65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج.6 التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط بن العجمي



ج.6 التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح)

المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: وما يدريك أن الله قد أكرمه]

1243# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمامُ، وتقدَّم (عُقَيْل): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم (الزُّهْرِي [1]) أعلاه [2].

[ج 1 ص 333]

قوله: (أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): (أمُّ العلاء): هي بنت الحارث بن ثابت بن خارجة الأنصاريَّة، بايعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ويقال: إنَّها زوجة زيد بن ثابت، وأمُّ ابنه خارجةَ، روى حديثها الزُّهريُّ عن خارجةَ بنِ زيدٍ عن أمِّ العلاء: (طار لنا عثمان ... )، أخرج لها البخاريُّ والنَّسائيُّ، وقال ابن عبد البرِّ في «الاستيعاب»: (أمُّ العلاء الأنصاريَّة من المبايعات، حديثُها عند أهل المدينة، روى عنها: خارجةُ بن زيد بن ثابت وعبد الملك بن عُمير، وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعودها في مرضها ... ) إلى أن [3] قال: (وقال ابن السَّكن: إنَّ أمَّ العلاء التي روى عنها خارجة غيرُ [4] التي روى عنها عبد الملك بن عمير)، وذكر أمَّ العلاء امرأةً ثالثةً، فقال: (هي غيرهما [5] جميعًا، مُخرَّج [6] حديثُها عن [7] أهل الشام، إلَّا أنَّه في عيادة [8] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، ولا أعرف اسم أمِّ العلاء، والله أعلم.

قوله: (اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً): (اقتُسِمَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، (والمهاجرون): قائم مقام الفاعل مَرْفوعٌ، وذلك؛ لأنَّ الأنصار اقتسموا المهاجرين، فإذا قرأتَه مبنيًا للفاعل؛ يكون المهاجرون اقتسموا غيرَهم، وهو خلاف الواقع، والله أعلم.

قوله: (فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ): أي: صار في قرعتنا.

(1/2510)

قوله: (عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ): هو بفتح الميم، ثمَّ ظاء معجمة مشالة ساكنة، والباقي معروف، وهذا غاية في الظهور عند أهله كاد [9] أن يكون عندهم بديهيًّا، غير أنِّي سمعت بعض الفقهاء في جنازةٍ أهملَ مظعونًا، وهو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب الجمحيُّ، أبو السائب، أحد السابقين، تُوُفِّيَ بعد سنتين ونصف من الهجرة، قيل: إنَّه أوَّل مَن دُفِن بالبقيع، كذا في «المستدرك» بسندٍ واهٍ، وقد ذكرت ما في ذلك في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، وفي «المستدرك» أيضًا في ترجمة أسعد بن زُرَارة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم: أنَّه أوَّل مَن دُفِنَ بالبقيع، وهذا موقوف، وعبد الله تابعيٌّ، وقد ذكر القولين ابنُ عبد الله، فقال في ترجمة أسعد: إنَّه أوَّل مَدفون به؛ أي: بالبقيع، كذلك كانت الأنصار تقول، وأمَّا المهاجرون؛ فقالوا: أوَّل مَن دُفِن بالبقيع عثمانُ بن مظعون، انتهى.

قوله: (فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذي تُوُفِّيَ فِيهِ): (وجِع): بكسر الجيم، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَلَمَّا تُوُفِي وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ): الكلُّ مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ [10] أيضًا.

قوله: (رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ): تقدَّم أعلاه [11] أنَّ (أبا السَّائب) كنيةُ عثمانَ بنِ مظعون رحمة الله عليه [12].

قوله: (الْيَقِينُ): أي: الموت، وقال بعض المُفسِّرين في قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ} [الحجر: 99]: المُوقَن به: النَّصرُ، وقيل: الموت.

قوله: (لاَ أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا): (زكَّاه): إذا أثنى عليه ووصفه.

قوله: (مَا يُفْعَلُ بِي): سيأتي الكلام [13] عليه قريبًا.

قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم مرَّات أنَّ (عُفَيْرًا) بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ مِثْلَهُ): (اللَّيث): هو ابن سعد الإمام الجوَاد، وقوله: (مثله): أي: تابع يحيى ابن بَكير في روايته عن اللَّيث [14] الحديثَ، فرواه كهو، وقال: (ما يُفعل بي)، وحديث سعيد هذا أخرجه البخاريُّ [15] هنا، وفي (التعبير) عن سعيدٍ، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ، عن خارجةَ به.

(1/2511)

قوله: (وَقَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ [16] عَنْ عُقَيْلٍ: مَا يُفْعَلُ بِهِ)؛ يعني: فخالف نافعُ بنُ يزيد [17] اللَّيثَ عن عُقيل، فرواه: (ما يُفعَل [18] به).

قوله: (وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ، وَعَمْرُو [19] بْنُ دِيْنَارٍ، وَمَعْمَرٌ): أي: تابع هؤلاء الثَّلاثةُ عُقيلًا على رواية: (ما يُفعَل به)، ونافع بن يزيد كِلاعيٌّ عن ابن الهادي وجعفر بن ربيعة، وعنه: سعيد بن أبي مريم وأبو صالح الكاتب، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، أخرج له: مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البخاريُّ تعليقًا، قال [20] أحمد بن صالح: كان من ثقات النَّاس، وقال أبو حاتم وغيره: لا بأس به، وأمَّا (شعيب)؛ فهو ابن أبي حمزة، و (معْمر)؛ تقدَّم [21] ضبطه مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد [22].

ومتابعة معمرٍ رواها النَّسائيُّ في (الرؤيا) عن سُوَيد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن معمر، ومتابعة شعيبٍ أخرجها البخاريُّ في [23] (التَّعبير) عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، وأمَّا متابعة عمرو بن دينار، عن الزُّهريِّ [24]؛ فلم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يُخرِّجها شيخنا فيما قرأته عليه.

قوله: (مَا يُفْعَلُ بِي): (يُفعل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، قال شيخنا: فيحتمل أن يكون قبل إعلامه بالغفران له، وقد روي: (ما يُفعَل [به)، وهو الصَّواب؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لا يعلم من ذلك إلَّا ما يُوحى إليه، قال: وقال الدَّاوديُّ: «ما يفعل بي» وهْمٌ، وقوله: «ما أدري ما يُفعل] [25] بي»: أي: في أمر الدُّنيا ممَّا يصيبهم [26] فيها وإن كان وَعَدَهُ بالظهور، فقد كان قبل ذلك مواطنُ خاف فيها الشِّدَّةَ، و «سورة الأحقاف» مكيَّة، و «الفتح» مدنيَّة)، انتهى، وقال القرطبيُّ: (ما يُفعل بي في الدُّنيا من نفعٍ أو ضُرٍّ [27] وإلَّا؛ فيجب نعلم [28] قطعًا أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام خيرُ البريَّة يوم القيامة، وأكرمهم على الله) انتهى، وقوله: ما (يُفعل به)، قاله قبل أن يُخبر أنَّ أهل بدر من أهل الجنَّة، انتهى.

(1/2512)

فالحاصل: أنَّ رواية (بي) وُهِّمَتْ، وصُوِّب (به)، وعلى تقدير صحَّتها أُوِّلت، وقد تكلَّمنا على رواية (به) ما معناها، وقوله [29]: (و «سورة الأحقاف» مكيَّة، و «الفتح» مدنيَّة): قال بعض الأئمَّة: هذه السُّورة_ يعني: الأحقاف_ مكيَّة مُحكَمة، إلَّا آيتين؛ إحداهما: قوله: {قُلْ [30] مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9]، والثَّانية: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي} [الأحقاف: 9]، قالوا: ليس [31] في كتاب الله آيةٌ مِن المنسوخ ثبَت حكمُها كهذه الآية، ثبت ستَّ عشرةَ سنة، وناسخها أوَّل (الفتح)، وممَّن نصَّ على أنَّ ذلك ناسخُها الشَّافعيُّ في «أحكام القرآن»، والله أعلم.

(1/2513)

[حديث: تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها .. ]

1244# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما (البُندار)، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّ (غُنْدر) بغين معجمة مضمومة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، وتقدَّم [مَن] لقَّبه بذلك، وأنَّ معناه: المشغِّبُ، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (لَمَّا قُتِلَ أَبِي): والد جابرٍ عبدُ الله بن عمرو بن حرام؛ بالراء، قُتِلَ [1] في أُحُد؛ وهي في شوَّال سنة ثلاث، رحمة الله عليه، وسيأتي تاريخها أيضًا.

قوله: (فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي): (فاطمة) [2] هذه عمَّةُ جابر: هي بنت عمرو بن حرام؛ بالراء كما تقدَّم قريبًا [3]، صحابيَّة رضي الله عنها، وفي الصَّحابيَّات هند بنت عمرو بن حرام، وهي عمَّة جابر أيضًا، وهي غير هذه، ورأيت في حاشية على «البخاريِّ» _والحاشية بِخَطِّ العلَّامة [4] غياث الدين ابن العاقوليِّ [5] شيخِنا_ قال فيها: قال أبو عمرو بن الصلاح: عمَّة جابر التي جعلت تبكي أباه يوم أُحُد اسمها فاطمة بنت عمرو بن حرام، وسمَّاها الواقديُّ هندًا، انتهى، (وكذا رأيته في «علوم ابن الصلاح»، وقال ابن طاهر والنوويُّ: سمَّاها الواقديُّ هندًا، انتهى) [6]، وقد عرفت أنَّ هندًا غير فاطمة.

[ج 1 ص 334]

قوله: (تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ): قال القاضي عياض: ظاهره أنَّه لفظ الرسول، وأنَّه للتأكيد عليه، فقد حصل له من الفضل ما دلَّ على طريق التسلية لها، والتسوية لفعلها، أو المراد: تبكيه؛ لمصابك ورزيَّتك، أو لا تبكيه؛ لسرورك بما حصل له من الفضل، وقد يحتمل أن يكون عليه الصَّلاة والسَّلام قال أحد اللَّفظين على هذا المعنى، وشكَّ الراوي أيُّهما قال؟ انتهى.

قوله: (وَتَابَعَهُ [7] ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ [8]: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ [9] بْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعَ جَابِرًا) انتهى، أخرج هذه المتابعةَ مسلمٌ [10] في (الفضائل) عن عبد بن حميد، عن روح بن عبادة، عن ابن جريج به، والضمير في (تابعه) يعود على شعبة [11].

(1/2514)

[باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه]

قوله: (بَابُ الرَّجُلِ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ): قال شيخنا: (قال المُهلَّب: صواب الترجمة: باب الرجل ينعى إلى الناس الميِّت بنفسه)، انتهى، واعلم: أنَّه لا بأس بالإعلام بموته للصلاة وغيرها، بخلاف نَعْيِ الجاهليَّة، فإنَّه مكروه، وهو النِّداء بذكر مفاخره ومآثره، وكان الشريف إذا مات أو قُتِل؛ بعثوا راكبًا إلى القبائل ينعاه إليهم، وعلى هذا يُحمَل ما ورد عنه النهي، والله أعلم [1].

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في النُّسخ متأخِّرة بعد قوله: (عن ابن شهاب ... )، وهي مستدركة في (أ).

[ج 1 ص 335]

(1/2515)

[حديث: أن رسول الله نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه]

1245# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا [1] إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمامِ [2]، وأنَّ اسمَ أبي أويس عبدُ الله.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيَّبِ): تقدَّم أنَّه بفتح يائه وكسرها، وأنَّ المسيَّب غيره لا يقال إلَّا بفتح يائه، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ) عبدُ الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (نَعَى النَّجَاشِيَّ): (النَّعْيُ)؛ بإسكان العين، وكسرها مع شدِّ الياء: هو اسم نداء الرجل الذي يأتي بالنعي، ومعنى (نعى النجاشيَّ): أعلمهم بموته، وقد تقدَّم الكلام على (النجاشيِّ) قريبًا وبعيدًا أنَّه كلُّ [3] مَن مَلَكَ الحبشة، وقريبًا ضبطه، وأنَّه بتشديد الياء وتخفيفها، وبفتح النُّون وكسرها، وعن «ديوان الأدب»: أنَّه بتشديد الياء مع فتح النُّون وكسرها، وتخفيف الياء مع فتح النُّون، وأنَّه تُوُفِّيَ في السنة التاسعة من الهجرة في رجب، وكان اسمُه أصحمةَ [4] كما جاء في «البخاريِّ»، وفي «مسند ابن أبي شيبة»: صَحْمة؛ بفتح الصَّاد وإسكان الحاء المهملتين، وقال: هكذا قال لنا يزيد، وإنَّما هو صمحة _يعني: بتقديم الميم على الحاء_ ابن أبجر، وقيل: بُجْري، كذا حكى مغلطاي، ولم يذكر غيره، وقيل: اسمه صحمة؛ بتقديم الحاء على الميم _كما تقدَّم_، وعكسه، وقيل: بالخاء، نقله شيخنا، قال: وقال مقاتل في «نوادره» اسمه: مكحول بن صَصَّة؛ ومعنى أصحمة: عطيَّة، وقيل: اسمه سُلَيم، وقيل: حازم، حكى هذين القولين النَّوويُّ في «مبهماته» مع أصحمة، ورأيت في حاشية نسخة صحيحة من «البخاريِّ»: (قال في «المغرب»: النَّجاشي ملك الحبشة: بتخفيف الياء سماعًا من الثِّقات، وهو اختيار الفارابيِّ، وعن صاحب «التكملة» بالتشديد، وعن الغُوريِّ كلتا اللُّغتين، وأمَّا بشدِّ الجيم؛ فخطأ)، انتهت، وهو رجل صالح جليل القدر رحمة الله عليه، وقد تقدَّم.

(1/2516)

تنبيهٌ هو فائدةٌ: قال السُّهيليُّ بعد أن أرَّخ وفاته بما تقدَّم: (وصلَّى عليه بالبقيع، رفع الله سريره بأرض الحبشة حتَّى رآه وهو بالمدينة، فصلَّى [5] عليه [6]، وتكلَّم المنافقون فقالوا: يصلِّي على هذا العِلج؟! فأنزل الله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 199])، ورفعُ السرير أيضًا هو في كتاب «الشفا» للقاضي عياض رحمه الله، ونقل شيخنا في مكان من هذا الشرح قال: (نقل ابن التِّين عن أبي حامد الإسفراينيِّ: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام رُفِعَ له الحجاب حتَّى نظر إليه)، وقال قبله: (إنَّه أحضر روحه بين يديه حتَّى شاهدها، وصلَّى عليه، وارتفعت له جنازته [7]؛ كما كُشِفَ له عن بيت المقدس ... ) إلى أن قال: (وأنكر ابن جرير أن تكون الجنازة رُفِعَت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى رآها، قال: لأنَّ ذلك غير موجود في خبر، ولا رواية فيه عن عالم)، انتهى.

(1/2517)

[حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب]

1246# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المقعد، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التنوريُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا بعيدًا.

قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة كيسان السَّختيانيُّ، الإمام المشهور.

قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَنَسِ): تقدَّم أنَّ كلَّ ما في الكتب السِّتَّة (حُميد عن أنس)؛ فهو حُميد الطويل، وهو حُميد بن أبي حُميد تير، ويقال: تيرويه، إلَّا حديثَين في «البخاريِّ»: الأوَّل: أنَّه «أخذ الراية زيد فأُصيب»، الحديث هذا [1]، ورواه معه النَّسائيُّ، والثَّاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع ... »؛ الحديث، انفرد به البخاريُّ، فإنَّهما من رواية حميد بن هلال عن أنس؛ فاعلمه، و (حُميد بن هلال) هذا: عدويٌّ؛ عديُّ تميم، بصريٌّ، يروي عن أنس، وعبد الله بن مُغَفَّل، وهشام بن عامر، وعبد الله بن الصامت، ومطرِّف بن الشِّخِّير، وخلقٍ، وعنه: أيُّوب، وابن عون، وشعبة، وخلقٌ، قال يحيى القطَّان: كان لا يرضاه ابن سيرين؛ يعني [2]: لكونه دخل في شيء من عمل السلطان، وقال ابن معين: ثقة، مات في ولاية خالد بن عبد الله على العراق، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/2518)

قوله: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ) إلى آخره [3]: (زيد) [4] هذا: هو ابن حارثة _بالحاء المهملة، وبالثاء [5] المُثلَّثة_ ابن شَراحيل، وحارثة أسلم، وقد عُدَّ في الصَّحابة، و (جَعْفَرٌ): هو ابن أبي طالب، واسم أبي طالب عبدُ مناف [6] على الأصحِّ، تقدَّم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ): ورواحة: هو ابن ثعلبة، الأنصاريُّ، من بني الحارث بن الخزرج، أبو مُحَمَّد، نقيب بدريٌّ أمير، وكان قتلُ هؤلاء الثَّلاثة بمؤتة، و (مؤتة): تُهمَز ولا تُهمَز وعليه أكثر الرواة، بأدنى البلقاء من أرض الشام، وكان وقعتهم في جمادى الأولى سنة ثمان، وكان سببها: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بعث الحارث بن عمير الأزديَّ _أحد بني لِهْبٍ؛ بكسر اللَّام_ بكتابه إلى الشَّام إلى ملك الروم، وقيل: إلى ملك بصرى، فعرض له شرحبيل [7] بن عَمرو الغسَّانيُّ، فأوثقه رباطًا، ثمَّ قدَّمه، فضرب عنقه صبرًا، ولم يُقتَل له عليه الصَّلاة والسَّلام رسولٌ غيره، فاشتدَّ ذلك عليه حين بلغه الخبر عنه، فبعث عليه الصَّلاة والسَّلام هذا الجيش؛ وهم ثلاثة آلاف، فنزل هرقل في مئة ألف من الرُّوم، وانضمَّ إليهم [8] من لخم وجذام والقَيْن وبهراء [9] مئةُ ألفٍ، وقصَّتهم مشهورة في كتب المغازي والسير، وقال السُّهيليُّ: فقد قيل: كان العدوُّ مئتَي ألفٍ من الرُّوم، وخمسين ألفًا من العرب، ومعهم الخيول والسلاح ما ليس مع المسلمين، وفي قول ابن إسحاق: كان العدوُّ مئة ألف وخمسين ألفًا، وقد قيل: إنَّ المسلمين لم يبلغ عددهم ثلاثة آلاف، انتهى، وفي «سيرة مغلطاي الصُّغرى»: (فأمَّر صلَّى الله عليه وسلَّم زيد بن حارثة على ثلاثة آلاف ... ) إلى أن قال: (وجدوا بها [10] نحو مئة ألفِ رجل)، انتهى، فحصل في عدد الكفَّار أقوال أربعة: مئتا ألف، ومئتان وخمسون ألفًا، ومئة وخمسون ألفًا، ونحو مئة ألف [11]، وفي عدد المسلمين الصَّحابة رضوان الله عليهم قولان: ثلاثة آلاف، أو دون ذلك، والله أعلم، وسأذكر قتلى مؤتة في غزوتها مُسمَّين إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (وَإِنَّ عَيْنَيْهِ [12] لَتَذْرِفَانِ): هو بكسر [الراء بعد] الذَّال المعجمة؛ ومعناه: ينصبُّ دمعُهما.

(1/2519)

قوله: (ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ، فَفَتَحَ اللهُ عَلِيهِ [13]): هذا الذي أحفظه، وقال مغلطاي: وقال_ يعني: عليه الصَّلاة والسَّلام_: «إنْ قُتِل _ يعني: زيدًا_؛ فجعفر، فإن قُتِل؛ فعبد الله، فإن قُتِل؛ فليرتضِ المسلمون برجل منهم»، فقُتِلوا _يعني: الأمراء الثلاثة_ كما رتَّبهم عليه الصَّلاة والسَّلام، فأخذ الرَّاية ثابتُ بن أقرم العجلانيُّ، إلى أن اصطلحوا على خالد، وقال الحاكم: فلمَّا قاتلهم خالد؛ قَتَل منهم مقتلة عظيمة، وأصاب غنيمة، وقال ابن سعد: إنَّما انهزم المسلمون، وقال ابن إسحاق: انحازت كلُّ طائفة من غير هزيمة، ورُفِعَت الأرض للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى رأى معترك القوم.

وقوله: (حتَّى فتح [14] الله عليه): كذا هنا، وقد تقدَّم في المسألة قولان آخران، قال ابن سيِّد الناس: والمختار من ذلك ما ذكره ابن إسحاق مِن انحياز كلِّ فئة عن الأخرى من غير هزيمة، قال: وقد وقع ذلك في شعرٍ لقيس بن [15] المُسحَّر [16] كذلك، وأطلع الله رسوله من يومه، وأخبر [17] به عليه الصَّلاة والسَّلام أصحابَه بالمدينة قبل ورود الخبر بأيَّام، والقصَّة مشهورة.

==========

[1] (هذا): سقط من (ب).

[2] (يعني): سقط من (ب).

[3] (إلى آخره): سقط من (ج)، وجاء في (ب) في غير موضعه.

[4] (زيد): سقط من (ج).

[5] في (ج): (والثاء).

[6] في (ب): (المناف).

[7] (شرحبيل): سقط من (ج).

[8] في (ج): (إليه).

[9] في (ج): (والبهراء).

[10] في (ب): (ما).

[11] (ونحو مئة ألف): سقط من (ج).

[12] كذا في النُّسَخ، وهي رواية الحديث (3063)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَيْنَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ).

[13] كذا في النُّسَخ، وهي رواية أبي ذرٍّ في حديث (3063)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَفُتِحَ لَهُ).

[14] الرواية هنا: (ففتح) كما تقدَّم، ولعلَّه سبق قلم.

[15] (بن): سقط من (ب).

[16] في (ج): (السحر)، وهو تحريف.

[17] في (ب): (فأخبر)، وفي (ج): (وأخر).

[ج 1 ص 335]

(1/2520)

[باب الإذن بالجنازة]

قوله: (وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ... ) الحديث: (أبو رافع) هذا: هو نُفَيع؛ مُصغَّر (نافع)، مدنيٌّ نزل البصرة، عن عمر، وعثمان، وأُبَيٍّ، وعنه: قتادة، وبكر المزنيُّ، ثقةٌ نبيل، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا، ولكن طال العهد به، وتعليقه هذا سلف في (الصَّلاة) في (باب كنس المسجد) عن سليمان بن حرب وأحمد بن واقد، وتأتي في (الجنائز) عن مُحَمَّد بن الفضل، وأخرجه مسلم في (الجنائز) عن أبي الربيع الزَّهرانيِّ [1] وأبي كامل الجحدريِّ، وأخرجه أبو داود فيه عن سليمان بن حرب ومُسَدَّد، وابنُ ماجه فيه عن أحمد بن عبدة؛ سبعتهم عن حمَّاد بن زيد، عن ثابت البنانيِّ، عن أبي رافع، والله أعلم.

[ج 1 ص 335]

==========

[1] في (ب): (الرهواني)، وليس بصحيح.

(1/2521)

[حديث: ما منعكم أن تعلموني]

1247# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبُو [2] مُعَاوِيَةَ): قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _يعني: البخاري_ في «الحجِّ»، و «الشهادات»، وتفسير {عمَّ يتساءلون} و {تَبَّتْ}، وفي «الطلاق»، و «الأطعمة»، و «الأدب»، و «الدعاء»، و «التعبير»، و «التوحيد»: «حدثنا مُحَمَّد: حدثنا أبو معاوية»، نسبه ابن السكن في بعض هذه [3] المواضع: ابنَ سلَام، وقد صرَّح البخاريُّ باسمه في «كتاب النِّكاح» وغيره، فقال: «حدَّثنا ابن سلَام: حدَّثنا أبو معاوية: حدَّثنا هشام»، فذكر حديثًا في قول الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ [4] فِي النِّسَاءِ} [النساء: 127]، وقال في «الوضوء»: «حدثنا مُحَمَّد بن المثنَّى: حدَّثنا مُحَمَّد بن خازم» _يعني: أبا معاوية_ فذكر حديث: «مرَّ عليه الصَّلاة والسَّلام بقبر»، قال: وذكر أبو نصر أنَّ مُحَمَّدَ بن سلَام ومُحَمَّدَ بن المثنَّى يرويان عن أبي معاوية)، انتهى، وقد لخَّص شيخنا هذا فقال: (وأبو معاوية يروي عنه مُحَمَّد بن سلام ومُحَمَّد بن المثنَّى)، انتهى، وأما [5] المِزِّيُّ؛ فلم يبيِّنْهُ [6].

