65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الخميس، 18 مايو 2023

ج3وج4.كتاب: الأصول في النحو الجزء الرابع

4
كتاب: الأصول في النحو
الجزء الرابع

من 1الي 826صفحة

تأليف: محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي
316
هـ
دراسة وتحقيق: عبد الحسين الفتلي
الناشر:  مؤسسة الرسالة لبنان - بيروت
**************.

الأصول في النحو

ج / 2 ص -407- باب المذكر والمؤنث
التأنيث يكون على ضربين: بعلامة وغير علامة؛ فعلامة التأنيث في الأسماء تكون على لفظين: فأحد اللفظين التاء, تبدل منها في الوقف هاء في الواحدة, والآخر الألف, أما الهاء فتأتي على سبعة أضرب.
الأول: دخولها على نعت يجري على فعله وذلك قولك: في قائمٍ ومفطرٍ وكريم ومنطلقٍ إذا أردت تأنيث قائمة وقاعدة ومفطرة وما لم يُسم فهذا بابه, وجميع هذا نعت لا محالة, وهو مأخوذ من الفعل.
الثاني: دخولها فرقًا بين الاسم المذكر والمؤنث الحقيقي الذي لأُنثاهُ ذكر, وذلك قولهم: امرؤٌ وامرأةٌ ومرءٌ ومرأةٌ, ويقولون: رجَلٌ وللأُنثى رَجُلةٌ, قال الشاعر:

وَلَمْ يُبالوا حُرْمةَ الرَّجُلَة1

والثالث: دخولها فرقًا بين الجنس والواحد منه, نحو قولك: تَمْرٌ وتَمرةٌ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا عجز بيت وصدره:

خرقوا جيب فتاتهم ولم يبالوا حرمة الرجلة

ويروى: فرقوا مكان "خرقوا" وأراد بجيبها هنها. والشاهد فيه "التاء" للفرق بين جنس المذكر والمؤنث, ولم يعرف قائل هذا الشاهد.
وانظر: الكامل 159, وشروح سقط الزند 3/ 1211, وأمالي ابن يعيش 5/ 98.



ج / 2 ص -408- وبُسرٌ وبُسرةٌ، وشعير وشعيرةٌ وبقَر وبقَرةٌ, فحق هذا إذا أخرجوا منه الهاء أن يجوز فيه التأنيث والتذكير, فتقول: هو التَّمرُ وهو البُسرُ وهو العنب وكذلك ما كان في منهاجه, ولك أن تقول: هي التمرُ وهي الشعيرُ, وكذلك ما كان مثلها قال الله عز وجل: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}1 فالتذكير على معنى الجمع والتأنيث على معنى الجماعة, ومن هذا الباب جَرادٌ وجرادةٌ، وإنما هو واحد من الجنس, ليس جرادٌ بذكرِ جَرادةٍ.
واعلم: أن هذا الباب مؤنثه لا يكون له مذكر من لفظه؛ لأنه لو كان كذلك لالتبس الواحد المذكر بالجمع, وجملتها أنها مخلوقات على هيئة واحدة, فأما حَيّةٌ فإنما منعهم أن يقولوا في الجنس: "حَيٌّ" لأنه في الأصل نعت حَي يقع لكل مذكر من الحيوان ثم تنفصل أجناسها لضروب.
الرابع: ما دخلته الهاء وهو مفرد لا هو من جنس ولا له ذَكرٌ, وذلك: بلدة ومدينة وقرية وغُرفة.
الخامس: ما تدخله الهاء من النعوت لغير فرق بين المذكر والمؤنث فيه, وهو نعت للمذكر للمبالغة وذلك: عَلاّمةٌ ونَسابةٌ وراويةٌ, فجميع ما كانت فيه الهاء من أي باب كان, فغير ممتنع جمعه من الألف والتاء لحيوان أو غيره, لمذكر أو مؤنث, قَلتْ أو كثرتْ.
السادس: الهاء التي تلحق الجمع الذي على حد مفَاعِلَ, وبابه ينقسم إلى ثلاث أنحاء, فمن ذلك ما يراد به النَّسبُ نحو الأَشاعثةِ والمهالبةِ والمناذرةِ والثاني: أن يكون من الأعجمية المعربة نحو الجَواربةِ والمَوازجةِ والسيابجةِ والبرابرةِ. وهذا خاصة يجتمع فيه النسب والعجمة فأنث في حذف الهاء من هذا والذي قبله بالخيار.
الثالث: أن تقع الهاء في الجمع عوضًا من "ياء" محذوفة فلا بد منها أو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الحاقة: 7.



ج / 2 ص -409- من الياء وذلك في جمع جحجاجٍ، جَحاجيج, وفي جمع زنديق, زَناديق وفي فرزان, فرازين, فإن حذفت الياء قلت: فَرازنةٌ وزَنادقةٌ وجحاجحَةٌ, وليس هذا كعَساقلةٍ وصيَاقلةٍ لأنك حذفت من هذا شيئًا لا يجتمع هو والهاء, ولو اجتمعا لم يكن مُعاقبًا ولا عوضًا. وإنما قلت: إن باب الهاء في الجمع للنسب والعجمة لمناسبة العجمة أن تناسب الهاء, ألا ترى أن الاسم تمنعه الهاء من الانصراف كما تمنعه العجمة فيما جاوز الثلاثة, وإن الهاء كياء النسب تقول: بطةٌ وبَط وتَمرةٌ وتَمرٌ, فلا يكون بين الواحد والجمع إلا الهاء, وكذلك تقول: "زنجي وزنجٌ, وسندي وسندٌ, وروميٌّ ورومٌ, ويهوديٌّ ويهودٌ" فلا يكون بين الجمع والواحد إلا الياء المشددة, وكذلك التصغير إنما يصغر ما قبل الياء المشددة التي للنسبة, تأتي بها في أي وزن كان, وكذلك تفعل بالهاء تقول في تصغير تَميمي: تُميميٌّ, وفي تصغير جمزي: جُمَيزيٌّ, وتقول في عنترةَ: عُنيتريٌّ, فالاسم على ما كان عليه.
السابع: ما دخلت عليه الهاء وهو واحد من جنس إلا أنه للمذكر والأنثى, وذلك نحو حمامةٍ, ودجاجةٍ، وبطةٍ، وبقرةٍ، واقع على الذكر والأنثى، ألا ترى قول جرير:

لمَّا تَذَكَّرتُ بِالدَّيْرَيْنِ أَرَّقَنِي صَوْتُ الدَّجَاجِ وقَرْعٌ بالنَّواقِيسِ1

إنما يريد: زُقاء الديوكِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الشاهد فيه: صوت الدجاج، وإنما يريد: زقاء الديوك.
وقيل: إنه أراد ديرًا واحدًا هو دير الوليد بالشام، وقد صرح ياقوت أنه أراد ديرين: دير فطرس ودير بطرس بظاهر دمشق. وانظر: الكامل 61, والحيوان للجاحظ 2/ 342, والعقد الفريد 5/ 388، والمسلسل في غريب لغة العرب 240, والديوان 148.



ج / 2 ص -410- باب التأنيث بالألف:
هذه الألف تجيء على ضربين: ألف مقصورة وألف ممدودة, والألف المقصورة تجيء على ضربين: فضرب لا يشك في ألفهِ أنها ألف تأنيث، وضرب يلبس فيحتاج إلى دليل.
الأول: ما جاء على فُعْلَى فهو أبدًا للتأنيث, لا يكون هذا البناء لغيره, وذلك نحو: حُبْلى وأُنثى وخُنْثى ودُنْيا؛ لأنه ليس في الكلام اسم على مثال "جَعْفَر" فهذا ممتنع من الإلحاق.
الثاني منه: ما جاء على وزن الأصول، وبابه أن ينظر: هل يجوز إدخال الهاء عليه, فإن دخلت فإنه ليس بألف تأنيث؛ لأن التأنيث لا يدخل على التأنيث, وإن امتنعت فهي للتأنيث, فأما الذي لا تدخل عليه الهاء فَسكرى وغضْبى ونحوهما مما بني الذكر منه على فَعْلانَ نحو سَكْرانَ وغَضبانَ وكذلك جمعه نحو: سَكارى في أن الألف للتأنيث, ومن ذلك: مَرْضَى وهَلْكَى ومُوتى, فأما ما تدخله الهاء فنحو عَلْقَاةٍ وأرطأَةٍ, وقد ذكرته فيما ينصرف وما لا ينصرف.
الضرب الثاني من ألف التأنيث: هو الألف الممدودة:
وهي تجيء على ضربين: منه ما يكون صفة للمؤنث ولمذكره لفظ منه على غير بنائه, ومنه ما يجيء اسمًا وليس له مذكر اشتق له من لفظه, فالضرب



ج / 2 ص -411- الأول يجيء على فَعْلاء، نحو حَمْراءَ، وخَضْراءَ, وسوداءَ, وبيضاءَ, وعوراءَ, والمذكر من جميع ذا على "أَفعلَ" نحو أَحمرَ وأخضرَ وأَعورَ, وجميع ما جاء على هذا اللفظ مفتوح الأول فألفه للتأنيث. وأما ما جاء اسمًا لواحد ولجميع، فالواحد نحو صَحْراءَ وطَرْفاءَ وقَعْساءَ وحلفاء وخنفساء وقرفصاء, وأما ما جاء لجمع فنحو: الحكماء، والأصدقاء، والأخمساء، وأما بطحاء وأبطحُ فأصله صفة وإن كان قد غلب عليه حتى صار اسمًا, مثل أَبرق وبَرقاءَ وإنما هو اختلاط بياض البقعة بسوادها يقال: جبَلٌ أَبرق، وأما قوباء1 وخُششَاء فهو ملحق بفسطاط وقرطاطَ، وكذلك: علباء2, وحرباءُ3، وقِيقاء4، وزيزاءُ5 مذكرات ملحقات بسرداح6، ومداتُهن منقلبات، وما كان على هذا الوزن مضموم الأول أو مفتوحًا فليست ألفه للتأنيث.
الضرب الثاني: من القسمة الأولى من المؤنث:
وهو ما أُنث بغير علامة من هذه العلامات, وهذا النوع يجيء على ثلاثة أضرب: منه ما صيغ للمؤنث ووضع له وجعل لمذكره اسم يخصه أيضًا فغير عن حرف التأنيث, واسم يلزم التأنيث وإن لم تكن له علامة ولا صيغة تخصه ولكن بفعله وبالحديث عنه تأنيثه, واسم يذكر ويؤنث.
الأول: قولك: أَتانٌ، وحمارٌ، وعَناقٌ7، ورخلٌ8، وجملٌ, وناقةٌ، صار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قوباء: بثر يظهر على الجلد.
2
علباء: عرق في العنق.
3
حرباء: فكر أم حبين.
4
قيقاء: المكان المرتفع المنقاد المحدودب.
5
زيراء: وهو الغليظ من الأرض.
6
سرداح: الضخم من كل شيء.
7
عناق: الأنثى من أولاد المعز. وانظر حياة الحيوان 2/ 129، والعناق: دويبة طويلة الظهر.
8
رخل: ذكر المعز.



ج / 2 ص -412- هذا المؤنث بمخالفته المذكر معرفًا معروفًا "بذي" عن العلامة، ومن قال رجل وامرأة وهو المستعمل الكثير فهو من ذلك, وكذلك حَجَرٌ.
الثاني: ما كان تأنيثه بغير علامة ولا صيغة وكان لازمًا, أما الثلاثي فنعرفه بتصغيره, وذلك أنه ليس شيءٌ من ذوات الثلاثة كان مؤنثًا إلا وتصغيره يرد الهاء فيه؛ لأنه أصل للمؤنث, وذلك قولك في بَغْل: بُغَيلَةٌ وفي ساقٍ: سُويقةٌ وفي عَين: عيينةٌ وأما قولهم في: حَرْبٍ حُرَيْبٌ وفي فَرَسٍ فُرَيسٌ فإن حربًا إنما هو في الأصل مصدر سمي به, وأما فرس فإنه يقع للمذكر والأنثى فإن أردت الأنثى خاصة لم تقل إلا فُرَيسة, فإن كان الاسم رباعيا لم تدخله الهاء في التصغير وذلك نحو مَقْربٍ وأرنب, وكل اسم يقع على الجمع لا واحد له من لفظه إذا كان من غير الآدميين فهو مؤنث, وذلك نحو إبلٍ وغنمٍ تقول في تصغير [غنمٍ]: غُنَيمةٌ وفي إبلٍ: أُبَيلَةٌ ولا واحد من لفظه, وكذلك خَيلٌ هو بمنزلة هندٍ ودعدٍ وشمسٍ فتصغر ذلك فتقول: غُنَيمةٌ وخُيَيلَةٌ, فإن كان شَيءٌ من ذلك من الناس فهو مذكر ولك أن تحمله على التأنيث.
الثالث: وهو ما يذكر ويؤنث:
فمن ذلك الجموع, لك أن تذكر إذا أردت الجمع وتؤنث إذا أردت الجماعة, فأما قومٌ فيقولون في تصغيره: قوَيمٌ، وفي بَقَرٍ: بُقَيرٌ, وفي رَهْطٍ: رُهَيطٌ؛ لأنك تقول في ذلك "هم" ولا يكون ذلك لغير الناس، فإن قلت فقد أقول: جاءتِ الرجالُ و{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ}1 وما أشبه ذلك, فإنما تريد: جاءتْ جماعةُ الرجالِ، وكذبت جماعة قوم نوح, كقول الله تعالى: {وَاسْأَلِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الحج: 42 وسورة ص: 12 والقمر: 9، وانظر شرح الشافية 2/ 159-160 والشعراء: 105.



ج / 2 ص -413- الْقَرْيَة}1، إنما هو أهل القرية، وأهل العيرِ, فما كان من هذا فأنت في تأنيثه مخير ألا ترى إلى قول الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}2 فهذا على لفظ الجنس. وقال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}3 على معنى الجماعة, وتقول: هذه حصًى كبيرةٌ وحصًى كثيرةٌ, وكذلك كل ما كان ليس بين جمعه وواحده إلا الهاء, قال الأعشى:

فإنْ تُبْصِرِيني وَلِي لِمَّةٌ فإنَّ الحَوَادِثَ أَودَى بِهَا4

لأن الحوادث جمع حَدثٍ, والحدثُ مصدر والمصدر واحدهُ وجمعه يؤولان إلى معنى واحد, وكذلك قول عامر بن حريم الطائي:

فَلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا ولا أَرْضَ أَبْقَلَ إبقَالها5

لأن أرضًا ومكانًا سواءٌ, ولو قال على هذا: "إنَّ زينبَ قامَ" لم يجز لأن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يوسف: 82, وانظر الكتاب 1/ 108 و2/ 25.
2
القمر: 20.
3
الحاقة: 7، وانظر أمالي الشجري 831، والبحر المحيط 1/ 83, وشرح الكافية للرضي 2/ 152.
4
من شواهد سيبويه 1/ 239 على حذف التاء من "أودت" ضرورة، ودعاه إلى حذفها أن القافية مردفة بالألف، وسوغ له حذفها أن تأنيث الحوادث غير حقيقي، وهي في معنى الحدثان. ومعنى فأودى بها: ذهب ببهجتها وحسنها, واللمة: الشعرة تلم بالمنكب، وتبدلها: تغيرها من السواد إلى البياض. ورواية الديوان:

فإن تعهديني ولي لمة فإن الحوادث...

وانظر: معاني القرآن 1/ 128, وأمالي ابن الشجري 1/ 227, والإنصاف 410, والغيث المنسجم 2/ 446, وابن يعيش 5/ 95 و9/ 6 والمسلسل في غريب لغة العرب 250, والديوان 171.
5
من شواهد الكتاب 1/ 240 على حذف التاء من "أبقلت" لأن الأرض بمعنى المكان، فكأنه قال: ولا مكان أبقل إبقالها.
وصف أرضًا مخصبة لكثرة ما نزل بها من الغيث, والودق: المطر، والمزنة: السحابة، ويروى: أبقلت إبقالها, بتخفيف الهمزة ولا ضرورة فيه على هذا.
وانظر: الخصائص 2/ 411, والكامل 405, ومعاني القرآن 1/ 127, والخزانة 1/ 21.



ج / 2 ص -414- تأنيث هذا تأنيث حقيقي, فمهما اعتوره من الاسم فخبرت عنه بذلك, فإنّ الخبر عنه لا عن الاسم.
واعلم: أن من التأنيث والتذكير ما لا يعلم ما قصد به, كما أنه يأتيك من الأسماء ما لا يعرف لأي شيء هو, تقول: فِهْرٌ فهي مؤنثةٌ وتصغيرها فُهَيرَةٌ وتقول: قَتبٌ لحشوةِ البَطنِ وهو المعى وتصغيره قُتَيبَةٌ, وبذلك سمي الرجل قُتَيبَة وكذلك: طريقٌ وطرقٌ وطريقين جُرن وجُرنات وأوطبُ وأواطبُ والشيء قد يكون على لفظ واحد مذكر ومؤنث فمن ذلك: اللسان يقال: هو وهي والطريقُ مثله والسبيلُ مثلهُ, وأما قولهم: أرضٌ فكان حقه أن يكون الواحدُ أرضة والجمع أرضا, لو كان ينفصل بعضها من بعض كتمرةٍ من تَمرٍ, ولكن لما كانت نَمطًَا واحدًا وقع على جميعها اسم واحد كما قال الله عز وجل: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}1، وقال: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}2، فإذا اختلفت أجناسها بالخلقة أو انفصل بعضها من بعض بما يعرض من حزنٍ وبَحرٍ وجَبلٍ قيلَ: أرضون كما تقول في التَمرِ: تمرانِ تريد ضربين, فكان حق أرض أن تكون فيها الهاء لولا ما ذكرنا وإنما قالوا: أرضونَ والمؤنث لا يجمع بالواو والنون إلا أن يكون منقوصًا كمشيةٍ وثُبةٍ وقُلةٍ, وكليةٌ لا بد أنها كانت هاءً في الأصل؛ فلذلك جاءت الواو والنون عوضًا. وطاغوت فيها اختلاف؛ فقوم يقولون: هو أحد مؤنث, وقال قوم: بلْ هو اسم للجماعة, قال الله تعالى: {الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا}3 فهذا قول, قال محمد بن يزيد: والأصوب عندي والله أعلم أنه جماعة, وهو كل ما عُبد من دون الله من إنسٍ وجِن وغيره, ومن حَجرٍ وخَشبٍ وما سوى ذلك, قال الله عز وجل:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يوسف: 101.
2
الطلاق: 12.
3
الزمر: 17.



ج / 2 ص -415- {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَات}1 فهذا مبين لا شك فيه ولا مدافعة له, وقولهم: إنه يكون واحدة لم يدفعوا به أن يكونوا الجماعة, وادعاؤهم أنه واحدة مؤنثة تحتاج إلى نعت, والعنكبوت مؤنثة, قال الله جل اسمه: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا}2، والسّماء تكون واحدة مؤنثة بالبنية, على وزن عناقٍ3 وأتانٍ, وكل ما أُنث وتأنيثه غير حقيقي، والحقيقي: المؤنثُ الذي له ذكر, فإذا ألبس عليك فرده إلى التذكير فهو الأصل, قال الله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى}4 لأن الوعظ والموعظة واحد, وأما حائض وطامثٌ ومُفْصلٌ فهو مذكر وصف به مؤنث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
البقرة: 257.
2
العنكبوت: 41.
3
عناق: الأنثى من ولد الضأن.
4
البقرة: 275, وهي قراءة الجمهور. وقد قرأ أبي بن كعب والحسن البصري على الأصل: "ممن جاءته موعظة" انظر البحر المحيط.

ذكر المقصور والممدود:
وهما بناتُ الياء والواو اللتين هما لامات, فالمنقوص كل حرف من بنات الياء والواو وقعت ياؤه أو واوه بعد حرف مفتوح فأشياء يعلم أنها منقوصة؛ لأن نظائرها من غير المعتل إنما يقع أواخرهنَّ بعد حرف مفتوح, وذلك بنظائرها من غير المعتل وذلك نحو "مُعْطي" وأشباهه لأنه معتل مثل مُخْرَجٍ1، ومثل ذلك المفعول وذلك أن المفعول من سَلقيتَهُ2 فهو مُسَلْقًى, والدليل على ذلك أنه لو كان بدل هذه الياء التي في "سلقيتُ" حرفًا غير الياء لم يقع إلا بعد مفتوح, فكذلك هذا وأشباهه, وكل شيءٍ كان مصدرًا لفَعلَ يفعلُ, وكان الاسم أَفعل, فهو منقوص لأنه على مثال: حول يحول فهو حول واسمه أحول, فمن ذلك قولهم للأعشى به عَشي, وللأعمى به عَمًى،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أي: الباء بمنزلة الجيم.
2
سلقيته: سلقاه: إذا ألقاه على قفاه.



ج / 2 ص -416- وللأقنى1 به قُنى, ومما يعلم أنه منقوص أن ترى الفعلَ فعَلَ يَفْعَلُ, والاسم منهُ فَعلٌ وذلك فَرقَ يَفْرَقُ فَرقًَا, فمصدر هذا من بنات الياء والواو على "فَعَلٍ" هَويَ يَهْوى, ورديت تَردى وهو رَد وهو الردى, وصديت صَدًى وهو صَدٍّ ولويتَ لوًى, وكذلك كَري يكْرى كرًى, وإذا كان "فَعِلَ" يَفعَلُ فَعلاء والاسمُ منه فَعْلانُ فهو أيضًا منقوص, نظيره من الصحيح: عَطشَ يعطَشُ عَطَشًا وهو عطشانُ, وله فَعْلَى نحو: عَطْشى, والمعتل نحو: طَوِيَ يَطوى طَوًى, وصَديَ يَصْدى صَدًى وهو صديانُ, وقالوا: رَضيَ يَرضى رضًا وهو رَاضٍ, وهو الرضا ونظيره: سَخِطَ يسخطُ سخطًا وهو ساخطٌ, وكسروا الراء من رضًا كما قالوا: الشيعُ فلم يجيئوا به على نظائره وذا لا يُجسر عليه إلا سماعًا, ومن المنقوص ما لا يعلم أنه منقوص إلا بالسماع نحو: قَفًَا ورحى, وقد يستبدل بالجمع إذا سمعتَ أرحاء وأقفاء علمت أنه جمع لمنقوص, وهذا بين في الجمع وكل جماعة واحدها فِعْلة أو فُعْلَة فهي مقصورة نحو عُروة وعُرًى وفرية وفِرًى, أما الممدود فكل شيء ياؤه أو واوه بعد ألف, فمنها ما يعلم أنه ممدود في كل شيء نحو: الاستسقاء؛ لأن استسقيتُ مثل استخرجتُ فكذلك الاشتراء لأن اشتريتُ مثل احتقرت, ومن ذلك الاحبنطاء2، والاسلنقاء3، فإنه يجيء على مثال الاستفعال في وروده ووزن متحركاته وسواكنه, ومما يعلم أنه ممدود أن تجد المصدر مضموم الأول ويكون للصوت وذلك نحو: العُواء، والزقاء4، والرُّغاء، ونظيره من غير المعتل الصُّراخُ والنُّباحُ، ومن ذلك البُكاءُ، قال الخليل5: والذينَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الأقني: يقال: أنف أقنى، فيه ارتفاع من أعلاه بين القصبة والمارن من غير قبح.
2
الاحبنطاء: يقال: حبط بطنه: إذا انتفخ.
3
الاسلنقاء: يقال: سلقاه: إذا ألقاه على قفاه.
4
الزقاء: صوت الديكة.
5
انظر الكتاب 2/ 163.



ج / 2 ص -417- قصروهُ جعلوهُ كالحزنِ ويكون العلاج كذلك نحو النُّزاء1، ونظيره من غير المعتل القُماصُ2، وقلما يكون ما ضُم أوله من المصدر منقوصًا؛ لأن فُعلًا لا تكاد تراه مصدرًا من غير بنات الياء والواو, ومنه ما لا يعلم إلا سماعًا نحو: السماءِ والرشاءِ3 والألاء4 والمقلاء5، ومما يعرف به الممدود الجمع الذي يكون على مثال أَفْعِلَةٍ فواحدها ممدود نحو أَفْنِيةٍ واحدُها فِنَاء, وأرشِيَةٍ واحدها رشاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
النزاء: يقال: نزا ينزو نزوًا ونزاء ونزوانًا: إذا علا وارتفع.
2
القماص: داء في الدابة يأخذها حتى تموت.
3
الرشاء: رسن الدلو.
4
الألاء: الفرح التام.
5
المقلاء: المقلة: شحمة العين التي تجمع السواد والبياض.











43



















الأصول في النحو

ذكر التثنية والجمع الذي على حد التثنية:
الأسماء المثناة والمجموعة على ضربين: صحاحٌ ومعتلة؛ فأما الصحاحُ فقد تقدمت معرفتها, وهذا الجمع إنما يكون لمن يعقل خاصة, والمعتل على ثلاثة أضرب: مقصورٍ وممدودٍ وما آخرهُ ياءٌ.
الأول المقصور: ما كان على ثلاثة أحرف فصاعدًا, فالألف بدل غير زائدة, فإن كان من بنات الواو أظهرت الواو وإن كان ياء أظهرت الياء, فبنات الواو مثل: قَفًا وعَصًا ورَحًا, والدليل عليه قولهم: رضا فلا يميلون وليس شيءٌ من بنات الياء لا يجوز فيه الإِمالةُ, فتقول على هذا فيه: قَفوانِ وعصوانِ ورحوانِ ومن ذلك رِضا والدليل على أن الألف منقلبة من واو قولهم: مرضُوّ ورُضوان, وأما مرضي فبمنزلة مَسنيةٍ1، وهي من سنوتُ, استثقلوا الواوين فأبدلوا, وبنات الياء مثل: رَحى وعَمى وهُدى،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مسنية: يقال: أرض مسنية: مسقية بالسانية، والسانية: الناقة, أو البعير يسقى عليه الماء من البئر.



ج / 2 ص -418- وفَتى لأنهم يقولون: فتيانِ ورَحيانِ, فأما الواو في الفتوةِ فمن أجل الضمة التي قبلها, وحكم الجمع بالتاء في هذا حكم التثنية, قالوا: قنواتٌ وأدواتٌ وتقول في ربًا: ربوانِ لقولهم: ربوتُ, فإذا جاء من المنقوص شيءٌ ليس له فعل ولا اسم تثبت فيه الواو وألزمت ألفه الانتصاب فهو من بنات الواو نحو: لَديَّ وإليَّ, وإنما يثنيان إذا صارا اسمين, وإن جاء من المنقوص شيء ليس فِعلٌ تثبت فيه الياء والاسم, وجازت إمالته فالياء أولى به, وذلك نحو: مَتى وبَلى وحكم الجمع بالتاء حكم التثنية, فإن كان الاسم المقصور على أربعة أحرف فما زاد أو كانت ألفهُ بدلًا من نفس الحرف أو زائدة فتثنية ما كان من الواو من هذا كتثنية ما كان من الياء والجمع بالتاء كالتثنية, وذلك نحو قولك في مصطفى: مصطفيانِ ومصطفيات وأعمى: أعميانِ, فإن جمعتَ المنقوص جمع السلامة فإنك تحذف الألف وتدع الفتحة التي قبلها على حالها, تقول في مصطفى: مصطفَون وفي رجل سميتهُ قَفًا: قَفَونَ.
الثاني من الممدود: اعلم أن الممدود بمنزلة غير المعتل, تقول في كساءٍ: كساءانِ وهو الأجودُ, فإن كان لا ينصرف وآخره زيادة جاءت للتأنيث فإنك تبدل الألف واوًا, وكذلك إذا جمعته بالتاء, وذلك قولك: حمراوان وحمراواتٌ وناس كثيرون يقولون: علباوانِ وحرباوانِ, شبهوه بحمراء إذ كان زائدًا مثله, وإنما تثنيته علباءانِ1 وحرباءانِ؛ لأَن علباء ملحق بسرداح2، والملحق كالأصل، وهذا يبين في التصريف، وقال ناس: كساوانِ، وغطاوانِ، ورداوانِ، وإن جعلوه بمنزلة علْبَاءَ، وعلباوان أكثر من كساوان, قال سيبويه: وسألته -يعني الخليل- عن عقلتُهُ بثنايينِ، لِمَ لَمْ يهمز؟ فقال: لأنه لم يفرد لهُ واحدٌ3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
علباءان مثنى: علباء، وهي عرق في العنق، ويقال: عصبة.
2
سرداح: الضخم من كل شيء.
3
انظر الكتاب 2/ 95.



ج / 2 ص -419- الثالث: الاسم المعتل: الذي لامهُ ياء قبلها كسرة نحو قاضٍ وغَازٍ, تثنيه: قاضيان وغازيانِ, وتجمعهُ: قاضونَ, وتثبت الياء في التثنية وتسقط في الجمع, كما كانت في مصطفى إذا ثنيت قلت: مصطفيان, وإذا جمعت قلت: مصطفَونَ والتثنية ترد فيها الأشياء إلى أصولها.



ج / 2 ص -420- باب جمع الاسم:
الذي آخره هاء التأنيث، إذا سميتَ رجلًا: طلحة أو امرأة, فجمعهُ بالتاء لا تغيره عما كان عليه, فأما حُبلَى وحمراءُ وخُنفساءُ إن سميتَ بها رجلًا قلت: حبلون وحمراوونَ, تجمع جميع هذا بالواو والنون؛ لأنها ليست تَزولُ إذا قلت: حَمراوان, فمن حيثُ قلت: حمراوانِ قلت: حمراوونَ, ولما لم يجزْ: تمرتانِ لم يجز: تَمرتونَ, وتجمعُ عيسى وموسى: عيسونَ وموسونَ.



ج / 2 ص -421- باب جمع الرجال والنساء:
قال سيبويه: إذا جمعت اسمَ رجلٍ فأنت فيه بالخيار؛ إن شئت جمعته بالواو والنون وإن شئت كسرته, وإذا جمعت اسم امرأةٍ فأنت بالخيار جمعت بالتاء, وإن شئت كسرته على حد ما تكسر عليه الأسماء للجمع1، فإذا سميت بأحمر قلت: الأحامر جعلته مثل أرنبٍ وأرانب, وأخرجته من جمع الصفة, وإن سميت بورقاء جعلتها كَصلْفاء تقول: صلاف وصحراء: صَحارٍ, وإن جمعت خالدًا وحاتمًا قلت: خَوالد وحواتمُ, ولو سميت رجلًا أو امرأةً بسنَةٍ لكنت بالخيار, إن شئت قلت: سنونَ وإن شئت قلت: سنواتٌ, وكذلك ثُبةٌ تقول: ثُباتٌ وثُبونَ, لا تجاوز جمعهم الذي كانوا عليه, وشِيةٌ وظُبَةٌ: شِياتٌ وظُباتٌ لأنهم لم يجاوزوا هذا, وكان اسمًا قبل أن يسمى به. وابنٌ بنون، وأبناء، وأُم أُمهاتٌ وأُمات, واسمٌ اسمون وأسماء, وامرؤ امرءونَ مستعمل بألف الوصل, وإنما سقطت في بنون لكثرة استعمالهم إياه, وشاةٌ إذا سميت بها [لمْ تقلْ إلا]2 شِيَاه؛ لأنهم قد جمعوه [ولم يجمعوه بالتاء]3. ولو سميت رجلًا بربةَ فيمن خفف قلت: رُباتٌ وربونَ, وعِدةٌ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 96.
2
أضفت "لم تقل إلا" لأن الكلام مضطرب.
3
أضفت "ولم يجمعوه بالتاء" لأن الجملة مضطربة، والأصل هكذا: وشاة إذا سميت بها شياه؛ لأنهم قد أجمعوه.



ج / 2 ص -422- عِدات وعدونَ كَلدونَ, وشَفَةٌ في التكسير: شفاهٌ ولا يجوز في أُمة: آمات ولا شفاتٌ, كذا قال سيبويه1 والقياسُ يجيزهُ وقالوا: آمٌ وإماءٌ في أمةٍ, وقال بعضهم: أَمَّةٌ وإموانٌ2، ولو سميت رجلا بِبُرة لقلت: بُرًى مبرةٌ كما فعلوا به قبل3. وإذا جاء شيء مثل "برة" لم تجمعه العرب ثم قست ألحقت التاء والواو والنون؛ لأن الأكثر مما فيه هاء التأنيث من الأسماء التي على حرفين الجمع بالتاء والواو والنون ولم تكسر على الأصل, وإن سميت رجلا وامرأة بشيء كان وصفًا ثم أردت أن تكسره كسرته على تكسيرك إياه لو كان اسمًا على القياس, فإن كان اسمًا قد كسرته العرب لم تجاوز4 ذلك، وأما والدٌ وصاحبٌ فجعلوهما كضاربٍ وإن تكلم بهما كما يتكلم بالأسماء فإن أصلهما الصفة, وإذا كسرت الصفة على شيءٍ قد كسر عليه نظيرها من الأسماء كسرتها إذا صارت اسمًا على ذلك, كما قالوا في أحمرَ: أحامر والذين قالوا في حارثٍ: حَوارث إنما جعلوه اسمًا, ولو كان صفة لكان: حارثونَ, ولو سميت رجلًا بِفَعيلةٍ قلت: فَعَائِل وإن سميته بشيء قد جمعوهُ فُعُلًا جمعته كما جمعوه مثل: صَحيفة وصُحُف وسفينة وسُفُن, وإن سميته بفَعيلة صفة لم يجز إلا فَعَائلُ؛ لأنه الأكثر ولو سميته بعجوز قلت: العُجُزُ5، نحو عَمودٍ وعُمُد، وقالوا في أَبٍ: أبونَ، وفي أخٍ: أخونَ, لا يغير إلا أن تحذف العرب شيئًا، كما قال:

وفَديننَا بالأَبينا6


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 99.
2
انظر الكتاب 2/ 99.
3
الجملة في الكتاب 2/ 100: "ولو سميت رجلا ببرة ثم كسرت لقلت: برى مثل ظلم, كما فعلوا به ذلك قبل التسمية لأنه قياس".
4
لم يمثل ابن السراج لهذا النوع بمثال، وانظر الكتاب 2/ 100 فإنه مفصل فيه.
5
في الأصل: العجوز، وهو خطأ.
6
من شواهد سيبويه 2/ 101 على جمع "أب" جمعًا سالمًا على "أبين" وهو جمع غريب؛ لأن حق التسليم أن يكون في الأسماء الأعلام والصفات على الفعل كمسلمين ومسلمات ونحوهما. وتمام البيت:

فلما تبين أصواتنا بكين وفديننا بالأبينا

وهو لزياد بن واصل, شاعر جاهلي, ومعناه: أنه يفخر بآباء قومه وبأماتهم من بني عامر وأنهم قد أبلوا في حروبهم. فلما عادوا إلى نسائهم وعرفن أصواتهم فدينهم لأجل بلائهم في الحروب.
وانظر المقتضب 2/ 174, والمخصص لابن سيده 13/ 171, وأمالي ابن الشجري 2/ 37, والمفصل للزمخشري 110, والمحتسب 1/ 112, والخصائص 1/ 346, وابن يعيش 3/ 37.



ج / 2 ص -423- وعثمان: لا يجوز أن تكسره لأنك توجب في تحقيره: عُثَيمينَ, وإنما تحقيره عُثَيمان وهذا يبين في التصغير, وما يجمع الاسم فيه بالتاء من هذه المنقوصة لمذكر كان أو لمؤنث فرجلٌ تسميه ببنتٍ وأُختٍ وهنتٍ وذَيتٍ تقول في جمعه: بنات وذَيَّات وهَنات وفي أختٍ: أخواتٌ, وإن سميته بمساجد ومفاتيح جمعته للمذكر بالواو والنون, والمؤنث بالالف والتاء؛ لأنه جمع لا يكسر, وكذلك قالوا: سَراويلاتٌ حين جاء على هذا المثال, وإن سميت بجمع يجوز تكسيره كسرته, وإن سمعت اسمًا مضافًا فهو مثل جمعه مفرد, تقول في عبد الله كما تقول: عبدونَ وأسقطت النون للإِضافة وإن جمعت أبا زيدٍ قلت1: آباءُ زيدٍ؛ لأنك عرفتهم بالثاني وإن جمعت بالواو والنون قلت: أبو زيدٍ تريد: أبونَ, قال سيبويه: وسألت الخليل عن قولهم: الأشعرونَ فقال: كما قالوا: الأشاعرةُ والمسامعةُ حين أراد بني مِسْمَعٍ, وكذلك الأعجمون كما قال بعضهم: النميرونَ, وليس كل هذا النحو تلحقه الواو والنون ولكن تقول فيما قالوه2، يعني بقوله: هذا النحو الجمع الذي جاء على معنى النسبة. قال سيبويه: وسألت الخليل عن "مقتوًى ومقتوينَ" فقال: هو بمنزلة النسب للأشعرين3، وقال سيبويه: لم يقولوا:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "قال".
2
انظر الكتاب 2/ 103.
3
نص الكتاب 2/ 103 فقال: هذا بمنزلة الأشعري والأشعرين.



ج / 2 ص -424- "مَقتَونَ" جاءوا به على الأصل, وليس كل العرب تعرف هذه الكلمة1، وقوله: جاءوا به على الأصل؛ لأن الواو حقها إذا تحرك ما قبلها فانفتح أن تقلب ألفًا, فإن صارت ألفًا طرحت لالتقاء الساكنين كما قال: مصطفونَ وقال في تثنية المبهمة: ذانِ وتانِ واللذانِ ويجمع: اللذونَ, وإنما حذفت الياء "في" الذي, والألف في ذا في هذا الباب ليفرق بينهما وبين الأسماء المتمكنة غير المبهمة, وهذه الأسماء لا تضاف2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الكتاب 2/ 103.
2
أي: لا تقول: هذا زيدك؛ لأنها لا تكون نكرة فصارت لا تضاف، كما لا يضاف ما فيه الألف واللام.

ذكر العدد:
الأسماء التي توقع على عدة المؤنث والمذكر لتبين ما العدد إذا جاوز الاثنين والثنتين إلى أن يبلغ [تسعَ]1 عشرة وتسعةَ عشَر, فإذا جاوز الاثنين فيما واحدة مذكر فإن أسماء العدد مؤنثة فيها الهاء, وذلك ثلاثة بنين, وأربعةُ أجمالٍ, فإن كان واحده مؤنثًا أخرجت الهاء وذلك قولك: ثلاث بناتٍ وأربعُ نسوةٍ, فإذا جاوز المذكر العشرة فزاد عليها واحدًا قلت: أحدَ عشَر وإن جاوز المؤنث العشرةَ فزاد عليها واحدًا قلت: إحدى عشِرَةَ2 في لغة بني تميم وبلغة أهل الحجاز: إحدى عَشْرَةَ3، وإن زاد المذكر واحدًا على أحدَ عَشَر قلت: اثنا عشرَ وإن له اثني عَشر, حذفت النون؛ لأن عشرَ بمنزلة النون والحرف الذي قبل النون حرف إعراب, وإذا زاد المؤنث واحدًا على إحدى عَشرة, قلت: ثِنتا عَشِرَةَ وإن له ثنتي عشِرة واثنتي عشِرة, وبلغة أهل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت كلمة "تسع" لأن المعنى يحتاجها.
2
في لغة بني تميم تكسر الشين من "عشرة". قال سيبويه 2/ 171: كأنما قلت: إحدى نبقة.
3
في لغة أهل الحجاز بسكون الشين من عشرة، كأنما قلت: إحدى تمرة.



ج / 2 ص -425- الحجاز: عَشْرة1، فإذا جاوزت ذلك قلت: ثلاثة عشَر وإذا زاد على ثنتي عشَرة واحدًا قلت: ثلاثَ عشَرة, وحكم أربعةَ عشَر وما يليها من العدد إلى العشرين من حكم ثلاثةَ عشَر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أي: بسكون الشين من "عشرة" وبكسرها في لغة تميم.



ج / 2 ص -426- باب ما اشتق له من العدد اسم به تمامه وهو مضاف إليه:
وذلك قولهم: خامسُ خَمْسَةٍ، وثاني اثنينِ1، وثالثُ ثلاثةٍ إلى قولك: عاشرُ عَشرةٍ, فقولك: ثاني وثالث مشتق من اثنين وثلاثة, وبالثالث كمل العدد فصار ثلاثة, وقد أضفته إلى العدد وهو "ثلاثة" فمعناه: أحد ثلاثةٍ وأحدُ أربعة, وتقول للمؤنث: خامسة فتدخلها الهاء كما تدخل في "ضاربةٍ" لأنك قد بنيته بناء اسم الفاعل, فإذا أضفت قلت: ثالثة ثلاث ورابعة أربع وتقول: هذا خامس أربعةٍ, تريد: هذا الذي خمس الأربعة, وتقول في المؤنث: هذه خامسة أربعٍ وكذلك جميع هذا من الثلاثة إلى العشرة, فإذا أردت أن تقول في أحدَ عَشر كما قلت: في "خامس" قلت: حادي عَشر وثاني عشر وثالث عشر إلى أن تبلغ إلى تسعة عشر, ويجري مجرى خمسة عشر في فتح الأول والآخر. وفي المؤنث: حادية عشرة كذلك إلى أن تبلغ تسعةَ عشَر. ومن قال: خامسُ خمسةٍ قال: خامسُ خمسةَ عَشَر وحادي أحد عَشر "فحادي وخامس" ههنا يجران ويرفعان ولا يبنيان, وبعضهم2 يقول: ثالثَ عشر, ثلاثةَ عشَر, ونحوهما وهو القياس3، وليس قولهم:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال الله تعالى في سورة التوبة: 40 {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}. قراءة سكون الياء سمعها من العرب.
2
انظر الكتاب 2/ 172.
3
انظر الكتاب 2/ 172-173.



ج / 2 ص -427- ثالثُ ثلاثةَ عشَر في الكثرة كثالث ثلاثةٍ؛ لأنهم قد يكتفون بثالث عشر وتقول: هذا حادي أحد عشَر, إذا كُنَّ عشر نسوة فيهن رجل1، ومثل ذلك: خامسُ خمسة, إذا كن أربع نسوة فيهن رجلٌ كأنك قلت: هو تمامُ خمسةٍ والعرب تغلب التذكير إذا اختلط بالمؤنث وتقول: هو خامسُ أربعةٍ, إذا أردت به أن صير أربع نسوةٍ خمسةً [ولا]2 تكاد العرب تتكلم به، وعلى هذا تقول: رابعُ ثلاثةَ عشَر, كما قلت: خامسُ أربعةٍ, فأما بضعةَ عشر فبمنزلة تسعةَ عشَر في كل شيء, وبضعَ عشرة كتسعَ عشرة في كل شيءٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
لأن المذكر يغلب المؤنث.
2
في الأصل "تكاد".



ج / 2 ص -428- باب العدد المؤنث الواقع على معدود مؤنث:
تقول: ثلاث شياهٍ ذكورٌ, ولهُ ثلاثٌ من الشَّاءِ والإِبل والغنم, فأجريت ذلك على الأصل؛ لأن أصله التأنيث, وقال الخليل: قولك: هذا شَاةٌ بمنزلة قولك: هذا رحمةٌ1 أي: هذا شيء رحمةٌ, وتقول: له ثلاث من البط لأنك تصيره إلى بطةٍ, وتقول: له ثلاثة ذكور من الغنم لأنك لم تجئ بشيء من التأنيث إلا بعد أن أضفت إلى المذكر ثم جئت بالتفسير, فقلت: من الإِبل ومن الغنم لا تذهب الهاء كما أن قولك: ذكورٌ بعد قولك: من الإِبل لا تثبت الهاء, وتقول: ثلاثةُ أشخصٍ وإن عنيتَ نساءً؛ لأن الشخص اسم مذكر, وكذلك: ثلاثُ أعينٍ وإن كانوا رجالًا؛ لأن العين مؤنثةُ تريد: الرجل الذي هو عين القوم, وثلاثة أنفسٍ لأن النفس عندهم إنسان, وثلاثة نساباتٍ وهو قبيح لأن النسابةَ صفةٌ فأقمت الصفة مقام الموصوف, فكأنه لفظ بمذكر ثم وصفه فلم يجعل الصفة تقوى قوة الاسم. وتقول: ثلاثةُ دواب إذا أردت المذكر؛ لأن أصل الدابة عندهم صفة فأجروها على الأصل وإن كان [لا]2 يتكلم بها كأسماء. وتقول: ثلاثُ أَفراسٍ إذا أردت المذكر لأنه قد ألزم التأنيث, وتقول: سار خمس عشرة من بين يوم وليلةٍ؛ لأنك ألقيتَ الاسم على الليالي فكأنك قلت: خمسَ عشَرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يشير إلى قوله تعالى: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98].
2
أضفت كلمة "لا" لأن المعنى يحتاجها.



ج / 2 ص -429- ليلةٍ، وقولك: من بين يومٍ وليلةٍ تؤكد بعد ما وقع على الليالي؛ لأنه قد علم أن الأيام داخلة مع الليالي, وتقول: أعطاهُ خمسَةَ عشَرَ من بين عبدٍ وجاريةٍ, لا غيرَ؛ لاختلاطها, قال سيبويه: وقد يجوز في القياس: خمسةَ عشَر من بين يومٍ وليلةٍ وليس بحدٍّ في كلام العرب1, وتقول: ثلاثُ ذَودٍ؛ لأن الذود أنثى وليس باسم كسر عليه, فأما ثلاثة أشياء فقالوها؛ لأنهم جعلوا أشياء بمنزلة أفعال لو كسروا عليه "فَعْل" ومثل ذلك: ثلاثَةُ رَجْلةٍ لأنه صار بدلًا من أرجالٍ, وزعم الخليل: أن أشياء مقلوبةٌ كقسي2، وزعم يونس عن رؤبة3: أنه قال: ثلاث أنفسٍ على تأنيث النفس، كما قلت: ثلاثُ أعينٍ4.
واعلم: أن الصفة في هذا الباب لا تجري مجرى الاسم ولا يحسن أن تضيف إليها الأسماء التي تعد, تقول: هؤلاء ثلاثةٌ قرشيونَ, وثلاثة مسلمونَ؛ كراهية أن يجعل الاسم كالصفة إلا أن يضطر شاعر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
نظر الكتاب 2/ 174.
2
انظر الكتاب 2/ 174.
3
رؤبة: واسمه عبد الله الطويل ويكنى أبا الحجاف, من فحول رجاز الإسلام, أدرك الأمويين والعباسيين ومدحهم, وكان وجوه أهل اللغة يأخذون عنه ويحتجون بشعره, مات في أيام المنصور 136-158هـ.
4
انظر الكتاب 2/ 174.











44



















الأصول في النحو

ذكر جمع التكسير:
هذا الجمع يسمى مكسرًا؛ لأن بناء الواحد فيه قد غُير عما كان عليه فكأنه قد كسر؛ لأن كسر كل شيءٍ تغييره عما كان عليه, والتكسير يلحق الثلاثي من الأسماء والرباعي ولا يكادون يكسرون اسمًا خماسيا لا زائد فيه, فمتى كسروه حذفوا منه وردوه إلى الأربعة, ويكسرون ما يبلغ بالزيادة أربعة أحرف فأكثر من ذلك؛ لأنه يسوغ لهم حذف الزائد منه،



ج / 2 ص -430- والذي يحذف على ضربين: ضرب يحذف ويعوض من الحذف الياء تعويضًا لازمًا وضرب التعويض فيه وتركه جائزان, وسنذكر كل واحد من ذلك في موضعه إن شاء الله, وأبنية هذه الجموع تجيء أيضًا على ثلاثة أضربٍ: ضرب يكون اسمًا للجمع, ومنها ما بني للأقل من العدد وهي العشرة فما دونها, ومنها ما هي للأكثر, والكثير ما جاوز العشرة ويتسعون فيها, فمنها ما يستعمل في غير بابه, ومنها ما يقتصر به على بناء القليل عن الكثير, والكثير منها ما يستغنى فيه بالقليل عن الكثير, فالذي يستغنى فيه بناء الأقل عن الأكثر فتجده كثيرًا, والاستغناء بالكثير عن القليل نحو ثلاثة شسوعٍ1، وثلاثة قُروءٍ, وإذا أردت أن تعرف ما يكون اسمًا للجمع فهو الذي ليس له باب يكسر فيه, وتطرد الأسماء المجموعة المكسرة على ضربين: أحدهما عدته ثلاثةُ أحرفٍ والآخر عدتهُ أربعةُ أحرف والثلاثة على ضربين: أحدهما مذكر لا هاء فيه أو على لفظ المذكر, والآخر فيه هاء التأنيث وكذلك ما كان على أربعة أحرفٍ, ونبدأ بالاسم الثلاثي الذي لا زائد فيه, وهو يجيء على عشرة أبنيةٍ: فُعْلٌ, فِعْلٌ, فَعْلٌ, فَعَلٌ, فَعِلٌ, فَعُلٌ, فِعُلٌ, فِعِلٌ, فُعَلٌ, فُعُلٌ. وأبنية الجموع على ثلاثة عشَر بناءً: فَعْلٌ, فُعُلٌ, فُعْلَةٌ, فِعُلَةٌ, أَفعُلٌ, فَعيلٌ, فَعَالٌ, فُعُولٌ, فِعَالةٌ, فُعُولةٌ, فُعْلان, فِعْلانٌ, أَفعالٌ, فأَفعلُ وإفعالُ بناءانِ للقليل, وفِعَالُ وفُعولٌ أخوان وهما للكثير, وفِعالةٌ وفعُولة ومؤنثاهما يجريان مجراهما, والثلاثي يجيء أكثره على بناء هذه الأربعة, وفُعولٌ وفِعالٌ أخوان, وليس أَفعل وإفعال أخوينِ؛ لأن ما يجيء على فِعال يجيء فيه بعينه كثيرًا فَعولٌ, وفُعلانٌ وفِعلانٌ أيضًا للكثير وما لم يخص القليل ولا الكثير فيهما فهو اسم للجمع, وأسماء الجمع منها: فُعلٌ وفَعْلٌ إلا أن يكون مقصورًا من فُعُولٍ وفِعْلةٍ وفِعَلَةٍ إن لم تكن مقصورة من فَعلةٍ وفَعيلٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه 2/ 179: فأما القردة فاستغنوا بها عن أقراد، كما قالوا: ثلاثة شسوع, فاستغنوا بها عن أشساع. وانظر ابن يعيش 2/ 25 وانظر البحر المحيط 2/ 187.



ج / 2 ص -431- الأول: من أبنية الجموع فُعْلٌ:
فُعْلٌ كسروا "فَعَل" على "فُعْل" وهو قليل قالوا: أسدٌ وأُسْدٌ, وقد جاء في "فَعَل" "فُعْل" وهو قولهم: الفَلْكُ للواحدِ وللجمع الفُلْكُ وهو اسم للجميع لا يقاس عليه, وقالوا: أركن وركْنٌ, وبعض العرب يقول: نَصَفٌ ونُصْفٌ وقد جاء في "فَعْلٍ": رَهْنٌ وَرَهَنٌ, فَفُعْل: اسم للجميع ولمتأولٍ أن يتأولَ أنَّ "فُعْل" مخفف "فُعَلٍ" وأن "فَعَل" مقصور من "فُعولٍ" وكيف كان الأمر فهو بمنزلة اسم للجمع لا يقاس عليه, وقالوا فيما أعلت عينهُ: دارٌ ودورٌ, وساقٌ وسوقٌ, ونابٌ ونيبٌ فهذا في الكثير.
الثاني: فَعَلٌ:
قالو: أَسَدٌ وأُسْدٌ, فهذا مما يدل على أن "فُعُل" في ذلك الباب مخفف من "فُعْلٍ" وكسروا "فَعِل" عليه, قالوا: نمرٌ ونُمُرٌ, قال الراجز:

فيها عَياييلُ أُسودٌ ونُمُرْ1

وهو عندي مقصور عن فُعولٍ حذفت الواو وبقيت الضمة، والذين قالوا: أُسْدٌ وفُلْكٌ ينبغي أن يكون خففوا "فُعُل" والقياس يوجب أن يكون لفظ الجمع أثقل من لفظ الواحد.
الثالث: فَعْلَةٌ:
جَمعوا "فَعُل" عليه قالوا: رَجُلٌ وثلاثةُ رَجْلَةٍ استغنوا بها عن أَرجال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 179 على جمع "نمر على نمر" كما جمع: أسد على أسد، والرجز لحكيم بن معية, راجز إسلامي معاصر للعجاج, وصف قناة نبتت في موضع محفوف بالجبال والشجر.
وانظر: المقتضب 2/ 203, والصاحبي 382, وشرح السيرافي 6/ 187, وابن يعيش 5/ 18 و10/ 92.



ج / 2 ص -432- الرابع: فِعْلَةٌ:
كسروا عليه ثلاثة أبنية: فَعْلٌ وفِعْلٌ وفُعْلٌ, وذلك قولهم: فَقعٌ1 وفِقْعَةٌ، وجَبٌّ2 وجِبْأَةٌ وهو اسم جمع, وقالوا في المعتل: عُودٌ وعِودَةٌ, وزَوجٌ وزِوجَةٌ, وثَورٌ وثِورَةٌ, وبعض يقول: ثِيرَةٌ فأما فِعْلٌ فنحو: حِسْل3 وحِسْلَةٌ, وقِرْد وقِرْدَة للقليل والكثير, وقالوا فيما اعتلت عينه: دِيكٌ ودِيكَةٌ وكِيسٌ وكِيسَةٌ وفيل وفِيلَةٌ. وأما فُعْلٌ فنحو حُجْرٍ4 وحِجْرَة وخُرجٍ5 وخِرْجَة وكُرْز6 وكِرْزَة, وهو كثير ومضاعفهُ حُب وحِبْبَة.
الخامس: فَعيلٌ:
جاء فَعْلٌ على فَعيلٍ، قالوا: كَلْبٌ وكَليبٌ، وهو اسم للجمع لا يقاس عليه، وعَبْد وعَبيدٌ، وجاء فيه فِعْلٌ قالوا: ضِرْسُ وضَريسٌ.
السادس: أَفعُل:
وهو يجيء جمعًا لخمسة أبنية: فَعْلٌ، فَعَلٌ، فَعِلٌ, فِعْلٌ, فُعْلٌ, فأما فَعْلٌ فنحو كَلْبٍ وأَكلُب وفَلْس وأَفلُس, وأَفْعلٌ في الثلاثي إنما يكون لأقل العدد وأقل العدد العشرة فما دونها والمضاعف يجري هذا المجرى, وذلك ضَبٌّ وأَضب وبنات الياء والواو بهذه المنزلة تقول: ظَبْيٌ وأَظْب, ودَلْوٌ وأَدْلٍ, كان الأصل: أَظبو وأدلو, ولكن الواو لا تكون لامًا في الأسماء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
فقع: وفقع بالكسر والفتح، الأبيض الرخو من الكمأة وهو أردؤها.
2
الجب: الكمأة الحمراء.
3
حسل: ولد الضب حين يخرج من بيضته. انظر الحيوان 1/ 212.
4
حجر: الفرس الأنثى، ولم يدخلوا فيه الهاء لأنه اسم لا يشركه المذكر فيه.
5
خرج: نوع من الأوعية "جوالق".
6
كرز: ضرب من الجوالق أو الجوالق الصغيرة.



ج / 2 ص -433- وقبلها متحرك فقلبوها ياء وكسروا ما قبلها. وجاء في المعتل العين: ثَوْبٌ وأَثوُبٌ، وقَوْس وأَقْوُسٌ وذلك قليل. وقالوا: أَيْرٌ وآيَرٌ, وقد جاء أَفعُلٌ في الكثير أيضًا جمع فَعْلٍ, قالوا: أكفّ.
الثاني: فَعَلٌ نحو زَمَنٍ وأَزْمُن، وقالوا في المعتل: عَصا وأَعص بدلا من أَعصاء.
الثالث: فِعَلٌ نحو ضِلَع وأَضْلُع.
الرابع: فِعْلٌ.
نحو ذِئْبٍ وأَذْؤُب, وقِطْعٍ وأقْطُع, وجِرْوٍ وأَجْرّ, ورِجْل وأَرْجُل, إلا أنهم لا يجاوزون "أَفْعُل" في القليل والكثير.
الخامس: فُعْلٌ:
ركْنٌ وأَركُنٌ, وجاء في "فُعْل" مما اعتلتْ عينه: دَارٌ وأَدْوُرٌ, وسَاقٌ وأَسوُقٌ, ونار وأَنوُرٌ, وقال يونس: وما جاء مؤنثًا من "فُعْل" من هذا الباب فإنه يكسر على أَفْعُل1, وقال سيبويه: لو كان هذا صُحَّ للتأنيث لما قالوا: رَحا وأَرحاء, وقَفًَا وأَقفاء, في قول من أنثَ القَفَا وقال في جمع قَدَم: أَقدام2، وأَفْعُلٌ إنما هو مستعار في فُعْلٍ, وإنما حقه "أَفعال" في القليل ولكنهم قد يدخلون بعض هذه الجموع على بعض؛ لأن جمعها إنما هو جمع اسمٍ ثلاثي.
السابع من أبنية الجموع: فِعَالٌ:
وهو جمعُ خمسة أبنية: فَعْلٌ, فَعَلٌ, فَعِلٌ, فَعُلٌ, فُعْلٌ. فأما فَعْلٌ فهو كلْبٌ وكِلابٌ, وربما كان في الحرف الواحد لغتان قالوا: فَرخٌ وفُروخٌ وفِراخٌ؛ لأن فُعولًا أختُ فِعَالٍ, والمضاعف يجري هذا المجرى, قالوا: ضَبٌّ وضِبَابٌ, وصَكٌّ وصِكَاكٌ, والمعتل مثله وقالوا: ظَبْيٌ وظِبَاءٌ, ودَلْوٌ ودِلاءٌ, وقالوا فيما اعتلت عينهُ: سَوْطٌ وسِيَاطٌ, ولم يستعملوا فُعولًا حينما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 187.
2
انظر الكتاب 2/ 187.



ج / 2 ص -434- اعتلت عينه من ذوات الواو, وقد يجيء خَمسةُ كِلابٍ يراد به خمسة من الكلاب أي: من هذا الجنس, وكان القياس خَمسة أَكْلُبٍ؛ لأن "أَفْعُل" للقليل وفِعَالًا للكثير, وأما فَعَلٌ فيجمع في الكثير على فِعالٍ أيضًا نحو جَمَلٍ وجِمَالٍ وهو أكثر من فُعُولٍ, وأما فَعُلٌ فنحو رَجُلٍ ورِجَالٍ, وسَبُعٍ وسِبَاعٍ, وأما فِعْلٌ فنحو بِئْرٍ وبِئَارٍ وذِئْبٍ وذِئَابٍ, ومضاعفهُ زِقٌّ وزِقاقٌ والمعتل نحو رِيحٍ ورِياحٍ, وأما فُعْلٌ فنحو جُمْد وجِمَادٍ وقُرْطٍ وقِراطٍ ومضاعفه خُصٌّ وخِصَاصٌ وعُشٌّ وعِشَاشٌ والمضاعف فيه كثير.
الثامن من الجموع: فُعُولٌ:
وقد جاء جمعًا لستة أبنية: فَعُلٌ وفَعَلٌ وفَعِلٌ وفِعَلٌ وفِعْلٌ فُعْلٌ, فأما فَعْلٌ فإذا جاوز العشرة فإنه قد يجيء على "فُعُول" قال: نَسْرٌ ونُسُورٌ وبَطْنٌ وبُطُونٌ والمضاعف مثله: صَكٌّ وصُكُوكٌ، وبَتٌّ1 وبُتُوتٌ، وبنات الياء والواو مثله قالوا: ثَدْيٌ وثُدُي, ودَلْوٌ ودُلُي, فهو فُعُولٌ وذلك يبين في التصريف, وفَوْجٌ وفُئُوجٌ وبَحْرٌ وبُحُورٌ وبَيْتٌ وبُيُوتٌ, ابتزتْ فُعُول الياء كما ابتزت فِعَالٌ الواو, فأما "فَعَلٌ" فيجمع في الكثير على فُعُولٍ نحو أَسَدٍ وأُسُودٍ وذكَرٍ وذُكُورٍ وهو أقل من فِعَالٍ والمضاعف فيه قياسه فُعُولٌ, فالذي جاء على أفعالٍ نحو لبَب2 وأَلبابٍ، والمعتل: نحو قَفًَا وقُفُيٌّ وقِفيٌّ, وعَصا وعُصُيٌّ وعِصِيٌّ, وإنما كسرت الفاء من أجل الياء والكسرة, والمعتل العين نحو نَابٍ ونُيُوبٍ, وقال بعضُهم في سَاقٍ: سُئُوقٌ3 فهمزوا، وأما فَعِلٌ فنحو نَمرٍ ونُمُورٍ ووَعِلٍ ووُعُولٍ وأما فِعَلٌ فنحو ضِلَعٍ وضُلُوعٍ وإرَمٍ وأُرُوُمٍ, وأما فِعْلٌ فنحو حِمْلٍ وحُمُولٍ وعِرْقٍ وعُرُوقٍ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
بت: ضرب من الطيالسة غليظ أخضر، والبت: القطع المستأصل.
2
لبب: ما يشد على صدر الدابة أو الناقة.
3
في الكتاب 2/ 187، وقال بعضهم: سئوق، فيهمز كراهية الواوين والضمة في الواو.



ج / 2 ص -435- وشِسْعٍ وشُسُوعٍ، استغنوا فيها عن بناء أدنى العدد, والمضاعف: لِصّ ولُصُوصٌ والمعتل: فِيلٌ وفُيُولٌ ودِيكٌ ودُيُوكٌ, وأما فُعْلٌ فنحو بُرْجٍ وبُرُوجٍ وخُرْجٍ وخُرُوجٍ.
التاسع من أبنية الجموع: فِعَالةٌ:
جاء في فَعْلٍ فُعُولةٌ وفِعَالةٌ، وزعم الخليل: إنما أرادوا أن يحققوا التأنيث نحو الفِحَالةِ1, يعني تأنيث الجمع، وجاء في فَعَلٍ: جَمَلٌ وجِمَالةٌ وحَجَرٌ وحِجَارةٌ وقالوا: أَحجارٌ.
العاشر من أبنية الجموع: فَعُولةٌ:
جاء في فَعْلٍ فُعُولةٌ, نحو بَعْلٍ وبُعُولةٍ، وعَمٍّ وعُمُومةٍ، وجاء فيما اعتلت عينه: عَيْرٌ وعُيُورٌ وخَيْطٌ وخُيُوطٌ.
الحادي عشَر: فِعْلان:
وهو لأربعة أبنية: فَعَلٌ وفَعْلٌ وفِعْلٌ وفُعْلٌ؛ فأما فَعْلٌ فنحو خرْب2 وخرْبان، وبَرْقٌ وبَرقَان في الكثير, وفي المعتل: جَارٌ وجِيران وقاعٌ وقِيعانٌ وقل فيه فِعَالٌ, وألزموهُ "فِعْلان" وقد يستغنى فيه بأَفعالٍ نحو مَال وأَموال. وأما فَعَلٌ فنحو جَحَلٍ وجِحْلانٍ، ورَألٍ3 ورِئْلانٍ وفيما اعتلت عينهُ نحو ثَورٍ وثِيرانٍ وقَوزٍ وقِيزانٍ وهو قطعة من الرمل. وأما فِعْلٌ فنحو رِئْدٍ4 ورِئْدانٍ وهو فَرْخُ الشجرة وصِنْوٍ وصنوان وقِنْوٍ وقنوانٍ, وأما فُعْلٌ فنحو خُشٍّ وخُشان وقالوا: خُشّانٌ لأن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 176.
2
الخرب: ذكر الحبارى. وانظر حياة الحيوان 1/ 263.
3
رأل: ولد النعام.
4
رئد: ترب أو فرخ الشجرة.



ج / 2 ص -436- "فِعْلان" و"فُعْلان" أُختان وجاء في المعتل من بنات الواو التي هي عين فِعْلان انفردت به فِعْلان نحو عُودٍ وعِيدانٍ وغُولٍ وغِيلانٍ وكُوزٍ وكِيزانٍ وحُوتٍ وحِيتَانٍ ونُونٍ ونينَانٍ.
الثاني عشر: فُعْلان:
وهو لأربعة أبنية: فَعَلٌ وفَعْلٌ وفِعْلٌ وفُعْلٌ جاء في الكثير جمعًا لِفَعَلٍ نحو جَمَلٍ وجُمْلانٍ وسَلَقٍ وسُلْقانٍ, وجاء فَعْلٌ على فُعْلانٍ نحو ثَغْبٍ وثُغْبانٍ وبَطْنٍ وبطنانٍ وظَهْرٍ وظُهرانٍ, وجاء في فِعْلٍ نحو ذِئْبٍ وذئبانٍ وفي مضاعفه: زقٌّ وزُقانٌ وجاء في "فُعْلٍ" في المضاعف نحو خُشٍّ وخشَّانٍ جميعًا.
الثالث عشر: أَفعالٌ جاءت جمعًا لعشرة أبنية:
فَعَلٌ, فَعِلٌ, فُعُلٌ, فُعَلٌ, فِعَلٌ, فِعِلٌ, فَعْلٌ, فُعْلٌ, فُعِلٌ.
فأما فَعَلٌ فنحو جَمَلٍ وأَجمالٍ وجَبَلٍ وأَجبالٍ وأَسَدٍ وآسادٍ وهذا لأدنى العدد, وفي المعتل: قاعٌ وأَقواعٌ وجارٌ وأَجوارٌ ويستغنى به عن الكثير في: مَالٍ وأَموالٍ وبَاعٍ وأبواع, وأما فَعْلٌ فقد جاء جمعه "أفعال" وليس ببابه فقالوا: زَنْدٌ وأزنادٌ, وقال الأعشى:

وزَنْدُكَ أَثْقَبُ أَزنَادِها1


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 176 على جمع "زند" على أزناد وهو جمع شاذ، لأن باب "فَعْل" حكمه أن يكسر في القليل على "أفعل" وهو عجز بيت صدره:

وجدت إذا اصطلحوا خيرهم وزندك أثقب.......

وهو من قصيدة يقولها لقيس بن معد يكرب الكندي، أي: إذا اصطلحت القبائل كنت خيرها وأدعاها إلى الصلح واجتماع الكلمة, وضرب ثقوب زنده مثلًا لكثرة خيره وسعة معروفه. وانظر: المقتضب 2/ 196, والديوان 73, والموجز 104.



ج / 2 ص -437- وقالوا في المضاعف: جدٌّ وأجدادٌ وفيما اعتلت عينه لأدنى العدد: سَوْطٌ وأسواطٌ وقد يقتصرون عليها للقليل والكثير نحو لَوْحٍ وألواحٍ ونَوْعٍ وأنواعٍ وبَيْتٍ وأبياتٍ للقليل. ومما جاء أَفعالٌ لأكثر العدد وذلك نحو قَتَبٍ وأقتابٍ ورسنٍ وأرسانٍ وقد جاء في فَعِلٍ للكثير قالوا: أرآدٌ1، ومضاعف "فَعَلٍ" أفعالٌ لم يجاوزوه في القليل والكثير نحو لَبَبٍ وألبابٍ ومَدَدٍ وأمدادٍ وفَنَن وأفنانٍ كما لم يجاوزوا الأَقدامَ والأرسانَ2، والمعتل اللام من فَعَلٍ نحو صَفًا3 وأصفاء وصُفِيٍّ وقَفًَا وأقفاء, وقالوا: أَرْحاء في القليل والكثير. قال أبو بكر: ومن ذكري قَتَبٍ إلى هذا الموضع فهو في الصنف الأول في باب فَعَلٍ, وأما فَعِلٌ فنحو كَبِدٍ وأكباد وفَخذٍ وأفخاذٍ ونَمرٍ وأنمارٍ, وقلما يجاوزُ بِفَعِلٍ هذا الجمع. فأما فِعَل فنحو ضِلَعٍ وأضلاعٍ وإرَمٍ4 وأَرماءٍ، وأما فَعُلٌ فنحو عَضُدٍ وأَعضادٍ وعَجُزٍ وأعجازٍ, اقتصروا على أفعالٍ في "عَضُدٍ" وأما فُعُلٌ فنحو عُنُقٍ5 وأعناقٍ، وطُنُبٍ6 وأَطنابٍ, مقتصرا عليه في جمع "طُنُبٍ" وأما فُعَلٌ فنحو رُبَعٍ وأرباعٍ ورُطَبٍ وأرطابٍ وأما فِعِلٌ فنحو إبِلٍ وآبالٍ وأما فِعْلٌ فنحو حِمْلٍ وأحمالٍ وجِذْعٍ وأجذاعٍ, ومما استعمل فيه للقليل والكثير: خِمْسٌ وأخماسٌ وشِبْرٌ وأشبارٌ وطِمْرٌ وأطمارٌ, والمعتل نحو نِحيٍ وأنحاءٍ وفيما اعتلت عينه: فِيلٌ وأفيالٌ وجِيدٌ وأجيادٌ ومِيلٌ وأميالٌ في القليل, وقد يقتصر فيه على أَفعال.
قال سيبويه: وقد يجوز أن يكون أصل "فِيلٍ" وما أشبهه فُعْلًا, كسر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أرآد: جمع رئد، وهو الترب.
2
أي: لم يجاوزوا الأفعال كما لم يجاوزوا الأقدام والأرسان.
3
صفا: يقال صفا: خلص من كل شيء فهو "صفي".
4
إرم: حجارة تنصب علمًا في المغارة.
5
عنق: وعنق، وصلة ما بين الرأس والجسد.
6
طنب: وطنب, حبل الخباء والسرادق ونحوهما.



ج / 2 ص -438- من أجل الياء كما قالوا: أبيضُ1 وبِيضٌ, قال أبو الحسن الأخفش: هذا لا يكون في الواحد إنما للجميع. وإنما اقتصارهم على أفعالٍ كقولهم: أَميالٌ وأَنيابٌ وقالوا: ريحٌ وأرواحٌ2، فأما فُعْلٌ فَجُنْدٌ وأَجنادٌ، وبُرْدٌ وأَبرادٌ في القليل, وربما استغنوا به في الكثير نحو رُكْنٍ وأركانٍ وجُزْءٍ وأَجزاءٍ وشُفْرٍ وأشفارٍ ومضاعفه: حُبٌّ وأَحبابٌ, والمعتل: مُدْيٌ وأمدادٌ لا يجاوز به3، وفيما اعتلت عينه: عُودٌ وأعواد وغُول وأغوالٌ وحُوتٌ وأحواتٌ وكُوزٌ وأكوازٌ في القليل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من سيبويه 2/ 187 لإيضاح المعنى.
2
هذا في بنات الواو من "فعل".
3
أي: لقلته في هذا الباب لا يجاز به.



ج / 2 ص -439- باب جمع الثلاثي الذي فيه هاء التأنيث في الجمع:
فَعْلٌ, فَعَلٌ, فَعِلٌ, فُعُولٌ, فَعُولٌ, فِعَالٌ, فَعْلانٌ, فِعَلانٌ, فِعْلانٌ, فَعُلاتٌ, فَعُلاتٌ, فَعْلاء, أَفْعَل, وإنما يقع فَعْلٌ في الباب الثاني وهو ما الفرق بين جمعه وواحده الهاء فقط.
هذه أبنية الجمع فيه:
فأما أبنية الأسماء المجموعة فستة: فَعْلَةٌ, وفَعَلةٌ, وفُعَلَةٌ, وفُعْلَةٌ, وفِعْلَةٌ, وفَعِلَةٌ.
الأول: فَعْلَةٌ: جمعها بالتاء في أدنى العدد, وتفتح العين فتقول: فَعَلاتٌ نحو جَفْنَةٍ وجَفَناتٍ فإذا جاوزت أدنى العدد صار على فعَالٍ مثل قِصَاعٍ وقد جاء على فُعُولٍ وهو قليل مثل: مأنةٌ ومُئونٌ والمأنةُ أسفل البطن وقد يجمعون بالتاء وهم يريدون الكثير, وبنات الياء والواو بهذه المنزلة, وكذلك المضاعف فالمعتل نحو ركوةٍ ورِكاءٍ وقَشوةٍ وقِشَاءٍ وركواتٍ وقَشَواتٍ وظَبيةٍ وظَبياتٍ, والمضاعف نحو سَلَّةٍ وسَلاتٍ, فأما ما اعتلت عينه فإذا أردت أدنى العدد ألحقت التاء ولم تحرك العين وذلك نحو عَيبةٍ وعَيباتٍ وعِيابٍ, وضَيْعَةٍ وضَيْعَاتٍ وضِياعٍ, ورَوْضَةٍ ورَوْضات ورياضٍ, وقد قالوا: نَوْبةٌ ونُوبٌ ودَولةٌ ودُولٌ وجَوبة1 وجُوبٌ، ومثلها: قَرْيةٌ وقُرًى، ونَزوَةٌ ونُزًى, وفَعْلَةٌ من بنات الياء على "فِعَلٍ" نحو خَيْمَةٍ وخِيَمٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جوبة: حفرة مستديرة، والفرجة في السحاب وفي الجبال.



ج / 2 ص -440- الثاني: فَعَلةٌ، وهو بمنزلة فَعْلَةٍ، وإن جاء شيء من بنات الواو والياء والمضاعف أجري مجرى الضرب وهو عزيز, وذلك قولك: رَحَبةٌ ورَحبَاتٌ ورَقَبَةٌ ورَقباتٌ ورِقابٌ, ولم يذكر سيبويه مثالًا لما اعتلت لامه1، فأما ما اعتلت عينه فيكسر على "فِعَالٍ" قالوا: نَاقةٌ ونِياقٌ وقد كسر على "فِعَلٍ" قالوا: قَامةٌ وقِيَم, وتَارَةٌ وتِيَرٌ. قال الراجز:

يَقومُ تاراتٍ ويمشي تِيرا2

فكأنَّ "فِعَل" في هذا الباب مقصورة من فِعَالٍ.
الثالث: فُعْلَةٌ، تجمع [على]3 فُعُلاتٍ، نحو رُكْبةٍ ورُكُباتٍ، وغُرفَةٍ وغُرُفاتٍ, فإذا أردت الكثير كسرته على "فُعَلٍ" قلت: رُكَبٌ وغُرَفٌ, وقد جاء: نُقرةٌ ونِقارٌ وبُرْمَةٌ وبِرامٌ، ومن العرب4 من يفتح العين فيقول: رُكباتٌ، وغُرفاتٌ، وبنات الواو بهذه المنزلة نحو خُطْوة وخُطُواتٍ وخُطًى ومن العرب5 من يسكن فيقول: خُطْواتٌ, وبناء الياء نحو كُليةٍ وكُلًى ومُديةٍ ومُدًى, اجتزءوا ببناء الأكثر، ومَن خفف قال: كُلْياتٌ ومُدْياتٌ، والمضاعف يكسر على "فُعَلٍ" مثل ركبة ورُكَب, وقالوا: سُرّات وسُرَرٌ ولا يحركون العين لأنها كانت مدغمةً، والفِعالُ في المضاعف كثير نحو جِلالٍ وقِبابٍ والمعتل العين نحو دَولةٍ ودُولاتٍ ودُولٍ.
الرابع: فِعْلَةٌ، نحو ما في القليل بالألف والتاء وتكسر العين، نحو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب/ 188.
2
من شواهد سيبويه 2/ 188 على جمع "تارة" على "تير" والقياس "تيار" بالألف؛ لأن تارة "فعلة" في الأصل كرحبة، وجمع رحبة رحاب، إلا أن المعتل من "فعال" قد تحذف ألفه، كما قالوا: ضيعة وضيع؛ طلبًا للخفة لثقله بالاعتلال، ومعنى يقوم: يثبت قائمًا غير ماشٍ, ولم ينسب هذا إلى قائل معين. وانظر: كتاب إيضاح شواهد الإيضاح 171, والصحاح 1/ 292, والموجز 108.
3
أضفت "على" لإيضاح المعنى.
4
انظر الكتاب 2/ 182.
5
انظر الكتاب 2/ 182.



ج / 2 ص -441- سِدرةٍ وسِدراتٍ وكِسْرةٍ وكِسراتٍ. ومن العرب من يفتح العين [فيقول]1: سدراتٌ وكَسراتٌ2، فإن أردت الكثير قلت: سِدرٌ. ومن قال: غُرْفاتٌ فخفف قال: سِدْراتٌ, وقد يريدون الأقل3 فيقولون: كِسَرٌ وفِقَرٌ في القليل لقلة استعمالهم التاء في هذا الباب. والمعتل اللام فيه نحو لِحيةٍ ولِحًى وفِريةٍ وفِرًى ورِشوةٍ ورِشا, اجتزءوا بهذا عن التاء, ومن قال: كِسْراتٌ قال: لِحْيَاتٌ والمضاعف: قِدّةٌ4 وقِدّاتٌ وقِدةٌ ورِبَّةٌ ورِبَّاتٌ ورِببٌ, وقد جاء "فِعْلَةٌ" على "أَفْعُل" قالوا: نِعْمَةٌ وأنْعُمٌ, وشِدّةٌ وأشَد, ولم تجمع رِشوةٌ بالتاء ولكن من أسكن قال: رِشْواتٌ؛ لأنَّ الواو لا تعتل في الإِسكان هنا, والمعتل العين: قِيمةٌ وقِيماتٌ ورِيبةٌ, وقِيَمٌ ورَيبٌ.
الخامس: فَعِلَةٌ، نحو نَعمة ونَعمٍ ومَعِدةٍ ومَعِد, وذلك أن تجمع بالتاء ولا تغير.
السادس: فُعَلةٌ، نحو تُخَمةٍ وتُخَمٍ وتُهَمةٍ وتُهَمٍ, وليس هذا كرُطَبةٍ ورُطَبٍ, ألا ترى أن الرطب مذكرٌ كالبُرّ وهذا مؤنث كالظُّلَمِ والغُرَفِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 "
فيقول" أضيفت لإيضاح المعنى.
2
انظر الكتاب 2/ 182.
3
في الأصل "الأول" ولا معنى لها.
4
قدة: القدة: القطعة من الشيء، والفرقة، والطريقة من الناس.



ج / 2 ص -442- باب ما يكون من بنات الثلاثة واحدًا يقع على الجميع:
ويكون واحدا على بنائه من لفظه إلا أنه [مؤنث]1 تلحقه الهاء للفصل, وهذا الباب حقه أن يكون لأجناس المخلوقات وهي تجيء على تسعة أبنية.
الأول: فَعْلَةٌ: نحو طَلْحَة وطَلْحٍ، وتَمْرةٍ وتَمرٍ، ونَخْلَةٍ ونَخلٍ، وصَخْرَةٍ وصخرٍ، وإذا أردت القليل جمعت بالتاء، وربما جاءت الفَعْلَةُ على فِعَالٍ نحو سَخْلَةٍ وسِخَالٍ، وبهمةٍ وبِهَام وهم شبهوها بالقِصَاعِ2. وقال بعضهم: صَخْرةٌ وصُخورٌ، وبنات الياء والواو نحو مَرْوةٍ3 ومَروٍ، وسَروةٍ4 وسَرْو. وقالوا: صَعْوةٌ5 وصِعَاءٌ، وشَريةٌ6 وشَرْي, والمضاعف نحو حَبَّةٍ وحَبٍّ, والمعتل العين نحو جَوْزةٍ وجُوزٍ، وبَيْضَةٍ وبَيْضٍ وبَيضاتٍ، وقد قالوا: روضَةٌ ورِياضٌ.
الثاني: فَعَلةٌ: وهي مثل فَعْلَةٍ، قالوا: بَقَرةٌ وبَقَرٌ وبَقراتٌ، وقالوا:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من سيبويه 2/ 183 لإيضاح المعنى.
2
القصاع: جمع قصعة، وهي الضخمة تشبع العشرة.
3
المروة: حجارة بيضاء براقة، تكون فيها النار وتقدح منها النار.
4
السروة: تقع في النبات فتأكله.
5
صعوة: صغار العصافير، ويقال: صعوة واحدة وصعو كثير، والأنثى: صعوة.
6
الشرية: الحنظل، وقيل: شجر الحنظل، وقيل: ورقه, وجمعها: شري.



ج / 2 ص -443- أكمَةٌ وإكَامٌ وبنات الياء والواو نحو حَصًى وحَصاةٍ، وقَطاةٍ وقَطًا وقَطواتٍ، وقال: أَضاةٌ1 وأَضًى, وإضاءٌ مثل إكَامٍ وأَكمٍ، وقالوا: حَلَقٌ وفَلَكٌ ثم قالوا: حَلْقَةٌ وفَلْكَةٌ, فخففوا في الواحد حيث ألحقوه الزيادة وغيروا المعنى، هذا لفظ سيبويه، قال: وزعم يونس عن أبي عمرو أنهم يقولون: حَلقَة2, والمعتل3 العين: هام وهَامَةٌ وهَاماتٌ، وراحٌ وراحَةٌ وراحاتٌ، وسَاعةٌ وساع وسَاعاتٌ.
الثالث: فَعِلَةٌ: نحو نَبِقَةٍ ونَبِقَاتٍ ونَبِق، فلم يجاوزوا هذا.
الرابع: فِعَلَةٌ: نحو عِنَبَةٍ وعِنَبٍ، وإبَرةٍ وإبَراتٍ، وهو فسيلُ المُقل.
الخامس: فَعُلَةٌ: نحو سَمُرَةٍ وسَمُرٍ وسَمُراتٍ.
السادس: فُعُلَةٌ: نحو بُسُرةٍ وبُسُرٍ.
السابع: فُعَلَةٌ: نحو عُشَرٍ وعُشَرةٍ, ورُطَبٍ ورُطَبَة ورُطَباتٍ، ويقول ناس4 للرطب: أرطابُ مثل عِنَبٍ وأعنابٍ، وهذا عندي إنما يجوز إذا اختلفت أنواعه، ونظيره من الياء: مُهاة ومُهي وهو ماء الفحل في رحم الناقة.
الثامن: فِعْلَةٌ: نحو سِلْقَةٍ وسِلْقٍ وسِلْقاتٍ. وقد قالوا: سِدْرةٌ وسِدْرٌ، وقالوا: لِقْحَةٌ ولِقَاحٌ، وفي المضاعف: حِقَّة وحِقَاق، وقالوا: حِقَقٌ، قال المسيب بن علس:

قَد نالني منهم على عَدَمٍ مثْلُ الفسيلِ صغارُها الحِقَقُ5


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الأضاة بفتح الهمزة: المستنقع من سيل وغيره.
2
انظر الكتاب 2/ 183.
3
أضفت كلمة "والمعتل" لإيضاح المعنى.
4
انظر الكتاب 2/ 184.
5
من شواهد سيبويه 2/ 184، على جمع حقة على حقق والمستعمل تكسيرها على "حقاق" والحقة التي استحقت أن تركب, ويضربها الفحل من النوق. مدح قومًا وهبوا له أذوادًا من الإبل، شبه صغارها بفسيل النخل، والفسيل صغار النخل، واحدها: فسيلة. وانظر اللسان 11/ 339, وشرح السيرافي 5/ 45, والمخصص 7/ 21.



ج / 2 ص -444- والمعتل العين نحو تِينةٍ وتينٍ وتِيناتٍ، وطِين وطِينَةٍ وطِينَاتٍ، قال سيبويه: وقد يجوز أن يكون هذا "فُعْلًا"1.
التاسع: فُعْلَةٌ: نحو دُخْنَةٍ ودُخْنٍ ودُخْنَانٍ، ومن المضاعف: دُرَّةٌ ودُرٌّ ودُرّاتٌ، وقالوا: دُرَرٌ كما قالوا: ظُلَمٌ، ومن المعتل العين: تُومةٌ2 وتُومٌ وتُوماتٌ، وصُوفَةٌ وصُوفَاتٌ وصُوفٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 189.
2
تومة: اللؤلؤة, والتومة: القرط فيه حبة.



ج / 2 ص -445- باب ما جاء لفظ واحده وجمعه سواء:
وقالوا: حَلْفاءُ للجميع، وحَلْفاءُ واحده، وطَرْفاءُ مثله، وهذا عندي إنما يستعملُ فيهما ليحقر الواحدُ منهُ، قال أبو العباس: حدثني أبو عثمان المازني عن الأصمعي1، قال: واحدُ الطرْفاء طرفَة، وواحدُ القُصْباءِ قَصِبةٌ، وواحدُ الحَلْفاءِ حَلِفَة تكسر اللام مخالفة لأختيها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في اللسان 1/ 402 قال الأصمعي: حلقة، بكسر اللام.



ج / 2 ص -446- باب ما كان على حرفين وليس فيه علامة التأنيث:
اعلم: أن ما كان أصلهُ "فَعْلًا" كسر على "أَفْعِلٍ" نحو يدٍ وأَيدٍ، وفي الكثير على "فِعَالٍ" و"فُعولٍ" وذلك: دِمَاءٌ مدمي، فإن كان "فَعَلٌ" كسر في القليل على "أفعالٍ" وذلك أبٌ وآباء. وزعم يونس أنه يقول: أخ وآخاءٌ, وقال: إخوانٌ1, وبنات الحرفين تكسر على قياس نظائرها التي لم تحذف. وأما ما كان من بنات الحرفين وفيه الهاء للتأنيث، فإنهم يجمعونها بالتاء وبالواو والنون, كأنه عوضٌ، فإذا جمعت بالتاء لم [تغير]2 وذلك: هَنَةٌ وهَناتٌ، وشِيَةٌ وشِياتٌ، وفِئَةٌ وفِئاتٌ، وثُبَةٌ وثُبَاتٌ، وقُلةٌ وقُلاّتٌ، وربما ردوها إلى الأصل إذا جمعوها بالتاء فقالوا: سَنَواتٌ وعضَواتٌ, فإذا جمعوا بالواو والنون كسروا الحرف الأول وذلك نحو: سِنُونَ، وقِلُونَ، وثِبُونَ، ومِئُونَ، فرقوا بين هذا وبين ما الواو له في الأصل نحو قوله: هَنُونَ، ومَنُونَ، وبَنُونَ، وبعضهم يقول: قُلونَ3 فلا يغير، وأما هَنَةٌ ومَنَةٌ، فلا يجمعان إلا بالتاء؛ لأنهما قد ذكرا. وقد يجمعون الشيء بالتاء فقط استغناءً وذلك نحو قولهم: ظُبَةٌ وظُباتٌ, وشِيةٌ وشِياتٌ, والتاء تدخل على ما دخلت فيه الواو والنون لأن الأصل لها، فقد يكسرون هذا النحو على بناء يرد ما ذهب من الحرف،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 190.
2
في الأصل: "لم يعرف" ولا معنى لها, والمقصود أنه لم يغير البناء.
3
انظر الكتاب 2/ 191.



ج / 2 ص -447- وذلك قولهم: شَفَةٌ وشِفَاهٌ، وشَاةٌ وشِيَاهٌ، واستغنوا عن التاء حيث عنوا بها أدنى العدد، وتركوا الواو حيث ردوا ما يحذف منه، وقالوا: أمَةٌ وآم وإماءٌ وهي "فَعَلةٌ" لأنهم كسروا "فَعَلة" على "أَفعُلٍ" ولم نرهم كسروا "فَعْلَةً" على "أَفعُلٍ" وقالوا: بُرَةٌ وبراتٌ وبُرونَ وبُرى, ولُغَةٌ ولُغًى, وقد يستغنون بالشيء عن الشيء وقد يستعملون فيه جمع ما يكون في بابه، وقالت العرب: أَرْضٌ وأرضاتٌ وأرضونَ, فجمعوا بالواو والنون عوضًا من حذفهم الألف والتاء, وتركوا الفتحة على حالها. وزعم يونس أنهم يقولون: حَرَّةٌ وحَرُّون1، وقالوا: إوَزّةٌ وإوَزون وزعم يونس أيضا أنهم يقولون: حَرّةٌ وإحرون يعنونَ الحِرارَ كأنه جمع إحَرَّة ولكن لا يتكلم بها2. وقد يجمعون المؤنث الذي ليست فيه هاءُ التأنيث بالتاء وذلك قولهم: عُرُساتٌ3، وأَرضاتٌ، وقالوا: سَمواتٌ استغنوا بالتاء عن التكسير، وقالوا: أهلاتٌ فشبهوها بصَعْباتٍ، وقالوا: أهَلاتٌ4، وقالوا: إمْوان جماعةُ أمةٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 191.
2
انظر الكتاب 2/ 191.
3
في الأصل "عرسيات" وهو خطأ.
4
الذين قالوا: أهلات ثقلوا كما قالوا: أرضات.



ج / 2 ص -448- باب تكسير ما عدة حروفه بالزيادة أربعة أحرف للجمع:
الأسماءُ المكسرةُ في هذا الباب ستةٌ: فِعَالٌ، فَعَالٌ، فُعَالٌ، فَعِيلٌ، فُعُولٌ، فَاعلٌ.
فالأول: فِعَالٌ: جاء في القليل على "أَفْعَلةٍ" نحو حِمَارٍ وأَحْمَرةٍ، والكثير "فُعُلٌ" نحو حُمُرٍ ولك أن تخفف في لغة بني تميمٍ1، فتقول: حُمْرٌ، ورُبما عنوا ببناء أكثر العدد أدناه وذلك قولهم: ثلاثةُ جُدُرٍ، وثلاثةُ كُتُبٍ, والمضاعف لا يجاوز به أدنى العدد, وإن عنوا الكثير, وذلك: جِلالٌ وأَجلةٌ، وعِنَانٌ وأَعنّةٌ، وكِنَانٌ وأَكنةٌ، وكذلك المعتل نحو رِشَاءٍ وأَرشيةٍ وسِقَاء وأَسقيةٍ. وما اعتلت عينهُ فيكسر على "أَفعِلَةٍ" نحو خِوانٍ2 وأَخونةٍ، ورِواقٍ وأروقَةٍ، فإن أردت الكثير جاء على "فُعْلٍ" وذلك نحو خُونٍ وروقٍ وبونٍ, وذوات الياء، عِيَانٌ وعُيُنٌ, والعِيَانُ: حديدةٌ تكون في مَتاعِ الفَدان, فثقلوا لأن الياء أخفُّ من الواو كما قالوا: بَيُوضٌ وبُيُضٌ, وزعم يونس: أن من العرب من يقول: صَيُودٌ، وصِيدٌ3.
والثاني: فَعَالٌ: يجيء على "أَفْعِلَةٍ" في القليل نحو زَمانٍ وأزْمنَةٍ, وقَذالٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 192.
2
خوان: يجوز فيه ضم الخاء وكسرها, وكذلك "رواق".
3
انظر الكتاب 2/ 192.



ج / 2 ص -449- وأقذَلةٍ، والكثير "فُعُلٌ" نحو قُذُلٍ، وقد يقتصرون على أدنى العدد فيه1.
وبنات الواو والياء على "أَفعِلَةٍ" نحو سَمَاءٍ وأَسمِيةٍ, وكرهوا بناء الأكثر2.
الثالث: فُعَالٌ: يجيء على "أَفْعِلَةٍ" في القليل: غُرابٌ وأَغْرِبةٌ، والكثير "فِعْلانٌ" نحو غِرْبانٍ وغِلْمَانٍ، ولم يقولوا: أَغْلِمَةٌ، استغنوا بغِلْمَةٍ والمضاعف: ذُبابٌ وأذبةٌ في القليل وذِبَّانٌ في الكثير, وقالوا في المعتل في أدنى العدد: أحْوِرةٌ والذين يقولون: حِوارٌ يقولون: حِيران. وأما سُوارٌ وسُورٌ فوافق الذين يقولون: سُوارٌ للذين يقولون: سِوارٌ كما اتفقوا في الحُوار3 وقال قوم: حُوران وربما اقتصروا على بناء أدنى العدد فيه كما فعلوا ذلك في غيره وقالوا: فُؤَادٌ وأَفْئدةٌ, وقالوا: قُراد وقُرُدٌ, وذُبَابٌ وذُب.
الرابع: فَعيلٌ: يجمع في القليل على "أَفْعِلَةٍ" والكثيرُ فُعُلٌ وفُعْلان، مثل رَغيفٍ وأرْغفَةٍ ورُغُفٍ ورُغْفَانٍ، وربما كسروه على "أفْعِلاء" نحو أَنْصباء. وقد قال بعضهم4 فيه: "فِعْلان" قال: فصِيلٌ وفِصلانٌ، والمعتل نحو قَريٍّ وأقريةٍ وقُريَانٍ، ولم يقولوا في صَبِيٍّ وأَصْبِيةٍ, استغنوا بِصبيةٍ، وقالوا في المضاعف: حزيز5 وأحزةٌ وحُزَّانٌ، وقال بعضهم: حِزَّانٌ وقالوا: سريرٌ وأسِرةٌ وسُرُرٌ وقالوا: فَصِيلٌ وفصالٌ حيث قالوا: فَصِيلةٌ وتوهموه الصفة فشبهوه بظَريفةٍ وظِرافٍ حيث أنثوا, وكان هو المنفصل من أبٍ, وقد قالوا: أَفِيلٌ وأَفَائل وهو حاشية الإِبل. وقالوا: إفَالٌ شبهوها بِفصَالٍ حيث قالوا في الواحد: أفْيلة فأشبه الصفة.
الخامس: فَعولٌ: ويذكر في باب المؤنث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كما فعلوا ذلك في بنات الثلاثة وهو أزمنة وأمكنة.
2
الاعتلاء بالياء؛ لأنها أقل الياءات احتمالًا وأضعفها, وانظر الكتاب 2/ 193.
3
أي: يجوز في الحوار ضم وكسر الحاء.
4
انظر الكتاب 2/ 193.
5
حزيز: رجل شديد السوق والعمل، والمكان الغليظ المنقاد.



ج / 2 ص -450- السادس: فَاعِلٌ وفَاعَلٌ: يكسران على فَواعلَ, ويكسرونَ الفَاعِلَ أيضًا على "فُعلانٍ" نحو حَاجرٍ1 وحُجْرانٍ وعلى فِعْلانٍ في المعتل نحو حائِطٍ وحِيطاَنٍ وكان أصله صفةً, فأجري مجرى الأسماء فيجيء على "فُعْلانٍ" نحو راكبٍ ورُكْبَانٍ وفارسٍ وفُرْسانٍ. وقد جاء على فِعَالٍ نحو صِحَابٍ, ولا يكون فيه فواعلُ؛ لأن أصله صفةٌ وله مؤنث, فيفصلونَ بينهما إلا في فَوارس.
تم الجزء الثاني.
ويليه الجزء الثالث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاجر: الحاجر من مسائل المياه ومنابت العشب ما استدار به سند أو نهر مرتفع.



ج / 2 ص -451- فهرست الموضوعات
الموضوع الصفحة
المجرور بالإضافة 5
باب إضافة الأسماء إلى الأفعال والجمل 11
مسائل من هذا الباب 13
هذه توابع الأسماء في إعربها 19
شرح الأول: وهو التوكيد 19
الثاني من التوابع: وهو النعت 23
ذكر وصف المعرفة 31
مسائل من هذا الباب 33
الثالث من التوابع: وهو عطف البيان 45
الرابع من التوابع: وهو عطف البدل 46
مسائل من هذا الباب 49
الخامس من التوابع: وهو العطف بحرف 55
باب العطف على الموضع 61
باب العطف على عاملين 69
باب مسائل العطف 76
ذكر ما ينصرف من الأسماء وما لا ينصرف 79
الأسباب التي تمنع الصرف تسعة 80



ج / 2 ص -452- الأول: وزن الفعل 80
الثاني: الصفة التي تتصرف 82
الثالث: التأنيث 83
الرابع: الألف والنون اللتان تضارعان ألفي التأنيث 85
الخامس: التعريف 87
السادس: العدل 88
السابع: الجمع الذي لا ينصرف 90
الثامن: العجمة 92
التاسع: الاسمان اللذان يجعلان اسمًا واحدًا 92
مسائل من هذا الباب 93
باب ما يحكى من الكلم إذا سمي به وما لا يجوز أن يحكى 104
باب ما لا يجوز أن يحكى 108
باب التسمية بالحروف 110
ذكر الأسماء المبنية التي تضارع المعرب 111
باب الكنايات: وهي علامات المضمرين 115
الباب الثالث من المبنيات: وهو الاسم الذي يشار به إلى المسمى 127
باب الأسماء المبنية المفردة التي سمي بها الفعل 130
باب الاسم الذي قام مقام الحرف 135
باب الظرف الذي يتمكن وهو الخامس من المبنيات 137
الباب السادس من المبنيات المفردة: وهو الصوت المحكي 139
باب إعراب الأفعال وبنائها 145
الأفعال المرفوعة 146
الأفعال المنصوبة 147
الأفعال المجزومة 156
باب إعراب الفعل المعتل اللام 164
مسائل من سائر أبواب إعراب الفعل 165



ج / 2 ص -453- فصل يذكر فيه قل وأقل 168
فصل من مسائل الدعاء والأمر والنهي 170
فصل من مسائل الجواب بالفاء 179
فصل من مسائل المجازاة 187
باب الأفعال المبنية 199
ذكر النون الثقيلة 199
ذكر النون الخفيفة 202
مسائل من باب النون 203
باب الحروف التي جاءت للمعاني 206
باب أم وأو والفصل بينهما 213
باب ما جاء من ذلك على ثلاثة أحرف 216
باب ما جاء منها على أربعة أحرف 218
باب ما جاء منها على حرف واحد 219
باب الحرف المبني مع حرف 220
باب التقديم والتأخير 222
شرح الأول: وهو الصلة 223
شرح الثاني: توابع الأسماء 225
شرح الثالث: وهو المضاف إليه 226
شرح الرابع: الفاعل 228
الخامس: الأفعال التي لا تتصرف 228
السادس: ما أعمل من الصفات تشبيهًا بأسماء الفاعلين
وعمل عمل الفعل 229
السابع: التمييز 229
الثامن: العوامل في الأسماء والحروف التي تدخل على الأفعال 230
التاسع: الحروف التي تكون صدور الكلام 234
العاشر: أن يفرق بين العامل والمعمول فيه بما ليس



ج / 2 ص -454- للعامل فيه سبب وهو غريب منه 237
الحادي عشر: تقديم المضمر على الظاهر في اللفظ والمعنى 238
الثاني عشر: التقديم إذا ألبس على السامع أنه مقدم 245
الثالث عشر: إذا كان العامل معنى الفعل ولم يكن فعلًا 246
الاتساع 255
باب الزيادة والإلغاء 257
ذكر الذي والألف واللام 261
ذكر ما يوصل به الذي 266
ذكر الإخبار عن الذي 269
باب ما جاز أن يكون خبرًا 276
الأول: باب الفعل الذي لا يتعدى الفاعل إلى المفعول 277
الثاني: الفعل الذي يتعدى إلى مفعول واحد 280
الثالث: الفعل الذي يتعدى إلى مفعولين 282
الرابع: الفعل الذي يتعدى إلى مفعولين وليس لك أن تقتصر على أحدهما 284
الخامس: الفعل الذي يتعدى إلى ثلاثة مفعولين 284
السادس: الفعل الذي بني للمفعول ولم يذكر من فعل به 287
السابع: الفاعل الذي تعداه فعله إلى مفعول واسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد 288
الثامن: الظروف من الزمان والمكان 291
التاسع: الإخبار عن المصدر 297
العاشر: الابتداء والخبر 299
الحادي عشر: المضاف إليه 303
الثاني عشر: البدل 304
الثالث عشر: العطف 305
الرابع عشر: الإخبار عن المضمر 312



ج / 2 ص -455- باب ما تخبر فيه بالذي ولا يجوز بالألف واللام 314
ذكر المحذوفات التي قاس عليها النحويون 315
باب ما ألف النحويون من الذي والتي وإدخال الذي على الذي 318
باب أخوات الذي 323
باب الاستفهام إذا أردت الإخبار عنه 327
باب من الألف واللام يكون فيه المجاز 330
مسائل من الألف واللام 331
ذكر ما يحرك من السواكن في أواخر الكلم 361
باب ذكر الابتداء 367
ألف الوصل 367
ذكر الوقف على الاسم والفعل والحرف 371
القسم الثاني: وهو الظاهر المعتل 374
الضرب الثاني: وهو ما كان آخره همزة 376
الضرب الثالث منه: وهو ما كان آخره ألف مقصورة 378
القسم الثالث: وهي الأسماء المكنية 378
الرابع: المبهم المبني 381
الوقف على الفعل 382
الثاني: الفعل المعتل 382
الوقف على الحرف 383
باب الساكن الذي تحركه في الوقف 384
باب من وأي إذا كنت مستفهمًا عن نكرة 394
باب ما تلحقه الزيادة في الاستفهام 398
ذكر الهمز وتخفيفه 398
باب ذكر الهمزة المتحركة 401
باب الهمزتين إذا التقتا 403
باب المذكر والمؤنث 407



ج / 2 ص -456- باب التأنيث بالألف 410
ذكر المقصور والممدود 415
ذكر التثنية والجمع الذي على حد التثنية 417
باب جمع الاسم 420
باب جمع الرجال والنساء 421
ذكر العدد 424
باب ما اشتق له من العدد اسم به تمامه وهو مضاف إليه 426
باب العدد المؤنث الواقع على معدود مؤنث 428
ذكر جمع التكسير 429
باب جمع الثلاثي الذي فيه هاء التأنيث في الجمع 439
باب ما يكون من بنات الثلاثة واحدًا يقع على الجميع 442
باب ما جاء لفظ واحده وجمعه سواء 445
باب ما كان على حرفين وليس فيه علامة التأنيث 446
باب تكسير ما عدة حروفه بالزيادة أربعة أحرف للجمع 448
فهرست الموضوعات 451

ج / 3 ص -5- باب تكسير ما عدة حروفه بالزيادة أربعة أحرف للجمع:
الأسماءُ المكسرةُ في هذا الباب ستةٌ:
فِعَالٌ فَعَالٌ فُعَالٌ وفَعِيلٌ فُعُولٌ فَاعلٌ.
فالأول: فِعَالٌ: جاء في القليل على "أَفْعَلةٍ" نحو: حِمَارٍ وأَحْمَرةٍ والكثير "فُعُلٌ"، نحو: حُمُرٍ، ولك أن تخفف في لغة بني تميمٍ1، فتقول: حُمْرٌ، ورُبما عنوا ببناء أكثر العدد أدناه وذلك قولهم: ثلاثةُ جُدُرٍ، وثلاثةُ كُتُبٍ. والمضاعف لا يجاوز به أدنى العدد -وإن عنوا الكثير- وذلك: جِلالٌ وأَجلَةٌ، وعِنَانٌ وأَعنّةٌ، وكِنَانٌ وأَكنَةٌ، وكذلك المعتلُ نحو: رِشَاءٍ وأَرشيةٍ، وسِقَاء وأَسقيةٍ، وما اعتلت عينهُ فيكسر على "أَفعِلَةٍ" نحو: خِوانٍ2 وأَخونةٍ، ورِواقٍ وأروقَةٍ، فإن أردت الكثير جاء على "فُعْلٍ" وذلك نحو: خُونٍ، وروقٍ، بونٍ.
وذوات الياء، عِيَانٌ وعُيُنٌ، والعِيَانُ: حديدةٌ تكون في مَتاعِ الفَدَان، فثقلوا لأن الياء أخفُّ من الواو كما قالوا: بَيُوضٌ وبُيُضٌ، وزعم يونس: أن من العرب من يقول: صَيُودٌ وصِيدٌ3.
والثاني: فَعَالٌ: يجيء على "أَفْعِلَةٍ" في القليل نحو: زَمانٍ وأزْمنَةٍ، وقَذالٍ وأقذَلةٍ، والكثير "فُعُلٌ" نحو: قُذُلٍ، وقد يقتصرون على أدنى العدد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 192.
2
خوان: يجوز فيه ضم الخاء وكسرها. وكذلك "رواق".
3
انظر: الكتاب 2/ 192.



ج / 3 ص -6- فيه1 وبنات الواو والياء على "أَفعِلَةٍ" نحو: سَمَاءٍ وأَسمِيةٍ. وكرهوا بناء الأكثر2.
الثالث: فُعَالٌ: يجيء على "أَفْعِلَةٍ" في القليل: غُرابٌ وأَغْرِبةٌ، والكثير "فِعْلانٌ" نحو: غِرْبانٍ، وغِلْمَانٍ، ولم يقولوا: أَغْلِمَةٌ، استغنوا بغِلْمَةٍ، والمضاعف ذُبابٌ وأذْبةٌ في القليل وذِبَّانٌ في الكثير، وقالوا في المعتل في أدنى العدد أحْوِرةٌ، والذين يقولون: حِوارٌ يقولون: حِيرانٌ.
وأما سُوارٌ وسُورٌ فوافق الذين يقولون: سُوارٌ للذين يقولون: سِوارٌ كما اتفقوا في الحُِوار3، وقال قوم: حُورانٌ، وربما اقتصروا على بناء أدنى العدد فيه كما فعلوا ذلك في غيره وقالوا: فُؤَادٌ وأَفْئدةٌ، وقالوا: قُرادُ وقُرُدٌ، وذُبَابٌ وذُبٌ.
الرابع: فَعيلٌ: يجمع في القليل على "أَفْعِلَةٍ" والكثيرُ: فُعُلٌ وفُعْلانٌ مثل: رَغيفٍ وأرْغفَةٍ ورُغُفٍ ورُغْفَانٍ، وربما كسروه على "أفْعِلاءِ" نحو: أَنْصَباءٍ. وقد قال بعضهم4 فيه "فِعْلانٌ" قال: فَصِيلٌ وفِصلانٌ، والمعتل نحو: قَرْيٍّ وأقرْيةٍ، وقُريَانٍ، ولم يقولوا في: صَبِيٍّ أَصْبِيةٍ، استغنوا بِصبيَةٍ، وقالوا: في المضاعف: حزيز5 وأحزَةٌ وحُزَّانٌ، وقال بعضهم: حِزَّانٌ، وقالوا: سريرٌ وأسِرَةٌ وسُرُرٌ، وقالوا: فَصِيلٌ وفصالٌ، حيث قالوا: فَصِيلةٌ وتوهموه الصفة فشبهوه بظَريفةٍ وظِرافٍ حيث أنثوا وكان هو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كما فعلوا ذلك في بنات الثلاثة هو: أزمنة وأمكنة.
2
الاعتلال بالياء -لأنها أقل الياءات احتمالا وأضعها. وانظر: الكتاب 2/ 193.
3
أي: يجوز في الحوار- ضم وكسر الحاء.
4
انظر: الكتاب 2/ 193.
5
حزيز: رجل شديد السوق والعمل، المكان الغليظ المنقاد



ج / 3 ص -7- المنفصلُ من أبٍ1 وقد قالوا: أَفِيلٌ وأَفَائلٌ وهو حاشية الإِبل وقالوا: إفَالٌ شبهوها بِفصَالٍ حيث قالوا: في الواحد أفْيَلةُ فأشبه الصفة.
الخامس: فَعولٌ: ويذكر في باب المؤنث.
السادس: فَاعِلُ وفَاعَلٌ: يكسران على فَواعلَ ويكسرونَ الفَاعِلَ أيضًا على "فُعلانٍ" نحو: حَاجرٍ2 وحُجْرانٍ وعلى فِعْلانٍ في المعتل نحو: حائِطٍ وحِيطاَنٍ، وكان أصله: صفةً فأجري مجرى الأسماء فيجيء على "فُعْلانٍ" نحو: راكبٍ ورُكْبَانٍ وفارسٍ وفُرْسانٍ. وقد جاء على فِعَالٍ، نحو: صِحَابٍ ولا يكون فيه فواعلُ لأن أصله صفةٌ وله مؤنث فيفصلونَ بينهما إلا في فَوارس3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكتاب 2/ 194: كان هو المنفصل من أمه.
2
حاجز: الحاجز من مسائل المياه ومنابت العشب ما استدار به سد أو نهر مرتفع.
3
قالوا: فوراس، كما قالوا: حواجز، لأن هذا اللفظ لا يقع في كلام العرب إلا للرجال وليس في أصل كلامهم أن يكون إلا لهم، فلما لم يخافوا الالتباس قالوا: فاعل.



ج / 3 ص -8- بَابُ المؤنثِ:
والأبنيةُ المجموعةُ فيهِ أَحدَ عشَرَ بناءً: فَعَالٌ، وفِعَالٌ، وفُعَالٌ، وفَعيلٌ، وفَعُولٌ، وفُعَلٌ، وفِعْلٌ، وفَعيلةٌ، وفِعَالةٌ، وفَعَالةٌ، وفُعَالةٌ.
اعلَم: أَنَّ ما كانَ مِنْ هذهِ الأسماءِ التي تجيءُ بالزيادةِ على أَربعةِ أَحرفٍ وهي مؤنثةٌ فجمعها في القليلِ علَى "أَفْعُلٍ".
فأَمَّا فَعالٌ: فمثلُ: عَناقٍ وأَعنُقٍ، وفي الكثيرِ على "فُعُولٍ" مثلُ عُنُوقٍ.
وأَمَّا فِعَالٌ: فنحو: ذِراعٍ وأَذرعٍ، ولا يجاوزونها هَذا، ومَنْ أَنثَ اللسانَ قالَ: أَلْسنٌ ومَنْ ذَكرَ قالَ: أَلسنةٌ. وقَد جاءَ في شَمالٍ: شَمائلٌ كسرتْ علَى الزيادةِ وقالوا: أَشْمُلٌ.
وأما فُعَالٌ: فنحو: عُقَابٍ وأَعْقُبٍ. وقالوا: عِقْبانٌ
وأَما فَعِيلٌ: فَيَمِينٌ وأَيمُنٌ، لأَنَّها مؤنثةٌ وقالوا: أَيمانٌ1.
وأَما فَعُولٌ: فنحو: قَدُوم وقُدُمٌ، وهو بمنزلةِ فَعِيلٍ في القليلِ في المذكرِ، فإِنْ أَردتَ الكثيرَ كسرتَهُ على فِعْلانٍ نحو: خِرْفَانٍ وقالوا: عَمُودٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كسروها على "أفعال" كما كسروها على"أفعل" إذ كانا لما عدده ثلاثة أحرف.



ج / 3 ص -9- وعُمُدٌ وَزبُورٌ1 وزُبُرٌ، وقد كسروا أَشياءَ منها مِنْ بَنَاتِ الواوِ على "أَفعالٍ" قالوا: فَلُوٌّ وأَفْلاء، وَعدُوٌّ، وَعدُوٌّ وصفٌ ولكنّهُ ضَارَعَ الأَسماءَ.
وأَما فُعْلَى فإِنْ كانت: فُعْلَى أَفعل "فتكسيرُها" على "فُعَلٍ" نحو: الصُّغرى والصُّغَرِ ومثلهُ مِنْ ذَواتِ الياءِ والواوِ: الدُّنيا والدُّنَى، والقُصوَى والقُصَى، وإِنْ شئتَ جمعتَهنَّ بالتاءِ فقلتَ: الصُّغْرَياتُ والكُبْرَياتُ، كما يجمعُ المذكرُ بالواوِ والنونِ نحو: الأَصغرونَ:
فُعْلَى وفِعْلَى إذا كسرتَهُ حذفَت الزيادَة التي هي للتأنيثِ ثَمَ تبنى على "فَعَالى" وتبدلُ الياءُ مِنَ الأَلفِ نحو: حَبَالى وذَفارى، ولم ينونوا ذِفرى2.
و "فُعْلَى وفِعْلَى" في هَذا البابِ سواءٌ وقالوا في ذِفْرَى: ذَفارٌ، قَال3: فقولُهم: ذَفارٌ، يدلُّك أَنَّهُم جمعُوا هَذا البابَ على "فَعَالٍ" ثُمَّ قَلَبوا الياءَ أَلفًا وجاءَ على الأصلِ، والفرقُ بينَ حُبْلَى والصُّغرى أَنَّ الصُّغْرَى فُعْلَى أَفعل مثلُ الأَصفرِ ولا تفارقها الألفُ واللامُ وحُبْلَى ليستْ كذلكَ فأشبهتْ ذِفْرَى، وأَما فِعْلَى فهو مثلُ حُبْلَى، إذا كسرتَهُ حذفَت الزيادةَ التي هي للتأنيثِ ثُمَّ بنيتَهُ على "فَعَالى" وأَبدلتَ مِنَ الياءِ الألفِ [وفُعْلَى وفِعْلَى في هَذا البابِ سواءٌ. وقالوا في ذِفْرى: ذَفاَرٌ ولم ينونوا ذِفرى]4 وما كانتِ الألفُ في آخرهِ للتأنيثِ فحكمهُ حكمُ ذِفْرَى تحذفُ الألفُ التي قبلَ الطرفِ نحو: صَحراءَ وصَحارَى وقالوا: صحارٍ5، فإنْ أردتَ أَدنى العددِ جمعتَ بالتاءِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زبور: الكتاب بمعنى الزبور، وكتاب داود عليه السلام.
2
ذفرى: الموضع الذي يعرق من الإبل خلف الأذن.
3
أي: ابن السراج.
4
ما بين القوسين جملة مكررة حرفيا لما قبلها بأسطر قليلة. وهي دخيلة على الكتاب.
5
انظر: الكتاب 2/ 195.



ج / 3 ص -10- فقلتَ: صَحْراواتٌ وذِفْرَياتٌ وحُبْلَياتٌ وقالوا: أُنثى وإناثٌ ورُبَى1 ورُبابٌ
وأَما فَعِيلَةٌ2: فما عدةُ حروفهِ أَربعةٌ وفيهِ هاءُ التأنيثِ حَذَفوا وكسروهُ على "فَعائلَ"
ورُبَّما كسروهُ عَلَى "فُعُلٍ" ليسَ يمتنعُ شيءٌ مِنْ هَذا أَنْ يجمعَ بالتاءِ إِذَا أَردتَ ما يكونُ لأَقلِّ العددِ نحو: صَحيفةٍ وصَحائفَ وصُحُفٍ وقد يقولونَ: ثلاثُ صَحائفَ
فأَما فِعَالةٌ: فمثلُ فَعِيلةٍ نحو: عِمَامةٌ وعَمَائمُ.
وأَمَّا فَعَالةٌ فنحو: حَمَامةٍ وحَمَائمَودَجَاجةٍ ودَجَائجَ وفي التاءِ مثلُ "فَعِيلةٍ"
وأَمَّا فُعَالَةٌ: فمثلُ ما قبلَها نحو: ذُوابة وذَوَائبَ وليسَ ممتنعٌ شيءٌ من ذَا مِنَ الألفِ والتاءِ إِذَا أَردتَ أَدنى العددِ.
واعلَم: أَنَ فَعِيلًا وفَعَالًا وفِعَالًا وفُعَالًا إذا كانَ شيءٌ منها يقعُ على الجميعِ "فواحده" يَكونُ على بنائِه وتلحقهُ هاءُ التأنيثِ مثلُ: دَجَاجةٍ ودَجَاجٍ وسَفِينةٌ وسَفَينٌ ومُرَارةٌ "ومُرَارٌ" ودَجَاجاتٌ وسَفِينَاتٌ ومُرَاراتٌ فأَمرها كأمرِ ما كانَ عليهِ ثلاثةُ أَحرفٍ من الجمعِ بالتاءِ وغيرِه وكذلكَ بناتُ الياءِ والواوِ فيهِ. وقالوا: دَجَائجُ وسَحَائبُز وكُلُّ ما كانَ واحدًا مذكرًا على الجميعِ فإِنهُ بمنزلةِ ما كانَ على ثَلاثةِ أَحرفٍ مِنَ الجميعِ وغيرِه مما ذكَرنا كثرتْ حروفهُ أَو قلَّتْ: نحو: سَفَرجلةٍ وسَفَرجلٍ كما يقولونَ تَمْرةٌ وتَمْرٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ربى: جمادى الأولى والآخرة.
2
لم يمثل ابن السراج "لفعل" ولم يذكره أثناء الشرح.



ج / 3 ص -11- باب ما كان من الأَسماء على أربعة أحرف من غير زيادة:
اعلِم: أَنَّ ما كانَ من بناتِ الأربعةِ لا زيادةَ فيهِ فإِنهُ يكسرُ علَى مِثالِ "مَفَاعلٍ" نحو: ضَفَادعٍ وإِن عنيتَ الأَقلَّ أيضًا لا تجاوزهُ لأَنكَ لا تصلُ إلى التاءِ لأَنهُ مذكرٌ فإِنْ كانَ فيه حرفٌ رابعٌ زَائدٌ وهوَ حرفُ لينٍ كسرتُه علَى مثالِ "مَفَاعيلٍ" نحو: قِنديلٍ وقَنَاديل وكُلُّ شيءٍ من بناتِ الثلاثةِ أُلحقَ بزيادةٍ ببناتِ الأربعةِ وأُلحق ببنائِها فتكسرهُ أيضًا على مَثَالِ مَفَاعِل والملحقُ بمنزلةِ الأَصلي وذلكَ نحو: جَدْولٍ وجَدَاول وأَجدلٍ وأَجادل ومما لم يُلحقْ بالأربعةِ وفيه زِيادةٌ وليستِ الزيادةُ بمدةٍ فتكسيرهُ على مِثالِ "مَفَاعل" أيضًا نحو: تَنْضُبٍ1 وتَنَاضِب وكُلُّ شيءٍ مِنْ بناتِ الثلاثةِ قد أُلحقَ ببنات الأربعةِ فصارَ رابعهُ حرفَ مَدٍّ فهوَ بمنزلةِ ما كانَ من بناتِ الأربعةِ لَهُ رابعٌ حرفُ مَدٍّ كقُرطاطٍ وقَراطيطٍ وكذلكَ ما كانت فيهِ زائدةٌ ليستْ بمدةٍ ولا رابعه حرفُ مدٍّ ولم يبنَ بناءَ بناتِ الأَربعةِ التي رابعُها حَرْفُ مَدٍّ نحو: "كَلوبٍ2 وكَلاليبَ" ويَربوعٍ ويَرابيعَ وكُلُّ شيءٍ مما ذكرْنا كانت فيهِ هاءُ التأنيثِ فتكسيرهُ على ما ذكرْنا مِنَ الأربعةِ إلا أَنَّكَ تجمعُ بالتاءِ إِذَا أردتَ أَدنى العددِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تنضب: جمع تناضب، وهو شجر حجازي له شوك كالعوسج. وقرية قرب مكة.
2
كلوب: المهماز.



ج / 3 ص -12- واعلَم: أَنَّ الخماسي مِنَ الأسماءِ التي هيَ أُصولٌ لا يجوزُ تكسيرهُ فمتى استكرهوا حذَفوا منها وردوهُ إِلى الأربعةِ تقولُ في سَفَرجلٍ: سَفَارجُ فتحذفُ اللامَ وقالوا في فَرَزدقٍ: فَرَازِقُ حذفوا الدالَ لأَنَّها مِنْ مخرجِ التاءِ والتاءُ مِنْ حروفِ الزوائدِ والقياسُ أَنْ يقولوا: فرازدٌ وما جاءَ مِنَ الأسماءِ ملحقًا فاحذفْ بالخمسةِ مِنهَا الزوائدَ وردَّهُ إِلى الأربعةِ فإِنْ كَان فيه زائد ثانٍ أو أَكثرُ فأَنتَ بالخيارِ في حذفِ الزوائدِ حتى تردَّهُ إِلى مِثَالِ: "مَفَاعِل" ومَفَاعيل فإِنْ كانَ إِحدى الزوائدِ دخلتْ لمعنىً أثبتَّ ما دخلَ لمعنىً وحذفتَ ما سواهُ وذلكَ نحو: مُقْعَنسس1 وهوَ ملحقٌ بمحرنجمٍ2، فالميمُ زائدةٌ والنونُ زائدةٌ والسينُ الأخيرةُ زائدةٌ فتقول: مَقَاعسُ وإنْ شئتَ: مَقَاعيسُ فتحذف النونَ والسينَ ولا تَحذفُ الميمَ لأنَّها أُدخلت لمعنَى اسمِ الفاعلِ وأنتَ بالتعويضِ بالخيارِ والتعويضُ أَنْ تلحقَ ياءً ساكنةَ بينَ الحرفينِ اللذينِ بعدَ الألفِ فإنْ كانتِ الزيادةُ رابعةَ فالتعويضُ لازمٌ كما ذَكرنا في قنديلٍ وقَنَاديل لا يجوز إلا التعويضُ. ورُبّما اضطر فزادَ الياءَ من غير تعويضٍ مِنْ شيءٍ كما قالوا:
"
نَفْيَ الدَّراهِمِ تَنْقَادُ الصَّيَاريفُ..."3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مقعنسس: يقال اقعنسس الرجل إذا اجتمع. وهو أن يقدم بطنه ويؤخر صدره.
2
يقال: احرنجم القوم، إذا اجتمعوا.
3
من شواهد سيبويه 1/ 10 على زيادة الياء في "الصيارف" ضرورة تشبيها لها بما جمع في الكلام على غير واحد، نحو: ذكر، ومذاكير، وسمح، ومساميح. وهو عجز بيت صدره:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة نفي الدراهم...
والبيت للفرزدق، قال المبرد في الكامل: الياء في "صيارف" حرف إشباع من الكسرة. تنفي: كل ما ردده فقد نفيته. والهاجرة: وقت اشتداد الحر. وتنقاد: من نقد الدراهم، هو التمييز بين جيدها ورديئها. وصف ناقة بسرعة السير في الهواجر فيقول: إن يديها لشدة وقعها في الحصى تنفيانه فيقرع بعضه بعضا، ويسمع له صوت كصوت الدراهم إذا انتقدها الصيرفي.
وانظر: المقتضب 2/ 258، والكامل 143، والجمهرة 2/ 356، والخصائص 2/ 315، وشرح الحماسة 3/ 1477، وابن الشجري 1/ 142، والإنصاف/ 27، وابن يعيش 6/ 106، والديوان/ 570.



ج / 3 ص -13- ذكر تكسير الصفةِ. بابُ الثلاثي منها:
الأول: فَعْلٌ جاءَ فيهِ تسعةُ أَبنيةٍ: فِعَالٌ فَعُولٌ فَعْلٌ أَفْعَلٌ فَعِيلٌ أَفْعَالٌ فَعْلانُ فِعَلَةٌ فُعْلانٌ.
فِعَالٌ: نحو صَعْبٍ وصِعَابْ ولا يكسرُ للقليلِ.
وفُعُولٌ نحو: كَهْلٍ وكُهُولٍ وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا إِذَا كانَ للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ وإِذَا أَلحقتَهُ الهاءَ للتأنيثِ كسرَ على "فِعَالٍ" نحو: عَبلةٍ1 وعِبَالٍ وليسَ شيءٌ مِنْ هذا يمتنعُ مِنَ التاءِ إِلا أَنك لا تحركُ الأوسطَ لأنهُ صفةٌ. وقالوا: شِياهٌ لَجَبات2، فحركوا، ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ: شَاةٌ لَجَبةٌ وقالوا: رِجالٌ رَبَعاتٌ لأَنَّ أَصلَ "رَبَعةٍ" اسمٌ مؤنثٌ وقعَ على المذكرِ والمؤنثِ، وَقَد كسروا "فَعْلًا" على "فُعْلٍ" مثلُ كَثٍّ وكُثٍّ، وكسروا ما استعملوا منهُ استعمالَ الأَسماءِ على "أَفْعُلٍ" نحو: عَبْدٍ وأَعْبُدٍ وقَالوا: عَبيدٌ كما قالوا: كَليبٌ وقالوا: شَيخٌ وأَشياخٌ وشِيخانٌ وشِيخَةٌ وقالوا: وَغْدٌ وَوِغدانٌ وَوُغَدانٌ ورُبَّما كسروا الصفةَ تكسيرَ الأسماءِ.
الثاني: فَعَلٌ على ثلاثةِ أَبينةٍ: فِعَالٌ وفِعْلانٌ وأَفعَالٌ وذلكَ: حَسَنٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عبلة: العبل: الضخم من كل شيء
2
لجبات: جمع لجبة، يقال، شياه لجبات إذا قل لبنهن، وهذا الجمع بالتحريك شاذ لأن حقه التسكين إلا أنه كان الأصل عندهم أنه اسم وصف به، كما قالوا: امراة كَلْبة فجمع على الأصل.



ج / 3 ص -14- وحِسَانٌ عندَ البابِ وقالوا: خَلَقٌ وخِلْقانٌ وبَطَلٌ وأَبطَالٌ استغنوا بهِ عن "فَعَالٍ" فألحقتَهُ الهاءَ للتأنيثِ كسرَ أيضًا على "فِعَالٍ" وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ وما كانَ على "أَفعالٍ" نحو: أَبْطَالٍ فإِنَّ مؤنَّثهُ إِذا لحقتهُ الهاءُ جُمِعَ بالتاءِ نحو: بَطَلةٍ وبَطَلاتٍ مِنْ قِبلٍ أَن مذكرَهُ لَمْ يجمَع "على فِعَالٍ" فيكسرُ هُوَ عليهِ. "فَعَلَةٌ" كَما لا يجمعُ مؤنثُ "فَعْلٍ" علَى "أَفْعُلٍ" كما قالوا: رَجُلٌ صَنَعٌ وقَومٌ صَنَعُونَ ورَجُلٌ رَجَلٌ وقَومٌ رَجَلونَ والرَّجَلُ: هُوَ الرَّجِلٌ الشَّعَرٌ ولم يكسروهما
الثالثُ: فُعُلٌ: جاءَ على "أَفعالٍ" وهو في الصفاتِ قليلٌ وذلكَ قولُكَ: جَنُبٌ1 فَمَنْ جمعَ مِنَ العربِ قالَ: أَجْنَابٌ وإِنْ شئتَ قلتَ: جُنبُونَ وقالوا: رَجُلٌ شُلُلٌ2، ولا يجاوزونَ "شُلُلوُنَ" وَهوَ الخفيفُ في الحاجةِ.
الرابعُ: فِعْلٌ: علَى "أَفعالٍ" و"أَفْعُلٍ" وذلكَ جِلْفٌ وأَجْلاَفٌ وقالَ بعضَ العَربِ: أَجْلُفٌ وقالوا: رَجُلٌ صِنْعٌ وقَومٌ صِنْعونَ وليسَ شيءٌ مما ذكرنا يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ ومؤنثهُ إِذَا لحقتهُ الهاءُ بمنزلةِ مؤنث ما كسر على "أَفعالٍ" مِنْ بابِ "فَعْلٍ" يجمعُ بالألفِ والتاءِ وقالوا: عِلْجةٌ وعِلْجٌ3.
الخامس: فُعْلٌ: وأَفعالٌ يقولونَ: رَجُلٌ مُرٌّ وأَمرارٌ وَهوَ مثلُ "فِعْلٍ"/ في القلةِ ويقالُ: رَجُلٌ حُلْوٌ وقَومٌ حُلْونَ وهوَ العظيمُ البطنِ
السادسُ: فَعُلٌ على أَفعالٍ: وذلكَ: يَقظٌ وأيقَاظٌ ونَجُدٌ4 وأَنجادٌ وبابهُ أَن يجمعَ بالواوِ والنونِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جنب: الجار الجنب، جارك من غير قومك.
2
شلل: الشلل: الخفيف السريع.
3
العلج: الرجل من كفار العجم. وزاد الجوهري في جمعه: علجة.
4
نجد: جمع نجد، وهو من الأرض قفافها وصلابتها وما غلظ منها وأشرف وارتفع واستوى والجمع: أنجد، وأنجاد، ونجاد ونجود، ونجد، والأخير ذكره ابن السراج. قال صاحب اللسان: وهذا الجمع الأخير عن ابن الأعرابي.



ج / 3 ص -15- السابعُ: فَعِل: جاءَ علَى "أَفعالٍ" وقالوا: نَكِدٌ وأَنكادٌ فجميعُ الأَبنيةِ التي جاءَت مِنَ الثلاثي في الصفاتِ سبعةُ أَبنيةٍ.
الأول: فَعْلٌ. وجاءَ فيهِ تسعةُ أبنيةٍ: فَعالٌ وفُعُولٌ وفُعْلٌ وأَفْعُلٌ وفَعِيلٌ وأَفعَالٌ وفِعْلانٌ وفِعَلةٌ وفُعْلانٌ.
الثاني: فَعْلٌ وجاء فيه ثلاثة أبنية: فِعَالٌ وفُعَالٌ وأَفْعَالٌ.
الثالث: فَعَلٌ: جاء على أفعال.
الرابع: فَعْلٌ: جاء على أفعال وأَفْعُلٍ.
الخامس: فَعُلٌ: جاء على أفعال.
السادس: فَعَلٌ: جاء على أفعال.
السابع: فِعْلٌ: جاء على أفعال.
واعلَمْ: أَنَّ جميعَ هذهِ النعوتِ لا تمتنعُ [من]1 الواوِ والنونِ والألفِ والتاءِ لأَنَّها على الفعلِ تجري والأَسماءُ أَشدُّ تمكنًا في التكسيرِ فمتى احتجتَ إلى تكسيرِ صفةٍ ولم تعلمْ أَنَّ العربَ كسرتَها فكسرها تكسيرَ الاسمِ الذي هُوَ علَى بنائِه لأَنَّها أَسماءٌ وإنْ كانت صفاتٍ.
والضرورةُ تقعُ في الشعرِ فأَمَّا إِذَا احتجتَ إلى ذلكَ في الكلامِ فاجمعْ بالواوِ والنونِ والألفِ والتاءِ إلا أَنْ تعلَم أَنَّ العربَ قد كسروا مِنْ ذلكَ شيئًا فتكسرْ عليهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت "من" لإيضاح المعنى.



ج / 3 ص -16- باَبُ تكسيرِ ما كانَ في الصفاتِ عددُ حروفهِ أربعةُ أحرفٍ بالزيادةِ
تجيء الصفةُ في هَذا البابِ على تسعةِ أبنيةٍ:
الأولُ: فَاعِلٌ: جاءَ علَى سبعةِ أَبنيةٍ: فُعَّلٌ وفُعَّالٌ وفُعَلَةٌ وفَعَلةٌ فيما اعتلت لامهُ.
وفُعُلٌ وفُعَلاءُ وفَواعلُ فأَما "فُعَّلٌ" فنحوه شَاهدٍ وشُهَّدٍ ومثلُهُ من بناتِ الياءِ والواوِ التي هنَّ عيناتُ: صَائِمٌ وصُوَّمٌ وغَائِبٌ وغُيَّبٌ وفي اللاماتِ: غَازٍ وغُزَّى وأما "فُعَّالٌ" فنحو: جَاهِلٍ وجُهَّالٍ وشَاهِدٍ وشُهَّادٍ وهو كثيرٌ وأَما فَعَلَةٌ فنحو: فَاسقٍ وفَسَقَةٍ وبَارٍّ وبَرَرَةٍ وهو كثيرٌ ومثلُه فيما اعتلتْ عينُهُ: [كخائن]1 وخَوَنةٍ وبائعٍ وَبَاعةٍ ويجيءُ نَظيرُهُ مِنْ بَناتِ الياءِ والواوِ والتي هيَ لامٌ على "فُعَلَةٍ" نحو: قاضٍ وقُضَاةٍ ورامِ ورُماَةٍ وأَمَّا فُعُّلٌ: فَبازِلٌ وبُزُّلٌ وعَائطٌ وعُيُّطٌ وحَائلٌ وحُوّلٌ وأَما "فُعْلاءُ": فَعالمٌ وعُلَماءُ وصَالِحٌ وصُلَحاءُ وفُعُّلٌ وَفَعلاءُ في هَذا البابِ ليسَ بالقياسِ المتمكنِ وليسَ شيءٌ للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ وإِذَا أُلْحِقَتِ الهاءَ للتأنيثِ كسر على فَوَاعلَ: كضَاربةٍ وضَوَاربَ وكذلكَ إِنْ كانَ صفةً للمؤنثِ ولمْ يكنْ فيهِ هاءُ التأنيثِ: كحَائضٍ وَحَوَائض ويكسرونَهُ على "فُعّلٍ" نحو: حُيّضٍ وزَائرٍ وزُوّرٍ لا يمتنعُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت كلمة "كخائن" لإيضاح الجملة.



ج / 3 ص -17- شيءُ فيهِ الهاءُ مِنْ هذهِ الصفاتِ مِنَ التاءِ وإنْ كانَ فَاعلٌ لغيرِ الآدميينَ كسرَ عَلَى "فَوَاعلَ" وإِنْ كانَ لمذكرٍ أيضًا مثلَ: جِمَالٍ بَوَازلَ وقَد اضطرَّ الفرزدقُ فَقَال:

"
وإِذَا الرجالُ رأَوا يزيدَ رأَيتَهم خُضُعَ الرقابِ نَوَاكسَ الأبصارِ"1

فجعلَ الآدميينَ كغيرِهم.
الثاني: فَعِيلٌ: يجيءُ تكسيرهُ على عَشَرةِ أَبنيةٍ: فُعَلاءُ. وفِعَالٌ وأَفْعِلَةٌ في المضاعفِ وأَفْعِلاءُ في المُعتلِ. وفُعُلٌ وفُعْلانٌ وفِعْلانٌ وأَفعَالٌ وفَعَائِلُ في المؤنثِ وفَعولُ وذلكَ نحو: فقيهٍ وفقهاء وقَالوا: لَئيمٌ ولِئَامٌ وما كانَ منهُ مضاعفًا كسرَ على "فَعَالٍ": كشديدٍ وشِدَادٍ ونظيرُ فَعَلاءَ فيهِ أَفْعِلاء: كشديدٍ وأَشُدَّاءَ وقد يُكسّرونَ المضاعفَ على "أَفْعِلةٍ" نحو: شحيحٍ وأَشحَّةٍ ومتى كانَ من بناتِ الياء والواوِ فإنَّ نظيرَ فُعَلاءَ فيه: أَفْعِلاء: كغني وأَغْنياءَ وغَويٍّ وأِّغْوياءَ استغنوا بهذَا عن "فِعَالٍ" وبالواوِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 207 "على جمعه ناكسا" وهو صفة على "نواكس" ضرورة، وباب ما كان على "فاعل" من صفات المذكر أن يكسر على "فعل وفعال" فرقا بينه وبين مؤنثه إلا أنهم قالوا: فارس وفوارس، لأنه غلب للمذكر واستبد به دون المؤنث فجمع على الأصل.
والبيت للفرزدق يمدح آل المهلب.
وخضع-بضمتين- جمع خضوع مبالغة "خاضع" ويحتمل أن يكون "خضع" بضمة فسكون جمع أخضع، وهو الذي عنقه تطامن من خفة، وهذا أبلغ من الأول. ونواكس: جمع ناكس، صفة العاقل، وه والمطأطئ رأسه.
وانظر: المقتضب 1/ 121 و2/ 219، والكامل 262، وشرح السيرافي 5/ 95، وشرح سقط الزند 3/ 1047، والجمهرة2/ 228، والاقتضاب للبطليوسي107، وشرح الرضي على الكافية 2/ 153، وشواهد الشافية/ 143، والخزانة 1/ 99، وشرح أدب الكاتب للجواليقي/ 25، وابن يعيش 5/ 56، والديوان 76.



ج / 3 ص -18- والنونِ1. وما كانَ مِن بناتِ الياءِ والواوِ وهي عيناتٌ كُسَر علَى "فِعَالٍ" نحو: طَويلٍ وطِوَالٍ وهو قليلٌ في الكلامِ وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا للآدميينَ يمتنعُ مِنَ الواوِ والنونِ2 وأَما فُعُلٌ فمثلُ نَذيرٍ ونُذُرٍ ومثلُه مِنْ بناتِ الياءِ: ثَنِيٌّ3 وثُنٍ وكانَ الأصلُ: ثنوًّا فوقعتِ الواوُ طرفًا قبلَها ضمةٌ فقلبتْ ياءً وكُسر ما قبلَها وهذَا يبينُ في موضِعه إِنْ شَاء اللُه.
وقَد جاءَ "فُعْلانٌ" قالَ: ثَنِيٌّ وثُنْيَانٌ وجَاء فِعلانٌ قالوا: خَصِيٌّ وخِصْيَانُ و"أَفْعَالٌ" مثلُ: "يتيمٍ وأَيتامٍ" وقالوا: صَديقٌ وأصدقاءُ حيثُ استعملَ كما تستعملُ الأسماءُ نحو: نَصيبٍ وأَنصباءَ وإِذَا ألحقتَ الهاءَ "فَعيلًا" للتأنيثِ فالمؤنثُ يرافقُ المذكرَ مثلَ: صَبيحةٍ وصِبَاحٍ ويكسرُ علَى "فَعَائِلَ" وقد يستغنونَ على "فَعَائِلَ" بغيرِها نحو: صغيرٍ4 وصِغَارٍ وقالوا: خَليفةٌ وخَلائِفُ جاءوا بهِ على الأَصلِ وقالوا: خُلَفاءُ مِنْ أَجلِ أَنه لا يقعُ إلا على مذكرٍ فصارَ مثلَ: ظريفٍ وظُرَفاءَ، وأَما فُعُولٌ فَجاءَ في جمعِ ظَريفٍ: ظُرُوفٌ.
وقالَ أَبو بكر: هو جمعهُ عندي علَى حَذفِ الزوائدِ كأَنهُ جمعُ ظُرَفاءَ.
وقال الخليلُ: هو بمنزلةِ: مَذَاكيرَ إِذَا لم يكسر علَى ذَكَرٍ5. فقد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
العبارة في كتاب سيبويه 2/ 207 ولا نعلمهم كسروا شيئا من هذا على "فعال" استغنوا بهذا وبالجمع وبالواو والنون، وإنما فعلوا ذلك أيضا لأنه من بنات الياء والواو أقل منه.
2
كظريف وظريفين، وطريفون، وحكيم وحكيمون.
3
ثني: أثناء الشيء ومثانيه، قواه، وطاقاته، واحدها ثَنِيٌّ -بالكسر- ومن الوادي منعطفه.
4
في الأصل: "صغيرة".
5
انظر: الكتاب 2/ 208.



ج / 3 ص -19- أُجريَ شيءٌ مِنْ فَعيلٍ مستويًا في المذكرِ والمؤنثِ شُبِّه بفُعُولٍ نحو: جَديدٍ وسَديسٍ وفَعيلٌ إِذَا كانَ بمعنى فَعُولٍ فهوَ في المذكرِ والمؤنثِ سواءٌ لا يجمعُ بالواوِ والنونِ ويكسرُ علَى فَعْلَى نحو: قَتيلٍ وقَتْلَى.
وقالَ سيبويه: سمعنَا مَنْ يقولُ: قَتلاءٌ1. الهاءُ تدخلُ في بابِ فَعيلٍ على ما كانَ مقدرًا فيهِ قبلَ أَن يُفعلَ بهِ ذاكَ فإِذاَ فُعِلَ كانَ بغيرِ هاءٍ تقولُ: هذِه ذَبيحةُ فِلانٍ قَبلَ أَن تذبحَ فإِذَا ذَبحتْ قيلَ: شاةٌ ذبيحُ.
الثالثُ: فُعُولٌ: ويجيءُ على: فُعُلٍ وفَعَائِلَ للمؤنثِ وفَعْلاءَ قالوا: صَبُورٌ وصُبُرٌ وفي المؤنثِ: عَجُوزٌ وعَجَائِزُ وليسَ شيءٌ مِنْ هَذا يجمعُ بالواوِ والنونِ كَما أَنَّ مؤنثَهُ لا يجمعُ بالتاءِ. وقالُوا للمذكرِ: جَزُورٌ وجَزَائرُ لمَّا لَم يكنْ مِنَ الآدميينَ شبهوهُ بالمؤنثِ وقالوا: رَجُلٌ وَدُودٌ وودودة شبهوهُ: بصديقٍ وصَديقةٍ وقالوا: امرأةٌ فَرُوقةٌ ومَلُولةٌ.
الرابعُ: فَعالٌ: يجيءُ علَى ثَلاثةِ أَبنيةٍ: عَلَى فُعُلٍ وفُعْلٍ فيما اعتلتْ عينهُ وفَعْلاءَ وذلكَ نحو: صَناعٍ وصُنُعٍ وقالوا فيما اعتلت عينهُ: نَوارٌ ونُوُرٌ وجَوادٌ وَجُودٌ والهاءُ لا تدخلُ في مؤنثهِ وجاءَ: جَبَانٌ وجُبنَاءُ.
الخامسُ: فِعَالٌ: جاءَ علَى ثلاثةِ أَبنيةٍ: فُعُلٌ فَعَائِلُ وفِعَالٌ.
اعلَمْ: أَنَّ فِعَالًا بمنزلةِ: فَعَالٍ لا تدخلُ الهاءُ في مؤنثهِ وجمعَ علَى: فُعُلٍ نحو: نَاقةٍ دلاث2 وَدُلُثٍ وزعمَ الخليل: أَنَّ هِجَانَ للجماعةِ بمنزلةِ: ظِرافٍ3 وزعَم أبو الخطابِ: أَنَّ الشِّمالَ تجعلُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 213.
2
دلاث: السريع من الأبل، وكذلك المؤنث: ناقة دلاث، أي: سريعة.
3
انظر: الكتاب 2/ 209.



ج / 3 ص -20- جمعًا1، وقالوا: دِرْعٌ دِلاصٌ2 وأَدرعٌ دِلاصٌ، لفظُ الجميعِ لفظُ الواحدِ وإنّما وقَع هَذا لأن "فِعالَ وفَعولَ وفَعيلَ" أَخواتٌ فالزيادةٌ مِنْ جميعهنَّ في موضعٍ واحدٍ.
السادسُ: فَيْعِلٌ: وهذَا البناءُ لا يكونُ إلا في المعتلِّ فيجيءُ جمعهُ علَى: "أَفعالٍ" وأَفْعلاءَ وذلكَ نحو: مَيّتٍ وأَمواتٍ وحقهُ الواوُ والنونُ نحو: قيّمٍ وقَيمونَ ومثلُ أَمواتٍ: قَيْلٌ وأَقيالٌ والأصلُ: قيّلٌ فَخُفِّفَ وَلوْ لَم يكنْ "فَيْعِلًا" لِمَا جمعوا بالواوِ والنونِ فقالوا: قَيلونَ لأَنَّ "فَعِيلَ" التكسيرُ فيهِ أَكثرُ وفَيعِلَ الواوُ والنونُ فيهِ أَكثْرُ ويقولونَ للمؤنث3 أيضًا: أَمواتٌ وقالوا: هَيّنٌ وأهْونَاءُ.
السابعُ: مَفْعَلٌ: يكسرْ عَلَى مَفَاعِلَ مَدْعَسٌ ومَدَاعِسُ.
الثامنُ: مُفْعَلٌ ومُفْعَلٌ: يجمعُ بالواوِ والنونِ والمؤنثُ بالتاءِ إلا أَنَّهم قَد قالوا: مُنكَرٌ ومَناكيرُ ومُوسَرٌ ومَياسيرُ.
وأَما مَفْعِلٌ الذي يكونُ للمؤنثِ ولا تدخلهُ الهاءُ فإنهُ يكسرُ نحو: مُطْفِلٍ ومَطَافِلَ وقَد قالوا علَى غيرِ القياسِ: مَطافِيلُ.
التاسعُ: فُعَّلٌ: يجمعُ بالواوِ والنونِ وذلكَ نحو: زُمَّلٍ4 وجُبًّا يقالُ: رَجُلٌ جُبًّا إذَا كانَ ضعيفًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أبو الخطاب: هو الأخفش الكبير من أساتذة سيبويه، انظر: الكتاب 2/ 209.
2
دلاص: براقة.
3
في الأصل "وللمؤنث" بزيادة واو.
4
زمل: الجبان الضعيف.



ج / 3 ص -21- بَابُ ما ألحقَ مِنْ بناتِ الثلاثةِ ببنَاتِ الأربعةِ مِنَ الصفاتِ:
وهو يجيءُ علَى ثلاثةِ أَبنيةٍ علَى: فَعْوَلٍ وفَيْعَلٍ وأَفْعَلَ.
والأولُ: فَعْوَلٌ: نحو: قَسْوَرٍ وقَسَاورَ وتَوْأَمٍ وتَوَائمَ أَجروهُ مجَرى: قَشْعَمٍ1 وقَشَاعِمَ.
الثاني: فَيْعَلٌ: نحوَ: غيْلَمٍ2 وغَيَالمَ شبهوها: بِسَمْلَقٍ3 وسَمَالقَ ولا يمتنعانِ من الواوِ والنونِ أَعني: فعلول وفيعل إذا عنيتَ الآدميين والتاءِ إذا عنيتَ غيرَ الآدميينَ.
الثالثُ: أَفعلٌ: إذَا كانَ صفةً كسرَ على: "فُعْلٍ" وفُعْلانٍ وذلكَ نحو: أَحمرَ وحُمْرٍ ولا يحركونَ العينَ إلا أَنْ يضطَر شاعرٌ وهو مما يكسرُ على "فُعلانٍ" نحو: حُمْرانٍ وسُودانٍ ويمْضانٍ فالمؤنثُ من هذا يجمعُ [على]4 "فُعْلٍ" نحو: حَمْراءَ وحُمْرٍ وفي "أَفعلَ" إذا كانَ صفةً هَلْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قشعم: المسن من الرجال والنسور، والضخم، والأسد.
2
غيلم: السلحفاة الذكر، والجارية: المغتلمة.
3
سملق: القاع الصفصف.
4
أضفت كلمة "على" لإيضاح المعنى.



ج / 3 ص -22- هو ملحقٌ أَم غيرُ ملحقٍ نظرٌ وسؤالٌ قال1: والحقيقةُ أَنهُ غيرُ ملحقٍ ولو كانَ ملحقًا لِما أُدغَم في مثلِ الأَصمِّ.
وأَما الأَصغرُ والأَكبرُ فإنّهُ لا يوصفُ بهِ كَما يوصفُ بأحمَر ولا تفارقُه الألفُ واللامُ لا تقولُ: رَجُلٌ أَصغرُ قالَ سيبويه: سمعَنا العربَ تقول: الأَصَاغرةُ كما تقول: القَشَاعمة2، وإنْ شئت قلتَ: الأَصغرونَ وقالوا الآخرونَ ولم يقولوا غيرهُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الذي قال: هو ابن السراج.
2
انظر: الكتاب 2/ 211.



ج / 3 ص -23- بَابُ تكسيرِ مَا جاءَ مِنَ الصفةِ عَلَى أَكثرَ مِنْ أَربعةِ أَحْرفٍ:
وهيَ تجيء علَى عشَرةِ أَبنيةٍ:
الأول: مِفْعَالٌ: ويجيءُ علَى: مَفَاعيلَ ولا تدخلُه الهاءُ ولا يجمعُ بالواوِ والنونِ نحو: مِهْذَارٍ ومَهَاذير ومِفْعَلٌ بمنزلتِه للمذكر والمؤنثِ كأَنه مقصور منه.
الثاني: مِفْعيلٌ: تقولُ في مِحْضيرٍ: مَحَاضيرُ وقالوا: مِسْكينةٌ شبهتْ بفَقيرةٍ فأَدخلوا الهاءَ فيجوزُ على ذَا: مسكينونَ وقالوا أيضًا: امرأة مِسكينٌ فَمَنْ قالَ هَذا لم يجزْ أن يجمَع بالواوِ والنونِ ومؤنثهُ بالألفِ والتاءِ لأَنَّ الهاءَ تدخلهُ.
الرابعُ: فُعّالٌ1: مثلُ "فُعَّالٍ" نحو: الحُسَّانِ وقالوا: عُوَّارٌ وعَوَاويرُ.
الخامسُ: مَفْعُولٌ: مثلُه بالواوِ والنونِ2، وقالوا: مكسورٌ ومَكاسيرُ وَمَلْعُونٌ ومَلاَعينُ شبهوها بالأسماءِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
لم يذكر البناء الثالث: ولعله ذكره مع المثال الأول وهو: "مفعل" فاكتفي أن يعيده ثانية.
2
نحو: مضروب، ومضروبون.



ج / 3 ص -24- السادس: فُعَّيلٌ: نحو: زُمَّيلٍ وجمعهُ كَجمعِ: فُعَّلٍ بالواوِ والنونِ.
السابعُ: فَعْلانُ: إذا كانَ صفةً وكانَ لَهُ فَعْلَى كسرَ علَى "فُعالٍ" نحو: عَطْشَانَ وعُطاشٍ وقد يكسرُ علَى: فَعَالى وفِعَال نحو: سَكارى وكذلكَ المؤنثُ أيضًا وجاءَ بعضهُ على "فُعَالى" نحو: سُكَارى "ولا يُجمعُ فَعْلانُ بالواوِ والنونِ ولا مؤنثهُ بالتاءِ إلا أَن يضطرَ شاعرٌ وقَد قَالوا فيما يلحقُ مؤنثَهُ الهاءُ كَما قالوا في هَذا لأنَّ آخَرَهُ ألف ونون زائدتان وذلكَ: نَدْمانةٌ ونَدمانٌ ونَدَامى وقالوا: خَمْصانةٌ وخَمصانٌ وخُمَاصٌ ومنهم مَنْ يقولُ: خَمَصانُ1. وقد يكسرون "فَعِلًا" علَى: "فَعالى" لأنه يدخل "فَعْلاَن" فيعني به ما يعني "بفَعْلانَ" وذلكَ: رَجُلٌ عَجلٌ وسَكِرٌ وحَذِرٌ قالوا: حَذارَى وقالوا: رَجُلٌ رَجِلٌ2 ورَجالى وقالَ بعضهُم3: رَجْلانُ ورَجْلَى وقالوا: رجالٌ كما قالوا: عِجَالٌ ويقالُ: شَاةٌ حَرْمى وشياهُ حِرامٌ وحَرَامى4 لأَنَّ "فَعْلَى" صفةٌ بمنزلةِ التي لَها فَعْلانُ.
الثامن: فُعْلانٌ: نحو: خُمْصانٍ وعُرْيانٍ يجمعُ بالواوِ والنونِ ولَمْ يقولوا في عُريْانٍ: عِرَاء ولا: عَرَايا استغنوا بُعَراةٍ وعُراةٌ إنّما هُوَ جمعُ عَارٍ إلاَ أن المعنى واحدٌ في عُرْيان وعَارٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في سيبويه 2/ 212 ومن العرب من يقول: خمصان.
2
رجل: رجل الرجلُ رجلا، فهو: راجل، ورجل، ورجل إذا لم يكن له ظهر في سفر يركبه.
3
انظر: الكتاب 2/ 212.
4
حرمي: حرم كفرح: ذات الظلف، والذئبة والكلبة حراما-بالكسر- أرادت الفحل فهي: حرمى-كسكرى-والجمع سكارى.



ج / 3 ص -25- التاسعُ: فُعَلاءُ: فهي بمنزلةِ فُعَلةٍ مِنَ الصفاتِ لأَنَّ الألفينِ للتأنيثِ نظيرُ الهاءِ وذلكَ: نُفَساءُ ونُفساواتٌ ونُفَاسٌ وليسَ شيءٌ مِنَ الصفاتِ آخرهُ علامة التأنيثِ يمتنعُ مِنَ الجمعِ بالتاءِ غيرُ: فَعْلاءَ أَفْعَل وفَعْلَى فَعْلاَن.
العاشر: فَعْلاءُ: قَد ذكرنَا في بابِ "أَفعلَ" أَنَّها تجيءُ علَى "فُعْلٍ" نحو: حَمْراءَ وحُمْرٍ فالمذكرُ والمؤنثُ فيهِ سواءٌ كما كانَ في جمعِ فَعْلَى فَعْلانَ وقَالَ: بَطْحاواتٌ في جمعِ بَطْحَاءَ حيثُ استعملتْ كالأسماءِ وقالوا: بطحاءُ وبِطَاحٌ وبَرْقَاءُ وبِرَاقٌ.



ج / 3 ص -26- بَابُ ما كانَ مِنَ الأسماءِ عدةُ حروفهِ خمسةٌ وخامسهُ أَلفُ التأنيثِ أَو أَلفا التأنيثِ:
فمَا كانَ على "فُعَالى" يجمعُ بالتاّءِ نحو: حُبَارَى وحُبَارياتٍ وما كانَ آخره ألفانِ على فَاعِلاءَ نحو: القَاصِعَاءِ فهو على: "فَوَاعلَ" تقولُ فيهِ: قَواصعُ شبهوا "فَاعِلاَءَ" بِفَاعلة وجعلوا أَلفي التأنيثِ بمنزلةِ الهاءِ وقالوا: خُنْفَساءُ وخَنَافسُ.



ج / 3 ص -27- بَابُ ما جُمعَ علَى المعنى لا علَى اللفظِ:
قالَ الخليلُ: إنّما قالوا: مَرْضى وهَلْكى ومَوْتَى وجَرْبى لأَنَّ المعنى معنى: مفعولٍ1 وقَد قالوا: هُلاّكٌ وهالكون فجاءوا بهِ علَى الأصلِ وقالوا: مِراضٌ وسِقَامُ ولم يقولوا: سَقْمَى وقالوا: وجعٌ وقَوْم وَجْعَى ووجَاعتى وقالوا: قومٌ وجاعٌ كما قالوا: بعيرٌ جَرِبٌ [وإبلٌ]2 جِرَابٌ وقالوا: مَائِقٌ3 ومَوْقَى وأحْمقُ وحَمْقَى وأَنْوَكُ ونَوْكَى لأنهُ شيءٌ أصيبوا بهِ وقالوا: أَهْوجُ وهُوجٌ على القياسِ4 وأَنوكُ ونُوكٌ وقالوا: سَكْرَى كَمَرضَى وَرَوبَى: للذين اسثقلوا نَوماَ والواحدُ: رَائبٌ وقالوا: زَمِنٌ وزَمْنَى وضَمِنٌ وضَمْنى ورَهِيصٌ5 ورَهْصى. وحَسيرٌ وحَسْرَى، وإنْ شئتَ قلتَ: زَمِنونَ وهَرِمونَ. وقالوا: أُسَارى مثل: كُسَالى وقالوا: وَجٍ6

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 213.
2
أضفت كلمة "إبل" لإيضاح المعنى.
3
مائق: أحمق في غباوة.
4
لأن جمع "أفعل": فعل.
5
رهيص: الرهيص، الفرس الذي أصابته الرهصة وهي وقرة تصيب باطن حافره وخف رهيص: أصابه الحجر.
6
وج: يقال وجي وجي: إذا اشتد خفاؤه.



ج / 3 ص -28- ووجْيَا بلا همزٍ وقالوا: سَاقطٌ وسَقْطَى مثلُه: وفَاسِدٌ وفَسْدَى وليسَ يجيءُ في كُلِّ هذَا على المعنى لم يقولوا: بَخْلَى ولا سَقْمَى.
قالَ أبو العباس: لو قالوهُ جازَ. وقالوا: يَتَامى. قالَ سيبويه: وقالوا: عقيمٌ وعُقٌمٌ. وقال: لو قيلَ إنَها لم تجىءْ علَى "فُعلَ" لكانَ مذهبًا1 يعني: أَنَّ بابَها أَن يقالَ عَقْمَى مثلُ: قَتيلٍ وقَتْلَى فصرفتْ عن بَابِها لأَنُّها بَلَيةٌ فأَكثر ما تجيءُ عَلَى فَعْلَى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 213.



ج / 3 ص -29- باَبُ ما جاءَ بناءُ جمعهِ علَى غيرِ ما يكونُ في مثلهِ:
فَمِنْ ذلكَ: رَهْطٌ وأَرَاهطُ وبَاطلٌ وأَباطيلُ كأَنَّهم كسروا: أَرْهُطٌ وأَبْطالٌ ومِنْ ذلكَ: كُراعٌ وأَكارعُ وحديثٌ وأَحاديثُ وعَروضٌ وأَعاريضُ وقَطيعٌ وأَقاطيعُ لأَنَّ هذَا لو كسرتَهُ وعدةُ حروفِه أَربعةٌ بالزيادةِ1. التي فيها لكانت "فَعَائلَ" ولَم يكنْ في الأَول زيادة. ومِثل أَراهطَ أهلٌ وأَهَالٍ. ولَيلة ولَيالٍ كأَنهُ جمَع: أَهلًا وليلًا.
وقالَ أبو العباس: ليلةٌ أصلها "ليلًا" فحذفت وزعمَ أَبو الخطاب: أَنَّهمْ يقولونَ: أَرضٌ وآراضٌ كما قالوا: أَهْلٌ وآهالٌ2، فهذَا على قياسهِ وقالَ بعضُهم: أَمْكُنٌ كأَنهُ جَمْعُ مُكْنٍ.
وقالَ سيبويه: ومثلُ ذلكَ: تَوأَمٌ وتوائمُ كأنهم كسروهُ على "تِئمٍ" كما قالوا: ظِئْرٌ وظُؤارٌ وقالَ أبو العباس: توأَمٌ اسمٌ مِنْ أَسماءِ الجمعِ وفِعَالٌ لا يكونُ مِنْ أَبوابِ الجمعِ وكذلَك: رَجْلٌ ورِجَالٌ وقالَوا: كرَوانٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه 2/ 199: لأن هذا لو كسرته إذا كانت عدة حروف أربعة أحرف بالزيادة التي فيها لكانت "فعائل" ولم تكن لتدخل زيادة في أول الكلمة.
2
انظر: الكتاب 2/ 199.
3
انظر: الكتاب 2/ 199.



ج / 3 ص -30- وللجمعِ: كِرْوَانٌ. وقالَ أبو العباس: كَرَوانٌ جمعْ1: كِرْوَانٍ تحذفُ الزوائدَ وكذلكَ قالَ في أَمْكنٍ جَمعُ: مَكَانٍ.
وقال سيبويه: إنما جُمِعَ "كَرَوانُ" على "كَرىً"2 وقالوا في مِثْلِ: "أَطرِقْ3 كَرا إنَّ النعامَ في القرُى4 ومِثْلُ هذَا: حمارٌ وحَميرٌ وصَاحبٌ وأَصحابٌ وطَائِرٌ وأَطيارٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المقتضب 1/ 188.
2
انظر: الكتاب 2/ 199.
3
قال المبرد: "أطرق كرا" يريدون: ترخيم الكروان فيمن قال: يا حار. انظر: المقتضب 4/ 261 "وكرا" رقية يعيذون بها الكرا "يقولون: أطرق كرا إن النعام في القرى".
4
هذا مثل: معناه أن النعام الذي هو أ كبر منك قد اصطيد وحمل إلى القرى. وأنه يضرب للذي ليس عنده غناء ويتكلم فيقال له: اسكت وتوق انتشار ما تلفظ به كراهة ما يعقبه. ويقال: إن الكروان يقال له: أطرق كرى إنك لن ترى فإذا سمعها لبد بالأرض فيلقى عليه ثوب فيصطاد.
وانظر: الأمثال للميداني 1/ 445 والخزانة 1/ 394 وجمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري 1/ 194.



ج / 3 ص -31- بَابُ ما هُوَ اسمٌ يقعُ علَى الجميعِ ولم يكسر عليهِ واحدهُ وهوَ مِنْ لفظهِ:
وذلكَ نحو: رَكْبٍ وسَفْرٍ وطَائرٍ وطَيْرٍ وصَاحبٍ وصَحْبٍ أَلا تَرى أَنكَ تقولُ في التصغير: رُكَيبٌ وسُفَيرٌ ولو كانَ تكسيرًا لردَّ إلى الواحدِ ومثلُ ذلكَ: أَديمٌ وأَدَمٌ وعَمُودٌ وعَمَدٌ وحَلْقَةٌ وحَلَقٌ وفَلْكَةٌ وفَلَكٌ ومِنْ ذلكَ: الجامَلُ والباقِرُ وأَخٌ وإخوةٌ وسَرِيٌّ وسَرَاةٌ مِنْ ذلكَ لو قالَ قائلٌ: شُبِّهَ "فَعِيلٌ بفَاعِلٍ" نحو: فَاسقٍ وفَسَقةٍ قيلَ لَهُ: مثالُ هذا في المعتلِّ إنَّما يجيءُ على "فَعَلةٍ" نحو: قَاضٍ وقَضَاةٍ و"فَعَلةٌ" ليسَ من جُموعِ المعتلِّ فلذلكَ لم يجعلْ جمعًا وصارَ في رَكْبٍ وسَفْرٍ وقالوا: فَارهُ وفُرْهَةٌ مثْل: صَاحبٍ وصُحْبَةٍ وغَائِبٍ وغَيَبٍ وخَادمٍ وَخَدَمٍ وإهَابٍ وأَهَبٍ ومَاعِزٍ وَمَعَزٍ وضَائنٍ وضَأَنٍ وعَازبٍ وعِزيبٍ وغاَزٍ وغَزِيٍّ



ج / 3 ص -32- بَابُ جَمْعِ الجَمْعِ:
أَما أبنيةُ أَدنى العددِ فيجمعُ على "أَفَاعِل" وأَفاعيلَ نحو: أَيدٍ وأَيادٍ وأَوطبٍ1 وأَواطبَ وأَفعالٌ بمنزلةِ إفعالٍ نحو: أَنعامٍ وأَناعيمٍ وقد جمعوا "أَفْعلةً بالتاءِ". قالوا: أَغطيةٌ وأَغطياتٌ وأَسقيةٌ وأَسقياتٌ وقالوا: أَسورةٌ وأَسَاورَةٌ وقالوا: جِمَالٌ وجَمَائلُ وقالوا: جَمَالاتٌ وبُيوتاتٌ عملوا بفُعُولٍ ما عملوا بَفَعالٍ وكذلكَ "فُعُلٌ" قالوا: الحُمُراتُ بضم الميم.
قالَ سيبويه: وليسَ كُلُّ جَمْعٍ يجمعُ. لم يقولوا: في جَمْعِ بَرٍّ أَبرارٌ وقالوا: في تَمْرٍ تُمْرَانٌ2. وأَبو العباس يُجيزُ: أَبرار في جمع بَرٍّ ويركنُ إلى القياسِ وقالوا في مُصْرانٍ: مَصَارينُ3. وأَبياتٌ وأَباييت وبيوتٌ وبيُوتاتٌ وقالوا: عُوذٌ وعُوذاتٌ ودُورٌ ودُوراتٌ وحُشَّانٌ وحَشَاشينَ وكُلُّ بناءٍ مِنْ أَبنيةِ الجموعِ ليسَ علَى مثالِ "مَفَاعِلَ" ومَفَاعيلُ "إذا اختلفتْ ضروبهُ فجمعُه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أواطب: سقاء البن.
2
انظر: الكتاب 2/ 200.
3
انظر: المقتضب 2/ 279 وفي اللسان: المصير: المعي وهو فعيل. والجمع: أمصرة ومصران: مثل: رغيف ورغفان، ومصارين جمع الجمع عند سيبيويه. قال الأزهري: جمع المصران، جمعته العرب على توهم النون أنها أصلية.



ج / 3 ص -33- عندي جَائزٌ وقياسُه أَن ينظرَ إلى ما كانَ على بنائِه مِنَ الواحدِ أو على عدتِه فتكسرهُ علَى مِثَالِ تكسيرهِ.
وقالَ سيبويه: مَنْ قالَ: أَقاويلُ وأَباييتُ في أَبياتٍ لا يقولُ: أَقوالانِ1 لا يُثني "أَقوالًا" وكذلكَ: البُسْرُ والتَّمْرُ إلا أَن تريدَ ضربينِ مُختلفينِ فهذَا يدلُّكَ علَى أَنَّ جمعَ الجَمْعِ يجيءُ علَى نوعينِ: فنوعٌ يرادُ بهِ التكثيرُ فَقَط ولا يرادُ بهِ ضروبٌ مختلفةٌ ونوعٌ يرادُ بهِ الضروبُ المختلفةٌ وهو الذي لا يمتنع منهُ جَمْعٌ قالوا: إبلانِ2 لأنَّهُ اسمٌ لم يكسر. وقالَ: لِقَاحانِ سَوداوانِ لأَنَّهم لم يقولوا: لِقَاحٌ واحدةٌ وهو في3 إبْلٍ أَقوى لأَنهُ لم يكسرْ.
قالَ سيبويه: سأَلتُ الخليلَ عن: ثلاثةِ4 كلابٍ فَقالَ: يجوزُ في الشعر5 علَى "من" وإنْ نونتَ قلتَ: ثلاثةٌ كلابٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 202.
2
إبلان: قطعين من الإبل.
3
هنا خلاف لما في كتاب سيبيويه 2/ 202، فإن سيبويه قد قال:.. وذلك لأنهم يقولون: لقاح واحدة كقولك: قطعة واحدة وهو في إبل أقوى.
4
في الأصل: "ثلاث" وهو خطأ.
5
انظر: الكتاب 2/ 202.



ج / 3 ص -34- بَابُ ما لُفِظَ بهِ مثنىً كما لُفِظَ بالجمعِ:
وهو أَن يكونَ كُلُّ واحدٍ بعضَ شيءٍ مفردٍ مِنْ صاحبهِ كقولِكَ: ما أَحسنَ رؤوسهمَا وزعمَ يونس أَنَّهم يقولونَ: غِلمانهما وإنّما هُما اثنانِ.
وزَعم أيضًا أَنَّهم يقولونَ: ضربتُ رأْسيهما وأَنهُ سَمع ذلكَ مِن رؤبةَ1 والبابُ ما جاءَ في القرآنِ، قالَ الله عزَّ وجلَّ: {إنْ تُتوبَا إلى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قَلُوبُكُمَا}2. {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْديَهُمَا}3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 201.
2
التحريم: 4.
3
المائدة: 38.



