عليه، وصدَّه عن الذكر والقرآن، كما بوَّب عليه البُخاريُّ، انتهى.

(1/11078)

[باب قول النبي: «تربت يمينك»، و «عقرى حلقى»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرِبَتْ يَمِينُكِ» و: «عَقْرَى حَلْقَى»): (تَرِبَتْ يمينُكِ): هو بكسر الكاف على الخطاب لمؤنَّث، تَقَدَّمَ الكلام عليه في (تربت يداك)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عَقْرَى حَلْقَى)، والله أعلم، ومَن قال: إنَّهما مصدران؛ (عَقْرًا حَلْقًا).

(1/11079)

[حديث: ائذني له فإنه عمك تربت يمينك.]

6156# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهل هو أفلح أخو أبي القُعَيس _كما جاء في «الصحيح»، وهو الصحيح_ أو أفلح ابن أبي القُعَيس، أو أفلح أبو القُعَيس، وكنيته أبو الجَعْد؛ فانظر ذلك.

قوله: (بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ): تَقَدَّمَ أنَّ الحجاب نزل في مبتنى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بزينب بنت جحش، في (سورة الأحزاب)، وقدَّمت ما في ذلك، وتَقَدَّمَ الخلاف متى بنى بها هل كان في الرابعة أو الخامسة أو الثالثة، والله أعلم.

قوله: (وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ): (امرأة أبي القُعَيس) لا أعرف اسمها.

قوله: (تَرِبَتْ يَمِينُكِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (تربت يداك).

(1/11080)

[حديث: أكنت أفضت يوم النحر]

6157# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عتيبة القاضي، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، تقدَّموا.

قوله: (فَرَأَى صَفِيَّةَ): هي صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَ الكلام عليها رضي الله عنها.

قوله: (عَلَى بَابِ خِبَائِهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (الخِبَاء) ضبطًا، وما هو.

قوله: (كَئِيبَةً): أي: حزينة، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عَقْرَى حَلْقَى) في (الحجِّ).

(1/11081)

[باب ما جاء في زعموا]

(1/11082)

[حديث: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ.]

6158# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ): كذا في الأصل الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، وفي الهامش: (ابن يوسف) _يعني: عبد الله بن يوسف_ وعليها علامة راويها، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (عبد الله بن مسلمة)، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»، فوجدته هنا: (عبد الله بن مسلمة) ليس غير، وأمَّا في (الجزية)؛ فـ (عبد الله بن يوسف)، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد، وأنَّ اسمه سالم بن أبي أُمَيَّة، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو مُرَّةَ): أنَّ اسمه يزيد، وهو هنا: (مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ)، ويقال: مولى عَقِيل بن أبي طالب، قال الواقديُّ: إنَّما هو مولى أمِّ هانئ، وإنَّما نُسِب إلى عَقِيل؛ لكونه كان يلزمه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّ هانِئٍ)، والاختلاف في اسمها، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (عَامَ الْفَتْحِ) سنة ثمانٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ الفتح كان في رمضان، وتَقَدَّمَ الاختلاف في أيِّ يوم كان في الشهر، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قولها: (ابْنُ أُمِّي)؛ يعني: عليًّا، وأنَّه أخوها لأبوَيها، وتَقَدَّمَ الكلام على (الرَّجُل) الذي أجارته، وأنَّه إن كان مِن أولادها؛ فإنَّه جعدة بن هُبَيرة بن أبي وَهْب المخزوميُّ، وتقدَّمت ترجمته، ويجوز هنا نصب (فُلَان) و (ابن)، ورفعُهما، وهو ظاهِرٌ، ومَن أجارت غيرَه، في أوائل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11083)

[باب ما جاء في قول الرجل: ويلك]

قوله: (وَيْلَكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11084)

[حديث: اركبها. قال: إنها بدنة]

6159# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11085)

[حديث: اركبها ويلك]

6160# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجِ): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11086)

[حديث: ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير]

6161# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن زيد، و (ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وبعدها نون مُخَفَّفة، وبعد الألف نون أخرى، ثُمَّ ياء النسب إلى بُنانة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ): (أيُّوب): مجرورٌ، علامة الجرِّ فيه الفتحةُ؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فروى هذا الثاني البُخاريُّ عن مسدَّد، عن حَمَّاد _هو ابن زيد_، عن أيُّوب، عن أبي قِلَابة _واسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، وتَقَدَّمَ ضبط (أبي قِلَابة) _، عن أنسٍ، وليس تعليقًا، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (وعن أيُّوب)؛ بإعادة حرف الجرِّ، وكلاهما سواء، والله أعلم.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا وبعيدًا.