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة، الضَّرير الحافظ، عن هشام والأعمش، وعنه: أحمد، وإسحاق، وعليٌّ، وابن معين، ثبت في الأعمش، وكان مرجئًا، مات في صفر سنة (195 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وله ترجمة في «الميزان»، تقدَّم [7] مُتَرْجَمًا، ولكن بَعُدَ العهد به.

قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ): هو بالشين المعجمة، واسمه: سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الشَّعبيُّ): بفتح الشين، وهذا ظاهرٌ، إلَّا أنِّي سمعت مَن يقوله أو يقرؤه بالكسر؛ جهلًا منه.

قوله: (مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ [8] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ): هذا الإنسان لا أعرفه، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (الظاهر أنَّ هذا المبهمَ المرأةُ أمُّ محجن)، ثمَّ ذكر ما يقوِّيه، انتهى، قال الجوهريُّ: (ويقال للمرأة أيضًا: إنسان، ولا تقل [9]: إنسانة، والعامَّة تقوله)، انتهى، وأمُّ محجن: تقدَّم الكلام عليها؛ هل هي أمُّ محجن، أو محجنة، أو الخرقاء؟

(1/2522)

قوله: (فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ): اعلم أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على القبر بعدما دُفِن صاحبُه أربع [10] مرَّاتٍ أو أكثر [11]، أستحضر من ذلك مرَّةً بعد ليلة، ومرَّة بعد ثلاثة أيَّام، ومرَّة بعد شهر، والله أعلم، وذلك في البراء بن معرور كما قدَّمته، (وصلَّى على قبر أمِّ سعد بن عبادة بعد شهر، كما رواه التِّرمذيُّ) [12]، وقد صلَّى على قبر التي كانت تكنس المسجد وقبرِ البراء، ويقال: إنَّه صلَّى على قبر حَبيب بنِ حُبَاشة، أو خُبَيب بن حُبَاشة، أو حَبيب بن خُماشَة، قال الذَّهبيُّ في الثَّالث: مُختلَف في صحبته، ويقال: إنَّه صلَّى على قبر طلحة بن البراء، دُفِن ليلًا، والله أعلم، (وسيأتي كلام في حبيب أيضًا) [13].

(1/2523)

[باب فضل من مات له ولد فاحتسب]

قوله: (فَاحْتَسَبَ): (الاحتساب): هو ادِّخار الثَّواب عند الله عزَّوجل، وقد تقدَّم، وقال شيخنا: (احتسب فلان ولدَه؛ إذا مات كبيرًا، وافترطه [1]؛ إذا مات صغيرًا، قاله ابن فارس، وابن سيده، والأزهريُّ، وآخرون)، انتهى، وقال ابن دريد: احتسب فلان عند الله خيرًا؛ إذا قدَّمه، وهذا الأخير نقلته من «الجمهرة»، فعلى ما قاله ابن دريد؛ يشمل الكبير والصَّغير.

==========

[1] في (ب) و (ج): (أفرطه)، والمثبت موافق لما في «التَّوضيح» (9/&).

[ج 1 ص 336]

(1/2524)

[حديث: ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث]

1248# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ مهملةٌ، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عَمرو بن أبي [1] الحجَّاج، المنقريُّ المُقعَد، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّنُّوريُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): تقدَّم أنَّه ابن صُهَيب.

قوله: (يُتَوَفَّى لَهُ ثَلاثَةٌ): (يُتَوَفَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (ثلاثةٌ): قائمٌ مقام الفاعل مَرْفوعٌ منوَّن.

قوله: (لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ): أي: الإثم؛ أي: ماتوا قبل بلوغهم سنَّ التَّكليف، فتُكتَب عليهم الآثام، وذكر الدَّاوديُّ: أنَّه يُروَى: (لم يبلغوا الخُبث)؛ أي: فعل المعاصي، قال ابن قُرقُول: (وهذا لا يُعرف).

==========

[1] (أبي): سقط من (ج).

[ج 1 ص 336]

(1/2525)

[حديث: أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا حجابًا من النار]

1249# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ، منسوب إلى جدِّه فُرهود، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا، والنِّسبة إلى فُرهود: فُرهوديٌّ، وفراهيديٌّ.

قوله: (عَنْ [1] عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الأَصْبَهَانِيِّ): تقدَّم أنَّه عبدُ الرَّحمن بنُ عبد الله بنِ الأصبهانيِّ، وتقدَّم كيف ضبط (أصبهان)، وأنَّها بفتح الهمزة، وأهل المشرق [2] يقولونها بالفاء، وأهل الغرب يقولونها بالباء، وقيَّدها أبو عبيدٍ البكريُّ: بكسر الهمزة، مُطَوَّلًا.

قوله: (عَنْ ذَكْوَانَ): هو أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، تقدَّم مُتَرْجَمًا من الأئمَّة الثِّقات، سمع منه الأعمشُ ألفَ حديث.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان [3] الخدْريُّ، منسوبٌ إلى خدْرة من الأنصار رضي الله عنه، تقدَّم ببعض الترجمة [4].

قوله: (قَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ): تقدَّم أنَّ [5] في «مبهمات ابن بشكوال»: (المرأةُ أمُّ مبشِّر، قال ذلك ابن بكير، وقيل: هي أمُّ سُلَيم، ذكر ذلك يحيى بن أبي مُرَّةَ في «مسنده»، وقيل: هي أمُّ هانئ، فالله [6] أعلم، انتهى، قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: وفيه نظر، ثمَّ ذكر النَّظر الذي فيه مُطَوَّلًا في (الجنائز)؛ فانظره إن أردته مِن كلامه.

1250# قوله: (وَقَالَ شَرِيكٌ عَنِ ابْنِ الأَصْبَهَانِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ): إنَّما أتى بهذا التَّعليق؛ لأنَّ فيه تصريحَ ابنِ الأصبهانيِّ بالتَّحديث من أبي صالحٍ ذكوانَ [7]، ولما فيه من زيادة أبي هريرة مع أبي سعيد: (لم يبلغوا الحنث)، و (شَرِيك) هذا: هو الذي يظهر لي أنَّه شريك بن عبد الله بن شريك النَّخعيُّ القاضي، أبو عبد الله، الكوفيُّ، أحد الأعلام، ترجمته معروفة، وثَّقه ابن معين، وقال غيره: (سيِّئ الحفظ)، وقال النَّسائيُّ: (لا بأس به)، وهو أعلم بحديث الكوفيِّين من الثَّوريِّ، قاله ابن المبارك، تُوُفِّيَ سنة (177 هـ)، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم (في المتابعات، وأخرج له) [8] الأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، (وتعليق شريك لم يكن في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقد أخرجه ابن أبي) [9] شيبة عنه عن ابن الأصبهانيِّ به [10].

==========

(1/2526)

[1] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] في (ج): (الشرق).

[3] (ابن سنان): سقط من (ب).

[4] زيد في (ب): (عليه).

[5] (تقدَّم أن): سقط من (ج).

[6] في (ب): (والله).

[7] (ذكوان): سقط من (ج).

[8] ما بين قوسين سقط من (ج).

[9] ما بين قوسين خرمٌ في (أ).

[10] (به): سقط من (ج).

[ج 1 ص 336]

(1/2527)

[حديث: لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم]

1251# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم [1] المشهور، تقدَّم [2] مُتَرْجَمًا.

قوله: (فَيَلِجَ النَّارَ): هو بنصب (يلج)، جواب النَّفي، وهذا ظاهرٌ، وقال بعضهم: (فيلجَ)؛ بالنَّصب جواب القسم، قال الطِّيبيُّ: («الفاء»: إنَّما تنصب [3] المضارع؛ إذا كانت للسَّببيَّة، ولا سببيَّةَ هنا؛ إذ ليس موت الأولاد [4] سببًا لورودهم في النَّار، فإن كانت الرِّواية بالنَّصب؛ فلا مَحِيدَ [5] عنها، انتهى.

قوله: (إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ): قال البخاريُّ عقيبه: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}، كذا في بعض النُّسخ، (وتَحِلَّة القسم): هي بفتح المُثَنَّاة فوقُ، وكسر الحاء المهملة، ثمَّ لام مُشدَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء؛ أي: تحليلها، قيل: هو قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} إلى قوله: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 68 - 71]؛ وهو الجواز على الصِّراط؛ وهو جسرٌ ممدودٌ بين ظهرانَي جهنَّم _أعاذنا الله منها_ أو عليها، وهي جامدة؛ كالإهالة، وقيل: المراد: سرعة الجواز عليها، وقلَّة أمد الورود، يقال: ما فعلت ذلك إلَّا تحليلًا؛ أي تعذيرًا، يُضرَب مثلًا لمن يقصد تحليل يمينه بأقلِّ ما يمكن، وقيل: القسم محذوف؛ تقديره: واللهِ

[ج 1 ص 336]

وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا، والله أعلم، وهذا القول هو الذي أشار إليه البخاريُّ على ما هو في بعض النُّسخ، وسأذكر في آخر هذا التعليق أقوالًا في الورود، إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[1] (العالم): سقط من (ب).

[2] في (ج): (وتقدَّم).

[3] في (ج): (نصب).

[4] (سببًا): سقط من (ج).

[5] في (ج): (لا محيز).

(1/2528)

[باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري]

(1/2529)

[حديث: اتقي الله واصبري]

1252# قوله: (بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ): هذه المرأة لا أعرف أحدًا سمَّاها.

قوله: (لم تُصَبْ): هو بضمِّ التَّاء، وفتح الصَّاد، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ [1].

قوله: (بَوَّابِينَ): هو جمع (بوَّاب)، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى): أي: أوَّل نزولها، وأصله: الضَّرب في الشَّيء الصُّلب، ثمَّ استُعِير لكلِّ نازل [2] مكروه بغتةً.

==========

[1] هذه الفقرة واللَّتان تلياها ليستا من رواية هذا الحديث، وإنَّما من رواية حديث (1283).

[2] في (ج): (ما زال)، ولعله تحريف.

[ج 1 ص 337]

(1/2530)

[باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر]

قوله: (بَابُ غَسْلِ [1] الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ): أمَّا (الغَسل)؛ فقد تقدَّم بما فيه من اللُّغتين، وهو هنا؛ بالفتح: اسم الفعل، وهو بالضَّمِّ: اسم الماء، وهو قول أبي زيد، وقيل: فيهما معًا اسمُ الفعل، وهو قول الأصمعيِّ، وأمَّا قوله: (ووُضوئه)؛ فهذا [2] بالضَّمِّ؛ لأنَّه اسم الفعل، وبالفتح هو الماء، وقد تقدَّم ما في ذلك.

قوله: (وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ [3] ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ): (حنَّط): بشدِّ النُّون؛ أي: طيَّب بالحَنوط، وهو طِيبٌ يُطيَّب به الميِّت من طِيبٍ يخلطه [4]، وهو الحِناط أيضًا؛ بكسر الحاء، قالت أسماء: (ولا تذروا على كفني حِنَاطًا)، وأمَّا الابن الذي لسعيد بن زيد الذي حنَّطه ابن عمر؛ فهو عبد الرَّحمن بن سعيد [5]، كما رُوِّيناه في «جزء أبي الجهْم» العلاء بن موسى الباهليِّ، في نحو نصف الجزء، وفي بعض النُّسخ: عبد الرَّحمن بن سعْد بن زيد، وهي خطأٌ، والله أعلم.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم أنَّه يقال فيه: يتوضَّ، ويتوضَّأْ، ويتوضَّا مُطَوَّلًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [6]: الْمُسْلِمُ لاَ يَنْجُسُ حَيًّا وَلاَ مَيِّتًا): هذا الموقوف هنا على ابن عبَّاس رواه الحاكم مرفوعًا عنه، ثمَّ صحَّحه على شرطهما، وقوله: (لا ينجُس): هو بضمِّ الجيم في أصلنا هنا وفي التي بعدها، وقد تقدَّم الكلام فيه، وفي «الصِّحاح»: نجِس الشَّيءُ _بالكسر_ ينجَس؛ يعني: بالفتح، وفي «أفعال ابن القطَّاع»: نجِس الشيء _يعني: بالكسر_ ونجُس؛ يعني: بالضَّمِّ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ): كذا في أصلنا [7]، وفي الطُّرَّة نسخةٌ: (سعْد)، وهو سعْد بن أبي وقَّاص، وفي نسخة أخرى صحيحةٍ: (سعْد) أيضًا؛ بغير ياء، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ بلا تردُّد، وقد شرح شيخنا المؤلِّف على (سعْد)؛ بغير ياء، فقال: (وأمَّا أثر سعْد؛ فرواه ابن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد القطَّان، عن الجعد، عن عائشة بنت سعْد، قالت: أُوذِن سعْدٌ بجنازة سعيد بن زيد وهو بالبقيع، فجاء فغسَّله)، وذكر الأثر كلَّه، ولم يتعرَّض لسعيدٍ بزيادة (ياء) بالكليَّة، والله أعلم.

(1/2531)

قوله: (لَمَا [8] مَسِسْتُهُ): هو بكسر السِّين الأولى، (أمَسُّه): بفتح الميم، وضمِّ السِّين، هذه هي اللُّغة الفصيحة، وحكى أبو عبيد: مسَسْتُ الشَّيء _بفتح الميم _ أمُسُّهُ؛ بضمِّها، وربَّما قالوا: مِسْت [9] الشَّيء، يحذفون منه السِّينَ الأولى، ويحوِّلون كسرتها إلى الميم، ومنهم مَن لا يحوِّل، ويترك الميم على حالها مفتوحةً، وقد تقدَّم.

قوله: (الْمُؤْمِنُ لاَ يَنْجسُ): تقدَّم أعلاه أنَّ فيه لغتين؛ فتحَ الجيم وضمَّها.

(1/2532)

[حديث: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك]

1253# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ): تقدَّم أنَّ (أيُّوب) هذا: هو ابن أبي تميمة كيسانَ، قبل هذا بقليل، وأنَّ السَّختيانيَّ يتحرَّر فيه ثلاثُ [1] لغاتٍ في سينه.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها نُسَيبة؛ بضمِّ النُّون، وفتح السِّين، ومنهم مَن يفتح النُّون، ويكسر السِّين، وقد ذكر هذا الخلافَ غيرُ واحد، وقال ابن ماكولاء [2] وجماعة: نُسيبة _بضمِّ النُّون_: أمُّ عطيَّة، وبفتح النُّون: أمُّ عُمارة، و (أمُّ عطيَّة) هذه: هي نسيبة بنت كعب، وقيل: بنت الحارث، صحابيَّة فاضلة غازية مغسِّلة للموتى رضي الله عنها، وقد تقدَّمت، أخرج لها الجماعة، وأحمد في «المسند».

قوله: (حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ [3]، فَقَالَ اغْسِلْنَهَا [4] ... )؛ الحديث: تقدَّم الخلافُ في هذه البنت، وأنَّ الصحيح: أنَّها زينب كما [5] في «مسلم»، قال الدِّمياطيُّ هنا ما لفظه: (تُوُفِّيَت زينب سنة ثمان من الهجرة، وكانت أمُّ أيمن وأمُّ سلمة وسودة ممَّن غسَّلها، وماتت أختُها أمُّ كلثوم في شعبان سنة تسع، وكانت أسماء بنت عُمَيس وصفيَّة بنت عبد المطَّلب ممَّن غسَّلها في نساء من الأنصار فيهنَّ أمُّ عطيَّة، ونزل في حفرتها أبو طلحة، وقيل: عليُّ بن أبي طالب، والفضل، وأسامة، وماتت رقيَّة قبلهما ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ببدر في رمضان على رأس سبعةَ عشرَ شهرًا من مهاجره، ولمَّا دُفِنت أمُّ كلثوم؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «دفن البنات من المكرمات»، [وقد تقدَّم في (الوضوء) الكلامُ عليه، وما قيل فيه] [6]، وماتت فاطمة بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بستَّة أشهرٍ في شهر رمضان لثلاثٍ خلون منه) انتهى، وما ذكره هذا الحافظ مشهور معروف، وهو الصحيح في تاريخ وفاة فاطمة، وقيل: بعده عليه الصَّلاة والسَّلام [7] بثلاثة أشهر، وقيل: بثمانية أشهر، وقيل: بسبعين يومًا، وقيل: بشهرين، وكان عمرها تسعًا وعشرين سنة، وقيل: ثلاثين، وقيل: إحدى وعشرين، وقيل: خمسًا وثلاثين، وقد قدَّمتُ بعضَ ما ذكرتُه هنا، وعزوتُ الحديث الذي ذكره في (الوضوء)، ومَن فيه ممَّن تكلَّم فيه.

قوله: (أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ)، وكذا قوله: (إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكِ): هما بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، فلا تغفل عنه.

(1/2533)

قوله: (كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ): الظاهر أنَّه شكٌّ من الرَّاوي، والله أعلم.

قوله: (فَآذِنَّنِي): هو بمدِّ الهمزة، وكسر الذَّال؛ أي: أعلِمْنَني [8]، وهذا ظاهرٌ، وكذا (آذَنَّاهُ): هو بمدِّ الهمزة أيضًا.

قوله: (حَقْوَهُ): (الحَقْو): بفتح الحاء المهملة _وقال شيخنا: (وكسرها [9]، والفتح أعرف)، انتهى _وإسكان القاف؛ أي: إزاره، وسيجيء مُفسَّرًا بذلك، والأصل في (الحَقْو): معقد الإزار، وجمعه: أَحْقٌ وأَحْقاء، ثمَّ سُمِّي به الإزار؛ للمجاورة [10]، والحكمة في إشعارها بحقوه؛ للتبرُّك بآثاره الشَّريفة صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ) هو بفتح الهمزة، وسكون الشين المعجمة، ثمَّ عين مكسورة مهملة؛ أي: اجعلنه ممَّا يلي شعر جسدها، والشِّعار ممَّا يلي الجسد؛ لأنَّه يلي الشَّعر، والدِّثار: ما فوق الشِّعار، وفُسِّر في الحديث: «الففنها فيه»، وسيجيء قريبًا، وقال ابن وهب: اجعلن لها منه المِئزر.

==========

[1] (ثلاث): سقط من (ج).

[2] في (ب): (ماكولا).

[3] في هامش (ق): (أم كلثوم).

[4] في (أ): من دون نقط، وفي (ب): (اغسليها)؛ ينظر هامش «اليونينيَّة».

[5] في (ب): (لما).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج)

[7] سقط (عليه الصَّلاة والسلام): من (ج).

[8] في (ب): (أعلمتني)، وفي (ج): (أعلميني).

[9] وبهما ضُبِط في «اليونينيَّة».

[10] في (ج): (للمجاوزة).

[ج 1 ص 337]

(1/2534)

[باب ما يستحب أن يغسل وترًا]

(1/2535)

[حديث: دخل علينا رسول الله ونحن نغسل ابنته]

1254# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تقدَّم الكلام عليه في (الصَّلاة)، وأنَّ ابن السَّكن نسبه في بعض [1] المواضع التي جاء فيها مُبهَمًا: (ابن سلام)

[ج 1 ص 337]

عن عبد الوهَّاب، وذكر أبو نصر أنَّ البخاريَّ يروي في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلام، وبندار مُحَمَّد بن بشَّار، وأبي موسى مُحَمَّد بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن عبد الله بن حَوشَب الطَّائفيِّ عن عبد الوهَّاب الثَّقفيّ، انتهى، وقال شيخنا: (وشيخه [2] فيه: وهو [3] بن سلَام، كما نسبه ابن السَّكن)، انتهى، وفي هذا الكلام نظر؛ إنَّما نسبه ابن السَّكن في بعض تلك الأماكن؛ أي: الأبواب التي أبهمه فيها [4] البخاريُّ: ابنَ سلام، لا هذا المكان بعينه، كذا قال أبو عليٍّ؛ فاعلمه، والمِزِّيُّ في الطَّريقين؛ هذا، والطَّريق الآخر الذي يروي فيه أيُّوب عن حفصة لم ينسبه، بل قال [5]: مُحَمَّد [6] عن عبد الوهَّاب الثَّقفيِّ، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة كيسانَ، السَّختيانيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

وقوله: (عَنْ مُحَمَّدٍ): هو ابن سيرين، العالم المشهور.

وقوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تقدَّمت قريبًا، وأنَّ الصَّحيح [7] في اسمها نُسَيبة؛ بضمِّ النُّون، وفتح السِّين، وأمَّا أمُّ عُمارة؛ فهي [8] بفتح النُّون، وكسر السِّين: نَسِيبة، هذا هو الصَّحيح فيهما، وأمُّ عطيَّة صحابيَّة مشهورة غازية غاسلة، والله أعلم.

قوله: (وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ): تقدَّم الكلام بعيدًا وقريبًا جدًّا في هذه البنت، وأنَّها زينب، وتقدَّم قريبًا تاريخ وفاة [9] البنات الأربع.

قوله: (مِنْ ذَلِكِ): تقدَّم قريبًا أنَّه بكسر الكاف، لأنَّه خطاب لمؤنَّث.

قوله: (آذِنَّنِي [10])، وكذا (فَآذَنَّاهُ [11]): تقدَّم قريبًا أنَّه بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلِمْنَنِي [12]، وأعلمناه.

قوله: (حِقْوَهُ): تقدَّم الكلام عليه في [13] ظاهرها [14].

قوله: (فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا): تقدَّم الكلام عليه قريبًا، وأنَّه بقطع الهمزة المفتوحة.

قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ: وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ ... ) إلى آخره: هذا ليس تعليقًا، ولكنَّه معطوفٌ على السَّند قبله، فرواه عن مُحَمَّد، عن عبد الوهَّاب الثَّقفيِّ، عن أيُّوبَ، عن حفصةَ [15] به، فإيَّاك أن تجعله تعليقًا.

(1/2536)

قوله: (وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ: «ابْدَؤُوا بِمَيَامِنِهَا»): (أنَّه) بفتح الهمزة من (أنَّ)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ): هو بضمِّ الواو اسم الفعل، وقد تقدَّم أنَّه يقال فيه: بفتح الواو، ولكن الأوَّلُ أكثرُ.

قوله: (وَمَشَطْنَاهَا): هو بتخفيف الشين المعجمة، [والطَّاء] السَّاكنة.

قوله: (ثَلاَثَةَ قُرُونٍ)؛ أي: ثلاث [16] ظفائر، والقرون: خصائل [17] الشعر المُلتفَّة، وهي: الذَّوائب والغدائر، وقيل: إنَّما يُقال ذلك فيما طال، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ج): (هذه).

[2] زيد في (ب): (مُحَمَّد).

[3] في (ب): (ونسخة).

[4] (فيها): سقط من (ج).

[5] في (ب): (قاله)، وزيد فيها: (عن).

[6] (مُحَمَّد): سقط من (ج).

[7] في (ج): (الفصيح).

[8] في (ب): (فهو).

[9] (وفاة): سقط من (ج).

[10] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَآذِنَّنِي).

[11] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (آذَنَّاهُ).