ج / 3 ص -35- بابُ مَا كاَن من الأعجميةِ على أَربعةِ أحرفٍ وقد أعربَ:
جمعُ هَذا الضربِ على مثالِ مَفَاعل وزعَم الخليلُ: أنهم يلحقون جمعَهُ الهاءَ إلا قليلًا: كَمَوْزَجٍ1 ومَوازِجَةٍ وطَيْلسانٍ وَطَيالسةٍ وقَد قالوا: جَوارِبُ وكَيالجُ2 وقَد أَدخلوا الهاءَ أيضًا3. وكذلكَ إذا كسرتَ الاسمَ وأَنت تريدُ: آلَ فلانٍ أَو جماعةَ الحي كالمَسامعةِ والمناذرة والمَهالبةِ وقَد قالوا: دَياسِمُ، وهُنَّ ولدُ الذئبِ مِنَ الضبع. وقالوا: ولَدُ الكلبِ مِنَ الذئبةِ وقالوا البَرابرةُ. والسَيابجةُ فاجتمعَ فيهما الأَعجمية والإِضافةُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
موزج: الخف وهو فارسي معرب.
2
كيالج: جمع كيلجة وهو المكيال.
3
قالوا: جواربة، وكيالجة. وانظر: الكتاب 2/ 201.













45



















الأصول في النحو

ج / 3 ص -36- بَابُ التحقيرِ:
التصغيرُ شيءٌ اجتزئَ بهِ عن وصفِ الاسمِ بالصغرِ وبُني أَولهُ علَى الضمِّ وجُعلَ ثالثهُ ياءً ساكنةً قبلَها فتحةٌ ولا يجوزُ أن يصغرَ اسمٌ يكون على أقل من ثلاثة أَحرفٍ فإذا كانَ الاسمُ ثلاثيًّا فالإِعرابُ يقعُ على الحرفِ الذي بعدَ الياءِ نحو قولِكَ في حَجرٍ: حُجَيْرٌ فإنْ كان آخرهُ هاء التأنيثِ فلا بُدَّ مِنْ أَن ينفتحَ لها ما قبلها فإنْ جاوزَ الاسم الثلاثةَ بزائدٍ أَو غير زائدٍ فهوَ نظيرُ الجمعِ الذي يجيءُ على "مَفَاعلَ" ومَفَاعيلَ فالأَلفُ في الجمعِ نظيرهُ الياءُ في التصغيرِ وما بعدَها مكسورٌ كَما أَنَّ ما بعدَ الألفِ مكسورٌ إلا أَنَّ أَولَ الجمعِ مفتوحٌ وأَولَ هَذا مضمومٌ وجميعُ التصغير يجيءُ على ثلاثةِ أَمثلةٍ عَلى مثالِ تصَغيرِ: فِلْسٍ ودِرهمٍ ودِينارٍ وتصغيرُها: فُليسُ ودُرَيهمٌ ودُنَيْنيرٌ وهذا الياءُ التي تجيءُ في مِثَالِ: دُنينيرْ وَمَا أَشبه تكونُ عوضًا لازماَ متى كانَ في الاسم زائدةٌ تابعةٌ كما وقعت في دينار وتكون غير ملازمة متى كان في الاسم زيادةٌ تابعةٌ كما وقعتْ في دينار وتكونُ غيرُ ملازمةٍ مَتى كان في الاسمِ زيادةٌ غيرُ تابعةٍ فحينئذٍ لَكَ فيهِ الخيارُ فياءُ التصغير زائدةٌ وياءُ التعويضِ زائدةٌ فالتصغيرُ إنّما يكونُ في الثلاثي وفيما كان عددهُ أَربعةَ أَحرفٍ بزيادةٍ أَو غيرِ زيادةٍ فإنْ تجاوزَ العددُ ذلكَ حُذفَ حتَى يُردَّ إلى هذا العددِ.
والأسماء تنقسمُ ثلاثةَ أقسامٍ: اسم لا زيادةَ فيهِ ولا نَقْصَ واسم فيهِ



ج / 3 ص -37- زيادةٌ واسم مَنْقوص.
الأول: الاسم الذي لا زيادةَ فيهِ ولا نَقص وهذا الضَّربُ ينقسمُ ثلاثةَ أَقسامٍ: اسمٌ ثلاثي واسمٌ رُباعي واسمٌ خُماسي أَما الثلاثي: فينقسمُ أيضًا ثلاثةَ أَقسامٍ: اسمٌ صحيحٌ واسمٌ مضاعفٌ واسمٌ معتلٌّ.
الأولُ مِنَ الثلاثي: أَمّا الصّحيحُ فعلَى ضربين: مذكرٌ ومؤنثٌ فالمذكر نَحو قولِكَ: رجلٌ ورُجَيلٌ وحَجَرٌ وحُجَيرٌ وجَمَلٌ وَجُمَيْلٌ وكَلْبٌ وكُلَيبٌ والمؤنثُ نحو: قَدمٍ وقِدْرٍ تقولُ: قُدَيْمَةٌ لأنّكَ تقولُ: قَدمٌ صغيرةٌ وقُدَيْرَةٌ لأَنَكَ تقولٌ: قَدْرٌ صغيرةٌ وفي عينٍ عُيَينَةٌ وأُذنٍ: أُذَيْنَةٌ.
الثاني مِنَ الثلاثي: وهو المضاعفُ تقولُ في دَنٍّ: دُنينٌ وفي مَدٍّ: مُدُيدٌ يزولُ الإِدغامُ لتوسطِّ ياءِ التصغيرِ.
الثالث مِنَ الثلاثي: وَهوَ المعتلُّ يجيءُ على ضربينِ فالضربُ الأولُ: ما كانتِ الألفُ بدلًا من عينهِ والضربُ الثاني: ما لامهُ ياءٌ أوْ واوٌ.

ذكر تحقيرِ ما كانتِ الألفُ بَدلًا مِن عينهِ:
حَقُّ هذَا الاسم إذَا صُغِّر أَن يردَّ إلى أصلهِ فإنْ كانتِ الأَلفُ منقلبةً مِنْ واو ردتِ الواوُ وإنْ كانت منقلبةً من ياءٍ ردت الياءُ تقولُ في نَابٍ نُييبٌ والنابُ مِنَ الإِبلِ كذلكَ لأنكَ تقولُ: أَنيابٌ وتقولُ في بَيتِ: بُيَيتٌ وفي شَيخٍ: شُيَيْخٌ هَذَا الأَحسنُ. ومنهم مَنْ يكْسرُ الأولَ فيقولُ: شِييخٌ1 وبِييتٌ وتقولُ في تصغيرِ سَيّدٍ: سُيَيْدٌ وَهوَ الأَحسنُ وإنْ حقرتَ رجلًا: اسمهُ: سارَ وغَابَ لقلتَ غُييبٌ وسُيَيرٌ لأنهما من الياء ولو حقّرت السّار وأنت تريد السائر: لقلت: سُوَيرٌ لأنها أَلفُ "فَاعلٍ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه 2/ 136: "ومن العرب من يقول: شييخ وبييت- بكسر الشين والياء –".



ج / 3 ص -38- قَالَ سيبويه: وسألتُ الخليلَ عن: خَافٍ ومَالٍ يعني إذا قلتَ: رَجلٌ خَافٍ ورَجُلٌ مَالٌ فقالَ: خَاف يصلح أَن يكونَ "فاعِلًا" ذهبتْ عينهُ ويصلحُ أَنْ يكَون "فَعِلًا" لأَنهُ مِنْ فَعِلْتُ1. يعني أَنَّ اسمَ الفاعل إذا كانَ ماضيهِ علَى "فَعِلَ" أَنهُ قَد يجيءُ هو أيضًا على فَعِلٍ: نحو: حَذِرٍ فهو رَجلٌ حَذِرٌ وفَرِقٌ فَهوَ رجلٌ فَرِقٌ قالَ: وأَما مَالٌ فإنَّهم لم يقولوا "مَائِلٌ"1
قالَ وحدثني مَنْ أَثقُ بهِ: أَنهُ يقالُ: رَجُلٌ مَالٌ إذَا كَثُرَ مَالهُ وكَبشٌ صَافٌ إذا كثر صوفه ونعجةٌ صافةٌ2، قالَ: وإذا جاءَ اسمٌ نحو: النَّابِ لا تدري أَمِنَ الياءِ هو أَم مِنَ الواوِ فاحملْهُ على الواوِ حتى يتبينَ لكَ لأَنَّها مبدلةٌ مِنَ الواوِ أكثرُ3 قال أبو العباس4: إنما قلبتِ الألفُ يعني الأَلفَ التي لا يُدرى أصلُها إلى الواوِ للضمة التي قبلَها يعني في باب التصغير.
قالَ سيبويه: ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ في ناب: نُوَيبٌ فيجيءُ بالواوِ لأَنَّ هذه الألف يكثرُ إبدالُها مِنَ الواواتِ وهو غَلَطٌ منه5 وأَما المؤنثُ فتقولُ: في نُورةٍ: نُوَيرةٌ وفي جَوْزَة جُويزَةٌ.
الضرب الثاني: ما لامهُ معتلةٌ مِنَ الثلاثي:
تقولُ في قَفًا: قُفَيٌّ وفي فَتَى فُتَيٌّ وفي جروٍ: جُرَيٌ وفي ظَبْي: ظَبَيٌّ فيصير جميعُ ذلكَ إلى الياءِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 127
2
انظر: الكتاب 2/ 127
3
انظر: الكتاب 2/ 127
4
أي: المبرد أستاذ المصنف.
5
انظر: الكتاب 2/ 127. والغلط من بعض العرب لا من سيبويه.



ج / 3 ص -39- القسمُ الثاني: مما لا زيادة فيهِ وهو الرُّباعي:
وذلكَ نحو: جَعْفرٍ وسَلْهبٍ1 تقولُ: جُعَيفرٌ وَسُلَيْهَبٌ والتصغيرُ كالتكسيرِ.
القسمُ الثالثُ: مِما لا زيادةَ فيهِ وهو الخماسي:
وذلكَ نحو: سَفَرجلٍ وفَرَزدقٍ تقولُ: سُفَيرجٌ وفُرَيزدٌ وقالَ بعضهم: فُرَيزقٌ لأنَّ الدالَ تشبهُ التاءَ والتاءُ من حروفِ الزيادةِ وكذلكَ خَدَرْنَقٌ2: خُدَيْرِق فيمَن قَالَ: فُرَيزقٌ ومَنْ قالَ: فُرَيزدٌ قَال: خُدَيرنٌ ولا يجوزُ في "جَحْمَرشٍ"3 حذفُ الميم وإن كانت تزادُ لأنها رابعةٌ بعدَ ياءِ التحقير.
وقالَ الخليلُ: لو كنتُ محقرًا مثلَ هذهِ الأسماءِ لا أَحذفُ منها شيئًا لقلت: سُفيرجلٌ حَتى يصيرَ مثلَ: دُنَينيرٍ4
الثاني مِنَ القسمةِ الأولى: وهو ما كانَ مِنَ الأسماءِ فيه زيادةٌ:
وهو علَى عشَرة أضربٍ:
الأول: المضاعفُ المدغمُ الثاني: اسمٌ ثلاثي لحقتهُ الزيادةُ للتأنيثِ فصارَ بالزيادةِ أربعة أحرفٍ الثالث: اسمٌ ثلاثي أُدخلَ عليهِ أيضًا التأنيثُ وما ضَارعَهما الرابع: اسمٌ يحذفُ منهُ في التحقيرِ مِن بناتِ الثلاثةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
السلهب: الطويل. ويقال: صلهب بالصاد.
2
خدرنق: الذكر. والعنكبوت. أو العظيم منها. والخذرنق بالذال كذلك.
3
جحمرش: عجوز كبيرة.
4
انظر: الكتاب 2/ 107 ونص الكتاب "لو كنت محقرا مثل هذه الأسماء لا أحذف منها شيئا" كما قال بعض النحويين لقلت: سفيرجل.



ج / 3 ص -40- الزيادةُ التي كسرتهُ للجميع لحذفتها الخامس: اسمٌ يحذفُ منهُ الزوادُ من بناتِ الثلاثةِ مما أَولهُ أَلفُ الوصلِ السادس: اسمٌ فيه زائدتانِ تكونُ فيه بالخيار أيُّهما شئتَ حذفتَ السابع: اسمٌ مِنْ بناتِ الثلاثةِ تثبتُ زيادتهُ في التحقيرِ الثامنُ: ما يحذفُ في التحقيرِ من زوائد بناتِ الأربعةِ التاسع: ما أَولهُ أَلفُ الوصلِ وفيهِ زيادةُ من بناتِ الأربعةِ العاشر: تحقيرُ الجَمْعِ.
الأول: المضاعفُ المُدغم: تقولُ في مُدُقٍّ: مُدَيّقٌ وفي أصمٍّ: أُصَيّمٌ تجمعُ بينَ ساكنين كما فعلتَ في الجَمْعِ لأَنَّ هذهِ الياءَ نظيرةُ تلكَ الألفِ1.
الثاني: تصغيرُ ما كانَ على ثلاثةِ أحرفٍ ولحقْتهُ الزيادةُ للتأنيثِ فصارَ بالزيادةِ أربعةَ أحرفٍ تقولُ في حٌبْلَى: حُبَيلَى وفي بُشْرَى: بُشَيرى وفي أُخرى: أُخَيرَى فلا تكسرُ ما قبلَ الألفِ كما لا تكسرُ ما قبلَ الهاءِ في طُلَيحةٍ وسُلِيمةٍ فإن جاءتِ الألفُ للإِلحاقِ قِلبتْ ياءً تقولُ في مِعْزَى: مُعَيزٌ وفي أَرْطَى: أُرَيطٌ وفيمن قالَ: عَلْقَى فَنونَ عُلَيقٌ وإذا كانتِ الألفُ خامسةٌ للتأنيثِ أو لغيرهِ حذفتْ تقولُ في: قَرْقَرى2: قُرَيْقِرٌ وفي حَبَركىٍ3: حُبَيرَكٌ.
الثالث: اسم ثلاثي أُدخلَ عليهِ ألفا التأنيثِ وما ضَارعَهما تقولُ في حَمْراءَ: حُمَيراءُ فَلا تغير وكذلكَ "فَعْلانُ الذي لَهُ" "فَعْلَى" تقولُ في "عَطْشَان" وسَكْرانَ: عَطَيشانٌ وسُكَيْرانٌ لأنَّ مؤنَثهُ: عطشى وسَكرَى فأما ما كانَ آخرهُ كآخرِ "فَعْلاَن" الذي لَهُ فَعْلَى وعلى عدةِ حروفِه وإِنْ اختلفت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يشير إلى الألف التي في "مداق" عند الجمع.
2
قرقري: الظهر، وموضع.
3
حبركى: الحبركى: القوم الهلكى، القراد بالطويل.



ج / 3 ص -41- حركاتهُ ولم تكسرهُ للجمعِ حتى يصيرَ على مثالِ "مَفَاعيلَ" فتحقيرهُ كتحقيرِ "عطشانَ وسَكْرَانَ" فإنْ كانَ يكسرُ على مِثَالَ "مَفاعيلَ" كسرحان وسراحينَ فإنَّ تصغيرهُ: سُرَيحينٌ فأما ما كانَ على ثلاثةِ أحرف فلحقتهُ زائدتانِ فكانَ ممدودًا منصرفًا فإنهُ مثلُ ما هو بدلٌ مِنْ ياءٍ مِنْ نفسِ الحرف نحو: عِلْبَاء1 وحِرْبَاء تقول: عُلَيْبي وحُرَيبى يحقرُ كما يحقرُ ما تظهرُ فيهِ الياءُ مِنْ نَفسِ الحرفِ وذلكَ نحو: دِرْحَاية2 ودُرَيحيةٌ ومَنْ صرفَ غَوغَاءَ قالَ: غُوَيغَى ومَنْ لم يصرفْ جعلَها كَعَوراءَ فقالَ: غُويغاءُ يا هَذا ومَنْ صرفَ قُوباءَ قالَ: قُوَيبَى ومَنْ لم يصرفْ قُوباءَ3 قالَ: قُوَيباءُ لأَنَّ تحقيرَ ما لحقتهُ ألفا التأنيثِ وكانَ علَى ثلاثةِ أحرفٍ حكمهُ حكمٌ واحدٌ كيفَ اختلفتْ حركاتهُ وكُلُّ اسم آخرهُ أَلفٌ ونونٌ يجيءُ على مثالِ "مَفَاعِيلَ" فتحقيرهُ كتحقيرِ: سَرحانَ تقولُ في سَرْحانَ: سُرَيحينُ وفي ضِبْعانَ: ضُبَيعينُ لأنكَ تقولُ: ضَبَاعينُ حُومانٌ4: حُوَيمينٌ لأَنكَ تقولُ: حَوَامينُ وسُلطانٌ: سُلَيطينٌ لأَنكَ تقولُ: سَلاطينُ وفي فِرزانٍ5: فُرَيزينٌ كقولهم: فَرَازينُ ومَنْ قالَ: فَرَازنةٌ قالَ أيضًا: فُرَيزينٌ لأنهُ جَاءَ مثلُ جَحَاجحة وزَنَادقةٍ وتقولُ في وَرَشانٍ6 وُرَيشينٌ لأَنكَ تقولُ: وَراشَين وأَما ظِربان7 فتقولُ: ظَرَيبانُ لأَنكَ تقولُ: ظَرَابيٌّ ولا تقولُ: ظَرابينُ فلا تأتي بالنونِ في جمعِ التكسيرِ كما لا تأتي بها في جمعِ سَكْرانَ إذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
علباء: عرق في العنق.
2
درحاية: كثير اللحم قصير سمين. ضخم البطن. لئيم الخلقة.
3
قوباء: وهو بثر يظهر في الجسد.
4
حومان: نبات بالبادية.
5
فرزان: وفرازين. والفرازين جمع فرزن: وهو الشطرنج.
6
ورشان: طائر يشبه الحمام.
7
ظربان: دويبة كالهرة منتنة.



ج / 3 ص -42- قلتَ: سُكَارى وإذا جاءَ شَيءٌ على مِثالِ: سرْحان ولم تعلمِ العربُ كسرَتهُ في الجمع فتحقيرهُ كتحقيرِ سكرانَ تثبتُ الألفَ والنونَ في آخره كألفي التأنيثِ ولو سَمّيتَ رجلًا: سرحانَ ثم حقرتهُ لقلتَ: سُرَيحينٌ لأنَّه يجمعُ جَمعَ الملحقِ في نكرتهِ وإذا جمعتِ العربُ شيئًا فَقَد كفَتكَ إِيَّاهُ فأَمَّا عُثْمانُ فتصغيرهُ عُثَيمانٌ لأَنهُ لَم يكسرْ علَى عَثَامينَ ولاَ لَه أصلٌ في النكرةِ يُكسرُ عليهِ؟

الرابع: ما يحذفُ في التحقير من بناتِ الثلاثةِ مِنَ الزيادات:
لأَنكَ لو كسرتَهُ للجمعِ حذفَتها تقولُ في مغتلم1: مُغَيلمٌ: كقولِكَ: مَغالمُ وإنْ شِئْتَ عوضْت فقلتَ: مُغَيليمٌ العوضُ هُنَا غيرُ لازمٍ لأَنَّ الزيادةَ لم تَقَعْ رابعةً وفي جوالقَ: جُوَيليقٌ إذا أردتَ التعويضَ وفي مُقدّمٍ ومؤخّرٍ: مقيدمٌ ومؤيخرٌ تحذفُ الدالُ ولا تحذفُ الميمُ لأَنَّ الميمَ دخلتْ أولًا لمعنىً وإن شئتَ عوضَت فقلتَ: مُقَيديمٌ ومُؤَيخيرٌ.
واعْلم: أنهُ لا يجوزُ أَنْ تقولَ: مُقَيدمٌ فتدعُ الدالُ على تَشديدِها لأَنهُ لا يكونُ الكلامُ مَقَادمُ2 مِنْ أَجلِ أَنهُ لا يجتمعُ ثلاثةُ أَحرفٍ مِنَ الأصولِ بعدَ أَلفِ الجمع وأَمَّا منطلقٌ فتقولُ فيهِ: مُطَيلقٌ ومُطَيليقٌ تحذفُ النونَ ولا تحذفُ الميمَ لأنَّها أَولٌ وتقولُ في: مُذَكّرٍ مُذَيكرٌ وكانَ الأصلُ مُذتكرًا فقلبتِ التاءُ ذالًا من أَجلِ الدالِ ثم أُدغمتِ الذالُ في الدالِ وهذا يبينُ في موضعهِ إن شَاءَ الله.
فإذَا حقرتَ حذفتَ الدالَ لأنَّها التاءُ في مفتعلٍ وظهرتِ الذالُ إذ لم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مغتلم: يقال: جارية مغتلمة، والسلحفاة الذكر يقال غيلم.
2
في سيبويه 2/ 110، والمقادم والمآخر عربية.



ج / 3 ص -43- يكن ما تدغمُ فيهِ وإنْ شئتَ عوضْت فقلتَ: مُذَيكيرٌ وكَذا مستمعُ تقولُ: مُسَيمعٌ ومُسَيميعٌ وتقولُ في مُزْدان1 مزيّنٌ ومُزَيينٌ لأَنَّ أصلَ مُزدانٍ مُزْتانٌ وهو مُفْتعلٌ مِنَ الزَّينِ فأبدلتِ التاء دالًا فلما صغرت حذفَتها لأَنها زائدةٌ في حَشْوِ الاسم وتقولُ: مُحْمَرٌّ مُحَيمرٌ ومُحَيميرٌ وفي: مَحمَارٍ مُحَيميرٌ لا بُدَّ مِنَ التعويضِ وإِنَّما ألزمتَها العوضَ لأَنَّ فيها إذا حذفتَ الرّاء ألفًا رابعةَ في محمَارّ. وتقولُ في حَمَارّةٍ: حُمَيرّةٌ جمعَ بينَ ساكنينٍ لأَنكَ لو كسرتَ قلتَ: حَمَارٌّ وفي جُبُنَّةٍ جُبَينَّةٌ لأَنَّكَ لو كسرت قلت: جَبَانٌ وقد قالوا: جُبْنَةٌ فخَففوا.
وتقولُ في مُغدودنٍ2: مُغَيدينٌ فتحذفُ الدال الثانية لأَنهُ مُفْعُوعلٌ فالعينُ الثانيةُ هي المكررةُ الزائدةُ هَذا القياسُ عندَ سيبويه3.
وإنْ حذفتَ الدالَ الأُولى فهوَ بمنزلةِ جُوَالق وتقولُ في خَفيددٍ4: خُفَيدِدٌ وخُفَيديدٌ وغَدَودنٌ مثلُ ذلكَ وقَطَوطَى: قَطَيطٌ وقَطَيطيٌّ
ومُقْعَنسسٌ تحذفُ النونُ وإحدى السينين فتقولُ: مُقَيعسُ ومُقَيعيسٌ وأَما مُعْلَوّطٌ فليسَ إلا: مُعَيليطٌ5، وعَفَنْجَجٌ6: عُفَيججٌ وعفُيجَيجٌ لأَنَّ النون بمنزلةِ واو غَدَودنٍ وياء خَفَيددٍ والجيمَ بمنزلةِ الدال وَعَطَوّدٌ7: عُطَيَّدٌ وعَطَيّيدٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مزدان: من الزينة.
2
مغدودن: يقال: اغدودن النبت إذا طال واسترخى.
3
انظر: الكتاب 2/ 111.
4
خفيدد: السريع ومثله الخفيدد. والظليم الخفيف. والجمع: خفادد وخفيددات.
5
معلوط: يقال اعلوط الحصان: إذا تعلق بعنقه وعلاه.
لأنك إذا حقرت فحذفت إحدى الواوين بقيت واو رابعة وصارت الحروف خمسة أحرف والواو إذا كانت في هذه الصفة لم تحذف في التصغير كما لا تحذف في الكسر للجمع. وانظر الكتاب 2/ 112.
6
عفنجج: الضخم الأحمق. والناقة السريعة.
7
عطود: السير السريع. ومن الطرق: البين الواضح.



ج / 3 ص -44- وإنّما ثقلتِ الواوُ الملحقةُ كما ثقلت باء عَدَبّسٍ1 ونُونُ عَجَنَّسٍ2 عِثْوَلٌ3: وعُثَيّلٌ لأَنَّهم يقولون: عَثَاولُ وعَثَاويلُ والواو ملحقةُ بمنزلةِ شينِ قِرْشِبٍّ4، واللامُ الزائدةُ بمنزلةِ الباءِ في قِرْشبٍّ فحذفتها كما حذفت الباءَ في: قَرَاشب وأثبتوا ما هو بمنزلةِ الشين وأَلَنْددٌ5 وَيَلندَدٌ واحدٌ تقولُ: أُلَيْدٌّ ولو سميتَ رجلًا بأَلْبَبَ لقلتَ: أُلَيْبٌّ. ترده إلى القياس لأَنَّ "أُلببًا" شَاذٌ كحَيوةٍ6 إذا حقرتَ حَيْوَة صَار مثل: حِذوةٍ7 وجميعُ هَذا قولُ سيبويه8 وإستبرقٌ: أُبيرقٌ وأُبَيريقٌ. وأَرَندجٌ9، وأُرَيدجٌ مثلُ أَلنددٍ. ولا تلحقُ الألفُ إلا بناتِ الثلاثةِ فتدعُ الزائدَ الأولَ وتحذفُ النونَ وذُرَحْرَحٌ10 ذُرَيرحُ لأَنَّ الراءَ والحاءَ ضُوعفا كما ضَوعفت دَالُ مَهْددٍ11: والدليلُ عَلى ذلكَ: ذُرّاحٌ وذُرَّوحٌ ومَنْ لغتهُ ذُرَحْرَحٌ يقولُ: ذَرَارِحٌ وقالوا: جُلَعلعُ12 وجَلاَلِعُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عدبس: الشديد الموثق الخلق من الإبل وغيرها.
2
عجنس: الجمل الضخم، الصعب والصلب. والعجانس: الجعلان.
3
عثول: القدم المسترخي. الأحمق.
4
قرشب: الرجل المسن. والسيئ الحال. والضخم الطويل.
5
ألندد: بمعنى الدلو. ويقال: خصم ألندد، أي: خصيم.
إذا حذفت النون من ألندد.
6
أي: أن الواو بدل من ألف "حياة" وليست بلام الفعل.
7
حذوة: من اللحم كالحذية وهو ما قطع طولا. وقيل: هي القطعة الصغيرة.
8
انظر: الكتاب 2/ 112-113.
9
أرندج: بكسر أوله وفتحه- جلد أسود معرب "رندة".
10
ذرحرح: دويبة حمراء منقطة بسواد وهي من السموم.
11
مهدد: اسم امرأة.
12
جلعلع: من الإبل الحديد النفس. والقنفذ. والخنفساء. والضبع.



ج / 3 ص -45- وزعمَ يونس: أَنَّهم يقولونَ: في صَمَحمحٌ1 صَمَامحُ2 فتقولُ عَلَى هَذا جُلَيلعٌ وإن شئتَ عوضَت فقلتُ: ذُرَيريحٌ وزَعَم [الخليل]3: أَنَّ "مَرمَريسَ" من المراسةِ فضاعفوا الميمَ والدالَ في أوّلِهِ وتحقيرهُ: مُرَيريسٌ لأنَّ الياءَ تصيرُ رابعةً فصارتِ الميمُ أَولى بالحذفِ مِنَ الراءِ لأَنَّ الميمَ إذا حذفت تبينَ في التحقير أَن أَصلُهُ من الثلاثةِ كأنَّكَ حقرتَ "مرّاس" ومُسَرولٌ4 مُسَيريلٌ ليسَ إلا5، ومساجدُ اسمُ رجل مُسَيجدٌ تحقيرُ مَسْجدٍ6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
صمحمح: الغليظ الشديد.
2
انظر: الكتاب 2/ 113.
3
زيادة من سيبويه 2/ 113.
4
مسرول: يقال للثور الوحش مسرول للسواد الذي في قوائمه، وحمامة مسرولة في رجليها ريش.
5
لأن الواو رابعة ولو كسرته للجمع لم تحذف. فكذلك لا تحذف في التصغير.
6
لأنه اسم لواحد ولم ترد أن تحقر جماعة المساجد.

الخامس: ما تحذفُ منهُ الزوائدُ مِن بناتِ الثلاثةِ:
مما أَوائله أَلفاتُ الوصلِ تقولُ في استضرابٍ تُضَيريبٌ حذفَت أَلفَ الوصلِ والسينَ لا بُدَّ من تحريكِ ما يليها ولم تحذف التاءَ لأَنهُ ليسَ في كلامِهم سِفْعَالْ وفيهِ التّجفافُ والتّبيانُ وتقولُ في افتقارٍ: فُتَيقيرٌ تحذفُ أَلفَ الوصلِ لتحركَ ما يَليها ولا تحذفُ التاءَ الزائدةَ إذا كانت ثانيةَ في بناتِ الثلاثةِ وكانَ الاسم عدةُ حروفِه خَمسةٌ رابعهنَّ حَرفُ لينٍ لم يحذفْ منهُ شَيءٌ في تكسيرِ الجمعِ ولا في تَصغيرٍ وإنمَا تحذفُ الزائدَ إذا زادَ على هذه العدةِ وخرجَ عن الوزنِ وانطلاقٌ قالَ سيبويه نُطَيليقٌ1، لأَنَّ الزيادةَ إذا كانت أَولًا في بناتِ الثلاثةِ وكانت على خمسةِ أحرفٍ فكانَ رابعهنَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 114.



ج / 3 ص -46- حرفُ لينٍ لم يحذفُ منهُ شيءٌ في التصغير ولا في الجمع كتِجفافٍ تجافيفَ.
وقالَ أبو عثمان المازني: أقولُ في انطلاقٍ طُلَيقٌ طلُيَيقٌ لأَنَّه ليسَ في كلامِهم نِفْعَالٌ.
قالَ أبو بكر: والذي أَذهبُ إليهِ قولُ سيبويهِ لأَنهُ إِنّما يحذفُ الزائدُ ضرورةً فإذا قدرَ على إثباتِه كان أَولى لئلا يلبسَ بغيرهِ مما لا زائدَ فيهِ فأَمَّا استفعالٌ فَلم يجزْ أَن تثبتَ السينَ والتاءَ فيهِ لأَنهُ ستةُ أحرفٍ كانَ حذفُ السينِ أَولى لأَنَّها ساكنةٌ ولأَنَّها إِذا حذفتْ بقي مِنَ الاسم مِثالٌ تكونُ عليهِ الأسماءُ فكانَتْ أَولى بالحذفِ وليسَ يلزمنا متى حذَفنا زائدًا أن نبقَي الباقي عَلى مِثالٍ مَعروفٍ من الأسماءِ ولَو وجبَ هَذا لمَا جازَ أن تقولَ: في افتقار فَتيقيرٌ لأَنَّهُ ليسَ في الكلام "فَتعالٌ" ولا شيءَ مِنْ هَذا الضربِ وتقولُ في اشهِيبابٍ: شُهَيبيبٌ واغديدانٍ: غُدَيدينٌ تحذفُ الألفَ والياءَ.
واقعنساسٌ تحذفُ الألف والنونَ وحذفُ النونِ أولى مِنْ السينِ واعلوّاطٌ وعُلَييّطٌ تحذفُ الألفَ والوَاو الأُولى لأَنَّها بمنزلةِ الياءِ في اغديدانٍ والواوُ المتحركةُ بمنزلة ما هُوَ من نفسِ الحرفِ لأَنَّهُ أَلحقَ الثلاثةَ بالأربعةِ.

السادس: اسمٌ مِنَ الثلاثي:
فيهِ زائدتانِ تكونُ فيهِ بالخيارِ أيُّهما شئتَ حذفتَ تقولُ في قَلَنْسُوةٍ1: قُلَيسيَة وحَبَنْطَى2: حُبَيطٌ وحُبَينط لأَنها جميعًا دخلت للإِلحاق،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
وتقول: قلينسة أيضًا.
2
حبنطى: القصير الغليظ، العظيم البطن.



ج / 3 ص -47- وكَوَأْللٌ: وهو القصيرُ زيادةً كُؤَيللٌ وكُؤَيليلُ وكُوئيلٌ وكُوَيئيلُ وفي حُبَارى1 حبيرى وحُبَيِّرٌ.
قالَ أَبو بكر: والذي أَختارهُ إذا كانت إحدى الزائدتينِ علامةَ لشيءٍ لم تحذفِ العلامةُ إلا أن يكونَ الزائدُ الآخرُ ملحقًا فإِن الملحقَ بمنزلةِ الأَصلي فأَرى أَن تُصغرُ حُبَيرى وتحذفَ الألفَ الأولى التي في حَشوِ الاسم وتترك أَلفُ التأنيث وكانَ أبو عمرو يقولُ: حُبَيرةٌ2، جعلُ الهاءَ بدلًا مِنْ أَلفْ التأنيثِ وألمَا علانيةٌ وثُمانيةٌ فأَحسنهُ عُلَينيةٌ وثُمَينيةٌ لأَنَّ الياءَ في آخرِ الاسم أبدًا بمنزلةِ ما هوَ مِن نفسِ الحرفِ لأَنها تلحِقُ بناءً ببناءٍ فياءُ "عُفارية3 وقُرَاسية"4/ بمنزلةِ راءِ عُذافرةٍ5، وقَد قَالَ بعضَهم: عُفَيرِةٌ وثُمينةٌ شبهَها بألفِ حُبَارى6، وكذلكَ صَحَارى وأشباهُ ذلكَ فإن سميتَ رجلًا بمَهارى وصَحارى قلتَ: مُهَيرٌ وصُحَيرٌ قالَ سيبويه: وهوَ أَحسنُ لأنَّ هذه الألفَ لم تجيء للتأنيثِ إنّما أرادوا: مُهاريٌّ وصَحاريٌّ فحذَفوا وأَبدلوا7 وعَفَرناةٌ8 وعَفَرني غُفَيرنٌ وعُفيريةٌ لأَنَّهما زيدتا للإِلحاق العِرَضني -ضَربٌ مِنَ السير-ِ عُرَيضنٌ لأَنَّ النونَ ملحقةٌ والألفُ للتأنيثِ فثباتُ الملحقِ أَولى وقَبائلُ اسمُ رَجُلٍ: قُبَيئلٌ وقَبَيئيلٌ إذا عوضت وطَرحُ الألفِ أولى مِنَ الهمزةِ لأَنَّها بمنزلةِ جيمِ مَسَاجدَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حبارى: طائر معروف على شكل الأوزة.
2
انظر: الكتاب 2/ 115.
3
عفارية: الخبيث المنكر- وبضم العين- الشديد.
4
قراسية: الضخم الشديد من الإبل.
5
عذافرة: الناقة الشديدة الأمنية الوثيقة الظهر، وهي الأمون.
6
انظر: الكتاب 2/ 116.
7
انظر: الكتاب 2/ 116.
8
وفيها لغة أخرى" عفير" و"عفيرنة" وانظر: الكتاب 2/ 116.



ج / 3 ص -48- وهَمزةُ بُرَائلٍ1 وهذا قولُ الخليلِ2 وأَمَّا يونسُ فيقولُ: "قُبَيّلٌ" بحذفُ الهمزة3.
قالَ أبو بكر: فقولُ الخليلِ أحسنُ لأَنَّ حذفَ الساكنِ أَولى مِنْ حذفِ المتحركِ وبقاءُ الهمزةِ أدلُّ على المصغرِ وتقولُ في لُغَّيزَى: لُغَيغِيز تحذفُ الألفَ لأَنَّك لو حذفتَ الياءَ الرابعةَ لاحتجتَ إلى أَنْ تحذفَ الألفَ فتقولُ: لُغيغزٌ لأَنهُ يستوفي عدد الخمسة وكذلك اقْعِنساسُ: قُعَيسيسٌ تحذفُ النونَ وتتركُ الألفَ لأنك لو حذفتَ الألفَ لاحتجتَ إلى حذف النونِ فحذفُ ما يستغنى بحذفهِ وحدَه أولى مِنْ أن تخلّ بالاسم وياء لُغَّيزَى ليست بياءِ تَصغيرٍ لأَنَّ ياءَ التصغيرِ لا تكونُ رابعةً فهي بمنزلةِ الألفِ في خُضَّارى4 وتَصغيرُ خَضَّارى كتصغيرِ لُغَّيزَى.
وَبُركاءُ5 وجَلُولاءُ بُرَيكاءُ وجُلَيلاءُ ففرقوا بينَ هذهِ الألفِ التي للتأنيثِ وقبلَها أَلفٌ وبينَ الهاءِ التي للتأنيث لأَنَّ هذه لازمةٌ والهاءُ غير لازمة وتقولُ في: عِبْدّى عُبَيْدٌ تحذفُ الألفَ ولا تحذفُ الدال6، وفي مَعْلوجاء7 ومَعْيُوراء8: مُعَيليجاء ومُعَييراءُ تلزمُ العوضَ لأنَّ الواوَ رابعةٌ قالَ سيبويه: لَو جاءَ في الكلام فَعُولاءَ ممدوداَ لم تحذفِ الوَاو في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
برائل: ما استدار من ريش الطائر حول عنقه. وبراثل الأرض: عشبها.
2
انظر: الكتاب 2/ 117.
3
انظر: الكتاب 2/ 117.
4
خضارى: نبت.
5
بركاء: الثابت في الحرب، وابتكروا، جثوا للركب فاقتتلوا، وهي البروكاء.
6
لأن الدال ليست من حروف الزيادة، وإنما ألحقت الثلاثة ببنات الأربعة.
7
معلوجاء: جمع علج وهو الرجل من كفار العجم. أو حمار الوحش.
8
معيوراد: جمع عير وهو الحمار الوحشي.



ج / 3 ص -49- قولِ مَنْ قالَ في أَسودٍ: أُسَيودٌ فأمّا من قال في سيد: أسيدٌ وفي جَدولٍ جُدَيّلٌ فإنهُ يلزمهُ أن يحذفَ فيقولُ: فُعَيلاءُ1، لأَنَّهُ غيرُ الحرفِ الملحقِ فصارَ بمنزلةِ الزائدِ في "بَرُكاءَ" ويحقرُ: ظَرِفينَ وظَرِيفاتٍ ظَرِيفونَ وظَرِيفاتٌ.
وقالَ سيبويه: سألتُ يونس عن تحقيرِ ثلاثينَ فقالَ: ثُليثونَ ولم يثقلْ شَبهوها بواوِ جَلْولاءَ لأَنَّ ثلاثًا لا تستعملُ مفردةً وهي بمنزلةِ عشرينَ لا تفردُ عِشرًا2. ولو سميتَ رَجلًا جِدَارين ثُمَ حقرتَ لقلتَ: جَدَيرينُ3 ولم تثقلْ لأنك لستَ تريدَ معنى التثنية فإِنْ أَردتْ معنى التثنيةِ ثقلتَ وكذلكَ لو سميتَهُ بدَجاجاتٍ وظَرِيفينَ ثقلتَ في التحقيرِ لأنَّ تحقيرَ ما كانَ من شيئين كتحقيرِ المضاف فدجاجةُ كدَرابَ جِردَ4 ودجاجتينِ كدَرابَ جِرْدينِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 118. وفيه ومن قال في أسود أسيد.
2
انظر: الكتاب 2/ 118. ونص الكتاب: لأن ثلاثين لا تستعمل مفردة على حد ما يفرد ظريف. وإنما ثلاثون بمنزلة عشرين لا يفرد ثلاث من ثلاثين كما لا يفرد العشر من عشرين.
3
في كتاب سيبويه 2/ 118، جديران "بالرفع".
4
درأب جرد: كدرة بفارس عمرها دراب بن فارس: معناه: دراب كرد. دراب اسم رجل، وكرد: معناه: عمل معرب بنقل الكاف إلى الجيم. انظر: معجم البلدان 2/ 446.

السابع: كُلُّ اسمٍ من بناتِ الثلاثةِ تثبتُ فيه زيادتهُ في التحقيرِ:
وذلكَ قولُكَ في تِجفافٍ1: تُجيفيفٌ وإصليتٌ: أُصَيليت2،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تجفاف: آلة للحرب كالدرع.
2
أصليت: سيف أصليت: أي صقيل. ومن الرجال: الماضي العزيمة.



ج / 3 ص -50- ويربوعٌ: يربيع لأَنَّها تثبتُ في الجمع وعَفريتٌ: عُفَيريتٌ ومَلكوتٌ: مُلَيكيتٌ لقولهم: مَلاكيتُ وكذلك: رَعْشُنٌ1 لقولَك: رَعَاشنٌ وَسَنْبَتَةٌ2 لقولِهم: سُنَابتٌ والدليلُ علَى زيادة التاءِ قولُهم: سَنْبةٌ وقَرْنوةٌ3 تصغرُ: قُرَينيةٌ لأَنَّك لو جمعتَ قلتَ: قَرانٌ وبَرْدَرايا4 وحوْلايا5، بُرَيدرٌ وحُويليٌ، لأنَّ الياء ليستْ للتأنيثِ وهي كياءِ دِرْحايةٍ6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
رعشن: جبان. والسريع من الجمال والظلمات.
2
سنبتة: البرهة من الدهر. والتاء فيه للإلحاق.
3
قرنوة: نبت عريض الورق ينبت في الرمال.
4
بردرايا: موضع بالقرب من بغداد.
5
جولايا: اسم قرية من عمل النهروان.
6
درحاية: كثيرة اللحم.

الثامنُ: ما يحذفُ مِنْ زوائد بناتِ الأربعةِ كَما تحذفُها في الجمع:
تقولُ في قَمَحدوةٍ1 قُمَيحدةٌ لقولِهم: قَمَاحدُ وسُلحفاةٌ سُلَيحفةٌ لسلاَحفَ وفي مَنجنيقٍ مُجَينيقٌ لِمَجانيقَ وعنكبوتُ: عُنَيكبٌ وعُنَيكيبٌ لعَناكبَ وعَنَاكيبَ وتَخربوتُ2 تُخَيربٌ وتُخَيريبٌ تعوضُ وإن شئتَ فعلتَ ذلكَ بقَمحدوةٍ وسُلَحفاةٍ ونحوهما عَيْطَمُوس3: عُطَيْميسٌ لقولِهم: عَطَاميسُ وعَيْضَموز4: عَضَيميزٌ لأَنَّك لو كسرتَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قمحدوة: العظم الناتئ فوق القفا وأعلى القذال خلف الأذنين ومؤخر القذال.
2
تخربوت: الخيار الفارهة من النوق.
3
عيطموس التامة الخلق من الإبل، والنساء: المرأة الجميلة.
4
عضيموز: العجوزة الكبيرة.



ج / 3 ص -51- قلتَ: عَضاميزُ وحَجَنفلٌ1 حُجَيفلٌ وحُجَيفيلٌ النونُ زائدةٌ وكذلك عَجَنَّسُ وعَدَبَّسُ ضاعفوا كَما ضاعفوا ميمَ مُحمّدِ وكذلكَ قِرشَبٌّ2، ضاعفوا الباءَ كما ضاعفوا دَالَ معَدٍّ وكَنهور3 لا تحذفُ واوهُ لأَنَّها رابعةُ فيما عدتهُ خمسةُ أحرفٍ وعَنْتَريسٌ عُتَيريسٌ والنونُ زَائدةٌ لأَنَّ العَتْرَسةَ الشدةُ والعَنتريسَ الشديدُ وخَنْشَليلٌ4 خُنَيشيلٌ تحذفُ إحدى اللامين زائدةٌ لأَنَّها زائدةٌ يدلُّكَ على ذلك5 التضعيف والنونُ من نفس الحرفِ حتَى يتبينَ لك سوى ذلك ومنجنونٌ6 مُنَيجِينٌ وطُمَأنينةٌ طُمَيئينةٌ تحذفُ إحدى النونين لأَنَّها زائدةٌ وفي قشعريرةٍ قُشَيعرةٌ وقِنْدَأَوٌ7 إنْ شئتَ حذفتَ الواو كما حذفَت ألفَ حَبَركى وإن شئتَ النونَ وإبراهيم بُرَيهيم وقَد غَلط في هذا سيبويه8 لأنَّه حذَفَ الهمزة فجلعَها زائدةً ومِنْ أصولهِ أنَّ الزوائدَ لا تلحقُ ذواتِ الأربعةِ مِنْ أوائِلها إلا الأسماءَ الجاريةَ على أَفعالِها ويلزمهُ أن يصغر إبراهيم: أُبيريةٌ ويصغِّر اسماعيلَ: سُمَيعيلٌ وقالَ: تحذفُ الألفُ حتَى تجيءَ عَلى مِثَالِ: فُعَيعيلٍ ومُجرفسٌ جُرَيفسٌ وجُرَيفيسٌ ولَو لم يحذِف الميم لم يجئ التحقيرُ على مِثَالِ: فُعَيعلٍ وفعيعيلٍ ومُقْشَعِرٌ ومُطْمَئنٌ تحذفُ الميمَ وأَحَد الحرفين المضاعفين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جحنفل: الغليط الشفة، نونه ملحقة ببناء سفرجل.
2
قرشب: جمع قراشب، وهو المسن، والأكل. والأسد، والضخم الطويل.
3
كنهور: السحاب العظيم المتراكم.
4
خنشليل: البعير السريع، والضخم الشديد.
5
أي: حتى يجيء شاهد من لفظه فيه معنى يدلك على زيادتها، فلو كانت النون زائدة لكان من بنات الثلاثة.
6
منجنون: الدولاب الذي يسقى به.
7
قنداو: حال الرجل، حسنه أو قبيحه.
8
انظر: الكتاب 2/ 120.



ج / 3 ص -52- فتقولُ: قُشَيعيرٌ وطُمَيْئين وخَورنقٌ مثل: فَدَوكسٍ1 وبَرْدَرايا بُرَيدرٌ تحذفُ الزوائدَ حتَى تصيرَ على مثالِ "فُعَيعلٍ" وإنْ عوضتَ قلتَ: بُرَيديرٌ وحُويَليٌّ لأَنَّ الياءَ فيهما ليستْ للتأنيثِ ولكنها بمنزلةِ ياء دِرْحايةٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
فدوكس: الرجل الشديد، الأسد.

التاسع: تحقيرُ ما أَولهُ أَلفُ الوصِل وفيهِ زيادةٌ مِنْ بناتِ الأربعةِ:
وذلكَ احرنجامٌ تقولُ: حُرَيجيمٌ تحذفُ الألفَ والنون حتى يصيرَ ما بقيَ علَى مثالِ: فُعَيعيلٍ ومثلهُ الاطمئنانُ والاسلنقاء.

العاشرُ: ما كُسِّر عليهِ الواحدُ للجمعِ:
كُلُّ بناءٍ لأَدنى العددِ فتحقيرهُ جائزٌ وهو علَى أربعةِ أَبنيةٍ: أَفْعُلٌ وأَفعالٌ وأَفْعلةٌ وفِعْلَةٌ وذلكَ قولُه في أَكلبٍ: أَكيلبٌ وفي أَجمالٍ: أُجَيْمالٌ وفي أَجربةٍ أُجَيربَةٌ وفي غِلْمَةٍ: غُليمةٌ وفي وُلَيدةٌ: وَلَيدةٌ فإنْ حقرتَ ما بنيَ للكثيرِ وددته إلى بناءِ أَقلِّ العددِ تقولُ في تصغيرِ: دُورٍ أُدَيرٌ تردُّءْ إلى أَدنى العددِ فإنْ لم تفعلْ تحقرها على الواحِدِ وأَلحقْ تاءَ الجمعِ فإنْ حقرتَ مَرَابدَ وقَنَاديلَ قلتَ: قُنَيديلاتٌ ومُرَيبداتٌ ودَراهمُ دُرَيهمات وفِتيانٌ وفُتَيَّة تردهُ إلى فِتيةٍ وإنْ شئتَ قلتُ: فُتَيَّونَ والواوُ والنونُ بمنزلة الألفِ والتاءِ وفُقراءُ فُقَيرونُ فإنْ كانَ الاسم قد كسِّر علَى واحدِه المستعملِ في الكلامِ فتحقيرهُ على واحدِه المستعملِ تقولُ في ظروفٍ جَمعُ ظريفٍ: ظُرَيفون وفي السُّمَحاءِ: سَمَيحونَ وفي شُعراءَ شُوَيعرونَ تردهُ إلى سَمَحٍ وظَريفٍ وشَاعرٍ فإِذَا جاءَ جمعٌ لم يستعملْ واحدهُ حقِّرَ على القياسِ نحو: عَبَاديد تقولُ: عُبَيديدونَ لأنَّهُ جمعُ



ج / 3 ص -53- فُعْلولٍ أَو فِعْلالٍ أو فِعْليلٍ فكيفَ كانَ فهذَا تحقيرهُ. وزعمَ يونس: أَنَّ مِنَ العربِ مَنْ يقولُ: سُرَييلاتٌ في تصغيرِ سَراويلٍ يجمعهُ جمعاَ بمنزلةِ: دَخَاريضَ ودَخْرُضةٍ1 وتقولُ في جُلوسٍ وقُعودٍ: جُوَيلسونَ وقُويعدونَ فأَما ما كانَ اسمًا للجمعِ وليسَ من لفظٍ واحدٍ مكسرًا فإنّهُ يحقرُ على لفظهِ لأَنهُ اسم للجمعِ كالاسم الواحدِ وذلكَ نحو: قومٍ يحقرُ قُوَيمٌ ورَجُلٌ رُجَيلٌ لأَنهُ غير مُكسرٍ وكذلكَ النفرُ والرَّهط والنسوةُ والصحبةُ فإنْ كسرتَ شيئًا مِنْ هذا لأَدنى العددِ حقرتَهُ بعدَ التكسيرِ نحو: أَقوام أُقيامٌ وأَنفارٍ تقولُ: أُنَيفارٌ والأَراهطُ رُهَيطونَ.
قالَ أبو عثمان المازني: قالَ الأَصمعي: بنَاتُ رَهطٍ وأَرْاهطٍ وأَراهط فَعَلى هذا تقولُ: أُرَيهطٌ وأَما قولهُ:

"
قَدْ شَرِبتُ الأَدُهَيْدَ هِينا2..."

فكأَنهُ حقَّر دَهادِه فردهُ إلى الواحدِ وأَدخلَ الياءَ والنونَ للضرورةِ كمَا يدخلُ في أرضينَ والدّهداه: حاشيةُ الإِبلِ وإذَا حقرتَ السنينَ قلتَ: سُنَيَّاتٌ لأَنكَ قد رددتَ ما ذهبَ وأَرضونَ أُرَيضاتٌ لأَنكَ قد غيرتَ البناءَ وإن كانَ اسمُ امرأةٍ قلتَ: أُرَيضونَ وكذلكَ سِنونَ لا تردُّ إلى الواحدِ لأَنكَ لا تريدُ جمعاَ تحقرهُ وإذا حقرتَ سَنينَ اسمَ امرأةٍ في قولِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 142.
2
من شواهد سيبويه 2/ 142 على تحقير الدهادة على "دهيد هينا" فرده إلى واحده وهو "دهداه" فقال: دهيده، ثم جمعة جمع السلامة لئلا يتغير بتاء التصغير وجمعه بالواو والنون تشبيها بأرضين وسنين، وهو صدر بيت عجزه:

قليصات وأبيكرينا.



ج / 3 ص -54- مَنْ قالَ: سنينَ قلتَ: سُنَيّنٌ على قولِهِ في يَضَع: يُضَيّعٌ لا تحتاجُ إلى أَنْ تردَّ لأَنهُ على مِثالِ المصغراتِ مِنْ فَعَيلٍ وفَعَيعِلٍ فَمن قال: سِنُونَ، قالَ: سُنَيُّونَ فلم يكن بُدٌّ مِنَ الردِّ لأَنَّ الواوَ والنونَ ليستا من الاسم المصغرِ.
وقالَ سيبويه: تقولُ في أَفعَالٍ اسم رجلٍ أُفَيْعالٌ فرقوا بينها وبينَ إفْعالٍ1"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 143.

الثالثُ: مِنَ القسمةِ الأُولى وهو الاسم المنقوصُ:
وهَو على سبعةِ أَضربٍ:
الأولُ: ما ذهبتْ فاؤهُ مِنْ بناتِ الحرفينِ. الثاني: ما ذهبتْ عينهُ
الثالثُ: ما ذهبتْ لامهُ. الرابع: ما ذهبتْ لامهُ وكانَ أَولهُ أَلفَ الوصلِ.
الخامسُ: ما كانَ فيهِ تاءُ التأنيثِ. السادسُ: ما حُذفَ منهُ ولا يردُّ في التحقيرِ السابعُ: الأَسماءُ المبهمةُ.
الأولُ: ما ذهبتْ فاؤهُ من بناتِ الحرفينِ:
مِنْ حقِّ هَذا البابِ أَن تردَّ الاسم فيه إلى أَصلهِ حتَى يصيرَ على مثالِ فُعَيلٍ نحو: عِدةٍ وَزِنة، تقولُ: وُعَيدةٌ وَوُزَينةٌ ووُشَيةٌ1.
ويجوز أُعَيدةٌ وأُشَيةٌ وَكُلٌ إذا سميتَ بهِ قلتَ: أُكَيلٌ وخُذْ أُخَيْذٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في شية.



ج / 3 ص -55- الثاني: ما ذهبتْ عينهُ:
وذلكَ مُذْ، يدلُّكَ علَى ذهابِ العينِ مُنذُ وتحقيرُه مُنَيذٌ، وسَلْ هُو مِن سَأَلتُ وتحقيرهُ سُؤَيلٌ، ومَنْ قالَ: سَالَ يسالُ فَلَم يهمزْ قالَ: سُوَيلٌ، ويحقرُ سَهُ، سُتَيهةٌ1.
الثالثُ: ما ذهب لامهُ:
نَحو: دَم تقولُ: دُمَيٌّ يدلُّكَ عليهِ دِمَاءٌ ويَدٍ يُدَيةٌ يدلُّكَ عَليهِ أَيدٍ، وشَفَةٍ شُفَيهةٌ يدلُّكَ شِفاةٌ2، شَافهتُ وحِرٍ حُرَيحٌ يدلُّكَ أَحراحٌ ومَنْ قالَ في سَنَةٍ سَانيتٌ قالَ: سُنَيةٌ ومَنْ قالَ: سَانهتُ قالَ: سُنْيهةٌ ومنهم مَنْ يقولُ في عِضَةٍ عُضيهةٌ مِنَ العِضاه ومنهم مَنْ يقولُ عُضَيّةٌ مِنْ عَضَّيتُ3 وعلَى ذلكَ قالوا: عِضَواتٌ وتقول في فُلٍ: فُلَينٌ دليلهُ فلانٌ وَرُبُ مخففةٌ تحقيرُها رُبَيبٌ تدلُ رُبَّ الثقيلةُ عليهَما وكذلكَ بخٍ يدلُكَ عليهَا "بَخٍّ" الثقيلةُ. وكُلَّ هَذا يبنى إذا سمَى بهِ.
قالَ سيبويه: وأَظن قَطْ كذلكَ لأَنَّ معناهاَ انقطاعُ الأمرِ4 وفَمٌ فُوَيهٌ يدلُّ عليَهِ: أَفواهُ وَذِه ذُيَيّةٌ لو كانت امرأةً لأَنَّ الهاءَ في ذِه بدلٌ مِنْ ياءٍ فتذهبُ هذِه الهاءُ كما ذَهبتْ ميمُ "فمٍ" وإذَا خففتَ "إنَّ" ثم حقرتها رددتَ5، وأَما "إن" الجزاءِ "وأَنْ" التي تنصبُ الفعلَ و"إنِ" التي في معنى مَا و"إنْ" التي تُلغى في قولِكَ ما إنْ تفعلُ وعَنْ تقول: عُنَيُّ وأُنَيُّ وليسَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
سه: الاست. محذوف منها موضع العين. ومن قال: است حذف موضع اللام.
2
أن لامه هاء وهي دليل أيضا على أن ما ذهب من شفة اللام.
3
انظر: الكتاب 2/ 122.
4
انظر: الكتاب 2/ 123.
5
أي: رددت التضعيف بقولك أنين.



ج / 3 ص -56- على نقصانِها دليلٌ مَا هو فحملَ على الأكثرِ وهو الياءُ أَلا تَرى أَنَّ ابنًا واسمًا ويدًا وما أَشبه إنَّما نقصانهُ الياءُ وجميعُ هَذا قولُ سيبويه1.
الرابع: ما ذهبت لامهُ وكانتْ أَولهُ أَلفًا موصولةَ:
تقولُ في اسمٍ سُمَيٌّ ويدلُّ أَسماءُ2، وابنٍ بُنَيٌّ يدلُّ أَبناءٌ وأستٍ: سُتَيهةٌ ويدلُ أَستاهٌ.
الخامس: تحقيرُ ما كانَ مِنْ ذلكَ فيهِ تاءُ التأنيثِ:
اعلم: أَنهم يردونهُ إلى الأصلِ ويأتونَ بالهاءِ فيقولونَ في أُختٍ: أَخَيةٌ وفي بِنتٍ: بُنَيةٌ وذَيْتٍ: ذُيَيُّةٌ وهَنْتٍ: هُنَيةٌ ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ في "هَنْتٍ": هُنَيهةٌ يجعلُ الهاءَ بدلًا مِنَ التاءِ في "هنْتٍ" ولو سميتَ امرأةً: "بِضَرَبَتْ" ثُمَ حقرتَ لقلتَ: ضُرَيبةٌ تجعلُ الهاءَ بدلًا من التاءِ.
السادسُ: ما حذفَ منهُ ولا يردُّ في التحقيرِ ما حذفَ منهُ:
وذلكَ من قبلِ أَنَّ ما بقيَ منهُ لا يخرجُ عن أَمثلةِ التحقيرِ مِنْ ذلكَ مَيتٌ: مُيَيتٌ والأصلُ مَيّتٌ وهَارٍ: هُوَيرٌ والأَصلُ هَائرٌ.
وزعمَ يونس: أَنَّ ناسًا يقولونَ: هُوَيئرٌ فهؤلاءِ لم يحقروا هارًا وإنّما حقَروا هَائرًا كما قالوا: أُبَيَنونَ كأَنّهم حقروا أَبْنَى3 ومُرٍّ4 وَيُرِى إذَا سُميَ بهما مُرَيٌّ ويُرَىٌّ ولا يقاسُ علَى "هُويئَرٍ".
قالَ سيبويه: فأمَا يونس فحدثني أَنَّ أَبا عمرو كانَ يقول في: "يُرى".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 123-124.
2
أي: أن أسماء تدل على أن ما ذهب من اسم اللام وأنها الواو أو الياء.
3
انظر: الكتاب 2/ 125.. كأنهم حقروا أبنى مثل أعمى.
4
في الأصل "يرى" وهو خطأ.



ج / 3 ص -57- يريئيٌ يهمزُ ويجرُّ1 وهذَا ردهُ إلى الأصلِ وتصغيرُ يَضَعُ: يَضَيْعُ علَى مذهبِ سيبويه2، وكانَ أَبو عثمان يَرى الردَّ فيقولُ: يُوضَعٌ ومُرَئينٌ وهو أَجودُ عندُه لأَنها عينٌ ويقولُ في خَيرٍ مِنَكَ: خُييرٌ منكَ وشُترَيرٌ منكَ لا تردُّ الزيادةُ.
السابعُ: الأَسماءُ المبهمةُ:
اعلَم: أَنَّ التحقيرَ يضمُ أَوائلَ الأسماءَ غيرَ هذِه فإنَّ أَوائلَها تتركُ علَى حالِها تقول في هَذا: هذَيَّا وذاكَ ذَيّاكَ وأُلا أُلَيَّا وأَلحقوا هذه الألفَ الزائدةَ أواخرَها لتخالفَ أواخرَ غيرِها كما خالفتْ أَوائلَها قال3: هَذا قولُ الخليلِ.
قالَ سيبويه: قلتُ فَما بالُ ياءِ التصغيرِ فيهِ ثانيةً [قالَ]4 هي في الأصلِ ثالثةٌ ولكنّهم حذفوا الياءَ حينَ اجتمعتِ الياءاتُ وإنّما حذفُوها من ذَييَّا فَأَما تَيّا فتحقيرُ تَا لأَنهم قد استعملوا "تَا" مفردةً ومَنْ مَدَّ أُلاءِ يقولُ أُليَّاء والذي تقولُ: "اللَّذَيَّا" والتي: اللتَيَّا وإذَا ثنيتَ أَو جمعتَ حذفتَ هذِه الألفاتِ تقولُ: اللَّذيّونَ واللتَياتُ والتثنيةُ اللَّذَيَّانِ واللَّتَيّانِ وذَيانِ ولا تحقرُ "مَنْ" ولاَ "أَي" إذا صارا بمنزلةِ الذي استغنى عنَهما بتحقيرِ "الذي" ولا تحقرُ اللاتي استغنوا عنَها باللَّتياتِ قالَ سيبويه: كما استغنوا بقولهِم: أَتَانا مُسَيّاناَ وعُشَيّانَا مِن تحقيرِ القَصْرِ في قولِهم: أَتى قَصْرًا وَهْوَ العَشِيّ5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يجر لأنها بمنزلة ياء قاض. وانظر: الكتاب 2/ 125.
2
انظر: الكتاب: 2/ 125
3
أي: سيبويه: انظر: الكتاب 2/ 139.
4
زيادة من سيبويه 2/ 139 لإيضاح المعنى.
5
انظر: الكتاب 2/ 139.



ج / 3 ص -58- الأبوابُ المنفردةُ تسعةٌ:
الأولُ: تحقيرُ كُلِّ حرفٍ فيهِ بدلٌ. الثاني: تحقيرُ الأسماءِ التي يثبتُ الإِبدالٌ فيها. الثالث: تحقيرُ ما كانَ فيهِ قَلبٌ. الرابعُ: تحقيرُ كُلِّ اسمِ كانَ من شيئينِ ضُمَّ أَحدهما إلى الآخرِ. الخامسُ: ترخيمُ التصغيرِ السادسُ: ما جرى في الكلامِ مصغرًا. السابعُ: ما يحقرُ لدنوهِ من الشيءِ وليسَ مثَلهُ. الثامنُ: ما لا يحقرُ. التاسعُ: ما حُقرَ علَى غيرِ مكبره المستعمل.
الأولُ: تحقيرُ كُلِّ حَرفٍ كانَ فيهِ بَدلٌ:
تحذفُ البدلَ وتردهُ إلى الأصلِ تقولُ في ميزانٍ: مُوَيزينٌ ومِيقاتٍ: مُوَيقيتٌ وقِيلٍ: قُوَيلٌ وأَما عِيدٌ فتحقيرهُ عُيَيدٌ أَلزموهُ البدلَ لقولِهم أَعيادٌ وأَعيادٌ شاذٌّ وطَيٌّ طُوَيٌّ وطَيّانُ وَرَيَّانُ: رُوَيّانُ وطُوَيّانُ والأَصلُ: طَويتُ ورَويتُ وتقولُ في قِيٌّ قُويٌّ لأنهُ من القَواء يستدلُّ عليهِ بالمعنى ومُوقنٌ مُيَيقنٌ ومُوسرٌ مُيَيسرٌ وعَطاءٌ وقَضاءٌ عَطَيٌّ وقَضَيٌّ الصِّلاءُ صُلَيٌّ وكذلكَ صَلاءةٌ وأَما أَلاءةٌ1. وأَشاءةٌ فأُلَيّئةٌ وأُشَيّئةٌ لأَنَّ هذهِ الهمزةَ ليست مبدلةً ولو كانتْ مبدلةً لجاءَ فيها أَلايةٌ كمَا كانَ في عباءة عَبايةٌ وفي صَلاءةٍ: صَلايةٌ وإذَا لم يكنْ شاهدٌ فهو عندَهم مهموزٌ فأَمّا النَّبيُّ فَقَد اختلفتِ العربُ فيهِ فَمن قالَ: النُبَآءُ قالَ: نُبَييءُ تقديرُها: نُبَيّعٌ ومَنْ قالَ: أَنبِياءُ قالَ: نُبَيٌّ وأَما النُّبوَةُ فَعلى القياسِ نُبَيئِةٌ وليسَ مِنَ العربِ أَحدٌ إلا وهوَ يقولُ: تَنَبّأَ مُسيلمةُ وهوَ من "أَنبأتُ" وأَما الشاءُ فالعربُ تقولُ فيهِ: شُوَيٌّ وفي شَاةٍ شُوَيهةٌ وقِيراطٌ: قُرَيريطٌ وديِنارٌ: دُنَينيرٌ وَدِيباجُ2:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت "واوًا" لإيضاح المعنى.
2
ديباج: وهو ثياب. وأصله فارسي.



ج / 3 ص -59- دَبَابيجُ وَدُبَيْبِيجٌ ودِيْماسٌ1 فيمَن قالَ: دَمَاميسْ وأَمَّا مَنْ قَالَ: دَيَاميسُ ودَيَابيجُ فهيَ عندَهُ ملحقةٌ كواوِ جِلْواخٍ2 وياءِ جِريالٍ3.
ولو سميتَ رجلًا: ذَوَائبَ لقلتَ ذُؤَيئبُ تقديرُها: فُعَيعلٌ لأَنَ الواوَ بدلٌ مِنَ الهمزةِ التي في ذُؤابةٍ.
الثاني: تحقيرُ الأسماءِ التي يثبتُ الإِبدالُ فيها:
وذلكَ إذا كانت أَبدالًا مِنَ الياءاتِ والواواتِ التي هي عيناتٌ نحو: قَائمٍ قويئِمٌ وبائعٍ بُوَيئِعٌ لثباتِها في قائمٍ وَبائعٍ وكذلكَ أَدؤرٌ تثبتُ الهمزةُ في التصغيرِ والجمعِ وأَوائلُ اسمِ رجلٍ تثبتُ الهمزةُ لأَنَّ الدليلَ لو كانَ أَفاعِلَ لثبتتِ الهمزةُ في الجمعِ والنَّؤُور4 والسُّؤورُ لأنَّ هذهِ كلهَا ليستْ منتهى الاسم لأنهم لا يبدلونَ من اللاماتِ إذا كانت منتهى الاسم أَلا تراهم قالوا: فعلوةٌ وكذلكَ فَعَائلُ لأَنهُ مثلُ قائِلٍ: ولو كانتْ فُعَائل ثم كسرتَهُ للجمعِ لثبتَتْ وتاءُ تُخمةٍ وتَاء تُراثٍ وتاء تُدَعةٍ يثبتنَ5 لأَنهن بمنزلةٍِ الهمزةِ التي تُبدلُ مِنْ واوٍ نحو أَلفٍ أُرْقَة وأَلفِ أُدَدٍ وإنَّما أَددٌ مِنَ الودِّ والعربُ تصرفُ أُدَدًا جعَلُوهُ بمنزلةِ ثُقَبٍ ولَم يجعلْوهُ مِثْلَ عُمَرَ ويقولونَ: تميمُ بن أُدٍّ وَودٍّ جميعًا.
ومُتَّلجٌ ومُتَّهم ومُتَّخمٌ التاءُ هَهُنَا بمنزلتِها في أولِ الحرفِ لأَنكَ تقولُ: اتلجتُ واتّلجَ واتَّخَم وكذلكَ في تَقوى وتَقيّة وتُقاةٍ وقالوا في التُّكأَةِ اتكأَتهُ وهُما يُتكئانِ فهذِه التاءُ قَويةٌ يصرفونَها ومُتّعدٌ ومُتّزنٌ لا تحذفُ التاءُ منهما وإنّما جاؤوا بها كراهيةَ الواوِ والضمةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ديماس: الحمام. والكن. السرب.
2
جلواخ: الوادي العظيم، الممتلئ الواسع.
3
جريال: صبغ أحمر، وحمرة الذهب، وسلافة العصفر، والخمر ولونها.
4
النؤور: من معانيه: دخان الشحم.
5
تدْعة، وتدَعة: الراحة.



ج / 3 ص -60- التي قبلَها وإنْ شئتَ قلتَ: مُوتعدٌ ومُوتَزنٌ كما تقولُ: أَدْؤر لو ثنيتَ فلا تهمزُ.
الثالثُ: تحقيرُ ما كانَ فيهِ قلبٌ يَردٌّ ما قلبَ منهُ إلى الأصلِ:
فتقول في لاثٍ: لُوَيثٌ لأَنَّ أَصلَ لاثٍ: لائِثٌ وشِاكٍ شُوَيك لأَنَّ الأصلَ شَائكٌ وكذلكَ مُطَمئنٌ إنما هو من "طَأمنتُ" فتقولُ مُطَيئمنُ وقسيٌّ الأصلُ: قُوُوسٌ وأَينُقٌ إنَّما هو أَنوٌق ومنهُ قولُهم: أَكرهُ مَسائيتَكَ وإنَما جمعتَ المسَاءةَ وسَاءَةٌ مَفْعَلَةٌ مِنْ يسوءُ فكانَ أَصلهُ مُساوئةً الواوُ قبلَ الهمزةِ فلما قلبَ صارتِ الهمزةُ قبلَ الواوِ. وقُلبتْ ياءً فصارتْ مسَائيةً ومِنْ ذلكَ: قَدْ راءهُ مثلُ رَاعَهُ وإنَّما الأصلُ رآهُ مثلُ رَعاهُ.
الرابعُ: تحقيرُ كُلُّ اسمٍ كانَ من شيئينِ ضُمَّ أَحدهُما إلى الآخرِ فَجُعلا بمنزلةِ اسم واحد:
زعمَ الخليلُ: أَنَّ التصغيرَ إنّما يكونُ في الصدرِ الأول تقولُ في حضَرموتَ: حُضَيرموتٌ وبَعلبك: بُعَيلبك1، وخمسَةَ عَشَر: خُمَيسة2 عَشَر وأما اثَنا عَشَرَ فتقول: ثُنَيّا عَشَر فَعَشر بمنزلةِ نونِ اثنينِ.
الخامسُ: الترخيمُ في التصغير:
كُلُّ زائدٍ من بناتِ الثلاثة يجوزُ حذفُه في التصغيرِ حتى يصيرَ على مثال فُعيلٍ فتقولُ في حارثٍ: حُرَيثُ وخَالد: خُلَيدٌ وأَسودَ: سُوَيدٌ وغلابٍ اسمُ امرأةٍ: غُلَيبةٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
بعلبك: بلدة بلبنان في منطقة البقاع الحالية مشهورة بآثارها العتيقة.
2
انظر: الكتاب 2/ 134.



ج / 3 ص -61- وزعمَ الخليل: أَنهُ يجوزُ في صَنَفْندَدٍ1: صُنفَيدٌ وفي خَفيددٍ: خُفَيدٌ وفي مَقْعَنسسٍ: قُعَيسٌ2 وبناتُ الأربعةِ في الترخيمِ بمنزلةِ بناتِ الثلاثةِ تحذفُ الزوائدَ حتَى يصيرَ على مِثَالِ "فُعَيعلٍ" ولا فَرقَ في بناتِ الأَربعةِ بينَ تصغيرِ الترخيمِ وغيرِه إلا أَنَّ ياءَ التعويضِ لا تقعُ فيهِ وحكى سيبويه أَحسبهُ عَنِ الخليلِ: أَنهُ سمعَ في إبراهيمَ وإسماعيلَ: سُمِيعٌ وبُرَيةٌ3.
قال أبو العباس4: القياسُ أَبيرةٌ وأُسَيمعٌ لأَنَّ الألفَ لا تدخلُ على بَناتِ الأربعةِ.
السادسُ: ما جَرى في الكلامِ مصغرًا فقط:
وذلكَ جُمَيلٌ وَهو طائرُ في صورةِ العُصفورِ وكُعَيثٌ وهَو البلبلُ قالَ سيبويه: سألتُ الخليلَ عن كُمَيتٍ فقالَ: إنّما صُغرَ لأَنهُ بينَ السوادِ والحمرةِ5 وأَما سَكيتٌ فهو ترخيمٌ: سُكَّيْتٍ وهوَ الذي يجيءَ آخرَ الخيل.
السابعُ: ما يحقرُ لدنوهِ مَنَ الشيءِ وليسَ مثلهُ:
وذلكَ أُصَيغرُ منهُ وهُو دُوَينُ ذاكَ وفُوَيقُ ذاكَ ومِنْ ذلكَ: أُسَيدٌ أَي قَدْ قاربَ السوادَ وأَما قولَ العرب: وهو مُثَيلُ هَذا وأُمَيثالٌ فإنّما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
صنفندد: امرأة صنفندد: رخوة إذا كان مع الحمق في الرجل كثرة لحم.
2
انظر: الكتاب 2/ 134.
3
انظر: الكتاب 2/ 134 ولم يذكر سيبويه أنه أخذه عن الخليل.
4
أي: المبرد.
5
انظر: الكتاب 2/ 134 وإنما حقروه لأنها بين السواد والحمرة ولم يخلص أن يقال له أسود ولا أحمر وهو منهما قريب. وإنما هو قولك: هو دوين ذلك.



ج / 3 ص -62- يريدونَ: أَن يخبروا: أَن المشبهَ حقيرٌ كما أَنّ المشبهَ بهِ1 حقيرٌ وقولُهم: ما أُمَيلحهُ يعنونَ بهِ الموصوفَ بالملاحةِ ولم يحقرَ مَنَ الأفعالِ شيءٌ مِنْ غير هَذا الموضع2.
الثامنُ: ما لا يحقرُ:
كُلُّ اسمْ معرفةٍ عَلَم لا ثانيَ لَهُ فلاَ يجوزُ تحقيرهُ لأَنهُ إنّما يكونُ3 فعلاماتُ الإِضمارِ لا تحقرُ لذلكَ ولا يحقرُ أَينَ ولا مَتَى ولا حيثُ ونحوهن لبعدِها من التمكنِ وأَنّها لا تُثنى وكذلكَ: مَنْ وَمَا وأَيهّم ولا تحقرُ "غَيرُ" لأَنَّها غَيرُ مَحدودةٍ وسِواكَ كذلكَ فأَمّا: اليومُ والليلةُ والشهرُ والسنةُ والساعةُ فيحقرنَ وأَمسِ وغدٌ لا تحقرانِ استغنوا عن تحقيرِهما بما هُو أَشد تمكنًا وهو اليومُ والليلةُ والساعةُ وكذلكَ أَولُ مِنْ أمسِ والثلاثاءُ والأربعاءُ والبارحةُ لَمَا ذكرنا ولا يحقرُ الاسم إذَا كانَ بمعنى الفعلِ نحو هو ضويرب زيدًا وإنْ كان ضَاربَ زيدٍ لِمَا مضَى فتحقيرهُ جيدٌ ولا تحقرُ "عندَ" وكذلكَ عَنْ ومَعَ.
التاسعُ: ما يُحقرُ علَى غيرِ بناءِ مكبرهِ:
والمستعملُ من ذلكَ: مَغربُ الشمسِ مُغَيربانُ والعَشِيّ عُشَيانٌ قال4: وسمعنَا مَنْ يقولُ في عَشيةٍ: عُشَيشيةٌ كأَنهم حقَّروا مَغْرِبانَ وعَشيانٌ وعَشَاةٌ قال: وسألتُ الخليلَ عن قولِهم: آتيكَ أُصيلالًا؟ فقالَ: إنَما هُو أُصَيلانٌ أَبدلوا اللامَ منها وتصديقهُ قولُهم: آتيكَ أُصَيلانا5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 135.
2
انظر الكتاب 2/ 135.
3
في الأصل مطموس. مقداره خمس كلمات.
4
أي؛ سيبويه، انظر: الكتاب 2/ 137.
5
انظر: الكتاب 2/ 137.



ج / 3 ص -63- قالَ سيبويه: وسألتهُ عِنْ قَولِ بعضِهم: آتيكَ عُشَيّاناتٍ. ومُغَيرباناتٍ؟ فقالَ: جعلوا ذلكَ الحينَ أَجزاء1 ومثلُ ذلكَ قولُهم: المفَارِقُ في مَفْرقٍ جَعَلَ كُلَّ موضعٍ مَفْرِقًا ومِنْ ذلكَ قِيلَ للبعيرِ ذو عَثَانينَ وأما غُدوةٌ فتحقيرُها: غُدَيةٌ وسَحَرٌ: سُحَيرٌ وضُحىً: ضُحَياّ.
واعلمْ: أَنَّ جميعَ هذهِ الأشياء ليست تحقيرُ الحينِ وإنّما يريدُ أَنْ يقربَ وقتًا من وقتٍ وكذلكَ المكانُ تقولُ: قُبَيلَ وبُعَيدَ وجميعُ هَذَا إذا سميتَ بهِ حقرتَهُ علَى القياسِ ومَمَا جاءَ على غيرِ مكبرهِ إنسانٌ: أُنَيسيانٌ وبنون: أُبَينُونَ: ورَجُلٌ: رُوَيجلٌ وصِبْيةٌ: وأُصَيبيةٌ وغِلْمةٌ: واُغَيلِمةٌ ومنهم مَنْ يجيءُ بهِ علَى القياسِ فيقولُ: صُبَيَّةٌ وغُلَيمةٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 137.











46



















الأصول في النحو

ذِكرُ النَّسَبِ:
وهوَ أَن يضيفَ الاسم إلى رجلٍ أَو بلدٍ أَو حَيٍّ أَو قبيلةٍ ويكونُ جميعُ ما ينسبُ إليه على لفظِ الواحدِ المذكرِ فإنْ نسبتَ شيئًا مِنَ الأسماءِ إلى واحدٍ مِنْ هذهِ زدتَ في آخرِه ياءيْنِ الأولَى منهما ساكنةٌ مدغمةٌ في الأُخرى وكسرتَ لَها ما قبلَها هَذا أَصلُ النسبِ إلا أَنْ تخرجَ الكلمةُ إلى ما يستثقلونَ من اجتماعِ الكسراتِ والياءاتِ وحروفِ العللِ وقَد عدلتِ العربُ أسماءً عن أَلفاظِها في النسبِ وغيرتْها وأَخذت سَماعًا منهم فتلكَ تقالُ كما قَالوها. ولا يقاسُ علَيها وهذهِ الأسماءُ تنقسمُ في النسبِ على خسمةِ أَقسامٍ: اسمٌ نُسبَ إليهِ فَسلمَ بناؤهُ ولَم تغيرْ فيهِ حركةٌ ولا حرفُ ولا حذفَ منهُ شيءٌ واسمُ غُيِّر من بنائهِ حركة فجعلَ المكسورُ منهُ.



ج / 3 ص -64- مفتوحًا واسمٌ قُلبَ فيهِ الحرفُ الذي قبلَ ياءي النَّسبِ وأُبدلَ. واسمٌ حُذفَ منهُ واسمٌ محذوفٌ قبلَ النسبِ. فمنها ما يردٌّ إلى أصلهِ ومنها ما يُتركُ على حذفِه.

الأول: اسمٌ نُسبَ إليهِ فسلمَ بناؤهُ ولم يغيرْ فيهِ حركةٌ ولا حرفٌ ولا حذفَ منهَ شيءٌ:
وذلكَ نحو قولَكَ: هَاشِمّيٌ وبكَرِيٌّ وزَيدِيٌّ وسَعْدِيٌّ وتَميمِيٌّ وقَيسِيٌّ ومَصرِيٌّ فجميعُ هذهِ قد سَلمَ منها بناءُ الاسم وزدتَ عليهِ ياءي الإِضافةِ وكسرتَ للياءِ ما قبلَها وعَلَى هذا يجري القياسُ طَالَ الاسم أَو قَصُرَ.

الثاني: اسمٌ غُيِّرَ مِن بنائِه حركةٌ فجُعلَ المكسورُ فيهِ مفتوحًا:
وذلكَ إذا نُسبَ إلى اسمٍ علَى وزنِ فَعِلٍ مسكورِ العينِ فإِنَّكَ تفتحَها استثقالًا لإجتماعِ الكسرتينِ والياءين في اسمٍ ليسَ فيهِ حرفُ غيرُ مكسورٍ إلا حرفًا واحدًا وهوَ النَّسبُ إلى النَّمرِ:1 نَمَريٌّ. وفي شَقِرةٍ:2 شَقَرِيٌّ وفي سَلِمةٍ: سَلَميٌّ فأَما تَغْلبُ3 فحقُّ النَّسَبِ أَن تأتَى بهِ علَى القياسِ وتدعهُ علَى لفظِه فتقولُ: تَغْلِبيٌّ لأَنَّ فيهِ حرفينِ غيرَ مكسورينِ الياءُ مفتوحةٌ والعينُ ساكنةٌ ومنهم مَنْ يفتحُ فَيقولُ: تَغْلَبَيٌّ وبعضُهم يقولُ في الصَّعِقِ: صِعِقيٌّ يدعهُ علَى حالِه ويكسرُ الصادَ لأَنهُ يقولُ: صِعِقٌ فهذَا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
النمر: من قاسط قبيلة كبيرة من ربيعة.
2
شقرة: قبيلة من الحارث بن تميم بن مر.
3
تغلب: بن وائل قبيلة كبيرة من ربيعة.



ج / 3 ص -65- كُسرَ مِنْ أَجلِ حرف الحَلقِ ويقولُ في عَلبَطٍ1 وَجَنَدلٍ2: عَلَبطِيٌّ وجَنَدلِيٌّ فلا يغيرُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
علبط: قطيع من الغنم.
2
جندل: المكان الغليظ فيه حجارة.

الثالثُ: مِنَ القسمةِ الأُولى: ما يقلبُ فيهِ الحرفُ الذي قبلَ يائي النَّسَبِ مِن حروفِ العلةِ:
وذلكَ على ضربين: الضربُ الأَولُ: الإِضافة إِلى كُلِّ شيءٍ من بناتِ الياءِ والواوِ التي هيَ فيهنَّ لاماتٌ مِنَ الثلاثي تقولُ في هُدَىً: هُدَوِيٌّ وفي حَصَىً: حَصَوِيٌّ ورَحَا: رَحَويٌّ هَذا فيما كانَ قبلَ اللام فتحةٌ وقد قلبتْ لامهُ أَلفًا فأَماَّ الياءُ التي قبلَها مكسورٌ فنحو: عَمّ وشَجٍّ تقولُ: عَمَويٌّ وشَجَويٌّ. فعلوا بهِ ما فَعلوا بنَمِرٍ ففتحوهُ فانقلبتِ الياءُ أَلفًا. ثم قلبوَها واوًا مِنْ أجلِ ياءي النَّسَبِ. وقيلَ في حَيَّةٍ: حَيَوِيٌّ. وفي لِيّةٍ1 لووِيٌّ ومَنْ قالَ: أُمييٌّ قالَ: حَييٌّ2 فإِنْ كَان ما قبلَ الياءِ والواوِ حرفٌ ساكنٌ قلبتْ في ظَبْيٍ: ظَبيُ وغَزوٌ ودَلوٌ دَلَويٌّ وغَزَوِيٌّ لا تغيرُ فإِنْ كَان فيه هاءُ التأنيثِ فمنهم مَنْ يجعلُهُ بمنزلةِ مما لا هاءَ فيهِ وهو القياسُ وكانَ يونس يقولُ في ظَبيةٍ: ظَبَوِيٌّ وفي دُميةٍ: دَمَوِيٌّ وفِتيةِ: فَتوِيٌّ3، وقالوا في بني زنيةٍ4: زَنويٌّ وفي البِطيةِ: بَطَوِيٌّ وقالَ: لا أَقولَ في:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا قول الخليل. انظر: الكتاب 2/ 3.
2
في الأصل "حييي" وصاحب هذا الرأي هو أبو عمرو بن العلاء، انظر: الكتاب 2/ 73.
3
انظر الكتاب 2/ 74.
4
بنو زنية: حي من العرب. وانظر الكتاب 2/ 75.



ج / 3 ص -66- غَزوةٍ إلاَ غَزْويٌّ لأَنَّ ذَا لاَ يشبه آخِرُه آخرَ فَعِلةٍ إذا أسكنتْ عينُها1، وكذلك غُدوةٌ وعُرْوةٌ وكانَ يونس يقولُ في عُرْوَةٍ: عُرَوِيٌّ2 وقالَ في رَايةٍ وطَاية3، وثايةٍ وآيةٍ رَائيٌّ وآئيٌّ يهمز لإجتماع الياءاتِ مع الألفِ4، ومَنْ قالَ: أُمُيَيٌّ قالَ: آيِيٌّ فلم يهمزْ وَهْوَ أَولى وأَقوى ولو أَبدلتَ من الياءِ واوًا جازَ تقولُ: ثَاوِيٌّ وآَوِيٌّ وطَاوِيٌّ كما قالوا: شَاوِيٌّ فأَبدلوا مِنَ الهمزةِ5.
الضربُ الثاني: ما زادَ على الثلاثةِ:
مِنَ العربِ مَنْ يقولُ في حَانٍ حَانويٌّ والكثيرُ: حَانيٌّ يحذفُ فَمَن قالَ: حَانوِيٌّ قالَ في مرْمَى: مَرْمَوِيٌّ ومِنْ ذلكَ الإِضافةُ إلى ما لامهُ ياءٌ أَو واوٌ قبلَها أَلفُ ساكنةٌ وهي غيرُ مهموزةٍ تَقولُ في سِقَايةٍ: سَقَائِيُّ ولُقَايةٍ: لَقَائِيٌّ أبدلت همزةً وتقولُ في شَقَاوةٍ وعَلاوةٍ: شَقَاوِيٌّ وعَلاوِيٌّ شبهوهُ بآخر حَمراء6 ولم يبدلوا مِنَ الوَاوِ همزةً وقالوا في: غَداءٍ: غَداوِيٌّ وفي رِدَاءٍ: رَدَاوِيٌّ وياءُ دِرْحايةٍ بمنزلةِ ياء سِقَايةٍ ولو كانَ مكانَها واوٌ كانتْ بمنزلةِ الواوِ التي في: شَقاوةٍ وحَوْلاياَ وبَرْدَرَايا تسقطُ الألفُ لأَنَّها كالهاءِ وحكمُ الياءِ حكمُها في سِقَايةِ فإِذَا أضفتَ7 إِلى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا القول للخليل. انظر: الكتاب 2/ 75.
2
انظر: الكتاب 2/ 75.
3
الطاية: السطح.
4
انظر: الكتاب 2/ 76.
5
أبدلوا الواو مكان الهمزة.
6
فقالوا: حمراوي، وحمراوان، يبدلون مكان الهمزة واوًا.
7
يعني بالإضافة النسبة، وهذا الاصطلاح استعمله سيبويه مرارا في كتابه. وقد قال في باب النسب 2/ 69، هذا باب الإضافة وهو باب النسبة.



ج / 3 ص -67- ممدودٍ ومنصرفٍ فالقياسُ أَن تدَعهُ على حالِه وقد أَبدلَ ناسُ مِنَ العربِ1 مكانَها واوًا وهمزةً كثير وإنْ كانتِ الهمزةَ مِنْ نفسِ الحرفِ فالإِبدالُ فيها تقولُ في قُراءٍ2 قراوِيٌّ وكُلُّ اسمٍ ممدودٍ لا يدخلُه التنوينُ كَثرَ أَو قَلَّ فالإِضافةُ إليهِ لا تحذفُ منهُ شيئًا وتبدلُ الواوُ مكانَ الهمزةِ وذلكَ قولُكَ في زَكرِيَّا زَكَراوِيٌّ وفي بَرُوكاءَ3 بَروكاوِيٌّ ومِنْ ذلكَ ما رابعهُ أَلفٌ غيرُ زائدةٍ ولا ملحقةٍ مَلهَى ومَرْمَى وأَعْشَى وأَعْيَا فَذَا يجري مَجرى حَصَىً ورَحَى.
قالَ سيبويه: سمعناهم يقولونَ في أَعْيَا: أَعْيَويٌّ حَي مِنَ العَربِ مِن جَرْمٍ4، ويقولونَ في: أَحوى5: أَحوِويٌّ وكذلكَ حكمُ مِعْزَى وذِفْرَى فيمَنْ نونَ فإِنْ أضفتَ إلى اسمٍ آخرهُ أَلفٌ زائدةٌ لا ينونُ وهوَ علَى أَربعةِ أَحرفٍ حذفتها وسنذكرهُ في بابِ الحذفِ إِنْ شاءَ الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 67.
2
قراء: وهو الناسك المتعبد.
3
البروكاء: الجثو لركب في القتال.
4
انظر: الكتاب 2/ 77.
5
أحوى: الحوة -بضم الحاء- سواد يميل إلى الخضرة أو حمرة إلى السواد. والأحوى الأسود. والنبات ا لضارب إلى السواد لشدة خضرته.

الرابعُ: مِنَ القسمةِ الأُولى: الأسماءُ التي حذف منها:
وهي علَى ضربين: اسمٌ ضُمَّ إليهِ شيءٌ ليسَ فيهِ فيحذفُ ما ضُمَّ إليه وينسبُ إلى الصدرِ واسمٌ حُذفَ مِنْ بنائهِ في الإِضافةَ.
الأولُ: منها علَى سبعةِ أَضربٍ: هاءُ التأنيثِ والألفُ والنونُ التي



ج / 3 ص -68- للتثنيةِ والواوُ والنونُ اللتانِ للجمعِ والألفُ والتاءُ اللتانِ للجمعِ والمضافُ إليهِ إلا أَنْ يكونَ أَعرفَ مِنَ الصدرِ والاسم الذي بنيَ مع اسمٍ قَبلَهُ والأسماءُ المحكيةُ فجميعُ هذَا إِنّما يضافُ وينسبُ إلى الصدرِ والجمعُ المكسرُ يرجعُ إِلى الواحدِ.
الأولُ: مِنْ ذلكَ هاءُ التأنيثِ:
تحذفُ مِنَ الاسم ويُنسب إلى الاسم ولا هاءَ فيهِ وذلكَ نحو قولِكَ في حَمْدَةَ: حَمِديٌّ وفي سَلْمَةَ: سَلمِيٌّ وفي سَفرجَلةٍ: سَفَرجلِيٌّ وكُلٌّ اسمٍ فيهِ هاءُ التأنيثِ فَعلَى هذا يجري.
الثاني: النسبُ إلى المثنى والمجموعِ علَى حدِّ التثنيةِ:
مَنْ قالَ: قِنَّسرونَ ورأَيتُ قِنَّسرينَ وهذهِ يَبْروُنَ ورأَيتُ يَبرينَ يا هَذا قالَ: قِنَّسرِيٌّ1 ويَبريُّ ومَنْ قالَ: هذهِ قِنَّسرين ويَبرين قالَ: يُبرِينيٌّ وإِنْ أَضفتَ إِلى "زَيدان" قلتَ: زَيدِيٌّ فتضيفُ إِلى الاسم بلا زيادةٍ.
الثالثُ: الألفُ والتاءُ:
تقولُ في مسلماتٍ مُسلِميٌّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قنسرين بلدة بالشام قرب حمص والعرب مختلفون في معاملتهم لقنسرين ونصيبين وما أشبهها، فمنهم من يعربها بالواو رفعا والياء نصبا وجرا كالجمع. , والنسبة إليها حينئذ قنسري. ومنهم من يعاملها معاملة الممنوع من الصرف فيحتفظ بالياء ويجعل الضمة والفتحة على النون، والنسبة إليها حينئذ قنسريني.



ج / 3 ص -69- الرابعُ: أَن تضيفَ إِلى مضافٍ:
تقولُ إِذا أَضفتَ إِلى عبد القيسِ:1 عَبديٌّ وإِلى امرىءِ القَيسِ: امرئيٌّ فإِن خافوا اللبسَ نسَبوا إلى ما ليسَ فيهِ فقالوا في: عبدِ مُنافٍ2 مُنافِيٌّ فَأما ابن كُراع وابن الزُّبيرِ3 فلا يجوزُ إلا: زُبيرِيٌّ وكُراعِيُّ وتقولُ في أَبي بكرِ بن كلابٍ4: بَكْريٌّ5: وقَد يُركبونَ مِنَ الاسمينِ المضاف أَحدهما إِلى الآخرِ اسمًا إِذا خافوا اللبسَ فيقولونَ: عَبْشَميٌّ في عَبد شَمسٍ وعَبْدَرِيٌّ في عَبدِ الدارِ وليسَ بقياسٍ.
الخامسُ: الاسم الذي بُنيَ مَع اسمٍ:
تقولُ: في خَمسةَ عشرَ ومَعد يكرب7: خَمْسِيٌّ ومَعديٌّ تضيفُ إلى الصدر وتقولُ في رَجلٍ سُميَ اثنا عَشَر ثَنوِيٌّ في قولِ مَن قالَ في ابن: بَنَوِيٌّ واثنيٌّ في قَولِ مَنْ قالَ: ابنيُّ وأَمَّا اثنا عشرَ التي للعددِ فلا يضافُ إليها ولا تضافُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عبد القيس: قبيلة كبيرة من ربيعة.
2
عبد مناف بن قصي من قريش. ولم يقولوا: عبدي لأنها نسبة عبد القيس.
3
هو عبد الله بن الزبير بن العوام وأمه أسماء بنت أبي بكر. خرج على بني أمية في الحجاز والعراق. بويع له بالخلافة زمن عبد الملك بن مروان سنة 65هـ. حاصره الحجاج الثقفي بمكة حيث قتل سنة 73هـ.
4
رأس بطن من بطون كلاب بن ربيعة من عامر بن صعصعة.
5
نسب إلى العجز لأن الاسم صار به معروفا متميزا.
6
هو عبد شمس بن عبد مناف بن قصي من قريش.
7
اسم كثر استعماله عند عرب اليمن. ونذكر على سبيل المثال الشاعر الفارس عمرو بن معد يكرب الزبيدي المذحجي.



ج / 3 ص -70- السادسُ: مِنَ الأَسماءِ المحكيةِ:
وذلكَ نحو: تأبطَ شَرًّا تضيفهُ إلى الصدرِ فتقولُ: تَأبطِيٌّ وكذلك حَيثُما وإنَّما ولَولا وأَشباهُ ذلكَ.
قالَ سيبويه: سمعنا مَنْ يقولُ: في كَنْت: كَونٌّي1، وقالَ أَبو عمر: قومٌ يقولونَ: كنتيٌّ وقالَ أَبو العباس: هُوَ خطأ3.
السابعُ: الإِضافةُ إلى الجمعِ:
توقعُ الإِضافة على الواحدِ لتفرقَ بينَهُ وبينَ التسميةِ تقولُ في أَبناءِ فَارس: بَنَوِيٌّ وفي الرِّبابِ4: رُبّيُّ واحدُه رُبَّةٌ5 وفي مساجدَ: مَسْجِديٌّ وإلى جُمَعٍ جُمَعيٌّ وإلى عُرفاءَ: عَريفيٌّ وإلى قبائلَ: قَبَليٌّ.
وزعَم الخليلُ: أنَّ نحو ذلكَ مَسْمَعِيٌّ في المسَامعةِ ومُهَلّبيٌّ في المَهالبةِ6 وقالَ أبو عبيدة7: وقالوا في الإِضافة إَلى العَبَلاتِ8 وهُم حَيٌّ مِنْ قُريشٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 88.
2
أي: أبو عمر الجرمي.
3
في الشافية: 128: قال الجرمي: يقال: رجل كنتي، يكون الضمير المرفوع كجزء الفعل، فكأنها كلمة واحدة.
4
الرباب: خمس قبائل تحالفوا فصاروا يدا واحدة وهم: ضبة وثور، وعكل، وتيم وعدي.
5
ربة: الفرقة من الناس.
6
المهالبة: هم آل المهلب بن أبي صفرة الأزدي الذي أبلى بلاء حسنا مع بنيه في الحروب ضد الخوارج في ظل بني أمية. وانظر: الكتاب 2/ 89.
7
أبو عبيدة: معمر بن المثنى التيمي من تيم قريش، مولى لهم. كان عالما بأيام العرب وأخبارهم وكان أكمل القوم، ومع ذلك فإنه كان ربما ينشد البيت فلم يقم وزنه حتى يكسره ويخطئ إذا قرأ القرآن. وكان يميل إلى مذهب الإباضية من الخوارج، كان يبغض العرب، وقد ألف في مثالبها كتبا. مات سنة 210 أو 211هـ. وقد قارب المائة. ترجمته في مراتب النحويين/ 44-49 وأخبار النحويين 52-55. وقد ذكر السيرافي أنه مات سنة 208 أو 209هـ.
8
العبلات: بطن من بني أمية الصغرى من قريش نسبوا إلى أمهم عبلة أحد نساء بني تميم: اللسان 13/ 448.



ج / 3 ص -71- عَبلِيٌّ فإِنْ كانتِ الإِضافةُ إِلى جمعٍ لا واحدَ له تركتهُ علَى لفظهِ لأنَّهُ ليسَ لَهُ ما تردهُ إليهِ وذلكَ نحو الإِضافةِ إلى نَفَرٍ نَفَرِيٌّ لأَنَهُ لا واحدَ لَهُ. وأُناسٌ أُنَاسِيٌّ وقالوا: إِنسانِيٌّ.
قالَ: سيبويه: وأُنَاسِيٌّ أَجودَ وقالَ أَبو زيد: النَّسبُ إِلى مَحَاسنَ مَحَاسنٌّي لأنهُ لا واحدَ لَهُ وإن أَضفتَهُ إِلى عَبَاديدَ قلتَ: عَبَاديدِيٌّ لأَنَّه لا واحدَ لَهُ وواحدهُ علَى فَعْليلٍ أَو فِعْلالٍ وفي أعرابٍ أعرابيٌّ لأَنَّه لا واحدَ لَهُ فإِنْ جمعتَ شيئًا مِنْ هذه الجموعِ التي لا واحِد لَها فلتَ في نَفَرٍ: أنفارٌ وفي نُسْوَةٍ: نِسَاءُ وفي نَبَطٍ: أنباطٌ فأردتَ الإَضافةَ إِليه رددتَهُ إِلى ما كاَن عليهِ قبلَ الجمعِ فقلتَ في أنفارٍ نَفَرِيٌّ. وفي نِساَءٍ: نِسَوِيٌّ وفي أَنباط: نَبَطِيٌّ وإِنْ سميت بجمعٍ تَركتَهُ على لفظِه أَيّ جمعٍ كان قالوا: في أنمارٍ1: أَنماريٌّ وفي كلابٍ: كِلابيٌّ2 فرقوا بينَ الجمعِ إذا سُميَ بهِ وبينَهُ إذا لمَ يسمَّ بهِ ولو سميتَ بضَرَباتٍ لقلتَ: ضَربيٌّ لا تغيرُ المتحركَ لأَنَّكَ لم تردِ الإِضافةَ إلى واحدٍ وإِنّما حذفَت الأَلفَ والتاءَ كما تحذفُ الهاءَ مِنَ الواحِد ومَدَائِنيٌّ جَعلوهُ بمنزلةِ اسمٍ للبلدِ وعلَى ذَا قالوا في الأبناءِ: أَبناوِيٌّ وقالوا في الضِّباب إذَا كان اسمَ رجلٍ: ضِبابيٌّ وفي مِعافِر: مَعَافِريٌّ وهوَ فيما يزعمونَ: معافرَ بن مُرٍ أخو تَميم وقالوا: في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أنمار: هو، أنمار بن بغيض بن ريث بن غطفان.
2
كلاب: وكلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.



ج / 3 ص -72- الأَنصارِ: أَنصارِيٌّ لأنَّ هَذا قَد صارَ اسمًا لَهم وإنْ كانَ أصلُه صفةً قَدْ غلبتْ فهوَ مثلُ أَنمارٍ.
الضربُ الثاني: مِنَ الرابع من القسمةِ الأُولى:
وهوَ ما يحذفُ منهُ مِنْ أصلِ بنائِه عندَ الإِضافةِ إليهِ وهو يجيءُ على ضربينِ: أَحدهما المحذوفُ حرفٌ قبلَ آخرهِ والثاني: يحذفُ أحرفٌ منهُ.
والضربُ الأولُ ينقسمُ ثلاثةَ أَقسامٍ:
الأول: ما كان قبل لامهُ ياءٌ زائدة أو واوٌ فما جاءَ فَعِيلةٍ أو فُعيلَةٍ فبابهُ وقياسهُ حذف الياءِ وفتحُ ما قبلَه ذلكَ تقولُ في حنيفة1: حَنفيٌّ وجَهينةَ: جَهَنيٌّ وقُتَيبةَ: قُتَبِيٌّ وشَنوءةَ2: شَنَئيٌّ. وقد تركوا التغييرَ في مثلِ حَنيفةَ وهُوَ شاذٌّ قالوا في مِثل سَليمةَ: سَليميٌّ وفي عَميرةَ: عَميريٌّ.
وقالوا: سَليقيٌّ للرجلِ مِنْ أَهلِ السليقةِ فأمَّا شديدةٌ وطويلةٌ فلا تحذفُ الياءُ لأَنكَ إنْ حذفَتها خرجتَ إلى الإِدغام والإِعلالِ فتقولُ: طويليٌّ وقالوا في بني حُوَيزة: حُويزيٌّ.
الثاني: الإِضافةُ إلى فُعيلٍ وفَعِيل ولاماتُهنَّ واواتٌ وما كانَ في اللفظِ بمنزلتهما:
تَقولُ في عَدِيٍّ3 عَدَوِيٌّ وفي غنيٍّ غَنَويٌّ وفي قُصَيٍّ4:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حنيفة: حنيفة بن لجيم بن صعب من بكر وائل.
2
شنوءة: ينسب إليه قسم كبير من الأزد.
3
عدي: اسم لعدة قبائل، من أشهرها عدي بن كعب بن لؤي من قريش.
4
قصي بن كلاب بن مرة من قريش.



ج / 3 ص -73- قُصَويٌّ وفي أُميّةَ: أُمَوِيٌّ وحذَفوا الياءَ الزائدةَ وأبدلوا اللامَ واوًا وبعضهُم يقولُ: أُمّييٌ1 وقالوا في مَرْمَيٍّ: مَرْميٌّ جعلوهُ بمنزلة بُختيٌّ2 استثقالًا للياءات ومَرْمِيةٌ: مَرْمِيٌّ ومَنْ قالَ: حَانَويٌّ قالَ: مرمويٌّ فَإِذا أَضفتَ إِلى عَدُوةٍّ قلتَ: عَدَويٌّ مِنْ أَجلِ الهاءِ كما قلتَ في شَنُوءةٍ: شنئيٌّ وقَالوا في تَحيةٍ: تَحوِيٌّ وكذلكَ كُلُّ شيءٍ كانَ آخرهُ هكَذا وتقولُ في قِيسيٍّ وثدِيٍّ: ثُدَويٌّ وقُسَويٌّ لأَنَّها فُعولٌ فتردَّها إِلى الأصلِ وإِنّما كانتْ أَلفًا مكسورةً قبلَ الإِضافة بكسرةٍ ما بعْدَها.
الثالثُ: الإِضافةُ إلى كُل اسمٍ آخرُهُ ياءانِ مدغمةُ إحداهما في الأُخرى:
نحو: أُسيّدٍ وحُمَيّرٍ تقولُ أُسيْدِيٌّ وحُمَيرِيٌّ تحذفُ الياءَ المتحركةَ وقالوا في زَبينةٍ3: زَبانيٌّ أَبدلوا أَلفًا مِنْ ياءِ
وتقولُ في مُهَيّيمٍ تصغيرُ مُهوّمٍ4: مُهَيّيِميٌّ فَلا تحذفُ منهُ شيئًا لِئلا يصيرَ5 كأُسيّدٍ.
الضرب الثاني: ما يحذفُ آخره عندَ الإِضافةِ مِنَ الالفاتِ والياءاتِ وهوَ علَى ثلاثة أقسام:
الأولُ: الإِضافةُ إِلى اسمٍ على أَربعةِ أَحرفٍ فصاعدًا إِذَا كانَ آخرهُ ياءً ما قبلَها مكسورٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكتاب 2/ 73. وزعم يونس: أن ناسا من العرب يقولون: أميي فلا يغيرون.
2
بختى: جمعه بخاتي وهي الإبل الخراسانية تنتج من عربية.
3
الزبينة: متمرد الجن والإنس والشديد.
4
مهوم: التهويم: النوم قليلا.
5
قال سيبيويه: 2/ 86، لأنك إذا حذفت الياء التي تلي الميم صرت إلى مثل أسيدي: فتقول: مهيمي، فلم يكونوا ليجمعوا على الحرف هذا الحذف.



ج / 3 ص -74- الثاني: الإِضافة إلى كُلِّ اسمٍ آخرهُ أَلفٌ زائدةٌ لا ينونُ وهو علَى أَربعةِ أَحرفٍ.
الثالث: الإِضافةُ إلى كُلِّ اسمٍ كاَنَ آخرهُ أَلفًا وكانَ علَى خمسةِ أَحرفٍ.
الأول من ذلكَ: وهو ما كانَ على أَربعةِ أحرفٍ فصاعدًا إِذَا كانَ آخرهُ ياء قبلَها مكسور:
تقول في رجلٍ مِنْ بني ناجيةً: ناجِيٌّ وفي أَدلٍ: أَدِليٌّ وفي صحارٍ: صَحارِيٌّ وفي ثمانٍ: ثَمانيٌّ وفي رَجلٍ اسمهُ يمانٌ: يَمانيٌّ لأَنكَ لو أضفتَ إلى رجلٍ اسمهُ يَمني لأحدثت ياءينِ سواهما وحذفتهما وإلى يَرمي يَرمِيٌّ وإلى عَرقوةٍ1: عَرقيٌ وقالَ الخليلُ: مَن قالَ في يثربَ: يَثربِيٌّ وفي تَغلبَ: تَغلَبِيٌّ: ففتحَ فإِنَّهُ يقول في يَرمي: يَرمويٌّ2.
الثاني: الإضافة إلى كلِّ اسمٍ آخرهُ ألفٌ زائدةٌ لا ينونُ وهوَ علَى أَربعةِ أَحرفٍ:
تقولُ في حُبْلَى: حُبلِيٌّ ودِفلى: دِفِليٌّ وسِلَّى: سلِيٌّ ومنهم3 مَنْ يقولُ: دِفلاوِيٌّ يفرقُ بينَها وبينَ التي هي من نفسِ الحرف فجعلتْ بمنزلةِ: حَمراويٌّ وقالوا في دَهنادَ: دَهناوِيٌّ وقالوا في دُنيا: دُنياوِيٌّ وإِنْ شئتَ قلتَ: دُنيِيٌّ ومنهم مَنْ يقولُ: حُبْلوِيٌّ فيجعلُها بمنزلةِ ما هوَ من نفسِ الحرفِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عرقوة: كل أكمة منقادة في الأرض كأنها جثوة قبر.
2
يرموي: أ نظر: الكتاب 2/ 71.
3
انظر: الكتاب 2/ 77.



ج / 3 ص -75- قالَ سيبويه: فإِنْ قلتَ في مَلْهىً: مَلْهِيٌّ لم أر بهِ بأساً1 ولا يجوزُ الحذفُ في "قَفَا" لأنهُ ثلاثي وأَما جَمَزَى2، فلا يجوز فيه: جَمزويٌّ ولكن: جَمزيٌّ لأَنَّها ثقلت لتتابعِ الحركاتِ. والحذفُ في مِعْزَى أَجودُ. قالَ: لأَنَّهُ ليسَ كالأصلِ وإِنْ كانَ ملحقًا.
الثالثُ: الإِضافة إلى كُلِّ اسمٍ كانَ آخرهُ ألفًا وكانَ علَى خمسةِ أحرفٍ:
تقولُ في حُبَارى: حُبَاريٌّ. وفي جُمادَى: جُمَادِيٌّ وفي قَرقَرى:4 قرقريٌّ وكذلك كُلّ اسمٍ كانَ آخرهُ أَلفًا وكانَ علَى خمسةِ أحرفٍ.
قالَ وسألتُ يونسَ عَنْ مُرامىً فقالَ: مُرامِيٌّ يجعلُها كالزيادة5، وتقولُ في مُقْلَولىً مُقْوَلَويٌّ وفي يَهيرّى6: يَهيرِّيٌّ ولا يفرقُ هُنَا بينَ الزائدِ والأصلِ فأمَّا الممدودُ مصروفًا كانَ أَو غيرَ مصروفٍ كثرَ عددهُ أَو قَلَّ فإِنَّه لا يحذفُ وذلكَ قولُكَ في خُنفساءَ: خُنْفَساوِيٌّ وحَرْملاءَ7: حَرْملاوِيٌّ ومَعْيوراء: مَعْيوراوِيٌّ لم تحذفْ هذهِ الألفُ لأَنَّها متحركةٌ وحذفت تلكَ لأَنَّها ساكنةٌ ميتةٌ فكذلكَ لو أَضفتَ إَلى عِثيرٍ9 وحِثيلٍ10، لقلتَ: عِثيريٌّ وحِثيليٌّ كما قلتَ: حميريٌّ ولم يجزْ إسقاطُ الياءِ لأنها متحركةٌ فقد فَرقوا بينَ المتحركِ والساكنِ مُثنىًّ بمنزلةِ مُرامىً لأَنَّها خَمسةٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 77.
2
جمزي: في الأصل نوع من العدو.
3
الذي قال سيبيويه. وانظر. الكتاب 2/ 77.
4
قرقري: موضع الظهر.
5
انظر: الكتاب 2/ 78.
6
يهيري: المال الكثير. الباطل. ونبات أو شجر.
7
حرملاء: موضع.
8
معيوراء: جمع عير وهو حمار الوحش.
9
عثير: العجاج أو التراب. الغبار.
10
حثيل: نوع من الشجر الجبلي. القصير. الكسلان.



ج / 3 ص -76- الخامسُ: مِنَ القسمةِ الأُولى: وهوَ ما أُضيفَ إلى الأسماءِ المحذوفة قبلَ الإِضافةَ وهو على ثلاثةِ أقسامٍ:
الأولُ: الإِضافةُ إلى بناتِ الحرفينِ.
الثاني: الإِضافةُ إلى ما فيهِ الزوائدُ من بناتِ الحرفينِ.
الثالث: الإِضافة إلى ما ذهبت فاؤهُ.
الأول: مِنْ ذلكَ الإِضافةُ إلى بناتِ الحرفينِ وهي تجيءُ علَى ضربينَ: أَحدهما أَنْتَ فيهِ مخيرٌ في ردِّ ما حذفت وتركهِ والآخرُ: لا بُدَّ فيهِ من الردِّ.
اعلَم: أنهُ ما كانَ منقوصًا فأَنتَ فيهِ بالخيار إِنْ شئتَ قلتَ في دَم وَيدٍ: دَمِيٌّ وإِن شئتَ قلتَ: دَموِيٌّ تَردٌّ ما حُذِفَ وكذلكَ غَدٌ وغَدوِيٌّ وإِنَّما فتحتَ عينَ غدٍ ويَدٍ وهُما فَعْلٌ لأَنَّك نسبتَهُ إلى الاسم وكانتِ العينُ متحركة فرددتُ وتركتَ الحرفَ.
وتقولُ في ثُبةٍ ثُبيٌّ: وثَبوِيٌُّ وفي شَفَةٍ: شفيٌّ وشَفَهيٌّ. وفي حِرٍ: حرِيٌّ وحرِحيٌّ وإنت أَضفتَ إلى "رُبَ" فيمن خَفَف قُلتَ: رُبيٌّ وإِنْ شئتَ رددتَ كما قالوا في قُرةٍ: قُرِيٌّ وإِنَّما اسكنتَ كراهيةَ التضعيفِ فلم يقولوا: رَبّيٌّ وأَمَّا ما لا يجوزُ فيه إلا الردُّ مِنْ بناتِ الحرفينِ فنحو: أَبٍ وأَخٍ تقولُ في أَبٍ: أَبوِيٌّ وفي أخٍ: أَخوِيٌّ1 وفي حَمٍ: حَمَوِيٌّ لأَنَّ هذه تظهرُ في الإِضافةِ والتثنيةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا هو قول الخليل، أما يونس فكان يقول: أختي، انظر: الكتاب 2/ 81.



ج / 3 ص -77- والجمعِ تقولُ: أَبو زيدٍ وأَخو عمروٍ وحَمو بكرٍ وتُثنيِ فتقولُ: أَبوانِ ومَنْ يقولُ: هَنوكَ مثلُ "أَبوكَ" يقولَ: هَنويٌّ ومَنْ قالَ: وضَعَةٌ وهو نبتٌ ضَعَواتٌ قالَ: ضَعَويٌّ ومَنْ جعلَ سنةً مِنْ سانهتُ يقولُ: سَنَهيٌّ ومنهم من يقولُ: في عِضَةٍ ويقولُ: عَضَوِيٌّ1 وإِن أَضفتَ إِلى أُخت قلتَ: أَخوِيٌّ لأنكَ تقولُ: أخوات.
قال سيبويه: وسمعنا من يقول في جمع هَنْتٍ: هَنَواتٌ2 وكان يونس يقول: أُختيٌّ وليسَ بقياسٍ3.
الثاني: الإِضافةُ إلى ما فيهِ الزوائدُ مِنْ بناتِ الحرفينِ:
إنْ شئتَ قلتَ في ابنٍ واسمٍ وابنةٍ واستٍ واثنان: ابنِيٌّ واثنِيٌّ فتركتَهُ على حالِه وإن شئتَ رددتَهُ إلى أصلهِ سَمَويٌّ وبَنَويٌّ وسَتَهِيٌّ وزَعَم يونسُ: أَنَّ أبا عمروٍ زَعم: أَنَّهم يقولونَ: ابناويٌّ في الإِضافةِ إلى أَبناءٍ4، وقالَ سيبويه: في الإِضافة ابنمَّ إنْ شئتَ: بَنَويٌّ وإنْ شِئتَ: ابنمِيٌّ.
واعلَم: أَنكَ إذَا حذفتَ أَلفَ الوصلِ فلا بُدَّ مِنَ الرَّدَّ وتقولُ في بنتِ: بَنَويٌّ ولو جازَ بَنيٌّ لأَنهُ يقولُ بناتُ لَجازَ: بَنِيٌّ في ابنٍ لأَنهُ يقولُ بَنونَ فالزيادةُ كأَنَّها عوضٌ عَما حُذِفَ فإذَا حذفَتها فلا بُدَّ مِنَ الردِّ لأَنهُ قَد زَالَ ما استعيضَ بهِ وكذلكَ: كلتا وثنتانِ تقولُ: كَلوِيٌّ وثَنَوِيٌّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 80-81.
2
انظر الكتاب 2/ 81.
3
انظر الكتاب 2/ 81.
4
هذا قول يونس عن أبي عمرو من أنهم يقولون: ابني فيتركه على حاله كما ترك دم. وانظر الكتاب 2/ 81.



ج / 3 ص -78- قالَ أبو العباس: التاءُ في "كِلتا" عندَ سيبويه بَدلٌ مِنْ أَلفِ "كِلا" مثلُ التاءِ التي هيَ بَدلٌ مِن واوٍ فَحُذِفَ أَلفُ التأنيثِ وردَّ ما التاءُ بدلٌ منهٌ وكانَ يونس يقولُ: ثنيتيٌّ كقولِه: في أُختٍ وذَيْتٍ بمنزلة بنتٍ وأصلها ذَيَّةٌ1 فإذَا حذفتِ التاءُ لزمها التثقيلُ لأَنَّ التاءَ عوضٌ فإنْ نسبتَ إليها قُلتَ: ذَيَوِيٌّ وإنَّما ثقلتَ كما ثَقلت "كَيٌّ" اسمًا وأَصلُ بنتٍ وابنةٍ "فَعَلٌ" وكذلكَ أُختٌ واسْتٌ والدليلُ: استاهُ وسَهُ وآخاءٌ2 وَبنونَ وقالوا: في اثنينِ: أَثناء ولم يجئ: ثِينيٌّ وقالوا في: اثنتينِ اثنتيٌّ هكذا ليسَ عينهُ في الأصلِ متحرَكة إلا ذَيْتٌ وأَما "كِلتا" فالدليلُ عَلى تحركِ عينِها قولُهم كِلًا كمعًا واحد الأمعاء3. ومَنْ قالَ: رأيتُ كِلتَا أُختيكَ فإنهُ جعلَ الألفَ أَلفَ تأنيثٍ. فإنْ سمّى بهَا شيئًا لم يصرفْه في معرفةٍ ولا نكرةٍ وصارتِ التاءُ بمنزلةِ الواوِ في "شَرْوَى" ولو جَاءَ4 مِنْ هذَا اسمٌ منقوصٌ وبانَ لكَ أَنهُ فِعْلُ لحركتَ العينَ إذَا أَضفتهُ وفَمٌ إذَا شئتَ قلتَ: فَميٌّ لأَنَّهم قَالوا: فَموانِ ولَو لَم يقولوهُ لم يجزْ لأَنهُ لا ينبغي أَنْ يجمعَ بينَ العوضِ والمعوضِ5 وبينَ الحرفِ الذي عُوِّض فالميمُ إنّما جُعِلَتْ عوضًا مِنَ الواوِ إذا قلتَ: فُو زيدٍ.
قَال أَبو بكر: والذي زينَ لهم عندي أَنْ قالوا: "فَمَوانِ" أَنَّ هذا يعدُ محذوفًا وهيَ الهاءُ يدلُّكَ عليهِ قولُكَ: تفوهتُ وأَفواهُ فإنْ أَضفتَ إلى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 82.
2
قال سيبويه 2/ 82: وقول بعض العرب فيما زعم يونس آخاء فهذا جمع "فعل".
3
في الأصل "أمعاء".
4
في الأصل "حال" ولا معنى لها.
5
ذكر ابن جني في الخصائص 3/ 147. هذا عن ابن السراج وناقشه وبين رأيه فيه.



ج / 3 ص -79- رجلٍ اسمهُ ذوا مالٍ قلتَ: ذُوويٌّ وكذلكَ ذَات مالٍ لأَنكَ إذا أَضفتَ حذفتَ الهاءَ فكأَنكَ تضيفُ إلى "ذو" وإن أضفت إلى رجلٍ اسمهُ فو زيدٍ قالَ سيبويه: فكأَنكَ إنما تضيفُ إلى فم1 والإِضافةُ إلى شَاءٍ شَاوِيٌّ كذا تكلموا بهِ وإنْ سميتَ بهِ رجلًا قلت: شَائيٌّ وإنْ شئتَ قلتَ: شَاوِيٌّ كذَا قالَ سيبويه2.
وبينَ شائِيٍّ وعَطائِيٍّ فرقٌ لأَنَّ الهمزةَ في عطاءٍ بعدَ أَلفٍ زائدةٍ ولَيست في شاءٍ كذلكَ كما قلتَ: عطاويٌّ وفي شاةٍ شَاهِيٌّ والإِضافةُ إلى لاتٍ مِنَ اللاتِ والعُزى حكمُها حَكمُ "لاَ" لا تقولُ: "لائِيٌّ" ولا تُحَركُ العينانِ مِنْ هذِه الحروفِ "كلوٍ".
واعلَم: أَنَّ "لواً" إذَا ثقلتَها وسميتَ بهَا ليستْ كالأسماءِ المنقوصةِ لأَنَّ الأسماءَ المنقوصةَ التي قد حذفتْ لاماتُها حقُّها وحكمُها أَنْ تْعربَ العيناتُ وتحرك إذا أفردتْ والواوُ مِنْ "لَوٍّ" لم تحلقْها حرَكةٌ في حالٍ والإِضافةُ إلى امرئٍّ امرئِيٌّ مثلُ امرعِيٍّ لأَنهُ ليسَ من بناتِ الحرفينِ وكذلكَ امرأةٌ وقد قالوا: مَرْئيٌّ مثلُ مَرْعِيٍّ في امريءِ القيسِ والإِضافةُ إلى ماءٍ مائِيٌّ ومنَ قَالَ: عَطاوِيٌّ
قال: ماوِيٌّ وقولُهم: شَاوِيٌّ3 يقوي ذَا.
قالَ أبو بكر: شَاءٌ مثلُ ماءٍ وإنَّ الهمزةَ تصلحُ أَنْ تكونَ فيهما جميعًا مبدلةً مِنْ هاءٍ لقولِهم مُوَيةٌ وشُوَيهةٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 84.
2
انظر: الكتاب 2/ 84.
3
نسبة إلى شاء وكذلك "ماوي" نسبة إلى ماء.



ج / 3 ص -80- الثالثُ: الإِضافةُ إلى ما ذهبتْ فاؤهُ مِنْ بناتِ الحرفينِ:
اعلَمْ: أَنَّ هذَا البابَ ينقسمُ قسمينِ: أَحدهما: أَنْ تكونَ الفاءُ وحدَها مِنْ حروفِ اللينِ في الاسم. والآخرُ: أنَ يجتمعَ فيه حرفا لينٍ فتكونُ فَاؤهُ ولامهُ معتلتينِ فالأولُ: إذَا نسبَ إليه لم ترد الفاءُ لبعدِها من حروفِ الإِضافةِ وذلكَ قولُهم في: عِدَةٍ: عِديٌّ وفي زنَةٍ: زِنيٌّ وأَمّا الذي فاؤهُ وعينهُ معتلتانِ فإذَا نسبتَ إليهِ رردتَ الفاءَ.
قالَ سيبويه: وتتركُ العينَ على حركتِها فتقولُ: شِيَةٍ وِشَويٌّ1 فَلا تسكنُ مثلَ: شَجويٍّ.
وقالَ الأَخفش: القياسُ: اسكانُ العينِ. فتقولُ: وِشيٌّ2. وأَما الردُّ فلا بُدُّ منهُ لأَنَّهْ لا يبقى الاسم علَى حرفينِ أَحدهما حرفُ لينٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 85.
2
في الموجز لابن السراج/ 129.. وقال الأخفش: وشوي

بَابُ ما غُيرَ في النَّسَبِ وجاءَ على غيرِ القياسِ الذي تقدمَ:
وهو ينقسمُ أَربعةَ أَقسامٍ:
الأول: ما جاءَ على غيرِ قياسٍ.
الثاني: ما يكونُ علمًا خلافهُ إذَا لم يردَّ بهِ ذلكَ.
الثالث: ما يحذفُ فيهِ ياءُ الإِضافةِ إذا جعلتَهُ صاحبَ معالجةٍ.
الرابع: ما يكونُ مذكرًا يوصفُ بهِ مؤنُّثٌ علَى تأولِ النَّسَبِ.



ج / 3 ص -81- الأولُ: ما جاءَ معدولًا على غيرِ قياسٍ وهو يجيءُ علَى ضربينِ:
أَحدهما: أَن تبدلَ الاسم عن لفظٍ إلى لفظٍ آخرَ والضربُ الثاني: تغيرُ ياءي النَّسبْ مِنْ ذلكَ قولُهُم: هُذيلٌ هُذَلِيٌّ وفَقَيمٌ كِنَانةَ: فُقَمِيٌّ ومُلَيحُ خُزَاعةَ مُلَحِيٌّ وثُقيفٌ ثقَفيٌّ وكان القياسُ في جميعِ هذهِ أَنْ تثبتَ وقالوا في زبينةٍ: زَبانِيٌّ وفي طيءٍ: طَائِيٌّ1 والعَالية: عُلْويٌّ وبَاديةٍ: بَدَوِيٌّ والبصرة: بِصْرِيٌّ والسَّهلُ: سُهْليٌّ والدهر: دُهْرِيٌّ وفي حَيّ من بني عَدِيٍّ يقالُ لَهم: بنو عَبيدة: عُبَديٌّ.
قالَ/ 213 سيبويه حدثني مَنْ أَثقُ بهِ أَنَّ بعضَهم يقولُ: في بني جَذِيمةَ: جُذَمِيٌّ2، وقالوا في بني الحُبْلَى من الأنصارِ: حُبْلِيٌّ وفي صَنْعاءَ: صَنْعَانِيٌّ وفي شتاءٍ: شَتَويٌّ وقالَ أبو العباس: هُوَ جمعُ شِتْوَةٍ. وفي بَهراءَ قَبيلة مِنْ قُضاعةٍ: بَهْرانيٌّ وفي دَسْتِواءَ: دَسْتوانيٌّ مثلُ بَحرانيٍّ وزَعمَ الخليلُ: أَنهَّم بنوا البحرَ على بناءِ فَعْلانَ3، وفي الأُفُقِ: أَفَقيٌّ و[من العرب]4 مَنْ يقولُ: أُفُقيٌّ علَى القياسِ. وفي حروراءَ وهوَ اسمُ موضع: حَرُورِيٌّ وكانَ القياسُ: حَرَواويٌّ وجَلُولاء: جَلُوليٌّ وخُرَاسان: خُرْسيٌّ وخُراسانيٌّ أَكثر وخُراسيٌّ وقالَ بعضُهم: إبلٌ حَمَضِّيةٌ إذا أَكلتِ الحَمْضَ وَحَمْضيِّةٌ أَجودَ وإبلُ طُلاحِيّةٌ إذا أكلتِ الطَّلْحَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا النسب على غير قياس ومثله: هذلي، وبصري، ودهري.. وانظر أمثلة عديدة في الكتاب 2/ 69.
2
انظر: الكتاب 2/ 69.
3
انظر: الكتاب 2/ 69.
4
زيادة من سيبويه 2/ 69 لإيضاح المعنى.



ج / 3 ص -82- قالَ سيبويه: وسمعنا مَنْ يقولُ: أَمَوِيٌّ وقالَ في: الرَّوْحَاءِ: رَوحانيٌّ1 ورَوحاويٌّ أَكثرُ. وقالوا في: طُهَيَّةَ: طُهْويٌّ وقالَ بعضُهم: طُهَوِيٌّ علَى القياسِ.
الضربُ الثاني: ما جاءَ معدولًا محذوفًا منهُ إحدى الياءين:
وذلكَ قولُهم في شَأْم: شَآمٌ وفي تِهامةَ: تَهامٌ يفتحونَ التاءَ ومَنْ كسرَها شدَّدَ. فقالَ: تِهاميٌُّ ويمانٌ في اليمنِ وزعمَ الخَليلُ: أَنَّهم أَلحقوا هذهِ الألفاتِ عوضًا مِنْ ذَهابِ إحدى الياءين2.
وقالَ سيبويه: منهم مَنْ يقولُ: تَهامِيٌّ ويَمانيٌّ وشَآمِيٌّ وإنْ شئتَ قلتَ: يَمَنِيٌّ علَى القياسِ قال: وزَعم أبو الخطابِ: أَنهُ سمعَ مِنَ العرَبِ مَنْ يقولُ في الإِضافةِ إلى الملائِكة والجنِّ: رُوحانيٌّ3، أَضافَ إلى الروحِ وللجميعُ: رأَيتُ روحانيينَ. وزعَم أَبو عبيدة: أَنَّ العربَ تقولهُ لكُلِّ شيءٍ فيهِ الروحُ وجميعُ هذَا إذَا صارَ اسمًا في غيرِ هذَا الموضعِ فأَضفتَ إليهِ جَرى علَى القياسِ.
الثاني: ما يكونُ عَلمًا خلافه إذا لَم يردْ بهِ ذلكَ:
قالوا في الطويلِ الجُمّة: جُمَانيٌّ وفي4 الطويلِ اللحيةِ: لِحيانِيٌّ وفي الغليظ الرقبةِ: رَقَبانيٌّ فإذَا سميتَ بها قلتَ: رَقَبِيٌّ وجُمّيٌّ علَى الأَصلِ وقالوا في القديمِ السنِّ: دُهْرِيٌّ ولو سميتَ بالدهرِ لقلتَ: دَهْرِيٌّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 69.
2
انظر الكتاب 2/ .
3
انظر الكتاب 2/ .
4
انظر الكتاب 2/ 89.



ج / 3 ص -83- الثالثُ: ما تحذفُ منهُ ياءُ الإِضافةِ1:
إذا جعلتَهُ صاحبَ معالجةٍ جاءَ على "فَعَّالٍ" قالوا: لِصَاحبِ الثيابِ: ثَوَّابٌ ولِصَاحبِ العَاجِ: "عَوَّاجُ" وذا أَكثرُ من أَنْ يُحصى وقَدْ قالوا: البتِّيّ2، أَضافوهُ إلى البتُوتِ وقَد قالوا: البَتَّاتُ فأَمَّا ما كانَ ذَا شيءٍ وليسَ بصنعةٍ فيجيءُ عَلَى فَاعِل تقولُ لذي الدرعِ: دارِعٌ ولذي النبلِ: نَابِلٌ ومثله نَاشِبٌ3، وتَامرٌ ذو تمرٍ وآهِلٌ أَي: ذوا أَهلٍ ولِصِاحبِ الفَرسِ: فَارِسٌ وعِيشةٌ راضيةٌ4 ذَاتِ رِضًَا ومثلهُ طَاعمٌ كاسٍ ذُو طَعامٍ5 وكسوة. وناعل ذُو نَعْلٍ وقالوا: بَغَّالٌ لِصاحبِ البغلِ شبهوهُ بالأَولِ وقالوا لذي السيفِ: سَيّافٌ ولا تقولُ لصاحِب الشعيرِ: شَعّار6 ولا لِصاحبِ البرِّ: بَرَّارٌ ولا لِصاحبِ الفاكهةِ: فَكَّاهٌ ولم يجىءُ هذا في كُلِّ شيءٍ والقياسُ في جميعِ ذا أَنْ تنسبَ إليه بالياءِ المشددةِ7 على شرائِط النَّسَبِ التي مَضَتْ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه 2/ 90 "هذا باب من الإضافة تحذف فيه ياءي الإضافة وذلك إذا جعلته صاحب شيء يزاوله أو ذا شيء".
2
البتي والبتات: صانع البت، بائع البت.
3
يقال لصاحب النشاب: ناشب.
4
الحاقة 21، الآية: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} وكذلك سورة القارعة7.
5
قال الحطيئة:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

فهو يريد بالكاسي: المكسو، وفي اللسان: كسا، بمعنى اكتسى، فعلى هذا لا مجاز في شعر الحطيئة. والكاسي اسم فاعل من كسا اللازم.
6
انظر: الكتاب 2/ 90.
7
في الأصل "المشدد".



ج / 3 ص -84- الرابعُ: ما يكونُ مذكرًا يوصف بهِ مؤنثٌ:
اعلَمْ: بأَنَّ هذَا البابَ جاءَ على ذي شيءٍ مثل دارعٍ ونَابلٍ وهَذا قولُ الخليلِ1 فمن ذلكَ قولهم: حَائضٌ وطامثٌ2، وناقةٌ ضَامرٌ قالَ الخليل: لم يجئ هذَا على الفعلِ وكذلكَ مرضعٌ فإنْ أَجراهُ على الفعلِ قالَ: مرضعةٌ وهي حائضةٌ غَدًا ولا يجوزُ غيرهُ.
وقالَ سيبويه3: إنَّ "حائضَ" جاءَ على صفةِ شيءٍ والشيءُ مذكرٌ.
وقالَ4: إنَّ "فَعُولًا ومِفْعَالًا ومِفْعلًا" يكونُ في تكثيرِ الشيءِ وتشديدهِ ووقعَ في5 كلامِهم على أَنهُ مذكر. وقالَ الخليل6: إنَّهم: يريدونَ الإِضافةَ ويستدلُّ على ذلكَ بقولِهم: رَجُلٌ عَمِلٌ وليسَ معناهُ المبالغةُ إلا أَنَّ الهاءَ تدخلهُ يعني: "فَعِلٌ" وقالَ: نَهِرٌ يريدونَ: نَهَاريٌّ يعني: النهارَ وقالوا: رَجَلٌ حَرِحٌ: ورَجلٌ سَتِهٌ كأَنّهُ قالَ: حِرِيٌّ واسْتِيٌّ وقالَ في قولِهِم: مَوْتٌ "مَائتٌ" وشُغْلٌ شَاغِلٌ وشِعْرٌ شِاعِرٌ أَرادوا بهِ المبالغةَ.
قالَ أبو العباسُ: أي شِعرٌ يقومُ بنفسِه وشُغْلٌ يقومُ مقامَ فاعلِه7. وقالَ الخليلُ: هو بمنزلةِ قولِهم: هَمٌّ ناصِبٌ8 وقَد جاءتْ9 هاءُ التأنيثِ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 91.
2
وصف للمراة، وانظر: المقتضب 3/ 163.
3
انظر: الكتاب 2/ 91.
4
يعني الخليل، انظر: الكتاب 2/ 91.
5
في الأصل "على".
6
انظر: الكتاب 2/ 91.
7
انظر: المقتضب 3/ 163.
8
انظر: الكتاب 2/ 92.
9
في ب "دخلت" بدلا من جاءت.



ج / 3 ص -85- شيءٍ مِنْ "فَعُولٍ"1 ومِفْعَالٍ وأَمّا2: مِفْعيلٌ فقلّما جاءتْ فيهِ الهاءُ ومِفْعَلٌ قَد جاءتِ الهاءُ فيهِ. يُقالُ: مِصَكٌّ ومِصَكةٌّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه 2/ 92: "وعلى قول الخليل يمتنع من الهاء في التأنيث في "فعول" وقد جاءت في شيء منه. وقال: مفعال ومفعيل قلما جاءت الهاء فيه. ومفعل قد جاءت الهاء فيه كثير نحو: مطعن ومدعس. ويقال: مصك، ومصكة".
2
في "ب" فأما.











47



















الأصول في النحو

هَذا بابُ المَصادِر وأَسماءُ الفَاعلينَ:
المصادرُ الأصول والأَفعالُ مشتقةٌ مِنْها وكذلكَ أَسماءُ الفاعلينَ وقد تكونُ أسماءً في معاني المصَادرِ لم يشتقَّ فيها فَعْلٌ ولكنْ لا يجوزُ أَن يكونَ فِعْلٌ لَم يتقدمهُ مصدرٌ فإذَا نطقَ بالفعلِ فقد وجبَ المصدرُ الذي أُخِذَ منهُ ووجبَ اسمُ الفَاعِل ولو كانتِ المصادرُ مأخوذةَ مِنَ الفعلِ كاسمِ الفِاعِلِ لما اختلفتْ1 كما لا يختلفُ اسمُ الفاَعِل ونحو نذكرُ أَربعةَ أَشياءٍ: المصدرَ والصفةَ والفِعْلَ وما اشتقَّ منهُ.
فالفِعْلُ2 ينقسمُ قسمينِ: ثلاثي ورُباعي والثلاثي ينقسمُ قسمين: فِعْلٌ بغيرِ زيادةٍ وفِعْلٌ فيهِ زيادةٌ وانقسامُ المصادرِ في الزيادةِ وغيرِها كانقسامِ الأَفعالِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا رأي البصريين والزجاج من أن أصل اشتقاق الأفعال من المصادر وأن المصادر هي الأصل والأفعال فروع منها، فلو كانت المصادر مأخوذة من الأفعال جارية عليها لوجب أن لا تختلف كما لا تختلف أسماء الفاعلين والمفعولين الجارية على الأفعال وانظر: الإيضاح في علل النحو/ 59.
2
في "ب" والفعل.



ج / 3 ص -86- القسم الأولُ: الفِعْلُ الثلاثي الذي لا زيادةُ فيهِ.
وهو ينقسمُ1 على ضربينِ: فِعْلٍ متعدٍ إلى مَفْعولٍ وفِعلٌ غيرُ متعدٍّ.
ذِكرُ أَبنيةِ المتعدي مِنَ الثلاثي2:
وهوَ على ثلاثةِ أَضربٍ على: فَعَلَ يَفْعِلُ مثلُ: ضَرَبَ يَضْرِبُ. وفَعَلَ يَفْعُلُ مثلُ: قَتَلَ يَقْتُلُ وفَعِلَ يَفْعَلُ نحو: لَحِسَ يَلْحَس وليسَ في الكلامِ فَعَلَ يَفْعَلُ إلا أن يكونَ فيهِ حرفٌ مِن حروفِ الحلقِ وسنذكرَها بَعْدُ إنْ شَاءَ الله.
والصفةُ: على فَاعِلٍ في جميعِ هَذا وذلكَ نحو: ضاربٍ وقَاتلٍ ولاحِسٍ وقَدْ جاءَ اسمُ الفاعِل علَى "فَعيلٍ" قالوا: ضَريبُ قَدَاحٍ للضاربِ وصَريمٌ بمعنى: صَارمٍ3 وأَصلُ المصدرِ في جميعِها أَن يجيءَ على "فَعْلٍ" لأَنَّ المرةَ الواحدةَ علَى فَعْلَةٍ ولكنَّها اختلفتْ أَبنيتُها كما تختلفُ أَبنيةُ سائرِ الأَسماءِ ونحن نذكرُ ما جاءَ في بابٍ بابٍ مِنْها.
الضربُ الأولُ: فَعَلَ يَفْعِلُ:
يجيءُ علَى اثني عَشَر بناءً. فَعْلٌ نحو: ضَرَبَ ضَرْبًا وَهوَ الأَصلُ وفِعْلٌ: قالَهُ قِيْلًا. وفَعَلٌ: سَرَقَ سَرَقاً5 فَعَلَةٌ: غَلَبَةٌ: فِعْلَةٌ: سَرِقَةٌ فَعِلٌ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 "
ينقسم" ساقط في "ب".
2
انظر: الكتاب 2/ 214.
3
انظر: الكتاب 2/ 215.
4
في "ب" اختلفت.
5
سرقا، ساقط في "ب".



ج / 3 ص -87- كَذِبٌ فِعْلَةٌ. حِمْيَةٌ فِعَالٌ: ضِرَابُ الفَحلِ كالنِّكاح فِعَالةٌ: حِمَايةُ فِعْلانٌ: حِرْمَانٌ فُعْلانٌ: غُفْرانٌ فَعْلانٌ: لَيَّانٌ مِنْ لَويتُهُ قالَ أَبو العباسِ: فَعْلانٌ لا يكونُ مصدرًا ولكنْ استثقلوا الكسرةَ مَع الياءِ.
الضَّرْبُ الثاني:
فَعَلَ يَفْعُلُ فَعْلٌ: هُوَ الأَصلُ نحو: القَتْل وجاء "فَعَلٌ"1 حلبَها يحلبُها حَلَبًا فَعِلٌ: الخَنِقُ فُعْلٌ كُفْرٌ فِعْلٌ قِيلٌ2: وحِجُّ فِعْلَةٌ: شِدَّةٌ فِعَالٌ: كِتَابٌ فُعْلانٌ: شُكْرَانٌ فُعُولٌ: شُكُورٌ وقدَ جاءَ: فِعِلَ يَفْعِلُ: حَسِبَ يَحْسِبُ وَيَئسَ يَيئِسُ ونَعِمَ يَنْعمُ.
قالَ: سيبويه: والفتحُ في هذَا أَقيسُ3 وكانَ هذَا عندَ اًصحابِنا إنّما يجيءُ عَلى لغتينِ4 ومِنْ ذَا قولُهم: فَضِلَ يَفضُلُ ومتَّ تَمُوتُ وكُدْتَ تكادُ.
الضربُ الثالثُ: فَعِلَ يَفْعَلُ:
فَعْلٌ الأصلُ مثلُ: حَمِدُ حَمدًا فَعَلٌ: عَمَلٌ فُعْلٌ: شُرْبٌ فَعْلَةٌ: رَحْمَةٌ فِعْلَةٌ: خِلتهُ خِيْلَةً فَعَلَةٌ قالوا: رَحَمْتُهُ رَحَمَةً5 فِعَالٌ: سِفَادٌ6،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
فعل: ساقط من "ب".
2
قيل: ساقط من "ب".
3
انظر: الكتاب 2/ 227.
4
قال سيبويه 2/ 227: وقد جاء في الكلام: فعِل يفعُل، في حرفين بنوه على ذلك كما بنو "فعِل على "يفعِل" لأنهم قد قالوا "يفعِل" في فعِل.
5
في سيبويه 2/ 216 قال: رحمته رحمة كالغلبة.
6
يقال: سفد الذكر أنثاه وسفد عليها وسافدها سفادا ومسافدة: جامعها.



ج / 3 ص -88- فَعَالٌ: سَمَاعٌ فِعْلانٌ: غَشِيَةُ غِشْيَانًا فَعَلَ يَفعُلُ مِنْ حروفِ الحَلقِ فَعَالَةٌ: نَصَاحةٌ فِعَالةٌ: نِكاءةٌ1 فُعَالٌ: سُوَالٌ.
القسمُ الثاني مِنَ الثلاثي وهوَ الذي لا يتَعدى:
وهو ينقسمُ قسمينِ: عَمَلٌ وغيرُ عَمَلٍ ونحنُ نبدأُ بذكرِ ما هوَ عَمَلٌ.
اعلَمْ: أَنَّ هذَا الفعلَ على أَبنيةِ المتعدي واسمُ الفَاعِل في الثلاثةِ التي على وزنِ المتعدي على "فاعِل" والمصدرُ الذي يكثرُ فيهِ "فُعُولٌ" وعليهِ يقاسُ فَعَلَ يَفْعِلُ فُعُولٌ الكثيرُ مثلُ: جُلُوسٍ فَعِلٌ: حَلِفٌ فَعْلٌ: عَجْزٌ. فَعَلَ يَفْعَلُ وجدتُ فَعَلَ يَفْعَلُ فيمَا هو غيرُ متعدٍّ أَكَثرُ من "فَعَلَ يَفْعِلُ" وهُما أُختانِ فَعُولٌ هوَ الأَكثرُ الذي يقاسُ عليهِ نحو: قُعُودٍ فَعَالٌ: ثَبَاتٌ فَعْلٌ قالوا: سَكَتَ: سَكْتًا فُعْلٌ: مُكْثٌ والشغْلُ2 فِعْلٌ: فِسْقٌ فِعَالَةٌ: عِمَارةٌ. فَعِلَ يَفْعَلُ فَعَلٌ: عَمَلٌ فَعْلٌ حَرِدَ يَحْردُ حَرْدًا وهو حَاردٌ قولهم: فَاعِلٌ يدلٌّ علَى أَنهَّمُ جعلوهُ مِنْ هذَا البابِ فَعْلٌ: حَميتِ الشمسُ حَمْيًا وهيَ حَاميةٌ فَعِلٌ: الضَّحِكُ وأَما ما كانَ غيرُ عَمَلٍ فقد تجيءُ هذهِ الأبنيةُ فيهِ إلا أَنهُ يخصهُ فَعُلٌ: يَفْعُلُ وهذَا البناءُ لا يكونُ في المتعدي ألبتةَ.
بَابُ3 [فَعَلَ: يَفْعَلُ]4 مِنْ حروفِ الحلقِ: فَعْلٌ: هَدَأَ هَدْءًا فَعَالٌ: ذَهَابٌ. فِعَالٌ: مِزَاحٌ4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في ب "بكاءة" وهو خطأ.
2
والشغل: ساقط في "ب".
3
باب: ساقط من "ب".
4
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -89- ذِكرُ مَا جاءَ من المصادرِ والصفاتِ والأَفعالِ علَى بناءٍ واحدٍ لتقاربِ المَعاني:
هَذا الضربُ إنّما حقهُ أَنْ يجيءَ فيما كانَ خِلقةَ أَو خُلُقًا أَو صِناعةً تكونُ في الشيءِ فما جاءَ مِنَ الأعمالِ فمشبهُ بهذَا.
اعلَمِْ: أنَّ العربَ ربُما أَجرِتْ هذهِ المصادرَ على المعاني كما خبرتُكَ ورُبَّما رجعوا إلى بناءِ الفعلِ وكذلكَ الصفةُ وأَبنيةُ الأََفعالِ قد تجيءُ علَى بناءٍ واحدٍ لتقارب المعاني وجميعُ هذه التي ذكرتُ لا تخلو منْ أَن تتفقَ في المصادرِ أو في الصفاتِ أو في الفعلِ فهي مِنْ أَجلِ هذَا تُقسمُ ثلاثةَ أَقسامِ.
الأول: منها المتفقةُ في المصدرِ والثاني: المتفقةُ في الصفةِ والثالثُ: المتفقةُ في الفعلِ.
الضربُ الأولُ: المتفقةُ في المصدرِ:
وهوَ ينقسمُ على سبعةِ أَقسامٍ:
فُعَالٌ فُعَالةٌ فِعَالٌ فِعَالةٌ فَعَالةٌ فَعَلٌ فَعَلانٌ.
الأولُ: فُعَالٌ لِمَا كانَ داءًا نحو: السُّكَاتِ والعُطَاسِ والثاني: لِمَا فُتِّتَ نحو: الحُطَامِ والفُتَاتِ والفضَاضِ1. الثالثُ: لِمَا كانَ صوتًا كالصُّرَاخِ والبُكَاءِ وقَد جاءَ الهديرُ والضجيجُ والصَّهيلُ وقالوا: الهَدْرُ والصَوْتُ أيضًا تَحركٌ فَبَابُ فُعَالٍ وفَعَلانٍ وَاحدٌ وقَدْ جاءَ الصوتُ على فَعَلَةٍ نحو: الرَّزَمةِ2، والجَلَبَةِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الفضاض: -بضم الفاء- ما تفرق من الشيء عند الكسر.
2
الرزمة: الصوت الشديد.



ج / 3 ص -90- الثاني: فُعَالَةٌ: ما كانَ جَزاءً لَمَا عملتَ: نحو العُمَالةِ والخُبَاسةِ1 والظُلامةِ2.
الثاني: مِنْ فُعَالةٍ ما كانَ معناهُ الفُضَالةُ نحو القُلامةِ3، والقُوارةِ4 والقُراضةِ5.
الثالث من الأول: فِعَالٌ للهياجِ نحو: الصِّرافِ6 في الشاةِ والهِبَابِ7 والقِرَاع8 لأَنهُ تَهييجٌ فيُذكّر الثاني مِنْ فِعَالٍ وهو لما كانَ انتهاءُ الزمانِ نحو: الصِّرام9 والجِزَازِ10 والحِصَادِ ورُبَّما دخلتِ اللغةُ في بعضِ ذَا فكانَ فيهِ "فِعَالٌ وفَعَالٌ" فإِذَا أرادوا الفعلَ على "فَعَلْتُ" قالوا: حَصدتهُ حَصْدًَا إِنّما يريدُ العملَ لا انتهاءَ الغايةِ11. الثالث من فعالٍ للتباعدِ نحو: الشِّرَادِ12 والشِّماسِ13 والنِّفَارِ14 والخِلاَءِ15.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الخباسة: المغنم.
2
الظلامة والمظلمة والجمع مظالم، ما احتملته من ظلم وما أخذ منك ظلما.
3
القلامة: ما سقط من الشيء المقلوم. قلامة الظفر، ما سقط من طرفه ويضرب بها المثل في الخسيس الحقير.
4
القوارة: ما قور وقطع من الثوب وغيره، أو ما قطع من جوانب الشيء.
5
القراضة: ما سقط بالقرض، كقراضة الذهب والثوب. وقراضة المال: رديئه.
6
الصراف: اشتهاء الفحل، يقال: صرفت النعجة صروفا، وصرافا، اشتهت الفحل.
7
الهباب: يقال هب هبوبا وهبابا، نشط وأسرع.
8
القارع: والمقارعة المضاربة بالسيف، وقيل: مضارب القوم في الحرب.
9
الصرام: بفتح الصاد وكسرها- جذاذ النخل. وصرم النخل والشجر والزرع يصرمه صرما: جزه.
10
الجزار: جزر جزرا وجزَرا وجزارا واجتزر الشاة: ذبحها.
11
في الأصل لانتهاء الغاية، ولا معنى لها.
12
الشراد: يقال: شرد شرودا، وشرادا: نفر فهو نافر.
13
الشماس: الامتناع.
14
النفار: الشراد.
15
الخلاء: يقال خلأت الناقة خلأ: بركت أو حرنت فلم تبرح.



ج / 3 ص -91- وقالوا: النُّفُور والشُّمَوس والشَّبيبُ مِنَ شَبَّ الفرسُ وقالوا: الشَّبُّ وقالوا: خَلأَتِ الناقةُ خِلاَءً وخَلًا مثلُ خَلْعٍ وقالوا: العِضَاضُ1 شبهوهُ بالحِرَانِ2 ولم يريدوا بهِ: فعلتُه فِعْلًا. الرابعُ من "فِعَالٍ" ما كانَ وسمًا نحو: الخِبَاطِ3 والعِلاطِ4 والعِرَاضِ5. الأَثرُ يكونَ علَى فِعَالٍ والعملُ يكونُ فَعْلًا كقولِكَ: وسمتهُ وَسْمًَا وأَما المُشْطُ والدَّلوُ والخُطَّافُ6، فإنما أرادوا بهِ صورةَ هذهِ الأشياءِ7. وقَد جاءَ على "فَعْلَةٍ" 8 نحو: القَرمةِ9، والجَرْفةِ10، اكتفوا بالعملِ وأَوقعوهُ على الأَثرِ.
فَعَالةٌ للقيامِ بالشيءِ وعليهِ نحو: الوِلايةِ والإِمارةِ والخِلاَفَةِ والعِرَافةِ والنِّكابةِ11 والعِيَاسةِ والسياسةِ وقالوا في العِيَاسةِ: العوس والعياسةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
العضاض: الدواب عض بعضها بعضا.
2
الحران: يقال: حرن وحرُن البغل حُرونا وحِرانا وحَرانا: إذا وقف ولم ينقد.
3
الخباط: يقال: خبط خبطا البعير: وسمه بالخباط. والخباط جمع خبط، سمة في الوجه طويلة عريضة.
4
العلاط: يقال: علطت الناقة علطا، وسمها بالعلاط، والعلاط: حبل يجعل في عنق البعير.
5
العلاط: جمع عرض وهو الشق.
6
الخطاف: اللص، وطائر يشبه السنونو من فصيلة السنونيات.
7
قال سيبويه 2/ 218: إنما أرادوا صورة هذه الأشياء، أي: أنها وسمت به كأنه قال: عليها صورة الدلو.
8
أي: على غير "فعال" اكتفوا بالعمل، يعني المصدر، والفعلة، فأوقعوهما على الأثر، الخباط على الوجه والعلاط والعراض على العنق.
9
القرمة: الجليدة المقطوعة من أنف البعير.
10
الجرفة سمة من سمات الإبل.
11
النكابة: نكب نكابة ونكوبا فلان على قومه: كان منكبا لهم، أي: عونا يعتمدون عليه.



ج / 3 ص -92- والسياسةِ والقِصَابةِ وإِنّما أَرادوا أَن يخبروا بالصنعة1 التي تَليها فصارَ بمنزلةِ الوَكَالةِ وكذلكَ السِّعَايةِ تريدُ: الساعيَ الذي يأخذُ الصدقةَ.
فَعَالةٌ للتركِ والانتهاءِ نحو: السَّامةِ والزَّهادةِ2 والاسم فَاعلٌ وقالوا: الزُّهْدُ3.
فَعَلٌ للانتهاء والتركِ أيضًا هَذا يجيءُ فعلُه علَى "فَعِلَ يَفْعَلُ"4 نحو: أَجِمَ يأجَمُ5 أَجَمًَا وَسَنِقَ6 يَسْنَقُ سَنَقًا 7.
قالَ أبو بكر: وعندي أَنَّ حَذَرَ وفَرِقَ وفَزَعَ مِنْ هَذا البابِ للتركِ وجاؤوا بضده8 على مثالهِ نحو: هَوِيَ هَوَىً وَهوَ هَوٍ وقَنِعَ: يَقْنعُ فهوَ قُنعٌ وقالوا: قَنَاعةٌ كزَهادةٍ وقالوا: قَانعٌ كزاهدٍ وقالوا: بَطِنَ يَبْطنُ بَطَنًا وهو بَطِنٌ وتَبِنَ وثَمِلَ مثلهُ.
فَعَلاَنٌ: ما كانَ زَعْزعةً للبدنِ في ارتفاعٍ كالعَسَلانِ9 والرَّتَكانِ10 والغَثَيانِ واللَّمَعانِ وجاءَ على "فُعَالٍ" لأنهما يتقاربانِ في المعنى وذلكَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل" الصيغة" ولا معنى لها.
2
قال سيبويه 2/ 218-219: ومما جاءت مصادره على مثال لتقارب العاني قولك: بئست بأسا، وبأسة. وسئمت سأما وسآمة. وزهدت زهدا، وزهادة.
3
قال سيبويه 2/ 219: وقالوا: الزهد كما قالوا: المكث.
4
قال سيبويه 2/ 219 وجاء أيضا ما كان من الترك والانتهاء على: فعل يفعل فعلا، وجاء الاسم على "فعل" وذلك: أجم يأجم أجما وهو أجم.
5
في الأصل "أجم".
6
في الأصل "شق" ولا معنى لها.
7
سنق: سنقا: بشم واتخم، وقيل: السنق للحيوان كالتخم للإنسان.
8
انظر: الكتاب 2/ 219.
9
العسلان: يقال: عسل عسلانا: حركته الريح فاضطرب وأسرع.
10
الرتكان: رتك رتكا ورتكا ورتكانا البعير عدا في مقاربة خطو.



ج / 3 ص -93- "النُّزَاء"1 والقُمَاصُ2. وقالوا: وجَبَ وَجيباً3، ووَجفَ وَجِيفاً4 كَما قالوا في الصوتِ: الهَديرُ ورسمَ البَعيرُ رَسِيماً5، وقالوا: النَّزْوُ واللَّمْعُ ولا يجيءُ فعلهُ متعديًا إلا شَاذًّا نحو: شَنِئتُهُ شَنآنًا.
وقالَ أَبو العباس6: المعنى شَنئتُ منهُ.
الضربُ الثاني: المتفقةُ في الصفةِ:
فَعْلاَنُ: الجوعُ والعطشُ ويكونُ المصدرُ "فَعَلٌ" فالفعلُ: فَعِلَ يَفْعَلُ وذلكَ طَوِيَ: يَطْوي [طَواً]7 وَهْوَ طَيَّانُ وعَطِشَ يَعْطشُ [عَطَشاً]8 وَهْوَ: عَطْشَانُ وقالوا: الظَّماءةُ9 والطَوّى10 مثلُ الشِّبَعِ وضدهُ مثله11: شَبعَ يَشْبَع ُ شَبَعًَا وَهوَ من12: شَبعانَ وملئتُ13 مِنَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
النزاء: الوثب، ونزا به قلبه: طمح، ونزت الحمر: وثبت.
2
القماص: قمص قماصا، رفع يديه وطرحها.
3
وجيبا: وجب القلب وجبا ووجيبا: رجف وخفق.
4
وجيفا: وجب وجيفا: اضطرب والوجيف: ضرب من سير الخيل والإبل.
5
رسميا: رسم الغيث الديار: عفاها وأبقى أثرها لاصقا بالأرض. ورسمت الناقة رسيما، أثرت في الأرض عند سيرها.
6
أي: المبرد.
7
زيادة من "ب".
8
زيادة من "ب".
9
قال سيبويه 2/ 220: قالوا: الظماءة مثل السقامة، لأن المعنيين قريب، كلاهما ضرر على النفس وأذى لها.
10
في الأصل "الطوا".
11
انظر: الكتاب 2/ 221.
12 "
من" ساقط في "ب".
13
قال سيبويه 2/ 221: وزعم أبو الخطاب: أنهم يقولون: ملئت من الطعام، كما يقولون: شبعت وسكرت.



ج / 3 ص -94- الطعامَ وقَدحٌ نَصْفانَ وجَمجمةٌ نَصْفَى وقَدَحٌ قَرْبَانُ1 وجَمجمةٌ قَربى بمنزلةِ ملآنٍ ولم يقولوا: قَرِبٌ2. ورَجلٌ شَهْوَانُ وشَهْوَى لأَنهُ بمنزلةِ الغَرْثَى والغَضَبُ كالعَطشِ لأَنهُ في جوفِه ومثلهُ: ثَكِلَ يَثْكلُ ثَكْلًا [وهو]3 ثَكْلانُ وثَكْلَى وعَبَرْتَ تَعبرُ عَبْرًا وعَبْرى.
وأمَّا ما اعتلتْ عينهُ فَعِمْتَ تَعامُ4 عَيْمَةً وهوَ عَيْمَانُ وهيَ عَيْمَى كأَنَّ الهاءَ عوضٌ مِنْ فتحةِ العينِ في "عَيْمةٍ" وَحِرتَ تَحارُ حَيْرَةً وَهوَ حَيرانُ5، وهيَ حَيْرَى وهوَ كسكرانَ6، وأَما جَربانُ وجَرْبَى فلأَنهُ بلاءٌ7 وقالوا: الرِّيُّ وسَغَبَ يَسْغُبُ سُغْباً8 وهوَ سَاغبٌ وجَاعَ يَجُوْعُ وهوَ جَائعٌ وجَوعَانُ وَسكَرٌ وسُكْرٌ.
الثاني: مِنَ الصفةِ: أَفعلُ:
للألوانِ ويكونُ الفعلُ على "فَعِلَ" "يَفْعَلُ" والمصدرُ فُعْلَةٌ نحو: كَهِبَ يَكْهُبُ كَهْبَةً وشَهِبَ يَشْهُبُ شَهْبَةً وصَدِيَ يَصْدَاُ صُدْأَةً وقالوا أيضًا: صَدَأَ ورُبَّما جاءَ الفعلُ على فَعِلَ: يَفْعُلُ نحو: أَدِمَ يَأدُمُ ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ: أَدُمَ يَأدُمُ أُدْمَةً وشَهُبَ وقَهُبَ وكَهُبَ ويبنونَ الفِعْلَ منهُ عَلَى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قربان: تقول: أنا قربان –بفتح القاف- قارب الامتلاء.
2
انظر: الكتاب 2/ 222.
3
زيادة من "ب".
4
في "ب" أعام.
5 "
حيران" ساقط من "ب".
6
قال سيبويه 2/ 222: قالوا: حرت تحار حيرة وهو حيران وهي حيرى وهي في المعنى كالسكران.
7
في الكتاب 2/ 222: وأما جربان وجربى فإنه لما كان بلاء أصيبوا به وبنوه على هذا، كما بنوه على "أفعل" وفعلاء نحو: أجرب وجرباء.
8
سغب: جاع، والسغب: الجوع من التعب.



ج / 3 ص -95- إفعالَّ/ مثلُ اشهابَّ ويستغني "بإفْعالَّ" عَنْ "فَعِلَ1" وهوَ الذي لا يكادُ ينكسرُ في الأَلوانِ يقولونَ: أسْوَدَّ وابيضَّ فيقصرونهُ وقالوا: "الصُّهوبةُ والبَياضُ والسَّوادُ كالصباحِ والمساءِ"2 ومن الألوانِ جَوْنٌ3، وَوَرْدٌ4 علَى وَزنِ "فَعْلٍ". وقَالُوا: الأغبسُ5 والغُبْسَةُ كالحمرة.
وجَاءَ المصدر الوُرْدَةُ والجُونَةُ. وجَاءَ فَعِيلٌ: خَصِيفٌ أَي: أسودُ. وتأتي "أَفْعَلُ" صفةً في معنى الداءِ والعيبِ. الفِعلُ فَعِلَ يَفْعَلُ والمصدرُ "فَعَلٌ" فيما كانَ داءٍّ أو عيبًا عَوِرَ يَعْوَرُ عَوَرًا وأَعوَرُ وأَصْلَعُ وأَجذَمُ وأَجبنُ وأَقطعُ وأَجذَمُ لم يتكلمْ بِالفعلِ منهُ ويقالُ لموضعِ القَطعِ: القُطْعَةُ والقَطَعَةُ والصُّلْعَةُ والصَلَعَةُ وقالوا: سَتهاءُ وأستَهُ6 جاءَ على بناءِ ضدهِ7 رَسْحَاءُ8 وأَرْسَحُ وأَهضمُ9 وهَضماءُ. وقَالوا: أَغلبُ وأَزبرُ والأَغلبُ العظيمُ الرَّقبةِ والأَزبرُ العظيمُ الزُّبْرَةِ وهو موضعُ الكَاهلِ وآذنُ وأَذْناءُ10 وأَسَكٌّ وسَكاءُ11 وأَخلَقُ وأَمْلَسُ وأَجْردُ كمَا قالوا: أَخشنُ في ضدهِ وقالوا: الخُشْنَةُ وخُشونةٌ كالصهوبةِ ومؤنثُ كُلِّ أَفعلَ فَعْلاءُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 222.
2
في الأصل "للصهوية" والتصحيح من "ب" وانظر: الكتاب 2/ 222.
3
الجون: الأدهم الشديد السواد من الخيل والإبل.
4
ورد: على وزن "فعل" ما كان أحمر اللون إلى صفرة، والواحدة: وردة.
5
الأغبس: البعير الذي يضرب لونه إلى البياض.
6
أسته: وستهاء العظيمة الأست، وأسته عظيم الاست.
7
انظر: الكتاب 2/ 223.
8
رسحاء: رسح رسحا، قل لحم عجزه وفخذيه فهو أرسح، وهي رسحاء.
9
أهضم: هضم: هضما خمص بطنه ولطف كشحه ودق.
10
أذناء: عظيم الأذن.
11
سكاء: صغيرة الأذن، يقولون: كل سكاء بيوض وكل شرخاء ولود، فالسكاء: التي لا أذن لها إلا الصماخ، والشرخاء: التي لها أذن وإن كانت مشقوقة.



ج / 3 ص -96- قالَ أبو العباس: أَفعلُ فَعْلانُ وفَعيلٌ شيءٌ واحدٌ لأنها تقعُ لِمَا لا يتعدى1 وقالوا في الأَصيدِ: صَيِدَ يَصْيَدُ صَيَدًَا وقالوا: شَابَ يَشِيبُ ومثلُ: شَاخَ يَشِيخُ وأَشيبُ كأَشمطَ وأَشْعَر كأَجردَ2 وأَزبُّ3. وقالوا: هَيجَ يَهْوجِ هَوَجاً4 وثَوِلَ يَثْولُ ثُولًا5 وأثولُ6 وقالوا: مَالَ يَمِيلُ وَهْوَ مائلٌ وأَميلُ7. فَعيلٌ بمعنى: العَديلَ لأَنَّ فِعْلَة فاعلتُهُ وذلكَ نحو: الجَليسِ والعديلِ والخليطِ والكَميعِ8 وخَصِيم ونَزيع9 وقَد جَاءَ خَصْمٌ10.
ثاني فَعِيل: ما أَتى مِنَ الفَعْلِ نحو: حَلُمَ يَحْلُمُ حِلْمًا فهوَ حَليمٌ وظَرُفَ يَظْرُفُ ظَرْفًا وهوَ ظَريفٌ وقالوا: في ضدهِ جَهِلَ جَهْلًا وَهُوَ جاهلٌ وقالوا: عَالِمٌ وعَلِمَ يَعْلمُ وجَهِلَ كحَرِدَ حَرْداً11 وهوَ حَارِدٌ فهذاَ ارتفاعٌ في الفعلِ واتضاعٌ وقالوا: عَليمٌ وفَقيهُ وهوَ فَقيهٌ والمصدرُ فَقْهٌ. وقالوا: اللُّبُّ واللُّبابةُ ولَبيبُ كما قالوا: اللؤْمُ واللآمةُ ولَئِيمٌ وقالوا: فَهِمَ يَفْهَمُ فَهْمًا وهوَ فَهِمٌ ونَقِهَ يَنْقَهُ نقَهًا وهوَ نَقِهٌ وقالوا: الفَهَامةُ ونَاقَةٌ ولَبِقٌ. وَحذَقَ يحذِقُ حِذْقًا وَرَفُقَ يَرْفُقٌ رِفْقًا وَهْوَ رَفيقٌ وقالوا:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المقتضب 1/ 106.
2
الأجرد: الذي لا شعر له.
3
أزب: كثر شعر وجهه.
4
هيج: هوجا، كان طويلا في حمق وطيش وتسرع، فهو أهوج، وهي هوجاء:
5
ثول: ثولا: الشاة خاصة، أصابها عرض كالجنون.
6
في الأصل: "أثوال". والأثول: المجنون.
7
انظر: الكتاب 2/ 223.
8
الكميع: الضجيع، والمكامع، القريب إليك الذي لا يخفى عليه شيء من أمرك.
9
النزيع: من معانيها البعيد، ويقال: مكان نزيع، أي بعيد.
10
على وزن "فعل".
11
حردا: حرد حردا: غضب.



ج / 3 ص -97- رَفِقٌ وَعَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا وعَاقِلٌ ورَزُنَ رَزَانةً وهوَ رَزينٌ ورزينةٌ وقالوا للمرأةِ: حَصُنتْ حُصْنًا وهيَ حَصَانٌ مثلُ1 جَبَانٍ. وقالوا: حَصْنًا ويقالُ لها ثَقالٌ2 ورَزَانٌ وصَلِفَ يَصْلَفُ صَلَفًا وصَلِفٌ ورَقُعَ رَقَاعةً [كحَمُقَ حَمَاقةً وحَمِقٌ وأَحمقُ كأَشنع]3 وخَرُقَ خُرْقاً4 وأَخرقُ5 وقالوا: النَّواكةُ وأَنوكُ واستنوكَ6 ولم نسمعهم قالوا: نَوِكَ7.
ثَالثُ فَعِيلٍ: ما كانَ ولايةً نحو: أَميرٍ ووَكيلٍ ووصيٍّ وجَرِيٌّ بمعنى وَكيلٍ.
الضربُ الثالثُ: المتفقةُ في الفِعْلِ:
هَذا البابُ يكون في الخصالِ المحمودةِ والمَذمومةِ يجيءُ هَذا علَى "فَعُلَ" يَفْعُلُ إلا في المضاعفِ وهوَ علَى ثلاثةِ أَضربٍ. الأولُ: ما كانَ حُسْنًا أَو قُبْحًا. الثاني: ما كانَ في الصغرِ والكبرِ. الثالثُ: الضَّعفُ والجبنُ والشجاعةُ ومنهُ ما يختلطُ منهُ فَعُلَ بِفَعِلَ كثيرًا وهوَ الرِّفعةُ والضَّعةُ لأَنَّ فَعُلَ أُختُ "فَعِلَ".
الأولُ مِنْ فَعُلَ يَفْعُلُ ما كانَ حُسنًا أَو قُبحًا:
الفعلُ فَعُلَ يَفْعُلُ فَعَالًا وفَعَالةً وفُعْلًا والأسمُ فعيلٌ قَبُحَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" و"هي" بدلا من "مثل".
2
ثقال: ثقل، ثقلا، وثقالة. ضد خف، فهو ثقيل وثقال: جمع ثقلاء وثقالة.
3
ما بين القوسين ساقط في "ب".
4
خرقا: ساقط من "ب".
5
أخرق: خرق، وخرق خراقة فهو أخرق: لم يحسن عمله.
6
استنوك: حمق، ولم يقولوا "نوك".
7
كما لم يقولوا فقر.