قوله: (وَيْحَكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح)، وكذا تَقَدَّمَ على (رُوَيْدَكَ) قريبًا؛ ومعناها: أمهل، وعلى (القَوَارِير) قريبًا أيضًا.

(1/11087)

[حديث: ويلك قطعت عنق أخيك ثلاثًا]

6162# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ (وُهَيْبٌ): أنَّه ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَبِي بَكْرَةَ)، وأنَّه نُفَيع بن الحارث.

قوله: (أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذان (الرجلان) لا أعرفهما، والله أعلم.

[ج 2 ص 625]

(1/11088)

[حديث: لا إن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم]

6163# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو الوليد بن مسلم، أبو العَبَّاس الحافظ، عالم أهل الشام، و (الأَوْزَاعِيُّ): أبو عَمرو عبد الرَّحْمَن بن عَمرو، شيخ الإسلام، تقدَّما، وكذا (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوفٍ الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، (وَالضَّحَّاكِ): هو مجرورٌ معطوف على (أبي سلمة)، وهذا ظاهِرٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: الضَّحَّاك بن شَراحيلَ، ويُقال: ابن شُرحبيل، الهَمْدانيُّ المِشْرَقيُّ، ومِشْرق: بطنٌ من هَمْدان، وهو مِشْرق بن زيد بن جشمَ، اتَّفقا عليه، انتهى، والمِشْرَقيُّ: بكسر الميم، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وفتح الراء، وبالقاف، قال أبو أحمد العسكريُّ: مَن فتح الميم؛ فقد صحَّف، انتهى، وكذا قَيَّدهُ غيرُ واحد من الحُفَّاظ، وقال في «المطالع» بعد أن ضبطه وذكر كلام العسكريِّ: وقيَّدناه عن أبي بحرٍ بفتح الميم، وكسر الراء، وكذا قَيَّدهُ الدَّارَقُطْنيُّ وابن ماكولاء، انتهى، وقد راجعت كلام ابن ماكولا في «إكماله»، فرأيته ذكره كما قاله في «المطالع»، لكن عبارته: أمَّا المَشْرِقِيُّ؛ بكسر الراء والقاف؛ فهو الضَّحَّاك المَشْرِقيُّ ... إلى آخر كلامه، وهذا قريبٌ؛ لأنَّها لا تُكسَر الراء إلَّا إذا فُتِحَت الميم، ولم يكن عندي «مؤتلف الدَّارَقُطْنيِّ»، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (يَقْسِمُ [1] ذَاتَ يَوْمٍ قَسْمًا): (يَقسِم)؛ بفتح أوَّله: ثُلاثيٌّ، و (قِسمًا): في أصلنا بكسر القاف بالقلم، وصُحِّح عليه، وفي الحاشية: (قَسمًا)؛ بفتح القاف بالقلم [2]، وعزاه لنسخة الدِّمْيَاطيِّ، والذي في نسخة الدِّمْيَاطيِّ هو الذي أحفظه، وهو ظاهِرٌ؛ لأنَّه تمييز الأنصباء، وهو مصدر قسمتُ الشيء قَسْمًا، وأمَّا بكسر القاف؛ فهو الحظُّ والنصيب، والله أعلم.