[12] في (ب) و (ج): (أعلميني).

[13] (في): سقط من (ب).

[14] في (ب): (قريبًا).

[15] (به): سقط من (ب) و (ج).

[16] في النُّسَخ: (ثلاثة)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[17] في (ب): (حبائل).

(1/2537)

[باب: يبدأ بميامن الميت]

(1/2538)

[حديث أم عطية: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها]

1255# قوله: (عَنْ [1] [إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عليَّة] [2]، و (خَالِدٌ [3] عَنْ حَفْصَةَ): هو ابن عبد الله الحذَّاء، و (حفصة): هي بنت سيرين.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تقدَّمت أعلاه: نسيبةُ.

[قوله: (فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ): تقدَّمت البنت ما اسمها قريبًا وبعيدًا] [4].

قوله: (الْوُضُوءِ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الواو، وكذا في التبويب.

==========

[1] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] في (ج): (خالد).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 338]

(1/2539)

[باب مواضع الوضوء من الميت]

(1/2540)

[حديث: لما غسلنا بنت النبي قال لنا ونحن نغسلها]

1256# قوله: (عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ): أمَّا (سفيان)؛ فالظاهر أنَّه الثَّوريُّ، ومستندي في ذلك: أنَّ عبد الغنيِّ ذكر في الرواة عن خالد _وهو ابن مهران الحذَّاء_ الثَّوريَّ، ولم يذكر في الرُّواة عنه ابنَ عيينة، وأمَّا وكيع _وسيأتي قريبًا بعض ترجمته_؛فروى عن السُّفيانَين، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 338]

(1/2541)

[باب: هل تكفن المرأة في إزار الرجل؟]

(1/2542)

[حديث: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن]

1257# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ): هو عبدالله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

وقوله: (مِنْ ذَلِكِ)؛ بكسر الكاف.

وقوله: (فَآذِنَّنِي)، وكذا (فَآذَنَّاهُ [1])؛ بمدِّ الهمزة، كما تقدَّم قريبًا.

قوله: (مِنْ حقْوِهِ): تقدَّم الكلام على (الحقو).

قوله: (أَشْعِرْنَهَا): تقدَّم ما الإشعار، وأنَّ (أشعِرنها) بقطع الهمزة.

==========

[1] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (آذَنَّاهُ).

[ج 1 ص 338]

(1/2543)

[باب: يجعل الكافور في آخره]

قوله: (يَجْعَلُ الْكَافُورَ): (يجعل): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (الكافور): مَرْفوعٌ نائب [1] مناب الفاعل.

==========

[1] (نائب): سقط من (ج).

[ج 1 ص 338]

(1/2544)

[حديث: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا]

1258# 1259# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة، وكذا (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، وكذا (أُم عّطِيَّةَ): نسيبة.

قوله: (كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ): تقدَّم أنَّه شكٌّ من الرَّاوي.

قوله: (وَعَنْ أَيُّوبَ): هو معطوفٌ على السَّند قبله؛ فرواه عن حامد [1] بن عمر، عن حمَّاد بن زيد، عن أيُّوب، عن حفصة، عن أمِّ عطيَّة، فإيَّاك أن تجعله تعليقًا، وقد تقدَّم قريبًا مثله.

==========

[1] في (ج): (عن جابر)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 338]

(1/2545)

[باب نقض شعر المرأة]

(بَابُ نَقْضِ شَعَرِ الْمَرْأَةِ) ... إلى (بَاب الصَّبْر عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

قوله: (نَقْضِ) في التَّرجمة وفي كلام ابن سيرين وفي الحديث: بفتح النُّون، وإسكان القاف، وبالضَّاد المعجمة، معروف.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد تقدَّم أنَّ بني سيرين الذكورَ خمسةٌ: مُحَمَّد، وأنس، ويحيى، ومعبد، وخالد، وأمَّا الإناث؛ فحفصة، وكريمة، وعمرة، وسودة، والله أعلم، وأعلمهم وأشهرهم هو مُحَمَّد بن سيرين، والله أعلم.

قوله: (أَنْ [1] يُنْقَضَ شَعَرُ المَرْأةِ): (يُنقَض) مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شعر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

(1/2546)

[حديث أم عطية: أنهن جعلن رأس بنت رسول الله ثلاثة قرون]

1260# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ) (أحمد) هذا [1]: تقدَّم الكلام عليه في «الصَّلاة» مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور المكِّيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (قَالَ أَيُّوبُ): هو أيُّوب السَّختيانيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم الكلام على هذه البنت قريبًا وبعيدًا؛ فانظره.

==========

[1] في (ج): (هنا).

[ج 1 ص 338]

(1/2547)

[باب: كيف الإشعار للميت]

قوله: (كَيْفَ الإِشْعَارُ؟): هو مصدر؛ بكسر الهمزة، وتقدَّم ما هو، وسيجيء في هذا الباب أنَّه اللَّفُّ [1].

قوله: (وقال الحَسَنُ): تقدَّم أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، واسم والده أبي الحسن يسارٌ [2]، مُتَرْجَمًا.

==========

[1] في (ب): (القف)، وليس بصحيح.

[2] في (ب): (سيار)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 338]

(1/2548)

[حديث: جاءت أم عطية امرأة من الأنصار]

1261# قوله: (حَدَّثَنَا أحْمَدُ: حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ): تقدَّم الكلام عليه في (الصَّلاة) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم أعلاه اسمه واسم أبيه، وقوله: (أنَّ أيُّوبَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة، وقوله: (سَمِعْتُ ابنَ سِيرِينَ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، وقوله: (أُمُّ عَطِيَّةَ): تقدَّمت.

قوله: (تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا): هذا الابن لا أعلم أحدًا سمَّاه، والله أعلم به.

==========

[ج 1 ص 338]

(1/2549)

[باب: هل يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون؟]

(1/2550)

[حديث: ضفرنا شعر بنت النبي]

1262# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): هو بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الذي ظهر لي أنَّه الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، والله أعلم.

قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هذا هو هشام بن حسَّان الأزديُّ مولاهم، الحافظ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ): هي بضمِّ الهاء، وفتح الذال المعجمة، وهي حفصة بنت سيرين، تقدَّمت وتقدَّم أنَّ أفضل التابعيَّات ثلاثُ نسوةٍ: حفصة، وعمرة بنت عبد الرَّحمن، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى هُجَيمة _أو جُهَيمة_ بنت حُييٍّ [1] الأوصابيَّة.

قوله: (ظفَرْنَا [2] شَعَرَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): كذا هو في أصلنا بالظَّاء المعجمة [4] المشالة، وهذا خطأ، وإنَّما هو بالضَّاد المعجمة غير المشالة، و (الضَّفر): نسج الشَّعر.

قوله: (قَالَ وَكِيعٌ): هو وكيع بن الجرَّاح الرُّؤَاسي، أبو سفيان أحد الأعلام عن الأعمش وهشام بن عروة، وعنه: أحمد، واسحاق، وإبراهيم بن عبد الله القصَّار، قال أحمد: (ما رأيت أوعى للعلم منه ولا أحفظ، كان أحفظَ من ابن مهديٍّ)، وقال حمَّاد بن زيد: (لو شئت؛ لقلت: أرجح من سفيان)، وقال أحمد: (لمَّا وُلِّي حفص بن غياث القضاء؛ هجره وكيع)، مات بعيد يوم عاشوراء سنة (197 هـ)، أخرج له الجماعة، وقول [5] وكيع: رواه الإسماعيليُّ من حديث عبد الله بن عمرو عنه به، ورواه من حديث البخاريِّ عن سفيان، وقبيصة عن سفيان، ورواه الفريابيُّ عن سفيان، قاله شيخنا.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، كما تقدَّم أعلاه [6]، والله أعلم.

قوله: (وَقَرْنَيْهَا): أي: جانبَي رأسِها.

==========

[1] في (ب): (حي)، وكلاهما صحيح.

[2] كذا في النُّسَخ و (ق)، في هامش (ق): (ذكر في «المجمل» الضفيرة في «باب الضَّاد»: «الضَّفيرة: خصلة من الشَّعر»، وكتابتها في الأصل ظاءً خطأٌ)، وفي «اليونينيَّة»: (ضفرنا).

[3] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[4] (المعجمة): سقط من (ب).

[5] في (ب): (وقوله).

[6] في (ب): (قريبًا).

[ج 1 ص 338]

(1/2551)

[باب: يلقى شعر المرأة خلفها]

قوله: (يُلْقَى شَعَرُ الْمَرْأَةِ خَلْفَهَا): (يُلقَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شعر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

[ج 1 ص 338]

(1/2552)

[حديث: اغسلنها بالسدر وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر]

1263# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

==========

[ج 1 ص 339]

(1/2553)

[باب الثياب البيض للكفن]

(1/2554)

[حديث: أن رسول الله كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض .. ]

1264# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك الزَّاهد، العالم المشهور، وشيخ أهل خراسان.

قوله: (كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ): (كُفِّن): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يَمَانِيَةٍ): هو بتخفيف الياء، ويجوز على قلٍّة تشديدُها.

قوله: (سَحُولِيَّةٍ): هي بفتح السِّين، وضمِّ الحاء المهملتين، منسوبة إلى سَحُول؛ بفتح السِّين وضمَّ الحاء، كما تقدَّم، قرية باليمن، وقال في «النِّهاية»: (إنَّ سَحول القريةَ فيها ضمُّ السِّين)، وقال ابن وهب وابن حبيب: (السَّحول: القطن)، وقال ابن الأعرابيِّ: هي بيض نقيَّة من القطن خاصَّة، قال: والسَّحل: الثَّوب النَّقيُّ من القطن) وقد جاء في «البخاريِّ» في (باب الكفن بغير قميص) مُفسَّرًا بهذا، وقال القُتَبِيُّ: (سُحول _ بالضَّمِّ_ جمع «سحل» [2]؛ وهو الثَّوب الأبيض).

قوله: (مِنْ كُرْسُفٍ): هو بضمِّ الكاف، وإسكان الرَّاء، وبسين مهملة مضمومة، وبالفاء، القطن، وهو العُطْب أيضًا؛ بضمِّ العين، وإسكان الطاء المهملتين، ويجوز ضمُّ الطَّاء، وبالمُوَحَّدة، وله أيضًا اسمٌ آخرُ، وهو البِرْس؛ بكسر المُوَحَّدة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ سين مهملة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] في (ج): (سحلة).

[ج 1 ص 339]

(1/2555)

[باب الكفن في ثوبين]

(1/2556)

[حديث: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين]

1265# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتقدَّم أنَّ العارمَ الشِّرِّيرُ، أو الشَّرس، وهو بعيد من العرامة.

قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة كيسانَ، السَّختيانيُّ، العالم المشهور.

قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ): هذا الرَّجل لا أعلم أحدًا سمَّاه، وقد وقع عند الصَّخرات؛ موقفِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ): سيأتي الكلام عليه بُعَيد هذا.

قوله: (وَلاَ تُحَنِّطُوهُ [1]): تقدَّم قريبًا، من [2] (الحَنوط).

قوله: (وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ): كذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، وفي «أفراد مسلم»: (ولا وجهه)، واستُغرِبَتْ، قال البيهقيُّ: (وَذِكرُ الوجه وَهَمٌ من بعض رواته في الإسناد، والمتن الصحيح: «لا تغطُّوا رأسه»، كذا أخرجه البخاريُّ، وذِكرُ الوجهِ فيه غريبٌ) انتهى، والعلَّة التي اطَّلعت أنا عليها قولٌ شعبة: (حدَّثنيه أبو بشر)، ثمَّ سألته عنه بعد عشر سنين، فجاء بالحديث كما كان، إلَّا أنَّه قال: (لاتُخمِّروا رأسه ولا وجهه)، وهذا يدلُّ على ضعفها، قال بعض الحُفَّاظ: وقد رُوِي في هذا: «خمِّروا وجهه، ولا تُخمِّروا رأسه» انتهى، وقد عزاها بعض شيوخي [3] إلى الطرشوشي في (الحجِّ)، وفي تخمير الوجه ثلاثةُ مذاهبَ؛ أحدها: الجواز، الثاني [4]: المنع، الثالث [5]: الفرق بين الحيِّ والميِّت، فإن كان حيًّا؛ فله تغطيتُه، وإن كان ميِّتًا؛ لم يَجُزْ، قاله أبو مُحَمَّد ابن حزم.

==========

[1] في (ب): (يحنطوه).

[2] في (ج): (ما).

[3] في (ب): (لشيوخي).

[4] في (ج): (والثاني).

[5] في (ج): (والثالث).

[ج 1 ص 339]

(1/2557)

[باب الحنوط للميت]

(1/2558)

[حديث: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه]

1266# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد المذكور في السَّند قبله منسوبًا.

قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، تقدَّم، وتقدَّم الكلام على نسبته.

قوله: (فَأَقْصَعَتْهُ، أَوْ قَالَ: فَأَقْعَصَتْهُ [1]): قال ابن قُرقُول: (كذا ذكره البخاريُّ في «باب الحنوط» على الشَّكِّ، وذكره في «باب الكفن»: «فأوقصته، أو قال: فوقصته»، وفي الباب بعده بغيره [2]، وفي الحديث الآخر بعده: «قال [3] أيُّوب: فوقصته، وقال عَمرو: فأقصعته»، كذا للمروزيِّ، والجرجانيِّ، والهرويِّ، وعند النَّسفيِّ: «فأقصعته» [4]، وكذا للجرجانيِّ في «باب المُحرِم يموت»، وذكره [5] مسلم من حديث الزُّهريِّ: «أو قال: فأقصعته»، والوقص: كسر العنق، وذكره مسلم في رواية ابن نافع، وابن بشَّار: «فأقصعته»، دون شكٍّ، وذكروا في سائر الرِّوايات: «فأوقصته، ووقصته») انتهى، يقال: وقصه وأوقصه؛ إذا كَسَرَ عنقَه، والقعص: قتله لحينه، ومنه: قُعَاص الغنم، والقصع: الشَّدخ، وهو خاصٌّ بكسر العظم، وقد يستعار في الرَّقبة، والله أعلم.

(1/2559)

[باب: كيف يكفن المحرم]

(1/2560)

[حديث: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه]

1267# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه [2] مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم [3] معنى (عارم) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [4] أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة وبالشين المعجمة، واسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا): (تُمِسُّوه): بضمِّ أوَّله، وكسر ثانيه، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، والضَّمير: قائم مقام الفاعل، و (طيبًا): تمييز، والله أعلم [5].

قوله: (مُلَبِّدًا): وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (مُلبِّيًا)، قال القاضي: (الصَّواب: مُلبِّيًا؛ بدليل رواية: «يلبِّي»، وليس للتَّلبيد هنا معنًى) انتهى، وكذا رواه البخاريُّ في (الحجِّ): (فإنَّه يُبعَث يُهِلُّ)، وكذا قال ابن قُرقُول، ولفظه: (مُلبَّدًا؛ بالدَّال؛ ليبقى على سنَّة الإحرام، وليس للتلبيد [6] هنا معنًى)، انتهى.

==========

[1] في (ب): (اليمان)، وليس بصحيح.

[2] زيد في (ب): (ما).

[3] زيد في (ب): (أبو)، وليس بصحيح.

[4] كذا في النُّسَخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).

[5] (والله أعلم): ليس في (ج).

[6] في (ج): (كالتلبيد).

[ج 1 ص 339]

(1/2561)

[حديث: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه.]

1268# قوله: (عَنْ عَمْرٍو وَأَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ): أمَّا (عمرو)؛ فهو ابن دينار، وأمَّا (أيُّوب)؛ فهو مجرور معطوفٌ على (عمرو)، وهو أيُّوب بن أبي تميمة السَّختيانيُّ، تقدَّما.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَوَقَعَ): (واقفٌ): مَرْفوعٌ منوَّن صفة لـ (رجل)، وهو مَرْفوعٌ، والخبر: (وقع)، وفي نسخة: (واقفًا)؛ بالنصب على الحال، والله أعلم.

قوله: (قَالَ [1] أَيُّوبُ فَوَقَصَتْهُ، وَقَالَ عَمْرٌو: فَأَقْصَعَتْهُ): [وفي نسخة: (فَأَقْعَصَتْهُ)] [2]، تقدَّم ما الوقص، والقصع، والعقص أعلاه؛ فانظره.

==========

[1] في (ج): (وقال)، وليس بصحيح.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[ج 1 ص 339]

(1/2562)

[باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص]

قوله: (الْكَفَنِ فِي الثَّوبِ [1] الَّذِي يُكَفُّ أَوْ لَا يُكَفُّ): كذا في حاشية أصلنا، وفي الأصل: (بَابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ، وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيرِ قَمِيصٍ [2])، فقوله: (يُكَفُّ) فيهما؛ معناه: يُضمُّ، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، قال شيخنا: (كذا بِخَطِّ الدِّمياطيِّ مضبوطٌ)، وقال الدِّمياطيُّ في «حاشيته»: (صوابه: يكفي، أو لا يكفي) [3] انتهى، ولو قُرئ: (يَكُفُّ، أو لا يَكُفُّ) _مبنيًّا للفاعل_ ما كان على القارئ من جُنَاحٍ أن يضمَّ (الميِّت)، أو لا يضمَّ (الميِّت).

==========

[1] في (ق): (القميص).

[2] في «اليونينيَّة»: (باب: الْكَفَنِ فِي الْقَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أَوْ لَا يُكَفُّ، وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ).

[3] في هامش (ج): (حاشية: تبع في هذا المُهلَّبَ؛ فإنه قال ذلك، قال: ومعناه: طويلًا كان ذلك القميص أو قصيرًا؛ فإنه يجوز الكفنُ فيه، وكان عبد الله بن أُبَيٍّ طويلًا، ولذلك كسا العبَّاسَ قميصَه، وكان العبَّاس بائنَ الطُّول).

[ج 1 ص 339]

(1/2563)

[حديث: آذني أصلي عليه]

1269# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وبغير ترجمة مرارًا.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ): (عبد الله) هذا: هو ابن أُبيٍّ ابنُ سلولَ؛ بتنوين (أُبَيٍّ)، وكتابة (ابن) بعدها بألف، ويُعرَب إعراب عبد الله؛ لأنَّ سلولَ

[ج 1 ص 339]

أمُّه، فإذا قرأته على العادة؛ انقلبت سلولُ، فتبقى أمَّ أبيه، وإنَّما هي زوجته، وهذا هو الصَّواب فيه، و (سلول): غير مصروفة؛ للعلميَّة والتَّأنيث، و (أُبيٌّ): هو ابن مالك بن الحارث بن عُبَيد بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج، وهو منافق، رأس المنافقين، هلك في السنة التاسعة بعد مَقدَمِه عليه الصَّلاة والسَّلام من تبوك، مرض في شوَّال عشرين ليلة، وهلك في ذي القعدة، وصلَّى عليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكفَّنه في قميصه قبل نزول النَّهي عن الصَّلاة على المنافقين، وإنَّما صلَّى عليه؛ كرامةً لابنه عبد الله _وستأتي ترجمته_ وإحسانًا، وكرمًا، وحلمًا صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (جَاءَ ابْنُهُ): (ابنه): هو عبد الله بن عبد الله بن أُبيٍّ، كما تقدَّم نسب أبيه، وعبد الله ابنه: رجل صالح من فضلاء الصَّحابة وساداتهم، وكان اسمه: الحُبَاب؛ بضمِّ الحاء المهملة، ثمَّ مُوَحَّدة مخفَّفة، ثمَّ ألف، ثمَّ مُوَحَّدة أخرى، وكان يكنى به أبوه، فلمَّا أسلم؛ سمَّاه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عبدَ الله، وشهد بدرًا وأُحُدًا والمشاهدَ كلَّها معه عليه الصَّلاة والسَّلام، واستأذنه عليه الصَّلاة والسَّلام في قتل أبيه لنفاقه؛ فنهاه، استُشهِد عبدُ الله بن عبد الله هذا يوم اليمامة في خلافة الصِّدِّيق سنة اثنتي عشرةَ، وكان يقال له: الحُبْلَى؛ لعظم بطنه، روت عنه عائشة رضي الله عنهما.

قوله: (أَعْطِنِي): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

فائدةٌ: اختلفوا لمَ أعطاه عليه السَّلام [1] قميصَه على أقوال: إكرام ولده، أو ما سُئِل شيئًا قطُّ فقال: لا، وقيل: أو لأنَّه أعطى العبَّاس قميصًا يوم بدر، فأحبَّ أن يكافئه؛ لئلَّا يكون عليه لمنافق يدٌ لم يجازه [2] عليها قبل نزول قوله: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]، وقيل: لغير ذلك.

(1/2564)

قوله: (أُكَفِّنْهُ): هو بالجزم؛ لأنَّه جواب الأمر.

قوله: (آذِنِّي [3])، وكذا (فَآذَنَهُ [4]): هما بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلِمْنِي، وفأَعَلَمَهُ [5].

(1/2565)

[حديث: أتى النبي عبد الله بن أبي بعدما دفن فأخرجه]

1270# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو ابن دينار، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ): (أتى): فعل ماضٍ، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ فاعله، و (عبدَ الله): مفعول مَنْصوبٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (بَعْدَمَا دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ): إن قلت: الحديث الأوَّل مُضادٌ لهذا؛ لأنَّ في الأوَّل: الظَّاهر أنَّه أعطاه قميصه قبل الدَّفن، وفي هذا: أنَّه جاءه بعد الدَّفن فألبسه قميصه.

والجواب: يحتمل أن يكون المراد بالإعطاء: الإنعام، أو أنَّه خَلَعَ عنه القميص الذي كُفِّن فيه، وألبسه صلَّى الله عليه وسلَّم قميصَه بيده الكريمة، وقيل: إنَّ جابرًا شهد ما لم يشهد ابن عمر، أو يجوز أن يكون أعطاه قميصين؛ قميصه [1] الكفن، ثمَّ أخرجه، فألبسه آخر، وكان ذلك إكرامًا لولده، وقيل: إنَّما دفع القميصَ إلى عبد الله؛ للمكافأة؛ لأنَّه لمَّا أُتِي بأسارى بدر كان العبَّاس في [2] جملتهم، ولم يكن عليه ثوب، فنظر عليه الصَّلاة والسَّلام له قميصًا، فوُجِدَ قميص عبد الله بن أُبيٍّ يقدر عليه، فكساه عليه الصَّلاة والسَّلام إيَّاه؛ مكافأة بأن كفَّنه في قميصه، والله أعلم، وقد تقدَّم أعلاه أنَّ في إعطائه أقوالًا.

قوله: (فَنَفَثَ عَلِيهِ [3] مِنْ رِيقِهِ): (النَّفث): النَّفخ؛ مثل البزاق، ومثل؛ التفل، إلَّا أنَّ التفل في قول أبي عبيد: لا يكون إلَّا ومعه شيء مِن الرِّيق، وقيل: هما سواء، يكون معهما ريق، وقيل: بعكس الأوَّل، وقال النَّوويُّ: (النَّفث: نفخٌ لطيفٌ لا ريق معه)، قاله في غير هذا الحديث.

(1/2566)

[باب الكفن بغير قميص]

(1/2567)

[حديث: كفن النبي في ثلاثة أثواب]

1271# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ الإمامُ، مشهور [1].

قوله: (كُفِّنَ النَّبيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (كُفِّن): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابِ سَحُولَ): إن أضفت الأثواب إلى (سحول)؛ فتحتَ لامَ (سحولَ)، وإن نوَّنت أثوابًا، نوَّنت لام (سحول)، وتقدَّم ما هي (السَّحوليَّة) قريبًا.

قوله: (مِنْ [3] كُرْسُفٍ): تقدَّم ضبطه، وما هو قريبًا.