ج / 3 ص -98- يَقْبُحُ قَبَاحةً1 وَوَسَمَ يُوْسُمُ وسامةً ووَسَاماً1 وَجمُلَ جَمَالًا وقالوا: الحُسنُ والقُبحُ وفَعَالة أَكثرُ وقالوا: نَضيرٌ على البابِ وقالوا: نَضرَ وجههُ وناضِرٌ ونَضْرٌ ونَضَارةٌ وقالوا: ضَخْمٌ وسَبْطٌ وقَطَطٌ مثلُ: حَسَنٍ وسَبِط سَبَاطةً وسُبُوطةً ومَلُحَ مَلاَحةً ومَليحٌ وسَمُحَ سَمَاحةً وسَميحٌ وشَنُعَ شَنَاعةً وشَنيعُ ونَظُفَ نَظَافةً كصَبُحَ صَبَاحةً وقالوا: رَجُلٌ سَبْطٌ3 وجَعْدٌ.
قالَ أبو العباس: هُذيل تقولُ: سَميحٌ وَنذيلٌ4.
قالَ سيبويه: وقالوا: طَهُرَ طُهْرًا وطَهَارةً وطَاهِرٌ وقالوا: طَهُرتِ المرأةُ وطَمَثَتْ5.
الثاني: الصغرُ والكبرُ:
وذلكَ عَظُمَ عَظَامةً وهوَ عَظيمٌ ويجيءُ المصدرُ علَى "فِعَلٍ" نحو: الصِّغَرِ والكِبَرِ والقِدَمِ وكَثُرَ كَثارةً وهو كَثيرٌ وقالوا: الكَثْرةُ6 وسَمِنَ سِمنًا وهوَ سمينٌ ككبرَ كِبرًَا وهوَ كبيرٌ وقالوا: كَبُرَ على الأَمرِ كَعَظُمَ وجاءَ: فَخْمٌ وضَخْمٌ7 والمصدرُ فُعُولةٌ الجُهُومةُ وقالوا: بَطِنَ يَبْطُنُ بِطنةً وَهْوَ بَطينٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكتاب: 2/ 223 وبعضهم يقول: قبوحة فبناه على "فعولة"، كما بناه على "فعالة".
2
لم يؤنث وساما كما قالوا: السقام والسقامة.
3
سبط: سبط الشعر، مسترسل.
4
قال سيبويه 2/ 224: إن "هذيلا" تقول: سميح ونذيل، أي: نذل وسمح.
5
انظر: الكتاب 2/ 224.
6
بنوه على "الفعلة".
7
في الكتاب 2/ 224: وقالوا: سهل كما قالوا: ضخم.



ج / 3 ص -99- الثالثُ: الضعفُ والجبنُ وضدُّهما:
شَجُعَ شَجَاعَةً وشَجيعٌ وشُجاعٌ وفَعيلٌ أَخو فُعَالٍ1 وضَعُفَ ضعفًا وهوَ ضعيفٌ وجَرُؤَ يَجْرؤُ جُرأَةً وهوَ جَرِيءٌ وغَلُظَ يَغْلُظُ غِلَظًا وغَليظٌ للصلابةِ مِنَ الأرضِ وغيرِها. وسَهُلَ سَهُولَةً وسَهْلٌ وسَرُعَ سِرَعًا وهوَ سريعٌ وبَطُؤَ بِطًَا وهوَ بَطيءٌ.
قالَ سيبويه: إنما جعلناهما في هَذا البابِ لأَنَّ أَحدهما أَقوى على أمرهِ3 وكَمُشَ كَماشَةً وكَميشٌ وحَزُنَ حُزُونةَ للمكانِ [وهوَ] حَزْنٌ وصَعُبَ صُعُوبةَ وهوَ صَعْبُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يشير إلى صيغتي: شجاع وشجيع.
2
في الأصل "غليظ؟ وفي الكتاب 2/ 224:... إلا أن الغلظ للصلابة والشدة من الأرض وغيرها.
3
انظر: الكتاب 2/ 224.
4
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -100- هَذا بابُ ما يختلطُ فيهِ: فَعُلَ يَفْعُلُ كثيرًا وهوَ ما كانَ مِنَ الرفعةِ والضَّعةِ.
قالوا: غَنِيَ غِنَىً وهو غَبِيٌّ وفقيرٌ كصَغيرٍ1 والفَقْرُ كالضَّعْفِ ولم يقولوا: فَقُرَ كما لم يقولوا في الشديدِ شَدُدْتَ استغنوا بافْتقَر واشتدَّ وشَرُفَ شَرَفًا وهوَ شَريفٌ وكَرُمَ ولَؤُمَ مثلُه ودَنُوَ ومَلُؤَ ملاءةً وهوَ مَلِيءٌ ووَضعَ ضَعَةً وَهوَ وضيعٌ وضِعَةً2 ورفيعٌ ولم يقولوا: رَفُعَ3 وقالوا: نَبُهَ يَنْبُهُ وهو4 نَابهٌ ونَبيهٌ وسَعِدَ يَسْعَدُ سعادةً وسعيدٌ وشَقي يشقى شَقَاوةً وشَقِيُّ وَبَخِلَ يَبْخَلُ بُخْلًا وبَخيلٌ أَمُرَ علَينا فهو أَميرٌ وأَمَرَ أيضًا وقالوا: الشَّقاءُ حذفوا الهاءَ5. ورَشِدَ يَرشَدُ رَشَدًا ورَاشدٌ والرُّشْدُ ورَشيدٌ والرَّشادُ والبخْلُ والبَخَلُ6 كالكَرَمِ. أَمَّا المُضَاعفُ فلا يكونُ فيهِ "فَعَلْتُ" وذلكَ نحو: ذَلَّ يَذِلُّ ذُلًا وذِلَّةً وذَليلٌ وشحيحٌ وشَحَّ يَشحُّ وقالوا: شَحِحْتُ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" وصغير.
2
في الكتاب 2/ 225: والضعة -بكسر الضاد- مثل الرفعة وضعة: ساقط من "ب".
3
استغنوا عنه بارتفع كما استغنوا باحمار عن حمر في الألوان.
4
وهو "ساقط" من "ب".
5
في الكتاب 2/ 225: وقالوا: الشقاء. كما قالوا: الجمال، واللذاذ، حذفوا الهاء استخفافا.
6
في "ب" وبخل ككرم.







ج / 3 ص -101- وضَنَنْتُ ضَنًّا وضَنَانةً وَلَبَّ يَلَبُّ واللُّبُّ واللَّبابةُ واللبيبُ وقَلَّ يَقِلُّ قِلَّةً وقَليلٌ1 وعَفَّ يَعِفُّ عِفَةً وعَفيفٌ ويقولونَ: لَبُبْتَ تَلُبُّ2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قليل: ساقط من "ب".
2
قال سيبويه 2/ 226: وزعم يونس أن من العرب من يقول: لبيت تلب، كما قالوا: ظرفت تظرف.



ج / 3 ص -102- بَابُ: فَعَلَ يَفْعَلُ مِنْ حروفِ الحَلقِ.
اعلَمْ: أَنَّ يَفْعَلُ إِذَا قلتَ فيهنَ: فَعَلَ يَفْعَلُ مفتوحُ العينِ وذلَكَ كانتِ الهمزةُ أَو الهاءُ أَو العينُ أَو الغينُ أَو الحاءُ أَو الخاءُ لامًا أَو عينًا نحو: قَرَأَ يَقْرَأُ وَوَجَبَهُ1 يَجبهُ وقَلَعَ يَقْلَعُ وذَبَحَ يَذْبَحُ ونَسَخَ يَنْسَخُ. وهَذا ما كانتْ فيهِ لاماتٌ2. وأَما ما كانت فيهِ عيناتٌ فَهْوَ كقولِكَ: سَأَلَ يَسْأَلُ وذَهَب يَذْهَبُ وبَعَثَ يَبْعَثُ ونَحَلَ يَنْحَلُ ونَحَرَ يَنْحَرُ وَمغَثَ3 يَمْغَثُ وذَخَرَ يَذْخَرُ4 وقَدْ جاؤوا بأَشياءَ منهُ علَى الأصلِ قالوا: بَرَأَ يَبْرُؤُ كمَا قالوا: قَتَلَ يَقْتُلُ وهَنَأَ يَهنِىءُ كَضَرَبَ يَضْرِبُ وهوَ في الهمزِ5 أَقلُّ وكذلكَ في الهاءِِِ6ِ لأَنَّها مستقلةُ في الحَلقَ وكلَّما سَفلَ الحرفُ كانَ الفتحُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
وجبه: قال في القاموس المحيط وجبه كمنعه ضرب جبهته ورده.
2
أي: حروف الحلق، هي: الهمزة والهاء والحاء والعين والخاء والغين والقاف والكاف والشين والجيم والضاد.
3
مغث: مغث الدواء مرثه.
4
في الكتاب 2/ 252 وإنما فتحوا هذه الحروف لأنها سفلت في الحلق، فكرهوا أن يتناولوا حركة ما قبلها بحركة ما ارتفع من الحروف فجعلوا حركتها من الحرف الذي في حيزها وهو الألف وإنما الحركات من الألف والياء والواو.
5
لأن الهمزة أقصى الحروف وأشده سفولا، انظر: الكتاب 2/ 405 والمقتضب 1/ 192.
6
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -103- لَهُ أَلزم والفتحُ مِنَ الألفِ والألفُ أَقربُ إلى حروفِ الحَلقِ من أُختيها وقالوا: نَزَعَ يَنْزِعُ وَرَجَعَ يَرْجَعُ ونَضَحَ يَنْضَحُ ونَطَحَ يَنْطح وَرشَحَ يَرْشِحُ وجَنحَ يَجْنحُ والأصلُ في العينِ أَقلُّ لأَنَّها أَقربُ إلى الهمزةِ مِنَ الحاءِ وقالوا: صَلَحَ يَصْلُحُ وَفَرَغَ يَفْرُغُ وصَبَغَ يَصْبُغُ ومَضَغَ يَمْضُغُ ونَفَخَ يَنْفُخُ وطَبخَ يَطْبُخُ ومَرخَ1 يَمْرُخُ والخاَءُ والغينُ الأصلُ فيهما أَحسنُ لأَنَّهما أَشدُّ ارتفاعًا إلى الفَم ومما جاءَ على الأَصل من هذهِ الحروفِ فيهِ عيناتٌ قولُهم: زَأَرَ يَزْئِرُ ونأم2 يَنْئِمُ ونَعَرَ يَنْعِرُ3 وَرَعَدَتْ4 تَرْعُدُ وقَعَدَ يَقْعُدُ وشحجَ5 يَشْحِجُ ونَحتَ يَنْحِتُ6 وشَحَبَ يَشْحُبُ ونَغرتِ7 القدرُ تَنْغِرُ ولَغَبَ8 يَلْغُبُ وشَعَرَ يَشْعُرُ ومَخَضَ يَمْخُضُ ونَخَلَ يَنْخُلُ ونَخَرَ يَنْخُرُ وهَذا الضربُ إذَا كانتْ فيهِ الزوائدُ لم يفتحْ ألبتةَ كانَ حرف الحَلقِ لامًا أَو عينًا لأَنَّ الكسرَ لَهُ لازمٌ ولَيسَ هُوَ مثلُ "فَعَلَ" الذي يجيءُ مضارعهُ على "يَفْعِلُ" وَيَفْعَلُ وذلكَ مثلُ: استبرأَ يستبرِىءُ وانتزعَ يَنْتِزِعُ وكذلكَ: فَعُلَ يَفْعَلُ لا يغيرُ لأَنَّهُ لازمٌ لَهُ الضَمُّ وذلكَ قولُهم: صَبُحَ يَصْبُحُ وقَبُحَ يَقْبُحُ وضَخُمَ يَضْخُمُ ومَلُؤَ يَمْلُؤُ وقمؤَ9 يَقْمُؤُ وضَعُفَ يَضْعُفُ وقالوا: رَعَفَ يَرْعُفُ وسَعُلَ يَسْعُلُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مرخ: يقال مرخ جسده بالدهن: دهنه.
2
نأم: أن وصاح.
3
نعر: صاح وصوت بخيشومه.
4
أى: السماء.
5
شحج: الغراب أو البغل: صوت أو غلظ صوته.
6
مثل ضرب يضرب.
7
نفرت القدر: غلت.
8
لغب: لغبا القوم، حدثتهم حديثا كاذبا، واللغب: الغلام الفاسد.
9
قموء: قماءة، وقماءة: ذل وصغر.



ج / 3 ص -104- فَضَموا ما جاءَ منهُ علَى فَعَلَ فهم في "فَعُلَ" أَجدرُ وكانَ حَقُّ "سَعُلَ" وَرعُفَ أَن يجَيءَ علَى مثالِ ما جاءتْ عليهِ الأدواءُ.
فإنْ كانتْ هذهِ الحروفُ فاءاتٍ نحو: أَمرَ وأَكَل وأَفلَ يَأْفُلُ لم تفتحِ العينُ لسكونِ حَرفِ الحَلقِ وقالوا: أَبى يَأْبَى شبهوهُ بيَقْرَاُ وفيهِ وجهُ آخرُ أَن يكونَ مثلَ: حَسِبَ يَحْسِبُ فُتِحَا كما كُسِرَا وقالوا: جَبىَ يَجْبَى وقَلَى يَقْلَى "جَبَى جَمَعَ1 الماءَ في الحوضِ" وحكى سيبويه: عَضَضْتَ تَعَضُّ2. وقالَ أَبو العباس: عَضَضْتَ غيرُ معروفٍ ومَا كانت لامهُ ياءً أَو واوًا فحكمهُ في هَذا البابِ حكمُ غيرِ المعتلِّ نحو: شَأَى3 يَشْأَى وَسَعَى يَسْعَى وَمَحَا يَمْحىَ وصَفَى يَصْفَى ونَحَا يَنْحَى وقد قَالُوا: يَنْحُو يَصْفُوا ويزهوهم الآلُ4 ويَنْجُو ويَرغُو وأَما ما كانت لامهُ مِنْ حروفِ الحَلقِ وعينهُ معتلةٌ فلا تفتحُ لأَنَّها تكونُ ساكنةً نحو: بَاعَ يَبِيعُ وتَاهَ يتِيهُ وجَاءَ يَجِيءُ وكذلكَ المضاعفُ: نحو: دَعَّ يَدُعُّ وشَحَّ يَشُحُّ وزعمَ يونس: أَنَّهم يقولونَ: كَعِّ يَكَعُّ5. قالَ سيبويه: يَكِعُّ أَجودُ6 وهوَ كما قالَ.
واعلم: أَنَّ هذه الحروفَ الستةَ إذا كَنَّ عيناتٍ في "فَعِلَ" ففيهِ أَربعُ لغاتٍ7: فَعِلَ وفِعِلَ وفِعْلَ اسمًا كانَ أَو صفةً نحو: رِحِمَ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
انظر: الكتاب 2/ 254.
3
شأى: يشؤو شأوا القوم: سبقهم.
4
يزهوهم الآل: أي رفعهم.
5
انظر: الكتاب 2/ 255.
6
انظر: الكتاب 2/ 255.
7
انظر: الكتاب 2/ 255.



ج / 3 ص -105- وبِعِلَ والاسم رَجُلٌ لَعِبٌ1 وضَحِكٌ وما أَشبهَ ذلكَ في جميعِ حروفِ الحلقِ وفي "فَعيلٍ" لُغتانِ: فَعِيلٌ وفِعِيلٌ وتكسرُ الفاءُ في هذَا البابِ في لغةِ تَميمٍ نحو: سِعِيدٍ ورغيفٍ وَبخِيلٍ وَبِيِئسٍ وأَمَّا أَهلُ الحجازِ فيجرونَ جميعَ هَذا على القياس فإِنْ كانتِ العينُ مضمومةً لم تضم لها ما قبلهَا نحو: رَؤوفٍ ورؤوفٍ لا يضمُّ. قَالَ2: وسمعتُ مِنْ بعضِ العَربِ مَنْ يقولُ: بِيْسَ ولا يُحققُ الهمزةَ ويدعُ الحرفَ على الأصلِ3. وأَمَّا الذينَ قالوا: مِغِيرَةٌ وَمِعينٌ4 فَلَيسَ علَى هَذا ولكنهم أَتبعوا الكسرةَ الكسرةَ كما قالوا: مِنْتِنٌ وَأُنْبُؤُك وأُجُؤكَ "أَرادَ: أُنبِئُكَ وأَجِيئكَ"5 وقَالوا: في حرفٍ شَاذٍّ: إحِبَّ يحِبُّ شبهوهُ "بِمِنْتِنٍ" فجاؤوا بهِ على "فَعَلَ" كما قَالوا: يِئْبَى لِما جَاءَ شاذًا عن بابهِ خولفَ بهِ6 وقالوا: لَيْسَ ولم يقولوا: لاسَ ولا يجوزُ في "أَجِيئُكَ" ما جازَ في "يَحِبُّ" لأَنَّ يَحِبُّ غُيرتْ عن أَصلِها وكانَ حقُّها يُحِبُّ فلمَّا غيرتْ استحسنوا التغييرَ هُنَا والاتباعَ وأَجيئُكَ على حِقّها فلا يجوزُ أَن يتبعَ الهمزةَ الجيم لأَنَّ الجيمَ في الأصلِ ساكنةٌ أيضًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
رجل لعب: ساقط من "ب".
2
أي سيبويه، وانظر: الكتاب 2/ 255.
3
انظر: الكتاب 2/ 255.
4
في الأصل "مغير".
5
أنبئك وأجيئك ساقط في "ب".
6
انظر: الكتاب 2/ 256.



ج / 3 ص -106- بَابُ نظائرِ الثلاثي الصحيحِ مِنَ المعتل:
وهوَ ينقسمُ ثلاثَة أَقسامٍ معتل اللام والعينِ والفاءِ: الأولُ: وهوَ ما اعتلت لامهُ وذلكَ نحو: رميتهُ رَمْيًَا ومراهُ1 يمريهِ مَرْيًا وَهوَ مَارٍ وغَزَاهُ يغزوهُ غَزْوًا وَهوَ غازٍ هذهِ الأصولُ وقالوا: لقيتُه لِقَاءً واللُّقىَ وقليتهُ فأَنا أَقليهِ قِلَىً2 وهديتهُ هُدَىً وفِعَلٌ أُختُ فَعَلٌ لأَنهُ لَيسَ بينهما إلا الضمُّ والكسرُ وكُلُّ واحدةٍ تدخلُ على صاحبتِها وَعَتا عُتُوَّاً3 وثَوَى يثَوَى ثُوِيًّا ومَضَى مُضِيًَّا وعَاتٍ وثاوٍ وماضٍ ونَمَى يَنْمَى نَمَاءً وبَدَا يَبْدُو وقَضَى يَقْضِي قَضَاءً ونَثَا يَنْثُو نَثَاءً وقالوا: بَدَا بَدًَا ونَثَا4 نَثًَا وزَنَى زِنًَا وسَرَى يَسْرِي سُرَىً والتُّقى5. هَذا ما كانَ ماضيهُ علَى "فَعَلَ" وأَما "فَعُلَ" فقالوا: بَهُو يَبْهُو بَهَاءً وهو بَهِيٌّ وسَرُو يَسْرُو سَرْوًا وسَرِيٌّ وبَذُوَ يَبْذَو بَذَاءً و[هُوَ]6 بَذِيٌّ وبَذى7 مثلُ: سَقُمَ في تصرفهِ8 وَدَهُوْتُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مراه: مرى.
2
في الأصل "قلا".
3
في الأصل "عتى".
4
نثا: فرق وأشاع.
5
انظر: الكتاب 2/ 230.
6
زيادة من "ب".
7
بذى "ساقط من "ب".
8
في الكتاب 2/ 231 وقالوا: بذو يبذو بذاء، وهو بذي، كما قالوا: سقم سقاما وهو سقيم، وخبث، وهو خبيث. وقالوا: البذاء، كما قالوا: الشقاء.



ج / 3 ص -107- وَهْوَ دَهِيٌّ وبعضُ العرب يقولُ: بَزِيْتُ كَشَقِيْتُ وأَمَّا "فَعِلَ" فنحو: خَشِيَ يَخْشَى خَشْيَةً وخَشَيًَا وهوَ خَشْيَانُ وخَاشٍ وشَقِي يَشْقَى شَقَاوةً وشَقَاءً وقَوِيَ قَوَةً وخَزِيَ يَخْزَى خَزَايةً فهوَ خَزْيَانُ إذَا استحيى1.
قالَ الأصمعي: خَشِيَ الرجلُ يَخْشَى خَشْيًا وَهْوَ خَشْيَانُ وخَشٍّ إذَا أَخذهُ الرّبو والنّفَسُ وهذا معَ ما قبلهُ يدخلُ في بابِ الأدواءِ وهذا لم يذكره سيبويه وكان هذا موضعه في فَعَلَ فيما مضى وعَرِيَ الرجلُ إذَا خَرجَ مِنْ ثيابِه يَعْرَى عُرْيًا فهو عُريَانٌ وامرأةٌ عُرْيانَةٌ ونَشِيَ الرجلُ الخَبَر إذَا تخبره ونَظَر مِنْ أَينَ جَاءَ. يَنْشَا نِشْوَةً فهوَ نَشْيان. نظيرُ ذلكَ مما اعتلتْ عينهُ كِلتهُ كَيلًا والاسم كَائِلٌ وقِلْتهُ قَوْلًا والاسم قَائِلٌ وزِرتهُ زِيَارةً وخِفتُه خوفًا وهِبتهُ أَهَابهُ هيبَة ونلتُه أنالهُ نَيْلًا وذِمتُه أَذيمهُ ذَامًا وقِتُّه قُوتًا. وقالَ بعضهم: "رجُلٌ خَافٍ" فجاؤوا به على "فَعِل" مثلُ فَرِقٍ وقزعٍ3 وعِفْتُه أَعَافهُ عِيَافةً وغُرتُ4، أَغورُ غُوورًا وغِيَارًا وغِبتُ غُيُوبًا وقامَ قِيامًا ونحتُ نِيَاحةً وغابتِ الشمسُ غِياباُ ودَامَ يَدومُ دَوَامًا وَلِعْتَ5، تَلاَعُ لاعًا وَرَجلٌ لاَعٌ ولائِعٌ إلا أَنَّ قولَهم: لاعٌ، أَكثرُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل: "استحيا".
2
تخبره: انظر من أين جاء وعلمه.
3
قزع: قزوعا: أبطأ، والظبي: خف في عدوه هاربا.
4
غرت: قالوا: غرت في الشيء غرورا وغيارا إذا دخلت فيه.
5
لاع: لوعة: احترق قلبه وتألم من حب أو هم أو مرض، ولاعه الحب: أمرضه.



ج / 3 ص -108- نظيرُ ذلكَ مما اعتلت فاؤهُ.
وَعَدتهُ أَعِدهُ وَعدًا ولا يجيءُ في هَذا البابِ "يَفْعُلُ" يحذفُ الواوَ في "يَعُدُ" لوقوعِها بينَ ياءٍ وكسرةٍ وتجري باقي حروفِ المضارعةِ عليَها. وقالَ بعضُهم: وجَدَ يَجُدُ كأَنَّهم حذفوها مِنْ يُوْجُدُ وقالوا: وَرَدَ وُرودًا وَوَجِلَ يَوْجَلُ وَهُوَ وَجِلٌ وَوَضُؤَ يُوْضُؤُ فأتموا ما كان على فَعُلَ1 وقالوا: وَرِمَ يَرِمُ وَرَمًا وَهْوَ شَاذٌ عِنِ القياسِ وَوَرِعَ يَوْرَعُ لغة وَوَجدَ يَجِدُ وَجْدًا وَوَغِرَ يَغِرُ ويُوْغَرُ وَوَحِرَ2 يَحِرُ ويُوحَرُ ويُوحَرُ أَكثرُ ولا يجوزُ يَوْرَمُ وَوَلى يَلي وأَصلُه فَعِلَ يَفْعَلُ فَنُقل إلى "يَفْعَلُ"3 ليحذفوها طلبًا للخفةِ وأَمَّا ما كانَ مِنَ الياءِ فإنهُ لا يحذفُ منهُ وذلكَ قولُهم: يَئِسَ ييئِسُ ويَمَنَ وَيَيْمنُ وبعضهُم يقولُ: "يَئِسَ" يحذفُ الياءَ مِنْ "يَفْعِلُ" فأَمّا وطِيئَ يَطَأُ فإنَّما فتحوا العينَ للهمزةِ وهذَا جاءَ على "فَعِلَ يَفْعِلُ مثلُ: حسِبَ يَحْسِبُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 233. وقالوا: وضؤ يوضؤ ووضع يوضع فأتموا ما كان على فعل.
2
وحر: أكل ما دبت عليه الوحرة، "الحشرة" دويبه مثل أبي بريص.
3
انظر: الكتاب 2/ 233.
4
انظر: الكتاب 2/ 233.



ج / 3 ص -109- بَابُ ذِكرِ المصَادرِ التي تُضارعُ الأسماءَ:
التي ليستْ بمصادرَ وحقُّها الوصفُ مِنْ هذهِ الأفعالِ التي تقدمَ ذكرُها وجاءت علَى ضربينِ: أَحدهُما ما فيهِ علامةٌ للتأنيثِ والضربُ الثاني لا علامةَ فيهِ للتأنيثِ ويَجْمَعُ هذهِ المصادرَ كلَّها أَنَّها جاءت غيرَ جاريةٍ على فِعْلٍ وأَنَّ ما وقعَ منها صفةً خالصةً فعلَى غيرِ لفظِ الصفةِ والمؤنثُ ينقسمُ قسمينِ: أَحدهُما حرفُ التأنيثِ فيهِ أَلفٌ والآخرُ هاءٌ.
القسمُ الأولُ: ما جاءَ مِنَ المصادرِ فيهِ أَلفُ التأنيثِ:
وذلكَ قولُهم: رجَعْتهُ رُجْعَى1 وبشرتهُ بُشْرَى وذكّرتهُ ذِكْرَى واشتكيتُ شكْوى وأَفتيتهُ فُتْيَا وأَعداهُ عَدْوَى والبُقيا2، أَمَّا الحُذْيَا فالعطيةُ والسُّقيا ما سقيتَ والدَّعوى ما ادعيتَ وقال بعضُهم: اللهمّ: أَشرِكنَا في دَعْوى المسلمينَ وقالوا: الكِبْرِيَاءُ. الفِعْلُ رِميَّا3 وحجِّيزَى4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "رجعا".
2
البقيا: جمع بقايا.
3
رميا: وزنها: فعيلى. قال سيبويه 2/ 228 وأما الفعيلى فتجيء على وجه آخر تقول: كان بينهم رميا، فليس يريد قوله: "رميا، ولكنه يريد: ما كان بينهم من الترامي وكثرة الرمي، ولا يكون الرميا واحدا...".
4
في الأصل "حجيزا" والحجيزي، كثرة الحجز.



ج / 3 ص -110- وحِثِّيثَى1 وقالوا: الهجِّيرى2 وَهْوَ كثرةُ القولِ بالشيءِ والكلامُ بهِ.
وقالَ الأخفشُ: الأهجيرَى3 وَهْوَ كثرةُ كلامهِ بالشيءِ يرددهُ.
القسمُ الثاني علَى ضربينِ:
أَحدهما "فِعْلَةٌ" يُرادُ بها ضَربٌ مِنَ الفعلِ "فِعْلَةٌ" يرادُ بها المرةَ وذَلكَ الطِعْمَةُ وقِتْلَةُ سوءٍ وبئْسَتِ المِيتَةِ إنّما تريدُ: الضربَ الذي أَصابهُ مِنَ القتلِ وكذلكَ: الرِّكَبةُ والجِلْسَة وقَدْ تجيءُ الفِعْلَةُ لا يرادُ بها هَذا4 نحو الشِّدَةِ والشِّعْرةِ والدِّريةِ وَقَدْ قالوا: الدَّريةُ5، وقالوا: ليتَ شِعْري6، فحذفوا كما قالوا: ذَهَبت بعذرتِها وهوَ أَبو عُذرِها وهوَ بزنتهِ أَي بقَدْرهِ والعِدَةُ والضِّعَةُ والقِحَةُ لا تريدُ شيئًا من هَذا وأَمَّا المرةُ الواحدةُ من الفعل فهي فعلة نحو ضربة وقومة وقالوا أتيته إتيانه7، ولقيته لِقاءةً وهوَ قليلٌ وقالوا: غَزَاةٌ فأرادوا عَمْلَةً واحدةً وحجةَ عَمَلِ سَنَةٍ وقالوا: قَتَمةٌ8 وسَهَكَةٌ9 وخَمُطةٌ اسمٌ لبعضِ الريحِ كالبَنّةِ10 والشَّهْدَةِ والعَسَلةِ ولم يُرِدْ فَعَلَ فَعْلَةً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الحثيثى: كثرة الحث.
2
في الأصل "هجيرا".
3
في الأصل "الأهجيرا".
4
أي: هذا المعنى.
5
في الأصل "الدرة"
6
هو من شعرت شعرة. قال سيبويه 2/ 223 "أصله" فعلة مثل الدرية والفطنة فحذفت الهاء، والشاعر مأخوذ منه. وليت شعري: كلام يساق للتعجب والغرابة وانظر: أدب الكاتب: 62.
7
في "ب" ايتانا.
8
قتمة: الغبار الأسود.
9
سهكة: صدأ الحديد.
10
البنة: الرائحة طيبة كانت أم كريهة.



ج / 3 ص -111- الضربُ الثاني الذي لا علامةَ فيهِ للتأنيثِ:
وهوَ ينقسمُ قِسمين: أَحدهما ما أصلهُ أَن يكونَ مبنيًا للصفةِ فوقعَ للمصدرِ والقسمُ الآخرُ ما هُوَ من أَبنيةِ المصادرِ فوصفَ بهِ أَو جعلَ هُوَ الموصوف بعينِه: الأولُ: ما لفظه لفظ الصفةِ فوقعَ للمصدرِ وذلكَ ما جاءَ على "فَعُولٍ" نحو: تَوضأتُ وضُوءًا وتَطهرتُ طَهُورًا وأَولعتُ بهِ وَلُوعًا ومنهم مَنْ يقولُ وقدتُ النارَ وَقُودًا عاليًا وقَبلتُه قَبُولًا والوُقُودُ أَكثرُ والوَقَودُ الحَطبُ وعلَى فلانٍ قَبُولٌ وهذا البناءُ1 أَكثرُ ما يجيءُ في الصفاتِ نحو: ضَرُوبٍ وقَتُولٍ وهَبُوبٍ وتَؤُوم وطروَبٍ. الثاني: ما لفظهُ لَفظُ المصدرِ فجاءَ على معنى: مَفْعُولٍ وفَاعلٍ وذلك قولُكَ: لَبَنٌ حَلَبٌ إنّما تريدُ: مَحلوبٌ وكقولِهم: الخَلْقُ إنَّما يريدُ بهِ: المَخلوقَ والدرهمُ ضَرْبُ الأَمير: أَي: مَضروبٌ. ويقعُ علَى الفَاعلِ نحو: رَجلٍ غمْرٍ2، وَرَجل نَومٍ إنَّما تريدُ: الغَامرَ والنائمَ ومَاءٌ صَرَى أي صرٍ3 ومَعْشٌر كَرمٌ أي كُرماءُ وقالوا صَرِيِ يَصْرَى صَرْىً وَهُوَ صَرٍّ إذا تغيرَ اللبنُ في الضرعِ وَهْوَ رضىً أَي: مَرْضِيٌّ وأَمّا ما جُعلَ هوَ الموصوفُ بعينهِ: إلا أَنهم جاؤوا بهِ مخالفًا لبناءِ المصدرِ وغيرَ مخالفٍ. فقولُهم: أصابَ شِبعَه وهَذا شِبْعُه إنَّما يريدنَ مُشْبِعَهُ4، ومِنْ ذلكَ: هُوَ مِلءُ هذَا أَي: ما يملأُ هَذَا وقولُهم: لَيْسَ لَهُ طَعمٌ إنَّما معناهُ: ليسَ لَهُ طِيبٌ أَي: ليسَ بمؤثرٍ في ذوقي ومَا أَلتذُّ بهِ فهذَا مما خولفَ بهِ. وقد يجيءُ غيرَ مخالفٍ نحو: رويتُ ريًّا وأَصَابَ رِيَّهُ وَطعمتُ طُعْمًا وأَصابَ طُعْمَه ونَهِلَ يَنْهِلُ نَهَلًا وأَصَابَ نَهَلَهْ وقالوا: قُتَّهُ قَوْتًَا والقوتُ: الرزقُ فَلَم يدعوهُ علَى بناءٍ واحدٍ وقالوا: مَرَيْتُها مَرْيًا إذَا أَرادَ العَمَلَ وحلبتُها مِرْية لا يريدُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أي: المفتوح الفاء.
2
في "ب" غم وغام.
3
صر: خفيف إذا تغير اللبن في الضرع. وهو صرى، فتقول: هذا اللبن صرى وصر، وانظر: الكتاب 2/ 229
4
في الكتاب 2/ 228 "قولهم: أصاب شبعه، وهذا شبعه، إنما يريد: قدر ما يشبعه.



ج / 3 ص -112- "فِعْلَةً" ولكنَّهُ يريدُ نحوًا مِنَ الدرةِ والحَلبِ وقالوا: لُعْنَةٌ للذي يُلْعنُ واللعْنَةُ1 المصدرُ والخَلْقُ المصدرُ2 والمخلوقُ جَمعًا وقالوا: كَرَعَ كُرُوعًا والكَرَعُ: الماءُ الذي يكرعُ [فيه]3 وَدَرَأْتُهُ دَرْءًا وَهْوَ ذُو تُدْرَإِ أي: ذُو عُدَّةٍ ومَنَعةٍ وكاللُّعْنَةِ السُّبَّةُ إذا أَردتَ المشهورَ بالسَّبِّ واللعنِ جعلوهُ مثلَ: الشُهرَةِ.
قالَ أبو بكر: قَد ذكرتُ أَحوالَ الأَفعالِ الثلاثيةِ المتعديةِ وغيرَ المتعديةِ التي لا زائدَ فيها وعَرَّفْتُ: أَنَّ الفعلَ الذي لا يتعدى يُفَضَّلُ علَى المتَعدي بِفَعُلَ يَفْعُلُ وعرفتُكَ الأَسماءَ الجاريةَ عليها والمصادرَ وما لا يجري مِنَ المصادِرِ على الفعلِ.
واعلَم: أنَّ كُلَّ فِعْلٍ متعدٍّ فقد يبنى منهُ على مفعولٍ نحو قولِكَ في ضُرِبَ: مَضروبٌ وفي قُتِلَ: مَقتولٌ وما لا يتعدى فلا يجوزُ أن يبنى منهُ "مفعولٌ" إلا أن تريدَ المصدرَ أو تتسعَ في الظروفِ فتقيمَها مقامَ المفعول الصحيح وقدْ جاءَ في اللغةِ "فُعِلَ" ولَم يستعملْ منهُ فَعَلتُ وذلكَ نحو: جُنَّ وسُلَّ1. وَوُرِدَ مِنَ الحُمّى وهو مجنونٌ ومَسلولٌ ومحمومٌ ومورودٌ ولم يستعمل5 فيهِ فَعَلتُ: ومثلُه: قَطِعَ: كأَنَّهم قالوا: جُعِلَ فيهِ جنونٌ فجاءَ مجنونٌ عَلَى "فُعِلَ" كما جاءَ محبوبٌ مِنْ "أَحْبَبتُ" وكانَ حَقٌ مجنونٍ: مُجَنٌّ علَى: أَجَنَّ وقالَ بعضُهم6: "حَبَبْتُ" فجاءَ بهِ على القياسِ ونحنُ نتبعُ هذَا: بذكِر الأَفعالِ التي فيها زوائدُ من بنات الثلاثةِ ومصادرِها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" اللعن.
2
المصدر: ساقط من "ب".
3
زيادة من "ب".
4
ورد: يقال: ورد الرجل: إذا أخذته الحمى.
5
منه: ساقط في "ب".
6
انظر الكتاب 2/ 238.



ج / 3 ص -113- بَابُ ذكرِ الأَفعالِ التي فيها زوائدُ مِنْ بَناتِ الثلاثةِ ومصادرها:
هذهِ الأفعالُ تجيء علَى ضربين: أَحدهما على وزنِ الفِعلِ الرباعي والآخرُ على غيرِ وزنِ ذواتِ الأربعةِ فأَمَّا الذي على وزنِ ذواتِ الأربعةِ فهو أيضًا على ضربينِ: أَحدهما ملحقٌ ببناتِ الأربعةِ والآخرُ على وزنِ ذواتِ الأربعة في متحركاتهِ وسواكنهِ وليسَ بملحقٍ فالمحلقُ: حَوقَلَ1 حَوْقَلةً وَبَيْطرَ2 بَيْطَرةً وَجَهْوَرَ كلامَهُ3 وكذلكَ شَمْللتُ4 شَمْلَلَةً وسَلْقيتهُ5 سَلْقَاةً وجَعْبيتُهُ6 جَعْبَاةً فهذا ملحقٌ بِدَحْرَجَ ومضارعهُ كمضارعِ يُدَحرجُ نحو: يُجَعْبي7 ويُحوقلٌ ويُشمللُ8 ومصدرُ الرباعي بغيرِ زيادةِ يجيءُ على "فَعْلَلَةٍ وفِعْلاَلٍ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حوقل: كبر، ونام، وأدبر، واعتمد الشيخ على خصره.
2
بيطر: بيطر البيطار الدابة: إذا شق جلدها ليداويه.
3
جهور: في كلامه جهورة: علا صوته.
4
شملل: أسرع وشمر.
5
سلقيته: سلقي الرجل، طعنه، وسلقيته سلقاء: ألقيته على ظهره.
6
جعبى: جعبأه، صرعه، قلبه.
7
يجعبى: يصرع.
8
يشملل: يسرع ويشمر.



ج / 3 ص -114- نحو: السِّرهاف1 والزَّلْزَلةِ والزِّلْزَالِ وكذلك: الملحقُ الحِيقَالُ السِّلقَاء على مثالٍ الزِّلْزَالِ كما قالَ2:

وبعضُ حِيقَالِ الرجَالِ الموتُ

الضربُ الآخرُ: الذي علَى وزنِ ذواتِ الأربعة وليسَ بملحقٍ وهو يجيءُ على ثلاثةِ أضربٍ: فَعَلَ وأَفْعَلَ وفَاعَلَ الوزنُ على وَزنِ: دَحْرَجَ والمضارُع كمضارعِ بناتِ الأربعةِ لأَنَّ الوزَن واحدٌ ولا يكونُ المصدرُ3 كمصادِرها لأَنَّهُ غيرُ ملحقٍ بِهَا4 تقولُ: قَطَّعَ يدَهُ يُقَطعُها وكَسَّرَ يُكسرُ علَى مثالِ: يُدحرِجُ5 وقَاتَلَ يُقاتلُ وأَما أَفْعلتُ فنحو: أَكرَم يُكرمُ وأَحْسَنُ يُحْسِنُ وكانَ الأَصلُ: يُؤَكرمُ ويُؤحْسنُ حتَى يكونَ على مثالِ: يُدحرجُ لأَنَّ همزةَ أَكرمَ مزيدةٌ بحذاءِ دَال دَحْرَجَ وَحَقُّ المضارعِ أَن ينتظمَ ما في الماضي منَ الحروف ولكن حُذِفَتِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
السرهاف: الغذاء أحسنه، وسرهف الصبي أحسن غذاءه ونعمه.
2
نسب هذا الرجز لرؤبة العجاج، وقبله:

يا قوم قد حوقلت أو دونت وبعض حيقال الرجال الموت

ويجوز اشتقاق "حوقل" من الحلقة وهي ما بقي من نفايات التمر، لأن قولهم: حوقل الرجل، معناه: كبر وضعف، فصار كأنه لم يبق منه إلا نفايته.
ويروى في المخصص: وبعد حيقال الرجال الموت.
ويروى كذلك: وبعد حوقال. وأراد ا لمصدر، فلما استوحش في تصير الواو ياء فتحه.
وانظر: المقتضب 2/ 96 والمنصف 1/ 38 والمخصص1/ 14 واللسان "حوقل" والمحتسب 2/ 358 والعيني 3/ 573 وابن يعيش 7/ 155. وزيادات ديوان رؤبة/ 170.
3
في "ب" المصادر.
4
في الأصل "به".
5
هذا وزن "فعلت".



ج / 3 ص -115- [الهمزة]1 وقَدْ ذكرنَا هذَا فيما تقدمَ ومع هذَا فإنَّهم حذَفُوا الهمزَة الأصليّة لإلتقاءِ الهمزتينِ في: أَاْكلُ وأاخذْ وأَامرْ فقالوا: خُذْ وكُلْ ومُرْ ورُبمَّا جاءَ على الأصلِ فقالوا: أومرْ فإنْ اضطَّر شَاعرٌ فقالوا: يؤكرمُ ويُؤحسنُ جازَ ذلكَ كما قالَ2:

"
وصَالياتٍ ككُمَا يُؤثفَينْ..."

وكما قالَ3:

"
فإنهُ أَهْلٌ لأن يُؤَكرمَا..."

والمصادرُ في الفَعَلِ علَى مثالِ: الزِّلزالِ4، وليسَ فيهِ مثالُ: الزَّلْزلَةِ لأَنهُ نَقَصَ في المضارع فَجُعِلَ هَذا عوضًا وذلكَ نحو: أكرمتُه إكرامًا وأَعطيتُه إعطاءً وأَمَّا "فاعلتُ" فمصدره5 اللازمُ لَهُ "مُفَاعلةٌ6"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
من شواهد سيبويه 1/ 13 في باب ما يحتمل الشعر. وفي 1/ 203 على أن الكاف اسم بمعنى مثل وفي 2/ 331 على بقاء الهمزة في المضارع للضرورة. والصاليات: الأثافي، لأنها صليت بالنار، أي حرقت حتى اسودت، والأثافي: جمع أثفية وهي الحجارة التي ينصب عليها القدر.
والشاهد لخطام المجاشعي.
وانظر: المقتضب 2/ 97 والخصائص 2/ 368. ومجالس ثعلب/ 48. والمحتسب 1/ 186. وشرح السيرافي 6/ 18. وشرح الرماني 2/ 38. وارتشاف الضرب/ 24. وابن يعيش 8/ 42. وشواهد الإيضاح لابن بري/ 96 والسيوطي/ 172. والمقاييس لابن فارس 1/ 58.
3
الشاهد فيه كسابقه ولم يعرف قائله ولا تتممة له.
وانظر: المقتضب 2/ 98. والخصائص 1/ 144. وشروح سقط الزند 3/ 1184، والإنصاف/ 148. وارتشاف الضرب/ 24. والموجز لابن السراج/ 133. واللسان 15/ 415 وشرح السيرافي 1/ 260.
4
في "أفعلت".
5
فمصدره "ساقط في "ب".
6
انظر: الكتاب 2/ 243. والمقتضب 2/ 99.



ج / 3 ص -116- وذلكَ نحو: قَاتلتُهُ مُقَاتلَةً وشَاتمتُهُ مُشَاتمةً فهذَا على مثالِ: دَحْرجتُهُ مُدَحرجَةً ولَم يكنْ فيهِ شيءٌ على مثالِ: الدَّحْرجَةِ لأَنهُ ليسَ بملحقٍ "بِفَعْلَلتُ" ويجيءُ فيهِ "الفِعَالُ" نحو: قَاتلتُه قِتالًا وراميتُه رِمَاءً وكانَ الأصلُ "فِيعَالًا" لأَنَّ "فَاعلتُ" علَى وزنِ "أَفْعَلتُ" وفَعْلَلتُ فالمصدرُ كالزِّلْزَالِ والإِكرامِ ولكنَّ الياءَ محذوفةٌ مِنْ "فِيعَالٍ" استخفافًا وإنْ جَاءَ بها جَاءٍ فمصيبٌ وأَمَّا فَعَّلْتُ: فمصدرهُ التفعيلُ1 لأَنَّهُ يسَ بملحقٍ فالتاءُ الزائدةُ عوضٌ مِنْ تثقيل العينِ والياءُ بدلٌ مِنَ الألفِ التي تلحقُ قبلَ أواخرِ المصادرِ وذلكَ قولُكَ: قَطَّعتُه تَقْطيعًا وكَسَّرتهُ تكسيرًا وشمَّرتُ تَشميرًا وكان أَصلُ هَذا المصدرِ أنَ يكونَ فِعَّالًا كما قلتَ أَفْعلتُ إفْعَالًا ولكنهُ غُيرَ لبينَ أَنهُ ليسَ ملحقًا ولو جاءَ بهِ جاءٍ علَى الأَصلِ لكانَ مصيبًا كما قالَ الله جلَّ ذكره2 {وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا كِذَّابًا}3 وقالَ قومٌ4: حَمَّلتهُ حِمَّالًا وكَلّمتُه كِلاّمًا فهذهِ تصاريف هذهِ الأَفعالِ ومصادرها ونحنُ نذكرُ معانيها ومواقعها في الكلامِ إنْ شاء الله.
الأولُ: فَعَّلَ:
حقهُ أنْ يكونَ للتكثيرِ والمُبالغةِ فإذَا أدخلتَ عليهِ التاء قلتَ: تَفَعَّلتُ تَفَعُّلًا ضموا العينَ لأَنهُ لَيسَ في الكلام اسمٌ على "تَفَعّلَ" وفيهِ "تَفَعُّلٌ" مثلُ التَنوطِ5 اسمٌ6 ويجيءُ: فَعَّلتهُ وأَفْعَلتُه بمعنىً واحدٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 243 والمقتضب 2/ 74.
2
في "ب" عز وجل.
3
النبأ: 28 وانظر: الكتاب 2/ 243.
4
في "ب" ناس.
5
التنوط: نوط: علق، والتنوط-بضم التاء وكسر الواو- طائر يدلي خيوطا من شجرة وينسج عشه كقارورة الدهن منوطا بتلك الخيوط.
6
اسم: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -117- نحو1: خَبَّرتهُ وأَخبرتُهُ وَوَعَّزْتُ وأَوعزتُ وسَمّيتُ وأَسميتُ أَي: جَعَلتُه فَاعِلًا ويجيئان مفترقينِ2 نحو: عَلّمتهُ وأَعلمتُه فَعَلّتُ أَدبتُ وأَعلمتُ: آذنتُ وكذلكَ آذنتُ وأَذّنتُ مفترقانِ فآذنتُ: أَعلمتُ وأَذّنتُ مَنَ النداءِ والتصويتِ بإعلامٍ وبعضُ العربِ يجري: أَذّنتُ وآذنتُ مجرى سَمّيتُ وأَسميتُ وأَمرضتُه جَعلتُه مَريضًا ومَرَّضتهُ قمتُ علَيهِ
ومثلُه أَقذيتُ عينَهُ وَقَذّيتُها فأَقذيتُها: جعلتَها قَذِيَّةً وقَذَّيتُها: نَظفتُها مِنَ القَذَاءِ كَثَّرْتُ وأكثرتُ وقَلَّلتُ وأَقللتُ3 فكَثَّرتُ أَنْ تجعلَ قليلًا كثيرًا وقَلّلتُ تَجعلُ كثيرًا قليلًا وصَبَّحْنا ومَسَّينَا وسَحَّرْنا فمعناهُ: أَتيناهُ صباحًا في هذهِ الأوقاتِ ومثلهُ بَيّتناهُ4 أَتيناهُ بَيَاتًا وما بنيَ على "يُفْعّلُ" فهوَ يُشجّعُ ويُجَبّنُ ويُقَوّي أَي يُرمى بذلكَ وقد شُيّع الرجلُ أي رُميَ بذلكَ وقيلَ فيهِ.
الثاني: أَفعَلُ:
وحَقُّ هذهِ الألفِ إذا دخلتْ على: فَعِلَ لا زيادةَ فيهِ أَنْ يجعلَ الفاعلَ مفعولًا نحو: قَام وأَقمتُه وقَد ذكَر هذا فيما مضى ويكونُ في معنى "فَعَلَ" في لغتينِ مختلفتينِ نحو: قِلْتُه وأَقلتُه وأَشباهُ هذَا كثيرٌ وقد أَفردَ لَهُ النحويونَ وأَهلُ اللغةِ كتبًا يذكرونَ فيها: فَعَلْتُ وأَفْعَلتُ والمعنى واحدٌ وكما أَنهُ قَدْ جاءَ أَفْعَلتُ في معنى: فَعَلْتُ5 فكذلكَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" مثل.
2
في الأصل "متفقين" وهو خطأ.
3
زيادة من "ب".
4
بيت الشيء: دبره ليلا.
5
فعلت: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -118- يجيءُ: فَعَلتُ في معنى: أَفْعَلتُ يَنْقلُ الفَاعلَ فيجعلُهُ مفعولًا نحو: نَعِمَ الله بِكَ عينًا وأَنْعَم بمعنىً واحدٍ ويقالُ: أبانَ وأَبنتهُ واستبانَ واستبنته بمعنىً واحدٍ فأَبانَ وأَبنتُه في ذَا الموضع كحَزنَ وأَحزنتهُ1، وكذَلكَ: بَيّنَ وبَيّنتهُ ويجيءُ: أَفعلتُه علَى أَن تُعَرِضَهُ لأَمرِ كأَقتلتهُ2، وأَقبرتهُ جعلتَ لَهُ قبرًا وسقيتُه فَشَرِبَ وأَسقيتهُ3 جعلت لَهُ سُقْيَا ويجيءُ: أَفْعلُ علَى معنى أَنهُ صارَ4 صَاحبَ كذَا نحو: أجربَ صَارَ صَاحبَ جَربٍ وأَحالَ: صَارَ صاحب حِيَالٍ5 ومثلُه: مُقْوٍ ومُقطفٌ أَي: صَاحبُ قُوةٍ وقِطَافٍ في مالِه مِنْ قَوِيَ الدابةُ وقَطفَ ومثله أَلامَ فلانُ "أيَ: صَارَ صاحبَ لائمةٍ" ولاَمهُ بغيرَ هَذا المعنى وإنّما هُوَ إِذَا أَخبرهُ بأَمرِه والمعْسرُ والمُرسرُ مثلُ: المُجرِبِ فأَمَّا عَسَّرتُهُ فضيقتُ عليهِ ويَسَّرتُه وسعتُ عليهِ ومثلُ ذلكَ: اسمنتُ وأَكرمتُ فأربِط6. وكذلكَ أَلأَمتُ وأَرابَ صارَ صاحبَ رِيبةٍ ورَابني جَعلَ فيَّ رِيبةً ويجيءُ علَى معنى أَنهُ استحقَّ ذلكَ نحو: أَحصدَ الزرعُ وأَقطعَ النخلُ إذَا استحقَّ ذلكَ فإنْ أَخبرتَ أَنكَ فعلتَ قلتَ: قَطَعْتُ وأَحمدتُه: وجَدتُهُ مستحقًا للحمدِ مني وحَمدتُه جزيته وقضيته حقَّهُ ويجيءُ للمصيرِ إلى الحينِ وذلكَ نحو:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 234. زعم الخليل: أنك حيث قلت: فتنته وحزنته لم ترد أن تقول: جعلته حزينا، وجعلته فاتنا.. ولكن أردت أن تقول: جعلت فيه حزنا وفتنة فقلت: فتنته.
2
في الأصل "كأقلته" والصحيح، كأقتلته، أي: عرضته للقتل، واقتلته ساقط في "ب".
3
في الكتاب 2/ 235 قال الخليل: سقيته وأسقيته، أي: جعلت له ماء.
4
صار: ساقط من "ب".
5
حيال: الحيال: خيط يشد من بطان البعير إلى حقبه لئلا يقع الحقب على تباله.
6
انظر: الكتاب 2/ 236. والمعنى أنك وجدت مكانا للسمت والأكرام للدابة فاربطها حيث يكون ذلك.



ج / 3 ص -119- أَسْحَرْنَا وأَصْبَحْنا وأَهْجَرْنا وأَمْسَيْنا أَي: صِرنَا في هذِه الأوقاتِ ويجيءُ: أفعلتُ في معنى: فَعَّلتُ كما جاءت "فَعَّلتُ" في معناها: أَقْلَلتُ وأَكثرتُ في معنى قَلَّلتُ وكَثَّرتُ وقالوا: أَغلقتُ الأبوابَ وغَلَّقتُ. قالَ الفرزدقُ:

"
ما زلتُ أَغلقُ أَبوابًا وأَفتحها حَتَى أَتيتُ أَبا عمرِو بن عَمارِ"1

ومثلُ: أَغْلَقتُ وغَلّقتُ أَجدتُ وجَوَّدتُ وإذَا جَاءَ شيءٌ نحو: أَقْلَلتُ وأَكثرتُ: أي ِ جئتُ بقليلٍ وكثيرٍ فهذا على غيرِ معنى: قَلّلتُ وكَثَّرتُ.
الثالثُ: فَاعلَ:
وأَصلهُ أَن يكون لتساوي فاعلينِ2 في "فعل" وذلكَ نحو ضاربتُهُ وكَارمتُهُ فإذَا كنتَ أنتَ فعلتَ مِنْ ذلكَ ما تغلبُ بهِ وتستحقُّ أن تَنسبَ الفعلَ إليكَ دونَهُ قلتَ: كارَمني فكرمتهُ أُكرمهُ وخَاصمني فخصمتُه أُخصمُه فهذَا البابُ كلهُ علَى مثالِ: خَرجَ يَخرُجُ إلا ما كانَ مثل: رَميتُ وبِعتُ وَوَعدَ فإنَّ جميعَ ذلكَ: أَفعلُهُ وليسَ في كُلِّ شيءٍ يكونُ هذا لا تقولُ: نَازعني فنزعتُهُ استغني عنهُ بِغَلَبْتُهُ وقَد يجيءُ "فَاعلتُ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 237، على جواز دخول أفعلت على فعلت فيما يراد به التكثير، يقال: فتحت الأبواب وأغلقتها والأكثر فتحتها وغلقتها. لأن الأبواب جماعة، فيكثر الفعل الواقع لها. وأبو عمرو بن عمار: هو أبو عمرو بن العلاء وقد مدحه الفرزدق وافتخر بصحبته. وغلق الباب وانغلق واستغلق. إذا عسر فتحه.
وانظر: شرح الرماني 4/ 111، وأدب الكاتب لابن قتيبة/ 451 واللسان "علق" والأشباه والنظائر 1/ 49.
2
في سيبويه 2/ 238: اعلم أنك إذا قلت: فاعلته، فقد كان من غيرك إليك مثل ما كان منك إليه حين قلت: فاعلته، ومثل ذلك: ضاربته وفارقته، وكارمته.



ج / 3 ص -120- لا تريدُ [به]1 عَمَل اثنينِ نحو نَاولتهُ وعاقبتُه وعافاه الله وسافرتُ2 وظاهرتُ [عليهِ]3 وأَما "تَفَاعلتُ" فلا يكونُ إلا وأَنتَ تريدُ فِعْلَ اثنينِ فصاعدًا ولا يعملُ في "مَفْعولٍ" نحو: تَرامينَا وقَد يشركهُ "افْتعَلنا" فتريدُ بها معنىً واحدًا نحو: تَضاربوا واضطَربوا وتَجاوروا واجتوروا وقالوا: [تَماريتُ]4 في5 ذلكَ وتراءيتُ لَهُ وتَقَاضيتُه وقد يجيءُ "تفَاعلتُ"]6 ليريكَ أَنهُ في حالٍ ليسَ فيها نحو: تَغَافلتُ وتَعامَيتُ وتَعاشيتُ وتعارجتُ7. قالَ الشاعر8:

"
إذَا تَخازرتُ ومَا بي مِنْ خَزَرْ..."


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت كلمة "به" لأن المعنى لا يستقيم بدونها.
2
في الأصل "ساررت".
3
أضفت كلمة "عليه" لإيضاح المعنى.
4
انظر: الكتاب 2/ 239.
5
في الأصل"من".
6
ما بين القوسين ساقط من "ب".
7
تعارجت: تعارج تكلف العرج وليس به.
8
من شواهد سيبويه 2/ 239 "على أن تفاعل تكون بمعنى أن يظهر الفاعل أن أصله حاصل له وهو منتف عنه، فقوله: وما بي من خزر يدل على ما ذكرنا، وتخازر: نظر بمؤخر عينه تداهيا ومكرا، فإن كان ذلك خلقة فهو الخزر، ولم يتكلم الأعلم عن هذا الرجز، وينسب إلى أرطأة بن شيبة، ونسب كذلك للأغلب وينسب لغيرهما.
وانظر: المقتضب 1/ 79، وأدب الكاتب لابن قتيبة/ 457. وأمالي القالي 1/ 96. والجواليقي/ 321. والمخصص 14/ 180. وسمط اللآلي 1/ 299، والاقتضاب/ 409. وشرح السيرافي 5/ 255. والمفصل للزمخشري/ 280. ومعجم ابن فارس 2/ 180. والمحتسب 1/ 127.



ج / 3 ص -121- بابُ دخولِ "فعَّلتُ" علَى "فَعَلْتُ" لا يشركهُ في ذلك: "أَفْعَلْت":
تقولُ: كَسَرتُها فَإِذا أَردَت كثرةَ العَملِ قلتَ: كَسَّرتُها وقالَوا: مَؤَّتْتُ وقَوَّمْتُ إِذا أردتَ جماعةَ الإِبلِ وغيرَها وقالوا: يُجَوِّلُ أَي: يكثرُ الجَولانَ ويُطّوفُ أي: يكثرُ ذاكَ1 والتخفيفُ في هذا كلِه جَائزٌ لأَنَّ كُلَّ فالقليلُ فيهِ واجبٌ يجوزُ أَنْ تقولَ: ضَرَبْتُ تريدُ: ضَربًا كثيرًا وقليلًا فإِذاَ قلتَ: ضَرَّبتُ انفردَ بالكثيرِ أَلا تَرى أَنكَ إذَا قلتَ: ضَرَبْتُ ضَربًا جازَ أَن يكونَ مرةً ومرارًا فإِذَا قلتَ: ضربةً انفرد بمرةٍ واحدةٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أي: التطويف.



ج / 3 ص -122- بَابُ دخولِ التاءِ علَى فَعَّلَ:
فإِذا أدخلتَ التاءَ على "فَعَّلَ" صارَ للمطاوعةِ نحو: كَسّرتهُ فَتَكَسَّرَ وأَما تَقَيَّسَ وتَنَزّرَ فكأَنهُ جرى على "نُزرَ فَتَنَزَّرَ وَقُيِّسَ فَتَقَيَّس مثلُ. كُسِّرَ1 فتكَسَّرَ وإِذَا أَرادَ الرجلُ أَن يدخلَ نفسَهُ في أَمرٍ حتَى يُضافُ إليه يقولُ: تَفَعّلَ نحن: تَشَجّع وتَمَرّأَ أَي: صَارَ ذَا مُروةٍ وقَد يجيءُ تَقَيَّسَ وتَنَزَّرَ مثلُه إذَا أَدخلَ نفسَهُ في ذَلِكَ وقَد يشاركُ "تَفَعَّلَ" اسْتَفعَلَ نحو: تَعَظَّمَ واسْتعظَمَ وتَكَبَّر واسْتكبَر وتجيءُ: تَفَعّلْتُ بمعنى: الاستثباتِ ويُشاركُها استَفْعَلتُ: نحو: تَيَقّنتُ واستيقنتُ وتَبَيّنتُ واستبينتُ وتَثَبّتَ واستثبتَ وقولُهم: تَقَعَّدتْهُ إِنّما هُوَ: رَيَّثْتهُ2 عَنْ حاجتهِ وعُقْتُهُ ومثلهُ: تهيبني البلادُ وأمَّا: تنقّصتهُ3 فكأنهُ الآخِذُ مِنَ الشيء الأوّلَ فالأوّلِ ومثلُهُ: يَتَجرَّعهُ ويَتَحسَّاهُ وأَما "تَعَقَّلهُ" فنحو: تَقَعَّدهُ لأَنهُ يريدُ: أَن يَختِلهُ4 عن أَمرٍ يعوقهُ عنهُ ويَتَملَّقه5 نحو ذلكَ لأَنهُ إِنَّما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" كيس فتكيس، وهو تصحيف.
2
ريثته: ريثه منعه وحبسه.
3
في سيبويه 2/ 240 وأما قوله: تنقصته، وتنقصني، فكأنه الآخذ من الشيء الأول فالأول.
4
يختله: يخدعه عن أمر.
5
يتملقه: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -123- يُريدُ أَنْ يُديرَهُ عَنْ شيءٍ وقالوا: تَظلمني أَي: ظَلَمني مَالي كما قالوا: جِزْتُ وجَاوزتُهُ1 ونَهيتُهُ واستنهيتهُ مثلُ: عَلَوته واستعلَيتهُ والمعنى واحدٌ وأَمَّا تَخَوَّفهُ فهوَ أَن تُوقعَ أَمرًا يقعُ بكَ فَلا تأمنهُ في حالِكَ التي تكلمتَ فِيهَا و"خافهُ"2 ليَس كذلكَ وأَما يتَسَمَّعُ ويَتَبصّرُ ويَتحَفَّظُ ويَتَجرّعُ ويتدَخّلُ ويَتعَمّقُ فجميعهُ عَملٌ بَعْدَ عَملٍ في مهلةٍ وتَنَجَّزَ حَوائجَهُ [واستَنْجَزَ]3 في معنىً واحدٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
بناه على "تفعل" كما قال: أجزته وجاوزته.
2
أي: قد يكون وهو لا يتوقع منه في تلك الحال شيئا.
3
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -124- بابُ افتراقِ: فَعَلْتُ واَفْعَلتُ:
تقول: دخلَ وأَدخلهُ غيرُهُ وخافَ وأَخفتُه وجَالَ وأَجلتُه ومَكُثَ وأمكثتهُ وفَرِحَ1، وأَفرحتهُ وفرَّحْتُهُ يشتركانِ. ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ: أَملحتهُ2 والكثيرُ مَلّحتهُ وَظَرُفَ وَظَرَّفتُهُ ولا يستنكرُ "أَفعلتُ" [فيها]3 فأمَّا: طَرَدتهُ: فَنَحيتهُ وأَطردتهُ: جعلتَهُ طريدًا وأطَلَعتُ4: بَدوتُ وأَطلعتُ: هَجمتُ وشَرقتِ الشمسُ بدَتْ وأَشرقتْ: أَضاءَتْ: وأسرعَ5: عَجِلَ كَثَقُلَ كأَنهُ غَريزةٌ كَخَفّفَ وقالوا: فَتَن الرجلُ وفَتَنتهُ وحَزِنَ وَحَزنْتُهُ لم يردْ أَن يقولَ: جَعَلتُه حزيناً6 ولكنْ جعلتُ فيهِ حزنًا مثلُ كَحَلْتُهُ جَعلتُ فيهِ كُحلًا وإذا أردتَ ذلكَ قلتَ: أَحزنتهُ: وأَفتنتهُ ومثلهُ: شَتِرَ7 الرجلُ وشَتَرْتُ عينهُ فإِذَا أَردتَ تغيرَ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
وفرح: ساقط من "ب".
2
في الكتاب 2/ 233 "وسمعنا من العرب من يقول: أملحته كما تقول: أفزعته".
3
أضفت كلمة "فيه" لإيضاح المعنى.
4
يقال: أطلعت عليهم، أي: هجمت عليهم.
5
قال سيبويه 2/ 134 وأما سرع وبطؤ، فكأنها غريزة، كقولك: خف وثقل، ولا تعديهما إلى شيء كما تقول: طولت الأمر وعجلته.
6
انظر: الكتاب 2/ 234.
7
شتر: جرح.



ج / 3 ص -125- شَتر الرجل قُلتَ: أَشترتهُ وعورتْ عينهُ وعُرتهُا وبعضهم يقولُ: سَوِدتُ وسَدتُها مِنَ السوادِ وقد اختلفوا في هذَا البيتِ لنصيبٍ1 فقالَ بعضُهم:
"
سَوِدتُ فَلَمْ أَملكْ سَوَادِي وتَحْتَهُ... قَمِيصٌ مِنَ القُوهيّ بِيضُ بَنائقُه2.
وقالَ بعضُهم: سُدْتُ: يريدُ فَعُلتُ وجملةُ هذَا أَنكَ إذا أردتَ تغييرَ "فَعَلَ" قلتَ: أَفعلُ فَقَط وقالوا: عَوَّرتُ عينَهُ مثلِّ فرَّحته وسوَّدته ومثلُ: فَتَنْتهُ جَبَرَتْ يَدهُ وجَبَرتُها وَرَكَضَت الدابةُ وَركضتُها ونَزَحتِ الرَّكْيَّةُ3، وَنَزَحْتُها وسَارتِ الدابةُ وسَرتُها ورَجُسَ4 الرجلُ وَرَجَستُه ونَقَصَ الدرهمُ ونَقَصتُهُ وغَاضَ الماءُ وَغِضْتُهُ وقَد جاءَ فَعَّلتهُ إذَا أَردتَ أَن تجعلَهُ "مُفْعِلًا"5 نحو: فَطَّرنهُ فأَفطرَ وَبَشَّرْتُهُ فأَبشرَ وهَوَ قليلٌ وأَما خَطَّأتهُ فإنّما أَردتَ: سميتُهُ مُخْطِئًا مثلُ فَسَّقتهُ6، وَزَنَّيتُهُ7، وحَيَّيتهُ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
نسب في الأغاني 20/ 2 إلى سحيم وليس في ديوانه.
2
من شواهد سيبويه 2/ 234 على "سودت" وهو يريد "اسوددت" من السواد فبناه على "فعلت" كما قالوا: كهب يكهب، وقهب يقهب من الكهبة والقهبة وهما لونان إلى الغبرة. ويروى: سدت وهو من "فعلت" لحقه الاعتلال فحذفت واوه. يقول. إن كنت أسود فلم أملك سوادي وأجلبه، لأنه خلقة فخلتي أبيض وعقلي، وضرب القوهي مثلا لذلك والقوهي: ضرب من الثياب البيض ينتسب إلى قوهستان. وهو إقليم في فارس وقوهستان معناه في الأصل: موضع الجبال. والنبائق: جمع نبقة. ونبائق القميص: العرى التي تدخل فيها الأزرار، ويريد بالقميص الذي تحت سواد قلبه وخلقه.
وانظر: شرح الرماني 4/ 233 وشرح السيرافي 5/ 237 والأغاني 1/ 354، والأمالي لأبي علي 2/ 88 وذيل الأمالي 127 والخصائص 1/ 216 وابن يعيش 7/ 167.
3
الركية: البئر ذات الماء، وجمعه ركي، وركايا.
4
رجس: ورجس، رجاسة: عمل عملا قبيحا، والرجس، العمل القبيح.
5
أضفت كلمة "نحو" لإيضاح المعنى.
6
فسقته: سميته بالفسق.
7
زنيته: سميته بالزنا.



ج / 3 ص -126- وسَقَّيتهُ قلتَ لَهُ: حَياكَ اللّهُ وسَقاك1 ويَا فَاسقُ ويَا زَاني وأَفَّغتُ بهِ قلتَ لَهُ أُفٍّ [لك]2 وقالوا: أَسقيتهُ في [معنى]3 سَقَّيتُهُ ودَخلَ "أَفعلُ" علَى "فَعَّلَ" كدخولِ فَعَّلَ عليهِ.
القسمُ الثاني: ما فيهِ زائدٌ مِنْ بنَاتِ الثلاثةِ:
وليسَ علَى وزنِ ذَواتِ الأربعةِ وهو ما أُسكنَ أَوله ودخلَ عليهِ أَلفُ الوصلِ وهيَ تجيءُ على ثمانيةِ أَبنيةٍ: انْفَعلَ افْتعَلَ استفعلَ افَعالَلتُ افْعَلَلتُ افْعَوْعَلَ افْعَوَّلَ افْعَنللْتُ.
الأولُ: انْفَعلَ هذَا البناءُ يجيءُ للمطاوعةِ نحو: قَطعتُهُ فانقطعَ وكسرتهُ فانكسرَ وقالوا: طردتُه فذَهبَ استغنى بهِ عَنْ انطردَ4، وقَد يجيءُ: افْتعَلَ "في معنى" "انْفَعَلَ" نحو: غمتُه فاغْتَمَّ يجوزُ فيهِ انفعل وافْتعلَ.
الثاني: افْتَعلَ: حكمُ افْتعَلَ وبابهُ أَن يكونَ متعديًا وقَدْ يجيءُ في معنى "انْفَعلَ" في المطاوعةِ فمتى جاءَ على معنى المطاوعةِ فهوَ غيرُ متعدٍ5 فإذا قلتَ: شَويتهُ فاشْتَوى فهوَ علَى معنى: انشَوى وإِذَا قلتَ: اشتويتُ اللحمَ أَي: اتخذتُ شِواءً وشويتُ مثلُ: أَنضجتُ وكذلكَ اختبز وخَبزَ واطَّبخَ وطَبَخَ واذَّبحَ وذَبَح فذبحَ بمنزلةِ قولهِ: قَتَلهُ واذَّبحَ بمنزلةِ قولهِ: اتخَذَ ذبيحةً والأَجودُ في "افتعلَ" أَن يقع متعديًا على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
سقاك: ساقط من "ب".
2
زيادة من "ب".
3
أضفت كلمة "معنى" لإيضاح المعنى.
4
انظر الكتاب 2/ 238.
5
في "ب" وإذا.



ج / 3 ص -127- غيرِ معنى الانفعالِ وحَبستهُ بمنزلةِ: ضبطْتهُ واحتبستهُ اتخذتُهُ حبيسًا واصطَبَّ الماءَ بمنزلةِ استقِهِ1 تقولُ اتخذْهُ لنفسِكَ وكذلكَ: أكْتَلْ واتَّزِنْ2، وقَد يجيءُ على وَزنته وكِلْتهُ فاكتالَ واتَّزنَ وقد يجيءُ فيما لا يرادُ بهِ شيءٌ مِنْ هذَا نحو: افْتقَر فأمَّا كسبَ فإنهُ أَصابَ واكتسبَ: هُوَ التصرفُ والطَّلبُ والاجتهادُ بمنزلةِ الاضطرابِ. وقد جاءَ: افْتَعلتُ على "تَفَعَّلْتُ" قَالوا: ادَّخَلوا واتَّلجوا يريدونَ معنى: تَدخلوا وتولجوا. وقالوا: قرأتُ واقترأَتُ وخَطفَ واخْتَطفَ بمعنىً واحدٍ وأَما انتزعَ فهي خَطْفةٌ كقولِكَ استَلبَ وأما3 "نَزَع" فإنهُ تحميلُكَ إِياهُ وإن كانَ على نحوِ الاستلابِ وكذلكَ: قَلعَ واقْتَلعَ وجَذَبَ واجْتَذَبَ4.
الثالثُ: استفعلَ:
وهُوَ طَلبُ الفعلِ نحو: استنطقتهُ فنطَقَ لأَنَّ: استنطقَ مأخوذُ مِنْ "نَطقَ" واستكتمتهُ فكتمَ واستخرجتهُ فَخَرجَ واستعطيتهُ طلبتُ العطيّةَ ومثلهُ استعتبت5 واستفهمتُ وَهوَ متعدٍّ وفِعْلُ المطاوعِ يجيءُ على "فَعَلَ" إِنْ كانَ الماضي علَى "فَعَلَ" بلا زيادةٍ وإن كانَ الماضي علَى "أَفعلَ" كانَ فِعْلُ المطاوعِ عَلى "أَفعلُ" نحو6: استنطقتهُ فَنطَق لأنه استنطقته مأخوذ من "نطق" فإن قلت: استَفْتَيْتُهُ قلت: فأفتى لأَنَّ الماضي: أفتى ومنهُ أُخذَ اسْتَفْتَى وكذلكَ: استخبرتهُ فأَخبرَ لأَنكَ تريدُ: سألتهُ أَن يخبرَ وكذلكَ: استعملتهُ فأعلمني فَعَلَى هذَا يجري هَذا فافهمهُ وقالوا:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه 2/ 241، وأما اصطب الماء فبمنزلة اشتوه، كأنه قالك اتخذ لنفسك.
2
واتزن: ساقط من "ب".
3
في "ب" فأما.
4
جذب واجتذب بمعنى واحد.
5
استعتبته: طلبت إليه العتبى.
6
في "ب" مثل. بدلا من "نحو".



ج / 3 ص -128- اسَتَحَقَّهُ طَلَب حَقَّهُ واستخفَّهُ: طَلَب خفتَهُ واستعجلَ: مَرَّ طالبًا ذاكَ مِنْ نفسهِ ويجيءُ: اسْتَفْعَلتُ أيضًا على معنى: أَصابهُ الفعلُ أي: أَصبتُ كذَا نحو: استَجَدتهُ: أَصبتهُ جيدًا واستكرمتهُ أَصبتهُ كريمًا واستعظمتهُ أَصبتهُ عظيمًا وقد جاءَ في التحولِ مِنْ حالٍ إلى حالٍ نحو1: استنوقَ الجملُ واستتيستِ الشاةُ. وقَد جاءَ: استفعلَ "في معنى" تَفعَّلَ قالوا: تَعَظَّمَ واستعظمَ وتَكبَّرَ واستكبرَ وتَيقَّنتُ واستيقنتُ وتثبَّتُّ واسْتَثْبتُّ وقَد جاءَ علَى معنى: "أَفَعَلَ وفَعَّلَ" وذلكَ نحو: استخلفَ لأَهلهِ2، كما تقولُ: أَخلفَ لأَهلهِ واستعليتُهُ بمعنى عَلَوْتُهُ.
الرابعُ: افْعَاللتَ:
يجيءُ هذَا الضربُ في الألوانِ نحو: احماررتُ احمِرارًا واشْهَابَّ3 اشهيبابًا وكذلكَ جميعُ هذَا الضربِ وقد مضَى ذكرهُ وتجيءُ. أَشياءُ مستعملةً بالزيادةِ فَقَط نحو: أقطَارَّ النبتُ وأقطر وارعويتُ واشْمَأززتُ. قَد ذكرهُ سيبويه في الرباعي وإن كانَ مهموزًا فليسَ هذَا موضعَهُ وهو ثلاثي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
نحو: ساقط في "ب".
2
في الكتاب 2/ 239 وقد يجيء "استفعلت" على هذا المعنى كما جاء تذائبت وعاقبت تقول: استلأم. واستخلف لأهله، كما تقول: أخلف لأهله والمعنى واحد.
وانظر: أدب الكاتب 460.
3
الشهبة: لون بياض يصرعه سواد في خلاله.
4
أشياء: ساقط في "ب".
5
اقطر: النبات أخذ يجف، إذا ولى وأخذ يجف.
6
انظر: الكتاب 2/ 242.
7
في "ب" وإذا بدلا من "إن".



ج / 3 ص -129- الخامسُ: افْعَلَلتُ:
وَهُوَ مقصورٌ من افْعَالَلتُ نحو: احمررتُ وما أَشْبهَهُ ويجيءُ الشيءُ مستعملًا بالزيادةِ [فقط]1.
السادس: افْعَوعَلَ:
قالَ الخليل: كأَنَّهم يريدونَ بهِ المبالغةِ2 والتوكيد وذلكَ: خَشُنَ واخْشَوشنَ واعشوشبتِ الأرضُ واحْلولَى ورُبّما بُنيَ عليه الفعلُ فلم يفارقُهُ نحو: اعروريتُ الفَلْو إذا ركبتهُ بغيرِ سَرجٍ.
السابعُ: افْعَوَّلَ:
نحو: اجْلَوّذَ3 واعلوَّط4 كذَا قالَ سيبويه5: وقالوا: الاعِلواط6: ركوبُ العُنُقِ والتَقَحمُ علَى الشيء.
الثامِنُ: افْعَنللَ:
نحو: اسْحَنْكَك7، ومعناهُ اسودَّ فهو بمنزلةِ: اذلولى8 [إذا]9 أريدَ بهِ الإِلحاقُ باحْرَنجَمَ واقَعنْسَسَ مِثْلهُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
انظر: الكتاب 2/ 241.
3
اجلوذ: الاجلواذ: المضاء والسرعة في السير وذهاب المطر.
4
اعلوط: تعلق بعنقه وعلاه، قال سيبويه 2/ 241 "واعلوط إذا جد به السير. وعلوطته إذا ركبته بغير سرج". وانظر: تعريف المازني 1/ 82.
5
انظر الكتاب 2/ 242.
6
انظر الكتاب 2/ 243، والمقتضب 1/ 76-77.
7
اسحنكك: الليل: اسود وأظلم.
8
اذلولى: أسرع. ذل وانقاد.
9
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -130- [بَابُ]1 مَصادر ما لحقتهُ هذهِ الزوائدُ:
أَفْعَلتُ مصدرهُ إفْعالٌ أَلفهُ مقطوعةٌ افْتَعَلْتُ: افْتِعالٌ أَلفهُ موصولةٌ مثلهُ2 في فعلهِ انْفَعَلتُ: انْفعالٌ نحو: انطلقتُ انطلاقًا واحمررتُ: احمرارًا واحماررتُ: احميرارًا واشْهاببتُ اشهيبابًا واقْعَنسَسْتُ3، اقْعِنْسَاسًا واجْلَوَّذْتُ اجْلوَّاذًا استفعلتُ استفْعَالًا وكذلكَ كلّ4 مَا كانَ على وزنهِ ومثالهِ يخرجُ علَى هذَا الوزنِ وهَذا المثال فَعَّلتُ: "تَفْعيلٌ" التاءُ بدلٌ مِنَ العينِ الزائدةِ في "فَعَّلتُ" والياءُ بمنزلةِ الألفِ في الأَفعَال. وقالَ ناَسٌ: كَلَّمتهُ كِلاَّمًا وحَمَلّتُهُ حِمَّالًا شبهوهُ بالإِفعال5 في متحركاتهِ وسَواكنهِ. تَفَعَّلتُ "تَفَعُّلٌ" ضَموا العينَ لأَنهُ ليسَ في الكلامِ اسمُ على: "تَفَعّلٍ" وفيهِ: تَفَعُّلٌ. مثلُ التَّنُوطِ وهو طائرٌ ومَنْ قالَ: كِذَّاباً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
في "ب" مثلها.
3
اقعنسس: تأخر ورجع إلى خلف.
4
كل: ساقط في "ب".
5
في سيبويه 2/ 243، وقال ناس: كلمته كلاما وحملته حمالا أرادوا أن يجيئوا به على الأفعال فكسروا أوله.
6
التنوط: -بضم التاء وكسر الواو- طائر يدلي خيوطا من شجرة.



ج / 3 ص -131- قالَ: تَحَملتُ تِحمَّالًا فَاعلتُ: مُفَاعلةً الميمُ عوضٌ مِنَ الألفِ التي بعدَ الفاءِ والهاءُ عوضٌ مِنَ الألفِ التي في المصدرِ قبلَ آخرهِ. ومَنْ قالَ تِحمّالًا فهوَ يقولُ: قِيتَّالًا وقالوا: مَاريتهُ مِراءً وقَاتلتهُ قِتَالًا وجاءَ فِعَالٌ علَى "فَاعلتُ" كثيرًا لأَنَّهُم حذَفوا الياءَ التي جاءَ بها أُولئكَ في قِتيالٍ "ومُفَاعلةٌ" لا تنكسرُ1.
تَفَاعلتُ: "تَفَاعلٌ": ضموا العينَ ولَم يكسروها2 لئلا يشبه الجمعَ ولم يفتحوا لأَنهُ ليسَ في الكلامِ "تَفَاعِلٌ" في الأسماءِ ولو فتحوا لكانَ لفظُ المصدرِ كلفظِ الفِعْلِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" كثير وفي سيبويه 2/ 244 "أما المفاعلة فهي التي تلزم ولا تنكسر كلزوم الاستفعال، استفعلت، والذي أثبت هو الصحيح.
2
ولم يكسروها: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -132- بَابُ ما لحقتهُ الهاءُ عوضاً:
وذلكَ أَقمتُ إِقامةً كانَ الأصلُ إِقوامًا فحذفتِ الألفُ وكذلكَ: استَعنتهُ استعانةً كانَ الأصلُ: استفعالًا وأَريتهُ: إِراءةً وإِنْ شئتَ لم تُعوضْ قالَ تَعالى1: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ}2 وقَالوا: اخترتُ اختيارًا فلم يلحقوا الهاءَ حينَ أَتموا. وقالوا: أَريتهُ: إِرَاءً مثلُ: إِقاماً3 وأَمَّا: عَزَّيتُ4: تَعْزيةً فلا يجوزُ حذفُ الهاءِ منها ولا مما لامهُ ياءٌ أو وَاوٌ وكانَ أَصلُ تَعزيةٍ تَعزّيٌ فَحَذْفت زَايًا مَنَ الزاي المشددةِ والمشددةُ حرفانِ5 وقَد يجيءُ في الأولِ نحو الاحواذِ والاستحواذ ونحوه على الأصل ولا يجوز الحذفُ فيما لامهُ همزةٌ نحو: تَجزئةٍ وتَهنئةٍ لأَنَّهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
الأنبياء: 73.
3
أي: مثل أقمته إقاما.
4
في سيبويه 2/ 245 وأما عزيت تعزية ونحوها فلا يجوز الحذف فيه ولا فيما أشبهه لأنهم لا يجيئون بالياء في شيء من بنات الياء والواو، مما هو فيه في موضع اللام صحيحتين.
5
حرفان: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -133- أَلحقوهما1 بأخيتهما2 الياءِ والواو قالَ أبو العباس3: الإِتمامُ أَجودُ وأَكثرُ عَنْ أبي زيدٍ4 وجميعِ النحويينِ فيقولونَ: هَنَّأتهُ وخطَّأتُه تخْطئًا وتَهْنِئًا وتَخْطِئةً وتَهْنِئةً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "ألحقوها".
2
في الأصل "بأختيها".
3
أي: المبرد.
4
أبو زيد الأنصاري من أساتذة سيبويه.



ج / 3 ص -134- بَابُ ما جاءَ المصدرُ فيهِ مِنْ غيرِ الفعلِ لأَنَّ المعنى واحدٌ:
وذلكَ: اجتوروا تجَاورًا وتجاوروا اجتِوارًا وانكسَر كَسْرًا وكُسِرَ انكسارًا {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}1 كأَنَّه قالَ: فَنبتم نَباتًا {وَتَبتَّلْ إليه تَبْتِيلًا}2 كأَنهُ قالَ: بَتّلَ. وفي قراءةِ ابن مسعودِ: "وأُنْزِلَ الملائكةُ تَنِزْيِلًا" لأَنَّ أُنْزِلَ ونُزِّلَ واحدٌ قالَ القطامي:

وَليسَ بأَنْ تَتَبعَهُ اتِّباعَا...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
نوح: 17.
2
المزمل: 8. قال المبرد: 1/ 74. لأن تبتل وبتل بمعنى واحد وانظر الكتاب 2/ 244.
3
الفرقان: 25، والقراءة: {وَنُزِّلَ الملائكةُ تَنِزْيِلًا} قال سيبويه 2/ 244: لأن أُنْزِلَ ونُزِّلَ واحد.
4
من شواهد سيبويه 2/ 244 "على تأكيد قوله: تتبعه، بقوله اتباعا وهو مصدر اتبعت، لأن معنى: اتبعت وتتبعت واحد، فكأنه قال: بأن تتبعه تتبعا. يقول: خير الأمر ما أتي عفوا عن غير تكلف وهو مقبل عليك غير مدبر عنك، والأمر هنا بمعنى الأمور، لأنه اسم جنس يؤدى عن الجميع، وهو عجز بيت صدره:

وخير الأمر ما استقبلت منه وليس بأن تتبعه اتباعا

وانظر: المقتضب 3/ 205 والخصائص 2/ 309 وشرح المفضليات للأنباري/ 352، والفائق للزمخشري 3/ 189. وشرح السيرافي 5/ 267 وأمالي ابن الشجري 2/ 141. وأدب الكاتب/ 647. والخزانة 1/ 391 والديوان/ 32.



ج / 3 ص -135- فجاء به على "اتبع" وقال رؤبة:

"
وقَدْ تَطَوَّيْتُ انطواءَ الحِضْبِ1"

فجاءَ بهِ على "انفْعلَ" ومثلُ هذهِ الأشياءِ "تدَعهُ2 تركاً" لأَنَّ المعنى واحدٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 244 "على تأكيد "تطويت" بالانطواء، لأن معنى "تطويت" وانطويت سواء. وبعده: بعد قتاد ردهة وشقب.
والحضب- بكسر الحاء – الحية من غير قيد، وقيل: الحية الدقيقة، والتقادة: شجر معروف والردهة: نقرة في الجبل أو في الصخرة، والشقب: مهواة ما بين جبلين، يعني أنه ينساب في مشيته كالحية.
وانظر: شرح السيرافي 5/ 267. وأمالي ابن الشجري 2/ 141. والصحاح 1/ 112 والهمع 1/ 187.
2
أي: أن تدعه وتركا بمعنى واحد.



ج / 3 ص -136- هذا بابُ ما يكثرُ فيهِ المصدرُ مِنْ "فَعَلْتُ":
وتلحقُ الزوائدَ وتَبنيهِ بناءً آخرَ علَى غيرِ ما يجبُ للفعلِ1 تقولُ: في الهَدْر التَّهدار وفي اللَّعِبِ التَّلْعَابُ والصَّفْقِ التَّصْفَاقُ والتَّرْدَادُ2 والتَّجْوَالُ والتَّقْتَالُ والتَّسْيَارُ فأَما: التِّبْيَانُ فلم تزدِ التاءُ للتكثيرِ ولو كَانَتْ لذلكَ لفتحت ولكنَّها زيدتْ لغيرِ علة وكذَلكَ التِّلْقاَءُ إنَّما يُريدُ: اللُّقيَانَ.
ذِكرُ الفِعْل الرّباعي وهوَ القسمُ الثاني مِنْ أَولِ قِسْمةٍ:
الرباعي عَلَى ضربينِ: أَحدهما: لا زيادةَ فيهِ والآخرُ ذو زيادةٍ: الأولُ: الذي لا زيادةَ فيهِ نحو: دحرجتُه: دَحْرَجةً وزَلزلتُه: زَلْزَلةً بهِ نحو: حَوْقلتهُ: حَوقَلةً وزَحولتُهُ: زَحْوَلةً مأخوذُ مِنَ "الزِّحْلةِ3" وإنَّما أَلحقوا الهاءَ عوضًا مِنَ الألفِ التي تكونُ قبلَ آخرِ حَرْفٍ وذلكَ أَلفُ زِلزالٍ وقالوَا: زَلِزالٌ والكسرُ الأَصلُ نحو: القِلْقَالِ وسَرْهفتهُ4

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 245.
2
الترداد: كثرة الرد.
3
الزحلة: التي تزحل الأمر قبيحا كان أو حسنا.
4
سرهفته: سرهف وسرعف، إذا نعمه وأحسن غذاءه.



ج / 3 ص -137- سِرْهَافًا كَأنَّهم أَرادوا مِثالَ الإِعطاءِ لأَنَّ أَعطى على وَزْنِ: دَحْرجَ وسَرْهفَ فإذَا قلتَ: سِرْهَافًا فصارَ1 علَى وزِن: إكْرَاَمٍ في سَواكنهِ ومتحركاتِه لا في زوائدِه. وزلزالٌ على مِثَالِ: تَفْعيلٍ2.
الثاني مِنَ الرباعي: وهوَ ما لحقتهُ الزيادةُ ففيهِ ما جَاءَ بالزيادةِ علَى مثالِ: اسْتَفعلتُ "فمصدرُه يجيءُ على مثالِ مصدرِ اسْتَفْعَلَ" وذلكَ [نحو]3 احْرَنجمتُ4، احْرنجَامًا واطمأنَنتُ واطْمئنَانًا والطمأنينةُ والقُشعَريرةُ ليسَ واحدٌ مِنْهما بمَصدر علَى "اطْمأنَنتُ" واقشعررتُ كَما أَنَّ النَّباتَ ليسَ بمصدرٍ علَى "أَنْبتَ" وتدخلُ التاءُ على ذواتِ الأربعةِ كما دخلتْ على ذواتِ الثلاثةِ نحو: تَدَحْرجَ وتَدحرجنَا تَدحرجًا والكلامُ يقلُّ في ذواتِ الأربعةِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" صارت.
2
أي: فتحوا أول الزلزال، كما فتحوا أول التفعيل، فكأنهم حذفوا الهاء وزادوا الألف في"الفعللة" والفعللة هاهنا بمنزلة المفاعلة في "فاعلت" والفعلال بمنزلة الفيعال. انظر: الكتاب 2/ 245.
3
زيادة من "ب".
4
احرنجم: أراد الأمر ثم رجع فيه، واحرنجم القوم أو الإبل: اجتمع بعضها على بعض وازدحموا.



ج / 3 ص -138- بَابُ ما لا يجوزُ أَنْ تعديَهُ مِنَ الثلاثي والرباعي:
وذلكَ انْفَعَلْتُ نحو: انْطَلقتُ انطلاقًا وانْكمَشتُ لا تقولُ فيهِ فَعَلْتُهُ مثلُ: كسرتهُ فانكسرَ لا يجوزُ: احرنجمتُه لأَنّهُ نظيرُ انفعلتُ "في بنَاتِ الثلاثةِ زادُوا فيهِ نونًا وأَلفَ وصلٍ وليسَ في الكلامِ" أفَعَنللْتهُ ولاَ "افْعَنْلَيتهُ ولا افْعلَلَتُهُ ولا افْعَاللتُه" وهو نحو: احمررتُ واشهاببتُ ونظيرُ ذلكَ من بناتِ الأربعةِ اطمأننتُ واشْمأزَزْتُ وأَما "افعَوعلَ" فقد يتعدى.
قالَ حَميدُ الهلالي:

"
فلمَّا أتى عَامانِ بعدَ انفصالِه عِنِ الضرعِ واحْلَولى دِمَاثًا يُرُودُها"1


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 242 "على تعدي: احلولى، إلى الدماث فدل هذا على أن افعوعل قد يتعدى، ومعنى احلولى هنا استمرأ وطاب. ويقال: احلولى الشيء إذا اشتدت حلاوته، وهو على هذا غير متعد لأنه بمنزلة: حلا، في أنه الفاعل في نفسه إلا أنه يبنى على هذا للمبالغة. والبيت في وصف حوار ناقة. والدماث: جمع دمث، وهو السهل من الأرض اللين، أي: استعذب نبات الدماث واستمرأها وقوله: يرودها، يجيء بها ويذهب أو يأتيها للرعي، ومعنى أتى هاهنا: مضى وقيل: لا يأتي افعوعل متعديا إلا هذا الحرف وحرف آخر هو: اعروريت الفرس ويروى البيت: واحلولى دثارا يرودها. وكذلك يروى الشطر الأول: فلما مضى عامان.. وانظر: أدب الكاتب 461. واللسان "حلا" والمحتسب 1/ 319 والمزهر للسيوطي 1/ 103.



ج / 3 ص -139- وافَعَوَّلَ أيضًا يتعدى نحو "اعلوَّطتهُ"1 وكذلكَ "فَعْلَلْتُهُ" صَعْرَرتهُ2 لأَنهُ علَى بناءِ دَحْرجتهُ3، وهوَ ملحقٌ بهِ وكذلكَ فوعلتهُ مُفَوْعلةً نحو: كَوكبتهُ مَكَوكبةً وقالوا: اعروريتُ4 الفَلْو5، فَعْرّوهُ.
واعْلَم: أَنّ ما لا يتعدى في جميعِ الأفعالِ أَقلُّ مما يتعدى.
قالَ سيبويه: إنّما كثَر المتعدي لأَنَّهم يدخلونَ المَفعولَ في الفعل ويشغلونه [بهِ]6 كما يفعلونَ ذلكَ بالفاعِل7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
اعلوط: تعلق بعنقه وعلاه.
2
في الأصل "صفرته" وليس لها معنى، وإنما هو: صعررته، والمصعرر: هو المدور قال الراجز: يبعرن مثل الفلفل المصعرر.
إذا شبه بعر الظبية بالفلفل.
3
دحرجته: في الأصل "درجته".
4
اعرورى: سار في الأرض وحده، والفرس ركبه عريانا، ويقال: اعروريت مني أمرا قبيحا، أي: ركبته.
5
الفلو: الجحش مضى عليه عام.
6
زيادة من "ب".
7
انظر: الكتاب 2/ 243.



ج / 3 ص -140- هذَا بابٌ نظيرُ "ضَرَبتُه" ضَرْبةً. مِنْ هذهِ الأَبوابِ كُلُّ المصادرِ:
المصادرُ تجيءُ علَى أَفعالِها على القياسِ لا تتغيرُ نحو: اسْتَفْعَلتُ اسْتفعَالًا وأعطيتُ إعطاءَةً وانطلقتُ: انطلاقةً واستخرجتُ: استخراجةً وتقولُ: قَاتلتُه مُقَاتلةً ولا تقولُ: قِتَالةً لأَنَّ الأكثرَ في "فَاعلتُ" مُفَاعلةً ولو أَردتَ الواحدَ من "اجتورتُ فقلتَ: تَجَاورةً جازَ لأَنّ المعنى واحدٌ ومثلُ ذلكَ تَرَكَهُ تَرْكَةً واحدةً. واحرنجمتُ احْرنجامةً واحدةً واقشعررتُ1، اقشعرارةً ونظيرُ ذلكَ مِنْ بناتِ الأربعةِ: دحرجتُه دَحْرجَةً واحدةً وزَلزلةً واحدةً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
بعد كلمة: "اقشعرارة" جملة مكررة، وهي: "نظير ذلك من بنات الأربعة: دحرجته دحرجة واحدة وزلزلة واحدة، وغير موجودة في "ب".











48



















الأصول في النحو

ذِكْرُ المشتقِّ مِنْ ذواتِ الثلاثةِ علَى مثالِ المضارعِ مما أَولُه ميمٌ:
اعلَم: أَنهم يشتقون للمكانِ والمصدرِ والزمانِ مِنَ الثلاثي ولا يكادُ يكونُ في الرباعي إلا قليلًا أَو قياسًا. الأولُ: الثلاثي: يجيءُ علَى مثالِ الفِعْلِ المضارعِ على "يَفْعِلُ" ويَفْعَلُ فتقعُ الميمُ موقعَ حرفِ المضارعة للفصلِ بينَ الاسم والفعلِ.



ج / 3 ص -141- الضربُ الأولُ: وهوَ ما كانَ "علَى" فَعَلَ يَفْعَلُ فإنَّ موضِع الفعلِ مَفْعِلٌ مثلُ يَفْعِلُ:
وذلِكَ مَجْلِسٌ ومَحْبِسٌ والمصدرُ مَفْعَلٌ وذلكَ قولُهم: إنَّ في ألفِ درهمٍ لمِضْربًا أَي: لَمَضْرَبًا وقالَ عزّ وجلَ: {أَينَ المَفَرُّ}1 والمكانُ "المِفَرُّ" والمَبِيتُ: المكَانُ والمَعَاشُ2 المصدرُ. وقَد جاءَ مَفْعِلُ يرادُ بهِ "الحينُ" جَعلوا الزَّمانَ كالمكانِ وذلكَ قولُهم: أَتتِ الناقةُ علَى مَضْرِبها3 وأَتَتْ علَى مَنْتجها4 تريدُ الحينَ ورُبّما بنوا المصدرَ على المَفْعِلِ قالَ جَلَّ وعَزَّ: {إليَّ مرْجِعُكُمْ}5 وقالوا: المَحِيضُ6 يريدونَ: الحَيْضَ. والمَعْجِزُ يريدونَ: العَجْزَ وقالوا: المَعْجِزُ القياسِ ورُبّما أَلحقوا هاءَ التأنيثِ فقَالوا: المَعْجَزةُ7 كما قالوا: المَعْيِشةُ ويدخلونُ الهاءَ في المَوْضِعِ أيضًا: نحو المَزلَّةِ أَي: مَوضعُ الزّللِ وقالوا: المَعْذرةُ8 والمَعْتبةُ وقالوا: المَعْصِيةُ والمَعْرِفَةُ9.
الضربُ الثاني:
ما كانَ على "يَفْعَلُ" مفتوحًا اسمُ المكانِ علَى مثالِه على القياسِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
القيامة: 10 إذا قرأ بالفتح، فيريد أين الفرار. وانظر: الكتاب 2/ 246.
2
المعاش: قال تعالى في سورة النبأ: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}، أي: جعلناه عيشا.
3
المضرب: مكان أو زمان الضرب.
4
منتجها: وقتها الذي تنتج فيه البهائم.
5
العنكبوت: 8، يريد: رجوعكم.
6
قال تعالى في سورة البقرة: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}.
7
المعجزة: والمعجزة: بالكسر والفتح.
8
ألحقوها الهاء وفتحوا على القياس.
9
كقولهم: المعجزة وربما استغنوا بمفعلة عن غيرها وذلك قولهم: المشيئة، وانظرك الكتاب 2/ 247.



ج / 3 ص -142- مفتوحٌ كما أَنَّ "يَفْعِلُ" كانَ فيهِ مكسوراً1 وذلكَ قولُكَ: شَرب يَشْرَبُ والمكانُ: مَشْرَبٌ ويَلْبَسُ والمكانُ: مَلْبَسٌ والمصدرُ مفتوحٌ أيضًا2 لأَنَّه كانَ يُفتَحُ معَ المكسورِ فهوَ في المفتوحِ أَجدرُ وقَد جاءَ الكسرُ للفرقِ3. وقالوا: علاهُ المكبرُ وقالَوا: مَحْمِدَةٌ فأنثوا وكسروا4، وحكم "يفْعُلُ" حكمُ "يَفْعَلُ" وتنكبوا أَنْ يقولوا: "مَفْعُلٌ" لأَنهُ ليسَ في الكلام اسمٌ مثلُ "مَفْعُلٍ5" تقولُ في "يَقْتُلُ" "ويقومُ": المَقْتَلُ والمَقامُ في المكانِ وقالوا: المَلامةُ6 في المصدرِ وقالوا: المَرَدُّ والمَكَرُّ يريدونَ: الكُرُورَ والرَّدَّ وقالوا: المَدْعَاةُ والمأْدبةُ يريدونَ: الدَّعاءَ إلى الطعامِ وقالوا: مطْلِعٌ يريدونَ الطُّلوعَ كما قالوا: في بَابِ "يَفْعِلُ" المَرْجِعُ وبَابُ: يَفْعُلُ حقهُ أَنْ يشتركَ فيهِ "يَفْعَلُ" ويَفْعَلُ بَلْ كانَ "يُفْعِلُ" أَحقُّ بهِ لأَنُّ "يَفْعِلُ"7 أُختُ "يَفْعُلُ" أَلاْ تَراهما يجيئانِ في مضارعِ "فَعَلَ" ولكنْ جاءَ في الأكثرِ على "يَفْعل" لخفةِ الفَتحةِ وأَنهُ لمّا كانَ لا بُدَّ من تغييرِ يَفْعَلُ غيروا إلى الأَخفِّ فإذَا جاءكَ شيءٌ على قياسِ "يَفْعَلُ" فاعلم: أَنَّ الخفةَ قصدوا وإنْ جاءَ على قياسِ "يَفْعِلُ" فاعلم: أَنَّهُ أَحقُّ بهِ لأَنَّهما أُختانِ أَعني: يَفْعِلُ ويَفْعُلُ وقالوا: مَطْلِعٌ يريدونَ: الطُلوعَ وهيَ لغةُ بني تميمِ. وأَهلُ الحجازِ يفتحونَ8، وقَد كسروا الأَماكنَ أيضًا في هذَا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مكسورا: ساقط في "ب".
2
أيضا: ساقط في "ب".
3
وقالوا: ساقط في "ب".
4
أي: كما كسروا المكبر.
5
انظر: الكتاب 2/ 247.
6
أنثوا الملامة لأنهم قالوا: اكره مقال الناس وملامهم.
7
في "ب" على "مفعل، يفعل" وليس صحيحا.
8
انظر: الكتاب 2/ 248.



ج / 3 ص -143- وذلكَ المَنْبِتُ والمَطْلِعُ لمكانِ الطُّلوعِ1 وقالوا: مَسْقِطُ رأْسي للموضعِ والسقوطِ المَسْقَطُ.
قالَ أبو العباسِ: يختلفُ الناَسُ في "المَطْلِعِ" فبعضُ يزعمُ: أَنَّ المَطلعَ: هو المكانُ الذي يطلعُ فيهِ ويجعلُ المصدرَ "المَطْلعَ2" وبعضُهم يقولُ كما قالَ سيبويه3 وأَمَّا المَسْجِدُ فاسمُ البيتِ ولستَ تريدُ بهَ موضِعَ جبهتِكَ ولو أَردتَ ذلكَ لقلتَ: مَسْجَدٌ ونظيرُ ذلكَ: المُكْحُلة والمِحْلَبُ والمِيسمُ اسمٌ لوعاءِ الكُحْلِ4 وإنَّما دخلتْ هذهِ الميمُ في "مِيْسَم" ومِحْلَبٍ لمعنى الارتفاقِ وكذلكَ: المُدُقُ صارَ اسمًا كالجُلمودِ وكذلكَ المَقْبُرةُ والمَشْرقُةَ ومَوضعُ الفعلِ مَقْبَرٌ وكذلك المَشْرُقَةُ وهي الغُرْفَةُ وكذلكَ: المُدْهنُ والمَظلِمةُ بهذهِ المنزلةِ إنّما هوَ اسمُ ما أَخذَ منكَ5. وقالوا: مَضْرَبةُ السيفِ جَعَلُوهُ اسمًا للحديدة6 وبعضُهم يقولُ: مَضْرُبةٌ7 والمِنْخِرُ بمنزلةِ المُدْهنِ والمَسْرُبَةُ8 والمَكرُمةُ والمأثُرةُ بمنزلةِ: المَشْرُقةِ9 وقَد قالَ قومٌ: مَعْذَرُةٌ كالمأْدُبةِ ومثلهُ: {فَنَظِرَةٌ إِلَى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
لمكان الطلوع: ساقط في "ب".
2
المطلع: وقت الطلوع.
3
قال سيبويه 2/ 248؛ وقد كسروا في "يفعل" قالوا: أتيتك عند مطلع الشمس أي: عند طلوع الشمس، وهذه لغة تميم، وأما أهل الحجاز فيفتحون.
4
لأنك لم ترد موضع الفعل.
5
أي: لم يرد مصدرا ولا موضع فعل.
6
في الأصل "الحديد".
7
في سيبويه 2/ 248 "وبعض العرب يقول: مضربة، كما يقول: مقبرة ومشربة، فالكسر في مضربة كالضم في مقبرة.
8
المسربة: الشعر في الصدر وفي السرة.
9
المشرقة: مثلثة الراء- موضع القعود في الشمس بالشتاء.



ج / 3 ص -144- مَيْسَرَةٍ1}. ويجيءُ المِفْعَلُ اسمًا وذلكَ "المِطْبخُ" والمِرْبَدُ وكُلُّ هذهِ الأبنيةِ تقعُ اسمًا للذي ذكرنَا من هذهِ الفصولِ لا لمصدرٍ ولا لموضعِ فِعْلٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
البقرة: 28



ج / 3 ص -145- بَابُ ما كانَ مِنْ هذَا النحو مِنْ بناتِ الياءِ والواوِ التي فيهِ لاماتٌ:
الموضعُ والمصدرُ فيهِ سواءٌ يجيءُ على "مَفْعَلٍ" وكانَ الأَلفُ والفتحُ أَخفٌّ علَيهم مِنَ الياءِ والكسرةِ1 وذلكَ نحو: مَغْزَىً ومَرْمَىً وقَد قالوا: مَعْصِيةٌ ومَحْمِيةٌ2 ولم يجىء مكسورًا بغيرِ الهاءِ3 وأَما بناتُ الواوِ مثلُ: يَغزُو فيلزمُها الفتحُ لأَنَّها "يَفْعُلُ" وإنْ [كانَ]4 فيها ما في بَناتِ الياءِ مِنَ العَلَّةِ5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 248.
2
على غير قياس.
3
لأن الإعراب يقع على الياء ويلحقها الاعتلال. فصار هذا بمنزلة الشقاء والشقا، وتثبت الواو مع الهاء وتبدل مع ذهابها.
4
زيادة من "ب".
5
العلة: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -146- بَابُ ما كانَ من هَذا النحوِ من بناتِ الياءِ والواوِ فيهِ فاءٌ:
المكانُ منِ ذواتِ الواوِ يُبنى1 علَى "مَفْعِلٍ" وذلكَ قولُكَ للمكانِ المَوْعِدُ والموَضِعُ والمَورِدُ وفي2 المصدرِ المَوجِدةُ والموْعِدةُ ومَوْحِلٌ لأنَّ هَذا البابَ يَفعَلُ منه [لا يصرفُ 3 إلى] يَفْعُلُ. وقال أكثر العرب في وَحِلَ وَوَجِلَ مَوْجِلٌ ومَوْجلٌ لأَنَّ هذهِ الواوَ قَد تَعَلُّ فشبهوهُ بواوِ وَعَد.
وقالَ سيبويه: حدثَنا يونس وغيرُه: أَنَّ ناسًا مِنَ [العربِ]4 يقولونَ في "وَجِلَ" يَوْجَلُ ونحوِه: مَوْجَلٌ5، قالَ: وكأَنَّهم الذينَ يقولونَ: يوْجَلُ "فلم يعلوا الواوَ"6، وقالوا: مَوَدةٌ لأَنَّ الواو تَسلمُ في "يَوَدُّ" وليستْ مثلَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" يجيء بدلا من يبنى".
2 "
في" ساقط من "ب".
3
أضفت "لا يصرف إلى" لاضطراب المعنى.
4
زيادة من "ب".
5
انظر: الكتاب 2/ 249.
6
قال سيبويه 2/ 249: وحدثنا يونس وغيره أن ناسا من العرب يقولون في وجل: يوجل، ونحوه: موجل، وموكل، وكأنهم الذين قالوا: يوجل فسلموه، فلما سلم وكان "يفعل" "كيركب"ونحوه شبه به.



ج / 3 ص -147- "واوِ يَوْجَلُ" التي قَد يعلُّها بعضُهم فتح ومَوْحَدٌ فتحَ لأَنَّهُ اسمٌ معدولٌ عن واحد1 فشبهوهُ بالأسماءِ نحو: مَوْهبٍ ومَوألةٍ2 وأَما بناتُ3 الياءِ فإنَّها بمنزلةِ غيرِ المعتلَّ لأنَّها تتمُّ فَلا تَعَلُّ4، أَلاَ تراهم قالوا: مَيْسَرةٌ5، وقالَ بعضُهم: مَيْسُرَة6؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كما أن عمر، معدول عن عامر.
2
موألة: اسم رجل.
3
أي التي الياء فيهن فاء.
4
في "ب" ولا تعل.
5
قالوا: ميسرة، كما قالوا: المعجزة في المعجز.
6
انظر: الكتاب 2/ 249.



ج / 3 ص -148- بَابُ ما يكونُ "مَفْعَلَةٌ" بالفتحِ والهاءُ لازمةٌ لَهُ:
وذلكَ إِذَا أَردتَ أَن تُكثِر الشيءَ بالمكانِ نحو: مَسْبَعَةٍ ومَأْسَدَةٍ وَمَذأَبةٍ1، وليسَ في كُلِّ شيءٍ قيلَ إلا أَنْ تَقيس شيئًا وتعلَم أَنَّ العربَ لم تتكلم بهِ ولم يجيئوا بمَثَل لهذَا في الرباعي ولو قلتَ من بنَاتِ الأربعةِ مثلَ قولِكَ: مَأْسَدةٌ لقلتَ: مُثَعْلَبةٌ لأَنَّ ما جاوزَ الثلاثةَ يكونُ نظيرَ المُفْعَلِ "منهُ بمنزلةِ المَفْعُولِ" وقالوا: أَرضٌ مُثَعلبةٌ ومُعَقْربةٌ ومَنْ قالَ: ثَعالةٌ قالَ: مُثْعَلةٌ ومُحْيَأَةٌ مِنَ الحَياتِ وَمَفْعَاةٌ فيها أَفاعٍ2 ومَقْثَأَةٌ: فيها القِثَّاءُ3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مذابة: كثيرة الذئاب.
2
في الأصل "أفاعي".
3
القثاء: نوع من الشجر.



ج / 3 ص -149- باب نظائِر ما ذكرنا مِما جاوزَ بناتَ الثلاثةِ زيادةٍ بزيادةٍ أَو غيرِ:
فالمكانُ والمصدرُ1 يُبنى من جميعِ هَذا بناءَ المفعول وكانَ بناءُ المفعولِ أَولى بهِ لأَنَّ المصدَر مفعولٌ والمكانَ مفعولٌ فيهِ فيضمونَ أَوَّلَهُ كما يضمونَ المفعولَ كما أَنَّ أَولَ بَناتِ الثلاثةِ كأَولِ المفعولِ منها2 في فتحهِ إلا أَنَّهُ على غيرِ بنائهِ وهوَ مِنَ الرباعي عَلى بنائِه3 يقولونَ للمكانِ: هَذا مُخْرجُنَا ومُمْسَانَا وكذلكَ إذا أردتَ المصدَر وتقولُ أيضًا للمكانِ: هَذا مُتَحاملنا وتقولُ: ما فيهِ مُتُحامَلٌ أَي: تَحَاملٌ [ويقولونَ: مُقَاتَلُنَا وكذلك4 تقولُ إذا] أردتَ المُقَاتلةَ: أي: القِتَالَ.
ومذهبُ سيبويه: أنَّ المصدَر لا يأتي علَى وزنِ "مَفعول" ألبتةَ ويتأولُ في قولهم: دَعْهُ إِلى مَيْسُورَةٍ وإِلى مَعسورةٍ أنَّهُ إِنَّما جاءَ علَى الصفةِ كأَنهُ قالَ: دَعْهُ إِلى أَمرٍ يُؤسرُ فيهِ وإِلى أَمرٍ يَعْسُر فيهِ5،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" المصدر والمكان.
2
في "ب" فيها بدلا من "منها".
3
ما بين القوسين ساقط من "ب".
4
ما بين القوسين زيادة من الكتاب 2/ 250. لأن المعنى لا يستقيم إلا بها.
5
انظر: الكتاب 2/ 250.



ج / 3 ص -150- وغيرهُ1 يكونُ عندَهُ على "مَفْعولٍ" ويحتجُّ بقولِهم مَعْقولٌ يرادُ بهِ العَقْلُ ولا أَحسبُ الصحيحَ إلا مذهبَ سيبويه. وقَد تأولَ سيبويه للمعقولِ فقالَ: كأَنهُ عُقِلَ لَهُ شَيءٌ أي: حُبِسَ لَهُ لُبّهُ وشُدِّدَ قَال: ويستغنى بهذَا عن "المَفْعَلِ" الذي يكونُ مصدراً2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
غيره، هو الأخفش، انظر: الأصول 2/ 510، وكان الأخفش يجيز أن تأتي بمفعولة مصدرا ويحتج: بخذ ميسورة ودع معسورة.
2
انظر: الكتاب 2/ 250.



ج / 3 ص -151- بَابُ ما عالجتَ به:
المِقَصُّ الذي تقصُّ بهِ والمَقَصُّ: المكانُ والمَصدرُ وكُلُّ شيءٍ يُعالجُ [بهِ]1 مكسور الأولِ كانت فيهِ هاءُ التأنيثِ أو2 لم تكنْ وذلكَ: مِخلَبٌ ومِنْجَلٌ ومِكْسَحَةٌ،3 ومِسَلَّةٌ والمِصفَى والمِخْرز والمِخْيطُ ويجيءُ علَى مَفْعال نحو: مِقْراضٍ ومِفْتاحٍ ومِصْباحٍ وقالوا: المِفْتَحُ والمِسْرَجة4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
في الأصل "أم" والتصحيح من "ب".
3
المكسحة: المكنسة.
4
المسرجة: جمع مسارج، السراج.



ج / 3 ص -152- بابُ ما لا يجوزُ فيهِ "ما أَفْعَلَهُ":
لا يقالُ: ما أَحْمرَهُ ولاَ ما أَعرجهُ1 إِنّما تقولُ: ما أشدَّ حمرَتَهُ وما أَشَدَّ عَرَجَهُ وكَذا جميعُ الألوان والخِلَقِ وما لم يكنْ فيهِ "ما أَفعلهُ لم يكنْ فيهِ" أَفْعِلْ بهِ. وكذلكَ: أَفعلُ منهَ2، وكذلَك أيضًا فَعُولٌ ومِفْعَالٌ نحو: رَجلٍ ضَرُوب ورَجلٌ مِحْسَانٌ لأَنَّ هذا في معنى: ما أَحسنَهُ لأَنَّكَ إِنما تريدُ المبالغةَ وأَمَّا قولُهم: ما أَحمقهُ3 وأَرْعَنهُ وأَنوكهُ،4 وفي الأَلدِّ: ما أَلدَّهُ فإِنَّ هذا عندهم5 مِنْ قلةِ6 العِلْمِ ونقصانِ الفطنةِ وليسَ بلونٍ [ولا خِلْقَة في جسدٍ]7 إِنّما هُوَ كقولِكَ: ما أنظرَهُ تريدُ نَظَر التفكيرِ8 وكذلك ما أَلسنَهُ تريدُ البَيانَ والفصاحةَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أي لا يقولون في الأعرج: ما أعرجه.
2
انظر: الكتاب 2/ 251.
3
، 5 الأحمق.
4
ما أنوكه: ما أحمقه.
انظر: الكتاب 2/ 251. وأما قولهم في الأحمق: ما أحمقه، وفي الأرعن: ما أرعنه. فإنما هذا عندهم من العمل ونقصان العقل والفطنة. وانظر: المقتضب 4/ 182.
6
زيادة من "ب".
7
ولا خلقة في جسد: ساقط من "ب".
8
في "ب" الفكرة.



ج / 3 ص -153- بَابُ ما يستغنى فيهِ عن ما أَفعَلةُ بمَا أَفْعَلَ فِعْلَهُ وعن أَفْعَلَ منه بقولهم "أَفْعَلُ منه فِعْلًا":
لا تقول في الجواب: ما أجوبَهُ إِنَّما تقولُ: ما أجودَ جوابَهُ ولا تقولُ: هَذا أجوبُ مِن هذا ولكنْ أجود منهُ جوابًا وكذلك: أَجوب بهِ إِنّما تقولُ: أَجودْ بجوابهِ ولا يقولونَ: في "قَالَ يَقيلُ مِنَ النَّومِ ما أقيلَهُ إِنّما يقولونَ: ما أَكثرَ قائلَتهُ وما أَنوَمهُ في سَاعةِ كَذا وكذَا كما قالوا تَركتُ ولَم يقولوا: وَدَعْتُ هَذا مذهب سيبويه"1.
وقال أبو العباس: الخِلَق على خلافهِ. والقياسُ يوجبُ ما قالَ أبو العباسِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 251.



ج / 3 ص -154- بَابُ ما أَفعلَهُ علَى معنيينِ أَحدهما على معنى الفاعل والآخر على معنى الصفةِ:
تقولُ: ما أَبغضني لَهُ وما أَمقتني لَهُ وما أَشهاني كذلكَ تريدُ: أَنكَ ماقتٌ وأنكَ مبغضٌ وكذلكَ ما أَمقتُه لي أي: هُوَ ماقتٌ لي فهي في المعنى "فَاعِلٌ" وأَمَّا ما كانَ في المعنى "المفعولُ" فقولُكَ: ما أَمقتَهُ وما أَبغضَهُ إليَّ إِنَّما تريدُ: أَنه مبغضٌ إليكَ وممقوتٌ كما تقولُ: ما أَقبحهُ إِنما تريدُ أنهُ قبيحٌ في عينكَ فكانَ هذا على "فَعُلَ" و"فَعِلَ" وإِنْ لم يستعملْ.



ج / 3 ص -155- بَابُ ما تقولُ العربُ ما أَفعلَهُ وليسَ فيهِ فِعْلٌ وإنما يحفظ حفظًا ولا يقاس عليه:
قالوا: أحنكُ الشاتينِ يعني أَقواهما1 وأَحنكُ البعيرينِ علَى معنى: حَنِكَ وقالوا: آبلُ الناسِ كُلِّهم كأَنُّهم قَالوا: أَبِلَ2، وقالوا: رَجلٌ آبَلُ وقد قَالوا: فلانٌ آبَلُ منهِ3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يعني أقواهما، ساقط من "ب".
2
أبل: أحسن سياسة الإبل.
3
انظر: الكتاب 2/ 252.



ج / 3 ص -156- بَابُ ما يكسرُ فيهِ أَوائلُ الأفعالِ المضارعةِ:
وذلكَ إِذَا كانَ الفعلُ الماضي على "فَعِلَ" مِنَ الصحيح والمعتلُّ مما اعتلتْ عينهُ أَو لامهُ.
قالَ سيبويه: وذلِكَ في لغةِ العربِ إلا أَهلَ الحجازِ1 وذلك نحو: عَلِمَ وأَنا أَعلمُ وأَنْتَ تَعلمُ وشَقيتَ تَشْقَى وخِلْتَ تَخَالُ وَعَضَّتْ تَعِضُّ وأنتِ تَعِضينَ تكسرُ حرفَ المضارعةِ لكسرِ العينِ في "فعِلَ" وجميعُ هَذا إِذَا أَدخلتَ فيه الياءَ فقلت: يَفْعَلُ "فتحتَ كرهوا الكسرة في الياء وفَتحوا تَضْرِبُ" وما كانَ على وزنِه لفتح العين في "ضَرَبَ" وقالوا: أَبى فأَنتَ تِئبى2 كأنها مِنَ الحروفِ التي يستعمل "يَفْعَلُ" منها مفتوحًا فأشبه ما ماضيه "فَعِلَ" وقد قالوا: يِئبىَ3 فكسروا الياء وخالفوا بهِ بابَهُ4 حينَ فتحوهُ شبهوهُ "بيِيِجَلُ5". وأَمَا يَسَعُ ويَطَأُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 256.
2
في الأصل "ييبا".
3
في الأصل "ييبا".
4
أي: باب "فعل".
5
حين أدخلت في باب "فعل" وكان إلى جانب الياء حرف الاعتلال وهم مما يغيرون الأكثر في كلامهم ويجرون عليه إذا صار عندهم مخالفا. انظر: الكتاب 2/ 256.



ج / 3 ص -157- فإِنَّما فتحوا لأَنهُ "فَعِلَ يَفْعِلُ"1 ففتَحوا للهمزةِ2 والعينِ كما قالوا: نَفْزَعُ ويَقرأُ فلمّا جاءت علَى مثالِ ما "فَعَلَ" منهُ مفتوحٌ لَم يكسروا3.
واعلَم: أَنَهُ لا يضمُّ حرفُ المضارعةِ لضم عينِ "فَعُلَ" فأَمَّا وَجِلَ يَوْجَلُ ونحوه فأَهلُ الحجازِ يقولونَ تَوْجَلُ وغيرُهم تِيْجَلُ وأَنا إِيْجَلُ ونِيْجَلُ4 وإذَا قلتَ "يَفْعَلُ" فبعضُ العَربِ يقولُ: يَبْجَلُ وبعضُ العَربِ: يَاجَل5 وبعضُ: يِيجَلُ وكُلُّ شَيءٍ كانتْ أَلفُه موصولةً في الفعلِ الماضي فإِنَّك تكسرُ أَوائلَ الأَفعالِ المضارعةِ نحو: استعفرَ فأَنْتَ تِسْتَغْفِرُ واحرنَجَمَ فأَنتَ تِحْرَنجِمُ واغْدَودَنَ فأَنْتَ تِغْدَودِنُ واقْعَنسَسَ فأنا اقْعَنسِسُ وكذلكَ كُلُّ شيءٍ مِنْ "تَفَعَّلْتُ" أَ و"تَفَاعلت"6 يجري هذا المَجرى لأَنَّه كانَ في الأصلِ عندهم مما7 ينبغي أَن يكون أَولهُ أَلفًا موصولة لأَنَّ معناهُ معنى "الانفعالِ" ومن ذلكَ قولُهم: تَقَى الله رَجُلٌ ثُمَّ قالوا: يَتَقِي الله أجروهُ علَى الأصلِ وإنْ كانوا لم يستعملوا الألفَ فحذفوا الحرفَ الذي بعدها من "اتَّقَى".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مثل: حسب، يحسب.
2
في الأصل "الهمزة".
3
أي: كسروا "تأبى" حيث جاء على مثال ما فعل منه مكسور.
4
انظر: الكتاب 2/ 257.
5
قالوا: ياجل فأبدلوا منها ألفًا كراهية الواو مع الياء.
6
أو تفعللت.
7
في الأصل وعاء والتصحيح من "ب" لأن الواو زائدة.



ج / 3 ص -158- بَابُ ما يُسكنُ استخفافًا في الاسم والفِعْلِ:
وذلكَ قولُهم في فَخِذٍ: فَخْذٌ وفي كَبِدٍ: كَبْدٌ وعَضِدٍ: عَضْدٌ وكَرُمَ كَرْمَ وعَلِمَ عَلْمَ إِنَّما يفعلونَ هَذا بما كانَ مكسورًا أو مضمومًا وهي لغةُ بكر بن وائلِ وأُناس من تميم1 وقالوا: في مَثَل: لم يُحرمْ مَنْ فُصْدَ لَهُ أَي: فُصدَ لَهُ بِعيرٌ يعني: فَصَدَ البَعير للضيفِ وقالوا في عُصِرَ عَصْرٌ وإِذَا تتابعتِ الضمتانِ أيضًا خَففُوا يقولونَ في الرُّسُلِ: رُسْلٌ وعُنُقٍ عُنْق وكذلكَ الكسرتان وقالوا في إبِلٍ: إبْلٌ ولا يسكنون ما توالت فيهِ الفتحتانِ نحو: جَمَلٍ وما أَشبَهُ الأولَ وليسَ علَى ثلاثةِ أَحرفٍ قولُهم: أَراكَ مُنْتَفْخًا يريدُ: مُنْتَفِخًَا وانْطَلْقَ يا هَذا بفتحِ القَافِ لئلا يلتقي ساكنانِ وأَنشد:

"
أَلاَ رُبَّ مولودٍ ولَيسَ لَهُ أَبٌ وَذي وَلَدٍ لَمْ يَلْدَهُ أَبوانِ" 2

[
أَرادَ لَم يُلِدْهُ]3
فأسكنَ اللامَ فلمَّا أسكنَها التقى الساكنانِ ففتحَ الدالَ لالتقاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 257-258.
2
يشير إلى قول الشاعر: ألا رب مولود وليس له أب وذي ولد لم يلده أبوان، وقد مر شرحه في الجزء الأول/ 421.
3
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -159- الساكنين وزعموا أنَّهم يقولونَ: وَرِدٌ1 وورْدٌ وكَتِفٌ وكَتْفٌ وهَذه لغةٌ ومِما أُسكنَ مِنْ هَذا البابِ قولُهم: شِهْدَ وَلِعْبَ في: شَهِدَ: ولَعِبَ ومثلُ ذلكَ: نِعْمَ وبِئْسَ إِنَّما هُما "فَعِلَ" ومثلُ ذلك فيها وَنِعْمَتْ2 وبعضُ العربِ يقولُ: نِعْمَ الرجلُ ومثلُ ذلكَ: غَزْيَ الرجلُ لا يحوّلُ الياءَ واوًا لأَنَّها إِنَّما خُففتْ والأصلُ عندَهم التحريكُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" ورك.
2
إنما أصلها: فبها ونعمت، وانظر: الكتاب 2/ 259.
3
انظر الكتاب 2/ 259.











49



















الأصول في النحو

ج / 3 ص -160- هَذا بابُ1 الإِمالةُ:
معنى الإِمالةِ أَنْ تُميلَ الألفَ نحو الياءِ والفتحةَ نحو الكسرةِ والأسبابُ التي يُمالُ لها ستةٌ: أَن يكونَ قبلَ الحرفِ أو بعدَهُ ياءٌ أو كسرةٌ أَو يكونَ منقلبًا أَو مشبهًا للمنقلبِ2 أو يكونَ الحرفُ الذي قبلَ الألفِ قد يكسرُ في حَالٍ أَو إمالةٍ لإِمالةٍ وهذِه الإِمالةُ تجوزُ ما لَمْ يمنعْ مِنْ ذلكَ الحروفُ المستعليةُ أَو الراءُ إِذا لم تكنْ مكسورةً.
الأولُ: ما أُميلَ مِنْ أَجلِ الياءِ وذلكَ شَيبانُ وقَيس عَيْلانَ وَغَيْلانُ وكَيَّالُ وَبيَّاعٌ وأَهلَ الحجازِ لا يُميلونَ هَذا ويقولونَ: شَوْكُ السَّيالِ3، والضَّياح4، أُميلَ حرفُ متحركُ متحركٌ قِزْحاً3 قِزْحاً3 وعُذافر تنوين.
الثاني: ما أُميلَ مِن أَجلِ كسرةِ قبلَهُ أَو بعدَهُ فأَما ما أُميلُ للكسرةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
زيادة من "ب".
3
السيال: الواحدة سيالة، نبات له شوك أبيض طويل إذا نزع خرج منه مثل اللبن.
4
الضياح: اللبن الممزوج بالماء. المرق.
5
قال سيبويه 2/ 261: وزقالوا: رأيت زيدا. فأمالوا، كما فعلوا ذلك بغيلان، والإمالة في زيد "أضعف" لأنه يدخله الرفع.



ج / 3 ص -161- قَبْلُ. فإِذَا كانَ بينَ أولِ الحرفِ1 من الكلمةِ وبينَ الألفِ حرفٌ متحركٌ والأولُ2 مكسورٌ أَملتَ الأَلفَ وكذلكَ إِنْ كانَ بينهُ وبينَ الألفِ حرفانِ الأولُ ساكنٌ وذلكَ: سِرْبالٌ وشِمْلالٌ ودرهمَانِ ورأيتُ قِزْحاً3، وعِمَادًا وكِلاَبًا وجميعُ هَذا لا يميلهُ أَهلُ الحجازِ ويقولونَ: لزيدٍ مَال يشبهونَ المنفصلَ بالمتصل فأَمَّا ما أُميلَ للكسرةِ بعدُ فنحو: عِابدٍ وعالم ومَسَاجدَ ومفاتيحَ وعُذافر4 فإذا كانَ ما بعدَ الألفِ مضمومًا أو مفتوحًا لم تكنْ إِمالةً5 نحو: آجُرٍ وتَابَل وكذلك إِذَا كانَ الحرفُ الذي قبلَ الألِف مفتوحًا أو مضمومًا نحو: رَبَابٍ وجمادٍ والبَلْبالِ6 والخُطَّاف7.
الثالث: ما انقلبَ مِنْ ياءٍ يُمالُ لأَنَّهُ مِنْ ياءٍ نحو: نَابٍ ورَجل مَالٍ وبَاعٍ وإِذَا جاوزتِ الأسماء أربعةَ أَحرفٍ أَو جاوزتْ من بناتِ الواوِ فالإِمالةُ مُستَتبةٌ لأَنَّها مواضعُ تصيرُ فيهِ ياءاتٍ وجميعُ هَذا لا يميلُه نَاسٌ كثيرٌ من بني تميم وكلُّ ألفٍ زائدةٍ للتأنيثِ أَو لغيرهِ فحكمُها حكمُ الألفِ إِذا كانت رابعةً فصاعدًا لأَنَّها تُقْلَبُ ياءً في التثنيةِ وذلكَ نحو: حُبْلَى ومِعْزَى ونَاسٌ كثيرونَ لا يميلونَ8.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "حرف" والتصحيح من "ب".
2
في الأصل "فإن الأول" والتصحيح من "ب".
3
قزحا: قزح القدر جعل فيها القزح: التابل.
4
عذافر: بضم العين وكسر الفاء- الأسد، والعظيم الشديد من الإبل كالعذوفر.
5
لأن الفتح من الألف فهي ألزم لهما من الكسرة، ولا تتبع الواو، لأنها تشببها، ألا ترى أنك لو أردت التقريب من الواو انقلبت فلم تكن ألفًا. وانظر: الكتاب 2/ 259.
6
البلبال: شدة الهم.
7
الخطاف: طائر يشبه السنونو.
8
انظر: الكتاب 2/ 260-261.



ج / 3 ص -162- الرابعُ: ما شُبهَ بالمنقلبِ مِنَ الياءِ كُلُّ شيءٍ من بناتِ الواوِ والياءِ كانت عينُه مفتوحة تُمال ألفهُ أَما ما كانَ من بَناتِ الياءِ فتمال أَلفهُ لأَنَّها في موضع "ياءٍ" وبدلٌ مِنْها وأَما بناتُ الواوِ فشبهوها بالياءِ لغلبةِ الياءِ علَى هذه اللامِ إِذا جاوزت ثلاثةَ أَحرفٍ. وقد يتركونَ الإِمالة فيما كانَ على ثلاثةِ أَحرف من بنَاتِ الواوِ نحو: قَفَا وعَصَا والقَنَا1، والقَطَا والإِمالةُ في الفعل لا تنكسرُ نحو: غَزَا2.
الخامس: ما يُمالُ لأَنَّ الحرفَ الذي قبلَ الألفِ تكسرُ في حَالٍ أعني في "فَعَلْتُ" وذلكَ نحو: خِاف وطِابَ وهِاب وهيَ لغةٌ لبعضِ أَهلِ الحجازِ فأَمالوا: لأَنَّهم يقولونَ: خِفْتُ وطِبْتُ وهِبْتُ وأَما العامةُ فلا يميلونَ.
قالَ سيبويه: وبلغَنا عن ابن أبي إسحاق3 أَنهُ سَمع كُثّير4 عزةَ يقول: صار بمكان5 كَذا وكذَا وقرأَ بعضُهم خِافَ6 ولا يميلونَ غيرَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "الفتا" بالفاء.
2
انظر: الكتاب 2/ 260.
3
ابن أبي إسحاق، هو عبد الله. كان أعلم أهل البصرة وأعقلهم. فرع النحو وقاسه وتكلم في الهمز حتى عمل فيه كتابا مما أملاه. مات سنة 117هـ وقيل: سنة 127هـ ترجمته في مراتب النحويين/ 12. وأخبار النحويين/ 20 وطبقات الزبيدي 27 وإنباه الرواة 2/ 107.
4
كثير عزة: هو أبو خصر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود من فحول شعراء الإسلام، صاحب عزة التي عرف بها وعرفت عزة به. وأصبح كل منهما يعرف بصاحبه أكثر مما يعرف بأبيه أو قبيلته. مات سنة 105هـ ترجمته في الأغاني 21/ 110 طبقات ابن المعتز/ 164. وفيات الأعيان 3/ 265 الشعر والشعراء/ 316 لسان العرب "كثر" خزانة الأدب 2/ 381.
5
في الأصل "مكان" وانظر: الكتاب 2/ 261.
6
خاف، البقرة: 182، وهود: 103 وإبراهيم: 14.



ج / 3 ص -163- فِعْلٍ نحو: بَابٍ ودَارٍ لا يمالانِ وقَد قالوا: مِاتَ وهُم الذينَ يقولونَ: مِتُّ ومنهم مَنْ يقولُ: هَذا مِاشٍ في الوقفِ فيميلُ ومنهم مَنْ ينصبُ في الوقفِ.
السادسُ: الإِمالةُ لإِمالة: يقولونَ: رأيتُ عِمادا فيملونَ الألفَ في النصبِ لإِمالةِ الألفِ الأولى وقالوا في مَهاري تميلُ الألِفَ وما قَبْلَها.
واعلَمْ: أَنَّ ناسًا مِنَ العربِ يلغونَ الهاءَ إِذا اعترضتْ بينَ الذي يميلُ الألفَ وبينَ الألفِ لخفائِها ولا يعتدونَ بِهَا وذلكَ قولُهم: يريدُ أَن يَضرِبَها ويَنْزِعَها كأَنَهُ قالَ: أُريدُ أَن يَضْرِبا ويَنْزِعَا: بَيني وبَينِهَا وليسَ شيءٌ من ذَا تُمالُ أَلفهُ في الرفعِ إذَا قالَ: هَوَ يِكيلُها1 وذلكَ أَنهُ وقعَ بينَ الألفِ وبينَ الكسرةِ الضَّمةُ فصارتْ حاجزاً2 وقالوا: فِينَا وَعلينا3 ورأيتُ يَدها والذينَ يقولونَ: رأَيتُ عِدًّا الألفُ أَلفُ نَصْبٍ ويريدُ أَن يَضْرِبَها يقولونَ: هَوَ مِنَّا وإِنا إِلى اللِه راجعونَ وَهم بنو تميمٍ ويقولُه5 أيضًا قومٌ مِنْ قيسٍ وأَسدٍ قالَ هؤلاءِ: رأيتُ عِنَبَا فلم يميلوا لأنه وقع بين الكسرة والألف حاجزان قويان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل يقتلها.
2
ولهذا منعت الإمالة.
3
قالوا: فينا وعلينا. للياء حيث قربت من الألف، ولهذا قالوا: بيني وبينها.
4
الذين قالوا: رأيت يدها. قالوا: رأيت يدا، فأمالوا: كما قالوا: يضربا، ويضربها.
5
في الأصل "ويقولون" وهو خطأ.

ذِكرُ1 ما يمنعُ الألف مِنَ الإِمالةِ:
الحروفُ المستعليةُ التي تَمنعُ الإِمالةَ سبعةُ أَحرفٍ: الصادُ والضادُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" باب ما يمنع.



ج / 3 ص -164- والطاءُ والظاءُ والغينُ والقافُ والخاءُ إذا كانَ حرفٌ منها قبلَ الألفِ والألفُ تليهِ وذلكَ قولُكَ: قَاعدٌ وغَائبٌ وخَامدٌ وصَاعدٌ وطَائفٌ وضَامنٌ وظَالمٌ.
قَالَ سيبويه: ولا نَعلمُ أَحدًا يميلُ هذِه الأَلفُ إِلا مَنْ لا يؤخذُ بلغتهِ وكذلكَ إِذَا كانَ الحرفُ مِنْ هذِه الحروفِ بعدَ أَلفٍ تَليها وذلكَ قولُكَ: نَاقِدٌ وعَاطِشٌ وعاصِمٌ وعاضِدٌ وعاظلٌ/ 1، باخلٌ وَوَاقِدٌ وكذلِكَ إِنْ كانتْ بعدَ الألفِ بحرفٍ وذلكَ قولُكَ: نَافخٌ ونَابغٌ ونَافقٌ وشَاحطٌ وعَالِطٌ وناهِضٌ ونَاشِطٌ2 وكذلكَ إِنْ كانَ شيءٌ منها بعدَ الألفِ بحرفينِ وذلكَ قولُكَ: مَنَاشيطُ ومَعَاليقُ ومَنَافيخُ ومَقَاريضُ ومَوَاعيظُ ومَبَاليغُ. وقالَ قومٌ: المَناشيطُ فَأَمالوا حينَ تَراختْ وهي قليلةٌ فإِذَا كانَ حرفٌ مِنْ هذِه الحروفِ قبلَ الألفِ بحرفٍ -وكانَ مكسوراً- فإنَّهُ لا يمنعُ الإِمالةَ لأَنَّ الانحدارَ أَخفُّ عليهم وذلكَ قولُكَ: الضِّعَافُ والصِّعَابُ والطِّنَابُ والقِبَابُ والعِقافُ والخِبَاثُ والغِلاَبُ وكذلكَ "الظّاءُ" كالظِّرَابِ3، وإِذَا كانَ الحرفُ المستعلى مفتوحًا لَم يجز الإِمالةُ وإِذَا كانَ أَولُ الحرفِ مكسورًا وبينًَ الكسرةِ والألفِ حرفانِ أَحدهما ساكنٌ. والساكنُ أَحدُ هذهَ الحروفِ فإِنَّ الإِمالةَ تدخلُ الألفَ وذلكَ قولُكَ: نَاقةٌ مِقْلاتٌ4 والمِصْبَاحُ والمِطْعَانُ وكذلكَ سائرُ هذِه الحروفِ وبعضُ مَنْ يقولُ: قَفافٌ ويميلُ ينصبُ الألفَ في "مِصْباحٍ" ونحوهِ لأَنَّ المستعلى جاءَ ساكنًا غيرَ مكسورٍ وبعدَهُ الفتحُ فجعلَهُ بمنزلتِه متحركًا مفتوحًا وتقولُ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
العاظل: من الجراد المتعاظلة. وانظر: الكتاب 2/ 264.
2
ناشط: ذو نشاط، الثور الوحشي الذي يخرج من مكا ن إلى مكان.
3
الظراب: جمع ظرب. مانتأ من حجر وحد طرفه.
4
المقلات: ناقة تضع واحدا ثم لا تحمل، وامرأة لا يعيش لها واحد.



ج / 3 ص -165- رأَيتُ قِزْحا1 وأَتيتُ ضِمْنا2 فتميلُ وهما بمنزلتِهما في "صِفَافٍ"3، وقِفَافٍ وتقولُ: رأَينُ عِرقا4، ورأَيتُ مِلْغَا5، فَلا تُميلُ لأنهما6 بمنزلتهِما7 في "غَانم"8 والقافُ بمنزلتِها في "قَائمٍ" وقالوا في المُنفصلِ كما قالوا في المُتصلِ أَرادَ: أَن يَضْرِبَها قَبْلُ فلم يملْ وكذلكَ أَخواتُها وقومٌ يفرقونَ بينَ المتصِل والمنفصلِ فأَمَّا ما كانَ مِنَ الألفِ منقلبًا من ياءٍ فإِنَّ مَنْ يُميلَ يميلُ على كُلِّ حالٍ وإِنْ وليَها المستعلي نحو: سِقَاءٍ ومعْطاءٍ وكذلكَ "خَافَ" لأَنهُ يرومُ الكسرةَ التي في "خِفْتُ" وكذلكَ أَلفُ "حُبْلَى" لأَنَّها حكمُها حكمُ بَناتِ الياءِ وكذلكَ بابُ غَزَا لأَنَّ الأَلفَ هُنَا كأَنَّها مُبدلةٌ مِنْ "ياءٍ" يقولونَ: ضَغَا9 وصَغَا10 ومما لا تُمالُ أَلفهُ "فَاعِل" مِنَ المضاعفِ وَمُفَاعِلٌ وأَشبهاههما11، لأَنَّ الحرفَ قبلَ الألفِ مفتوحٌ والحرفُ الذي بعدَ الألفِ ساكنٌ لا كسرةَ فيهِ وذلكَ: جَادٌّ وَمادٌّ وجَوَادٌّ12، لا يميلُ لأَنهُ فُرَّ مما يحققُ فيهِ الكسرة وقد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قزحا: التابل.
2
ضمنا: داخل الشيء.
3
صفاف: صفة السرج أو الرحل: ما غشي بما بين القربوسين. وهما مقدمة ومؤخرة.
4
في الأصل "علقا" والصواب ما أ ثبتناه، والعرق: جمع عروق: أصل كل شيء.
5
ملغا: الأحمق الداعر.
6
الأصل "لأنها".
7
الأصل "بمنزلتها".
8
في الأصل "غالم".
9
ضغا: ضغوا المقامر خان، وضغوا إليه: تذلل.
10
صغا: مال إليه بسمعه.
11
في الأصل: "وأشباهها".
12
جواد: جمع جادة.



ج / 3 ص -166- أَمالَ قومٌ في الجرِّ وأَمالَ قومٌ آخرونَ على كُلِّ حَالٍ وقالوا: لم يَضْرِبْهما الذي تعلم فلم يميلوا لأَنَّ الألفَ قد ذهبتْ وقالوا: رأيتُ عِلْمًا كثيرًا فلم يميلوا لأَنَّها نونٌ1.
واعلمْ: أَنَّ بعضَ العرب مَنْ يقولُ: عَابدٌ فيميلُ يقولُ: مررتُ بمالِكَ فينصبُ لأَنَّ الكسرةَ غيرُ لازمةٍ ومما لا يمالُ أَلفهُ الحروفُ التي جاءتْ لمعنىً "حَتَّى وأَمّا وإلا" فرّقُوا بينَها وبينَ الأسماءِ2 وأَمَالوا: أَنّى3 لأَنّها مثلُ "أَينَ" وهيَ اسمٌ وقالوا: "أَلا" فلم يميلوا فرقوا بينَها وبينَ "ذَا" ولم يُميل و"مَا" لإِنَّها لم تمكنْ تمكَّن "ذَا" ولا تَتمُّ اسمًا إلا بصلةٍ فأشبهتِ الحروفَ وقالوا: يَا وتَا في حروفِ المعجمِ لأَنَّها أَسماءُ مَا يلفظُ بهِ. وقالوا: يَا زَيدُ "فأَمالوا لمكانِ الياءِ" ومَنْ قَالَ: هَذا مَالٌ ورأَيتُ بَابا فلا يقولُ علَى حالٍ: سِاقٌ ولا قِارٌ ولا غِابٌ وغَاب الأَجمةُ4 لأَنَّ المعتلَّ وسطًا أَقوى فلَم يبلغْ مِن أَمرِها هَهُنَا أَنْ تُمالَ معَ مستعلٍ كما أَنَّهم لم يقولوا: بِالَ مِنْ "بُلْتُ" حيثُ لم تكنْ الإِمالةُ قويةً في المَالِ ولاَ مستحسنةً عند العامة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكتاب 2/ 267 قالوا: رأيت علما كثيرا، فلم يميلوا، لأنها نون وليست كالألف في معنى ومعزى.
2
أي: أن الفات الأسماء نحو: حبلى وعطشى وقال الخليل: لو سميت رجلا بها وامرأة جازت فيها الإمالة. وانظر: الكتاب 2/ 267.
3
في الأصل "أنا" في الكتاب 2/ 267: ولكنهم يميلون "أنى" لأن "أنى" مثل أين، وأين كخلفك: وإنما هو اسم صار ظرفا فقرب من عطش. وانظر: المقتضب 3/ 52.
4
الأجمة: جمع أجم، وهي مأوى الأسد.

القسمُ الثاني: المسائلُ المبنيةُ مِنَ الواوِ:
تقولُ في مثلِ: اغْدَوْدَنَ1 مِنْ قلتُ: أقْوَوَّلَ تكررُ العينَ وهيَ واوٌ وتجعلُ واوَ افعَوعلَ الزائدةَ بينهما وهيَ ساكنةٌ [فتدغمُها في الواوِ التي بعدَها وكانَ أَبو الحسن الأخفش]2 يقولُ: أقوَيَّلَ فيقلبُ الواوَ3 الآخرةَ [ياءً]4 ثُمَ يَقلبُ لهَا [الواوَ]5 التي تَليها لأَنَّها ساكنةٌ وبعدَها ياءٌ متحركةٌ ويقولُ: أَكرهُ الجمعَ بينَ ثلاثِ [واوات]6، وإذَا قلتَ "فُعِلَ" منْ هذَا قلتَ: "أُبْيُويعٌ وأُقْووُلَ" فلم تدغم لأن الواو مدة فهي بمنزلة الألف ويقول أبو الحسن: اقْوُوِولَ فلا يقلبُ ويقول: صارتِ الوسطى مدةً بمنزلةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
اغْدَوْدَنَ: يقال: اغْدَوْدَنَ النبت إذا طال واسترخى.
2
ما بين القوسين ساقط في "ب".
3
الواو: ساقط في "ب".
4
زيادة من "ب".
5
أضفت "الواو" لتوضيح المعنى.
6
انظر: تصريف المازني 2/ 244.



ج / 3 ص -167- بَابُ الراءِ:
الراءُ فيها تكريرٌ في مخرجِها فإِذا قلتَ: رَاشدٌ وفِرَاشٌ لم تملْ لأَنَّهم كأَنهم تكلموا براءين مفتوحتينِ فَصارتْ بمنزلةِ القافِ وتقولُ: هَذا حِمَارٌ ورأَيتُ حِمَارًا فلا تُميلُ ولو كانَ غيرُ الراءِ لأَملتَ وأَما في الجرِّ فتميلُ الأَلفَ كان أَولُ الحرفِ مكسورًا أو مفتوحًا أَو مضمومًا لأَنَّها كأَنَّها حرفانِ مكسورانِ فإِنّما تُشبه القافَ مفتوحةً وذلكَ قولُكَ: من حِمَارِكَ ومِنْ عَوَارِكَ ومِنَ المُعَارِ ومِنَ الدُّوَارِ1، وجميعُ المستعليةِ إِذَا كانتِ الراءُ مكسورةً بعدَ الألفِ غلبتِ الراءُ وذلك قولُكَ: قَارِبٌ وغَارِمٌ وهذَا طَارِدٌ قَوِيتَ علَى هذِه الألفِ إِذ كنتَ إِنّما تضعُ لِسانَكَ في موضعِ استعلاءٍ ثُمَّ تنحدرُ فإِنْ كانَ المستعلي بعدَ الراءِ لم تملْ تقولُ هذهِ نَاقةٌ فَارقٌ2، وأَينُقٌ مَفَاريقُ فتنصبُ كما فعلتَ ذلكَ حينَ قلتَ: نَاعِقٌ ومُنَافِقٌ ومَنَاشِيطٌ وقالوا: مِنْ قَرارِكَ فَغَلبتِ الراءُ المكسورةُ الراءَ المفتوحةَ كما غلبتِ الحرفَ المستعلي وقومٌ مِنَ العربِ يقولونَ: الكَافرونَ والكاَفِرُ والمَنابرُ لبعدِ الراءِ ولم تَقْو قوةَ المستعليةِ لأَنَّها من موضعِ اللامِ وهيَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كأنك قلت: فعالل، وفعالل، وفعالل.
2
الفارق: الناقة التي أخذها المخاض فانفرقت وانفردت.



ج / 3 ص -168- قريبةٌ مِنَ الياءِ أَلا تَرى أَنَّ الأَلثغُ يجعلُها ياءً وقوم آخرونَ نصبوا الألفَ في النَّصبِ والرفعِ وأَمالوا في الجرِّ1 ومَنْ قالَ: مررتُ بالحِمَارِ فلمْ يملْ قالَ: مررتُ بالكَافِر فنصبَ الألَفَ قالَ2: وقد قال قومٌ ترضى عربيتُهم: مررتُ بِقَادرٍ قَبلُ سمعنَا مَنْ نثقُ بهِ مِنَ العربِ يقول وَهْوَ هُدبةُ ابن خِشرم3:

"
عَسَى الله يُغني عَنْ بلادِ ابنَ قَادرٍ بمنهمرٍ جَوْنِ الرَّبَابِ سَكُوبِ"4

والأجودُ تركُ الإِمالةِ5، ومَنْ يقولُ: مررتُ بكافِرٍ أَكثرُ ممن يقولُ: بقَادر ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ: مررتُ بِحِمار قَاسِمٍ فينصبونَ للقافِ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 268.
2
أي: سيبويه، انظر: الكتاب 2/ 269.
3
انظر: الكتاب 2/ 269، والذي يثق به سيبويه هو أبو زيد الأنصاري.
4
من شواهد الكتاب 2/ 269، على إمالة الألف من "قادر" وإن كان قبلها الحرف المستعلي وهو القاف المانع من الإمالة لقوة الراء المكسورة على الإمالة وكذلك استشهد به 1/ 478 على تجريد خبر "عسى" من "أن". والمنهمر: السائل، والجون: الأسود، والرباب: السحاب الأبيض، أو ما تدلى من السحاب دون سحاب فوقه، السكوب: المنصب.
وانظر: المتقتضب 3/ 48، والشعر والشعراء 2/ 667، وحماسة البحتري/ 7، والكامل للمبرد/ 112، وشرح الحماسة 2/ 678، وشرح السيرافي 5/ 362، وارتشاف الضر ب/ 1235، وابن يعيش 7/ 117، والحجة لأبي علي 1/ 306.
5
في المقتضب للمبرد 3/ 48 فإن وقع قبل الألف حرف من المستعلية وبعد الألف الراء المكسورة حسنت الإمالة التي كانت تمتنع في "قاسم" وونحوه من أجل الراء وذلك قولك: هذا قارب، وكذلك إن كان بين الراء وبين الألف حرف مكسور إذا كانت مكسورة تقول: مررت بقادر يا فتي.
6
لأنها من حروف الاستعلاء.



ج / 3 ص -169- ومَنْ قالَ: بالحِمَارِ قبلُ قالَ: مررتُ بِفَارٍّ قَبْلُ وقالَ: {كَانَتْ قَوَارِيرَا1 قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ} ومَنْ قالَ: جَادٌّ2 لم يقلْ: هَذا فَارٌّ لقوةِ الراءِ هُنَا وتقولُ: هذه دَنَانيرُ كما قلتَ كَافِرٌ ودَنَانيرُ أَجدرُ لأَنَّ الراءَ أَبعدُ والذين يقولونَ: هَذا دَاع في الوَقفِ فلا يميلونَ لأَنَّهم لَم يلفظوا بالكسرةِ3، يقولونَ مررتُ بحِمَار لأَنَّ الراءَ كأَنها عندهم مضعفةٌ راءٌ4 مكسورةٌ قبلَ راءٍ ومَنْ قالَ: أَرادَ أَن يضَرِبَها قَاسِمٌ قالَ: أَرادَ أَن يَضْرِبَها رَاشدٌ والراءُ أَضعفُ5، ورأَيتُ عِفْرًا مِثلُ عِلْقًَا وعِيَرا مثلُ: ضِيقَا وهَذا عمرانُ مثلُ حِمْقان وقومٌ يقولونَ: رأيتُ عِفْرَا يشبهونَها6 بألفِ "حُبْلى" وقالوا: رأيتُ: عَيْرا وقالوا: النِغْرانُ7 وَعِمرانُ ولم يقولوا: بِرْقان8، وقالوا: هَذا جَرابٌ وذَا فَراشٌ لما كانتِ الكسرةُ أَولًا والألفُ زائدةً شبهتْ بِنغْرَانٍ.
واعلم: أَنَّهم يشبهونَ الهاءَ بالألفِ فيميلونَ يقولونَ: ضربتُ ضَرْبَهْ وأَخذتُ إِخْذِهْ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "قواريرًا" وجاء في سورة الإنسان {قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا}.
2
في الأصل "جار" وانظر: الكتاب 2/ 270.
3
يعني كسرة العين.
4
في "ب" ياء وهو خطأ.
5
أي: أن الراء أضعف من العين.
6
في "ب" شبهوها.
7
النفران: نفر، غلا جوفه وغضب، والنفر: الغضبان.
8
برقان: جمع برق، لم يقولوا هذا لأنه من الحروف المستعلية.



ج / 3 ص -170- ذِكرُ الفتحةِ الممالةِ نحو الكسرةِ:
يقولونَ مِنَ الضَّررِ ومِنَ البعرِ ومِنَ الكِبَرِ ومِنَ الصغر قياسُ هَذا البابِ أَن تجعلَ1 مما يلي الفتحةَ بمنزلةِ ما يلي الألفَ وتقولُ: مِنْ عَمْرٍو فتميلُ فتحةَ العينِ لأَنَّ الميم ساكنةٌ وتقولُ: مِنَ المُحَاذِر فتميلُ فتحةَ الذالِ وتقولُ: رأَيتُ خَبَطَ الريفِ كما قالوا: مِنَ المَطرِ ورأيتُ خَبَط فِرِندٍ2 وحُكِيَ الإِشمامُ في الضمةِ هَذا خَبَطُ رياحٍ ومِنَ المُنْقُرِ3، وقالَ: مَرَرتُ بعيرٍ4 فَلَم يُشمَّ لأَنَّها تخفى مَع الياءِ ومررتُ بِبَعيرٍ لأَنَّ العينَ مكسورةٌ ويقولونَ: هَذا ابنُ ثَورٍ وَمنْ لَم يُملْ بِمَالِ قَاسمٍ لَمْ يُمل: خَبَطَ رياح5. ومَنْ قالَ: مِنْ6 عَمْروٍ والنُّغرِ فأَمالَ لم يُملْ [مِن]7 الشَّرقِ لأَنَّ بعدَ الراءِ حرفًا مستعليًا وَيَحْسِبُ لا يكونُ فيهِ إلا الفتحُ في الياءِ والنونِ والهمزةِ.
واعلم: أَنَّهم رُبَّما أَمالوا على غيرِ قياسٍ وإِنَّما هُوَ شَاذٌّ وذلكَ: الحجَّاجُ إِذَا كانَ اسمًا وأكثرُ العربِ ينصبهُ والناسُ تُميلُه مَنْ لا يقولُ: هَذا مَالٌ وَهم أَكثرُ العَربِ وإِنَّ جميعَ ما يُمالُ تَرْكُ إِمالتِه جَائزٌ وليسَ كُلٌّ مِنْ أَمالَ شيئًا وافقَ الآخرَ فيهِ مِنَ العربِ8 فإِذَا رأيتَ عربيًّا قد أَمالَ شيئًا وامتنَع منهُ آخرُ فلا تُرينَّ أَنهُ غَلطٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" ما يلي:
2
فرند: السيف وجوهره.
3
المنقر: جمع مناقير على غير قياس: الخشبة التي تنقر للشراب، البئر الصغيرة الضيقة الرأس أو الكثيرة الماء البعيدة القعر، الحوض.
4
عير: حمار الوحش.
5
انظر: الكتاب 2/ 271.
6
في الأصل "منه" والتصحيح من "ب".
7
زيادة من "ب".
8
من العرب: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -171- ذِكرُ عدةِ ما يكونُ عليهِ الكلمُ: مَا جاءَ علَى حرفٍ قبلَ الشيءِ الذي جاءَ به.
الواوُ للعطفِ وليسَ فيهِ دليلٌ أَنَّ أَحدهما قبلَ الآخِر والفاءُ كالواوِ غيْرَ أنها تجعلُ ذلكَ بعضَهُ في أثرِ بعضٍ وكافُ الجرِّ للتشبيهِ1 ولامُ الإِضافةِ ومعناه الملكُ واستحقاقُ الشيءِ باءُ الجر للإِلزاقِ والاختلاطِ وواو القسمِ كالباءِ والتاءُ في القسمِ بمنزلتِها والسينُ في "سيفعلُ" قال2 الخليلُ: إنَّها جوابُ "لَنْ"3 والألفُ للإستفهامِ ولامُ اليمينِ في "لأَفعلنَّ" واللامُ في الأَمرِ: ليقمْ زيدٌ ما جاءَ بعدُ عَلامةٌ للإِضمارِ وهيَ الكافُ والتاءُ والهاءُ4، وقد تكونُ الكافُ غيرَ اسمٍ للمخاطبةِ فقط نحو: ذاكَ والتاءُ تكونُ بمنزلتها للخطابِ فَقَط وهي التي في "أَنْتَ".
ما جاءَ على حرفينِ:
مِنَ الأَسماءِ: يَدٌ ودَمٌ ودَدٌ5، وسَهٌ6، ومِنَ الأفعالِ: خُذْ وكُلْ ومُرْ وبعضُهم يقولُ: أُوكُلْ كما أَنَّ بعضَهم يقولُ في "غَدٍ": غَدْوٌ وما لحقتهُ الهاءُ مِنَ الأسماءِ نحو: ثَبةٍ7 ولِثَةٍ وشِيَةٍ8 ورِئَةٍ وَعِدَةٍ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في سيبويه 2/ 304: وكاف الجر التي تجيء للتشبيه وذلك قولك: أنت كزيد.
2
في "ب" زعم.
3
انظر: الكتاب 2/ 304.
4
نحو الكاف في رأيتك وغلامك، والتاء التي في فعلت وذهبت والهاء التي في عليه.
5
دد: اللهو، وعند بعضهم الحسن، ومن معانيه: الحين من الدهر. ولعل "الحسن" محرف من "الحين".
6
سه: هو الأست محذوف العين، وهذا من الشاذ، ولم يأت من الأسماء ما حذفت عينه إلا هذا الحرف، وانظر: المنصف 1/ 61.
7
ثبة: جمع ثبات، الجماعة. وسط الحوض، لأن الماء يجمع في وسطه. العصبة من الفرسان.
8
شية: يقال: وشى يشي وشيًا وشية الثوب، حسنه بالألوان ونمنمه ونقشه والكلام: كذب فيه.



ج / 3 ص -172- ولا يكونُ شَيءٌ على حرفينِ صفةً مِن1 حيثُ قل2 في الاسمِ. ومِنَ الحروفِ: أَمْ وأَوْ وهَلْ للاستفهامِ ولم نَفْيُ فَعَلَ ولَنْ: نفي سيفَعلُ وإِنْ للجزاءِ وتكونُ لغوًا في "ما إِنْ تَفعلُ" وتكونُ كافةً "لِمَا" في لغةِ3 أَهلِ الحجازِ كما تكفُ "إِنَّ" الثقيلةُ وتجعلها مِنْ حروفِ الابتداء ومَا: نفيُ هو يَفْعلُ إِذا كانَ في الحالِ وتكونُ "كليسَ" وتوكيدًا لغوًا وقَد يغيرُ الحرفَ عن عملهِ نحو: إِنّما وكأَنَّما ولعلَّما جعلتهنّ بمنزلةِ حروفِ الابتداء ومِنْ ذلكَ حيثما صارتْ بمجيئِها بمنزلةِ "إِنْ" فهيَ مغيرةٌ في الموضعينِ إلا أَنَّها تكفُّ العاملَ عن عملهِ ويعملُ ما كانَ لا يعملُ قبلَ مجِيئها وتكونُ "إِنْ" كما في معنى لَيسَ "ولاَ" تكونُ4 كَما في التوكيدِ واللغو {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتابِ}5 [أَي]6: لأَنْ يعلَم ونفي لقولهِ: يَفعلُ ولم يقعِ الفعلُ. وقَد تُغيرُ الشيءَ عَنْ حالهِ كمَا تَفعلُ "مَا" وذلكَ قولُكَ: "لَولا" صارت [لَو]7 في معنىً آخرَ، وهَلاّ صيّرتَها في معنىً آخرَ وتكون8 ضِدًّا لِنَعَمْ وبَلَى و"أَن" تكونُ بمنزلةِ لامِ القسمِ في قولِكَ: واللِه أَنْ لو فَعَلْتَ وتوكيدًا في "لَمَّا" أَنْ فَعَلَ وقد تلغى "إِنْ" مَعَ "مَا" إِذا كانتْ اسمًا وكانَت حينًا قالَ الشاعرُ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من: ساقط من "ب".
2
قل: ساقط من "ب".
3
في "ب" قول.
4
في "ب" وتكون "لا".
5
الحديد: 29.
6
أضفت كلمة "أي" لإيضاح المعنى.
7
أضفت كلمة "لو" لإيضاح المعنى.
8
الضمير في تكون يعود على "لا".



ج / 3 ص -173- "ورَجِّ الفَتى للخيرِ ما إِنْ رأَيتَهُ... عَنِ السِّنِ خَيرًا لا يزالُ يَزيدُ"1

"
كي" جوابٌ لقولهِ: لِمَهْ "بَل" لتركِ شيءٍ مِنَ الكلامِ وأَخْذٍ في غيرهِ. "قَدْ" جوابٌ لقولهِ: لمَّا يَفْعل.
وزعمَ2 الخليلُ: أَنَّ هَذا لقومٍ ينتظرونَ3 الخَبرَ ومَا في "لَمَّا" مغيرةٌ عن حالِ "لَم" كما غيرت [لَو إِذَا قلتَ]4 [لَوما] أَلا تَرَى أَنَّكَ تقولُ: "لمَّا" ولا تتبعُها شيئًا ولا تقولُ ذلكَ في "لَمْ" وتكونُ "قَدْ" بمنزلةِ "رُبما"5 "لَوْ" لِمَا كانَ سيقعُ لوقوعِ غيرِه. ياءٌ تنبيه6. مِنْ: لابتداءِ الغايةِ في الأماكنِ وكتبتُ مِنْ فلانٍ إلى فلانٍ فهذَا في الأسماءِ أيضًا غيرِ الأماكنِ ويكونُ في التبعيضِ وتدخلُ للتوكيدِ بمنزلةِ "مَا" إلا أنها تجرُّ وذلكَ ما أَتاني مِنْ رجلٍ وكذلكَ: ويحه مِنْ رجلٍ "أَكدتهما" بِمن لأَنَّهُ موضعُ تَبعيضٍ فأَرادَ أَنهُ لم يأتِه بعضُ الرجالِ والناس. وأَرادَ في "وَيْحَهُ" التعجبَ مِنْ بعضِ الرجالِ. هَذا لفظُ سيبويه. قالَ: وكذلكَ: لي ملؤهُ مِنْ عَسلٍ. وَهو أفضلُ مِنْ زيدٍ وإِنَّما أَرادَ أَن يفضلَهُ علَى بعضٍ وجعلَ "زيداً" الموضعَ الذي ارتفعَ منهُ أَو سفلَ وكذلكَ: أخزى اللُه الكاذبَ مني ومنكَ إلا أَنَّ هَذا وأَفضلُ منكَ لا يستغني عن "مِنْ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مر تفسيره في هذا الجزء/ 174.
2
في "ب" وقد زعم.
3
انظر: الكتاب 2/ 307.
4
أضفت كلمة "لو" إذا قلت لإيضاح المعنى.
5
كقول الهذلي:

قد أترك القرن مصفرا أنامله كأن أثوابه مجت بفرصاد

قال سيبويه: كأنه قال: ربما.. لأن فيها توقعا. وانظر: الكتاب 2/ 307.
6
انظر: الكتاب 2/ 307.



ج / 3 ص -174- فيهما1، لأنها توصلُ الأمرَ إلى ما بعدَها وقد تكون باءُ الإِضافةِ بمنزلتِها في التوكيدِ وذلكَ: ما زيدٌ بمنطلقٍ2، وكذلكَ: كفى بالشيبِ [واعظاً]3 ورأيتُه مِنْ ذلكَ الموضعِ جعلتَهُ غايةَ رؤيتِكَ كما جعلتَهُ غايةً حيثُ أَردتَ الابتداء والمُنتهَى وأَلْ: تعرفُ الاسمَ4: مُذْ: ابتداءُ غايةِ الأيامِ والأحيانِ ولا تدخلُ "مُذْ" على ما تدخلُ عليهِ مِنْ وكذلكَ مِنْ في مُذ5. في: للوعاءِ عَنْ لما عَدا الشيءَ6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "فيها".
2
انظر: الكتاب 2/ 307.
3
زيادة من "ب".
4
كقولك: القوم، والرجل.
5
انظر: الكتاب 2/ 308.
6
قال سيبويه: وأما "عن" فلما عدا الشيء وذلك قولك: أطعمه عن جوع، جعل الجوع منصرفا تاركا له قد جاوزه.

ما جَاء علَى حرفينِ:
مِنَ الأسماء غيرِ المتمكنةِ وهي تجيءُ أَكثرُ من المتمكنةِ ذَا وَذِهْ معناهُما أَنكَ بحضرتِهما أَنا علامةُ المضمرِ وَهُوَ وهيَ: كَمْ: وهيَ للمسألةِ عن العددِ: مَنْ: للمسألةِ عَنِ الأناسي ويكونُ بها الجزاءُ للأناسي، ويكونُ بمنزلةِ "الذي" للأُناسي: مَا مثلُ "مَنْ" إلا أَنَّ "مَا" مبهمةٌ تقعُ علَى كُلّ شيءٍ وأَنْ بمنزلةِ "الذي" مَع صِلَتها فتصيرُ: تريدُ أَنْ تفعلَ بمنزلةِ الفِعْلِ قَطْ: معناها: الاكتفاءُ مَعَ: للصحبةِ مُذْ فيمن رفَع بها بمنزلةِ إِذَا وحيثُ "عَنْ": اسمٌ إِذا قلتَ: مِنْ1 عَنْ يمينِكَ عَلَى: معناها:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
لأن "من" لا تعمل إلا في الأسماء.



ج / 3 ص -175- الإِتيانُ مِنْ فوق1 إِذْ: لما مَضى مِنَ الدهرِ وهيَ ظرفٌ بمنزلةِ "مَعَ" وأَما مَا هو في موضعِ الفعلِ فقولُهم: مَهْ صَهْ حَلْ للناقةِ سَأْ للحِمَارِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يريد أن معنى "على" معنى "فوق وأن الجر دخله لأنه قدره نكرة غير مضاف إلى شيء في النية وبقاؤه على الضم أكثر لتضمنه معنى الإضافة كقبل وبعد.



ج / 3 ص -176- بَابُ ما جاءَ علَى ثلاثةَ أَحرفٍ:
عَلَى: الاستعلاء للشيءِ1 ويكونُ أَن يطوَى مستعليًا كقولِكَ: أَمررتُ يدي عليهِ ومررتُ على فُلانٍ كالمثلِ2، علينَا أَميرٌ وعليهِ دَينٌ لأَنهُ شيءٌ اعتلاهُ ويكونُ مررتُ عليهِ مررتُ على مكانِه ويجيءُ كالمثلِ وهو اسمٌ ولا يكونُ إلا ظرفًا ويَدلُّ علَى أَنَّهُ اسمٌ قولُ بعضِهم3:

"
غَدَتْ مِنْ عَلَيهِ..."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كقولك: هذا على ظهر الجبل، وهو على رأسه.
2
قال سيبويه 2/ 310: وأما مررت على فلان فجرى هذا كالمثل، وعلينا أمير كذلك.
3
جزء من صدر بيت وتكملته:

غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها تصل وعن قيض ببيداء مجهل.