(1/11089)

قوله: (فَقَالَ لَهُ [3] ذُو الخُوَيْصِرَة _رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ_: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اعْدِلْ): (ذو الخويصرة) هذا: قُتِل في الخوارج يوم النهروان، يُقال له: حُرقوص بن زُهير، وهذا هو المشهور، وتَقَدَّمَ أنَّ في هذا «الصحيح» في (باب مَن ترك قتال الخوارج للتأليف) في (كتاب استتابة المرتدِّين) ما لفظه: (جاء عبد الله بن ذي الخُوَيصرة التميميُّ، فقال: اعدل)، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: عبد الله بن ذي الخويصرة التميميُّ الذي قال: اعدل؛ كذا سمَّاه في بعض طرق «البُخاريِّ»، وهو ذو الخويصرة، تَقَدَّمَ؛ يعني: أنَّه غلط، وأنَّ الصواب: أنَّ والده القائلُ، وقد قَدَّمْتُ ذلك مع احتمال أنَّ كلًّا منهما قال ذلك؛ ذو الخويصرة، وابنه عبد الله، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [4]: ائْذَنْ لِي فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ): تَقَدَّمَ في هذا «الصحيح» أنَّ خالدًا سأل ذلك، والظاهر أنَّهما سألا ذلك، والله أعلم.

قوله: (فَلأَضْرِبَْ عُنُقَهُ): هو بالنصب والجزم، وإعرابهما ظاهرٌ، وكذا هو في أصلنا بهما.

قوله: (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ): أي: طاعة الإمام.

قوله: (يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ): (يُنظَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وكذا الثالثة، وكذا الرابعة.

قوله: (إِلَى رِصَافِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء، وبالصاد المُهْمَلَة المُخَفَّفة، وبعد الألف فاء، ثُمَّ هاء الضمير، وتَقَدَّمَ ما هو، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: الرِّصاف: عَقَبٌ يُلوى على مدخل النَّصل فيه، انتهى.

قوله: (إِلَى نَضِيِّهِ): هو بفتح النون، وكسر الضاد المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة، ثُمَّ هاء الضمير، تَقَدَّمَ ما هو وضبطُه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: والنَّضِيُّ: ما بين الريش والنَّصل، سُمِّيَ بذلك؛ لكثرة البَرْيِ والنَّحْت.

قوله: (إِلَى قُذَذِهِ): هو بضَمِّ القاف، وبذالَين معجمَتين؛ الأولى مفتوحة، ثُمَّ هاء الضمير، وقد تَقَدَّمَ ضبطه وما هو، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: والقُذَذُ: ريش السهم، والفُوق: موضع الوَتَر، والقِدْح: الخشب وحدَه، والسَّهم: اسم لجميع ذلك، انتهى.

(1/11090)

قوله: (سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ): (الفرث): معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (آيَتُهُمْ)؛ أي: علامتهم، و (الْبَضْعَةِ)؛ بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الضاد المُعْجَمَة: القطعة، و (تَدَرْدَرُ): تَدحْرَجُ وتَذهبُ بعضُها في بعض، وهذا (الرَّجُل): هو ذو الثُّدَيَّة، وفي «أبي داود»: أنَّ اسمه نافعٌ، وفي «صحاح الجوهريِّ»: أنَّه ثُرملة، وقد تَقَدَّمَ، ويأتي أيضًا، وتَقَدَّمَ ما قاله صاحب «مرآة الزمان» سبطُ ابن الجوزيِّ.

قوله: (قالَ أَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنانٍ، راوي الحديث، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَالْتُمِسَ فِي الْقَتْلَى): (التُمِس): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَأُتِيَ بِهِ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] الكلمة محرَّفة في (أ).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[3] (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 626]

(1/11091)

[حديث: فصم شهرين متتابعين]

6164# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (عبد الله) هذا: هو ابن المبارك، و (الأَوْزَاعِيُّ): عبد الرَّحْمَن بن عمرو، أبو عمرو، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، وأنَّ حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن الحِمْيَريَّ ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ» عن أبي هريرة، إنَّما روى له مسلمٌ حديثًا واحدًا عن أبي هريرة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل هو سلمةُ بن صخر البَيَاضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: سلمان، وتَقَدَّمَ ما وقع في النسخ الصحيحة من «المصابيح» للبغويِّ من أنَّ اسمه سليمان، وأنَّه غلطٌ.