==========

[1] في (ب): (المشهور).

[2] في النُّسَخ: (رَسُولُ اللهِ)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق) وللموضع اللَّاحق.

[3] (من): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 340]

(1/2568)

[حديث: أن رسول الله كفن في ثلاثة أثواب]

1272# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ [1]، عَنْ عَائِشَةَ): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، سيد الحُفَّاظ، وقد تقدَّم أنَّ أشخاصًا يقال لكلٍّ منهم: يحيى، يروي كلٌّ منهم عن هشام، عن أبيه، عن عائشة في الكتب أو بعضِها؛ وهم [2]: القطَّان المشار إليه، ويحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي زكريا [3] أبو مروان الغسَّانيُّ، ويحيى بن سعيد الأمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن مُحَمَّد بن قيس أبو زُكَير.

==========

[1] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي أَبِي).

[2] (وهم): ليس في (ج).

[3] في (ج): (زكرياء).

[ج 1 ص 340]

(1/2569)

[باب الكفن ولا عمامة]

(1/2570)

[حديث عائشة: أن رسول الله كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية]

1273# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا إسماعيلُ بن أبي أُوَيس، ابن أخت مالكٍ الإمامِ صاحبِ المذهب، وأنَّ اسم أبي أُوَيس عبدُ الله.

قوله: (سَحُولِيَّةٍ): تقدَّم الكلام عليها قريبًا.

(1/2571)

[باب الكفن من جميع المال]

قوله: (وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّ هذا هو عطاء بن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (وَالزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه الإمام المُجتهِد، أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (وَقَتَادَةُ): تقدَّم أنَّه ابن دِعامة الأعمى، الحافظ، المُفسِّر، الإمام.

قوله: (الْحَنُوطُ): تقدَّم قريبًا ما هو.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هذا هو _فيما ظهر لي_ إبراهيمُ بن يزيد بن الأسود بن قيس النَّخعيُّ الكوفيُّ، فقيه أهل الكوفة، ترجمته معروفة، والله أعلم، وشيخنا لم يعزُ هذه الآثارَ التي في هذا الباب، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ): (سفيان) هذا: هو أحد السُّفيانَين؛ الثَّوريُّ أو ابنُ عيينة، ولم أعرفه بعينه، (ولا رأيت أحدًا نصَّ عليه في هذا الحديث) [1]، والله أعلم.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 340]

(1/2572)

[حديث: لقد خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا]

1274# قوله: (أُتِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (عبدُ الرَّحمن): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ): (قُتِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (مصعب): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، و (مصعب بن عمير) هذا: هو مصعب بن عمير بنِ

[ج 1 ص 340]

هاشم بن عبد مناف بن عبد الدَّار بن قُصيِّ بن كلاب بن مُرَّةَ القرشيُّ، كان من فضلاء الصَّحابة وخيارهم، ومن السَّابقين، أسلم ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في دار الأرقم، وكتم إسلامه؛ خوفًا من أمِّه وقومه، ثمَّ هاجر إلى الحبشة، ثمَّ عاد إلى مكَّة، ثمَّ هاجر إلى المدينة بعدُ؛ لِيعلَّم النَّاس القرآن، ويصلِّي بهم، بعثه عليه الصَّلاة والسَّلام مع الاثني عشرَ [1] أهلِ العقبة الثَّانية _وإن شئت؛ سمِّها الأولى_؛ لِيُفقِّه أهلَ المدينة، ويُقرِئهم القرآنَ، وهو أوَّل مَن هاجر إلى المدينة على قولٍ، وسيأتي الاختلاف في ذلك إن شاء الله تعالى وقدَّره، وقيل: في وقعة أُحُد، وسيأتي متى أُحُد، وقد تقدَّم أيضًا، ومناقبه مشهورة رضي الله عنه.

قوله: (وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي): قال هذا عبد الرَّحمن بن عوف؛ تأدُّبًا وتواضُعًا منه [2] مع هذا السيِّد الجليل، وإلَّا؛ فعبد الرَّحمن أفضل منه، لما سيأتي أنَّ أفضل الصَّحابة الصِّدِّيق، ثمَّ عمر، ثمَّ عثمان [3]_على قول الأكثر_ ثمَّ عليٌّ، ثمَّ السِّتَّةُ الباقون، ثمَّ البدريَّة، ثمَّ أُحُد، ثمَّ بيعة الرضوان، وسيأتي مُطَوَّلًا بما فيه من كلام أبي عمر بن عبد البرِّ في تقدُّم أهل بيعة الرضوان على أهل أحد، والله أعلم، وسيأتي الكلام في هذا هو قطعيٌّ أو ظنِّيٌّ في (فضائل الصَّحابة)، وكلام الناس فيه، أو أنَّه كان يُرَى أنَّه أفضلُ منه، ولكنَّه في نفس الأمر ليس كذلك.

قوله: (إِلَّا بُرْدَةٌ): (البردة): معروفةٌ، وفي نسخة: (برده)؛ (برد) وهاء الضَّمير، وهذا هَيِّنٌ.

قوله: (وَقُتِلَ حَمْزَةُ): هو حمزة بن عبد المطَّلب بن هاشم، عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قُتِل في أُحُد، وهذا أمر ظاهر، مناقب حمزة جمَّةٌ، وقول عبد الرَّحمن فيه كقوله في مصعب (مع أنَّ هذا يزيد على مصعب) [4] بأنَّه عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لكنَّ مصعبَ يزيد عليه بالإسلام قبله، والله أعلم.

(1/2573)

قوله: (إِلَّا بُرْدَةٌ): تقدَّم الكلام عليها قبيل [5] هذا، وفي نسخة أخرى: (برده)؛ (برد) وهاء الضَّمير.

==========

[1] زيد في (ب): (من).

[2] (منه): ليس في (ج).

[3] زيد في (ج): (ثمَّ علي)، وهو تكرار.

[4] ما بين قوسين ليس في (ج).

[5] في (ب) و (ج): (قبل).

(1/2574)

[باب: إذا لم يوجد إلا ثوب واحد]

(1/2575)

[حديث: أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائمًا]

1275# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): كذا في [1] أصلنا، وفي الطُّرَّة نسخةٌ: (مُحَمَّد) قبل: (ابن مقاتل)، وهو هو، وهو [2] مُحَمَّد بن مقاتل رُخٌّ المروزيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن المبارك، العالم الصَّالح، ترجمته معروفة، شيخ أهل خراسان.

قوله: (أُتِيَ بِطَعَامِه [3]): تقدَّم قريبًا الكلام عليه أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (ثُمَّ بُسِطَ لَنَا): (بُسِط): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (مَا بُسِطَ [4]): و (ما): قائم مقام الفاعل، محلُّه الرَّفع، و (بُسِط) الثَّانية: كذلك مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (عُجِّلَتْ لَنَا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (غَطَّى رَأْسَهُ): (غطَّى): مبنيٌّ للفاعل، و (رأسَه): مَنْصوبٌ مفعول، وفي نسخة: (غُطِّي به رأسُه): (غُطِّي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رأسُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[1] زيد في (ب): (هو).

[2] (وهو): ليس في (ج).

[3] كذا في (أ) و (ب)، وفي «اليونينيَّة» و (ج) و (ق): (بِطَعَامٍ).

[4] (وما بسط): سقط من (ج).

[ج 1 ص 341]

(1/2576)

[باب إذا لم يجد كفنًا إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه]

(1/2577)

[حديث: هاجرنا مع النبي نلتمس وجه الله]

1276# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تقدَّم أنَّ غِياثًا بكسر الغين المعجمة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مخفَّفة، وبعد الألف ثاءٌ مُثلَّثةٌ، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ، القارئ المشهور.

قوله: (حَدَّثَنَا شَقِيقٌ): هذا هو شقيق بن سلمة أبو وائل الأسديُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا خَبَّابٌ): هذا هو بخاء معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوحَّدتين، بينهما ألفٌ، الأولى مُشدَّدة، وهو ابن الأَرَتِّ _بفتح الهمزة والراء، وبالمُثَنَّاة فوق_ التَّميميُّ، حليف بني زُهرة، بدريٌّ جليل، وحضر المشاهد كلَّها بعدها، وكان سادسَ ستَّة [1] في الإسلام، عنه: علقمة وقيس بن أبي حازم، تُوُفِّيَ سنة (37 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

قوله: (هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): لا بدَّ مِن تأويله؛ لأنَّه لم يهاجر معه إلَّا الصِّدِّيق وعامر بن فهيرة مولاه، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ): أي: نضجت وأدركت، و (اليَنْع): إدراك الثَّمر ونضجها [3].

قوله: (فَهُوَ يَهْدبُهَا [4]): هو بالدَّال المهملة مكسورة ومضمومة [5]، ثمَّ مُوَحَّدة، وهو مفتوح الأوَّل؛ ومعناه: يجتنيها، وحكى بعضهم عن السفاقسيِّ _وهو ابن التِّين كما هو في ظنِّي_ بتثليث الدَّال.

قوله: (مِنَ الإِذْخِرِ): هو بكسر الهمزة، ثمَّ ذال معجمة ساكنة، ثمَّ خاء مكسورة معجمة، ثمَّ راء، وهو نبت طيِّب الرائحة، وهمزته زائدة.

(1/2578)

[باب من استعد الكفن في زمن النبي فلم ينكر عليه]

قوله: (بَابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الْكَفَنَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ): (يُنكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، ومبنيًّا للفاعل، كذا قيَّده بعضهم بهما.

فائدةٌ: قال الصَّيْمريُّ من الشَّافعيَّة: (لا يُستحَبُّ أن يُعِدَّ لنفسه كفنًا؛ لئلَّا يُحاسَب عليه)، قال النَّوويُّ في «الرَّوضة»: (وهذا الذي قاله صحيحٌ، إلَّا إذا كان من جهة يقطع بحلِّها، أو من أثر بعض أهل الخير من العبَّاد، والعلماء، ونحو ذلك، فإنَّ ادَّخاره حسنٌ، وقد صحَّ عن بعض الصَّحابة فعلُه) انتهى، وقال الرُّوْيَانيُّ: (يُستحَبُّ له ذلك _ أي: إعداد الكفن_؛ ليعرف خُلَّوه عن الشُّبهة) انتهى، وبعض الصَّحابة: هو عبد الرَّحمن بن عوف، كما سأذكره قريبًا، وفي (ترك النَّكير [2]) _إن كان عليه السَّلام علم بقوله: «إلَّا لتكون كفني» _ دليلٌ على الجواز، لا على الاستحباب، وهذا يفعله النَّاس كثيرًا، ويفعلون شيئًا آخرَ، وهو حفر القبر الذي يريد أن يُدفَنَ فيه، وهو نظير الكفن، وقد ذكر أبو عُمر بن عبد [3] البرِّ في «استيعابه»: (أنَّ أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب أنَّه الذي حفر قبر نفسه قبل أن يموت بثلاثة أيَّام، وتُوُفِّيَ سنة عشرين، وصلَّى عليه عمر بن الخطَّاب) بسندٍ فيه الواقديُّ، قال شيخنا: (وقد حفر قومٌ من الصالحين قبورَهم بأيديهم).

(1/2579)

[حديث: أن امرأة جاءت النبي ببردة منسوجة فيها حاشيتها]

1277# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): (ابن أبي حازم): تقدَّم أنَّه عبد العزيز بن أبي حازم، وتقدَّم أنَّ أبا حازم _بالحاء المهملة_: سلمة بن دينار، تقدَّما.

قوله [1]: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [2]): هذه المرأة لا أعلم أحدًا سمَّاها.

قوله: (نَسَجْتُ هَذِهِ [3] بِيَدِي): تنبيهٌ: لا أعلم في الصَّحابة ولا الصَّحابيَّات حائكًا ولا حائكةً إلَّا هذه [4]، والله أعلم.

تنبيهٌ: كلُّ ما ورد من ذمِّ الحاكة أو مدحهم مكذوبٌ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ [5]): كذا في هذا الباب بلا خلاف، وفي (باب البرد والحِبَرَة): (فجسَّها رجلٌ): كذا لهم بالجيم، وعند الجرجانيِّ [6]: (فحسَّنها)؛ أي: وصفها بالحسن [7]، وهو وجه الكلام.

قوله: (فُلاَنٌ): هذا [8] هو عبد الرَّحمن بن عوف، أحد العشرة، نقله شيخنا المؤلِّف عن المُحبِّ الطَّبريِّ، وعزاه إلى الطَّبرانيِّ، كذا شافهني به، ولم يذكره في «شرحه»، ثمَّ إنِّي رأيته كما قال شيخنا في «أحكام المُحبِّ الطَّبريِّ» في (الجنائز)، وعزاه للطَّبرانيِّ، وقد قال ابن شيخنا العراقيِّ الحافظُ أبو زرعة حين ذكر هذا الحديث: (في بعض الروايات أنَّ [9] هذا الرَّجل هو عبد الرَّحمن بن عوف، سمعت الحافظ أبا الحسن عليَّ بن أبي بكر الهيثميَّ يقول: إنَّه مرَّ به ذلك، ولم يستحضر تعيين الكتابِ الذي رآه فيه)، والمشار إليه: هو شيخنا نور الدين طالبُ شيخنا العراقيِّ وخادمُه.

تنبيهٌ: رأيت في «شرح التَّنبيه» لشيخنا الشَّارح: أنَّ السَّائل: هو سهل بن سعْد الساعديُّ، وفيه: أنَّه كُفِّن فيها، انتهى، وهذا غريب جدًّا، والمعروف ما ذكرتُه، والله أعلم، [وقال بعض حُفَّاظ العصر: هو عبد الرَّحمن بن عوف رواه الطَّبرانيُّ فيما أفاده المُحبُّ الطَّبريُّ؛ لكن لم أقف على ذلك في «معجم الطَّبرانيِّ»، بل فيه في «مسند سهل بن سعد» نقلًا عن قتيبة: أنَّه سعد بن أبي وقَّاص، انتهى] [10]

[ج 1 ص 341]

قوله: (فَقَالَ: اكْسُنِيهَا): هو بهمزة وصل _لأنَّه ثلاثيٌّ_ وضمِّ السِّين، وهذا ظاهرٌ.

(1/2580)

[قوله: (فَقَالَ [11] الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ): قال بعض حُفَّاظ العصر: (الذي خاطبه بذلك منهم: سهل بن سعد راوي الحديث، بيَّنه الطَّبرانيُّ من وجهٍ آخرَ عنه: «قال سهل: فقلت له ... » إلى آخره)، انتهى] [12]

==========

[1] (قوله): ليس في (ب).

[2] في (ب): (عليه الصَّلاة والسلام).

[3] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نَسَجْتُهَا).

[4] (إلا هذه): ليس في (ج).

[5] في هامش (ق): (فلان: هو عبد الرَّحمن بن عوف، قلت: ظن أنَّه نقله من المُحبِّ الطَّبريِّ ومن الطَّبرانيِّ، ثمَّ رأيته كذلك على شرح شيخنا ابن المُلقِّن حاشية).

[6] في النُّسَخ: (الرَّجائِي)، ولعلَّه تحريف عن المثبت.

[7] (بالحسن): سقط من (ب).

[8] (هذا): ليس في (ج).

[9] (إن): ليس في (ج).

[10] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[11] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[12] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/2581)

[باب اتباع النساء الجنائز]

(1/2582)

[حديث: نهينا عن اتباع الجنائز]

1278# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تقدَّم قريبًا، وبعيدًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وهذا ظاهرٌ جدًّا، ولكن أُخبِرتُ عن بعضِ العجم أنَّه صغَّره.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هذا: الظَّاهر: أنَّه [1] سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ [2]، والله أعلم، ولم أر أنا مَن عيَّنه.

قوله: (عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ): تقدَّم أنَّه خالد بن مهرانَ، أبو المُنازِل، وتقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم نسبته (الحذَّاء) كيف هي.

قوله: (عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ): تقدَّم أنَّها حفصة بنت سيرين، وتقدَّم بعض ترجمتها.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تقدَّم أنَّها نُسَيبة؛ بضمِّ النُّون، وفتح السِّين على الصَّحيح [3]، تقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ): [كذا هنا، وقد رواه [4] ابن شاهين والإسماعيليُّ بإسناد صحيح عن أمِّ عطيَّة: (نهانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، وقولها: (نُهِينَا)] [5] تقدَّم أنَّ هذا مَرْفوعٌ مسند على الصَّحيح، وقد تقدَّم ما فيه من الخلاف، وكلام مَن خصَّ الخلاف بغير الصِّدِّيق، وهو ظاهر.

قوله: (وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا): (يُعزَم): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ ومعناه: لم يُشدَّد علينا في النَّهي.

==========

[1] في (ب): (هذا هو الثَّوريُّ).

[2] (الثَّوريُّ): ليس في (ب).

[3] في (ب): (الكلمة).

[4] زيد في (ب): (عن).

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 342]

(1/2583)

[باب حد المرأة على غير زوجها]

قوله: (بَابُ حَدِّ الْمَرْأَةِ): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ هي في هامش أصلنا: (إحداد)، يقال: حدَّتِ المرأةُ وأَحدَّت حدادًا وإحدادًا؛ أي: امتنعت مِن الطِّيب والزِّينة، وأصله: المنع، وفيه غيرُ ما ذكرتُ، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 342]

(1/2584)

[حديث: توفي ابن لأم عطية فلما كان اليوم الثالث]

1279# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ): (بِشْر): هو بكسر المُوَحَّدة، وسكون الشين المعجمة، و (المفضَّل): بتشديد الضَّاد مفتوحة، اسم مفعول، من (فضَّله).

قوله: (تُوُفِّيَ ابنٌ لِأُمِّ عَطِيَّةَ): هذا الابن لا أعلم أحدًا سمَّاه.

قوله: (أَنْ نُحِدَّ): تقدَّم أعلاه وقبله أنَّه رُباعيٌّ وثلاثيٌّ [1]؛ لغتان.

==========

[1] في (ب): (ثلاثيٌّ ورُباعيٌّ).

[ج 1 ص 342]

(1/2585)

[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت]

1280# قوله: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير، وهو أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام المكِّيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ): تقدَّم أنَّه يقال: نعْي ونَعِيٌّ؛ لغتان.

قوله: (أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ): أمَّا (أبو سفيان)؛ فهو صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تقدَّم الكلام عليه في حديث هرقل أوَّل هذا التعليق، وهو حمو النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وفي مكان وفاته قولان، كذا في حفظي، ولم أر الآن إلَّا أنَّه تُوُفِّيَ بالمدينة المُشرَّفة، وهنا: (من الشَّأم)، وصلَّى عليه ابنُه معاويةُ، (هذا ينبغي أن يكون) [1] على القول بالشَّام، وقيل: بل صلَّى عليه عثمان بموضع الجنائز، ودُفِن بالبقيع، هذا على أنَّه بالمدينة، أسلم ليلة يوم الفتح بطريق مكَّة، وشهد حُنَينًا، وأعطاه عليه الصَّلاة والسَّلام مئة بعير، وأربعين أوقية، وشهد الطَّائف، وفُقِئَت عينُه يومئذٍ، وشهِد اليرموك، كان أوَّلًا من المُؤلَّفة، ثمَّ حسُن إسلامه، نزل المدينة، وتُوُفِّيَ بالشَّام (أو بالمدينة؛ قولان تقدَّما) [2]، وهو ابن ثمان وثمانين سنة [3]، وهو والد يزيد، ومعاوية، وأمِّ حبيبة، وإخوتهم، [وقال بعض حُفَّاظ العصر: (المعروف: «نعي يزيد بن أبي سفيان»، فلعلَّه كان فيه: «نعي ابن أبي سفيان»، فسقطت [4] «ابن»، وأمَّا أبو سفيان [5]؛ فمات بالمدينة بلا خلاف بين أهل الأخبار، وابنه يزيد مات على الشام أميرًا) انتهى] [6].

(1/2586)

تنبيهٌ: قال شيخنا في (بَاب: تحدُّ المُتوَفَّى عنها زوجُها أربعةَ أشهرٍ وعشرًا)، ما لفظه: قالت زينب: (دخلت على أمِّ حبيبة حين تُوُفِّيَ أبوها أبو سفيان)، لمسلم في حديث بنت أمِّ سلمة قالت: (تُوُفِّيَ حميمٌ لأمِّ حبيبةَ)، كذا في رواية الجُلُوديِّ وغيرِه، وهو الصَّواب، ووقع في نسخة ابنِ الحذَّاء: (حميمٌ لأمِّ سلمة) مكان (أمِّ حبيبة) انتهى، وهذا هو في كلام ابن قُرقُول سبقه لذلك، والظَّاهر: أنَّه أخذه منه أو من «المشارق»، وبعد أن ذكر الوهم ابنُ قُرقُول، قال: (والحميم: أبوها أبو سفيان) انتهى، وسيأتي قريبًا جدًّا تاريخ وفاة أبي سفيان، و (أمُّ حبيبة): اسمها رملةُ بنت أبي سفيان، أمُّ المؤمنين، هاجرت إلى الحبشة، فهلك زوجها، فزوَّجها النَّجاشيُّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأمُّها صفيَّة بنت أبي العاصي بن أميَّة، عمَّة عثمان [7]، عنها: أخواها معاويةُ وعتبةُ، وعروة، تُوُفِّيَت [8] سنة (44 هـ)، روى لها [9] الجماعة، وقد تقدَّمت [10].

قوله: (كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً): (غنيَّة): مَنْصوبٌ منوَّن، خبر (كان)، واللَّام للتَّأكيد [11]، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[2] ما بين قوسين سقط من (ب).

[3] (سنة): ليس في (ج).

[4] في (ب): (فسقط).

[5] في (ب): (لسفيان).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وزيد في (ب): (وقوله: بلا خلاف تقدَّم ما يخالفه)، وضرب عليها في (أ).

[7] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[8] في (ج): (تُوُفِّيَ)، وليس بصحيح.

[9] في النُّسَخ: (له)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[10] في (ب): (قدَّمتُ).

[11] (واللام للتأكيد): ليس في (ج).

[ج 1 ص 342]

(1/2587)

[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت .. ]

1281# 1282# قوله: (ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّي أَخُوهَا): هذا الأخ: لعلَّه أبو أحمد بن جحش، واسمه: عبْد، وقيل: عبد الله، وليس بشيءٍ، وقيل: اسمهُ ثمامةُ [1]، حكاه السُّهيليُّ، لكن عُكِّرَ على [2] أنَّ هذا تُوُفِّيَ بعد العشرين، وقد صرَّح بعض الحُفَّاظ بأنَّه تُوُفِّيَ بعد أخته زينب، وفي وفاتها قولان: المشهور الذي عليه الجمهور: أنَّها في سنة عشرين، وقال خليفة بن خيَّاط: (سنة إحدى وعشرين)، وأولاد جحشٍ الذُّكور: عبد الله، قُتِل يوم أحد، والظاهر: أنَّ هذا ليس مرادًا [3] هنا [4]، وذلك لأنَّ زينب قالت فيه: (ثمَّ دخلت على زينب بنت جحش)، ودخولها على زينب كان بعد دخولها على أمِّ حبيبة حين جاء نعيُ أبي سفيان صخرِ بن حرب أبيها، وأبو [5] سفيان تُوُفِّيَ [6] لتسعٍ مضين من خلافة عثمان رضي الله عنهما [7]، قاله الهيثم بن عديٍّ، وقال خليفة والواقديُّ: (تُوُفِّيَ سنة إحدى وثلاثين)، وقال ابن سعد وجماعة: (تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين)، وقال المدائنيُّ: (سنة أربع وثلاثين)، وأمَّا أبو أحمد عبد؛ فقد ذكرت لك وفاته، ويُعكِّر أيضًا على القول بأنَّه أبو أحمد عطفُها قصَّةَ زينب بنت جحش على قصَّة أمِّ حبيبة بـ (ثُمَّ)، وأمُّ حبيبة تقدَّمت وفاة أبيها، وأنَّها في السنة الحادية والثلاثين، أو أكثر من ذلك، وهذا قالوا: تُوُفِّيَ بعد العشرين، وهذه العبارة لا تقال فيمن عاش بعد العشرين كثيرًا، وعبيد الله بن جحش: تنصَّر بالحبشة، وهلك زمن عمر رضي الله عن عمر، فالله [8] أعلم مَن كان هذا، وفي أيِّ وقت، ويحتمل أنَّه أخٌ من الرَّضاعة، ويحتمل أنَّ (ثمَّ) ليست للتَّرتيب، وإنَّما هي لعطف جملة على جملة، وقد وقع مثله في القرآن والشعر وإن كان قد أُجِيب عنهما، وهذا لا يستقيم على أنَّ أبا أحمد تُوُفِّيَ بعد زينب، وقد قدَّمتُ ما قيل في التَّوهيم [9]، وهذا لم أر مَن ذَكَرَه، ولا مَن عرَّج عليه، وهو مكان يحتاج إلى حلِّه على مستقيم.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم أنَّه ابن أبي أويس ابن أخت الإمام مالكٍ [10].