ويروي: بزيزاء مجهل، وهو من شواهد سيبويه 2/ 310، على دخول "من" على "على" لأنه اسم في تأويل "فوق" كأنه قال: غدت من فوقه.
وغدا: بمعنى صار، أي: انصرفت القطاة من فوقه فهو غير مخصوص بوقت دون وقت بخلاف ما إذا استعمل في غير معنى صار فإنه يختص بوقت الغداة. والظمء بالكسر ما بين الشربين، والوردين، وتصل أي: يسمع لأحشائها صليل من يبس العطش والقيض: قشر البيضة الأعلى الذي يلبس البيضة فيكون بينها وبين قشرها الأعلى ويقال له: الفرقئ أيضا. والمجهل: الصحراء التي يجهل فيها إذ لا علامة فيها وصف قطاة أقامت مع فرخها حتى احتاجت إلى ورد الماء، عطشت فطارت تطلب الماء عند تمام ظمئها، وأراد بذكر الفرخ سرعة طيرانها لتعود إليه مسرعة لأنها كانت تحتضنه. والشاهد لمزاحم العقيلي.
وانظر: المقتضب 3/ 53، وأدب الكاتب/ 500، والكامل للمبرد/ 488، وشرح السيرافي 2/ 53، والموجز لابن السراج 108، والمخصص 16/ 65، وشرح أدب الكاتب للجواليقي/ 349، وابن يعيش8/ 39، والاقتضاب/ 428، ومعجم المقاييس 4/ 116.



ج / 3 ص -177- هذا قول سيبويه1. وقد ذكرتُ ما قالَ أَبو العباسِ فيما مضَى من الكتابِ2. وأَما إلى فمنتهىً لابتداء الغايةِ وكذلكَ "حَتَّى" وقد بُينَ أَمرهما في بابهما ولَها [في الفعلِ]3 نَحْوٌ ليسَ "لإِلى" ويقولُ الرجلُ للرجلِ: إنَّما أَنا إليك أَي: أَنْتَ غايتي ولا تكونُ "حَتَّى" هَهُنَا4، وهيَ أَعمّ في الكلام مِنْ "حَتّى" تقولُ: قمتُ إليهِ "فجعلتَهُ منتهاك مِنْ مكانِكَ" ولا تقولُ: حتاهُ. حَسْبُ: معناهُ معنى قَطْ. فأَمَّا: غيرُ وسِوَى: فبَدَلٌ وكُلُّ عَمٌّ وبَعضٌ اختصاصٌ. ومِثْلُ: تسويةٌ وَبَلْهَ زيدٍ دَعْ زيدًا وبَلْهَ هُنَا بمنزلةِ المصدرِ كما تقولُ: ضَرْبُ زيدٍ. وعندَ: لحضورِ الشيءِ ودنوهِ منهُ وَقِبَلَ: لِمَا وليَ الشيءَ وذهبتُ قِبَلَ السوقِ أي: نحوَ السوقِ ولي قَبِلكَ مَالٌ أي: فيَما يليكَ ولكنهُ اتسعَ حتى أُجري مَجرى "عَلَى" إذا قلتَ: لي عليكَ نَوْلٌ: "ينبغي لَكَ فِعْلُ كَذا وكَذا" وأَصلهُ: مِنَ التنَاولِ كأَنَهُ يقولُ: تَناوُلك كذَا وكذا وإذا قاَلَ: لا نَوْلُكَ فكأَنهُ قالَ: أَقْصِرْ ولكنّهُ صارَ فيهِ معنى ينبغي لَكَ. إذَا: لِمَا يستقبلُ مِنَ الدهرِ وفيها مجازاةٌ وهيَ ظرفٌ وتكونُ للشيءِ تُوافقهُ في حَالٍ أَنتَ فيها وذلكَ قولُك: مررتُ فإذا زيدٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 310
2
انظر: 1/ 512 من الأصول والمقتضب1/ 46.
3
أضفت "في الفعل" لإيضاح المعنى. وانظر: الكتاب 2/ 310.
4
في سيبويه 2/ 310 ويقول الر جل للرجل: إنما أنا إليك، أي: إنما أنت غايتي ولا تكون "حتى" هاهنا، فهذا أمر "إلى".



ج / 3 ص -178- قائمٌ: وتكونُ "إذْ" مثلَها ولا يليها إلا الفعلُ الواجبُ وذلكَ قولُكَ: بَينما أَنَا كذاكَ إذْ جاءَ زيدٌ وقصدتَ قصدَهُ إذْ1 انتفخَ عَليَّ فلانٌ فهذَا لِمَا توافقهُ وتهجمُ عليهِ مَع حالٍ أَنتَ فيها: لكنْ: خفيفةٌ وثقيلةٌ: توجبَ بهَا بعدَ نفيٍ سوفَ: تنفيسٌ فيما لَم يكنْ بَعدُ أَلا تَراهُ يقولُ: سوَّفْتهُ. قَبلُ: للأولِ. بَعْدُ: للآخرِ وهُما اسمانِ يكونانِ ظرفينِ. كَيفَ: علَى أَي حَالٍ أَيْنَ: أَيّ مكانٍ مَتَى: أيّ حين حَيْثُ: مكانٌ بمنزلةِ قولِكَ: هو في المكانِ الذي فيهِ زيدٌ. خَلْفُ: مؤخرُ الشيءِ أَمامُ: مقدمهُ قُدَّامُ: أَمام فَوقَ: أَعلى الشيءِ. ليسَ: نفيٌ أَي: مسألةٌ لِيبينَ لَكَ بَعْضٌ وهيَ تجري مجَرى "مَا" في كلِّ شيءٍ: مَنْ: مثلُ أَي إلا أَنهُ لِلنَّاسِ إنَّ: توكيدٌ لقولِه: "زيدٌ منطلقٌ" وإذَا خففتْ فهيَ كذلكَ غير أَنَّ لامَ التوكيدِ تلزمُها لِمَا ذهبَ منها لَيْتَ: تمنٍّ لعلَّ وعسى: طَمْعٌ وإشفاقٌ. لَدُنْ: الموضعُ الذي هُوَ أولُ الغايةِ وهو اسمٌ يكونُ ظرفًا وقَدْ يحذفُ بعضُ العربِ2 النَّونَ وَلَدَى: بمنزلةِ عندَ ودون: تقصيرٌ عَنِ الغايةِ ويكونُ ظرفًا. قُبَالة: مواجهةٌ وهو اسم يكونُ ظرفًا بَلَى: توجبُ ما يقول. وهوَ تركٌ للنفيِ نَعَم: عِدَةٌ وتصديقٌ وليسَ "بَلَى ونَعم" اسمينِ وإذَا استفهمتَ3 أَجبتَ "بنَعَمْ" فإذَا قلتَ: أَلستَ تَفعلُ4؟ قالَ: بَلَى. يجريانِ مجراهما قبلَ أَنْ يجيءَ الألفُ5 بَجَلْ: بمنزلةِ "حَسْبُ" إذَنْ: جوابٌ وجزاءٌ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انتفخ: مطاوع نفخ، والرجل تعظم وتكبر، والشيء ارتفع والنهار علا.
2
إذا حذفت النون تصبح على حرفين كقول الراجز:

يستوعب البوعين من جريره من لد لحييه إلى منحوره

أراد أن "لد" محذوفة من "لدن" منوبة النون فلذلك بقيت على حركتها. ولو كانت مما بني على حرفين لزمها السكون كقد ونحوها.
3
أي: إذا قلت: أتفعل؟ وانظر: الكتاب 2/ 312.
4
تفعل قال: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -179- لمَّا: هيَ للأمرِ الذي قَد وقعَ لوقوعِ غيرهِ وإنّما تجيءُ بمنزلةِ "لَو" ويكونُ ظرفًا يعني إذَا قلتَ: لمَّا جئتَ [جئتُ]1 جعلتَ لمّا ظرفًا وأَمَّا: فيها معنى الجزاءِ كأَنهُ يقولُ: عبدُ الله مَهما يكنْ مِنْ أَمرهِ فمنطلقٌ أَلا تَرى أَنَّ الفاءَ لازمةٌ له أَبدًا. أَلا: تِنبيهُ تَقولُ: أَلا إنهُ ذَاهبٌ أَلا: بَلَى كَلاَّ: رَدعٌ وَزجرٌ أَنّى: كيفَ وأَين أَيانَ3: مَتَى4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
إلى تكون بمعنى كيف.
3
أيان في معنى متى قال سيبويه 2/ 312: لو أن إنسانا قال ما معنى أيان فقلت: متى كنت قد أوضحت.
4
متى: في أي زمان أو في أي حين.











50



















الأصول في النحو

الأبينةُ بأَقسامها:
الأسماء في أبنيتِها تنقسمُ قسمين: اسم لا زيادةَ فيهِ واسم فيهِ زيادةٌ والأسماءُ التي لا زيادةَ فيها تنقسمُ ثلاثةَ أَقسامٍ: ثلاثي ورباعي وخماسي.
فالثلاثي: ينقسم على عشَرةِ أبنية [وقد ذكرنَاهما في الجمعِ]1.
والرباعي: على خَمسة أبنيةٍ2.
والخماسي: أيضًا خَمسةُ أبنيةٍ3.
القسمُ الثاني:
وهيَ الأسماءُ ذواتُ الزيادةِ وهي علَى ضَربينِ: أَحدهما الزيادةُ فيهِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
على خمسة أبنية سقط من "ب".
3
أيضا خمسة أبنية، ساق من "ب".



ج / 3 ص -180- تكريرُ حرفٍ مِنَ الأصلِ وَهوَ الأقلُّ فتؤخره. والآخرُ: زيادتُه ليستْ منهُ وهيَ مِنَ الحروفِ الزوائدِ وَهوَ الكثيرُ فنقدمهُ.
والحروفُ الزوائدُ التي يبنى عليها الاسم سبعة1 أَحرفٍ: الهمزةُ والألفُ والياءُ والنونُ والتاءُ والميمُ والواوُ فالأسماءُ الثلاثيةُ ذواتُ الزوائدِ تنقسمُ بعددِ هذهِ الحروفِ سبعةَ أَقسامٍ: الأولُ: ما زِيدتْ فيهِ الهمزةُ, الثاني: ما زِيدتْ فيهِ الألفُ الثالث: ما زِيدتْ فيهِ الياءُ والرابع: ما زِيدتْ فيه النونُ. الخامسُ: ما زِيدتْ فيهِ التاءُ والسَّادسُ: ما زِيدتْ فيهِ الميمُ. والسابعُ: ما زِيدتٍ فيهِ الواوُ.
أَبنيةُ الثلاثي:
أعلَمْ: أَنَّ أُقلَّ ما تكونُ عليهِ الأُصولُ مِنَ الأسماءِ والأفعالِ ثلاثة أَحرفٍ تقدرُ بفاءٍ وعينٍ ولامٍ فالفاءُ لا بُدّ مِنْ أَن تكونَ متحركةً لأَنهُ لا يبتدأُ بساكنٍ واللام: حرفُ إعرابٍ والعينُ لا بُدَّ مِنْ أَن تكونَ: إمّا ساكنة وإمَّا متحركةَ فإذا سكنتَ كانَ الثلاثي علَى ثلاثةِ أَبنيةِ بعددِ الحركات: فَعْلٌ وفِعْلٌ فُعْلٌ لأَنّ الحركاتِ ثلاثٌ فكلُّ واحدٍ مِنْ هذهِ الأبنيةِ الثلاثةِ تجيءُ منها ثلاثةُ أَبنيةٍ والعينُ متحركةٌ
فَعَلٌ فَعِلٌ فَعُلٌ فَتْحٌ وكَسرٌ وضَمٌّ وكذلكَ يكونُ مِنْ فِعْلٍ "فِعِلٌ فِعُلٌ" إلا أَنَّ فِعُلٌ مُطَّرَحٌ
لِثِقْلِ الضمةِ بعدَ الكسرةِ وكذلكَ "فُعُلٌ يكونُ منهُ" فُعَلٌ فُعُلٌ وفُعِلٌ ولا يكونُ "فُعِلٌ" إلا في الأفعالِ دونَ الأسماءِ لثقلِ الكسرةِ بعدَ الضمةِ فعددُ أَبنيةِ السواكنِ الوسطِ ثلاثةٌ وأَبنيةُ المتحركِ العينِ تسعةٌ فذلكَ اثنا عَشَر يسقطُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جعل ابن السرج الحروف الزوائد سبعة وهي في سيبويه 2/ 312 عشرة: الهمزة والألف والهاء والياء النون والتاء والسين والميم والواو واللام، فلم يذكر المصنف: التاء واللام والسين. واستفعل وعبدل.



ج / 3 ص -181- منها "فِعُلٌ" في الأسماءِ والأَفعالِ ويسقطُ "فُعِلٌ" في الأسماءِ دونَ الأفعالِ فتكونُ جميعُ أَبنيةِ الأسماءِ الثلاثيةِ عَشَرة أَبنيةٍ: فَعْلٌ فِعْلٌ فُعْلٌ فَعَلٌ فِعِلٌ فَعُلٌ فُعَلٌ فُعُلٌ فِعَلٌ فِعِلٌ.
واعلم: أَنَّ مِنَ الأبنيةِ في الثلاثيةِ وغيرِها منَها ما يكونُ في الأسماءِ والصفاتِ ومِنْها ما يكونُ في الأسماءِ دونَ الصفاتِ ومنها ما يكونُ في الصفاتِ دونَ الأسماءِ فَفَعْلٌ: صَقْرٌ والصفةُ: صَعْبٌ فِعْلٌ: جِذْعٌ والصفةُ نِقْضٌ1، فَعْلٌ: بُرْدٌ2، والصفةُ: حُلْوٌ فَعَلٌ: جَمَلٌ والصفةُ حَدَثٌ فَعِلٌ: كَتِفٌ والصفةُ: حَذِرٌ فَعُلٌ: رَجُلٌ. والصفةُ حَدُثٌ فُعَلٌ: صُرَدٌ3، والصفةُ حُطمٌ4، فُعُلٌ: طُنُبٌ5، والصفةُ جُنُبٌ6 فِعَلٌ: ضِلَعٌ وجَاءَ في المعتلِّ: عِدّىً نعتٌ. فِعِلٌ: إبِلٌ وهوَ قليلٌ وقالَوا في الصفةِ: امرأةٌ بِلِزٌ وهيَ العظيمةُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
نقض: مهزول، كأن السفر نقض بنيته، أي: هدمها.
2
برد: جمع برود وأبراد: ثوب مخطط.
3
صرد: طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير. أو هو أول طائر صام لله.
4
حطم: الحطم- بضم الحاء وفتح الطاء- الراعي الظلوم للماشية يهشم بعضها ببعض. والحطم-محركة – داء في قوائم الدابة.
5
طنب: الحبل الطويل الذي يشد به سرادق البيت والوتد.
6
جنب: البعير الذي لا ينقاد. الغريب. الجار الجنب: الجار من غير قومك أو البعيد.

أَبنيةُ الأسماءِ الرباعيةِ خمسةُ أَبنيةٍ1:
فَعْلَلٌ فِعْلِلٌ فِعْلَلٌ فُعْلُلٌ فِعَلُّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يوجد في الأصل اختلاف أظنه من عمل الناسخ في ترتيب الأبنية يبدأ من البناء السابع حتى العاشر.



ج / 3 ص -182- الأول: فَعْلَلٌ: جَعْفَرٌ والصفةُ: سَلْهَبٌ1 وأُلْحِقَ بَها: حَوْقَلٌ2، وزَيْنَبُ وجَدْوَلٌ ومَهْدَدٌ3 وَعلْقى4 وَرَعْشَنٌ5 وَسَنْبَتَةٌ6 وعَنْسَلٌ7.
الثاني: فِعْلِلٌ:
البنيةُ اسمًا: زِبْرِجٌ8، والصفةُ: عِنْفِصُ القليلةُ اللحمِ ويقالُ أيضًا: هي الداعرةُ. قالَ الأعشى:

"
لَيْسَتْ بسوداءَ ولاَ عِنْفِصٍ تَسارِقُ الطرفَ إلى داعِرِ9

وَحِرْمِلٌ وهي الحمقَاءُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
السهلب: من الرجال الطويل. ومن الخيل ما عظم وصال عظامه.
2
حوقل: يقال: حوقل الرجل إذا مشى فأعيا وضعف. وحوقل الشيخ: اعتمد بيديه على خصره.
3
مهدد: اسم امرأة.
4
علقى: شجر تدوم خضرته.
5
رعشن: الجبان، السريع من الجمال والظلمان.
6
سنبتة: برهة من الدهر والتاء فيه للإلحاق.
7
عنسل: ناقة سريعة.
8
زبرج: الزينة من شيء أو جوهر. والذهب. والسحاب الرقيق فيه حمرة.
9
استشهد فيه على أن "داعر" على وزن فعلل. والداعر الخبيث والفاسق. العنفص: البذيئة القليلة الحياء. ورواية الديوان تسارق الطرف إلى الداعر.
ورواه ابن دريد في الجمهرة: داعرة تدنو إلى داعر.
وانظر: الجمهرة 2/ 249 واللسان والصحاح "عفص" والديوان/ 139.



ج / 3 ص -183- الثالثُ: فِعْلَلٌ:
دِرْهَمٌ والصفةُ: هِجْرَعٌ1 طويلٌ عَنِ الأَصمعي2 [وقالَ]3 غيرُهُ: الجَبَانُ وأُلحقَ بهِ: عِثْيَرٌ4 وَهوَ الغُبارُ.
الرابعُ: فُعْلُلٌ:
تُرْتَمٌ بَقْيةُ الثريدِ5 والصفةُ: جُرْشُعٌ6 وأُلحقَ بهِ: دُخْلُلٌ: خَاصةُ الرجلِ الذينَ يُداخِلونَهُ.
الخَامسُ: فِعَلٌّ:
فَطحْلٌ7 والصفةُ8 هِزَبْرٌ قالَ الجرمي: سأَلتُ أَبا عبيدةَ عن: الفِطَحْلِ فقالَ: الأعرابُ9 يقولونَ: زَمنُ كانتِ الحجارةُ رطبةً وأُلحقَ بهِ خِدَبّ10.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الهجرع: الأحمق والطويل الممشوق. والمجنون. والطويل. والكلب السلوقي الخفيف.
2
الأصمعي: أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي. من تلاميذ أبي عمرو بن العلاء أخذ عن خلف الأحمر وروى عنه شعر جرير، توفي سنة 216هـ وقيل سنة 215هـ أو 217هـ. ترجمته في تاريخ بغداد 10/ 410 ومراتب النحويين/ 46 وأخبار النحويين/ 45 وطبقات الزبيدي رقم/ 94 ونزهة الألباء: 150.
3
زيادة من "ب".
4
عثير: وهو من بنات الثلاثة. والعثير: الغبار والتراب.
5
في "ب" بقية الطعام من المائدة.
6
الجرشع: العظيم الصدر.
7
فطحل: الضخم. والسيل.
8
هزبر: الأسد، والغليظ الضخم والشديد الصلب.
9
في "ب" العرب.
10
خدب: الشيخ. والعظيم الضخم من النعام وغيره. والحبل الشديد الصلب وهو من بنات الثلاثة لأنه ليس في الكلام من بنات الأربعة على مثال: فَعلل، ولا فُعلل، وانظر: الكتاب 2/ 335.



ج / 3 ص -184- وأَمّا عُلَبطٌ فمحذوفٌ مِنْ: عُلاَبطٍ1 وعرتنٌ2 حذَفوا منهُ نونَ: عَرَنْتَنٌ3 وجَنَدلٌ4 حذفوا أَلفَ: جنادِلَ وليسَ في أُصولِ كلامِهم جَمعٌ بينَ أربعِ متحركاتِ في كلمةِ ورُبَّما حَملهم استثقال ذلكَ علَى5 "أن" لا يجمعوا بينَ أَربعِ متحركاتٍ من كلمتينِ وقالوا: عَرَقُصانُ6 فحَذفَوا الساكنَ مِنْ "عَرَنْقُصَان" وحكي7: أَنها تقالُ بالياءِ والنونِ وهي: دَابةٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
علابط: قطيع من الغنم وأقلها الخمسون. والضخم. واللبن الخاثر. وكل غليظ.
2
عرتن: نبت يدبغ به.
3
عرنتن: شجر يدبغ به.
4
جندل: الجندل: مقروفة بقعة.
5
زيادة من "ب".
6
العرقصان: نبات كثير النفع في جميع أنواع الوباء، ولوجع السن المتآكل والأذن، والطحال، والصداع المزمن والنزلات.
7
في "ب" ويحكى.

أَبنيةُ الأسماءِ الخماسيةِ أَربعةٌ:
التي ذكرَ سيبويه وهي خَمسةٌ معَ بناءٍ لم يذكرْهُ سيبويه1:
فَعَلَّلٌ فَعْلَلِلٌ فُعَلْلِلٌ فِعْلَلٌّ فُعْلُلِلٌ.
الأول: فَعَلَّلٌ:
فَرَزْدَقٌ2 اسمٌ شَمَرْدَلٌ3 صفةٌ وما لحقَ هذَا لم يذكره4 سيبويه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ما بين القوسين ساقط من "ب".
2
فرزدق: الفرزدق: الرغيف. فتات الخبز واحدته فرزدقة. ولقب الشاعر همام بن غالب.
3
شمردل: سريع.
4
لم يذكره سيبويه: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -185- من بناتِ الثلاثةِ: عَثَوْثَلٌ1 وجَبَرْبَرٌ2 وَعَقَنْقَلٌ3 وأَلَنْدَدٌ4 ومِنْ بناتِ الأَربعةِ جَحَنْفَلٌ5.
الثاني: فَعْلَلِلٌ:
صفةٌ: جَحْمَرِشٌ6 ولحقهُ مَنِ الأَربعةِ: هَمّرِشٌ7.
الثالثُ: فُعَلِّلٌ:
قالَ سيبويه: يكونُ في الاسم والصفةِ نحو: قُذَعْمِلٍ8، وَخُبَعْثِنٍ9 قالَ: والاسم نحو: قُذَعْمِلَةٍ10. قالَ: الخُبَعثنُ11 كُلُّ شيءٍ قَارِّ البدنِ12 رَيانِ المفَاصلِ. قالَ أَبو العباس: حدثني التوزي13 قالَ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
العثوثل: الكثير اللحم. الكثير شعر الرأس والجسد.
2
جبربر: ولد الحبارى. وهو طير.
3
عقنقل: الكثيب من الرمل. والوادي العظيم المتسع وقانصة الضب.
4
ألندد: الألندد. واليلندد: الطويل، الأخدع من الإبل، والخصم الشحيح الذي لا يزيغ إلى الحق.
5
جحنفل: الغليظ الشقة.
6
جحمرش: العجوز الكبيرة. والمرأة المسنة. والأرنب المرضع. ومن الأفاعي الخشناء.
7
همرش: العجوز المسنة. وهو عند المصنف ملحق بجحمرش. وعند الأخفش على "فعللل" والأصل "هنمرش" وليس فيه حرف زائد. قال: النون الساكنة إنما وجب إدغامها في الميم إذا كانت في كلمتين نحو: من مالك، وأما في كلمة واحدة نحو: أنملة فلا تدغم. وانظر: الشافية للرضي/ 229.
8
قذعمل: ا لمرأة القصيرة الخسيسة. والضخم من الإبل.
9
خبعثن: رجل ضخم شديد.
10
القذعملة: القصير الضخم من الإبل. وانظر: الكتاب 2/ 341.
11
الخبعثن: من الرجال القوي.
12
البدن: ساقط من "ب".
13
التوزي: منسوب إلى توز ويقال فيها: توج من بلاد فارس، وهو أبو محمد بن التوجي من علماء البصرة. أخذ العلم عن أبي عبيدة والأصمعي والأخفش مات سنة 230هـ ترجمته في أخبار النحويين/ 65 ومراتب النحويين 75 وإنباه الرواة 2/ 126.



ج / 3 ص -186- يقالُ ما في بطنهِ قُذَعمِلَةٌ أَي: شَيءٌ فهوَ هَهُنَا اسمٌ: خُزَعْبِلَةٌ إِنَّما هي "البَاطلُ" وقالَ غيرهُ: القُذَعْمِلُ والقُذَعْمِلَةُ: الضَّخمُ مِنَ الإِبلِ.
الرابعُ: فِعْلَلٌّ:
الاسم1 قَرْطَعب دابةٌ والصفةُ: جِرْدَحْلٌ2 وحِنْزَقْرٌ: قصيرٌ وما أُلحقِ بهِ مِنَ الثلاثةِ: إزمولٌ3 وإرْزَبٌّ4 وألحقَ بهِ من بناتِ الأربعةِ
فِردَوسٌ وقِرشَبٌّ5 وأَما هُنْدَلعٌ6 فلَم يذكرهُ سيبويه: وقالوا: هيَ بقلةٌ
القسمُ الأولُ: ما زيدتْ فيهِ الهمزةُ:
وهوَ ينقسمُ قسمينِ:
أَحدهما: زيدتِ الهمزةُ فيهِ وحدَها. [والقسمُ]7 الآخرُ: زيدتْ مع غيرها مِنَ الزوائدِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الاسم: ساقط في "ب".
2
الجردحل: بكسر الجيم- الضخم من الإبل، للذكر والأنثى. والوادي.
3
إزمول: بالضم والكسر- المصوت من الوعول وغيرها.
4
إرزب: زائد الباء كنون الندد، والإرزب- بكسر الهمزة وفتحها-القصير، والكبير، والغليظ الشديد. والضخم.
5
قرشب: المسن. أو السيئ الحال. والأكول. والضخم الطول. والأسد.
6
هندلع: وزنه "فعللل" وهو الذي أضافه ابن السراج. انظر: المنصف 1/ 31.
7
زياة من "ب".



ج / 3 ص -187- أَمَّا ما زيدتْ فيهِ وحدها1 فهو أيضًا على ضربينِ: منهُ ما زيدتْ فيهِ أَولًا وهو الكثيرُ.
والثاني2: وهو ما زيدتْ فيهِ غيرَ أَولٍ وهوَ القليلُ الأوّلُ من ذلكَ: وهو ما زِيدَتِ الهمزةُ أولًا وحدها وهي ستة أبنية: أفْعَلُ أَفْكَلُ3، أَبيضُ صفةً4 إِفْعِلٌ: إثْمِدٌ5 إِفْعَلٌ: إِصْبَعٌ أُفْعُلٌ: أُبْلمٌ6، أَفْعُلٌ في الجَمعِ7.
الثاني منهُ: ما زيدتِ الهمزةُ فيهِ وحدَها غير أَولٍ ثلاثةُ أَبنيةٍ: فَعْلاء مقصورٌ [وقد يُمدُّ] ضَهْيَاءُ المرأةُ التي لا تحيضُ9 فَاعَلٌ: شَامَلٌ فَعْأَلٌ: شَمْألٌ10.
القسمُ الآخرُ الذي زيدتْ فيهِ الهمزةُ مع غيرِها وهي على ضربين: أَحدهما: وقعت فيهِ أَولًا. والآخرُ غَيْرَ أَولٍ.
الأول11: إفْعَالٌ: إسْلامٌ إعْصارٌ إسكَافٌ12 إسحَارٌ13،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
وحدها: ساقط في "ب".
2
زيادة من "ب"
3
الأفكل: الجماعة من الناس، الرعدة. الشقراق.
4
صفة: ساقط من "ب".
5
إثمد: الإثمد، بكسر الهمزة – حجر للكحل.
6
أبلم: غليظ الشفتين. وبقلة لها قرون كالباقلاء.
7
في الكتاب 2/ 316 "ولا يكون في الأسماء والصفات "أفعل" إلا أن يكسر عليه الاسم للجميع نحو: أكلب، وأعبد.
8
زيادة من "ب".
9
المرأة التي تحيض: ساقط من "ب". وتكون ضهيا صفة.
10
لم يذكر ابن السراج بناء "فعائل" نحو: حطائط، وجرائض.
11
الأول: ساقط من "ب".
12
إسكاف، واحد الأساكفة وهو الصانع أيا كان وخص به بعضهم النجار.
13
إسحار: بكسر الهمزة وفتحها- بقلة تسمن الماشية.



ج / 3 ص -188- إخريطٌ1 إصليتٌ2 أُسلوبٌ أُملودٌ3، أُجَارِد4، أُباتِر5، إدرون6 مِنَ الدرَنِ إسحوفٌ7 يقالُ: إنّها لإِسحوفُ الأَحاليلِ وهو: صَوتُ الدرةِ وأَفعالٌ وأَفاعلُ وأَفاعيلُ أَبنيةُ الجموعِ8 فَقَطْ. أَفَنْعَلٌ: أَلَنْجَجٌ9 عُودٌ10 أَلندَدٌ: أَلَدَّ إفعِيلى: إهْجِيري11 أَفْعَلَى: أَجْفَلى12، أُفْعُلَّةٌ: أُتْرُجَّةٌ13 أُسْكُفَّةٌ14 إفْعَلٌّ: إرزبٌّ غليط كز15 إزْفَنَّةٌ خفيفٌ يقالُ: أَخَذَتهُ إزْفَنَّةٌ16 وقرأتُ في كتابِ سيبويه "إزْفَلّةٌ"17 وهو اسمٌ وإرزبٌّ وهوَ صفةٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
إخريط: ضرب من الحمض وهو أطيبها، يخرط الإبل، أي: يرقق سلحها.
2
إصليت: صفة، يقال: سيف إصليت، أي: صقيل ووزنه إفعيل.
3
أملود: ناعم وزنه أفعول ولم يذكره المصنف.
4
أجارد: اسم، يقال: مواضع أجارد، أي: منجردة من النبات وزنه أفاعل.
5
أباتر: صفة. رجل أباتر، وهو القاطع لرحمه، وزنه أفاعل.
6
إدرون: وزنه إفعلول.
7
إسحوف: صفة وهو الوساع مخرج الإحليل أو مخرج البول، ومخرج اللبن من الضرع.
8
في "ب" الجميع.
9
ألنجج: عود يتبخر به.
10
عود: ساقط في "ب".
11
أهجيري، وهجيري: إذا هجر في نومه ومرضه يهجر هجرًا، هذي. والهجيري كثرة الكلام والقول السيئ.
12
أجفلى: الأجفيل: الجبان الذي يفزع من كل شيء.
13
أترجة والأترج واحدته ترجة وهو ثمر.
14
أسكفة: اسم. عتبة الباب.
15
غليظ كز: ساقط في "ب".
16
إزفنة: اسم رجل إزفنة، متحرك، وفيه إزفنة أي: حركة.
17
انظر: الكتاب 2/ 317. ويكون على "أفعل" قالوا: إرزب، وإزفلة وهو اسم. وأرزب صفة.



ج / 3 ص -189- أَفْعَلى: أَجْفَلى وجَفَلَى قال الشاعر:

"
نحنُ في المَشتاةِ ندعو الجَفَلَى لا ترى الآدِبَ فِينَا يَنتقِرْ1

يعني الجماعةَ2.
ويكون على إفْعلى مثل: إيجلى3: اسمٌ أُفعلانٌ: أغرُدانٌ نَبتٌ أُسْحُلانٌ4 [حَسَنٌ]5 إفْعِلانٌ: الإِسْحِمانُ جَبَلٌ بعينِه والصفةُ "ليلةٌ إضْحِيانةٌ"6. أَفْعَلانٌ: أَنْبَجانٌ7: عجينٌ. أَنْبَجَانٌ: صفةٌ [رخو]8 غَيرُ مُلتئمٍ. أَفْعِلاء: الأَرْبِعاءُ وبنوهُ أيضًا على: أَفْعَلاَءَ بفتحِ الباَء: أَرْبَعَاءُ وأَمَّا أَفْعِلاءُ مكسرًا عليهِ الواحدُ للجمعِ فكثيرٌ نحو: أَنْصَباء9.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
والشاهد لطرفة بن العبد من قصيدة طويلة عدتها أربعة وسبعون بيتا. ورواية الديوان: الجفلى بدل الأجفلي.
ورواه بعضهم: الأحفلى بالحاء، وهو من المجلس الحافل، والضرع الحافل أي: المجتمع وقوله: نحن في المشتاه: يريد زمن الشتاء والبرد وذلك أشد الزمان. والجفلى أن يعم بدعوته إلى الطعام ولا يخص واحدا دون آخر. الذي يدعو إلى المأدبة. هي طعام يدعى إليه والانتقار: أن يدعو النقرى. وهو أن يخصهم ولا يعمهم، يقول: لا يخصون الأغنياء ومن يطمعون في مكافآتهم، ولكنهم يعمون طلبا للحمد ولاكتساب المجد.
وانظر: المنصف 3/ 110 والنوادر/ 84 والديوان/ 84.
2
يعني الجماعة: زيادة من "ب".
3
إيجلي: موضع.
4
أسحلان: بضم الهمزة والحاء أو كسرها –الطويل. سبط الشعر. الأقرع.
5
زيادة من "ب".
6
إضحياته: مضيئة. قال سيبيويه 2/ 317، وهو قليل لا نعلم إلا هذا.
7
أنبجان: يقال: عجين أنبجان، أي: منتفخ.
8
زيادة من "ب".
9
أنصباء وأنصبة: جمع نصيب وهو الحظ.



ج / 3 ص -190- الضربُ الثاني:
ما زيدتِ الهمزةُ فيهِ غير أَولٍ مع غيرِها مِنَ الزوائدِ1 وذلكَ ضَهْيَاءُ ممدود اسمُ شجرٍ وحَطَائط2 صَغيرُ وجُرائِضٌ عظيم.
الثاني: ما زيدتْ فيه الألفُ من الأسماء الثلاثية:
وهذَا أيضًا ينقسمُ على ضربين: فضربٌ زيدتْ فيه الألفُ وحدَها وضربٌ زيدتْ فيهِ معَ غيرِها مِنَ الزائدِ الأولُ مِنْ ذلكَ ما زيدتْ فيهِ الألفُ وحدها وهي تزادُ ثانيةً وثالثةً ورابعةً أما ثانيةً فعلى بناءين3 كَاهِلٌ وضاربٌ وطَابقٌ وثَالثةً: عَلَى ثلاثةِ أبنيةٍ4: قَذَالٌ وجَبَانٌ وَحِمَارٌ وكِنازٌ5 غُرَابٌ شُجَاعٌ ورابعةً: فَعْلى فِعْلَى فُعْلَى فَعَلَى عَلْقى6 ولا يكونُ صفةً إلا بهاءٍ: ناقةٌ حَلْباةٌ7 وتجيءُ رابعةً للتأنيثِ نحو: سَلْمَى والصفةُ: عَبْرَى فِعْلَى: ذِفرى8 وقالوا: امرأةٌ سِعلاة9،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكتاب 2/ 317 "وتلحق الهمزة غير أول وذلك قليل فيكون الحرف على فعلاء نحو: ضهيا صفة، وضهياء اسم".
2
وزنه "فعائل"، وكذلك جرائص.
3
فاعل، الاسم والصفة نحو: كاهل، وضارب، وفاعل نحو: طابق وخاتم اسم ولم يجئ صفة. وليس في الكلام وزن فاعل.
4
فعال: في الاسم والصفة نحو: قذال، وغزال، وعلي وزن فعال: نحو: حمار، وركاب، والصفة: كناز، ووزن فعال في الاسم نحو: غراب وغلام. والصفة نحو: شجاع وطوال.
5
كناز: ياقل لجارية الكثيرة اللحم كناز، وكذلك الناقة.
6
علقى: شجر دائم الخضرة.
7
حلباة: شجر دائم الخضرة.
8
ذفريك الموضع الذي يعرق من الإبل خلف الأذن.
9
على وزن فعلاة بالهاء صفة.



ج / 3 ص -191- ورَجلٌ عِزْهَاةٌ1 وتجيءُ الأَلفُ للتأنيثِ2 نحو: ذِكْرَى وذِفْرى منهم مَنْ يجعلُها أَلفَ تأنيثٍ ومنهم مَنْ يجعلُها ملحقةً فينونُ. فُعْلَى
ولا تكونُ أَلفُ "فُعْلَى" لغيرِ التأنيثِ وذلكَ نحو: البُهْمَى والصفةُ. حُبْلَى وأُنْثَى.
وقالَ سيبويه: قالَ بعضُهم: بُهْماةٌ.
قالَ أَبو العباس: ليسَ هذَا بمعروفٍ3. فَعَلَى: قَلَهَى4 موضعٌ والصفة: جمزي 5. ألفُ تأنيثٍ. وبعضُ العَربِ يقولُ6: قَلَهَى فيجعلُها ياءً. فُعَلاءُ: شُعَباء7.
الثاني: ما زيدتْ فيهِ الألفُ مع غيرِها وهوَ على ضربينِ:8
الأول: ما كانتْ فيهِ ثانيةً ثَلاثةُ أَبنيةٍ: فَاعُولٌ فَاعَالٌ فَاعِلاءُ: عاقُولٌ حَاطومٌ9 سَابَاطٌ10، قَاصِعَاءُ11 عَاشُوراءُ12. الثاني: ما كانتْ فيهِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عزاهاة: يقال رجل عزاهاة: لئيم، أو عازف عن اللهو والنساء. والمرأة أسنت ونفسها تنازعها إلى الصبا.
2
إذا كانت الألف للتأنيث يكون على وزن "فعلى" نحو: ذكرى.
3
قال سيبويه 2/ 320: ولا يكون "فعل" والألف لغير التأنيث إلا أن بعضهم قال: بهماة واحدة، وليس هذا بالمعروف، فالمبرد نقله عن سيبويه.
4
قلهى: الحضيرة.
5
جمزى: نوع من العدو.
6
في "ب" يجعلها.
7
شعباء: تيس أشعب إذا انكسر قرنه.
8
وهو على ضربين: ساقط في "ب".
9
حاطوم: صفة، الصلبة الشديدة. والحاطوم: الممرئ، يقال: ماء حاطوم أي: ممرء.
10
ساباط: اسم، بجمع سوابيط، وساباطات: سقيفة بين دارين تحتها طريق.
11
قاصعاء: جمع قواصع. جحر يحفره اليربوع، فإذا فزع ودخل فيه سدفه لئلا تدخل عليه حية.
12
عاشوراء: على وزن: فاعولاء.



ج / 3 ص -192- ثالثةً: أكثرُ ذلكَ في أَبنيةِ1 الجَمعِ وهيَ: مَفَاعِلُ ومَفَاعِيلُ وفَواعلُ وفَوَاعِيلُ فَعَاعِلُ فَعَالَى فَعَالِيلُ فَعَالِلُ فَعَالِين فَعَالِن فَعَاوِلُ فَعَايَلُ فَعائِلُ فَيَاعِلُ فَيَاعِيْلُ تَفَاعَلُ تَفَاعِيلُ يَفَاعِيلُ تَفَاعيلُ مَفَاعِيلُ فَعَاويلُ فَعَايِيلُ فَعَالِيتُ فَعَاعل.
مَفَاعِلُ مَسَاجِدُ الصفةُ: مَداعِسُ2، مَفَاعِيلُ: مَفَاتِيحُ مَكَاسيبُ صِفَةً فَوَاعِلُ حَوَائِطُ اسمٌ وَحَواسِرُ صفةٌ. فَوَاعيلُ: خَوَاتيمُ.
قال سيبويه: ولا نعلمهُ. جاء3 في الصفة كما لا يجيءُ واحدةُ4 في الصفةِ5.
قالَ أبو العباس6: فَوَاعيلُ: لا يكونُ صفةً وهو جمع "فَاعَالٍ" ويكونُ صفةً وهوَ جمعُ "فَاعُولٍ" نحو: جَاسُوس وحَاطُومٍ تقولُ: حَوَاطيمُ وجَوَاسيسُ فَعَاعِيلُ: سَلالِيمُ جَبَابِيرُ7، فَعَاعِلُ: سَلاَلِمُ ولا يستنكرُ أَنْ يكونَ [هذا]8 في الصفةِ لأَنَّ في الصفةِ مثل: زُرّقٍ9،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "يجيء لتأنيث الجمع" والتصحيح من "ب".
2
مداعس: المداعس: الصم من الرماح، والدعس: الطعن، والمداعسة: المطاعنة.
3
جاء: ساقط من "ب".
4
انظر: الكتاب 2/ 318.
5
انظر: الكتاب 2/ 318. فواعيل نحو: خواتيم، وقوارير، ولا نعلمه جاء في الصفة، كما لا يجيء واحده في الصفة.
6
أي: المبرد أستاذ ابن السراج.
7
جبابير: صفة.
8
أضفت كلمة" هذا" لإيضاح المعنى.
9
في سيبويه 2/ 318، فكما قالوا: عواوير، فجعلوه كالكلاب حين قالوا: كالكلاب وذلك يجعل هذا، أي حُول، وزُرق.



ج / 3 ص -193- وحُوّلٍ1. فَعَالى: مبدلةُ الياءِ نحو صَحَارى والصفةُ. كَسَالى. فَعَالٌ2: صَحَار عَذَار3، فَعَاليٌ: بَخَاتيٌ4 والصفةُ: دراريٌ5 فَعَالِيلٌ ظَنَابِيبُ6، والصفةُ: شَمَالِيلُ فَعَالِلُ: قرادِدُ7 والصفةُ: الرَّعَابِبُ8 فَعَالينُ سَرَاحِينُ قالَ سيبويه: ولا أَعرفهُ وصفاً9 فَعَالِنٌ: فَرَاسن10 والصفةُ: رَعَاشِن11. فَعَاوِلٌ: جَدَاولُ والصفةُ: قَسِاوِرُ12 بِغَيرِ عَثَايرُ13 قَالَ14: ولا نَعرفهُ جاءَ وصفًا. فَعَائِلُ [بهمزٍ]15: رسائلُ والصفةُ: ظَرَائِفُ فَيَاعِلُ: غَيَاطِلُ16 والصفةُ: صَيَاقِلُ17. فَيَاعِيلُ: دَيَامِيسُ18، صَيَارِيفُ19،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
غير مبدلة من الياء.
2
صفة.
3
بخاتي: جمع بختي وهي الإبل الخراسانية تنتج من عربية.
4
داري: اللازم لداره، لا يبرح ولا يطلب معاشا.
5
ظنابيب: مفردها ظنبوب، حرف الساق.
6
قرادد: جمع قردد، المكان الغليظ المرتفع، جبل، وظهر التضعيف لأنه ملحق "بفعال" والملحق لا يدغم.
7
الرعابب: جمع رعبوب، وهو الضعيف الجبان أو رعبوبة وهي أصل الطلعة.
8
انظر: الكتاب 2/ 319.
9
فراسن: جمع فرسن، وهو خف البعير.
10
رعاشن: جمع رعشن، وهو الجبان.
11
قساور: جمع قسور، العزيز، الأسد، الرامي من الصيادين.
12
زيادة من "ب".
13
عثاير: جمع عثير، وهو القجاج أو التراب والغبار، ما قلبت من الطين بأطراف رجليك والأثر الخفي.
14
الذي قال هو سيبويه. انظر الكتاب 2/ 319.
15
زيادة من "ب".
16
غياطل: جمع غيطل، السنور، أو الظلمة المتراكمة، واختلاط الأصوات ومن الضحى حيث تكون الشمس من مشرقها.
17
صياقل: جمع صيقل: شحاذ السيوف وجلاؤها. قال المعري:

ونصل يمان أغفلته الصياقل



ج / 3 ص -194- تَفَاعِيلُ: تَمَاثِيلُ ولم يجىءُ وصفًا تَفَاعِلُ: تَتَافِلُ1 ولم يجىء وصفًا يَفَاعيلُ: يَرَابيعُ والصفةُ: يَحَاميمُ2 يَفَاعِلُ: يَرَامعُ3 ولم يجىء وصفًا فَعَاوِيلُ وَصْفٌ4، جَلاَويحُ وهيَ العظام مِنَ الأَودويةِ فَعَاييلُ: كَرَاييسُ [غيرُ مهموزٍ]5 ولم يُعلم وصفًا. فَعَالِيتُ6: وصفٌ عَفَاريتُ فَنَاعِلُ: جَنَادِبُ7 والصفةُ: عَنَابِسُ8. وقد ذكرتُ ما جَاءَ من أَمثلةِ الجمعِ والهمزةُ في أَولهِ في بابِ الهمزِ وهوَ البابُ الذي قَبْلَ هَذَا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18
دياميس: جمع الديماس- بكسر الدال وفتحها- الكن. والسرب. والحمام.
19
صياريف: صفة. والاسم دياميس، والصياريف جمع: صيرف وهو المختال في الأمور. وصراف الدراهم.
1
تتافل: جمع تتفل، الثعلب أو جروه.
2
يحاميم: جمع يحموم، وهو الشديد السواد.
3
يرامع: جمع يرمع: حجارة رخوة.
4
ولم يجئ منه اسم. انظر: الكتاب 2/ 319.
5
زيادة من "ب".
6
قال سيبويه 2/ 319 ويكون على "فعاليت" في الكلام وهو قيل نحو: عفاريت وهو وصف.
7
جنادب: جم جندب ضرب من الجراد.
8
عنابس: جمع عنبس، وهو الأسد.

لِحاقُ الألفِ ثالثةً في غيرِ الجمعِ معَ غيرِها مِنَ الزوائِد:
مُفَاعلٌ فَعَالَى فُعَاعِيلُ فَعَالاءُ فَعَلانُ فَوَاعلُ فَعَالَّةٌ فُعَالِيَةُ فَعَالِيَةٌ. مُفَاعلٌ صفةٌ: مُجَاهِدٌ فَعَالَى: حُبَارَى ولا يكونُ وصفًا إِلا أَن يُكسَر للجمعِ نَحو: سُكارَى مُفَاعِيْلُ وَصفٌ: مَاءٌ سُخَاخين.



ج / 3 ص -195- قالَ:1 ولا نعلمُ في الكلام غَيْرَهُ فَعَالاَء: ثَلاَثاءُ والوصفَ: رَجُلٌ عَيَاياءُ2 طَبَاقاءُ3. فَعَالاَنُ: سَلاَمَانُ4 ولم يجئ صفةً فَوَاعِلُ: عَوَارِضُ5 دَوَاسِرُ6: صفةٌ7 أي: شَديدةٌ. فَعَالَّة: زَعارَّة8. ولم يجئ صفة. فُعَالِيَةٌ: صُرَاحِيةٌ9، قُرَاسِيةٌ فَعَالِيةٌ: كَرَاهيةٌ عَبَاقِيةٌ11.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الذي قال هو سيبويه: انظر: الكتاب 2/ 320.
2
عياياء: الفحل الذي لا يهتدي للضراب، أو الذي لم يضرب قط، وكذا الرجل.
3
طباقاء: رجل طباقاء: أحمق، الذي لا ينكح، وكذلك البعير، جمل طباقاء، للذي لا يضرب.
4
سلامان: شجر وماء لبني شيبان.
5
عوارض: بضم العين- جبل فيه قبر حاتم الطائي ببلاد طيئ.
6
دواسر: بضم الدال وكسر السين- الشديد الضخم كالدواسر والدوسري والدوسراني.
7
ما بين القوسين ساقط في "ب".
8
زعارة: الزعارة، الشراسة وسوء الخلق.
9
الصراحية: الخالص من كل شيء، والهاء لازمة "الفعالية".
10
القراسية: الضخم الشديد من الإبل، وهو صفة.
11
العباقية: عبق عباقية، لزق به، وبالمكان أقام، والعباقية: الرجل المكار الداهية، وأثر جرح في الوجه. والعباقية: صفة، والهاء لازمة لها.

لحاقُها رابعة مَعَ غيرِها مِنَ الزوائدِ:
فِعْلالٌ فُعْلالٌ مِفْعَالٌ تِفْعَالٌ فَعْلاَلٌ تَفْعَالٌ فَعَّالٌ فُعَّالٌ فِعَّالٌ فَعْلاَءُ فُعْلاَءُ فُعَّالاءُ فُعَلاءُ فِعْلاءُ فَعَلاءُ فُوعَالٌ فَوْعَال فَعْلاَنُ فَعَلانُ فَعُلاَنٌ فِعُلاَنٌ فِعْلاَنُ فَعِلانُ فَعُلانٌ فِعْوَالُ فِعْيَالٌ فَيْعَالٌ فُعْوَالٌ فِيْعَالٌ فِنْعَالٌ فُعّالى فِعْلالٌ جِلْبابٌ1 شِمْلالٌ2 فُعْلاَلٌ، قُرطاطٌ 3 ولاَ نعلمُ وصفًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جلباب: ثوب أوسع من الخمار دون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها، وقيل: هو ثوب واسع دون الملحفة.
2
شملال: صفة وهو السريع.
3
قرطاط: بضم القاف- الداهية.



ج / 3 ص -196- مِفْعَالٌ: مِنْقَارٌ مِصْلاحٌ1 تِفْعَالٌ: تِمْثَالٌ ولا نعلمُ وصفًا فَعْلالٌ2، مصدرٌ لا غَير تَفْعَالٌ: مصدرٌ لا غَير نحو: التَّردَادُ فَعَّالٌ3: الجَبَّانُ والكَلاّءُ4، والصفةُ نحو: شَرَّابٌ: فُعَّالٌ: خُطَّافٌ والصفةُ: حُسَّانٌ. وكُرَّامٌ فِعَّالٌ: الكِذَّابُ ولا نَعْلَم وصفًا فِعْلاءُ: عِلبَاءُ5، ولا نعلمُ وصفاً6. فُعَلاءُ: نحو: خُشَشَاءُ7 فُعْلاءُ: قُوباءُ8 اسمٌ. فَعْلاَءُ: طَرفَاءُ. وخَضْراءُ9 فَعَّالَى: خَضَارَى اسمٌ ولا نعلمُ وصفًا فُعَلاءُ: قُوبَاء10 والرُّحضاءُ11 والصفةُ: النُّفَساءُ12 وهوَ كثيرٌ إِذا كُسرَ عليهِ الواحدُ في الجمعِ نحو: الخُلَفاءِ فِعْلاَءٌ: عِلْبَاءُ اسمٌ ولا نَعلمُ وصفًا فَعَلاءُ قَالَ: سُليكُ بن السلكة:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مصلاح: صفة.
2
في سيبويه 2/ 321 وليس في الكلام، مفعال ولا فعلال، ولا تفعال إلا مصدرا كما أن أفعالا لا يكون إلا جمعًا وذلك نحو: الترداد والتفعال.
3
الجبان بفتح الجيم وتشديد الباء، الجبانة كذلك: المقبرة والصحراء، والمنبت الكريم أو الأرض المستوية في ارتفاع.
4
الكلاء: مرفأ السفن. وموضع بالبصرة في العراق. وساحل كل نهر.
5
علباء: عصب العنق.
6
في سيبويه 2/ 321 ويكون على فعلاء نحو: علباء. وجرباء، ولا نعلمه جاء وصفا لمذكر ولا مؤنث، ولا يكون على "فعلاء" في الكلام إلا وآخره علامة التأنيث.
7
خششاء: الخششاء العظم الناشز خلف الأذن، وهمزته منقلبة عن ألف التأنيث.
8
قوباء: داء يظهر على الجلد.
9
خضارى: نبت.
10
قوباء: مؤنثة لا تنصرف وجمعها قوب.
11
الرحضاء: العرق من أثر الحمى.
12
النفساء: المرأة التي ولدت، فهي نفساء.



ج / 3 ص -197- "عَلَى قَرْماءَ عاليةٍ شَرَاهُ كأَنَّ بياضَ غُرتهِ خِمَارُ]1

قُرَماءُ2: اسمُ موضعٍ ولا نعرفُ3 وصفاً4 فِعَلاءُ: السِيَراءُ5 اسمٌ لا يعرفُ وصفًا. فُوعَالٌ: طُومَارٌ6 وسُولافٌ:7 اسمُ بلد ولا يعرفُ وصفًا. فَعْلاَنٌ: سَعْدانٌ8 والصفةُ: عَطْشَانُ فَعَلانٌ كَرَوانٌ اسمٌ زَفَيانٌ9 صَفةٌ يقالُ: زَفَتهُ الريحُ زَفَياناَ أي: طَردتهُ ويقالُ للظليمِ: زَفَيانٌ: فُعْلانٌ اسمٌ: عُثمانُ عُرْيانٌ: صفةٌ وهَوَ كثيرٌ في الجمع نحو: جُرْبَانٍ. فِعْلانٌ ضِبْعَانٌ وفي الجمعِ كثيرٌ نحو: غِلْمانٍ فَعِلانٌ: ظَرِبَانٌ10، ولا يعرفُ وصفًا فَعُلانٌ: سَبُعَانٌ11 ولا يعلمُ وصفًا. قال ابن مقبلٍ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب" والشاهد قوله: "قرماء" ووزنه: فعلاء، وهو مثال غريب في الاسم وفي الصفة قليل، وصف فرسا مرتفع القوائم عاليها، وشبه غرته في البياض والاستطالة بما أسبل من الخمار- وهو العمامة- ويروى: عاليه شواه.
ويفسر على أنه مات وانتفخ فارتفعت قوائمه فصارت عالية. والشوى القوائم.
انظر: الكتاب 2/ 332. واللسان 15/ 374.
2
قرماء: بفتح الراء- اسم موضع وبتسكين الراء الناقة المعلمة.
3
في "ب" نعلم.
4
انظر: الكتاب 2/ 323.
5
السيراء: ضرب من النبت.
6
طومار: وطامور الصحيفة.
7
سولاف: مدينة بخوزستان، وقال سيبويه 2/ 323: اسم أرض.
8
سعدان: نبت من أفضل مراعي الإبل، ومنه: مرعى ولا كالسعدان، وله شوك تشبه حلمة الثدي، فيقال له: سعدانة.
9
زفيان: ناقة زفيان: سريعة.
10
ظريان: دويبة تشبه الكلب. طويلة الخرطوم أسود السراة أبيض البطن كثير الفسو منتن الرائحة.
11
سبعان: موضع ببلاد قيس.



ج / 3 ص -198- "أَلاَ يا دِيَارَ الحيِّ بالسبُّعانِ..."1

فُعُلاَنٌ سُلُطَانٌ اسمٌ فِعْوَالٌ: قِرْواشٌ: اسمٌ رجلٍ دِرْوَاسٌ2 صفَةٌ عظيمُ الرأسِ فِعْيَالٌ جِرْيالٌ3: اسمٌ. فَيْعَالٌ: خَيْتَامٌ4 ودَيْماسٌ5 وشَيْطَانٌ والصفةُ: بيْطَارٌ6. فَعْوَالٌ: عُصْوَادٌ7، اسمٌ. فِيْعَالٌ: دِيْمَاسٌ ودِيْوَانٌ ولا يعرفُ وصفًا: فَوْعَالٌ: تَوْرابٌ8 اسمٌ: فِنْعَالٌ: قِنْعَاسٌ9 صِفةٌ فَقَط فِعْنَالٌ: فِرْناسٌ صفةٌ مِنْ صفةِ الأسدِ يقالُ: هوَ غليظُ الرقبةِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 2/ 323. على أن السبعان اسم موضع ووزنه "فعلان" فدل هذا على أنه مثال يقع للاسم. وتمام البيت:

أمل عليها بالبلى الملوان.

والملوان: الليل والنهار. ومعنى أمل: تمادى وتكرر وأملا له من إملال الكتاب، ويذهب الأخفش إلى أن السبعان: تثنية سبع وجعل النون حرف إعراب.
وانظر: شرح السيرافي 5/ 606 والخصائص 3/ 202 والمزهر 1/ 55 وأدب الكاتب: 611 وابن يعيش 5/ 144. والخزانة 3/ 275. وإصلاح المنطق/ 394.
2
ودرواس: عظم يصل بين الرأس والعنق، وطرف العظم الناتئ فوق القفا.
3
وجريال: ساقط في "ب" وهو صبغ أحمر. وحمرة الذهب. سلافة العصفر.
لم يأت وصف من وزن فعيال. انظر الكتاب 2/ 323-324.
4
خيتام: الخيتام -بفتح الراء أو كسرها- ما يوضع على الطينة. وحلي للإصبع كالخاتم.
5
ديماس: بفتح الدال وكسرها- ألكن أو سرب الحمام. وقيل: هو سجن كان للحجاج، وقد يقال: للغبر ديماس كأنه من دمسه أي: دفنه. فالياء والألف زائدتان لذلك وقعت الميم التي هي عين فاصلة بينهما، وقد قالوا: في جمعه: دياميس ودماميس.
6
بيطار: من صنعته البيطرة.
7
عصواد: العصواد، الجلبة والاختلاط، والأمر العظيم وورد عصواد: متعب.
8
توراب: معروف وهو التراب. ولم يسمع له جمع.
9
قنعاس، قنعاس -بكسر القاف- من الإبل العظيم. والرجل الشديد المنيع. ولم يأت من وزن فنعال اسم. وانظر: الكتاب 2/ 324.

ج / 3 ص -199- لحاقُها خامسةً مع غيرِها مِنَ الزوائدِ1:
لحاقُها خامسة على ضربين: لغيرِ تأنيثٍ ولتأنيثٍ: فَعَنْلَى قَرْنْبَى1 والوصفُ: الحَبَنْطى2 فَعَلْنَى: عَفَرْنى3 فَعَلْنَى: عُلنْدَى4 وهَذا قليلٌ وقالوا: عُلاَدى5 مثل: حُبَارَى وهوَ قليلٌ6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قرنبي: دويبه كالخنفساء.
2
الحبنطى: المملتئ غيظا أو بطنة أو العظيم البطن.
3
عفرني: الأسد القوي.
4
علندى: شجر من العضاة له شوك، واحده بهاء وبفتح العين: الغليظ من كل شيء.
5
علادى: بضم العين- الشديد من الإبل.
6
جعله على وزن "فعالى".

لحاقُها خامسةً وبعدَها حرفٌ ليسَ من حروفِ الزوائدِ:
فِعِلْعَالٌ الحِلِبْلاَبُ: نَبْتٌ والصفةُ: سِرِطراطٌ1 فِعِنْلاَلٌ: فِرِنْدَادٌ2 اسمٌ فَوْعَلاءُ: حَوْصَلاءُ اسمٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
سرطراط: الفالوذ وهي ذكر الحديد كالفولاذ.
2
الفرنداد: جبل بالدهناء وبحذائه آخر، ويقال لهما: فرندادان.

لَحاقُها خامسةً للتأنيث:
فِعِلَّى:1 زِمِكَّى والصفةُ: كِمِرّى2، وهو العظيمُ الكمرةِ. فِعَلْنَى: العِرَضْنَى3 اسمٌ وهيَ مشيةٌ فُعُلْنَى العُرُضْنَى اسمٌ وهيَ مشيةٌ وليسَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زمكي: أصل الندب من الطائر أو ذنبه كله أو أصله.
2
كمرى: القصير، وموضع، والعظيم الكمرة.
3
العرضنى: نوع من سير الخيل.



ج / 3 ص -200- في كتاب محمد بن يزيد في كتاب سيبويه ووجدتُه بخطِّ أحمد بن يحيى1 فُعُلَّى: عُرُضّى2 اسمٌ فِعَلّى: دِفَقّى 3[اسمٌ] 4
فُعُلَّى: الحُذَرّى5، والبذرّى6، الباطلُ وقيلَ: حُذَرَّى وَبُذُرَّى مِن هوَ يحذُر ويبذُر. فُعَنْلَى: جُلَنْدَى7 اسمُ ملكِ مِنَ العربِ. فَوْعَلى: حَوْزَلى8 فَيْعَلى: الخَيْزَلى9 مشيةٌ. فُعَلَّى: السُّمَهّى10 اسمٌ يقالُ: ذَهبَ في السُّمةِ أَي: ذهبَ في الباطلِ. فَعَنْلَى: بَلَنْصَى: اسمٌ طائرٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يحيى: ساقط من "ب".
2
عرضى: العرضى: النشاط.
3
دفقى: سريع. الناقة السريعة.
4
زيادة من "ب".
5
الحذرى: صيغة مبنية من الحذر، وهي اسم حكاها سيبويه 2/ 323.
6
البذرى: الباطل، المفرق المبثوث.
7
جلندى: اسم ملك من ملوك العرب، ومعنى الفاجر.
8
خوزلى: التبختر في السير في تثاقل.
9
الخيزلى: الانخزال، مشية في تثاقل أيضا، وهي الخيزلى والخوزلى.
10
السمهى: السهواء كالسمهاء: مخاط الشيطان، والكذاب. والأباطيل.

لحاقُها خامسةً. وبعدَها همزة للتأنيثِ:
فِعلياء: كِبْريَاء والصفةُ: جِربياء1. مفعَلاء: مَنْدَبَاءُ صفة: رَجلٌ ندَبٌ في الحاجةِ فَعُولاَءُ: دَبُوقَاءُ2 اسمٌ فَعُولَى: عَشُورَى3 اسمٌ فَعُولاءُ: عَشَورَاءُ اسمٌ. فِعِيلاء4: عَجِسياءُ اسمٌ مشيةٍ بطيئةٍ فُنْعَلاءُ: عُنْصلاء5 اسمٌ. فُنعلاء: خُنْفَساءُ فَوْعَلاءُ: حَوْصَلاءُ اسمٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جربياء: الشمال أو بردها. أو الريح بين الجنوب والصبا، والرجل الضعيف.
2
دبوقاء: غراء يصاد به الطير، العذرة، وكل ما تمطط. ولم يأت وصف من فعولاء.
3
عشوراء: عشار المحرم أو تاسعه.
4
فعيلاء: تكون بالألف المقصورة كذلك.
5
عنصلاء: البصل البري ويعرف بالأسقال، نافع لداء الثعلب.







ج / 3 ص -201- لحاقُها سادسةً للتأنيثِ مع غيرِها:
مِفْعَلّى: مِرْعَزّى فِعَّيلَى1 في المصادر نحو: هِجِّيرَى2 أَوقِتَّيتى وهي النميمةُ فُعَّيلى: لُفَّيزى3 اسمٌ [يَفْعِيلّى]4 يُهْيّرى وهوَ الباطلُ اسمٌ. فَعَلَيّا: المَرَحَيّا5 اسمٌ فَعَلُوتَى:6 رَغَبُوتَى7 ورَهَبُوتَى مَفْعَلَّى: مَكْوَرّى8 صفةٌ: عظيمُ الروثة مَفْعِلَّى: مَرْعِزّى اسمٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مرعزى: صفة المرعز، والمرعزى، والمرعزاء: الرزغب الذي تحث شعر العنز.
2
هجيرى: الدأب والعادة. والشأن.
3
لغيزى: ما يعمى به الشيء.
4
زيادة من "ب".
5
المرحيا: الموضع. والفرح.
6
فعلوتي: قال سيبيويه: 2/ 324 وهو قليل، قالوا: رغبوني ورهبوتي وهما اسمان.
7
الرغبوتي: من مصادر رغب الشيء، إذا أراد طلبه.
8
مكورى: اللئيم. والقصير العريض. والروثة العظيمة.

لحاقُها خامسةً وبعدَها نونٌ:
فَيْعُلاَنٌ: ضَيْمُرانٌ1 والصفةُ: كَيْذُبانٌ. فَيْعَلانٌ: قَيْقَبانٌ: خَشَبُ السرجِ والصفةُ: هَيْبَان2 ولا يعلمُ في الكلامِ: فِيْعَلانٌ في غير المعتلِ
فَعْلَيانٌ: الصِّلْيَانُ نَبتٌ العِنْظيانُ3 جاءَ في أولِّ4 الشِّبابِ وأَولِ كُلِّ شيءٍ فُعْلُوانٌ: العُنْظُوانُ5 اسمٌ. فُعَّلانٌ: الحُوَّمانُ آكام صغار والصفةُ: عُمَّدانٌ: طويلٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ضميران: والضومران: ضرب من الشجر من ريحان البر أو الريحان الفارسي.
2
هيبان: الذي يخاف الناس ويهابهم.
3
العنظيان: الشرير المسمع، والساخر المغري.
4
في "ب" عنفوان.
5
العنظوان: كعنفوان: نبت من الحمض إذا أكثر منه البعير وجع بطنه.



ج / 3 ص -202- قالَ أبو بكر:1 هكذا هذَا الحرفُ في كتابي وأَحسبهُ: حُوِّمان عَلَى فُعِّلاَنٍ ووجدتُ في كتابِ ثعلبٍ على2 ما أحكيه: فُعُّلانٌ في الاسم والصفةِ فالاسم: الحُوُّمانُ [وكنتُ]3 أَراهُ نبتًا والحُلُّبانُ بقلةٌ والصفةُ نحو: العُمُّدانِ والُجلُّبانِ: صَاحبُ جَلبةٍ.
فُعَّلاَنٌ: وجدتُ في4 النسخةِ المنسوخةِ مِنْ نسخة القاضي5 المقروءةِ على أَبي العباس: ويكونُ: فُعَّلانُ6 في الاسم والصفةِ نحو: التُّوَّمانِ،7 والجُلَّبانِ والصفةُ نحو: الغُمَّدانِ8 فِعِّلاَنٌ فِرِّكانٌ9، اسمٌ10. مَفْعَلانٌ: مَكْرَمانٌ ومَلأَمانٌ ومَلْكَعانٌ11 معارفٌ ولا يعلمُ وصفًا. فَوْعَلانٌ12: حَوْتَنانٌ: بلدةٌ. تَفْعِلانٌ13. تَئِفّانٌ 13 اسمٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال أبو بكر: ساقط من "ب".
2
على ساقط من "ب"
3
زيادة من "ب".
4
في ساقط من "ب".
5
القاضي: هو إسماعيل بن إسحاق القاضي. ذكره السيرافي باسمه كاملا في شرح الكتاب 5/ 113، دار الكتب، نسخة البغدادي. مات سنة 282هـ.
6
فعلان: هذا البناء لم يذكره سيبويه. وإنما ذكر فعلان مثل الحومان اسما وعمدان صفة.
7
التومان: لم يذكره صاحب اللسان.
8
الغمدان: وانظر: شرح السيرافي 5/ 23 وشرح الرماني 5/ 56. ومعنى هذا أن نسخا مختلفة من الكتاب كانت لدى ابن السراج.
9
فركان: المبغض.
10
لأن "فعلان" لم يجئ منه وصف.
11
ملكعان: اللئيم الدنيء.
12
فوعلان لم يأت من هذا الوزن وصف. انظر: الكتاب 2/ 342.
13
في سيبويه 2/ 324 "فعلان" قالوا: تثفان وهو اسم، ولم يجئ صفة.
14
تثفان: بفتح التاء- النشاط. وفي الكتاب 2/ 324 ويكون على فعلان، قالوا: تثفان وهو اسم.



ج / 3 ص -203- لحاقُها سادسةً وبعدَها همزةٌ للتأنيثِ:
مَفْعُولاء: مَعْيُوراءُ1. والصفةُ مَشْيُوخاءُ2 فَاعُولاءُ: عَاشُوراءُ وأَقصى ما تلحقُ لغيرِ التأنيثِ سادسةً في: مَعْيُوراءُ وأشْهيبابٍ3، والأشهيبابُ مذكورٌ في موضعهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
معيوراء: جمع عير وهو الحمار الوحشي.
2
مشيوخاء: جمع شيخ وهو الكبير السن.
3
اشيهباب: يقال: اشهاب الفرس: إذا هاج وغلب بياضه سواده، وفي "ب" معرف بالألف واللام.

الثالثُ ما زيدت فيه الياءُ مِنَ الأسماء الثلاثيّة:
لحاقُها أولًا: يَفْعَلُ: يَرْمَع1، اسمٌ ولا يعلمُ وصفاً2، يَفْعُولٌ: يَرْبُوعٌ والصفةُ: اليَحمُومُ: الأسودُ فَأمَّا قولُهم في: اليَسْرُوعِ يُسْرُوعٌ فإِنَّما ضموا الياءَ لضمةِ الراءِ كما قيلَ: استُضعُفَ3. يَفْعِيْلٌ يُقْطِينٌ ولا يعرفُ وصفًا. يَفْعُلُ: يَعْفُرُ4 وقالوا: يُعْفَرٌ كما قالوا: يُسْرُوعٌ5 يَفَنْعَلٌ: يَلَنْججٌ6 اسمٌ وَيَلَنْدَدٌ7 صَفةٌ
لحاقُها ثانيةً: فَيْعَلٌ: زَيْنَبُ الصفةُ: ضَيْغَمٌ8. فَيْعُولٌ: قَيْصُومٌ9،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يرمع: حجارة رخوة.
2
لم يجئ في الأسماء والصفة على "يفعل".
3
قالوا: استضعف لضمة التاء.
4
يعفر: اسم، حكى السيرافي الأسود بن يعفر، ويعفر-بكسر الفاء وضمها.
5
يسروع: دودة تكون في البقل تنسلخ فتكون فراشة.
6
يلنجج: بخور، عود البخور النافع للمعدة المسترخية.
7
يلندد: اليلندد: الشديد الخصومة. والخصم الشحيح الذي لا يزيغ إلى الحق.
8
ضيغم: الأسد الذي يعض، قال سيبويه 2/ 325: ولم يجئ "فيعُل" ولا فيعِل في غير المعتل.
9
قيصوم: نبت، هو صنفان: أنثى وذكر، النافع منه أطرافه وزهره مر جدا يدلك به البدن للنافض فلا يشعر إلا يسيرا ودخانه يطرد الهوام.



ج / 3 ص -204- والصفةُ: عَيثومٌ1: ضَخْمٌ. فِيعلٌ: حِيفسٌ2 صفةٌ ولا يعرفُ اسمًا وهوَ الغليظُ القصيرُ.
لحاقها ثالثةً: فَعِيلٌ: بَعِيرٌ والصفةُ: سَعِيدٌ فِعْيَلٌ: عِثْيَرٌ3 والصفةٌ: رَجلٌ طِرْيَمٌ أي: طويلٌ. فَعَيْللٌ خفينن: اسمُ أرضٍ والصفةُ: خَفَيْدَدٌ4: فَعَيَّلٌ: هَبيَّخٌ وادٍ ضخمٍ صفةٌ5 ولا يعرفُ اسمًا. فَعَيْعَلٌ: خَفَيْفَدٌ خفيفُ وهوَ صفةٌ. فِعْيَولٌ: ذِهْيَوْطٌ بَلَدٌ والصفةُ: عِذيَوطٌ6 فَعَيَلٌ: عُلْيَبٌ اسم وادٍ.
لحاقُها رابعةً: فِعْلِيةٌ: حِذْرِيةٌ أرض غليظةٌ والصفةُ: عِفْرِيةٌ: داهيةٌ والهاءُ لازمةٌ لِفعْلِيةٍ. فِعِّيلٌ7: بطِّيخٌ والصفة: شِرّيبٌ. فُعَيِّلٌ: مُرِّيقٌ وهوَ العصفرُ والصفةُ: كوكبٌ دُرِّي8. فُعَّيلٌ: العُلَّيقُ: نَبْتٌ يتلعقُ بالشجرِ والصفةُ: زُمَّيلٌ: الضعيفُ اللئيمُ. مِفعِيلٌ: مِنْديلٌ والصفةُ: مِنْطِيقٌ. فِعْلِيلٌ: حِلْتِيتٌ الذي يطيبُ بهِ الملحُ والصفةُ: شِمْلِيلٌ9. فِعْلِيتٌ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عيثوم: الضبع. الفيل. أو العظيم الخلق من الجمال.
2
حيفس: الغليظ الضخم الذي لا خير فيه.
3
عثير: العجاج. الغبار والتراب.
4
خفيدد: الظليم. ذكر النعام، سريع السير.
5
زيادة من "ب".
6
عذيوط: العذيوط، التيتاء، وهو ما يحدث عند الجماع أو ينزل قبل الولوج.
7
فعيل: ساقط من "ب".
8
دري: قال سيبويه 2/ 326: حدثنا أبو الخطاب عن العرب، وقالوا: كوكب دري وهو صفة.
9
شمليل: يقال ناقة شمليل، أي: خفيفة سريعة مشمرة.



ج / 3 ص -205- عِزْويتٌ اسمٌ وهوَ القِصَرُ والصفةُ: عِفْرِيتُ. فِعْلِينٌ: غِسلِينٌ1. اسمٌ تَفْعِيلٌ: اسمٌ: التَمْتينُ2: تَفْعِيلةٌ: تَرْعِيبَةٌ: وهيَ القطعةُ مِنَ السَّنامِ.
وقد كسر بعضُهم التاءَ اتباعًا وفي كِتابَي محمد3 وأحمد4 تِرْعيَّةٌ والجرمي قالَ: ترغيبةٌ وفَسرهُ بأَنهُ قطعةٌ مِنَ السِّنَامِ فَعَليلٌ: حَمَصيصٌ وهو نبتٌ والصفةُ: صَمَكيكٌ شَديدٌ.
لحاقُها خامسةً: فُعَلنيةٌ: بُلَهْنيةٌ اسمٌ السعةُ والعزةُ. فُعَنْلِيةٌ: قُلَنْسِيةٌ5 اسمٌ والهاءُ لا تُفارقهُ فَعْفَعِيلٌ: مَرْمَريسٌ6. فلعليل: صفةٌ: خَنْشَلِيلٌ7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
غسلين: الغسلين. ما يغسل من الثوب ونحوه كالغسالة، وما يسيل من جلود أهل النار، والشديد. وشجر في النار.
2
التمتين: خيوط الخيام، والتمتان كذلك والجمع: تماتين.
3
محمد: هو محمد بن يزيد أبو العباس المبرد.
4
أحمد: هو أحمد بن يحيى أبو العباس ثعلب.
5
قلنسية: هي ما توضع فوق الرأس.
6
مرمريس: الأرض التي لا تنبت، والداهية، وداهية مرمريس: شديدة، ورجل مرمريس: داه، والأملس، والطويل من الأعناق، والصلب.
7
خنشليل: البعير السريع. والخضم الشديد.

الرابع: ما زيدت فيه النونُ:
لحاقُها ثانيةً: فُنْعَلٌ: قُنْبَرٌ ولا يعرفُ صفةً. فُنْعُلٌ: سُنْبُلٌ اسمٌ. فِنْعَلٌ: جِنْدَبٌ1، اسمٌ جُنْدُبٌ وجِنْدَبٌ سواءٌ في المعنى. فَنْعَلٌ: عَنْبَسٌ2، صفةٌ. فِنْعَلو: كِنْدَأْوٌ: هُوَ الجملُ الغليظُ.
لحاقُها ثالثةً: فَعَنْعَلٌ: عَقَنْقَلٌ اسمٌ رملٌ كثيرٌ متعقدٌ ولا يعرفُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جندب- بفتح الجيم وضمه- ضرب من الجراد.
2
عنبس: أسد.



ج / 3 ص -206- وصفًا. فَعَنْللٌ: ضَفَنْدَدٌ: عَظيمُ البطنِ. فُعُنلٌ1: صفةٌ: عُرُندٌ شديدٌ وقَد حكي: تُرُنْجَةٌ اسمٌ. فَعَنْلَةٌ: جَرَنْبَةٌ اسمُ جَماعةٌ مِنَ الناسِ والحميرِ وقالوا: جَرَبَّةٌ أيضًا.
لحاقُها رابعةً: فَعْلَنٌ: صفةٌ: رَعْشَنٌ2، مِنَ الرَّعْشَةِ. فِعَلْنَةٌ: عِرَضْنَةٌ: مشيةٌ وَبِلَغْنٌ3 اسمٌ والصفةُ رجلٌ خِلَفْنَةٌ4 فِعْلِنٌ: فِرْسِنٌ5 اسمٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ذكر سيبويه 2/ 327: الصفة فقط في "فعنل".
2
رعشن: الجبان. والسريع من الجمال والظلمان.
3
بلغن: البلغن: البلاغة، والنمام، والبلغن: الذي يبلغ للناس بعضهم حديث بعض.
4
خلفنة: وخلفناة: للمذكر والمؤنث والجمع: كثير الخلاف.
5
فرسن: خف البعير.

الخامس: ما زيدتْ فيهِ التاءُ مِنَ الأسماءِ الثلاثيّةِ:
لحاقُها أَولًا: تفعُلُ تَنْضُبُ1 والتّضُرةُ2 اسمٌ تُفْعَلٌ: تُرْتَبٌ3 وتُتْفَلٌ4 [و]5 تُحْلَبةٌ صفةٌ وقالَ بعضُهم: أَثرٌ تُرْتَبٌ فجعلَهُ وصفًا. تُفْعُلٌ: تُتْفُلٌ والتُّقْدُمةُ6 اسمٌ7 والتُّحْلُبَةُ صفةٌ. تَفْعَلَةٌ: تَتْفَلَةٌ: اسمٌ. تَفْعَلُوتٌ: تَرْنَمُوتٌ اسمٌ تَرنمُ القوسِ. تِفْعِلٌ: تِحْلِىءٌ اسم القشرة التي يقشرها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تنضب: جمع تناضب، وهو شجر حجازي له شوك كالعوسج، وقرية قرب مكة.
2
التضرة: ضر ضد نفع، وتضرة -بفتح الضاد وضمها- القحط والشدة وسوء الحال والتضرة: ساقطة في "ب".
3
ترتب: كجندب، الشيء المقيم الثابت.
4
تتفل: بضم التاء الأولى- الثعلب أو جروه.
5
أضفت "واوا" لاطراد نسق الكلام.
6
التقدمة: أول مقدم الخيل.
7
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -207- الدباغ مما يلي اللحمَ. تَفْعِلَةٌ. تَدْوِرةٌ1 وقَالوا: تَدْوِرةٌ فجوةٌ بينَ الرملِ ولا يعرفُ بغيرِ الهاءِ. تَفْعُولٌ: تَعْضَوضٌ2 ولا يعرفُ وصفًا تُفْعُولٌ: تُؤثُورٌ اسمٌ حديدةٌ يوسمُ بِهَا في أَخفافِ الإِبلِ تِفْعِلَةٌ: صِفةٌ تِحْلِبَةٌ. وهيَ الغزيرةُ التي تحلبُ ولَم تَلدْ. تِفْعَلَةٌ: تِحْلَبَةٌ3، لغةٌ أُخرى. تِفِعِّلٌ: التِهِبّطُ اسمُ بلدةٍ. تُفُعّلٌ: تُبُشّرٌ [ووجدت بخطِ ثعلب]4 تُبَشّرٌ وهوَ اسمُ طَائرٍ. تُفُعَّلٌ: التَنُوُّطُ اسمُ طَائرٍ قالَ: والصحيح: [الضمُّ لأَنَّ الكسرةَ تخصُّ الأَفعالَ وجدتهُ مضروبًا عليهِ في كتابِ أبي علي الفاَرسي أَعزَّهُ الله]5.
لحاقُها رابعةً: فَعْلَتَةٌ سَنْبَتَةٌ6 اسمٌ.
لحاقُها خامسةً: فَعَلُوتٌ: رَغَبُوتٌ7 اسمٌ والصفةُ: رَجلُ خَلَبوتٌ8 ونَاقةٌ تَرَبوتٌ وهيَ الخيارُ الفَارهةُ كذَا في كتابِ سيبويه9، وقيلَ: إنَّها اللينةُ الذلولُ وهوَ عندي الصوابُ لأَنّهُ مشتق مِنَ الترابِ.
السادسُ: الميمُ:
لحاقُها أَولًا: مَفْعُولٌ: مضروبٌ ولا يعرفُ اسمًا. مَفْعَلٌ: المَحْلَبُ والمَعْتَلُ والصفةُ: المَشْتَى والمَوْلَى. مِفْعَلٌ: مِنْبَرٌ ومِرْفَقٌ والصفةُ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تدورة: الأرض السهلة أو الغليظة.
2
تعضوض: تمر أسود حلو، واحدته بهاء.
3
تحلبة: بكسر التاء وفتح التاء- الغزيرة اللبن التي تحلب ولم تلد، وهي صفة.
4
ما بين القوسين ساقط من "ب".
5
زيادة من "ب".
6
سنبتة: برهة من الدهر.
7
غبوت: الابتهال والضراعة. والمسألة.
8
خلبوت: بفتح الخاء واللام- الخداع الذي يخدش بظفره.
9
انظر: الكتاب 2/ 327.



ج / 3 ص -208- مِدْعَسٌ1. مَفْعِلٌ: مَجْلِسٌ والصفةُ: المَنْكِبُ وهوَ العريفُ من ولاةِ العَشيرةِ. مُفْعَلٌ: مُصْحَفٌ. والصفةُ نحو: مُكْرَمٍ وهوَ كثيرٌ. مُفْعُلُ: مُنْجُلٌ ولا يعرفُ وصفًا. مَفْعَلٌ بالهاءِ: مَزْرُعةٌ ومَشْرُقَةٌ ولا يعرفُ وصفًا وليسَ في الكلامِ: مَفْعَلٌ بغيرِ هاءٍ. مَفْعِلٌ: مِنْخِرٌ اسمٌ فأَمَّا: مِنْتِنٌ وَمغِيرةٌ2 فأَصلهُ: مُنْتِنٌ ومُغْيِرٌ لأَنَّهُ مِنْ: أَنْتنَ وأَغارَ ولكنْ كسروا إتباعًا كما قالوا: أَجُؤُكَ ولإِمِكَ مُفْعُولٌ: مُعلُوقٌ3 للمعلاقِ وهوَ غريبٌ4، مِفْعِلٌ: مِرْعِزٌ5.
لحاقُها رابعةً: فُعْلُمٌ: زُرْقُمٌ6 وسُتْهُمٌ7: للأُزرقِ والأستهِ وهوَ صفةٌ. فِعْلِمٌ: دِلْقِمٌ8 ودِقعِمٌ9، للدَلقاءِ والدقعاءَ ودِرْدِمٌ10 للدرداءِ وهيَ صفاتٌ وأَمّا دِلاَمصٌ11 ففيهِ خِلافٌ يقولُ الخليل: إنهُ: فُعَاملٌ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مدعس: الرمح الذي لا ينثني، الرمح يطعن به، الطريق لتنبيه المارة.
2
مغيرة: علم على أشخاص، منهم: المغيرة بن عمرو بن الأخفش، وابن الحارث، وابن سلمان، وابن شعبة وغيرهم كثير.
3
معلوق: بضم الميم، كل ما علق به الشيء. واللسان.
4
غريب، لأنه شاذ، كأنهم جعلوا الميم بمنزلة الهمزة إذا كانت. فقالوا: مفعول، كما قالوا: أفعول، فكأنهم جمعوا بينهما في هذا كما جاء: مفعال على مثال: إفعال، ومفعل على مثال إفعيل. وانظر: الكتاب 2/ 328 وغريب ساقط من ب.
5
مرعز: المرعز، والمرعزى، والمرعزاء. الزغب التي تحت شعر العنز.
6
زرقم: شديد الزرقة.
7
ستهم: بمعنى الاست، وهو الكبير الاست.
8
دلقم: بكسر الدال والقاف -دويبة.
9
دقعم: التراب، ودقعم، لصق بالتراب، والدقعمة من الإبل والغنم التي أودى حنكها هرما.
10
دردم: ناقة -بسكر الدالين- مسنة أو لحقت أسنانها بدردرها.
11
دلامص: البراق، وذهب دلامص: لماع.



ج / 3 ص -209- ويحتج بأَنهُ مِنْ دَليصٍ1 وغيرهُ يقولُ: هُوَ بمنزلةِ اللاآلِ مِنَ اللُّؤلؤ شاركهُ في بعضِ الحروفِ وخالفَهُ في بعضٍ والمعنى متفقٌ.
السابعُ: الوَاوُ:
لحاقُها ثانيةً: فَوْعَلٌ: كَوْكَبٌ والصفةُ: حَوْقَل إِذَا أَدبرَ عن النساءِ وهوَ زبٌّ البعيرِ المسنِ: فَوَعْلَلٌ: كَوَأْلَلٌ للصفةِ وهوَ القصيرُ الغليظُ.
لحاقُها ثالثةً: فَعُولٌ: خَرُوفٌ اسمٌ والصفةُ: صَدُوقٌ2. فَعْوَلٌ: جَدْوَلٌ والصفةُ جَهْوَرٌ فِعْوَلٌ3: خِرْوَعٌ ولا يعرفُ وصفًا. فِعْوَلٌ: العِسْوَدٌّ4 العَظايةُ والصفة: عِثْوَلٌّ وهو الشيخُ الثقيلُ. وفَعَوَّلٌ: صفةٌ: عَطَوَّدٌ طويلٌ. فُعُولٌ: سُدُوسٌ وهوَ الطَيلسانُ وهوَ قليلُ في الكلامِ إلا أَنْ يكونَ مصدرًا أَو يكسرَ عليهِ الواحدُ للجمعِ. فَعَوعَلٌ: صفةٌ: عَثَوثلٌ5، وقَطَوطَى مقاربةُ الخطوِ فَعَوْلَلٌ: حَبَوْنَنُ اسمُ وادٍ قريبٍ مِنَ اليمامةِ. فِعَوْلَلٌ جَعلَها بعضُهم: حِبَوْنَنٌ.
لحاقُها رابعةً: فَعْلُوةٌ: عَرْقُوةٌ6 ولا يعرفُ وصفًا. فُعْلَوةٌ عُنْفَوةٌ7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 328.
2
صدوق: ساقط من "ب".
3
فعول: جدول ساقط من "ب".
4
العسود: الشديد القوي من الحيات، الحية الكبيرة، والعسود: دويبة بيضاء يشبه بها بنان العذارى.
5
عثوثل: العثوثل: الكثير اللحم، والكثير شعر الرأس.
6
عرقوة: خشبة معروضة على الدلو، جمعها عرق. وأصله: عرقو، فأبدل الواو ياء، إذ ليس في كلامهم اسم آخره واو قبلها ضمة فنقل إلى عرقي، ثم كرهوا الكسرة على الياء فحذفوها فالتقى ساكنان فحذفت الياء.
عنفوة: العنفوة، القطعة من يبيس النصى، وهو قطعة من الحلي ووزنه فعلوة، بالضم، وما لم يكن ثانيه نونا، فإن العرب لا تضم صدره مثل تندوة، وإن كان الثاني منها نونا فيلحقها "بعرقوة".



ج / 3 ص -210- قطعةٌ مِنْ يبيسِ الحِلّي وهوَ اسمُ رجلٍ عَنْ ثَعلبٍ وحُنذوةٌ مثلُه. فِعْلِوةٌ: حِنْذِوةٌ1 اسم: كذَا في كتابي كتابِ سيبويه وبخطِّ ثَعلب. فِعْلُوةٌ: حِنْذُوةٌ وفسَرهُ أَنهُ شبعةٌ مِنَ الجبلِ والهاءُ لا تفارقهُ.
قالَ أَبو بكر: وأَظنه خَطَأ مِنْ أَجلِ أَنهُ ليسَ في كلامِهم مضمومٌ بعدَ مكسورٍ والنونُ هَهُنَا ساكنةٌ فكأنَهُ قد التقى الضّمٌّ والكسرُ. فِعَّولٌ: سِنَوّرٌ2، والصفةُ: الخِنوَّصُ وهوَ الصغيرُ مِنَ الخنازيرِ. فَعُّولٌ: سَفّودٌ3، والصفة: سَبُّوحٌ وقُدُّوسٌ فُعُّولٌ: قالوا: سُبُّوحٌ وقُدُّوسٌ وهما صفةٌ. فُعْلُولٌ: طُخْرُورٌ اسمٌ يقالُ: ما عليهِ. طُخرور4، أَي: شيءٌ والصفةُ بُهْلُولٌ5. فَعَلولٌ: بَلَصُوصٌ طَائرٌ والصفةُ: الحَلَكُوكُ: الأَسودُ. وتلحق الواوُ خامسةً فيكونُ الحرفُ على: فَعَنْلُوةٍ وقَد مضَى ذكرهُ في بابِ النونِ]6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حنذوة: شعبة من الجبل.
2
سنور: بكسر السين- أصل الذنب، والسنور، فقارة عنق البعير، والسنور السيد.
3
سفود: كتنور، حديدة يشوى بها، وتفسيد اللحم، نظمه فيها.
4
طخرور: السحاب الأسود، والغريب، والرجل لا يكون جلدا.
5
بهلول: الضحاك، والسيد الجامع لكل خير.
6
قالوا: قلنسوة، وهو اسم، والهاء لازمة لهذه الواو. وانظر: الأصول/ 517.



ج / 3 ص -211- بابُ1 الزيادةِ بتكريرِ حَرفٍ مِنَ الأصلِ في الثلاثي:
إمَّا أَن تُضاعفَ العينُ وإمَّا أَن تُضاعفَ اللام وإمَّا أَن تُضاعفا جميعاً.
الأولُ: ما ضُوعفْت فيهِ العينُ: فُعَّلٌ: سُلَّمٌ والصفةُ: زُمَّلٌ وهوَ الضعيفُ. فِعَّلٌ: قِنَّبٌ وهوَ الطينُ الذي يجيءُ في أسفلِ القيعانِ والصفةُ: الدِّنَّبُ وهوَ القصيرُ ويقالُ: دِنَّبةٌ فِعِّلٌ: حِمِّصٌ وحِلّزٌ: شَجَر قِصَارٌ ولا يعرفُ وصفًا. فُعُّلٌ: تُبُّعٌ وهوَ قليلٌ يرادُ بهِ تُبُّعٌ وهوَ الظِّل.
الثاني: ما ضوعفتْ لامهُ: فَعْلَلٌ مَهْدَدٌ اسمُ امرأةٍ ولا يعرفُ وصفًا. فُعْلُلٌ: سُرْدُدٌ اسمُ مَكانٍ وقُعْدُدٌ. قالَ الجرمي: وهو شيئانِ يقالُ: أَقعدُهم2 إليَّ جَدَّهُ3 والآخرُ يَكونُ الضعيفَ قَالَ الشاعرُ4:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
أقعدهم: أبعدهم.
3
في "ب" الجد، بالألف واللام.
4
استشهد ابن السراج بقعدد في هذا البيت ويستشهد النحاة به كذلك على دخول الباء في مفعول وجد الثاني لنفي الناسخ.
والقعدد -بالضم- الجبان اللئيم، القاعد عن المكارم والحرب، أو الخامل ويقال: رجل قعدد، إذا كان لئيما من الحسب، والبيت لدريد بن الصمة، والمدعو أخوه عبد الله، وكان قد خرج بقومه ومعه أخوه دريد فوقعت بينهم مع عدوهم معركة قتل فيها عبد الله فعطف عليه دريد.
وانظر: شعراء النصرانية/ 757، وروايته: لم يجدني بمقعد. وجمهرة أشعار العرب/ 117، والعيني 2/ 121، والتصريح 1/ 202، والأشباه والنظائر 2/ 59.



ج / 3 ص -212- دَعَانِي أَخِي وَالخَيْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَلَمَّا دَعَانِي لَمْ يَجِدْني بِقُعْدُدِ

فُعْلَلٌ: عُنْبَبٌ اسمُ وادٍ والصفةُ: قُعْدَدٌ. فِعْلِلٌ: صفةٌ: رَمادٌ رِمْدِدٌ أَي: هَالِكٌ. فَعَلٌّ: شَرَبَّةٌ بَلذَّةٌ ومَعَدٌّ: وهو موضعُ مِركض رجلِ الفاَرِس مِنَ الدابةِ والصفةُ: الهَبَيُّ والهَبَيَّةُ الجاريةُ الصغيرةُ. فِعَلُّ: جِدَبٌّ اسمُ الجدبِ والصفةُ: خِدَبٌّ وهوَ الضخمُ الشديدُ. فُعُلٌّ: جُبُنٌّ وقُطُنُ1 والصفةُ: القُمُدُّ شديدٌ. فِعِلٌّ: الفِلِزُّ: رصاصٌ وقيلَ: خَبَثُّ الفَضةِ والصفةُ: الطِمِرُّ وَهوَ السريعُ2. فَعِلٌّ: تَئِفّةُ3.
قَالَ الجرمي: زَعم سيبويه: أَنَّهم يقولونَ: تَئِفّةٌ4، ولمَ أَرَ ذلكَ معروفًا وقالَ: إنْ صحتْ فهيَ فَعلةٌ.
قالَ أَبو بكر: وهذَا الحرفُ في بعضِ النسخِ قد ذكر في بابِ التاءِ وجُعلَ على مثال: تَفْعِلةٍ5، يقالُ: جَاءَ على: تَئِفَّةِ ذاكَ مثل: تُئِفَّةِ ذَاكَ كذَا أَخذتُه عن محمد بن يزيد رحمُهُ الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قطن: -بضم القاف مع تشديد النون– شجر معروف، وبضمتين- جمع قطن: الإماء والحشم والخدم والأتباع وأهل الدار.
2
في "ب" الشائع، وهو تصحيف، لأن الطمر يطلق على الفرس الجواد وهو دليل السرعة.
3
تثفة: -بكسر التاء وتشديد الفاء- الحين والأوان.
4
انظر: الكتاب 2/ 330.
5
في اللسان: أتيته على تثفة ذلك، وتثفة فعلة، عند سيبويه وتفعلة عند أبي عمر، أي: على حين ذلك، لأن العرب تقوم: انفت عليه عنبرة الشتاء، أي: أتيته في ذلك الحين.



ج / 3 ص -213- فُعَلَّةُ: دُرَجَّةٌ1 وهوَ اسمٌ: فَعُلَّةٌ: تَلُنّةٌ2 وبخطِّ ثعلب: تُلُنّةٌ فُعُلَّةٌ: قالوا: لي قبلَهُ تُلُنَّةٌ أَي: حَاجةٌ.
قالَ أَبو بكر: فيجوزُ أَن تكونَ الضمةُ إتباعًا والأَصلُ الفَتحُ يعني في تُلُنَّةٍ3.
الثالثُ: ما ضوعفتْ عينُه ولامُه:
فَعَلْعَلٌ: حَبَرْبرٌ اسمٌ يقالُ: ما أَصاب منهُ حَبَرْبَراً4، ولا تَبَرْبراً5، ولا حَوَرْوَراً6 أَي: ما أَصابَ منهُ شيئًا والصفةُ: صَمَحْمَحٌ.
قالَ الجرمي: وهوَ الغليظُ القصيرُ وقال ثعلبٌ: رأَسٌ صَمَحْمَحٌ أَصلعُ غَليظٌ شديدٌ.
فُعَلْعَلٌ: ذُرَحْرَحٌ دَابَّةٌ حَمْرَاءُ ولا يعرفُ وصفًا وضاعفوا الفاءَ والعينَ في حرفٍ واحدٍ قالوا: دَاهيةٌ مَرمَريسٌ أَي: شديدةٌ وهيَ مِنَ المراسةِ.
قالَ أبو بكر: قد ذُكرَ ذواتُ الزوائدِ مِنَ الثلاثي ونحنُ نتبعهُ بذواتِ الزوائدِ مِنَ الرباعي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
درجة: بضم الدال وتشديد الجيم- والأدرجة: المرقاة.
2
تلنة: اللبث، الحاجة.
3
زيادة من "ب".
4
حبربر: ولد الحبارى، وهو طير.
5
تبربر: يقال: ما أصبت منه تبربرا، أي: شيئا.
6
حورور: يقال: ما أصبت حورورا، أي: شيئا، والحورورة: البيضاء.



ج / 3 ص -214- ما لحقتهُ الزوائدُ مِنْ بناتِ الأربعةِ1:
اعلم: أَنَّ ذواتِ الأربعةِ لا يلحقُهَا شيءٌ مِنَ الزوائدِ أَولًا2، إلا الأسماءَ مِنْ أَفعالهنَّ وكلُّ شيءٍ مِن بناتِ الأربعةِ لحقتهُ زيادةٌ فكانَ على مثالِ الخمسةِ فهوَ ملحقٌ بالخمسةِ كما تلحقُ ببناتِ الأربعةِ بناتُ الثلاثةِ إلا ما جاءَ إنْ جعلتَهُ فعلًا خالفَ مصدرَهُ مصدرَ بناتِ الأربعةِ3 نحو: فَاعَلٍ وفُعُّلٍ. فَفَاعَلٌ: نحو: طَابَقٍ. وفُعَّلٌ نحو: سُلّمٍ لو جعلتَ هذَا فعلًا ما كانَ إلا ثلاثيًا وما كانتْ مصادرُها إلا ثلاثيةً وكلُ شيءٍ جاءَ من بنَاتِ الأربعةِ على مثالِ: سَفَرْجلٍ فَهوَ ملحقٌ ببناتِ الخمسةِ لأَنكَ لو أكرهتَها حتى تكونَ فِعْلًا لاتفقَ الاسمُ والفعلُ لو قلتَ: فَعَلْتُ مِنْ: فَرَزْدَقٍ وسَفَرْجلٍ مستكرهًا ذلكَ لكانَ القياسُ أَنْ يكونَ فَرَزْدَقْتُ وسَفَرْجَلْتُ فيكونُ على وزنِ: تَكَلَّمتُ وتَفَاعلتُ في متحركاتِه وسواكنهِ وعَلَى وزنِ: تَدَحْرجتُ. وجاءتِ الزوائدُ في بَناتِ الأربعةِ أَقلَّ من بَناتِ الثلاثةِ بحرفٍ وهيَ الهمزةُ فأَمَّا "التاءُ" فجاءتْ سادسةً مع غيرِها مِنَ الزوائدِ في عَنْكبوتٍ فصار انقسامُ الرباعي ذي الزوائدِ علَى أَربعةِ أَقسامٍ: الواوُ والياءُ والألفُ والنونُ.
الأولُ مِنْ ذلكَ: لَحاقُ الواوِ ثالثةً زائدةً.
في ذواتِ الأربعةِ: فَعَوْلَلٌ: حَبَوْكَرٌ وهيَ الداهيةُ والصفةُ عَشَوْزَنٌ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" الرباعي.
2
أولا: ساقط من "ب".
3
انظر: الكتاب 2/ 335-336.



ج / 3 ص -215- وهوَ الصَّلبُ الغليظُ ونظيرُها مِنْ بناتِ الثلاثةِ: حَبَوْننٌ1، فَعَوْلُلانٌ عَبَوْثُرَانٌ وهوَ نباتُ في طريقِ مكةَ فَعَوْلَلَى: حَبَوْكَرى2. اسمٌ.
لحاقُها رابعةَ: فَعْلَوْلٌ: بَلَهْوَرٌ3 اسمُ ملكٍ مِنَ الأَعاجم والصفةُ: بَلَهْوَقٌ: وَهوَ الوضيءُ الحسنُ وكَنَهْورٌ: وهوَ العظيمُ مِنَ السحابِ. فَعْلَويلٌ: قُنْدَويلٌ صفةٌ: وهوَ العظيمُ الرأسِ. فُعْلُولٌ: عُصْفُورٌ والصفةُ: شُنْحُوطٌ طَويلٌ ونظيرهُ مِنْ بَناتِ الثلاثةِ: بُهْلولٌ4، فَعْلُولٌ: قَرَبُوسٌ وَزَرجُونٌ اسمُ الكَرْمِ.
قالَ الجَرمي: وهوَ صبغٌ أَحمرُ قالَ: وزعمَ الأصمعي أَنَّ هذهِ فارسيةٌ أُعربت وأنَّ المعنى: زَرْبُونٌ أي لونُ الذَّهبِ فقلبتهُ العَربُ والصفةُ: قَرَقُوس الأَملسُ وحَلَكُوكٌ5 مِنْ بناتِ الثلاثةِ أَلحق ببناتِ الأربعةِ. فِعْلَولٌ: فِرْدَوسٌ اسمٌ روضةٌ دونَ اليمامةِ وهيِ إحدى الجنانِ التي ذكرهاَ الله عَز وجلَ. وبِرْذَونٌ6، والصفةُ: ناقةٌ عِلْطَوس: وهيَ الناقةُ الخيار الفارهةُ. وأُلحق بهِ من بَناتِ الثلاثةِ. عِذْيَوطٌ7.
لحاقُها خامسةً: فَعَلُّوةٌ: قَمَحْدُوة8، والهاءُ لازمةٌ لَهُ ونظيرهُ مِنْ بَناتِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حبونن: واد، علم.
2
جبوكرى: الداهية.
3
بلهور: في سيبويه 2/ 336 "فعلول" وهو قليل في الكلام، قالوا: كنهور، وهو صفة. وبلهور. وهو صفة، فجعل كنهور وبلهور صفتين. وهما اسمان.
4
بهلول: الضحاك.
5
حلكوك: أسود.
6
برذون: بكسر الباء وسكون الراء وفتح الذال- الدابة، وتستعمل بهاء، جمعها براذين.
7
عذيوط: التيتاء. وهو ما يحدث عند الجماع.
8
قمدوحة: العظم الناتئ فوق القفا.



ج / 3 ص -216- الثلاثة قَلَنْسُوةٌ1 فَيْعَلولٌ: خَيتَعُورٌ: اسمٌ للداهيةِ والصفةُ: عَيْسَجُورٌ وهيَ الشديدةُ مِنَ الإِبلِ. فَعْلَلُوتٌ: عَنْكَبوتٌ وتَخْرَبُوتٌ2.
قالَ الجرمي: سأَلتُ علماءنا فَلم يعرفوا: تَخْرَبوتًا وفي كتابِ ثعلب بخطِّه: تَخْرَبوتٌ ناقةٌ فَارهةٌ.
فَعْلَلولٌ: مَنْجَنُونٌ اسمٌ والصفةُ: حَنْدَقُوقٌ وهوَ الطويلُ المضطربُ شبه المَنْجَنُونِ3.
الثاني: زيادةُ الياءِ في الرباعي.
تلحق ثالثةً: فَعَيْلَلٌ: صفةٌ عَمَيْثَلٌ: وهوَ الجلدُ النشيطُ وأُلحقَ بهِ من بَناتِ الثلاثةِ: خَفَيْددٌ وأَصلُهُ للظليمِ ثَمَّ هوَ بعدُ لكُلِّ سَريعٍ. فَعَيْلَلانٌ: عَرَيْقُصانٌ وهيَ دابةٌ ولا يعرفُ وصفًا.
لحاقُها رابعةً: فعْلِيلٌ: قَنْدِيلٌ وبِرْطِيلٌ4، والصفةُ: شَنْظِيرٌ: السيءُ الخلقِ [عن أبي زيدٍ]5، وحِرْبيشُ6 الخَشِنَةُ7. وأُلحقَ بهِ مِنْ بناتِ الثلاثة: زِحْليلٌ8، مِنْ: تَزَحَّلَ فُعْلَيلٌ: غُرْنَيقٌ صِفةٌ وهوَ السيدُ الرفيعُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قلنسوة: هي ما يوضع فوق الرأس.
2
تخربوت: الخيار الفارهة من النوق.
3
منجنون: الدولاب الذي يسقى به.
4
برطيل: حجر أو حديد طويل، صلب، حلقة ينقر به الرحى. والمعول. والرشوة. والجمع: براطيل.
5
زيادة من "ب".
6
حربيش: وحرشاء، وحريش الأفعى الخشنة الجلدة.
7
في الأصل "الخشبة" ولا معنى لها.
8
زحليل: المكان الضيق. والزحليل: المكان المتباعد.



ج / 3 ص -217- وليسَ يلحقُ الرباعي شيءٌ مِنَ الزوائِد في أولهِ1 سِوى الميمِ التي في الأسماءِ مِن أَفعالهنَّ وما لحقتُه الياءُ مَع الواوِ فقد تقدمَ ذكرهُ.
[
لحاقُها خامسةً: فُعَلَّيةٌ: سُلَحْفيةٌ وهيَ دابةٌ ولا يعرفُ وصفًا وأُلحقَ بهِ مِنَ الثلاثي البُلْهْنيةُ وهيَ العيشُ الواسعُ لازمةٌ فَنْعَليلٌ. مَنْجيقٌ والصفةُ: عَنْتَريسٌ والدليلُ علَى زيادةِ النونِ الأولى قولُهم في جمعِه: مَجَانيقٌ وفي تصغيره مُجينِيقٌ والدليلُ على زيادةِ النون في عَنْتَريس2، أَنهُ مُشتقٌ مِنَ العترسَةِ وهيَ الأخذُ بالشدةِ ويوصفُ الأسدُ بذلكَ لشدتِه فُعَاليلُ: كُنَابيلُ: اسمُ أَرضٍ فَعْلَليل: عَفْشَليلٌ: أَعجمي والصفةُ قَمْطَريرٌ وذكَر سيبويه3 أَنه لا يعرفهُ إلا صفة4.
الثالثُ: لَحاقُ الألفِ في ذواتِ الأربعة:
تَلحقُ ثالثةً: فُعَالِلُ جُخَادبُ دابةٌ: والصفةُ عُذَافِرُ وهوَ العظيمُ الشديدُ وما لحقهُ مِن ذواتِ الثلاثةِ دُوَاسِرُ وهوَ الغليظُ الجانبِ مِنْ دَسَرَ يَدْسُرُ فُعَالِلى خُجَادِبَى امٌ وقد مدَّهُ5 بعضُهم. فَعَالِلُ. قَرَاشِبُ6. فَعَالِيلُ: قَنَادِيلُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
عنتريس: الناقة الصلبة الشديدة. الداهية من الرجال.
3
انظر: الكتاب 2/ 337.
4
ما بين القوسين زيادة من "ب".
5
الذي يمد يقول: خجادباء.
6
القراشب: جمع قرشب، وهو المسن السيئ الحال والأكول والضخم والطويل والأسد.



ج / 3 ص -218- لحاقُها رابعةً لغيرِ التأنيثِ:
فِعْلاَلٌ: حِمْلاقٌ1 والصفةُ: سِرْدَاحٌ2 وهيَ الأَرضُ الواسعةُ.
وأُلحقَ بهِ جِلْبَابٌ. فَعْلاَلٌ لا يعلمُ في الكلام إلا المضعفُ مِنْ بناتِ الأربعةِ الذي يكونُ الحرفانِ الآخرانِ منهُ بمنزلةِ الأولينِ وليسَ في حروفهِ زوائدُ كما أَنهُ لَيْسَ في مضاعفِ بنَاتِ الثلاثةِ نحو رَدَدْتُ زيادةٌ وذلكَ نحو: الزَلْزَالِ والجَرْجَارِ وهو نبتٌ والصفةُ: قَرُبَ القَسْعَاسُ وهوَ البعيدُ وفِعْلالُ في المصدرِ نحو الزِّلزالِ لا يعلمُ المضاعفُ جاءَ مكسورَ الأولِ إلا في المصدر فَعْلاَءُ: بَرْسَاءُ. وَهْوَ الناسُ فُعْلاَلُ: قُرطاسُ هَو القرطاسُ بعينِه وقُرْنَاسٌ3، وهوَ الشيءُ يشخصُ مِنَ الجبلِ ولا يعرفُ وصفاً.
لحاقُها خامسةً لغيرِ التأنيثِ:
فَعَلَّى: حَبَركَى وهو القرادُ. وقالوا: رجلٌ حَبَرْكَاءُ يا فتى وهوَ القصيرُ الظهرِ الطويلُ الرجلِ وأُلحق بهِ مِنْ بناتِ الثلاثة: الحَبَنْطَى4 وغيرهُ.
قالَ الجرمي وقَدْ جَعلَ بعضُهم الألفَ في حَبَركاءَ للتأنيثِ فَلَمْ يصرفْ. فِعِنْلالٌ: جِعِنْبارٌ صفةٌ: وهوَ الضَّخمُ مثلُ جِعِبْرَى ولحقُه مِنْ بناتِ الثلاثةِ: فِرِنْدادٌ وهيَ أَرضٌ فِعِلاَّلٌ: سِنِمَّارٌ: اسمُ رجلٍ وجِنِبَّارٌ: فَرخُ الحُبَارى والصفةُ: الطِّرْمّاحُ وهوَ الطويلُ وأُلحقَ بهِ مِنْ بناتِ الثلاثةِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حملاق: حمق العين: باطن أجفانها.
2
سرداح: الناقة الطويلة.
3
القرناس. والقرناس. شبيه الأنف يتقدم في الجبل: انظر: اللسان 8/ 56.
4
حبنطى: الممتلئ غيظا أو بطنه.



ج / 3 ص -219- جِلِبّابُ. فَعْلَلاءُ: بَرْنَساءُ وعَقْرَبَاءُ ممدودٌ وغيرُ مصروفٍ ولا يعرفُ وصفًا فُعْلُلاءُ: القُرْفُصاءُ يمدُّ قومٌ ويقصرُ قومٌ. فِعْلِلاءُ: طِرْمِسَاءُ وهيَ الظلمةُ ممدودٌ صفةٌ وأُلحق بهِ مِنَ الثلاثةِ: جِرْبياءُ وهوَ الريحُ الشمالُ. فِعْلَلاءُ قالوا: هِنْدَبَاءُ للبقلِ يقصرُ بعضٌ ويمدُّ بعضٌ. فُعْلُلانٌ: عُقْرُبانٌ وهيَ دابةٌ والصفةُ: دُحْمُسانٌ1 وهوَ الأدمُ السمينُ. فِعْلِلانُ: الحِنْذِمَانُ حيٌّ يُقالُ لَهُ الحِنْذِمَانُ والصفة: حِذرجانٌ وهو القصيرُ. فَعْلَلانٌ: زَعْفَرانٌ والصفةُ: شَعْشَعانٌ الطويلُ الخلقِ مِنَ الفتيانِ.
لحاقُها خامسةً للتأنيثِ:
فَعْلَلَى: فَرْتَنَى اسم امرأةٍ وقيلَ: قصرٌ بمرو الروذ ولا يعرفُ صفةً وأُلحقَ مِنَ الثلاثةِ الخَيْزَلى2. فِعْلِلى: الهِندِبَى اسمٌ قال الجرمي: هِنْدِبَاءُ: وهوَ الخفيفُ في الحاجةِ فِعَلى: سِبطرى3 اسمٌ. فِعْلَلى الهِرْبَذى. وهوَ اسمُ مشيةِ.
الرابعُ: لَحاقُ النونِ في الرباعي ثانيةً:
فُنْعَلَلٌ خُنْثَعَبةٌ4، اسمٌ وهوَ الغريزُ والصفةُ: كُنْتَألٌ وهوَ القصيرُ
فَنَعْلُلٌ: كَنَهْبُلٌ شَجَر عِظَامٌ. فِنْعَلُّ: قِنْفَخْرٌ5 أُلحقَ بجِرْدَحْلٍ6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
دحمسان: الأحمق الشجاع. من معانيه الأخرى.
2
الخيزلى: مشية في تثاقل.
3
سبطرى: مشية فيها تبختر.
4
خنثعبة: -مثله الخاء والثاء والمثلثة مفتوحة: والخنثعبة -بضم الخاء والثاء: الناقة الغزيرة اللبن.
5
قنفخر: الضخم الجثة.
6
جردحل: -بكسر الجيم- الضخم من الإبل للذكر والأنثى.



ج / 3 ص -220- الثاني: لحوقُ النونِ ثالثةً:
فَعَنْلَلٌ حَزَنْبَلٌ القصيرُ وأُلحقَ بهِ عَفَنْجَحٌ1، الضخمُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أي: ألحق به من بنات الثلاثة. انظر: الكتاب 2/ 339.



ج / 3 ص -221- بَابُ ما الزيادةُ فيهِ تكريرٌ في الرباعي لحَاقها مِنْ موضع الثاني:
فِعَّلٌ صفةٌ عِلَّكْدٌ: وهوَ الغليظُ الشديدُ. فُعَّلِلٌ: الهُمَّقعُ وهوَ ثمرُ التنضبِ والصفةُ: الزُّمَّلِقُ وهوَ الذي ينزلُ قبل أَن تجامعَ المرأةَ: فُعَّلُّ: شُمَّخرٌ المتعظمُ. فَعَّلِلٌ: هَمَرِّشُ1، هذَا الحرفُ ليسَ في كتابي المنسوخ من نسخةِ أَبي العباسِ. وَهْوَ فيما قريءَ في كتابِ القاضي عليهِ ولَم أَجدْهُ في نسخةِ ثعلب فأَحسبُ أَن أَصلَ هذَا الحرفِ: فَنَعْللٌ فأدغمَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
همرش: العجوز الكبيرة.

لحَاقُها مِن موضعِ الثالثِ:
فَعَلَّلٌ: هَمَرّجةٌ1، والصفةُ: سَفَنَّجٌ: خَفيفٌ مِنْ صفةِ الظليمِ. فَعُلُّلٌ زُمُرُّدٌ كذَا قالَ2، بالدالِ هذِه الحجارةُ مِنَ الجوهرِ. فُعُلِّلٌ: الصُّعُرِّرُ3 في كتابِ بعضِ أَصحابِنا وليسَ في أَصلِ أَبي العباسِ ولا أعرفهُ. وقرأتُ في كتابِ ثَعلب الصُّفُرّقُ نَبْتٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
همرجة: الخفة والسرعة. والاختلاط. ولغط الناس.
2
الذي قال: هو سيبويه، وانظر: الكتاب 2/ 339.
3
الصعرر: يقال: صعرر الشيء فتصعرر، دحرجته فتدحرج واستدار.



ج / 3 ص -222- إلحاقُها مِنْ موضعِ الرَّابعِ:
فَعَلَّلٌ وصفٌ سَبَهْلَلٌ الرجلُ الفَارعُ. فِعْلَلُّ: عِرْبَدُّ: اسمُ حيةٍ والصفةُ: قِرْشَبٌّ وهوَ المسنُّ مِنَ الرجالِ
وأُلحقَ بهِ عِسْوَدٌّ: اسمُ دَابةٍ. فِعْلُلُّ: صِفَةٌ قُسْحُبٌّ ضَخَمٌ وطُرْطُبٌّ: ثَديٌ طويلٌ فِعْلَلٌ: قَهْقَرٌ: حَجَر يملأُ الكفَّ والذي يُقرقرُ في جوفِه قِهْقَرٌ-بكسرِ القافِ الأوُلى.
ما لحقتهُ الزيادةُ من بناتِ الخمسةِ وجاءتِ الزوائدُ في بناتِ الخمسةِ أَقلُّ بحرفٍ فزوائدُه ثلاثةٌ:
الأولُ: لحَاقُ الياءِ خامسةً:
فعْلَليلٌ خَنْدَريسٌ1، وعَنَدليبٌ طَائرٌ وسَلْسَبيلٌ والصفةُ دَرْدَبيسٌ وهيَ العجوزُ والداهيةُ أيضًا. فُعَلّيلٌ: خُزَعبِيلٌ وهي الأباطيل عن الجرمي.
الثاني: لحَاقُ الواوِ خامسةً:
فَعْلَلُولٌ: عَضْرَفُوطٌ وهيَ العظاءةُ الذكرُ. فِعْلَلُولٌ: صفةٌ قِرْطَبُوسٌ. وفي كتابِي موقع عن أبي العباس قَرْطَبُوسٌ2: هَوَ المعروفُ.
الثالثُ: لَحَاقُ الأَلفِ سادسةً لغيرِ التأنيثِ:
فَعَلَّلَى: قَبَعْثَرَى وهوَ العظيمُ الشديدُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
خندريس: الخمر، مشتقة من الخدرسة.
2
قرطبوس: الداهية، أو الناقة العظيمة بكسر القاف.



ج / 3 ص -223- بَابُ أَبنيةِ ما أُعربَ مِنَ الأعجميةِ:
الكلامُ الأعجمي يخالفُ العربي في اللفظِ كثيرًا ومخالفتهُ على ضربينِ: أَحدهُما: مخالفةُ البناءِ والآخرُ: مخالفةُ الحروفِ فَأَمَّا ما خالفَ حروفهُ حروفَ العربِ فإنَّ العربَ تبدلهُ بحروفها ولا تنطقُ بسِواها وأَمَّا البناءُ فإنهُ يجيءُ علَى ضربينِ أَحدهما: قد بنتهُ العربُ بناءَ كلامِها وغيَّرتهُ كما غَيرتِ الحروفَ التي ليست من حروفها. ومنه ما تكلمت به بأبنية غير أبنيتها وربما غيروا الحرفَ العربي بحرفٍ غيرهِ لأَنَّ الأصلَ أَعجمي.
الأولُ: ما بنتهُ مِنْ كلامِها:
وذلكَ قولهُم: درهمٌ ودينارٌ وإسحقُ ويعقوبُ وقالوا: آجُورٌ وشُبَارِق فألحقوهُ بعَذَافرَ ورُستاقٌ أَلحقُوه بقُرطاسَ.
الثاني: ما بنتهُ على غيرِ أَبنيةِ كلامِها:
وذلكَ نحو: آجُرٍّ وإبريسَم وسَراويلَ وفَيروزَ. ورُبَّما تركوا الاسم على حاله إذَا كانتْ حروفهُ مِنْ حروفِهم كانَ على بنائِهم أو لم يكنْ نحو: خُراسانَ وخُرّم والكُركُم ورُبَّما غيروا الحرفَ الذي ليسَ من حروفِهم ولم يغيروهُ على بنائِه في الفارسيةِ نحو: فِرِند وَبَقَّمٍ.
واعلم: أَنَّهم إذَا أَبدلوا حرفًا مِنْ حروفِ الفارسيةِ أَبدلوا منهُ ما يقربُ



ج / 3 ص -224- مِنَ المخرجِ فيبدلونَ من الحرفِ الذي بين الكافِ والجيم الجيمَ وذلكَ نحو: الجُرْبُزِ والآجُرِّ والجَورَبِ ورُبَّما أبدلوا القافَ لأَنَّها قريبةٌ أيضًا. قالَ بعضُهم: قُرْبُزٌ وقالوا: قُربَقٌ في قربكَ وإذَا كانتْ حروفٌ لا تثبتُ في كلامِ العجمِ وإنْ كانتْ مِنْ حروفِ العربِ أَبدلوا منهُ نحو: كُوسَهْ ومُوزهْ لأَنَّ هذهِ الحروفَ تحذفُ وتبدلُ في كلامِ الفرسِ همزةً مرةً وياءً أُخرى فأُبدلتْ مِنْ ذلكَ الجيمُ فقالوا: مُوزَجٌ وجعلوا الجيمَ الأُولى لأَنَّها قد تبدلُ مِنَ الحرفِ الأعجمي الذي بينَ الكافِ والجيمِ ورُبّما أُدخلتِ القافُ عليها.
قال بعضُهم: كَوْسَقٌ وَكُرْبَقٌ وقالوا: قُرْبَقٌ وكِيلَقةٌ ويبدلونَ مِنَ الحرفِ الذي بينَ الياءِ والفاءِ نحو: الفِرِنْدِ والفُندُقِ ورُبَّما أبدلوا الباءَ لقربِها قالَ بعضُهم: البِرِنْدُ والعربُ تخلطُ فيما ليسَ من كلامِها إذا احتاجتْ إلى النطقِ بهِ فإذَا حُكِي لكَ في الأعجمي خلافُ ما العامةُ عليه فلا تَرينهُ تخليطًا مِمَّنْ يَرويهِ.

ما ذِكُر أَنَّهُ فاتَ سيبويه مِنَ الأَبينةِ:
تِلقامَّةٌ 1، وتِلْعَابّةٌ2، وفِرْناس3، وفُرَانسُ4، تَنُوفى5، تَرْجمُان،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تلقامة: يقال: رجل تلقامة، أي: عظيم اللقم في الأكل. وقد ذكره سيبويه 2/ 243 في المصادر نحو: تفعلت: تفعالا نحو تحملت تحمالا، انظر الخصائص 3/ 187.
2
تلعابة: هو كثير اللعب. وهذا الوزن مذكور في المصادر ولم يذكر في الصفات انظر: الكتاب 2/ 243.
3
فرناس: من أسماء الأسد، كذلك قد ذكره سيبويه في الأبنية في آخر ما لحقته الألف رابعة مع غيرها من الزوائد. انظر: الكتاب 2/ 323.
4
فرانس: هو من أوصاف الأسد، يقال: أسد فرانس، أي يفرس ويدق العنق.
5
تنوفى: هي اسم موضع.



ج / 3 ص -225- شَحْمٌ أَمْهَجُ رَقيقٌ: أَنشد أبو زيد1:

يطعمُها اللحم وشحمًا أَمْهَجِا

مُهْوأَنٌ2 عُيَاهمُ3 تُرامِز4 تُمَاضرٌ يَنَابعاتٌ5، دِحِندح6 فِعِلّينٌ لَيْثٌ عِفِرينٌ زَعَمَ أَنهُ العنكبوتُ الذي يصيدُ الذبابَ تِرْعايةٌ7، الصَّنبرُ زَيتونٌ كَذْبَذبٌ هَزَنْبَرانٌ8 عَفَزَّرَانٌ اسمُ رجلٍ هَيْدَكرٌ ضَربٌ مِنَ المشي زيادةٌ في حفظِ أَبي علي: هَيْدَكرٌ وفي نسخةٍ في حفظِ أَبي علي: هَدَيْكرٌ9.
قالَ أبو علي: سألتُ ابنَ دريدٍ عنهُ فقَالَ: لا أَعرفهُ ولكنْ أَعرفُ الهَيْدَكورَ هُنْدِلعٌ: بقلةٌ دُرْدَاقِسٌ10 حُزْرانِقٌ11.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل: أبو علي، وفي الخصائص 3/ 194 وأنشد أبو زيد. قال ابن جني: ولم نسمعه في النثر أمهجا. وانظر: الاقتضاب/ 277.
2
مهوان: هو ما اطمأن من الأرض واتسع.
3
عياهم: يقال رجل عياهم، أي: ماض سريع.
4
ترامز: الجمل القوي الشديد.
5
ينابعات: اسم موضع.
6
قال ابن جني في الخصائص 3/ 198 وأما دحندح: فإنه صوتان: الأول منهما منون دح، والآخر: منهما غير منون دح، وكأن الأول نون للوصل ويؤكد ذلك قولهم في معناه: دح دح فهذا كصه صه في النكرة. وصه صه في المعرفة. فظننته الرواة كلمة واحدة.
7
ترعاية، يقال: رجل ترعية وترعاية، قال ابن جني: وكان أبو علي صنع ترعاية فقال: أصلها ترعية ثم أبدلت الياء الأولى للتخفيف ألفًا كقولهم في الحيرة: حارى، وإذا كان ذاك أمرا محتملا لم يقطع بيقين على أنه مثال فائت في الصفات. انظر: الخصائص 3/ 200.
8
هزنبران: الكيس الحاد الرأس، أو السيئ الخلق.
9
في الأصل: هديكور، وصحح من الخصائص 3/ 202. وأبو علي هو الفارسي تلميذ ابن السراج.
10
درواقس: طرف العظم الناتئ فوق القفا. وقيل أعجمي أو رومي.
11
فارسي، يعني به: ضرب من ثياب الديباج.



ج / 3 ص -226- ذكر ما بنتِ العربُ مِنَ الأفعالِ:
جميعُ ما بنتِ العربُ مِنَ الأفعالِ اثنان وثلاثونَ بناءً مِنْ بناتِ الثَّلاثةِ ومِنْ بَناتِ الأربعةِ وما أُلحقَ مِنْ بناتِ الثلاثةِ ببناتِ الأربعةِ وما زيدَ على الثلاثةِ والأربعةِ مما ليسَ بمحلقٍ ولا يبنى من بناتِ الخمسةِ فِعْلٌ ألبتَّةَ.
الأولُ: ما لا زيادةَ فيهِ الثلاثي:
فَعَلَ: مضارعُهُ يَفْعِلُ أَو يَفْعُلُ ورُبَّما انفردَا والأصلُ اجتماعُهما.
قالَ الجرمي: سمعتُ أبا عبيدة يروي عن أبي عمرو بن العلاء قالَ: سمعتُ الضمَّ والكسرَ في عامةِ هذَا البابِ: فَعُلَ: مضارعه يَفْعُلُ وشذَّ حرفٌ واحدٌ قَالوا: فَضُلَ يَفْضَلُ وأَمَّا المعتلُّ فَقَد شذتْ منهُ أَحرفٌ قالَوا: ورَمَ يرِمُ ووَمقَ يَمِقُ وقالوا في حرفينِ من بناتِ الواوِ فَعُلَ يَفْعُلُ قالوا: مِتَّ تَموتُ ودِمْتَ تَدوم والأَجودُ: مُتَّ تَموتَ ودَمْتَ تَدُومُ. فَعَلَ يَفْعَلُ ففيهِ ثلاثةُ أَبنيةٍ.
الثاني: ما فيهِ زائدٌ وهوَ ينقسمُ ثلاثةُ أَقسامِ:
الأولُ: لا أَلفَ وصلٍ فيهِ.
والثاني: فيه أَلفُ وصلٍ.
والثالثُ: ملحقٌ بالرباعي أَفعلَ يَفْعَلُ. واسمُ الفاَعلِ: مُفْعِلٌ والمفعولُ: مُفْعَلٌ. وكانَ القياسُ أَنْ يقولوا: يُؤفعلُ فتثبتِ الهمزةُ في المضارعِ ولكنَّهم حذَفوها استثقالًا وقد حَذَفوها وهي فَاء الفعلِ في: كُلْ وخُذْ وكانَ القياسُ أُوكلْ أُوخذْ وقالَ أكثرهُم: أُومرْ. فَاعلَ يُفاعلُ



ج / 3 ص -227- فِعَالًا ومُفَاعلةً وهي التي لا تنكسرُ. فأَمَّا الفِعَالُ فربَّما انكسرَ. وفوُعلٌ إِذَا أَردتَ "فَعَلَ" فتقلبُ الألِفُ واوًا لانضمام ما قبلَها وكذلكَ كُلُّ أَلفٍ ينضمُّ ما قبلَها.
واسمُ الفَاعِل على: مُفُاعِلٍ والمفعول عَلى مُفاعَلٍ فَعّلَ يُفَعِّلُ تَفْعيلًا وَهْوَ مُفْعِّلٌ والمفعولُ مُفَعَّلٌ تَفَاعَلَ يتفَاعل تَفَاعلًا واسم الفاعل على: متفاعِل والمفعول متفاعَل تَفَعَّلَ يَتَفَعَّلُ تفعُّلًا واسم الفاعل على متَفَعِّلٍ والمفعول مُتَفَعَّلٍ. وليس تلحقُ الياء شيئًا من بناتِ الثلاثةِ ليسَ فيه زيادةٌ ولا تضمُ التاءُ في المضارع إذا قُلتَ: يَنفعلُ ولكنْ تفتحُها لأَنَّها شبهتْ بأَلف الوصلِ أَلا ترى أَنَّ العَرَبَ الذينَ يكسرونَ التاءَ والنونَ والهمزةَ في المُضَارعِ إذَا كانت فيما فيهِ أَلفُ وصلٍ يكسرونَها هَهُنَا فيقولونَ: أَنْتَ تِتَعَهدُ وَتِتَفاعَلُ فيجرونَها مَجْرى تَنْطلقُ وأَنا أنطلُقُ وأَنْتَ تَنْطلقُ فيضمونَ ذلكَ في جميع ما كانتْ فيهِ أَلفُ الوصلِ وفي جميعِ ما كانتْ فيهِ التاءُ زائدةً في أولِه فلذلك خَمْسَةٌ أَبنيةٍ.
ما فيه أَلفُ الوصلِ من بناتِ الثلاثةِ:
انْفعلَ يَنْفعلُ انْفِعالًا وفَعَلَ فيهِ انْفعَلَ يَنْفَعلُ والفاعلُ مُنْفَعِلٌ والمفعولُ مُنْفَعَلٌ ولا تلحقُ النونُ شيئًا مِنَ الفعلِ إلا انفعلَ وحدَهُ افتعَلَ يَفْتعلُ افْتعالًا وفَعَلَ منهُ افتعل يفتعلُ استفعلَ يَسْتَفْعِلُ استفعالًا وفَعُلَ منهُ اسْتُفْعِلَ استفعالًا واسمُ الفاعِل مُسْتَفعِلٌ والمفعولُ مُسْتفعَلٌ افعَاللتُ يَفعالُّ افعيلالًا وتجري مجرى استفعلتُ في جميعَ ما تصرفتْ فيهِ لأَنها في وزنِها وإِنّما أدغمتِ اللامُ في اللامِ فقيل: ادهامَّ لأنَّها ليستْ بملحقةٍ ولو كانتْ ملحقةً لما أَدغمتَها كما قالوا: جَلْبَب يجلببُ جَلَببةً وَفَعْلَلَ: افْعَوَّلَ ادهوّم أدهميامًا واشهيبابًا افعلَلْتُ: احمررتُ احَمرارًا وفَعَلَ منه: احمرَّ في هذا المكانِ وافرَّ فيهِ يصفرُّ اصفرارًا،



ج / 3 ص -228- وافْعَوعلَ يَفعوعلُ افعيلالًا نحو: اغدودنَ النبتُ يغدودنُ اغديدَانًا إِذا نَعمَ افْعَوّلَ يَفْعَوِّلُ افعوّالًا نحو: اخروَّطَ السَّفَرُ يَخْرَوِّطُ اخْروَّاطًا إِذا طالَ السَّفَرُ وامتدَّ قالَ الأعشى:

لاَ تأمنُ البَازِلَ الكرماءُ ضَربَتهُ بالمشرِفي إذا ما اخْروَّطَ السَّفرُ1

وَفَعَّلَ: اخروَّطَ واعلوَّطَ اعلواطًا.
قال الجرمي: سألتُ: أَبا عبيدةَ عن اعلَّوطتُ المُهرَ قالَ: ركبتهُ عريًا قال: وسألتُ الأصمعي عن ذلكَ فقالَ: اعتنقته2 فذلكَ سبعة أَبنيةٍ فأمَّا هرقتُ الماءَ فأكثرُ العربِ يقولُ: أَرقتُ أُريقَ أراقَةً. وهوَ القياسُ. ويقولُ قومٌ مِنَ العربِ: هَرَاقَ الماءَ يُهريقُ هَرَاقةً فيجيءُ بهِ على الأصلِ ويبدل الهاءَِ من الهَمزةِ ودَمْعٌ مُهراقٌ قالَ زهيرُ:

وَلَمْ يهريقوا بينَهم مِلءَ محجمِ3

وقال امرؤ القيس:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الشاهد لأعشى باهلة كما في لسان العرب وهو عامر بن الحارث، من قصيدة مشهورة في رثاء أخيه من أمه اسمه المنتشر.
والبازل: البعير إذا استكمل السنة الثامنة. والكوماء: الناقة الضخمة السنام.
وانظر: اللسان 9/ 156 والمؤتلف والمختلف/ 11.
2
في المنصف 3/ 13 "اعلوط: يقال اعلوط المهر: إذا ركبه عريا، هذا قول أبي عبيدة، وقال الأصمعي: اعتنقه.
3
عجز بيت وصدره:

ينجمها قوم لقوم غرامة

يشير إلى الساعيين اللذين حملا دماء من قتل وأعطي فيها قوم لم يقتلوا، وملء الشيء: مقدار ما يملأه. والملء: المصدر.
انظر: شرح ديوان زهير لثعلب/ 17 وشرح القصائد العشر للتبريزي/ 59.



ج / 3 ص -229- وإن شفائي عَبْرَةٌ مُهْرَاقَةٌ... فَهَلْ عند رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مَعَوّلِ1

وأَما الذينَ قالوا: اهراقَ يهريقُ اهراقةً فَقَد زادوها لِسكون موضِع العينِ مِنَ الفِعلِ فأجروهُ مجرى الذينَ قالوا: اسطاعَ2، يسطيعُ اسطاعةً2، فزادوا السينَ لسكونِ موضعِ العينِ من الفِعْلِ.
ما أُلحق بالرباعي:
فَعللتُ أُفَعْلِلُ فَعْللَةً. جَلْبَبتُ الرجلَ أُجلببهُ جَلْبَبةً إِذا أَلبستهُ الجِلْبابَ وهيَ المُلحفةُ والفاعلُ مُجَلْبِبٌ فأَجروهُ مجرى: دَحْرَجْتُ. فَوَعلَ يفوعلُ فَوْعَلةً: حَوْقَلَ يُحَوْقِلُ حَوْقَلَةً وذلك إذا أَدْبَرَ عَنِ النِّسَاءٍ يستعملُ في كُلِّ مُدبرٍ. فَيْعَلَ يُفيعِلُ فَيْعَلةً: بَيْطَر يُبيطرُ بَيْطَرةً وفَعَّلَ: بَوْطَرَ فَعْوَلَ يُفَعْولُ فَعْوَلةً: هَرْوَلَ يُهرولُ هَرْولةً. فَعْليتُ أَفَعْلي فَعْلاَة: سَلْقَيتهُ أَسَلَقيهِ سَلْقُاةً كانَ الأصلُ سَلْقَيَةً مثلُ دَحْرَجَةٍ فقلبتِ الياءُ لانفتاح ما قبلَها ومعنى سَلقاهُ: رَمى بهِ عَلى قَفاهُ افْعَنَلى فإذا أرادوا فَعَل الرجلُ بنفسهِ قَالوا: اسْلَنْقَى يَسْلَنقي اسْلنقاءً فَعْنَلتُه يقولُ بعضُهم: قلْسَنتهُ ويقولُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
رواية الديوان: وإن شفائي عبرة إن سفحتها.
ولا شاهد فيه.
والعبرة: الدموع، ومهراقة: مسفوحة. معول: معتمد، أو معول: موضع عويل أي بكاء كأنه قال: هل عند رسم دارس من مبكى. انظر شرح القصائد العشر للتبريزي/ 5، والارتشاف/ 179. وشرح الديوان للسندوبي/ 47.
2
ذكر الجوهري أن مصدر اهراق واسطاع: اهرياقا واسطياعا، وهذا غير معروف، والقياس ما قاله ابن السراج.
انظر: اللسان مادة "هرق" والمصباح المنير 2/ 963 وقد فصل السيرافي في هذه المسألة في شرح الكتاب. انظر: شرح السيرافي 1/ 194.



ج / 3 ص -230- بعضُهم: قَلْنَستهُ أُقلنسةُ قَلْنَسةً تَفَعلى وقالوا: قَلْسَتهُ فَتَقَلَسَ يَتَقَلَسُ تَقَلْسيًا دَحْرَجتهُ فَتَدَحْرجَ تَدَحْرجًا وكانَ الأصلُ تَقَلْسوًا ولكنَّ الواوَ إِذا كانتْ طرفًا في الاسم وقبلَها ضمةٌ قلبتْ ياءً فَيْعلْتهُ: شَيْطَنتهُ فَتَشَيطنَ تَشَيطنًا تَفَعْولَ: سَهْوَكتهُ فَتَسهوكَ تَسْهُوكًا والمتسهوكُ: المدبرُ الهالكُ افْعَنْللَ قالوا: تَفَنْجَجَ يَتَفَنْجَجُ اتفِنْجَاجًَا ملحقٌ باحرنْجَم وهيَ تجري مجرى استفعلَ في جميعِ ما تصرفتْ فيهِ فهذَا جميعُ ما بنتِ العربُ مِنَ الأفعالِ مِنْ بناتِ الثلاثةِ تَمْفَعلَ وقد جاءَ حرفانِ شَاذانِ لا يقاسُ علَيهما قالوا: تَمَدْرَعَ1 من المدرعةِ يَتَمَدْرعُ تَمَدْرعًا وأكثرُهم: تَدَرعَ يتدرعُ تَدرُّعًا وهو القياسُ وهوَ أَكثرهما وأَجودهما وقالوا: تَمَسْكنَ2 يتمسكنُ تَمَسْكنًا للمسكينِ وأكثرهُم يقولُ: تَسَكَّنَ يتسكنُ تِسكنًا وهو أَجودهما وهوَ القياسُ وقالَ: تَمَنْدلَ بالمنديلِ يتمندلُ تَمَنْدلًا إِذا مسحَ يدَهُ بالمنديلِ وأكثرهم يقولُ: تَنَدَّلَ يَتَندلُ تَنَدُّلًا وهوَ أَجودهما فذلكَ اثنا عشرَ بناءً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تمدرع: لبس المدرعة. وقال بعضهم: لا تكون إلا من صوف. وتدرع بمعنا وهو أفصح من تمدرع.
2
تمسكن: من المسكنة، والذل. أي صار مسكينا، وتسكن بمعناه، وهو أفصح من تمسكن.

بِناءُ الأفعالِ من بناتِ الأربعةِ بلا زيادةٍ:
فَعْلَلَ: دَحْرَجَ يُدحرجُ دَحْرَجةً وسَرْهَفَ يُسرهفُ سَرْهَفةً وقالوا: سِرْهَافًا قالَ العجاجُ:

سَرْهَفْتُهُ ما شِئْتَ مِنْ سرهافِ1

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يريد: أنه جهد في تربيته. وروى في المخصص: سرعفته ما شئت من سرعاف.
وانظر: المقتضف 2/ 95، والخصائص 1/ 222. والمنصف 1/ 41، وأمالي ابن الشجري 2/ 294. والخزانة 1/ 245 والمخصص 1/ 27. والسمط 788.



ج / 3 ص -231- والمُسرهفُ الحسنُ الغداءِ فعللَ مكررٌ فإِذَا كانَ من المكررِ قالوا: زَلْزَلتهُ زلِزلةً وزِلزالًا وبعضُ العربِ يفتحُ هذَا المكررَ فيقولُ زلزلتهُ زِلْزَالًا فإِذَا أَردتَ اسمَ الفَاعلِ قلتَ: هذَا مزلزِلٌ ومُدَحرِجٌ.

ما فيهِ زيادةٌ مِنَ الرباعي وأَلفُ الوصلِ:
افْعنْللَ يَفْعَنللُ افْعِنلالًا: احْرَنجمَ يَحْرنجمُ احْرنْجامًا والمُحْرَنْجمُ المجتمعُ بعضهُ إلى بعضٍ افْعَلَلَّ: اقْشَعَرَّ يقشعرُّ اقشعرارًا واطمأَنَّ يطمئنُّ اطمئنَانًا فيجري مجرى: استعدَّ يستعدُّ استعدادًا وأما قولُهم: الطمأنينةُ والقشعريرةُ فهذا اسمٌ فليسَ بمصدرٍ على الفعلِ وليسَ في الأربعةِ ملحقٌ إِذْ لَم يكنْ للخمسةِ بناءٌ تلحقُ بهِ فذلكَ أَربعةُ أَبنيةٍ.











51



















الأصول في النحو

ذِكرُ التصريفِ:
هذَا الحدُّ إِنَّما سُميَ تصريفًا لتصريفِ الكلمةِ الواحدةِ بأبنيةٍ مختلفةٍ وخصوا بهِ ما عرضَ في أُصولِ الكلامِ وذواتِها من التغييرِ وهوَ ينقسمُ خمسةَ أَقسامٍ: زيادةٌ وإِبدالٌ وحَذْفٌ وتغييرٌ بالحركةِ والسكونِ وإدغامٌ ولَهُ حدٌّ يعرفُ بهِ.
الأول: الزيادة.
والزيادةُ تكونُ علَى ثلاثةِ أَضربٍ: زيادةٌ لمعنىً وزيادةٌ لإلحاقِ بناءٍ ببناءٍ وزيادةٌ فَقَطْ لا يرادُ بها شيءٌ مما تقدمَ فأَمَّا ما زيدَ لمعنىً فأَلفُ "فَاعِلٍ" إِذَا قلتَ: ضَارِبٌ وعَالِمٌ ونحوَ حروفِ المضارعةِ في الفِعْلِ نحو الأَلفِ في أَذهبُ والياءِ في يَذهبُ والتاءِ في تَذهبُ والنونِ في نَذهبُ وأَمَّا زيادةُ الإِلحاقِ فنحو: الواو في كَوثرٍ أَلحقتهُ ببناءِ جَعْفَرٍ وأَمَّا زيادةُ البناءِ فنحو: أَلفِ حِمَارٍ وواو عجوزٍ ويَاء صحيفةٍ.



ج / 3 ص -232- والحروفُ التي تُزادُ عَشرةٌ: الهمزةُ والألفُ والياءُ والواوُ والهاءُ والميمُ والنونُ والتاءُ والسينُ واللامُ يجمعُها في اللفظِ قولُكَ: اليوم تَنْسَاهُ.
الأولُ: الهمزةُ:
أَمَّا الهمزةُ فتزادُ إِذا كانتْ أَولَ حرفٍ في الاسم فِي ذواتِ الثلاثةِ فصاعدًا بالزوائدِ في الاسم والفعلِ نحو: أفكلٍ وأَذهب وفي الوصلِ في ابنٍ واضربْ والهمزةُ إِذا لحقتْ رابعةً مِنْ أَولِ الحرفِ فصاعدًا فهي زائدةٌ وإِنْ لم يشتقَّ منهُ ما تذهبُ فيهِ الزيادةُ ولا تجعلْهُ مِنْ نفسِ الحرفِ إلا بثبتٍ فإِنْ سميتَهُ فأفكَل وأَيدع لَمْ تصرفْهُ وأَنْتَ لا تشتقُّ منهُ ما تذهبُ فيهِ الألفُ وكذلكَ إِنْ جاءتِ الهمزةُ معَ غيرِها مِنَ الزوائدِ في الكلمةِ فاحكمْ عليها بالزيادةِ نحو: اصليتٍ وأَرْونان1. ومَحالٌ أَنْ تلحقَ رباعيًّا أَو خماسيًّا لأنَّ الزيادةَ لا تلحقُ ذواتِ الأربعةِ مِنْ أَوائلِها وهيَ مِنَ الخمسةِ أَبعدُ فأما: أَولقُ فالألفُ مِنْ نفسِ الحرفِ يدلُّكَ على ذَلكَ قولُهم: أَلقَ وإِنَّما أَولقَ فَوْعَلَ ولولا هذا الثبتُ لحملَ علَى الأكثرِ وكذلكَ: الأَرْطى2، لأَنّكَ تقولُ: أَديمٌ مأروطٌ ولو كانتِ الألفُ زائدةً قلتَ: مَرطى. وكذلكَ: إِمِّرَةٌ3 أمعةٌ إِنَّما هُوَ فِعْلةٌ لأَنَّهُ لا يكونُ أَفعلُ وصفًا والهمزةُ المضمومةُ والمكسورةُ كالمفتوحةِ أَلا تَرى أَنَك تسوّي بينَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أرونان: صوت، والصعب من الأيام، ويوم أرونان: مضافا أو منعوتا.
2
أرطى: شجر ينبت في الرمل نوره كنور الخلاف، وثمره كالعناب، مرة تأكلها الإبل غضة، وعروقه حمر.
3
إمرة: الإمر: بكسر الهمزة وتشديد الميم وفتحها- والأمرة: وبفتح الهمزة فيهما- ضعيف الرأي يوافق كل أحد على ما يريد من أمره كله. أو الصغير من أولاد الضأن.



ج / 3 ص -233- أُبلم1 وإِثمد2 وإِصليتٍ3 وأَرْونَان وإِمخاض وإِنَّما هيَ مِنَ الصلتِ والرونِ والمخضِ وكذلكَ4: أَلندد إِنَّما هُوَ مِن أَلددِ وأُسكوبٌ إِنَّما هُوَ مِن السَّكْبِ ولا تزادُ الهمزةُ غيرَ أَولٍ إلا بثبتٍ فَمِنْ ذلكَ: ضَهياء5 هيَ زائدةٌ لأَنكَ تقولُ: جُرواضٌ6 وحُطَائطٌ لأَنَّ القصيرَ محطوطٌ ومِنْ ذلكَ شِمْلاَلٌ شَأملٌ لأَنك [تقولُ]7: شَمْلَلتِ الريحُ.
الثاني: الأَلفُ:
الألفُ لا تزادُ أَولًا وذلكَ مَحالٌ لأَنَّها لا تكونُ إِلا ساكنةً ولا يجوزُ الابتداء بساكنٍ وتزادُ ثانيةً في "فَاعلِ" ونحوهِ وثالثةً في جمادٍ ونحوهِ ورابعةٍ في عَطْشَى ومِعْزَى وحُبْلَى ونحوهنَّ وخامسةً في حِلبلابٍ وجَحْجَبَى8 وحَبَنْطى9 ونحو ذلكَ ولا تلحقُ الألفُ رابعةً فصاعدًا إلا مزيدةً وهيَ بمنزلةِ الهمزةِ أولًا وثانيةً وثالثةً ورابعةً إلا أَنْ يجيءَ ثَبْتٌ وهيَ أَجدرُ بالزيادةِ مِنَ الهمزةِ لأَنَّها لا تكثر ككثرتِها فإِنَّهُ ليسَ في الكلامِ حَرْفٌ إلا وبعضُها فيهِ أَو بعضُ الياءِ والواوِ فإن جَاءتِ الألفُ رابعةً وأَول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أبلم: غليظ الشفتين وبقلة لها قرون كالباقلاء. ويقال: المال بيننا شق الأبلمة، أي: نصفين.
2
إثمد: -بكسر الهمزة- حجر للكحل، وكأحمد- موضع، ويضم الميم.
3
إصليت: صفة للسيف، يقال: سيف إصليت، أي صقيل.
4
الندد: الطويل الأخدع من الإبل، والخصم الشحيح الذي لا يزيغ إلى الحق.
5
ضهياء: المرأة التي لا تحيض ولا تحمل، أو تحيض ولا تحمل.
6
جرواض: الأكول. شديد القطع بأنيابه للشجر.
7
أضفت كلمة: تقول المعنى.
8
جحجبى: حي من الأبصار.
9
حبنطى: الممتلئ غيظا وبطن.



ج / 3 ص -234- 234
الحرفِ ونحو ذَلكَ ولا تلحقُ الهمزةُ أَو الميمُ... فهيَ أَصلٌ نحو: أَفْعَىً ومُوسَىً لأنَّ أَفْعَىً "أَفعلُ" ومُوسَىً "مُفْعلٌ" فإذَا لم يكنْ ثَبْتٌ فهيَ زائدةٌ أبدًا وأمَّا "قَطَوْطَى"1 فهيَ فَعَوْعلٌ لأَّنه ليسَ في الكلامِ فَعَوْلَى وفيهِ "فَعَوعلٌ" مثلُ: عَثَوثلٍ وحَبَركى2 ولم يُجعلْ فَعَلْعَل لأنَّ فَعَوْعلًا أَولى بهِ من بَابِ صَمَحمحٍ3 ودَمكمكٍ4 زَعَمَ أَنَّ الواوَ لا يكونُ أصلًا في بناتِ الثلاثةِ فصاعدًا فلذلكَ قالَ: قَطَوطَى فَعَوْعَلٌ فالألفُ إِذا لحقت رابعةً فهيَ زائدةٌ وإِنْ لم يشتقَّ مِنَ الحرفِ ما يذهبُ فيهِ كما وجَبَ في الهمزةِ إِذَا كانتْ أولًا رابعةً.
الثالثُ: الياءُ:
وهيَ تكونُ زائدةً إِذَا كانتْ أولَ الحرفِ رابعةً فصاعدًا كالهمزةِ في الاسم والفعلِ. نحو: يَرمعٍ5 ويَربوعٍ ويَضربَ وتكونَ زائدةً ثانيةً وثالثةً في مواضعِ الألفِ ورابعةً في نحو: حذريةٍ وهي قطعةٌ منَ الأَرضِ وقنديلٍ وخامسة نحو: سُلَحفيةٍ. وتلحقُ إِذا ثنيتَ قبلَ النونِ الياءُ أُختُ الألفِ فإِذاَ جاءتْ في كلمةٍ تذهبُ فيما اشتقتْ منهُ فهيَ زائدةٌ نحو: حذيمٍ إِنَّما هوَ من حذمتُ وعثيرٍ إِنَّما هوَ منْ عثرتُ وسلقيتهُ إِنَّما هوَ من سلقتهُ وقلسيتهُ وتَقلَّس لأنَّهم يقولونَ: تَقلنَس وتَقَلس ومِنْ ذلكَ قولُهم في عيضموزٍ6 عضاميزَ7 وفي عَيطموسٍ8: عَطَاميسَ ومثلُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قطوطى: مقاربة الخطو.
2
حبركى: القوم الهلكى.
3
صمحمح: الغليظ الشديد، والقصير الأصلع.
4
دمكمك: الشديد القوي.
5
يرمع: حجارة رخوة.
6
عيضموز: العجوز، والناقة الضخمة منعها الشحم من أن تحمل.
7
في الأصل: "عضاموز".
8
عيطموس: المرأة الجميلة أو الحسنة الطويلة.



ج / 3 ص -235- ذلكَ ياء عِفْرِيةٍ1 وزِبْنِيَةٍ2 لأنكَ تقولُ: عِفْرٌ وعَفَرهُ وَزَبَنَهُ فمتىَ جاءتْ ملحقةً فحكمُها حكمُ الزيادةِ وإنْ جاءتِ الياءُ في حرف لا يجيءُ على مثالِ الأَربعةِ والخمسةِ فهي بمنزلةِ ما يشتق منهُ ما ليسَ فيهِ زيادةٌ لأَنكَ إِذَا قلتَ: حَمَاطةٌ ويَربُوعٌ كانَ بمنزلتهِ لو قلتَ: رَبعْتُ وحَمَطْتُ لأَنهُ ليسَ في الكلامِ مثلُ: سَبَطرٍ3 ولا مثلُ: دَمْلُوجٍ ويَهْيَرٌّ يَفْعَلٌّ لأَنهُ ليسَ في الكلامِ فَعْيَلٌّ ولو كانتْ يَهْيرُ مخففة الراءِ لكانتِ الياءُ هيَ الزائدةُ لأَنَّ الياءَ إِذا كانت أولًا بمنزلةِ الهمزةِ أَلاَ تَرَى أَن يَرْمَعًَا بمنزلةِ أَفَكَلٍ4. قال5: ولا في الكلامِ أيضًا "يَفْعَلُّ" اسمًا ولكنّهم قد يقولونَ: يَهْيَرُ خفيفٌ وفي الكلامِ مثلهُ فلمَّا قالوهُ علمنا أَنَّهُ مشتقٌّ منهُ وأَما يأججُ6 فالياءُ فيهِ مِنْ نفسِ الحرفِ لولا ذلكَ لأَدغموا كماَ يدغمونَ في مُفْعَلٍ ويَفْعلُ وإِنّما الياءُ هَهُنَا كميم مَهْددٍ. ويَستعورٌ7، الياءُ [فيهِ]8 أَصليةٌ بمنزلةِ عَينِ عَضْرَفُوطٍ9 لأَنَّ الحروفَ الزوائدَ لا تلحقُ ببناتِ الأربعةِ أَولًا إلا الميمُ التي في الاسم الذي يكونُ علَى فِعْلِه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عفرية: الخبيث المنكر.
2
زبينة: متمرد الجن والإنس: والشديد.
3
في الأصل: سبطرت.
4
أفكل: جماعة من الناس.
5
أي: سيبويه، انظر: الكتاب 2/ 346.
6
يأجج: موضع بمكة.
7
يستعور: الباطل: وموضع، والكساء يجعل على عجز البعير.
8
أضفت كلمة "فيه" لتوضيح المعنى.
9
عضرفوط: دويبة بيضاء ناعمة، وقيل هو ذكر العضاة.



ج / 3 ص -236- الرابعُ: الواوُ:
وهيَ تزادُ ثانيةً في: حَوْقَلٍ وصَوْمَعةٍ ونحوهما وثالثةً في: قُعودٍ وعَجُوزٍ وَقَسْوَرٍ1 ونحوها ورابعةً في بُهْلُولٍ2 وقرنُوةٍ3، وخامسةً في قَلَنْسوةٍ وقَمَحْدُوةٍ ونحوهما وفي: عَضْرَفُوطٍ كَما لحقتِ الياءُ خَنْدَريس4 وهيَ كالياءِ إِذَا أَلحقت بناتِ الثلاثةِ ببناتِ الأَربعةِ والأربعة ببناتِ الخمسةِ فهيَ زائدةٌ في الأسماءِ والأَفعالِ التي يشتقونَ منها فالذاهبُ فيهِ بمنزلةِ الهمزةِ أَولًا أَن يجيء ثَبْت وهوَ أَولى أَنْ تكونَ زائدةً مِنَ الهمزةِ قالوا: جَهْوَرْتُ وإِنَّما هيَ مِنَ الجَهارةِ وَقَسْوَرٌ مِنَ الاقتسارِ وعُنْفُوانٌ إِنَّما هُوَ مِنَ الاعتنافِ وقِرواحٌ5 إِنَّما هُوَ مِنَ القَراحِ وأَمّا: وَرَنْتَلٌ فالواوُ مِنْ نفسِ الحرفِ لأَنَّ الواوَ لا تزادُ أَولًا أبدًا وقَرْنُوَةٌ6: فَعْلَوةٌ لأَنَّهُ لَيسَ مثل قُحْطُبةٍ فهوَ بمنزلةِ ما أَذهبهُ الاشتقاقُ7.
الخَامسُ: الهاءُ:
وهي تُزادُ لِتَتَعّين بِهَا الحركةُ وقَد بينا ذلكَ وبعدَ أَلفِ المَدِّ الندبة والنداء: واغلاماهُ ويا غُلاماهُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قسور: العزيز: الأسد، الرامي من الصيادين.
2
بهلول: الضحاك. السيد الجامع لكل خير.
3
قرنوة: نبت تدبغ به الجلود.
4
خندريس: الخمر، مشتقة من الخدرسة.
5
قرواح: الناقة الطويلة القوائم، والأرض التي لا ماء يها.
6
قرنوة: نبت.
7
قال سيبويه 2/ 347: وأما قرنوة فهي منزلة ما اشتقت مما ذهبت فيه الواو نحو: خروع فعول، لأنه من التخرع، والضعف، لأنه ليس في الكلام على مثال قحطبة.



ج / 3 ص -237- السادسُ: الميمُ:
وهيَ تُزادُ أولًا في: مَفعُولٍ ومَفعلٍ ومُفْعلٍ ومِفْعَالٍ والميمُ بمنزلةِ الألفِ يعني الهمزة فموضعُ زيادتِها كموضع زِياتِها وكثرتُها ككثرتِها إذا كانتْ أَولًا في الاسم والصفةِ فَمَنْبجٌ: مَفْعِلٌ لذلكَ فأَمَّا المِعزْى فالميمُ مِنْ نفسِ الحرفِ لقولِكَ: مَعْزٌ ومَعَدٌّ مثلهُ لقولِهم: تَمَعدَد لقلةِ "تَمَفْعَلَ" في الكلامِ وأَمَّا مسكينٌ فمن تَسكَّنُ وقالوا: تَمسكنَ مثلُ تَمدرعَ1 في المدرعةِ. وتَمَفعلَ شاذٌّ وأَمَّا منجنيقٌ فالميمُ فيهِ من نفسِ الحَرفِ صارَ الاسم رباعيًّا لأَنَّكَ جعلتَ النونَ مِنْ نفسِ الحرفِ والزياداتُ لا تلحقُ بناتِ الأربعةِ أَولًا إلا الأسماء الجاريةَ على أَفعالِها نحو: مَدَحرجٍ وإنْ جَعَلْتَ النونَ زائدةً لم يجزْ أَن تكونَ الميمُ زائدةً فيجتمعُ حرفانِ زائدانِ في أولِ الاسم وهذَا لا يكونُ في الأَسماءِ ولا الصفاتِ التي ليستْ علَى الأفعالِ المزيدةِ. والهمزةُ التي هيَ نظيرةُ الميمِ ولم يقعْ بعدَها أيضًا زائدٌ في الكلامِ فَمَنْجَنيقٌ بمنزلةِ2 عَنتْريسٍ فهيَ فَنْعَليلٌ والنونُ زائدةٌ ويقوي ذلكَ قولُهم: مَجانيقُ فَحذَفوا النونَ ومَنْجَنونٌ فَعْلَلُولٌ بمنزلةِ عَرْطليلٌ3 إلا أَنَّ موضَع الياءِ واوٌ ويجمع مَنَاجينُ. فالميمُ أَصليةٌ لِما أَخبرتُكَ وكذلكَ ميمُ مَأْججٍ ومَهْدَدٍ ولو كانتا زائدتينِ لأدغمتا كَمَردٍّ وَمَفرٍّ وإنّما مَهْدَدٌ ملحقٌ بجَعْفَرٍ ومِرْعِزاءُ4 "مِفْعِلاءُ" ولكنْ كسرتِ الميمُ إتباعًا للكسرةِ التي في العينِ كما قَالوا: مِنْخِرٌ يَدلُّ على ذَلك قولُهم: مرْعزَّى ومِكورَّى مثلهُ وهوَ العظيمُ الروثةِ مأخوذٌ مِنْ كَوَّرَهُ إذَا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل: "تمدع" وهو خطأ.
2
عنتريس: الناقة الصلبة. الداهية من الرجال.
3
عرطيل: الضخم والفاحش الطول.
4
المرعزاء: الزغب الذ يتحت شعر العنز.



ج / 3 ص -238- جمعَهُ وقالوا: يَهيَرّي فليسَ شيءٌ مِنَ الأربعةِ على هذَا المثالِ لحقتهُ أَلفُ التأنيثِ لأَنَّ "فَعْلَلّى" لم يجئ. وقالوا: يَهْيرٌ فحذفوا كما قالَوا: مِرعِزٌ وقالَ بعضُهم: مِكْوَرٌّ1. وقالَ سيبويه: مَراجِلُ2 ميمُها مِنْ نفسِ الحرفِ3 قالَ العَجاجُ: بشيةٍ كشيةِ المُمَرجَلِ4.
والمُمَرجَلُ: ضربٌ مِن ثيابِ الوشي والميمُ إذا جاءتْ في أَولِ الكلامِ فإنَّهُ يحكمُ بزيادتِها فإنْ جاءتْ غيرَ أَولٍ فإنَّها لا تزادُ إلا بَثبتٍ لقلِتها وهيَ غير أَولٍ زائدةٌ وقالوا: ستُهمٌ وزٌرقمٌ يريدونَ: الأسْتَةَ والأَزرقَ.
السابعُ: النونُ:
وهيَ تزادُ في فَعْلاَنَ خامسةً: عَطْشانُ ونحوه. وسادسةً في زَعْفَرانٍ ونحوهِ ورابعةً في: رَعْشنٍ5 والعِرْضْنة ونحوهِما وفيما يصرفُ مِنَ الأسماءِ وفي الفعلِ الذي تدخلهُ النونُ الخفيفةُ والثقيلةُ. وفي تفعلينَ7، وفي فعلِ النساءِ إذْا جمعتَ نحو: فَعَلنَ ويَفْعلنَ وفي تثنيةِ الأسماءِ وجمعِها وفي "نَفْعلُ" تكونُ أَولًا وثانيةً في عَنْسَلٍ وثالثةً في قَلَنْسوةٍ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 344.
2
في الأصل: مراجم.
3
انظر: الكتاب 2/ 345.
4
من شواهد الكتاب 2/ 345. والممرجل: ضرب من ثياب الوشي، تصنع بدارات، كالمرجل وهو القدر، والشية: اختلاف اللون، شبه اختلاف لون الثور الوحشي لما فيه من البياض والسواد بوشي المراجل واختلافه. وانظر: 13/ 291.
5
رعشن: جبان، أو السريع من الجمال والطلحان.
6
العرضنة: مشية بها نشاط، ونظرة العرضنة: نظرة بمؤخر العين.
7
في الأصل: "يفعلن".
8
عنسل: الناقة السريعة.



ج / 3 ص -239- وتكثرُ في فِعْلانٍ وفُعلانٍ للجمعِ. وتكثر في فِعْلانٍ مصدرًا وأَمَّا فَعْلاَنُ فَعْلَى فَقَال سيبويه: النونُ فيهِ بَدلٌ مِنْ همزةِ "حمراءَ"1 ولا يجعلُها زائدة فَيما خَلا [ذا]2 إلا بثَبْتٍ. ولَوْ سميتَ رجلًا: نَهْشَلًا أَو نَهْسرًا لصرفتُهُ ولم تجعلْهُ زائدًا كالياءِ والألفِ3، وكذلكَ نونُ عَنْترٍ لا تجعلها زائدةً فأَمَّا عَنْسَلٌ فالنونٌ زائدةٌ لأَنهم يريدونَ: العَسُولَ وكذلكَ العَنْبَسُ لأَنهُ مِشتقٌّ مِن العَبُوسِ ونونُ عَفَرْنَى4 زائدةٌ مِنَ العِفْرِ ونونُ بُلَهْنِيةٍ5 من قولِكَ: عيشٌ أَبْلَهُ ونونُ فرِسِنٍ لأَنَّها من فَرَسْتُ ونونُ خَنْفَقيقٍ لأَنَّ الخَنْفَقيقَ الخفيفةُ مِنَ النساءِ الجريئةُ.
قالَ سيبويه: وإنّما جعلَها مِنْ خَفَقَ يَخفقُ كما تَخفقُ الريحُ يقالُ: دَاهيةٌ خَنْفَقِيقٌ6. ومِنْ ذلكَ: البَلَنصَى7 تقولُ للواحدٍ: البَلَصُوصُ ومثلُ ذلكَ عَقَنْقلٌ8 وعَصَنْصَرٌ9 لأَنكَ تقولُ: عَقَاقيلُ وتقولُ: عَصَاصِيرُ وعُصَيصِيرٌ ولَو لم يوحدْ هَذانِ لكانتِ النونُ زائدةً لأَنَّ النونَ إذَا كانتْ ثالثةً ساكنةً في هذا المثال فهي زائدة [ولا تُجعلُ النونُ فيها زائدةً إلا باشتقاق مِنَ الحروفِ ما ليسَ فيهِ نونٌ]10 لأَنَّها تكثرُ في هذَا وتلحقُ البناءَ بالبناءِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الكتاب 2/ 349 وفيه النون بدل كهمزة حمراء.
2
أضفت كلمة "ذا" لإيضاح المعنى.
3
الألف في "أفكل" والياء في "يرمع" وانظر: الكتاب 2/ 350.
4
عفرنى: الأسد القوي.
5
بلهنية: السعة والرفاهية.
6
انظر: الكتاب 2/ 350.
7
بلنصى: طائر.
8
عقنقل: الكثيب من الرمل.
9
عصنصر: جبل.
10
التصحيح من سيبويه 2/ 351 لأن الجملة مضطربة في الأصل.



ج / 3 ص -240- فيما كانَ علَى خمسةِ أَحرفٍ نحو: حَبَنْطَىً وجَحَنْفَلٍ ودَلَنْظَىً وقَلَنْسُوةٍ وهذِه النونُ في موضعِ الزوائدِ1 نحو أَلف عُذَافرٍ وواو فَدَوكَسٍ2، وياء سَمَيدعٍ3. والنونُ والألفُ يتعاورانِ الاسمَ في معنىً واحدٍ نحو: شَرَنبثٍ4 وشُرابث وجَرَنْفسٍ5 وجُرَافس وقالوا: عَرَنْتُنٌ6، وعَرَتُنٌ فحذفوا كُعَلبْطٍ7 ومَا جاءَ من هذَا بغيرِ نونٍ نحو: عُوطَطٍ وجُنْدبٍ وعُنْصَلٍ وَخُنْفَسٍ وعُنْظَبٍ النونُ زائدةٌ لأَنَّهُ لا يجيءُ علَى مثالِ: فُعْلَلٍ شيءٌ إلا وحرفُ الزيادة لازمٌ لَهُ وأُكثرُ ذلكُ النونُ ثانية فإنَّما جعلتْ نوناتِهنَّ زَوائدَ لأَنَّ هذَا المثالَ تلزمهُ حروفُ الزوائدِ كما جعلتِ النونات فيما كانَ علَى مِثالِ احْرَنْجَمَ زائدةً لأَنهُ لا يكونُ إلا بحرفِ الزيادةِ وما اشتقَّ مِنْ هذَا النحوِ مما ذهبتْ فيهِ النونُ قُنَبْرٌ لأنهم قالُوا قُبّرٌ لَو لم يشتق منهُ ولا من تُرْتَبٍ لكانَ علمُكَ بلزومِ حرفِ الزيادةِ هذَا المثالُ بمنزلةِ الاشتقاقِ وكذلكَ: سِنَدأوٌ8 وَحِنْطَأْوٌ9 للزومِ النونِ والواوِ هذَا المثالَ وأَمَّا [نونا]10 دِهقانٍ وشَيْطانٍ فلا تجعلْهما زائدتينِ لقولِهم: تَدهقنَ وتَشيطنَ. وإذا جَاء شيءٌ على فَعلانَ فلا تحتاج فيه إلى الاشتقاقِ لأَنَّهُ لم يجىء شيءٌ آخرهُ من نفسِ الحرفِ على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عذافر: بضم العين وكسر الفاء-الأسد. والعظيم الشديد.
2
فدوكس: الأسد.
3
سميدع: الكريم السخي الشريف. والشجاع. والذئب. والرجل الخفيف في حوائجه.
4
شرنبث: بضم الشين القبيح الشديد. وقيل: الغليظ الكفين.
5
جرنفس: شدة الوثاق.
6
عرنتن: شجر يدبغ به.
7
علبط: القطيع من الغنم.
8
سندأو: الخفيف والجريء المقدام. والقصير الدقيق الجسم مع عرض رأس.
9
حنطاو: وافر اللحية والعظيم البطن.
10
أضفت كلمة "نونا" لإيضاح المعنى.



ج / 3 ص -241- هذا المثالِ فإذا رأيتَ الشيءَ فيهِ من حروفِ الزوائدِ شيءٌ ولم يكنْ علَى مثالِ ما آخرهُ من نفسِ الحرفِ فاجْعَلْهُ بمنزلةِ المشتقِّ الذي تسقطُ معهُ حروفُ الزيادةِ وأَمَّا جُنْدبٌ فالنونُ فيهِ زائدةٌ لأَنَّكَ تقولُ جَدُبَ لولا ذلكَ لكانتْ أَصلًا ونونُ عُرنُدٍ1 زائدةٌ لقولِهم: عُرُدٌّ ولأَنَّهُ لَيْسَ في الأربعةِ علَى هذَا المثالِ وإذَا كانتْ ثانيةً ساكنةً فلا تزادُ إلا بثبتٍ وذلكَ نحو: حِنْزَقْرٍ2 وعَنْدَليبٍ وإذَا كانتْ ثانيةً متحركةً أَو ثالثةً فلا تزادُ إلا بثبتٍ وذلكَ جَنَعْدَلٌ3 وخَدَرْنَقٌ4 وأَما كَنَهْبُلٌ5 فالنونُ فيهِ زائدةٌ لأَنَهُ ليسَ في الكلامِ علَى مثالِ سَفَرْجلٍ وقَرَنْفُل مثلهُ وأَمَّا القَنْفَخْرُ6، فالنونُ زائدةٌ لأَنكَ تقولُ: قُفَاخِريٌّ في هذَا المعنى. وكِنْتَأْلٌ7 النونُ زائدةٌ لأَنَّهُ لَيْسَ مُثلُ جُرْدَحْلٍ8 يقالُ: خُنْثَعَبةٌ وخِنْثَعبةٌ بكسرِ الخاءِ وضمُها إذَا كانت غزيرةٌ.
الثامنُ: التاءُ:
وهيَ تؤنثُ بهَا الجماعةُ نحو: منطلقاتٍ. ويؤنثُ بها الواحدُ نحو: هذِه طلحةُ وحمزةُ ورحمة وبنتٌ وأُختٌ وتلحقُ رابعةً نحو: سَنْبتةٍ9، وخامسةً نحو: عَفْريتٍ وسادسةً نحو: عَنْكبوتٍ ورابعةً أَولًا فصاعدًا في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عرند: الصلب.
2
حنزقر: القصير الدميم من الناس.
3
جنعدل: البعير القوي الضخم: والغليظ من الرجال.
4
خدرنق: ذكر العنكبوت. أو العظيم منها.
5
كنهبل: شج عظام.
6
القنفخر: الضخم الجثة.
7
كنتأل: القصير.
8
الجردجل: الضخم من الإبل للذكر والأنثى.
9
سنبتة: الدهر، والتاء فيه للإلحاق على قول ابن السراج.