قوله: (وَيْحَكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح).

قوله: (فَأُتِيَ بِعَرَقٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العَرَق): بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالقاف، وقد تَقَدَّمَ ما هو، وتَقَدَّمَ أنَّ الذي جاء به فروة بن عمرو البَيَاضيُّ، كذا في (الظهار) في «جامع التِّرْمِذيِّ».

قوله: (مَا بَيْنَ طُنُبَيِ الْمَدِينَةِ): (طُنُبي): بضَمِّ الطاء المُهْمَلَة والنون، وهو واحد (أطناب الخيمة)، فاستعاره للطَّرَف والناحية.

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على الأوزاعيِّ، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، هو ابن شهاب المذكورُ في السند قبلَ المتابعة.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَيْلَكَ): (عبد الرَّحْمَن بن خالد): هو ابن مسافر أمير مصر، يروي عن الزُّهْرِيِّ، وعنه: مولاه الليث بن سعد، ويحيى بن أيُّوب، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: ذكره الدَّارَقُطْنيُّ في «الأفراد» من حديث مُحَمَّد بن شُرحبيل الصنعانيِّ عنه، انتهى.

(1/11092)

[حديث: ويحك إن شأن الهجرة شديد فهل لك من إبل]

6165# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو الوليد بن مسلم الحافظ، أبو العَبَّاس، عالم أهل الشام، تَقَدَّمَ مترجمًا، وهو مُدَلِّسٌ، فيُتَّقى من حديثه ما قال فيه: (عن)، و (أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ): هو عبد الرَّحْمَن بن عمرو، تَقَدَّمَ، شيخ الإسلام، و (ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

[ج 2 ص 626]

قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أَخْبِرْنِي عَنِ الْهِجْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه.

قوله: («فَهَلْ تُؤَدِّي صَدَقَتَهَا؟» قالَ: نَعَمْ): إن قيل: كيف لم يسأله عن غيرها من الأعمال الواجبة عليه؟ فالجواب: أنَّ النفوس حرصُها على المال أشدُّ من حرصِها على الأعمال البدنيَّة، فإذا بذل المال، وأخرجه لمستحِقِّه، وأدَّاه طيَّبةً به نفسُه؛ فهو على الأعمال البدنيَّة أشدُّ حرصًا، والله أعلم.

وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْبِحَارِ)، وأنَّها القرى، وتَقَدَّمَ أيضًا على (يَتِرَكَ)، وأنَّه بفتح المُثَنَّاة تحت، وكسر المُثَنَّاة فوق، وبالراء، ومعناه: لن ينقصك، وقيل: يظلمك، وَتِرَه؛ إذا ظلمه، ومنه: {وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [مُحَمَّد: 35]، وضبطه بعضهم: (يَتْرُك)؛ بإسكان المُثَنَّاة فوق، وضمِّ الراء، وأنا لا أعرف هذا، ولا رأيتُ أحدًا ذكره إلَّا كما قيَّدتُه.

(1/11093)

[حديث: ويلكم لا ترجعوا بعدي كفارًا]

6166# قوله: (عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ): (واقد): بالقاف، وهذا مَعْرُوفٌ، وليس في الكُتُب السِّتَّة راوٍ اسمه وافد؛ بالفاء.

قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: شَكَّ هُوَ): يعني: شيخَه واقدًا، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه قد يأتي مَن لا يعرفه.

قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (يضرب)، وأنَّ الرواية بالرفع، وأنَّ الجزم يغيِّر المعنى، وتَقَدَّمَ كلام مَن جوَّز فيه الجزمَ في (باب الإنصات للعلماء) في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَقَالَ النَّضْرُ، عَنْ شُعْبَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (النَّضْر) بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالصاد، وهذا هو النَّضْر بن شُمَيل الإمام، وتعليق النَّضْر لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ): هو عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ المدنيُّ، نزيل عسقلان، أخو زيد، وعاصم، وأبي بكر، وواقد، تَقَدَّمَ مترجمًا، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (المغازي) عن يحيى بن سليمان، عن ابن وهب، عن عمر بن مُحَمَّد بن زيد، وأخرجه مسلمٌ، وأخرجه ابن ماجه.