قوله: (دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ): هي رملة [11] أمُّ المؤمنين، تقدَّمت (أعلاه، وقبله أيضًا) [12].

(1/2588)

قوله: (ثُمَّ دَخَلْتُ [عَلَى] زَيْنَبَ [بِنْتِ جَحْشٍ] حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا): تقدَّم الكلام عليه أعلاه مُطَوَّلًا [13].

(1/2589)

[باب زيارة القبور]

قوله: (بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ): أمَّا زيارتُها للرِّجال؛ فمُستحبَّة بالإجماع، ومذهب الشَّافعيِّ: أنَّها تُكرَه [1] للنِّساء؛ لهذا الحديث، رواه [2] البخاريُّ ومسلمٌ، وجه الدَّلالة: أنَّه لم ينهها عن الزِّيارة، وقيل: تُحرَم [3]؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لعنهنَّ، كما صحَّحه «التِّرمذيُّ»، وقيل: يُباح؛ أي: إذا أمنتِ الفتنةَ، وقيل: إن كانت لتجديد حزنٍ ونحوه؛ حُرِّمت، أو [4] للاعتبار؛ فلا، إلَّا أن تكون عجوزًا لا تُشتهَى؛ كحضور الجماعة في المساجد، وزيارتُهنَّ لقبر سيِّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مُستحبَّةٌ قطعًا، وكذا قبور الأولياء والصَّالحين والشهداء جائزةٌ قطعًا، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (أنَّه يكره).

[2] في (ب): (ورواه).

[3] في (ب): (يحرم).

[4] في (ج): (و).

[ج 1 ص 342]

(1/2590)

[حديث: اتقي الله واصبري.]

1283# قوله: (بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ): هذه المرأة لا أعرف أحدًا سمَّاها.

قوله: (فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (جاء تعيين القائل أنَّه الفضل بن عبَّاس)، وذكر شاهده من «الطَّبرانيِّ»؛ فانظره إن أردته.

قوله: (بَوَّابِينَ): تقدَّم قريبًا [1] أنَّه جمع: (بوَّاب)، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

[ج 1 ص 342]

قوله: (إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى): تقدَّم الكلام عليها قريبًا.

==========

[1] (قريبًا): سقط من (ج).

(1/2591)

[باب قول النبي: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ [1] بُكَاءِ [2] أَهْلِهِ [3] عَلَيْهِ ... ) إلى آخر كلامه: اعلم أنَّ العلماء اختلفوا في معنى تعذيبه ببكاء أهله عليه على أقوال: أصحِّها وهو تأويل الجمهور: أنَّه محمول على مَن أوصى به، كما كانت العرب تفعله، وإليه ذهب مؤلِّف الكتاب؛ لقوله [4]: (إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ [5])، الثَّاني: يُعذَّب بسماعه بكاء أهله، ويرقُّ لهم، ويسوْءُه إتيانُهم ما يكره ربُّه، وهذا أولى الأقوال، قاله عياض، وفيه حديث، وهو من رواية قَيْلة بنت مَخْرمَة، ذكره القرطبيُّ في «تذكرته» إلى أبي بكر بن أبي خيثمة، وأبي بكر ابن أبي شيبة، قال: (وإسناده لا بأس به) انتهى، الثَّالث: أنَّهم يعدِّدون في نواحهم جرائمَ [6] الموتى، ويظنُّونه محمودًا؛ كالقتل، وشنِّ الغارات، فهو يعذَّب بما ينوحون به عليه، الرَّابع: أنَّ قوله: (ببكاء أهله)؛ أي: عند بكاء أهله يُعذَّب بذنبه، الخامس: أنَّه محمول على الكافر وغيره من أصحاب الذُّنوب، السَّادس: مخصوص بشخص بعينه، ذكره أبو بكر بن الطَّيِّب احتمالًا، وفي المسألة قولٌ آخرُ ذهب إليه داودٌ وطائفةٌ من العلماء: أنَّه على ظاهره؛ لأنَّه أهمل نهيَهم، فعُذِّب؛ لتفريطه في ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ): (يُرخَّص): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: («عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا [7]؛ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ»): (ابن آدم الأوَّل): قابيلُ، فإنَّه قتل أخاه هابيلَ؛ ابني آدم، قال الطَّبريُّ: (أهل العلم مُختلِفون في القاتل؛ فبعضهم يقول: هو قين بن آدم، وبعضهم: قائن بن آدم، وبعضهم يقول: قابيل)، وقال الطَّبريُّ عن الحسن [في] اللَّذين أنزل الله فيهما: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} [المائدة: 27]: (إنَّهما كانا في بني إسرائيل، ولم يكونا ابني آدم لصلبه).

فائدةٌ شاردةٌ: روى أحمد بن مُحَمَّد المخرميُّ عن عبد العزيز بن الرماح، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبَّاس قال: لمَّا قتل ابنُ آدم أخاه؛ قال آدمُ عليه السَّلام [8]:

~…تَغيَّرتِ البلادُ ومَن عَلَيهَا…فَوَجْهُ [9] الأَرضِ مُغْبَّرٌ قَبِيحُ [10]

(1/2592)

~…تَغيَّر كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَونٍ…وقَلَّ بَشَاشةُ الوَجْهِ المَلِيحُ

~…قَتَلَ قابيلُ هابيلًا أخاه…فَوَا حَزَنًا مَضَى الوَجَهُ الصَّبيحُ [11]

فأجابه إبليس:

~…تَنَحَّ عَنِ البِلَادِ وَسَاكِنِيهَا [12] …فَبِي فِي الخُلْدِ ضَاقَ بِكَ الفَسِيحُ

رواه [13] عنه أبو البختري عبد الله بن مُحَمَّد بن شاكر، وسمعه من أبي [14] البختري إسماعيلُ بن العبَّاس الورَّاق، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: فالآفة المخرميُّ أو شيخه، والله أعلم [15]، انتهى، قال الطَّبريُّ: قال ابن عبَّاس: (مَن قال: إنَّ آدم قال شعرًا؛ فقد كذب على الله وعلى رسوله، إنَّ الأنبياء كلَّهم في النهي سواء نبيِّنا فمَن قبله)، وذكر الطَّبريُّ قبل هذا المكان الاختلافَ في المكان الذي قُتِلَ به.

قوله: (أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ): قال شيخنا: (هذا جارٍ في الخير والشَّرِّ، كما في «الصحيح»: «من سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً ... »؛ الحديث، قال شيخنا: وهذا _والله أعلم_ ما لم يَتُبْ ذلك الفاعلُ الأوَّلُ من تلك المعصية؛ لأنَّ التَّائب من الذنب كمن لا ذنب له [16]) انتهى، وهو كلام حسن، ويحتاج إلى زيادة تأمُّلٍ، ذكر ذلك في (كتاب الأنبياء).

==========

[1] (ببعض): ليس في (ج).

[2] في (ج): (ببكاء)، وليس بصحيح.

[3] (أهله): ليس في (ج).

[4] في (ب): (بقوله).

[5] في (ب): (سبب)، وليس بصحيح.

[6] في (ب): (جرام).

[7] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (وَذَلِكَ).

[8] زيد في (ب): (قوله).

[9] في (ب): (ووجه).

[10] في (ج): (فسيح).

[11] زيد في (ب): (ويا أسفًا على هابيل ابني~…قتيل قد تضمنه الضريح).

[12] في (ج): (وساكنتها).

[13] في (ج): (روى).

[14] في (ج): (ابن).

[15] (والله أعلم): ضرب عليها في (ج).

[16] (له): سقط من (ب).

[ج 1 ص 343]

(1/2593)

[حديث: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى]

1284# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ وَمُحَمَّدٌ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ)، أمَّا (عبدان)؛ فهو عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، تقدَّم مُتَرْجَمًا، ولم قيل له: عبدان، وأمَّا (مُحَمَّد)؛ فهو ابن مقاتل، كما قاله المِزِّيُّ في «أطرافه»، وكذا قاله شيخنا، وأمَّا (عبد الله)؛ فهو ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن ملٍّ، وتقدَّم الكلام على (مَلٍّ)، وتقدَّم مُتَرْجَمًا؛ أعني: عبد الرَّحمن.

(1/2594)

قوله: (أَرْسَلَتْ بِنْتُ [1] النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ [2]: إنَّ ابْنًا لِي [3] قُبِضَ): قال شيخنا الشَّارح عن خطِّ الحافظ الدِّمياطيِّ: (إنَّ اسم هذا الابنِ عليُّ بن أبي العاصي بن الربيع العبشميُّ) انتهى، فالابنة إذن زينبُ، وقد صرَّح غيرُ واحد بأنَّ المُرسِلة زينبُ، وفي رواية: (ابنة لي)، قال شيخنا [4]: (والبنت اسمها أُمَيمة)، وقيل: أمامة بنت أبي العاصي بن الربيع، ذكرهما ابن بشكوال، انتهى، وكذا رأيته في «ابن بشكوال»، وقال: (المُرسِلةُ زينبُ) انتهى، وهذا في «معجم ابن الأعرابيِّ» وغيره، وفي ذلك نظرٌ؛ لأنَّ أمامة تُوُفِّيَت بعده عليه الصَّلاة والسَّلام بزمنٍ طويلٍ بعد أن تزوَّجت عليًّا، وبعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب بعد مقتل عليٍّ رضي الله عنهما في صحبة المغيرة، وأمَّا أميمة؛ فلا أعلم لزينب بنتًا يقال لها: أميمة، اللَّهمَّ؛ إلَّا أن تكون أُميمة صُغِّرت تصغير تحبيبٍ من (أمامة) وخُفِّفت، والله أعلم، وقد ذكر ابن شيخِنا البلقينيِّ الكلامَ في ذلك وذكر عن خبر سعدان بن نصر التَّمَّار ما يؤيِّد أنَّها أُمامة، ثمَّ ذكر الجواب عمَّا استشكلتُه أنا، وهو أنَّه يجوز أن تكون التي تزوَّجها عليٌّ سُمِّيت على اسم الميتة، ثمَّ قال: (وأمَّا ما ذكره الدِّمياطيُّ من أنَّه عليٌّ، فعليُّ بن زينب وإن مات في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، إلَّا أنَّه راهق، ولا يقال في حقِّ المراهق: «ونَفْسُ الصَّبيِّ») انتهى، فعنده في كلام الدِّمياطيِّ نظرٌ، [وكذا قال بعض حُفَّاظ العصر؛ لأنَّ عليًّا دخل مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمكَّة [5] يوم الفتح وقد راهق، ومَن كان في هذا السِّنِّ لا يقال فيه: صبيٌّ [6]، وقد رواه الدُّولابيُّ بسند البخاريِّ بلفظ: (أنَّ بنتًا لها أو صبيًّا)، ولأبي داود من هذا الوجه: (إنَّ ابني أو ابنتي)، وفي رواية المصنِّف: (أنَّ بنتي احتُضِرَت)، والبنت اسمها أُميمة، كذا في «معجم أبي سعيد بن الأعرابيِّ» ... إلى أن قال: فتعيَّن أَميمةَ، ويكون الابن إمَّا عبد الله بن عثمان من رقيَّة، وإمَّا محسن بن عليٍّ، قال: (ثمَّ رأيت في «الأنساب» للبلاذرِيِّ: أنَّه عبد الله بن عثمان بن عفَّان، فإنَّه ذكر في ترجمته أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وضعه في حجره، ودمعت عليه عينُه، وقال: «إنَّما يرحم الله مِن عباده الرُّحماءَ») انتهى] [7]، وفيما

(1/2595)

قاله ابن شيخنا والآخرُ [8] نظرٌ [9]، وذلك لأنَّ الصَّبيَّ: الغلامُ، كما قاله الجوهريُّ، وقال غيره: إنَّ الغلام يقال للصَّبيِّ من حين يُولَد إلى أن يبلغ: غلامٌ، والله أعلم، وقد قال ابن قُرقُول: (وفي «كتاب المرضى»: إنَّ ابنتي قد حُضِرَتْ، كذا لهم، والصَّواب: إنَّ ابني على التَّذكير، وكذا تكرَّر في غير هذا الموضع؛ لقوله: «فوضع الصَّبيَّ»، وفي الحديث الآخر: «كان ابن لبعض بنات النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقضي») انتهى.

قوله: (وَلْتَحْتَسِبْ): تقدَّم ما الاحتساب.

قوله: (تَتَقَعْقَعُ [10]): أي: تتحرَّك وتضطَّرب [11].

قوله: (كَأَنَّهَا شَنٌّ): تقدَّم أنَّ الشَنَّ: القربةُ الباليةُ، وهي بفتح الشين المعجمة، وقد ضبطه بعضهم بالكسر، وليس بشيء.

قوله: (فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ): سيأتي [12] الكلام عليه مع بكائه على إبراهيم ابنه قريبًا إن شاء الله تعالى.

قوله: (فَقَالَ له سَعْدٌ [13]: مَا هَذَا؟): هذا [14] هو سعد بن عبادة، الصَّحابيُّ المشهور، سيِّد الخزرج، ترجمته معروفة؛ فلا نُطَوِّل بها.

قوله: (وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاء): (الرُّحماءَ): في أصلنا مَنْصوبٌ ومرفوعٌ، وكُتِبَ عليه: (معًا)، وكذا قال النَّوويُّ: (إنَّه بالنَّصب والرَّفع)، أمَّا نصبه؛ فظاهرٌ على أنَّه مفعول (يرحم)، وأمَّا رفعه؛ فعلى أنَّه خبر (إنَّ)، وتكون [15] (ما) بمعنى: الذي، قاله النَّوويُّ.

[ج 1 ص 343]

==========

[1] كذا في النُّسَخ، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابنة).

[2] (إليه): سقط من (ب).

[3] زيد في (ج): (قد)، وليس بصحيح.

[4] زيد في (ج): (الشارح).

[5] في (ب): (مكة).

[6] في (ب): (الصبي).

[7] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[8] (والآخر): سقط من (ج) و (ب).

[9] زيد في (ب): (والآخر).

[10] في (أ): (تتقعع)، وفي (ب): (يقعع)، وكلاهما ليس بصحيح.

[11] في (ب): (يتحرَّك ويضطرب).

[12] زيد في (ج): (سيأتي)، وهو تكرار.

[13] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فقال سعد: يارسول الله).

[14] (هذا): ليس في (ج).

[15] في (ب): (ويكون).

(1/2596)

[حديث: هل منكم رجل لم يقارف الليلة]

1285# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المُسنديُّ فيما ظهر لي، والله أعلم، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا، ولم قيل له: المُسنديُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عَمرٍو القيسيُّ، أبو عامر، العقديُّ البصريُّ الحافظُ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وفي آخره حاءٌ مهملةٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذه البنت المتوفَّاة: هي أمُّ كلثوم، تُوُفِّيَت سنة تسعٍ [1] من الهجرة [2]، وقد تقدَّم تاريخ وفاتها، قال شيخنا: (وفي «تاريخ البخاريِّ الأوسط»: لمَّا ماتت رقيَّة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يدخل القبرَ رجلٌ قارف أهله اللَّيلة»، عقَّبه البخاريُّ بأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يشهد رقيَّة، ماتت وهو ببدر)، وقال الطَّبريُّ: روى أنس: أنَّه عليه السَّلام لمَّا نزلت أمُّ كلثوم في قبرها؛ قال: «لا ينزل في [3] قبرها أحدٌ قارف اللَّيلة»، فذِكْرُ رقيَّة فيه وَهَمٌ، نقلته [4] من كلام شيخنا مُلَخَّصًا، قال شيخنا: (وقال الخطَّابيُّ: يشبه قوله: «شهدنا بنتًا لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم» أنَّها كانت ابنة [5] لبعض بناته، فنُسِبت إليه، انتهى، وقد تعقَّبه المُحبُّ الطَّبريّ، ولا شكَّ أنَّ كلامه مُتعقَّب وكذا كلام الطَّبريِّ من هذا الوجه، وقال ابن بشكوال: (ابنة النَّبيِّ [6] المذكورة هنا اختُلِف فيها؛ فقيل: زينب، وقيل: أمُّ كلثوم، والأوَّل أصحُّ إن شاء الله، وساق لكلٍّ حجَّتَه، وسأذكر أنَّ هذا مُتعقَّبٌ [7] أيضًا)، وذكر محبُّ الدِّين الطَّبريُّ: (أنَّ رقيَّة لمَّا ماتت؛ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يدخل القبرَ رجلٌ قارف أهلَه»، فلم يدخل عثمان بن عفَّان القبرَ، وفي رواية [8]: «أمُّ كلثوم» مكان رقيَّة، أخرجه أحمد، ولا شكَّ أنَّها أمُّ كلثوم؛ لأنَّ رقيَّة تُوُفِّيَت والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بدر، ولم يشهدها)، وقد ذكر السُّهيليُّ حديث أنس من «تاريخ البخاريِّ» بأنَّها رقيَّة، ثمَّ قال: (أنكر البخاريُّ هذه الرواية ... ) إلى آخر كلامه، فإن أردته؛ فانظره من «الرَّوض» من (غزوة بدر).

(1/2597)

قوله: (تَدْمَعَانِ): يقال: دمَعَت عينه؛ بالفتح، ويقال: بكسر الميم [9] أيضًا؛ لغتان في الماضي حكاهما الجوهريُّ عن أبي عبيدة.

(1/2598)

قوله: (لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ): هو بضمِّ أوَّله، ثمَّ قاف، وفي آخره فاءٌ؛ يعني: لم يأتِ الذَّنب، وجاء في نسخة الأصيليِّ نحوه عن فُلَيح، وقيل: معناه: لم يجامع، كما قد [10] جاء في الرواية الأخرى: من لم يقارفْ أهلَه، وأنكر [11] هذا [12] الطَّحاويُّ هنا، وقال: معناه: لم يقاولِ اللَّيلة، وقال غيره: لأنَّهم كانوا يكرهون الحديث بعد العشاء ويحبُّون النَّوم بعدها، وجاء فيه النَّهيُ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قاله ابن قُرقُول، وقال ابن الأثير وقد ذكر حديث عائشة رضي الله عنها: «إنَّه كان يصبح جنبًا من قراف غير احتلام [13]، ثمَّ يصوم»؛ أي: مِن جماع، قال: ومنه الحديث في دفن أمِّ كلثوم ... )؛ فذكره، وقال النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب»، بعد أن ذكر حديث البخاريِّ: [«لم يقارف»، قيل: معناه: لم يجامع، وقيل: لم يقارف ذنبًا، ذكره البخاريُّ] [14] عن ابن المبارك، عن فُليح، والأوَّل أرجحُ، ويؤيِّده حديثُ أنس: «لا يدخل القبر رجلٌ قارف أهله اللَّيلة»، فلم يدخل عثمانُ القبرَ، رواه أحمد في «المسند» ... ) إلى آخر كلامه، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (قارف أهله؛ أي: جامع، والقراف: الجماع، وقوله: «قارف أهله» يردُّ قولَ مَن قال: يعني [15]: الذَّنب، {ليقترفوا} [الأنعام: 113]: ليكتسبوا)، وسياق القصَّة يدلُّ [16] على أنَّ عثمان [17] قارف تلك الليلة بعض جواريه [18]، فمُنِع النزول في قبرها إمَّا مؤاخذة عرفيَّة؛ لما يظهر في ذلك من جفاء، وإمَّا لأنَّ ذلك من سنن الدَّفن، قال الخطَّابيُّ: وفيه: أنَّ للرجل أن يتولَّى دخول قبر الطفلة، ويصلح من شأن دفنها، ويشبه أن تكون البنت بنتًا لبعض بنات النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قلت [19]: وفي التصريح برقيَّة أو أمِّ كلثوم ما يردُّه، ولعلَّه لم يبلغه، ويُحمَل إدخالُ أبي طلحة على محرميَّة كانت بينه وبينها برضاعٍ، أو يُحمَل على التَّوسعة في ذلك مطلقًا في الصغيرة والكبيرة؛ لأنَّ الرجل أقوى على ذلك من النِّساء، وقد يتعذَّر وجود المحرم والزَّوج، وقيل: إنَّ ذلك كان قبل الحجاب، وهذا الأظهر؛ لأنَّه قال: هل فيكم؟ ولو قام غير أبي طلحة؛ فالظاهر أنَّه كان يتولَّى ذلك، وأمَّا عند التعذُّر؛ فهو حال ضرورة، فلا يمتنع، انتهى، فقوله: (وفي التصريح برقيَّة أو [20] أمِّ كلثوم ما يردُّه): متعقَّب؛ لأنَّ رقيَّة تقدَّم أنَّها تُوُفِّيَت وهو عليه الصَّلاة والسَّلام ببدر،

(1/2599)

ولم يشهدها، فتعيَّن أن تكون أمَّ كلثوم؛ لأنَّها تُوُفِّيَت وهو عليه الصَّلاة والسَّلام شاهدٌ، وإن كنتُ قدَّمتُ تصحيحَ ابن بشكوال: أنَّها زينب، ففيه نظرٌ، وإنَّما هي أمُّ كلثوم، وقوله: (إنَّ هذا كان قبل الحجاب، وهو الأظهر)؛ فيه نظرٌ؛ لأنَّ الحجاب أُنزِل على كلِّ قولٍ قبل ذلك، والله أعلم.

==========

[1] (تسع): سقط من (ب).

[2] (من الهجرة): سقط من (ج).

[3] (في) سقط من (ج).

[4] في (ب): (تعلقه)، وليس بصحيح.

[5] (ابنه): سقط من (ج).

[6] زيد في (ب): (صلَّى الله عليه وسلَّم).

[7] في (ب): (معقب).

[8] زيد في (ج): (أنَّه).

[9] في (النسخ): (العين)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[10] (قد): سقط من (ج).

[11] في (ج): (وأنكرها).

[12] (هذا): سقط من (ج).

[13] في (ب): (اختلاف)، وليس بصحيح.

[14] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[15] في (ب): (بمعنى).

[16] في (ج): (تدل)، وليس بصحيح.

[17] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[18] في (ب): (جواره)، ولعلَّه تحريف.

[19] (قلت): سقط من (ج).

[20] في (ج): (و)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 344]

(1/2600)

[حديث: توفيت ابنة لعثمان بمكة وجئنا لنشهدها]

1286# 1287# 1288# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وتقدَّم لِمَ لُقِّب عبدان.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، تقدَّم، وهو مشهور الترجمة.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن [1] عبد العزيز بن جريج، الإمامُ.