ج / 3 ص -242- تَفعلُ أَنتَ وتَفْعَلُ وفي الاسم كتِجْفافٍ وتَنْضُبٍ وتُرْتَبٍ فالذي بينَ لكَ أَنَّ التاءَ زائدةٌ في تَنْضُبٍ أَنهُ لَيْسَ في الكلامِ مثلُ جَعْفرٍ وكذلكَ التتفلُ1، لأَنَّهم قد قَالوا: التَّتفُلُ فهذاَ بمنزلةِ ما اشتقَّ منه ما لا تَاءَ فيهِ وكذلكَ تُرْتَبٌ وتُدْرَأُ لأَنَّهما مِنْ رَتبَ ودَرَأَ وكذلكَ جَبَروتٌ ومَلكوتٌ لأَنَّهما مِنَ المُلْكِ والجَبَريةِ وكذلكَ عَفريتٌ لأَنَّهُ مِنَ العِفْرِ وكذلكَ عِزْويتٌ لأَنهُ ليس في الكلامِ فِعْويلٌ ولا يجوزُ أَنْ يكونَ: عِزويتٌ "فِعْلِيلٌ" لأَنَّ الواوَ لا تكونُ أَصلًا في بَناتِ الأربعةِ وكذلكَ: الرَّغَبُوتُ والرَّهبُوتُ لأَنَّهُ مِنَ الرغبةِ والرَّهبةِ وكذلكَ: التِّحلىءُُُ2 والتِّحلئةُ لأَنَّها مِنْ حلأتُ وحِلئتُ وكذلكَ السنبتةُ مِنَ الدهرِ لأَنهُ يقالُ: سنبةٌ مِنَ الدهرِ وكذلكَ التَّقدُّمِيَّةُ لأَنَّها ممن قَدِمَتْ وكذلكَ: التَّربُوتُ لأَنهُ مِنَ الذَّلولِ يُقالُ للذلولِ مُدَرَّبٌ والتاءُ الأُولى مكانُ الدَّالِ كَما قالوا: الدَّوْلَجُ في التَّوْلَجِ وكما قالوا: سِتَّةٌ فأبدلوا التاءَ مَكانَ الدالِ ومكانَ السينِ وكمَا قالوا: سَبَنْتَى وسَبَنداءُ3 واتَّغَر وادَّغَر والعنكبوتُ والتَّخربوتُ4 لأَنَّهم قالوا: عَنَاكبُ وقالوا: العَنكباءُ فاشْتَقوا منهُ ما ذهبتْ فيه التاءُ وكذلكَ: تاءُ أُختٍ وبِنْتٍ وثنتينِ5 وكِلتا6 لحقن للتأنيثِ وبنينَ بناءَ ما لا زيادةَ فيهِ مِنَ الثلاثةِ وكذلكَ تاءٌ هَنْتٍ ومَنْتٍ يريدُ: هَنَهْ ومَنَهْ وكذلكَ: التِّجفافُ والتِّمثالُ لأَنَّهما مِنْ جَفَّ ومثُل وكذلكَ: التنبيتُ والتَمتينُ لأَنَّهما من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تتفل: الثعلب أو جروه.
2
التحليء: تحلأه تحلئة: طرده ومنعه، وتحلأه درهما: أعطاه إياه.
3
في سيبويه: 2/ 248: وكما قالوا: سبنتى وسبندى، بالألف المقصورة. والسبندى: الطويل والجريء من كل شيء.
4
التخربوت: الناقة الخيار الفارهة.
5
في الأصل: ثنتان بالرفع.
6
في الأصل كلتى.



ج / 3 ص -243- المَتنِ والنَّباتِ ولَوْ لَمْ يجئ ما تذهبُ فيهِ التاءُ لعلمتَ أَنَّها زائدةٌ لأَنَّهُ لَيْسَ في الكلامِ مثلُ: قَنْديلٍ ومثلُ ذلكَ: التَّنوطُ لأَنَهُ ليسَ في الكلامِ مِثالُ "فَعَلّلٍ" وهوَ من نَاطَ يَنُوطُ ومثلهُ التّهبطُ وتَرْنَمُوتٌ مِنْ التَّرنمِ.
واعلَم: أَنَّ التاءَ لم تجعلْ زائدةً فيما جاءتْ فيهِ إلا بثبتٍ لأَنَّها لم تكثرْ في الأسماءِ والصفاتِ ككثرةِ الأحرفِ الثلاثيةِ نعني: الألفَ والياءَ والواوَ والهمزةَ والميمَ وإِنَّما كثرتُها في الأسماءِ للتأنيثِ إِذَا جَمَعْتَ أَو الواحدة التي الهاءُ فيها بَدلٌ مِنَ التاءِ إذا وقَعَتْ ولا تكونُ في الفعلِ ملحقةً ببناتِ الأربعةِ فكثرتُها في هذَا في الأفعالِ في افتعلَ واسْتَفْعَلَ وتَفَاعلَ وتَفَوعلَ وتَفَعْوَلَ وَتَفَعَّلَ1 وكثرت في "تَفَعَّلَ" مصدرًا وفي تَفْعَالٍ وفي التَفْعيلِ ولا تكونُ إلا مصدرًا وحقُّها أَنْ لا تجعلَ زائدةً إلا بَثبتٍ.
التاسعُ: السينُ:
تزادُ في استفعلَ.
العَاشرُ: اللامُ:
وهيَ تزادُ في ذلكَ وفي عَبْدَل.
فأَمَّا الزيادةُ من غيرِ حروفِ الزيادةِ فأَن يتكرَّر الحرفُ إذا جاوزتِ الثلاثةَ نحو: قَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ وقُعْدَدٍ ورِمْدِدٍ وجُبُنٍّ وخِدَبٍّ وسُلَّمٍ وَدِنَّبٍ وكذلكَ جميعُ ما كانَ من هذَا النحوِ وكذلكَ: شِمْلالٌ وبُهْلُولٌ وعَدَبَّسٌ وصَمَحمحٌ وبَرَهْرَهةٌ هذَا ضوعفتْ فيهِ العينُ واللامُ والذي أَذهبُ إليهِ في جميعِ هذَا أَنَّ الزوائدَ: الثاني الذي قَد تكررَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
لم يذكر المصنف بناء "تَفَعْيَلَ". وانظر: الكتاب 2/ 349.



ج / 3 ص -244- واعلَم: أَنَّ النحويينَ قد جعلوا الفاءَ والعينَ واللامَ أَمثلةً للحروفِ الصحاحِ فيقولونَ: جَمَلٌ وزنهُ: فَعَلٌ وجِمَالٌ: فِعَالٌ وجَميلٌ: فَعِيلٌ وعَجُوزٌ: فَعُولٌ وضَارِبٌ: فَاعِلٌ فيوازنون الأصول بالأصولِ مِنَ الفاءِ والعينِ واللامِ وينطقونَ بالزّوائدِ بأَلفاظِها فإذا قالوا: فاءٌ هذِا الحرفُ وواوٌ أَو ياءٌ فإنَّما يعنونَ أن أول حرفَ منه أصلي واوٌ أَو ياءٌ وكذلكَ إذا قالوا: عينهُ كذَا أَو لامهُ كذَا فإنّما يعنونَ الثاني الأَصلي الذي هُوَ عينٌ والثالثُ الأَصلي الذي هُوَ لامٌ فإذَا تكررَ الحرفُ الأَصلي بعدَ تمامِ الثلاثةِ كرروا اللامَ.
الثاني: مِنَ القسمِ الأولِ:
وهوَ الإِبدالُ لغيرِ إدغامٍ وهوَ أَحدَ عَشَر حَرفًا ثمانيةٌ مِنها مِنْ حروفِ الزوائدِ وثلاثةٌ مِنْ غيرهنٌ: الهمزةُ والألفُ والياءُ والواوُ والتاءُ والدالُ والطاءُ والميمُ والجيمُ والهاءُ والنونُ.
الأولُ: الهمزةُ:
وهيَ تبدلُ من ثلاثةِ أَشياءٍ: تبدلُ مِنَ الياءِ إِذَا كانتْ لامًا في نحو: قَضَاءٍ وسِقَاءٍ كانَ الأصلُ: قَضَاي وسِقَاي لأَنَّهُ من: قَضيتُ وسَقيتُ والملحقُ بمنزلةِ الأَصلِ وذلكَ: القَيْقَاءُ والزَّيزاء بمنزلةِ العَلْياءِ ملحقٌ بِسردَاحٍ1، ويدُلُّكَ على أَنَّها ملحقةٌ زائدةٌ أَنهُ لا يكونُ في الكلامِ علَى مثالهِ إلا مصدرٌ. ويدلُّكَ علَى أَنَّ الهمزةَ في: قَيْقَاءٍ وزِيزاءٍ مبدلةٌ مِنْ ياءٍ قولُهم: قَواقٍ فجعلوا الياءَ الأُولى مبدلةً مِنْ واوٍ مثلُ "قِيلَ" فِعِلْباءُ وقَيقَاءُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
سرداح: الناقة الطويلة.



ج / 3 ص -245- مثلُ دِرحايةٍ وإنَّما هيَ فِعْلايةٌ. وتبدلُ مِنَ الواوِ إذَا كانتْ لامًا نحو: كِسَاءٍ. وعَزَاءٍ تبدلُ مِنَ الواوِ إذَا كانتِ الواوُ عينًا مضمومةً في أَدورٍ وأَنورٍ ولكَ أَنْ لا تهمزَ وكُلُّ واوٍ مضمومةٍ لكَ أَن تهمزَها إنْ شئتَ إلا واحدةً فإنَّهم اختلفوا فيها وهوَ قولهُ عَز وجَلَ: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}1 وما أَشبهها مِنْ واوِ الجمعِ فأَجازَ بعضُ الناسِ الهمزةَ وهم قليلٌ والاختيارُ غير ما قَالوا وإذَا اجتمعتْ واوانِ في أَولِ الكلمةِ ولم تكنِ الثانيةُ مَدة فالهمزةُ لازمةٌ تقولُ في تصغيرِ واصلٍ: أُويصل.
قالَ سيبوبه: سألتُ الخليلَ عن فُعْلٍ مِنْ وَأَيْتُ فقالَ: وُؤْيٌ فقلتُ فيمَن خفَّفَ فَقال أُويٌ فأبدلَ مِنَ الواوِ همزةً وقال: لا تلتقي واوانِ في أولِ الحَرفِ2. قالَ المازني: الذي قالَ خَطَأٌ. لأَنَّ الواوَ الثانيةَ منقلبةٌ مِنْ همزةٍ. فإنْ كانتِ الواوُ أَولًا وكانتْ مضمومةً فأَنْتَ في همزِها بالخيارِ أَعد في وَعدَ وأُجوةٌ من وجوهٍ وإنْ كانتْ غيرَ مضمومةٍ فَقَد جاءَ الهمزُ في بعضِ ذلكَ نحو: إسادةٍ في وِسَادةٍ وإشاحٍ في وشاحٍ3. وتبدلُ مِنَ الألفِ المنقلبةِ ومِنَ الألفِ الزائدةِ إذَا وقعتْ بعدَ أَلفٍ وذلكَ "فَاعلٌ" إذا اعتلَّ فَعَلَ منهُ نحو: قَامَ فهوَ قَائمٌ وبَاعَ فهوَ بائعٌ ومِنْ شأَنِهم إذا اعتلَّ الفعلُ أَنْ يُعل اسمُ الفاعلِ الجاري عليهِ وكانَ أَصلُ قَامَ: قَوُمَ وأَصلُ باعَ: بَيعَ فأبدلتِ الياءُ والواوُ أَلفينِ فلمَّا صرفَ منهُ فَاعل وقَعَتِ الألفُ بعدَ أَلفٍ فَلَم يمكنِ النطقُ بهما لأَنَّهما ساكنتانِ والألفُ لا تتحركُ فقلبتْ همزةً وقيلَ: إنَّها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
البقرة: 237.
2
انظر: الكتاب 2/ 356.
3
انظر: المنصف 1/ 230.



ج / 3 ص -246- هُمزتْ لأَنَّ أَصلَ الياءِ السكونُ في: يَقولُ ويِبيعُ فوقعتْ بعدَ ساكنٍ فَهمزتْ وكذلكَ الألفُ الزائدةُ إذَا وقَعَتْ بعدَ أَلفٍ نحو أَلفِ رِسَالةٍ إذَا جمعتَها قلتَ: رَسَائلُ لأَنَّ الألفَ وقعتْ بعدَ أَلفٍ فهُمزت وشبهت ياءَ صحيفةٍ وواوَ عَجُوزٍ بأَلفِ رسالةٍ فقالوا: صحائفُ ورَسائلُ وعَجائزُ1 فهمزوا وأَمَا قولُهم: الشَّقَاوةُ والنَّهَايةُ فإنَّ هذَا بُنيَ مِنَ الهاءِ في أولِ أحوالهِ. فلم تكنِ الياءُ والواوُ حرفَ إعرابٍ فيها ولَو بُنيَ علَى التذكير كانَ مهموزًا كقولِهم: عباءةٌ وصَلاءةٌ وعَظَاءة وهذَا أصلٌ قَبْلَ دخولِ الهاءِ وأَمَّا قولُهم: غَوْغَاء ففيها قولانِ: أَمَّا مَنْ قالَ: غَوغاءُ فَلَم يصرفْ فهيَ عندَهُ مثلُ: عَوْراءَ وأَمَّا مَنْ صَرَف وذكرَ فهيَ عندَهُ بمنزلةِ: القمقامِ2 والهمزةُ مبدلةٌ مِنْ واوٍ وأَبدلوا الهمزةَ مِنَ الهاءِ في موضعِ اللامِ من ماءٍ يَدلُّ علَى ذلكَ تصغيرُها مُوَيةٌ وفي الجمعِ مياهٌ وأَمواهٌ.
وزعَم أَبو زيد: أَنَّ العربَ تقولُ: ماهتِ الركيةُ3 تموهُ موهًا إذَا ظهرَ ماؤها وأَماههَا صاحبُها يميهها إماهةً.
الثاني: الأَلفُ:
الألفُ تبدلُ مِنَ الياءِ والواوِ والهمزةِ والنونِ الخفيفةِ.
الضربُ الأولُ: إبدالُ الألفِ من الياءِ:
وهيَ تبدلُ مِنها في ثلاثةِ مَواضع:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
بعد عجائز كلمة "صحائف" وهو سهو من الناسخ.
2
أي: ضاعفت الغين في غوغاء كما ضاعفت القاف في قمقام.
3
الركية: البئر.



ج / 3 ص -247- الأولُ: تبدلُ وهيَ لامٌ وعينٌ وفاءٌ أَما اللامُ فنحو: بعتُ وقضيتُ إذَا وقعتِ الياءُ والواوُ موقعًا تتحركانِ فيهِ مثلُ ضَرَبَ قُلتَ: رَمَى وَغَزَا فقلبتِ الياءُ والواوُ أَلفًا لأَنَّهما في موضعِ حرفٍ متحركٍ وقبلَها فتحةٌ وكذَا حقُّ الياءِ والواوِ إذَا وقعتا بهذهِ الصيغةِ وكذلكَ: يَرمي ويَرى وإذَا كانَ الماضي مِنْ هَذا على "فَعلَ" فمضارعهُ على يَفْعِلُ يلزمُ العينَ الكسرة لتثبتِ الياءُ ولا يقعُ فيهِ "يَفْعُلُ" كيلا تنقلبَ الياءُ واوًا وكذلكَ فَعُلَ فيهِ مِنَ الواوِ نحو: غَزَا يلزمهُ يَفْعُلُ فتقولُ: يَغْزُو وتدخلُ فعلتُ عليهما فتقولُ: خَشيتُ واللامُ ياءٌ لأَنهُ مِنْ خَشِيَهُ وتقولُ: غَبيتُ فالأصلُ واوٌ لأَنَهُ مِنَ الغباوةِ وأَمَّا فَعُلَ فلا يكونُ فيما لامه ياءٌ. ويكونُ لامهُ واوٌ نحو: سَرُوَ يَسروُ ولم يقعْ هذَا في الياءِ استثقالًا لَهُ لأَنَّهم قد يفرونَ من الواوِ إلى الياءِ. والياءُ إذا كانت ملحقة فحكمُها حكمُ الأَصلِ تُعلُّ كما تعلُّ نحو: سَلْقَيتُ وَجَعْبَيْتُ تقول: سَلْقَى وجَعْبَى.
واعلَم: أَنَّ آخرَ المضاعفِ من بنات الياءِ يجري مَجْرى ما لَيسَ فيهِ تضعيفٌ فحكمُ: حييتُ حكمُ خَشيتُ فالموضعُ الذي تعلُّ فيهِ لامُ خَشِيتُ تعلُّ لامُ حَييتُ فتقولُ: حَيِيَ يَحيا كما تقولُ: خَشِيَ يَخْشَى فتنقلبُ الياءُ ألفًا ولا يجمعُ على الحرفِ أَنْ تعلَّ لامه وعينُهُ فيختلُّ وتقولُ: مَحْيًا كما تقولُ: مخْشَىً ويَحيا مثلُ يَخْشَى وكذلكَ يعيى وقالوا مَحيًا كما قالوا مَخْشَىً فإذَا وقعَ شيءٌ مِنَ التضعيفِ بالياءِ في موضعٍ تلزمُ ياء يَخْشَى فيهِ الحركةُ وياء يرمي وكانت حركةً غيرَ مفارقةٍ فإنَّ الإِدغام جائزٌ فيهِ وذلكَ قولُكَ: قَدْ حَيَّ في هَذا المكانِ وقَد عَيَّ بأَمْرهِ وإنْ شئتَ قلتَ: قد حَيِيَ والإِدغامُ أَكثرُ لأَنَّ لامَ رَمَى وخَشِيَ في هَذا الموضع بمنزلةِ الصحيح إذَا كانَا قَدْ لزمها الحركةُ ولم يُعلاّ ومثلُ ذلكَ: قد أُحي البلدُ كما تقولُ: أُرمَى يَا هَذا فَتَصحُّ فلمَّا ضَاعفتَ صارتْ



ج / 3 ص -248- بمنزلةِ مُدَّ وأُمِدَّ وقالَ عَز وجَلَّ: {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}1 وكذلكَ قولُهم: حَياءٌ وأَحِيَّةٌ لأَنَّكَ لو قلتَ: أرميّه للزمَ الياءَ الحركةُ ورَجلٌ عَيِيٌّ وقومٌ أَعِياءُ لأَنَّ الحركَة لازمةٌ فإذَا قلتَ: فَعلُوا وأُفْعِلُوا قلتَ: حَيُوا كما تقولُ خَشُوا فتذهبُ الياءُ لأَنَّ حركتَها قَدْ زالتْ كما زَالتْ في: "ضَربوا" فتحذفَ لإلتقاءِ الساكنينِ ولا تحركُ بالضمِّ لثقلِ الضمةِ في الياءِ وأُحيُوا مثلُ أَخْشُوا. قالَ الشاَّعرُ:

وكنّا حَسِبنَاهم فوارسَ كَهْمَسٍ حَيُوا بَعْدَما ماتوا مِنَ الدهرِ اَعصُرا2

وقَدْ قالَ بعضهُم: حَيُّوا وعَيَّوا لما رأَوها في الواحدِ والاثنينِ في المؤنثِ إذَا قالوا: حَيَّتِ المرأةُ بمنزلةِ المضاعفِ غيرِ المُعتلِّ قالَ الشَّاعر:

عَيُّوا بأمرهِمِ كمَا عَيَّتْ ببيضتِها الحَمامهْ3

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الأنفال: 42، وقرئت بلا إدغام: "مَنْ حَيَيَ عَنْ بَيِّنَةٍ". والقراءتان سبعيتان انظر: النشر.
2
من شواهد الكتاب 2/ 387، على فك الإدغام في حيوا. كهمس: رجل من تميم مشور بالفروسية، وقيل هو من الخوارج، والبيت لابي خرابة الوليد بن حنيفة.
وانظر: المقتضب 1/ 182. والاشتقاق لابن دريد "كهمس" والأغاني 19/ 156.
والتصريف 2/ 190. وكتاب إيضاح شواهد الإيضاح/ 197.
3
من شواهد سيبويه 2/ 387، على إدغام وإجراؤها مجرى المضاعف الصحيح وسلامته من الاعتلال والحذف لما لحقه من الإدغام.
وصف قوما يخرقون في أمورهم ويعجزون عن القيام بها، وضرب لهم مثلا في ذلك بخرق الحمامة وتفريطها في التمهيد لبيضتها لأنها لا تتخذ عشا إلا من كسار الأعواد، فربما طارت عنها فتفرق عشها وسقطت البيضة فانكسرت، ولذلك قالوا في ا لمثل: أخرق من حمامة.
والبيت لعبيد بن الأبرص.
انظر: المقتضب 1/182. وشواهد الشافية 356. وعيون الأخبار لابن قتيبة 2/72. والمنصف لابن جني 2/191. ونظام الغريب لعيسى بن إبراهيم الربعي/ 172. وشروح سقط الزند 3/ 1002 وديوان عبيد/ 29 مع خلاف الرواية.



ج / 3 ص -249- فهؤلاء عندي إنّما أدخلوا الياءَ بعدَ أَن قالوا في الواحدِ حَيٌّ فأَجروهُ عليهِ. قَدْ قالَ ناسٌ مِنَ العربِ: حَيِيَ الرجلُ وحييتِ المرأةُ فَبَينَ وجرَى على القياسِ.
قالَ سيبويه: وأَخبرنا بهذه اللغةِ يونس قالَ: وسمعْنا مِنَ العربِ من يقولُ: أعيِيَاءُ وأَحيِيةٌ فَيبينُ وأَحسنُ ذلك أَنْ يُخفيهَا وتكونُ بزنتِها1 متحركةً2 وإذَا لم تكنِ الحركةُ لازمةً لم [تدغمْ]3 كَما قالَ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}4.
وتقولُ: رَجلٌ معيبةٌ فتَبينُ لأَنَّ الهاءَ غيرُ لازمةٍ وكذلكَ محيِيانٌ ومُعْيِبانٍ وحَيَيانٌ إذَا ثنيتَ الحَيا الذي تريدُ بهِ الغيثَ وأَمَّا تَحيةٌ فهيَ تَفْعِلَةٌ والهاءُ لازمةٌ.
قالَ سيبوبه في بابِ حيَّيتُ: ومِما جاءَ في الكلامِ علَى أَنَّ فِعلهِ5 مثلُ: بِعْتُ: آيٌ وغايةٌ وآيةٌ وهذَا ليسَ بمطردٍ وهوَ شَاذٌ وهو قولُ الخليلِ. وقَالَ غيره: إنّما هي أَيَّةٌ وأَيٌ فَعْلٌ ولكنَّهم قلبوا الياءَ وأَبدلوا مكانَها الألفَ لإجتماعهما كما تكرهُ الواوانِ وكما قالوا: ذَوائبُ فأَبدلوا الواو كراهيةَ الهمزةِ وأَمَّا الخليلُ فكانَ يقولُ: جاءَ علَى أَن فِعلَهُ معتلٌّ وإنْ كانَ لم يتكلمْ بهِ كمَا قالوا: قَوَدٌ فجَاءَ كأَنَّ فِعْلهِ علَى الأَصلِ6،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكتاب 2/ 288: بمنزلتها.
2
انظر: الكتاب 2/ 288.
3
أضفت كلمة "تدغم" لإيضاح السياق.
4
القيامة: 40.
5
قبل هذه الكلمة: "فعل"، وقد حذفتها لعدم الحاجة إليها، ولأنها غير موجودة في نص الكتاب. وانظر: سيبويه 2/ 288.
6
انظر: الكتاب 2/ 388-389.



ج / 3 ص -250- وجاء استحيتُ على حَايَ مثلُ بَاعَ. وقياسُ فاعلهِ أَن يكونَ حَاءً في مثلِ بائعٍ مهموزٌ وإنْ لم يستعملْ وكانَ أَصلُ استَحْيتُ استحيَيتُ مثلُ استَبْيعتُ فأَعلوا الياءَ الأولى وأَلقوا حركتَها على الحاءِ فقالوا: استَحَيْتُ كما قالوا: استبعتُ قالَ سيبويه: حذفتْ لإلتقاءِ الساكنين قالَ: وإنّما فعلوا ذلكَ حيث كَثُرَ في كلامِهم1. قالَ المازني: لم تحذف لإلتقاءِ الساكنينِ ولو كانت حذفتْ لإلتقاءِ الساكنينِ لردَّها إذَا قالَ: "هُوَ يفعلُ" فَيقولُ: هُوَ يستحي. فاعلم2.
والذي عندي في ذلكَ: أَنَّها حذفتْ استثقالا لمَّا دخلتْ عليها الزوائدُ السينُ والتاءُ وقولُ المازني في هَذا عندي أَقربُ وقولُهم للإثنينِ استَحيا دليلٌ علَى أَنَّهُ لم تحذفْ لإلتقاءِ الساكنينِ ولو ردوا في يَسْتَحي فجعلوهُ مثلُ يستبيعُ علَى ما قاَل سيبويه لوجب أَن يقالُ: يَسْتَحيُّ والأفعالُ المضارعةُ إذَا كانَ آخرُها معتلا لم يدخلُوا الرفعَ في شيءٍ مِن الكلامِ وهَذا أَصلٌ مطردٌ فيها ولهذَا قيلَ: يُحيُ ولم تحذفِ الياءُ الأخيرةُ ولو وقعَ مثلُ هَذا في الأسماءِ لحذفتِ كما حذَفوا في تصغيرَ عَطَاءٍ وأَحْوَى فقالوا: عُطيٌّ وأُحيٌّ لأَنَّ الأَسماءَ قد تعربُ إذا أَعللتَ أَواخرَها فأَمَّا قولهم: يُحيى فإنَّما جازَ ذلكَ فيهِ مُحييٌّ وهوَ اسمٌ لأَنَّهُ اسمُ فَاعلٍ جَاءَ على فعلِه فحكمُهُ حكمُهُ لأَنَّ الأَسماءَ الجاريَة على أَفعالِها تعتلُّ باعتلالِها فَمُحيٌّ نظيرُ يُحيي فهذَا فَرْقٌ بينَهما وفيهِ لطْفٌ.
واعلم: أَنَّ افعَاللْتُ مِنْ رميتُ بمنزلةِ أَحييتُ في الإِدغامِ والبيانِ والخَفاءِ وهيَ متحركةٌ تقولُ: ارماييتُ فيلزمُها ما يلزمُ ياءَ أحييتُ وكذلكَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 389.
2
انظر: التصريف 2/ 204.



ج / 3 ص -251- افعللَتُ وتقولُ: ارْمَويَّ في هَذا المكانِ كما قلتَ: حُيَّ وَأُحِيَّ فيهِ لأَنَّ الفتحة لازمةٌ ولا تقلبُ الواوُ ياءً لأَنَّها كواو سُوَيرً وهيَ زائدةٌ لا تلزمُ وتكونُ أَلفًا في سَائرٍ. ومَنْ قالَ: أُحِييَ فيها قَال: أَرمينيِ أَرْمُوبَي فيها. وافْعَلَلتُ مِنْ حَييتُ بمنزلتِها مِنْ رَمَيْتُ فافْعَلَلتُ بمنزلةِ ارمَيَيْتُ إلا أَنهُ يدركُها مِنَ الإِدغامِ مثلُ ما يدركُ اقتَتَلتُ وتبينُ كما تَبينُ لأَنهما ياءانِ في وسطِ الكلمةِ كالتاءين في وَسطِها ولكَ أَن تخفيَ1 كَما تخفي في التاءين لا فَرْقَ بينهما في ذلك وإنّما منعهم أَنْ يجعلوا اقتتلوا مثلَ رددتُ فيلزمهُ الإِدغامُ أَنَّهُ في وسطِ الحرفِ وسنبينُ ذلكَ في الإِدغامِ إِنْ شاءَ الله.
قالَ سيبويه: سألتُه يعني الخليلَ عن قولِهم: مَعَايَا فَقالَ: الوجهُ مَعاي وهوَ المطردُ وكذلكَ قَالَ يونس وإنَّما قالوا: مَعَايا كَما قالوا: مَدارَىً وكانتِ الكسرةُ معَ الياءِ أثقلُ2.
الثاني: العَيْنُ:
الألفُ تبدلُ مِنَ الياءِ والواوِ إذا كانَتا عينينِ وكانَتا متحركتينِ وقبلَهما فتحةٌ كاللامِ لا فَرقَ بينَهما وذلكَ نحو: قالَ وبَاعَ وخَافَ والأَسماءُ نحو: بَابٍ ودَارٍ ونَابٍ فالواوُ والياءُ تقلبُ في جميع ذلكَ لأَنَّهما متحركتانِ قبلهما فتحةٌ فهذاَ يعودُ مستقصىً في بابِ إبدالِ الألفِ مِنَ الواوِ وهيَ عينٌ وقالوا: العابُ يريدونَ: العيبَ فهؤلاءِ بنوهَا على فَعْلٍ وقالوا: أَحالَ البئرُ وحَوْلَها قالَ الجرمي: فأبدلوا الألفَ من الواوِ. وليسَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الإخفاء: النطق بالحرف الساكن الخالي من التشديد بين الإظهار والإدغام مع الغنة كالنطق بالنون الساكنة والتنوين من الخيشوم نحو: أنجيناكم، وإن جاءكم.
2
انظر: الكتاب 2/ 391-392.



ج / 3 ص -252- الأَمرُ عندي كمَا قالَ ولكنَّهما لغتانِ لأَنَّ الواوَ في هَذا الموضعِ لا يجبُ أَن تقلبَ. وقالوا: مَاتَ فأَبدلوا الأَلفَ مِنَ الواوِ.
الثالثُ: إبدالُها مِنَ الفاءِ:
منهم مَنْ يقولُ في يَئِسَ ويَبِسَ. ياتئِسُ وياتَبِسُ فأَبدلوا مِنَ الياءِ الفاءَ1.
الضربُ الثاني: إبدالُ الألفِ مِنَ الواوِ:
تبدلُ الواوُ لامًا وعينًا وفاءً.
الأول: تبدلُ الواوُ لامًا نحو: غَزوتُ إذَا أَوقعتَها موقعًا تتحركُ فيهِ نحو: ضَرَبَ قلتَ: غَزَا فقلبتَ الواوَ ألفًا لأَنَّها في موضعِ حرفٍ متحركٍ وقبلها متحركٌ يَفعلُ فيهِ يلزمهُ يَفعُلُ لِتصحَّ الواوُ فتقولُ: يَغزُو وفعلتُ يدخلُ عليها نحو: شَقيتُ وهو من الشقوةِ وأَمَّا فَعُلَ فيكونُ في الواوِ نحو: سَرُوَ ويَسرُو والدَّوداةُ2 والشوشاةُ3 والأصلُ: دودةٌ فقلبتْ وهَذَا مضاعفٌ كالقَمقامِ والمَوْمَاة مثلهُ بمنزلةِ المَرْمَرِ ولا تجعل الميمَ زائدةً.
قالِ سيبويه: لا تجعلْها بمنزلةِ تَمَسكنَ لأَنَّ ما جاءَ هكذَا والأولُ مِن نفسِ الحرفِ هوَ الكلامُ الكثيرُ ولا تكادُ تجد في هَذا الضَّرب الميمَ زائدةً وأَمّا قولُهم: الفَيفَاةُ فالأَلفُ زائدةٌ لأَنَّهم يقولونَ الفَيفُ في هَذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 359 وفيه قالوا: يبس يابس كما قالوا: يئس يئس.
2
الداودة: جمعها الداودي، وهي الأرجيح أو آثار الأراجيح في ملاعب الصبيان.
3
الشوشاة: المرأة الكثيرة الحديث.



ج / 3 ص -253- المعنى وأَمَّا القِيقاءُ1 والزِّيزاءُ فه و"فِعْلاَء" ملحقٌ بِسرداحٍ لأَنهُ لا يكونُ في الكلامِ مثلُ القِلقالِ إلا مصدرًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
القيقاء: المكان المرتفع.

إبدالُ الألفِ مِن الواوِ وهيَ عَيْنٌ:
الأولُ: ما الواو فيه والياءُ ثانية وَهما في موضعِ العينِ في الفِعْلِ: فَعُلَ وفَعِلَ وفُعُلَ تبدلُ في جميع هذا الألِفُ مِنَ الياءِ والواوِ وذلكَ قولُهم: قالَ وهوَ فَعَلَ مِنَ القَولِ وخَافَ فَعِلَ مِنَ الخوفِ. وطَالَ فَعُلَ مِنَ الطولِ يدلُّكَ على ذلكَ طُلْتُ وطَويلٌ والياءُ في هَذا كالواوِ.

الثاني: ما الواوُ فيهِ ثانيةٌ وهيَ في موضعِ العينِ في الاسم:
اعلَم: أَنَّهُ ما جاءَ مِنَ الأسماءِ وساقٍ وزنِ الفعلِ المعتلِّ أُعلَّ وما خالفَ منها بناءَ الفعلِ صَحَّ فالمعتلُّ نحو: بَابٍ ودَارٍ وساق لأَنَّ ذلكَ علَى مثالِ الأَفعالِ ورُبّما جَاءَ على الأَصلِ في الاسم نحو: القَوَدِ والحَوكَةِ1 والخَوَنةِ2 والجَوَرةِ وكذلك: "فَعِلٌ" وذلكَ خِفْتُ ورَجلٌ خَافٌ ومُلْتُ ورَجلٌ مالٌ3، ويومٌ راحٌ4 وقَد جاءَ على الأَصلِ قالوا: رَجُلٌ رَوِعٌ5، وحَوِلٌ6 وأَمَّا فَعُلٌ فَلَم يجيئوا بهِ علَى الأَصلِ كَراهيةً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الحوكة: جمع حائك.
2
الخونة: جمع خائن، يقال: خان، يخون خونا وخيانة.
3
رجل مال: هو كثير المال.
4
يوم راح: هو الطيب الريح.
5
رجل روع: هو المرتاع الفزع.
6
حول: بمعنى أحوال.



ج / 3 ص -254- للضمةِ في الواوِ ولِما يصيرونَ إليهِ مِنَ الإِسكانِ والهمزِ وفُعَلٌ في كلامِهم نَحو طَالَ ويدلَّكَ على أَنَّهُ فُعَلٌ قولُهم: طُلْتُ وطويلٌ وفُعَلٌ على الأَصلِ لأَنَّهُ لا يكونُ فعلًا معتلًا فيجري عَلى فِعْلهِ وما لَم يكنْ لَهُ مثالٌ في الفعلِ قَد أَعلَّ لم يعلَّ وذلكَ قولُهم: رَجُلٌ نُوَمٌ1 وسُوَلَةٌ وَلُوَمَةٌ وعُيَبةٌ وكذلكَ إنْ أَردتَ نحو: إبِلٍ قلتَ: قِوِلٌ2، ومِنَ البيعِ بِيعٌ فَأَمَّا "فُعُلٌ" فإنَّ الواوَ تسكنُ لإجتماعِ الضمتينِ والواوِ وذلكَ قولُهم: عَوَانٌ وعُونٌ ونَوَارٌ ونُورٌ وقَووُلٌ: قُولٌ وأَلزموا هَذَا الإِسكانَ إذْ كانوا يسكنونَ "رُسْلٌ"3 ولم يكن لأَدْؤُرٍ وقَؤُولٍ4 مثالٌ مِنْ غيرِ المعتلِّ يُسكنُ فيُشبه هَذَا بِهِ ويجوزُ تثقيلُ فَعُلٌ في الشعرِ وفُعُلٌ في بنَاتِ الياءِ بمنزلةِ غيرِ المعتلِ نحو: غَيُورٍ وغُيُرٍ ودَجَاجٍ بُيُضٍ ومَنْ قالَ: رُسْلٌ قالَ: بِيْضٌ.
قالَ الأَخفشُ: أَقولُ في فُعلةٍ مِنَ البيعِ: بُوعةٌ ولا أُغيرُ إلا في الجمعِ وهوَ مذهبُ أَبي العباسِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل نوبة: ولامعنى لها. والنومة: الكثير النيام.
2
في الأصل "قوال".
3
أي: أنهم يسكنون غير المعتل نحو: رسل وعضد.
4
في الأصل "قول" بواو واحدة.

إبدالُ الهاءِ مِنَ الواوِ وهيَ فَاءٌ:
ذكرَ سيبويه في: وَجِلَ يَوْجَلُ أَربَع لغاتٍ فأَجودهنَّ وأكثرهنَّ يَوْجَلُ1 وهيَ الأَصلُ قالَ الله عزَ وجَلَ: {لا تَوْجَلُ إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ}2. ويقولُ قَومٌ: أَنْتَ تَيجِلُ فيكسرونَ التاءَ ويقلبونَ الواوَ ياءً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 257 والتصريف 1/ 202.
2
الحجر: 53.



ج / 3 ص -255- لإنكسارِ ما قبلَها وهيَ لغةُ تميمٍ وعامةٍ قيسٍ ومِنَ العربِ مَنْ يكرهُ الياءَ معَ الواوِ فيقلبُ الواوَ فيقولُ: يَاجَلٌ وهيَ لغةٌ معروفةٌ وقومٌ مِنَ العرب يكسرونَ الياءَ فيقولونَ: هو يِيجَلُ فيكسرونَ الياءَ فتنقلبُ الواوُ ياءً وليسَ ذلكَ بالمعروفِ1.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 257، والتصريف 1/ 202.

الضربُ الثَّالثُ: إبدالُ الألفِ مِنَ النونِ:
الأَلفُ: تبدلُ مِنَ النونِ الخفيفةِ في ثلاثةِ مواضع:1
أَحدها: التنوينُ في الصرفِ في الاسم المنصوبِ تقولُ: رأيتُ زيدا إذا وقفتَ فإذَا وصلتَ جعلتَها نونًا وإذا وقفتَ جعلتَها أَلفًا.
والثاني: النونُ الخفيفةُ في الفعلِ إذَا انفتَح ما قبلَها في قولِكَ: اضربَنْ زيدًا بالنونِ الخفيفةِ فإذَا وقفتَ قلتَ اضربا.
والثالث: قولُكَ: إذن آتيكَ فإذَا وقفتَ قلتَ: إذا. قالَ اللَّهُ عَزَ وَجلَّ: "وإذَنْ لا يَلْبَثُونَ خَلْفَكَ إلا قليلًا"2، إذَا وقفتَ [عليها]3 قلتَ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هنا تنتهي الزيادة من "ب".
2
الإسراء: 76، وقراءة خلفك سبعية، الإتحاف/ 285. وقراءة يلبثوا بالنصب شاذة. شواذ ابن خالويه/ 77 والبحر المحيط 3/ 273.
3
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -256- إبدالُ الياءِ مِنَ الواوِ:
إبدالُها مِنَ اللاماتِ في "شقيتُ" وهيَ متحركةٌ مفتوحةٌ وقبلَها كسرةٌ والواوُ إذا كانَ قبلهَا حرفٌ مضمومٌ في الاسم وكانتْ حرف الإِعرابِ قلبت ياءً وكُسِرَ المضمومُ وذلكَ قولُهم: دَلْوٌ وأَدْلٍ وحَقْوٌ وأَحْقٍ كانَ الأَصلُ: أَدْلُوٌ وأَحْقُوٌ قلبتِ الواوُ ياءً1[فإنْ كانَ قبلَ الواوِ ضمةُ]2 ولَم يكنْ حرف الإِعرابِ ثبتت وذلَكَ نحو: عُنْفوانٍ3 وقَمَحْدوةٍ وقالوا: قَلَنْسوةٍ فأَثبتوا ثُمَ قالوا: قَلَنْسٍ فأَبدلوا لما صارتْ طرفًا وقبلهَا ضمةٌ وإِذا4 كانَ قبلَ الياءِ والواوِ حرفٌ ساكنُ جرتا مجَرى غيرِ المعتلِ وذلكَ نحو: ظَبْيٍ ودَلْوٍ ومِنْ ثُمَ قَالوا: مَغْزوٌ وعُثوُّ5 لأَنَّ قبلَ الواوِ ساكنًا وقالوا: عُتِيٌّ ومَغْزِيٌّ شبهوَها حينَ كانَ قبلهَا حرفٌ مضمومٌ ولم يكنْ بيَنهما إلا حَرفٌ ساكنُ بأدلٍ والوجهُ في هَذا النحو الواوُ والأُخرى عربيّةٌ كثيرةٌ فإنْ جَاءَ مثلُ هَذا الواوِ في جمعٍ فالوجهُ الياءُ وذلكَ قولُهم: في جمع ثَديٍ6: ثُديٌّ وعُصِيٌّ وحِقيٌّ7. وقالَ بعضُهم: إنَّكم لتنظرونَ في نحوٍ كثيرةٍ8 فشبهوهَا: بعُتوٍّ وهذَا قليلٌ وأَلزم الجمع الياءَ لأَنَّهم يقولُون في: صُوّمٍ: صُيَّمٌ وهوَ أَبعدُ مِنَ الطرفِ. فكانَ هَذا أَوجبُ. وقَد يكسرونَ أَولَ الحرفِ لِمَا بعدَهُ مِنَ الكسرِ والياءِ وهيَ لغةٌ جيدةٌ وذلكَ قولُهم: عِصِيٌّ وثِدِيٌّ وعِتِيٌّ وجِثِيٌّ وقَدْ أبدلتِ الياءَ مِنَ الواوِ استثقالًا من غيرِ شيءٍ مما تقدمَ فقَالَ الشاعرُ:9

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
ما بين القوسين ساقط من "ب".
3
عنفوان: أول الشيء وأول بهجته.
4
في "ب" فإذا.
5
عتو: عتا عتوا وعتيا، واستكبر، جاوز الحد.
6
في "ب" عصا.
7
حقي: مفردها حقو، وهو الخصر.
8
انظر: الكتاب 2/ 381.
9
من شواهد سيبويه 2/ 382 على قلب "معدو" إلى معدي، استثقالا للضمة والواو تشبيها له بما يلزم قبله من الجمع لاجتماع ثقله وثقل الضمة والواو، من نحو: عاث، وعثو. والشاهد لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، وقد أسر يوم الكلاب الثاني.
وانظر: شرح السيرافي 5/ 568. وأدب الكاتب/ 581. والنصف1/ 188، وابن يعيش 5/ 36 واللسان. "شوش" والعيني 4/ 589. والخزانة 4/ 45.



ج / 3 ص -257- وَقَدْ عَلَمْت عِرْس مُلَيكةُ أَنَّني أَنَا الليثُ معديًا عليهِ وعَاديا

وقالوا: يسنُوها المطرُ وهيَ أَرضٌ مسنيةٌ1، وقالوا: مَرضِيٌّ وأَصلُه الواوُ وقالوا: مَرْضُوٌّ فجاءوا بهِ علَى الأصلِ والقياس
وهذهِ الواوُ إذَا كانتْ لامًا وقبلَها كسرةٌ قلبتْ ياءً وذلكَ نحو: غَازٍ وغُزِيَ.
قالَ سيبويه: وسأَلتهُ يعني الخليلَ عن غُزِيَ وشِقَيَ إذَا خففَ في قولِ مَنْ قالَ: عُلْمَ ذاكَ وعُصْرَ في عُصِرَ فقالَ: إِذَا فعلتُ ذلكَ تركتَها ياءً على حالِها لأَني إنَّما خففتُ ما قدَ لزمتهُ الياءُ وإنَّما أَصلُها2 التحريكُ وقلبُ الواوِ أَلاَ تراهم قَالوا: لَقَضُوَ الرجلُ ولقضْوَ3.
قالَ: وسأَلتُهُ عَنْ قولِ/ بعضِ العربِ: رَضيُوا فقالَ: هيَ بمنزلةِ: غُزْيٍ لأَنَّهُ أسكنَ العينَ ولو كسرَها لحذفَ لأَنهُ لا يلتقي ساكنان حيثُ كانت لا تدخلُها الضمةُ وقبلَها الكسرةُ والواو كذلكَ تقولُ: سرْوُوا علَى الإِسكان وسَرُوا على [إثبات4] الحركةِ5 وفُعْلَى مِنْ بناتِ الواوِ6، إذَا كانتْ اسمًا فالياءُ مبدلةٌ مِنَ الواوِ وذلكَ قولُكَ: الدُّنيا والعُلْيا والقُصْيَا،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مسنية: ومسنوة، أسم مفعول من سنا الغيث الأرض يسنوها، إذا سقاها، قلبوا الواو ياء كما قلبوها في قنية.
2 "1"
في "ب" أصله.
3
انظر: الكتاب 2/ 382.
4
اضفت كلمة "إثبات" لإيضاح المعنى.
5
انظر: الكتاب 2/ 382.
6
في "ب" مكان.



ج / 3 ص -258- وقَدْ قالوا: القُصْوَى فأَجروها على الأَصلِ لأَنَّها قد تكونُ صفةً بالألفِ واللامِ وهيَ مِنْ: دنوتُ وعلوتُ يقولونَ: قَضَا يَقْضُو وهوَ قَاضٍ ويجري "فُعْلَى" من بناتِ الياءِ على الأَصلِ اسمًا وصفةً وأَمَّا فِعْلَى منهما فَعَلى الأَصلِ صفةً واسمًا يجريهما على القياسِ لأَنَّه أوثقُ ما لم تتبينُ تغيرًا منهم.
إبدالُ الياءِ مِنَ الواوِ:
تقلبُ الواوُ ياءً في شَقيتُ وغَبيتُ لإنكسارِ ما قبلهما فإذا قالوا: يَشْقَى ويَغْبَى قلبوها ألفًا لانفتاح ما قبلَها وإذَا قالوا: يَشْقَيانِ ويَغْبَيانِ قلبوا الواوَ ياءً ليكونَ المضارعُ كالماضي وإذَا كانَ: فَعَلْتُ1 مع التاءِ علَى خمسةِ أحرفٍ فَصَاعدًا وكانَ الفعلُ مِمّا لامهُ واوٌ قلبتْ ياءً وذلكَ قولُكَ: أَغزيتُ وغَازيتُ واسْتَرْشِيتُ وإنَّما فُعِلَ ذلكَ لأَنَّكَ إذَا قلتَ منهُ يَفْعَلُ انكسر ما قبلَ الواوِ فقلبتِ الواوُ ياءً لذلكَ2 ثمَّ اتبعَ الماضي المستقبلَ فإنْ قالَ قائلٌ: فَما بَالُ قولِهم: تَغازينَا ومستقبلُهُ يَتَغازى وما قبلَ اللامِ مفتوحٌ في الماضي والمستقبلِ؟ قيلَ لَهُ: إنَّ الأَصلَ كانَ قبلَ دخولِ التاءِ في "تَغازينَا" غَازيناَ نَغازي "فَاعِل" غَازي مِنْ أَجلِ اعتلالِ "يغُازي" ثُم دخلتِ التاءُ3 بعدَ أَنْ وجبَ البدلُ ومِنْ ذلكَ قولُهم4: ضَوضَيتُ وقَوْقَيتُ الياءُ مبدلةٌ مِنْ واوِ لأَنَّهُ بمنزلةِ: صَعْصَعتُ تكررتْ فيهِ الفاءُ والعينُ ولكنَّهم أَبدلوا الواوَ إِذْ كانتْ رابعةً ياءً والمضاعفُ من بنَاتِ الواوِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" من.
2
في "ب" كذلك.
3
التاء: ساقط في "ب".
4
قولهم: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -259- مِمّا عينهُ ولامهُ واوانِ لا يثبتانِ في "فِعْلٍ"1 ويلزمانِ2 في الماضي اَنْ يُبنَيا على "فَعِلٍ" حتَى تنقلبَ الواوُ التي هي لامٌ ياءً وذلكَ قولُهم: مِنَ القوةِ: قويتُ ومِنَ الحوةِ: حويتُ وقَويَ وحَوِيَ ولم يقولوا: قَدْ قَوَّ كما قَالوا "حَيَّ" لأَنَّ [العينَ في3] الأصلِ قالبةٌ الواوَ الآخرةَ4 إلى الياءِ وليسَ5 قَوِيَ مثلُ: حَيِيّ لأَنَّ العينَ واللام في "قَوِيَ" قد اختلفا وإنّما الإِدغامُ بإتفاقِهما ولم يقولوا: قووتَ تَقْوُو كما قالوا: غَزَوْتَ [تَغَزوُ]6 استثقالًا للواوينِ وقالوا: قُوَّةٌ لأَنَّ اللسانَ يرتفعُ رفعةً واحدةً فجازَ هَذا كما قالوا: سَأَلٌ: لمَّا كانَ اللسانُ يرتفعُ رفعةً واحدةً والهمزةُ أَثقلُ مِنَ الواوِ. وافْعَلَلتُ وافْعَالَلتُ مِنْ غَزوتُ اغزويتُ واغَزاويتُ لا يقعُ فيهما الإِدغامُ ولا الإِخفاءُ حتَى لا يلتقي حرفانِ من موضعٍ واحدٍ وإنَّما وقعَ الإِدغامُ والإِخفاءُ في بابِ: حَيِيتُ لأَنَّهما ياءانِ فاغزويتُ مثلُ: ارْعَويتُ وثبتتِ الواوُ الأولى ولَم تحولْ أَلفًا وإنْ كانتْ متحركة وقبلَها فتحةٌ من أَجلِ سكونِ ما بعدَها وأَنَّهُ إذا كانتِ العينُ واللامُ مِنْ حروفِ العلةِ أُعلتِ اللامُ وصحتِ العينُ وإنَّما الواوُ هُنا بمنزلة نَزَوانٍ وافْعَالَلتُ مِنَ الواوينِ بمنزلةِ غَزَوتُ وذَلكَ قَولُ العَربِ7: قَدْ احواوتِ الشاةُ واحواويتُ والمصدرُ احويَّاء. وتقول: احْوويتُ فتثبتُ الواوانِ وسطاً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" في الفعل.
2
في "ب" يلزم. وهو أفضل.
3
زيادة من "ب".
4
في "ب" الأخيرة.
5
في "ب" فليس.
6
أضفت كلمة "تغزو" لإيضاح المعنى.
7
في سيبويه 2/ 391، وأما افعاللت من الواوين فبمنزلة: غزوت، وذلك قول العرب: قد احوويت، تثبتان حيث صارتا وسطا، كما أن التضعيف وسطا، أقوى، نحو: اقتتلنا، فيكون على الأصل.



ج / 3 ص -260- كالياءينِ ويجري1 احوويتُ علَى: اقتتلتُ في البيانِ والإِدغامِ والإِخفاءِ وَتقولُ في "فُعْلٍ" مِنْ شَويتُ: شِيءٌّ قلبتِ الواوُ ياءً حينَ كانتْ ساكنةً بعدَها ياءٌ وكسرتِ الشينُ كراهيةَ الضمةِ معَ الياءِ كما تكرهُ الواوُ الساكنةُ وبعدَها ياءٌ وكذلكَ فعْلٌ "مِنْ" "حَيِيتُ" حِيٌّ. وقَدْ ضَمَّ بعضُ العربِ2 الأولَ ولم يجعلْهَا كَبِيضٍ لأَنَّهُ حينَ أدغَم ذَهبَ المَدُّ أَلا تَرى أَنَّ ما لا يعربُ مِنَ الياءِ والواوِ إِذا كانتا لامينِ متَى وقَع فيهما إدغامٌ وجبَ الإِعرابُ لأَنَّ الحرفَ إِذَا شُدِّدَ قَوِيَ وَصار بمنزلةِ الصحيحِ وكانَ بمنزلةِ الياءِ والواوِ اللتينِ قَبْلَهما ساكنُ ولَو كانت: "حُيٌّ" في قافيةِ معَ "عُمْيٍ" لجازَ وقَالوا3: قَرْنٌ أَلْوى وقُرونٌ لُيٌّ.
قالَ سيبويه: ومثلُ ذلكَ قولُهم: رِيَّا وَرِيَّةٌ حيثُ قلبوا الواوَ المبدلةَ مِنَ الهمزةِ فجعلوها كوا و"شَويتُ4" يريدُ5: رُويَا وَرُوية، وقَد قالَ بعضُهم: رُيَّا وَرِيَّةٌ كما قالوا: لُيٌّ ومَنْ قالَ: رُيَّةٌ قالَ في "فُعْلٍ" مِنْ "وَأَيْتُ" فِيمَنْ تركَ الهمزةَ: وُيٌّ: يَدعُ الواوَ الأُولى علَى حالِها لأَنهُ لم يلتقِ واوانِ إلا في قولِ مَنْ قَالَ: أُعِدَّ [في وَعَدَ]6 هذَا قولُ سيبويه7.
وقالَ أبو العباس: هذَا غَلطٌ لأَنَّ الذي يقولُ: وُيٌّ ينوي الهمزةَ فكيفَ يَفرٌّ مِنَ الهمزِ الذي هُوَ الأَصلُ ويأتي بغيرِ الأصلِ ومَنْ قالَ: رِيّاً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل فاجر،
2
انظر: الكتاب 2/ 391.
3
في "ب" وقال.
4
انظر: الكتاب 2/ 391.
5
في "ب" يريدون.
6
زيادة من "ب".
7
انظر: الكتاب 2/ 391.



ج / 3 ص -261- فكسَر الرَاءَ قالَ: وِيُّ فكسرَ الواَوَ وأَبدلوا الياءَ مِنَ الواوِ في قولِكَ: هَذا أَبوكَ وأَخوكَ ثُم قالوا: مررتُ بأَخيكَ وأَبيكَ وكذلكَ: مسلمونَ إذَا قلتَ: مررتُ بمسلمينَ.

إبدالُ الياءِ مِنَ الألفِ:
حاحيتُ1 وعَاعيتُ2 وهاهيتُ قالَ سيبويه3: أَبدلوا الألفَ لشبههِا بالياءِ ويدلُّكَ على أَنَّها لَيْسَت فَاعَلْتُ قولُهم: الحِيحاءُ والعِيعاءُ كَما قالوا: السِّرهَافُ والحَاحَاةُ والهَاهَاةُ فأُجرِي مَجرى: دَعْدعتُ إذْ كُنَّ للتصويتِ كمَا أَنْ دَهدَيْتُ4 هيَ فيما زَعم الخليلُ: دهْدَهتُ وتبدلُ الياءُ مِنَ الألفِ في قولِكَ: هذانِ رجلانِ ثُم تقولُ: رأيتُ رجلينِ ومررتُ برجلينِ وتبدلُ مِنَ الأَلفِ في "قِرْطَاسٍ" إذْا صغرتَ أَو جمعتَ [قلتَ]5 قَراطيسُ وقُرَيطيسٌ وتبدلُ في لغةِ بَعْضِ العربِ طِيىء وغيرِهم يَقولونَ: أَفْعَىً وحُبْلىً6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حاحيت: قلت: حاحا.
2
عاعيت: قلت: عاعا، تدعو الدابة أو تزجرها.
3
انظر: الكتاب 3/ 386.
4
انظر: الكتاب 3/ 386.
5
زيادة من "ب".
6
انظر: الكتاب 1/ 386.

إبدالُ الياءِ مِنَ الواوش وهيَ فاءٌ:
وذلكَ مِيزانٌ ومِيقاتُ وَهْوَ مِنَ الوقتِ والوزنِ ولكنَّهم قَلبوا الواوَ ياءً لإنكسارِ ما قبلَها.



ج / 3 ص -262- إبدالُ الياءِ مِنَ الواوِ وهيَ عينٌ:
تُبدلُ في "فُعِلَ" مِنَ القولِ والخَوفِ فيقولونَ: قَدْ خِيفَ وقَدْ قِيلَ. وقَدْ ذكرَ في موضعهِ وتبدلُ مدغمةً في: سَيِّدٍ ومَيِّتٍ والأَصِلُ: فَيْعِلٌ وَهْوَ مِنَ الموتِ والسُوددِ1، ولكن كلمَّا التقتْ واوٌ وياءٌ وسكنَ الأولُ مِنْهما قَلَبوا الواوَ ياءً وأدْغَموا الياءَ في الياءِ وأَكثرُ الكلامِ عَلَى هذَا إلا أَحرفًا شاذةً. وقَالوا: لَوَيْتُ لَيَّةً وَليًّا وطويتُ طَيًَّا والأَصلُ: لَوَيْتُ لَوْيَةً ولَوْياً2، وطَويتُ طَوْيًا ولكنْ لما سكنتِ الواوُ وبعدَها الياءُ قلبوها3 ياءً وأَدغموها في الياءِ وليسَ في الصحيحِ: "فَيْعِلٌ" ولكنْ قَد يخصونَ المعتلَّ ببناءٍ ليسَ في الصحيحِ كما قالوا: كَينونةٌ وقَيدُودةٌ وإنَّما هو مِنْ: قَادَ يَقودُ فأَصلُها: فَيْعَلولٌ وليسَ في غيرِ المعتلِّ: فَيْعلولٌ مَصدرٌ فَيْعَلُولةٌ4. وقُضاةٌ لَيْسَ في جمعِ الصحيحِ مثلُه ولَو أَرادوا: "فَيْعَلًا" لقَالوا: سَيّدٌ كما قَالوا: تَيّحانٌ5، وهيَّبانٌ6 ومِما قَلبوا فيهِ الواوَ ياءً: دَيَّارٌ وقيَّامٌ وإنَّما كانَ الحدُّ: قَيْوَامٌ وقَالوا: قَيُّومٌ ودَيُّورٌ والأَصلُ: دَيْوُورٌ7: وأَمَّا: زَيَّلتُ فَفَعَّلتُ مِنْ: زَايلتُ وزِلْتُ ولَو كانَتْ [زَيَّلتُ]8 فَيْعَلتُ: لقلتَ في المصدرِ: زَيَّلةٌ ولَمْ تقلْ: تَزييلًا وأَمَّا تحيزتُ فَتَفيْعَلْتُ مِنْ: حُزْتُ: والتحيُّزُ: التَّفَيعُلُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" السود، بدال واحدة.
2
ليا: ساقط في "ب".
3
في "ب" قلبوا الواو.
4
فيعلولة: ساقط في "ب".
5
تيحان: وهو المقدام، ووزنه: فيعلان.
6
هيبان: الذي يخاف الناس ويهابهم.
7
الأصل في "ديوور" لأنه بني على فيعال وفيعول.
8
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -263- إبدالهُما مِنَ الواوِ الزائدةِ:
وتبدلُ الياءُ مِنَ الواوِ في: بَهْلُولٍ وكُردوسٍ إذَا صغرتَهما أَو جمعتَهما تقولُ في التصغيرِ: بُهَيلِيلٌ وكُرِيدِيسٌ وفي الجمعِ: بَهاليلُ وكَرَاديسُ ومِنْ ذلكَ: مَقْصِيٌّ ومَرْمِيٌّ إنَّما هُوَ مَفْعولٌ وكانَ القياسُ أَنْ تقولَ: مَقْصَويٌّ ومَرْمويٌّ ولكنْ لما سكنتِ الواوُ بعدَها الياءُ قلبوها ياءً وأدغموها فِيها وكذلكَ إذَا قلتَ: هذهِ عشروكَ وعِشِريّ إنَّما قلبتَ الواوَ ياءً للياءِ التي بعدَها قَالَ: وسألتُ الخليلَ عِنْ: سُوَيرٍ وبُويَعِ ما مَنَعهم مِنْ أَن يقلبوا الواوَ ياءً؟ فقالَ: لأَنَّها لَيْستْ بأَصلٍ1 وكذلكَ: تُفُوِعلَ نحو: تُبُويِعَ لأَنَّ الأَصلَ الألفُ ومثلُه: رُويةٌ وَرُويا [غَيرُ مهموزٍ]2، لَم يَقلبُوا لأَنَّ الأَصلَ الهمزُ وقالَ بعضُهم رُيَّا ورُويَا قَالَ3: ولا يكونُ هذَا في: سُويرٍ وتُبُوِيعَ لأنَّ الواوَ بَدلٌ مِنَ الألفِ فأَرادوا أَن يمدوا4، نحو وَاوِ سُويرٍ واوَ ديوانٍ لأَنَّ الياء بدلٌ مِنَ الواوِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 373، لأن هذه الواو ليست بلازمة ولا أصل.
2
زيادة من "ب".
3
أي: سيبويه، انظر: الكتاب 2/ 373.
4
أي: يمدوا كما مدوا الألف.

إبدالُ الياءِ مِنَ المدغمِ عينًا:
وذلكَ قولُهم: ديِنَارٌ وقِيراطٌ والأَصلُ: دِنَّارٌ وقِرَّاطٌ يَدلُّ علَى ذلكَ جمعُهم إياهُ1 دَنانيرُ وقَرَاريطُ والتصغيرُ2 دُنَينيرٌ وقُريرِيطٌ فأَبدلوا الأُولى ياءً. وكلهم يقولُ في "دِيوانٍ" دَوَاوينُ في الجمع ودُيَوينٌ في التصغيرِ فقلبتِ الواوُ ياءً للكسرةِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
إياه: ساقط من "ب".
2
في "ب" وتصغيره.



ج / 3 ص -264- إبدالُ الياءِ مِنَ الواوِ تشبيهًا بمَا يوجبُ القلبَ:
مِنْ ذلكَ قولهُم: حَالتْ حِيَالًا وقُمْتُ قِيامًَا.
قالَ سيبويه1: قلبوهَا لإعتلالِها في الفعلِ وإنَّ قبلَها كسرة وبعدَها حرفٌ يشبهُ الياءَ- يعني الألفَ- قالَ ومثلُ ذلكَ: سَوْطٌ وسِيَاطٌ لمّا كانتِ الواوُ ساكنةً فأَمَّا ما كانَ قَد قُلبَ في الواحدِ فإنَّه لا يثبتُ في الجمعِ إذَا كانَ قبلهُ الكسرُ وذلكَ قولهُ: دِيمةٌ ودِيَمٌ وحِيلَةٌ وحِيَلٌ وقَامةٌ2، وقِيَمٌ وَدَارٌ ودِيَارٌ وهذَا أَجدرُ إذَا كانتْ بعدَها الألفُ استثقلوا الواوَ بعدَ الكسرةِ. فجميعُ هذَا لم يعلَّ للكسرةِ التي قبلَهُ فَقَطْ لأَنَّ الكسرةَ إنَّما تقلبُ الواوَ ياءً إذَا كانتِ الواوُ ساكنةً ولكنَّ هذهِ الواوَ ضَارعتِ الواوَ الساكنةَ باعتلالها في الواحدِ فأَعلوها في الجميع [فإنْ لم تعتلَّ في الواحِد لم تعلَّ في الجميعِ]3 وذلكَ قولُهم: كُوزٌ وكِوَزةٌ وَعُودٌ وعِوَدةٌ وَثَورٌ وثِوَرةٌ وقَدْ قالوا: ثِيَرةٌ. [قلبوها حيثُ كانَتْ بعدَ كسرةٍ وهَذا شاذٌّ]4 والفرقُ بينَهُ وبينَ: سَوطٍ وسِيَاطٍ أَنَّ بعدَ الياءِ في "سِيَاطٍ" أَلفًا وهوَ حرفٌ يقربُ مِنَ الياءِ.
وقالَ أبو العباس: هؤلاءِ إِنما5 قالوا: ثِيَرةٌ ليفرقوُا بينَ: ثَورِ الأقطِ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 369.
2
في الأصل "قائمة" والتصحيح من "ب".
3
ما بين القوسين ساقط من "ب".
4
ما بين القوسين ساقط من "ب".
5
إنما: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -265- وثَورٍ مِنَ البقرِ1، وقالَ: بَنَوْهُ علَى فَعْلَةٍ ثُمَ حركوهُ فصارَ ثِيَرةً ومِمّا أُجري مَجرى "حِيَالًا": اجتزتُ اجْتيازًا وانقدتُ انقيادًا فأَمَّا قولُهم: جِوَارٌ فلصحتِه في الفعلِ قالوا: جَاورتُ وقَدْ قلبوا الواوَ ياءً في "فُعَّلٍ" وذلكَ: صُيَّمٌ في "صُوَّمٍ" وفي قُوَّلٍ: قُيَّلٌ: وفي قُيّمٌ قٌوّمٌ2، شبهوها بِعُتُوٍّ وعُتِيٍّ كما قالوا: جُثُوٌّ3.
وفُعُولٌ إذَا كانتْ جمعًا فحقُّها القلبُ نحو: عَاتٍ وعُتِيٍّ وإذَا كانَ مصدرًا فحقهُ التصحيحُ لأَنَّ الجمعَ أَثقلُ عندَهم مِنَ الواحدِ أَلا تَراهم قالوا: في جمعِ أَبيضَ: بِيضٌ وكانَ القياسُ: بُوضٌ لأَنَّهُ فُعْلٌ: يَدلُّكَ علَى ذلكَ قولُهم: أَحمرُ حُمْرٌ ولكنَّهم أَبدلوا الضمَة كَسرةً لتصحَّ الياءُ التي كانتْ في الأَصلِ ولئلا يخرجوا مِنَ الآخفِّ إلى الأَثقلِ في الجمعِ وهَوَ أَثْقَلُ مِنَ الواحدِ عندَهم فَيجتمعَ ثقلانِ وقالُوا أيضًا: صِيَّمٌ ونِيَّمٌ كما قالوا: عِتيٌّ فكسَروا ليؤكدوا البدلَ. ولم يقلبوا في: زُوّارٍ وصُوَّامٍ لبعدِها مِنَ الطرفِ فأَمَّا طَويلٌ وطِوَالٌ فصحَّ في الجمعِ كما صحَّ في الواحِد. أَما فَعَلانٌ وفَعَلَى فنحو: جَوَلانٍ وحَيدانٍ وحَيَدى4، فأَخرجوهُ بهذهِ الزيادِة مِنْ مِثالِ الفِعْلِ الذي يعتلُّ فأشبهَ عنَدهم ما صححَ لأَنَّهُ جَاءَ على غيرِ مثالِ الفعِل5 المعتل نحو: الحِوَلِ والغِيَرِ وكذلكَ فِعَلاءُ نحو: السيَراءِ وَفُعَلاَءُ: نحو: القُوَباءِ والخُيَلاءِ وقَد وكذلكَ فِعَلاءُ نحو: السيَراءِ وَفُعَلاَءُ: نحو: القُوَباءِ6 والخُيَلاءِ وقَد أَعلَّ بعضُهم: فَعَلان وَفَعَلَى كمَا أْعلَّ ما لا زيادةَ فيهِ جَعلُوا الزيادةَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 185 والمقتضب للمبرد/ 1/ 130 وتصريف المازني 1/ 345-346 والخصائص 1/ 112.
2
وقوم: ساقط من "ب".
3
وذلك لأن العين تلي اللام. وانظر: المنصف 1/ 1.
4
حيدى: حمار حيدى، يحيد عن ظله لنشاطه.
5
الفعل: ساقط من "ب".
6
القوباء: داء يظهر على الجلد.



ج / 3 ص -266- بمنزلة الهاءِ وذلكَ قولُهم: دَارانٌ1 وهَامَانٌ وليسَ ذا بالمطردِ وأَمَّا فُعَلَى وفِعَلَى فلا تدخلُه العلةُ كما لا تدخُل: فُعَلاَءُ وفِعَلاءَ2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
داران: من دار يدور. أو اسم رجل.
2
في سيبويه 2/ 371 وأما فُعَلى، وفِعلي، وهذا النحو فلا تدخله العلة، كما لا تدخل "فعل" وفعل.

إبدالُ الواوِ مِنَ الياءِ:
الواوُ تبدلُ مِنَ الياءِ إذَا سكنتْ وانضم ما قبلَها نحو: مُوقِنٍ ومُوسِرٍ كانَ الأَصلُ: مُيقنٌ ومُيسرٌ فأبدلتْ واوًا مِنْ أَجلِ الضمةِ وَيَا زيدٌ وَإسْ وقالَ بعضُهم: يَا زيدٌ بْئَسْ1، شَبههُ بقُيلَ وقرأَ أَبو عمروٍ: "يَا صَالِحُ يتِنا"2 جعل الهمزةَ ياءً ثُمَّ لم يقلبْها [واوًا]3 ولم يقولوا: هذَا في الحرفِ الذي ليسَ منفصلًا وهيَ لغةٌ ضعيفةٌ4، وتبدلُ مِنَ الياءِ في النسبِ إذا نسبتَ5 إلى ندَا ورَحَا: نَدَوِيٌّ ورَوحوِيُّ وإلى غَنيٍّ: غَنَويٌّ وهذهِ الياءُ إنما تقلبُ أَلفًا ثُمَ تقلبُ واوًا فالأَصلُ ياءٌ والتقديرُ قلبُها مِنَ الألفِ وقد ذكرتُ ذَا في النسبِ وتبدلُ الواوُ مِنَ الياءِ في "فَعْلَى" إذَا كانتْ اسمًا والياءُ موضعُ اللامِ يقولونَ: لكَ شَرْوَى هذَا الثَّوبِ وإنَّما هيَ مِنْ: شَريتُ وتَقْوَى وإنِّما هيَ مِن التَّقيَّةِ وإنْ كانتْ صفةً تركوهُا علَى أَصلِها قالوا: امرأةٌ خَزْيَا وَرَيَّا ولَو كانتْ: رَيَّا اسمًا لكانتْ: روَّا لأَنكَ كنتَ تبدلُ واوًا موضعَ اللامِ وتثبت الواوَ التي هيَ عينُ فَعْلَى مِنَ الواوِ علَى الأصلِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 358.
2
الأعراف: 77 وانظر: الكتاب 2/ 358.
3
أضفت كلمة "واو" لإيضاح المعنى.
4
لأن قياس هذا أن تقول: يا غلا موجل، وانظر: الكتاب 2/ 358.
5
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -267- وذلكَ: شَهْوَى صفةٌ ودَعْوَى اسمٌ وأَبدلوها وهيَ عينٌ في فُعْلَى وذلكَ قولُهم: هذهِ1 الكُوسَى والطُّوبَى وَهْوَ مِنَ الكَيسِ والطِيبِ وإنَّما أَبدلوها للضمةِ قبلَها فإنْ كانتْ صفةً ليستْ فيها أَلفٌ ولامٌ ردوها إلى أَصلِها قالَ: {تِلْكَ إذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}2. وذكرَ سيبويه: أَنَّها فُعْلَى وأَنَهُ لَيسَ في الكلامِ: فِعْلَى "صفة"3، وفي الكلامِ فُعْلَى صفةٌ مثلُ: حُبْلَى و"فُعْلَى" إذَا كانتْ فيها أَلفٌ ولامٌ4 استعملَ5 استعمالَ الأَسماء وإنْ كانتْ مشتقةً أَلاَ تَرَى أَنَّكَ تَقولُ الصَّغْرَى والكُبْرَى فَلا تحتاجُ أَنْ تقولَ: المرأةُ الصُّغْرَى وأَمّا: "فَعْلَى" فَعَلَى الأَصلِ في الواوِ والياءِ وذلكَ قولُهم: فَوْضَى وَعَيْثَى6 وفُعْلَى منْ قُلتُ علَى الأَصلِ كما كانت فَعْلَى من غَزَوْتُ على الأصل. وكأَنَّهم عَوضوا الواوَ في هذَا البابِ مِنْ كثرةِ دخولِ الياءِ عليها في غيرهِ وذَا قولُ سيبويه7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذه: ساقطة في "ب".
2
النجم: 22، والضيزي والضوزي-بفتح وكسر الضاد- لغة في ضيزى: الناقصة.
3
انظر: الكتاب 2/ 371.
4
في "ب" الألف واللام.
5
في "ب" استعملت.
6
عيثى: يقال: عاث في ماله: بذره وأسرع في إنفاقه، فهو عيثان، وهي عيثى.
7
انظر: الكتاب 2/ 371.

إبدالُ الواوِ مكانَ الهمزةِ:
قَد ذكرنَا في بَابِ الهمزةِ1 ابدالَ الواوِ مِنَ الألفِ بَعضُ العَربِ يقولُ: هذهِ2 افْعُو وَحُبْلُو في الوقفِ وتبدلُ الواوُ مِنَ الألفِ إذَا كانتْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" الهمز.
2
في "ب" هذا.



ج / 3 ص -268- ثانيةً زَائدةً في الجمعِ والتصغيرِ فتقولُ في: ضَاربةٍ ضُوَيربَةٌ وفي جمعِها: ضَوَاربُ وتبدلُ الواوُ مِنَ همزةِ التأنيثِ في النَّسَبِ والتثنيةِ والجمعِ فتقولُ: نَاقتانِ عُشَراوانِ وامرأتَانِ نُفَساوانِ وأَينقٌ عُشَراواتٌ ونِسَاءٌ نُفَساواتٌ وإذَا نسبوَا إلى: وَرقاءَ قالوا: وَرقَاوِيٌّ وأَبدلوها في موضعينِ بدلًا شاذًا وقالوا: في فِتيانٍ: هؤلاءِ فُتُوَّ كما تَرَى وأَنشدوا1:

في فُتُوٍّ أَنَا رَابئُهُمْ مِنْ كَلالِ غَزْوَةٍ مَاتُوا

قَالوا في المصدرِ: فُتُوَّةٌ فَهذا مِنَ الشاذِّ وقالوا في النَّسبِ: كِسَاوِيٌّ والهمز2 أَجودُ وقالوا: هذانِ عِلْبَاوانِ في تثنيةِ عِلْبَاءَ وهذهِ كثيرةٌ لأَنَّ الياءَ زائدةٌ في "عِلْباءَ" وإذَا قلتَ: "فُعِلَ" مِنْ فَاعَلَ قلتَ: فُوعِلَ: فأبدلتَ مِنَ الأَلفِ واوًا وذلكَ نحو: سُوَيرٍ هُوَ مِنْ سَائرٍ وكذلكَ بَايعَ وَبُوَيعَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الشاهد فيه أن الفتو من الياء وهو جمع، وهذا الضرب من الجمع تقلب فيه الواو ياء كعصى، ولكنه حمل على مصدره.
والشاهد لجذيمة الأبدش الأزدي من قصيدة يرثي فيها جماعة من قومه كان قد خرج بهم لغزو طسم وجديس فأوقع بهم حسان بن تبع.
وانظر: الخزانة 4/ 567 والصحاح 6/ 2452 واللسان "فتا".

إبدالُ الفاءِ: أَبدلوها مِنَ الواوِ والياءِ:
[
تبدلُ في موضعينِ مِنَ الواوِ والياءِ ومِنْ أَشياءٍ تَشذُّ إبدَالًا مطردًا وتُبدلُ مِنَ السين1] إبدالها مِنَ الواوِ تقلبُ التاءُ مِنَ الواوِ إذا كانتِ الواوُ في موضعِ الفاءِ قلبًا مطردًا إذا قلتَ: افتَعلَ يقولونَ: اتَّعدَ واتَّزَنَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -269- يَتّزِنُ ويَتَّعِدُ وَهُم مُتَّزِنونَ ومُتَّعِدُونَ وكذلكَ الياءُ تقولُ افتَعلَ مِنْ يَأَسَ اتَّأَسَ فتقلبُ1. وناسٌ يقولونَ: ايتعَدَ وقالوا: ياتَعدُ ومُوتعدٌ2. وتقلب قلبًا غيرَ مطردٍ في قولِهم: أَتهَمَ وأَتلجَ وأَولجَ أَكثرُهم يقولهُ. وأَمَّا أَتهَمَ فهوَ مِنَ الوَهمِ والظَنِّ يُقالُ: قَد أتهَمَ الرجلُ إذَا صارَ تظنُّ بهِ الرِّيبةُ ومثلُه: التُّخْمة وإنّما هوَ مِنَ "الوخَامةِ" ومثلُها: تُجَاهٌ وهيَ مِنْ: وَاجهتُ3 وكذلكَ تُرَاثٌ هيَ مِنْ: وَرِثتُ ورُبَّما أَبدلوا التاءَ إذا التقتِ الواوانِ وليسَ بمطردٍ قالوا: تَوْلَج.
وزعمَ الخليلُ: أَنَّها فَوْعَل ولَم يجعلْهما تَفْعَلا لأَنكَ لا تكادُ تجدُ في الأسماءِ تَفْعَلا وفَوْعَلٌ كثيرٌ4، ومنهم مَنْ يقولُ: دَوْلَجٌ في تَوْلَج.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
فتقلب ساقط من "ب".
2
انظر الكتاب 2/ 357 وأما ناس من العرب جعلوها بمنزلة واو قال فجعلوها تابعة حيث كانت ساكنة كسكونها وكانت معتلة فقالوا: "ايتعد، كما قالوا: قيل، وقالوا: ياتعد، كما قالوا: قال، وقالوا: موتعد، كما قالوا: قول..".
3
في "ب" أوجهت.
4
انظر: الكتاب 2/ 356.

إبدالُ التاءِ مِنَ الياءِ:
قال سيبويه: إذا قلتَ افْتَعلَ مِنَ اليبسِ قلتَ اتَّبَسَ يَتَّبِسُ اتبَاسًا وهوَ مُتَّبِسٌ1. قالَ الجرمي: والعربُ تقولُ في أيسارِ الجَزُورِ الذي يقتسمونها قد أتَّسَروُها يَتَّسرونَها2، اتِّسارًا وهَذا أَكثرُ على أَلسنتِهم وبعضُهم يقول: ائتَسروُها يأتسِرونَها3 ائتِسارًا وَهُم مُؤْتسرونَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 358.
2
يتسرونها: ساقط في "ب".
3
في "ب" يتسروها.



ج / 3 ص -270- الشذوذُ:
يُبدلونَ التاءَ مِنَ السينِ والدالِ في قولِهم1: سِتٌّ وكانَ الأَصلُ: "سُدسٌ" والدليلُ علَى ذلكَ إذَا جمعتَ قلتَ أَسداسٌ2، وإذَا صغرتَ قلتَ: سُدَيسةٌ ويقولونَ: غلامٌ3 سُدَاسيٌّ فإذَا زالتْ عن الموضعِ الذي قلَبوها فيهِ ردَوها إلى أَصلِها وأَبدلوا التاءَ مِنَ الواوِ في قولِهم: أَسنتُوا إذَا أَصابَتْهم السَنَةُ والجدوبةُ وإنَّما كانَ أَصلُها: أَسنَوا ولكنَّهم إذَا أَرادوا أَن يقولوا: لَبِثْنا هَهُنَا سَنةً قالوا: قد أَسنوا يسنُونَ اسْنَاءً فأرادوا4 الفَصْلَ بينَهما فقلبوا الواوَ في هَذا المعنى تاءً وهذَا كلهُ شَاذٌّ لا يقاسُ عليهِ وإذَا كانتِ الذالُ لامًا في "فَعَلْتُ" فمنهم مَنْ يجريها5 علَى الأصلِ فيقولُ: أَخَذْتُ فيظهرُ الذالَ والتاءَ وهي قليلةٌ وأَكثرهم يقلبُ الذالَ تاءً فيقولُ أَخَتُّ وهيَ أَكثرُ القراءةِ وقرأوا: "وأَخْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إصْرِي"6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" قولك.
2
انظر الكتاب 2/ 428.
3
في "ب" غلامي.
4
في "ب" وأرادوا.
5
في "ب" يجيء بها.
6
آل عمران: 81.

إبدالُ الدالِ في افتَعَل وفَعَلتُ:
تبدلُ مِنَ التاءِ في افْتَعلَ "قلبًا مطردًا إذا كانَ قبلَ التاءِ حرفٌ مجهورٌ زايٌ أو دَالٌ تقولُ في "افْتَعلَ" مِنَ الزينةِ: ازدَانَ ازدياَنًا ومِنَ الزرعِ: ازدَرعَ ازدرَاعًا وذاكَ أَنَّ التاءَ كانت مهموسةً والزايُ مجهورةٌ فأَبدلوا مِنَ التاءِ حرفًا مِن موضعِها مجهورًا وهوَ الدالُ وكذلكَ: افْتَعلَ مِنَ



ج / 3 ص -271- الذِّكرٍ وهوَ قولُكَ: ادَّكرَ يَدّكرُ ادّكارًا وهوَ مُدَّكرٌ وهذهِ أَكثرُ في كلام العربِ ويقولُ قومٌ: اذَّكرَ يَذَّكرُ وهوَ مذّكرٌ وكانَ الأَصلُ: مذدَكرٌ ثُمَّ أُدغِمت الذالُ في الدَّالِ لأَنَّ حقَّ الإِدغامِ أَنْ يُدغمَ الأَولُ في الثاني وهوَ أَكثرُ كلامِ العربِ ومِنَ العربِ مَنْ يكرهُ أَنْ يدغمَ الأَصلي فيما هُوَ بَدلٌ مِنَ الزائدِ فيقولُ: مُذَّكرٌ وهيَ قليلةٌ فهذا لا تعدُّ فيهِ الذالُ بدلًا لأَنهُ قَلْبٌ وبَدَلٌ لإِدغامٍ وكذلكَ قولُهم: اثَّردَ يريدونَ: اثْتَردَ ومنهم مَنْ يقولُ: اتّردَ فيدغُم الثَّاءَ في التاءِ وهوَ الكثيرُ والذينَ قالوا: اثُّرَدَ كرهوا أَنْ يُدغموا الأَصليَّ في الزائدِ. وبعضُ بني تميمٍ1 إذَا كانتِ الزايُ لامًا قلَبوا التاءَ في "فَعَلتُ" دالًا وقالوا فُزْدُ يُريدونَ فُزتُ ومنهم مَنْ يقولُ: وَوْلَجٌ في: تَوْلَجٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 423.

إبدالُ الطاءِ:
الطاءُ تبدلُ مِنَ التاءِ في "افْتَعلَ" إذَا كانَ قبلَها طَاءٌ أَو ضَادٌ وذلكَ قولُهم: اظطلَم يظطلمُ اظطلامًا واضطجعَ يضطجعُ اضطجاعًا وهوَ مضطجعٌ وفي "افتَعلَ" من "ظَلَم" ثلاثُ لغاتٍ مِنَ العربِ مَنْ يقلبُ التاءُ طاءً ثُمَّ يُظهر الطاءَ والظاءَ جميعًا كما ذكرتُ لكَ ومنهم مَنْ يريدُ الإِدغامَ فيدغمُ الظاءَ في الطاءِ وهي أَكثرُ اللغاتِ فيقول: اظَّلمَ يَظَّلمُ اظّلامًا وهوَ مُظَّلمٌ ومنهُم مَنْ يكرهُ أَن يدغَم الأَصليَ في الزائِد فيقولُ: اظَّلمَ يَظَّلمُ اظّلامًا ومُظَّلَمٌ وأما مضطجعٌ ففيهِ لغتانِ: مضطجعٌ ومضّجعٌ ولا يدغمونَ الضادَ في الطاءِ
وإذَا كانَ الأَولُ صادًا قالوا: اصطبَر يصطبرُ اصطبارًا وَهوَ مصطبرٌ فإنْ أَرادوا الإِدْغامَ قالوا [هُو1]َ مُصَبّرٌ وقد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -272- اصبّر لأَنَّ الصادَ لا تدغمُ في الطاءِ فقلبوا الطاءَ ضادًا وأَدغموا الضادَ فيها فإنْ كانَ أَولُ "افْتَعلَ" طَاءً فكلهُم يقولُ: اطَّلَبَ يَطَّلبُ وهوَ مُطَّلبٌ وإذا1 كانَ أَولُه سينًا فمنهم مَنْ يظهرُ التاءَ ومنهم مَنْ يُدغمُ فيقولُ: اسَّمعَ وقد أَبدلوا التاءَ في "فَعَلْتُ" طاء إذا كانَ قبلَها الصادُ وسكنتِ الصادُ وتحركتِ التاءُ وهيَ لغةُ لناسٍ مِنْ بني تميمٍ يقولونَ: فَحصطُ2 برجلِي فيجعلونَ التاءَ طاءً كما فَعلوا ذلكَ في: اصطَبَر فقلبوا التاءَ طاءً وكذلكَ إذا كانتِ التاءُ قبلَها طاءٌ موضعَ اللامِ يقولونَ: خَبَطٌ بِيَدي وقالَ عَلقمةُ [بن عبدة]3:

وفي كُلِّ قَومِ قَد خَبَطَّ بنعمةٍ فَحُقَّ لِشَأسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ4

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" وأن.
2
يريدون: فحصت.
3
زيادة من "ب".
4
من شواهد سيبويه على إبداع التاء من "خبطت" طاء لمجاورتها الطاء ومناسبتها لها في الجهر والإطباق.
والخبط: أصله ضرب الشجر بالعصا ليتحات ورقها فتعلفه الإبل فجعل ذلك مثلا في العطاء، وجعل كل طالب معروفا مختبطا وكل معط خابطا، فعلى هذا يكون معنى: خبطت، أسديت وأنعمت، والذَّنُوب: الدلو ملأى ماء.
قال علقمة: هذا للحارث الغساني، وكان قد أوقع ببني تميم وأسر منهم تسعين رجلا فيهم شأس بن عبدة أخو الشاعر، وكان قد وفد عليه مادحا له وراغبا في أخيه فلما أنشده القصيدة التي منها هذا الشاهد خيره الحارث بين العطاء الجزل وإطلاق أسرى تميم فاختار الثاني فأطلقهم، وقد انفرد ابن السراج بروايته: وفي كل قوم.
وانظر: المنصف 2/ 332 وشرح السيرافي 6/ 564 وكل الروايات: وفي كل حي وأمالي ابن الشجري 2/ 181 وشرح الحماسة 2/ 906 والمفضليات 2/ 196، وابن يعيش 4/ 48 والشعر والشعراء/ 221 والمفصل للزمخشري/ 403 والتمام في تفسير أشعار هذيل/ 123.



ج / 3 ص -273- إبدالُ الميمِ:
إذَا كانتِ النونُ ساكنةً وبعدَها الباءُ فالعربُ تقلبُ النونَ ميمًا فيقولونَ: العنبر: الكتابةُ بالنون واللفظُ بالميمِ وشَنباءُ أيضًا الكتابةُ بالنونِ واللفظُ بالميمِ فيقلبونَ النونَ ميمًا إذَا كانتِ النونُ1 ساكنةً يقولونَ: أَخذته عَنْ بَكْرٍ الكتابةُ بالنونِ واللفظ بالميمِ فيقلبونَ النونَ إذا سُكنت فإذَا تحركتْ أَعادوها إلى أصلِها فجعلوهَا نونًا يقولونَ: الشّنَبُ وَرجلٌ أَشنبُ لمّا تحركتْ رجعتْ إلى أَصلِها وإذا صَغَّرتَ "العَنبَر" قلتَ: عُنَيبِرٌ تردُّ النونَ إلى أَصلِها لمّا تحركتْ.
قالَ الجَرْمي: وسمعتُ الأَصمعي يقولُ: الشَّنَبُ: بَردُ الفَمِ والأَسنانِ فقلتُ لَهُ: إنَّ أَصحابَنا يقولونَ: إنَّهُ حدتُها حينَ تطلعُ فيرادُ بذلكَ حداثَتَها وطَراءتَها لأَنَّها إذَا أَتت عليها السنونَ احتكتْ فقالَ: ما هُوَ إلا بردُها وقَد قلبوا قلبًا شَاذًا لا يقاسُ عليهِ قالوا: في فيكَ وفوكَ إذَا أفردوه فَمٌ وأَصلهُ: فوهٌ والدليلُ على ذلكَ تصغيرهُ: فُوَيهٌ وجمعهُ: أَفواهُ فإذَا أَضافوهُ ففيهِ لغتانِ: يقولُ بعضهُم: هذَا فُوكَ ورأيتُ فاكَ وفي فيكَ فيجيئونَ بموضعِ العينِ ويحذفونَ اللامَ وهيَ لغةُ كثيرةٌ إذَا أَضافوا ومنهم مَنْ يقولُ: هَذا فمُكَ ورأيتُ فَمَكَ وفي فمِكَ2 ويجيءُ في الشعرِ لغةُ ضعيفةٌ علَى غيرِ هذَا3 قالوا: هذَانِ فموانِ ورأيتُ فموينِ وكذلكَ إذا أَضافوا قالوا: هذانِ فمواكما ورأيتُ فمويكما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 414. وذلك قولهم: ممبك يريدون: من بك وشمباء وعمبر يريدون: شنباء، وعنبرا، والشنباء: ذات الأسنان البيض: وانظر: المقتضب 1/ 316.
2
في "ب" مررت بفمك.
3
قال الشاعر:

هما نفثا في من فمويهما.

فقد جمع الشاعر بين العوض والمعوض-جمع بين البدل وهو الميم والمبدل منه وهو الواو-فنقص اللام إذ أصله "فوه" بدليل جمعه على أفواه، وزيدت فيه الميم وهي ليست من أصل تركيبه.
وانظر: الكتاب 2/ 83 والخصائص 3/ 147.



ج / 3 ص -274- إبدالُ الجيمِ: أُبدلت الجيم مكان الياء المشددة وليس ذلك بالمعروف وأَنشدوا1:

"
خالي عويف وأبو عَلجِّ المَطْعِمانِ الشَّحْمَ بالعَشِجِّ"

"
وبالغداةِ فَلَقِ البَرْنِيجِّ..."

وقَد أَبدلوهَا من المخففةِ وذلكَ ضعيفٌ قليلُ وأَنشدَ أَبو زيدٍ2:

"
يا ربِّ إنْ كنتَ قَبِلْتَ حَجَّتَجْ فَلا يَزَالَنْ شَاحِجٌ يأتيكَ بِجْ" 3


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا الرجز من شواهد سيبيويه 2/ 288 على إبدال الجيم من الياء في عليّ والعشي.
والبرني، لأن الياء خفيفة، وتزداد خفاء بالسكون للوقف أبدلوا مكانها الجيم لأنها من مخرجها، وهي أبين منها.
والبرني: ضرب من التمرة، وفلقه، ما قطع منه بعد تكتله في جلله، وهي قفاف تعبئة، والعشي: ما بين الزوال إلى الغروب والغداة: الضحوة ولم ينسب هذا إلى قائل معين: قال صاحب اللسان: قال خلف الأحمر: أنشدني هذا رجل من أهل البادية. والشاعر يفتخر بخاليه أو بعميه ويُروى الشطر الأخير: وبالغداة كتل البرنج.
وانظر: المنصف 2/ 187. والمحتسب 1/ 75 والموجز لابن السراج/ 159، وشرح السيرافي 5/ 441. والصاحبي لابن فارس/ 25 والجمهرة لابن دريد 1/ 5.
2
في "ب" وأنشد.
3
أبو زيد: هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري من أئمة اللغة. صاحب كتاب النوادر. ويروي: لا هم إنكنت قبيلت حجتج، وكذلك: إلهي إن كنت.... ويروى الشطر الثاني: شامخ يأتيك بج. وهذا الرجز ينسب لبعض أهل اليمن. والشاجح: من شجح البغل. أي: الصوت.
وانظر: النوادر/ 164. والموجز لابن السراج/ 159. والمحتسب 1/ 75 وسر صناعة الإعراب 1/ 193 وشرح السيرافي 5/ 441. ومعجم مقاييس اللغة 4/ 29. ومجالس ثعلب/ 143. وأمالى القالي 2/ 78.



ج / 3 ص -275- يريدون "حجتي" ويأتيكَ "بي" وأَنشدوا:

"
حتَى إذَا ما أَمْسَجَتْ وأَمسِجا1"

يريدُ: أَمسيتُ وأَمسيا فهذَا كلهُ قَبيحٌ وليسَ بالمعروفِ.
قالَ أَبو عمر2: ولو رده إنسانٌ كانَ مذهبًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يعزى هذا الرجز للعجاج ولم يوجد في ديوانه: يريد أمست الأتن وأمسى العير، وقيل: وصف حمارا وأتنا وأراد: أمسيت وأمسى، فأبدل من الياء الجيم في الوقف.
وقيل: أراد أمست النعامة وأمسى الظليم.
وانظر: المحتسب 1/ 74. وشرح شواهد الإيضاح لابن بري/ 30. والمفصل للزمخشري 373. والتمام في تفسير أشعار هذيل 133/ وشرح السيرافي 5/ 562. واللسان 3/ 27.
2
يريد أبا عمر الجرمي، وانظر: اللسان 3/ 27 قال: وهذا كله قبيح، قال: أبو عمر الجرمي: ولو رده إنسان لكان مذهبا.

إبدالُ اللامِ:
أبدلوا1 اللامَ في: "أُصَيْلاَلٍ" من النونِ وذلكَ أَنَّهم إذَا صغروا: الأَصيلَ قالوا: أُصيلٌ وهُوَ القياسُ وقالَ بعضهُم: أُصيلانٌ فزادَ الأَلفَ والنونَ وهيَ لغةٌ معروفةٌ وهَذا مِنَ الشَاذِّ فأَبدلَ بعضهُم هذهِ النونَ لامًا فقالَ: أُصيلالٌ والأَصيلُ بعدَ العصرِ إلى المغربِ قالَ النابغةُ:

وقَفتُ فيها أَصيلاَلًا أُسائلُها.. أَعيَتْ جَوابًا ومَا بِالرَّبعِ مِنْ أَحَدِ

الهاءُ:
الهاءُ تبدلُ مِنَ التاءِ تاءِ التأنيثِ في الاسم في الوقفِ نحو: تَمْرَه وطَلَحه وقَائمِه ومِنَ الهمزةِ في: أَرحتُ: هَرَحْتُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -276- النونُ:
والنونُ تكونُ بدلًا مِنَ الهمزةِ في: "فَعْلاَن" فَعْلَى كمَا أَنَّ الهمزةَ بدلٌ مِنْ الألفِ في: حَمْراءَ هذَا مذهبُ الخليلِ وسيبويه1.
الحذفُ:
إذا كاتِ الواوُ أَولًا وكانتْ فَاءً نحو: وَعَدَ يَعِدُ حُذِفَت الواوُ لوقوعِها بينَ ياءٍ وكسرةٍ لأَنَّ مضارعَ فَعَلَ يَفْعِلُ فَوعَد فَعَلَ فإنْ كانَ الماضي مثلُ: وَجِلَ جاءَ المضارعُ علَى: يَفْعَلُ وتثبتِ الواوُ لأَنَّها لم تقع بينَ ياءٍ وكسرةٍ. وتَفْعِلةٌ مِنْ: وعدتُ وتَفْعِلُ: إذا كانا اسمينِ تَوعِدةٌ وَتَوْعِدٌ والدليلُ علَى أَنَّها تثبتُ قولُهم: تَوْسِعةٌ وتَودِيةٌ2 والمصدرُ مِنْ: وعدتُ: عِدَة فِعْلَةٌ والهاءُ لا بُدَّ منها وإذا لم تكنْ فلا حَذْفَ أَعلوا المصدرَ كفعلهِ.
قالَ سيبويه: وقَد أَتموا فقالوا: وجِهَةٌ في جِهةٍ3
قالَ أبو بكر: وهذا عندي أَعني وجهةٌ لم يجئ على الفعلِ والواوُ تُثبتُ في الأسماءِ قالوا: ولِدَةٌ وقالوا أَيضًا لِدَةٌ كعِدَةٍ فالاسم: وعِدَةٌ والمصدرُ: عِدَةٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 314 والنون تكون بدلا من الهمزة في "فعلا فعلى"، وقال سيبويه في باب ما لا ينصرف: وذلك أنهم جعلوا النون حيث جاءت بعد ألف عطشان، وسكران، كألف حمراء لأنها على مثالها في عدة الحروف والتحرك والسكون.
انظر: الكتاب 2/ 10 أما المبرد فيرى عكس مذهب سيبويه، إذ يري أن أصل همزة فعلاء النون، ويستدل برجوعهما إلى الأصل في صنعاني، نسبة إلى صنعاء.
انظر: المقتضب 1/ 219 و3/ 167 والموجز لابن السراج/ 160.
2
التودية: حشبة تشد خلف الناقة.
3
انظر: الكتاب2/ 358.



ج / 3 ص -277- وإن كانتِ الياءُ أولًا فاءً لم تحذفْ في الموضعِ الذي تحذفُ فيهِ الواوُ وذلكَ قولُهم1: يَعرَ2 يَيْعَرُ وحكي عن بعضِهم في المضارعِ: يَئِسَ ويَيْئَسُ3 كما قَالوا: يَعِدُ ومِنْ ذلكَ قولهُم: هَيْنٌ ومَيْتٌ يريدونَ هَيِّنٌ ومَيِّتٌ فحذفوا العينَ وهيَ متحركةٌ ومِنْ ذلكَ: كينونةٌ وقَيدودٌ وإنَّما هُوَ مِنْ: قادَ يقودُ وأَصلها: فَيْعَلُولٌ قالَ سيبويه: سألتُ الخليلَ عن "لَمْ أُبَلْ" فَقالَ: هيَ مِنْ "بَاليتُ" ولكنَّهم لما أسكنوا اللامَ حذفوا الأَلفَ لأَنَّهُ لا يلتقي ساكنانِ4، وزعَم الخليلُ: أَنَّ ناسًا يقولونَ: لم أُبَلِهِ لا يزيدونَ على حذفِ الأَلفِ ولَم يحذفوا لا أُبالي كما أَنَّهُم إذَا قالوا لم يكنِ الرجلُ فكانَتْ في موضعِ تَحركٍ لم تحذفْ وأُبالي إنَّما يحذفُ في موضعِ الجزمِ فَقَطْ5 [وإذَا كانتِ اللامُ ياءً بعدَ ياءين مُدْغَمَيْنِ فاجتمعَ ثلاثُ ياَءاتٍ في اسمٍ غيرِ مبني علَى "فَعَلٍ" حُذِفَ اللامُ وذلكَ قولُكَ في تصغيرِ عَطاءٍ عُطَيٌّ وفي أَحوى: حُيَيٌّ فإنْ كانَ اسمٌ علَى فَعْلٍ تثبتُ نَحو قولِك: حَيُّا فهوَ مُحَييٌّ6].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" قولك.
2
يعر: يعرت الشاة أو المعزى: صاحت:
3
في سيبويه 2/ 358: "وقد قال بعضهم: يا زيد يئس شبهها بقيل".
4
انظر: الكتاب 2/ 392.
5
انظر: الكتاب 2/ 392.
6
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -278- التحويلُ والنقلُ:
هَذا على ضربينِ: فِعْلٌ واسمٌ جَارٍ على: "فِعْلٍ".
واعلَمْ: أَنَّ كُلَّ كلمةٍ فحقُّها أَن تتركَ على بنائِها الذي بنيتْ عليهِ ولا تُزالُ عنهُ حركاتُها التي بنيتْ عليها ولا يحولُ إلا "فَعَلْتُ" مِما عينهُ واوٌ أَو ياءٌ فَإِنهُ في الأَصلِ "فَعَلَ" نحو: قَامَ وباعَ فإذَا قلتَ: فَعَلْتُ نَقَلْتَ ما كانَ مِن بَناتِ الواوِ إِلى "فَعُلْتُ" وما كانَ مِنْ بَناتِ الياءِ إِلى "فَعِلْتُ" ثَمَّ حولتَ الضمةَ في "فَعُلْتُ" مِنْ: قُلْتُ إلى الفاءِ ومن: بعتُ إِلى الفاءِ وأَزلْتَ الحركةَ التي كانتْ لَها في الأَصلِ فقلتَ: قُمْتُ وبُعْتُ وكانَ التقديرُ: قُوَمتُ وبَيعتْ فلمَّا نقلتَ عن العينينِ حركتيهما1 إلى الفاءِ سكنتا وأُسكنتِ اللامُ مِنْ أَجلِ التاءِ في: "فَعَلْتُ" فحُذِفتِ العينُ لإلتقاءِ الساكنينِ فصار2: قُمْتُ وبِعْتُ فألزموا: فَعُلتُ بَناتِ الواوِ وألزموا "فَعِلْتُ" بَناتِ الياءِ شبهوا ما اعتلتْ عينهُ بمَا اعتلتْ لامهُ كما أَلزموا: يَغزُو وبابُه "يَفْعُلُ" وأَلزموا "يَرْمي" وبابهُ "يَفْعِلُ" وكلُّ ما كانَ ماضيهِ علَى "فَعِلَ" فَعَلَى هَذا يجري وقَدْ3 جعلوا ما قبلَ كُلِّ واحدةٍ منهما حركتَها منها فتقديرُ: قُلْتُ قُوْلَ وتقديرُ: بِعْتُ بِيْعَ ويدلُّكَ علَى أَنَّ أَصلَ: قُمتُ وما أَشبهه: "فَعَلْتُ" أَنَهُ ليسَ في الكلامِ "فَعُلتهُ" فأَمَّا "طُلْتُ" فإِنَّها "فَعُلْتُ" في الأصلِ لأَنَّكَ تقولُ: طويلٌ وطُوَالٌ ولا يجوزُ: طُلْتهُ وليسَ في بَناتِ الياءِ "فَعُلتُ". وَدَخَلْتُ "فَعِلْتُ" علَى بَناتِ الواوِ نحو: شَقِيتُ وغَبِيتُ ولمَ تدخلْ "فَعُلْتُ" على ذواتِ4 الياءِ لأَنَّها نُقلتْ مِنَ الأَثقلِ إِلى الأَخفِّ وإِذَا قلتَ: يَفْعَلُ مِنَ قُلتُ ونحوهِ أَلزمتَهُ "يَفْعَلُ" فقلتَ: يَقُولُ وكانَ الأَصلُ: يَقْوُلُ فَحَوَّلتَ الحركةَ كما فَعلتَ في "فَعَلْتُ" حينَ قلتَ: قُمتُ وقلتَ في بِعْتُ: أَبِيعُ وكان الأصل أَبْيعُ فنقلتَ الحركةَ كما قلتَ في "فَعِلْتُ" مِنْ "بِعْتُ" وأَمَّا "خِفْتُ" فالأصلُ: خَوِفْتُ مبنيٌّ على "فَعِلْتُ" والعينُ مكسورةٌ فهذَا لم يحولْ مِنْ بناءٍ إلى بناءٍ وَهوَ على أصلهِ ولكنَّكَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حركتيهما: ساقط في "ب".
2
في "ب" فقلت.
3
وقد: ساقط من "ب".
4
في "ب" بنات.



ج / 3 ص -279- نقلتَ حركةَ العينِ فأَلقيتَها1 على الفاءِ ويدلُّكَ علَى أَنَّ خَافَ "فَعِلَ" قولُهمِ: يَخَافُ ويَخافُ "يَفْعَلُ" كانَ الأَصلُ: يَخْوَفُ فنَقلتَ الحركةَ كما فعلتَ في المَاضي ومستقبلُ: "فَعِلَ"2 علَى: "يَفْعَلُ" نحو: حَذِرَ يَحْذَرُ وفَرِقَ يَفْرَقُ فَنقلُ الحركةِ مِنْ عينِ "فَعُلْتُ" وفَعِلْتُ كانتا مُحوَّلتينِ أَو أَصْليتينِ إِلى الفاءِ واجبٌ في "فَعُلْتُ" وأَمَّا التحويلُ مِنْ بناءٍ إلى بِنَاءٍ فليسَ إلا في "قُمتُ" ونحوهِ وبِعْتُ ونحوهِ فافهَمْهُ وخُصَّ "بِعْتُ" وقُمْتُ بالتحويلِ دونَ غيرِهما لشبههما بَيغزَو ويَرْمِي ويَخَافُ لا يشبهُ "يَغْزو" لأَنَّ: يَخافُ "يَفْعَلُ" مفتوحُ العينِ وإِذَا كانَ الماضي فَعَل جَاءَ المضارعُ علَى يَفْعُلُ ويَفْعِلُ وليسَ ذلكَ في "فَعِلَ" فنقلنا مِنَ الفعلِ الماضي ما لَهُ "يَفْعُلُ" و"يَفْعَلُ" تشبيهًا بهِ وما ليسَ لَهُ ذاكَ لم ينقلْ فَتأَملْ هَذا فإِنَّهُ غيرُ مشروح في كتبِهم. وطُلْتُ أَصلهُ: طَوُلتُ "فَعُلْتُ" فنُقلتِ الحركةُ إِلى الفاءِ ولم يُحوِّلْهُ مِنْ شيءٍ إلى شيءٍ فمستقبلهُ3 مثلُ "يَطُولُ" وإِذَا كانَ "فَعَلَ" من بناتِ الواوِ ونُقلَ إِلى "فَعُلَ" كانَ "فَعُلَ" الذي أَصلهُ مِن بناتِ الواوِ حقيقًا بأن لا يُزالَ عن جهتهِ و"فَعُلَ" ليسَ في ذواتِ الياءِ وإذا قُلتَ "فُعِلَ" في هذهِ الأَشياءِ كسرتَ الفاءَ وحولتَ عليها حركةَ العينِ كَما فعلتَ ذلكَ في "فَعْلْتُ" لتُغَيرَ حركَة الأصلِ وذلكَ قولُكَ: خِيفَ وبِيعَ وهِيبَ وقِيلَ وبعضُ العربِ يشمُ الضمَ إرادةَ أَنْ يبينَ أَنَّها "فُعِلَ" وبعضُ مَنْ يضم يقولُ: بُوعَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" وألقيتها.
2 "
على" ساقط من "ب".
3
في "ب" مستقبله.
4
في "ب" ينقل.
5
يعني أن بعض العرب ينطق بحركة هي بين الكسرة والضمة إرادة أن يبينوا أن الفعل على وزن "فُعِلَ" وقد ذكر سيبويه هذه اللغات كتابه 2/ 360، وما يليه في الفعل الأجوف المبني للمجهول، اعتبر أن قيل وبيع هي الأصل. وليس هنا مجال مناقشة ذلك ولم يعز سيبويه هذه اللغات لأصحابها. وبناء على قول أبي حيان في البحر 1/ 60-61: أنها لغة قريش ومجاوريهم من كنانة، وقول: لغة هذيل وبني دبير من أسد. وقيل: الإشمام لغة كثير من قيس وعقيل ومن جاورهم وعامة بني أسد، وقد قرأ الجمهور هذه الأفعال الجوفاء المبنية للمجهول على لغة قريش. وقرأ الكسائي وهشام بالإشمام ولم أعثر على قراءة بلغة هذيل، لكن بدر الدين أورد شاهدا لذلك في شرحه على الألفية/ 88.

ليت وهل ينفع شيئا ليت ليت شبابا بوع فاشتريت



ج / 3 ص -280- وقُولَ وخَوفَ يُتبعُ الياءَ ما قبلَها كما قَالَ: مُوقِنٌ وهذهِ اللغاتُ دَواخلُ علَى قِيلَ وخِيفَ وبِيعَ وهِيبَ والأَصلُ الكسرةُ.
وإِذَا قلتَ "فَعَلَ" صارتِ العينُ تابعةً لِما قبلَها ولَو لم تجعلْها1 تابعةً لِمَا قبلها2 لألتبسَ "فَعَلَ" مِنْ "باعَ وخَافَ" "بِفُعِلَ".
قَالَ سيبويه: وحدثنا أَبو الخطابِ: أَنَّ ناسًا مِنَ العربِ يقولونَ: كِيدَ زيدٌ يَفْعلُ وما زِيلَ [زيدٌ]3 يَفْعلُ يريدونَ زالَ وكادَ4 فهؤلاءِ نَقلوا في "فَعَلَ" وحولوا كما فَعَلوا في "فَعِلْتُ" فإِذَا قلتَ: فُعِلْتَ أَوْ فُعِلنَ أَوْ فُعِلْنا مِنْ هذهِ الأشياءِ ففيها لغاتٌ5 أَمَّا مَنْ قالَ: بيِعَ وهِيبَ وخِيفَ فإِنّهُ يقولُ: خِفْنَا وبِعْنَا وخِفْنَ [وبِعن]6 وخِفْتُ [وبِعْتُ]7 وهِبْتُ تدَعُ الكسرةَ على حالِها وتحذفُ الياء لإلتقاءِ الساكنينِ وأَمَّا مَنْ ضَمَّ بإشمامٍ إِذَا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" تجعل.
2
لما قبلها: ساقط في "ب".
3
زيادة من "ب".
4
انظر: الكتاب 2/ 360. قال سيبويه: وحدثنا أبو الخطاب أن ناسا من العرب يقولون: كيد زيد يفعل. حيث أسكنوا العين، وحولوا الحركة على ما قبلها ولم يرجعوا حركة الفاء إلى الأصل.
5
انظر: الكتاب 2/ 360-361. مذكورة هذه اللغات بالتفصيل.
6
زيادة من "ب".
7
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -281- قالَ: فُعلَ1، فإنّهُ يقولُ: قَد بِعْنَا وقَد بِعْنَ يُميلُ الفاءَ ليعلمَ أَنَّ الياءَ قد حُذِفتْ والذينَ يقولونَ: بُوعَ وقُولَ وخُوفَ يقولونَ: بُعْنَا وخُفْنَا وَهُبْنَا وأَمّا مِتَّ تَموتُ فإِنَّما اعتلتْ مِنْ "فَعِلَ يَفْعُلُ" ونظيرُها مِنَ الصحيح: فَضِلَ يَفْضُلُ وهذهِ الأشياءُ تشذُّ كأَنَّها لغاتٌ تداخلتْ فاستعملَ مَنْ يقولُ: فَضِلَ في المضارع لغةَ الذي يقولُ: فَضَلَ وكذلكَ "كُدْتُ" تكادُ جاءت تكادُ علَى كِدتُ وكُدتُ علَى: تكودُ.
قالَ سيبويه: وأَمَّا ليسَ فكأَنَّها مسكنةٌ مِنْ نحو قولهِ: صَيِدَ2 كما قالوا: عُلْمَ ذاكَ في "عَلِمَ ذاكَ" وإِنَّما فَعلوا ذلكَ بها حيثُ لم يكنْ لَها "يَفْعَلُ"3 شبهوها "بَلَيْتَ" أمَّا "عَوِرَ يَعْوَرُ" و"حَوِلَ يَحْوَلُ" و"صَيِدَ [يَصْيَدُ]4" فَجاءوا بِهَا على الأَصلِ لأَنهُ في معنى "اعوررتُ" و"احوللتُ" وأَمَّا طَاحَ يَطِيحُ وتَاهَ يَتيهُ فزعمَ الخليلُ: أَنَّها "فَعِلَ يَفْعِلُ" بمنزلةِ: حَسِبَ يَحْسِبُ وهيَ مِنَ الواوِ يدلُّكَ على ذلكَ: طَوَّحتُ وتَوَّهتُ وهوَ أَطوحُ منهُ وأَتوهُ منهُ5 ومَنْ قالَ: طَيَّحتُ وتَيَّهتُ فَقَدْ جاءَ بها على "بَاع يَبِيعُ".
واعلَمْ: أَنَّ جميعَ هذِه إِذَا دخلتْ علَيها الزوائدُ فهِيَ على علتِها لا فرقَ بينَها وبينها إلا أَنَّكَ لا تنقلُ فيها مِنْ بناءٍ إلى بناءٍ أَلا تَرى أَنَّكَ تقولُ: قَامَ ثُمَّ تقولُ: أَقامَ فهوَ مثلُ "قامَ" كَما كَان فإِذَا قلتَ: "فَعَلْتُ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
صيد: صار به صيد، أي: ميل في العنق.
3
انظر: الكتاب 2/ 361.
4
زيادة من "ب".
5
انظر: الكتاب 2/ 361. وأما طاح يطيح وتاه يتيه، فزعم الخليل: أنها فعل يفعِل بمنزلة حسب يحسب، وهي من الواو يدلك على ذلك: طوحت وتوهت.



ج / 3 ص -282- اختلفا فقلتَ: "قٌمْتُ" فإِنْ قلتَ: أَفْعَلتُ قلتَ: أَقمتُ فتركتَ القافَ مفتوحةً نقلتَ إِليها الفتحةَ مِنْ "أَقومتُ" ولم تحولْ مِنْ بناءٍ إِلى بناءٍ لأَنَّهُ قَد زَالَ هُنَا أَنْ يشبهَ المضارعَ مضارعَ "يَغْزُو ويَرمِي" لأَنَّ مضارعَ أَجادَ: يُجيدُ وأَقامَ: يُقيمُ فَقَد زالتْ تلكَ العلَّةُ التي كانتْ "بقُمتُ وبِعتُ" قبلَ دخولِ الزيادة ولو فعلوا هَذا بهِ أَيضًا لكانوا قد حوَّلوهُ إلى ما ليسَ مِنْ كلامِهم وه و"أَفْعُلَ" فلمَّا كانَ من كلامِهم "فَعُلَ" حوَّلوا إِليهِ ولمَّا امتنعَ منهُ "أَفعل" أَلقوهُ وقَد جاءتْ حروفٌ علَى الأَصلِ ولا يقاسُ علَيها وذلكَ نحو قولِهم: أَجودتُ وأطولتُ واستحوذَ1 واستروحَ وأَطيبَ وأَخْيَلَتْ وأَغُيَلَتْ وأَغيمتْ وجميعُ هَذا فيهِ اللغةُ المطردةُ.
قالَ سيبويه: إلا أَنّا لم نسمعهم قَالوا إلا "استروحَ إِليهِ وأغْيَلَتْ واسْتَحْوَذَ"2 ومِنْ هَذا البابِ: اختارَ واعتادَ وانقاسَ فتارَ مِن "اختارَ" وتادَ مِن اعتادَ وقَاسَ من انْقَاسَ نظيرُ "قَام" لا فرقَ بينَهما في سواكنهِ ومتحركاتهِ وإِذَا قلتَ [فَعَلْتُ]3 قلتَ أخْتَرْتُ وانْقَدْتُ.
وإِذَا قلتَ "افْتُعِلَ" "وانْفُعِلَ" قلت: اخْتِيرَ وانْقِيدَ لمَّا كانَ "تَارُ" من "اختارَ" بمنزلةِ4: قالَ صارَ تِيرَ مِنْ "اخْتِيرَ" بمنزلةِ قِيلَ والأَسماءُ الجاريةُ على أَفعالِها تعتلُّ كاعتلالِ الأفعالِ فأَمَّا "فَاعِلُ" مِنْ قامَ وبَاعَ فتقولُ: قَائِمٌ وبائِعٌ.
قالَ سيبويه: إِنَّ هذهِ الياءَ والواوَ جعلتا هُنا همزتينِ كَما فُعِلَ بهما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ورد هذا الحرف في القرآن: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ}. المجادلة 58.
2
انظر: الكتاب 2/ 362، قال سيبويه: إلا أنا لم نسمعهم قالوا إلا استروح إليه وأغليت واستحوذ.
3
زيادة من "ب".
4
بمنزلة: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -283- في: سِقَاء وقَضاءٍ1، ويعتلُّ مَفْعولٌ مِنها كما اعتلَ "فَعِلَ" فَتقولُ في: بِيعَ مَبيعٌ وفي هِيبَ: مَهِيبٌ وكانَ الأَصلُ: مبيوعٌ فنقلتِ الحركةُ مِنَ التاءِ إِلى الياءِ فسكنتِ الياءُ والتقى ساكنانِ الياءُ والواوُ.
وقالَ الخليلُ: فحذفتْ "واوُ مفعولٍ" وكانتْ أَولى بالحذفِ لأنَّها زائدةٌ2، وكذلكَ: مقولٌ.
وكانَ أَبو الحسن الأَخفش يَزعمُ: أَنَّ المحذوفةَ عينُ الفعلِ والباقيةَ واوُ مفعولٍ3.
قالَ المازني: فسألتهُ عَنْ "مبيعٍ" فقلتُ: أَلاَ تَرَى أَنَّ الياءَ في "مَبيعٍ" ياءٌ ولو كانتْ واوُ مفعولٍ كانتْ مَبوعٌ فقالَ: إِنهم لما أسكنوا "ياءَ" مبيوعٍ وأَلقوا حركتَها علَى الباءِ انضمتِ الباءُ وصارتْ بعدَها ياءٌ ساكنةٌ فأبدلتْ مكانَ الضمةِ كسرةٌ للياءِ التي بعدَها ثُمَّ حذفتِ الياءُ بعدَ أَن لزمتِ الباءُ الكسرةَ للياءِ التي حذفتَها فوافقتْ واوُ مفعولٍ الباءَ مكسورةً فانقلبتْ ياءً للكسرةِ التي قبلَها كما انقلبتْ وا و"ميزانٍ" ياءً للكسرةِ.
قالَ المازني: وكِلا القولينِ حَسَنٌ جَميلٌ قالَ وقولُ: أَبي الحسن أَقيسُ4. وتقولُ في "مَفْعُولٍ" مِنَ القولِ "مَقولٌ" وكانَ الأَصلُ: مَقوولٌ فنقلتِ الحركةُ فاجتمعَ ساكنانِ فحُذِفَ أَحدهُما وبعضُ العربِ5 يخرجهُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 363
2
انظر: الكتاب 2/ 363، والتصريف 1/ 287.
3
في التصريف 1/ 287. ومقول: الواو الباقية عين الفعل والواو المحذوفة واو مفعول. وكان أبو الحسن يزعم أن المحذوفة عين الفعل والباقية واو "مفعول".
4
انظر: التصريف 1/ 288.
5
قال سيبويه 1/ 363: وبعض العرب يخرجه على الأصل فيقول: مخيوط ومبيوع، فشبهوها بصيود وغيور، حيث كان بعدها حرف ساكن ولم تكن بعد الألف فتهمز.



ج / 3 ص -284- إِلى الأَصلِ فيقولُ: مَخيُوطٌ ومَبيوعٌ ولا يحذفُ [ولا نعلمُ أَنَّهم]1 أَتموا في الواواتِ لم يَقولوا في "مَقُولٍ" مَقوولٌ لثقلِ الواوِ ويجري "مَفْعَلٌ" مجرى "يَفْعَلُ" فيهما فيعتلُّ قالوا: مَخَافةٌ مثلُ: يَخافُ ومَقَامٌ ومقَالُ ومَثَابةٌ ومَنَارةٌ فَمَفعلٌ علَى2 وَزنِ "يَفْعَلُ" ليسَ بينهما إلا أَنَّ الميم موضعُ الياءِ فمذهبُ سيبويه3: أَنَّ كُلَّ ما كانَ من الأسماءِ التي في أَوائلها زوائدُ تفصلُ بينَها وبينَ الأَفعالِ وهيَ علَى وزنِ الأفعالِ فإِنّهُ يعلُّها كَما يعلُّ الفعلَ. ومَفْعِلٌ مثلُ: "يَفْعِلُ" وذلكَ قولُكَ المَبِيضُ والمَسِيرُ ومَفْعُلةٌ4 مثلُ يَفْعُلُ وذلكَ قولُكَ: المَشُورةُ والمَعُونةُ والمَثُوبةُ ويدلّكَ علَى أَنَّها ليستْ بمفعُولةٍ وأَنَّها مَفْعُلَةٌ أَنَّ المصدرَ لا يكونُ على "مَفْعُولة" وكانَ الأخفشُ يجيزُ أن يأتيَ بمَفْعُولةٍ مصدرًا ويحتج بِخُذْ ميسُورةً ودَعْ مَعسُورةً5 و"مُفْعُلةٌ" مِنْ بَناتِ الياءِ تجيءُ علَى مثالِ "مَفْعِلةٍ" لأَنكَ إِذَا سكنتَ الياءَ وهيَ العينُ جعلتَ الفاءَ تابعةً كما فعلتَ ذلكَ في "مَفعولٍ" فتقولُ "مَعِيشةٌ" إِذَا أَردتَ "مَفعُلةً" مِنَ العيشِ ولو أَردتَ أَيضًا "مَفْعِلةً" لكانَ على هَذا اللفظِ فَمِعيشةٌ علَى وزنِ: يَعِيشُ وَيَعِيشُ لو جازَ أَن تريدَ بهِ "يَفْعُلُ" ما كانَ بُدٌّ مِنْ إبدالِ الضمةِ كسرةً لِتَصحَّ الياءُ لقربِها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت "ولا نعلم" لإيضاح السياق. وانظر: الكتاب 2/ 363 ولا نعلمهم أتموا في الواوات، لأن الواوات أثقل عليهم من الياءات. ومنها يفرون إلى الياء. فكرهوا اجتماعهما مع الضمة.
2
في الأصل "في" والتصحيح من "ب".
3
انظر: الكتاب 2/ 364.
4
في "ب" مفعل.
5
مذهب سيبويه في هذا أن المصدر لا يأتي على وزن مفعول البتة. ويتأول قولهم: دعه إلى ميسورة وإلى معسورة. أنه إنما جاء على الصفة، كأنه قال: دعه إلى أمر يوسر فيه وإلى أمر يعسر فيه. وانظر: الكتاب 2/ 250.



ج / 3 ص -285- من الطرفِ وإِنَّما تبدلُ الضمةَ كسرةً إِذَا كانتْ بعدَها الياءُ ساكنةً وذلكَ نحو: أَبْيضَ وبِيضُ وكانًَ القياسُ بُوْضٌ لأَنَّها1 فُعْلٌ.
[
ويدلُّكَ علَى ذلكَ قولُهم: أَحمرُ وحُمرٌ ولكنَّهم أبدلوا الضمةَ كسرةً لتصِحَّ الياءُ التي كانتْ في الأصلِ لئلا يخرجوا مِنَ الأَخف إِلى الأثقلِ في الجمعِ وهوَ أَثقلُ من الواحدِ عندَهم فيجتمعُ ثقلانِ ولذلكَ قالوا: عِتِيٌّ فكسروا ليؤكدوا البدلَ قالوا: صِيَّمٌ وقِيَّمٌ لقربِهما مِنَ الطرفِ ولأَنَها جَمعٌ ولَمْ يقولوا في دُوَّار وصُوَّام لبعدِها مِنَ الطرفِ]2
قالَ سيبويه: ولا تجعلْها بمنزلةِ "فَعُلْتُ" في الفعلِ3 -يعني- إِذَا قلتَ: قَضُوَ فأتبعتَ الياءَ الضمةَ لأَنَّ ذلكَ لا يفعلُ في "فَعُلَ" لو كانَ اسمًا تقولُ في مثالِ مُسْعُطٍ مِنَ البيعِ: مُبِيعٌ كانَ الأَصلُ: مُبُيعٌ فنقلتَ الحركَة إِلى الباءِ ثم أَبدلتَها كسرةً لتصِحَّ الياءُ.
وقالَ الأَخفش: فيما أَحسبهُ أَقولُ: مُبُوعٌ وهوَ خَلافُ قولِ سيبويهِ وإِنَّما أَعلَّ مثالَ مُسْعُطٍ لأَنَّهُ وزنُ "أَقْتُلُ" ومُفْعَل مِنَ الياءِ والواوِ على مثالِ: يُفْعَلُ وَقَدْ جاءتْ "مَفْعَلةٌ" على الأَصلِ قالوا: إِنَّ الفكاهةَ مَقْوَدَةٌ إِلى الأَذى قالَ سيبويه: مَكْوَزةٌ ومُزَيدٌ4 جاءَ علَى الأصلِ وإِنْ كانَ اسمًا وليسَ بمطردٍ.
قالَ أَبو العباس: مُزْيَدُ إِنْ كانَ اسمًا لرجلٍ ولم تردْ بهِ الإجراءَ على الفعلِ كما يكونُ المصدرُ وما يشتقُّ منه اسمًا للمكانِ أَو الزمانِ فحقهُ أَنْ لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" لأنه.
2
زيادة من "ب".
3
انظر: الكتاب 2/ 364.
4
انظر: الكتاب 2/ 364.



ج / 3 ص -286- يُعل وأَنْ يصححَ لأَنَّهُ إِنَّما تعلهُ ما دَامَ يناسبُ الفعلَ بأَنَّهُ مصدرٌ للفعلِ أَو مكانٌ للفعلِ أَو زمانٌ لَهُ فإِذَا بَعُدَ مِنْ هذهِ الأمورِ لم يجزْ أَن يُعلَّ إلا كما تعلُّ سائرُ الأسماءِ1.
قالَ سيبويه: وقالوا: مَحْبَبٌ حيثُ كانَ اسمًا. أَلزموهُ الأَصلَ كَمورَقٍ2 ومتَى جاءَ اسمٌ علَى وزنِ الفعلِ وليسَ فيهِ ما يفرقُ بينَهُ وبينَ الفعلِ صُحِّح وذلكَ قولُهم: هَوَ أَقولَ الناسِ وأَبيعُ الناسِ وأَقولُ مِنْكَ وأَبيعُ مِنْكَ وإنّما أَتموا ليفصلوا بينَهُ وبينَ الفعلِ نحو: أَقالَ وأَقامَ ويتمُّ في قولِكَ: ما أَقولهُ وأَبيعهُ لأَنَّ معناهُ معنى "أَفعلُ منكَ" وأَنَّهُ لا يتصرفُ تصرفَ الأفعالِ فأَشبهَ الأَسماءَ وكذلكَ: أَفعلْ بهِ لأَنَّ معناهُ معنى: ما ما أفعله ويتمُّ في كُلِّ ما جاءَ على لفظِ الفعلِ بغيرِ فَرقٍ بينَهما ونحنُ نُتبعُ هَذا ما يتمُّ مِنَ الأسماءِ [ولا يُعَلُّ3 إِنْ شَاء الله].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المقتضب 1/ 108. فإن صغت اسما لا تريد به مكانا من الفعل ملازما للفعل ولا مصدرا قلت في "مفعل" من القول "مقول" ومن البيع مبيع، كما قالوا في الأسماء: مزيد، وقالوا: إن الفكاهة مقودة إلى الأذى.
2
انظر: الكتاب 2/ 364.
3
انظر: الكتاب 2/ 364.











52



















الأصول في النحو

ذِكْرُ ما يتم ويُصححُ ولا يُعَلُّ:
مِنْ ذلكَ ما صُححَ لسكونِ ما قبلِهِ وما بعده وذلكَ نحو: حُوَّلٍ وعُوَّارٍ وَقَوَّالٍ ومِشوارٍ والتَّقوال1 والتقَوالِ وقَوول وبُيوعٍ وشُيُوخٍ وحُوُولٍ وَنَوارً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
والتقوال: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -287- وهُيامٍ1 وطويلٍ2 وطُوالٍ3 وخِوَانٍ وخِيَارٍ وَعِيانٍ ومَقَاول ومَعَايش وبَناتُ الياءِ كبناتِ الواو في جميعِ هذَا في تركِ الهمزِ في: طَاوُوسٍ وسَايُور4، نحو ما ذكرنا ومِنْ ذلكَ: أَهوناءُ5، وأَبيناءُ6 وأَعيياءُ وقالوا: أَعيّاءُ وقالَ بعضُهم: أَبِينَاءُ كَسرِه الكسرةَ في الياءِ كما كرهوا الضمةَ في "فُعُلٍ" مِنَ الواوِ فأَسكنوا نحو: نُوْرٍ وقٌوْلٍ ولَيْسَ بالمطردِ7، فأَمَّا الإِقامةُ والاستقامةُ فاعتلتْ علَى أَفعالِهما وطَويلٌ لم يجئ على "يَطُولُ"8 ولاَ علَى الفِعْلِ أَلاَ تَرى أَنَّكَ لو أَردتَ الاسمَ لقلتَ: طَائلٌ وإِنَّما هُ و"كفعيلٍ" يعني به "مَفعولَ" مِفْعَلٌ يتمُّ ولم يَجرِ مَجرى "أَفعلُ" لأَنَّ مَفعلًا إِنَّما هُ و"مِفْعَالٍ" أَلاَ تَرى أَنَّهما في الصفةِ سَواءٌ تقولُ: مِطْعَنٌ ومِفْسَادٌ فتريدُ في "المِفْسَادِ" مِنَ المعنى ما تريدُ في "المِطْعَنِ" وتقولُ: المِخْصَفُ والمِفْتَاحُ فتريدُ في المِخْصُفِ مِنَ المعنى ما أَردتَ في "المِفْتَاحِ" وقَد يعتورانِ الشيءَ الواحدَ نحو: مِفْتاحٍ ومِفْتَحٍ ومِنْسَجٍ ومِنْسَاجٍ فمن ثُمَّ قالوا: مِقْولٌ ومِكْيلٌ فأَمَّا قولُهم: مَصائبُ وهَمزها فَغَلطٌ9، هيَ "مُفْعِلَةٌ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هيام: بضم الهاء أشد العطش. مصدر. وقيل اسم منه. أما هيام -بفتح الهاء- فهو تراب يخالطه رمل ينشف الماء نشفا.
2
طويل: وزنه "فعيل".
3
طوال على وزن "فُعال".
4
سايور: فاعول، من سرت.
5
أهوناء: جمع هين، وهو السهل.
6
أبيناء: جمع بين، الواضح.
7
في سيبويه 2/ 366: قال بعض العرب: أبيناء فأسكن الياء وحرك الباء، كره الكسرة في الياء، كما كرهوا الضمة في الواو.
8
انظر: الكتاب 2/ 366.
9
قال سيبويه 2/ 376: وأما مصائب: فإنه غلط منهم وذلك أنهم توهموا أن مصيبة، فعيلة، وإنما هي "مفعلة" وقد قالوا: مصاوب. وانظر: المصنف 1/ 307-308، والمقتضب 1/ 123.



ج / 3 ص -288- وتوهموها "فَعِيلَةً" وقَد قالوا: مَصاوب ويهمزونَ نحو: صَحَائف وَرَسائل وعَجَائز.
"
فَاعِلٌ" مِنْ "عَورتُ" إذَا قالوا: "فَاعِلٌ" غَدًَا قالوا: عَاورٌ غَدًا وكذلكَ: صَائدٌ غَدًَا مِنْ صَيِدَ لمّا صحتْ في الفعلِ ولو كانَ "تَقُولُ" اسمًا لكسرتَهُ تُقَاول وتَبيعُ تُبَايع ولا يهمزُ ويتمُّ "فَاعلٌ" نحو: قَاولَ وبايعَ.
وفَوَاعلُ مِنْ "عَوِرْتُ" وصَيِدتُ يُهمزُ لأَنَّك تقولُ في "شَويتُ شَوَايا" كما تُهمزُ نظيرُ مَطَايا مِنْ غَيرِ بناتِ الياءِ والواوِ نحو: صحائف لأَنَّ "عورتُ" نظيرُ "شَويتُ" وصَيِدتُ نظيرُ "حَيِيتُ" فهمزت لإلتقاءِ الواوينِ. وليسَ بينَهما حَاجزٌ حَصينٌ فَصار بمنزلةِ الواوينِ يلتقيانِ.



ج / 3 ص -289- [هذا بَابُ ما يكسرُ عليهِ الواحدُ مِما ذَكرنَا]:
وطَويلٌ وطُوَالٌ صَحَّ في الجمعِ كما صَحَّ في الواحدِ وأَمَّا فَعَلانٌ وفَعْلَى نحو: جَوَلاَنٍ وحَيَدانٍ وحَيَدى1 فأَخرجوهُ بهذهِ الزيادةِ مِنْ مثالِ الفعلِ الذي يعتلُّ فأَشبهَ عندهم ما صُححَ لأَنَّهُ جَاءَ على غيرِ مثالِ [الفَعْلِ]2، المعتلِّ نَحو: الحَوِلِ والغَيِرِ وكذلكَ "فَعَلاءُ" نح و"السِّيَراء3" وفُعَلاَءُ نحو: القُوَياءِ والخُيَلاءِ أَخرجتهُ الزيادةُ مِنْ مثالِ الفِعْلِ الذي يعتلُّ فأَشبهَ عندَهم مَا صَحَّ لأَنَّهُ جاءَ علَى غيرِ مثالِ الفِعْلِ4 وقَد أَعلَّ بعضُهم5: فَعَلانَ وفَعَلَى كما أَعلَّ ما لا زيادةَ فيهِ جَعلوا الزيادةَ بمنزلةِ الهاءِ وذلكَ قولُهم: دَارَانٌ6 وهَامَانُ وليسَ بالمطردِ وأَمَّا فُعَلَى وفِعلَى فَلا تدخلُهُ العلةُ كَما لا تدخلُ "فُعَلٌ وفِعَلٌ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حيدى: حمار حيدى، يحيد عن ظله لنشاطه.
2
زيادة من "ب".
3
السيراء: بسكون الياء وفتحها، ضرب من البرود، وقيل: هو ثوب مسير فيه خطوط تعمل من القز.
4
زيادة من "ب".
5
انظر: الكتاب 2/ 371.
6
داران: من دار يدور.



ج / 3 ص -290- هَذَا بابُ ما يكسرُ عليهِ الواحدُ [مما ذكرنا]1:
إِذَا جمعتَ "فَوْعَلَ" همزتَ كما همزتَ "فَواَعلَ" مِنْ عَورتُ وصَيدتُ وسَيّدٌ يهمزُ وفَيْعَلٌ نحوَ عَيَّنٌ2 يهمزُ جميعُ هَذا لأنَّهُ اعتلَّ بعدَ ياءٍ زائدة في موضعِ أَلفِ "فَاعلٍ" ولو لم يعتلَّ لَمْ يهمز كما قالوا: ضَيونٌ3 وضَيَاونٌ "فُعَّلٌ" مِنْ قلتُ "قَوَائلُ" تهمزُ وكذلكَ "فَعْوَلٌ" لإلتقاءِ الواوينِ وأَنَّهُ لَيْسَ بينَهما حاجزٌ حصينٌ وقربُها مِنْ آخر الحرفِ وإِذَا التقتِ الواوانِ على هَذا المثالِ فلا تلتفتن إِلى الزائدِ وغيرِ الزائدِ أَلا تَرَاهم قالوا: أَوَائلُ في أَولَ وأَمَّا قَولُ الشاعرِ: عَوَاورُ4 فإِنَّما اضطر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
عين: يقال: سقاء عين، وتعين إذا رق فلم يمسك الماء. وبالجلد عين، وهو عيب فيه.
3
ضيون: السنور الذكر، وقيل: هو دويبة تشبهه، والجمع ضياون.
4
يشير إلى قول الشاعر:

وكحل العينين العواور.

وهو من شواهد سيبويه 2/ 374. على تصحيح واو العواور الثانية، لأنه ينوي الياء المحذوفة من العواوير، إذا وقعت في مثل هذا الموضع لم تهمز لبعدها من الطرف. والعواوير: جمع عوار وهو وجع العين. وهو أيضا ما يسقط في العين فيؤلمها وجعل ذلك كحلا للعين على الاستعارة، يقال: بعينه عوار، أي: القذى في العين والشاهد لجندل بن المثنى الطهوي من بني تميم، وقبله:

غرك أن تقاربت أباعري وأن رأيت الدهر ذا الدوائر

وكحل العينين بالعواور

وانظر: المنصف 2/ 49. والخصائص 1/ 195. والإنصاف/ 417، والمفصل للزمخشري/ 382. والتمام في تفسير أشعار هذيل/ 254 واللسان "عور" وشواهد الشافية/ 174. والمحتسب 1/ 107.



ج / 3 ص -291- إِليه1 فحذَف الياء من "عَواوير" ولم يكنْ تَركُ الياءِ2 في الكلامِ لازمًا فيهمزُ:
فَوَاعل مِنْ قُلتُ. يُهمزُ لأنَّها أَمثلُ مِنْ [َوَاعلٍ مِنْ]3 عَورتُ" وأوائلُ. وبناتُ الياءِ كبناتِ الواوِ يهمزن كما همزت "فَوَاعلُ" مِنْ "صَيِدتُ" لأَنَّ الياءَ قَدْ تستثقلُ معَ الواوِ كاستثقالِ الواوينِ ويهمزُ "فَعِيلٌ" مِنْ قُلتُ وبِعْتُ قَوَائِلُ وبَيَائعُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
إليه: ساقط في "ب".
2
في سيبويه 2/ 374 فإن اضطر الشاعر فحذف الياء من عواوير ولم يكن ترك الواو لازما له في الكلام فيهمز، فسيبويه يقول: لم يكن ترك الواو لازما وابن السراج ترك الياء، وأظن سيبويه على صواب، لأنه لو لم تكن فيه ياء منوية للزم همزها كما قالوا: في جمع أول: أوائل.
3
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -292- بَابُ ما يجري فيه بعضُ مَا ذكرناَ إِذا كُسرَ للجمعِ علَى الأصلِ:
فمِنْ ذلكَ "فَيْعَالٌ" نحو: دَيَّارٍ وقَيَّامٍ وَدَيُّورٍ وَقَيُّومً تقولُ: دَياويرُ وقَيَاويمُ وعُوَّارٌ وعَواويرُ وكلَّما فصلتَ بينَهُ وبينَ آخر الحروفِ بحرفٍ جَرى علَى الأصلِ كما جَاء: طَاووسٌ ونَاووسٌ1.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ناووس: جمعه نواويس، وهو مقابر النصارى. قال ابن منظور: إن كان عربيا فهو فاعول.



ج / 3 ص -293- بَابُ "فُعِلَ" مِنْ "فَوعَلتُ" مِنْ "قَلْتُ" وفَيعَلتُ مِنْ "بِعْتُ":
وذلكَ قولُكَ قُوولَ وبُويعَ تمدُّ كما مددتُ في "فَاعلتُ" ألا ترى أنَّك تقولُ: بَيطرتُ فتقولُ: بُوطِرَ فتمدَّ وصَوْمعتُ فتقولُ: صُومِعَ فتجري مَجرى: باطرتُ وصَامعتُ وكذلكَ "تفَيعلتُ" إِذا قلتَ: قَدْ تَفَوعَل تقولُ: تُفُوهقَ مِنْ تَفَيهقْتُ وكذلكَ إِذا كانَ الحرفُ "فَعْوَلتُ" وفَعْيَلتُ: تقولُ: قَد بُووعَ وافْعَوْعَلتُ مِنْ سرتُ اسييرّتُ تقلبُ الواو ياءً لأَنَّها ساكنةٌ بعدَها ياءٌ فإِذَا قلتَ: فُعِلْت قلتَ: أُسْيُوِيرْتُ.
قالَ سيبويه: وسألتهُ يعني الخليلَ عَنِ اليوم فقالَ: كأَنَّهُ مِنْ "يُمْتُ" وإِن لم يستعمل كراهيةَ أن يجمعوا بينَ هَذا المعتل ويَاءٍ1 تدخلها2 الضمةُ في "يَفْعُلُ" كراهيةَ أنْ يجتمعَ ياءانِ [في]3 إِحداهما ضمةٌ مع المعتل4 ومما جاءَ على "فِعْلٍ" لا يتكلمُ بهِ كراهيةٍ نحو ما ذكرها أولُ وَآأَةٌ وَوَيْسٌ وَوَيْجٌ كَأنَّهُ مِنْ وِلتُ وَوِحْتُ وَأُؤْتُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت "ياء لإيضاح المعنى.
2
في الأصل "تدخله".
3
زيادة من "ب".
4
انظر: الكتاب 2/ 376.



ج / 3 ص -294- أَفعلتُ في القياسِ مِنَ اليومِ عَلى مَنْ1 قَالَ: أَطوَلتُ وأَجودَتُ.
قالَ الخليلُ: أَيَّمتُ تقلبُ. هنا كما قلبتْ في "أيامٍ"2 أُفعِلٌ ومُفْعَلٌ ويُفْعَلُ أُووِمْ [بغيرِ هَمْزٍ]3 ويُوْوَمٌ لأَنَّ الياءَ لا يلزمُها أَنْ يكونَ بعدَها ياءٌ كفَعَّلتُ [وفَوعلتُ مِنْ بِعْتُ]4 وقَدْ تقعُ وحدَها فكَما أُجريتْ "فَيْعَلتُ وفَوعَلتُ" مجرى "بَيْطرتُ" وصَوْمعتُ أَجريتْ هذهِ مجرَى "أيقنتُ".
وأَبو العباس يقولُ: أَيّمٌ عَلَى "أَفعِلٍ" لأَنَّ الواوَ هُنَا فَاء5 فهيَ تَلزمُ العينَ وهيَ مدغمةٌ وإِذَا كانَ الحرفُ مدغمًا لم يقلبْهُ ما قبلَهُ6.
أفعلُ: مِنَ اليَومِ أيَّمٌ والجمعُ أيائمُ تهمزُ لأَنَّها اعتلتْ كما اعتلتْ في7 "سيدٍ" فكما أَجريتَ سَيدًا مَجرى "فَوْعلَ" مِنْ "قَلْتُ" كذلكَ تجري هَذا مجرى أَوَّلَ. افْعَوعَلتُ مِنْ "قُلْتُ": "اقْوَوَّلْتُ وافْعَالَلتُ" مِنَ الياءِ والواوِ: اسوادَدْتُ وابَياضَضْتُ أَتموا لأَنَّهم لو أسكنوا لكانَ8 فيهِ حذفُ الألفِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" ما وهو خطأ.
2
انظر: الكتاب 2/ 376.
3
زيادة من "ب".
4
زيادة من "ب".
5
فاء فهي: ساقط في "ب".
6
في المقتضب 1/ 178: وكان الخليل يقول: لو بنيت "أفعلت" من اليوم في قول من قال: أجودت، وأطيبت، لقلت: أيمت، وكان الأصل: أيومت، ولكن انقلبت الواو للياء التي قبلها. كما فعلت في "سيد".
وانظر: الكتاب 2/ 376 والمنصف 2/ 35 والخصائص 3/ 16.
7
في "ب" "من".
8
في "ب" "كان".



ج / 3 ص -295- والواوِ لئلا1 يلتقي ساكنانِ. افْعَلَلَتُ "ازْوَرَرْتُ" وابْيَضَضْتُ فإِنْ أردتَ "فُعِلَ" قلتُ أُبْيُوضٌ [في هَذا المكانِ]2 واقْوُول جمعتَ بينَ ثلاثِ واواتٍ لأَنَّ الثانية كالمدةِ كما فعلتُ ذلكَ في "قَوْوِلَ".
قال أبو الحسن: أَقُولُ:3 واقْوُيِلْتُ لئلا أَجمعَ بينَ ثلاثِ واواتٍ فُعْلَلٌ من كِلتُ: كُوْلَلٌ وفُعْلِلٌ إِذا أَردتَ الفِعلَ: كُوَلِلٌ ولم يجمعْ4 بمنزلةِ بِيضٍ.
وبِيْعٍ لبعدِها5 مِنَ الطرفِ وصارتْ علَى أَربعةِ أَحرفٍ وكانَ الفعلُ ليسَ أَصله يائهِ6 التحريكُ. سمعنا مِنَ العربِ مَنْ يقولُ: تَعَيّطتِ7 الناقةُ ثُمَ قالوا: عُوطَطٌ8 فُعْلَلٌ9.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل لأن لا.
2
زيادة من "ب".
3
انظر: المقتضب 1/ 187. كان أبو الحسن يقول في: أقوول، أقويل يقلب آخرهن ياء ويدغم فيها التي قبلها، وعلته في ذلك اجتماع الواوات، ويقول: إنما تجري الأبنية على الأصول وليس في الأصول ما هو هكذا.
4
ولم يجمع: ساقط من "ب".
5
في "ب" بعدها.
6
في الأصل "بابه".
7
تعيطت: وتعوطت الناقة إذا لم تحمل أول سنة يطرقها الفحل، فهي عائط وحائل.
8
العوطط: مصدر، الناقة إذا لم تحمل السنة المقبلة، فهي عائط وعوطط.
9
في سيبويه 2/ 377: سمعنا من العرب من يقول: تعيطت الناقة. وقالوا: العوطط، فعلل.



ج / 3 ص -296- بَابُ مَا الهمزُ فيهِ في موضعِ اللامِ مِنْ بناتِ الياءِ والواوِ:
نحو: سَاءَ يَسُوءُ وجَاءَ يَجيءُ وَشاءَ يَشَاءُ.
اعلَم: أَنَّ الواوَ والياءَ لا تُعَلاَّنِ واللام ياءٌ أَو واوٌ لأَنَّهم إِذَا [فعلوا ذلك]1 يصيرونَ إلى ما يستثقلونَ وإِلى الإِلباس والإِجحافِ فهذهِ الحروفُ تجري مَجرى: قَالَ وبَاعَ إلا أَنكَ تحولُ اللامَ يَاءً إِذا همزتَ العينَ وذلكَ نحو قولكَ2: جَاءٍ همزتَ العينَ التي [هُمِزَتْ]3 في "بَائعٍ" [واللام مهموزة]4 فالتقت همزتانِ ولم تكنْ لتجعلَ [اللامَ]5 بينَ بينَ لأَنَّهما في كلمةٍ واحدةٍ وجميعُ ما ذكرتُ في "فَاعلٍ" بمنزلةِ جَاءٍ.
واعلَم: أَنَّ ياءَ "فَعَائل" أَبدًا مهموزةً لا تكونُ إلا كذلكَ ولم تَردْ إلا كذلكَ وشبهت "بفَعَاعِل فَوَاعل" مِنْ جِئتُ جَوَاءٍ وشَوَاءٍ لأَنَّها لم تعرضْ في جَمعٍ وأَمَّا "فَعَائل" مِنْ "جِئتُ" وَسُؤتَ فكخَطَايا تقولُ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت إلى الجملة "إذا فعلوا ذلك" لإيضاح المعنى.
2
قولك: ساقط في "ب".
3
أضفت كلمة "همزت" لإيضاح المعنى.
4
أضفت "واللام مهموزة" للمعنى.
5
أضفت كلمة "اللام" للمعنى.



ج / 3 ص -297- جَيَايا وسَوَايا وكانَ الخليلُ: يزعمُ: أَنَّ جاءٍ وشَاءٍ. اللامُ فيهما1 مقلوبةٌ واطردَ في هذَا القلب إِذ كانوا يقلبونَ كراهيةَ الهمزةِ الواحدةِ نحو"لاثٍ وشَاكٍ2" فُعَائلُ من جئتُ جُيَاءٌ ومِنْ سَؤتُ سُوَاءٍ لأَنَّها لم تُعرضْ في جَمَعٍ:
"
فَعْلَلٌ" مِنْ جئتُ وقَرَأتُ: جَيْأى وقَرْأًى فُعْلُلٌ: وقُرْئىٍ وَجُوْئىٍ فِعْلِلٌ قِرْئِي وجِيْئِيٌ لإلتقاء الهمزتين ولزومهما3، وليسَ يكونُ هَهُنَا قَلْبُ كما في: جَاءٍ لأَنَّهُ لَيس هُنَا شيءٌ أَصلُه الواوُ ولاَ الياءُ فَإِذَا جعلَتهُ طرفًا جعلتَهُ كياءِ "قَاضٍ" وإِنَّما الأصلُ هُنَا الهمزُ فِإِذا جمعتَ قلتَ: قَرَاءٍ وجَيَاءٍ لأَنَّها لم تعرضْ في الجمعِ4. فَعَاعلُ: مِنْ جِئتُ وسؤتُ سَوَايا وجَيَايَا لأَنَّ "فَعَاعِلَ" مِنْ قلتُ: وبِعْتُ مهموزتانِ فصارتْ همزةً عرضتْ في جَمعٍ ومَنْ جعلَها مقلوبةً فينبغي أن يقولَ: جياء وسَوَاءٍ لأَنَّهما همزتا الأصلِ التي تكونُ في الواحدِ. افْعَلَلتُ مِنْ: صَدِئتُ اصْدَأَيتُ تقلبُها ياءً كما تقلبُها في "مُفْعَللٍ" [وذلك قولكَ]5 مُصْدِىءٍ وَيَفْعَلِلُ يَصْدِئي فَيَاعلُ مِنْ جِئْتُ وَسُوْتُ بمنزلةِ فَعَاعل جَيَايا وسَيَايا لأَنَّها عرَضتْ في جَمعٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "فيه".
2
انظر: الكتاب 2/ 378.
3
في الأصل "ولزومها".
4
أي: أن الهمزة ثابتة في الواحد.
5
أضفت "وذلك قولك" لأن المعنى يقتضيها.
6
في الأصل: سوايا، لأن سيايا فعائل، وهمزة فعائل عارضة في الجمع، كما عرضت همزة قبائل في الجمع ولم تكن في الواحد.



ج / 3 ص -298- قالَ سيبويه: وسألتُ الخَليلَ عْن "سُؤْتهُ سَوَائيةً؟ فقالَ: هيَ: فَعَاليةٌ بمنزلةِ عَلاَنيةٍ والذينَ قالوا: سَوَايةٌ حذفُوا الهمزةَ وأَصلهُ الهمزةُ1 كما اجتمعَ أَكثرهُم علَى تركِ الهمزِ في "مَلَكٍ2" قالَ: وسألتهُ: عَنْ مَسَائيةٍ فقالَ: [هيَ]3 مقلوبةٌ وكذلكَ: أَشياءُ وأَشاوي ونظيرهُ قِسِيٌّ5، وأَصلُ مسائيةٍ: مَسَاوِئةٌ فكرهوا الواوَ معَ الهمزةِ وأَصلُ أَشياءٍ: شَيئَاءٌ وأشاوي6 كأَنَّكَ "جمعتَ" إشاوةً وأَصلُ "إِشَاوةٍ: شَيئَاءُ" ولكنَّهم قَلبوا وأَبدلوا مكانَ الياءِ الواو كما قالوا: أَتَيْتَهُ أَتْوَةً وأَمَّا "جَذَبْتُ" وجَبَذْتُ ونحوهُ فليسَ بمقلوبٍ كُلُّ واحدٍ على حدتهِ لأَنَّ الفِعلَ يتصرفُ فيهما7 وأَمَّا كُلُّ وكِلا فَمِنْ لفظتينِ لأَنَّهُ ليسَ هَهُنَا [قُلبٌ ولا] حرفٌ من حروفِ الزوائدِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 379.
2
ملك: أصله ملأك، حذفت همزته لكثرة استعماله. فلما جمعوه ردوه إلى أصله فقالوا: ملائكة، وملائك.
3
أضفت كلمة "هي" لإيضاح المعنى.
4
انظر: الكتاب 2/ 379.
5
أصل قسى: قووس، لأن ثاني "قوس" واو فقدم السين في الجمع، والعرب تغير الأكثر في كلامها، وانظر: الكتاب 2/ 379 والمنصف 2/ 101-102.
6
أصل: أشاوي: أشيا قالوا: أشياء فعلا مقلوبة، وكان أصلها شيئاء مثل حمراء فقلب فجعل الهمزة التي هي لام أولا. فقال: أشياء لأنها لفعاء، ثم جمع قال أشاوي مثل صحاري فأبدلوا الياء واوا كما قالوا: جبيت جباوة، وهذا شاذ. قال المازني: وإنما احتلنا لأشاوي حيث جاءت هكذا ليعلم أنها مقلوبة عن وجهها وانظر: المنصف 2/ 194 والكتاب 2/ 280.
7
انظر: الكتاب 2/ 380.
8
زيادة من الكتاب 2/ 380.



ج / 3 ص -299- بَابُ ما يخرجُ على الأصلِ إِذَا لَمْ يكنْ حَرفَ إعرابٍ:
وذلكَ: الشَّقَاوةُ والإِداةُ والنِّهاوَةُ ومِنْ ذلكَ: الأُبوةُ والأُخوةُ والأُخوةُ لا يغيرانِ ولا تحولهما1 فيمن قالَ: مَسْنِيٌّ وعُتِيٌّ للزوم الإِعرابِ غيرَهما وصلاءةٌ2 وعَظاءةٌ3 جاؤوا بهِ علَى قولِهم: صَلاَءٌ كَما قالوا: مَسْنيَّةٌ4 ومَرْضِيَّةٌ حيثُ جاءتا علَى مَرْضيٍّ ومَسْنيٍّ فلحقتِ الهاءُ حرفًا يُعَرَّى5 مِنْها ومَنْ قالَ: صَلاَيةٌ وَعَبَايةٌ فلم يجىء بالواحدِ على الصَّلاَءِ والعَباءِ كما أنّه إذا قال: خُصْيانِ لم يُثنهِ على الواحدِ ولو أرادَ ذلكَ لقال خُصْيتانِ قال وسألته عن الثَنايَينِ6، فقالَ: هُوَ بمنزلةِ: النِّهايةِ7، ومن ثُم قالوا: مِذْرَوانِ لأَنَّ ما بعدَهما مِنَ الزيادةِ لا يفارقانِهما وإِذَا كانَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "نحوهما" ولا معنى لها.
2
صلاءة: مدق الطيب، كل حجر عريض يدق عليه عطر أو هبيد.
3
عظاءة: لغة في عظاية، وجمعها عظايا. والعظاية: تطلق على خلقة سام أبرص.
دويبية أكب من الوزغة. وانظر: حياة الحيوان 2/ 102.
4
مسنية: ومسنوة. من سنا الغيث يسنوها، إذا سقاها.
5
في الأصل يعرا.
6
الثنايين: تقول العرب عقلت البعير بثنايين، وذلك أن تعقل يديه جميعا بحبل، أو بطرفي حبل.
7
انظر: الكتاب 2/ 383.



ج / 3 ص -300- قبلَ الياءِ والواوِ حرفٌ مفتوحٌ كانتِ الهاءُ لازمةً ولم تكن إلا بمنزلتِها لو لم تكنْ هاءً نحو: العَلاَةِ1 وهَنَاةٍ وَمَناةٍ فَتقلبها ألفًا. وقَمَحدوةٌ2 مثلُ: "سَرُوَ" وإنْ كانَ ما قبلَ الياءِ والواوِ فتحةً في الفعلِ قلبتْ ألفًا وإنَّما قالوا: الغَثَيانُ لأَنَّ ما بعدَهُ ساكنٌ كَما قالوا رَمَيا وإِذا كانتِ الكسرةُ قبلَ الواوِ3 ثم كانَ بعدَها ما يقعُ عليهِ الإِعرابُ لازمًا أو غيرَ لازمٍ فهيَ مبدلةٌ مكانَها الياءُ "مَحْنِيةٌ" وهيَ مِنْ "حَنَوْتُ" وهيَ الشيءُ المَحْنِيُّ مِنَ الأرضِ وَغَازِيةٌ وقالوا: قِنْيَةٌ4 للكسرةِ وبينهما حرفٌ والأصلُ "قِنْوَةٌ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الصلاة: حجر يجعل عليه الأقط. والسنديان، ويقال: للناقة علاة تشبه به في صلابتها.
2
قمحددة: مؤخر الرأس. والمشرف على أعلى العنق من خلف.
3
ثم: ساقط في "ب".
4
قنية: -بكسر القاف وضمها- ما اكتسب من قنى. قنا المال قنيا: اكتسبه.







ج / 3 ص -301- بَابُ ما إِذَا التقتْ فيهِ الهمزةُ [والياءُ]1 قلبتِ الهمزةُ ياءً والياءُ ألفًا:
وذلكَ: مَطَيّةٌ ومَطَايا ورَكيةٌ ورَكَايا وهَديَّةٌ وهَدَايا وإِنَّما هذهِ "فَعَائِل" كصحيفةٍ وصَحَائِفَ لأَنَّها همزةٌ بينَ أَلفينِ يدلُكَ على ذلكَ أنَّ الذينَ يقولونَ: سَلاءٌ2، كما تَرى فيحققونَ3 يقولونَ: رأيتُ سًلًا فَلا يحققونَ فأَبدلوا مِنْ مَطَايا مكانَ الهمزةِ ياءً لأَنَّها هيَ كانَتْ ثَابتةً في الواحدِ. وقالَ: قال: بعضهم4: هَدَاوَى فأَبدلوا الواوَ لأَنَّ الواوَ قد تبدل مِنَ الهمزةِ وما كانت الواوُ فيه ثابتةً نحو"هَراوةٍ" وإِدَاوَةٍ5 فيقولونَ: هَرَاوى وأَداوى وأَلزموا الواوَ هُنا كَما أَلزموا الياءَ في "مَطَايا" وكما قالوا: حَبَالى ليكونَ آخرهُ كآخرِ واحدهِ وليستْ بأَلفِ التأنيثِ كَما أَنَّ الواوَ في "أَدَاوَى" غيرُ الواوِ في "إِدَاوةٍ" ولم يفعلوا هذا في "جَاءٍ" لئلا يلتبسَ بفَاعل وَفُعِلَ ذلكَ بما كانَ على مثالِ مَفَاعِلَ لأَنَّهُ ليسَ يلتبسُ لعلمِهم أَنَّهُ ليسَ في الكلامِ علَى مثالِ "مَفَاعِل". و"فَوَاعِل" من "شَوَيْتُ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
سلاء: ضرب من النصال. والسلاء-بكسر السين- السمن.
3
في الأصل فيخففون، وهو تصحيف. وانظر: الكتاب 2/ 384.
4
انظر: الكتاب 2/ 385.
5
أداوة: المطهرة، قال ابن سيدة: الأداوة للماء. وجمعها إداوي.



ج / 3 ص -302- شَوَايا لأَنَّها همزةٌ تعرضُ في الجمع وبعدَها الياءُ همزتَها كما همزت "فَوَاعِل" من "عَوِرْتُ" وكذلك "فَوَاعلُ" مِنْ "حَيِيْتُ" وفَوَاعلُ منهما بمنزلةِ "فَوَاعل" في أَنَّكَ تهمزُ ولا تبدلُ مِنَ الهمزةِ ياءً تقولُ: شَوَاءٌ فُعَائِلُ مِنْ بناتِ الياءِ والواوِ مُطَاءٍ ورُمَاءٍ لأَنَّها همزةٌ لم تعرضْ في الجمعِ فهمزتُها بمنزلةِ همزةِ فَعَالٍ "مِنْ" حَيِيْتُ والجمعُ مَطَاءٍ لأَنَّها لم تعرضْ في الجمعِ فَيْاعِلُ مِنْ "شَويتُ" وَحَيِيْتُ حَيَايا وشَيَايا لأَنَّها همزةٌ تَعرضُ في الجمعِ بعدَها الياءُ ولا يخافونَ التباسًا وقالوا: فَلُوَّةٌ وفَلاوى1، لأَنَّ الواحدَ فيهِ واوٌ فأَبدلوا في الجمعِ واوًا وأَمَّا فُعَائلُ وفُعَاعِلُ تقولُ: شَوَاءٍ وَحُيَاءٍ وولا تقولُ: حَيَايا وشَوَايا لئلا يلتبسَ "بحُبَارى".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "فلاوا" والفلاوى: جمع فلوة، والفلو والفلوة: المهر إذا بلغ السنة المهر الصغير. وقيل: هو العظيم من أولاد ذات الحافر، ويجمع على أفلاء أيضا.



ج / 3 ص -303- ما بنيَ على: أَفعلاء وأَصلهُ "فُعَلاءُ":
وذلكَ "أَسرَياءُ وأَغنِياءُ وأَشقِياءُ صرفُوها عِنْ سُرَواءَ وغُنياءَ لأَنَّهم يكرهون تحريكَ الواوِ والياءِ وقبلهما الفتحةُ إلا أَنْ يخافوا التباسًا في رَمَيا1 وَغَزَوَا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 1/ 385.

جملُ الأُصولِ التي لا بُدَّ مِنْ حفظِها لإستخراج المسائلِ بجميعِ أَقسامِها:
الياءُ لا تخلو مِنْ أَنْ تكونَ ساكنةً أَو متحركةً والساكنةُ لا تخلو مِنْ أَن تكونَ بعدَ حرفٍ مفتوحٍ أَو حرفٍ مكسورٍ أَو حرفٍ مضمومٍ فإنْ كانتِ الياءُ بعدَ حرفٍ مفتوحٍ وهيَ ساكنةٌ لم تعل إلا في لغةِ مَنْ قالَ: في يَيْأَسُ يَيْئِسُ وفي "يَوْجَلُ يَاجَلُ" وإنْ كانتْ بعدَ حرفٍ مكسورٍ فهيَ علَى حالِها وإنْ كانتِ الياءُ الساكنةُ بعدَ حرفٍ مضمومٍ قلبتْ واوًا وإنْ بعدت مِنَ الطرفِ وإنْ قربتْ أُبدلتِ الضمةُ كَسْرَةً وأُقرتِ الياءُ على حالِها نحو بِيضٍ وما أَشبههُ إلا في الاسمِ الذي علَى "فُعْلَى" نحو: طُوبى"1 وَكُوسَى2، وهذهِ الياءُ لا تغيرُ لِمَا بعدَها إلا أنْ يليهَا تاءُ "افْتَعلَ". وتقولُ: اتَّأسَ مِنَ التَأسِي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
طوبى: الواو مبدلة من الياء لأنه فعلى. من الطيب قلبوا الياء واوا للضمة قبلها مع سكونها.
2
كوسى: مؤنث الأ كيس. وهو من الكيس، الفعل والظرف، وسرعة الفهم.



ج / 3 ص -304- بَابُ الياءِ المتحركةِ:
الياءُ المتحركةُ لا تخلو مِنْ أَن تكونَ أَولًا أَو بعدَ حرفٍ وإذَا كانتْ أَولًا فلا بُدَّ مِنْ أَن يكونَ بعدَها حرفٌ ساكنٌ أَوْ حرفٌ متحركٌ فإنْ كانَ بعدَها حرفٌ ساكنٌ أَوْ حرفٌ متحركٌ فهيَ علَى حالِها لا تقلبُ ولا تغيرُ حركتها إلا في قولِ مَنْ قالُ في "يَوجَلُ يِيجلُ" فيكسُر الياءَ ليثبتَ قلبَ الواوِ بعدَها وإنْ كانتِ الياءُ المتحركةُ بعدَ حرفٍ فلا تخلو مِنْ أَن تكون طرفًا أَو غيرَ طرفٍ فإنْ كانتْ طرفًا فلا تخلو من أَنْ يكونَ قبلَها ساكنٌ أَو متحركٌ فإنْ كانَ قبلها ساكنٌ وهيَ طرفٌ فهيَ علَى حالِها إلا أَنْ يكونَ الساكنُ الذي قبلَها ألفًا فإنَّها تبدلُ همزةً وذلكَ نحو: قَضَاءٍ وسِقَاءٍ أَو يكونَ لامًا في "فَعْلَى" نحو" تَقْوَى" فإنْ كانَ قبلَ الياءِ المتحركةِ التي هيَ طرفٌ حرفْ متحركٌ أبدلتِ الياءُ لحركةِ ما قبلَها إنْ كانتْ في "فِعْلٍ" وإنْ كانَ المتحركُ قبلَها مفتوحًا أبدلتْ ألفًا نحو: قَضَى وَرَمى وإنْ كانَ مضمومًا قلبتْ واوًا نحو قَضُوَ الرجلُ ورَمُوَ وإنْ كانَ قبلَها مكسورٌ بقيتْ علَى حالِها فإِنْ كانتْ بهذهِ الصفةِ في اسمٍ وكانَ قبلَها مفتوحٌ قلبتْ ألفًا نحو: رَحَى1، الألفُ منقلبةٌ مِنْ "ياءٍ" يدلُّكَ علَى هذَا قولُهم: رَحَيانِ وإنْ كانَ ما قبلَها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "رحا" وإذا كان أصل الألف من الياء فتكتب بالياء.



ج / 3 ص -305- مكسورًا تُرِكَتْ على حالِها وإنْ كانَ ما قبلها مضمومًا أُبدلتْ مِنَ الضمةِ كسرةً واتبعتِ الحركة ما بعدَها خلافُ ما عملتْ في الفعلِ وذلكَ نحو قولهم في جمعِ "ظَبيٍ" عَلَى "أَفعُلٍ" أَظَّبٍ كانَ الأَصلُ الضم في الباءِ فأبدلتْ منها كسرةٌ فإنْ كانتِ الياءُ المتحركةُ غير طرفٍ فليستْ تخلو مِنْ أَنْ تكونَ بينَ ساكنينِ أَو متحركينِ أَو بينَ متحركٍ وساكنٍ فإنْ كانتْ بينَ ساكنين فهيَ على حالِها إلا في قولِ مَنْ قالَ في "ظَبيْ ظَبَويٌّ" وقد ذكرتهُ في النَّسَبِ وإنْ كانتِ الياءُ المتحرَكةُ بينَ متحركينِ فهيَ على حالِها إلا أَنْ يكونَ قبلَها حرفٌ مفتوحٌ فإنَّها تقلبُ ألفًا نحو: باعَ ونَاب وإنْ كانَ قبلَها حرفٌ مضمومٌ أَو مكسورٌ وهيَ مفتوحةٌ فهيَ علَى حالِها وذلكَ نحو: عُيبةٍ1، وصِيَرٍ2 وليسَ يجوزُ أَنْ يقعَ في الكلامِ مضمومٌ بعدَ مكسورٍ في حَشوِ كلمةٍ وبنائِها ليَسَ في الكلامِ مِثلُ "فِعُلٍ" ولا "فُعِلٍ" إلا في الفِعْلِ فإنْ أَردتَ "فُعِلَ" مِنَ البيعِ قلتَ: بِيَعَ ومِنَ العربِ مَنْ يقولُ "بُوعَ" فيبدلُ فهذَا مذكورٌ في موضعِه مبينُ وإنْ كانتِ الياءُ المتحركةُ بينَ متحركٍ وساكنٍ فإنْ كانَ ما قبلَها متحركًا وما بعدَها ساكنًا لم يجزْ أَن تعلها لسكونِ ما بعدَها لئلا يجتمع ساكنانِ نح و"دَيَامِيسَ"3 وإنْ كانَ ما قبلَها ساكنًا وما بعدَها متحركًا فهيَ على حالِها نحو: عِثْيَرٍ4.
الواو: والواوُ لا تخلو مِنَ أَن تكونَ ساكنةً أَو متحركةً والساكنةُ لا تخلو مِنْ أَنْ تكونَ بعدَ حرفٍ مفتوحٍ أَوْ مضمومٍ أَوْ مكسورٍ فإنْ كانتِ الواوُ الساكنةُ بعدَ حرفٍ مفتوحٍ فهيَ علَى حالِها إلا في لغةِ مَنْ قَالَ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عيبة: من العيب.
2
صير: جمع صيرة، وهي الحظيرة.
3
دياميس: جمع الديماس-بكسر الدال وفتحها- الكن. أو السرب من الحمام.
4
عثير: الغبار.