(1/11094)

[حديث: ويلك ما أعددت لها؟]

6167# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ): هذا هو الكلابيُّ الحافظ، عن جدِّه عبيد الله بن الوازع، وعمر بن أبي زائدة، وشعبةَ، وعنه: البُخاريُّ، وعبد بن حُمَيدٍ، وخلقٌ، قال: كتبت عن حَمَّاد بن سلمة بضعة عشر ألفًا، صدوقٌ مشهورٌ، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، وقال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ بعمرو، وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه، تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، ولكن بَعُد العهد به، وله ترجمة في «الميزان»، و (هَمَّام) بعده: هو ابن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ): هذا الرجل: قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: تَقَدَّمَ أنَّه أبو موسى الأشعريُّ، وقيل: أبو ذرٍّ، وتَقَدَّمَ استبعادُه، في (مناقب عمر)، وتَقَدَّمَ أنَّه ذو الخُوَيصِرة اليماني، انتهى، وقال بعض حفَّاظ [مِصْر] من المُتَأخِّرين: لم أعرف اسمه، لكن تَقَدَّمَ أنَّ في «الدَّارَقُطْنيِّ» ما يدلُّ على أنَّه ذو الخويصرة اليماني.

قوله: (فَمَرَّ غُلَامٌ لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي، فَقَالَ: إِنْ أُخِّرَ هَذَا؛ فَلَنْ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ): هذا الغلام اسمه مُحَمَّد، وهو أنصاريٌّ، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: مُحَمَّد الأنصاريُّ، وقيل: الدَّوسيُّ، له صحبةٌ، ذُكِر في حديث ضعيف لأنسٍ؛ وهو: «إنْ يَعِشْ هذا الغلام؛ فعسى ألَّا يبلغه الهرم حتَّى تقوم الساعة»، انتهى، وأصل هذا الحديث في «صحيح مسلم» في (الفتن) عن أنسٍ: أنَّ رجلًا سأل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: متى تقوم الساعة؟ وعنده غلامٌ من الأنصار يقال له: مُحَمَّد، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنْ يَعِش هذا الغلام ... »؛ الحديث، وهذا الحديث انفرد به مسلمٌ عن أصحاب بقيَّة السِّتَّة، وقال ابن بشكوال: اسمه مُحَمَّد، وعزاه أيضًا إلى «مسلم»، قال: وقيل: اسمه سعدٌ، وأخرج الثاني عن الحسن عن أنس ... ؛ فذكره، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: وقد ذكره ابن الأثير في سعدٍ الدَّوسيِّ ... ؛ فذكره، وقد جزم بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين بأنَّه سعدٌ، قال: وهو دَوسيٌّ، كذا في «النَّسائيِّ»، قال: ولمسلم: (فمرَّ غلامٌ من الأنصار اسمه مُحَمَّد)، فيُحمَل على التفرُّد.

(1/11095)

قوله: (وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): حديث شعبة عن قتادة هذا لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم أرَ شيخنا خرَّجه.

(1/11096)

[باب علامة حب الله عز وجل ... ]

قوله: (بَابُ عَلَامَةِ حُبِّ اللهِ تَعَالَى): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الآية مطابقة للترجمة، ويعني بالآية: قوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله} [آل عمران: 31]، قال ابن المُنَيِّر: لأنَّ اتِّباع الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم علامةٌ لحُبِّه؛ إذ وعد المحبَّة عليه، ومطابقة الترجمة للأحاديث عَسِرٌ؛ فتأمَّله، والله أعلم، انتهى.