قوله: (تُوُفِيَّتِ ابْنَةً لِعُثْمانَ): هي أمُّ أبان كما قاله أبو عمر، لكن له ابنتان كلٌّ منهما يقال لها [2]: أمُّ أبان، فالكبرى: أمُّها رملة بنت شيبة بن ربيعة، والصُّغرى: أمُّها نائلة بنت الفرافصة، والله أعلم، قاله شيخنا الشَّارح، انتهى، وكونها أمَّ أبان صرَّح بها مسلم في «صحيحه»، والنَّسائيُّ في «سننه» [3].

قوله: (لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ): هو عمرو بن عثمان بن عفَّان الأمويُّ، روى عن أبيه، وعنه: عليُّ بن الحسين، وأبو الزِّناد، وجماعةٌ، ثقةٌ، أخرج له الجماعة.

قوله: (بِالْبَيْدَاءِ): هي الشَّرف الذي [4] أمام ذي الحليفة في طريق مكَّة، وهي أقرب إلى مكَّة من ذي الحليفة.

قوله: (تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ): هي بفتح السِّين، وضمِّ الميم، من شجر الطَّلح، والجمع: سَمُر وسَمُرات.

قوله: (فَإِذَا صُهَيْبٌ): هو صُهَيب بن سنان بن خالد الرِّبعيُّ النَّمريُّ، أبو يحيى، وإنَّما قيل له: الرُّوميُّ؛ لأنَّ الرُّوم سبَوه صغيرًا، وكان أبوه وعمُّه عاملَين لكسرى على الأُبُلَّة، وقيل: كانوا على الفرات، فأغارت عليهم الرُّوم، فنشأ فيهم، ثمَّ ابتاعته [5] كلبٌ، وأُبِيع بمكَّة، صحابيٌّ مشهور، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، تُوُفِّيَ سنة (38 هـ) بالمدينة رضي الله عنه.

قوله: (فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ): اعلم أنَّ عمر رضي الله عنه يأتي في (مناقبه) متى ضربه أبو لؤلؤة فيروزُ، وكم أقام، ومتى تُوُفِّيَ [6] رضي الله عنه.

قوله: (مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ ... ): هو بكسر همزة (إِنَّ)، كذا في أصلنا، وكانت مفتوحةً فكُسِرت، وكأنَّها (مكسورةٌ، والذي يظهرُ: فتحُها، أو تكون مكسورةً) [7] على أنَّ معنى (حدَّث): قال، والله أعلم [8].

(1/2601)

[حديث عمر: إن الميت ليعذب ببكاء الحي]

1290# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ وَهْوَ الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أنَّ (الشَّيبانيَّ) بالشِّين المعجمة، وأنَّ اسم أبي إسحاق سليمانُ بن أبي سليمان فيروزُ، وقيل: خاقان، الحافظ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ): (أبو بردة): اسمه _كما تقدَّم_ الحارثُ أو عامر بن أبي موسى الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار.

قوله: (لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ): سيأتي في (مناقبه) متى أُصِيب، وكم لبث يومًا، ومتى تُوُفِّيَ رحمة الله عليه [1].

[ج 1 ص 344]

تنبيهٌ هو فائدةٌ: أطلق ابن عمر [2] في روايته تعذيب الميِّت ببكاء الحيِّ، ولم يقيِّده [3] بيهوديٍّ كما قيَّدته عائشةُ، ولا بوصيَّة كما قيَّده [4] به جماعةٌ [5] آخرون، ولا ببعص بكاء أهله كما قيَّده عمرُ رضي الله عنهم.

==========

[1] في (ب): (رضي الله عنه).

[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[3] في (ج): (يفسره).

[4] في (ب): (قيد).

[5] (به جماعة): سقط من (ج).

(1/2602)

[باب ما يكره من النياحة على الميت]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ): كذا قال (يُكرَه)، وهو مُحرَّم بالإجماع، ولكنِ الأقدمون يُعبِّرون بالكراهة، ويريدون: التَّحريم، وقد استعمل هذا البخاريُّ في أماكنَ كثيرةٍ من هذا «الصحيح» ستمرُّ بك، وقال الله تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَةً عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38].

قوله: (دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ [1]): (أبو سليمان) هذا: هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مُرَّةَ بن كعب بن لؤيِّ بن غالب القرشيُّ المخزوميُّ، صحابيٌّ جليل، صاحب حروب، وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين بحمص، وقبره مشهور خارجها، زرته مرارًا رضي الله عنه، وقيل: تُوُفِّيَ بالمدينة المُشرَّفة، قاله أبو زُرْعة عن دحيم، والأوَّل الصَّحيحُ، أحواله مشهورة، وكذا فتوحاته، أسلم في صفر [2] سنة ثمان قبل الفتح على الصَّحيح.

قوله: (مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ): هو بفتح النُّون، ثمَّ بالقاف السَّاكنة، ثمَّ عين مهملة، وهو (التُّرَاب)، كما فسَّره في الأصل، وقيل: هو الصَّوت بالبكاء، وقيل: صوت لطم الخدود ونحوِه، وقيل: هو شقُّ الجيوب، وأنكره أبو عبيد، والنَّقع: الصَّوت، والنَّقع: الغبار، فيخرج من هذا معنى التَّفاسير [3] كلِّها؛ لأنَّ لِلَدْمِ الخدودِ وشقِّ الجيوب صوتًا، وقال الكسائيُّ: هو صنعة الطَّعام في المآتم، وأنكره أبو عبيد، وإنَّما النَّقيعة: طعام القادم من السَّفر، قيل: سُمِّي للنَّقع؛ وهو الذي يتعلَّق بثيابه في سفره، قاله [4] ابن قُرقُول، ووهَّم فيه على البخاريِّ، فحذفت وهمه، والله أعلم.

قوله: (أَوْ لَقْلَقَةٌ): هو _بلامَين مفتوحتَين، وقافين؛ الأولى ساكنة، والثَّانية مفتوحة_: الصَّوت، كذا فسَّره في الأصل، واللَّقلقة: حكاية الأصوات؛ إذا [5] كثرت [6]، واللَّقْلَق [7]: اللِّسان؛ كأنَّه يريد: تردُّدَ اللِّسان [8] بالصَّوت عند [9] البكاء، فإن قلت: كيف عمر نهى صهيبًا فيما مضى، ولم ينه هنا؟ والجواب: أنَّ صُهَيبًا بكى على عُمر بندبٍ وصياحٍ، فقال: واصاحباه [10]! فنهاه لأجل ذلك، والله أعلم.

(1/2603)

[حديث: إن كذبًا علي ليس ككذب على أحد]

1291# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكين، الحافظُ، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ): تقدَّم الكلام على تحريم الكذب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّه كبيرة عظيمة، وأنَّه إذا لم يستحلَّ ذلك هل يكفر أم لا؟ مشبعًا [في (كتاب العلم) في (باب إثمِ مَن كذب على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)] [1].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 345]

(1/2604)

[حديث عمر: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه]

1292# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد قريبًا جدًّا، وبعيدًا مرارًا، ومُتَرجَمًا في أوَّل مرَّةٍ.

قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ): تقدَّم أنَّ ياء (المسيّب) هذا مكسورةٌ ومفتوحةٌ، وأنَّ غيره لا خلاف في فتحها.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى): هذا هو عبد الأعلى بن حمَّاد الباهليُّ مولاهم، أبو يحيى، النَّرسيُّ، المُحَدِّث، الثَّبْت، عن الحمَّادَين ومالك، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وأبو يعلى، والبغويُّ، تُوُفِّيَ سنة (236 هـ)، ويقال: سنة (237 هـ)، وهذا قدَّمه في «التذهيب»، وقال عن الأوَّل: (إنَّه غلط)، والضَّمير في (تابعه) يعود على (عبدان) شيخِ البخاريِّ، وأتى بهذه المتابعة [2]؛ لأنَّ شعبة عنعن عن قتادة وإن حُوشِي من التَّدليس، والتدليس عند شعبة شديدٌ كما قدَّمته عنه غيرَ مَرَّةٍ، فأتى بتحديث سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة؛ لرفع الخلاف في المسألة، وقد تقدَّم أنَّ عنعنة غير المُدلِّس فيها خلاف، والله أعلم.

ومتابعة عبد الأعلى لم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة، ولا أخرجها شيخنا (بل أخرجها بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين بسنده إلى أبي يعلى، انتهى) [3]، ولا رأيت [4] حديث شيخه يزيد بن زُرَيع [5]، ولكن رأيت حديث سعيد عن قتادة به [6]، أخرجه مسلم، وقد رواه همَّام عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن ابن عمر، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، زاده المِزِّيُّ.

==========

[1] في هامش (ق): (عبدان لقب، واسمه عبد الله).

[2] (وأتى بهذه المتابعة): جاء في (ب) بعد قوله: (إنَّه غلط).

[3] ما بين قوسين سقط من (ج).

[4] (رأيت): سقط من (ج).

[5] في (ب): (دريع)، وهو تحريف.

[6] (به): سقط من (ج).

[ج 1 ص 345]

(1/2605)

[باب ما جاز من بعض النياحة أول الإسلام]

(1/2606)

[حديث: فلم تبكي فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع]

1293# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان [1] بن عيينة، الإمامُ المكِّيُّ، تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ): أبوه عبد الله بن عمرو بن حرام؛ بالرَّاء، وهذا كالبديهيِّ عند أهله، وفائدةٌ عند غيرهم، ووالد جابر نقيبٌ بدريٌّ كبيرٌ.

قوله: (وَقَد [2] مُثِلَ): هو بضمِّ الميم، وكسر الثَّاء المُثلَّثة المخفَّفة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، قال أهل اللُّغة: مَثَلَ بالعبد والحيوان يمْثُل مَثْلًا _بالتَّخفيف في الجميع [3]_؛ كـ (قَتَل يَقْتُل قَتْلًا)؛ إذا قطع أطرافه، أو أنفه، أو أذنه، أو مذاكيره، ونحو ذلك، والاسم: المثلة، وأمَّا مثَّل _بتشديد الثَّاء_؛ فهو للمبالغة، وبه قد ضُبِط في أصلنا [4]، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا): (سُجِّي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: غُطِّي، وهو من باب (كسا) و (أعطى)، والله أعلم.

قوله: (فَرُفِعَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالُوْا [5]: ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ: أُخْتُ عَمْرٍو): تقدَّم أنَّها فاطمة بنت عمرو، عمَّة جابر بن عبد الله في أوَّل (الجنائز): (فجعلت عمَّتي تبكي، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «تبكين أو لا تبكين ... »)؛ الحديث، وقد قدَّمتُ أنَّ هذه بنت عمرو بن حرام، صحابيَّة أيضًا، وهي أخت عبد الله، وفي «مسلم» في (المناقب): (فجعلت فاطمة بنت عمرو تبكي ... )؛ الحديث، ورأيت على نسخة من «البخاريِّ» في هذا المكان بِخَطِّ يشبه أن يكون خطَّ الشَّيخ [6] الإمام غياث الدين ابن العاقوليِّ أحد شيوخي ما قدَّمته في أوَّل (الجنائز): أنَّها فاطمة، وأنَّ الواقديَّ سمَّاها: هندًا، (وكذا نقله ابن الصَّلاح في «علومه» عن الواقديِّ) [7]، وقد تقدَّم ما فيه.

قوله: (فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ: لاَ تَبْكِي): تقدَّم ما فيه في (تَبْكِينَ أَو لَا تَبْكِينَ)، والله أعلم.

==========

[1] (سفيان): سقط من (ب).

[2] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قد).

[3] في (ج): (الجمع).

[4] وكذا في «اليونينيَّة» و (ق).

[5] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالُوا).

[6] (الشيخ): سقط من (ج).

[7] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 345]

(1/2607)

[باب: ليس منا من شق الجيوب]

قوله: (الْجيُوبَ): هو جمع (جيب)، وهو معروف، و (الجيوب) بضمِّ الجيم وكسرها، وقد قُرِئ بهما في السَّبع.

==========

[ج 1 ص 345]

(1/2608)

[حديث: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا]

1294# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق فيما ظهر لي، ولم أر أحدًا صرَّح به، غير أنِّي رأيت عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في الرُّواة عن زبيد الياميِّ الثَّوريَّ، ولم يذكر فيهم ابنَ عيينة، وينبغي أن يُحرَّر، والله أعلم.

قوله: (عَنْ [1] زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ): تقدَّم أنَّه بالمُوَحَّدة، وتقدَّم الكلام في زييد بن الصَّلت؛ بمُثنَّاتين تحت، وأنَّه ليس له [2] في «البخاريِّ» و «مسلم»، وإنَّما له في «المُوطَّأ».

[ج 1 ص 345]

قوله: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ): أي: ليس على طريقتنا، ولا من المهتدين بهدينا، وليس المراد به الخروج من الملَّة؛ إذ المعاصي لا يُكفَر بها عند أهل السُّنَّة، اللَّهمَّ؛ إلَّا أن يعتقد حلَّ ذلك، وقال الثَّوريُّ سفيانُ: إنَّه يجري على ظاهره من غير تأويل؛ لأنَّه أبلغ في الزَّجر عنها، والله أعلم.

قوله: (بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ): قال عياض: (هي النِّياحة، وندبة الميِّت، والدُّعاء بالويل، وشبهه)، والمراد بـ (الجاهليَّة): ما كان في زمن الفترة، وسيأتي الكلام في أيَّام الجاهليَّة، وقد تقدَّم أيضًا، وذلك لأنَّ النَّوويَّ [3] قال: (ما قبل بعثة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سُمُّوا بذلك؛ لكثرة جهالاتهم)، وسيأتي ما فيه، وقد تقدَّم أيضًا.

==========

[1] كذا في النُّسَخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] (له) سقط من (ج).

[3] في (ج): (الثَّوري)، ولعلَّه تحريف.

(1/2609)

[باب: رثى النبي سعد بن خولة]

قوله: (بَابٌ: رَثَى [1] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ): كذا في الأصل فعلُ ماضٍ [2]، وفي الهامش: (رثاء) _ بالمدِّ_ مصدرٌ [3]، والرِّثاء: التوجُّع؛ بالمدِّ والكسر في الرَّاء.

(1/2610)

قوله: (سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ): (خَوْلة) [4]: بفتح الخاء المعجمة _قال شيخنا الشَّارح: (وقال أبو الحسن: ما سمعت قطُّ أحدًا قرأه [5] إلَّا بفتحها، والمُحَدِّثون على ذلك، وعَكَسَ أبو عمر) انتهى، وهذا غريبٌ_ ثمَّ واوٍ ساكنة، وهو سعد بن خولة، وقيل: خَوليٌّ، من بني عامر بن لؤيٍّ، وقيل: حليف لهم، وقيل: مولى ابن أبي رُهم العامريِّ، من السَّابقين بدريٌّ، تُوُفِّيَ عن سُبيعة الأسلميَّة سنة عشرٍ بمكَّة، وسيأتي ما في ذلك في (باب شهود الملائكة بدرًا) إن شاء الله تعالى، وقد اختُلِف في قصَّة سعد بن خولة؛ فقيل: لم يهاجر من مكَّة حتَّى مات فيها، وقيل: بل [6] هاجر وشهد بدرًا، وهذا الصَّحيح كما ذكرته في ترجمته أعلاه، ولكنَّه انصرف إلى مكَّة، ومات بها، فعلى هذا؛ سببُ توجُّعه عليه الصَّلاة والسَّلام له سقوط هجرته؛ لرجوعه [7] مختارًا، وموته بمكَّة، وعلى الأوَّل؛ توجُّعه له موتُه بمكَّة على أيِّ حال، وإن لم يكن باختياره؛ لما فاته من الثَّواب، والأجر الكامل بالموت في دار هجرته، والله أعلم، وقال شيخنا في (الدَّعوات [8]): (إنَّما رثى له عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لأنَّه أسلم، وأقام بمكَّة، ولم يهاجر، قاله ابن مزين، وأُنكِر ذلك عليه؛ لأنَّه معدود في البدريِّين كما ذكره البخاريُّ وغيره، واختلفوا متى رجع إلى مكَّة؛ فقيل: مات بها في حجَّة الوداع، وإنَّما رثى له؛ لأنَّه قال: كلُّ مَن يهاجر من بلده؛ له ثواب الهجرة من الأرض التي هاجر فيها إلى الأرض التي هاجر إليها إلى يوم القيامة، فحُرِم ذلك لمَّا مات بمكَّة بعد شهوده بدرًا، وفي «البخاريِّ» فيما سلف: «يرحم الله ابن عفراء»، قيل: هو الذي رثى له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، و (ابن عفراء) غلطٌ من الرَّاوي، كما سأذكره في مكانه مُنبِّهًا عليه من كلام الدِّمياطيِّ، قال شيخنا: وقال الدَّاوديُّ: لم [9] يكن للمهاجرين الأوَّلين أن يقيموا بمكَّة في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا ثلاثة أيَّام بعد الصَّدَر، فدلَّ ذلك أنَّ سعد بن خولة تُوُفِّيَ قبل تلك الحجَّة، وقد أطال [10] المقام بها من غير عذر، ولو كان له عذرٌ؛ لم يأثم، ثمَّ ذكر قولًا آخر وردَّه، أضربت عنه؛ لأنَّه غلط في النُّسخة، وهي كثيرة الغلط غيرمُقابَلة، والله أعلم.

(1/2611)

[حديث: الثلث والثلث كبير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من]

1295# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ [1]): حجَّة الوداع سنة عشرٍ من الهجرة، وهذا ظاهرٌ مشهور معروف.

قوله: (وَلاَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ): هذه البنت التي لسعد هو ابن أبي وقَّاص، اسمها عائشة، قال الذَّهبيُّ في «المبهمات» التي لـ «التَّجريد»: (هي التي يقول: «ولا يرثني إلَّا ابنةٌ»، قلت: هي تابعيَّة) انتهى لفظه، وقد حمَّر عليها، فهي تابعيَّة كما اصطُلِح عليه، [قال بعض مُحَدِّثي القاهرة: هي أمُّ الحكم كما حرَّرته، ووهم مَن قال: عائشة؛ لأنَّها لا صحبة لها، وليست لسعد [2] ابنةٌ أخرى اسمُها عائشةُ، وقال في مكانٍ آخرَ، وهو في (الوصايا): (هي أمُّ الحكم الكبرى، وأمُّها بنت شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زُهْرة [3]، وهي شقيقة إسحاق الأكبر ... ) إلى أن قال: (ووهم مَن قال: هي عائشة؛ لأنَّ عائشة أصغرُ أولاده، وعاشت إلى أن أدركها مالكُ بن أنس، ولم أر أنا أمَّ الحكم هذه في الصَّحابيَّات، ورأيت أمَّ حكيم [4] بنت عتبة بن أبي وقَّاص)، قال الذَّهبيُّ: (لها هجرة) انتهى؛ فيُحرَّر] [5].

فائدةٌ: جاء سعدًا عدَّةُ أولاد ثمانية، وذكر النَّوويُّ في «مبهمات تهذيبه» بعد أن سمَّاها عائشة، ثمَّ عُوفي مِن ذلك المرض، وجاءه بعد ذلك عدَّةُ أولاد كثيرون معروفون، وقد ذُكِر في ترجمة سعد أربعةٌ: مُحَمَّد، وإبراهيم، وعامر [6]، ومصعب، وسيأتي [في] (ما ذُكِرَ في الأسواق) في كلامي عدَّةُ أولادٍ لسعدٍ، نقلتهم من كلام الدِّمياطيِّ، ومن كلام ابن الجوزيِّ في «تلقيحه».

قوله: (أَن تَذَر): (أَن): بفتح الهمزة، و (تذر): مَنْصوبٌ بها، قال ابن قُرقُول: (بالوجهين على الشَّرط، والفتح؛ على تأويل المصدر؛ أي: أنَكَ ووذرَهم وتركَهم أغنياءَ خيرٌ من تركهم عالةً، وأكثر روايتِنا فيه بالفتح)، قال ابن مكِّيٍّ في كتاب «تقويم اللِّسان»: (لا يجوز هنا إلَّا الفتح) انتهى.

قوله: (عَالَةً): هو بتخفيف اللَّام؛ أي: فقراء.

قوله: (يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ): أي: يسألونهم أن يعطوهم في أكفِّهم.

(1/2612)

قوله: (ثُمَّ لَعَلَّكَ [7] أَنْ تُخَلَّفَ): هو بفتح همزة (أَنْ)، وسكون النُّون، قال [8] ابن قُرقُول: (وأمَّا قوله: «ولعلَّك أن تُخَلَّف»؛ فهذا لا يصحُّ فيه إلَّا الفتح)؛ يعني: فتح الهمزة.

قوله: (ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ ... ) إلى آخره: لم يُتوَفَّ سعدٌ من هذا المرض، بل بقي إلى سنة خمس وخمسين، وقيل غير ذلك، وقد انتُفِع به، وضُرَّ به؛ قَتَلَ الكفَّارَ وسَبَى وغَنِمَ، وقال شيخنا الشَّارح: (قال ابن بطَّال: لمَّا أُمِّر سعدٌ على العراق؛ أتى بقوم ارتدُّوا فاستتابهم، فتاب بعضُهم، وأصرَّ بعضُهم، فقتلهم، فانتفع به مَن تاب، وتضرَّر به الآخرون، وقال شيخنا أيضًا في كتاب «الدُّعاء» في قوله: «ويضرُّ بك آخرون»، قيل: هم سبيٌ [9] قتلوهم؛ إذ لم يسلموا، وقيل: إنَّ عبيد الله _يعني: ابن زياد_ أمَّر عمر بن سعد ولده على الجيش الذين لقوا الحسين، فقتلوه بأرض كربلاء) انتهى، ونحو هذه [10] المقالةِ ذكرَ أيضًا هنا.

فائدةٌ: قال شيخنا: (قال بعض العلماء من أهل المعرفة: «لعلَّ» معناها: التَّرجِّي إلَّا إذا وردت عن الله ورسله [11] وأوليائه؛ فإنَّ معناها: التَّحقيق) انتهى.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَمْضِ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَلاَ تَرُدّهُمْ): يجوز في دال (تردّ [12]) الضَّمُّ والفتح، وقد تقدَّم.

قوله: («لَكِنِ الْبَائِسُ [13] سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ»، يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ): هو من قول سعد بن أبي وقَّاص في بعض الطُّرق في «البخاريِّ» في (كتاب الدعاء) في (باب الدعاء برفعِ الوباء والوجع)، وفي أكثرها مِن قول الزُّهريِّ، وليس هو مِن قوله عليه الصَّلاة والسَّلام.

قوله: (أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ): (أَنْ): بفتح همزتها، وسكون النُّون، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] زيد في (ج): (عام)، وهو تكرار.

[2] في (ب): (لها وليت سعد)، وليس بصحيح.

[3] في (ب): (زهبرة).

[4] في (ب): (الحكيم).

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] (وعامر): سقط من (ج).

[7] في (ب): (تعلل)، وليس بصحيح.

[8] في (ب): (وقال).

[9] في النُّسَخ: (سنن)، وعليها علامة شكٍّ، وفي مصدره: (مَن)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[10] في النُّسَخ: (هذا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[11] في (ب): (ورسوله)، والمثبت موافق لما في «التوضيح» (9/&).

(1/2613)

[12] في (ب): (تردهم).

[13] في (ب): (الناس)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 346]

(1/2614)

[باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة]

قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الْحَلْقِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ): (يُنهَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الحلق): معروف؛ وهو حلق شعر الرَّأس، وهو حرامٌ عند المصيبة.