ج / 3 ص -306- يَوْجَلُ: "يَاجَلُ"1 وإنْ كانَ قبلَها حرفٌ مضمومٌ فهيَ على حالِها إلا أَنْ يكونَ بعدَها واوٌ في نحو: "صُوَّمٍ" فإنَّ مِنهم مَنْ قالَ: "صُيَّمٌ" لقربها مِنَ الطرفِ شبهوها بُعتيٍ وقالوا أَيضًا: "صِيَّمٌ" إنَّما جَاءَ هذَا فيما قَرُبَ مِنَ الطرفِ وهو جَمعٌ فإنْ قالوا: صُوَّامٌ وزُوَّارٌ لم يقلبوا وإنْ كانَ قبلَها حرفٌ مكسورٌ قلبتْ ياءً نح و"مِيزانٍ" وأَصلُه: "مِوزَانٌ" لأَنَّهُ مِنَ الوزن إلا أَنْ تكونَ الواوُ علامةً لجمعٍ نحو: "قاضونَ ويَقضُونَ فإنَّكَ تبدلُ من الكسرةِ ضمةً كي لا تزولَ العلامةُ وإنْ كانتِ الواوُ ساكنةً [و]2 لم يغيرها ما قبلَها فَلَن يغيرَها ما بعدَها إلا أَنْ يكونَ بعدَها ياءٌ" فإنَّها تبدلُ ياءً وتدغمُ فيما بعدَها تقولُ في "فَوْعَلٍ" مِنْ "بِعْتُ" بَيَّعٌ فإنْ كانتِ الواوُ مدةً قبلَها ضمةٌ وهيَ منقلبةٌ مِنْ أَلفٍ زائدةٍ لم يجزْ إدغامُها نحو واوِ: "سُوَيرٍ" والواوُ منقلبةٌ مِنْ أَلفِ "سَاير" وكذلكَ "تبُويعَ" ومثلهُ رُويةٌ وَرُويَا وَنُويٌّ لم يقلبوا لأَنَّ الأَصلَ الهمزُ وقَالَ بعضُهم3: رَيَّا وَرُيَّةٌ ولا يكونُ مثلُ هذَا في "سُوَيرَ وتُبَويعَ"4 لأَنَّ الواوَ بَدَلٌ مِنْ أَلفٍ فأَرادوا أَن يمدوا وأَنْ لا يكونَ بمنزلةِ "فُعِّلَ" و"تُفُعِّلَ" أَلا تَرَاهم قالوا: "تُقُووِلَ" وَقُووِلَ فهذهِ قصةُ الواوِ الساكنةِ إلا أَنْ يقعَ في "يَفعَلُ" وهَيَ في موضعِ الفاءِ بينَ ياءٍ وكسرةٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 232.
2
أضفت "واوا" لإيضاح المعنى.
3
انظر: الكتاب 2/ 373.
4
لا تدغم الواو في تبويع "لأنها مادة، فهي بدل من الألف، فأرادوا أن يمدوا كما يمدون الألف وليس باللازم لأننا نقول: تقاولوا، فتكون الألف في مكان الواو، ولا تكون الواو لازمة كلزوم واو مفعول في قولنا: مرمي، ومقضي، وأصله: مرموي، ومقضوي، فقلبت الواو ياء لسكونها ووقوع الياء بعدها وأدغمت في الياء التي هي لام وإنما قلبوها وأدغموها ولم يقولوا: مقضوي مثل تبويع، لأن الواو في تبويع، عارضة غير لازمة".



ج / 3 ص -307- نحو: وعَدَ يَعِدُ وكَانَ الأصل "يَوْعِدُ" فوقعت الواو بين ياء وكسرة فحذفت وأجريت التاء والألف والنون مجرى أُختهن [الياء]1 لئلا يختلفَ الفعلُ. وقالَوا: عِدةٌ فأجروا المصدَر علَى الفعل في الحذفِ وإنْ كانَ بعدَ هذهِ الواوِ تَاءُ "افْتَعلَ" أبدلتْ تاءً نحو قولِهم: اتَّعدَ.
الواوُ المتحركةُ: والواوُ المتحركةُ لا تخلو مِنْ أَن تكونَ أَولًا أَوْ بعدَ حرفٍ فإنْ كانتْ أولًا فلا تخلُو مِنْ أَن تكونَ مضمومةً أَو مكسورةً أو مفتوحةً فإنْ كانتْ مضمومةً فمِنَ العربِ مَنْ يبدلُها همزةً ومنهم مَنْ يدعُها على حالِها قالوا: في "وجوهٍ" أُجُوةٌ وإنْ كانتْ مكسورةً فكذلكَ إلا أَنَّ الهمزَ أَكثرُ ما يجيءُ في المضمومةِ وهوَ مطردٌ فيها وقالوا في "وسادةٍ إسَادةٌ" وفي "وِشاحٍ أِشَاحٌ" وهذَا أيضًا كثيرٌ فأمَّا المفتوحةُ فليسَ فيها إبدالٌ وقَد شَذَّ منهُ شَيءٌ قالوا: امرأة أَنَاةٌ2، وهيَ ونَاةٌ مِنَ الوَنَى وقالوا: أَحدٌ في "وَحَدٍ" وهَذا شَاذٌ وإنْ كانتِ الواوُ المتحركةُ أَولًا وبعدَها حرفٌ ساكنٌ أَو متحركٌ فهي عَلَى حالِها إلا أَنْ يكونَ بعدَها واوٌ فإنّه يلزمُها البدلُ وأَنْ تُجعلَ همزةً كقولِهم في "فَوعل" مِنَ الوعدِ: أَوعدَ فإنْ كانتِ الواوُ الثانيةُ مدةً كنتَ في همزةِ الأُولى بالخيارِ نحو: "فَوعل" مِنْ "وعَدَ" تقولُ: وَوعدَ {وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا}3 الواوُ الثانيةُ مدةٌ وليسَ الهمزُ لاجتماعِ الواوينِ ولكنْ لضمة الأُولى وإنْ كانتِ الواوُ المتحركةُ بعدَ حرفٍ فَلِنْ تخلو مِنْ أَن تكونَ طرفًا أَو غيرَ طرفٍ فإنْ كانتْ طرفًا فلا بُدَّ مِنْ أَنْ يكونَ قبلَها ساكنٌ أَوْ متحركٌ فإنْ كانَ ما قبلَها ساكنًا وهيَ طرفٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
امرأة وناة: الونى هو الفتور.
3
الأعراف: 20. والآية: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ} ولو كان في غير القرآن لكان همز الواحد جائزا.



ج / 3 ص -308- فهيَ على حالِها في الاسم إلا أَنْ يكونَ قبلَها واو "فُعُولٍ" في الجَمعِ نحو: "عُتيٍّ" وعُصِيٍّ كانَ الأَصلُ "عُتُوٌّ" وعُصُوٌّ فقلبتْ في الجمعِ وتثبتُ في الوَاحدِ أَلاَ تَرى أَنَّكَ تقولُ في المصدرِ قَدْ بلغَ عُتُوًّا. وقَد حُكيَ عن بعضِ العَربِ: إنكم لتنظرونَ في نَحُوٍّ كثيرةٍ1 فصححَ الواو في الجمعِ وأَتى بهِ علَى الأَصلِ أَو يكونُ قبلَها أَلفٌ فإنَّها تقلبُ همزةً نحو: "كِسَاءٍ" وإنْ كانتْ قبلَها ياءٌ ساكنةٌ فَقَد قالوا: حَيْوَةٌ فكانَ حَقُّ هذَا "حَيَّةٌ" أَو تكون لامًا في الفعلِ نحو"الدُّنيا" كانَ الأصلُ "الدُنْوَى" أَو تكونُ مضمومةً فيجوزُ هَمزهُ نحو: أُدْؤرٍ "وإنْ كانَ قبلَ الواوِ المتحركةِ وهيَ طَرفٌ حرفٌ متحركٌ فلا يخلو ما قبلَها أَنْ يكونَ مفتوحًا أَوْ مضمومًا أَو مكسورًا فإنْ كانَ مفتوحًا قلبتْ ألفًا نحو: غَزَا وقَضَى2، إنْ كانَ مكسورًا قلبتْ ياءً نح و"غُزِي" وإنّ كانَ مضمومًا في "فِعْلٍ" تُرِكَ على حالِه نحو: يَغزُو فإنْ كانَ في اسمٍ أبدلتْ ياءً وكسرَ ما قبلَها كما قالوا في جَمعِ دَلْوٍ: أَدْلٍ وكانَ الأصلُ أَدْلُوًا فإنْ كانتْ بهذِه الصفةِ وبعدهَا هاءُ التأنيثِ صحتْ وذلكَ نحو: "قَمَحدوةٍ" فإنْ كانتَِ الواوُ غيرَ طرفٍ فَليستْ تخلو مِنْ أَنْ تكونَ بينَ ساكنينِ أَو متحركينِ أَو بينَ ساكنٍ ومتحركٍ فإنْ كانتْ بينَ ساكنينِ فهيَ على حالِها إلا أَنْ يكونَ الساكنُ الذي قبلَها ياءً فإنَّها تقلبُ ياءً ويدغمُ فيها ما قبلَها وذلكَ3 نحو: "فَيْعُولٍ" مِنْ يَقُومُ قَيومٍ وإنْ كانتْ متحركةً بينَ متحركينِ وكانَ الذي قبلَها مفتوحًا قلبتْ ألفًا وذلكَ نحو: "قَالَ" وبَابٍ ودَارٍ وخَافَ ولا تُبالِ [إلى]4 أَيّ حركةٍ كانتْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه: 2/ 381 وقال بعضهم: إنك لتنظرون في نحوٍ كثيرة، فشبوهها بعتو، وهذا قليل، إنما أراد جمع النحو.
2
في الأصل "قضا".
3
نحو: ساقط في "ب".
4
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -309- مفتوحةً أَو مكسورةً أَو مضمومةً فإنَّها تقلبُ ألفًا إلا مَا جَاء على "فَعَلانٍ وفَعَلَى" نح و"جَوَلاَنٍ وحَيَدى" جَعلوهُ بمنزلةِ ما لا زائدَ فيهِ فأَخرجوهُ بذلكَ مِنْ شبهِ الفِعْل فصارَ بمنزلةِ الحوِلِ والغِيَرِ الذي ليسَ على مثالِ الفِعلِ وقَد أَعلَ بعضُهم "فَعَلاَنَ وفَعَلى" جَعلوا الزيادةَ كالهاءِ وذلكَ قولُهم: دَارَانٌ وهَامَانٌ.
قالَ سيبويه: وهذَا ليسَ بالمطردِ1 وإنْ كانَ ما قبلَها مضمومًا وهيَ مفتوحةٌ فهيَ علَى حالِها نحو: رَجلٍ نُوَمٍ ولا تعتلُّ هذِه لأَنَّ هذَا الوزنَ لا يكونُ فِعْلًا وإنْ كانت مكسورةً وقبلها مضمومٌ فَهذا لا يكونُ إلا في "فُعِلَ" مثلُ قِيلَ كانَ الأصلُ2: قُوِلَ: وهذَا مُبينٌ في موضعهِ ومنهم مَنْ يقولُ: قُوَلَ وإنْ كانَ ما قبلَها مسكورًا وهيَ مفتوحةٌ صحتْ3، لأَنَّها ليستْ علَى مثالِ الفعلِ نحو: حَوِلَ إلا أَنْ يكونَ جمعًا لواحدٍ قَدْ قُلبَ فإنهُ4 لا يثبتُ في الجمعِ إذا كانَ قبلهُ5 كسرةٌ وذلكَ نحو: ديمةٍ ودِيَمٌ وحِيلَةٍ وحِيَلٌ وقَامَةٍ وقِيَمٌ وإنْ كانتْ مضمومةً وقبلَها مضموم فإنْ كانَ الاسم علَى "فُعُلٍ" أسكنوا6 الواوَ لاجتماع الضمتينِ وذلكَ قولُهم: عَوَانٌ وعُونٌ ونَوَارٌ ونُورٌ ويجوزُ تثقيلُ فَعِلَ في الشعر ولا يجوزُ أَن تقعَ مضمومةً وقبلَها كسرةٌ لأَنها ليسَ في الكلامِ مثلُ "فُعِلٍ" وفِعِلٌ أَيضًا لَيسَ في الكلامِ إلا في "إبِلٍ وإطِلٍ" فإنْ وقعتْ بينَ ساكنٍ ومتحركٍ فحكمُها حكمُ التي تقعُ بينَ ساكنين لأَنَّها لا يغيرُها ما بعدَها فهيَ علَى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 371.
2
في "ب" أصله.
3
في "ب" فتحت. الصحيح ما أثبت.
4
في "ب" فإنها.
5
في "ب" قبلها.
6
في "ب" سكنوا.



ج / 3 ص -310- حالَها إلا أَنْ يكونَ الساكنُ الذيَ قبلَها ياء فإنَّها تقلبُ ياءً وتدغمُ فيها نحو: "سَيّدٍ ومَيَّتٍ كانَ الأصلُ: سَيودٌ1 ومَيوِتٌ" وإنْ وقعتْ بينَ متحركِ وسَاكنٍ فهيَ علَى حالِها إلا أَنْ تكونَ في مصدرٍ قَد اعتلَّ2 فعلُه وقبلَها كسرةٌ وبعدَها أَلفٌ نحو: قُمْتُ قِيامًا وحَالتْ حِيَالًا أَو تكونُ كذلكَ في جمعٍ قد أُعلَّ واحدهُ نحو: دَارٍ ودِيَار وإذَا كانَ بعدَها الألفُ فهي أَجدرُ أَنْ تقلبَ أَو تكونَ كذلكَ أَيضًا في جمعِ3 الواوِ ساكنةً في واحدِه نحو: ثَوبٍ وثِيَابٍ وسَوطٍ وسِيَاطٍ لأَنَّ الكسرةَ قَدْ دخلتْ علَى ما أَصلهُ السكونُ فإنْ جئتَ بِفِعَالٍ غيرِ مُجرٍ لَهُ عَلى "فِعْلٍ" ولا جَمع لشيءٍ مِما ذكرَنا صححت فقلتَ: هَذا قِوامُ الأَمرِ فإنْ جاءَ الجمعُ في هذَا بغيرِ أَلفٍ نحو: عُودٍ وَعِوَدَةٍ وزَوجٍ وَزِوَجَةٍ لَم يُعَلَّ وقَد قالوا: ثَورٌ وَثِوَرَةٌ وَثِيَرَةٌ.
قالَ سيبويه: قلبوها حيثُ كانتْ بعدَ كسرة قالَ: وليسَ هُوَ بمطردٍ4
قالَ أَبو العباس: بنوهُ على "فِعْلَةٍ" ثُمَ حركوهُ فَصَار ثِيَرةً5.
قالَ أبو بكر: والأقيس عندي في ذَا أَنْ يكونوا أَرادوا "فِعَالة"6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكتاب 2/ 371، وقولك: في فيعل: سيد وصيب، وإنما أصلها: سيود وصيوب، وكان الخليل يقول: سيد، فيعل، وإن لم يكن: فيعل في غير المعتل، لأنهم قد يخصون المعتل بالبناء ولا يخصون به غيره من غير المعتل.
2
في "ب" أعل.
3
في "ب" وق.
4
انظر الكتاب 2/ 369 والذي ليس بالمطرد ثيرة.
5
يريد أن أصله "ثيرة" فانقلبت الواو لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم حركت الياء فأقرت بحالها، لأن أصلها هنا السكون.
انظر: المنصف 1/ 347 والمقتضب 1/ 130 والخصائص 1/ 112.
6
هذا نقله ابن جني في المنصف 1/ 347 عن ابن السراج.



ج / 3 ص -311- وقَصروا لأَنَّ "فِعَالةً" مِنْ أَبينةِ الجمعِ "وَفِعَلَةً" لَيْسَ من أَبنيةِ الجمعِ التي تكثرُ فيهِ ولا يُقاسُ عَليهِ فإنْ لم يَقَعْ في هذَا البابِ قبلَ الواوِ كسرةٌ صحتِ الواوُ أَلاَ تَراهم جَمعوا: "قَيْلٌ": إقْوال وأَجرى مجرى حِيَالٍ اخترتُ اختيارًا: "تِيارٌ1 مِنْ اختيار مثلُ "حِيَالٍ" وانقدتُ انْقيادًا "قِيَاداً" "مثلُ" حِيَالٍ فأَمَّا جِوَارٌ فصح لصحتهِ في الفعلِ وذلكَ قولُهم: جاورتُ وإنْ وقعَ بعدَ الواوِ المتحركةِ واوٌ ساكنةٌ نحو: "فُعُولٍ" تركتْ علَى الأَصلِ ويهمزونَ إنْ شاءوا وكذلكَ "فَعُولٌ" نحو: قَوُول إنْ شاَءَ على الأَصلِ وإنْ شَاءَ همزَ المضمومةَ وأَمَّا طَويلٌ وَطِوالٌ فصحتْ في الجمعِ لصحتِها في الواحدِ وقَد تقدمَ مِنْ قولِنا: إنَّ حروفَ العلةِ أَربعةٌ: الواوُ والياءُ والهمزةُ والأَلفُ2 وقد ذكرتُ أُصولَ الياءِ والواوِ وهُما الحرفانِ المعتلانِ كثيرًا. والهمزةُ قد مضى ذكرُها في بابِ الهمزِ والألفِ فلا تكونُ أَبدًا إلا زائدةً أو منقلبةً مِنْ شيءٍ إلا أَنْ تبنى من صوتٍ أَو حرف معنى فِعْلٍ علَى مذهبِ الحكايةِ أو لمعنىً سِوى ذلكَ نحو: عَاعيتُ4 وحَاحيتُ5 إنَّما هُوَ صوتٌ بنيَ منهُ "فِعْلٌ" وكذلكَ لو اكثرتَ مِنْ قولِكَ "لا" لجازَ أَن تقولُ: لا ليتُ تُريدُ: قُلتُ لاَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المنصف 1/ 294.
2
الشائع أن حروف العلة ثلاثة: الألف والواو والياء، أما الهمزة فلم يعدها أحد من النحويين حرفا من حروف العلة.
3
معنى: ساقط من "ب".
4
عاعيت: صوت، وهو العيعاء، والعاعاة. إذا قلت: عاي.
5
حاحيت: يقال: حاحيت حيحاء وحاحاة، وهو التصويت بالغنم. إذا قلت: حاي.



ج / 3 ص -312- ذِكرُ تكررِ هذهِ الحروفِ المعتلةِ واجتماعِ بعضِها معَ بعضٍ:
الياءُ مكررة: إذَا اجتمعتِ الياءانِ فلا تخلوانِ مِنْ أَن تكونا متحركتينِ أَو إحداهما متحركةٌ والأُخرى ساكنةٌ فإن كانتا متحركتينِ وهُما عينٌ ولامٌ أُعلتِ اللامُ دونَ العينِ ولَم يجزْ أَن تُعلا جميعًا وهذَا مذكورٌ في بابِ "حَيِيْتُ" وما أَشبههُ يَلزمُ اللام ما يلزمُ ياءَ "رَمَيْتُ" وخَشِيْتُ ولا يجوزُ إعلالُ العينِ وتصحيحُ اللامِ إلا فيما جاءَ شَاذًا مِمَا لم يُستعملْ منهُ "فِعلٌ" وإنْ كانتا متحركتينِ كيفَ وقعَتا فليسَ يجوزُ أَنْ تعلا جميعًا فحكمُ الواحدةِ المعتلةِ منهما حكمُ المنفردةِ فإنْ اجتمعتْ ثلاثُ ياءاتٍ في الفعلِ أُعلتِ الآخرةُ نحو: حَيَا يَحْيَى وَهْوَ مُحَييٌّ ولا تكونُ هذِه الياءاتُ الثلاثُ إلا في اسمٍ مبنيٍّ علَى "فِعْلٍ" فإنْ جَاءَ في غيرِ ذلكَ حذفتِ الآخرةُ وذلكَ قولُهم في تصغيرِ عَطَاءٍ: عَطَيٌّ وتصغير أَحْوى: أُحِييٌّ وكان الأصلُ: أَحَيْييٌ1 [و]عُطَييٌ فإنْ كانتِ المتحركةُ قبلَ الياءِ المشددةِ في مثلِ النسبِ إلى "عَمٍّ" قلتَ: عَمَويٌّ نقلتْهُ مِنْ "فَعِلَ" إلى "فَعَلَ" كما قلتَ في "النَّمِرِ: نَمريٌّ" فلما انفتحَ ما قبلَ الياءِ قلبتْ ألفًا فلمَّا جئتَ بياءِ النَّسَبِ بعدَها صارَ حكمُها حكمُ "رَحَى" فقلتَ: عَمَويٌ كما قلتَ: "رَحَويٌّ" ولا توجدُ هذهِ الياءاتُ مجتمعةً في أُصولِ كلامِهم إلا في هذَا النوعِ فإنْ اجتمعتْ أَربعُ ياءاتٍ فإنّما تجدُ ذلكَ في مثلِ النَّسَبِ إلى: أُمَيَّةَ في قَولِ مَنْ قالَ: أُمَيِّيٌّ هؤلاءِ جَعلوا المشددَ كالصحيحِ لأَنَّهُ قَدْ قَوِيَ ومنهم مَنْ يقولُ: أُمَوِيٌّ وَهم الأَكثرُ والأَفصحُ فتحذفُ الياءُ الساكنةُ ويصيرُ مثلَ عَمَويٌّ2.
الواوُ المكررةُ: فإنّ اجتمعتْ واوٌ مع واوٍ أولًا هُمِزَتِ الأولى إلا أَنْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب"
2
عموي: فنحوه فانقلبت الياء ألفًا، ثم قلبوها واوا من أجل ياء النسب. وكذلك في رحوي.



ج / 3 ص -313- تكونَ الثانيةُ مدةً وإن كانتا آخرَ كلمةٍ والأولى ساكنةٌ مدغمةٌ في الثانيةِ صحتا إلا ما قد استثنياهُ فِيمَا تقدمَ وإِنْ كانتا في فِعْل بنيَ على "فَعِلٍ" حتى تنقلبَ اللامُ الآخرةُ1 ياءً نحو: قَوِيتُ مِنَ القوةِ وإِنْ كانتا متحركتينِ أُعلتْ إِحداهُما الإِعلالَ الذي قَدْ تَقَدَّمَ ذكرهُ وسيأتي بعدُ أَيضًا ولا تجتمعُ واوانِ في إحداهما ضمةٌ.
قالَ سيبويه: تقولُ في "فَعُلاَنٍ" من "قَويتُ": فَوَّانٌ2 وغَلطَ3 في ذلكَ: وقالوا: ينبغي لَهُ إنْ لم يُدغم أَنْ يقولَ: قَوِيَانٌ: فيدغمُ4 الأُولى ويقلبُ الثانيةَ ياءً لأَنَّهُ لا يجتمعُ واوانِ في إِحداهما ضمةٌ والأُخرى متحركةٌ وهذاَ قولُ أَبي عُمَر5. وأَمَّا اجتماعُ ثلاثِ واواتٍ فقالوا في مِثَالِ: اغْدَوْدَنَ مِنْ قلت: إِقْوِوَّلَ تكررُ عينَ الفعلِ وبينهما واوٌ زائدةٌ فتدغم الواوَ الزائدةَ في الواوِ التي بعدَها فإِذا بنيتَهُ بناءَ ما لم يسمَّ فاعلهُ قلتَ: افْوووِلَ ولا تدغمُ لأَنَّها قد صارتْ مدةً كما تقولُ: اغدودَنَ "فتوافقُ هذهِ الواوُ الواوَ التي تكونُ بدلًا مِنَ الألفِ في "سُوَيرٍ" وهذَا قولُ الخليلِ6 وكانَ أَبو الحسنِ الأَخفشِ يقولُ في "اغْدَوْدَنَ" [مِنَ قلتُ7 اقْوَيَّلَ]8 فيقلبُ الواوَ الآخرةَ ياءً ثُمَ يقلبُ التي يليها لأَنَّها ساكنةٌ وبعدَها ياءٌ متحركةٌ ويقولُ: أَكرهُ الجمعَ بينَ ثلاثِ واواتٍ ولا يجوزُ أَن تجتمعَ هذهِ الواواتُ وفي إِحداها ضمةٌ لأَنَّهُ إِذا لم يكنْ في الواوينِ فهوَ مِنَ الثلاثةِ9 أَبعدُ. وإِذا بنيتَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" الأخيرة.
2
انظر: الكتاب 2/ 394، والتصريف 2/ 281.
3
انظر: المنصف 2/ 282.
4
في "ب" فيكسر، والصحيح ما هو مثبت.
5
أي: أبو عمر الجرمي. انظر: المنصف 2/ 282.
6
انظر: التصريف 2/ 33.
7
ما بين القوسين ساقط في "ب".
8
انظر: التصريف 2/ 244.
9
في الأصل: ثلاثة: والتصحيح من "ب".



ج / 3 ص -314- مثالَ "فَعْلُوةٍ" مِنْ "غَزَوْتُ" قلتَ: غَزْوُيَةٌ وكانَ الأصلُ: "غَزْوُوَةً" فأَبدلتَ الثانيةَ لأَنَّها لامٌ وهيَ أَولى بالعلةِ وإِنَّما جَاءَ: اقْوُووِلَ لأنَّ الواوَ الساكنةَ مدةٌ فهيَ نَظيرةُ الياءِ والألفِ وكان أَبو الحسن الأخفش1 يقولُ في "افْعَوعَلَ" اقْوَيَّلَ فيبدلُ الواوَ الآخرة2 ياءً ثم يقلبُ لَها التي تَليها لأنَّها ساكنةٌ وبعدَها ياءٌ متحركةٌ ويقولُ: أَكرهُ الجمعَ بينَ ثلاثِ واواتٍ وإِذَا قالَ: "فُعِلَ" قالَ: اقْوُووِلَ فلا يقلبُ وصارتِ الوُسطى مدةً بمنزلةِ الأَلفِ فلا يلزمهُ تغييرٌ لذلكَ فَهذا يدلُّكَ علَى أَن ثلاثَ واواتٍ لَيْست مِنْ أُصولِ كلامِهمِ ولَو سُمِعَ منهم شيءٌ لاتبعوهُ أَو ذكروهُ. وأَمَّا الألِفُ فلا تكونُ أَصلًا إلا زائدةً أو منقلبةً في حرفٍ جَاءَ لمعنىً ليسَ باسمٍ ولاَ فعلٍ أَو صوتٍ كالحرفِ فحكم هذا مَتَى احتيجَ إِلى تكريرهِ أن تُبدلَ همزةً لتشبهَ ما انقلبَ من ياءٍ أو واوٍ وأَمَّا الهمزةُ فقدَ ذكرنا حكمها إِذَا تكررتْ في كتابِ الهَمزِ وأَنَّهما لا يجتمعانِ محققتينِ في كلمةٍ إلا أَن يكونَا عينًا مشددةً نحو: رأسٍ فإِذا اجتمعتا متحركتينِ أَولَ كلمةٍ وكانتِ الأُولى والثانيةُ مفتوحتينِ أبدلتِ الثانيةُ ألفًا فإن احتجتَ إِلى تحريكِ الأَلفِ والألفُ لا تحركُ أَبدلتَها واوًا وذلكَ قولُكَ في آدَمَ: أَوَادِمَ وفي آخرَ: أَواخرُ وكذلكَ في التصغير تقولُ: أُويدِمٌ فأَشبهتْ أَلفَ "فاعِلٍ" وفَاعَلٍ لأَنها وإنْ كانتْ مبدلةً مِنْ همزةٍ فَليست بأَصلٍ في الكلمةِ كأَلفِ فَاعِلٍ ليست بأَصلٍ وإنْ كانتِ الهمزتانِ متأخرتين لامينِ قلتُ في مثلِ "قِمْطْرٍ" مِنْ "قَرأتُ": قِرَأَيٌ ومثلُ مَعَدٍّ "قَرَايُ" فتغيرُ الهمزةَ.
قالَ المازني: وسألتُ الأخفش3: -وهو الذي بدأ بهذهِ المقالةِ فقلتُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: التصريف 2/ 244-245، والمنصف 2/ 244-245.
2
في "ب" الأخيرة.
3
انظر: المنصف 2/ 252.



ج / 3 ص -315- مَا [بالُ]1 الهمزةِ الأُولى إذا كانَ أصلهُ السكونُ لا تكونُ مثلَ همزةِ "سَأْلٍ ورَأسً" فقالَ: مِنْ قِبَلِ أَنَّ العينَ لا تجيء أبدًا إلا وبعدَها مثلُها واللامُ قد تجيءُ بعدَها لامٌ لَيْسَتْ من لفظِها أَلا تَرى أَنَّ قِمَطرًا وَهِدَمْلَةً2، قد جاءتِ اللامانِ مختلفتينِ. قَالَ المازني: والقولُ عندي كَما قالَ3.
قالَ: وسألته4 عن: هَذا أَفعلُ مِن هَذا "مِن" أَمَمْتُ: أَي: قصدتُ فَقالَ: أقولُ هذَا أَوَّمُ منهُ فجعلَها واوًا حينَ تحركتْ بالفتحةِ كَما فعلوا ذلكَ في "أَويدم" فقلتُ لهُ: كيفَ تصنعُ بقولِهم: "أَيِمَّةٌ" ألا تَراها أَفْعَلَةً والفاءُ فيها هَمزةٌ فقال: لمّا حركوها بالكسرةِ جعلوها ياءً.
وقالَ الأخفشُ: لو بنيت مثلَ: أُبْلُمٍ مَنْ "أَممْتُ" لقلتَ: أُوَّمٌ أَجعلُها واوًا.
قالَ المازني: فسألتنهُ: كيفَ تصغرُ "أَيِمَّةً" فقال: أُوَيِمّةً لأنَّها قد تحركتْ بالفتحةِ
والمازني يرد هَذا ويقولُ: أُيَيْمَّةٌ والقياسُ عندَهُ أن يقولَ في هَذا أَفعلُ مِنْ هَذا مِنْ "أَمَمْتُ" وأَخواتِها هَذا أَيَمٌّ مِنْ هذَا ولا يُبدلُ الياءَ واوًا لأنَّها قد ثبتت ياءً بدلًا منَ الهَمزةِ إلا هذهِ الهمزةَ إذا لم يلزمْها تحريكٌ فبنيتَ مثلَ "الأُبْلُمِ" مِنَ الأُدْمَةِ قلتَ: أُوْدُمٌ ومثلُ: إصْبَعٍ إيْدَمٌ ومثلُ "أَفكلٍ5" أَأْدَمٌ6، وهذَا أصلُ تخفيفِ الهمزِ فإذَا احتجت إلى تحريكها في تكسيرٍ أو تصغيرٍ جعلتَ كُلَّ واحدةٍ منهن على لفظها الذي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب" وانظر: المنصف 2/ 252.
2
هدملة: الرملة المستوية.
3
انظر: المنصف 2/ 253.
4
الذي سأله المازني هو الأخفش.
5
أفكل: جماعة من الناس. وقد جاءوا بأفكلهم، أي: جميعهم.
6
انظر: التصريف 2/ 315-316.



ج / 3 ص -316- بنيتْ عليهِ والأَخفش يَرى أَنَّها تحركتْ بفتحةٍ أَبدلها واوًا كما ذكرت1 لكَ. هذا 2 آخرُ التصريفِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: التصريف 2/ 318.
2
هذا: ساقط من "ب".

مسَائلُ التصريفِ:
هذهِ المسائلُ التي تُسألُ عنها مِنْ هذَا الحدِّ على ضَربينِ:
أَحدهما: ما تكلمتْ بهِ العربُ وكانَ مشكلًا فأحوجَ إِلى أَن يبحثَ عن أُصولهِ وتَقديراتِه.
والضربُ الثاني: ما قِيسَ علَى كلامِهم.
ذِكرُ النوعِ الأَولِ مِنْ ذلكَ:
قالتِ العربُ: حَاحيتُ3 وهَاهيتُ4 وعَاعيتُ5. وأَجمعَ أَصحابُنا علَى أَنَّ الأَلفَ بَدلٌ مِنْ ياءٍ وللسائلِ أَن يسألَ فيقول: ما الدليلُ على أَنَّها بَدلٌ مِنْ ياءٍ دونَ أَن يكونَ بدلًا مِنْ واوٍ؟ وإِذا6 ثبتَ أَنَها بَدَلٌ مِنْ ياءٍ فَلهُ أنْ يسألَ فيقول: لِمَ قُلبتْ وهيَ ساكنةٌ ألفًا؟ فالجوابُ في ذلكَ يقالُ لَهُ: وجدنَا كُلَّ ما جاءَ مِنَ الواوِ في هَذا البابِ قد ظهرتْ فيهِ الواوُ نحو: "قوقيتُ7، وضوضيتُ8، وزَوزيتُ" ولَمْ نَر منهُ شيئًا جَاءَ بالياءِ ظاهرةً واجتمعَ معَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: التصريف 2/ 318.
2
هذا: ساقط من "ب".
3
حاحيت: إذا قلت: حاي، وهو التصويت بالغنم.
4
هاهيت: صوت، وهو الهيهاء.
5
عاعيت: صوت إذا قلت: عاي.
6
في "ب" إذا.
7
قوقيت: القوقاة، صوت الدجاجة عند البيض. وقوقيت: صحت.
8
ضرضيت: صحت، يقال: ضوضى القوم إذا ضجوا وصاحوا.



ج / 3 ص -317- هذَا أنا وجدنَا الألِفَ قد أُبدلتْ في بَعض المواضعِ مِنُ الياءِ الساكنةِ ولم نجدها مبدلةً مِنَ الواوِ الساكنةِ وذلكَ قولُهم في "طَيىءٍ طائي وإِنَّما هُوَ: طيِّئي" فقلبوا الياءَ ألفًا. وقالَ الأخفش: إِنَّهم يقولونَ في "الحِيرةِ" حَارِي1 قالَ أَبو بكر: فلو قالوا: حَيْحَيتُ لاجتمعتِ الياءات2، ولا يكونُ ذلكَ في ذواتِ الواوِ لأَنَّهُ لا يجوزُ أَنْ تقول: "قَوْقوتُ" لأنَّ الواوَ إِذا صارتْ رابعةً انقلبتْ ياءً وإِذَا كانتِ الياءُ رابعةً لم تُقلبْ إِلى غيرِها في مثلِ هذا فقولُكَ: "قَوْقَيْتُ" لمْ يجتمعْ في الحرفِ واوانِ ولو قلتَ: حيحيت "لاجتمعت3" ياءانِ.
[
قال أبو بكرُ]4: وكانَ القياسُ عندي أَنْ تظهرَ الياءُ ولكنَّهم تنكبوا ذلكَ استثقالًا للياءينِ أن يتكررا معَ الحاءِ في "حَاْحَيْتُ" والعينُ في "عَاعَيْتُ" وخَفَّ ذلكَ في ذواتِ الواوِ لإختلافِ اللفظِ بما أَوجبتهُ العلةُ وَمَعَ ذلكَ فإِنَّ هذَا الفعلَ بنيَ مِنْ صوتٍ الألفُ فيهِ أَصلٌ ليستْ منقلبةً مِنْ شيءٍ أَلا تَرَى أَنَّ الحروفَ والأصواتَ كلها مبنيةٌ على أَصولها ووجدناهم قد قلبوا الألفات في بعضِ الحروفِ إِلى الياءِ نحو: عَليهِ وإِليهِ فلمَّا قلبتِ الألفُ إِلى الياءِ وجبَ أَنْ تقلبَ الياءُ إِلى الألفِ والدليلُ أيضًا على أَنَّ الأَلفات في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
النسب إلى الحيرة: حاري، لأنهم استثقلوا اجتماع الكسرتين مع الياءات فأبدلوا من كسر الحاء فتحة، ومن الياء ألفًا.
وانظر: الحجة في القراءات 1/ 62 وابن يعيش 10/ 18.
2
لأنه من مضاعف الياء ونظيره قوقيت من مضاعف الواو، وإنما قلبوا الواو ألفًا لشبهها بها، ولأن العرب كرهوا تكرر الياءين وليس بينهما إلا حرف واحد فقلبوا الياء ألفًا، ولم يقولوا في "قوقيت" قاقيت، لأن الواو التي هي لام قد انقلبت ياء.
وانظر: المنصف 2/ 170.
3
في "ب" لاجتمع.
4
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -318- الحروفِ غيرُ منقلباتِ أنَّهُ لا تجوزُ أَمالُتها ولو كانتْ منقلبةً لوجبَ إِمالةُ "حَتى" لأنَّ الأَلفَ إِذَا كانتْ رابعةً في اسمٍ أَو فعلٍ فهيَ منقلبةٌ فلَيس لَكَ أَنْ تقولَ في أَلِف "لاَ" إِنَّها منقلبةٌ مِنْ شيءٍ ولاَ ألفِ "ما" ولاَ "يا" لأنَّ الحروفَ حكمُها حكمُ الأَصواتِ المحكيةِ ولذلكَ بُنَيْتْ.
وقالَ الأخفش: لم يجئ مِنْ هذَا البابِ مما علَمنا إلا هذهِ الثلاثةُ يعني: حَاحيتُ وهَاهيتُ وعَاعيتُ.
وقالَ محمد بن يزيد1: مِما يُسألُ عنهُ فيما جاءَ على أَصلهِ من بناتِ الواوِ التي علَى "فَعَلَ" نحو: الخَوَنةِ والحَوكَةِ والقَوَدِ هَلْ في الياءِ مثلُ هذا وقد استويا في: عَوِرَ وصَيِدَ البعيرُ؟ قال: والجوابُ في ذلكَ: أَنَّ عَوِرَ وصَيِدَ فِعْلانِ جَاءا في معنى ما لا يعتل مِنَ الأفعالِ فَصحا ليدلا عليه نحو: اعْوَرَّ واصْيدَّ كما صحَّ: اجْتَوَرُوا واعتَونُوا إِذا أردتَ معنى: تَجاوروا وتُعاونوا فأمَّا: الخَوَنةُ والحَوَكَةُ ونحوهُما فإِنَّما كانَ ذلكَ في الواوِ لأنَّها تباعدتْ مِنَ الألفِ فَثبتَ كما ثَبُتَ ما رُدَّ إلى الأَصلِ ولَمْ تجيء الياءُ في: نَابٍ وغَارٍ وَبَاعَهُ ولا في شيء منه على الأَصل لشبهِ الياءِ بالألفِ لأنَّها إليها أَقربُ وبها أَحقُّ أَلا تَرى أنَّ "بَابَ": قَوْقَيْتُ2 وَضَوْضَيْتُ3 يظهرُ فيهِ الواوُ لا يأتي ما كانَ من بنَاتِ الياءِ في هذَا البابِ إلا مقلوبًا نحو: حَاحَيْتُ وَعَاْعَيْتُ وإنَّما هُ و"فَعْلَلْتُ".
قالَ أَبو بكر: ولمعترضٍ أَن يعترضَ بقولِهم: غَيَبٌ وصَيَدٌ فجوابهُ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المقتضب 1/ 200 و1/ 114 و1/ 171 و2/ 220 والكتاب 2/ 399.
2
قوقيت: من قوقى الديك إذا صاح.
3
ضوضيت: من الضوضاء. وهو الصياح. وقيل: إن أصل ضوضيت وقوقيت: ضوضوت وقوقوت، قلبت الواو فيهما ياء لوقوعها رابعة.



ج / 3 ص -319- أَنْ يقالَ لهُ: "صَيَدٌ" صَحَّ كَما صَحَّ فعلهُ وصَحَّ "عَوَرَ" أَيضًا مثلهُ ويجوزُ أَنْ يكونَ: "غَيَبٌ" شُبهَ بِصَيَدَ وإِنْ كانَ جمعُ "غائب" لأَنهُ يجوزُ أَنْ يكونَ1 ينوي بهِ المصدرَ.
قالَ: قولُ سيبويه في بَابِ: علَى وإِلى ولدى لِمَ انقلبتِ الألفُ فيهنَّ مَعَ المضمرِ2 في قولِكَ: عليكَ وإِليكَ ولديكَ وكذلكَ: جَاءني كلام الرجلينِ ورأيتُ كِلا الرجلينِ ومررتُ بكلام الغلامينِ فإِذَا اتصلَ بذلكَ مضمرٌ في موضع جَرِّ أَو نَصْبٍ قلبتِ الألفُ ياء فقلت: رأيتُ كليهما ومررتُ بكليهما وفي الرفعِ تبقى على حالِها فتقولُ: جاءني أخواكَ كلاهما فزعمَ سيبويه: أنَّ ذلكَ لأَنَّ "على وإلى وَلَدى" ظروفٌ لا يَكُنَّ إلا نَصبًا أو جرًا كقولِكَ: غَدَتْ مِنْ عليهِ3 فشبهت "كِلا" معَ المضمرِ بهنَّ في الموضعِ الذي يقعنَ فيه منقلباتٍ ولَمْ تكنْ مما ترتفعُ فبقيتْ "كِلاَ" في الرفعِ على حالِها وشبهَ "كِلا" بهن لأَنَّها لا تفردُ كما لا يُفْردنَ.
قالَ أَبو العباس4: قِيلَ لسيبويه: أَنتَ تزعمُ أَنَّ الألفاتَ في "على" ونحوِها منقلباتُ مِنْ واوٍ ويستدلُ علَى ذلكَ بأنَّ الأَلفاتَ لا تكونُ فيها إمَالةٌ ولو سُميَ رجلٌ بشيءٍ منهنّ قالَ في تثنيتِه: عَلَوانِ وأَلَوانِ فَلمَ قلبتَها مع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يكون ساقط في "ب".
2
ما بين القوسين ساقط من "ب".
3
يشير إلى قول مزاحم العقيلي في وصف القطاة. وقد مر شرحه ص/ 492 من هذا الجزء.
4
أبو العباس: محمد بن يزيد المشهور بالمبرد أستاذ ابن السراج. وانظر: المقتضب 3/ 53.
5
انظر: شرح الرماني 4/ 41. وقد منع الرماني الاشتقاق من الحروف، ولكن جوزه مع ذلك على أنه خارج عن الأصل لشبهه الاسم لأنه على ثلاثة أحرف.



ج / 3 ص -320- المضمرِ ياءً. هلاَّ تركتَها على حالِها فقلتَ: عَلاكَ وإلاكَ كما يقولُ بعضُ1؟ العربِ. قال: فقالَ: مِنْ قِبَلِ أَنَّ هاتينِ يعني: علَى وَلَدى- اسمانِ غيرُ متمكنينِ و "إلى" حرفٌ جاءَ لمعنىً. ففصلَ بينَ ذلكَ وبينَ الأَسماءِ المتمكنةِ فقيلَ لهُ: فهلا فصلتَ بينَها معَ الظاهرِ أيضاً؟ فقالَ: لأَنَّ المضمرَ يتصلُ بهَا.
قِيلَ: فَبَينَ وعِنْدَ ونحو ذلكَ غيرُ متمكنةٍ فِلَم لا2 فصلتَ أَيضًا بينَها وبينَ المتمكنةِ؟ قَالَ: لأَنَّ الواوَ والياءَ والألفَ مِنَ الحَظِّ في إبدالِ بعضهن مِنْ بعضٍ ما ليسَ لِسَائرِ الحروفِ قِيلَ لَهُ: فَما بالُ قولِكَ: فيكم وفينا وفيَّ3 بمنزلةِ: مسلميكَ ونحوها وما علمتُ بينَ هذينِ فصلًا مقنعًا قال: والقولُ عندي في هذا أَنَّ هذهِ الحروفِ لمَّا كانتْ لا تخلو مِنَ الإِضافةِ كما لا يخلو مِنَ الفاعلِ بَنَوْها علَى المُضمرِ علَى إسكانِ موضعِ اللامِ مِنْها كَما فُعِلَ ذلكَ الفِعْلُ بالفعلِ مَعَ الفاعلِ والحجةُ واحدةٌ وأَمَّا "كِلا" فإنَّما أُشبهتهنَّ في الجرِّ والنصبِ علَى ما قالَ سيبويه4. قالَ: وهذَا القولُ مذهبُ الفراءِ وأَصحابهِ.
قالَ أبو العباس5: في هذَا البابِ نظرٌ أكثرُ مِن هذَا وقَد صَدَقَ. وقالَ: زعمَ أَصحابُ الفراءِ عنهُ أنهُ كانَ يقولُ في بناتِ الحرفين من الأَسماءِ نحو: أُختٍ وبنتٍ وقُلةٍ وثَبَةٍ وجميعُ هذَا المحذوفِ أَنَّ كُلُّ شيءٍ حذفتْ منهُ الياءُ فأولهُ مكسورٌ ليدلَّ عليها وكُلُّ ما حذفتْ منهُ الواوُ فأولهُ مضمومٌ يدلُّ عليها فأُختٌ مِنْ قولِكَ: أَخواتٌ وبنتٌ كُسِرَ أَولُها لأَنَّ المحذوفَ "ياءٌ" وقُلِةٌ المحذوفُ "واو" فيقالُ لَهُ أَمَّا "قُلَةٌ" فَمَا تنكرُ أن تكونَ مِنْ "قَلَوْتُ" إذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 104 والحجة لأبي علي 1/ 32.
2
في "ب" فهلا.
3
وفي: ساقط من "ب".
4
انظر: الكتاب 2/ 83.
5
أبو العباس: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -321- طَردت وقولُكَ في "بنتٍ" دَعوى ويُبطلُ ما تقولهُ "عِضَة1"، لأَنَّ أَولَها مكسورٌ وهيَ مِنَ الواوِ يقالُ في جمعِها "عِضَوَاتٌ". قالَ الشاعرُ2:

"
هَذَا طَرِيقٌ يآزِمُ المآزِمَا وَعِضَوَاتٌ تَقْطَعُ اللَّهازِمَا

وكانَ يلزمهُ أَنْ يضمَّ أَولَ "سَنَةٍ" فيمَنْ قَالَ "سَنَواتٌ" لأَنَّها مِنَ الواوِ وكذلكَ: هَنَةٌ [هَنَواتٌ] ينشدون فيها4:

أَرَى ابنَ نِزارٍ قَدْ جَفَاني وَمَلنَّى عَلَى هَنَواتٍ شَأنُها مُتَتَابِعُ

قالَ أَبو العباس5: الذاهبُ مِنْ "ابن" واوٌ كمَا ذهبَ مِنْ "أَبٍ وأَخٍ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكامل/ 470.
2
هذان بيتان من مشطور الرجز وهما من شواهد سيبويه 2/ 81 على جمع عضة على عضوات فدل هذا على أنها محذوفة اللام وأنها من ذوات الاعتلال.
والعضوات: جمع عضة والعضة: من شجر الطلح، وهي ذات شوك، ويأزم: يعض، واللهازم: جمع لهزمة، وهي مضغة في أصل الحنك.
والمآزم: جمع: المأزم. وهو المضيق بين جبلين، يريد أن المضايق بالنسبة إلى ضيقه لا تذكر، ويروى: تمشق بدلا من "تقطع" وتمشق: تضرب.
وروى الأصمعي هذين البيتين عن أبي مهدية، وانظر: التصريف 1/ 59، والكامل للمبرد/ 470 واللسان "أزم، وعضة" والبغداديات لأبي علي/ 8.
3
أضفت كلمة "هنوات" لإيضاح المعنى.
4
من شواهد الكتاب 2/ 81، على أن من العرب من يقول في جمع هنت: هنوات أن مجيئه في الجمع بالواو يدل على أنها من ذوات الاعتلال، ولهذا فإن النسبة إليها عند من يرد المحذوف أن يقول: "هنوي" ومن جعل المحذوف هاء ردها في النصب. والهنوات: الأفعال القبيحة، أي أنه قد جفاني وقطعني بعد تتابع إساءتي. ويروى: متتايع، بالياء. ولم ينسب البيت لقائل معين.
وانظر: المنصف 3/ 139. والمقتضب 2/ 270. وسر صناعة الإعراب 1/ 167. وأمالي ابن الشجري 2/ 38 والتذييل والتكميل 1/ 201. وشرح السيرافي 4/ 91.
5
انظر: المقتضب 2/ 92 و2/ 270. و"أبو العباس" ساقط من "ب".



ج / 3 ص -322- فإنْ قيلَ: فَما الدليلُ عليهِ وليسَ براجعٍ في تثنيةٍ ولاَ جمعٍ ما يدلُّ علَى أَحدهما دونَ الآخِر؟ قُلنا: نَستدلُّ بالنظائرِ أَمَّا "ابن" فإنَّكَ تقولُ في مؤنثهِ: "ابنةٌ" وتقولُ: "بنتٍ" مِنْ حيثُ قلتَ: "أُختٌ" ومِنْ حيثُ قلتَ: "هَنْتٌ" ولمَ نَر هذهِ التاءَ تلحقُ مؤنثًا إلا ومذكرهُ محذوفُ الواوِ يدلك علَى ذلكَ "أَخوانِ" ومَنْ رَدَّ في هَنٍ قَالَ: هَنَوانِ. قالَ: وأَمَّا "اسمٌ" فَقَد اختُلفَ فيهِ. فَقال بعضُهم هَ و"فِعْلٌ" وقالُ بعضُهم: "فُعْلٌ" وأَسماءٌ تكونُ جمعًا لهذَا الوزنِ1، وهذَا الوزنُ2 تقولُ في جِذْعٍ: أَجْذَاعٌ كمَا تقولُ في "قُفْلٍ": أَقفَالٌ وهَذا لا تُدركَ صيغتُه إلا بالسمعِ وأكثرهم أنشد:

"
في كُلِّ سُورَةٍ3 سُمُه

فَضمهُ وجاءَ به عَلَى "فُعُلٍ" وأَنشدَ بعضُهم: "سِمُهْ" فكسرَ السينَ وَهُو أقل4 وأَنشدَ أَبو زيد فذكرَ الوجهينِ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المنصف 1/ 60. والمقتضب 1/ 229.
2
يريد وزن "فعل" بسكر الفاء ووزن "فعل" بضم الفاء.
3
يشير إلى قول الشاعر:

باسم الذي في كل سورة سمه

والشاهد من مشطور الرجز. رواه أبو زيد في النودار: وقبله:

أرسل فيها بازلا يقرمه وهو بها ينحو طريقا يعلمه

باسم الذي في كل...

يريد: أرسل الراعي في الإبل للضراب بعيرا في التاسعة من عمره محجوزا عن العمل ليقوى على الضراب. أرسله باسم الله الذي يذكر اسمه في كل سورة.
والضمير في "أرسل" للراعي. ويقدمه: يتركه عن الاستعمال ليتقوى للفحلة.
والرجز لرجل من كلب. ونسب إلى رؤبة. ولكنه غير موجود في ديوانه.
وانظر: المقتضب 1/ 229. والمنصف 1/ 60. والإنصاف/ 10 والنوادر/ 166 وشواهد الشافية/ 176.
4
وهو أقل: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -323- "فَدَعْ عنكَ ذِكْرَ اللهوِ واعمدْ لِمدحَةٍ لغيرِ مَعَدٍّ كُلُّها حيثُما انتُمى

لأَعْظَمِهَا قَدْرًَا وأكرمِهَا أَباً وأَحْسَنِهَا وَجْهًَا وَأَعْلَنِهَا سُمَا 1

فأَمَّا "ابنٌ" فتقديرهُ "فَعَلٌ"2 متحركٌ وذلكَ أَنَّكَ تقولُ في جمعهِ "أَبَناءُ" كَمَا تقولُ: جَمَلٌ وأَجْمَالٌ وجَبَلٌ وأَجبَالٌ فإنْ قالَ قائلٌ: فلعلهُ "فِعْلٌ" أَ و"فُعْلٌ" فإنَّ جمعَها علَى "أَفَعالٍ" قيلَ لَهُ: الدليلُ عَلى ذلكَ أَنَّكَ تقولُ: بَنُونَ في الجمعِ فتحركُ بالفتحِ فإنْ قَالَ: ما أَنكرتَ مِنْ أَنْ يكونَ علَى "فَعْلٍ" ساكن العين قِيلَ لأَن البابَ في جَمعِ "فَعْلٍ" علَى "أَفْعُلٍ" نحو: كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وكَعْبٍ وأَكْعُبٍ فأَما دَمٌ فهوَ فَعْلٌ لأَنَّكَ تقولُ: دَمِيَ يَدمى فهوَ دَمٍ فَهذَا مثلُ: فَرِقَ يُفْرَقُ فَرَقًا فهو فَرِقٌ "فَدَمٌ" مَصدرٌ مثلُ بَطَرَ وحَذِرَ هَذا قولُ أَبي العباس3.
قالَ أَبو بكر: وليسَ عندي في قولهم: دَمِيَ يَدْمَة دَمًا حجةٌ لِمَنْ ادَّعى أَنَّ "دَمَاً" فَعَلٌ لأَنَّ قولُهم: دَميَ يَدْمى دَمًَا إنَّما هُ و"فِعْلٌ" ومَصدرٌ اشتقا مِنَ الدمِ كمَا: اشتقَّ تَرِبَ مِنَ "التُّرابِ" وشَعرُ الجبينِ مِنَ الشَعَرِ فقولُهم "دَمَاً" اسمٌ للحدثِ والدمُ اسمٌ للشيءِ الذي هُوَ جسمٌ وقد بينتُ هذَا الضربَ في كتابِ الاشتقاقِ ولكنَّ قولَهم: دَميانِ دَلَّ علَى أَنَّهُ "فَعَلٌ" قالَ الشاعرُ لمَّا اضطر:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذان البيتان أنشدهما أبو زيد في نوادره. والشاهد فيه أن الاسم يجيء على وزن "فعل" وكذلك "فعل بضم الفاء". وإنشاد البيتين على الوجهين -كسر الفاء وضمها- وانظر: المقتضب 1/ 230. والمنصف 1/ 60. والنوادر/ 166، والمخصص 13/ 192. وأمالي ابن الشجري 2/ 66.
2
في المقتضب 1/ 130: فأما ابن فتقديره "فعل" وذلك أنك تقول في جمعه أبناء كما تقول: جمل وأجمال، وجبل وأجبال.
وانظر: الكتاب 2/ 82 والمنصف 1/ 58.
3
انظر: المقتضب 1/ 231، وأمالي ابن الشجري 2/ 34، والخزانة 3/ 349.



ج / 3 ص -324- فَلَو أَنَّا عَلى حَجَرٍ ذُبِحْنَا جَرَى الدَّمَيانِ بالخَبرِ اليَقِينِ 1

وأَمَّا يَدٌ فتقديرُها "فَعلٌ"2 ساكنةُ العينِ لأَنكَ تقولُ: أَيدٍ في الجَمْعِ فَهَذَا جَمْعُ "فَعْلٍ" ولو جَاءَ شَيءٌ لا يعلمُ ما أَصلُه مِنْ هذهِ المتقوصاتِ لكانَ الحكمُ فيهِ أنْ يكونَ فِعْلًا ساكنَ العينِ لأَنَّ الحركةَ زيادةٌ والزيادةُ لا تثبتُ إلا بدليلٍ وأَمَّا أستٌ "فَفَعَلٌ3" متحركةُ العينِ يدلُّك على ذلكَ "أَسْتَاهٌ" فإنْ قيلَ فلعلها4 فَفَعَلٌ أَو فُعْلٌ فإنَّ الدليلَ على ما قُلنا قولكَ5: سَهٌ فتردَّ الهاءَ التي هيَ لامٌ وتحذفُ العينَ وتفتحُ السينَ فأَمَّا حِرُ6 المرأةِ7 فتقديرهُ "فِعْلٌ8" لقولِهم: أَفعالٌ في جمعهِ بمنزلةِ: جِذْعٍ وأَجَذاعٌ ودليلهُ بَينٌ لأَنَّ أَولَهُ مكسورٌ.
قالَ محمد بن يزيد: ما كانَ على حرفينِ ولا يُدرى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الشاهد فيه "دم" ووزنه "فعل".
أراد بالخبر اليقين ما اشتهر عند العرب من أنه لا يخرج دم المتباغضين.
وقد اضطرب في نسبة هذا الشاهد، فمنهم من نسبه إلى الفرزدق وإلى الأخطل وإلى مرداس بن عمر أو إلى علي بن بدال، وإلى المثقب العبدي.
وانظر: المقتضب 1/ 231. والبيان والتبيين للجاحظ 3/ 60. وأمالي ابن الشجري 2/ 34. والمنصف 2/ 148. والمخصص 6/ 92. والوحشيات لأبي تمام/ 84، والخزانة 3/ 349. والجمهرة لابن دريد 2/ 303، وشرح السيرافي 5/ 6.
2
انظر: المقتضب 1/ 232 والكتاب 2/ 190 وأمالي ابن الشجري 2/ 34.
3
انظر: الكتاب 2/ 82 والمنصف 1/ 61-62 والمقتضب 1/ 232. ومجالس ثعلب/ 471.
4
في "ب" لعل فعلها.
5
في "ب" قولهم.
6
حر المرأة: ما بدا من وجنتها.
7
المرأة: ساقط من "ب".
8
انظر: المقتضب 1/ 233، والكتاب 2/ 112.



ج / 3 ص -325- ما أَصلهُ الذي حُذِفَ مِنهُ فإِنَّ حكمَهُ في التصغيرِ والجمعِ أَنْ تثبتَ فيهِ الياءُ لأَنَّ أَكثرَ ما يحذفُ مِنْ هَذا1: الواوُ والياءُ فالياءُ أَغلبُ علَى الواوِ مِنْ الواوِ علَيها فإنَّما القياسُ علَى الأكثرِ2، فلو سَمينا رجلًا بإنْ التي للجزاءِ ثُمَ صغرنَا فقلنا3. أُنَيٌّ وكذلكَ: أن4 التي تنصبُ الأفعالَ فإنْ سميناَ "بِإِنْ" الخفيفةِ مِنَ الثقيلةِ قُلنا: أُنيَنٌ. فاعلم5. لأَنا قد علَمنا أَنَّ أَصلَها "نونٌ" أُخرى حذفتْ منها وكذلكَ لو سميناهُ "بِرُبَ" الخفيفةِ "مِنَ" رُبَّ [الثقيلةِ] لقلنَا: رُبَيبٌ لأَنا قد علمنا ما حذفَ منهُ وكذلكَ "بَخٍ" المخففةِ تردُّ فيهما الخَاءُ المحذوفَةُ لأَنَّ الأَصلَ التثقيلُ كما قالَ:

في حَسَبٍ بَخٍّ وعَزٍّ أقْعَسَا9

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "هذه".
2
انظر: المقتضب 1/ 233.
3
فقلنا: ساقط من "ب".
4
أضفت "أن" لإيضاح المعنى.
5
فاعلم: ساقط في "ب".
6
زيادة من "ب".
7
انظر: المقتضب 1/ 233-234.
8
في سيبويه 2/ 123 ولو حقرت "رُب" مخففة لقلت: رُبَيْب، لأنها من التضعيف يدلك على ذلك "رُبّ" الثقيلة. وكذلك بخ الخفيفة. وانظر: المقتضب 1/ 234.
9
من شواهد الكتاب 2/ 123 على تشديد "بخ" والاستدلال به على أن "بخ" المخففة محذوفة من المضاعفة المشددة.
ومعنى: بخ: التعجب والتفخيم. والعز الأقعس: الثابت المنتصب الذي لا يتضعضع، ولا يذل، وأصل القعس: دخول الظهر وخروج الصدر، ومن كان كذا كان منتصب الرأس غير مطأطئه فجعل ذلك في العز حتى قيل: عزة قعساء. وعز أقعس.
والرجز للعجاج، وبين الروايتين بعض الخلاف. وانظر: المقتضب 1/ 234، والديوان 31. وأمالي ابن الشجري 1/ 390.



ج / 3 ص -326- ولو سميت رَجُلًا: ذُوَ لقَلنا: ذَوَاً1 قَد جاءَ2، لأَنَّهُ لا يكونُ اسمٌ علَى حرفينِ أَحدهما: حرفُ لينٍ لأَنَّ التنوينَ يذهبُ بهِ3 فيبقى علَى حرفٍ، فإِنَّما رددتُ ما ذَهَبَ وأَصلُه فَعَلٌ يدلُّكَ علَى ذلكَ: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}4 و{ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ}5 وإنَّما قلتَ: هذَا ذُو مالٍ فجئتَ بهِ على حرفينِ لأَنَّ الإِضافةَ لازمةٌ لَهُ ومانعةٌ مِنَ التنوينِ كمَا تقولُ: هذَا فو زيدٍ، ورأيتُ فا زيدٍ، فإذَا أَفردتَ قلتَ: هذا فَمٌ فاعلم، لأن الاسم قد يكونُ علَى حرفين إذَا لم يكنْ أَحدُهما حرفَ لينٍ كما تقدمَ مِنْ نحو: يَدٍ ودمٍ وما أَشبههُ.
قال7: فإذَا سميتَ رَجُلًا "بِهُوَ" فإنَّ الصوابَ أن تقولَ: هذَا هُوٌّ، كَما تَرَى فتثقلُ8، وإن سميتَهُ "بِفي" مِنْ قولِكَ: في الدارِ زيدٌ، زدتَ علَى الياءِ ياءً فقلت: هذا فيٌّ فاعلم9. وإن سميته "بلا" زدتَ علَى الأَلفِ ألفًا ثُمَ همزتَ10 لأَنكَ تحركُ الثانيةَ والأَلفُ إذا حُرِّكتْ كانتْ همزةً فتقول: هذا لاَءٌ فاعلم. وإنَّما كَانَ القياسُ أَنْ تزيدَ علَى كُلِّ حرفٍ مِنْ حروفِ اللينِ ما هَوَ مثلهُ لأَنَّ هذهِ حروف11 لا دليلَ علَى توالِيها12 لأَنَّها لم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 33 ولو سميت رجلا "ذو" لقلت: هذا ذَوًا، لأن أصله "فعل".
2
في "ب" أقبل.
3
في "ب" يذهبه.
4
الرحمان: 48.
5
سبأ: 16 والآية غير مذكورة في "ب".
6
كما تقدم: ساقط في "ب".
7
أبو العباس المبرد، انظر: المقتضب 1/ 234.
8
انظر: الكتاب 2/ 33.
9
فاعلم: ساقط في "ب".
10
انظر: الكتاب 2/ 33.
11
في "ب" الحروف.
12
في الأصل "ثوانيها".



ج / 3 ص -327- تكنْ أَسماءً فيعلمُ ما سقطَ مِنْها وَهوَ وهيَ اسمانِ مضمرانِ مجراهما مجرى الحروفِ في جميعِ محالِهما1 وكذلكَ قالتِ العربُ: في "لَوِّ" حَيثُ جعلْتُه اسمًا. قالَ الشاعرُ:

ليتَ شِعْري وَأَينَ مِني لَيْتٌ إنَّ لَيتًا وإنَّ لَوًا عَنَاءُ2

فزادَ علَى الواوِ واوًا ليلحقَ الأسماءَ وإنْ سميتَ رجلًا "كَيْ" قلت: هَذا كَيٌّ فاعلَم3. وكذلكَ كُلٌّ ما كانَ علَى حرفينِ ثانيه ياءٌ أَوْ وَاوٌ أَو أَلفٌ4.
وقالَ أَبو الحسن الأخفش: ما كانَ علَى حرفينِ فَلم تدرِ مِنَ الواوِ هَوَ أَمْ مِنَ الياءِ فالذي تحملهُ عليهِ الواو لأَنَّ الواوَ أكثرُ فيما عرفنا أَصلَهُ مِنَ الحرفينِ فيما يُعلم أَنَّهُ مِنَ الوا و"أَبٌ" لأَنكَ تقولُ: أَبوانِ وأَخٌ لأَنَكَ تقولُ: أَخوانِ وهَنٌ لأَنكَ تقولُ: هنوانِ5، وَغدٌ6 لأَنَّهم قَد قالَوا: وغَدْوًا بَلاقعُ7.
قالَ: وأما "ذو" ففي القياس أن يكون الذاهب اللام وأنْ يكونَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المقتضب 2/ 235 والكتاب 2/ 32.
2
من شواهد سيبويه 2/ 32، على تضعيف "لو" لما جعلها اسما على لفظها، وأخبر عنها والبيت لأبي زبيد الطائي. وانظر: المقتضب 1/ 235 والمنصف 2/ 153 والشعر والشعراء 1/ 304. واللسان "أوا" والخزانة 3/ 282 وشرح السيرافي 4/ 111 والجمهرة لابن دريد 2/ 29. والأغاني 4/ 181. والمقاييس لابن فارس 5/ 199.
3
وكذلك: ساقط من "ب".
4
انظر: المقتضب 1/ 236.
5
في "ب" هذا هنوك.
6
انظر: المنصف 1/ 64 وأبو الحسن يذهب إلى حذف ما وجب الحذف عند رد المحذوف فيقول في النسب إلى غد: غدوي.
7
يشير إلى قول الشاعر:

وما الناس إلا كالديار وأهلها بها يوم حلوها وغدوا بلاقع

وغدوا: معنى غد. يقول بينا هم أحياء إذا ماتوا، وكذلك الديار بنيا هي عامرة إذا أقفرت من أهلها فصارت بلاقع، أي: قفارا.
والبيت للبيد بن ربيعة العامري.
وانظر: المنصف 1/ 64. والشعر والشعراء 1/ 178. والأغاني 4/ 95. وأمالي المرتضى 2/ 107. واللسان 19/ 352. ومقاييس اللغة 4/ 415. والموشح للمرزباني/ 97. والديوان/ 21. طبعة أوربا.



ج / 3 ص -328- ياءً لأَنَّ ما عينهُ واوٌ ولامُه ياءٌ أَكثرُ مما عينهُ ولامهُ واوانِ. وأَمَّا "دَمٌ" فَقَد استبانَ أَنهُ مِنَ الياءِ لقولِ بعضِ العربِ1 إذا ثنّاهُ: دَمَيانِ وقال بعضُهم: دَموانِ فَما علمتَ أَنَهُ مِنَ الواوِ أَكثرُ لأَنَّهم قد قالوا: هَنَوانِ وأَخوانِ وأَبوانِ فقد عرفتَ أَنَّ أَصلَ دمِ: فَعَلٌ وَغَدٌ قَدْ استبانَ لكَ أَنَّهُ "فَعْلٌ" بقولِهم: وَغَدْوًَا بلاقع2. وإنما يحملُ البابُ علَى الأَكثرِ. وذكَر الأخفش "سنينَ وَمِئينَ" فَقَالَ: فِيهَا قولين: أَختارُ أَحدَهما وهو الصحيحُ عندنا3، فَقالَ: وأَمَّا سنينُ وَمِئينُ في قولِ مَنْ رفعَ النونَ فهوَ فَعيلٌ ولكنْ كسرَ الفاءَ لكسرةِ ما بعدها وأَجمعوا كلُّهم على كسرِها وصارتِ4 النون في آخرِ "سنين" بدلًا مِنَ الواوِ لأَنَّ أَصلَها مِنَ الواوِ وفي "مِئينَ" النونُ بدلٌ مِنَ الياءِ لأَنَّ أَصلَها من الياءِ كأَنَّها كانتْ "مئي" [مثلُ مَعي]5 وقَدْ قالوها في بعضِ الشعرِ ساكنةً ولا أَراهم أَرادوا إلا التثقيلَ ثُمَّ اضطروا فخففوا لأَنَّهم لو أَرادوا غيرَ التخفيفَ لصارَ الاسم علَى "فَعِلٍ" وهذَا بِنَاءٌ قليل. قالَ الشاعرُ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الخزانة 3/ 349.
2
يشير إلى قول الشاعر الذي مر قبل قليل.
3
انظر: الخزانة 3/ 304.
4
في "ب" فصارت.
5
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -329- حَيْدَةُ خالي ولَقيطٌ وعَلي وحَاتمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئيِ1

مثلُ "المِعِي" وأَمَّا قولُهم: ثلاثُ مِئي فاعلم2. فإنَهُ أَرادَ "بِمئي" جَماعةَ المائةِ كَتَمْرٍ وتَمْرَةٍ وتقولُ فيهِ: رأيتُ مِئيًا مثلُ: مِعيًَا وقولهم: رَأيتُ مِئًِا مثلُ: مِعَىً خطأٌ لأَنَّ المِئي إنَّما جاءتْ في الشعرِ فتقولُ: ليسَ لكَ أَنْ تدعي أَنَّ هذهِ الياءَ للإِطلاقِ وأنتَ لا تجدُ ما هُوَ علَى حرفينِ يكونُ جماعةً ويكونُ واحدهُ بالهاءِ نحو: تَمْرَةٍ وتَمْرٍ.
قالَ أبو الحسن: وَهوَ مذهبُ وَهوَ قولُ يونس يعني "الياءَ" قاَلَ والقياسُ الجيدُ عندنا أَنْ يكونَ سنينَ فِعلينَ مثلُ غِسْلينَ محذوفةٌ ويكونُ قولُ الشاعرِ: سني والمئي مرخمًا. فإن قلتَ: فإنَّ "فِعْلينَ" لم يجئ في الجمعِ وقدَ جاءَ "فَعيلٌ" نحو: كَليبٍ وعَبيدٍ وقَدْ جَاءَ فيهِ ما لزمهُ "فَعيلٌ" مكسور الفَاءِ نحو: "مِئينٍ" فإنَّ مِنَ الجمعِ أَشياءً لم يجىءُ مثلُها إلا بغير اطرادٍ نح و"سَفْرٍ" وقد جَاءَ منهُ ما ليسَ لَهُ نظيرٌ نحو: "عِدى" وأَنتَ إذا جعلتَ "سنينَ" فَعِيلًا جَعلتَ النونَ بدلًا والبدلُ لا يقاس ولا يطردُ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا رجز رواه أبو زيد في النوادر في موضعين: الأول قال فيه: هما لامرأة من بني عامر، والموضع الثاني: قال فيه: هما لامرأة من بني عقيل تفخر بأخوالها من اليمن.
وقد خفت ياءات النسب للقافية. فأما المئي والسني، فإنما جمع على "فعول" ثم قلبت الواوات ياءات فصارت: مئي وسني، ثم خفف بأن حذف إحدى الياءين كما فعل في "على" فبقي المئي والسني، وبعد الشاهد:

يأكل أزمان الهزال والسنى

والهزال: بضم الهاء -الضعف من الجوع. والسنى: مرخم سنين جمع سنة بمعنى الجدب والقحط وانظر: المنصف 2/ 68. وأمالي ابن الشجري 1/ 383.
واللسان "حيد". والوادر/ 167. والخزانة 3/ 304 والموشح للمرزباني/ 95. وشرح السيرافي 2/ 36. والخصائص 1/ 311.
2
فاعلم: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -330- ومخالفةُ الجمعِ للواحدِ قد كثَر فإنْ تحملهُ علَى ما لا بدلَ فيهِ أَولى وليسَ يجوزُ أَنْ تقولَ: إِنَّ الياءَ في سنينَ: أَصليةٌ وقَد وجدتها زائدةً في هَذا البناءِ بعينهِ لمّا قلتَ: "فِعْلينَ" وفِعلونَ: يعني أَنكَ تقولُ: سِنينَ يَا هَذا وسنونَ وقالَ: اعلم: أَنَّ قولَ العرب: "آوَّه" لا يجوزُ أن تكونَ فاعلةً والدليلُ عَلَى أنَّ الهاءَ للتأنيث قولُ العرب: "أَوتاهُ" وإنَّما هَذا شاذٌّ لأَنَّهُ حرفٌ بنيَ هكذَا لم يسمعْ فيهِ "فِعْلٌ" قَط العينُ واللامُ مِنَ الواوِ فلمَّا بنوهُ كأَنَّهُ لم يكن لَهُ "فَعْلٌ" بنوهُ علَى الأصلِ كمَا قالوا: مِذْرَوَانِ فبنوهُ علَى الأصلِ إذ لم يكنْ لَهُ واحدٌ يقلبُ1 فيهِ الواوُ إلى الياءِ وكَما قالوا: ثِنايانِ فلم يهمزوا إذَا لم يكنْ لهذَا واحدٌ تكونُ الياءُ آخرَهُ قَالَ: وأما قولُ الشاعرِ2:

فَأَوِّ لِذكْرَاها إذَا مَا ذَكَرْتُها ومِنْ بُعْدِ أَرْضٍ دونَها وسَمَاءٌ

فإنهُ مِنْ قولِهم: أَوتاهُ ولكنْ جعلَهُ مثلَ: سَبحَ وهَلَّلَ وقولُه: أَو يريدُ: افعَلْ ورأيتُ بخط بعضِ أَصحابنا مِما قُرِيءَ علَى بعضِ مَشَايخِنا مِنْ كلامِ الأَخفش.
اعلَمْ: أَنَّ قولَ العربِ "أَوَّه" لا يجوزُ أَنْ يكونَ إلا "فَاعلةً" ورأَيتُ إلا ملحقةً في الكتابِ3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" نقلت.
2
الشاهد فيه "أوه" التي بمعنى أتألم. وروي: فأوه لذكراها، ومن رواه فأو على أنه أمر كقولك: الأمر من قويت: قو ونحوه، ومن قال: فأوه: فاللام عنده هاء، ولم يعرف قائل هذا البيت. والمعنى: أنه يتوجع من تذكر محبوبته. وما بينهما من قطعة أرض وقطعة سماء تقابل تلك القطيعة.
وانظر: المنصف 3/ 126. والخصائص 2/ 89. والمحتسب 1/ 39. ومعاني القرآن 2/ 23.
3
ما بين القوسين ساقط في "ب".



ج / 3 ص -331- قالَ أبو بكر: جميعُ الأصواتِ التي تُحكى محالفةٌ للأسماءِ والأَفعالِ في تقديرِها فليسَ لَنَا أَن نقولَ في "قَد" أن أَصلَها "فَعْلُ" كما تقولُ في "يَدٍ" ولا ندَعي أَنهُ حذفَ مِنْ "قَدْ" شيءٌ كَما حذفَ في "يَدٍ" ولاَ لنَا أنْ نقولَ: إنَّ الأَلفَ في "مَا ولاَ" منقلبةٌ مِنْ شيءٍ وكذلك صَهْ ومَهْ وأَلفُ "غَاقٍ" لا تَقولُ: إنَّها منقلبةٌ وإنَّما تقدرُ الأسماءَ والأفعالَ بالفاءِ والعينِ واللامِ لتبينَ الزوائدُ مِنْ غيرِها والحروفُ والأصواتُ أُصولٌ لا تكادُ تجدُ فيها زَائدًا ولا تحتاجُ إلى تقديرِها بالفاءِ والعينِ واللامِ لأَنَّها لا تتصرفُ تصرفَ الأَسماءِ ولا تصرفَ الأَفعالِ لأَنَّها لا تصغرُ ولا تُثَنى ولا تجمعُ ولا يُبنى منها فِعل ماضٍ ولاَ مستقبلٍ وأنَّما جعلتِ الفاءُ والعينُ واللامُ في التمثيل ليعتبرَ بهنَّ الزائدُ مِنَ الأصلِ والأَبينةُ المختلفةُ. فَما لا تدخلهُ الزيادةُ ولا تختلفُ أَبنيتهُ فلا حاجَةَ إلى تمثيلهِ وتقديرهِ فأَمَّا قولهُم "تَأَوّهَ" فإنَّما هو مشتقٌّ مِنْ [قولهم]1: آوَّهَ يرادُ بهِ أَنهُ قَالَ: أَواهُ كمَا قالوا: سَبَّح إذَا قالَ سبحانَ اللهِ وهلّلَ إذَا قَالَ: لا إلهَ إلا الله فهَللَ فَعَّلَ أخذتِ الهاءُ واللامُ مِنْ بعضِ الكلامِ الذي تكلم بهِ وجازَ تقديمُ الهاءِ لأَنَّهُ غيرُ مشتقٍ مِنْ مصدرٍ وإنَّما يصيرُ للكلمةِ تقديرٌ إذَا كانتْ اسمًا أَو فعلًا فمَا عَدا ذلكَ فَلا تقديرَ لَهُ وقولُ الشاعِر:

مِنْ أَعقابِ السُّمِي2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
يشير إلى قول الراجز: كنهور من أعقاب السمى.
وهو من شواهد الكتاب 2/ 194 على جمع سماء على "سمى" ووزنه فعول، قلبت واوه إلى الياء التي بعدها وكسر ما قبلها لتثبت الياء وبعدها كسرة، ونظيره من السالم: عناق، وعنوق.
وأراد بالسماء هنا السحاب. والكنهور: القطع العظام من السحاب المتراكم والأعقاب: جمع عقب، وهو آخر الشيء. يريد أنه سحاب ثقيل بالماء.
فأتى آخر السحاب لثقله. وقد نسب هذا الرجز إلى أبي نخيلة السعدي.
وانظر: المنصف 2/ 68.



ج / 3 ص -332- فالسُّمِي مخففٌ مِنْ السّمِيٌّ ويدلكَ علَى ذلكَ أَنَّ "فُعِلَ" ليسَ مِنْ بناءِ الأسماءِ: وإنَّما أَرادَ: السُّمِيَ فخففَ وهيَ "فُعُولٌ" مُثل عُصِيَ فلمَّا خَفَف صارَ: سُميٌ.
قال الأخفشُ: ولو سُمَى بهِ لأنصرفَ لأَنهُ "فُعُولٌ" محذوسف وهوَ ينصرفُ إذا كانَ اسمَ رجلٍ أَلا تَرى أَنَّ "عُنُوقَ جَماعةُ العَنَاقِ" لو كانْت اسمَ رَجلٍ فرخمتهُ فيمنْ قالَ1: يَاحَارِ لقلتَ: بَاعُني تحذفُ القافَ وتقلبُ الواظو. قَالَ: ولَو سميتَ بهِ لصرفتَهُ لأَنَّهُ ليسَ "بَفُعِلُ" ونظيرُ التخفيفِ في سُمِى قولُ الشَاعرِ:

حَيدةُ خَالي ولَقيطٌ وعَلي وحَاتمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي2

فخففَ3 الياءَ مِنْ "عَليّ" وقالَ في بيتٍ آخرَ:

"
يأكلُ أَزمانَ الهُزَّالِ والسِني4

فهذَا إمَّا أَنْ يكونَ رخمَ "سنينَ" ومِئينَ وإما أن يكون بَنى: سنةً ومائةً على: سِني ومِئي وكانَ أَصلهما5: سُنْوٌ ومِئْوٌ فلمَّا حذفَ النونَ ورخم بقيَ الاسم آخرهُ واوٌ قبلها ضمةٌ فلما أَراد أَن يجعلَهُ اسمًا كالأَسماءِ التي لم يحذفْ منها شيءٌ6 قلبَ الواوَ ياءً وكسرَ ما قبلها لأَنَّهُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال: ساقط في "ب".
2
يشير إلى قول الارجز الذي مر ص329 من هذه النسخة.
3
في "ب" الجملة مضطربة ليس لها معنى.
4
هذا الرجز من نفس القصيدة التي منها البيتان السابقان وهما:

حيدة خالي ولقيط وعلي وحاتم الطائي وهاب المئي

وانظر: المنصف 2/ 68. والخزانة 3/ 304. وأمالي الشجري 1/ 383، والخصائص 1/ 311. والموشح/ 95.
5
في الأصل" أصلها".
6
أضفت كلمة شيء لإيضاح المعنى.



ج / 3 ص -333- ليسَ في الأَسماءِ اسمٌ آخرهُ واوُ قبلَها ضمةٌ فمَتى وقعَ شيءٌ مِنْ هذا قلبتِ الواوُ فيهِ ياءً وقَدْ بُيّنَ هذا فيما تقدمَ.
قاَلَ [أبو بكر]1: ويجوزُ عندي أَنْ يكونَ تقديرُ قولِ الشاعر: "سُمِي2" أَنَّهُ "فُعُلٌ" قصرهُ مِنْ "فَعُولٍ" فلمَّا وقعتِ الواوُ بعدَ ضمةٍ وهيَ طرفٌ قَلبها3 يَاءً وهذا التأويلُ عِندي أَحسنُ مِنْ حذفِ اللامِ لأَنَّ حذفَ الزائدِ في الضرورةِ أَوجبُ مِنْ حَذفِ الأَصلِ وسَماءٌ مثلُ "عَناقٍ" في البناءِ والتأنيثِ وكذلكَ جمعهما سَواءٌ تَقُولُ "سُمِيٌّ" وعُنُوقٌ فَسُمِيٌّ5 "فُعُولٌ" وعُنُوقٌ6 "فُعُولٌ7" وقَد حكوا: ثَلاثَ أَسميةٍ بنوها علَى "أَفْعِلَةٍ" وهيَ مؤنثةٌ وإنَّما هذَا البناءُ للمذكرِ وإنَّما فعلوا ذلكَ لأَنَّهُ تأنيثٌ غيرُ حقيقيٍّ وليسَ كعَناقٍ لأَنَّ "عناقاً" تأنيثُها حقيقيٌّ.
واعلم: أَنّ قولَهم "يُهَرِيقُ" الهاءُ مفتوحةٌ في مكانِ الهمزةِ8، وكانَ الأَصلُ: يُؤَرِيقُ لأَنَّ أَصلَهُ "أَفْعَلَ" مثلُ "أَكْرَمَ" فأَكرَم مثلُ "دحرجَ" ملحقٌ بهِ وكانَ القياسُ أَن يقولَ في مضارعِ أَكرمَ يُؤكرمُ مثلُ "يُدحرجُ" فاستثقلوا ذلكَ لأَنَّهُ كانَ يلزَمُ منهُ أَنْ يقولَ: أَنا أُكْرِمُ مثلُ أُدَحْرِجُ أُأَكرِمْ فحذفوا الهمزةَ استثقالًا لاجتماع الهمزتينِ ثُمَّ أتبعوا باقي حروفِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
يشير إلى قول الشاعر الذي مر/ 615.
3
في الأصل قبلها "والتصحيح من "ب".
4
في "ب" الأصلي.
5
فسمى: ساقط في "ب".
6
عنوق: ساقط في "ب".
7
انظر الكتاب 2/ 194. وقالوا في الجمع عنوق، وكسروها على فعول، كما كسروها على أفعل.
8
انظر شرح السيرافي 1/ 194 وابن يعيش 10/ 5.



ج / 3 ص -334- المضارعةِ الهمزةَ وكذلك يفعلونَ أَلاَ تَراهم حَذفوا الواوَ من "يَعدُ" استثقالًا لوقوعها بين يَاءٍ وكسرةٍ ثُمَّ أَسقطوها مَع التاءِ والألفِ والنونِ فقالوا: أَعِد ونَعِد وتَعِد فتبعتِ الياءُ أَخواتِها التي تَأتي للمضارعةِ فالذي أبدلَ الهاءَ مِنَ الهمزةِ فَعَلَ ذلكَ استثقالًا لئلا يلزمَهُ أَن يجمعَ بينَ همزتينِ في أَنا أَفعلُ وأَبدلَ فَلَم يحذف شيئًا فإنْ قَالَ قَائلٌ: فمَا تقديرهُ مِنَ الفعلِ قلتَ: يُهَفْعِلُ لأَنَّ الهاءَ زائدةٌ وحَقُّ كُلِّ زائدٍ أَنْ ننطقَ بهِ بعينهِ وكذلكَ لَو قالَ الشاعرُ: "يؤكرم"1، كمَا قالوا: يُؤَثْفِيَنْ2، لكانَ تقديرهُ ووزنهُ مِنَ الفعلِ "يُؤفعلُ" وتقولُ في قَولِ مَنْ قالَ "يُهْرِيقُ" فأسكنَ الهاءَ وجعلَها عوضًا مِنْ ذَهابِ الحركةِ إنْ قيلَ: ما تقديرهُ مِنَ الفعلِ لم يجزْ أَنْ تنطقَ بهِ عَلى الأَصلِ لأَنَّكَ إذَا قيلَ لكَ: ما وَزنُ: يُريقُ قلتَ: يُفْعِلُ وكذا عادةُ النحويينَ والفاءُ ساكنةٌ والهاءُ ساكنةٌ فلا يجوزُ أَن تنطقَ بهما إذَا كانَ تقديرُ "يُريقُ" يُفْعِلُ. وأَنا أَبينُ لكَ ذلكَ بيانًا أكشفهُ بهِ3، فإنَّ الحاجةَ إلى ذلكَ في هذهِ الصناعةِ شديدةً فأَقولُ إني قَد بينتُ ما دَعا النحويينَ إلى أَن يزنوا بالفاءِ والعينِ واللامِ. وأنهم قَصدوا أَنْ يفصلوا بينَ الزائدِ والأصلِ فالقياسُ في كُلِّ لفظٍ مقدرٍ إذا كانَ فيهِ زائدٌ أَن تحكيَ الزائدَ بعينهِ فتقولُ في "أَكرَم" إنَهُ "أَفعلُ" وفي "كَرامةٍ" أَنها "فَعَالَةٌ" وفي كَريمٍ أَنَّهُ "فَعيلٌ". ومُكرَمٌ مُفْعَلٌ لأن ذلكَ كُلَّهُ مِنَ الكَرمِ فالأَصلُ الذي هُوَ الكافُ والراءُ والميمُ موجودٌ في جميعِها فالكافُ فاءٌ والراءُ عَيْنٌ والجيمُ لامٌ فَعَلى هَذا يجري جميعُ الكلامِ في كُلِّ أَصلي وزَائدٍ فإذا جئنا إلى الأصول التي تعتلُّ وتحذفُ فإنَّ النحويينَ يقولونَ إذا سئلوا: ما وزنُ "قَامَ" قَالوا: "فَعَلَ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يشير إلى قول الشاعر: فإنه أهل لأن يؤكرما. وقد مر: 454 من هذا الجزء.
2
يشير إلى قول الشاعر: وصاليات ككما يؤثفين. وقد مر: 454 من هذا الجزء.
3
به: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -335- فيذكرونَ الأَصلَ لأنه عندَهم مثلُ "ضَرَبَ" وإنَّما كانَ الأَصلُ "قَوِمَ" ثُمَّ قلبتِ الواوُ ألفًا ساكنةً وإذَا قيلَ لَهم: ما وزنُ يَقولُ: قالوا: "يَفْعُلُ" لأَنَّ الأَصلَ "كانَ يَقْوُلُ" فحولتِ الحركةُ التي كانت في الواوِ إلى القافِ وإذَا قيلَ لَهم: ما وزنُ مَقولٍ؟ قالوا: مفولٍ لإِنَّ الأَصلَ: مقوولٌ فحولتِ الضمةُ إلى القافِ فاجتمعَ ساكنانِ فَحذفَ أَحدهُما فهذَا الذي قالوهُ صحيحٌ وإنِّما يريدونَ بذلكَ المحافظةَ على الأُصولِ لتُعلمَ وأَنَّ ما يغيرُ مِنَ اللفظِ فَلعلةٍ إلا أَنهُ يجبُ أَنْ تمثلَ الكلمةُ المعتلةُ بما هيَ عليهِ مِنَ اللفظِ كمَا يمثلُ الأصل فيقولُ: مِثَالها المسموعُ كَذا: والأَصلُ كَذا كمَا قالوا في "رُسْلٍ" فيمَن خففَ1، إنَّ الأَصلَ "فُعُلٌ" وإنَّ الذينَ خَففوا قَالوا: "فُعْلٌ" فيجبُ علَى مَنْ أَرادَ أَن يمثلَ الكلمةَ مِنَ الفعلِ بمَا هيَ عليِه ولم يقصد الأَصلَ إِذا قيلَ لَهُ: ما وزنُ "قَالَ" بَعدَ العلةِ قالَ "فَعْلَ" وإنْ قيلَ لَهُ: ما وزنُ قُلْتُ قالَ: فلتُ: فإنْ قيلَ: ما الأَصلُ قَالَ: فَعُلْتُ قيلَ لَهُ: ما وَزنُ قِيلَ قالَ: فِعْلَ فإنْ أَريدَ الأَصلَ قالَ: فُعِلَ فإنْ قيلَ لَهُ: ما وَزنُ مَقولٍ فإنْ كانَ ممن يقدرُ حذفَ واوِ مفعولٍ2، وذاكَ مذهبهُ قَالَ "مَفُعْلٌ". وإنْ كانَ ممن يذهبُ إلى أَنَّ العينَ الذاهبةَ قالَ: مَفولٌ فإنْ سُئلَ عَنِ الأصلِ قالَ: مَفعولٌ وكذلكَ إذا سُئلَ عَنْ "يَدٍ" قَالَ "فَعٍ" فإنْ سُئِلَ عَنِ الأصلِ قالَ "فَعْلٌ" كمَا بينا فيمَا تقدم وإنْ سُئلَ عَنْ "مُذْ" قالَ: "فَلْ" فإنْ سُئِلَ عَنِ الأصلِ قالَ: فُعْلٌ لأَنَّ أصلَ "مُذْ": مُنْذُ فالعينُ هيَ الساقطةُ وكذلكَ: "سَهْ" إنْ قالَ: ما وزنُها في النطقِ "قلت" "فَلْ" فإنْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
التخفيف هنا معناه إسكان العين.
2
يرى الخليل وسيبويه أنك إذا قلت: مقول، الذاهب واو مفعول لالتقاء الساكنين والواو الباقية عين الفعل. وكان الأخفش يزعم: أن المحذوفة هي عين الفعل والباقي واو مفعول. قال المازني: وكلا الوجهين حسن جميل. وقول الأخفش أقيس. وانظر: المنصف 1/ 287-288.



ج / 3 ص -336- قالَ: ما الأَصلُ؟ قلتَ "فَعْلُ" كمَا ذكرنَا ويلزمُ عندي مِنْ مثلِ قَالَ: يَفْعَلُ ومقولٌ: بِمَفْعُولٌ أَن يمثلَ يُكْرِمَ بيؤفعلُ1 فيذكرُ الأَصلَ فأمَّا "أُمهاتٌ" فوزنُها "فُعْلَهاتٌ" يدلُّكَ عَلَى ذلكَ أَنَّهم يقولونَ: أُمٌّ وأُمهاتُ2، فيجيئون3 في الجمعِ بمَا لم يكنْ في الواحدِ. وقد حكى الأخفشُ علَى جهةِ الشذوذِ أَنَّ مِنَ العربِ مَنْ يقولُ: "أُمَّهَةٌ" فإنْ كانَ هذَا صحيحًا فإنَّهُ جعلَها فُعَّلَةً وأَلحقَها بِجُخْدَبٍ4 ومَنْ لم يعترف بِجُخْدَبٍ ولَم يثبتْ عندَهُ أَنَّ في كلامِ العربِ "فُعْلَلاً" وَجَبَ [عليهِ]5 أَنْ يقولَ "أُمَّهَةٌ" فُعْلَهَةٌ كمَا قالَ: إنَّ جُنْدَبًا فُنْعَلٌ ولَم يَقلْ: فُعْلُلٌ وإذَا قيلَ لكَ ما وَزنُ "يَغْفُر" فإن قالَ السائلُ6 ما أَصلهُ فقلْ7: يَفْعَلُ ولكنْ أتبعُوا الضمَّ8 الضمَّ وإنْ كانَ سُئِلَ عَنِ اللفظِ فَقُلْ "يُفْعُلُ" وكذَلكَ "مِنْتِنٌ" إنْ قَالَ ما وزنهُ قَلتَ: الأَصلُ "مُفْعِلٌ" ولكنْ أتبعوا الكسرَ الكسرَ واللفظُ "مِفُعِلٌ" وتقولُ في "عِصِي" إنَّها "فُعولٌ" في الأَصلِ وفَعيلٌ في اللفظِ والتمثيلُ باللفظِ غيرُ مَأْلوفٍ فَلا تلتفتْ إلى مَنْ يستوحشُ منهُ ممن يطلبُ العربيةَ فإنَّ مَنْ عرفَ أَلفَ ومَنْ جَهلَ استوحشَ وهذَا مذهبُ أَبي الحسن الأخفش وتقولُ في "قِسِيٍّ" أَصلهُ: فُعُولٌ وكانَ حقهُ "قُووُسٌ" ولكنْ قدَموا اللامَ علَى العينِ وصيروهُ "فُلُوعٌ" وكانَ حقهُ أَنْ يكونَ "قِسُوٌ" فصنَعوا بهِ ما صنَعوا بعِصِيٍّ قلبوا الواوَ ياءً وكسروا القافَ كما كسروا عينَ "عِصيٍّ" فالمسموعُ مِنْ "قِسيٍّ" "فِليعٌ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" بيأفعل.
2
انظر ابن يعيش 10/ 4-5 والارتشاف/ 21.
3
في الأصل "يجيئوا" والتصحيح من "ب".
4
جخدب: الجراد الطويل الأخضر. ضرب من الجنادب.
5
زيادة من "ب".
6
في "ب" فإن كان السائل يريد ما أصله.
7
في "ب" قلت.
8
في "ب" الضمة.



ج / 3 ص -337- وأَصلُ "فِليعٌ" فُلُوعٌ وفُلُوعٌ مقلوبٌ مِنْ فُعُولٍ. وقَالوا في "أَيْنُقٍ" إنَّ أَصلَها "أَنْوَقٌ" فاستثقلوا الضمةَ في الواوِ فحذفتِ الواوُ وعوضتِ الياء فيقولونَ إذا سئلوا عَنْ وزنِها أَنَّها "أَفْعُلٌ" واللفظ على هذا التأويلِ هو"أَيْفُلٌ" ولقائلٍ أَنْ يقولَ: إنَّهم قلَبوا فَصارَ "أَونقاً" ثُمَّ أَبدلوا مِنَ الواوِ ياءً والياءُ قَدْ تبدلُ مِنَ الواوِ لغيرِ علةٍ استخفافًا فَعَلى هَذا القول يكونُ وزنُ "أَينُقٍ" "أَعفُل" كما قالَ الخليلُ في أَشياءٍ: إنَّها "لَفْعَاء" لأَنَّ الواحدَ شَيءٌ فاللامُ همزةٌ فلمَّا وجدَها مقدمةً قالَ هيَ: لَفْعاء1 وقَد قالَ غيرهُ: إنَّها "فَعْلاَءُ" كانَ الأصلُ عندَهُ شَيئَاءُ فحذفتِ الهمزةُ.
قَالَ المازني2: قالَ الخليلُ: أَشياءُ "فَعْلاَءُ" مقلوبةٌ وكانَ أصلُها شَيئاءَ مثل: حمراءَ فقلبَ فجعلتِ الهمزةُ التي هي لامٌ أَولًا فَقَالَ: أَشياءُ كأَنَّها لَفْعَاءُ ثُمَّ جَمعَ فَقالَ: أَشاوى مثلَ: صَحَارى وأَبدلَ الياءَ واوًا كمَا قالَ: جَبَيْتُ الخراجَ جِبَاوَةً وهَذا شَاذٌّ وإنَّما احتلنا لأَشاوى حيثُ جاءتْ هكذَا لتعلمَ أَنَّها مقلوبةٌ عن وجهِها.
قالَ: وأخبرني الأصمعي: قَالَ: سمعتُ رَجلًا مِنْ أَفصحِ العربِ يقولُ لخلفٍ الأحمر3: إنَّ عندكَ لأَشَاوِي قالَ: ولو جاءتِ الهمزةُ في "أَشياءَ" في موضِعها مؤخرَةً بعدَ الياءِ كنتَ تقولُ: شَيئاءُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر الكتاب 2/ 379 والتصريف 2/ 94.
2
انظر التصريف 2/ 94، والكتاب 2/ 379.
3
خلف الأحمر: هو خلف بن حسان ويكنى أبا محمد وأبا محرز، كان مولى لبني بردة بن موسى الأشعري، أعتقه وأبويه، وكانا فرغانين. كان أعلم الناس بالشعر وكان شاعرا وضع على شعراء عبد القيس شعرا كثيرا. أخذ عنه عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء وكان يضرب به المثل في عسل الشعر. مات سنة 180هـ، ترجمته في مراتب النحويين 26-47. وأخبار النحويين/ 40 والأمالي لأبي علي 1/ 156 والشعر والشعراء/ 763 وطبقات الزبيدي/ 113 ومعجم الأدباء 11/ 66.



ج / 3 ص -338- قالَ: وكانَ أَبو الحسن الأَخفش1 يقولُ: أَشْيئَاءُ أَفْعِلاَءُ وجُمعَ شيَءٌ عليهِ كما جَمعوا شَاعرًا على شعراءَ ولكنَّهم حذفوا الهمزةَ التي هيَ لام استخفافًا وكانَ الأصلُ: أُشْيئاءُ [أُشْيِعَاعٌ2] فثقل ذلك فحذفوا فسألتهُ3 عَن تصغيرِها فقالَ: العربُ تقول أَشَيَّاءٌ فاعلَم فيدعونَها على لفظِها فقلتُ: لِمَ لاَ رُدتْ إلى واحدِها4، كما رُدتْ "شعراءُ" إلى واحِدها؟ فَلَم يأتِ بمقنعٍ.
وقالَ5: قَالَ الخليلُ: أَشَياءُ مقلوبةٌ كما قلبَوا "قِسيٌّ6" وكانَ أَصلُها "قُوُوسٌ" لأَنَّ ثانيَ "قَوْسٍ" واوٌ فَقُدّمَ السينُ في الجمعِ وهم مما يغيرونَ الأَكثرَ في كلامِهم قَالَ الشَاعرُ:

"
مَروانُ مَروانُ أَخوُ اليومِ اليَمِي7،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: التصريف 2/ 94.
2
زيادة من "ب".
3
الذي سأل هو المازني والذي سئل هو الأخفش. انظر: التصريف 2/ 100.
4
يريد: أنهم يقولون شُيَيْئات، لأن كل جمع على غير واحده هو من "أبنية الجمع فإنه يرد بالتصغير إلى واحده".
5
أي أبو عثمان المازني. انظر: التصريف 2/ 101.
6
انظر: التصريف 2/ 101-102 والكتاب 2/ 379
7
من شواهد سيبويه 2/ 379 "على قلب "اليوم" إلى "اليمي" فأخر الواو ووقعت الميم قبلها مكسورة فانقلبت ياء للكسرة.
ومعنى "اليمي" الشديد. كما يقال لليل: أليل، للشديد الظلام.
ونسب هذا الشاهد إلى أبي الأخزر الحماني، والحماني: منسوبة إلى حمان- بكسر الحاء وتشديد الميم- محلة بالبصرة سميت بالقبيلة. وتكملة البيت:

مروان مروان أخو اليوم اليمي ليوم ردع أو فعال مكرم.

وانظر: الخصائص 1/ 64 و3/ 76. والتصريف 2/ 102 وأدب الكاتب 602.
واللسان "يوم" والمحتسب 1/ 144. ومعجم مقاييس اللغة 6/ 60 وروايته:

نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي

وارتشاف الضرب/ 388. والمخصص 15/ 72.



ج / 3 ص -339- يريدُ "اليومَ" فأخَّر الواوَ وقدمَ الميمَ ثمَ قَلَب الواوَ حيثُ صارتْ طرفًا كما قالَ: "أَدلٍ" في جَمعِ "دَلْوٍ" ومما أُلزمَ حذفُ الهمزةِ لكثرةِ استعمالِهم "مَلكٌ" إنَّما هُو"مَلأَكٌ" فلمَّا جَمعوهُ وردوهُ إلى أَصلهِ قالوا: ملائكةٌ وملائكُ وقَد قالَ الشاعرُ فَ ظَردَّ1 الواحدَ إلى أصله حين2 احتاج:

فلَسْتُ لإِنْسِيٍّ ولكنْ لَمَلأَكِ تَنَزَّلُ مِنَ جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ3

قالَ: ومِنَ القلبِ: طأَمنَ واطمأنَ4، قال: وأَمَّا: جَذَبَ وجَبَذَ فلَيسَ واحدٌ منهما مقلوبًا عَنْ صاحبهِ5، لأَنُّهما يتصرفانِ وأما "طَأَمَن" فليسَ أَحدٌ يقولُ فيهِ "طمأَنَ" ومما يُسأْلُ عنهُ "أَوَّلُ" إنْ قالَ قائلٌ: هذهِ همزةٌ أُبدلَ منها واوٌ واحتجَّ بأَنَّهُ لم يرَ الفاءَ والعينَ مِنَ جنسٍ واحدٍ قيلَ لَهُ: قَد قالوا:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" فردوا.
2
حين: ساقط في "ب".
3
من شواهد سيبويه 2/ 379. على همز ملاك. وهو واحد الملائكة، والاستدلال به على أن ملكا، مخفف الهمزة محذوفها من "ملاك" والملك مشتق من الألوكة وهي الرسالة، لأن الملائكة رسل الله إلى أنبيائه.
والمعنى: أنه مدح رجلا فقال: باينت الإنس في أخلاقك وأشبهت الملائكة في طهارتك وفضلك، فكأنك لملك ولدت. ومعنى: يصوب ينزل.
والبيت لعلقمة بن عبدة.
وانظر: المنصف 2/ 102 وشرح السيرافي 5/ 108. وارتشاف الضرب/ 382. وأمالي ابن الشجري 2/ 20 وتهذيب إصلاح المنطق/ 126. وإصلاح المنطق/ 71.
4
انظر: الكتاب 2/ 379 والتصريف 2/ 104.
5
انظر: الكتاب 2/ 380 والمنصف 2/ 105.



ج / 3 ص -340- الدَّدَنُ1، وكَوْكَبٌ ويقالُ لِمَن اعترضَ بهذَا- أَي: الواوين- مِنْ أَوَّلِ تجعلَها بدلًا مِنَ الهمزةِ؟ فإن قالَ: الأوَلى، قيلَ لَهُ: لو كانتْ همزة لوجبَ أَنْ تبدلَ الفاءَ كمَا قالوا: آمِنٌ، وإنْ قالَ: الثانيةُ قيلَ لَهُ: لو كانتِ الثانيةُ همزةً لوجبَ حذفُها في التخفيفِ وكنتَ تقولُ: أَوَّلُ فَعَّلُ2 كمَا تقولُ في تخفيفِ "مَؤَلةٍ" مَوَلَةٌّ فإنْ قالَ: وَلَم قالوا: أَوائلُ ولم يقولوا: أَواولُ؟ قيلَ: هذَا كانَ الأصلُ ولكنَّهم تجنبوا اجتماع الواوينِ وبينَهما ألف الجمعِ ومِما يغيّرُ في الجمعِ الهمزتانِ إذَا اكتنفتا الأَلفَ نحو: ذُؤابة إذا جمعتها قلتَ: ذَوَائِبٌ وكان الأصل: "ذأآئبٌ" لأن الألف التي في "ذُؤَابةٍ" كالألفِ التي في "رِسَالةٍ" حقُّها أَنْ تبدلَ منها همزةً في الجمعِ ولكنَّهم استثقلوا أَنْ تقعَ ألَفُ الجمعِ بينَ همزتينِ كَما استثقلوا أَنْ تقعَ بينَ واوينِ فأَبدلوا الأُولى التي هيَ أَصلٌ وتنكبوا إِبدالَ الثانيةَ التي هيَ بَدلٌ مِنْ حرفٍ زائِدٍ الزوائدُ أصلُها السكونُ وإنَّما أبدلتْ لمّا أرادوا حركتها واضطرهم إلى ذلك الفرارُ مِنَ الجمع بين ساكنينِ وكان ملازمةُ الهمزةِ تدلُّ علَى أنَّ المبدلَ زائدٌ فأمَّا خَطَايا وأَدَاوَى فإنَّهم جعلوا موضعَ الهمزةِ3 ياءً وواوًا وأزالوا البناءَ عَنْ وزنِ "فَعَائلٍ" إلى "فَعَالٍ" ثم نقلوها إلى "فَعَائِلَ" وعَاولَ فجاءوا ببناءٍ أخرَ وَلمْ ينطقوا بالهمزةِ معَ هذا البناءِ وإنَّما هو شيءٌ يقدرهُ النحويون أَلا تَرَى أَنَّ الشاعرَ إذَا اضطَرَّ فقالَ4:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الددن: اللعب واللهو. وفي "ب" "ددن" بدون أل.
2
زيادة من "ب".
3
ياء: ساقط في "ب".
4
من شواهد الكتاب 2/ 59، عل يإجراء "سمائيا" على الأصل ضرورة، وتكملة الشاهد:

له ما رأت عين البصير وفوقه سماء الإله فوق سبع سمائيا

والبيت لأمية بن أبي الصلت من هوازن.
وانظر: المقتضب 1/ 144. والخصائص 1/ 212 و2/ 348. والمنصف 2/ 66. والحجة لأبي علي 1/ 207. وشرح السيرافي 1/ 212. وشرح الحماسة/ 784. والتمام في تفسير أشعار هذيل/ 215. والديوان 70.



ج / 3 ص -341- سَماءُ الإِلهِ فوقَ سَبعِ سَمَائِيَا

لمَّا رَدَّ البناءَ إلى "فَعَائلَ" وكسرَ رَدَّ الهمزةَ فحروفُ المَدِّ إذَا أبدلتْ للضرورةِ قَبُحَ أَنْ تبدلَ بدلًا بعدَ بدَلٍ فتشبهُ الأُصولَ أَلاَ ترى أَنَّ أَلفَ "سَائرٍ" لما أُبدلتْ في "سُوَيرٍ" واوًا لم تُدغم فتقديرُ خَطيئةٍ: فَعَيلةٌ وتقديرُ إدَاوةٍ: فِعَالةٌ وخَطيئةٌ مثلُ: صَحيفةٍ كانَ القِياسُ عَلَى ذلك أَنْ يقالَ1 فيها: خَطائيٌ [خَطَاعيٌ]2 مثل صَحَائف فكانَ يجتمعُ همزتانِ فتنكبوا "فَعَائِلَ" إلى "فَعَائَلَ" كما قَالوا في مَدَارِي: مَدَارَى وكانَ مَدَارِي: مَفَاعِلُ فجعلوه "مَفَاعَلَ".
والنحويونَ يقولونَ: إنَّهُ لما نقلَ وقعتِ الهمزةُ بينَ أَلفينِ فأُبدلتْ يَاءً: قالوا: وإنَّما "فُعِلَ" ذلكَ بها3 لأَنَّكَ جمعتَ بينَ ثلاثةِ أَلفاتٍ وهذَا المعنى إنَّما يقعُ إذَا كانتِ الهمزةُ عارضةً في الجمعِ وهَذا تقديرٌ قدروهُ لا أَنَّ هَذا الأَصلَ سُمعَ مِنَ العربِ كما قد تأتي بعضُ الأشياءِ على الأصولِ مثل: حَوكةٍ واستحوذَ فَخَطايا وبابُها لم يُسمع فيه إلا الياءُ وأَما "إداوةٌ" فهي "فِعَالةٌ" مثلُ "رِسَالةٍ" وكانَ القياسُ فيها "أَدَائيء"4 مثلُ "رَسَائل" تثبتُ الهمزةُ التي هيَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أ ن يقال: ساقط في "ب".
2
زيادة من "ب".
3
زيادة من "ب".
4
لم يمكنهم أن يظهروا الواو التي في الواحد ظاهرة، أي: أن أصلها أن تقع بعد الهمزة المكسورة على هذه الصورة: "أدائو" بمنزلة: أداعو، فا نقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، فصارت: أدائي "بمنزلة: أداعي: فجرى عليها ما جرى على "خطأ" من تغيير الحركة والقلب.



ج / 3 ص -342- بَدلٌ مِنْ أَلفِ "إداوةٍ" كما تثبتُ الهمزةُ التي هيَ بَدلٌ مِنْ أَلفِ "رِسَالةٍ" فتنكبوا "أَدَاي" كما تنكبوا "خَطاي" فجعلوا فَعَائِلَ: فَعَائَلَ وأَبدلوا منها1 الواوَ ليدلوا علَى أَنَّهُ قد كانتْ في الواحدِ واوٌ ظاهرةٌ فقَالوا: أَدَاويٌ فهذهِ الواوُ بَدلٌ مِنَ الألفِ الزائدةِ في "إدَاوةٍ" والأَلفُ التي هي لامٌ بَدلٌ مِنَ الواوِ التي هيَ لامٌ في "إدَاوةٍ". ومِمَا يُسأَلُ عَنهُ "سُرِيَّةٌ" ما تقديرُها مِنَ الفعلِ وهَلْ هيَ "فُعَليَّةٌ" أَ و"فُعِيلَةٌ" وممَّ هيَ مشتقةٌ والذي عندي فيها أَنَّها فُعْليَّةٌ مشتقةٌ مِنَ "السرِّ" لأَنَّ الإِنسان كثيراَ ما يُسِرُّها ويسترُ أَمْرَها عن حُرَّتِهِ.
وكانَ الأخفشُ يقولُ: إنَّها "فُعِيلَةٌ" [مشتقةُ مِنَ "السرورِ" لأَنَّها يُسَرُّ بها وإنَّما2 حكمنا3] بأَنَّها "فَعْلِيَّةٌ" ولم نَقلْ: إنَّها "فُعِيلةٌ" لضربينِ: لأَنَّ مثالَ "فَعْليَّةٌ" كثيّر نحو: قُمْريةٍ وفُعِيلةٌ قليلٌ نحو: مُرِيقَةٍ.
والضربُ الآخرُ: الاشتقاقُ ومَا يدلُّ عليهِ المعنى لأَنَّ الذي يقولُ إنَّها "فُعِيلةٌ" يُقالُ لَهُ: مِمَّ اشتققتَ ذلكَ فإِنْ قالَ: أَردتُ: ركبتُ سراتَها وسراةُ كُلِّ شيءٍ أَعلاهُ فقدَ ردَّ هذَا أبو الحسن الأخفش فقالَ: ذَا لا يشبهُ لأَنَّ الموضعَ الذي تؤتى المرأةُ منهُ ليسَ هُوَ سراتُها وإنَّما سَرَاةُ الشيء ظهرهُ أَوْ مقدمهُ لأَنَّ أَولَ النهارِ سَرَاتُه وظهرُ الدابةِ: سَرَاتها فهذَا عندي بعيدٌ كمَا قالَ أبو الحسن فإنْ قيلَ: إنَّهُ من "سَرَيْتُ" فهوَ أَقربُ مِنْ أَن يكونَ من "السَّرَاةِ" والصوابُ عندي ما بدأتُ بهِ وأَمَّا "عُلِيّةٌ" فهيَ "فُعِيّلةٌ" ولو كانتْ "فُعْليّةً" لقلتَ "عُلْويّةٌ" وهيَ من "عَلَوتُ" لأنَّ هذِه الواوَ إذا سكنَ ما قبلَها صحتْ كما تنسبُ إلى "دَلوٍ" دَلَوِيٌّ ولكنَّها قلبتْ في "عُلِيّةٍ" لمَّا كانتْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" هنا.
2
انظر: شرح المفصل 10/ 24-25. وشرح الشافية 2/ 147.
3
ما بين القوسين ساقط في "ب"



ج / 3 ص -343- "فُعِيَّلَةٌ" مثلُ "مُرِيَّقةٍ" وكانَ الأصلُ "عُلْيُوَة" فأبدلتِ الواوُ ياءً وأُدغمتِ الياءُ فِيَها وكذلكَ كُلٌّ ياءٍ ساكنةٍ بعدَها واوٌ تقلبُ لَها ياءٌ وتدغمُ فيها وقَد مضَى ذِكرُ هذَا في الكتابِ. ومِنَ ذلكَ قولهُم1: لا أَدرِ ولَم يكُ ولَم أبلِ وجميعُ هذهِ إنّما حذفتْ لكثرةِ استعمالِهم إيّاها في كلامِهم وإنّما كثر استعمالُهم لهذهِ الأَحرفِ للحاجةِ إلى معانِيها كثيراً2، لأَنَّ: لا أَدري أَصلٌ في الجهالاتِ ويكونُ عبارةٌ عن الزمانِ ولَم أَبلِ مستعملةٌ فيما لا يكترثُ بهِ وهذهِ أَحوالٌ تكثُر فيجبُ أن تكثَر الألفاظ التي يعبرُ بهنَّ عنْها وليسَ كُلُّ ما كثر3 استعمالهُ حُذِفُ فأَصلُ لا أَدرِ: لا أَدري وكانَ حَقُّ هذهِ الياءِ أَنْ لا تُحذفَ إلا لجزمٍ4، فحذفتْ لكثرةِ الاستعمالِ وحَقُّ لم يكُ: لم يكنْ وكانَ أَصلُ الكلمةِ قبلَ الجزمِ "يكونُ" فلمَّا دخلتْ عليها "لَم" فجزمتَها سكنتِ النونُ فالتقى ساكنانِ لأَنَّ الواوَ ساكنةٌ فحذفتِ الواوِ لإلتقاءِ الساكنينِ فوجبَ أَنْ تقولُ: لم يكنْ فلمَّا كثرَ استعمالُها وكانتِ النونُ قد تكونُ زائدةً وإعرابًا في بعض المواضع شبهت هذه بها وحذفت هنا كما تحذف في غير هذا الموضع وأَمَّا: لَم أَبل فحقهُ أَنْ تقولَ: لم أُبالِ كَما تقولُ لَم أِرامِ يَا هذَا فحُذفتِ الأَلفُ لغيرِ شيءٍ أَوجبَ ذلكَ إلا ما يؤثرونَهُ مِنَ الحذفِ في بعضِ ما يكثُر استعمالُه وليسَ هذَا مما يُقاسُ عليهِ.
وزَعَم الخليلُ: أَنَّ نَاسًا مِنَ العربَ يقولونَ: لَم أُبَلِهِ لا يزيدونَ على حذفِ الألفِ كما حذفوا: عُلَّبِطٍ وكذلكَ يفعلونَ5 في المصدرِ فيقولونَ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قولهم: ساقط في "ب".
2
انظر: الكتاب 2/ 392، والمنصف2/ 232.
3
انظر: التصريف 2/ 232، والكتاب 2/ 392.
4
في "ب" بجزم.
5
انظر: الكتاب 2/ 392.



ج / 3 ص -344- بَالَةٌ: "بَالِيةٌ" كمَا قيلَ في عَافَى: عِافيةٌ. ولم يقولوا: لا أُبَلْ لأَنَّ هَذا موضعُ رفعِ كمَا لم يحذفوا حينَ قالوا: لم يكنِ الرجلُ لأَنَّ هذَا موضعٌ تُحَركُ فيهِ النونُ ومما يشكلُ قولُهم: مِتَّ تَموتُ وكانَ القياسُ أَن يقولَ مَنْ قَالَ: مِتَّ: تَماتُ مثلُ: خَفْتُ تَخافُ ومَنْ قالَ: تَمُوتُ وجبَ1 أَنْ يقولَ: مُتَّ كَما قلتَ: قُمتَ تَقُومُ فهذَا إنّما جاءَ شاذًّا كَمَا قالوا في الصحيح: فَضِلَ يَفْضُل.
قالَ المازني2: وأَخبرني الأَصمعي قالَ سمعتُ عيسى بن عمر يُنشدُ لأبي الأسود3:

ذكرتُ ابنَ عباسٍ ببابِ ابن عَامرٍ وما مَرَّ مِنْ عيشي ذكرتُ وَما فَضِلْ4

قالَ: ومثلُ "مِتَّ تَموتَ": دِمْتَ تَدومُ وهَذا مِنَ الشاذِّ ومثلُه في الشذوذِ5: كُدتُ أَكادُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
انظر: التصريف 1/ 256.
3
أبو الأسود: اسمه ظالم بن عمرو الدؤلي الكناني البصري، من سادات التابعين ومن أكمل الناس عقلا، وضع شيئًا من النحو بإرشاد الإمام عليٍّ حين فشا اللحن. وفي القرآن الكريم نقط المصحف الشريف، مات سنة 69هـ، ترجمته في أخبار النحويين/ 10، ومراتب النحويين/ 6.
4
قاله أبو الأسود في عبد الله بن عامر، وعامر أمير البصرة في قصة ذكرها صاحب الأغاني.
وانظر: شرح السيرافي 5/ 168، والأغاني 11/ 116، والتصريف 1/ 256، والمفصل للزمخشري/ 52.
5
في "ب" من الشاذ.



ج / 3 ص -345- وزَعِم الأصمعي: أَنَّهُ سمعَ مِنَ العربِ مَنْ يقولُ: لا أَفعلُ ذاكَ ولاَ كَوْداً1، فجعلَها مِنَ الواوِ2.
وقالَ أصحابنا3: إنَّ "لَيْسَ" أَصلُها لَيِسَ نحو: صَيِدَ4 البعيرُ ولَم يقلبوا الياءَ ألفًا لأَنَّهم لم يريدوا أَنْ يصرفوها فيستعملوا مِنْها "يَفْعَلُ" ولا فَاعِلُ ولا شيئًا مِنْ أَمثلةِ الفِعْل فأسكنوا الياءَ وتركوها على حالِها بمنزلةِ "لَيْتَ" ومِنْ ذلكَ "هَمّرِشٌ"5.
قالَ الأخفش: الميمُ الأُولى عندَنا نونٌ لتكونَ من بناتِ الخمسةِ حتَّى تصيرَ في مثالِ "جَحْمَرِشٍ" 6 لأَنَّهُ لم يجىء شيءٌ من بناتِ الأربعةِ علَى هذا النباءِ وأَمَّا "هُمَّقِعٌ"7 فَهما ميمانِ لأنَّا لم نجدْ هذَا البناءَ في بناتِ الخمسةِ وكذلكَ "شُمّخرٌ"8 ندعهُ على حالِه ونجعلهُ من بناتِ الأَربعةِ لأَنَّ الأربعةَ قد جاءتْ علَى هذَا البناءِ نحو"دُبَّخْسٍ9" وكذلك "غُطَمّشٌ"10 مثلُ: عَدَبّسٍ11 وهوَ مِنْ بناتِ الأَربعةِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر التصريف 1/ 357.
2
انظر التصريف 1/ 357.. لا أفعل ذاك ولا كودا، ولا همًا، أي لا أهم ولا أكاد. تقولها لمن يطلب إليك شيئا ولا تريد أن تعطيه.
3
انظر: التصريف 2/ 258.
4
صيد: صيد البعير صيدا إذا كان لا يستطيع الالتفات.
5
همرش: العجوز الكبيرة.
6
جحمرش: العجوز، والمرأة السمجة، والأرنب المرضع، ومن الأفاعي الخشناء.
7
همقع: بضم الهاء وتشديد الميم -الأحمق، الهمقعة: تمر التنضب.
8
شمخر: الرجل الجسيم، المتكبر، وزنه "فعل".
9
دبخس: الضخم. مثل به سيبويه وفسره السيرافي.
10
غُطَمّشٌ: هو الرجل كليل البصر، وأيضا الظالم الجائر وهناك شاعر اسمه الغطمش.
11
عدبس: الشديد الموثق الخلق من الإبل وغيرها.



ج / 3 ص -346- قالَ: ولو كانتْ منْ بناتِ الخمسةِ وكانتِ الأُولى نونًا لأظهرتَ النونَ لئلا تلتبسَ بمثلَ "عَدَبَّسٍ".
وقال: إنْ صَغَّرْتَ "هَمَّرِشٌ" فالقياسُ أنْ تقولَ: هُنَيمِرٌ لأنّ الأولى كانت نونًا وإن شئت قلتَ: هُمَّيرِشٌ وقلتَ مثلَ هذَا يجوزُ أَنْ يكونَ جمعهُ "هَمَارشَ" لأَنَّ النونَ والميمَ مِنَ الحروفِ الزوائدِ وإنْ لم تكنْ في هذا المكانِ زائدةً فإنّها تشبهُ ما هُوَ زائدٌ فَتُلقَى هَهُنَا.
قَالَ: فإنْ قلتَ: ما لكَ لم تبينْ النونَ في "هَمَّرِشٍ" فلأَنَّهُ لَيسَ لَها مثالٌ تلتبسُ بهِ فتَفصلُ بينَهما.
وقالَ الأخفشُ: كلَمونُ1، مثلُ: زَرَجُونَ2، وَهوَ العنبُ تقولُ: هذهِ كلمونُكَ لأَنَّ هذهِ النونَ مِنَ الأصلِ وهذَا مِنْ بناتِ الأربعةِ مثلُ: "قَرَبُوسٍ"3 ولَمْ تزدْ فيهِ هذهِ الواوَ والنونُ كزيادةِ نونِ الجميعِ.
وحكي [عن]4 الفَراءِ في قولِهم: ضَرَبَ علَيهم سَايةً أَنَّ معناهُ طريقٌ قالَ: وهيَ فَعْلَةٌ مِنْ "سَوُّيتُ" قلبوا الياءَ ألفًا استثقالًا لسِيَّةٍ فقلبوا الياءَ لأَنَّ قبلَها فتحةً كمَا قالوا: دَويَّةٌ ودَاويةٌ وهذاَ الذي قالهُ الفراءُ يجوزُ أَنْ يكونَ كما قالَ والقياسُ أَنْ يكونَ وزنُ "سايةٍ" فَعْلَةً لأَنَّ الأَلفَ [لا]5 تُبدلُ إبدالًا مطردًا إلا مِنْ حرفٍ متحركٍ وقدَ مضَى ذِكرُ هذَا في الكتابِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كلمون: العنب.
2
زرجون: الواحدة زرجونة، وهي محركة: صبغ أحمر، الخمر أو قضبانها.
3
قربوس: السرج.
4
زيادة من "ب".
5
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -347- وقالَ محمد بن يزيد1: قولُ سيبويه في "ضَيْوَنٍ"2، إذَا جمعهُ قالَ: ضَياونُ فيصححهُ في الجمعِ كما جاءَ في الواحدِ علَى أصلِه.
وزعمَ أَنَّهُ لو جَمع "أَلبَبَ" في قولِه3: قَدْ عَلِمتْ ذاكَ بناتُ أَلَببه لقالَ "الأَلبَّب"4 فَاعِلّةٌ قالَ: فيقالُ لَهُ: هَلا صححتُه في الجمعِ كما صَحَّ في الواحدِ أَو أعللتَ "ضَيْوَنَ" في الجمع كما أعللتهُ وقلت: صححتهُ في الواحدِ شذوذًا فأَردهُ في الجمع إلى القياسِ كما فَعَلْتَ "بألببٍ" 5 ولِمَ فرقتَ بينَهما وقد استويَا في مجيءِ الواحدِ علَى الأَصلِ.
وزعمَ أَنَّهُ إِذَا صغَرَّ أَلْبِب وحَيْوَةً6 وضَيْوَنَ أَعلَّهُنَ وسَوًى بينهَن في التصغيرِ فقالَ "أُلَيّبٌ وضُييَنٌ وحُييَّةٌ". فيقالُ لَهُ: لِمَ استوينَ في التصغيرِ وخالفتَ بينَ "أَلبَب" وبينَهما في الجمعِ، ولِمَ خالفَ بينَ جمعِ "حَيوةٍ" وبينَ تصغيرِها فصححتَ "ضَيْوَنَ" في الجمعِ وأَعللتَها في التصغيرِ وزعَم أَنَّ الواوَ لا تصحُّ بعدَ ياءٍ ساكنةٍ وقد صحَتا في الواحِد في "حَيوُةٍ وضَيْوَن" على الأَصلِ شَاذتينِ فهَلاّ أتبعتهما التصغيرَ أَو رددتَ إلى القياسِ في الجمعِ كما فعلتَ في التصغيرِ كما سويتَ بينَ جمعَ "أَلبَبٍ" وتصغيرهِ في الردِ إلى القياسِ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: المقتضب 1/ 171.
2
الضيون: السنور الذكر، وهو شاذ من وجهين. صحة الواو، ومجيئه على "فيعل" بفتح العين- وهو بناء يختص به الصحيح. وانظر: الكتاب 2/ 403.
3
من شواهد الكتاب 2/ 403 على فك الإدغام ألببة للضرورة، ولم يشرحه الأعلم، واستشهد به في 2/ 61 فقال: إذا سميت رجلا بألبب من قولك: قد علمت ذاك بنات ألبب. تركته على حاله. وانظر: المقتضب 1/ 171، والمنصف2/ 161. واللسان "ألبب" والخزانة 3/ 392.
4
في الأصل "الأب".
5
في "ب" بالأب.
6
حيوة: اسم رجل.



ج / 3 ص -348- قالَ: والجوابُ عندي في ذلكَ أَنَّ البابَ مختلفٌ فأَمَّا "ضَيْوَنٌ" فَقَد جُعلَ في الواحدِ بمنزلةِ غيرِ المعتلِّ فالوجهُ أَن يجريَ علَى ذلكَ في الجمعِ فيصيرُ: "ضَيَاونُ" بمنزلةِ جَدَاولٍ وأَسَاودٍ وتقولُ في التصغيرِ: ضُيَيِّنٌ علَى ما قالَهُ سيبويه1، لأَنَّ ياءَ التصغيرِ قبلَ الواوِ فيصيرُ بمنزلةِ "أُسَيّدٍ" ولا يكونُ أَمثل منهُ حالًا مَع ما فيهِ قبلَ التصغيرِ ويكونُ جمعهُ بمنزلةِ "أَسَاوِدٍ" ومَنْ قالَ في التحقيرِ: "أُسَيودٌ" فلاَ أَرى بأسًا بأَنْ يقولَ: "ضُيَيْونٌ" لأَنَها عينٌ مثلُها ولا يكونُ إلا ذلكَ لصحتِها. وأَمَّا "أَلبَبُ" فيجبُ أَنْ يكونَ في الجمعِ والتحقيرِ مُبيّنًا جاريًا على الأَصلِ فتقولُ: "أَلاَبِبُ وأُلَيَبَبٌ" فتُجري جمعَهُ علَى واحدِه كما فعلتَ "بضَيْوَنٍ" لا فرقَ بينَهما وكذلكَ تصغيرهُ لأَنَّ ياءَ التصغيرِ ليسَ لها فيه عَملٌ كَما كانَ لَها في تصغيرِ "ضَيْوَنٍ" فكذلكَ خالفهُ وكانَ تصغيرهُ كجمعِه وأَمَّا "حَيْوَةٌ" فَمِنْ بنات الثلاثةِ والواوُ في موضعِ اللامِ فلا سبيلَ إلى تصحيحِها لأَنَّ أَقصى حالاتِها أَنْ تجعلَ "كَغَزْوةٍ" في التصغيرِ فتقولُ: "حُيَيّةٌ" وجمعُها كجمعِ "فَرْوَةٍ" حَياءٌ تقولُ: "فِرَاءٌ"
وأَمَّا "مَعِيشَةٌ" فكانَ الخليلُ يقولُ: يصلحُ أَنْ تكونَ "مَفْعَلةً" ويصلحُ أَن يكونَ "مَفْعِلةً".
وكانَ أبو الحسن الأَخفش يخالفهُ ويقولُ في "مَفْعُلَةٍ" مِنَ العيشِ "مَعُوشةٌ" وفي "فُعْلٍ" مِنَ البيعِ والعيشِ "بُوعٌ وعُوشٌ" ويقولُ في "أَبيضَ وبِيضٍ": هو"فِعْلٌ" ولكنَّهُ جَمعٌ والواحدُ ليسَ علَى مذهبِ الجمعِ2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 403.
2
انظر: التصريف 1/ 296.



ج / 3 ص -349- قالَ أبو عثمان المازني: قولُ الأخفش في "مَعيشةٍ" "مَعُوشةٌ" تَركٌ لقولِه في "مَبيعٍ ومَكيلٍ" وقياسهُ علَى "مَكيلٍ ومَبيعٍ" "مَعِيشةٌ" لأَنَّهُ زعمَ أَنَّهُ حينَ أَلقى حركةَ عِينِ "مَفْعولٍ" علَى الفاءِ انضمتِ الفاءُ ثُمَّ أُبدلتْ مكانَ الضمةِ كسرةٌ لأَنَّ بعدَها ياءً ساكنةً وكذلكَ يلزمهُ في "مَعْيشةٍ" وإلا رجعَ إِلى قولِ الخليلِ في "مَبيعٍ1" وذكرَ لي عَن الفراءِ أَنَّهُ كانَ يقولُ: "مَؤونةٌ مِنَ الأَينِ" وَهوَ التعبُ والشدة فكانَ المعنى: أَنَّهُ عظيمُ التعبِ في الإِنفاقِ علَى مَنْ يَعُولُ2.
قَال أَبو بكر: وهَذا على مذهبِ الخليلِ لا يجوزُ أَن يكونَ: "مَوْؤنةً مِنَ الأينِ" لأَنَّها "مَفْعُلَةٌ" ولو بنى "مَفْعُلَة" مِنِ الأينِ لقالَ: "مَئِينُةٌ" كَما قالَ: "مَعِيشةٌ" وعلَى مذهبِ الأخفشِ يجوزُ أَنْ تكونَ "مؤونةٌ" مِنَ الأينِ إلا أَنَّ أبا عثمان قَد أَلزمهُ المناقضةَ في هَذا المذهبِ3، وَمَوْؤُنَةٌ عندي وَهْوَ القياسُ "مَفْعُلَةٌ" مأْخوذٌ مِنَ "الأَونِ" يقالُ "للأتانِ" إِذا أقربتْ4، وعظمَ بَطنُها: قد "أَوَّنَتْ" وإِذَا أَكلَ الإِنسانُ وشَربَ وامتلأَ بطنهُ وانتفختْ خاصرتاهُ يقالُ: قَد "أَوَّنَ" تأْوينًا. قالَ رؤبةُ:

سِرًْا وَقدْ أَوَّنْ تَأْوينَ العُقُقْ5

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
على قياس الأخفش في "ميعشة" أن يبدل الضمة المنقولة من الياء إلى العين كسرة "معيشة" كما قال الخليل قياسا على "مبيع" وكذلك قياسه على مبيع في "فعل" من البيع أن يقول: "بِيع" كقول الخليل فيبدل من الضمة كسرة كما أن في "مبيع" لأن مبيعا ومعيشة وبيعا كل واحد منها ليس بجمع، فإن كان يقول "معوشة وبوع" يلزمه أن يقول في "مبيع" مبوع فيخالف العرب أجمعين. انظر: المنصف 1/ 298.
2
انظر: المنصف 1/ 301، وشرح الشافية/ 148.
3
انظر: المنصف 2/ 297-298.
4
أقربت: قرب وقت ولادتها.
5
هذا البيت من أرجوزة لرؤبة في وصف المفازة ومطلع هذه الأرجوزة:

وقاتم الأعماق خاوي المخترقن

وبيت الشاهد هو الرابع والخمسون بعد المئة. وأون: أكل وشرب حتى صارت خاصرتاه كالأونين. أي: العدلين. والعقق: جمع عقوق، وهي الحامل، كرسل مع رسول. وصف أتنا وردت الماء فشربت حتى امتلأت خواصرها، فصار بطن كل منها كالأونين. وانظر: المنصف 2/ 3، والموشح للمرزباني/ 27، والتهذيب 1/ 60، واللسان "أون"، والمحتسب 1/ 214، والديوان/ 108.



ج / 3 ص -350- وقالَ أَيضًا: "الأَوْنَانِ"1 جَانبا الخرجِ فينبغي أَنْ يكونَ "مَوؤُنَةٌ" مأخوذةً مِنَ "الأونِ" لأَنّها ثقلٌ علَى الإِنسانِ فتكونُ "مَوؤُنةً" مَفْعُلَةً فإنْ قَالَ قائلٌ: إنَّ مَوؤُنةً مَفْعُولةٌ قيلَ لَهُ: فَقُلْ في مَعِيَشةٍ إنَّها مَفْعُولةُ مثلُ: "مَبِيَعةٍ" ومَفعولٌ ومَفعولةٌ لا يكادُ يجيءُ إلا علَى ما كانَ مبنيًا علَى "فَعْلٍ" تقولُ: "بِيعَ" فهوَ مَبِيعٌ وبِعتُ فهِيَ مَبِيعَةٌ وقِيلَتْ فهيَ مَقُولةٌ وليسَ حَقُّ المصادر أَنْ تجيء على "مَفْعُولةٍ" وقَد اختلفَ أَصحابُنا2 في "مَعقولٍ" فقالَ بعضُهم: هَوَ مصدرٌ3، وقالَ بعضُهم: صفةٌ ولَو كانَ "معقولٌ" مصدرًا لا خلافَ فيهِ ما وجَبَ أَن يردَّ إليهِ شيءٌ ولا يقاسُ عليهِ إِذَا وجدَ عنهُ مذهبٌ لقلتِه. ومِنْ هَذا البابِ "أُسطُوانةٌ".
قالَ الأخفش: تَقولُ في "أُسطُوانةٍ" إِنَّهُ فُعْلُوانةٌ لأَنكَ تقولُ: أَسَاطينُ فأَساطينُ فَعَالين كانتْ "أُفْعُلاَنةً" لم يجزْ: أَسَاطينُ لأَنَّهُ لا يكونُ في الكلامِ "أَفاعينُ". وقَد قالَ بعضُ العربِ في ترخيمِ "أُسطُوانةٍ": سُطَينةٌ فَهَذا قولُ مَنْ لغتهُ حَذْفُ بعضِ الهمزِ كَما قالوا: ويلمهِ يريدونَ: وَيْلٌ لأمُهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الأونان: العدلان.
2
أي: البصريون.
3
الذي يرى "مفعول" مصدرا هو الأخفش ويحتج بقولهم: خذ ميسورة ودع معسورة، بينما يراه سيبويه صفة.
وانظر: الكتاب 2/ 250، والأصول/ 496.



ج / 3 ص -351- وقَد قالَ قومٌ علَى قولِ مَنْ قاَلَ: سُطَينةٌ أَنها "أُفْعُلاَنةٌ" وَغُيِّرَ الجَمعُ فَجُعِلَ النونُ كأَنَّها مِنَ الأصلِ كما قالوا: مَسيلٌ وَمُسْلان وهَذا مذهبٌ وَهوَ قليلٌ والقياسُ في نحو هذا أَنْ تكونَ الهمزةُ هيَ الزيادةَ.
وقَد قَالَ بعضُ العربِ "مُتَسَطٍّ" فهذَا يدل على أَنَّ "أُسطُوانَة" أُفْعُوالةٌ وأَشباهها نحو: "أُرجُواَنةٍ وأُقحُوانةٍ" الهمزةُ فيها زائدةٌ لأَنَّ الألفَ والنونَ كأَنَّهما زيدا علَى "أَفْعَلٍ" ولا يجيء في الكلامِ "فُعْلُوٌ" ومَع ذَا إِنَّ الواوَ لو جعلَها زائدةً لكانتْ إِلى جنبِ زائدتينِ وهَذا لا يكادُ يكونُ.
قالَ: وأَمّا مُوسَى فالميمُ هيَ الزائدةُ لأَنَّ "مُفْعَل" أَكثر مِنْ "فُعْلَى" مُفْعَلٌ يُبنى مِنْ كُلٍّ "أَفْعَلتُ" ويدلُّكَ علَى أَنَّهُ "مُفْعَلٌ" أَنَّهُ يصرفُ في النكرةِ. و"فُعْلَى" لا تنصرفُ علَى حالٍ.

الضربُ الثاني ما قِيسَ على كلامِ العربِ وليسَ من كلامِهم:
هَذا النوعُ ينقسم قسمينِ: أَحدهما: ما بُنيَ مِنْ حروفِ الصحةِ وأُلحقَ بما هُوَ غيرُ مضاعفٍ والقسمُ الآخرُ: ما بُنيَ من المعتلَ بناءَ الصحيحِ ولَم يجىء في كلامِهم مثالُهُ إلا مِنَ الصحيحِ.
النوعُ الأولُ: وهوَ الملحقُ إِذَا سُئلتَ كيفَ تبني مثلَ "جَعْفرٍ" مِنْ ضَرَبَ قلتَ: ضَرْبَبٌ ومِنْ "عَلِمَ" قلتُ: عَلْمَمٌ. ومِنْ ظَرُفَ قلتُ: "ظَرْفَفٌ" وإِنْ كانَ فعلًا فكذلكَ تُجريهِ مَجرى: دَحْرَج في جميعِ أَحوالهِ.
وقالَ أبو عثمان [المازني]1: المطردُ الذي لا ينكسرُ أَنْ يكونَ موضعُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب" وانظر: المنصف 3/ 14.



ج / 3 ص -352- اللام مِنَ الثلاثةِ مكررًا للإِلحاقِ مثلُ: "مَهْددٍ1 وقَرْدَدٍ"2 قالَ: وأَمَّا مثالُ: حَوْقَلَ الرجلُ حَوْقَلةً وَبَيْطَرَ الدابةَ بيطرةً وَسَلْقَيْتُهُ3 وَجَعْبَيتُهُ4 فليسَ بمطردٍ إلا أَنْ يُسْمَعَ.
قالَ: ولكنَّكَ إِنْ سئلتَ عن مثالِه جعلتَ في جوابِكَ زائدًا بإزاءِ الزائدِ وجعلتَ البناءَ كالبناءِ الذي سُئلتَ عنهُ فإِذَا قيلَ لكَ: ابنِ مِنْ ضَرَبَ مثلُ "جَدْوَلٍ" قلتَ: ضَرْوَبٌ ومثلُ "كَوْثَرٍ" قلتَ: ضَوْرَبُ ومثلُ جَيْأَلٍ5 قلتَ: ضَيْرَبٌ وإِنْ كانَ فعلًا فكذلكَ6.
وقَد يبلغُ ببناتِ الأربعةِ الخمسةَ مِنَ الأَسماءِ كما بلغَ بالثلاثةِ الأَربعةَ فما أُلحقَ مِنَ الأَربعةِ بالخمسةِ قَفَعْدَدٌ7، ملحقٌ "بسَفَرْجَلٍ" وهَمَرْجَلٍ8، وقَد يلحق الثلاثةَ بالخمسةِ نحو"عَفَنْجَجٍ9" هُوَ مِنَ الثلاثةِ فالنونُ وإِحدى الجيمينِ زائدتانِ ومثلُ ذلكَ: حَبَنْطَى10

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الميم في مهدد أصلية، لأنها لو كانت زائدة لم تكن الكلمة مفكوكة، وكانت مدغمة كمسد ومرد.
2
قردد: المكان الغليظ المرتفع، الأرض الصلبة. وظهر التضعيف، لأنه ملحق بجعفر ولذلك لم يدغم فيهما.
3
سلقيته: إذا ألقيته على ظهره.
4
جعبيته: يقال: جعباه إذا صرعه.
5
جيئل: غير مصروف، الضبع، لأنه اسم لها علم، بمنزلة جعار.
6
انظر: التصريف 1/ 45-46.
7
قفعدد: القصير.
8
همرجل: واسع الخطو.
9
عفنجج: الجافي الأخرق، الضخم الأحمق.
10
حبنطى: قال أبو زيد: الحبنطى غير مهموز، العظيم البطن. وقال غير سيبويه: حبنطأ مقصور مهموز. وزعم الكسائي: أن احبنطيت واحبنطأت لغتان، والحبنطأ مهموز، العظيم البطن، انظر: التصريف 3/ 10، والكتاب 2/ 339.



ج / 3 ص -353- ودَلَنْطَى1 وسَرندَى2، النونُ والألفُ زائدتانِ لأنكَ تقولُ: حَبِطَ ودَلَظَهُ بيدهِ وسَرَدهُ فهذا مِنَ الثلاثةِ وقالَ جميعُ أَصحابنا إِذَا بنيتَ مِنْ "ضَرَبَ" نَحو: دَحْرَجَ قلت: ضَرْبَبَ حتى يَصِيرَ الحرف أربعة ولا يدغم الباءَ في الباءِ لأنكَ إنما أردت أن تلحقه بوزن دَحْرَجَ ولو أدغمتَ لحركتَ ما كان ساكنًا وسكنت ما كان متحركًا وزَال دليلُ الإِلحاقِ وإِنْ بنيت مِنْ "دَحْرَجَ" مثلُ: سَفَرجلٍ اسمًا زدتَ حرفًا حتى يكونَ خمسةً تقولُ: دَحَرْجَجٌ ولا تكونُ الألفُ ملحقةً أَبدًا إلا أَنْ تكونَ آخرًا نحو: "عَلقَى3"، وتعرفُ أَنَّها ملحقةٌ إِذا رأَيتها منونةً [في كلامِ العَربِ لأَنَّها إِنّما تكونُ للتأنيثِ في نحو: عَطْشَى وَبُشرى فإِذَا لم تكنْ للتأنيثِ كانتْ ملحقةً وكانتْ منونةً نح و"عَلْقًى وَمِعْزَىً" لأَنَّها منونةٌ4] ومِنَ العربِ مَنْ ينونُ دِفْلَى وذِفْرى5، فيجعلهما ملحقتينِ.
واعلَمْ: أَنَّ الواوَ إِذَا انضمَّ ما قبلَها والياءُ إِذا انكسَر ما قبلَها لا يكونانِ ملحقينِ نحو: عَجُوزٍ وعَمُودٍ وسَعيدٍ وقَضِيبٍ وإِذَا كانَ ما قبلَها مفتوحًا نحو: حَوْقَلَ وبَيْطَرَ فهما ملحقتانِ وكذلكَ إِذا سُكِّنَ ما قبلَهما فحكمُها حكمُ الصحيحِ نحو"جَهْوَرٍ" وحِذْيَمٍ6، وأَمَّا المِيمُ والهمزةُ فلا تكادانِ تكونانِ ملحقتينِ إلا قليلًا في7 نحو: زُرْقُمٍ8 وسُتْهُمٍ9 وشَأملٍ10

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
دلنظى: الشديد الدفع، يقال: دلظه بمنكبه إذا دفعه.
2
سرندى: الجريء، يقال: اسرنداه إذا ركبه، وهي سرنداة.
3
علقى: شجر تدوم خضرته.
4
ما بين القوسين ساقط في "ب".
5
ذفرى: الموضع الذي يعرق من الإبل خلف الأذن.
6
جذيم: قاطع.
7
في: ساقطة في "ب".
8
زرقم: بمعنى الأزرق.
9
ستهم: بمعنى الأستة، وهو الكبير العجز أو الاست.
10
شأمل: الريح التي تهب من قبل الحجر، أو ما استقبلك عن يمينك، وأنت مستقبل أو ما مهبه بين مطلع الشمس وبنات نعش.



ج / 3 ص -354- وشَمْأَلٍ1 وَدُلاَمِص2، وأَمَّا التاءُ فتكونُ ملحقةً في نحو: "سَنْبَتَةٍ"3 وعَنْكبوتٍ وجَبَروتٍ4 وبِنْتٍ وأًختٍ إلا أَنَّها في "بنتٍ" وأُختٍ قامتْ مَقامَ حَرفٍ مِنَ الأَصلِ ولا تكونُ السينُ ملحقةً وكذلكَ الهاءُ ولا تكونُ اللامُ ملحقةً إلا في "عَبْدلٍ5" وحدَهُ والنونُ تكونُ ملحقةً في "رَعْشَنٍ"6 و"سِرحانٍ" وأَمَّا حروفُ الأَصلِ فتكونُ كلها ملحقةً نحو: مَهْددٍ وقَعْدَدٍ وَجِلبابٍ وكَوَأْلَلٍ7 واسْحَنْكَك8، فإِذَا وجدتَ شيئًا ملحقًا قد ضعفَ واجتمعَ فيه حرفانِ مثلانِ فلا تدغمهُ فإنَّهُ إِنّما ضعفَ ليبلغَ زِنَةَ ما أُلحقَ بهِ فمثلُ: اسْحَنْكَكَ واقْعَنْسَسَ لا يدغمُ لأَنَّهُ أُلحقَ باحْرنجَمَ وأَمَّا "احمرَّ واصفرَّ" فهوَ مدغمُ لَيْسَ لَهُ شيءٌ مثلُه لَيْسَ فيهِ حَرفانِ مثلانِ فيلحقُ بهِ [وكذلكَ اطمأنَّ مدغمٌ لأَنَّهُ لَيسَ لَهُ شيءٌ مثلهُ لَيْسَ فيهِ حَرفانِ مثلانِ فيلحقُ بهِ]9 وأَمَّا: مَعَدُّ10 وصُمَلٌّ11 وطِمِرٌّ12، فإِنَّ هذهِ إِنّما أُدغمتْ لأَنَّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
شمأل: الريح التي تهب من قبل الحجر كشأمل.
2
دلامص: هو البراق.
3
سنبتة: الدهر والتاء فيه للإلحاق.
4
جبروت: هو التجبر، يقال: فيه تجبر وجبروت.
5
عبدل: في معنى عبد الله، واللام زائدة كزيادتها في هنالك.
6
رعشن: جبان.
7
كوألل: القصير.
8
اسحنكك: الليل: أظلم. والكلام عليه: تعذر.
9
ما بين القوسين ساقط في "ب".
10
معد: موضع رجل الراكب. ويقال: هو اللحم الذي تحت الكتف أو أسفل منه. وقيل: المعدان من الفرس: ما بين رءوس كتفه إلى مؤخرة متنه. ومعد بن عدنان أبو العرب.
11
صمل: شديد.
12
طمر: الثوب الخلق، الفرس الجواد.



ج / 3 ص -355- الأولَ منها ساكنٌ وبعدَهُ حرفٌ [مثلهُ]1 فإِذَا التقى حرفانِ مثلانِ والأَولُ منهما ساكنٌ لم يكنْ فيهما إلا الإِدغامَ.
واعلَمْ: أَنَّ النونَ الساكنةَ إِذَا كانتْ في كلمةٍ واحدةٍ معَ الميمِ والواوِ والياءِ والراءِ واللامِ فإنَّهم يبنونَها في نحوِ2: أُنْمُلةٍ ومُنْيَةٍ وأَنْوَكَ3 لأَنَّهم لو أَدغموها لالتبستْ فَتُوهم السامعَ أَنَّها مِنَ المضَاعفِ وإِنّما قالوا: امّحَى فأَدغموا النونَ لأَنَّ هَذا بناءٌ لا يكونُ إلا "انْفَعَلَ" ولا يكونُ في الكلامِ "افَّعلَ" فيخافُ4 أَن يلتبسَ بهذَا وكذلكَ "انفعل" مِنْ وَجِلْتُ اوَّجَلَ ومِنْ رأيتُ ارَّأَى ومِنْ لَحَنَ الحَّنَ لا تبينُ النون لأَنَّ هَذا موضعٌ لا يخافُ أَنْ يلتبسَ بغيرهِ وتقولُ في مثل: قُنْفَخْرٍ5 مِنْ: عَمِلَ عُنْمَلٌّ6، ومثلُ: عَنْسَلٍ7 مِنْ: بِعْتُ وقُلْتُ: بَنْيَعٌ وقَنْوَلٌ ومثالُ: قِنْفَخْرٍ بِنْيَّعٌ وَقِنوَّلٌ فتبينُ النونَ لئلا يلبسَ ما كانَ مِنْ قِنْفَخْرٍ بِعِلِكِدٍ8 وتقولُ في مِثْلِ: جَحْنْفَلٍ9 مِنْ عَلِمتُ عَلَنْمَمٌ فتبينُ النونَ لئلا يلبسَ بِغَطمّشٍ10.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
في "ب" مثل.
3
أنوك: أحمق، والجمع نوكى أجري مجرى هلكى لأنه شيء أصيبوا به في عقولهم.
4
في "ب" فيخافون.
5
قنفخر: الفائق في نوعه.
6
عنمل: النون زائدة في هذا البناء.
7
عنسل: الناقة السريعة.
8
علكد: العجوز القصيرة، الغليظ العنق، العجوز الداهية. الحقيرة القليلة الخير.
9
جحنفل: الغليظ الشفة.
10
غطمش: الظالم الجائر، اسم شاعر من ضبة.



ج / 3 ص -356- قالَ الأخفش: ولا تقولهُ مِنْ كَسَرتُ ولا جَعَلْتُ لأَنَّ النونَ تقعُ قبلَ لامٍ أَوْ رَاءٍ فإِنْ بنيتَها ثَقُلَ الكلامُ لقربِ اللامِ والراءِ منها وإِنْ أدغمتَ خشيتَ الالتباسَ ولا تقولُ أَيضًا مثلُ "عَنْسَلٍ" مِنْ شَرَيتُ ولاَ مِنْ عَلِمتُ لأَنَّ النونَ مِنْ مخرجِ الراءِ واللامِ فإِنْ أدغمتَ التبسَ وإِنْ بنيتَ ثَقُلَ وتقولُ في مِثْلِ "عَنْسَلٍ" مِنْ قلتُ وعَمِلتُ: عَنْمَلٌ وقَنْوَلٌ ومِنْ "بِعْتُ" بَنْيَعٌ ولَم يجزِ الإِدغامُ فيلتبسُ قَالَ: وتقولُ في مِثْلِ "كُنْتَأْلٍ مِنْ قَويِتُ" قُنْوَيٌّ تبين النونَ لأَنَّكَ لو أدغمتَها التبستْ "بِفُعّلٍ" مِنْ قَوِيْتُ إِذَا ثقلتَ العينَ واللامَ وكذلكَ مثلُ "كُنْتَألٍ1" مِنْ نَمَيْتُ نُنْمَيٌّ ومَنْ قالَ: نَمَوْتُ قالَ: نَنْمَوُّ ومِنْ حَيِيتُ حُيْيَيٌّ وتقولُ فيماَ كانَ مِنَ المضاعفِ على مثالِ "فَعَلٍ" بغير الإِدغامِ وذلكَ نحو قَصَصٍ مِنْ قَصَّ يَقُصُّ ومثلُه: مَشَشٌ2 وعَسَسٌ3 وتقولُ عَلَى مثالِ4 ذلكَ مِنْ "رَدَدْتُ رَدَد" فإِنْ كانَ المضاعفُ علَى مثالِ: فَعُلٍ وفَعِلٍ لَمْ يقعْ إلا مدغمًا وذلكَ رجلُ صَنفُّ5 الحالِ هُو"فَعِلٌ" والدليلُ على ذلكَ قولُهم: الضَّفَفُ في المصدرِ فهذَا نظيرهُ من غيرِ المضاعفِ الحَذَرُ والرجلُ حَذِرٌ وقَدْ جَاءَ حرفٌ منهُ علَى أَصلهِ قالوا: قَومٌ ضَفِفُو الحالِ فَشذّ هذَا كَما شَذَّ "الحَوكةَ6" وإِنْ كانَ المضاعفُ "فُعَلٌ" أَ و"فِعَلٌ" أَ و"فُعُلٌ" مِما لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كنتأل: قصير.
2
مشش: داء يعرض للخيل، يقال: مشش الفرس مششًا.
3
عسس: هم الذين يطوفون في الليل من قبل السلطان. وأصل العس: طلب الشيء. يقال منه: عس يعس عسا.
4
مثال: ساقط من "ب".
5
ضف: يقال: قوم ضففو الحال، والضف: شدة المعيشة.
6
الحوكة: جمع حائك. ويقال: مشية حيكى، أن يحرك الماشي أليتيه.



ج / 3 ص -357- يكونُ مثالُه فعلًا فهوَ علَى الأَصلِ نحو: خُزَرٍ1، وَمِرَرٍ2، وحُضَضٍ3، وحُضُضٍ4، وأَمَّا قولهُم قَصَصٌ وقَصٌّ وهم يعنون المصدرَ فهما اسمانِ:
أَحدهما محركُ [العينِ]5.
والآخرُ ساكنُ [العينِ]6 في لغتينِ7.
وأَمَّا قولُ الشِاعرِ:

هَاجَكَ مِنْ أَرْوَى كُمُنْهَاض الفَكَك8.....

فإِنَّهُ احتاجَ فحركَ فجعلَ الفَكَّ الفكَكَ
قاَل9 المازني: فإِذَا أَلحقتَ هذهِ الأشياءُ الأَلفَ والنونَ في آخرِها،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
خزز: وهو الذكر من الأرانب.
2
مرر: يقال، مر. ومرار ومرر في جمع مرة.
3
حضض يقال: حضض وحضض، لداء معروف.
4
حضض: حضظ-الضاد وبالظاء- مثل حضض. قال المازني: ولا أدري ما صحته. وانظر: التصريف 3/ 91.
5
أضفت كلمة "العين" لإيضاح المعنى.
6
أضفت كلمة "العين" لإيضاح المعنى.
7
أي: بمنزلة غيرهما من غير المضاعف نحو قولهم: نشز ونشز. فكما لا يقال أن نشزا مسكن من "نشز" فكذلك لا ينبغي أن يقال: أن قصا مسكن من قصص، ولكن كل واحد منهما أصل.
8
الشاهد فيه فك الإدغام في "الفكك" وأروى: اسم امرأة. وأروى ماء بقرب العقيق عند الحاجر، وهو لفزارة. وأروى أيضا: قرية من قرى مرو على فرسخين منها. ومنهاض: وصف من انهاض، مطاوع هاض العظم يهيضه هيضا، كسره، والفكك: مصدر من فك يده فكا، إذا أزال المفصل، يقال: أصابه فكك.
والرجز لرؤبة من قصيدة يمدح بها الحكم بن عبد الملك بن بشر بن مروان.
وانظر: المنصف 2/ 307، والديوان/ 43.
9
انظر: التصريف 2/ 307.



ج / 3 ص -358- تركتَ الصدرَ على ما كانَ عليهِ قبلَ أَن تُلحقَ وذلكَ نحو: رَدَدَانَ وإِنْ أَردتَ "فَعُلاَنَ" أَو "فَعِلانَ" أدغمتَ فقلتَ: رَدَّانَ1، فيهما وهوَ أَوثقُ مِنْ أَن تُظهرَ.
قالَ: وكانَ أَبو الحسن الأخفش يُظهر فيقولُ: رَدُدَانُ وَرَدِدَانُ ويقولُ: هُوَ ملحقٌ بالألفِ والنونِ ولذلكَ يظهرُ ليسلَم البناء2.
قَالَ المازني: والقولُ عندي علَى خلافِ ذلكَ لأَنَّ الألفَ والنونَ يجيئانِ كالشيءِ المنفصلِ أَلاَ تَرَى أَنَّ التصغيرَ لا يُحتسبُ بهما فيهِ كَما لا يحتسبُ بياءي الإِضافةِ ولاَ بأَلفي التأنيثِ فيحقرونَ "زَعْفَرَانَ": زُعَيفِرَانٌ وَخُنْفَساءَ: خُيَنفَساءُ فَلَو احتسبوا بهما لحذفوهما3، كما يحذفونَ ما جاوزَ الأربعةَ. قَالَ: وهذَا قولُ الخليلِ وسيبويه وَهوُ الصوابُ4.
الضربُ الثاني: مِما قيسَ مِنَ المعتلِّ علَى الصحيحِ:
هذَا الضربُ يَنْقسمُ بعددِ الحروفِ المعتلةِ ثلاثةِ أَقسامِ وهيَ: الياءُ والواوُ والهمزةُ ثُمَّ يمتزجُ بعضُها معَ بعض فتحدثُ أَربعةُ أَقسامٍ: ياءٌ وواوٌ ويَاءٌ معَ همزةٍ وَواوٌ معَ همزةٍ واجتماعُ ياءٍ وَواوٍ وهمزةٍ فذلكَ سبعةُ أَقسامٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يجعل المازني هنا الألف والنون مزيدتين بعد التغيير في الطرف كزيادة تاء التأنيث بعد التغيير في الطرف. أما التغيير هنا فهو الإدغام، لأن الأصل الفك أما رردان -بالفتح– فقد أبقوه على الأصل مع مقتضى الإدغام لخفة الفتحة.
2
انظر: التصريف 2/ 311.
3
في الأصل "حذفوها".
4
انظر: التصريف 2/ 311.



ج / 3 ص -359- القِسمُ الأولُ: المسائلُ المبنيةُ مِنَ الياءِ:
تقولُ: في مثالِ حَمَصِيصَةٍ1، مِنْ رَمَيْتُ رَمَوِيَّةٌ وكانتْ قبلَ أَن تغيرَها رَمَييَّةٌ فاجتمعَ فيها مِنَ الياءاتِ ما كانَ يجتمعُ في رَحَيِيَّةٍ إذا نسبتَ إلى رَحَى فغيرتَ كما غَيرتَ "رَحَى" في النسبِ فقَلبتَ اللامَ الأولى ألفًا ثم أَبدلتَها واوًا لأَنَّ بعدَها ياءً ثقيلةً كياءِ النسبِ فإنْ قلتَ: إنَّ ياءَ النسبِ منفصلةٌ فَلِمَ شَبَّهْتَ هَذَا بهَا فإِنَّهم إذا كرهوا اجتماعَ الياءاتِ2 في المنفصلِ فهم لغيرِ المنفصلِ أَكرهُ أَلا تَرى أَنَّ الهمزتينِ إذا التقتَا منفصلتينِ خلافهما إذا اجتمعتا في كلمةٍ واحدةٍ لأَنَّ الجميعَ مِنْ أَهلِ التحقيقِ والتخفيفِ يجمعونَ على إبْدَالِها إذَا كانتْ في كلمةٍ واحدةٍ ومَنْ قاَلَ في "حَيَّةٍ" في النسَبِ "حُيَّيٌّ" وفي أُمَيّةٍ: أُمَيِّيٌّ3، فجمعَ بينَ أَربعِ ياءاتٍ لم يَقلْ ذلكَ في "مثلِ" "حَمَصِيصَةٍ" مِنْ "رَمَيتُ" ولَمْ يكنْ فيها إلا التغيرُ وهَذا أَقيسُ. وكانَ الخليلُ وسيبويه وأَبو الحسن الأخفش يَرَوْنَهُ وَهوَ قولُ المازني4، وتقولُ في "فَيْعِلٍ" مِنْ حَيِيْتُ حَيٌّ5، وكانَ الأَصلُ: حَيِيٌّ فاجتمعتْ ثَلاثُ ياءاتٍ الأُولى الياءُ الزائدةُ في "فَيْعِلٍ" والثانيةُ عينٌ والثالثةُ لامٌ فحذفتِ الأخيرةُ كمَا فعلَوا في تصغيرِ أَحوى حينَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
خمصيصة: بتحريك الميم وسكونها– بقلة رملية حامضة تجعل في الأقط.
2
في الأصل "الياءان" والتصحيح من "ب".
3
قال سيبويه 3/ 393: ومن قال في النسب إلى أمية: أميي، وإلى حية: حيي، تركها على حالها.
4
انظر التصريف 2/ 273-274 والكتاب 2/ 393.
5
أصل هذا "حيؤ" فقلبت الواو الأولى ياء لوقوع الياء قبله ساكنة. وقلبت الآخرة لانكسار ما قبلها فصار في التقدير "حييا" فكرهوا اجتماع ثلاث ياءات والوسطى مكسورة، فحذفوا الآخرة لضعفها، فصار حيا. وانظر: الكتاب 2/ 393، والتصريف 2/ 280.



ج / 3 ص -360- قالوا: أُحَيٌّ فحذفوا استثقالًا للجمعِ بينَ هذهِ الياءاتِ الثلاثِ التي آخرُها لامٌ قبلَها كسرةٌ وتقولُ في فَعُلانٍ من حَيِيتُ: حَيُوانٌ فتقلبُ1 الياءَ التي هيَ لامٌ واوًا لانضمامِ ما قبلَها ومَنْ أسكنَ قالَ: حَيْوَان "كما يقولُ إذَا أسكنَ" "لَقَضْو2 الرجلُ" لا يغيرُ لأَنَّ الإِسكانَ لَيْسَ بأَصلٍ فإنْ قيلَ لِمَ لَمْ تُقلبِ الياءُ مِنْ حَيوانٍ ألفًا وهيَ عينٌ متحركةٌ قبلَها فتحةٌ قيلَ: إذا أُعْلتِ اللامُ لَمْ تُعل العينُ والواجب إعلالُ اللامِ دونَ العينِ لأَنَّ اللامات متى لم تدخلْ عليها الزوائدُ كانتْ أَطرافًا يقعُ علَيها الإِعرابُ ويلحقُها التغيرُ أَيضًا إذا دخلتْ علَيها الزوائدُ.
وقالَ الخليلُ: أَقولُ في مثلَ "فَعَلانَ" مِنْ حَيِيتُ: حَيَّانُ3، وتسكنُ وتدغمُ إنْ شئتَ ويقولُ في مِثَالِ "مَفْعُلةٍ" مِنْ "رَمَيتُ": مَرْمُوةٌ إذا بنيتَها علَى التأنيثِ ومَرْمِيةٌ إذَا بنيتَها علَى التذكيرِ4، ومعنى قولي: بنيتَها علَى التأنيثِ أَي: لا يقدرُ فيها التذكيرُ قبلَ الهاءِ ثُمَ تدخلُ الهاءُ إنّما تجعلها في أَولِ أَحوالِها وَقَعتْ وصَيغِتْ مَع الهاءِ فإنْ قَدرتَ [أنَّ]5 التذكيرَ سبقَ ثُمَ أدخلتَ الهاءَ للتأنيثِ فلا بُدُّ مِنَ الإِعلالِ لأَنَّهُ لا يجوزُ أَنْ يكونَ اسمٌ آخرهُ واوٌ قبلَها ضمةٌ والدليلُ عَلى أَنَّ الذي يُبنى علَى التأنيثِ لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "فثقلت" والتصحيح من "ب".
2
لقضو الرجل: إن لفظ حيوان "أخفي من لفظ" لقضو" لأن هذا فيه سكون الياء قبل الواو. وليس في "لقضو الرجل" شيء من شأنه إذا سكن ما قبل الواو أن تقلب الواو له، وإنما هو الضاد. والضاد لا يمتنع سكونها قبل الواو.
وانظر: الكتاب 2/ 382.
3
انظر: التصريف 2/ 287، وفي سيبويه وقتول في: "فعلان"- بضم العين – من حييت، حيان، تدغم "فعلان" من "رددت" الكتاب 2/ 394.
4
في الأصل "التنكير" والتصحيح من "ب".
5
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -361- يقلبُ فيها الواوُ قراءةُ الناسِ: خُطُواتِ1 لأَنَّهُ إنما عَرَض التثقيلُ في الجمعِ ولم تكنِ الواحدةُ مثقلةً ومَنْ ثقلَ "خُطُواتٍ" لزمهُ أَنْ يقولَ: في كُلْيةٍ كُلُواتٌ2، لأَنَّ الياءَ انضمَّ ما قبلَها وَهوَ موضعٌ تثبتُ فيهِ الواوُ لأَنَّها غيرُ طَرفٍ ولكنَّ العربَ لا تقولهُ لأَنَّ لَهُ نظيرًا مِن غيرِ المعتلِّ لا يحولُ في أَكثرِ كلامِ العربِ نح و"ظُلْماتٍ" والرُّسْلِ فألزمَ هذَا الإِسكانَ إذْ كانَ غيرُ المعتلِّ يسكنُ ولكنْ مَنْ قالَ "مِدْيةٌ" في "مُديةٍ" فَلا بأَسَ بأَنْ يقولَ: مِدِيَاتٌ3، لأَنَّهُ لا يلزمهُ قَلْبُ شيءٍ إلى شَيءٍ والإِسكانُ أَكثرُ في الياءِ والواوِ لإستثقالِهمِ الحركةَ فِيهما ومَنْ قَالَ: رِشْوَةٌ ثُمَ جَمعَ بالتاءِ فحركَ فقياسهُ رِشِيَاتٌ كما يلزمهُ أَنْ يقلبَ الياءَ في كُلْيةٍ واوًا إذَا انضمَّ ما قبلَها كذا يلزمهُ أَنْ يقلبَ الواوَ ياءً إذا انكسرَ ما قبلَها للجمعِ في "رِشْوَةٍ" كمَا كانَ قَائلًا في "كُليةٍ" كُلُواتٌ ولكنَّ هذَا متنكبٌ4 كمَا كانُ تثقيلُ كُليةٍ متنكبًا.
وقالَ الأخفشُ: تقولُ في "مَفْعُلةٍ" مِنْ "رَميتُ" [مَرموةٌ إذَا بنيتَها علَى التأنيثِ ومَرْمِيةٌ إذا بنيتَها علَى التذكيرِ]5 كمَا تقدمَ مِنْ قولِنا مثلُ "عَرْقُوةٍ" وفُعْلُلَةٌ مِنْ "رَميتُ" رُمْيُوَةٌ وَفُعْلَةٌ مِنْ "قَضَيْتُ وَرَمَيْتُ" إذَا لم تبنهِ علَى تذكير "قُضُوَةٌ وَرُمُوَةٌ إنْ بنيتَهُ على تذكيرٍ قَلتَ: رُمْيَةٌ. وفَعَلانٌ مِنْ "رَمَيْتُ" رَمَيَانُ كمَا قلتَ: رَمَياَ. وتقولُ في فِعْلاَلةٍ مِنْ رَميتُ: رِمْيَايةٌ ومِنْ "حَيِيْتُ" حِيايَّةٌ وإذَا كانتْ علَى تذكيرٍ همزتَ وتقولُ في "فِعْلِلَةٍ" مِنْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يشير إلى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} البقرة: 168 وفي آية أخرى: {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} الأنعام: 142.
2
انظر: الكتا ب 2/ 394.
3
أي: كما قلت في "خطوة" خطوات، لأن الياء مع الكسرة كالواو مع الضمة.
4
تنكبوا هذا فرارًا من أن يصيروا إلى ما يستثقلون فألزموها التخفيف.
5
ما بين القوسين زيادة من التصريف 2/ 287، لأن المعنى يقتضيها.