والأحاديث التي ساقها البُخاريُّ في هذا الباب: حديث عبد الله مرفوعًا: «المرء مع من أحبَّ»، وحديث عبد الله بن مسعود من طريق أخرى: (جاء رجلٌ إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رسول الله؛ كيف تقول في رجل أحبَّ قومًا، ولم يلحق بهم؟ ... )؛ الحديث، وحديث أبي موسى: (قيل للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: الرجل يحبُّ القوم ولمَّا يلحق بهم ... )، وحديث أنس: (أنَّ رجلًا سأل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: «ما أعددتَ لها؟»، قال: ما أعددتُ لها من كثير صلاة ولا صدقة ... )؛ الحديث، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 627]

(1/11097)

[حديث ابن مسعود: المرء مع من أحب]

6168# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (سُلَيْمَان) بعد (شعبة): هو سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ الأعمش، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

(1/11098)

[حديث: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قومًا ... ]

6169# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَبُو وَائِل).

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ ... )؛ الحديث: قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ يصلح تفسيره بأبي موسى أو أبي ذرٍّ)، ثُمَّ ذكر تعقُّبًا على ابن بشكوال، ثُمَّ ذكر مستنده في كونه أبا [1] ذرٍّ، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: هو أبو ذرٍّ، رواه أحمد ابن حنبل من حديثه، وأبو موسى، كما تَقَدَّمَ في (مناقب عمر) انتهى.

(1/11099)

قوله: (تَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ قَرْمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): الضمير في (تابعه) يعود على جَرِير: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (جَرِير بن حَازم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، ومتابعته عن الأعمش لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخُنا رحمه الله، [قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: أخرجها أبو نعيم في كتاب «المحبِّين» موصولةً، وهو جزءٌ سمعناه على شيخنا العِرَاقيِّ رحمه الله، انتهى] [2]، و (سليمان ابن قَرْم): بفتح القاف، وإسكان الراء، الضَّبِّيُّ، وهو سليمان بن معاذ، نُسِبَ إلى جدِّه، قال أبو زرعة وغيره: ليس بذاك، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ فيما إَخال، ومتابعة سليمان ابن قَرْم عن الأعمش أخرجها مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبي الجواب، عن سليمان ابن قَرْم به، قال بعض حفَّاظ [العصر]: لم يَسُق مسلمٌ لفظ سليمان ابن قَرْم، بل ساقها عقيب حديث شعبة فقال: «مثله»، وقد ساق لفظَها أبو عوانة في «صحيحه»، والخطيبُ في كتابه «المكمل في بيان المُهْمَلَ» له مُطَوَّلًا، وطريق أبي عوانة الوضَّاح وصلها الخطيب في الكتاب المذكور، انتهى، و (أبو عوانة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، والله أعلم، ومتابعة أبي عوانة لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخُنا رحمه الله، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: أخرجها أبو نعيم في كتاب «المحبِّين» موصولةً، وهو جزء مفرد سمعناه على شيخنا العِرَاقيِّ رحمه الله، انتهى.

و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

(1/11100)

[حديث أبي موسى: المرء مع من أحب]

6170# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: يحتمل أن يكون الثَّوريَّ، ويحتمل أنَّه ابنُ عُيَيْنَة، على السواء؛ وذلك لأنَّ أبا نُعَيم روى عنهما، وهما عن الأعمش، والله أعلم، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ): لعلَّه الرجل المذكور أعلاه المختلَفُ فيه، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ): الضمير في (تابعه) يعود على سفيان، فرواه سفيان، وأبو معاوية مُحَمَّد بن خازم _بالخاء المُعْجَمَة_ الضرير، ومُحَمَّد بن

[ج 2 ص 627]

عُبَيد _هو الطنافسيُّ_؛ الثلاثة عن الأعمش به، ومتابعة أبي معاوية أخرجها مسلمٌ عن أبي بكر وأبي كُرَيب؛ كلاهما عن أبي معاوية، وعن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عن أبي معاوية.

تنبيهٌ: متابعة أبي معاوية عزاها شيخنا لابن ماجه، وليست كذلك، إنَّما هي في «مسلمٍ» كما ذكرتُه.

ومتابعة مُحَمَّد بن عُبَيد أخرجها مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عن أبي معاوية ومُحَمَّد بن عبيد؛ كلاهما عن الأعمش به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...