==========

[ج 1 ص 346]

(1/2615)

[معلق الحكم: وجع أبو موسى وجعًا فغشي عليه ورأسه ... ]

1296# قوله: (وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى): (الحكم) هذا: هو ابن موسى _كما قال_ ابن أبي [1] زهير، أبو صالح، البغداديُّ القنطريُّ، الزَّاهد، أحد الأعلام، أصله من نسا من طبرستان، رأى مالكًا، وروى عن إسماعيل بن عيَّاش، وعطاف بن خالد، وابن المبارك، والهقل بن زياد، وغيرهم، وعنه: البخاريُّ تعليقًا، ومسلمٌ، وأبو زُرْعة، وأحمد بن أبي خيثمة [2]، وأبو يعلى، وخلق، وثَّقه ابن معين، وقال أبو حاتم: (صدوق)، ووصفه بالصَّلاح والعبادة جماعةٌ، قال البخاريُّ وغيره: (تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين)؛ يعني: ومئتين، قال البغويُّ: (ليومين من شوَّال)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله [3] ترجمةٌ في «الميزان»؛ فانظرها إن شئت، وقد قدَّمتُ أنَّه إذا قال البخاريُّ: (قال فلان كذا وكذا)، وكان المعزوُّ إليه القولُ شيخَه؛ أنَّه يكون ذلك محمولًا على أنَّه [4] أخذ عنه ذلك في حال المذاكرة، هذا كلام ابن الصَّلاح.

فإن قيل: لمَ لمْ ترقم [5] عليه (خ)، بل رقمت عليه: (خت)؛ تعني: تعليقًا؟ فالجواب [6]: أنِّي قلَّدت في الرَّقم المِزِّيَّ والذَّهبيَّ _وكذا قال ابن عساكر في «النَّبَل»: وعنه: البخاريُّ تعليقًا_، وفي كونه أخذه في حال المذاكرة ابنَ الصَّلاح، وما أحببت أن أبتدع شيئًا.

و (القنطريُّ): منسوب إلى قنطرة بَرَدان؛ بفتح المُوَحَّدة والرَّاء، شرقيَّ بغداد، والله أعلم، وتعليقه هذا أخرجه مسلم في (الإيمان) عن الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة به.

قوله: (أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ): هو _بضمِّ الميم، وفتح الخاء المعجمة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ميم مكسورة، ثمَّ راء، ثمَّ تاء التَّأنيث [7]_ القاسمُ، كنيتُه أبو عروةَ، روى عن أبي سعيد،

[ج 1 ص 346]

وعبدِ الله بن عمرو، وعلقمةَ، وعدَّةٍ، وعنه: الحكم، وابن أبي خالد، والأوزاعيُّ، وعدَّةٌ، مات سنة (111 هـ)، علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وثَّقه ابن معين، وأبو حاتم، وغيرهما.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّ أبا بردة اسمُه الحارث أو عامر، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا.

قوله: (وَجِعَ [8] أَبُو مُوسَى): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار، وتقدَّم مُتَرْجَمًا في أوَّل مرَّةٍ.

(1/2616)

قوله: (وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ): (الحَجْر): بفتح الحاء، ويجوز كسرها، وقد تقدَّم، وهذه المرأة في حفظي أنَّ في بعض طرقه: (ورأسه في حجر امرأته) انتهى، وفي «مسلم»: (أقبلت امرأته أمُّ عبد الله تصيح بِرَنَّة [9] ... )؛ فذكر الحديث، وأمُّ عبد الله امرأته: هي بنت أبي دومة، أخرج لها مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، تروي عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقيل: عن زوجها أبي موسى الأشعريِّ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعنها: عياض الأشعريُّ، وقرثع الضَّبِّيُّ، ويزيد بن أوسن، وجماعةٌ، والله أعلم.

قوله: (مِنَ الصَّالِقَةِ): هي بالصَّاد المهملة، وبعد اللَّام قافٌ؛ وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة، ومنه قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ليس منَّا من صلق»، ويقال بالسِّين، قال ابن الأعرابيِّ: (هو ضرب الوجه)، نقله عنه عياضٌ وابنُ قُرقُول.

قوله: (وَالْحَالِقَةِ): هي التي تحلق رأسها عند المصيبة.

قوله: (وَالشَّاقَّةِ): هو بالشين المعجمة، وبعد الألف قافٌ مُشدَّدةٌ، وهي التي تشقُّ ثوبها عند المصيبة.

(1/2617)

[باب: ليس منا من ضرب الخدود]

قوله: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ): تقدَّم معناه قريبًا.

(1/2618)

[حديث: ليس منا من ضرب الخدود]

1297# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ بَشَّارًا بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وهو مُحَمَّد بن بشَّار بندارٌ، الحافظ، تقدَّم البندارُ ما هو.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديِّ بن حسَّان، الحافظ، أبو سعيد، البصريُّ، مولى الأزد، اللُّؤلؤيُّ، أحد الأعلام في الحديث، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، الإمام المشهور.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، مرارًا.

قوله: (وَشَقَّ الْجُيُوبَ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الجيم وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.

قوله: (وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.

==========

[ج 1 ص 347]

(1/2619)

[باب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة]

قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/2620)

[باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن]

قوله: (يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ): (يُعرَف): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الحزنُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، ويقال: الحُزْن والحَزَن؛ لغتان [1]، وهو [2] خلاف السرور.

==========

[1] (لغتان): سقط من (ج).

[2] في (ج): (وهما).

[ج 1 ص 347]

(1/2621)

[حديث: فاحث في أفواههن التراب]

1299# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصلت الثَّقفيُّ، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (سَمِعْتُ يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد الأنصاريُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ): تقدَّم أنَّ هذه عمرة بنت عبد الرَّحمن بن سعد بن زُرارة، من فقهاء التابعين، أخذت عن عائشة، وكانت في حجرها، وعن جماعة، وعنها: ابنها أبو الرِّجال مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن، وولداه، والزهريُّ، وعدَّةٌ، ماتت [1] سنة (106 هـ)، أخرج لها الجماعة، وقد تقدَّم أنَّها من أفضل التابعيَّات، وتقدَّم أنَّ أفضل التابعيَّات: عمرةُ، وحفصةُ، وأمُّ الدَّرداء الصَّغرى التابعيَّة هجيمة أو جهيمة بنت حُيَيٍّ الأوصابيَّة.

قوله: (لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ): (النَّبي): مَنْصوبٌ مفعول، و (قَتلُ): مَرْفوعٌ فاعل، و (ابن حارثة): هو زيد بن حارثة بن شَراحيل مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقُتل في مؤتة، وقد تقدَّم الكلام عليه، وجيشِه، والأميرين؛ جعفرٍ وابنِ رواحة فيما مضى، وكم كان معهم، وكم جيش الكفَّار.

قوله: (يُعْرَفُ فِيهِ الْحزنُ): (يُعرَف): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الحُزْنُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، و (الحزن)؛ بضمِّ الحاء وإسكان الزَّاي وبفتحهما، تقدَّم.

قوله: (شَقِّ البَابِ): قال ابن قُرقُول: (بالفتح للجماعة، وضبطه الأصيليُّ: بالكسر، وصحَّح عليه، وقال: صح لهم).

قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ): هذا الرَّجل لا أعلم أحدًا سمَّاه.

قوله: (فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ): هو بضمِّ الثَّاء من (احث) وبكسرها؛ لأنَّه يقال: حثا يحثو، وحثى يحثي، واويٌّ ويائيٌّ؛ لغتان.

قوله: (أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ): أي: أخزاك وأذلَّك، كأنَّه ألصقه بالرَّغام _بفتح الرَّاء [2]_؛ وهو التُّراب.

قوله: (مِنَ الْعَنَاءِ): هو بفتح العين، وبالمدِّ؛ وهو المشقَّة، وقوله: (من العناء): كذا لهم، وعند العذريِّ: (من الغيِّ)؛ بغين معجمة، وعند الطَّبريِّ: (من العَيِّ)؛ مفتوح العين، ولبعضهم بكسرها، وكذا كان في «كتاب ابن عيسى» للجلوديِّ، وكلاهما وَهَمٌ، والأوَّل الصَّواب، قاله ابن قُرقُول.

(1/2622)

[حديث: قنت رسول الله شهرًا حين قتل القراء]

1300# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد؛ مصغَّرًا، وهذا معروف.

قوله: (حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ): (قُتِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، اعلم أنَّ القُرَّاء قُتِلوا في بئر معونة، وكانت [1] في صفر على رأس أربعة أشهر من أُحُد عند ابن إسحاق، وستأتي، وتقدَّم أيضًا [2] الخلافُ في عددهم، والصَّحيح: أنَّهم كانوا سبعين، ويأتي ما يتعلَّق بهم إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

==========

[1] في (ب) و (ج): (وكان).

[2] (وتقدَّم أيضًا): سقط من (ج).

[ج 1 ص 347]

(1/2623)

[باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ): (يُظهِر): بضمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ، والفاعل: هو، و (حزنَه): مَنْصوبٌ مفعول، ويقال فيه: حُزْن وحَزَن، كما تقدَّم قريبًا وبعيدًا.

قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ [1]): (مُحَمَّد) هذا: تابعيٌّ مشهور، روى عن أبي ذرٍّ وغيره مُرسَلًا، وعن أبي هريرة، وعائشة، وابن مسعود، تُوُفِّيَ سنة ثماني عشرة _وقيل: سنة ستَّ عشرةَ_ ومئةٍ، وقيل غير ذلك، أخرج له الجماعة.

==========

[1] في هامش (ق): (بضمِّ القاف، وفتح الراء).

[ج 1 ص 347]

(1/2624)

[حديث: لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما]

1301# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ): تقدَّم أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، وهذا ظاهرٌ، وقد تقدَّم مَن اسمه بسرٌ _بالمهملة_ في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ».

قوله: (اشْتَكَى ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ [1]، فَمَاتَ): (اشتكى): مرض، وهذا الابن هو أبو عُمَير؛ بضمِّ العين، وفتح الميم، [واسمه حفصٌ كما ذكره ابن الجوزيِّ أبو الفرج في كتاب «النساء» له، وذكر قصَّة مرضه، ووقع تسميته بحفص في القصَّة مرَّتين، وهو] [2] الذي كان يمازحه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويقول له:

[ج 1 ص 347]

«يا أبا [3] عُمَير؛ ما فعل النُّغير؟»، صرَّح بذلك غيرُ واحد، و (أبو طلحة): زيد بن سهل [4]، تقدَّم مُتَرْجَمًا ببعض الترجمة.

قوله: (فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ): امرأة أبي طلحة هي أمُّ سُليم _بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام_ أمُّ أنس بن مالك رضي الله عنها، يقال: اسمها سهلة، ويقال: رُمَيلة، ويقال: رُمَيثة، ويقال: أُنَيفة، ويقال: مُلَيكة، ويقال: إنَّها الغُمَيصاء، ويقال: الرُّمَيصاء، وقال أبو داود: (الرُّمَيصاء: أخت أمِّ سُلَيم من الرَّضاعة)، وهي مشهورة النَّسب، وسأذكر نسبها في (الوقف).

قوله: (قَدْ هَدَأَتْ [5]): هو بفتح الهاء وهمزة في آخره مفتوحة؛ أي: سكتت [6].

قوله: (نَفْسُهُ): بإسكان الفاء، كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (هَدأ [7] نَفَسُهُ)، وهذا ظاهرٌ، قال ابن قُرقُول: («نفَسُهُ»: بفتح الفاء وإسكانها، فمن فتح؛ فهو من النفَس، ومن سكَّن؛ أراد الروح؛ أي: مات، إلَّا أنَّها أتت بلفظ مُشترَك يصلح للوجهين) انتهى.

قوله: (وظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أنَّها صَادِقَةٌ): أي: في الظَّاهر، لكنَّها صادقة في نفس الأمر، وهذا الذي قالته أمُّ سُلَيم توريةٌ.

قوله: (ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أَخبر): مبنيٌّ للفاعل، وفاعله أبو طلحة، و (النَّبي): مَنْصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): هو ابن عيينة المذكور في السَّند منسوبًا.

(1/2625)

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال [8] ابن شيخِنا البلقينيِّ: (والأنصاريُّ الذي أبهمه ابن عيينة سمَّاه الدِّمياطيُّ في قبائل الأوس والخزرج: عباية [9] بن رفاعة)، وقال ابن شيخنا: (إنَّه رأى ذلك في «طبقات ابن سعد» في «النِّساء») انتهى، و (عباية بن رفاعة): هو عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج الأنصاريُّ الحراميُّ، يروي عن جدِّه رافع بن خَديج وابن عمر، روى عنه: سعيد بن مسروق وأبو حيَّان التَّيميُّ، كنيته أبو رفاعة، وهو الذي روى عن أبي عبس بن جبر من حديث يزيد بن أبي مريم، قاله ابن حِبَّان في «ثقاته»، والله أعلم، وقد أخرج لعباية الجماعةُ، ووثَّقه ابن معين.

قوله: (فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلاَدٍ؛ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ [10] الْقُرْآنَ): أي: من وَلَدِ الغلام الذي جاء لهما، والأولاد المشار إليهم: القاسم، وعُمَير، وزيد، وإسماعيل [11]، ويعقوب، وإسحاق، ومُحَمَّد، وعبد الله، وإبراهيم، ويعمر، وعُمارة، وعمر، ذكرهم ابن الجوزيِّ، قاله شيخنا الشَّارح، وكذا ذكرهم شيخنا الحافظ العراقيُّ عن ابن الجوزيِّ أنَّه سمَّاهم اثني عشر، وأنَّ ابن عبد البرِّ وغير واحد سمَّاهم أحدَ عشرَ، وكأنَّه لم يعرف منهم إلَّا تسعة، أو غير ذلك، والله أعلم، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ عن الدِّمياطيِّ: (إنَّه زاد في الأولاد عمْرًا) انتهى، وأبوهم عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل، وُلِدَ عبدُ الله هذا في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو أخو أنس لأمِّه، ووالد إسحاقَ وإخوته، حنَّكه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وسمَّاه، تُوُفِّيَ في زمن الوليد بن عبد الملك، وقد تُوُفِّيَ عبد الملك والد الوليد لعشرٍ خلون من شوَّال سنة ستٍّ وثمانين، فبُويِع الوليدُ، وتُوُفِّيَ في منتصف جُمادى الآخرة سنة (96 هـ)، فكانت ولايته تسعَ سنين وتسعةَ أشهر.

(1/2626)

[باب الصبر عند الصدمة الأولى]

(بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى) ... إِلى (بَاب الصَّلاة عَلَى القَبْرِ بَعْدَ مَا يُدْفَن)

قوله: (نِعْمَ الْعِدْلاَنِ، وَنِعْمَ الْعِلاَوَةُ): أمَّا (العِدْلان)؛ فقوله: {صَلَوَاتٌ} و {رَحْمَةٌ} [البقرة: 157]، وأمَّا (العِلاوة)؛ فقوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} [البقرة: 157]، وقيل غير ذلك؛ أي: عِدلان وعِلاوةٌ من الأجر، والله أعلم.

(وَقَولِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا} [البقرة: 45]): (قولِه): بالجرِّ معطوفٌ على (الصَّبر).

==========

[ج 1 ص 348]

(1/2627)

[حديث: الصبر عند الصدمة الأولى]

1302# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بندارٌ لقب مُحَمَّد، وتقدَّم ما البندار.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وأنَّ غُنْدُرًا بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملةٍ مضمومةٍ ومفتوحةٍ، ثمَّ راء، وتقدَّم [من] لقَّبه بذلك، وما معناه، وقد لقَّبه به ابنُ جُرَيج؛ ومعناه: المشغِّب.

قوله: (عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى): تقدَّم الكلامُ عليها.

(1/2628)

[باب قول النبي: إنا بك لمحزونون]

(1/2629)

[حديث: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا]

1303# قوله: (حَدَّثَنَا قُرَيْشٌ): وهو ابن حَيَّان، هو بحاء مهملة مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مُشدَّدة، وهو قريش بن حَيَّان، أبو بكر العجليُّ، عن ابن سيرين، وثابت، وجمْعٍ، وعنه: الأوزاعيُّ مع تقدُّمه، وابن وهب، ووكيعٌ، وأبو عاصم، ويحيى بن حسَّان، وآخرون، قال أحمد: (لا بأس به)، كان بالأهواز، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: (ثقة)، أخرج له البخاريُّ وأبو داود.

قوله: (عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ): (القَيْن): بفتح القاف، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون، و (القين): الحدَّاد [1]، و (أبو سيف): هو زوج أمِّ سيف ظئْرِ إبراهيمَ بنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال القاضي عياض في «شرح مسلم»: (اسمه البراء)، وسمَّاه شيخنا الشَّارح: (البراء بن أوس، صحابيٌّ)، وما قاله القاضي وشيخنا سبقهما إليه ابن عبد البرِّ في «استيعابه»، فإنَّه قال: (البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول بن عَمرو بن مبذول بن غنم بن [2] مازن بن النَّجَّار، وهو أبو إبراهيم بن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الرَّضاع؛ لأنَّ زوجته أمَّ بُردةَ أرضعته بلبنه) انتهى.

قوله: (وَكَانَ ظِئْرًا [3]): هو بالظَّاء المعجمة، ثمَّ همزة ساكنة، زوج المرضعة، و (الظئْر): المرضعة، وأصله: العطف [4] للنَّاقة على غير ولدها تُرضِعه.

تنبيهٌ: أمُّ سيف زوجُ أبي سيف لها ذكرٌ في حديثٍ لثابت عن أنس، ذكرها الذَّهبيُّ في «تجريده»، وسمَّاها عياض: (خولة بنت المنذر)، قال الذَّهبيُّ: (خولة بنت المنذر بن زيد مرضعةٌّ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، ذكرها العدويُّ، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس» عن أبي إسحاق بن الأمين أنَّه استدرك على أبي عمر ابن عبد البرِّ خولةَ هذه، وقال: (إنَّها أرضعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ فاعلمه، وفي كلام أبي عُمر في «الاستيعاب» في ترجمة البراء بن أوس: أنَّ التي أرضعت إبراهيمَ أمُّ بردة، وهي أمُّ بردة بنت المنذر بن زيد، قال الذَّهبيُّ: (يقال: أرضعت إبراهيمَ بن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي خولةُ

[ج 1 ص 348]

(1/2630)

أمُّ بشر بنت عمرو بن عَنَمة [5]، من المبايعات [6]) انتهى، وقد ذكر ابن شيخِنا البلقينيِّ الحديثَ، وقال: (يقال: هي أمُّ سيف زوجةُ أبي سيف القَيْن [7]، وقيل: هي أمُّ بردة بنت المنذر بن زيد بن لَبِيد الأنصاريَّة)، ثمَّ قال: (والمشهور أنَّ التي أرضعته [8]: أمُّ سيف، ولعلَّهما كانتا جميعًا أرضعتاه في وقتين، وهو الصحيح)، ثمَّ ذكر غلطًا لبعض الشُّرَّاح في كونه جعلهما واحدةً، قال: (وقد وقع ذلك في «تهذيب النَّوويِّ» في «المبهمات»، فقال: «مرضعة إبراهيم بن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هي أمُّ سيف، ويقال لها أيضًا: أمُّ بردة، واسمها خولةُ بنت المنذر الأنصاريَّة»، ذكرها عياضٌ؛ فليُتأمَّل) انتهى، وقد رأيت في «تهذيب النَّوويِّ» ما ذكره عنه، والله أعلم.

قوله: (يَجُودُ بِنَفْسِهِ): أي: يسوق للموت، وفلان يُجادُ للحتف؛ أي: يُساق إليه.

قوله: (تَذْرِفَانِ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، ثمَّ ذال معجمة ساكنة، ثمَّ راء مكسورة، ذرِفت عينُه تذرِف [9]؛ إذا انصبَّ دمعها ذَرْفًا، وذَرافانًا [10]، وذُرُوفًا، وقيل: الذروف: دمعٌ بغير بكاء.

(1/2631)

قوله: (فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ [11]: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ... ) إلى آخره: قال ابن قيِّم الجوزيَّة: (وسنَّ؛ أي: النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأمَّته الحمدَ، والاسترجاع، والرِّضا عن الله، ولم يكن ذلك منافيًا لدمع العين وحزن القلب، ولهذا كان أرضى الخلقِ عن الله عزَّ وجلَّ في قضائه، وأعظمَهم له حمدًا، وبكى مع ذلك يوم مات ابنُه إبراهيمُ؛ رأفةً منه، ورحمةً للولد، ورقَّةً عليه، والقلب مُمتلِئ [12] بالرِّضا عن الله وشكره، واللِّسان مشغول [13] بحمده وذكره، ولمَّا [14] ضاق هذا المشهدُ والجمعُ بين الأمرين على بعض العارفين [يوم مات ولدُه؛ جعل يضحك، فقيل له: تضحك في هذه الحال؟! فقال: «إنَّ الله تعالى قضى بقضاء، فأحببت أن أرضى بقضائه»، فأشكلَ هذا على جماعةٍ من أهل العلم] [15]، وقالوا: كيف يبكي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم مات ابنُه، وهو أرضى الخلقِ عن الله تعالى، ويبلغ الرِّضا بهذا العارف إلى أن ضحك؟! فسمعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة _يعني: شيخه أبا العبَّاس رحمه الله_ يقول: (هدْي نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم كان أكملَ من هدْي هذا [16] العارف، فإنَّه أعطى العبوديَّة حقَّها، فاتَّسع قلبه للرِّضا عن الله، ورحمة الولد، والرِّقَّة عليه، فحمد الله، ورضي عنه في قضائه، وبكى رحمةً ورقَّةً، فحملته الرَّحمة على البكاء، وعبوديَّتُه لله ومحبَّته له على الرِّضا والحمد، وهذا العارف ضاق قلبه عن اجتماع الأمرين، ولم يتَّسع بطانُه لشهودهما والقيام بهما، فشغلته عبوديَّة الرِّضا عن عبوديَّة الرَّحمة والرِّقَّة) انتهى.

(1/2632)

تنبيهٌ هو فائدةٌ: اعلم أنَّه اختلفت الآثارُ في الصَّلاة على إبراهيم رضي الله عنه؛ فمنهم [17] مَن أثبت [18] الصَّلاةَ عليه، قالوا: والمراسيلُ مع حديث البراء، ومع حديث أنس، وهو في «مسند أبي يعلى»، وهو ضعيف؛ يشدُّ بعضُها بعضًا، ومنهم: مَن ضعَّف حديث البراء بجابر الجعفيِّ والمراسيل، وقال: حديث ابن إسحاق أصحُّ؛ يعني: في أنَّه لم يصلِّ عليه، ثمَّ اختلف هؤلاء في السَّبب الذي لأجله لم يُصلِّ عليه؛ فقالت طائفةٌ: استغنى بنبوَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الصَّلاة عليه؛ كما استغنى الشَّهيد بالشَّهادة عن الصَّلاة عليه، (وقالت طائفة أخرى: إنَّه مات يوم كُسِفتِ الشَّمس، فاشتغل بصلاة الكسوف عن الصَّلاة عليه) [19]، وقالت فرقة: لا تعارُضَ [20] بين هذه الآثار، فإنَّه أمر بالصَّلاة عليه، وقيل: صلَّى عليه، ولم يباشرها بنفسه؛ لاشتغاله بالكسوف، فقيل: لم يصلِّ عليه، وقالت طائفة: رواية المُثبَت أولى؛ لأنَّ [21] معه زيادةَ علم، وإذا تعارض [22] والإثباتُ؛ قُدِّم الإثباتُ، والله أعلم.