ج / 3 ص -362- "رَميتُ" رِميِيةٌ قالَ1: وتقولُ في "فَعَلانٍ" مِنْ حَيِيتُ حَيَيانٌ لا تدغمُ وإنَّما قالتِ العربُ: الحَيَوانُ فصيروا الآخرةَ واوًا لأَنَّهم استثقلوا الياءين وكانَ هذَا البابُ مِما لا يدغمُ فَحولوا الآخرةَ واوًا لئلا يختلفَ الحرفانِ.
قالَ: وتقولُ في "فَعُلانٍ" مِنْ حَيِيتْ: حَيُوانٌ فتبدلُ الآخرةَ واوًا لمَا انضمَّ ما قبلَها.
قالَ: وتقولُ في "فُعُلانِ وَفُعَلانَ": حُيُيَانٌ وحُيَيَانٌ ولا تقلبُ الأُولى واوًا وإنْ كانَ ما قبلَها مضمومًا لأَنَّها في موضعِ العينِ.
قالَ أبو بكر: إنْ كانَ ما حُكيَ عن الأخفشِ مِنْ قولِه2 في "فُعُلانٍ" مِنْ "حَيِيتُ": حُيُيانٌ صحيحًا عَنْهُ فهو غَلَطٌ لأَنُّهُ قَد تركَ قولَهُ في "فَعُلانٍ" حَيُوَانٌ فإنْ احتجَّ عنهُ محتج أَنَهُ كانَ يلزمُ أَنْ يقولَ "حُوُوَانٌ" فتقلبُ الياءين للضمتينِ ثم تقلبُ الواو الأَخيرةَ ياءً وتكسرُ ما قبلَها فلمَّا فَعَلَ ذلكَ وأَعلَّ اللاَّم لَمْ يجزْ أَنْ يعلَّ العينَ رَدَّ الياءَ قيلَ لَهُ: إذَا وجبَ إعلالُ اللامِ دونَ العينِ لَمْ يتسعْ لنَا هذَا التقديرُ لأَنَّ العينَ كالحرفِ الصحيحِ إذَا كانتِ اللامُ معتلةً وكانَ بعضُ أَصحابِنا مِنَ الحذاقِ بالتصريفِ لا يجيزُ في شيءٍ مِنَ الأبنيةِ أَنْ يجتمعَ واوانِ بينَهما ضمةٌ. وقالَ: أجري هذهِ الأَشياءَ على ما تلفظُ بهِ العربُ فأَنقلُ "فَعُلَ" إلى "فَعَلَ" في "حَيُوانٍ وقَوُوَانٍ" فأَقولُ: قَوِيَانٌ وحَيِيَانٌ فأَمَّا "فُعُلانُ" فأستقبح أَن أبنيَ مثلَهُ لأَنَهُ يخرجُ إلى ما ليسَ في الأسماءِ نحو: فُعِلَ وفُعِلاَنَ فإنْ قالَ قائلٌ: فَلِمَ لا تُدغم قيلَ: لا يجوزُ الإِدغامُ في "فُعُلٍ" و"فُعُلانٍ" لخروجهِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال: ساقط في "ب".
2
من قوله: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -363- عَنْ مثالِ الفعلِ فالوجهُ أَنْ لا أَبني مثلَ هَذَا كما أَنهُ لو قيلَ لي: كيفَ تبني علَى مثالِ "كَابُلٍ"1 مِنْ "ضَرَبْتُ" لم يجزْ أَن أَبني.
وقالَ الأخفشُ: "أَفْعُلَّةٌ" مِنْ رَمَيْتُ "أَرْمُوَّةٌ" وتقولُ في مثالَ "دُرَجَةٍ"2 مِنْ "رَمَيْتُ": رُمَيةٌ وجميعُ ما ذكرتُ لكَ من هذَا المثقلِ بُنيَ مثقلًا علَى أَنَّ الحرفَ الأولَ منهُ سَاكنٌ وتقولُ في مثلِ "عُرَضْنَةٍ3 مِنْ" رَمَيْتُ: رُمَيْنَةٌ وتقولُ في مثلِ "صَمَحْمَحٍ4" مِنْ "رَمَيْتُ": رَمَيْمًَا وتقولُ في مثلِ "حِلِبْلاَب5" من "رَميتُ": رِمِيْمَاءٌ ولو قالَ قَائلٌ: ابن لي مثلَ بكرٍ مِنْ يَدٍ قلتَ لَهُ: إنَّ العربَ لما أَرادتْ هذَا البناءَ جاءتْ بهِ منقوصًا وإذَا أَتمَمتَهُ فلَيس مِنْ كلامِهم فإنْ أَحبَّ أَنْ تتكلفَ لَهُ ذلكَ لتريهِ كيفَ يكونُ لو تكلموا بهِ قلتَ: يَدْيٌ أثبت الياءَ وأَعربتَ لأَنَّهُ مثلُ "ظَبيٍ" فإنْ قالَ لكَ قَائلٌ: ابنِ لي مِنْ ياءٍ مثلُ "بكرٍ" قلتَ: ليسَ في أَسماءِ العربِ اسمٌ فاؤهُ وعنيهُ ولامهُ من موضعٍ واحدٍ فإن تكلفتَ ذلكَ علَى قياسِ كلامِهم قلتَ: يَيْيٌ يَا هَذا جمعتَ بينَ ثلاثِ ياءاتٍ كمَا فعلتَ ذلكَ في تصغيرِ "حَيَّةٍ" حينَ قلتَ: حُيَيَّةٌ وهيَ في هذَا أَقوى منها في "حُيَييّةٍ" لأَنَّ الياءَ الأُولى في موضعِ الفاءِ وهيَ في تصغير "حَيَّةٍ" في موضعِ العينِ وموضعُ العينِ أَضعفُ مِنْ موضعِ الفاءِ فإنْ قَالَ [قائل]6: ابنِ من ياءٍ مثال "جَعْفرٍ" قلتَ: "يَيْئَاً" ولَو بنيتَ مثالَ: قُعْدُدٍ لقلتِ: يُيْئُيٌ تحذفُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كابل: موضع، وهو أعجمي.
2
درجة: المرقاة.
3
عرضنة: مشية بها نشاط، ونظرة العرضنة: نظرة بمؤخرة العين.
4
صمحمح: غليظ شديد، والقصير الأصلع.
5
زيادة من "ب".
6
قُعدد: وقَعدد: اللئيم من الحسب.



ج / 3 ص -364- الرابعةَ وتدعُ ثلاثَ ياءاتٍ ولَو أَردتُ مثلَ "سَفَرجلٍ" أَو مثلَ "صَمَحْمَحٍ" لقلتَ فيهما جَميعًا "يَوَيَّاً" تبدلُ الواوَ.
قالَ الأخفش: لأَنكَ إذَا أبدلتَ الرابعة أبدلت معها الثالثة وينضم إلى مَا قالَ مِمَّا احتجَّ بهِ أَنّهُ لا أَصلَ يرجعُ إليهِ في اجتماعِ الياءاتِ إلا ما جاءَ في النَّسبِ ونحو هذَا إذا وقَعَ في النَّسَبِ قلبوا الياءَ ألفًا ثُمَ قلبوها واوًا فإنْ بنيتَ نح و"جحمرِشٍ"1 مِنَ الياءِ.
قالَ الأخفش: تقولُ: يَيَّوِيٌ ثلاثُ ياءاتٍ ثُمَّ واوٌ ثُمَّ ياءٌ بعدَها واجتمعتِ الياءاتُ الأُول لأَنَّهنَّ لسنَ بأَثقلَ مِنْ بابِ تصغيرِ "حَيَّةٍ" إذا قلتَ "حُيَيَّةٌ".
قالَ: ومثالُ "جَحمرِشٍ" مِنْ حَيِيتُ: "حَيَوَيٌ" تقلبُ إحدى الياءاتِ واوًا لئلا تجتمعَ أَربعُ ياءاتٍ ولم تقلبِ الأُولى والثانيةَ من "حَيِيتُ" لأَنكَ لو قلبتَها كنتَ قد قلبتَ حرفينِ فكانَ قلبُ الحرفِ الرابعِ أَولى لأَنَّكَ إنَّما تَقلبُ حرفًا واحدًا.
قالَ: وتقولُ في مثالِ "قُذَعْمِيلةٍ2 من "قَضيتُ" قُضَوِيَّةٌ لأَنَّها تصيرُ في مثلِ النَّسَبِ إلى "أُمَيّةٍ" فيجتمعُ فيها أَربعُ ياءاتٍ فتحذفُ منهنَّ واحدةً ثُمَ تبدل الأُولى واوًا كمَا قلتَ في أُميَّةٍ: أُمَويٌّ وتقولُ في مثلِ "قُذَعْمِلَةٍ" [وهيَ القصيرةُ]3 مِنْ "قَضيتُ قُضَيَّةٌ فتحذفُ ياءً وكانَ الأَصلُ "قُضَيِّيةٌ" فتكونُ ثلاثُ ياءاتٍ أَولُها ساكنٌ فحذفوا الآخرةَ كما أَنَّ أَصلَ "مُعَيَّةٍ" إذا صغرتَ: مُعَوِية مُعَيِّيةٌ فحذفوا الآخرةَ وإذَا بنيتَ "فَعُلاً" مِنْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جحمرش: العجوز الكبيرة.
2
قذعملية: قذعمل: القصير الضخم من الإبل.
3
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -365- قَضَيْتُ اسمًا قلتَ: قَضٍ وإنْ بنيْتُه "فَعْلاً" قلتَ: قَضْوًَا وإنَّما قلبتِ الواوَ ياءً في الاسم لأَنَّ الاسم لا يكونُ آخرهُ كذا1، وكذلكَ إنْ بنيتَ اسمًا علَى "فَعِلٍ" مِنْ "قَضَيْتَ" يستوي لفظُ "فَعِلٍ وفَعُلٍ" فإنْ قالَ قَائلٌ: فكيفَ لا تخافُ في هذَا اللبسَ وكيفَ لا تتركُ بناءَ هذَا أصلًا إذا كانَ يلتبسُ كما تركتُ بناءَ "فَنْعَلٍ" مِنْ "ضَرَبْتُ" إذ كانَ يلتبسُ بِفَعَّلَ قيلَ: إنَّ بينَ هذينِ فرقًا لأَنَّ "فَنْعَلَ" مِنْ "ضَرَبْتُ" لا يظهرُ بناؤهُ واضحًا أَبدًا وأَمَّا "فَعُلَ" مِنْ بناتِ الياءِ والواوِ فَقَدْ يصحُّ إذَا قلتَ "فَعُلَةٌ" ولم تبنهِ على تذكيرهِ2 نحو: رَمُوَةٍ وغَزُوَةٍ وتقولُ هو أَيضًا في الفعلِ فيصحُّ تقولُ: لرَمُوَ الرجلُ ولغَزُوَ الرجلُ وأَنتَ لا تصححُ فَنْعَلَ مِنْ ضَرَبْتُ3 في وجهٍ مِنَ الوجوه.
واعلَم: أَنَّ أَربعَ ياءاتٍ لا يجتمعنَ إلا في لغةٍ رَديئةٍ هذَا عَدِيييُّ وأُمَيَّيٌّ في النَسَبِ إلى "عِدَيِّ" وأُمَيَّةَ وهذَا لا يقاسُ علَيةِ ولا يقولُه إلا قليلٌ مِنَ العربِ. واجتماعٌ ثلاثِ ياءاتٍ مرفوضٌ أَيضًا إذا سكنتِ الأُولى. فأَمَّا إذا سكنَ ما قبلَ الياءِ الأُولى وهنَّ4 ثلاثُ ياءاتٍ فإنَّ ذلكَ في الكلامِ كثيرٌ. نحو: "ظَبِييُّ" ومكان مَحْييٌّ5 فيهِ وإذَا كانتْ ثلاثُ ياءاتٍ فكانتِ الأُولى منهنَّ مكسورة وما قبلَ الأُولى متحركٌ. فإنَّ ذلكَ أَيضًا مرفوضٌ تقلبُ الأُولى منهنَ واوًا نحو: "شَجَوىٍّ ورَحَويٍّ" فإنْ كانتِ الوسطى متحركةٍ والأُولى متحركةٍ وما قبلَها سَاكنٌ فإنَّ ذلكَ متروكٌ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" هكذا.
2
في "ب" تذكير، بسقوط الهاء.
3
من ضربت: ساقط في "ب".
4
في "ب" وهي.
5
محيي فيه: هو مفعول من "حييت" وكان الأصل "محيوي" لأن العين واو بعدها واو مفعول، وبعد مفعول الياء التي هي لام الفعل.



ج / 3 ص -366- كلامِهم فإنْ بنيتَ مثلَ "جَحمرِشٍ" مِن "رَمَيْتُ" فالأَصلُ فيهِ أَن تقولَ: رَمْيَيٌّ فتجتمعُ ثَلاثُ ياءاتٍ والميمُ قبلَ الياءِ الأولى ساكنةٌ وهذَا لا مِثْلَ لَهُ.
قَالَ الأخفش: مَنْ جمعَ هذِه الياءات [فإنْ]1 أَرادَ أَنْ يدغمَ في قولِ مَنْ قالَ: قَتَّلوا فإنَّهُ يقولُ: رَمَيٌّ ياءانِ ويحذفُ الآخرةَ لأَنَّ الأُولى قد سكنتْ قالَ: وما أَرى إذا كانتِ الياء الأُولى والثانيةُ متحركتينِ إلا أَنْ تُلقَى ياء إذا كُنَّ فيهِ2 ثلاثُ ياءات متحركاتٍ لأَنَّ ياءً متحركةً أثقلُ مِنْ ياءٍ ساكنةٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
فيه، ساقط في "ب".



ج / 3 ص -367- الأَلفِ فلا يلزمهُ تغييرٌ لذلكَ ويشبهُ ذلكَ "بفُوعِلٍ" مِنْ وَعَدَ إذَا قالَ فيها "وَوُعِدَ" فلاَ يلزمهُ الهمزُ كمَا يلزمهُ الهمزُ إذَا اجتمعت واوانِ في أولِ كلمةٍ لأَنَّ الثانيةَ مدةٌ ومثلُه قولُ الله جَلَّ ثناؤهُ1: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا}2 وجميعُ ذا عن المازني3 وتقولُ في مثل "هِدْمْلَةٍ"4 مِنْ قُلْتُ: قِوَلَّةٌ وتقولُ في مثلِ عَنْكَبُوتٍ مِنْ "بِعْتُ" وقُلْتُ: قَوْلَلُوتٌ وَبَيْعَعُوتٌ فإذا جمعتَ قلتَ: بياعِعٌ وقَوَاللٌ وإن عوضتَ قلتَ: بَيَاعيعُ وقَوَاليلُ ولَمْ تدغم قبلَ العوضِ لأَنَهُ ملحق ببناتِ الأربعةِ [ولَم يعرضْ فيهِ ما يهمز مِنْ أَجلهِ]5 فذهبَ الإِدغامُ لذلكَ وتقولُ في مثالِ: اطمَأَنَنْتُ مِنْ "غَزَوْتُ": اعزَوّا6 ومِنْ "رَمَيْتُ" ارْمِيَّا فتبدلُ الطَّرف7 ويقولُ النحويونَ فيها مِنَ القولِ والبيعِ: اقْوَلَّلٌ وابْيَعَّعٌ وإنّما فعلتَ هَذَا بالواوِ والياءِ لأَنَّ هذَا موضعٌ لا تعتلانِ فيهِ ويجريانِ مَجرى غيرهِما8، ويقولونَ فيها مِنَ الضربِ "اضْرَبَّبٌ" يحولونَ الحركةَ علَى اللاّم الأُولى كمَا فَعلوا في "اطمأَنَّ" والذي يذهبُ إليهِ أبو عثمان وهوَ الصوابُ عندي أَن يقولُ: اضْرَبَّبَ فيدعُ الكلامَ علَى أَصلِه إذْ كنتَ تَخرجُ مِنْ إدغامٍ إلى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" جل وعز.
2
الأعراف: 20، ووري: من وارى، وأصله وري.
3
انظر: التصريف 2/ 245.
4
الهدملة: الرملة المشرقة.
5
أضفت هذه العبارة "ولم يعرض فيه ما يهمز من أجله" انظر: التصريف 2/ 259.
6
في التصريف 2/ 263 وتقول في "غزوت": غزويت واغزوا.
7
أن تبدل الطرف ياء.
8
انظر: تصريف المازني 2/ 263.
9
انظر: التصريف 2/ 266: أما الأخفش فكان يقول فيها من: ضرب وأخواته اضربب، بتشديد الباء الآخرة، أي: الجمع بين لامين في الطرف، وابن السراج صوب رأي المازني في هذه المسألة. أما ابن جني في المنصف2/ 267 فقد استحسن رأي الأخفش وقال: وأرى أن أبا عثمان في هذا قد غصب أبا الحسن حقه، لأن اللامان يلتقيان غير مدغمين أولاوهما في الأخرى وذلك نحو قردد وجلبب.



ج / 3 ص -368- إدغامٍ وإنّما تفعلُ هذَا إذا اختلفتِ اللاماتُ أَلاَ تَرى أَنَّ "اطمأنَّ" لامهُ الأُولى همزةٌ والأُخريانِ مِنْ جنسٍ واحدٍ فلَم يوصلْ إلى الإِدغامِ حتَى أَلقى حركةَ الأُولى علَى الهمزةِ وليسَ ذلكَ في بابِ "ضَرَبَ" لأَنَّ اللامات من جنسٍ واحدٍ فإذَا أَنْتَ غيرتَ لم يخرجك ذلكَ مِنْ أَن يكونَ الاستثقالُ على حالِه كما قالَ سيبويه1 في "فَعَّلَ" مِنْ "رَدَدْتُ" لا أَغيرهُ لأَني لو فعلتُ ذلكَ لصرتُ مِنْ كثرة الدالاتِ إلى مثلِ ما فررتُ منهُ فأقررتُ البناءَ على أصلهِ فكذلكَ هذَا إذا بنيتَهُ علَى مثالِ "اطمأنَّ" تركتَهُ علَى أَصلهِ وحَقُّ هذَا في التقديرِ أَن لا تجعلَ اللامَ الأُولى أَصلًا فتكون قَد جمعتَ بينَ لامينِ زائدتينِ فتجمعُ ما لا يجمعُ مثلهُ وكذلكَ أَيضًا إنْ جعلتَ الآخرةَ أصلًا ولكنْ تجعلُ الأُولى زائدةً ملحقةً والثانيَة أًصلًا والآخرةَ زائدةً وإذَا قلتَ "يَفْعَلُ" مِنْ ارْمياَّ واغْزوَّا قلتَ: يَرْمييُّ2، ولَمْ يَرْمييُّ فاعلَمْ ولَنْ يَرْمِييَّ يا فتى وكذلكَ: يَغْزَوِّي ولَن يَغْزَوِّيَ فاعلَمْ ولَمْ يَغْزَوِّ يا هَذَا فَأَمَّا مثالُ: "اغْدَوْدَنَ" مِن "رَدَدتُ" فإنَّكَ تقولُ: ارْدَوَدَّ تدغمُ لأَنَّ اغدودنَ قد تكررتْ فيهِ الدالُ وهوَ ثلاثي وليسَ بملحقٍ بالأربعةِ لأَنهُ ليسَ في الأربعةِ مثلُ: احْرَوْجَمَ3، فيكونُ: اغْدَوْدَنَ ملحقًا بهِ وتقولُ فيهِ مِنْ وَدِدْتُ ايْدَوَدَّ تقلبُ الواوَ ياءً لانكسارِ ما قبلَها وهيَ ساكنةٌ وتقولُ في "فُعْلُولٍ" مِنْ "غَزوتُ" غُزْوِيٌّ4 تبدلُ الواوَ الآخرةَ ياءً فيصيرُ غُزْوِوْيٌ فتبدلُ الواوَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 398.
2
انظر: التصريف 2/ 267.
3
احروجم: لا يوجد هذا البناء وإنما الموجود: احرنجم، ومعناه اجتمع.
4
أصل غزوي، غزوو، فقلبت الآخرة ياء لاجتماع ثلاث واوات فصارت غزوويا، ثم أبدلت لهما الواو التي قبلها وأبدلت من الضمة قبلها كسرة فصارت غزويا، كالواو في "غزوى" هي الواو الأولى التي كانت في "غزوو".



ج / 3 ص -369- الساكنةَ ياءً مِنْ أَجلِ الياءِ التي تليها ثُمَ تدغُمها فيها فتصيرُ بمنزلةِ ياءِ النَّسَبِ إلى عَدْوٍ وغَزْوٍ وتقولُ في مَفعُولٍ مِنَ القُوَّةٍ مَقْوِيٌّ وكانَ الأَصلُ: مَقْووٌّ فغيرتَ لاجتماع الواواتِ.
قالَ سيبويه1: تقولُ في "فُعْلُولٍ" مِنْ غَزَوتُ: غُزْوِيٌّ2، وأَصلُها: "غُزْوُوٌّ" فلمَّا كانوا يستثقلون الواوينِ في "عُيِيٍّ" ومَعْدِيٍّ أُلزمَ هذَا بدل الياءِ حيثُ اجتمعت ثلاثُ واواتٍ مَع الضمتينِ في "فُعْلُولٍ" فأُلْزِمَ هذَا التغييرُ كَما أُلزم "مَحْنِيةِ"3 البدَلُ إِذْ غيرتْ في ثِيَرةٍ وسِيَاطٍ ونحوهما وتقولُ في "فُعْلُولٍ" من "قَوِيْتُ": قُوِيٌّ تغيرُ منهما ما غيرتَ مِنْ "فُعْلُولٍ" مِنْ "غَزَوْتُ" وتقولُ في "أُفْعُولةٍ" مِنْ "غَزَوْتُ": أُغْزُوَّةٌ وقَد جاءَ في الكلامِ "أُدْعُوَّةٌ" وقَد تكونُ أُدْعِيَّةٌ علَى أَرضٍ مَسِنيةٍ5، هَذا قولُ سيبويه6.
وتقولُ في "أُفعُولٍ" في "قَوِيْتُ" أُقْوِيٌّ لأَنَّ فيها ما في مَفعُولٍ مِنَ الواواتِ.
وقالَ سيبويه تقولُ في فَعلاَنٍ مِنْ "قَوِيْتُ": قَوَوانٌ وكذلكَ "حَيِيْتُ" فالواوُ الأولى كوا و"عَوِرَ" وقَوَيتِ الواوُ الأخيرةُ كقوتِها في "نَزَوَانٍ"7

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 292.
2
صار بمنزلة النسب إلى غزو وعدو وما أشبه ذلك.
3
محنية: هي منعطف الوادي حيث ينعرج.
4
انظر: الكتاب 2/ 392-393.
5
مسنية: ومسنوة، اسم مفعول من سنا الغيث الأرض يسنوها إذا سقاها. ومسنى هي الأرض المسقية بالساقية، والسانية الناقة أو البعير، يسقى عليه الماء من البئر.
6
انظر: الكتاب 2/ 393.
7
نزوان: الارتفاع. يقال: نزا ينزو نزوا ونزاء ونزوانا، إذا علا وارتفع.



ج / 3 ص -370- وصارتْ بمنزلةِ غيرِ المعتلِّ ولم يستثقلوهما مفتوحتين كما قالوا لَوَوِيٌّ وَأَحْوَوِيٌّ ولا تدغمُ لأَنَّ هَذا الضربَ لا يدغمُ في "رَدَدْتُ"1.
وقالَ المازني: تصحُّ اللامُ في "فَعَلانٍ" فتقولُ: "قَوَوانٌ" كَما صحتْ في "نَزَوانٍ" وتصحُّ العينُ كما صحتْ في "جَوَلانٍ"2.
وقال سيبويه: تقولُ في "فَعَلانٍ" مِنْ "قَوِيْتُ" قَوَّانٌ وكذلكَ "فَعُلانٌ" مِنْ حَيِيْتُ حَيَّانٌ تدغمُ لأَنَّكَ تُدغمُ "فَعُلاَنَ" مِنْ "رَدَدتُ" وقَد قويتِ الواوُ الأخيرةُ كقوتِها في "نَزَوانٍ" فصارت بمنزلةِ غَيرِ المعتلِّ.
قالَ: ومَنْ قَالَ: "حَييَّ عَن بَينّةٍ"3، قالَ: "قَوُوانٌ"4.
قال أبو العباس: قَوُوانٌ غَلط يَنبغي إِن لم تُدغمْ أَن تقولَ: "قَوِيَانٌ" فتكسرُ الأولى وتقلبُ الثانيةُ ياءً لأَنَّهُ لا يجتمعُ واوانِ في أَحدِهما ضمةٌ والأُخرى متحركة.
قالَ: وهَذا قولُ أَبي عُمَرَ وجميعِ أهلِ العلمِ5 قالَ سيبويه: تقولُ في "فَيْعِلاَنٍ" مِنْ حَيِيْتُ وقَوِيْتُ وَشَوَيْتُ: قَيَّانٌ وحَيَّانٌ وشَيَّانٌ لأَنَّك تحذفُ ياءً هَهُنَا كَما حذفتها في "فَيْعِلٍ"6، يَعني أَنَّكَ لو قلتَ: "فَيْعِلٌ" مِنَ القوةِ لقلت "قَيٌّ" كي لا يجتمعَ ثلاثُ ياءاتٍ قبلَ الأخيرةِ التي هيَ لامٌ ياءٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 393-394.
2
انظر التصريف 2/ 282 والجولان، مصدر جال يجول جولا وجولانا.
3
الأنفال: 42.
4
انظر: الكتاب 2/ 394.
5
انظر: المنصف 2/ 282.
6
انظر: الكتاب 2/ 394.



ج / 3 ص -371- مشددةٌ مكسورةٌ قالَ: فهم يكرهونَ هَهُنَا مَا يكرهونَ في تصغيرِ "شَاويةٍ" في قولهم: رأَيتُ شُوَيّةً1.
قالَ أبو بكر: فجعلَ الألفَ والنونَ نظيرتي الهاءِ لأَنَّهما زائدتانِ كزيادتِها وأَنَّ ما قبلَ الألفِ مفتوحٌ كَما أنَّ ما قبلَ الهاءِ مفتوحٌ وتقولُ في "فُعُلَةٍ" مِنْ: غَزَوْتُ ورَمَيْتُ: غُزُوَةٌ ورُمُوَةٌ فإنْ بنيتَها على "فُعُلٍ" علَى التذكيرِ قلتَ: غُزَيةٌ وَرُمِيَةٌ لأَنَّ مذكرهما: رُمٍ2 وغُزٍ3.
قاَل أَبو بكر: وهوَ عندي قبيحٌ لأَنَّهُ يخرجُ إلى مثالٍ لا يكونُ إلا للفعلِ فأَمَّا "خُطُواتٌ" فلَم يقلبوا الواوَ لأَنَّهم لم يجمعوا "فُعُلَ" ولاَ فُعُلةً جاءت علَى "فُعُلٍ" وإِنّما عَرَضَتْ هذه الحركةُ في الجمع أَلاَ تَرى أَنَّ الواحدة4 خُطْوَةٌ فَخُطوةٌ5 نظيرُ فُعْلَةٍ التي لا مذكَّر لَها ومَنْ قَالَ: خُطُواتٌ بالتثقيلِ فإِنَّ قياسَ ذلكَ أَن تقولَ في "كُلْيةٍ": كُلُواتٍ ولكنَّهم لم يتكلموا إلا بكُلَياتٍ مخففةً فرارًا مِنْ أَنْ يصيروا إلى ما يستثقلونَ ولكنَّهُ لا بأسَ بأَنْ تقولَ في مِدْيَةٍ: مدِياتٌ كَما قلتَ في خُطْوةٍ: خُطُواتٌ لأَنَّ الياءَ مَع الكسرةِ والواوَ مع الضمةِ ومَنْ ثقلَ في "مِدِيَاتٍ" فإِنَّ قياسَهُ أَنْ يقولَ: جِرْوَةٌ6، جِرِيَاتٌ لأَنَّ قبلَها كسرةً وهيَ لامٌ ولكنَهم لا يتكلمونَ بذلكَ إلا مخففًا فِرارًا مِنَ الاستثقال7 والتغييرِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 394.
2
في الأصل "رمى".
3
في الأصل "غزى".
4
في الأصل "الواحد".
5
في الأصل "خطوات".
6
في الأصل "جرو" والتصحيح من "ب".
7
في "ب" الاستقبال، وهو خطأ.



ج / 3 ص -372- فإِذَا كانتِ الياءُ مَع الكسرةِ والواوُ مَع الضمةِ فكأَنَّكَ رفعتَ لسانَكَ بحرفين مِنْ موضعٍ واحدٍ رفعتَهُ لأَنَّ العملَ مِنْ موضعٍ واحدٍ1، فإِنْ خالفتَ الحركةَ فكأَنَّهما حرفانِ مِنْ موضعينِ متقاربين الأولُ ساكنٌ نحو: "وَتْدٍ" هَذا قولُ سيبويه:2 يريدُ أَنَّ الضمة في "خُطْوةٍ" مَع الواوِ مِنْ مخرجٍ واحدٍ وكذلكَ الكسرةُ مِنْ "مِدْيَةٍ" مَع الياء مِنْ موضعٍ واحدٍ مِنَ الفمِ ولَيْسَت كذلكَ في "جِرْوَةٍ" ومِدْيَةٍ فشبَّه الضمةَ معَ الواوِ والكسرةَ معَ الياءِ بِدَالٍ سَاكنةٍ لقيتْ دَالًا متحركةً فأُدغِمتْ فيها ضرورةً لا بُدَ مِنْ ذلكَ وشبَّه الكسرةَ معَ الواوِ والضمةَ معَ الياءِ بحرفينِ متقاربينِ من مخرجٍ واحدٍ التقيا والأولُ ساكنُ فالنطقُ بهِ ممكنٌ لا ضرورة أحوجتْ إلى إدغامهِ لأَنَّ الإِدغامَ إِنّما هَوَ حرفٌ ساكنٌ لقيَهُ حرفٌ3 مثلُهُ فمتى لَمْ يقفِ المتكلمُ وقَعَ الإِدغام ضرورة.
وقالَ سيبويه: تقولُ في "فَوْعَلَّةٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غَوْزَوَّةٌ وأُفْعُلَّةٍ: أُغْزَوَّةٌ وفي "فُعُلٍّ": غُزُوٌّ وفَوْعُلٍّ: غَوَزَوٌّ. وأُفْعُلَّةٌ مِنْ رَميتٌ: أُرميَّةٌ تكسرُ العينَ كما تكسرُها في "فُعُولٍ" إِذَا قلتَ: ثُدِيٌّ ومَنْ قَالَ في [عُتُوٍّ]4 عُتيٌِّ قَالَ في "أُفْعُلَّةٍ" مِنْ غَزَوْتُ. أُغُزِيَّةٌ5. وتقولُ في "فِعْلاَلةٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غِزْواوَةٌ إِذا لَم تكنْ علَى "فِعْلاَلٍ" وتقولُ في مِثْلِ: كوَأْلَلٍ مِنْ غَزَوْتُ: غَوَزْوًَا ومِنْ قَوِيْتُ: قَوَوًَّا ومِنْ حَيِيتُ: حَوَيًّا وتقولُ في "فِعْوَلٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غِزْووٌّ لا تجعلَها ياءً والتي قبلَها مفتوحةٌ أَلا تَرى أَنَّهم لم يقولوا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "إذا" والتصحيح من "ب".
2
انظر: الكتاب 2/ 395.
3
حرف: ساقط من "ب".
4
أضفت كلمة "عتو" لإيضاح المعنى.
5
انظر: الكتاب 2/ 395.



ج / 3 ص -373- في "فَعَلٍّ": غَزَيٌّ للفتحةِ كما قَالوا: عُتِيٌّ. وتقولُ في مِثال "عِثْوَلٍّ"1 مِنَ القوةِ: قِيَّوٌّ وكانَ الأصلُ: قِيْوَوٌّ ولكنَّكَ قلبتَ الواوَ ياءً كما قلبتَها في "سَيّدٍ". وتقول. في مثلِ: حِلِبْلابٍ مِنْ "غَزَوْتُ" ورَمَيْتُ: غِزِيزاءُ وَرِميَماءُ كسرتَ الزايَ والواوَ ساكنةٌ وقلبتَها ياءً. وتقولُ2 في "فَوْعَلَّةٍ" من أَعْطَيْتُ: عَوْطَوَّةٌ علَى الأصلِ لأَنَّها مِنْ "عَطَوْتُ" وتقولُ في "فَعِلٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غَزٍ تلزمُها البدلَ إِذَا كانْتُ تُبدلُ وقبلَها الضمَّة فَهي هَهُنَا بمنزلةِ مَحِنيَةٍ. وتقولُ في "فَعْلُوَةٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غَزْوِيَةٌ وكانَ الأصلُ: "غَزْوُوَةٌ3" فقَلبتَ الأخيرةَ وكسرتَ ما قبلَها لأَنَّهُ لا يجتمعُ واوانِ الأُولى مَضمومةٌ ولكن إِذَا كانتْ واوٌ واحدةٌ قبلَها ضمةٌ قَد ثبتتْ إِذَا لم تَكنْ طَرفَ اسمٍ نحو: عَرْقُوةٍ جعلت الواو في "سَرُوَ وَلَغْزُوُ4، لا تَرى أَنَّ "فَعَلْتُ" في المضاعفِ مِنَ الواوِ لم يستعملْ لَم يقولوا: قَوَوْتُ مِنَ القوةِ وأَلزموهُ "فَعِلْتُ" لتنقلبَ الواوُ ياءً وأَمَّا "غِزَوٌّ" فلمَّا انفتحتِ الزايُ صارتِ الواوُ الأولى بمنزلةِ غَيرِ المعتلِّ وصارت بمنزلةِ وا و"قَوٍّ" هَذا لَفظُ سيبويه5. وتقولُ في "فَيْعَلى" من غَزَوْتُ غَيْزَوَى لأَنَّكَ لَمْ تلحقِ الألفَ "فَيْعَلاً" ولكنَّكَ بنيتَ الاسمَ عَلَى هَذا أَلا تَراهم قَالوا: مِذْروانِ6 إِذْ كانوا لا يفردونَ الواحد7 فهوَ في "فَيْعَلَى": أَجدرُ لأَنَّ هذهِ الألفَ لا تلحقُ اسمًا بُنيَ على التذكيرِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عثول: وعثوثل: الشيخ الثقيل. والقدم المسترخي، وقيل: قثول، مثل: عثول.
2
وتقول: ساقط في "ب".
3
انظر: الكتاب 2/ 396.
4
في الأصل "يغزو".
5
انظر: الكتاب 2/ 396.
6
مذروان: قيل: أطراف الإليتين ليس لهما واحد.
7
في "ب" واحدا.



ج / 3 ص -374- وقالَ الأخفش: إِذا اشتققتَ مِنْ "وعَدتُ" اسمًا علَى "أَفْعَلَ" مثلَ "يزيدٍ" في العلةِ قلتَ: هَذا عِدٌ وإِن أَردتَ اسمًا علَى حَدِّ "أَبْيَنَ" قلتَ: أَيْعَدٌ وكذلكَ "يَفْعِلُ": يَوْعِدُ.
قالَ أبو بكر: قولهُ: اشتققتَ اسمًا على "أَفْعَلَ" إِنْ لم يردْ بهِ أَنَّه سَمى1 بالفعلِ بعدَ أَنْ أَعلَّ كما سَمى "بيزيدَ" وإلا فالكلامُ خَطأٌ لأَنَّ هَذا البناءَ لا يكونُ إلا للفعلِ أَعني: عِدْ ولَو سميتَ "بقُمْ" لقلتَ: هَذا قُوْمٌ لأَنَّ الواوَ إِنَّما كانت تسقطُ لإلتقاءِ الساكنينِ فلمَّا وجبَ الإِعرابُ وتحركتِ الميمُ ردتِ الواوُ فإِنْ سميتَ بالمصدرِ مِنْ وَعَدْتُ قلتَ: عِدَةٌ ومن "وَزَنْتُ" زِنّةٌ فإِنْ أَردتَ أَنْ تبنيَ "فِعْلَةً" ولا تَنوي مصدرًا قلتَ: وِعدَةٌ وَوزنَةٌ وأَما "وجْهَةٌ" فإِنَّهُ جاءَ علَى الأصلِ ولم يَبنِ علَى "فِعْلٍ".
قالَ الأخفشُ: وأَمَّا قولُهم: الدَّعَةُ والضَّعَةُ وفي الوَقَاحِ: هَذا بَيِّنُ القَحةِ فكل شَاذ فالذينَ قَالوا: الضِّعَةُ2 والقِحَةُ3 أخرجوهُ علَى فِعْلَةٍ ونقصوهُ لعلةِ الواوِ وإِنَما يقولونُ في الوضيعِ: قَدْ وَضَعَ يَوضُعُ ولكنَّ المصدرَ لا يجيءُ على القياسِ وتقولُ في "فَوْعَلٍ" مِنْ وَدَدْتُ: أَوْدَدَ وكانَ الأصلُ: وَوْدَدَ فأُبدلتِ الأُولى همزةً لاجتماع الواوينِ4 في أول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "سما" والتصحيح من "ب".
2
الضعة: خلاف الرفعة في القدر والأصل، وضعة، حذفوا الفاء على القياس، كما حذفت من عدة وزنة، ثم أنهم عدلوا بها عن "فعلة" فأقروا الحذف على حاله، وإن زالت الكسرة التي كانت موجبة له فقالوا: الضعة فتدرجوا بالضَّعة إلى الضِّعة وهي وضعة كجفنة وقصعة. انظر: اللسان.. "وقح".
3
القحة: التوقيح، أن يوقح الحاضر بشحمة تذاب حتى إذا تشيطت الشحمة وذابت كوي بها مواضع الحفاء والأشاعر.
4
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -375- الكلمةِ وتقولُ في المَفعُولِ: مُوَودَدٌ ولا تدغمُ لأَنَّهُ ملحقٌ ولا تهمزُ كَما تهمزُ "فَوْعَلَ" لأَنَّ الواوَ ليستْ أَولَ الكلمةِ1، أَلاَ تَرَى أَنَّ مَنْ يقولُ: أَعِدُ يَقولُ: مَوْعودٌ ولا يبنيهِ2 عَلَى "أُعِد" لأن تلكَ العلةَ قد زَالتْ وهيَ أَنَّ الواوَ مضمومةٌ.
قالَ: الأخفشُ: وليسَ كُلُّ مَا غُيِّرَ "فُعِلٌ" منهُ غُيّرَ المفعُولُ منهُ ألا تَرَى أنَّهم يقولونَ: غُزِيٌ ودُعِيٌ ثُم يَقولونَ: مَغْزوٌّ ومَدعُوٌّ وتقولُ في "فَيْعُولٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غَيْزُوٌّ مِثْلُ: مَفْعُولٍ منهُ إِذا قلتَ: مَغْزُوّ3 وفَيْعُولٌ مِنْ قَوْيتُ: قَيُّوٌّ تقلبُ الواوَ التي في موضعِ العينِ ياءً لأَنَّ قبلَها ياءً ساكنةً وتقولُ في "مَفْعُلَةٍ" مِنْ قَوِيْتُ: مَقْوِيَةٌ تقلبُ الأخيرةَ ياءً لأَنَّهُ لا يجتمعُ وَاوانِ إِحداهما مضمومةٌ وتقولُ في [مِثَالِ: عَرْقُوةٍ مِنْ غَزَوْتُ: غَزْوِيَةٌ لئلا يجتمعَ واوانِ إِحداهما مضمومةٌ وتقولُ4 في] "فُعْلَةٍ" مِن غَزَوْتُ: غُزْيَةٌ إِنْ بنيتَها على تذكير فإِنْ لم تبنِها على تذكيرٍ قلتَ: غُزُوَةٌ لأَنَّهُ غيرُ منكرٍ أَنْ يكونَ في حَشوِ الكلمةِ واوٌ قبلَها ضَمةٌ وإِنَّما يتنكبُ ذلكَ إِذَا كانتْ طَرفَ اسمٍ وتقولُ في مثلِ: مَلَكوتٍ مِنْ غَزَوْتُ وَقَضَيْتُ: غَزَوتٌ وقَضَوْتٌ وكانَ الأصلُ: غَزَوُوتٌ فقلبتَ الواوَ التي هيَ لامٌ ألفًا لأَنَّها "فَعَلُوتٌ" فالتقى ساكنانِ فحذفتِ الألفُ لإلتقاءِ الساكنينِ وكذلكَ عَمِلْتُ في "قَضَوُتٍ" وتقولُ في "فَعْلاَلةٍ" مِن غَزَوْتُ وقَوِيْتُ: غِزْوَاوَةٌ وَقِوَّاوَةٌ إِذَا لَم يكنْ علَى تذكيرٍ فإِنْ كانتْ على تذكيرٍ همزَتها فقلتَ: قَوَّاءةٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" كلمة.
2
في "ب" فلا.
3
إنما صار بمنزلة مغزو، لأن قبل لامه واو "فيعول" فهي نظية واو مفعول.
4
ما بين القوسين ساقط في "ب".



ج / 3 ص -376- وغِزَوّاءةٌ1 وتقولُ في مثالِ: كَوَأَلَلٍ مِنْ غَزَوْتُ: غَوَزْوًَا ومن "قَوِيْتُ" علَى مذهبِ الأخفشِ: قويًَّا وعلَى مذهبِ2 غيرِه: قَوَوّاً3 تجمعُ بينَ ثلاثَ واواتٍ كما فعلَ ذلكَ في "افْعَوعَلَ" مِنْ: قُلْتُ فقالَ اقْوَوَّلَ والأخفشُ يقولُ: اقْوَيَّلَ4. قَال أبو بكر5: والذي أَذهبُ إِليهِ: القلبُ والإِبدالُ كَما فَعلَ الأخفشُ لأَنّي وجدتُهم يقلبونَ إِذا اجتمعتْ واوانِ وضَمةٌ فإِذَا اجتمعت ثَلاثُ واواتٍ فهيَ أثقلُ لأَنَّ الضمةَ بعضُ واوٍ6، والكلُّ أُثقلُ مِنَ البعضِ وتقولُ في "فِعْليَّةٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غِزْوِيّةٌ ومِنْ قَوِيْتُ: قَوِيَّةٌ.
وقالَ الأخفش: تقولُ في "فِعْلٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غِزْيٌ لا تكونُ فيه إلا الياءُ لانكسارِ ما قبلَها.
وقال بعضُ أصحابِنا:7 لا أَقولَ إلا غِزْوٌ فأَمَّا مذهبُ الأخفشِ فإِنَّهُ أَبدلَ الواوَ الأُولى الساكنةَ لكسرهِ ما قبلَها ثُمَ أَدغَمها في الأُخرى فقلبَها ياءً أَو يكونُ أَبدلَها لأَنَّها طَرفٌ قبلَها كسرةٌ وحجةُ مَنْ لم يبدلْ أَنْ يقولَ: المدغمُ كالصحيح ولا يكونُ8 قَلبُ9 الأُولى ياءً لأَنَّها غيرُ منفصلةٍ مِمّا بعدَها وإِنَما وقعتاَ معًا مشددةً وإِذَا كانتْ مشددةً فهيَ كالحرفِ الصحيحِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 395.
2
في "ب" قول بدلا من "مذهب".
3
انظر: الكتاب 2/ 396.
4
انظر: التصريف 2/ 244، والمقتضب 1/ 187. وابن السراج يذهب إلى صحة مذهب الأخفش، وكذلك ابن جني.
5
قال أبو بكر: ساقط في "ب".
6
في "ب" الواو.
7
أي: البصريون. قال سيبويه 2/ 396: وتقول في "فعل" من غزوت: غزا لزمتها البدل، إذ كانت تبدل وقبلها الضمة فهي هَهُنَا بمنزلة محنية.
8
في "ب" يجوز.
9
قلب: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -377- القسمُ الثالث: المسائلُ المبنيةُ مِنَ الهمزةِ:
تقولُ فيما فاؤُهُ همزةٌ إِذا ألحقتها همزةً قبلَها نحو: أَخَذَ وأَكَلَ وأَبقَ1 لَو قلتَ: هَذا أَفعلُ مِنْ ذَا قَلتَ: هَذا آكلُ مِن ذَا تبدلُ الهمزةَ التي هيَ فَاءٌ ألفًا ساكنةً كأَلفِ "خَالدٍ" فإِذَا أَردتَ تكسيرَهُ أَو تصغيرَهُ جعلتَها واوًا فتقولُ في تصغيرِ آدمٍ: أُويدِمٍ وفي تصغيرِ آخرَ: أُوَيخرٍ.
وزعَم الخليلُ2: أَنَّهم حينَ جَعلوا الهمزةَ ألفًا جعلوها كالألفِ الزائدةِ التي في "خالدٍ وحَاتِمٍ" فحينَ احتاجوا إلى تحريكِها فعلَوا بها ما فَعلوا بأَلفِ "خَالدٍ وحَاتِمٍ" حينَ قالوا: خَوَالدُ وحَوَاتمُ قالَ الشاعِرُ:

أَخالد قَدْ هَويتُكَ بعدَ هِنْدٍ فَشيبني الخَوَالدُ والهنودُ3

فكذلكَ فعلَوا بألفِ "آدمٍ" حينَ قالوا: أَوادمُ.
قَال المازني: سألتُ أَبا الحسن4 الأخفش عن: هَذا أَفعلُ مِنْ هَذا،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أبق: وتأبق: استخفى، والإباق: هروب العبد من سيده.
2
انظر تصريف المازني 2/ 313.
3
من شواهد سيبويه 2/ 98، على تكسير خالدة على خوالد، وهند على هنود، وخالد مرخم خالدة.
والبيت لجرير من قصيدة طويلة يهجو فيها اليتم. وانظر: التصريف 2/ 314. والمقتضب 2/ 323. والمخصص لابن سيده 17/ 82 وشرح السيرافي 4/ 178. واللسان "هود" وكتاب إيضاح شواهد الإيضاح/ 83.
4
أبا الحسن: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -378- مِنْ "أَمِّمْتُ" أَي: قصدتُ فقالَ: أَقولُ: هَذا أَوَّمُ مِنْ هَذا فجعلَها واوًا حينَ تحركتْ بالفتحةِ كما فعلَوا ذلكَ في أُويدمٍ.
قالَ: فقلتُ لَهُ: فكيفَ تصنعُ بقولِهم: أيَّمَةٌ أَلاَ تَراها: أَفْعِلَةٌ والفاءُ منها همزةٌ فقالَ: لمَّا حركوها بالكسرةِ جعلوها ياء وقالَ: لو بنيتَ مثلَ "أُبْلُمٍ1" مِنْ "أَممتُ" لقلتَ: أُوَّمٌ أَجعلُها واوًا فسألتهُ: كيفَ تصغرُ أَيِّمةً فقالَ: أُوَيِّمَةٌ لأَنَّها قَدْ تحركتْ بالفتحةِ2.
قالَ المازني: وليسَ القولُ عندي علَى ما قَالَ: لأَنَّها حينَ أُبدلتْ في آدمٍ وأَخواتِه ألفًا ثبتتْ في اللفظِ ألفًا كالألفِ التي لا أصلَ لَها في الفاءِ3، ولاَ في الواوِ فحينَ احتاجوا إلى حركتِها فعلوا بهَا ما فعلوا بالألفِ وأَمَّا ما كانً مضاعفًا فإِنَّهُ تُلْقَى حركتُهُ علَى الفاءِ ولا تُبدلُ همزتُهُ ألفًا ولو أُبدلتْ ألفًا لمّا حركوا الأَلفِ لأَنَّ الألف قد يقعُ بعدَها المدغمُ ولا تغيرُ فتغييرهم أيِّمةً يدلُ على أَنَّها لا تجري مَجرى أَيَّمُ ما تُبدلُ منهُ الألفُ4.
قَالَ:5 والقياسُ عندي أَنْ أَقولَ في: هَذا أَفعلُ مِنْ ذَا مِنْ "أَمَمْتُ وأَخواتِها": هَذا أَيَّمُ مِنْ ذَا وأُصَغِر أَيمةً: أُيَيِمةٌ ولا أُبدلُ6 الياءَ واوًا لأَنَّها قد ثبتتْ ياءً بدلًا مِنَ الهمزةِ إلا أَنَّ هذهِ الهمزةَ إِذا لم يلزمها تحريكٌ7 فبنيتَ مثلَ "الأُبلُمِ8" مِنَ الأُدْمَةِ قلتَ: أُوْدُمٌ ومثل "إِصْبَعٍ":

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "ابل" والتصحيح من "ب".
2
انظر: التصريف 2/ 315.
3
في الأصل "ياء" والتصحيح من "ب".
4
انظر: التصريف 2/ 316.
5
أي: أبو عثمان المازني.
6
في المنصف 2/ 318، ولا أبدل الهمزة.
7
أي: أن هذه الهمزة، إذا لم يلزمها تحريك تبعت ما قبلها.



ج / 3 ص -379- إيدَمٌ ومثلُ أَفْكَلٍ1، فاجعلُها ألفًا إذا انفتحَ ما قبلَها وياءً ساكنةً إِذا انكسرَ ما قبلَها وواوًا ساكنةً إِذا انضمَّ ما قبلَها فإِذَا احتَجْتَ إِلى تحريكها في تصغيرٍ أَو تكسيرٍ جَعَلْتَ كُلَّ واحدةٍ منهنَ على لفظها الذي قَدْ بُنيتْ عليهِ فاترك الياءَ ياءً والواوَ واوًا واقلب الألفَ واوًا كما فعلتْ ذلكَ العربُ في تصغيرِ آدمٍ وتكسيرِهِ2.
قالَ أبو بكر: هَذا مذهبُ المازني والقياسُ عندَهُ3، وأَبو الحسن الأخفش يَرى: أَنَّها إِذا تحركتْ بالفتحةِ أَبدلَها واوًا4.
قالَ أبو بكر:5 والذي أَذهبُ إِليهِ قولُ الأخفش فأَمَّا الذي قالَهُ المازني في: "هَذا أَفعلُ مِنْ ذَا" "مِنْ" أَقَمْتُ انَّهُ يقولُ: أَيّمٌ مِنْ ذَا وأَنَّهُ يصغرُ أَيَّمةً: أُيَيِمةٌ ففيهِ نظرٌ وقولُ الأخفش عندي أقيسُ لأَنَّها أُبدلتْ ياءً في "أَيّمةٍ" مِنْ أَجل الكسرةِ فإذَا زالتِ العلةُ بَطلَ6 المعمولُ وقولُه: إني أُصغرُ فأَقولُ: أُييِّمةٌ لأَنَّها قَدْ ثبتت في "أَيمةٍ" غير واجبٍ ولَو وجَبَ هذَا لوجب أَن يقولَ في مِيزانٍ: مَيَازين في الجَمعِ ويصغرُ فيقولُ: مُيَيزِينٌ لأَنَّ الياءَ قد ثبتتْ في الواحدِ وليسَ الأمرُ كَذا أَلا تَرى أَنَّهم يقولونَ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8
الأبلم: جمع أبلمة، وهي خوصة المقل، يقال: المال بيننا شق الأبلمة، ويقال: أبلمة، وإبلمة وأبلمة.
1
أفكل: الرعدة، وجماعة من الناس.
2
انظر: التصريف 2/ 318.
3
انظر: التصريف 2/ 318.
4
انظر: التصريف 2/ 318.
5
قال أبو بكر: ساقط في "ب".
6
في "ب" فبطل.



ج / 3 ص -380- مِيزَانٌ ومَوَازينُ ومُوَيزينٌ1، لأَنَّهم إِنَّما أَبدلوا الواوَ ياءً في الواحدِ مِنْ أَجلِ الكسرةِ فَقالوا: مِيزَانٌ والأَصلُ مُوَازنٌ لأَنَّهُ مِنْ الوزنِ فلمَّا انفتحتِ الميمُ رجعتِ الواوُ فقالوا: مَوَازينُ لأَنَّ ذلكَ السببَ قَد زالَ والهمزتانِ إِذَا اجتَمعا في كلمةٍ فحقُّ الثانية أَنْ تُبدَل فتقولُ في: أَنا أَفعلُ مِنْ "أَمَمْتُ": أَنا أؤمُّ الناسَ وتقولُ فيها مِنْ أطَ2: أَيِطٌّ وكانَ الأصلُ: أُأْمُمٌ وآطِطٌ فأُدغمتْ وأُلقيتِ الحركةُ علَى الهمزةِ وأُبدلت منها الحرفُ الذي فيهِ حركتُها وكذلكَ "أَيَّمةٌ" كانَ أَصلهُ: أَأَمِمَةٌ. فإِنْ قَالَ قائلٌ: فَلِمَ لَمْ تبدلْ مِنَ الهمزةِ ألفًا كما فعلتَ في "آدم" وهيَ ساكنةٌ مثلُها قبلَها فَتحةٌ كمَا أَنَّ قبلَها فتحةٌ فهلا قَلتَ: أَنا أُأُمٌّ إِذا أَردتَ: أَوَمُّ وآمُّهُ في أيِمّةٍ وهذَا موضعٌ يقعُ فيهِ المدغمُ كَما قالوا: آمَّةُ وهم يريدونَ "فَاعِلةً" قِيلَ لَهُ: الفرقُ بينَ: آمَةٍ وأَيمةٍ أَنَّ الأَلفَ في "فَاعِلةٍ" لا يجوزُ أَنْ تتحركَ لأَنَّها زائدةٌ غير منقلبةٍ مِنْ شيءٍ وإِذا قدرتَ في "أَيِمَّةٍ" القلبَ فصارتْ آمِمَةً فأردتَ الإِدغامَ ساغَ لكَ أَن تُلقِي الحركةَ على ما قبلَ [الميمِ]4 لأَنَّ الأَلفِ بدَلٌ مِنْ همزةٍ والهمزةُ يجوزُ أَنْ تتحركْ وأَنْ تثبتَ إِذَا لم يكنْ قبلَها همزةٌ وليستْ أَلفُ "فاعِلةٍ" كذلكَ ولاَ أَعلمُ للمازني في ذلكَ حجةً إلا أن يقولَ: إِنَّهُ أبدلتِ الهمزةُ لغير الكسرةِ ويحتجّ بأَنَّها قد تبدلُ ياءً في بعضَ المواضعِ لغير كسرٍ يقولُ في مثلِ "اطْمَأْنَتَتُ" مِنْ قَرَأْتُ: اقْرَأْيَأَتُ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال ابن جني في المنصف 2/ 322 وأصل الاحتجاج على أبي عثمان بميزان ومويزين لأبي بكر. وإنما زدت أنا بعده هذه الزيادات لأن الكلام اقتضاها، وأكثر منها، فاقتصرت عليها.
2
أطط: صوت.
3
في الأصل: فهل لا.
4
أضفت "الميم" لإيضاح المعنى.
5
في "ب" كسرة.



ج / 3 ص -381- فيبدلُ مِنَ الهمزةِ الوسطى ياءً لئلا تجتمعَ همزتانِ ويدعُ باقي الهمزِ علَى حالهِ فإِذَا قلتَ: هُوَ1 يَفعلُ قلتَ: هُوَ يَقْرَئْيِ يا فتى2، مثلُ3: يَقْرَعِيْنَ4 فَلم يغيرْهُ ولَمْ يُلقِ حركة الياءِ علَى الهمزةِ لأَنَّ هذَا ليس موضعَ تغييرٍ وقَد فَارقَ حُكم "اطمأنَ" لأَنَّ الحروفَ قد اختلفتْ ووجبَ ذلكَ فيها والهمزة5 أختُ الحروفِ المعتلاتِ فإِذَا كانتْ لامًا مكررةً أُبدلتِ الثانيةُ ياءً وجَرى عليهَا ما يجري علَى ياء "رَميْتُ" ولَو بنيتَ مثلَ "دحْرَجتُ" مِنْ "قَرأتُ" قلتَ: قَرْأَيْتُ ومثلُه مِنْ كلامِ العرَبِ جِاءٍ6، وتقولُ في مِثَالِ "قِمَطْرٍ"7 مِنْ "قَرأتُ": قِرَأْيٌ ومثلُ "مَعَدٍّ":8 قَرَأْيُ فتغيرُ9 الهمزةَ.
قالَ المازني: سأَلتُ أبا الحسن الأخفش وهوَ الذي بدأَ بهذهِ المَقالةِ فقلتُ: ما بالُ الهمزةِ الأُولى إِذَا كان أصلُها السكونَ لا تكونُ كهمزةِ: سأآلٍ وَرَأآسٍ؟10 فقالَ: مِنْ قبلِ أَن العينَ لا تجيءُ أبدًا إلا وبعدَها مثلُها واللامُ قد يجيءُ بعدَها لامٌ لَيْستْ مِنْ لفظِها أَلا تَرَى أَنَّ قِمَطرًا و"هِدَمْلَةً" و"سِبْطْرْاً"11 قَد جاءتِ اللامانِ مختلفتين وكذلكَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هو: ساقط في "ب".
2
يا فتى: ساقط في "ب".
3
في "ب" وزن.
4
في "ب" يقرعيع.
5
يري ابن السراج أن حروف العلة أربعة، أحدها الهمزة. وانظر: المنصف 2/ 251.
6
انظر: التصريف 2/ 251.
7
قمطر: وهو الشديد. ومنه قوله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} الإنسان 10.
8
معد: موضع رجل الراكب.
9
أضفت "فاء" لأن المعنى يقتضيها.
10
رأاس: هو الذي يبيع الرءوس.
11
سبطر: طويل، ممتد، وهو معنى السبط. وقريب من لفظه، الماضي الشهم والأسد يمت عند الوثبة.



ج / 3 ص -382- جميعُ الأربعةِ والخمسةِ والعينانِ لا تنونانِ كذلك فلذلكَ فرقتُ بينهما1.
قال المازني: والقولُ عندي كَما قَال:
قالَ الأخفش: وقَد ذكروا في "جائي وشائي" أنَّهما يهمزانِ جميعًا فيرفعونه ويجرونه وينصبونَ ويهمزونَ همزتينِ.
قالَ: وقَد سمعناَ مِنَ العرب مِنَ يجمعُ بينَ همزتين فيقولُ: غَفر الله لَهُ خَطَائئه2 وخَطَائيٌ.
قالَ: وهوَ قليلٌ لا يكادُ يعرفُ قال: وإِنَّما أبدلوا في "جَاءٍ وشَاءٍ"3 ولم يفتحوا كما فتحوا في "خَطَائي" لأَنَّ خَطَائي قَد وجدوا لَها نظيرًا من الجمعِ يقولونَ في مَدارٍ: مَدَارَى4 وفي إبلٍ مَعَاي مَعَايا ولم يجدوا في "فَاعلٍ" بناءً قد ذهبَ بهِ إليهِ غيرُ فاعل فيذهبوا بهِ إليه.
وقالَ بعضُهم: إِنَّ همزةَ جِائي هيَ اللامُ وقلبَ العينَ وجعلَها5 بعدَ اللام كمَا قالوا: لاثٍ6 وشَاكٍ7 يريدونَ: شَائِكًَا ولائِثًَا وأَمَّا الذينَ قالوا: شَاكُ السلاحِ فإنَّهم حذفوا الهمزة ولم يقلبُوها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: التصريف 2/ 252-253.
2
انظر: التصريف 2/ 70 و2/ 57 بوزن خطاععه.
3
أصل: جاء وشاء: جائي، وشائي بوزن: جاعع وشاعع.
4
مدارا: ساقط في "ب".
5
في "ب" فجعلها.
6
لاث: هو الذي قد لاث الشيء، أي: أداره ولاث الشيء: أحاط.
7
شاك: هو ذو شوكة. وأصله: شائك. وهو السلاح.











53



















الأصول في النحو

ج / 3 ص -383- باَبُ اجتماعِ الحروفِ المعتلةِ في كلمةٍ:
هَذا البابُ ينقسمُ أَربعةَ أَقسامٍ:
اجتماعُ ياءٍ وواوء وَيَاءٍ معَ همزةٍ وواوٍ مَع همزةٍ واجتماعُ الثلاثةِ.
الأولُ: اجتماعُ الياءِ والواوِ في كلمةٍ. تقولُ في مثلِ "كَوَأللٍ" مِنْ رَمَيْتُ: رَوَمْيًَا ومِنْ حِيِيتُ: حَوَيًَّا ومِنْ شَوَيْتُ: شَوَيًَّا وحدَها شَوَوْيًا ولكنَّكَ قلبتَ الواوَ إِذ كانت ساكنةً. وتقولُ في مثالِ "عَثْوَلٍ"1 مِنْ شَوَيْتُ: شِيَيٌّ والأَصلُ "شِيْوَيٌّ" ولكن قَلَبتَ الواوَ ياءً وأَدغمتَ. وتقولُ في مُثلِ "اغْدَوْدَنَ" مِنْ رَمَيْتُ: ارْمَومَا فكررتَ العينَ ثُمَّ قلبتَ الياءَ ألفًا لأَنَّها لامُ الفعلِ قبلَها فتحةٌ.
وقالَ المازني: تقولُ في مِثَالِ "قَوْصَرَّةٍ"2 مِنْ "بِعتُ: بَيَّعَّةٌ" وكانَ أَصلُها "بَوْيَعَّةً" فالواوُ ساكنةُ وبعدَها ياءٌ متحركةٌ فلذلكَ قلبتَ كما قلتَ: لويتُ يدُه ليَّةً3، ولو جمعتَها كما تجمعُ "قَوَاصرَ" لقلتَ "بَوَائعَ" فهمزتَ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
عثول: الشيخ الثقيل.
2
قوصرة -مخفف ومثقل- وعاء من قصب يرفع فيها التمر من البوادي.
3
انظر: التصريف 2/ 255.



ج / 3 ص -384- كما تهمزُ "أَوَائلَ" لاجتماع الواوِ والياءِ. ليسَ بينَهما إلا الألفُ كما همزتَ "فَوَاعلَ" مِنْ "سِرْتُ"1 وتقولُ في مِثَالِ "عَنْكَبوتٍ" مِنْ رَمَيْتُ: رَمْيَوُتٌ فتكررُ اللامَ فتنقلبُ الثانيةُ ألفًا لانفتاح ما قبلَها ولأَنَّ أَصلَها الحركةُ. وتقولُ مِنْ "بِعْتُ": بَيْعَعُوتٌ فإِذَا جمعتَ قلتَ: بَيَاععُ وإِنْ عوضتَ قلتَ: بَيَاعيعُ ولَمْ تدغمْ قبلَ العوضِ لأَنَّهُ ملحقٌ ببناتِ الأربعةِ فذهبَ الإِدغامُ لذلكَ. وتقولُ في مثالِ "حَمَصِيْصَةٍ"2 مِن غزوتُ: غَزَوِيَّةٌ وكانَ الأَصلُ "غَزَوِيْوَةً" فأَدغمتَ الياءَ في الواوِ3 فصارتْ ياءً مشددةَ وقُلبت الواوُ الأُولى ألفًا لأَنَّها لامٌ متحركةٌ قبلَها فتحةٌ ثُمَّ أَبدلتَها واوًا كما فعلتَ في النَّسَبِ إِلى "رَحَى" حينَ قلتَ: رَحَويٌّ وتقولُ في "فُعْلُول" مِنْ "رَمَيْتُ" رُمِييٌّ4، لا تغيرُ لأَنَّ الحرفَ الذي قبلَ الياءِ الأُولى ساكنٌ فصارَ بمنزلةِ النَّسبِ إلى "ظَبْيٍ". وتقولُ في "فُعْلُولٍ" مِنْ "شَوَيْتُ" و"طَوَيْتُ" شُوَوِيٌّ وَطُوَوِيٌّ وكانَ الأَصلُ: شُوَيْوُيٌ وطَوَيوُيٌ فقلبتِ الواوُ الأُولى ياءً لأَنَّ بعدَها ياءً متحركةً وقلبتِ الواوُ الأُخرى ياءً للياءِ التي بعدَها أَيضًا فاجتمعتْ6 أَربعُ ياءاتٍ وصارتْ بمنزلةِ "أُمَيِّيٍّ" فكأَنَّها "طُيَيْيٌّ" "وَشُيَيْيٌّ" ففعلتَ بها ما فعلتَ بأُمَيَّةَ حينَ نَسبتَ إِليها فقلتَ: أُمَوِيٌّ وتقولُ في "فَيْعُولٍ" من غَزَوْتُ: غَيْزُوٌّ فتصيرُ بمنزلةِ "مَغْزُوٍّ" وتقولُ فيها مِنْ قَوَيْتُ: قَيُّوٌّ فتقلبُ العينَ التي هيَ واوٌ ياءً لأَنَّ قبلَها ياءً ساكنةً وتدغمُ الياءَ الأُولى فيها وتدعُ واوي الطرفِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: التصريف 2/ 256.
2
حمصيصة: بقلة حامضة تجعل في الأقط.
3
الياء في الواو: ساقط في "ب".
4
أصل هذا "رميوي" فقلبت الواو ياء لوقوع الياء بعدها، وأبدلت من ضمة الياء قبلها كسرة لتصح الياء المنقلبة، وصحت الياء ولم تقلب كما قلبت في رحوي لسكون الميم قبلها فصارت "رمييا".
5
في الأصل "اجتمعت" والتصحيح من "ب".
6
انظر: التصريف 2/ 278.



ج / 3 ص -385- علَى حالِهما لأَنَّ هَذا ليسَ موضعَ تغيرٍ وتقولُ في "فَيْعَلٍ"1 مِنْ "حَوَيتُ" و"قَوِيْتُ": حَيًَّا وقَيًَّا فتقلبُ العينَ ياءً لأَنَّ قبلَها ياء ساكنة وتقلبُ اللامَ ألفًا لأَنَّ أَصلها التحريكُ وقبلَها فتحةٌ وتقولُ في "فَيْعَلٍ" مِنْ "حَوَيْتُ" و"قَوِيْتُ": حَيٌّ وقَيٌّ وكانَ الأَصلُ "حَيْوِوٌ وَقَيْوِوٌ" لأَنَّهُ مِن الحُوَّةِ2 والقُوَّةِ فقلبت الواو الأُولى ياءً مِنْ أَجلِ الياءِ التي قبلَها وسكونِها وأَدغمتَها فيها ثُمَّ قلبت الواوُ التي هيَ لام ياءٍ لانكسار ما قبلَها لأَنَّها لامٌ فصارَ "حَيِيٌّ" فاجتمعتْ ثلاثُ ياءاتٍ فحذفتْ كما تحذفُ مِنْ تصغيرِ "أَحْوَى" حينَ قلتَ: أُحَيٌّ3، كما تَرى.
قالَ أبو عثمان: تقولُ في "فَيْعَلانٍ" مِنْ قَوِيْتُ وحَوَيْتُ وشَوَيْتُ: قَيَّانٌ وحَيَّانٌ وشَيَّانٌ تحذفُ الياءَ التي هيَ آخرُ الياءاتِ ولَمْ تعدْ هذهِ الألفُ أَنْ تكونَ كهاءِ التأنيثِ وأَلفِ النصبِ فهكَذا أجرِ هَذا.
قالَ: وأَمَّا قولُهم: حَيَوانٌ فجاءَ علَى ما [لا]4 يستعملُ ليسَ في الكلامِ فِعْلٌ يستعملُ موضعَ عينهِ يَاءٌ ولامهُ واوٌ فلذلكَ لم يشتقوا منهُ فِعْلًا وعلَى ذلكَ جاءَ "حَيْوةٌ"5 فافهمهُ6.
وكانَ الخليلُ يقولُ: "حَيَوانٌ" قلبوا فيهِ الياءَ واوًا لئلا تجتمعَ ياءانِ استثقالًا للحرفينِ مِنْ جنسٍ واحدٍ يلتِقيانِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 393. والتصريف 2/ 279.
2
الحوة: الدهمة، والكمتة. وكثر هذا حتى سموا كل أسود: أحوى.
3
انظر: المنصف 2/ 281، ومنهم من لا يحذف في تحقير أحوى، فيقول: أحي وهو أبو عمرو، فقياس قوله: أن تقول هنا "حي".
4
أضفت "لا" لإيضاح المعنى.
5
حيوة: اسم رجل.
6
انظر: المنصف 2/ 284-285.



ج / 3 ص -386- قالَ أَبو عثمان: ولا أَرى هَذا شيئًا ولكنَّ هَذا كقولِهم: فاظَ الميتُ1 يَفيظُ فَيظًا وفَوْظًا ولا يشتقونَ مِنْ فَوِظَ "فَعلاً2" وكذلكَ: وَيلٌ وَوَيسٌ ووَيحٌ3 هذهِ مصادر وليسَ لهن فِعلٌ كراهةَ أَنْ يكثرَ في كلامِهم ما يستثقلونَ ولإستغنائِهم بالشيءِ عَنِ الشيءِ حتَى يكونَ المُستغنى عَنهُ مسقطاً4 وتقولُ في مثلِ "قَمَحْدُوَةٍ" مِنْ رَمَيْتُ: رَمَيْوَّةٌ وتقولُ في مثالِ "تَرْقُوَةٍ"5 مِنْ رَمَيْتُ: [رَمْيُوةٌ]6 وعَلَى التذكيرِ: رَمِيْيةٌ لأَنَّكَ تقلبُ الطرفَ ياءً كما فعلتَ "بأدَلٍ وَعَرقٍ7" لأَنَّكَ جئتَ بالهاءِ بعدَ ما لزم الواو القلبُ والدليلُ على أَنَّ الذي يُبنى علَى التأنيثِ لا تقلبُ فيهِ الواوُ قراءةُ الناسِ "خُطُواتٍ8" لأَنَّهُ إِنّما عَرضَ التثقيلُ في الجمعِ. وتقولُ في مثلِ "أُحْدُوثةٍ" مِنْ قَضَيْتُ: أُقْضِيَّةٌ وفي مثلِ "فَعْلَولٍ" مِنْ "طَوَيْتُ وشَوَيْتُ": طَوَوِيٌّ وَشَوَوِيٌّ كمَا قالوا في حَيَّةٍ: حَيَوِيٌّ. وتقولُ في "فَيْعُولٍ" مِنْ غَزوتُ: غَيْزُوٌّ مثلُ "مَفْعولٍ"9 مِنْ "غزوتُ". وتقولُ في "فَيْعُولٍ" مِنْ قَويتُ: قَيُّوٌّ تقلِبُ الواوَ التي في موضعِ العينِ ياءً لأَنَّ قبلَها ياءً ساكنةً وتقولُ في "فَيْعُولٍ" من "حَيِيتُ وعَيِيتُ": حَيَوِيٌّ وعَيَوِيٌّ لأَنَّهُ اجتمعَ أربعُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
فاظ: يقال: فاظ الميت، ذا خرجت نفسه، ولا يقال: فاظت ولا فاضت.
2
انظر: التصريف 2/ 285، والكتاب 2/ 394.
3
ويل: قبوح، وويح: ترحم، وويس: تصغير، وقيل: كلها بمعنى واحد.
4
انظر: التصريف 2/ 286.
5
ترقوة: أحد العظمين المشرفين على ثغرة النحر من عن يمين وشمال.
6
أضفت كلمة "رميوة" لإيضاح المعنى.
7
عرق جمع عرقوة، وهي الخشبة المعترضة على رأس الدلو.
8
يشير إلى قوله تعالى: {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} من الآية: 168، والآية: 208 من سورة البقرة ومن غيرها. والمراد بالتثقيل: ضم طاء خطوات.
9
أي: بمنزلة مغزو، لأن قبل لامه واو "فيعول" فهي نظيرة واو مفعول.



ج / 3 ص -387- ياءاتِ. وتقولُ في "فَيْعَلٍ" مِنْ "قَويتُ وطَويتُ": طَيًَّا وقَيًَّا هَذا قولُ الأخفش.
قالَ: وإن شِئْتَ بنيتَها علَى "فَيْعِلٍ" فهوَ وجهُ الكلامِ لأَنَّ "فَيْعِلاً" فيما عينهُ واوٌ أَكثرُ فإِنْ بنيْتُه علَى "فَيْعِلٍ" قلتَ: طَيٌّ وقَيٌّ لأَنك1 أَنقصتَ ياءً لأَنَّهُ لا تجتمعُ ثلاثُ ياءاتٍ.
قالَ: وتقولُ في "فَيْعِلانٍ" مِنْ "شَوَيْتُ وطَوَيْتُ": طَيَّانٌ وشَيَّانٌ تحذفُ إِحدى الياءاتِ لأَنَّهنَ اجتمعنَ وكذلكَ إِنْ أَردتَ "فَيْعَلانَ" قلتَ: طَيَّانٌ وشَيَّانٌ لأَنَّهُ قد اجتمعَ ثلاثُ ياءاتٍ لا يجتمعُ مثلهُن.
قالَ: وهَذا في قولِ مَنْ قالَ في شَاوي: شُوَيٌّ وفي مَعاويةَ: مُعَيَّة ومَنْ قاَلَ في شَاوٍ: شُوَييٌ وفي أَحوى: أُحَيٌّ قالَ فيهِ: شَيَّيَانٌ وطَيَّيَانٌ وتقولُ في "فَعْلَيةٍ" مِنْ غَزَوْتُ: غِزْوِيَةٌ ومِنْ قَوِيْتُ: قَويَّةٌ ومِنَ شَوَيْتُ: شِيْيَّةٌ وتقولُ في "فَوْعَلَةٍ" مِنْ رَوَيْتُ: رَويَّةٌ وتقولُ في "فَوْعَلَةٍ" مِنْ حَيِيتُ في لغةِ مَنْ قالَ: "أُمَييٌّ": حُيَيَّةٌ ومَنْ قَالَ: أُمَويٌّ [قال]2: حَيَوِيةٌ.
الثاني: اجتماعُ الياءِ والهَمزةِ:
تقولُ في مِثالِ "اغْدَوْدَنَ" مِنْ رأَيتُ: ارْأَوأَيتُ وَأَرْأَوَأَ زَيدٌ تكررُ الهمزةَ لأَنَّها عينُ الفعلِ كما كررتَ الدالَ في "اغْدَوْدَنَ" فإِنْ خفَّفتَ الهمزةَ الثانيةَ قلتَ: أرْأَويتُ وارْأَوَى زيدٌ حذفتَ الهمزةَ وأَلقيتَ حركتَها على الواوِ فإنْ خفَّفتَ الأُولى قلتَ: رَوْأَا وارْوآيتُ [مثلُ رَوْعيتُ]3.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "لا".
2
أضفت كلمة "قال" لإيضاح المعنى.
3
ما بين القوسين ساقط في "ب".



ج / 3 ص -388- حذفتَ الهمزةَ وأَلقيتَ حركتَها علَى الراءِ فلمْا تحركتِ الفاءُ سقطتْ أَلفُ الوصلِ فإِنْ خفَّفتَ الهمزتينِ جميعًا صارَ: "رَوَيتُ" حذفتَ الهمزةَ الأُولى وأَلقيتَ حركتَها1 علَى الواوِ وسقطتْ أَلفُ الوصلِ ثُمَّ حذَفتَ الثانيةَ وأَلقيتَ حركتَها على الواوِ وتقولُ في مثالِ "عِرَضْنَةٍ"2 مِنْ رأَيتُ: رَأَينةٌ وتقولُ في مثلِ "صَمَحمحٍ" مِنْ رأَيتُ: رَأَيْاأٌ وتقولُ في مثلِ "جَعْفرٍ" مِنْ جئتُ: جَيَّأٌ3 فإِنَّ خفَّفتَ قلتَ: جَيًا.
الثالثُ: اجتماعُ الواوِ والهمزةِ:
تقولُ في مثالِ "قَوصَرّةٍ"4 مِنْ آبَ يَؤوبُ: أَوَّبةً أَدغَمتَ5 واوَ فَوْعَلَّةٍ الزائدةَ في العينِ فإِنْ جمعتَهُ قلتَ: أَوَائبٌ فأَبدَلتَ مِنَ الواوِ همزةً لاجتماع الواوينِ مَعَ الألفِ كما فعلتَ في "أَوائلَ" وحذفتَ إِحدى الياءينِ كما حذفتَ إِحدى الراءينِ مِنْ قَوَاصرَ ومَسَائلَ: هَذا البابُ والبابُ الذي قبلهُ يدلُّ عليها ما يأتي في البابِ الذي تجتمعُ فيها الهمزةُ والواوُ والياءُ ويُغني عنهما لأَنَّهُ يعمُّهما ويزيدُ علَيهما
الرابعُ: اجتماعُ الثلاثةِ:
تقولُ في مثالِ "اطمأنَّ" مِن وأَيتُ: ايايا وكانَ الأَصلُ: أَوْايا لأَنَّ "اطْمَأَنَّ" أَصلُه "اطمأنَنَ" فاللامُ الأُولى ساكنةٌ والثانيةُ مفتوحةٌ والآخرةُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
وألقيت حركتها، ساقط من "ب".
2
عرضنة: مشية بها نشاط.
3
جيا: ساقط من "ب".
4
قوصرة: وعاء من القصب يحفظ فيه التمر.
5
في "ب" فأدغمت.



ج / 3 ص -389- حرفُ الإِعرابِ ولكنَّهُ [لما]1 أَدغمَ النونَ في النونِ أَلقى الحركةَ علَى الهمزةِ فلذلكَ قلتَ [في هذهِ "أَيُّ"]2 أُيايا فأَبدَلتَ الواوَ التي هيَ أَلفٌ يَاءً لانكسار ما قبلَها فصارتْ3 الياءُ الأُولى نظيرةَ [الطاءِ والهمزةُ نظيرةَ الميمِ والياءُ الأولى نظيرةَ الهمزة]4 مِنْ "اطمَأنَّ" إلا أَنَّ هذهِ الياءَ ساكنةٌ على أَصلِها لم تُلقَ علَيها حركةُ ما بَعْدَها لأَنَّ ما بعدَها مثلُها ولامُ الإِعرابِ قَد انقلبتْ ألفًا.
وتقولُ في مثالِ "إِصْبَعٍ" مِنْ وَأَيتُ: إِيأَيٌ. [كانَ الأصلُ "أِوْأَيٌ" فقلبتِ الواوُ ياءً لسكونِها وإنكسارِ ما قبلَها وقُلِبتِ الياءُ التي هيَ اللامُ ألفًا]5، وتقولُها من أَويتُ: أيًَّا وكانَ الأصلُ: إِوْأَيٌ فقلبتِ الياءُ6 التي هيَ اللامُ ألفًا لانفتاح ما قبلَها ولكنَّكَ7 لو قلتَ في مثلِ "إِصْبَعٍ" من وَدَدْتُ لكانَ: إِوَدٌّ وكانَ الأًصلُ: إِوْدَدٌ فلزمكَ أَن تُبدلَ الواوَ ياءً لكسرهِ ما قبلَها ووَجبَ أَنْ تدغمَ الدالَ في الدالِ فلمَّا أَدغَمتَ احتجتَ إِلى أَن تُلقِيَ حركةَ الدالِ علَى ما قبلَها فلمّا تحركتْ رددتَها إِلى الأَصلِ وهوَ الواوُ فقلتَ: إِوَدٌّ والَذي كانَ أَوجبَ قَلبَ الواوِ ياءً أَنَّها ساكنةٌ وقبلَها كسرةٌ فلمَّا تحركتْ زالتِ العلةُ.
قَالَ المازني: ومِثْلُ ذلكَ: إِوَزَّةٌ8

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
ما بين القوسين ساقط من "ب".
3
في "ب" وصارت.
4
ما بين القوسين ساقط من "ب".
5
ما بين القوسين ساقط من "ب".
6
في "ب" الهمزة بدلا من الياء.
7
ولكنك: ساقط من "ب".
8
إوزة: ضرب من البط.



ج / 3 ص -390- وتقولُ في مِثْلِ "أُبْلَمٍ" مِنْ وَأَيتُ: أَوْءٍ وكانَ ينبغي أَنْ يكون: أَوْأُيٌ ولكنْ لا يجوزُ أَنْ تكونَ الواوُ لامًا وقبلَها ضمةٌ ومتَى وقعتْ كذاكَ قُلِبْتْ ياءً كما قالوا: أَدْلٍ وعَرْقٍ وأَصلهُ: أَدْلُوٌ وعَرْقُوٌ وتقولُ فيها من أَويتُ: أَوٍّ وكانَ الأَصلُ: أَوْوُيٌّ1 فأُبدِلَتِ الهمزةُ الثانيةُ واوًا لأَّنَّها ساكنةٌ وقبلَها همزةٌ مضمومةٌ ثُمَ تدغمُها في الواوِ التي بعدَها وهيَ عينُ "أَويتُ" وتبدلُ مِنَ الضمةِ كسرةً لتَثبُتَ الياءُ [وهوَ موضعٌ لا تكونُ فيهِ واوٌ قبلَها ضمةٌ إلا قُلبَتْ كَما قد بُيِّنَ في مواضعَ2].
وتقولُ في مثالِ "أَجردٍ" مِنْ وَأَيْتُ: إِياءٍ وكانَ الأصلُ: إِوْإيٌ فقلبتِ الواوُ ياءً لانكسار ما قبلَها وتقولُ فيها مِنْ أَويتُ: إيٌّ وكانَ الأصلُ إئويٌ فأَدغمتُ الواوَ في الياءِ فصارتْ "إِيَّيٌ" فاجتمعَ ثَلاثُ ياءاتٍ كمَا اجتمعَ في تصغيرِ "أَحْوَى" فحُذِفَتْ منها الياءُ التي [هيَ]3 طَرفٌ فإِن خفَّفتَ مثالَ "أَجردٍ" مِنْ وأَيْتُ قلتَ: إِوٍ4، فُتُرَدُّ الواوَ إِلى الأصلِ وتُلقي عليهَا حركةَ الهمزةِ وتَحذِفُ الهمزةَ كما تفعلُ ذلكَ إِذا خفَّفت الهمزةَ وقبلَها ساكنٌ مِمَّا تُلقى عليهِ الحركةُ.
وتقول في مثلِ "أِوَزَّةٍ" مِنْ وَأَيْتُ: إيأأةٌ ومثلها مِنْ أَوَيْتُ: إيَّاةٌ لأَنَّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أصلها من أويت أووي، فأبدلت من الهمزة واوا وأدغمتها في الواو فصارت: أوي، ثم أبدلت من الضمة قبل الياء كسرة لتصح الياء، فقلت: أوي، ثم أجريت على الياء ما أجريت على ياء قاض، فصار أوٍّ.
2
ما بين القوسين ساقط من "ب".
3
زيادة من "ب".
4
في الأصل "إوي" والتصحيح من "ب".



ج / 3 ص -391- "إِوَزَّةً": إِفَعْلَةٌ والدليلُ علَى ذلكَ قولُهم: وَزّةٌ1: ولو بنيتَ مِثالَ "هِرَمْلَةٍ". مِنْ وأَيتُ قلتَ: وَأيَّةٌ ومِنْ أَويتُ: إوَيَّةٌ.
وتقولُ في مثالِ "قَوْصَرَّةٍ" مِنْ أويتُ: أَوَيَّةٌ لأَنَّ العينَ واوٌ فلو جمعتَها كما تجمعُ "قَواصرَ" لقلتَ: أَوَايا وكانَ الأَصلُ: أَوَاوٍ فصارتْ كأَوَائلٍ ثُمَّ غُيِرَّتْ لأَنَّها2 عرضتْ في جَمعٍ ولأنها معتلةٌ [وقَد مضَى تفسيرُ هذا]3، ولو عوضتَ قلتَ "أَوَاويٌّ" فَلَم تهمز4 ولم تُغيرْ كمَا لم تهمز طَوَاويسَ ومَا أَشبهَها ولو بنيتَها مِنْ وأَيتُ لقلتَ: أَوْأَيَّةٌ لأنَّهُ اجتمعَ في أولِه واوانِ وكانَ الأصلُ "وَوْأَيَّةٌ" فهمزتَ الأُولى فإنْ جمعتهُ قلتَ: أوَاوٍ لأَنَّ الهمزةَ لم تعرضْ في جمعٍ5 ولوَ عوضتَ قلتَ أَوَائي.
وتقولُ في مِثَالِ "عنكَبوتٍ" من أَوَيْتُ: أَيَّوْتٌ وكانَ الأصلُ أَوْيَيُوتٌ فأَبدلتَ الواوَ الأُولى للياءِ التي بعدَها وحذفتَ الياءَ التي أبدلتَها ألفًا لإلتقاءِ الساكنينِ يعني: الياءَ6 الأَخيرةَ لأَنَّها متحركةٌ قبلَها فتحةٌ فقُلِبتْ ألفًا والواوُ التي بعدَها ساكنةٌ فسقطتْ لإلتقاء الساكنينِ وتقولُ فيها مِنْ وَأَيتُ: وَأَيُوْتٌ والعلةُ في الحذفِ واحدةٌ. [ولو جَمعتَهُ من وأَيتُ لقلتَ: وَأَايٌ ولا تهمزُ لأَنَّهُ ملحقٌ ولم يَعرضْ لَهُ ما يهمزُ مِنْ أَجلِهِ]7. ولو جمعَتُه من أَويتُ لقلتَ: أَوَايا وكانَ الأَصلُ "أَواوِيٌ" فوجبَ الهمزُ من حيثُ وجبَ في "أَوَائلَ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "وز" والتصحيح من "ب".
2
في الأصل "لامها".
3
ما بين القوسين ساقط من "ب".
4
في "ب" تهمزه.
5
في "ب" وإن.
6
الياء: ساقطة في "ب".
7
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -392- فصارتْ "أَوايٌّ" فعرضتِ الهمزةُ في جَمعٍ فقلتَ: أَوَاياَ ولو عوضتَ لقلتَ أَوَاييُّ كَما قلتَ: طَوَاويسُ وَعَواويرُ فلم تَهمزْ.
وتقولُ في مثالِ "اغْدَوْدَنَ" مِنْ وَأَيتُ: أيْأَوْأَي كمَا تقولُ فيها من وَعَيْتُ: [ايُعوعي]1 فتكررُ الهمزةَ لأَنَّها عينُ الفعلِ كما كررتَ الدالَ في "اغدودنَ" فإِنْ خفَّفتَ الهمزةَ الثانيةَ قلتَ: إيأَوَيٌ [أَلقيتَ حركتَها على الواوِ فحركتَ الواوَ وحذفتَ الهمزة]2 وإِنْ خفَّفت الأُولى وتركتَ الثانيةَ قلتَ: أَوأَيٌ وكانَ الأَصلُ "وَوْأَيٌ" لأَنَّكَ أَلقيتَ حركةَ الهمزةِ التي هيَ عينُ الفعلِ الأُولى علَى الفاءِ وكانتْ واوًا في الأَصلِ فانقلبتْ ياءً لكسرةِ أَلفِ الوصلِ فحَذفتَ أَلفَ الوصلِ لتحريكِ ما بعدَها فرجعت واوًا وبعدَها الواوُ الزائدةٌ فهمزتَ موضعَ الفَاءِ لئِلا تجتمعَ واوانِ في أَولِ كلمةٍ فإِنْ خففتَهما جميعًا قلتَ: أَوَيٌ والعلةُ واحدةٌ وتقولُ فيها مِنْ أَويتُ: إِيْوَوّي3، لأَنَّ "أَويتُ" عينَها واوٌ [فتكررُ الواوَ]4، وتكونُ الواوُ الزائدةُ بينَ الواوينِ اللتينِ هُما عينانِ فتُدغِمُ الزائدةَ في الواوِ التي بعدَها فتصيرُ فيها ثَلاثُ واواتٍ كَما كانَ ذَلكَ في "اقْوَوَّلَ" وَمنْ رأَى التغيرَ في "اقْوَّولِ" رآهُ هَهُنَا. وتقولُ في مِثَالِ "صَمَحْمَح" مِنْ وأَيتُ: وَأَيْأَ ومِنْ أَويتُ: أُويَّا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت كلمة "أيعوعي" لإيضاح المعنى.
2
ما بين القوسين ساقط في "ب".
3
في الأصل "إيودا".
4
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -393- بَابُ ما ذكَرهُ الأخفشُ مِنَ المسائلِ علَى مِثالِ مَرمَريسَ:
قالَ أَبو بكر1: وإنَّما أَفردتُ هذَا البابَ لأَنَّهُ مخالف لِمَا مضَى مِنَ المسائلِ لا شكلَ لهُ وجميعُ ما مضَى مِمَّا فيهِ تكريرٌ فإنَّما هوَ تكريرُ عين نحو: "افْعَوعَلَ" أَو تكريرُ لامٍ نحو: "فَعْلَلَ" أو تكريرُ عينٍ ولامٍ نحو: "فَعَلْعَلَ". ومَرْمَرِيسُ2 وَزنُها "فَعْفَعِيْلٌ" فقد كرَّرتَ الفاءَ والعينَ وإنما استدلوا على ذلكَ بأنَّها مشتقةٌ مِنَ المَراسةِ.
قالَ: إذا بنيتَ مثالَ مَرْمَرِيْسٍ مِنْ واوٍ قلتَ: أَوَّيِيٌّ واوانِ وثلاثُ ياءاتٍ وكانَ الأَصلُ أَنْ يكونَ الأَولُ ثلاثَ واواتٍ فهمزتَ الأُولى لأَنَّهُ إِذَا اجتمعَ في أولِ الكلمةِ واوانِ هُمزَتِ الأُولى.
وقالَ: تقولُ في مثالَ "مَرْمَرِيسٍ" مِنَ "الويلِ والوَيحِ". وَيْيَّيْلٌ وَوَيْيَّيْحٌ أَربعُ ياءاتٍ بينَ الواوِ واللامِ وبينَ الواوِ والحاءِ فَمَنْ كانَ مِنْ قولِه جمعٌ بينَ ثلاثِ يَاءاتِ في هذهِ الصفةِ جمعَ بينَ3 هذهِ الأربع ياءاتٍ لأَنَّ الياءَ الرابعةَ لا يحتسبُ بها لأنَّها مثلُ ياء "مُهَيْيمٍّ" وإذَا كانتْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أبو بكر: ساقط في "ب".
2
مرمريس: الداهية، وهو من المراسلة لأنها تمارس الرجال ففي معنى الاشتقاق.
3
بين: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -394- مدةً هكذا لم يحتسبْ بها1، أَلا تَرى أَنَّكَ لو قلتَ في قَوَّامٍ "قُوييمٌ" لَمْ يكنْ تثقيلٌ كما تثقلُ في "أُحيٍّ" ومَنْ حذف حذف واحدةً لئلا يجتمعَ ثلاثُ ياءاتٍ يكنَّ مثلَ ياءاتِ "شُوَييٍّ" تصغيرُ "الشَّاوي" فإذَا قلتَ: مَرْمريسٌ مِنْ يَومٍ قلتَ: يَيَوّيمٌ وكانَ الأَصلُ: يَوْيَوِيمٌ [فقلبتُ الواوُ للياءِ التي بعدَها واجتمعتْ ثلاثُ ياءاتٍ لأنَّهنَ مثلُ النَّسبِ إلى "طَيءٍ" إذا قلتَ: طَيِيٌّ]2، ولَو أَردتَ مِثلَ3 "مَرْمَريسٍ" مِنْ أَتيتُ قلتَ: أَتْأَتيٌّ فإنْ خفَّفتَ الهمزةَ قلتَ: أَتَتِيٌّ ومِنْ أُبتُ: أَوْاوِيبٌ فإنْ خفَّفتَ قلتَ: أَوَويِبٌ وتقولُ مثالُ مَرْمَرِيسٍ "منْ" إنْ أَوْأَويِيٌ ومِنْ أَاْأَةٍ" أَوْأَوِيٌ.
وحُكيَ عَنِ الخليلِ أَنّهُ كانَ يصغر "أَأْأةً". أُوئَةٌ4 قالَ: وتأسيسُ بنائِها مِنْ تألفِ واوٍ بينَ همزتينِ فلو قلتَ: أَلا أوٍ كما تقولُ مِنَ النومِ مَنَاْمَةٌ علَى تقديرِ "مَفْعَلَةٍ" لقلتَ: أَرضُ مَأآةٌ ولو اشتق منهُ "مَفْعُولٌ" لقلتَ: مَوُوءٌ مثلُ "مَعُوعٍ". وتقولُ في مِثَالِ: "مَرْمَريسٍ" مِنْ أَولٍ: أَوَييلٌ فتقلبُ الواوَ الآخرةَ ياءً أقربهنَّ إلى العلةِ وتهمزُ الأُولى لاجتماع واوينِ في أَولِ كلمةٍ وكانَ أَصلُها "وَوَّوِيلٌ" أَربعُ واواتٍ الثانيةُ منهنَّ5 مدغمةٌ في الثالثةِ وَمَن أَجازَ جمعَ ثلاثِ واواتٍ [فقالَ في "افْعَوعَلٍ"، مِنْ قلتُ]6: اقْوَوَّلَ قالَ في هذَا: أَوَّويِلٌ
قالَ الأخفشُ: وهذَا عندي ضَعيف7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "لها" والتصحيح من "ب".
2
ما بين القوسين ساقط في "ب".
3
في "ب" مثال.
4
أوثة: وأصلها بعد قلب الهمزة الثانية واو لاجتماع الهمزتين، وانضمام الأولى منها.
5
منهن: ساقط في "ب".
6
ما بين القوسين ساقط في "ب".
7
الواو زيادة من "ب".



ج / 3 ص -395- وقالَ: وتقول في مثلِ "قَصْعَةٍ" مِنَ الواوِ وَيَّةٌ لأَنَّهُ لا تجتمعُ ثلاثُ واواتٍ وكانَ أَصلُها "وَوَّةٌ" وإنْ شئتَ قلتَ: أَوَّةٌ فجعلتَ الأُولى همزةً وكُلٌّ مذهبٌ.
قالَ: إلا أَنَّ الأُولى أقواهما لأنَّ موضعَ العينِ إنْ كانَ ياءً فَلاَ بُدَّ مِنْ "وَيَّةٍ" إلا أَنَّ1 النحويين لا يجعلونَ الأَلفَ التي في "واوٍ" إلا واوًا.
قالَ: وما أَعلمهُ إلا أَبعدَ2 الوجهينِ وهُم يصغرونَ "واوًا" أَويَّةً.
قالَ: وإِنَّما جازَ أَنْ أَبنيَ مِنْ واوٍ اسمًا لأنَّ الواوَ اسمٌ ولا يجوزُ أن أبني مِنها3 فِعْلًا وذكرَ بعدَ هذَا كيفَ يُبنى [مِنَ التامِّ]4 مثلُ المنقوصِ المحذوفِ5.
قالَ أَبو بكر: وهذَا لا يجوزُ عندي ولا دُربةَ فيهِ6 لأَنَّ الحذفَ ليسَ بعملٍ ولكني أَذكرُ ما قالَ: قالَ: ويُبنى من رَأَيتُ مثلُ "شَاةٍ" رَاةٌ قالَ: ومثلُها مِنَ القولِ: قَاةٌ ومِنَ البيعَ: بَاةٌ وضعَّفهُ مع ذلكَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "لأن" والتصحيح من "ب".
2
في "ب" يعد.
3
ما بين القوسين ساقط من "ب".
4
زيادة من "ب".
5
المحذوف: ساقط من "ب".
6
في "ب" عنه.



ج / 3 ص -396- بَابٌ: مِنْ مسائلِ الجَمعِ:
تقولُ في "فَيْعُول" مِنْ بِعتُ: بَيُّوعٌ فإذا جمعتهُ1 قلتَ: بَيَاييعُ فلا تهمزُ لأَنَّها لمَّا بعدتْ مِنَ الطرفِ قويتْ فَلَم تهمزْ وإذَا جمعت "فَوْعَلاً" مِنْ "قُلْتُ" هَمزَتَ فقلتَ: قَوَائِلٌ وتهمزُ فَوَاعلَ مِنْ "عَوْرتُ وَصَيْدتُ" وكذلكَ إذا جمعت "سَيْدًَا وَعيَّلاً" وذلكَ قولَكَ: سَيَائدُ وعَيَائلُ وميائتُ جِمعُ "مَيِّتٍ" علَى التكسيرِ شبهوهُ "بأوائِلَ".
قالَ المازني: وسألتُ الأَصمعي عن عَيّلٍ: كيفَ تكسرهُ العربُ فَقَالَ: عَيَائلُ يهمزونَ كما يهمزونَ في الواوينِ2، يَعني في أَوَّلٍ3.
وأَمَّا "ضَيْوَنٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" جمعت.
2
أصل هذا التغيير إنما هو لما اجتمعت فيه واوان نحو: أوائل، وأصلها أواول فلما اجتمعت الواوان وليس بينهما إلا الألف وهو حرف كالنفس ليس بحاجز حصين ووليت الآخرة من الواوين آخر الكلمة همزوها كما يهمزون الأولى من الواوين إذا وقعتا في أول الكلمة نحو: جمع واصل أواصل ثم شبهوا الياءين والياء والواو بالواوين. لأن فيها ما فيهما من الاستثقال فهمزوا لذلك. أما الأخفش فكان لا يرى الهمز إلا أن يكتنف الألف واوان نحو: أوائل، وأصلها أواول. وانظر: المنصف 2/ 44-45.
3
انظر: التصريف 2/ 43-44.



ج / 3 ص -397- وضَيَاون"1 فلم يهمزوا لأنَّها صحتْ في الواحدِ فجاءتْ على الأَصلِ وقولُ الشَّاعرِ:

وكَحَلِ العَيْنَينِ بَالعَوَاوِرِ2

إِنَّما تركَ الهمزَ لأنَّهُ أَرادَ: العَوَايرَ ولكنَّهُ احتاجَ فحذفَ الياءَ وتركَ الواوَ على حالِها.
قالَ الأخفشُ: فإذَا جمعت "فَعَلٌّ" نحو: هَبَيٍّ وَرَمَيٍّ وأَنْتَ تريدُ مثلَ: مَعَدٍّ قلتَ: هَبَايٌّ وَرَمايٌّ تجريهِ مجرى ما ليسَ من بناتِ الياءِ نحو: طِمِرٍ3 ومَعَدٍّ تقولُ: طِمارٌّ ومَعَاد تدعهُ على إدغامِه ولا تظهرُ التضعيفَ وقَد كانَ الأصلُ التضعيفُ لأنَّهُ ملحقٌ ولكنَّ العربَ لما وجدتِ الواحدَ مدغمًا أَجرتِ الجمعَ على ذلكَ.
قالَ: وليسَ هُوَ بالقياسِ وكذلكَ "فَعَلُّ" نحو: غَزَوٍّ تقولُ: غَزَاوٌ إذا جمعتَها. قالَ: وإذا جمعت "فَعْلَلُ" من غَزَوْتُ وَرَمْيتُ وهو غَزْوًَا وَرَمْيًَا قلت: غَزَاوٍ وَرَمَايٍ ولم تَهمزْ لأَنَّها مِنَ الأصلِ4.
قالَ: فإن أردت فعاليلَ قلتَ: رَمَائِيُّ5، فهمزتَ لمَّا اجتمعَ ثلاثُ ياءاتٍ قبلَهُنَّ أَلفٌ والألفُ شبهُ الياءاتِ فشبّهوا ذلكَ بالنَسبِ إلى "رايةٍ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ضيون: هو السنور، ويقال له القط، والهر، والخيطل.
2
في نسخة "ب" مكحل بدلا من وكحل.
3
طمر: الثوب الخلق. وخلص به ابن الأعرابي الكساء البالي من غير الصوف والجمع إطمار.
4
انظر: الكتاب 2/ 397.
5
الأصل في "رمائي"، رمايي، ولكنه همز كما همزوا في راية وآية حين قالوا: رائي، وآئي، فأُجرِي مجرى هذا حين كثرت الياءات بعد الألف. وانظر: الكتاب 2/ 397.
6
في "ب" تشبه.



ج / 3 ص -398- تقولُ: رَائِيٌّ وقالَ بعضُهم1: رَاويٌّ فأبدلَها واوًا فلهذَا يقولُ في "فَعَاليلَ" مِنْ رمَيتُ: رَمَاوِيُّ ومَنْ قَالَ: أُمَييٌّ قالَ: رَمَاييٌّ فلم يُغيرْ وتركهنَ ياءاتٍ وكذلكَ "فَعَاليلُ" مِنْ "حَيِيتُ" ومَفَاعيلُ تحذفُ2 أَو تبدلُ واوًا لأَنَّهم قَدْ كرهوا جمعَ ياءينِ في نحو"أَثافٍ"3 حتى خففوهَا وخفَفَ بعضُهم: أَغاني وأَضاحِي ومِعْطَاء وَمَعَاطِي.
قالَ: ولو قالَ قائلٌ: أَحذفُ هذَا في الجمعِ إذا رأَيتُهم قَد4 حذفوَا إِحدى الياءين في "مَعَاطٍ" و"أَثافٍ" ذهَب مذهباُ وما غُيِّرَ مِنَ الجَمعِ كثيرٌ نحو: مَعَايا وَمَكُّوكٍ وَمَكَاكيُ5.
قالَ: "وفَعَاليلُ" مِنْ غزوتُ: غَزَاوِي لا تغيِّرهُ لأنَّهُ لم يجتمعْ فيهنَ6 ثلاثُ ياءاتٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في سيبويه 2/ 397. من قال: راوي فجعلها واوا قال: رماوي.
2
أي: تحذف إحدى الياءين لأنهما لا تليان الألف فكرهوا اجتماعهما.
3
في الأصل: أثافي.
4
قد: ساقطة في "ب".
5
مكاكي: مفرد المكاء، وهو طائر، يألف الريف، وهو فعال، من مكا إذا صفر.
6
في "ب" فيه.











54



















الأصول في النحو

ج / 3 ص -399- بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ الإِدغامِ1:
قالَ أَبو بكر: أَصلُ حروفِ العربيةِ تسعةٌ وعشرونَ حرفاً2 الهمزةُ الألفُ، الهاءُ، العينُ، الحاءُ، الغينُ، الخاءُ، القافُ، الكافُ، الضادُ، الجيمُ، الشينُ، الياءُ، اللامُ، الراءُ، النونُ، الطاءُ، الدالُ، التاءُ، الصادُ، الزايُ، السينُ، الظاءُ، الذالُ، الثاءُ، الفاءُ، الباءُ، الميمُ، الواوُ. وتكونُ خمسةً وثلاثينَ. حرفاً3 مستحسنةً النونُ الخفيفةُ، وهمزةٌ بينَ بينَ، والأَلفُ الممالةُ، والشينُ كالجيمِ، والصادُ كالزاي، وأَلفُ التفخيمِ، ويكونُ اثنين وأربعينَ حرفًا بحروفٍ غير مستحسنةٍ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"*"
هذا ساقط من نسخة "ب".
1
في الأصل "يتلوه" قبل باب الإدغام والتصحيح من "ب".
2
في المقتضب 1/ 192. اعلم: أن الحروف العربية خمسة وثلاثون حرفا، منها ثمانية وعشرون لها صور. والحروف السبعة جارية على الألسن مستدل عليها في الخط بالعلامات. فأما في المشافهة فموجودة، أما سيبويه فأصل حروف العربية عنده تسعة وعشرون حرفا. انظر: الكتاب 2/ 404.
والجدير بالذكر أن سيبويه قدم الكاف على القاف، وترتيب ابن السراج أقرب إلى الصواب.
3
في الأصل" مروعا" والتصحيح من "ب".



ج / 3 ص -400- مخارجُ الحروفِ ستةَ عَشَرَ1:
فللحقِ ثلاثةٌ فأَقصاها مخرجًا: الهمزةُ والهاءُ والألفُ. والأوسطُ: العينُ والحاءُ. والأَدنى مِنَ الفم: الغينُ والخاءُ. الرابع: أَقصى اللسانِ وما فوقَهُ مِنَ الحَنَكِ: القافُ. الخامس: أسفل مِنْ موضعِ القافِ مِنَ اللسانِ قليلًا ومما يليهِ من الحَنَكِ: الكافُ. السادس: وسطُ اللسانِ بينَهُ وبينَ وسطِ الحَنَكِ: الجيمُ والشينُ والياءُ. السابع: مِنْ بين أَولِ حافةِ اللسان وما يليها مِنَ الأضراسِ: الضادُ. الثامن: مِنْ [بينِ أَولِ]2 حافةِ اللسانِ مِنْ أَدناها3 إلى منتهى طرفِ اللسانِ ما بينهما وبينَ ما يليها من الحنكِ الأعلى مما فُويق الضاحكِ4 والنابِ والرباعيةِ5 والثنيةِ6: مخرجُ اللامِ. التاسعُ: النونُ وهيَ من طرفِ اللسانِ بينهُ وبينَ ما فُويقِ الثنايا. العاشر: وَمِنْ مخرج النونِ غير أنَّهُ أَدخلَ في ظهر اللسانِ قليلًا لانحرافه إلى اللامِ: مخرجُ الراءِ. الحادي عشَرَ: ومما7 بينَ طرفِ اللسانِ وأصول الثنايا: مخرجُ الطاءِ والدالِ والتاءِ. الثاني عَشَر: مِمَّا بينَ اللسانِ وفُويق الثنايا السُّفلى8: مخرج الزاي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في عدد المخارج خلاف: فمذهب الخليل وبعض علماء القراءات أنها سبعة عشر مخرجا، يزيدون مخرجا للحروف الجوفية. وعلى مذهب سيبويه وجمهور النحاة والقراء ستة عشر. وعلى مذهب الجرمي. والفراء أربعة عشر. وانظر: النشر لابن الجزري.
2
زيادة من "ب".
3
من أدناها: ساقط في "ب".
4
الضاحك: والضاحكة: في أول الأضراس خلف الناب مباشرة.
5
الرباعية: أحد أسنان مقدم الفم من القواطع بين الناب والثنية.
6
الثنية: أحد سني مقدم الفم مما يلي الرباعية.
7
في الأصل: ومن ما.
8
حدد ابن السراج الثنايا بأنها السفلى وهو مراد سيبويه، إذ قال 2/ 405. ومما بين طرف اللسان وفويق الثنايا مخرج الزاي والسين والصاد.





ج / 3 ص -401- والسينِ والصادِ. الثالث عشَرَ: مِمَّا بينَ طرفِ اللسانِ وأَطرافِ الثنايا: مخرجُ الظاءِ والثاءِ والذالِ. الرابع عشَرَ: ومِنْ باطنِ الشَّفةِ السفلى وأَطرافِ الثنايا العليا: مخرجُ الفاءِ. الخامس عَشَر: ومما بينَ الشفتينِ: الباءُ والميمُ والواوُ. السادس عشَر: ومِنَ الخَياشيم مخرجُ النونِ الخفيفةِ.

أَصنافُ هذهِ الحروفِ أَحدَ عَشَر صنفًا:
المجهورةُ والمهموسةُ والشديدةُ والرخوةُ والمنحرفُ والشديدُ الذي يخرجُ معهُ الصوتُ والمكررةُ واللينةُ والهاوي والمطبقةُ والمنفتحةُ.
الأول: المجهورةُ1:
وهيَ تسعةَ عَشَرَ حرفًا: الهمزةُ والألفُ والعينُ والغينُ والقافُ والجيمُ والياءُ والضادُ واللامُ والزايُ والراءُ والطاءُ والدالُ والنونُ والظاءُ والذالُ والباءُ والميمُ والواوُ.
فالمجهورةُ كُلُّ حرفٍ أُشبِعَ الاعتمادُ في موضعهِ ومُنِعَ النفسُ أَنْ يجريَ معهُ حتّى ينقضي الاعتمادُ يجري الصوتُ إلا أَنَّ النونَ والميمَ قد يعتمدُ لهما في الفمِ والخَياشيمِ فتصيرُ فيهما غُنَّةٌ والدليلُ على ذلكَ أَنَّكَ لو أمسكتَ بأَنفِكَ ثُمَّ تكلمتَ بهما رَأَيْتَ ذلكَ قد أَخلَّ بهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
المجهور: حرف أشبع الاعتماد في موضعه ومنع النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد عليه. وانظر: الكتاب 2/ 45



ج / 3 ص -402- الثاني: المهموسةُ1:
وهيَ عشَرةُ أحرفٍ: الهاءُ والحاءُ2، والخاءُ والكافُ والسينُ والشينُ والتاءُ والصادُ والثاءُ والفاءُ، وهوَ حرفٌ أُضعِفَ الاعتمادُ في موضعهِ حتَى جَرى معهُ النفسُ [وأَنتَ تعرفُ ذلكَ إِذا اعتبرتَ فرردتَ الحرفَ مع جَري النفسِ]3 وَلَو أَردتَ ذلكَ في المجهورةِ لم تقدرْ عليهِ.
الثالثُ: الشديدُ مِنَ الحروفِ:
هُوَ الذي يمنعُ الصوتَ أَنْ يجريَ فيهِ وهيَ ثمانيةُ أَحرفٍ: الهمزةُ والقافُ والكافُ والجيمُ والطاءُ والتاءُ والباءُ والدالُ فلو أَردتَ مَدَّ صوتِكَ بالحرفِ الشديدِ لَمْ يَجْرِ لكَ وذلكَ أَنَّكَ لو قلتَ: أُلحَجَ لَمْ يَجْرِ لكَ مَد الصوتِ بالجيمِ.
الرابعُ: الحروفُ الرَّخوةُ:
الهاءُ والحاءُ والغينُ والخاءُ والشينُ والصادُ والضادُ والزايُ والسينُ والظاءُ والثاءُ والذالُ والفاءُ وذلكَ أَنَّكَ إذا قلتَ: الطَّسْ وانْقَض وأَشباهُ ذلكَ أَجريتَ فيهِ الصوتَ إِنْ شئتَ أَما "العينُ" فبينَ الرَّخْوةِ والشديدةِ تصلُ إِلى الترديدِ فيها لشبهِها بالحاءِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
بدأ المبرد في المقتضب 1/ 195 بالحروف المهموسة خلافا لسيبويه وابن السراج اللذين ذكرا أولا الحروف المجهورة. انظر: الكتاب 2/ 405. والحروف المهموسة أضعف الاعتماد في موضعه حتى جرى النفس معه.
2
الحاء: ساقطة في "ب"
3
ما بين القوسين ساقط في "ب".



ج / 3 ص -403- الخامسُ: الحرفُ المنحرفُ:
وَهوَ حرفٌ شديدٌ جرى فيهِ الصوتُ لانحرافِ اللسانِ مع الصوتِ ولَمْ يعترضْ على الصوتِ كاعتراض الشديدةِ وهوَ اللامُ وإنْ شئتَ مددتَ فيهِ الصوتَ وليسَ كالرَّخوةِ لأنَّ طرفَ اللسانِ لا يتجافى عَنْ موضعهِ وليسَ يخرجُ الصوتُ مِن موضعِ اللامِ ولكنْ مِنَ ناحيتي مُستدقِّ اللِّسانِ فُويقَ ذلكَ.
السادسُ: الشديدُ الذي يخرجُ معهُ الصوتُ:
لأنَّ ذلكَ الصوتَ غنَّةٌ مِنَ الأَنفِ1 فإنَّما تخرجهُ مِنْ أَنفِكَ واللسانُ لازمٌ لموضعِ الحرفِ لأنَّكَ لو أمسكتَ بأَنفِكَ لم يجرِ معهُ صوتٌ وهوَ النونُ والميمُ.
السابعُ: المكررُ:
وهوَ حرفٌ شديدٌ جرى فيهِ الصوتُ لتكريرهِ وانحرافهِ إِلى اللامِ فَتَجافى للصوتِ كالرِّخوةِ ولَوْ لَمْ يكررْ لَمْ يجرِ الصوتُ فيهِ وهو الراءُ.
الثامنُ: اللينةُ:
الواوُ والياءُ لأَنَّ مخرجَهما يتسعُ لهواءِ الصوتِ أَشدُّ مِنَ اتساعِ غيرهِما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" من الألف، وهو خطأ.



ج / 3 ص -404- التاسعُ: الهاوي:
حرفٌ اتسعَ لهواءِ الصوتِ مخرجُهُ أشدُّ مِن اتساعِ مخرجِ الياءِ والواوِ لأَنّكَ قَدْ تضمُّ شفَتيكَ في الواوِ وترفعُ لِسَانَكَ في الياءِ قِبَلَ الحَنَكِ وهيَ الألفُ وهذِه الثلاثةُ أَخفى الحروفِ لاتساعِ مخرجِها وأَخفاهُنَّ وأَوسعهنَّ مخرجًا الألفُ ثُمَّ الياءُ ثُمَّ الواوُ1.
العاشرُ: المطبقةُ:
هيَ أَربعةٌ: الصادُ والضادُ والطاءُ والظاءُ.
الحادي عَشَر: المُنفتحةُ:
وهَوَ كُلُّ ما سِوى المطبقةِ مِنَ الحروفِ لأَنَّكَ لا تُطبقُ لشيءْ منهنَّ لسانَكَ ترفعهُ إلى الحَنَكِ وهذهِ2 الأَربعةُ الأحرفُ إذَا وضعتَ لِسَانَكَ في مواضعهن انطبق لسانُكَ من مواضعهِنَّ إلى ما حَاذى الحَنَكَ الأَعلى مِنَ اللسانِ ترفعهُ إلى الحَنَكِ فإذَا وضعتَ لِسَانَكَ فالصوتُ محصورٌ فيما بينَ اللسانِ والحَنَكِ إلى موضعِ الحروفِ. وأَمَّا الدالُ والزايُ ونحوهما فإنَّما ينحصرُ الصوتُ إذا وضعتَ لِسَانَكَ في مواضعهِن ولولا الإِطباقُ لصارتِ الطاءُ دالًا والصادُ سينًا والظاءُ ذالًا ولخرجتِ الضادُ مِنَ الكلامِ لأَنهُ ليس شيءٌ من موضعِها وغيرُها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ما بين القوسين ساقط من "ب".
2
في "ب" وهي.



ج / 3 ص -405- ذِكرُ الإِدغامِ:
وَهَو وصلُكَ حرفًا ساكنًا بحرفٍ مثلهِ مِنْ موضعهِ مِنْ غيرِ حركةٍ تفصلُ بينَهما ولا وقف فيصيرانِ بتداخلِهما كحرفٍ واحدٍ ترفعُ اللسانَ عَنهما رفعةً واحدةً ويشتدُّ الحرفُ أَلاَ ترى أَنَّ كُلَّ حرفٍ شديدٍ يقومُ في العَروضِ والوزنِ مُقامَ حرفينِ الأَولُ مِنْهُما ساكنٌ.
والإِدغامُ في الكلامِ يجيءُ علَى نوعينِ: أَحدهما: إدغامُ حرفٍ في حرفٍ يتكررُ والآخرُ: إدغامُ حرفٍ في حرفٍ يقاربُه.

النوع الأولُ: إدغامُ الحرفينِ اللذينِ تضعُ لسانَكَ لهَما موضعًا واحداً
لا يزولُ عنهُ وذلكَ يجيءُ على ضربينِ: أَحدهما: أَنْ يجتمعَ الحرفانِ في كلمةٍ واحدةٍ والآخرُ: أَنْ يكونا من كلمتينِ. فأَمَّا ما كانَ من ذلكَ في الفعلِ الثلاثي الذي لا زيادةَ فيهِ فجميعهُ مدغمٌ متَى التقى حرفانِ مِنْ موضعٍ واحدٍ متحركينِ حذفتِ الحركةُ وأُدغمَ أحدُهما في الآخرِ وذلكَ نحو: فَرَّ وسُرَّ والأَصلُ: فَررَ وَسُرِرَ. فَفَرٌّ. نظيرُ "قَامَ" أُعلَّتِ العينُ في ذَا كما أُعلَّتْ في ذا1، وَسُرَّ: نظيرُ "قِيلَ" في أَصلِها أَلاَ ترى أَنَّ بعضَهم يقولُ2: قُوْلَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الألف: ساقطة في "ب".
2
ذكر سيبويه 2/ 360 هذه اللغات في الفعل الأجوف المبني للمجهول، اعتبر أن قيل وبيع هي الأصل، ولم يعز هذه الل غات لأصحابها. قال وبعض العرب يقولك خيف وبيع، فيشم إرادة أن يبين أنها فُعِلَ، وبعض من يضم يقول: بوع وقول وخوف. يتبع الياء ما قبلها. قال أبو حيان في البحر المحيط 1/ 60-61: قيل: لغة قريش ومجاوريهم من كنانة. وقول: لغة هذيل وبني دبير من أسد، وقيل بالإشمام -الحركة بين الكسرة والضمة- لغة كثير من قيس وعقيل ومن جاورهم وعامة بني أسد.



ج / 3 ص -406- وبُوعَ كمَا أنَّ منهم مَنْ يقولُ: رِدَّ مثلُ "قِيلَ" وأَمَّا مُدُّ وفِرَّ في الأمرِ فَقَد ذكرناهُ في حَدِّ الوقف والابتداء وكذلكَ ما جاءَ من الأسماءِ علَى وزنِ الأَفعال المدغمةِ أُعِلَّ وأُدغِمَ لأَنَّ الإِدغامَ اعلالٌ إلا "فَعَلٌ" مثلُ "طَلَلٍ وشَرَرٍ" فإنْ كانَ المضاعفُ علَى مِثَالِ "فَعُلٍ" و"فَعِلٍ" لَمْ يقعْ إلا مدغمًا وذلكَ رَجلُ ضَفُّ1 الحَالِ هُو"فَعِلٌ" والدليلُ علَى ذلكَ قولُهم الضفَفُ في المصدرِ فهذا نظيرُهُ من غيرِ المُضَاعفِ. الحَذَرُ، وَرَجلُ حَذِرٌ وقَد جاءَ حرفٌ منهُ علَى أَصلهِ كما قَالوا "الخَوَنةُ والحَوَكَةُ" علَى أُصولِهما قالوا: قَوْمٌ ضَفَفُو الحاَلِ فَشَذَّ هَذا كما شَذَّ غيرهُ. "وفَعُلٌ" لَمْ يسمعْ منهُ شيءٌ جاءَ على أَصلِه وإنْ كانَ المضاعفُ "فُعْلاً" أ و"فِعَلاً" أو فُعُلًا مِمّا لا يكونُ مثالُه فِعْلًا فهوَ على الأَصلِ نحو: "خُزَوٌ ومَرِرٌ"3، وحُضُضٍ وضُضً فَأَمَّا قولهُم: قَصَصٌ وقَصٌّ وَهُم يعنونَ المصدَرَ4 فإنّما هُما اسمانِ: أَحدهما مُحَرَّكُ العينِ والآخرُ ساكنُ العينِ. فجاءا علَى أُصولِهما ومثلُه مِنْ غيرِ المضاعفِ: مَعَزٌ ومَعْزٌ وشَمَعٌ وشَمْعٌ وشَعَرٌ وشَعْرٌ وهَذا كثيرٌ ولَيْسَ أَنَّ "قَصّاً" مسكّنٌ مِنْ "قَصَصٍ" ولكن كُل واحدْ منهما أَصلٌ وأَما قَولُ الشاعرِ:

"
هَاجَكَ مِنْ أَرْوَى كمنَهاضِ الفَلَكْ5......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ضففُ الحال: الضفف: شدة المعيشة وكثرة العيال. ورجل ضف الحال: رقيقه.
2
الخونة والحوكة لم يُعلُّوهما مع موجب الإعلال، وهو تحرك الواو وانفتاح ما قبلها لخفة الفتح، أما قولهم: قوم ضففوا الحال فشاذ.
3
خزر: ذكر الأرانب، ويجمع على خزار، ومرر: جمع مَرة أو مِرة.
4
في الأصل: الصدر.
5
مر تفسير هذا الرجز ص/ 449



ج / 3 ص -407- فإنّما احتاجَ إلى تحريكهِ فبناهُ على "فَعَلٍ" كَما قالَ1:

"
ولَمْ يُضِعْها بينَ فِرْكٍ وعَشَق..."

وإنَّما هُوَ عِشْقُ فاحتاجَ فبناهُ على "فَعَلٍ".
قالَ المازني: وزعمَ الأصمعي قَالَ: سألتُ أَعرابيًا ونحن بالموضعِ الذي ذكرَهُ وزهيرُ حيثُ يقولُ:

ثم استَمرّوا وقَالوا: إنَّ مشرَبكم مَاءٌ بشرقيّ سَلْمَى فَيْدُ أَوْ رَكَكُ2

هل تعرفُ "رَكَكاً" فقالَ: قَدْ كانَ هَهُنَا ماءٌ يُسَمَّى ركًّا. فهذَا مثلُ فَكَكٍ3 فإذا أَلحقتَ هذه الأشياءَ التي ذكرتَ الأَلِفَ والنونَ في آخرها فإنّ الخَليلَ وسيبويهِ والمازنيَّ يدعونَ الصدرَ علَى ما كانَ عليهِ قبلَ أَنْ يلحقَ وذلكَ نحو: ردَدَانِ وإنْ أَردتَ "فَعُلانٌ" أَو "فَعِلانٌ" أَدغمتَ فقلتَ: "رَدَّانٌ" فيهما4 وكانَ أَبو الحسن الأخفش يظهرُ فيقولُ: رَدُدَانٌ وَرَدِدَانٌ ويقولُ: هُوَ ملحقٌ بالألفِ والنونِ فلذلكَ يظهرُ لِيَسْلَمًَ البناء5.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا الرجز لرؤبة بن العجاج من أرجوزة في وصف المفازة. والشاهد سكون الشين والفرك: بالكسر: البغضة عامة، وقيل: الفرك: بغضة الرجل امرأته وبغضة امرأته له، وهو أظهر. وقد فركته تفكره فركا وفركا: أبغضته. والعشق: العشق وهو عجب المحب بالمحبوب، ويكون عفاف الحب ودعارته.
وانظر: المنصف 2/ 307 والتهذيب 1/ 170. واللسان "سرر، وعشق، وفرك" والديوان/ 104. وإصلاح المنطق/ 8/ 98. ومعجم مقاييس اللغة 4/ 321.
2
هذا البيت لزهير بن أبي سلمي والشاهد فيه فك الإدغام في "رك" ورك: محلة من محال سلمى أحد جبلي طيء، وقيل هو ماء.
وانظر: المقتضب 1/ 200. والمنصف 2/ 309. والخصائص2/ 334، والمحتسب 1/ 87. والكامل/ 324 والموشح/ 48، 250. والنوادر لأبي زيد/ 30 وشرح السيرافي 1/ 207. والأغاني 1/ 311، والديوان/ 167.
3
انظر: التصريف 2/ 309 ونوادر أبي زيد/ 30. والمسلسل/ 139.
4
انظر: الكتاب 2/ 402، والتصريف 2/ 309-310.
5
انظر: التصريف 2/ 310، والهمع 2/ 181.



ج / 3 ص -408- قال المازني: والقول عندي على خلاف ذلك لأَن الألفَ والنونَ يجبُ أَنْ يكونا كالشيءِ الواحدِ المنفصلِ أَلاَ تَرى أَنَّ التصغيرَ لا يحتسبُ بهما فيهِ كمَا لا يحتسبُ بياءي الإِضافةِ ولا بألِفَي التأنيثِ ويحقرونَ "زَعْفَراناً" فيقولونَ: زُعَيفَرانٌ وخُنْفُساءُ1. خُنَيفِسَاءُ فَلَو احتسبوا بهما لحذفوهما كمَا يحذفونَ ما جاوزَ الأربعةَ فيقولونَ في "سَفَرْجَلٍ". سُفَيرِجٌ2 فأَمَّا ما جاءَ مِنَ التضعيفِ فيما جاوزَ عدتهُ ثلاثةَ أَحرفٍ فإنّهُ يكونُ علَى ضربينِ. ملحقٍ وغيرِ ملحقٍ3، فالمُلحقُ يظهرُ فيهِ التضعيفُ نحو: مَهْدَدٍ وجَلْبَبَةٍ. فَمَهْدَدٌ ملحقٌ بجَعْفَرٍ وجَلْبَبَةٌ ملحقٌ بدَحْرَجَةٍ.
وإنْ كانَ غيرَ ملحقٍ أُدغمَ وذلكَ نحو: احمّارَ واحمر ولو كانَ لَهُ في الرباعي مِثالٌ لَمَا جازَ تضعيفهُ كَما لم يجزْ إدغامُ "اقْعَنْسَسَ" لمَّا كانَ ملحقًا "باحْرَنْجَمَ4" وقَد مَضَى ذِكرُ ذَا وأَشباهه وأَمَّا "اقْتَتَلوُا" فَليسَ بمحلقٍ والعربُ5 تختلفُ في الإِدغامِ وتركهِ فمنهم مَنْ يجريهِ مَجرى المنفصلينِ فلاَ يدغمُ كَما لا يُدغمُ اسمُ "مُوسَى" وإنَّما فُعِلَ بهِ ذلكَ لأَنَّ التاءَ الأُولى دخلتْ لمعنى فَمَنْ أَبَى الإِدغامَ كرِهَ أَنْ يُزيلَ البناءَ الذي دخلتْ لَهُ التاءُ فيزولُ المعنى وذَهب إلى أَنَّ التاءَ غيرُ لازمةٍ وأَنَّها لَيْست

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
خنفساء: يقال: الخنفساء والخنفسة والخنفس.
2
انظر: التصريف 2/ 311.
3
غير ملحق: ساقط في "ب".
4
احرنجم: اجتمع.
5
اختلف العرب في الفعل الذي على وزن "افتعل" الذي يشتمل على حرفين متماثلين. مثل، اقتتل أو متقاربين مثل: اختطف، فمنهم من يظهر ومنهم من يدغم ولهم في الإدغام وجوه: فمنهم من يقول: قِتّلوا يَقتلون، ومنهم من يقول: قَتّلوا يَقَتلون، أو يَقِتلون. وقد وردت قراءات منسوبة إلى أصحابها شاهدة بهذه الوجوه جميعا. انظر: البحر المحيط. وسيبويه 2/ 410 والمنصف2/ 336.



ج / 3 ص -409- مثلَ راءِ "احْمَرَرْتُ" اللازمةِ لأَنَّهُ يجوزُ أَنْ يقعَ بعدَ تاءِ "افتَعلُوا" كُلُّ حرفٍ مِنْ حروفِ المعجمِ. ومنهم مَنْ أَدغمَ لمَّا كانَ الحرفانِ في كلمةٍ ومضَى علَى القياسِ فقالَ: يَقتِّلُونَ وَقَدْ قِتِّلوا كسروا القافَ لإلتقاءِ الساكنينِ وشبهتْ1 بقولهم: "رُدٌّ"2. وقالَ آخرونَ: قَتَّلوا أَلقوا حركةَ المتحركِ علَى الساكنِ وتصديقُ ذلكَ قراءةُ3 الحَسَنِ4. "إلَّا مَنْ خَطَّفَ الخَطْفَةَ"5 ومَنْ قَالَ: يَقَتِّلُ قَالَ: مُقَتِّلٌ ومَنْ قالَ: يَقتِّلُ قَالَ: مُقَتِّلٌ.
قالَ سيبويه: حدثني الخليلُ وهارون6: أَنَّ ناسًا يقولونَ: {مُرُدِّفِينَ}7، يريدونَ: مُرْتَدِفِينَ أَتْبعوا الضمةَ الضمة ومَنْ قالَ هَذا قالَ: مُقُتِّلِينَ وهَذا أَقلُّ اللغاتِ8. وكُلُّ مَا يجوزُ أَن تدغمَهُ ولا تدغمهُ فلكَ فيهِ الإِخفاءُ إلا أَنْ يكونَ قبلَهُ ساكنٌ وبعدَهُ ساَكنٌ كنح و"أُرْدُدْ"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" ويشبهه.
2
في "ب" رد ساقطة.
3
في الأصل "قول" والتصحيح من "ب".
4
الحسن: هو أبو سعيد بن يسار البصري. كان أبوه من موالي الأنصار. وأمه مولاة لأم سلمة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان من الشخصيات البارزة في القراءات والتفسير، والكلام والفقه. وكتب للربيع بن زياد الحارثي بخراسان. ولد سنة 31هـ. وتوفي سنة 110هـ. وانظر: الأعلام 1/ 243 ومعارف/ 400.
5
الصافات: 10.
6
هارون: أبو عبد الله الأعور البصري الأزدي، صاحب القرآن والعربية. وأخذ عن عاصم وابن كثير وأبي عمرو وغيرهم. وهو أول من تتبع وجوه القرآن وألفها وتتبع الشاذ منها. وبحث عن إسناده توفي في حدود 170هـ.
وانظر: طبقات القراء 2/ 348 وبغية الوعاة/ 406.
7
الأنفال: 9، والآية: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}.
8
انظر: الكتاب 2/ 410 والبحر المحيط.



ج / 3 ص -410- الضربُ الثاني: أَنْ يكونَ الحرفانِ من كلمتينِ منفصلتينِ.
وهوَ ينقسمُ قسمينِ:
أَحدهما: ما يجوزُ إدغامُهُ.
والآخرُ: لا يجوزُ إدغامُهُ.
وأَحسنُ ما يكونُ الإِدغامُ في الحرفينِ المتحركينِ اللذينِ هُمَا سواءٌ إذَا كانا منفصلينِ أَن تتوالى خمسةُ أَحرفٍ متحركةٍ بهما فَصَاعدًا لأَنَهُ ليسَ في أَصلِ بناءِ كلامهم بناءٌ لكلمةٍ علَى خمسةِ أَحرفٍ متحركةٍ. وقَد تتوالى الأربعةُ متحركةً في مثلِ "عُلَبِطٍ"1 وهو محذوفٌ [مِنْ]2 عَلاَبط ولا يكونُ ذلكَ في غيرِ المحذوفِ وليسَ في الشعرِ خَمسةُ أَحرفٍ متحركةً متواليةً وذلكَ نحو: جَعَلَ لَكَ وفَعَلَ لَبِيدُ لَكَ. أَن تُدغَم ولكَ أَنْ تُبينَ والبيانُ عربي3 حجازي4 لأَنَّ المنفصلَ ليسَ بمنزلةِ ما هُوَ في كلمةٍ واحدةٍ لا ينفصلُ نحو: مَدَّ واحْمَرَّ ولكَ الإِدغامُ في كُلِّ حرفينِ منفصلينِ إلا أَنْ يكونَ قبلَ الأولِ حرفٌ ساكنٌ فحينئذٍ لا يجوزُ الإِدغامُ لأَنَّهُ لا يلتقي ساكنانِ إلا أَنْ يكونَ الساكنُ الذي قبلَ الأَوّلِ حرفُ مَدٍّ فإنَّ الإِدغام يجوزُ في ذلكَ [كما]5 كانَ في غيرِ الانفصالِ كما قالوا: رَادَّ وتُمُودَّ الثوبُ6.
فأَمَّا المنفصلَ فنحو قولِكَ: المالُ لَكَ وهم يُظْلِمُونيِّ والبيانُ هَهُنَا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
علبط: قطيع من الغنم.
2
زيادة من "ب".
3
عربي: ساقط من "ب".
4
انظر: الكتاب 2/ 407.
5
زيادة من "ب".
6
تمود الثوب: أي: تمادا، كلاهما.



ج / 3 ص -411- يزدادُ حسنًا لسكونِ ما قبلَهُ فإنْ كانَ قبلَهُ ساكنٌ لَيْسَ بحرفِ مَدٍّ لَم يجزِ الإِدغامُ وذلكَ قولُكَ: ابنُ نُوحٍ واسمُ مُوسى لا تُدغِم ولكنَّكَ إنْ شئتَ أَخفيتَ وتكونُ بزنةِ المتحركِ ولا يجوزُ إذَا كانَ قبلَ الحرفِ الأَولِ حرفٌ ساكنٌ أَنْ يُدغمَ. ويُحركُ ما قبلَهُ لإلتقاءِ الساكنينِ فأَمَّا قولُ بعضِهم: "نِعِمَّا"1 مُحَرَّكَ العينِ فَلَيْسَ علَى لُغةِ مَنْ قالَ "نِعْمَ" فأَسكنَ ولكنْ علَى لُغةِ مَنْ قالَ: "نِعِمَ" فحرّكَ العينَ هَذَا قولُ سيبويه2.
قال: وحدّثَنا أَبو الخطابِ3: أَنَّها لغةُ هُذيَلٍ4 وكسروا كمَا كسروا "لِعِبٌ" وأَمَّا قولهُ: {فَلا تَتَنَاجَوْا}5 فإنْ شَئْتَ أَسكنتَ وأَدغمتَ لأَنَّ قبلَهُ حرفُ مَدٍّ وهوَ الألفُ وأَمَّا "ثَوبُ بَكْرٍ" فالبيانُ هَهُنَا أَحسنُ منهُ في الأَلفِ لأَنَّ الواوَ في "ثَوْبٍ" لا تشبهُ الأَلفَ لأَنَّ حركةَ ما قبلَها لَيْسَ مِنها وكذلكَ "جَيْبُ بَكْرٍ" والإِدغامُ في هَذا جَائزٌ وإنْ لِم يكونا بمنزلةِ الأَلِفِ وإنَّما يكونانِ بمنزلةِ الأَلفِ إذَا كانَ قبلَ الواوِ ضَمَّةٌ قبلَ الياءِ كسَرةٌ فالإِدغامُ في "ثَوْبِ بَكْرٍ" في المنفصلِ مثلُ "أُصَيْمٌ" في المتصل وإنَّما فُعِلَ ذَلكَ بياءِ التصغيرِ لأَنَّها لا تحركُ وأَنَّها نظيرُ الألفِ في "مَفَاعِلَ ومَفَاعيلَ"6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يشير إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} النساء: 58. وانظر: الكتاب 2/ 408.
2
انظر: الكتاب 2/ 408.
3
أبو الخطاب: هو الأخفش الكبير من أساتذة سيبويه.
4
انظر: الكتاب 2/ 408.
5
المجادلة: 9 والآية: {فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ}.
6
لأن التحقير يجري على "مفاعل ومفاعيل". إذا جاوز الثلاثة. وانظر: الكتاب 2/ 409.



ج / 3 ص -412- القسمُ الثاني: الذي لا يجوزُ إدغامُهُ:
وإذا قلتَ: مررتُ بوليِّ يزيدَ وعَدوِّ وليدٍ فإن شِئْتَ أخفيتَ وإنْ شِئتَ بنيتَ ولا يجوزُ الإِدغامُ لأَنكَ حيثُ أَدغمتَ الواوَ في "عَدوٍّ" والياءَ في "وَليٍّ" فرفعتَ لِسَانَكَ رفعةً واحدةً ذهبَ المدُّ وصارتا1 بمنزلةِ ما يدغمُ مِنْ غيرِ المعتل فالواوُ الأُولى في "عَدوٍّ" بمنزلةِ اللامِ في "دَلْوٍ" والياءُ الأُولى في "وَليٍّ" بمنزلةِ الباءِ في "ظَبيٍ" والدليلُ علَى ذلكَ أَنَهُ يجوزُ في القوافي "ليَّا" معَ قولِكَ: ظَبْيًا و"دوّا"2 معَ قولِكَ: غَزْوًا وإذَا كانتِ الواوُ قبلَها ضَمّةٌ والياءُ قبلهَا كسرةٌ فإنَّ واحدةً منهما لا تدغمُ إذَا كانَ مثلُها بعدَها وذلكَ قولُكَ: ظَلَمُوا واقِدًا واظْلِمِي يَاسرًا ويغزوُ واقِدٌ وهَذَا قاضي يَاسرٍ لا تدغمُ وإنّما تركوا المَدَّ علَى حالهِ في الانفصالِ كمَا قالوا: قَد قُوْوِلَ حيثُ لم تَلزمِ الواوُ وأرادوا أَنْ تكونَ علَى زنةِ "قَاوَلَ" فكذلك هذهِ3 إذا لم تكُنْ الواوُ لازمةً4 فأَمَّا الواوُ إذَا كانتْ لازمةً بعدَها واوٌ في كلمةٍ واحدةٍ فهيَ مدغمةٌ وذلكَ نحو: مَعْزِوٍّ وَزَنهُ مَفْعُولٌ فالواوُ لازمةٌ لهذَا البناءِ ولَيْسَتْ بمنزلةِ قُوْوِلَ الذي إذا بنيتَه للفاعلِ صَارَ: قَاولَ وإذَا قلتَ وأَنتَ تأمرُ: اخْشَي يَّاسِرًا واخْشَوا وَاقِدًا أدغمتَ لأَنَّهما لَيسا بحرفَي مَدٍّ كالألفِ لأَنَّهُ انفتحَ ما قبلَ الهاءِ والواوِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل: "صارت".
2
في الأصل "عدوا".
3
في "ب" إذ.
4
أي: لازمة لها، أرادوا أن تكون ظلموا على زنة ظلما واقدا، وقضي ياسرا.
وانظر: الكتاب 2/ 409.



ج / 3 ص -413- والهمزتانِ لَيْسَ فيهما إدغامٌ1 في مثلِ قولِكَ: قَرَأَ أَبُوكَ وأَقْرِىءْ أَبَاكَ وقَدْ ذُكرَ في بابِ الهمزِ ما يجوزُ في ذَاْ و[ما]2 لا يجوزُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قال سيبويه 2/ 410: وزعموا أن ابن إسحاق كان يحقق الهمزتين، وأناس معه. وقد تكلم ببعضه العرب وهو رديء، فيجوز الإدغام في قول هؤلاء وهو رديء.
2
أضفت "ما" لإيضاح المعنى.

النوعُ الثاني مِنَ الإِدغامِ وهُوَ مَا أُدغَم للتقاربِ:
اعلَمْ: أَنَّ المتقاربةَ تنقسمُ قسمينِ: أَحدهما: أَنْ يُدغمَ الحرف في الحرفِ المقاربِ لَهُ والقسمُ الآخرُ لا يدغمُ الحرفُ في مقاربِه.
فأَمَّا الذي يُدغمُ في مقاربهِ فهوَ علَى ضربينِ:
أَحدهما: يدغم كُلُّ واحدٍ مِنَ الحرفينِ في صاحبه والآخرُ: لَيْسَ كذلكَ بَلْ لا يدغمُ أَحد الحرفينِ فِي الآخرِ ولا يدغمُ1 الآخرُ فيهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
لا، ساقطة في "ب".

ذِكرُ ما يدغمُ في مقاربهِ:
اعلَمْ: أَنَّ أَحسنَ1 الإِدغامِ أَنْ يكونَ في حروفِ الفَمِ وأَبعدُ ما يكونُ في حروفِ الحَلقِ فكلَّما قَرُبَ مِنَ الفمِ فالإِدغامُ فيهِ أَحسنُ مِنَ الإِدغامٍ فِيمَا لا يقربُ والبيانُ في حروفِ الحلقِ. وما قَرُبَ مِنها أَحسنُ وما قَرُبَ مِنَ الفمِ لا يُدغمُ في الذي قبلَهُ.
واعلَمْ: أَنَّ هذهِ المُدغمةَ تنقسمُ ثلاثةَ أَقسامٍ مِنْها ما يبدلُ الأولُ بلفظِ الثاني ثُمَّ يُدغمُ فيهِ وهذَا أَحقُّ الإِدغامِ ومِنْها ما يبدلُ الثاني بلفظِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" الحسن، وهو خطأ.



ج / 3 ص -414- الأولِ ثُمَ يدغمُ الأَولُ في الثَاني ومِنْها ما يبدلُ الحرفانِ جميعًا بما يقاربهما ثُمَّ يُدغمُ أَحدُهما في الآخرِ وقَد كتبنَا جميعَ ذلكَ في مواضعهِ وقَد قلنا: إنَّ المخارجَ ستةَ عَشَرَ مَخرجًا ونحنُ نذكرُ جميعَ ذلكَ وما يجوزُ ومَا لا يجوزُ وما يحسنُ وما لاَ يحسنُ.

الأولُ: ما يدغمُ مِن حروفِ الحَلقِ:
ولهَا ثلاثةُ مَخَارج كمَا ذكرنا الهاءُ معَ الحاءِ تَدغمُ كقولِكَ: اجْبَهْ حَمَلاً1 البيانُ أَحسنُ2، ولا يدغمُ الحاءُ في الهاءِ3 العينُ معَ الهاءِ: أَقْطَعْ هِلاَلًا البيانُ أَحسنُ فإن أَدغمتَ لقربِ المخرجينِ حَوّلتَ الهاءَ حَاءً والعينَ حاءً ثُمَّ أَدغمت الحاءَ في الحاءِ لأَنَّ الأَقربَ إلى الفمِ لا يدغمُ في الذي قبلَهُ وكانَ التقاءُ الحاءينِ أَخفَّ في الكلامِ مِنَ التقاءِ العينينِ وبنو تميمٍ يقولونَ: مَحّمْ يريدونَ: مَعَهم وَمحّاؤُلاءِ يريدونَ: مَعَ هَؤلاءِ4.
العينُ مَعَ الهاءِ:
اقْطَع حّمَلاً5، الإِدغامُ حَسَنٌ والبيانُ حَسَنٌ لأَنَّهما مِنْ مَخْرَجٍ واحدٍ ولا تُدغمُ الحاءُ في العينِ لأَنَّ الحاءَ يفرُونَ إليها إذا وقعتِ الهاءُ مَعَ العينِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حمل: اسم رجل.
2
لاختلاف المخرجين، ولأن حروف الحلق ليست بأصل للإدغام لقلتها.
3
كما لا تدغم الفاء في الباء، لأن ما كان أقرب إلى حروف الفم كان أقوى على الإدغام. ومثل ذلك: امدح هلالا. فلا تدغم. انظر: الكتاب 2/ 412.
4
انظر: الكتاب 2/ 413.
5
الإدغام: اقطحملا.



ج / 3 ص -415- الحاءُ معَ العينِ:
قالَ سيبويه: ولكنَّكَ لو قلبتَ العينَ حاءً فقلتَ في "امْدَحْ عَرَفَةَ": امْدَحَّرَفَةَ جازَ1.
الغينُ معَ الخاءِ:
البيانُ أَحسنُ والإِدغامُ حَسَنٌ وذلكَ قولُكَ: أَدْمَغْ خَلَفاً2.
الخاءُ معَ الغيَنِ:
البيانُ أَحسنُ ويحوزُ الإِدغام لأَنَّهُ المخرجُ الثالثُ وَهوَ أَدنى مخَارج الحلقِ إلى اللسانِ أَلا تَرَى أَنَّ بَعْضَ العربِ يقولُ: مُنْخُلٌ3، ومُنْغُلٌ فيُخفي النونَ كما يخفيها معَ حروفِ اللسانِ وذلكَ قولُكَ [في]4 اسْلَخْ غَنَمَكَ: اسْلَغَّنَمكَ ويدلُّكَ علَى حُسنِ البيانِ عِزتُها في بَاب "رَددتُ" لأَنَّهم لا يكادونَ يُضعِفُونَ ما يستثقلونَ.
القَافُ مع الكَافِ:
الْحَقْ كَلَدَةَ الإِدغام حَسَنٌ والبَيانُ حَسَنٌ5

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 2/ 413.
2
إذا أدغمت قلت: ادمخّلفا.
3
في اللسان "نخل" المنخل، والمنخل، ما ينخل به، ولا نظير له إلا في قولهم: منصل وهذا أحد ما جاء من الأدوات على "مفعل" -بالضم- وأما قولهم فيه: "فعل" فعلى البدل للمضارعة.
4
زيادة من "ب".
5
إنما أُدغمت لقرب المخرجين، وإنهما من حروف اللسان- وهما متفقان في الشدة.



ج / 3 ص -416- الكافُ معَ القاَفِ:
انْهَكْ قَطَنًَا البيانُ أَحسنُ والإِدغام حَسَنٌ وإنّما كانَ البيانُ أَحسنُ لأَنَّ القافَ أَقربُ إلى حروفِ الحلقِ مِنَ الكافِ فإدغامُ الكافِ فيها أَحسنُ مِنْ إدغامِها هيَ في الكافِ.
السادسُ الجيمُ معَ الشينِ:
ابْعَجْ شَبَثًَا الإِدغامُ والبيانُ حَسنانِ1.
السابعُ اللامُ معَ الراءِ:
اشْغَل رَّجَبَةَ يُدغم2 وَهو أَحسنُ3.
النونُ معَ الراءِ واللامِ والميمِ:
مِنْ رَّاشدٍ يُدغمُ بِغُنَّةٍ وبِلاَ غُنَّةٍ وتُدغمُ في اللامِ "مَن لَّكَ" إنْ شِئْتَ كانَ إدْغامًا بِلا غُنَّةٍ وإنْ شِئْتَ بغُنّةٍ وتُدْغَمُ النونُ معَ الميمِ.
النونُ معَ الباءِ:
تُقلبُ النونُ معَ الباءِ ميمًا ولَمْ يجعلوا النونَ باءً لبعدِها في المخرجِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل: "حسن" وإنما كان الإدغام والبيان حسنين لأنهما من مخرج واحد وهما من حروف وسط اللسان.
2
يدغم: ساقط في "ب".
3
وذلك قرب المخرجين، ولأن فيهما انحرافا نحو اللام قليلا، وقاربتها في طرف اللسان، وهما من الشدة وجري الصوت سواء وليس بين مخرجيهما مخرج.
وانظر: الكتاب 2/ 414.



ج / 3 ص -417- وأَنّها ليستْ فيها غُنَّةٌ وذلكَ قولُهم: [مَمْبِكَ يريدون]1: مَنْ بِكَ وشَمبَاءُ وعَمبرٌ يُريدونَ: شَنبَاءَ وعَنَبرًا.
النونُ معَ الواوِ:
وتُدغمُ النونُ معَ الواوِ بُغنّةٍ وبِلا غُنَّةٍ لأَنَّها من مخرجِ ما أُدغمتْ فيهِ النونُ وإنَّما منعَها أَنْ تُقلبَ معَ الواوِ ميمًا أَنَّ الواوَ حرفُ لِينٍ تَتَجافى عنهُ الشَّفتانِ والميمُ كالباءِ في الشدةِ وإلزامِ الشَّفَتينِ.
النونُ معَ الياءِ:
تُدغمُ بغُنَّةٍ وبِلا غُنَّةٍ لأَنَّ الياءَ أُختُ الواوِ وقد تُدغمُ فيها الواوُ فكأَنَّهما من مخرجٍ واحدٍ لأَنَّهُ ليسَ مَخرجٌ مِنْ طرفِ اللسانِ أَقربُ إلى مخرجِ الراءِ منهُ الياءُ أَلاَ تَرى أَنَّ الألثغَ بالراءِ يجعلُها يَاءً وكذلكَ الأَلثغُ باللامِ وتكونُ النونُ مَعَ سَائرٍ حروفِ الفَمِ حَرفًا [خفياً]2 مخرجهُ مِنَ الخَياشيمِ وذلكَ أَنَّها مِنْ حروفِ الفمِ وأَصلُ الإِدغامِ لحروفِ الفمِ لأَنَّها أكثرُ الحروفِ فلمَّا وصلوا إلى أَنْ يكونَ لها مخرجٌ مِنْ غيرِ الفمِ كانَ أَخفَّ عليهم أَنْ لا يستعملوا أَلسنتَهم إلا مرةً واحدةً وذلكَ قولُكَ: مَنْ كانَ ومَنْ قالَ ومَنْ جَاءَ وهيَ مَعَ الراءِ واللامِ والياءِ والواوِ إذا أُدغمتَ بغُنَّةٍ ليسَ مخرجُها مِنَ الخياشيمِ3 ولكنَّ صوتَ الفمِ أُشربَ غُنَّةً ولَو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
أضفت عبارة "ممبك يريدون" وهذه الزيادة من الموجز لابن السراج/ 172، وانظر: الكتاب 2/ 414.
2
أضفت كلمة "خفيا" لإيضاح المعنى.
3
قال سيبويه 2/ 415: فليس مخرجها من الخياشيم ولكن صوت الفم أُشرِبَ غنة.



ج / 3 ص -418- كانَ مخرجُها مِنَ الخِياشمِ لَما جازَ أَنْ تدغمها في الواوِ والياءِ والراءِ واللامِ حتَى تصيرَ مثلهن في كُلِّ شيءٍ وهيَ معَ حروفِ الحلقِ1 بنيةٌ موضعُها2 مِنَ الفم.
قالَ سيبويه: وذلكَ أَنَّ هذهِ الستّةَ3 تباعدتْ عَنْ مخرجِ النونِ فَلَمْ تُخْفَ هَهُنَا كمَا لا4 تُدغمُ في هذَا الموضعِ وكمَا أَنَّ حروفَ اللسانِ لا تُدغمُ في حروفِ الحلقِ وإنَّما أخفيتَ النونَ في حروفِ الفمِ كما أدغمتَ في اللام وأخواتِها تقولُ: مِنْ أَجلِ ذَنْبٍ وَمِنْ خَلْفِ [زيدٍ]5 ومِنْ حَاتِم ومَنْ عَلَيكَ ومَنْ غَلبَكَ6 ومُنْخُلٌ فَتبينُ وَهوَ الأجودُ والأَكثرُ وبعضُ العربِ7 يُجري الغينَ والخاءَ مَجرى القافِ وإذَا كانتِ النونُ متحركةً لم تكنْ إلا مِنَ الفمِ ولَمْ يجز إلا إبانتَها وتكونُ النونُ ساكنةً مَعَ الميمِ إذا كانتْ مِنْ نَفسِ الحرفِ بَينَةٌ وكذَلكَ هيَ معَ الواوِ والياءِ بمنزلتِها معَ حروفِ الحلقِ وذلكَ قولُه: شَاةٌ8 زَنَماءُ9، وغَنَمٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
حروف الحلق: هي الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء.
2
في "ب" بينة الموضع.
3
أي: حروف الحلق.
4
في "ب" كما لم.
5
زيادة من "ب".
6
من غلبك: ساقط في "ب".
7
لم تحدد المراجع قبائل هؤلاء العرب، ولكن صاحب النشر 2/ 22.
إخفاء النون الساكنة عن الغين والخاء مذهب أبي جعفر، وقرأ الباقون بالإظهار، والقرد بن مهران عن أبي بوبان عن أبي نشيط عن قالون بالإخفاء أيضا عند الغين والخاء فنحن-إذن- بصدد قراءة مدنية حجازية. وانظر: الكتاب 2/ 415.
8
قوله: ساقط في "ب".
9
زنماء: جمع زُنْم، والزنم: ما قطع من أذن البعير أو الشاة، فترك معلقا، وذلك إنما يفعل بكرام الإبل، واللحمة المتدلية في الحلق.



ج / 3 ص -419- زُنْمٌ وَقنْواءُ1 وقِنِيةٌ2 وكُنْيةٌ. وإنَّما حَمَلهم علَى البيانِ كراهيةُ الإِلباسِ3 فيصيرُ كأَنَّهُ مِنَ المضاعفِ لأنَّ هذَا المثالَ قد يكونُ في كلامِهم مضعَّفًا أَلاَ تَراهم قَالوا: امّحَى حيثُ لم يخافوا الإِلباسَ لأَنَّ هذَا المثالَ لا تضاعفُ فيهِ الميمُ.
قَالَ سيبويه: وسمعتُ الخليلَ يقولُ في انْفَعَلَ مِنْ "وَجِلْتُ": اوَّجَلَ كمَا قالوا: امَّحَى لأَنَّها نونٌ زِيدتْ في مثالٍ لا تضاعفُ فيهِ الواوُ فصارَ هَذا بمنزلةِ المنفصلِ في قولِكَ: مَنْ مِثْلكَ4، وكذلكَ إنْ بنيتَ "انْفَعَلَ" مِن "يَئِسَ" [قلتَ]5: ايَّاسَ وإذا كانتْ مَع الباءِ لم تَتَبينْ وذلكَ قولُكَ: شَمْباءُ6 لأَنَّكَ لا تُدغِمُ النونَ وإنما تُحوِّلُها ميمًا والميمُ لا تقعُ ساكنةً قبلَ الباءِ في كلمةٍ فَلَيْسَ في هذَا لَبْسٌ ولا تعلمُ النونُ وقعتْ في الكلامِ ساكنةً قبلَ راءٍ ولاَ لامٍ لَيْسَ في الكلامِ مثلُ: قِنْرٍ وَ[لا]7. عِنْلٍ وإنَّما احتملَ ذلكَ في الواوِ والياءِ لبعدِ المخارجِ ولَيْسَ حرفٌ مِنَ الحروفِ التي تكونُ النونُ معَها مِنَ الخَياشيمِ تُدغمُ في النونِ لم8 تُدغمْ فيهنَّ فأَمَّا اللامُ فَقَدْ تُدغمُ في النونِ9 وذلكَ قولُكَ: هَنَّرَى10

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
قنواء: مؤنث أقنى، والقنى في الأنف نتوء وسط قصبته وضيق منخريه.
2
غنم قنية: وقنية، بكسر القاف، وضمها – يتخذها الإنسان لنفسه لا للتجارة والربح.
3
في "ب" الالتباس.
4
انظر: الكتاب 2/ 415.
5
زيادة من "ب".
6
شمباء: بدلا من شنباء، أي: ذات الأسنان البيض.
7
زيادة من "ب".
8
زيادة من "ب".
9
في الأصل "فيها" والتصحيح من "ب".
10
في الأصل "هل نرى".



ج / 3 ص -420- فتدغمُ1 في النونِ والبيانُ أَحسنُ لأَنَّهُ قَد امتنع أَنْ يُدغمَ في النونِ ما أَدْغَمْتَ فيهِ سِوَى اللامِ فكأَنَّهم يستوحشونَ مِنَ الإِدغامِ فيها ولَم يُدغموا الميمَ في النونِ لأَنَّها لا تُدغمُ في الياءِ التي هيَ مِنْ مخرجِها فلمَّا لم تُدغَمْ فيما هُوَ مِنْ مخرجِها كانتْ مِنْ غيرِه أَبعدُ ولامُ المعرفةِ تُدغمُ في ثلاثةَ عَشَرَ حَرفاً2 ولا يجوزُ فيها معهن إلا الإِدغامُ لكثرةِ لامِ المعرفةِ في الكلامِ وكثرةِ موافقتِها لهذهِ الحروفِ واللامُ مِنْ طرفِ اللسانِ وهذهِ الحروفُ أَحدَ عَشَر حرفًا منها مِنْ طرفِ اللسانِ وحرفانِ بخالطانِ طرفَ اللسان فلمَّا اجتمَع فيها3 هذَا وكثرتُها في الكلامِ4 لم يجز إلا الإِدغامُ والأَحدَ عَشَر حَرفًا: النونُ والواوُ والدالُ والتاءُ والصادُ والطاءُ والزايُ والسينُ والظاءُ والثاءُ والذالُ. وَقَدْ خالطتها الضادُ والشينُ لأَنَّ الضادَ استطالتْ لرخاوتِها حتَى اتصلتْ بمخرجِ الطاءِ وذلكَ قولُكَ: النعمانُ والرجلُ فكذلكَ سائرُ هذِه الحروفِ فإذَا كانتْ غيرَ لامِ المعرفةِ نحو لامِ "هَلْ وبَلْ" فإنَّ الإدغامَ في بعضِها أَحسنُ وذلكَ قولُكَ: هَرَّأيتَ5 لأَنَّ الراءَ أَقربُ الحروفِ إلى اللامِ وإنْ لَمْ تدغمْ6 فهيَ لغةٌ لأهلِ الحجاز وهيَ عربيةٌ جائزةٌ7، وهيَ معَ الطاءِ والدالِ والتاءِ والصادِ والزاي والسينِ جائزةٌ وليسَ ككثرتِها معَ الراءِ وإنَّما جازَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في: ساقطة في "ب".
2
هي الحروف المعروفة بالشمسية.
3
فيها: ساقطة في "ب".
4
في الكلام: ساقط في "ب".
5
في الأصل: هل رأيت.
6
أي: إذا قلت: هل رأيت.
7
انظر: الكتاب 2/ 416، ويتجلى ذلك في القراءات في قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}، المطففين: 83. حيث قرأ الجمهور بالإدغام "بَرَّانَ" وقرأ حفص وحمزة ونافع بالإظهار، {بَلْ رَانَ}. البحر المحيط.



ج / 3 ص -421- الإِدغامُ لأنَّ آخرَ مخرجِ اللامِ قريبٌ مِنْ مخرجِها وهيَ حروف طرفِ اللسانِ وهيَ معَ الظاءِ والثاءِ والذالِ جائزةٌ وليسَ كحُسنِهِ معَ هؤلاءِ وإنَّما جازَ الإِدغامُ لأَنَّهنَّ مع الثنايا وهُنَّ مِنْ حروف طرف اللسان كما أنهن منه واللام مع الضاد والشين أضعف لأنَّ الضاد مخرجُها من أَولِ حافةِ اللسانِ والشين مِنْ وسطهِ.
قال طريف بن تَميم العنبري:

تَقولُ إذَا اسْتَهْلَكْتُ مَالًا للذَّةٍ فُكَيهَةُ هَشَّيءٌ بِكَفيكَ لاَئْقِ1

يُريدُ: "هَلْ شَيءٌ" فأَدغمَ اللامَ في الشين.
وقرأَ أَبو عمرو: "هَثُّوِبَ الكُفَّارُ"2 فأَدغمَ اللامَ في الثاءِ وقُرِىءَ3: "بَتُّؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا"4، فأَدغمَ اللامَ في التاءِ.
قَالَ سيبويه: وإدغامُ اللامِ في النونِ أَقبحُ مِنْ جميعِ هذهِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 417 على الإدغام في لام "هل" في الشين لاتساع مخرج الشين وتفشيها وإجرائها -وإن كانت من وسط اللسان إلى طرفه واختلاطها بطرفه.
واللام من حروف طرف اللسان فأدغمت فيها لذلك، وإظهارها جاز لأنهما من كلمتين مع انفصالهما في المخرج.
واستهلكت: أتلفت وأهلكت، واللائق: المستقر المحتبس، يقال: لقت بمكان كذا أي: انحبست فيه، وألاقني غيري: أي: حبسني، ومنه قولهم: لا يليق هذا الأمر بكذا، أي: لا يصلح له. ولا يلتبس به، وهشّيء: أصله: هل شيء. وانظر: شرح السيرافي 6/ 545 وابن يعيش 10/ 141 وروايته: هلكت بدلا من استهلكت.
2
المطففون: 36، وقراءة الإدغام سبعية، الإتحاف/ 435. وانظر: الكتاب 2/ 417 وشرح السيرافي 6/ 545، ويريد: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ}.
3
وقرئ: ساقط في "ب".
4
الأعلى: 16، وقراءة الإدغام سبعية، الإتحاف/ 437 وانظر: الكتاب 2/ 417، يريد: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}.



ج / 3 ص -422- الحروفِ1، لأَنَّها تُدغمُ في اللاّمِ كما تدغمُ في الياءِ والواوِ والراَّءِ والميمِ فَلَم يجسروا أَنْ يخرجوها مِنْ هذِه الحروفِ التي شَاركتَها في إدغامِ النّونِ وصارتْ كأَحدِها في ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا رأي سيبويه 2/ 416-417، وتابعه ابن السراج وجمهور النحاة، أما موقف القراء، فقال الداني في التيسير/ 43: واختلفوا في لام "هل وبل" عند ثمانية أحرف: التاء، والثاء، والسين، والزاي، والطاء، والظاء، والضاد، والنون. نحو قوله عز وجل: {هَلْ تَعْلَمُ}، {هَلْ ثُوِّبَ}، {بَلْ سَوَّلَتْ}، {بَلْ زُيِّنَ}، {بَلْ طَبَعَ}، {بَلْ ظَنَنْتُمْ}، {بَلْ ضَلُّوا}، {هَلْ نَدُلُّكُمْ}، {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ}، {هَلْ نَحْنُ}، وشبهه، فأدغم الكسائي اللام في الثانية، وأدغم حمزة في التاء والثاء والسين فقط، واختلف عن خلاد عند الطاء في قوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ} النساء: 155، فقراءته بالوجهين. وبالإدغام آخذ له. وأظهر هشام عند النون والضاد وعند التاء في قوله: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي}. الرعد 16، لا غير. وأدغم أبو عمرو: {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} الملك 67. {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} الحاقة 69، لا غير. وأظهر الباقون اللام عند الثانية. وانظر: شرح المفصل 10/ 142-143.

الإِدغامُ في حروف طرف اللسانِ والثنايا:
الدالُ معَ الطاءِ1:
اضْبِطُّلامَه يريدُ: اضْبِطْ دُلامَه تُدغِمُ وتدعُ الإِطباقَ علَى حالِه فلا تُذهبْهُ لأَنَّ الدَّالَ ليسَ فيها إطباقٌ وبعضُ العرب يُذهبُ الإِطباقَ حتَى يجعلَها كالدَّالِ سواءً والدالُ في الظاءِ وذلكَ [قولكَ]2: أفْقُدْ ظَالِمًا.
الطاءُ مع التاءِ:
تُدغِمُ وتدعُ الإِطباقَ بحالِه وذهابُ الإِطباقُ معَ الدالِ أَمثلُ لأَنَّ الدالَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
كذا في الأصل، والوجه أن يقال: الطاء مع الدال ليتفق مع المثال المستشهد به.
2
زيادة من "ب".



ج / 3 ص -423- مجهورةٌ والتاء مهموسةٌ وكُلٌّ عربيٌّ وذلكَ: أُنْقُتَّوْأَماً1 تُدغمُ وكذلكَ التاءُ في الطاءِ وذلكَ قولُكَ: انْعَطَّالِبًَا وهذَا لا يُجحفُ فيهِ بالإِطباقِ.
التاءُ معَ الدَّالِ:
كُلُّ واحِدةٍ منهما تُدغمُ في صاحبتِها إلا أَنَّ إدغامَ التاءِ في الدالِ أَحسنُ لأَنَّ الدّالَ مجهورةٌ والأَحسنُ إدغامُ الناقِص في الزائِد وذلكَ قولُكَ: انْعَدُّلامًا وانقُتِّلْكَ2 فتُدغِمُ ولو بينتَ فقلتَ: اضْبِطْ دُلاَمًا واضْبِطْ تِلْكَ وانْعَتْ دُلاَمًا لجازَ وهوَ يثقلُ الكلامُ بهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل" انقط لاما" والتصحيح من "ب".
2
الأصل "انعت دلاما" و"أنقد تلك" والتصحيح من "ب".



ج / 3 ص -424- بَابُ الصادِ والزاي والسينِ:
الصادُ مَعَ السينِ:
"
افْحَسَّالِماً"1 تدغمُ فتصيرُ سينًا وتدعُ الإِطباقَ لأَنَّها مهموسَةٌ مثلُها وإنْ شِئتَ أَذهبتَهُ وإذهابُ الإِطباقِ معَ السينِ أَمثلُ مِنْ إذهابِ الإِطباقِ إذَا أدغمتَ الطاءَ وتُدغمُ السينَ في الصادِ وذلكَ احْبِصَّابِراً2.
الزاي معَ الصادِ:
وتدغمُ الزاي في الصادِ وذلكَ: أَوْجِصَّابرًا.
الزاي والسينُ:
احْبِزَّرَدَةَ تدغمُ وكذلكَ الزاي في السينِ وَرُسَّلَمةَ تدغمُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
بلا إدغام "افحص سالما".
2
في الأصل: أحبس صابرا، وكتب الناسخ كل ما هو مدغم بدون إدغام.



ج / 3 ص -425- بَابُ الظاءِ والذالِ والثاءِ:
الظاءُ مَع الذالِ:
احْفَذّلِكَ تُدغمُ وتدعُ الإِطباقَ، وإن شِئْتَ أَذهبته لأَنَّها مجهورةٌ مثلُها وتُدْغمُ الذّالَ في الظاءِ نحو: خُظَّالِمًا.
الثاءُ معَ الظاءِ:
ابْعَظَّالمًا تُدْغِمُ.
الذّالُ معَ الثاءِ:
تُدْغَمُ كُلُّ واحدةٍ منهما في صاحبتِها وذلكَ: خُثَّابِتًا وابْعَذّلِكَ والبيانُ فيهنَّ أَمثلُ منهُ في الصادِ والسينِ والزاي.

إدغامُ مخرجٍ في مخرجٍ يقاربهُ:
الطاءُ والدالُ والتاءُ يُدغمنَ كلهنَّ في الصادِ والزاي والسِّينٍ لقربِ المخرجينِ وذلكَ1: ذَهَبسَّلْمَى وَقَسَّمِعَتْ فتُدغِمُ واضْبِزَّرَدَةَ فَتُدغم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
وذلك: ساقط في "ب".



ج / 3 ص -426- وَانْعَصَّابِرًا وقرأَ بعضهمُ: {لاَ يَسَّمَّعُونَ1}. يريدُ: [لا2] يَتَسمَّعونَ والبيانُ عربيٌّ حَسنٌ. وكذلكَ: الظاءُ والذالُ والثاءُ تُدغمُ في الصادِ وأختيها وذَلكَ قولُكَ: ابْعَسَّلَمةَ واحفسَّلَمَةَ وخُصَّابِرًا واحفَزَّرَدَةَ سمعناهم يقولونَ: مُزَّمان فيدغمونَ الذّال في الزاي ومُسَّاعة فيُدغمونها في السينِ والبيانُ فيها أَمثلُ منهُ في الظاءِ وأُختيها. والظاءُ والثاءُ والذالُ أخواتُ. الطاءُ والتاءُ والدالُ لا يمتنعُ بعضهُنَّ مِن بعضٍ في الإِدغام وذلكَ أهْبِظَّالِمًا وابْعِذَّلِكَ وانْعَثَّابِتًا واحْفَطَّالِبًا وَخُدَّاوُدَ وابْعَتَّلِكَ وحجتهُ قولهم: ثلاثُ دراهم تُدغمُ الثاءُ في التاءِ التي هيِ بَدَلٌ مِنَ الهاءِ [التي في الدارهمِ3] وقالوا: حَدَّتّهُم4 فجعلوهَا تاءً والبيانُ فيهِ جيدٌ فأَمَّا الصادُ والسينُ والزايُ فلا تدغمهنَ في هذه الحروفِ لأنَّهنَ حروفُ الصفير وهُنَّ أَندى في السمعِ فامتنعتْ كما امتنعتِ الراءُ أَنْ تدغَم في اللامِ وتدغمُ الطاءُ والدالُ والتاءُ في الضادِ وذلكَ اضْبِضَّرَمَةَ وانقضَّرَمَةَ وانْعِضَّرَمَةَ. قالَ سيبويه: وسَمعنا مَنْ يوثقُ بعربيتهِ قالَ: ثَارَ فَضَجَّضَّجَّةً رَكائِبهْ5، فأَدغَم التاءَ في الضادِ.
والظاءُ والثاءُ والذالُ يدغمنَ في الضادِ وذلكَ: احْفَضّرَمَةَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الصافات: 8، والآية: {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}.
2
أضفت "لا" لإيضاح المعنى.
3
زيادة من "ب".
4
في الاصل أخذتهم، والذي يريده حدثتهم فأدغم الثاء وجعلها تاء.
5
من شواهد سيبويه 2/ 420 على إدغام تاء "ضجت" في ضاد "ضجة" لمخالطة الضا د للتاء باستطالتها وإن كانت من حافة طرف وسط اللسان. وصف رجلا ثار بسيفه في ركائبه ليعرقبها ثم ينحرها للأضياف فج علت تضج. وانظر: شرح السيرافي 6/ 553. ولم يعرف قائل هذا الشاهد.



ج / 3 ص -427- وخُضَّرَمَةَ وابْعَضَّرَمَةَ ولا تُدغمُ الضادُ في الصادِ والسينِ والزايِ لإستطالةِ الضّادِ كما امتنعتِ الشينُ وهيَ قريبةٌ مِنها ولا تُدغمُ الصادُ وأُختاها في الضادِ فالضادُ/ لا تُدغمُ فيما تدغمُ فيها والبيانُ عربيٌّ جَيّدٌ وتدغُم الطاءُ والتاءُ والدالُ في الشينِ لإستطالتِها حينَ اتصلتْ بمخرجِها وذلكَ: اضْبشَّبَثًا وَانْقُشَّبَتًا والإِدغامُ في الضادِ أَقوى وتُدغمُ الظاءُ والذالُ والثاءُ في الشينِ لأَنَّهم أنزلوها منزلَة الضادِ وذلكَ قولُكَ: احْفَشَّنباءً وابْعَشَّنْباءَ وخُشَّنباءَ والبيانُ عربيٌّ جيّدٌ وهو أَجودُ منهُ في الضادِ.
واعلَم: أَنَّ جَميعَ ما أَدغمتَهُ وهُوَ ساكنٌ يجوزُ لكَ فيهِ الإِدغامُ إذَا كانَ متحركًا كما تفعلُ ذلكَ في المثلينِ وحالهُ فيمَا يحسنُ فيهِ ويقبحُ الإِدغامُ ومَا يكونُ فيهِ حَسَنٌ وما كانَ خَفيًا وهو بزنتهِ متحركًا قَبلَ أَنْ يخفى كحالِ المثلينِ وإذَا كانتْ هذهِ الحروفُ المتقاربةُ في حرفٍ واحدٍ ولَم يكنِ الحرفانِ منفصلين ازدَاد ثُقلًا واعتلالًا كمَا كانَ المثلان إذَا لم يكونا منفصلين أَثقل لأَنَّ الحرفَ لا يفارقهُ ما يستثقلونَ فَمِنْ ذلكَ قولُهم في "مُثْتَرِدٍ": مُثَّرِدٍ1، وقَدْ ذُكِرَ بابُ "افْتَعَلَّ" في التصريفِ وما يُدغمُ منهُ وما يُبدلُ ولا يُدغمُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في سيبويه 2/ 421 فمن ذلك قولهم "مثترد مثرد" لأنهما متقاربان مهموسان والبيان حسن، وبعضهم يقول: مثترد، وهي عربية جيدة، والقياس مترد، لأن أصل الإدغام أن يدغم الاول في الأخر.

ذِكرُ ما امتنَع مِنَ الحروفِ المتقاربةِ:
وهيَ تجيءُ علَى ضربينِ: منها ما يُدغمُ في مقاربهِ ولا يُدغمُ مقاربهُ فيهِ ومنها ما لا يدغمُ في مقاربهِ ويدغمُ مقاربهُ فيهِ1.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
فيه: ساقطة في "ب".



ج / 3 ص -428- فالحروفُ التي تُدغمُ فيما قاربَها ولا يُدغمُ فيها مقاربُها: الهمزةُ والألفُ والواوُ لا تدغمُ وإنْ كانَ قبلَها فتحةٌ في شيءٍ من المقاربةِ وكذلكَ الواوُ لو كانتْ معَ هذهِ1 الياءِ التي ما قبلهَا مفتوحٌ مَا هُوَ مثلُها سواءٌ لأدغمتَها ولم تستطعْ إلا ذلكَ وإذَا كانتِ الواوُ قبلَها ضمةٌ والياءُ قبلَها كسرةٌ فهوَ أَبعدُ للإِدغامِ.
الحروفُ التي لا تُدغمُ في المقاربة فيها: الميمُ والراءُ والفاءُ والشينُ.
فالميمُ لا تُدغمُ في الباءِ لأَنَّهم يقلبونَ النونَ ميمًا في قولهِم: العنبَرُ ومَنْ بِكَ2، وأَمَّا إدغامُ الباءِ في الميمِ فنحو: اصحَمَّطَرًا تريدُ: اصْحَبْ مَطرًا. والفاءُ لا تُدغمُ في الباءِ والباءُ تدغمُ فيها وذلكَ: اذْهَفَّي ذَلكَ. والرّاءُ لا تُدغمُ في اللامِ3 ولا في النونِ لأَنَّها مكررةٌ وتُدغمُ اللامُ والنونُ في الراءِ. والشِّينُ لا تُدغمُ في الجيمِ وتُدغمُ الجيمُ فيها.
وجملةُ هَذا أنَّ حَقَّ الناقصِ أَنْ يُدغمَ في الزَّائدِ وحَقُّ الزائدِ أَنْ لا يُدغم َ في الناقصِ وأَصلُ الإِدغامِ في حروفِ الفمِ واللسانِ وحروفِ الحلقِ وحروفُ الشَّفةِ أَبعدُ مِنَ الإِدغامِ فَما أُدغمَ من الجميعِ فلمقاربةِ حروفِ الفَمِ واللسانِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ما بين القوسين ساقط في "ب".
2
في الأصل: من "يدالك" والذي يعنيه بالعمبر في العنبر. وممبك في من بك.
3
قال سيبويه 2/ 412: والراء لا تدغم في اللام وفي النون لأنها مكررة وهي تفشي ذا كان معها غيرها فكرهوا أن يجحفوا بها فدغم مع ما ليس يتفشي في الفم مثلها ولا يكرر، أما الكسائي والفراء- كما في شرح الشافية 3/ 274 - فقد أجازا إدغام الراء في اللام قياسا.
أما موقف الفراء من ذلك: فبناء على صاحب التيسير/ 44، وأدغم أبو عمرو الراء الساكنة في اللام نحو قوله-عز وجل: {نَغْفِرْ لَكُمْ} {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} وشبه بخلاف بين أهل العراق في ذلك، وأظهر الباقون.











55



















الأصول في النحو

ج / 3 ص -429- هَذا بابُ: الحرفِ الذي يُضارعُ بهِ حرفٌ من موضعهِ:
والحرف الذي يُضارعُ بهِ ذلكَ الحرفُ وليس مِنْ موضعهِ فأَمَّا الذي يُضارعُ بهِ الحرفُ الذي مِنْ مخرجهِ فالصادُ الساكنةُ إذا كانَ بعدَها الدالُ نحو: مَصْدَرٍ وأَصدَر والتقديرُ فما لم يمكن أَنْ يُعَلَّ ضارعوا1 بها أَشبهَ الحروفِ بالدالِ مِنْ مَوضعهِ وهيَ الزايُ.
قالَ سيبويه2: وسمعْنا الفصحاءَ يجعلونَها زايًا خالصةً وذلكَ قولُكَ في التَّصدير: التَّزديرُ وفي الفَصدِ: الفَزْدُ وفي أَصدرتُ: أَزدرتُ ولم يجسروا علَى إبدالِ الدالِ3 لأَنَّها ليستْ بزائدةٍ كالتاءِ في "افتعلَ" فإنْ تحركتِ الصادُ لم تُبْدل لأَنَّهُ قَدْ وقعَ بينَهما شيءٌ ولكنَّهم قَدْ يضارعونَ بهَا نحو صَادِ4 "صدَقتُ" والبَيانُ أَحْسَنُ فرُبّما ضارعوا بها5 وهيَ بعيدةٌ [نحو: مَصادر6] والصِّرَاط لأَنَّ الطَاء كالدال والمضارعةُ هُنَا وإنْ بعدتْ كما قالوا: صَوِيقٌ ومَصَاليق فأَبدلوا السينَ صَاداً8. والبيانُ هُنا أَحسنُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يقصد أنهم ضارعوا بالصاد أشبه الحروف بالدال من موضعه وهي الزاي لأنها م جهورة غير مطبقة، ولم يبدلوها زايا خ الصة كراهية الإجحاف بها للإطباق: انظر: الكتاب 2/ 426.
2
لم يحدد سيبويه هؤلاء الفصحاء في كتابه 2/ 426، وزعم شارح الشافية 3/ 232 أن حاتما الطائي قال في قصة هكذا: فزدي، أنه بدلا من "فصدي"وقال السيوطي في المزهر 1/ 467 نقلا عن ابن السشكيت أن خلفا سمع أعرابيا يقول: لم يحرم من فزد له يريد: من فصد له.
3
أي: إبدال الدال صادا.
4
في "ب" دال.
5
أضافت كلمة "بها" لإيضاح المعنى.
6
أضفت نحو مصادر وهذه الزيا دة من سيبويه 2/ 426.
7
أي: الدال.
8
انظر: الكتاب 2/ 426-427.



ج / 3 ص -430- فإنْ كَانَ موضعُ الصادِ سينًا ساكنةً أُبدلَت فقلتَ في التَّسدير: التَّزديرُ وفي يُسدلُ ثَوبَهُ: يُزدلُ ثَوْبَهُ لأَنَّهُ ليسَ فِيها إطباقٌ يذهبُ والبيانُ فيها أَحسنُ وأَمّا الحرفُ1 الذي ليسَ من موضعهِ فالشينُ وذلكَ أَشْدَقُ فتضارعُ بهَا الزايَ والبيانُ أكثرُ وهذا عربيٌّ كثيرٌ والجيمُ أَيضاً2، يقولونَ في "الأَجدر"3 أَشدرُ ولا يجوزُ أَن يجعلَها زايًا خالصةً ولا الشينُ لأَنَّهما ليستا من مخرجِهما وقد قَالوا: اجدمعوا في اجتمعوا واجدَرَؤوا يريدونَ: اجتَرؤوا4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل الحروف، والتصحيح من "ب".
2
أي: قريب منها فجعلت بمنزلة الشين.
3
في الأصل "أجدر" والتصحيح بمنزلة الشين.
4
انظر: الكتاب 2/ 428.



ج / 3 ص -431- هذاَ بَابُ ما يقلبُ فيهِ السينُ صادًا في بعضِ اللغَاتِ:
تقلبُها القافُ إذا كانتْ بعدهَا في كلمةٍ واحدةٍ نحو صُقْتُ1 وَصَبَقْتُ والصَّمْلَقُ2، ولم يبالوا ما بينَ السينِ والقافِ مِنَ الحواجزِ وكذلكَ الغينُ والخاءُ يقولونَ "صَالغُ" في "سَالغٍ3"، وصَلَخ في "سَلَخ" فإنْ قلتَ: زَقَا وَزَلَقَ لم تغيرها لأَنَّها حرفُ مجهورٌ وإنَّما يقول: هذَا مِنَ العربِ بنو العنبرِ4، وقَالوا: صَاطعٌ في "سَاطعٍ" ولا يجوزُ في ذُقْتُها أن تجعلَ الذالَ ظاءً5 وأَمَّا الثاءُ والتاءُ فليسَ يكونُ في موضعهما [هذا6].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الذين يقولون: سقت، وسملق، هم بنو العنبر من تميم. وانظر: الكتاب 2/ 428 أو بنو عمرو بن تميم في قول يونس، طبقات الزبيدي/ 26. وقد جوز هذا القلب كثير من النحاة بشروط خاصة. وانظر: المزهر 1/ 469.
2
السملق: الأرض المستوي.
3
سالغ: السالغ: البقرة أو الشاة إذا خرج نابها.
4
انظر: الكتاب 42-82.
5
لأن الذال والظاء حرفان مجهوران.
6
أضفت كلمة: "هذا" لإيضاح المعنى، وانظر: الكتاب 2/ 428-429.



ج / 3 ص -432- هَذا بَابُ ما كانَ شَاذًا: مِمّا خَفَّفُوا على أَلسنِتِهم ولَيس بمطردٍ:
فَمِنْ ذلكَ "ستٌّ" وأَصلُها "سِدْسٌ" أُبدلَ مِنَ السينِ تَاءً ثُمَّ أُدغمَ ومِنْ ذلكَ قولُهم: وَدٌّ إنما1 أَصلُهُ: وَتِدٌ وهيَ الحجازيةُ الجيدةُ ولكنَّ بني تميمٍ أسكَنُوا التاءَ2، فأَدغموا ولم يكنْ مطردًا لِمَا ذكرتُ مِنَ الالتباسِ حتَّى تَجشموا: وَطْدًا وَوَتْدًا وكانَ الأَجودُ عندَهم: تِدَةٌ وطِدَةٌ وممّا بينُوا فيهِ "عِتْدَانٌ3" وقَد قالوا: "عِدّانٌ" شبهوهُ "بَوَدٍّ" وقلما4 تقعُ التاءُ في كلامِهم ساكنةً في كلمةٍ قبلَ الدالِ.
ومِنَ الشاذِّ: أَحَسْتُ وَمَسْتُ وَظَلْتُ فحذفُوا كمَا حذفوا التاءَ مِنْ قولِهم: يستطيعُ استثقلوا التاءَ مع الطاءِ وكرهوا أَنْ يدغموا التاءَ في الطاءِ فتُحركُ السينُ وهيَ لا تحركُ أَبدًا ومَنْ قالَ: يسطيعُ فإنَّما زَادَ5 السينَ عَلَى "أَطاعَ يُطِيعُ". ومِنَ الشاذِّ: قولُهم: تَقَيْتُ يَتَقى ويَتسَعُ حذفُوا الفاءَ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
إنما: ساقط في "ب".
2
كقولهم في فخذ، فخذ.
3
عتدان: في سيبويه 2/ 429 وقال بعضهم عتدان فرارا من هذا وقد قالوا: عدان.
4
في الأصل "قل ما".
5
في الأصل "أراد" والتصحيح من "ب".



ج / 3 ص -433- لأَنَّ التاءَ تبقى1 متحركةً [ومَنْ قالَ تَتقى يقدرُ أنَّهُ مخففٌ من اتّقَى ومَنْ قَالَ: تقى مثلُ تَرى يبدلُ التاءَ مِنَ الواوِ]2 وقَالَ بعضُ العربِ3: اسْتَخَذَ فلانُ أرضًا يريدُ: اتَّخذَ أَبدلوا السينَ مكانَ التاءِ كما أُبدلتِ التاءُ مكانَها في "سِتٍّ" ومثلُ [ذلك4] قولُ بعض العربِ: اطَّجَعَ في اضْطَجَعَ5 كراهيةَ التقاءِ المُطبقينِ فأَبدلَ مكانَها أقربَ الحروفِ مِنها وفي "اسْتَتْخَذَ" قولٌ آخرُ أَنْ يكونَ "استفعلَ" فحذفَ التاءَ للتضعيفِ مِن "اسْتَتْخَذَ" كما حَذَفُوا "لاَم" ظَلْتُ. "[وقَالَ بعضهم: "يَستيعُ" [في يستطيعُ6] فإنْ شِئْتَ قلتَ: حَذَفَ الطاءَ7] كمَا حذفَ لامَ "ظَلْتُ" وتركوا الزيادةَ كما تركوا في "تُقَيتُ" وإنْ شِئْتَ قلتَ: أبدلوا التاءَ مكانَ الطاءِ ليكونَ ما بعدَ السين مهموسًا مِثْلَها كمَا قالوا: ازْدانَ ليكونَ ما بعدَهُ مجهورًا فأَبدلوا مِنْ موضِعها أشبهَ الحروفِ بالسينِ فأبدلوها مكانَها كما تبدلُ هيَ مكانَها في الإِطباق. ومِنَ الشاذِّ قولُهم في بني العنبر وبني الحارث: بلحرثُ وبِلعنبرُ فحذفتِ النونُ وكذلكَ يفعلونَ بكُلِّ قبيلةٍ تظهرُ فيها لاَم المعرفةِ فإذَا لم تظهرِ اللامُ فَلا يكونُ ذلكَ لأَنَّها لمّا كانتْ مِمّا كَثُرَ في كلامِهم وكانتِ اللامُ والنونُ قريبتي المَخارجِ حذفوها وشبهوها "بِمَسْتُ" لأنَّهما حرفانِ متقاربانِ ولم يَصِلُوا إلى الإِدغامِ كَما لم يصلوا في "مَسِسْتُ" لسكونِ اللامِ وهذَا أَبعدُ لأَنَّهُ اجتمعَ فيهِ أَنَّهُ منفصلٌ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
تبقي: ساقط من "ب".
2
زيادة من "ب".
3
انظر: الكتاب 2/ 429، والتصريف 2/ 329.
4
أضفت كلمة ذلك لإيضاح المعنى.
5
قال ابن جني في المنصف 2/ 328 فأما ما حكى عنهم من قولهم: الطجع في اضطجع فشاذ، وانظر الكتاب 2/ 429.
6
اضفت عبارة في يستطيع لإيضاح المعنى. وانظر الكتاب 2/ 429.
7
ما بين القوسين ساقط في "ب".



ج / 3 ص -434- [وأَنَّهُ1] ساكنٌ لا يتصرفُ [تَصرفَ2] الفعلِ حينَ تدركهُ الحركةُ ومثلُ هَذا3 قولُ بعضِهم: عَلْمَاءِ بنو فلانٍ فحذفوا اللامَ وَهُوَ يريدُ: عَلَى الماءِ بنو فلانٍ وهيَ عربيةٌ4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
اضفت "وأنه" لإيضاح المعنى.
2
أضفت "تصرف" لإيضاح المعنى.
3
في "ب" ذلك.
4
في الأصل عبارة "نجز الإدغام" فحذ فتها لأنها من عمل الناسخ.



ج / 3 ص -435- بَابُ1 ضرورةِ الشَّاعرِ:
ضرورةُ الشاعرِ أَن يُضطرَّ الوزنُ إلى حذفٍ أَو زيادةٍ أَو تقديمٍ أَوْ تَأْخيرٍ في غير موضعهِ وأبدالِ حرفٍ أَو تغييرِ إعرابٍ عَنْ وجههِ علَى التأويلِ أَو تأنيثِ مُذكرٍ علَى التأويلِ وليسَ للشاعِر أَنْ يحذفَ ما اتفقَ لَهُ ولا أَنْ يزيدَ ما شَاءَ بَلْ لذلكَ أُصولٌ يعملُ عليها فمنها ما يحسنُ أَنْ يستعملَ ويُقاس عَليهِ ومنها ما جاءَ كالشاذِّ ولكنَّ الشاعرَ إذَا فَعَلَ ذلكَ فلا بُدَّ مِنْ أَن يكونَ قَدْ ضارعَ شيئًا بِشيءٍ ولكنَّ التشبيهَ يخلتفُ فمنهُ قَريبٌ ومنهُ بَعيدٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
باب: ساقط في "ب".

ذِكرُ الذي يحسنُ مِنْ ذلكَ ويقاسُ عَليهِ:
اعلَمْ: أَنَّ أَحسنَ ذلكَ ما رُدَّ فيهِ الكلامُ إلى أَصلِه وهوَ في جميعِ ذلك لا يخلُو مِنْ زيادةٍ أَو حذفٍ فالزيادةُ صَرفُ ما لا ينصرفُ وإظهارُ التضعيفِ وتصحيحُ المعتلِّ ويتبعهُ في الحُسنِ تحريكُ الساكنِ في القافيةِ بحركةِ ما قَبلهُ فإنْ كانَ في حشوِ البيتِ فهو عندي أَبعدُ وقطعُ أَلفِ الوصلِ في أنصافِ البُيوتِ. وأَمَّا الحذفُ: فَقَصْرُ الممدودِ وتخفيفِ المشدد



ج / 3 ص -436- في القوافي فَأَمَّا ما لا يجوزُ للشاعرِ في ضرورتِهِ فَلا يجوزُ لَهُ أَنْ يلحنَ لتسويةِ قافيةٍ ولاَ لإِقامةِ وزنٍ بأَنْ يُحركَ مجزومًا أَوْ يسكنَ معربًا وليسَ لَهُ أَنْ يُخرجَ شيئًا عَنْ لفظِه إلا أَنْ يكونَ1 يخرجهُ إلى أَصلٍ قَد كانَ لَهُ فيردهُ إليهِ لأَنَّهُ كانَ حقيقُتُه وإنَّما أَخرجَهُ عن قياسٍ لزمَهُ أَو اطرادٍ استمرَّ بهِ أَو استخفافٍ لِعلّةٍ واقعةٍ.
الأَولُ مِنَ الضربِ الأول:
وهوَ صرفُ ما لا ينصرفُ [للشاعرِ أَنْ يصرفَ في الشِّعرِ جميعَ ما لا ينصرفُ2] وذلكَ أَنَّ أَصلَ الأسماءِ كلِّها الصرفُ وذلكَ قولُهم في الشعرِ: مَررتُ بأَحمرٍ ورأيتُ أَحمرًا ومررتُ بمساجدٍ يا فَتى كما قَالَ [النابغة: 3]

فَلْتَاْتِيَنْكَ قَصائدٌ وَلْيَرْكَبنْ جَيْشٌ إليكَ قوادمَ الأَكوَارِ4

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يكون ساقط في "ب".
2
ما بين القوسين ساقط في "ب".
3
زيادة من "ب".
4
من شواهد سيبويه2/ 150، علي التوكيد بالنون في قوله: فلتأينك وليدفعن والكور: الرجل، وقادمته: العوادن اللذان يجلس بينهما الراكب. يقول: والله: لأغيرن عليك بقصائد الهجو ورجال الحرب. وجعل الجيش يدفع القوادم لأنهم كانوا يركبون الإبل في الغزو حتى يحلوا بساحة العدو، فجعل الجيش هو المز عج للإبل المرتحلة الدافع لها.
ويروى الشاهد بنصب "الجيش" ورفع "القوادم"، لأنها المتقدمة، والخيل مقودة خلفها فكأنها الدافعة الجيش إليهم، والسابقة له نحوهمن وهذا على رواية: وليدفعن، أما رواية ابن السراج، وليركبن، فليس فيها إلا رفع الجيش.
وانظر: المقتضب 1/ 143. والمنصف 2/ 79. وا لخصائص 2/ 347. والمقرب لابن عصفور/ 170. والديوان/ 32.



ج / 3 ص -437- فقالَ قومٌ: كُلُّ شَيءٍ مما لا ينصرفُ مصروفٌ في الشعرِ إلا أَفعلَ "الذي معهُ مِنْ كذَا نحو: هَذا أَفعلُ مِنكَ1 ورأيتُ أَكرمَ مِنْكَ وذهبوا إلى أَنَّ "مِنْكَ" يقومُ مقامَ المضافِ إليهِ وهذَا مِنْهم خَطأٌ وإنَّما مُنعَ الصرفُ لأَنَّهُ "أَفعلُ" وتَمَّ "بِمنْكَ" نعتًا فَصارَ كأَحمَر أَلاَ ترىَ أَنَّكَ تقولُ: مررتُ بخير منكَ وشرٍّ مِنْكَ فمنكَ على حالِها وصرفتَ خيرًا وشراً" لأَنَّه قد نَقصَ عَنْ وزنِ "أَفعلَ" وقال قومٌ: يجوزُ في الشعرِ تركُ صرفِ ما ينصرفُ.
قالَ محمد بن يزيد: وهذَا خَطأٌ عظيمٌ لأَنَّهُ ليسَ بأَصلٍ للأسماءِ أن لا تنصرفَ فتردٌّ ذلكَ إلى أَصلهِ قالَ: ومِمّا يحتجونَ بهِ قولُ العباسِ بن مرداس:

أَتجْعَلُ نهبي ونَهبَ العُبي دِ بَيْنَ عُيَينَةَ والأَقرعِ...

وما كانَ حِصْنٌ ولاَ حَابسٌ يًفُوقانِ مِرْدَاسَ في مَجْمَعِ 2


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ذكر ابن عصفور في المقرب/ 170. أن الكوفيين استثنوا من ذلك "أفضل من" وزعموا أن "من" منعت صرفه وهي تفاقها. وزعم البصريون أن المانع من صرفه إنما هو وزن الفعل والصفة لا "من" بدليل قول العرب: خير منك، وشر منك، ومنونتين، لما زال وزن الفعل، ولو كانت "من" المانعة للصرف وجب امتناع "خير وشر" الصرف فتبين إذن أن المانع لا يعمل "من" الصرف إنما هو الوزن والصفة كما أن أحمر كذلك، فكما أن "أحمر" يصرف في الضرورة، فكذلك "افعل" وزعم أبو الحسن أن من العرب من يصرف ما لا ينصرف في الكلام، وزعم أن ذلك لغة للشعراء.
2
الشاهد فيهما: ترك صرف "مرداس" وهو اسم منصرف، وهذا قبيح لا يجوز، ولا يقاس عليه لأن لحن، لذا فإن ابن السراج قال: والرواية الصحيحة.
يفوقان شيخي في مجمع.
وللبيتين قصة بعد موقعتة حنين مذكورة في المراجع الإسلامية والتاريخية. ورواية الديوان:

فأصبح نهبي ونهب العبيدين...

ويروي كذلك: أيذهب نهبي...
والنهب: الغنيمة والعبيد بالتصغير: اسم فرس العباس، وكان يدعي فارس العبيد. يفوقان: الشيء الفائق: هو الجيد الخالص في نوعه، ورواية: يفوقان شيخي، يريد الشاعر أباه وجده.
وانظر: الأغاني 4/ 308 والشعر والشعراء/ 101. والكامل لابن الأثير 2/ 184. والموشح للمرزباني/ 144 وشروح سقط الزند 2/ 873. والسيوطي 925 والسمط/ 32. والخزانة 1/ 71. والضرائر/ 134. واللسان "نهب، وعبد" والديوان.



ج / 3 ص -438- وإنَّما الروايةُ الصحيحةُ "يفوقانِ شيخيَ في مَجْمَعِ" ومِنْ ذلكَ روايتهُم في هذَا البيت لذي الأصبعِ العدواني:

ومَمِنْ وَلَدوا عَامرُ ذو الطُّولِ وذو العَرْضِ1

وإنَّمَا عامرُ اسمُ قبيلةٍ فيحتجونَ بقولِهِ "وذو الطولِ" ولم يقلْ2 "ذَاتِ" فإنَّما ردَّهُ للضرورةِ إلى "الحَيِّ" كَما قَالَ:

قَامتْ تُبَكيّهِ عَلَى قَبْرِهِ مَنْ لِي مِنْ بَعدِكَ يَا عَامرُ

تَرَكْتَنِي في الدَّارِ ذَا غُربَةٍ قَدْ ذَلَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ ناصرُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الشاهد فيه عدم صرف "عامر" لأنه اسم للقبيلة، وقال الشاعر: "ذو" ولم يقل "ذات" لانه حمله على اللفظ.
ولدت المراة، تلد ولادة وولادا، والعائد محذوف، أي: ولدوه، وذو الطول وذو العرض صفته -أي: عامر- وهو كناية عن عظم الجسد وقوته.
وانظر: لمع الأدلة/ 50. وابن يعيش 1/ 68. واللسان "عمر"/ 379. وشرح السيرافي 1/ 204. والإنصاف/ 165. والعيني 4/ 364 وشعراء النصرانية/ 626.
2
يقل: ساقط في "ب".
3
الشاهد فيه "ذا غربة" والقياس أن يقول: ذات غربة، لكنه رد الكلام إلى معنى الإنسان، لأنها إنسان، فكأنها قالت: تركتني نسانا ذا غربة، وإنما انشد البيت الأول ليعلم أن قائله امرأة.
وعمرو معدول عنه في حالة التسمية، لانه لو عدل عنه في الصفة لقيل: العمر يريد العامر، وعامر أبو قبيلة، وهو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.
وانظر: شرح السيرافي 1/ 133 وأمالي 2/ 160. وأمالي السيد المرتضي 1/ 51. ولمع الأدلة/ 50. وابن يعيش 5/ 101. والإنصاف/ 266.



ج / 3 ص -439- فإنَّما1 أرادَ للضرورة إنسانًا ذا غربةٍ فهذَا نظيرُ ذلكَ وهذَا الذي ذكرَ أبو العباس كمَا قالَ: إنَّهُ القياسُ أَنْ يُردَّ للضرورةِ الشيءُ إلى أَصلِه ولكنْ لو صحتِ الرواية في تَركِ صرفِ ما ينصرفُ في الشعر لما كانَ حذفُ2 التنوينِ بأَبعدَ من حذفِ الواوِ في قوله: فَبنَياهُ يَشْرِي رَحلَهُ3.. لأَنَّ التنوينَ زَائدٌ ولأَنَّه قد يحذفُ في الوقفِ والواوُ في "هُوَ" غيرُ زائدةٍ فلا يجوزُ حذفُها في الوقفِ كلاهُما رَديءٌ حذفُهما في القياسِ.
قالَ أَبو العباس: فأَمَّا قَولُ ابن الرقياتِ:

"
ومَصْعَبُ حينَ جَدَّ الأمرُ أَكثرُها وأَطَيبُها4

فزعَم الأصمعي: أَنَّ ابنَ الرقياتِ ليس بحجةٍ وأنَّ الحضريةَ أَفسدتْ عَلَيْه لغتَهُ قالَ: ومَنْ روى هذَا الشعرَ مِمَّنْ يفهمُ الإِعرابَ ويتبعُ الصوابَ ينشدُ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" أرادت.
2
في "ب" ترك.
3
يشير إلى قول الشاعر:

فبيناه يشري رحله قال قائل لمن جمل رخو الملاط نجيب.

على أن الشاعر استعمل "بنياه" بمعنى: بينا هو شار رحله، ويشري هنا بمعنى ببيع، واختلف في نسبة هذا البيت، فالمشهور أنه للمخلب- بضم الميم وفتح الخاء وشديد اللام. وقيل للعجير السلولي، وروي كذلك:

لمن جمل رخو الملاط ذلول

والملاط: مقدم السنام. وقيل: جانبه، وهما ملاطان، وقيل: هما العضدان وقيل الإبطان، وقوله: رخو" إشارة إلى عظمة واتساعه.
وانظر: الخصائص 1/ 69. والضرائر/ 77. والإيضاح لأبي على/ 75. والموشح 146. والإنصاف/ 267. وإيضاح الشواهد الإيضاح/ 79.
4
قيل إن الرواية الصحيحة في هذا هي: وأنتم حين جد الأم..
وانظر: شرح السيرافي 1/ 204، والإنصاف/ 264، وابن يعيش 1/ 68 والخزانة 1/ 72.



ج / 3 ص -440- "وأَنتمُ حينَ جَدَّ الأمرُ أكثرُها وأطيبُها1

قالَ: ومِنَ الشعراءِ الموثوقِ بهم في لغاتِهم كثيرٌ2 مِمَّنْ قد أَخطأَ لأَنَّهُ وإنْ كانَ فصيحًا فَقَدْ يجوزْ عليهِ الوهلُ والزللُ مِنْ ذلكَ قولُ ذي الرّمةِ:

وقَفْنَا فقلنا إيهِ عَنْ أُم سَالمٍ ومَا بالُ تكليمِ الدّيارِ البلاقعِ3

وهذَا لا يعرفُ إلا منونًا في شيءٍ من اللُغاتِ وقَولُه:

حَتَى إذَا دَوَمتْ في الأرضِ رَاجَعهُ كِبْرٌ وَلَو شَاءَ نَجّى نَفْسَهُ الهَرَبُ4

إنَّما يقالُ: دَوّى في الأرضِ ودَوّمَ في السَّماءِ كمَا قالَ:

والشَّمْسُ حَيْرَى لَها في الجَوِّ تدويمُ5

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الإنصاف/ 264، والخزانة/ 72.
2
كثير: ساقطة في "ب".
3
مر تفسير هذا الشاهد في هذا الجزء.
4
الشاهد فيه استعماله "دوم" في الأرض، والتدوم لا يكون إلا في السماء دون الارض، وقيل: أن دومت هنا، ومعناها: أبعدت واصله من دام يدوم.
وصف ثور الوحش مع كلاب الصيد، وقد هرب الثور أو هم بالهرب من الكلاب ولكنه أنف من الهرب فرجع إلى الكلاب.
والبيت لذي الرمة بن غيلان.
وانظر: الخصائص 3/ 281. والاقتضاب لبطليوسي/ 159. واللسان 15/ 105 "دوم" والجمهرة لابن دريد 2/ 302. والأضداد لابن الانباري/ 83. ومعجم مقاييس اللغة 2/ 315. الديوان/ 24.
5
هذا شطر بين لذي الرمة في وصف جنديا وتكملته:

معرويرا رمض الرضاض يركضة والشمس حيرى لها في الجو تدويم.

أي: كأنها لا تمضي، فهو قد ركب حر الرضاض، والرمض: شدة الحر، ويركضه، يضربه برجله، وكذا يفعل الجندب.
والشمس حيري: تقف الشمس بالهاجرة عن المسير مقدار ستين فرسخا تدور على مكانها، ويقال: تحير الماء في الروضة، إذا لم يكن له جهة يمضي فيها. والتدويم: الدوران.
وانظر: مقاييسس اللغة 2/ 315، والاقتضاب للبطليوسي/ 159 واللسان "دوم" والديوان/ 78.



ج / 3 ص -441- فأمَّا ما يضطرُ إليه الشاعرُ ممنْ ينونُ الاسم المفردَ في النداءِ فَقد ذكرناهُ في النداءِ.
الثاني مِنَ الضربِ الأَولِ:
وَهوَ إظهارُ التضعيفِ وَهوَ زيادةُ حركةٍ إلا أَنَّها حركةٌ مقدرةٌ في الأصلِ يجوزُ في الشعرِ ولا يجوزُ في غيرِه تضعيفُ المدغمِ فيقولُ في "رَدَّ": رَدَدَ لأَنَّهُ الأَصلُ ويقولُ في "رَادٍّ"1: هذَا رَادِدٌ وفي "أَصمّ" أَصمم فاعلم.
قالَ مَعْنَبُ بن أُم صَاحبٍ:

مَهْلًا أَعَاذِلَ قَدْ جَرَّبْتِ مِن خُلُقي أَني أَجُودُ لأَقْوَامٍ وإنْ ضَنِنُوا

يريدُ: ضنّوا2 وقال: آخرُ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا: ساقط في "ب".
2
من شواهد سيبويه 1/ 11 و2/ 161، على إظهار التضعيف في "ضننوا" وصف الشاعر نفسه بالجود حتى ولو كان من يجود عليه بخيلا حريصا.
وانظر: المقتضب 3/ 354، والحجة لأبي على 1/ 207 ونوادر أبي زيد/ 44.
والمخصص لابن سيدة 15/ 58 ومختار ابن الشجري/ 8 طبعه مصر. والمقرب لابن عصفور/ 172. وابن يعيش 3/ 12. والخصائص 1/ 257. والموشح/ 94 وشرح السيرافي 1/ 208.



ج / 3 ص -442- "الحَمْدُ للهِ العَليِّ الأَجْلَلِ1

يريدُ: الأَجَلِّ.
وقالَ أبو العباس في قولِهم:

"
قَدْ عَلمتْ ذاكَ بناتُ أَلْبُبِهْ2

يريدُ: بناتِ أَعقلِ هذَا الحي.
وقال: ولا أُجيزُ هَذَا إلا في الشعر كقولِكَ: "ضَنِنُوا". فأَمَّا في الكلامِ فلاَ يجوزُ إلا بَناتُ أَلبَّهْ3.
الثالثُ مِنَ الضربِ الأول:
وهوَ تصحيحُ المعتلِّ يجوزُ في الشعرِ وَلا يصلحُ في الكلامِ تحريكُ الياءاتِ المعتلةِ في الرفعِ والجرِّ للضرورة نحو قولِكَ في الشِّعر: هَذا قاضيٌ ومررتُ بقَاضيٍ لأَنَّهُ الأصلُ مِنْ ذلكَ قولُ ابن الرقياتِ:

لاَ بَاركَ اللَّهُ في الغَوَانيِ هَلْ يُصْبِحْنَ إلا لَهُنَّ مُطَّلَبُ4


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا مطلع أرجوزة "لامية لأبي النجم العجلي". والشاهد في فك إدام المثلين للضرورة. والقياس: الأجل.
وانظر: المقتضب 1/ 142. والمنصف 1/ 339 والخصائص 3/ 87. والنوادر: 44.
والموشح للمزرباني: 148. والمقرب لابن عصفور/ 172. وشرح السيرافي 1/ 208.
2
مر تفسير هذا الشاهد ص/ 628 من هذا الجزء.
3
انظر: المقتضب 1/ 171 و2/ 99 والكتاب 2/ 403.
4
من شواهد سيبويه 2/ 59 على تحريك الياء من الغواني، وإجرائها على الاصل ضرورة وجائز في الشعر أن يرد الشيء إلى أصله.
والغواني: جمع غانية، وهي الجارية الحسناء ذات زوج كانت أو غير ذات زوج. سميت غانية لأنها غنيت بحسنها عن الزينة.
ورواية الديوان: الغواني" بسكون إلى الياء ولا شاهد فيه حينئذ.
وانظر الديوان: "الغواني" بسكون الياء ولا شاهد فيه حينئذ.
وانظر: المنصف 2/ 67 والخصائص 1/ 262 والمحتسب 1/ 111 والمقرب لابن عصفور/ 173 وابن يعيش 10/ 101 واللسان "غنا" وشرح السيرافي 1/ 209 وا لموشح للمزرباني/ 95 وأمالي ابن الشجري 2/ 226 والديوان/ 68.

ج / 3 ص -443- وقال جرير:

فَيِومًا يُجَازينَ الهَوى غَيْرَ مَاضِيٍ ويَومًا ترَى مِنْهنَّ غُوْلًا تَغَوَّلُ1

فهذِه الياءُ حكمُها على هَذا الشَرطِ أَن تفتحَ في موضعِ الجَرِّ إِذَا وقعتْ في اسم لا يَنصرفُ كما ترفعُ في موضِع الرفعِ فإِنْ اضطرَّ شَاعِرٌ إلى صَرفِ ما لا ينصرفُ حرّكها في موضعِ الجَر بالكسرِ ونَوَّنَها كما يَفعلُ في غيرِ المعتلِّ فأَجراها في جميعِ الأشياءِ مَجرى غير المعتلِّ وكذلكَ حكمُها في الأَفعالِ أَنْ ترفعَ في الياءِ والواوِ فتقولُ: زيدٌ يرميُكَ ويغزُوكَ كَما قالَ:

أَلَمْ يَأْتِيْكَ والأَنباءُ تَنمِي بَمَا لاقَتْ لَبُونُ بني زِيَادِ2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 2/ 59 على تحريك الياء من "ماضي" ويروي: غي ما صبا أي: يوافيني الهوى منهن ولا أصبوا ولا آتي ما لا يحل.
وكذلك: يروي يوافيني الهوي.. بدلا من "يجازين".
والغول: يقال: غالته غول، ذا نابته نائبة تذهب به وتهلكه.
وانظر: الخصائص 3/ 159، والمقتضب 1/ 144 والمنصف 2/ 80، وأمالي ابن الشجري 1/ 86 والمقرب لابن عصفور/ 173 والحجة لأبي على 1/ 244. والنوادر لأبي زيد/ 203 وابن يعيش 10/ 101 وشرح السيرافي 1/ 209 واللسان "مضى" وارتشاف الضرب/ 383 والديوان/ 457.
2
من شواهد سيبويه 2/ 59 على إسكان الياء في يأتيك في حال الجزم حملا لها على الصحيح، وهي لغة بعض العرب، يجرون المعتل مجري السالم في جميع أحواله فاستعملها ضرورة.
وتنمي: تبلغ، واللبون، جماعة الإبل ذلت اللبن، والشاهد من أبيات لقيس بن زهير العبسي في إبل للربيع بن زياد استقاها وباعها بمكة، وذلك أن الربيع كان قد أخذ منه درعا ولم يردها عليه.
وانظر: المحتسب 1/ 67 والمنصف 2/ 81، وسر صناعة الإعراب 1/ 88. والأغاني 16/ 28 وشرح السيرافي 1/ 209. وأمالي ابن الشجري 1/ 84. والحجة لأبي على 1/ 244. والخصائص 1/ 333. والجمل للزجاجي/ 257، ومعاني القرآن 2/ 188.



ج / 3 ص -444- هَذا جَزَمهُ مِنْ قولِه: "هُوَ يَأَتيُكَ" وأَمَّا الأَسماءُ فقولُه:

قَدْ عَجِبَتْ مِني ومِنْ يُعَيْلِيَا لمَّا رأَتنْي خَلَقًَا مُقْلَوْلِياَ1

ففتحَ "يُعيلى" لأَنَّهُ لا ينصرفُ ولم يلحقهُ التنوينَ لأَنَّهُ جعلَهُ بمنزلةِ غيرِ المعتلِّ ومثلُ ذلكَ قولُه:

"
أَبِيتُ عَلَى مَعَارِيَ فَاخِرَاتٍ بِهنَّ ملُوَّبٌ كَدَمِ العِبَاطِ2

فَهذَا لو أسكنَ فَقالَ: مَعَارٍ فَاخراتٍ لَمْ ينكسرِ الشعرُ ولكنْ فَرَّ مِنَ الزحافِ ومثلُ ذلكَ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 59 على إجراء "يعيل" على الأصل ضرورة، وهو تصغير "يعلي" اسم رجل، ويمنع "يعلي" من الصرف كبرا ومصغرا للعلمية ووزن الفعل، كان القياس أن يقول "يعيل" بالتنوين كما في جوار وغواش.
والمقلولي: الذي يتململ على الفراش حزنا.
وهذا الرجز غير منسوب في الكتاب ولم ينسبه احد لقائل معين، ونسبة الأستاذ النجار إلى الفرزدق في حاشية الخصائص، ولم يوجد في ديوان الفرزدق المطبوع.
وانظر: المقتضب 1/ 142. والخصائص 1/ 6 والتصريف 2/ 78 وشرح السيرافي 4/ 136.
2
من شواهد الكتاب 2/ 58 على إجراء "معاري" في حال الجر مجري السالم، وكان الوجه "معار" كجوار، ونحوها من الجمع المنقوص، فاضطر إلى الإتمام والإجراء على الأصل كراهة للزحاف.
والمعاري: جمع معري، وهو هَهُنَا الفراش، كأنه من عروته أعروة، إذا اتيته وترددت عليه، والملوب: الذي أجري عليه الملاب وهو ضرب من الطيب شبهه في حمرته بدم العباط، وهي التي نحرت لغير علة واحدها عبيط.
والبيت للمنخل، مالك بن عويمر من شعراء هذيل.
وانظر: التصريف2/ 67 والخصائص 1/ 334 وشرح السيرافي 4/ 135، 1/ 211 وديوان الهزليين/ 2/ 20، والحماسة 2/ 993 واللسان "عبط" وجمهرة أشعار العرب/ 119.



ج / 3 ص -445- فَلَو كانَ عبدُ اللهِ مَوْلىً هَجَوتُهُ ولكنَّ عبدَ اللهِ مَوْلَى مَوَاليا1

وأمَّا قولُ القائلِ2:

"
سَمَاءُ الإِلهِ فَوقَ سَبعٍ سَمَائِيَاَ3......

ففيهِ ثلاثةُ أشياءٍ. مِنْها أَنَّهُ جمَع "سَماءً" علَى "فَعَائل" كَما تجمعُ سحابةٌ علَى سَحائب وكانَ حَقُّ ذلكَ أَنْ يقولَ: سَمَايا فَبَلَغَ بِهِ الأَصل فقالَ: سَمَاءٌ ثم فَتَحَ فَجَعَلَهُ بمنزلةِ الصحيحِ
فقالَ سَمَايَ يا فَتى في موضعِ الجرِّ كما تقولُ سمعتُ برسَائلَ يا فَتى فردَّ "سَمَايَا" إلى الأصلِ مِنْ جهات رَدِّ الألفِ التي هيِ طرفٌ "سَمَايَا" إلى الياءِ فصارتْ "سَمَايَ" [ثُمَّ رَدَّ الياءَ الأولى التي تلي الألفَ إلى الهمزةِ فصارتْ "سَمَايَ"]4 ثُمَّ أَعربَ الياءَ إعرابَ الصحيحِ فلَمْ يصرفْ والياءُ في مثلِ هَذا الجمع يلحقُها التنوينُ فيقولُ: هؤلاءِ جَوارٍ فاعلَمْ ومررتُ بجوارٍ فاعلَم. ورأيتُ جَواريَ يا هَذا5.
الرابعُ: مِنَ الضربِ الأَولِ:
مِنَ الزيادةِ وهوَ قطعُ أَلفِ الوصلِ في أنصافِ البيوتِ يجوزُ ابتداءُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 5/ 28 "على إجرائه" موالي على الأصل ضرورة، والقياس "موال" لأنه منقوص.
والبيت للفرزدق قال لعبد الله بن أبي إسحاق النحوي وكان يلحنه فهجاه.
وانظر المقتضب 1/ 143 وشرح السيرافي 1/ 221 والضرائر/ 218، والشعر والشعراء 1/ 89 وطبقات الشعراء/ 8 والموشح للمرزباني/ 150، واللسان 2/ 290 "عراء".
2
في "ب" ا لآخر.
3
هذا لأمية بن أبي الصلت. وق مر تفسيره صفحة: 341 من هذا الجزء.
4
ما بين القوسين ساقط في "ب".
5
في الأصل الجملة مكررة والتصحيح من "ب".



ج / 3 ص -446- الأَنصافِ بأَلفِ الوصلِ لأّنَّ التقديرَ الوقفُ علَى الأنصافِ التي هيَ الصدور ثُمَّ تستأنفُ ما بعدَها فَمِنْ ذلكَ قولُ لَبيدٍ:

ولاَ يبادرُ في الشِّتَاءِ ولِيدُنا أَلقْدَرَ يُنزلُها بِغَيْرِ جِعَالِ 1

وقالَ:

أَو مُذْهَبٌ جُدَدٌ علَى أَلْوَاحِهِ أَلنَّاطِقُ المَزْبُورُ والمَخْتُومُ2

وقالَ:

لا نَسَبَ اليومَ وَلاَ خُلَّةً إتَّسَعَ الخَرْقُ علَى الراقِعِ3

ويقبحُ أَنْ يُقَطعَ أَلفُ الوصلِ في حشوِ البيتِ ورُبّما جَاء في الشعرِ وهوَ رَديءٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 2/ 274 على قطع الوصل من قوله "القدر" ضرورة، وسوغ ذلك أن الشطر الأول من البيت يوقف عليه، ثم يبتا ما بعه فقطع على هذه النية، وهذا من أقرب الضرورات.
والجعال: خرقة تنزل بها القدر، وأجعل القدر: أنزلها بالجعال.
وانظر: الكامل للمبرد/ 475 وروي البيت: وليدها بدلا من وليدنا وشرح السيرافي 5/ 383، 1/ 212 والتمام في تفسير أشعار هذيل/ 44، وشرح المفصل 9/ 138 واللسان "جعل" والدرر اللوامع 2/ 237 والرواية: ولا يبادر بالعشاء وليدنا.
2
من شواهد سيبويه 2/ 274، على قطع ألف الوصل في "الناطق" وجدد: جمع جدة وهي الطريقة، والخط كأنه يريد أسطار الكتابة. ويريد بالناطق الخط الواضح. ووصفه بالمزبور، أي: المظهر المنشور. والمختوم: غير الواضح والغامض شبه المعروف من الديار- وهو ما بقي من آثارها ودل عليها- بالوشم وباللوح الذي فيه كتابة بعضها واضح، وبعضها خفي.
والشاهد للبيد بين ابي ربيعة.
وانظر: شرح السيرافي 5/ 387 والخصائص 1/ 193 ومعاني الفراء 2/ 87 والتمام في تفسير أشعار هذيل/ 56 ومقاييس هذيل/ 56 ومقاييس اللغة 1/ 218 واللسان "برز" والديوان/ 91.
3
من شواهد الكتاب 1/ 349 على إثبات الهمزة في "اتسع" في حال الوصل ضرورة وهو أسهل، لأنه في اول النصف الثاني، فالعرب تسكت على انصاف البيوت وتبتدأ با لنصف الثاني فكأن الهمزة وقعت أولا.
والشاهد لأنس بن العباس السلمي.
وانظر: المنصف 1/ 470 وأمالي القالي 3/ 73 وشرح السيرافي 1/ 213، وروايته: اتسع الخرق على الراتق. والمقرب لابن عصفور/ 176 والمؤتلف وا لمختلف/ 127 ومجمع الأمثال 1/ 160. وابن يعيش 9/ 138 والكامل 475.



ج / 3 ص -447- الضربُ الثاني: مِمّا يستحسنُ للشاعرِ إِذَا اضطر أَنْ يحذفَهُ:
الحذفُ نوعان1:
الأولُ: قَصْرُ الممدودِ2 لأَنَّ المدَّ زيادةٌ فإذا اضطر الشاعرُ فقصرَ فَقَدْ رُدَّ الكلامَ إلى أصله وليسَ له أَن يمدَّ المقصورَ كما لم يكنْ لَهُ أَن لا يصرفَ ما ينصرفُ لأَنَّهُ لو فعلَ ذلكَ لأَخرجَ الأَصلَ إلى الفرعِ والأُصولُ ينبغي أَن تكونَ أَغلبَ مِنَ الفروعِ وهوَ في الشعرِ كثيرٌ ولكنْ لا يجوزُ أَن يمُدَّ المقصور.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
لم يمثل ابن السراج لقصر الممدود واكتفي بالقول: فإذا اضطر شاعر فقصر، فقد رد الكلام إلى أصله، قال ابن عصفور في المقرب/ 170 "وقصر الممدود جائز باتفاق، لأن فيه رد الاسم إلى أصله، بحذف الحرف الزائد الذي قبل آخره نحو قوله:

لابد من صنعا وإن طال السفر.

فقصر صنعاء للضرورة، إلا أن الفراء اشترط في جواز قصر الممدود أن يكون المقصور مما يجوز أن يجيء في بابه مقصورا نحو: صنعاء... والبصريون لا يتشرطون ذلك في قصر المدة". قال ابن عصفور: وعلي مذهب أهل البصرة ورد السماع.



ج / 3 ص -448- الثاني: تخفيفُ المشددِ في القوافي:
يجوزُ تخفيفُ كُل مشددٍ في قافيةٍ لأَنَّ الذي بقيَ يدلُّ علَى أَنَّهُ قد حُذِفَ منهُ1 مثلُه لأَنَّ المشدد حرفانِ وإِنّما اقتطعتْهُ القافيةُ لأَنَّ الوزنَ قد تَمَّ فَمنْ ذلكَ قولُه:

"
أَصَحَوْتُ اليومَ أَمْ شاقَتْكَ هِرْ2

ومثله:

حتَّى إذَا ما لم أَجدْ غَيرَ الشَّرِي كُنْتُ امرًا مِنْ مَالِك بِن جَعْفَرِ3

لا بُدَّ مِنْ تخفيفِ ياءِ الشرى ومثلُ هَذا:

قَتَلْتُ عِلباءً وهندَ الجَمَلي وابنًا لصُوحانَ علَى دِيْنِ عَلَي4


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "عنده" والتصحيح من "ب".
2
صدر بيت لطرفة بن العبد. وعجزه:

ومن الحب جنون مستعر

وصحوت: تركبت الصبا والباطل. شاقتك: هاجت شقوك، وهو اسم امرأة، والمستعر: المتلهب.
وانظر: شرح السيرافي 1/ 215 والتمام في تفسير أشعار هذيل 218 والكامل للمبرد 701 والخصائص 2/ 228 والأشباه والنظائر 1/ 159 والديوان/ 45، 68.
3
الشاهد فيه "الشري" فقد خفف ياء "الشري" وحذف الراء الثانية منه، ولم ينسب هذا لقائل معين.
وانظر: المحتسب 2/ 77 والموشح/ 96 وتوجيه إعراب أبيات ملغزة الإعراب لفارقي/ 155.
4
الشاهد فيه تخفيف ياء "الجملي" وبنو جمل بطن. منهم هند الجملي الذي قتل مع الإمام علي يوم الجمل. وإياه عنى الشاعر عمرو بن يثربي الضبي، فأسره عمار بن ياسر فجاءوا به إلى علي فأمر بقتله ولم يُقتل أسيرٌ غيره فقيل له في ذلك فقال: إنه زعم أنه قتله على دين عليٍّ ودينُ عليٍّ دينُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وبنو صوحان: من بني عبد القيس.
وانظر: الاشتقاق 2/ 413 واللسان 13/ 131 "جمل".



ج / 3 ص -449- وقَدْ ذكَرنا في القوافي ما يجوزُ تحريكُ الساكنِ [فيه]1 للقافيةِ فَما يجوزُ في الشعرِ ولا يكونُ2 في غيرهِ [فمنه]3 أَنْ يكونَ الاسم على ثلاثةِ أَحرفٍ مسكنِ الأَوسطِ فتحركهُ بالحركةِ التي للحرفِ الأَولِ وذلكَ أَنْ يكونَ علَى "فِعْلٍ" أَ و"فَعْلٍ" أو"فُعْلٍ" فتحركُ للضرورة
قالَ زهير:

ثُمَّ اسْتَمرُّوا وقالوا: إنَّ مشرَبكم مَاءٌ بشَرقيّ سَلْمَى فَيْدُ أو رَكَكُ 4

وإنّما اسمُ الموضعِ "رَكَّ" ومثلُ ذلك قول رؤبة:

هاجَكَ مِنْ أرْوَى كمنهاضِ الفَكَكْ5

وإنّما هو"الفَكُّ" يقالُ: فَكَّهُ يفكهُ فكًّا وقالَ آخَرُ:

"
يَلْعَجُ الجِلَدَا6..

يريد الجِلْدَ فحركَ اللامَ لإِتباعِ ما قبلَها وقَد فَعَل رؤبةُ ما هو أَشدٌّ مِنْ هَذا قالَ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
زيادة من "ب".
2
في "ب" ولا يجوز.
3
زيادة من "ب".
4
مر تفسر هذا/ 407 من هذا الجزء.
5
مر تفسر هذا/ 406 من هذا الجزء.
6
الشا هد فيه تحريك اللام لاتباع ما قبله، وا لبيت بتمامه:

ذا تأوب نوح قامتا معه ضربا أليما بسبت يلعج الجلدا

وهو لعبد مناف بن ربع الهذلي.
وروى: إذا تجرد.. وكذلك يروي: إذا تجاوب.
نوح: أي: نساء ينحن قياما، والنوح: النساء القيام، وقوله: يلعج: يخرق الجلد ويقال: وجدت لاعج الحزن، أي: حرقته، ووجدت في جلدي لعجا، أي: حرقة، والسبت: الجلد المدبوغ يتخذ منه النعال.
وانظر: المنصف 2/ 308 والنوادر/ 30 والجمهرة 2/ 103 وشرح السيرافي 508 والتهذيب 1/ 276 والخزانة 3/ 174 والكامل/ 742 والاقتضاب للبطليوسي/ 273 والخصائص 4/ 333.



ج / 3 ص -450- وَلَمْ يضِعْهَا بينَ فِرْكٍ وعَشَقْ1

يريدُ: عِشْقٌ فكانَ حكمُ هَذا في الضرورةِ أَنْ يقولَ: عِشْقٌ ولكنَّهُ كَره الجمعَ بينَ كسرتينِ لأَنَّ هذَا عَزيزٌ في الأَسماءِ. فلو قالَ: "الجلَدُ" كما قالَ رؤبة لكانَ حسنًا كما يفعلونَ بالجمعِ بالتاءِ في غيرِ الضرورةِ فيقولون في المضموم والمكسورِ: ظُلْمةٌ وظُلُماتٌ كِسْرَةٌ وكِسِراتٌ وإنْ شَاءوا فَتحوا لتوالي الكَسراتِ والضَّماتِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
مر تفسير هذا الشاهد/ 407 من هذا الجزء.

ذِكرُ ما جاءَ كالشاذِّ الذي لا يقاسُ عليهِ:
وهوَ سبعةُ أنواعٍ: زيادةٍ وحذفٍ ووضعِ الكلامِ غيرِ موضعهِ وإبدالِ حرفٍ مكان حرفٍ وتغييرِ وجهِ الإعراب للقافية تشبيهًا بمَا يجوزُ وتأنيثِ المذكرِ على التأويلِ وهوَ زيادةٌ إلا أنّا أفردناها لِمَعناها1.
الأولُ: الزيادةُ: فَمِنْ ذلكَ أَنْ ينقصَ الوزنُ فيحتاجُ الشاعرُ إِلى تَمامهِ فيشبعُ الحركةَ حتى يصيرَ حرفًا وذلكَ نحو قولِه:

نَفْيَ الدَراهيمِ تَنْقَادُ الصَّيَاريْفُ2


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" إضافا بدلا من "لمعناها".
2
من شواهد سيبويه 1/ 10، على زيادة الياء في "الصيارف" ضرورة تشبيها لها بما جمع في الكلام على غير واحد، نحو: ذكر ومذاكير، وسمح ومساميح، وجعل المبرد في الكامل "الياء" في الصياريف، حرف إشبع من الكسرة.
ومعنى تنفي: كل ما رددته فقد نيته. والهاجرة: وقت اشتداد الحر. تنقاد: من نقد الدراهم، وهو التميز بين جيدها ورديئها.
وصف ناقة بسرعة السير في الهواجر. فقال: إن يديها لشدة وقعها في الحصى ينفيانه فيقرع بعضه بعضا، ويسمع له صوت كصوت الدراهم إذا انتقدها الصيرفي. والبيت للفرزدق في وصف ناقة وتمامه: تنفي يد اها الحصى في كل هاجرة وانظر: المقتضب 2/ 258 والكامل/ 143 والخصائص 2/ 315 وشرح الحماسة 4/ 377 والجمهرة 2/ 356. وأمالي ابن الشجري 1/ 142، والإنصاف/ 27 وابن يعيش 6/ 106.



ج / 3 ص -451- وقالَ محمد بن يزيد: إِنّما نظر إلى هذه الياءاتِ التي تقعُ في هَذا المكانِ في الجمعِ فإِذَا هيَ تقعُ لعللٍ. إمّا أَنْ تكونَ كانتْ في الواحدِ فرجعتْ في الجمع نحو: مِصْباحٍ ومَصَابيحٍ وقِنديلٍ وقَنَاديلٍ وجُرموقٍ وجَرَاميق1، وإِمَّا وقعتْ لشيءٍ حذفتهُ مِنُ الاسم فجعلتَها عوضًا وذلكَ قولُكَ في "مُنطلقٍ": مَطَالقُ حُذفتِ النونُ لزيادتِها شئتَ قلتَ "مَطَاليقُ" فجئتَ بالياءِ عوضًا وذلكَ أنَّ الكسرةَ تلزمُ هذَا الموضعَ فوضعتَ العوضَ مِنْ جنسِ الحركةِ اللازمةِ فلمَّا اضطرَّ أَدخلَ هذِه الياءَ تابعةً للحركةِ وإِنْ لم تكنْ للواحدِ وجعلَ الصورةَ بمنزلةِ ما عُوضَ للكسرةِ منهُ وقَد كانَ يستعملُ هَذا في الكلامِ تشبيعًا للكسرةِ في غيرِ موضعِ العوضِ ولا الضرورةِ وذلكَ قولُكَ: دَانقٌ ثُمَّ تقولُ: دَوانيقُ وتقولُ في جمعِ "خَاتمٍ": خَواتيمُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الكامل للمبرد/ 143، يقال في خاتم، خواتيم، وفي دانق: دوانيق، وفي طابق: طوابيق، ثم أنشد بيت الفرزدق:

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة..

الثاني: إجراؤهم الوصلَ كالوقفِ:
مِنْ ذلكَ قولُهم في الشعرِ للضرورةِ في نَصبِ "سَبْسَبٍ وكَلْكَلٍ": رأَيتُ سبسبًّا وكَلْكلًا ولا يجوزُ مثلُ هَذا في الكلامِ إلا أن يقولَ: رأيتُ سَبْسَبًَّا وكَلْكَلًا وإِنَّما جازَ هَذا في الضرورةِ لأَنَّك كنتَ تقولُ في الوقفِ في الرفعِ والجرِّ: هَذا سَبْسَبٌّ ومررتُ بسَبْسَبٍّ فتثقلُ لتدلَّ علَى أَنَّهُ متحركُ الآخرِ في الوصلِ لأَنَّكَ إِذا ثقّلتَ لم يحزْ أَنْ يكونَ الحرفُ الآخرُ



ج / 3 ص -452- إلا متحركًا لأَنَّهُ لا يلتقي ساكنانِ قلَّما اضطرَ إِليه في الوصلِ1 أَجراهُ على حالهِ في الوقفِ وكذلكَ فُعلَ بهِ في القوافي المجرورةِ والمرفوعةِ في الوصلِ فَمِنْ ذلكَ قولُه:

إنْ تَنْجَلِي يَا جُمْلُ أَو تَعْتَلِّي أَو تُصْبِحي في الظّاعِنِ المُولَى

ثُمَّ قالَ:

ببَازلٍ وِجْنَاءَ أَو عَيْهَلّ

فثَّقل وقَالَ:

كأنَّ مَهواهَا على الكَلْكَلِّ مَوضعُ كَفَّيِّ رَاهبٍ يُصَلّي2

وقالَ في النصبِ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الاصل "النصب" والتصحيح من "ب".
2
من شواهد الكتاب 2/ 282، على تشديد لام "عيهل" في الوصل ضرورة وإنما يشدد في الوقف ليعلم أنه قد ترك في الوقف.
وهذه الأبيات الخمسة من سبعة أبيات رواها أبو زيد في نوادره، ونسبت إلى منظور بن مرثد الأسدي، وأمه حبة ولذا ينسب إليها أيضا. وبعد هذه الأبيات:

نسل وجد الهائم المغتل إن صح عن داعي الهوى المصل

وفي رواية الخامس منها خلاف، فقد روي: موقع كفي... بد لا من "موضع"، والبازل: من الإبل الذي أتم السنة الثامنة وطعن في التاسعة وطلع نابه، سواء أكان ذكرا أم أنثى، والوجناء: النا قة التامة الخلق، غليظة لحم الونة لصلبة شديدة، والعيهل: الطويلة: السريعة، وقوله: كأن مهواها على الكلكل، المراد به: بروكها على صدرها، والمغتل: من به غلة وهي حرارة العطش، والمراد هنا: حرارة الشوق.
وانظر: الخصائص 2/ 359 والنوادر/ 53 وأراجيز العرب/ 158 والمنصف 1/ 11 والمحتسب 1/ 102 وسر صناعة الإعراب 1/ 187 وشرح شواهد الإيضاح لابن بري/ 37 والحجة لأبي على 1/ 112، 14/ 117، وشرح السيرافي 5/ 420 وأمالي ابن الشجري 2/ 26.



ج / 3 ص -453- ضَخْمٌ يُحبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا1

فهذَا أَجراهُ في الوصلِ علَى حدهِ في الوقفِ.
الثالث منها: ومِنْ ذلكَ إدخالُ النونِ الخفيفةِ والثقيلةِ في الواجبِ نحو قولهِ2:

رُبَّمَا أَوفيتُ في عَلَمِ تَرْفَعَنْ ثَوبي شَمَالاَتُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 1/ 11، على تشديد الميم في "الأضخم" ضرورة تشبيها بما يشدد في الوقف إذا قيل: هذا اكبر وأعظم. ولو قال: الأضخم فوقف على الميم لم تكن فيه ضرورة، ولكنه لما وصل القافية بالألف خرجت الميم عن حكم الوقف لأن الوقف على الألف لا عليا، ولذلك مثل سيبويه بسبسبا وكلكلا. ورى: الأضخما- بكسر الهمزة- والضخما- بكسر الضاد-، فالضرورة على روايته لأن "أفعلا وفعلا" موجودان في الكلام كثيرا نحو: رأيت أرزب وخدب، وإنما الضرورة في فتح الهمزة، لأن "أفعلا" ليس بموجود.
وصف رجلا بشرف الهمة وعظم الخليقة، ونسبه إلى الضخم إشارة إلى ذلك ولم يرد ضخم الجثة. قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} والعظم والخضم سواء. والبيت لرؤبة بن العجاج.
وانظر المنصف 1/ 10 وشحر السيرافي 5/ 155، ,اللسان 15/ 247، وا لمحتسب 1/ 101 وتوجيه إعراب أبيات مل غزة الإعراب للفارفي/ 155. وديوان رؤبة بن العجاج/ 83.
2
من شواهد الكتاب 2/ 153، على إدخال النون ضرورة في ترفعن.
قال سيبويه: وزعم يونس أنهم يقولون: ربما تقولن ذاك، وكثر ما تقولن ذاك.
والعلم: الجبل. والشمال- بالفتح- ويجوز الكسر بقلة- وهي الريح التي تهب من ناحية القطب. ويوري:

ترفعن أثوابي شمالات

وأوفي: اشرف.
والبيت لجذيمة الأبرض من أبيات يرثي بها جماعة من قومه.
وانظر: النوادر/ 210 وأمإلى ابن الشجري 2/ 243 وشرح شواهد الإيضاح لابن بري/ 29 وابن يعيش 9/ 40 والإيضاح لأبي على/ 46 والمفصل للزمخشري/ 331 والمغني 1/ 119.

ج / 3 ص -454- وهذا قديمٌ يقولهُ جذيمةُ الأبرش.
الرابعُ منها: ومِنْ ذلكَ إثباتُ الأَلفِ في "أَنا" في الوصلِ وإنَّما يثبتُ في الوقفِ روَى الأعشى:

فكيفَ أَنا وانْتِحَالي القَوافي بَعْدَ المشيبِ كَفَى ذَاكَ عَارا 1

فأثبتَ الألفَ ووصلَ واحتجَّ النحويونَ بأَنَّ الألفَ منقلبةٌ مِنْ ياءٍ أَوْ وَاوٍ فَردوا ما ذهبَ مِنَ الاسم.
قالَ أبو العباس: هذَا لا يصلحُ لأَنَّهُ لَو كانَ كما يقولونَ لم تقلبِ الياءُ والواوُ ألفًا لأَنَّهما لا يكونانِ إلا ساكنينِ لأَنَّ هذَا اسمٌ مضمرٌ مبنيُّ فلاَ سبيلَ إلى القلبِ فمنْ هَهُنَا فَسدَ ولِهَذا كانتِ الألفُ في جميعِ الحروفِ التي جاءتْ لمعنىً أَصلًا لأَنَّها غيرُ منقلبةٍ لأَنَّ الحروفَ لا حَقَّ لهَا في الحركةِ وإنَّما هيَ مسكَنةٌ فلا تكونُ أَلِفاتُها منقلبةً وذلكَ: حَتى وأَمّا وإلا ومَا أَشبهها هذهِ أَلفاتُها مِنَ الأصلِ غيرُ منقلبةٍ والاسم والفعلُ الألفُ فيهما لا تكونُ أصلاً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الشاهد في إثبت ألف الوصل في "أنا" ضرورة، فشبه الوصل بالوقف، كان المبرد ينكر قراءة من قرأ: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}. ويروي البيت:

فكيف يكون انتحالي القوافي

والانتحال: الادعاء، والقوافي: هنا يراد بها الشعر، فأوقع البعض موقع الكل. وفي الديوان: أثبت القوافي بفاء منفردة في الشطر الثاني، وهو الموافق للوزن حتى تبدأ الشطرة الثانية بالتفعيلة "فعولن" المحركة الثاني على أن كسرة الفاء من القوافي تدل على سقوط الياء فحذفها.
وانظر: ارتشاف الضرب/ 382 وشواهد الإيضاح لابن بري/ 138 والكامل/ 250. والتهذيب 5/ 65 وابن يعيش 5/ 45 والديوان/ 53 وشرح السيرافي 1/ 215. وشرح الحماسة 2/ 709. وكتاب إيضاح شواهد الإيضاح/ 77.



ج / 3 ص -455- قالَ أبو العباس: وروايةُ البيتِ:

فكيفَ يكون انتحالي القوافي بعد المشيب1......

الثاني: الحذفُ:
الأول: منهُ حذفُ التنوينِ لإلتقاءِ الساكنينِ نحو قولِه2:

فأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ولاَ ذَاكر الله إلا قَلِيلًا...

وأَقبحُ منهُ حذفُ النونِ. قالَ الشاعرُ:

فَسْتُ بآتيهِ ولا أَسْتَطيعُهُ وَلاَكِ اسقِني إنْ كانَ مَاؤُكَ ذَا فَضْلِ3


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكامل/ 250.
2
من شواهد الكتاب 1/ 85، على حذف التنوين لالتقاء الساكنين. وألفي: بمعنى وجد، يتعدي إلى مفعولين واستعتب: طلب العتاب، والمعنى ذكرته ما كان بيننا من العهود وعاتبته على تركها فوجدته غير طالب رضائي. والبيت لأبي الأسود الدؤلي، وللشعر قصة في الخزانة.
وانظر: المقتضب 2/ 313 ومعاني القرآن/ 2/ 202، وشرح السيرافي 1/ 223. وأمالي ابن الشجري 1/ 383. وابن يعيش 2/ 5 والموشح/ 96 والمغني/ 612. والسيوطي/ 316. واللسان 2/ 67.
3
من شواهد سيبويه 1/ 9 "على حذف النون من "على حذف النون من" لكن "لالتقاء الساكنين ضرورة لإقامة الوزن"، وكان الوه أن يكسر لالتقاء الساكنين، شبهها في الحذف بحروف المد واللين إذا سكننت وسكن ما بعدها نحو: يغز العدو، ويقض الحق. ويخش الله.
والبيت: لقيس بن عمرو بن مالك النجاشي من بني الحارث بن كعب في وصف ذئب وصف أنه اصطحب ذئبا في فلاة مضلة لا ماء بها، وزعم أن الذئب رد عليه فقال: قد دعوتني إلى شيء لم يفعله السباع قبل من مؤاكلة بين الإنسان وهذا لا يمكنني فعله ولا استطيعه، لأنني متوحش وانت إنسي، ولكن إن كان في ماءك الذي معك فضل عما تحتاج إليه فاسقني منه، وأشار بهذا إلى تعسفه للفلوات التي لا ماء فيها فيهتدي الذئب فيها لاعتياه لها.
وانظر: الخصائص 1/ 310 والموشح/ 147. والمنصف 2/ 229. وأمالي السيد المرتضى 2/ 120. وابن يعيش 9/ 142. وشرح السيرافي 1/ 258 والمغني 323 والسيوطي/ 239. ,الصحاح 6/ 1296.



ج / 3 ص -456- الثاني منه:
أَنْ تحذفَ للإِضافةِ والألفِ واللامِ ما كنتَ تحذفهُ للتنوينِ لأَنَّ هذه الأَشياءَ تتعاقبُ. قالَ الشاعر2:

كَنَواحِ رِيْشِ حَمَامَةٍ نَجْدِيَّةٍ وَمَسَحْتِ باللَّثَتَينِ عَصْفَ الإِثمِدِ

فحذفَ الياءَ من "نواحِي" لمَّا أَضافها إلى "ريشٍ" كمَا كانَ يحذفُها معَ التنوينِ وأَما حذفُها مَع الأَلفِ فنحو قولِهِ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" هذه أشياء.
2
من شواهد الكتاب1/ 9 على حذف الياء من "نواحي" ضرورة تشبيها لها بها في حال الإفراد والتنوين وحال الوقف، أراد كنواحي ريش.
والشاهد: لخفاف بن ندبة السلمة. وصف شفتي امرأة فشبههما بنوا حي ريش الحمامة في رقتهما ولطافتهما وحوتهما، وأراد أن لثاتها تضرب إلى السمسرة، فكأنها مسحت بالإثمد، وعصف الإثمد: ما سحق منه هو من عصفت الريح: إذا هبت بشدة س حقت ما مرت عليه وكسرته. والرواية الصحيحة: ومسحت-بكسر التاء- وعليه التفسير. وروى: مسحت – بضم التاء- ومعناه قبلها فمسح عصف الإثمد في لثتيها وكانت العرب تفعل ذلك: تغرز المرأة لثتها بالإبراة ثم تمر عليها الإثمد والنؤور وهو دخان الشخم المحرق حيث يثبت باللثاث فيشتد ويسمر ويتبين بياض الثغر.
وانظر: الحجة لأبي على 1/ 102. والموشح/ 146. والعمدة 2/ 255، وابن يعيش10/ 140 والصحاح 6/ 2539 والإنصاف/ 546 والمغني/ 324. والسيوطي/ 324 تحقيق مازن المبارك. والتمام في تفسير أشعار هذيل 176. واللسان 7/ 108. "جزر" وشرح السيرافي 1/ 224. وشروح سقط الزند 3/ 982.



ج / 3 ص -457- وأَخُو الغَوَانِ مَتَى يَشأ يَصْرِمْنَهُ ويَصِرنَ أَعداءً بُعَيدَ وِدِادِ1

الثالثُ منه: ما رُخّمَ في غَيرِ نداءٍ:
قالَ زهير:

خُذوا حظَّكُم يَا آلَ عِكْرِمَ واذْكُرُوا أَوَاصرَكمْ والرَّحْمُ بالغَيْبِ2 تُذْكَرُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 1/ 10 على حذف اللياء من "الغواني" تشبيها بلام المعرفة بالتنوين من حيث كانت هذه الاشياء من خواص الأسماء فحذف الياء لأجل اللام كما تحذفها لأجل التنوين، ويروي: ويكن، ويعدن.
وصف النساء بالغدر وقلة الوفاء والصبر، فيقول: من كان مشوفا بهن مواصلا لهن إذا تعرض لصرمهن سارعن الي ذلك لتغير أخلاقهن وقلة وفائهن وأراد: متى يشأ صرمهن يصرفمنه، فحذف.
وواحدة الغواني: غانية: وهي التي غنيت بشبابها وحسنها عن الزينة. والبيت للأعشى من قصيدة طويلة له.
وانظر: المنصف 2/ 73 واللسان "غنا"/ 42 والإنصاف/ 212 وشروح سقط الزند 3/ 982 والديوان/ 98.
2
من شواهد سيبويه 1/ 343 علي ترخيم "عكرمة" وتركه علي لفظه، ويحتمل ان يجعل فتحته إعرابا علي ان تجعله اسما لمؤنث فلا تصرفه، لأن "عكرمة" وإن كان اسم رجل فإنه يقع علي القبيلة، وهو عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر. علي أن الكوفيين أجازوا ترخيم المضاف. ويقع الحذف في آخر الاسم الثاني كما في البيت وفي أبيات كثيرة، والأصل: يا آل عكرمة. وقالوا: المضاف والمضاف إليه بمنزلة الشيء الواحد فجاز ترخيمه كالمفرد، ومنع البصريون هذا الترخيم. وقالوا: لا حجة في هذا الشاهد ومثاله لانه محمول على الضرورة. والحظ: النصيب. والأواصر: العواطف والأرحام. والمعنى خذوا حظكم من مودتنا ومسالمتنا، وكانوا قد عزموا علي غزو قومه.
وانظر: شرح السيرافي 3/ 65 وأمالي ابن الشجري 1/ 126 و2/ 88، والإنصاف/ 437. والخزانة 1/ 373 واللسان "عكرم" والديوان/ 214 والعيني 4/ 290. وابن يعيش 1/ 20. والرواية: خذوا حذركم، والارتشاف/ 353.



ج / 3 ص -458- يريدُ: عِكْرمةَ وقَالَ:

إنَّ ابنَ حَارثَ إنْ أشتَقْ لرُؤيتهِ أَو أَمتَدِحْهُ فإنَّ الناسَ قَد عَلِمُوا1

يريدُ: ابنَ حَارثةَ وهذَا كثيرٌ. وقالَ في قولِه:

"
قَواطِنًَا مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحَمِي2......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 1/ 343 "على ترخيم حارثة" على لغة من نوي رد المحذوف فقد رخم الشاعر "حارثة"وتركه على لفظه مفتوحا كما كان قبل الترخيم، وهذا يقوي مذهب سيبويه وابن السراج في حمله على هي الترخيم في غير النداء ضرورة، كما كان في النداء جاريا عليها، لأن الحارثة هنا اسم رجل، فإذا رخم وأعرب لم يكن له مانع من الصرف لأنه ليس بقبيلة ولا اسم لمؤنث. وهو حارثة بن بد الشيباني الغداني سيد غدانة بن يربوع بن حنظلة من تميم. وامتدحه: مدحا إذا اثني عليه ثناء حسنا. والاسم: المدحة والمدح، والمعنى أن ابن حارثة ن اشتق إليه أو أمدحه فلا غرابة فإ الناس قد علموا ما لي من محبته وإني محب له هائم. ويجوز أن يكون: علموا: عرفوا. والبيت لابن حبناء التميمي.
وانظر: شرح السيرافي 3/ 65 والمقرب لابن عصفور/ 177. وشوا هد الألفية للعاملي/ 362. والإنصاف/ 191. والعيني 4/ 283، وارتشاف الضرب/ 386 والأمالي لابن الشجري 1/ 126.
2
من شواهد سيوبه 1/ 8 "على حذف الميم من الحمام" وقلب الألف ياء وهذا الحذف شاذ، لا يجوز أن يقال: المحي، تريد: الحمار، فإما الحمام هنا فإنما حذف منها الألف فبقيت الحمم، فاجتمع حرفان من جنس واحد فلزمه التضعيف فأبدل من الميم ياء كما تقول في: تظننت: تظنيت، وذلك لثقل التضعيف، والميم تزيد في الثقل على حروف كثيرة.
3
وهذا الرجز للعجاج وقبله:

ورب هذا البلد المحرم والقاطنات البيت غير الريم

قواطنا مكة من ورق الحمي

وصف حمام مكة القاطنة بها لأنها فيها، واحدة القواطن، قاطنة، وهي الساكنة المقيمة، وصرفها ضرورة، ولورق جمع: ورقاء، وهي التي على لون الرماد تضرب إلى الخضرة، ويروي الرجز:

أو ألفا مكة من ورق الحمى.

وانظر: المقاييس لابن فارس 1/ 131. وشرح السيرافي 1/ 441. والعيني 4/ 285. والمحتسب 1/ 78. والإنصاف/ 270 واللسان 15/ 48 والهمع 1/ 181. والدرر اللوامع 1/ 157 والديوان/ 59.



ج / 3 ص -459- إنهُ حذفَ الميمَ التي هيَ لامُ الفعلِ وقلبَ ألفَ الحمامِ ياءً وأَحَسنُ مَا قِيلَ فيهَ إنَّ الشاعرَ لمَّا اضطرَّ حذفَ الأَلفَ مِنَ الحمامِ لأَنَّها مَدةٌ كمَا تحذفُها مِنْ سَائرِ المدودِ فصارَ الحَمِمُ فلزمهُ التضعيفُ فأَبدلَ مِنْ إحدى الميمينِ ياءً كمَا فَعلوُا في "تَظَنيْتُ".
الرابعُ منهُ أَن تحذفَ مِنَ المكني1 في الوَصلِ:
كَمَا كنتَ تحذفُه [في الوقفِ]2 إلا أَنهُ تبقى الحركةُ دَالةً على المحذوفِ فَمِنْ ذلكَ قولُه:

فإِنْ يَكُ غَثًَّا أَوْ سَمينًا فإنني سأَجْعَلُ عِينيهِ لِنَفْسِهِ مَقْنَعَا3

وقالَ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يعين بالمكني الضمير.
2
زيادة من "ب".
3
من شواهد سيبويه 1/ 10 و1/ 297 على حذف الياء من "نفسهي" ضرورة في الوصل تشبيها بها في الوقف، إذ قال لنفسه. يقول: أنه يقدم لضيفه ما عنده من القرى، ويحكمه فيه ليختار منه أفضل ما تقع عليه عيناه فيقتنع بذلك. والشاهد: لمالك بن خزيم الهمداني، وقيل: هو مالك بن حريم با لحاء المهملة.
وانظر: المقتضب1/ 38 والكامل/ 250 وشرح السيرافي 1/ 226 والأصمعيات/ 56 والسمط/ 749 والاقتضاب للبطليوسي/ 435 والوحشيات/ 259 والإنصاف/ 517. والخزانة 1/ 288.



ج / 3 ص -460- "ومَا لَهُ مِنْ مَجدٍ تَليدٍ وَلاَ لَهُ مِنَ الريحِ فَضْلٌ لاَ الجُنوبِ ولا الصّبَا1

فالواوُ والياءُ في هذا زوائدُ في الوصلِ فحذفها لمّا احتاجَ وأَبعدُ من هذَا قولهُ2:

فبيناهُ يَشْري رَحلَهُ قالَ قَائلٌ لِمَنْ جَمَلٌ رَخو الملاطِ نَجيبُ

فإنَّ هذَا حذفَ الواوَ مِنْ هُوَ والمنفصلُ كالظاهرِ تقفُ علَى الواوِ ولا يجوزُ حذفُها فيبقى الاسم علَى حرفٍ وَهوَ اسمٌ يجوزُ الابتداء بهِ ولا كلامَ قَبلَهُ ومثلهُ3:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 1/ 12 على حذف الواو من الضمير في "وماله من مجد" للضرورة ورفع الجنوب والصبا على البدل من" فضل" ويجوز حرهما على البدل من الريح، وهو ما فعله ابن السراج هنا. والشاهد للأعشى في هجاء رجل لئيم الحسب والأصل لم يرث مجدا ولم يكسب خيرا. وضرب له المثل بقلة خيره بنفي حظه من الريحين. الجنوب والصبا. وانظر: المقتضب 1/ 38. وشرح السيرافي 1/ 295 والخصائص 1/ 371. والإنصاف/ 269. والديوان/ 114.
2
أي: العجير السلولي. وقد مر تفسير هذا
3
من شو اهد سيبويه 1/ 9 على حذف الياء ضرورة من "هي" إذ أن أصله إذا هي من هواكا.
ولهذا الوجه أورده ابن السراج، وصف الشاعر دارا خلت من سعدي هذه المرأة وبعد عهدها بها، فتغيرت بعدها، وذكر أنه كانت لها دارا ومستقرا إذا كانت مقيمة بها، فكان يهوا ها بإقامتها بهان وهذا البيت من أبيات سيوبيه الخمسين التي لا يعرف قائلها، ولا يعرف لها ضميمة. وقال البغدادي: رأيت في حا شية اللباب أن ما قبله:

هل تعرف الدار على تبراكا

وتبراكا- بكسر التاء، موضع في ديار بني فقعس.
وانظر: الخصائص 1/ 89 والضرائر 78. والإيضاح لابي على/ 75 والموشح للمرزباني/ 147 والحجة 1/ 100. وأمالي ابن الشجري 2/ 208 والإنصاف/ 680 والخزانة 2/ 227. وشاهد الشافية/ 290 واللسان "ها" وارتشاف الضرب/ 123.



ج / 3 ص -461- "دَارٌ لِسُعْدَى اذهِ مِنْ هَوَاكا...

وقَد جَاءَ في الشعرِ حذفُ الياءِ والواوِ الزائدةِ في الوصلِ معَ الحركةِ كمَا هيَ في الوقفِ سَواءٌ قالَ رجَلٌ مِنْ أَزد السراةِ1:

فَظِلتُ لدى البيتِ العَتيقِ أُخليهُ ومَطْوايَ مَشتاقانِ لَهُ أَرِقَانِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
جعل ابن السراج تسكين الهاء في هذا النحو لغة أزد السراة. وقال البغدادي في الخزانة 2/ 401 هم بنو عقيل وبنو كلاب الذي يجوزون تسكين الهاء من نحو: "له" اما المبرد في المقتضب 1/ 39، فجعل تسكين الهاء من قوله: "له" للضرورة الشعرية وا لبيت منسوب إلى يعلي الأحوال الأزدي، ويروي: البيت الحرام بدلا من البيت العتيق. وكذلك يروي: أشيمه، ويروى كذلك: أربعة.
وأخيله، يقال: أخلت السحابة إذا رآها، أخالت، أي كانت مرجوزة للمطر والهاء في أخيلة، وله، عائة على البرق. أما على رواية: أشيمة، انظر إليه أين يقصد وأين يمطر، وأما أريغه: أي أطلبه. ومطواي، صاحباي.
وانظر: الخصائص 1/ 128 والمقتضب 1/ 39. والمنصف 3/ 84 والحجة لابي على 1/ 100 والأغاني 19/ 111. وشرح السيرافي 1/ 226 والمحتسب 1/ 224، والمقرب لابن ع صفور/ 189.



ج / 3 ص -462- الخامسُ: منهُ حذفُ الفاءِ مِنْ جَوابِ الجزاءِ.
وذلكَ قولُ ذي الرمة:

وإنيّ مَتَى أُشْرِفْ عَلَى الجَانبِ الذي بهِ أَنْتِ مِنْ بَينْ الجَوانبِ ناظِرُ1


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 1/ 437 والتقدير عنده: وإني ناظر متى اشرف على التقديم والتأخر والمبرد وابن السراج يريان أنه على إضماء الفاء، وقد جو ز سيبويه كذلك إضمار الفاء.
والبيت لذي الرمة، وانظر: المقتضب2/ 71 وشرح السيرافي 3/ 336 وأمالي السيد المرتضى 1/ 155 والخزانة 3/ 645. والديوان/ 241.



ج / 3 ص -463- هُوَ عندَ سيبويه على تقديم الخبرِ نَاظرٌ متى أَشرفُ1.
وأَجاز أَيضًا أَنْ يكونَ على إضمارِ الفاءِ والذي عندَ أَبي العباس2 وعندي فيه وفي مثالِه أَنَّهُ على إضمارِ الفاءِ3 لا غير لأَنَّ الجوابَ في مَوْضِعِهِ فَلا يجوزُ أَنْ تنوي بهِ غيرَ موضعِه إذَ وُجدَ لَهُ تأَويلٌ ومثلُه:

يا أَقْرَعُ بن حَابسٍ يا أَقْرَعُ إنَّكَ إنْ يُصْرَعْ أَخوكَ تُصْرَعُ"4

فهذاَ على ما ذكرتُ لكَ وكذلكَ قولهُ:

فَقلتُ تَحَمَّلْ فوقَ طَوقِكَ إنَّها مُطَبَّعةٌ مَنْ يأتِها لا يَضيرُها5

أَرادَ: لا يضيرها مَنْ يأتِها وإنَّك تصرعُ إنْ يصرعْ أَخوكَ عندَ سيبويه وَهْوَ عندنا على إضمارِ الفاءِ. فأَمَّا قولهُ:

مَنْ يَفعلِ الحَسَناتِ اللُه يشكُرُها والشرُّ بالشَّرِّ عند اللِه مِثْلانِ7

[
فإنّهُ]8 عَلَى إضمارِ الفاءِ في كُلِّ قَولٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
انظر: الكتاب 1/ 437.
2
انظر: الكتاب 1/ 438.
3
انظر: المقتضب 2/ 71-72.
4
من تفسير هذا الشاهد في هذا الجزء.
5
مر تفسير هذا البيت في هذا الجزء.
6
انظر: الكتا ب 1/ 437-438.
7
مر تفسيره في هذا الجزء.
8
زيادة من "ب".
9
زيادة من "ب".

السادسُ: منهُ ما حُذفَ [مِنهُ]9 المنعوتُ وذُكرَ النعتُ:
اعلَم: أَنَّ إقامةَ النعتِ مقامَ المنعوتِ في الكلامِ قبيحُ إلا أَنْ يكونَ نعتًا خاصًا يخصُّ نوعًا مِنَ الأَنواعِ كالعاقِل الذي لا يكونُ إلا في الناسِ والكاتبِ ومَا أَشبهَ ذلكَ مِمّا تقعُ بهِ الفائدةُ ويزولُ اللبسُ فإذَا اضطرَ الشاعرُ فلَهُ أَن يقيمَ الصفةَ مقامَ الموصوفِ و"الذي" وضعتْ ليوصفَ بِها معَ صلتِها فَمِن قبيحِ ما جاءَ في ضرورةِ الشّاعر قولُه:

مِنْ أَجلكِ يالتي تَيُّمْتِ قَلبي وأنْتِ بَخيلةٌ بالوُدِّ عَني1

فأَدخلَ "يا" علَى "التي" وحرفُ النداءِ لا يدخلُ علَى ما فيهِ الأَلفُ واللامُ إلا في اسمِ اللهِ عز وجلَّ وقَدْ مضى ذِكرُ ذَا فشبهَ الشاعرُ الألفَ واللامَ في "التي" باللامِ التي في قولِكَ "الله عز وجَلَّ" إذ كانتا غيرَ مفارقتينِ للإسمينِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 1/ 310 على دخول ياء النداء على "التي" للضرورة الشعرية وقال: شبهة بيا الله.
وتيمت: استعبدت، وعني: بمعنى على. ومن أجلك: صلة المحذوف، أي: قاسيت ما قاسيت، ويروي: وأنت بخيلة بالوصل عني.
والشاهد من أبيات سيبويه الخمسين التي لا يعرف قائلها.
وانظر: المقتضب 4/ 241 وشرح السيرافي 1/ 196. وابن يعيش 2/ 8 واللسان "لتاء"، والخزانة 1/ 358.



ج / 3 ص -464- الثالثُ: مما جاءَ كالشاذِّ وهوَ وضعُ الكلام فِي غيرِ مَوضعهِ وتغيير نضده:
أَحسنُ ذلكَ قلبُ الكلامِ إذَا لَمْ يُشكلْ فِمِنْ ذلكَ قولُه:

تَرى الثَوْرَ فيها مُدخلَ الظِّلَّ رأَسَهُ وسَائرهُ بَادٍ إلى الشَمْسِ أَجْمَعُ1

فالمعنى: مُدْخِلُ رأسهِ الظلّ ولكنْ جعلَ الظلَّ مفعولًا على السعةِ وأَضافَ إليهِ والنحويونَ يجيزونَ مثلَ هذَا في غيرِ ضرورةٍ فيقولونَ:

"
يَا سارِقَ الليلةِ أَهلَ الدارِ2

فَأمَّا الذي يبعدُ فنحو قولِهِ:

مِثلُ القَنَافذِ هَدّاجونَ قَدْ بَلَغَتْ نَجْرانَ أَو بَلَغتْ سَوآتِهم هَجَرُ3


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شوزاهد الكتاب 1/ 93 على إضافة "مدخل" إلى الظل، ونصب الرأس به على الاتساع والقلب، وكان الوجه أن يقول: مدخل رأسه الظل لأن الرأس هو الداخل في الظل، والظل المدخل فيه. ولذا سماه سيبويه: الناصب في تفسير الشاهد، ولم ينسب هذا الشاهد لقائل معين.
وصف هاجرة لجأت قد ألجأت الثيران إلى كنسها فترى النور مدخلا رأسه في ظل كناسه لما يجد من شدة الحر، وسائره بارزة للشمس. وقد أورد الفراء هذا الشاه د عند تفسيره لقوله تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} إبراهيم 47.
وانظر معاني القرآن 2/ 80 وأمال السيد المرتضي 1/ 155 وشرح السيرافي 1/ 245 والهمع 2/ 123. وروايته: وسائره باد إلى الشمس أكتع. وال درر اللوامع 2/ 156.
2
هذا الرجز مر تفسيره في هذا الجزء.
3
الشاهد فيه نصب الفاعل ورفع المفعول، فالسوآت منصوب وهو فاعل م عنى، وهج ر مرفوع وهو مفعول به عكس الأول، فالسوأة: هي البالغة إلا أنه قلبها قلبا في المعنى. فجعل ما حقه أن يكون فاعلا مفعولا، وما حقه أن يكون مفعولا فا علا، ومثل هذا: خرق الثوب المسمار وكسر الزجاج الحجر.
ويروي:

على العيارات هداجون قد بلغت نجران..

والعيارات: جمع عير، وهو حمار الوحش، وا لقنافذ: جمع قنفذ، وهو معروف يضرب به المثل في سرى الليل، يقال: أسرى من قنفذ، وهداجون: من الهدج، وهو مشي رويد في ضعف أو هو مقارب الخطو في الإسراع من غير إرادة، ونجر أن مدينة كبيرة اليمن من ناحية مكة شمال صنعاء. وهجر: مدينة كانت قاعدة البحرين بينها وبين اليمامة عشرة أيام. والسوآت: الفواحش والقبائح.
والبيت من قصيدة للأخطل يهجو جريرا.
وانظر: الجمل للزجاجي/ 211 والمغني/ 781 واللسان "نجر"، والهمع 1/ 165 والدرر اللووامع 1/ 144 والمحتسب 2/ 1218 والديوان/ 99.



ج / 3 ص -465- فجعلَ "هَجَر" في اللفظِ هِيَ التي تبلغُ السوآتِ لأَنَّ هذَا لا يشكلُ ولا يحيلُ والفرقُ بينَ هَذا وبينَ البيتَ الذي قَبْلَه أَنَّ ذاكَ قُدِّمَ فيهِ المفعولُ الثاني على المفعولِ الأولِ وَهْوَ غيرُ مُلْبسِ فَحَسُنَ لأَنَّهُ يجوزُ أنْ تضيفَ "مدخلَ" إلى "رأسِه" ولا تذكرُ "الظلّ" وتضيفهُ إلى "الظلّ" ولا تذكرُ "رأَسَهُ" وهذَا خِلافُ ذلكَ لأَنكَ جعلتَ الفاعلَ فيهِ مفعولًا والمفعولَ فاعلًا وينشدونَ في مثلهِ1:

"
وتَشْقَى الرِّماحُ بالضَّياطِرةِ الحُمْرِ......"

وإنّما يشقى الرجالُ وقَدْ يحتملُ المعنى غيرَ ما قالوا "قد شقى الخزُّ بفلانٍ" إذْ لم تجعلْهُ أَهلًا لَهُ فهذَا على السعةِ والتمثيلِ يكونُ المعنى: قَدْ شَقيَ الرمحُ بأبدانِ هؤلاءِ وكقولِهم: أتعبتُ سيفي في رقابِ القومِ إني فعلتُ بهِ ما إذا فَعَل بِمَنْ يجوزُ عليهِ التَّعَبُ تَعِبَ. فأَمَّا قَولُ الله عزَ وجَلّ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
هذا عجز بيت، وصدره:

ونركب خيلا لا هوا دة بينها وتشفي الرماح...

والشاهد فيه على التقديم والتأخير، وذلك أن الضياطرة هم الذين يشقون بالرماح لقلتهم بها، والوجه الثاني: أن الرماح تشقي بالضياطرة لأنه لم تجعلهم أهلا للتشاغل بها، وحقر شأنهم جدا فجعل طعنهم بالرماح شقاء للرماح كما يقال: شقي الخز بجسم فلان، إذا لم يكن أهلا للبسة.
والضياطرة: واحدهم: ضيطر وضيطار، وهو الضخم العظيم، والهوادة: اللين والبيت لخداش بن زهير.
وانظر: الكامل للمبرد/ 364 وشرح السيرافي 1/ 245. وأمالي السيد المرتضي 2/ 116. واللسان 5/ 160.



ج / 3 ص -466- {مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ}1 فَقَدْ احتملَهُ قومٌ علَى مثلِ هَذا وقالوا: إنَّما العصبةُ تنوءُ بالمفاتيحِ وتحملُها في ثِقْلٍ. قالَ أبو العباس: وليسَ هكذا التقديرُ إنَّما التقديرُ: لتنوء بالعصبةِ: أَي: تجعلُ العصبةَ مثقلةَ كقولِكَ: انْزلْ بِنَا أَي: اجعلنَا ننزل معكَ [وكقولِكَ: ارْحَلْ بِنَا يا فلانُ أَي: اجعلْنَا نرحلُ مَعك]2 ومثلهُ قولُ ابن الخطيمِ:

دِيارُ التي كَادتْ ونَحنُ علَى مِنَىً تَحلُّ بِنَا لَوْلاَ نَجَاءُ الرَّكَائِبِ3

أي: تجعلنا نحلُّ لا أَنَّها هيَ تنتقل إلينا ومِنْ هَذا البابِ قَولُ الشَاعرِ:

صَدَدْتِ فأطْوَلْتِ الصُّدودَ وقَلّما وصالٌ علَى طُولٍ الصُّدودِ يَدُومُ4

والكلامُ: قَلَّ ما يدومُ وِصالٌ ولَيْسَ يجوزُ أَن يرفع "وصالٌ" بيدومُ وقَد أَخَّرهُ ولكنْ يجوزُ هَذا عندي على إضمارِ "يكونُ" كأنهُ قالَ: قُلَّ ما يكونُ وصالٌ يدومُ على طولِ الصدودِ وحَقّ "مَا" إذا دخلتْ كافةً في مثلِ هذا الموضعِ فإنَّما تدخلُ ليقعَ الفعلُ بعدَها وكذلكَ يكونُ معَ الحرفِ نحو: {رُبَّمَا يَوَدُّ الذِينَ كَفَرُوا} وإنّما يقومُ زيدٌ وما أَشبهَ ذلكَ مِما لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
القصص: 76.
2
ما بين القوسين ساقط في "ب".
3
البيت لقيس بن الخطيم ورواية الديوان:

ديار التي كا دت ونحن على منى...

أي: كادت تحل بنا ربكابنا فنقيم عندهم من حبنا لها وقيل: تجعلنا حلالا ونحن حرام.
وانظر شرح السيرافي 1/ 248 والكامل/ 390. وجمهرة أشعار العرب/ 123.
والدايون/ 10.
4
مر تفسير هذا الشاهد في هذا الجزء.
5
الحجر: 2.



ج / 3 ص -467- يجوزُ أَن يليَهُ الفعلُ فإذَا كُفَّ "بِمَا" وبُنيَ معهَا وَلِيَهُ الفِعْلُ ومِنْ هَذا البابِ قولُ الفرزدق:

وَمَا مِثْلُه في النَّاسِ إلا مُمَلكاً أَبو أُمهِ حَيٌّ أَبوهُ يُقَاربُه1

يريدُ: مَا مثلُه في الناسِ حَيٌّ يقاربهُ إلا مُملكٌ أَبو أُمِ ذلكَ المملكِ أَبوهُ ولكنْ نصبَ مملكًا حيثُ قَدَّمَ الاستثناءَ ومِنْ هذَا فصلُهم بالظرفِ بينَ المضافِ والمضافِ إليهِ نَحو قولِه:

"
كَمَا خَطَّ الكتابُ بكفِّ يَوماً يهوديٍّ يقارِبُ أَو يُزِيلُ2

وكقول الآخر:

للهِ دَرُّ اليومَ مَنْ لامها3


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
إنما أراد: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أمه أبوه. فتعسف هذا التعسف، ووض أشياء في غير مواضعها، وهذا من شواهد البلاغة، يذكر للتعقيد الفظي، وقد مدح الشاعر بهذا خال هشام بن عبدالملك فقال: ما في الناس حي يقارب خال هشام إلا هشام الذي أبو أمه أبه، يعني أن جد هشام لأمه هو أبو هذا الممدوح، ونصب مملكا لأنه استثناء مقدم، كما قال: مالي إلا أباك صديق. إذا أردت: مالي صديق إلا ابوك.
وانظر: الضرائر/ 14. والأغاني 19/ 15 وروايته "مملك" بالرفع والموشح/ 228. وشرح السيرافي 1/ 248، والديوان/ 108.
2
مر تفسير هذا الشا هد في الجزء الثاني.
3
مر تفسير في هذا الجزء.

الرابعُ: هو إبدالُ حرفِ اللينِ مِنْ حرفٍ صحيحٍ:
اعلَمْ: أَنَّ الشاعرَ يضطر فيبدلُ حروفَ اللينِ مِنْ غيرِها كَما قَالَ:

لهَا أَشاريرُ مِنْ لَحْمٍ تُتمِّرُهُ مِنَ الثَّعِالي وَوَخْزٌ مِنْ أرانِيها1

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيبويه 1/ 334 على إبدال الياء من ياء "الثعالب والأرانب"، شذوذا وجعله بعضهم من باب الترخيم عند الضرورة بتعويض الياء. وعند المصنف من باب الإب دال لا من باب التخريم. والأشارير: جمع إشرارة هي قطعة من اللحم تقدد للادخار. وتتمره: تجففه. والوخز: شيء ليس بالكثير. وأصل الوخز: الطعن، وقيل: الوخز الخطيئة بعد الخطيئة. والأراني والثعالبي: اصلها: ثعلب وأرنب أبدلت الياء الموحدة فيهما. وصف الشاعر: فرخة عقاب تسمي غبة كانت لبني يشكر. والبيت لأبي كاهل النمر بن تولب اليشكري.
وانظر: الضرائر/ 153 والشعر والشعراء/ 49 و101. والوشح/ 155. ومعج م المقاييس 1/ 355. واللسان "تمر". والمفصل لمزمخشري/ 365. والتهذيب 4/ 329، والهمع 1/ 181. والدر اللوامع 1/ 157. وشرح السيرافي 3/ 80 والجمهرة لابن دريد 2/ 13. ومجالس ثعلب/ 299.



ج / 3 ص -468- يريدُ "الثعالبَ وأرانبَها" فكانَ الشعرُ ينكسر لو ذكرَ "الباءَ" في الثعالبِ وتفسدُ القافيةُ لأَنَّ رويَهُ الياءُ فابدلَ الباءَ لأَنَّ الحركةَ لا تدخلُها فينكسرُ الوزنُ فكذلكَ أَبدلَ ياءً في "الحَمِي" وهو يُريدُ "الحَمامَ" ومِنْ قبيحِ ما جَاءَ في الضرورةِ عندَ النحويينَ.
قالَ أبو بكر1: وهو عندي لا يجوز ألبتَة بوجه من الوجوه شعر ينشدونه يجعلون فيه الألف التي هي بدل من التنوين بمنزلة هاء التأنيث فيظهرون الياء قبلها كما يقولون: شقاية وشقاوة وذلك قوله2:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في الأصل "أبو العباس" والتصحيح من "ب".
2
هذه الأبيات وردت في اللسان مع قليل من التحريف منسوبة الأعصر بن سعد ابن قيس عيلان واسمه منبه بن سعد. وقيل: هو للمستو غر بن ربيعة. والشاهد فيها: شبه الف النصب: في العظايا والشفايا بهاء التأنيث نحو: عظاية وصلاية، فصح حال لياء وإن كانت طرفا، فكما أن الهاء فيهما صححت الياء قبلها. فكذلك ألف النصب التي في: العظايا والشفايا، صححت الياء قبلهما. والعظاء: واحدها عظاية وهي دويبة، ويحترش: يحرك جحرها ليغريها، بالخروج لتخرج فيصيدها.
وانظر: الخصائص 1/ 292 وفيه يحترش بدلا من يلتمس ويسفي بدلا من "يعيط" وحماسة البحتري/ 324 والشعر والشعراء 1/ 51. والمنصف 1/ 155، ومعجم الشعراء/ 466. وشرح السيرافي 1/ 234. والمخصص 15/ 117 والمحتسب 1/ 77 واللسان 18/ 218 و16/ 230. والخزانة 2/ 266. وطبقات ابن سلام/ 12 طبعة أوروبا. والتمام في تفسير أشعار هذيل/ 159.



ج / 3 ص -469- إذَا ما المرءُ صُمَّ فَلَم يُكَلَّمْ وأَعيَا سَمْعُهُ إلا نَدَايا

ولاعَبَ بالعَشي بني بنيهِ كفعلِ الهرِّ يَلْتَمِسُ العظَايَا

يلاعبُهم ووَدوا لو سَقوهُ فأَبعدهُ الإِلهُ ولا يُؤتَى

مِنَ الذِّيفانِ مُترَعةً إنَايَا ولا يُعَطّى مِنَ المَرضِ الشِّفَايَا

قالَ أبو العباس: فَمَنْ أَجازَ هذا فلا ضرورةَ لَهُ في إجازتهِ إلا الروايةُ وَهوَ أَحقُّ كلاَمٍ بِالرفعِ وأَولى قَولٍ بالردِّ وإنَّما حقٌّ هَذا الشعرِ أَنْ يكونَ مهموزًا فيقولُ: ولا يُعَطّى مِنَ المرض الشِّفَاءَ وكذلكَ العَظَاءَ وَأَعْيَا سمعهُ إلا النداءَ ومِنْ ذلكَ إبدالُ الهمزةِ في الموضعِ الذي لا1 يقومُ فيهِ الشعرُ بتحقيقهِ ولا تخفيفهِ2 فإنْ كانَ مفتوحاَ جُعِلَ ألفًا وإنْ كانَ مكسورًا جُعِلَ ياءً وإنْ كانَ مضمومًا جُعِلَ واوًا نحو قول الفرزدقِ:

رَاحَتْ بِمَسْلَمَةَ البغالُ عَشِيَّةً فأرْعَى فَزَارةُ لاَ هَنَاك المَرْتَعُ3


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
لا: ساقطة في "ب".
2
قال المبرد في المقتضب 1/ 166 "ولو جاز أن تقلب الهمزة إلى حروف اللين لغير علة لجاز أن تقلب الحروف المتقاربة المخارج في غير الإدغام، لأنها تنقلب في الإدغام كما تنقلب الهمزة لعلة". وانظر: الكتاب 2/ 170.
3
من شوا هد سيبويه 2/ 170 على إبدال الهمزة أ لفا للضرورة، وإن كان حقها أن تجعل بين بين، لأنها متحركة، أراد: لا هناك.
وقيل هذا: حين عزل مسلمة بن عبدالملك عن العراق ووليها عمر بن هبيرة الفزاري فهاجم الشاعر ودعا قومه بأن لا تهنأهم النعمة بولايته.
وراحت: بمعنى: رجعت، واوراح والغدو، عند العرب يستعملان في المسير، أي وقت كان من ليل أو نهار، وأراد بغال البريد التي قدمت بمسلمة عن عزله.
والمرتع: مصدر ميمي، فزا رة منادي.
وانظر: المقتضب 1/ 167. الكامل/ 478، والخصائص 3/ 152. والحجة 1/ 301. وشرح السيرافي 1/ 234. والمقرب لابن عصفور/ 175 وابن يعيش 9/ 113. والأضداد لابن الانباري/ 209. والرواية: راحت بمسلمة الركا ب والمحتسب 2/ 173. والديوان/ 508.

ج / 3 ص -470- وقالَ حسانُ بن ثابت:

سَاْلَتْ هُذَينٌ رسولَ اللَّهِ فَاحِشَةً ضَلَّتْ هُذيلُ بمَا قَالتْ ولَم تُصِبِ1

وقالَ زيدٌ بن عمرو بن نُفيلٍ:

سَاْلَتاني الطَّلاقَ إنْ رأتاني قَلّ َمالي قَدْ جِئْتُمَاني بِنُكْرٍ2

فهذانِ لَيْسَ من لغتِهما سِلْتُ أسأْلُ وسِلْتُ أسْالُ" لغة 4 مِنْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد سيوبيوه 2/ 130 و2/ 170 على إبدال الهمزة ألفًا للضرورة، والأ صل سألت.
قال المبرد: وأما قول حسان: سألت هذيل.. فليس من لغته سلت أسأل مثل خفت أخفان لأن هذا من لغة غيره. والفاحشة: التي سالتها هذيل، أن يحل لها ارسول الزنا.
وانظر: المقتضب 1/ 167. والكامل/ 288. وشرح السيرافي 1/ 234. والمحتسب 1/ 90 وابن يعيش 9/ 114. وشواهد الشافية/ 399. والخصائص 3/ 152، والديوان/ 63 والبيت مفردا.
2
من شواهد سيبويه 2/ 170 على إبدال الألف في "سأل" من الهمزة واسشتهد به 1/ 290 وكذلك فعل المصنف في الجزء الأول مع بيت أخر هو:

ويكأن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

على أسماء الأفعال ترد للتندم ويكأن، مركبة عند الخليل وسيبويه من وفي التعجبية وكأن المخففة من المثقلة. والبيتان لعمرو بن نفيل.
وانظر الخصاص 3/ 41. والمحتسب 2/ 155. وشرح السيرافي 1/ 234. وابن يعيش 4/ 76 والخزانة 3/ 95. والهمع 2/ 106.
3
في الكتاب 2/ 170 وبعد ذكر الأبيات الثلاثة التي مرت: فؤهلاء ليس من لغتهم: سلت ولا يسأل، وهو يعني: الفرزدق وحسان وابن نفيل. وأما ابن السراج فقال: فهذان، ولعله يريد: حسانا، وزيد بن نفيل.
4
انظر: الكتاب 2/ 170 وبلغنا أن "سلت تسأل" لغة، ولم يذكر لأ ية قبيلة هي.



ج / 3 ص -471- غيرِ هَذا الأَصلِ "كخِفْتُ أَخاف" في التقديرِ والوزنُ ليسَ مِنْ أَصلِ الهمزةِ ويقولُ: هُمْ يتساولانِ كقولِكَ: يَتقاولانِ ومِنَ الهمزةِ المبدلةِ للضرورةِ:

لاَ يرهبُ ابنُ العمِّ مَتَى صَوْلَتي ولا أَخْتَتِي مِن صَوْلةِ المُتَهَدّدِ1

وإنَّما يقالُ "اخْتَتأتُ إذا استترتُ مِنْ خضوعٍ وفَرَقٍ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الشاهد في "اختتئ" فقلت من الهمزة ياءين احتاج إلى تسكينها، وإنما جعل هذا في ضرورة الشعر لأن الهمزة المتحركة إذا كان قبلها فتحة أو كانت مضمومة وفيها كسرة كان تلييينها أن تجعل بين بين ولا تبطل حركتها.
وانظر: شرح السيرافي 1/ 234. والمقرب لابن عصفور/ 175. واللسان 1/ 56. وديوان طرفة/ 153 مما نسب إليه.

الخامسُ: تغيرُ وجهُ الإِعرابِ للقافيةِ:
مِنْ ذلكَ إدخالُ الفاءِ في جوابِ الواجبِ ونصبُ ما بعدَها1 وهذَا لا يجوزُ في الكلامِ وإنَّما ينصبُ ما بعدَها إذا كانَ مخالفًا لما قبلهَا وذلكَ إذا كانتْ جوابًا لأمرٍ أَو نهيٍ أَو تَمنٍّ أَو استفهام أَو نفيٍ قالَ الشاعرُ:

سأَتركُ مَنْزِلي لبَني تَمْيمٍ فألحقُ بالحِجَازِ فاسترِيحَا

وقالَ طرفةُ:

لَنا هضْبَةٌ لاَ يَدْخلُ الذَّلُّ وسطَها ويأوي إليها المُستِجيزُ فَيُعصَما2



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
ونصب ما بعدها: ساقط في "ب".
2
من شواهد سيبويه 1/ 423 على نصب "فيعصما" للضرورة تشبيها له بغير الواجب والنصب بالفاء، يجوز، لأن النصب إنما هو بإضمار "أن" بعد الفاء عوضا منها، فنسب النصب إليه. ويوري: ليعصما. وحينئذ لا ضرورة فيه وكني بالهضبة عن عزة قومه ومنعتهم. والهضبة: الجبل.
ونسب سيبويه وابن السراج البيت إلى طرفة ولم يوجد في ديوانه، وهناك قصيدة في الديوان على هذا الروي في هجاء صهره/ 117 ومن البحر الطويل أيضا ونسبه صاحب اللسان للأعشى. وليس في ديوانه.
وانظر: المقتضب 2/ 24. وشرح السيرافي 1/ 253 والمقرب لابن عصفور 189 والمحتسب 1/ 197. واللسان 12/ 310 وديوان طرفة/ 159 مما نسب إليه.



ج / 3 ص -472- وإنّما كانَ النصبُ فيما خالفَ الأَولَ على إضمار "أَنْ" إذا قالَ: ما تأتني فتُكرِمَنِي كأَنَّه قالَ: ما يكونُ مِنكَ إتيانٌ فأَنْ تكرِمَني فإذَا قالَ: أَنتْ تأتيني فتكرُمني فهوَ كقولِكَ: أَنتَ تأتيني وأَنْتَ تكرِمُني فإذَا نَصَبَ للضرورةِ كانَ التقديرُ: أَنْتَ يكونُ مِنكَ إتيانٌ فأَنْ تكرمَني ومِنَ الضروراتِ وهوَ مِنْ أَحسنِها في هَذا البابِ.
وقاَلَ أبو العباس: لو تَكلمَ بها في غيرِ شعرٍ لجازَ ذلكَ قولهَ1:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 1/ 145 على حذف الفعل الناصب "للأفع وان" وإنما نصب الأفعوان والشجاع، لأنه قد علم أن القدم هَهُنَا مسالمة، كما أنها مسالمة، فحمل الكلام على أنها مسالمة، ورواه الكوفيون بنصب: الحيات، وذهبوا إلى أنه أراد "القدمان" فحذف النون.
والشجاع: ضرب من الحيات، الشجعم: الطويل، والأفعوان: الذكر من الحيات ويريد بذات قرنين: حية لها قرنان من جلدها، والضموز: الساكتة المطرقة التي لا تصفر لخبثها، فإذا عرض لها إنسان ساورته وثبا، والضرزم: المسنة وذلك أخبث لها.
وصف الشاعر راعيا للإبل بخشونة القدمين وغلظ جلد هما حتى لا تستطيع الحيات أن تؤثر فيهما. وقد نسب سيبويه هذا الرجز إلى عبد بين عبس، ونسبه الأعلم للعجاج وهو في ديوانه مما نسب إليه. ونسبة صاحب اللسان إلى مساور بن هند العبسي.
وانظر: الخصائص 2/ 430 والحجة لأبي على 1/ 91. والجمهرة لابن د ريد 3/ 375. والمنصف 3/ 96. والجمل الزجاجي/ 214. وتوجيه إعراب أبيات ملغزة الإعراب للفارقي/ 244. والحماسة 2/ 329 وشرح السيرافي 1/ 253. والمقتضب 3/ 283. واللسان "شجع" والروض الآنف 2/ 183. والخزانة 4/ 596. وديوان العجاج/ 89. مما نسب إليه.



ج / 3 ص -473- قَد سَالمَ الحياتِ منهُ القَدَمَا الأُفعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَمَا

وذاتَ قَرنينِ ضَمُوزًا ضِرْزَمَا

لأَنهُ حينَ قالَ: ساَلمَ الحياتِ منهُ القَدَما عُلِمَ أَنَّ القدمَ مُسَالِمةٌ كَما أَنَّها مُسَالَمَةٌ فنصبَ الأُفعوانَ بأَنَّ القدمَ سَالمتْها لأَنكَ إذا قُلتَ: سَالمتُ زيدًا وضَاربتُ عمرًا فَقَدْ كانَ مِنكَ مِثلُ ما كانَ إليكَ فإنَّما صَلُحَ هَذَا لإستغناءِ الكلامِ الأولِ فحملت ما بعدَهُ بعدَ اكتفاءِ الكلامِ علَى ما لا ينقضُ معناهُ وقَدْ قرأَ بعُضُ القراءِ: {وَكَذلِكَ زُيِّنَ لكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلُ أوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهم}1 لمّا استغنى الكلامُ بقولِه: قَتْلُ أولادِهم حملَ الثاني على المعنى أَي: "زَينهُ شركاؤُهم" فَعَلى هذا تقولُ: ضُرِبَ زيدٌ عبدُ الله لأَنكَ لمّا قلتَ: ضُرِبَ زيدٌ عُلِمَ أَنَّ لَهُ ضاربًا فكأَنكَ قلتَ: ضَربهُ عبدُ الله. وعلَى هذَا ينشد2:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
الأنعام: 137 وقراءة "زين" بالبناء للمفعول ورفع "قتل" ورفع شركاؤهم" من الشواذ، نظر: ابن خالوية/ 40-41 والبحر المحيط 4/ 229.
قال ابو حيان: وقراءت فرقة منهم السلمي والحسن وأبو عبدالملك قاضي الجند صاحب ابن عامر "زين" مبنيا للمفعول، "قتل" مرفوعات مضافا إلى أولادهم "شركاؤهم مرفوعا على إضمار فعل، أي: زينة شركاؤهم، هكذا خرجه سيبويه. وفاعلا بالمصدر أي قتل أولادهم. وانظر: الكتاب 1/ 146 والمقتضب 2/ 281.
2
من شواهد سيبويه 1/ 145، 83، 199، على رفع "ضارع"بفعل محذوف، وهذا على رواية "ليبك" بالبناء للمفعول، وقد روي بالنباء للفاعل، فيكون "يزيد"، مفعولا به، وضارع الفاعل، ولا حذف في الكلام. وعجزه: ومختبط مما تطيح الطوائح.
وبكته: أي: بكيت عليه، بخلاف حرف الجر لكثرة الس اتعمال، والضارع: الذليل ولامختبط: الذي يأتيك للمعروف من غير وسيلة، وأصله من خبطت الشجرة إذا ضربتها بالعصا ليسقط ورقها.
تطيح: تذهب وعقلك، والطوائح: بمعنى: المطيحات، يقال: طوحته الطوائح، أطاحته أي: ذهبت به، ولا يقال: المطوحات.
لخصومة: متعلق بضارع وا للام للتعليل أو بمعنى عند.
ونسبت البيت للبيد بن ربيعة العامري ويوجد في ديوانه/ 50 طبعة ليدن أبيات منها الشاهد:

لعمي لئن أمضى يزيد بن نش هل حشا جدت تسف عليه الروائح

وينسب أيضا لنشهل بن حري في رثاء أ خيه يزيد بن نهشل، ونسب لمزرد بن ضرار وليس في يوانه، وينسب للح ارث بن نهيك.
وانظر: المقتضب 3/ 271. وشرح السيرافي 1/ 254. والخصا ئص 2/ 353، 376 والمحتسب 1/ 230 وابن يعيش 1/ 80 والشعر والشعراء/ 99. والمفصل للمزمخشري/ 22 والتصحيف للعسكري 208 والكافية للرضي 1/ 67. وشواهد الكشاف/ 65.



ج / 3 ص -474- لِيُبكَ يَزيدٌ ضَارعٌ لِخُصومَةٍ

ومِنْ هَذا البابِ قولُ القطامي:

فكرتْ تَبتغيهِ فَوَافَقَتْهُ علَى دَمِه وَمَصْرَعِهِ السِّبَاعَا1

لأَنهُ لمَّا قَالَ: وافقتهُ عُلم أَنَّها قَد صَادفتِ السباعَ معهُ فكأَنَّهُ قالَ: صادفتِ السباعَ علَى دمهِ ومصرعِه ومثلُ ذلكَ:

وَجَدْنَا الصالحينَ لَهُم جَزاءٌ وَجَنَّاتٍ وعَيْنًا سَلْسَبيلاَ2


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 1/ 143 عل نصب "السباع" بإضما ر الموافقة لما جري من ذكرها في صدر البيت. والتقدير: فكرت تبتغيه فوافقته ووافقت السباع على دمه ومصرعه. وعند ابن جني على حذف المضاف، أي: وافقت آثار السباع. والبيت للقطامي في وصف بقرة وحشية فقدت ولدها فطلبته فوجدت السباع قد اغتالته.
وخطأ المبرد هذه الرواية ويرى أن الرواية الصحيحة.
فكرت ع ند فيقتها إليه
فألفت عند مصرعه السباعا
وانظر: الخصائص 2/ 426. والنوادر/ 204. والمحتسب 1/ 210 وشرح السيرافي 2/ 73. والديوان/ 45.
2
من شواهد سيبويه 1/ 146 على حمل الجنات والعين على المعنى ونصبهما بإضمار "فعل" والتقدير: وجدنا لهم جنات وعينا سلسبيلا.
3
من شواهد سيبويه 1/ 146 على حمل الجنات والعين على المعنى ونصبهما بإضمار "فعل" التقدير: وجدنا لهم جنات وعينا سلسبيلا.
قال سيبويه. لأن الوجدان مشتمل في المعنى على الجزاء. فحمل الآخر علي المعنى. ولو نصب الجزاء لجاز، وكان الظاهر المتبادر رفع جنات وما بعده عطفا على جزاء. والسلسبيل: السهل العذب وقيل: هو اسم عين في الجنة، وذكر بعضهم أن ذلك مركب من قوله: سل سبيلا، وقيل: هو اسم لكل عين سريعة الجري. ونسب البيت إلى عبد العزيز الكلابي.
وانظر: المقتضب 3/ 384. وشرح السيرافي 2/ 73.

ج / 3 ص -475- أَي: وجدنا لَهم عينًا فلهذَا بابٌ في الضروراتِ غيرِ ضَيقٍ ومِمّا يَقْربُ مِنْ هذا الباب قوله1:

أَقامتْ علَى رَبْعَيهما جَارَتا صَفاً كُميتَا الأَعالِي جَوْنَتا مُصطَلاهُما

وإنَّما الكلامُ: "جُوْنَا المُصطَليَينِ" فردهُ إلى الأَصلِ في المعنى لأَنَّكَ إذَا قلتَ مررتُ برجلٍ حَسنِ الوجهِ فمعناهُ2: حَسُنَ وجهُهُ فإذَا ثنيتَ قلتَ: برجلينِ حَسَن الوجوهِ فإنْ رددتهُ إلى أصلِه قلتَ: برجلينِ حَسَن وجوههُما فإذا قلتَ: وجوُههُما لم يكن في "حَسَنٍ" ذكرُ ما قبلَهُ وإذا أَتيتَ بالألفِ واللامِ وأضفتَ الصفةَ إليها كانَ في الصفةِ ذكر الموصوفِ فكانَ حَقٌّ هذا الشاعر لما قالَ: مُصْطَلاهُما أَنْ يُوَحدَ الصفةَ فيقولُ: جَونٌ مُصْطَلاهُما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شواهد الكتاب 1/ 102 على قبح إضافة الصفة مجردة من الألف واللام إلى مضاف لضمير، وإن جواز ذلك خاص بالضرورة، شبهوه بحسنه الوجه، وذلك ر دئ، لأنه بالهاء معرفة، كما كان بالألف واللام، وهو من سبب الأول كما أنه من سببه الألف واللام.
وجارتا صفا: الأفيتان: والصفا: الجبل وهو الثالث إليهما، وهو قوله: كمتا الأعالي يعني، أن الأعالي من الافثفتين لم تسود لبعدها عن مباشرة النار فهي على لون الجبل، وجونتا مصطلاهما: يعني: مسودتي المصطلي وهو موضع الوقود منهما وصف دفتي دارين خلتا من أهلهما- والربع- موضع النزول.
والبيت للشماخ.
وانظر: الخصائص 2/ 420 وشرح السيرافي 1/ 255 ومعجم المقاييس 1/ 385. وشواهد الإيضاح لابن بري/ 117 والتذييل والت كميل 1/ 207 وابن يعيش 6/ 83 والعيني 3/ 587 والصاحبي لابن فارس/ 179. والديوان/ 86.
2
في "ب" فمعنى.



ج / 3 ص -476- السابع: تأَنيثُ المذكرِ علَى التأويلِ:
مِنْ ذلكَ قولُ الشاعر:

فكانَ مِجَنّى دونَ مَنْ كنتُ أتقَّي ثَلاثُ شُخوصٍ كاعبانِ ومُعْصِرُ1

فإنَّما أَنَّثَ الشخوصَ لقصدهِ النساءَ فحملهُ2 على المعنى ثُمَّ أبانَ عَنْ إرادتِهِ وكشفَ عَنْ معناهُ بقولِه: كاعبانِ ومُعصرُ ونظيرُ ذلكَ قوله3:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
من شوا هد الكتاب 2/ 175 عل تأنيث الشخص مراعاة لمعناه، لأنه أراد به المراة، أنث الشخوص ناث، فلو قال: ثلاثة شخوص كان أجود لان الشخص ذكر وأن كان لأنثى، ويروي: فكان نصري.
والمجن: الترس، والكاعب: الجارية حين يبدو ثدياها للنهود. والبيت لعمر بن أبي ربيعة.
وانظر: الكامل/ 385 وشرح السيرافي 1/ 225 والأغاني 1/ 83 والتمام في تفسير أشعار هذيل/ 128. والحماسة/ 167. والخصائص 2/ 417. والمقتضب 2/ 148. والخزانة 3/ 313. والديوان/ 85.
2
فحمله: ساقطة في "ب".
3
من شواهد الكتاب 2/ 174 على تأنيث البطن وحذف الهاء من العدد المضاف إليها حملا على معنى القبائل، لأنه أراد من البطن القبيلة، وقد بين ذلك قوله: من قبائلها العشر.
هجا رجل أدعي نسبه في بني كلاب فذكر أن بطونهم عشرة، ولا نسب له معلوم في أحدهم.
نسب هذا الشاهد إلى النواح الكلابي. وقال سيبويه: هو إلى رجل من بني كلاب، وانظر: المقتضب 2/ 148. ومعاني القرآن 1/ 126. والتمام في اشعار هذيل/ 129، والصاحبي لابن فارس/ 213، والمخصص لابن سيده 17/ 117، والكامل/ 384، وشرح السيرافي 1/ 255، والخصائص 2/ 417.



ج / 3 ص -477- وإنَّ كِلابًا هذهِ عَشْرُ أَبْطُنٍ وأَنتَ بَرِيءٌ مِنْ قبائِلها العَشْرِ

فقالَ: عَشْرُ أَبطنٍ يريدُ: قَبَائلُ وأَبانَ في عجزِ البيتِ ما أرادَ فأَمَّا في النعوتِ فإنَّ ذلك جَيدٌ بَالغٌ تقولُ: عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلاّماتٍ لأنَّكَ إِنَّما أَردتَ1: عندي ثلاثةُ رجالٍ ثُمَ جئتَ2 بنَسَّاباتٍ نعتًا لهم فهذَا الكلامُ الصحيحُ وقد قرأتِ القراءُ: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}3 لأَنَّ العددَ وَقعَ على حَسَناتٍ أَمثالَها.
قالَ محمد بن يزيد: ومن الشيءِ الذي في الشعرِ فيكونُ جميلًا ومجازهُ مجازُ الضروراتِ عندَ النحويينَ وليس عندَه كذلكَ قولُهم في الكلامِ: ذهبتْ بعضُ أَصابعهِ لأَنَّ بعضَ الأصابعِ إصْبعٌ فحملهُ على المعنى4 قالَ جريرُ:

لَمَّا أَتىَ خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ سَورُ المَدِينةِ والجبالُ الخَشَّعَ5

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
في "ب" تريد.
2
جئت: ساقطة في "ب".
3
الأنعام: 160، وانظر: شرح الكافية 2/ 139 والكتاب 2/ 175. والمقتضب 2/ 149.
4
انظر: الكامل للمبرد/ 312 ومن كلام العرب: ذهبت بعض اصابعه لأن بعض الأصابع إصبع.
5
من شواهد الكتاب 1/ 25 على اكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه وصف الجبال بالخشية باعتبار ما آلت إليه. والسور: كل ما علا، وبها سمي سور المدينة سورا، وعلي هذا لا شاهد في البيت والبيت من قصيدة لجرير في هجاء الفرزدق.
والمعنى: لما وافي خبر قتل الزبير إلى مدينة الرسول "صلى الله عليه وسلم" تواضعت هي وجبالها حزنا له وهذ مثل. ورواية الديوان: تهدمت بدلا من تواضعت.
وانظر: المقتضب 4/ 198. ومعاني الفراء 2/ 37. والصاحبي/ 224 والخصائص2/ 418. والكامل/ 312 والنقائض/ 969 والمذكر والمؤنث لابن الأنباري/ 317، ومجا ز القرآن 1/ 197 واللسان "سور" ومقاييس اللغة 2/ 183. وشرح السيرافي 1/ 321 والجمهرة لابن دريد/ 338-339 والاضداد لابن الأنباري 296 والديوان/ 345.



ج / 3 ص -478- لأَنَّ السورَ من المدينة وقَالَ أَيضًا:

رأتْ مَرَّ السِّنينَ أَخّذْنَ مِنّي كما أَخذَ السِّرارُ مِنَ الهِلاَلِ1

فَقالَ: أَخذنَ فردهُ إلى السنينِ ولم يردهُ إلى مرِّ لأَنَّهُ لا معنَى للسنين إلا مَرها ومثلُه قولُ الأعشى:

وتَشرقُ بالقولِ الذي قَدْ أَذْعْتَهُ كَما شَرَقتْ صَدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّمِ2

لأَنَّ صدَر القناةِ من القناةِ.
قالَ محمد بن يزيد: يردُّ عَلَى مَن ادّعى أَنَّ هذَا مجراهُ3 مجرى الضرورةِ القرآن أفصحُ4 اللغاتِ وسيدُها وما لا تعلقُ بهِ ضَرورةٌ ولا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
استشهد به على اكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه. وفيه اكتسابه الجمعية، فإن مر مفرد والسنين جمع، فاكتسب مر الجمعية من السنين وكذلك قال: أخذن مني، وإلا لقال: أخذ، وفيه شاهد آخر على أن بعض بني تميم وبني عامر يلزم الياء ويجعل الإعراب على النون وعليه فنون السنين في البيت مكسورة. والبيت الجرير في هجاء الفرزدق.
وانظر: المقتضب 4/ 200 ومعاني القرآن 2/ 37. والصابي/ 213 والكامل 312 والتهذيب 1/ 135 واللسان "خضع" والديوان/ 426.
2
من شواهد سيبويه 1/ 25 على اكتساب المضاف إلى التانيث. فقد أنث الصدر وهو مذكر، لأنه مضاف إلى مؤنث هو منه، والخبر عنه كالخبر عما أضيف إليه، لأن المعنى في شرقت القناة وشرق صدر القناة واحد.
وشرق: غصن وأذعته: أفشيته. والقناة: الرمح.
يخاطب الشاعر: عمير بن عبد الله وكانت بينهما مهاجاة، فيقول له: يعود عليك مكروه ما أذعت عني من القول ونسبته إلى من القبيح فلا تجد منه مخلصا.
وانظر: المقتضب 4/ 197 والكامل/ 312. والخصائص 2/ 417. والمذكر والمؤنث لابن الأنباري/ 316 وشرح الحماسة 2/ 370 وشعراء النصرانية/ 377، وشرح السيرافي 1/ 321 والجمهرة 2/ 339.
3
في "ب" أن يجري هذا مجرى.
4
أفصح: ساقط من "ب".



ج / 3 ص -479- يلحقهُ1 تجوزٌ. قالَ الله عز وجلَ: {إنْ نَشَأْ نُنَزِّلُ عَلَيْهِم مِنَ السَّمَاءِ آيةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لهَا خَاضِعِينَ}2. فَخبَّرَ عَنْهم وتركَ الأَعناق. وقَالَ: قال أَبو زيدٍ: وقَد3 قالَ غيرهُ:
الأعناقُ: الجماعاتُ مِنْ ذلكَ قولُكَ4: جَاءني عُنُقٌ مِنَ الناسِ أي: جماعةٌ كمَا قالَ القائلُ5 لعلي بن أبي طالبٍ رضي الله عنهُ:

أَبلغْ أَميرَ المؤمنينَ أَخَا العراقِ إذا أَتيْتَا أنَّ العِرَاقَ وأهلَه عُنُقٌ إليكَ فَهَيْتَ هَيْتَا6

قالَ: فهذاَ قولٌ والأولُ هو الذي يعملُ عليهِ.
قالَ أَبو بكر: والذي عندي في ذلكَ أَنَّ الآية ليستْ نظيرةَ الأَبياتِ التي ذكرتْ لأَنَّ تلك بُنيَ فيها اسمٌ7 مؤنثٌ8 على فِعْلٍ مؤنثٍ والآية9 قد جَاءتْ باسمٍ مذكرٍ بعدَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
يلحقه: ساقط من "ب".
2
الشعراء: 4 وانظر الكامل/ 312.
3
في الكامل/ 312 وكان أبو زيد الأنصاري يقول: أعناقهم: جماعتهم، تقول: أتاني عنق من الناس.
4
قولك: ساقط من "ب".
5
قال القائل: ساقط من "ب".
6
الشاهد فيه عنق: بمعنى جماعات أو طوائف، إذا جاءوا فرقا كل جماعة منهم عنق وأراد الشاعر هنا أن هم أقلوا إليك بجماعاتهم، أي: مالون إليك ومنطروك ويروي:

سلم إليك..

ولم ينسب هذا الشاهد لقائل معين.
وانظر: معاني القرآن 2/ 40 والخصائص 1/ 279 والمحتسب 1/ 337. واللسان 12/ 145 "عنق" والتهذيب 1/ 252.
7
اسم: ساقط من "ب".
8
فعل مؤنث: ساقط من "ب".
9
كلمة الآية: ساقطة من "ب".



ج / 3 ص -480- مؤنثٍ في اللفظِ فردَ1 "خاضعينَ" إلى أَصحابِ الأَعناقِ ومِنْ ذلكَ قَولُ ذي الرمةِ:

مَشَينَ كَمَا اهْتزَّت رِماحٌ تَسَفَّهتْ أَعاليهَا مَرُّ الرياحِ النَّواسِمِ2

ومِنْ ذَلك3 قَولُ الراجز:

مُرُّ الليالي أَسَرَعتْ في نَقْضِي أَخَذْنَ بَعْضِي وَتَرْكنَ بَعْضِي4

فَقَد ذكرتُ5 في كُل حَدٍّ مِنَ الحدودِ6 ما أَجازتهُ الضرورُ7. هذَا آخرُ الأصول بحمدِ الله ومنتِه
والحمدُ لله الواحد العدلِ ذي الجلالِ والمنةِ والفضلِ والصلواتُ على رسولِه محمدٍ وآلهِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
فرد: ساقط من "ب".
2
مر تفسير هذا الشاهد في نفس جزء.
3
ومن ذلك: ساقط في "ب".
4
من شواهد الكتاب1/ 26، على اكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه، وكذلك اكتساب المضاف التأنيث والجمعية من المضاف إليه. ويروي: إن الليالي أسرت في نقضي،
ولا شاهد فيه حينئذ. وينسب هذا الشاهد إلى العجاج، وهو موجود في ديوانه مما نسب إليه، وكذلك ينسب إلى الأ غلب العجلي، ومعناه: مرور الليالي على هدمني وأبلاني فصرت إلى الضعف بعد القوة، فكأنما نقضت بعد الإبرام.
وانظر: المقتضب 4/ 199 والبيان والتبيين للجاحظ 4/ 60 والمعمرين/ 87 والأغاني 18/ 64 والمخصص 17/ 78 والعيني 3/ 395 والخزانة 2/ 168، والديوان/ 80م ما ينسب إليه.
5
في: ساقطة في "ب".
6
الحدود: ساقطة في "ب".
7
في "ب" الضرورات.



ج / 3 ص -481- فُرغَ من انتساخِه ثالثَ عَشَر شَهْر رمضانَ سنة إحدى وخمسينَ وستِّ مئةٍ شاكرًا على نعمهِ وأَفضالهِ ومصلِّيًا علَى النبي وآلهِ.
قوبلَ بنسخةٍ مقروءةٍ علَى الشيخِ أبي الحسنِ علي بن عيسى النحوي رحمهُ الله كتبهُ محمود بن أبي المفاخر محمود غفر الله ذنوبه وستر عيوبهُ والحمدُ لله رَبِّ العالمينَ وصلَّى الله علَى سيدِنا محمدٍ وآلهِ الطاهرينَ.













56



















الأصول في النحو

ج / 3 ص -483- المصادر والمراجع:
أولا: المطبوعة:
1-
الأثار الفكرية لعهد الله فكرين مطبعة بولاق- الطبعة الأولى.
2-
إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر: تحقيق الشيخ الضياغ- مطبعة عبدالحميد حنفي.
3-
إحياء النحو للأستاذ إبراهيم مصطفي- لجنة التأليف والترجمة والنشر.
4-
أخبار النحو يين البصريين للسيرافي، تحقيق الأستاذين الزيني وخفاجة – مطبعة الحلبي.
5-
أدب الكاتب لابن قتيبة، تحقيق الشيخ محيي الدين عبدالحميد – المطبعة الرحمانية بمصر.
6-
أراجيز العرب: جمع السيد محمد توفيق البكري، الطبعة الثانية، 1313هـ.
7-
الأوراق للصولي- القاهرة 1934م.
8-
أسرار العربية لابن الأنباري، تحقيق الاستاذ محمد بهجة البيطار، مطبة الترقي بدمشق.
9-
الأشباه والنظائر، لجلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، دائرة المعارف العثمانية.
10-
الاشتقاق لابن دريد، تحقيق الاستاذ عبدالسلام هارون- مطبعة السنة المحمدية 1958.



ج / 3 ص -484- 11- إصلاح المنطق لابن السكيت، تحقيق الاستاذ عبد السلام هارون وأحمد محمد شاكر، دار المعارف ط2 سنة 1956م.
12-
الأصمعيات للاصمعي، تحقيق الاستاذ عبد السلام هارون.
13-
الإصابة في تميزي الصحابة، لابن حجر العسقلاني، المطبعة الشرقية، القاهرة، 1907.
14-
الأضداد لمحمد بن القاسم الأنباري، تحقيق أبي الفضل إبراهيم، الكويت 1960م.
15-
إعراب ثلاثين سورة لابن خالوية- مطبعة دار الكتب.
16-
الأغاني، لأ بي الفرج الاصفهاني – مطبعة دار الكتب- الطبعة الاولى 1927م.
17-
الاقتضاب، شرح أدب الكتاب للبطليوسي، تحقيق الاستاذ عبد الله البستاني، المطبعة الأدبية- بيروت. سنة 1901م.
18-
امراء البيان لمحمد كرد على- مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1937م.
19-
أمالي الزجاجي، المؤسسة العربية، القاهرة 1962م.
20-
أمالي السيد المرتضي، أبو القاسم على بن الطاهر، مطبعة السعادة، الطبعة الأولى سنة 1325هـ.
21-
أمإلى ابن الشجري- طبعة حيدر آباد، الطبعة الأولى سنة 1349 هـ.
22-
الامال لابن على إسماعيل بن القاسم القالي- الطبعة الثانية- دار الكتب 1926م.
23-
إنباه الرواة للقفطي، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم- دار الكتب 1369هـ.
24-
الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الابناري، تحقيق محي الدين عبد الحميد الطبعة الأولى.
25-
الإيضاح في علل النحو الز جاجي، تحقيق الدكتور مازن المبارك.



ج / 3 ص -485- 26- البحر المحيط، لأبي حيان الاندلسي- مطبعة السعادة 1328هـ.
27-
البخلاء للجاحظ- الطبعة الأولى- مطبع الجمهور بمصر سنة 1323هـ.
28-
بغية الوعاة لجلال الدين السيوطي- مطبعة السعادة.
29-
البيان والتبين للجاحظ تحقيق عبدالسلام هارون- مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1948م.
30-
تاج العروس في شرح القاموس لمحمد مرتضي الحسيني الواسطي الزبيدي- الطبعة الأولى 1306 وطبع الأميرية 1307هـ.
31-
تاريخ الأدب العربي- كارل بروكلمان ط. ليدن 1937، ترجمة عبدالحليم النجار، دار المعارف بمصر.
32-
تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان، مطبعة الهلال 1931م.
33-
تاريخ علوم اللغة للاستاذ طه الراوي- الطبعة الأولى، م طبعة الرشيد بغداد 1369هـ.
34-
تاريخ ابن الوردي المتوفي 749هـ- القاهرة 1285هـ.
35-
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، مطبعة السعادة سنة 1349هـ.
36-
تثقيف اللسان لابن مكي الصقلي، تحقيق الدكتور عبدا لعزيز مطر، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سنة 1966.
37-
تصريف المازني لأبي عثمان المازني، تحقيق إبراهيم مصطفي وعبد الله امين، مطبعة البابي الحلبي.
38-
التمام في تفسير أشعار هذيل، لابن جني، تحقيق الدكتور أحمد مطلوب، مطبعة العاني.
39-
توجيه إعراب أبيات ملغزة الإعراب للفارقي، تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني- مطبعة الجامعة السورية.
40-
تهذيب إلاصلاح المنطق للتبرزيي، مطبعة السعادة.
41-
تهذيب اللغة لابي منصور محمد بن أحمد الأزهري، تحقيق الاستاذ عبد الله دريوش- الدار المصرية للتأليف والترجمة.



ج / 3 ص -486- 42- جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري- تحقيق أبي الفضل إبراهيم- الطبعة الأولى سنة 1964م.
43-
جمهور اللغة لأبي بكر بن دريد، دائرة المعارف العثمانية- حيدر أباد- الدكت 1344هـ.
44-
الحجة لأبي على الفارسي، تحقيق الدكتور عبدالفتاح شلبي.
45-
حسن الصحابة في شرح اشعار الصحابة، جمع الأستاذ على فهمي- مطبعة دار السعادة.
46-
الحيوان للجاحظ، تحقيق الأستاذ عبدالسلام هارون- مطبعة مصطفي البابي الحلبي سنة 1940م.
47-
حياة الحيوان للدميري كمال الدين، المطبعة المشرفية والميمنية. ودار الطبا عة 1292هـ.
48-
خزانة الأدب للبغدادي – طبعة بولاق سنة 1299هـ.
49-
الخصائص لأبي الفتح ابن جني، تحقيق الاستاذ محمد على النجار، مطبعة دار الكتب- سنة 1956م.
50-
ديوان الأخطل- بيروت 1891م.
51-
ديوان الأعشي الكبير، تحقيق الدكتور محمد حسين، المطبعة النموذجية.
52-
ديوان أمية بن أبي الصلت، بيروت 1353هـ المطبعة الوطنية.
53-
ديوان جرير تحقيق الأستاذ الصاوي 1353هـ والمطبعة العلمية بمصر 1313هـ.
54-
ديوان حاتم الطائي، مطبعة التقدم، ودار صادر بيروت.
55-
ديوان حسان بن ثابت، تحقيق الأستاذ العثماني- مطبعة السعادة.
56-
ديوان حميد بن ثور، تحقيق الاستاذ عبدالعزيز الميمني، مطبعة دار الكتب سنة 1369هـ.
57-
ديوان رؤبة. لايبسك. سنة 1902م.
58-
ديوان ذي الرمة نشر كبرج سنة 1919 طبع بيروت.
59-
ديوان زهير بن أبي سلمى- مطبعة دار الكتب سنة 1363هـ.



ج / 3 ص -487- 60- ديوان الشماخ، تحقيق الأستاذ أحمد بن الأمين الشنقيطي- مطبعة السعادة سنة 1327هـ.
61-
ديوان طرفة- دار صادر بيروت- وشرح الأعلم- سنة 1900م.
62-
ديوان عبد الله بن قيس الرقيات، تحقيق الأستاذ محمد يوسف نجم. دار صادر بيروت.
63-
ديون العجاج لايبسك.
64-
ديوان علقمة بن عبدة من مجموعة خمسة دواوين. وشرح ديوانه للأعلم الشنتمري.
65-
ديوان عمر بن أبي ربيعة، تحقيق الشيخ محي الدين – مطبعة السعادة، ونشر مكتبة اللبابيدي- بيروت.
66-
ديوان العباس بن مرداس، تحقيق الدكتور يحيى الجبوري، وزارة الثقافة والإرشاد بغداد.
67-
ديوان الفرزدق تحقيق الأستاذ الصاوي سنة 1354هـ.
68-
ديوان القطامي، تحقيق الاستاذ إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب- دار الثقافة بيروت.
69-
ديوان قيس بن الخطيم، تحقيق الدكتور ناصر الأسد- نشر دار العروبة.
70-
ديوان لبيد بن أبي ربيعة، تحقيق الأستاذ إحسان عباس، مطبعة الكويت.
71-
ديوان النابغة الذبياني – الطبعة الأولى- دار الكتب 1932م.
72-
ديوان الهذليين- دار الكتب سنة 1367هـ.
73-
ذيل تجارب الأ مم لابن مسكويه- مصر- سنة 1334هـ.
74-
الرماني النحوي للدكتور مازن المبارك- الطبعة الأولى- مطبعة جامعة دمشق 1963.
75-
رسالة الغفران لعائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ- دار المعارف 1950م.



ج / 3 ص -488- 76- رسالة الصديق والصداقة لأبي حيان التوحيدي، قسطنطينية 1301هـ.
77-
أبو زكريا الفراء- الدكتور أحمد مكي الأنصاري- المجلس ا لأعلى لرعاية الفنون والآداب – القاهرة- 1964م.
78-
الزمخشري للدكتور أحمد محمد الحوفي، الطبعة الأولى 1966 مطبعة البيان.
79-
سر صناعة الإعراب لأبي الفتح ابن جني، تحقيق الأستاذ مصطفي الساق- مطبعة الحلبي سنة 1954م
80-
سمط اللآلي في شرح آمالي القالي أبو عبيد البكري، تحقيق عبدالعزيز الميمني، مطبعة التأليف والترجمة- القاهرة سنة 1936م.
81-
شرح الأبيات المشكلة الإعراب للحسن بن اسد الفارقي، تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني – مطبعة الجامعة السورية.
82-
شرح ديوان الحماسة للمرزوقي، نشر عبدالسلام هارون وأحمد أمين- الطبعة الاولى سنة 1951م.
83-
شرح ديوان زهير صنمة أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب- مطبعة دار الكتب المصرية سنة 1942.
84-
شرح سقط الزند لجنة إحياء آثار ابي العلاء- مطبعة دار الكتب العربية 1946م.
85-
شرح القصائد السبع الطوال لابن الأنباري، تحقيق عبدالسلام هارون – دار المعارف سنة 1963م.
86-
شرح المعلقات السبع للزوزني- المكتبة التجارية بالقاهرة سنة 1384هـ.
87-
شرح الكافية للرضي الإستراباذي- المطبعة العامرة سنة 1275هـ. بالاستانة.
88-
شرح المعلقات العشر للتبريزي- مطبعة السعادة تحقيق محي الدين عبد الحميد.
89-
شرح المفصل لابن يعيش- إدارة الطباعة المنيرية.



ج / 3 ص -489- 90- شذارت الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد- نشر مكتبة القدس 1350.
91-
الشعر والشعراء لابن قتيبة- تحقيق أحمد شاكر- دار إحياء الكتب العربية الطبعة الأولى.
92-
شواهد الألفية للعاملي، سراج الدين على الموسوي- المطبعة العلوية- النجف- سنة 1343هـ.
93-
الصاحبي في فقه اللغة لأحمد بن فارس- المطبعة السلفية- القاهرة- 1910م.
94-
الصحاح للجوهري إسماعيل بن حماد- طبعة دار الكتب العربي سنة 1956م.
95-
طبقات النحوين واللغويين للزبيدي، تحقيق أبي الفضل إبراهيم- مطبعة السعادة.
96-
طبقات القراء لابن الجزري- نشر براجستراسر- مطبعة السعادة 1933م.
97-
ظهر الإسلام- للاستاذ أحمد أمين- مصر سنة 1952م.
98-
العبر في اخبار من غبر للذهبي، تحقيق فؤاد سيد 1961 الكويت.
99-
العقد الفريد لابن عبد ربه، تحقيق الأستاذ أحمد أمين- مطبعة ل جنة التأليف والترجمة.
100-
أبو على الفارسي-الدكتور عبدالفتاح شلبي- نهضة مصر- 1388هـ.
101-
عيون الأنباء في طبقات الاطباء لابن ابي اصبيعة. الطبعة الأولى سنة 1299هـ.
102-
غيث النفع في القراءات السبع للصفاقي بهامش شرح الشاطبية مطبعة الحلبي سنة 1346هـ.
103-
الفاخر لأبي طالب المفضل بن سلمة، تحقيق عبدالعليم الطحاوي سنة 1960، عيسي البابي الحلبي.



ج / 3 ص -490- 104- الفهرست لابن النديم- المطبعة الرحمانية- سنة 1348هـ.
105-
الكامل لمحمد بن يزيد المبرد- طبعة لايبسك.
106-
كتابة سيبويه- مطبعة بولاق بمصر سنة 1317هـ.
107-
كتاب الفا خر للمفضل بن سلمة بن عاصم الكوفي- ليدن سنة 1915م.
108-
الكشاف الزمخشري- نشر المكتبة التجارية- الطبعة الأولى 1367هـ.
109-
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون للحاجي خليفة- طبع اسطنبول سنة 1943.
110-
اللباب في معرفة الأنساب ابن الأثير – القاهرة 1957م.
111-
لسان الميزان- لابن حجر العسقلاني الطبقة الأولى حيدر آباد الدكن 1329هـ.
112-
لسان العرب لا بن منظور- الدار المصرية للتأليف والترجمة.
113-
مجالس العلماء للزجاجي- تحقيق عبد السلام هارون، الكويت 1962.
114-
مجالس ثعلب، تحقيق عبدالسلام هارون، مطبعة دار المعارف - الطبعة الأولى سنة 1949م.
115-
مجمع الأمثال للميداني، تحقيق الشيخ محمد محي اللدين، مطبعة السنة المحمدية.
116-
المحتسب لابي الفتح بن جني، تحقيق الأستاذ على ناصف النجدي وعبد الفتاح شلبي- القاهرة سنة 1969م.
117-
المخصص لأبي الحسن على بن إسماعيل بن سديه، الطبعة الأميرية- بولاق 1316هـ.
118-
مدرسة الكوفة- الدكتور مهدي المخزومي- الطبقة الثانية 1377هـ.
119-
مراتب النحويين- لابي الطيب اللغوي، تحقيق الأستاذ ابي الفضل إبراهيم مطبعة نهضة مصر.



ج / 3 ص -491- 120- المزهر لجلال الدين السيوطي- تحقيق أبي الفضل إبراهيم وأحمد جاد المولى دار إحياء الكتب العربية - البابي الحلبي.
121-
المسلسل في غريب اللغة لأبي طاهر محمد بن يوسف التميمي، تحقيق محمد عبدالجواد، وزارة الثقافة - القاهرة سنة 1387هـ.
122-
معاني القرآن لأبي زكريا وضع محمد فؤاد عبدالباقي - دال الكتب الحديثة.
123-
معجم ألفاظ القرآن وضع محمد فؤاد عبدالباقي- دار الكتب الحديثة.
124-
معجم الأدباء لياقوت الحموي- مطبوعات دار المأمون 1936م.
125-
معجم الشعراء للمرزباني تحقيق أحمد عبدالستار فراج 1960م.
126-
معجم البلدان لياقوت الحموي- دار صادر بيروت، وطبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1906م.
127-
معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس، تحقيق عبدالسلام هارون- مطبعة إحياء الكتب العربية سنة 1366.
128-
المعرب من الكلام الأعجمي– منصور بن أحمد الجواليقي، تحقيق أحمد محمد شا كر، دار الكتب سنة 1361هـ.
129-
مغني اللبيب لابن هشا م، تحقيق محي الدين عبدالحميد- مطبعة محمد المصطفي.
130-
مفتاح السعادة، لأحمد بن مصطفي المسمي طاش كبرى زادة- الطبعة الأولى- حيدر آباد الدكن - الهند.
131-
مفتاح العلوم للسكسكي - الطبعة الأولى - المطبعة الأدبية بمصر.
132-
المفصل للمزخشري - الطبعة المصرية.
133-
المفضليات، تحقيق عبدالسلام هارون وأحمد شاكر- مطبعة دار المعارف ط: الثانية.
134-
المقتضب لأبي العباس محمد بن يزيد تحقيق الاستاذ عبد الخالق عضيمة- لجنة إحياء التراث الإسلامي سنة 1388هـ.



ج / 3 ص -492- 135- المنتظم لابن الجوزي حيدر آباد الدكن- سنة 1307هـ.
136-
من أسرار العربية، الدكتور إبراهيم أنيس، مطبعة لجنة البيان 1951م.
137-
الموجز لابن السراج، تحقيق مصطفي الشويمي، مؤسسة بدارن للطباعة والنشر بيروت سنة 1965.
138-
الموشح للمرزباني تحقيق محمد على البيجاوي. القاهرة 1965.
139-
نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة مصطفي الطنطاوي الطبعة الرابعة سنة 1274هـ.
140-
نزهة الألباب في طبقات الأدباء لابن الأنباري- القاهرة سنة 1294هـ.
141-
النشر في القراءات العشر لابن الجزري- تحقيق الضباع- نشر المكتبة التجارية.
142-
النقائص بين جرير والفزدق لأبي عبيدة تحقيق الأستاذ الصاوي سنة 935م.
143-
النوادر لأبي زيد الأنصاري- المطبعة الكاثولويكية- بيروت سنة 1894م.
144-
همع الهومع- لجلال الدين السيوطي- مطبعة السعادة 1327هـ.
145-
الوحشيات لأبي تمام، تحقيق الأستاذ عبدالعزيز الميمني ومحمود شاكر- مطبعة المعارف.
146-
وفيات الأعيان لابن خلكان، تحقيق محيي الدين عبدالحميد- مطبعة السعادة 1948م.
147-
يتمية الدهر للثعالبي- الشام 1303هـ.



ج / 3 ص -493- ثانيا: المراجع المخطوطة.
1-
ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان مخطوط بدار الكتب رقمة 828 نحو.
2-
أخبار المحمدين من الشعراء اللقفطي، مخطوط بدار الكتب رقم 2217هـ.
3-
إشارة التعيين إلى تراجم النحاة واللغوين لأبي المحاسن الشافعي رقم 1612 تأريخ.
4-
الإغفال لأبي على الفارسي- مخطوط بدار الكتب – رقمه 875 تفسير.
5-
الانتصار لابن ولاد مخطوط بدار الكتب- الخزانة التيمورية.
6-
الإيضاح في شواهد الإيضاح للقيسي- مخطوط رقمها "125" سكوريال.
7-
تحفة الوزراء للثعالبي مخطوط بدار الكتب رقمه 5 نحو. ش.
8-
التذييل والتكميل على التسهيل- مخطوط بدار الكتب رقم 6061 هت.
9-
التيسر لأبي عمر الداني- مخطوط بدار الكتب رقمه 14 قراءات.
10-
شرح الرماني لكتاب سيبويه مصورة بمجمع اللغة العربية رقمه 181 نحو.
11-
شرح السيرافي لكتاب سيبويه مخطوط بدار الكتب رقمه 136 نحو.
12-
شرح شواهد ال إيضاح لابن بري- مخطوط بدار الكتب رقمه 30 نحو.
13-
شرح الإيضاح للرهاوي- مخطوط بدار الكتب رقمه 1911 نحو.



ج / 3 ص -494- 14- طبقات النحويين واللغويين لابن قا ضي شهبة- نسخة مخطوطة بدار الكتب رقمه 2146 تأريخ.
15-
عقد الجمان للعيني- القسم الثالث- مصورة بدار الكتب 1584 تأريخ.
16-
عيون التواريخ- لابن شاكر الكتبي- مخطوط بدار الكتب رقمه 1497 تأريخ.
17-
المسائل البغدادية لأبي على الفارسي رقمه 2516 معهد مخطوطات الجامعة العربية.
18-
المسائل البصرية لأبي على الفارسي مخطوط رقمه 2516 في معهد الجامعة العربية.
19-
نشر النظم وحل العقد للثعالبي مخطوط بدار الكتب رقمه 5 نحو. ش.



ج / 3 ص -495- فهرس:
باب تكسير ما عدة حروفه بالزيادة أربعة أحرف للجمع 5
باب المؤنث 8
باب ما كان من الأسماء على أربعة من غير زيادة 11
ذكر تكسير الصفة: باب الثلاثة منها 13
باب تكسير ما كان في الصفات عدد حروفه أربعة أحرف بالزيادة 16
باب ما ألحق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة من الصفات 21
باب تكسير ما جاء من الصفة علي أكثر من أربعة أحرف. 23
باب ما كان من الأسماء عدة حروفه خمسة وخامسه ألف التأنيث 26
باب ما جمع علي المعنى لا علي اللفظ. 27
باب ما جاء بناء جمعه علي غير ما يكون في مثله 29
باب ما هو اسم يقع علي الجمع ولم يكسر عليه واحدة وهو من لفظة 31
باب جمع الجمع 32
باب ما لفظ به مثني كما لفظ بالجمع 34
باب ما كان من الاعجمية علي أربعة أحرف وقد أعرب. 35
باب التحقير 36
ذكر تحقير ما كان الألف بدلا من عينه. 37
ما لا زيادة فيه وهو الرباعي 39
ما لا زيادة فيه وهو الخماسي 39



ج / 3 ص -496- ما كان من الأسماء فيه زيادة 39
ما يحذف في التحقير من بنات الثلاثة من الزيادات 42.
ما تحذف منه الزوائد من بنات الثلاثة 45
اسم من الثلاثي فيه زائدتان 46
كل اسم من بنات الثلاثة تثبت فيه زيادته في التحقير 49
ما يحذف من زوائد بنات الأربعة كما تحذفها في الجمع 50
تحقير ما أوله الف الوصل وفيه زيادة من بنات الأربعة 52
ما كسر عليه الواحد للجمع 52
تحقير الاسم المنقوص 54
الأبواب المنفردة تسعة 58
الأول: تحقير كل حرف كان فيه بدل 58
الثاني: تحقير الأسماء التي يثبت الإبدال فيها 59
الثالث: تحقير ما كان فيه قلب يرد ما قلب منه الي الأصل 60
الرابع: تحقير كل اسم كان من شيئين ضم أحدهما الي الآخر 60
الخامس: الترخيم في التصغير 60
السادس: ما جري في الكلام مصغرا فقط 61
السابع: ما يحقر لدنوه من الشيء وليس مثله. 61
الثامن: ما لا يحقر 62
ذكر النسب. 63
الأول: اسم نسب إليه فسلم بناؤه ولم يغير فيه حركة ولا حرف 64
الثاني: اسم غير من بن ائه حركة ف جعل المكسور فيه مفتوحا 64
ما يقلب فيه الحرف الذي قبل ياءي النسب من حروف العلة 65
ما زاد علي الثلاثة 66
النسب الي المثنى والمجموع علي حد التثنية. 68
الإضافة الي كل اسم آخره ياءان مدغمة حداهما في الأخرى 73



ج / 3 ص -497- الإضافة إلى كل اسم أ خره ألف زائدة لا ينون وهو على اربعة أحرف 74
الإضافة إلى اكل اسم كان أخره ألف وكان على خمسة أحرف 75
الأضافة إلى ما فيه الزوزائ من بنات الحرفين 77
باب ما غير في السنب وجاء على غير القياس التي تقدم 80
هذا باب المصدر وأسماء الفا علين 85
ذكر ما جاء من المصادر والصفات والأفعال على بناء واحد 89
باب ما يختلط فيه فعل يفعل كثيرا وهو ما كان من الرفعة والضعة 100
باب فعل يفعل من حروف الحلق 102
باب نظائر الثلاثي الصحيح من المعتل 106
باب ذكر المصادر التي تضارع الأسماء 109
باب ذكر الأفعال التي فيها زوائد من بنات الثلاثة ومصادرها 113
باب دخول فعلت على فغلت لا يشركه في ذلك أفعلت. 121
باب دخول التاء على فعل 122
باب افتراق فعلت وأفعلت 124
باب مصادر ما لحقته هذه الزوائد 130
باب ما لحقته الهاء عوضا 132
باب ما جاء المصدر فيه من غير الفعل، لأن المعنى واحد 134
باب ما يكثر فيه المصدر من فعلت 136
باب ما لاى يجوز أن تعديله من الثلاثي والرباعي 138
باب نظير ضربته ضربة من هذه الأبواب كل المصادر 140
ذكر المشتق من ذوات الثلاثة على مثال المضارع مما أوله ميم 140
باب ما كان من هذا النحو من بنات الياء والواو التي فيه لامات 145
باب ما كان من هذا النحو من بنات الياء والواو فيه فاء 146
باب ما يكون مفعلة بالفتح والياء لازمه له 148
باب نظائر ما ذكرنا مما جاوز بنات الثلاثة بزيادة أو غير زيادة 149



ج / 3 ص -498- باب ما عالجت به 151
باب ما لا يجوز فيه ما أفعله 152
باب ما يستغني فيه عن ما أفعله فعله وعن أفعل منه بقولهم أفعل منه فعلا 153
باب ما أفعله على معنيين: أحدهما على معنى الفاعل والآخر على معنى الضعة 154
با ما تقول العرب ما أفعله ولي فيه فعل، وإنما يحفظ حفظا ولا يقاس عليه 155
باب ما يكسر فيه أوائل الأفعال المضارعة 156
باب ما يسكن اتسخفافا في الاسم والفعل 158
باب الإمالة 160
ذكر ما يممنع الألف من الإمالة 163
باب الراء 167
ذكر التفحة المم الة نحو الكسرة 169
ذكر عدة ما يكون عليه الكلم 171
ما جاء على حرفين 174
باب ما جاء على ثلاثة أحرف 176
الأبنية وأقسامها: الثلاثي، والرباعي، والخماسي 179
أبنية الأسماء الرباعية 181
أبنية الأسماء الخماسية 184
لحاق الألف ثالثة في غير الجمع مع غيرها من الزوائد 194
لحاق الألف رابعة مع غيرها من الزوائد 195
لحاق الألف خامسة مع غيرها من الزوائد 199
لحاق الألف خامسة وبع دها حرف ليس من حروف الزوائد 199
لحاق الألف خامسة للتأنيث 199
لحاق الألف خامسة وبعدها همزة للتأنيث 200



ج / 3 ص -499- لحاق الألف سادسة للتأنيث مع غيرها 201
لحاق الألف خامسة وبعدها نون 201
لحاق الألف سادسة وبعدها همزة للتأنيث 203
ما زيد ت فيه الياء من الأسماء الثلاثية 203
ما زيدت فيه النون 205
ما زيدت فيه التاء من الأسماء الثلاثية 206
باب الزيادة بتكرير حرف من الأصل في الثلاثي 211
ما لحقته الزوائد من بنات الأربعة 214
باب ما الزيادة فيه تكرير في الرباعي لحقاها من موضع الثاني 221
ما لحقته الزيادة من بنات الخمسة وجاءت الزوائد في بنات الخمسة أقل بحر ف فزوائده ثلاثة 221
باب أبنية ما أعرب من الأعجمي 223
ما ذكر أنه فات سيبويه من الأبنية 224
ذكر ما ثبت العرب من الأفعال 226
ما ألحق من الرباعي 229
بناء الأفعال من بنات الأربعة بلا زيادة 230
ما فيه زيادة من الرباعي وألف الوصل 231
ذكر التصريف 231
إبدال الألف من الواو وهي عين 253
ما الواو فيه ثانية وهي في موضع العين في الاسم 253
إبدال الهاء من الواو وهي فاء 254
إبدال الألف من النون 255
إبدال الياء من الواو 255
إبدال الياء من الألف 261
إبدال الياء من الواو وهي فاء 261
إبدال الياء من الواو وهي عين 262



ج / 3 ص -500- إبدال الياء من المدغم عينا 263
إبدال الياء من الواو تشبيه بما يوجب القلب 264
إبدال الواو من الياء 266
إبدال الواو مكان الهمزة 267
إبدال الفاء ابدلوها من الواو والياء 268
إبدال التاء من الياء 269
الشذوذ 270
إبدال التاء في افتعل وفعلت 272
أبدال الطاء 270
إبدال الميم 273
إبدال اللام 275
التحويل والنقل 277
ذكر ما يتم ويصحح ولا يعل 286
باب ما يكسر عليه الواحد 289
باب ما يجري فيه بعض ما ذكرنا إ ذا كسر المجمع على الأصل 292
باب فعل من فوعلت من قلت وفعلت من بعت 293
باب ما الهمز فيه في موضع اللام من بنات الياء وزالواو 296
باب ما يخرج على الأصل إذا لم يكن حرف إعراب 299
باب ما إذا التقت فيه الهمزة والياء قلبت الهمزة ياء والياء ألفا 301
ما بني على أفعلاء وأصله فعلاء 302
جمال الأصول التي لا بد من حفظها لاستخراج المسائل بجميع أقسامها 302
باب الياء المتحركة 304
ذكر تكرر هذه الحروف المعتلة واجتماع بعضها مع بعض 311
مسائل التصريف 316



ج / 3 ص -501- ما قيس على كلام العرب وليس من كلامهم 351
مما قيس من المعتل على الصحيح 358
المسائل المبنية من الياء 359
المسائل المبنية من الواو 366
المسائل المبنية من الهمزة 377
باب اجتماع الحروف المعتلة في كلمة 383
باب ما ذكره الأخفش من المسائل على مثال مرمريس 393
باب من مسائل الجمع 396
باب الإدغام 399
مخارج الحروف ستة عشر 400
أصناف هذه الحروف أحد عشر صنفا 401
ذكر الإدغام 405
إدغام الحرفين اللذين تضع لسانك لهما موضع واحدا 405
أن يكون الحرفان من كلمتين منفصلتين 410
الذي لا يجوز إدغامه 412
ما أدغم للتقارب 413
ذكر ما يدغم في مقاربه 413
ما يدغم من حروف الحلق 414
الإدغام في حروف طرف اللسان والثنايا 422
باب الصاد والزاي والسين 424
إدغام مخرج في مخرج يقاربه 425
ذكر ما امتنع من الحروف المتقاربة 427
باب الحرف الذي يضارع به حرف من موضعه 429
باب ما يقلب فيه السين صادا في بعض اللغات 431
باب ما كان شاذا مما خففوزا على ألسنتهم وليس بمطرد 432
باب ضرورة الشاعر 435



ج / 3 ص -502- ذكر الذي يحسن من ذلك ويقاس عليه 435
مما يستحسن للشاعر إذا اضطر أن يحذفه 447
تخفيف المشدد في القوافي 448
ذكر ما جاء كالشاذ الذي لا يقاس عليه 450
إجراؤهم الوصل كالوقف 451
حذف الفاء من جواب الجزاء 461
ما حذف منه المنعوت وذكر النعت 462
مما جاء كالشاذ وهو وضع الكلام في غير موضعه وتغيير نضده 463
إبدال حرف اللين من حرف صحيح 467
تغيير وجه الإعراب للقافية 471
تأنيث المذكر على التأويل 476
آخر كتاب الأصول في النحو والحمد لله رب العالمين

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...