فائدةٌ: تقدَّم أنَّ إبراهيم هذا أمُّه مارية القبطيَّة _بتخفيف ياء مارية_ ولدته في ذي الحجَّة، سنة ثمانٍ من الهجرة، وتُوُفِّيَ سنة عشرٍ، ثبت في «البخاريِّ»: (أنَّه تُوُفِّيَ وله سبعةَ عشرَ شهرًا، أو ثمانيةَ عشرَ شهرًا [23])، كذا على الشَّكِّ، وقيل: ستَّةَ عشرَ شهرًا، وقيل: سنتان غير شهرين، وأغربُ ما فيه ما جاء في «أبي داود»: (مات وله سبعون يومًا)، قال ابن قيِّم الجوزيَّة: (وهو وَهَمٌ مِن عطاء) انتهى [24]، وحكى المُحبُّ الطَّبريُّ من جملة ما حكاه: أنَّه كان عمره سنةً وعشرةَ [25] أشهر وستَّة أيَّام، قال: (والأوَّل أشهر؛ [يعني: ثمانيةَ عشرَ شهرًا)] [26] انتهى.

(1/2633)

قوله: (رَوَاهُ مُوسَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ... ) إلى آخره: (موسى) هذا: هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، الحافظ، تقدَّم الكلام عليه مُتَرْجَمًا، وعلى نسبته، وقد روى عنه: البخاريُّ وأبو داود، فهذا شيخه، والظَّاهر أنَّ قوله: (ورواه فلان)، وفلان [27] إذا كان المسندُ إليه الرِّوايةُ شيخَه _ كهذا_؛ حكمه [28] حكم: (قال فلان)، و (زاد فلان)، وقد ذكرت أنَّ حكمهما حكمُ الإسناد المُعنعَن، وحكمُه الاتِّصال [29] بشرط ثبوت اللِّقاء، والسَّلامة من التدليس، واللِّقاءُ في شيوخ البخاريِّ معروفٌ، وهو سالمٌ من التَّدليس، فله حكم الاتِّصال كما قدَّمتُ، وأنَّه كذلك جزم به ابنُ الصلاح في الرابع من التفريعات التي تلي النوع الحادي عشر، والله أعلم، ويكون أخذه عنه في حال المذاكرة كما تقدَّم، ورواية سليمان هذا [30] أخرجها مسلم في (فضائل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) عن شيبان بن فرُّوخ، وهدبة بن خالد [31]؛ كلاهما عن موسى بن إسماعيل، عن سليمان بن المغيرة [32]، وأخرجها [33] أبو داود في (الجنائز) عن شيبان بن فرُّوخ، عن موسى بن إسماعيل، عن سليمان بن المغيرة به.

==========

[1] (والقين الحداد): سقط من (ج).

[2] (بن): سقط من (ب).

[3] في (ب): (ظئر)،وليس بصحيح.

[4] في (ب): (العلف)، وهو تحريف.

[5] في (ب): (غنمة).

[6] في (ب): (البايعات)، ولعلَّه تحريف، وفي (ج): (التابعيات).

[7] (القين): سقط في (ب).

[8] في (ب): (أرضعت).

[9] (تذرف): سقط من (ج).

[10] في (ب): (وذرافًا)، وفي (ج): (وذرفانًا).

[11] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

[12] في (ب): (تمتنع)، وليس بصحيح.

[13] في (ج): (شغول).

[14] في (ب): (لما).

[15] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[16] (هذا): سقط من (ب).

[17] في (ب): (ففيهم).

[18] في (ب): (أحب).

[19] ما بين قوسين سقط من (ب).

[20] في (ج): (ولا).

[21] في (ب): (لأنه)، وليس بصحيح.

[22] (وإذا تعارض): سقط من (ج).

[23] (شهرًا): سقط من (ج).

[24] (انتهى): سقط من (ب).

[25] في (ج): (عمره ستَّة أو عشر).

[26] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[27] في (ج): (وقال فلان).

[28] (حكمه): سقط من (ج).

[29] في (ب): (المعنعن وكلمة الإيصال)، وليس بصحيح.

[30] في (ج): (هذه).

[31] زيد في (ج): (هو).

[32] في (ج): (عن).

[33] زيد في (ج): (المغيرة).

(1/2634)

[باب البكاء عند المريض]

(1/2635)

[حديث: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين]

1304# قوله: (أَصْبَغُ): تقدَّم أنَّه أصبغ بن الفرج المصريُّ، الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن وهب، الإمام، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو): هو عمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أميَّة، الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرْجَمًا ومرارًا بغير ترجمة مُنبِّهًا [1] أنا عليه.

قوله: (شَكْوًى [2] لَهُ): كذا هو منوَّن في أصلنا، والظَّاهر أنَّ التَّنوين طارئٌ عليها، والله أعلم، يقال: فلان شاكٍ؛ أي: مريض [3]، والشَكْو: المرض، يقال منه: شكا يشكُو، واشتكى شكاية، وشِكَاوة، وشكوًى [4]، وشكْوَى، قال ابن قُرقُول: (قال أبو عليٍّ: والتَّنوين رديءٌ جدًّا، وقال ابن دريد: الشكْو: مصدر «شكوتُه») انتهى، فإذن الأجودُ تركُ تنوين (شكوى)، والله أعلم.

قوله: (وَجَدَهُ [5] فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ): هو بالغين والشِّين المعجمتين، وغاشية الشَّخص: مَن يلوذ به، ويُلِمُّ، ويتكرَّر عليه.

قوله: (فَقَالَ: قَدْ قَضَى، قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ): اعلم أنَّه قد يتوهَّم شخصٌ مِن هذا أنَّه قضى في ذلك المرض، وليس كذلك، بل عُوفِي [6] مِن مرضه ذلك إلى أن تُوُفِّيَ بحوران سنة خمسَ عشرةَ، وقيل: سنة أربعَ عشرةَ، ويقال: في سنة إحدى عشرةَ.

فائدةٌ: لم يختلفوا أنَّه وُجِد [7] ميِّتًا في مغتسله، وقد اخضرَّ جسدُه، ولم يشعروا بموته حتَّى سمعوا قائلًا [8] يقول، ولا يرونه: قَدْ قَتَلْنَا سَيِّدَ الخَزْرَجِ سَعْدَ بنَ عُبَادَهْ، وَرَمَينَاهُ بِسَهمَينِ فَلَمِ تُخْطِ فؤَادَهْ، ويقال: إنَّ الجنَّ قتلته، وقيل: مات سنة ستَّ عشرةَ، قال ابن أبي عَروبة: (سمعت مُحَمَّد بن سيرين يحدِّث: أنَّ سعدًا بال قائمًا، فلمَّا رجع؛ قال لأصحابه: إنِّي لأجد دبيبًا، فمات رضي الله عنه)، مناقبه كثيرة، وسأذكر أين قبره في (مناقبه) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (إِنَّ اللهَ [9]): هو بكسر همزة (إنَّ)، وهي ابتدائيَّة.

قوله: (وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ): تقدَّم الكلام على هذه المسألة، والأقوال فيها، وما هو الصحيح فيها، والله أعلم.

(1/2636)

[باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك]

(1/2637)

[حديث: لما جاء قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحة .. ]

1305# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تقدَّم أنَّ (حَوشَبًا) بفتح الحاء المهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة، وهذا ظاهرٌ جدًّا معروف [1]، وقد انفرد البخاريُّ بمُحَمَّد هذا عن بقيَّة أصحاب الكتب، وقد شاركه في الأخذ عنه ابنُ وَارَةَ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وغير مرَّةٍ بلا ترجمة.

قوله: (عَنْ [2] يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، تقدَّم مُتَرْجَمًا ومرارًا بغير ترجمة.

[ج 1 ص 349]

قوله: (لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ): تقدَّم الكلام على هؤلاء الأمراءِ الثلاثةِ، وأنَّهم قُتِلوا بمؤتة، وفي أيِّ وقتٍ كان ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (الْحُزْنُ): تقدَّم أنَّه يقال: حُزْنٌ وحَزَنٌ؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.

قوله: (مِنْ شَقِّ الْبَابِ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.

قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ): تقدَّم قريبًا أنِّي لا أعرفه.

قوله: (فَاحْثُ): تقدَّم قريبًا أنَّه يقال: بضمِّ الثَّاء وكسرها؛ لأنَّه يقال في المستقبل [3]: حثى يحثي، وحثا يحثو؛ لغتان.

قوله: (أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ): تقدَّم؛ أي: أخزاك.

قوله: (مِنَ الْعَنَاءِ): تقدَّم أنَّه بالمدِّ، وأنَّه المشقَّة.

==========

[1] في (ج): (مصروف).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[3] (في المستقبل): سقط من (ج).

(1/2638)

[حديث: أخذ علينا النبي عند البيعة أن لا ننوح]

1306# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة كيسانَ السَّختيانيُّ، الإمام، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ مُحَمَّدٍ): تقدَّم أنَّه ابن سيرين، الإمام.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تقدَّمت مُترجَمةً، وأنَّ اسمها نُسَيبة؛ بضمِّ النُّون، وفتح السِّين على الصَّحيح رضي الله عنها.

قوله: (فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْر خَمْسِ نِسْوَةٍ): (غير): يجوز ضمُّها ونصبُها، وهذان ظاهران، ومرادها: من اللَّاتي بايعن معها، لا أنَّ النِّياحة لم تتركها مِن المسلمات إلَّا خمسُ نسوةٍ، والله اعلم.

قوله: (أُمّ سُلَيْمٍ): تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ أنَّها بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وهذه أمُّ أنس، تقدَّم الاختلاف قريبًا في اسمها، وهي بالرَّفع والجرِّ، وكذا مَن بعدَها بدلٌ من المضاف.

قوله: (وَأُمّ الْعَلاَءِ): هي الأنصاريَّة التي روى عنها خارجةُ بن زيد بن ثابت، تقدَّم بعض ترجمتها.

(1/2639)

قوله: (وَابْنَة أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَة مُعَاذٍ ... ) إلى أن قال: (أَو [1] ابْنَة أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَة مُعَاذٍ، وَامْرَأَة أَخُرَى): وكذا ذكره في (باب بيعة النِّساء)، وكذا في «مسلم»: (فما وفت منَّا إلَّا خمسٌ: أمُّ سُليم، وأمُّ العلاء، وابنةُ أبي سبرة امرأةُ معاذ، أو ابنةُ أبي سبرة، وامرأةُ معاذ) انتهى، وزوجة معاذ لم يسمِّها الذَّهبيُّ في «تجريده»، ولفظه: (زوجة معاذ، قالت أمُّ عطيَّة: أخذ علينا في البيعة ألَّا ننوح، فما وفت منَّا غيرُ خمس نسوة ... ؛ فسمَّت هذه)، وذكر في «التجريد» أيضًا في (البنات): (بنت أبي سبرة، ذُكِرت في ترجمة امرأة معاذ، ذكرها أبو نعيم)، وقال في امرأة معاذ: (امرأة معاذ مذكورة بوفاء بيعة النِّساء في حديثٍ لأمِّ عطيَّة) انتهى، والباقي لم أقف عليه، وقد تحصَّلنا على أربع نسوة، وهنَّ: أمُّ سُلَيم، وأمُّ العلاء الأنصاريَّة التي طار لها عثمان بن مظعون في السُّكنى، وابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وبقي الخامسة، والله أعلم، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (فعلى الرواية الأولى؛ تكون أمُّ سُليم، وأمُّ العلاء، وبنت أبي سبرة؛ ثلاثٌ معيَّناتٌ، والمرأتان مبهمتان، وعلى الثَّاني: تكون أمُّ سُلَيم، وأمُّ العلاء، وبنت أبي سبرة، وامرأةُ معاذ؛ أربعٌ مُعيَّناتٌ، وواحدة مبهمة، والخلاف بينهما في أنَّ امرأة معاذ وصفٌ لبنت أبي سبرة أو معطوفٌ عليها، وأمُّ سليم: هي أمُّ أنس، وأمُّ العلاء: هي التي طار لها عثمان بن مظعون)، قال: (ووقع في «أُسْد الغابة» في ترجمة أمِّ معاذ، روى أيُّوب السَّختيانيُّ عن حفصة، عن أمِّ عطيَّة، قال: بايعنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على ألَّا نشرك ... ) إلى أن قال: (فما وفت امرأةٌ [2] إلَّا أمّ سُلَيم، وأمّ العلاء بنت أبي سبرة، وأمّ معاذ، أو قال: ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ)، أخرجها أبو موسى، وقال: (بنت أبي سبرة تقدَّم ذكرها في ترجمة أمِّ معاذ)، وقال: (زوجة معاذ لها ذكر في حديث أمِّ عطيَّة ... )؛ فذكره: (غير خمس)؛ منهنَّ: امرأة معاذ، وفي رواية أبي عمر قال: (غير أمِّ سليم، وابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى)، وكانت لا تعدُّ نفسها؛ لأنَّها لمَّا كان يوم الحرَّة؛ لم تزل بها النِّساء حتَّى قامت، أخرجها أبو نعيم [3] وأبو موسى، وهذا اضطراب يحتاج إلى تحرير، انتهى مُلَخَّصًا، والله أعلم.

(1/2640)

ولبعض حُفَّاظ العصر ذكرُ الحديث الذي فيه أمُّ سُلَيم، وأمُّ العلاء، وابنة أبي سبرة، وامرأتان، أو امرأة معاذ، وامرأة أخرى، ثمَّ قال: وفي «الدَّلائل» لأبي موسى: (وأمُّ معاذ)، فقيل: هو تصحيف، وليس كذلك، بل ثبت في «الطَّبقات» لابن سعد: أمُّ معاذ، وامرأة معاذ معًا، وابنة أبي سبرة، لم تُسَمَّ، وكذا امرأة معاذ، وقيل: هي هي، انتهى.

==========

[1] في (ج): (و).

[2] (امرأة): سقط من (ج).

[3] زيد في (ج): (وأبو نعيم)، وهو تكرار.

[ج 1 ص 350]

(1/2641)

[باب القيام للجنازة]

قوله: (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ): قال الشَّافعيُّ وأصحابه: إذا مرَّت به جنازة ولم يردِ الذَّهابَ معها؛ لم يقم لها، بل نصَّ أكثر أصحاب الشَّافعيِّ على كراهة القيام، ونقل المحامليُّ إجماع الفقهاء عليه، وانفرد صاحب «التَّتمَّة»: باستحباب القيام، وقد اختاره النَّوويُّ في شرحَي «المُهذَّب»، و «مسلم»؛ للأحاديث الصَّحيحة فيه، وقال الجمهور: الأحاديث منسوخة، وفيه نظر] [1].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 350]

(1/2642)

[حديث: إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم]

1307# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): هذا هو سفيان بن عيينة [1]، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ): تقدَّم أعلاه [2] أنَّه ابن عيينة، والله أعلم.

قوله: (زَادَ الْحُمَيْدِيُّ): يعني: عن سفيانَ بالسَّند الذي ذكره، فزاد في الحديث: (أَو تُوضَعَ)، وفي بعض النُّسخ: (قال الحُميديُّ)، تقدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، وقد تقدَّم أنَّه إذا قال مثل ذلك عن شيخه؛ ما حكمه، وتقدَّم أنَّ (الحُميديَّ) بضمِّ الحاء، وتقدَّم في أوَّل هذا التعليق لماذا نُسِب، وهو أوَّل شيخ أجرى عنه البخاريُّ في هذا «الصحيح»، وما زاده الحُميديُّ ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

قوله: (أُمِرَ بِالْقِيَامِ): (أُمِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[1] زيد في (ج): (فيما ظهر لي)، وضرب عليها في (أ).

[2] زيد في (ج): (أن الظاهر)، وضرب عليها في (أ).

[ج 1 ص 350]

(1/2643)

[باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال]

(1/2644)

[حديث: إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع]

1310# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ [1]): هذا هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوائِيُّ، الحافظ، تقدَّم لماذا نُسِب، والكلام على (دستوا)، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ [2] يَحْيَى): تقدَّم أنَّه ابن أبي كَثِير، وأنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله _أو إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء، على قول الأكثر، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، جاء هذا الحديث (1310) مُقدَّمًا مع ترجمته على حديث أحمد بن يونس (1309)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» بتأخيره، وكُتِب في هامش (ق) عند حديث ابن يونس: (وهذا الحديث في الأصل من تمام الباب الذي قبله).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[ج 1 ص 350]

(1/2645)

[باب متى يقعد إذا قام للجنازة؟]

(1/2646)

[حديث: كنا في جنازة فأخذ أبو هريرة بيد مروان]

1309# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُوسُفَ [1]: أَخْبَرَنَا [2] ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): كذا في أصلنا، وهذا خطأ، وصوابه: أحمد ابن يونس، وهو أحمد بن عبد الله بن يونس، يُنسَب إلى جدِّه كثيرًا، كوفيٌّ، حافظ، أخرج له الجماعة، ثقة مُتقِنٌ، شيخ الإسلام كما قاله أحمد ابن حنبل، تُوُفِّيَ بالكوفة في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين ومئتين، وقيل: عاش أربعًا وتسعين سنة، ترجمته معروفة مشهورة.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، العالم الصالح المشهور.

قوله: (فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ [3] بِيَدِ مَرْوَانَ): هذا هو مروان بن الحكم الخليفة، تقدَّم الكلام [عليه]، وأنَّه ليس بصحابيٍّ.

==========

[1] في هامش (ق): (صوابه: يونس، وهو أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميميُّ، أبو عبد الله اليربوعيُّ الكوفيُّ الحافظ، ويُنسَب إلى جدِّه كثيرًا، فيقال: أحمد ابن يونس، عنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وأخرج له الجماعة، وهو ثقة متقن، تُوُفِّيَ سنة سبع وعشرين ومئتين في ربيع الآخر).

[2] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).

[3] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

[ج 1 ص 350]

(1/2647)

[باب من قام لجنازة يهودي]

(1/2648)

[حديث: إذا رأيتم الجنازة فقوموا]

1311# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ (فَضالة) بفتح الفاء، وهذا ظاهرٌ لا خفاء به إلَّا على الأغبياء.

[ج 1 ص 350]

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عبد [1] الدَّسْتَوائِيُّ، تقدَّم قريبًا.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، تقدَّم قريبًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثَّاء، وتقدَّم بعيدًا مُتَرْجَمًا.

(1/2649)

[حديث: إن النبي مرت به جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي]

1312# 1313# قوله: (كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ): هو بضمِّ الحاء المهملة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ فاء، الأوسيُّ، بدريٌّ جليلٌ، عنه: عبد الرَّحمن بن أبي ليلى وأبو وائل، كبَّر عليه عليٌّ رضي الله عنه ستًّا، وسيأتي الكلام عليه في (غزوة بدر)، تُوُفِّيَ سنة (38 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ): هو قيس بن سعد بن عُبادة بن دُلَيم، أبو عبد الرَّحمن، الخزرجيُّ، صاحب شرطة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، عنه: الشَّعبيُّ، وابن أبي ليلى، وطائفة، وكان ضخمًا مفرط الطُّول، نبيلًا، جميلًا، جوادًا، سيِّدًا، من ذوي الرَّأي والدَّهاء والتَّقدُّم، مات بالمدينة في آخر خلافة معاويةَ، أخرج له الجماعة، ولم [1] يكن له لحيةٌ، ولا في وجهه شعرةٌ، وكانت الأنصار تقول: وددنا أن نشتري لقيسٍ لحيةً بأموالنا، وقال ابن عبد البرِّ: (وخبره في السَّراويلِ عند معاويةَ باطلٌ لا أصل له، وكان مع عليٍّ رضي الله عنه في حروبه).

قوله: (بِالْقَادِسِيَّةِ): هي بالقاف، وبعد الألف دالٌ ثمَّ سينٌ، مهملتَين مكسورتَين، ثمَّ ياء مُشدَّدة، ثمَّ تاء التأنيث، بينها [2] وبين الكوفة نحوُ مرحلتين، وبينها وبين بغداد خمسُ مراحلَ، وهي مذكورة في حدِّ السَّواد.

قوله: (مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ): أي: من أهل الذِّمَّة [3]، قال شيخنا: (أبدل هذا الدَّاوديُّ بقوله: «من أهل الذِّمَّة»، ثمَّ قال: «إنَّما شكَّ؛ أيَّ الكلمتين قال؟»، ثمَّ قال: والذي في الرِّوايات _أي: من أهل الذِّمَّة_ على طريق البيان والتَّفسير؛ لأنَّ أهل تلك الأرض كانوا أهل ذمَّة، فنسبها إليهم).

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ): (أبو حمزة): هذا بالحاء والزَّاي، وهو مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة لفظه، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مهران القارئ، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

(1/2650)

قوله: (وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ): هو ابن أبي زائدة الهمْدانيُّ الوادعيُّ، الحافظ، عن الشَّعبيِّ وسِمَاك، وعنه: القطَّان يحيى بن سعيد وأبو نُعيم، ثقة [4] يدلِّس عن الشَّعبيِّ، قاله أبو داود، وقال أبو زُرْعة: (صويلح، يدلس عن الشَّعبيِّ كثيرًا)، وليَّنه أبو حاتم، تُوُفِّيَ سنة (149 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): هو عامر بن شَراحيل الشَّعبيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ [وَقَيْسٌ] يَقُومَانِ لِلْجِنَازَةِ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وفي أصلنا الأوَّل القاهريِّ: (صح) على أبو مسعود؛ فاعلمه، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» لمَّا ساق تعليق زكريَّاء [5]_هو ابن أبي زائدة_ عن الشَّعبيِّ، عن ابن أبي ليلى: «كان ابن مسعود وقيس يقومان للجنازة»: (كان في «كتاب البخاريِّ»: «أبو مسعود»، ثمَّ جُعِل: «ابن»، قاله خلفٌ وغيره) انتهى، وذكره في ترجمة ابن أبي ليلى في «مسند ابن مسعود»، فقال: (حديث «خت»: «كان ابن مسعود وقيس يقومان للجنازة»، في ترجمة سهل بن حُنَيف) انتهى، وعلَّم عليه علامةَ تعليق.

(1/2651)

[باب حمل الرجال الجنازة دون النساء]

(1/2652)

[حديث: إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم]

1314# قوله: (وَلَوْ سَمِعَهُ؛ لَصَعِقَ [1]): أي: لمات.

(1/2653)

[باب السرعة بالجنازة]

[قول أنس: (امْشِ [1] بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا): المخاطب بذلك العيزارُ، رواه عبد الرَّزَّاق من طريق حُمَيد، قال: (سمعت العيزارَ يسأل أنس بن مالك، فقال له: أنت مُشيِّعٌ ... )؛ فذكره.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: قَرِيبًا مِنْهَا): هو قول عبد الرَّحمن بن قرط الصَّحابيُّ، روى سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير نحوه، وعن عبد الرَّحمن بن قرط مثل ذلك، انتهى، قاله بعض الحُفَّاظ المصريِّين] [2].

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وامشِ).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 351]

(1/2654)

[حديث: أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحةً فخير تقدمونها]

1315# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، إمام أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وغير مُترجَم مرارًا.

قوله: (مِنَ [1] الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ): تقدَّم [2] أنَّ ياء (المسيّب) هذا بالفتح والكسر، وأنَّ ياء غيره لا يجوز فيها إلَّا الفتح.

قوله: (أَسْرِعُوا): هو بهمزة قطع _لأنَّه رُباعيٌّ_ وكسر الرَّاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (تُقَدِّمُونَهَا): هو بكسر الدَّال المُشدَّدة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[1] في (ج): (عن)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي.

[2] (تقدَّم): مثبت من (ج).

[ج 1 ص 351]

(1/2655)

[باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام]

(1/2656)

[حديث: أن رسول الله صلى على النجاشي فكنت]

1317# قوله: (عَنْ أَبِي عَوَانَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، الحافظ اليشكريُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وبغير ترجمة مرارًا.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ): هو عطاء بن أبي رَباح، العالم المشهور، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرْجَمًا، ومرارًا بغير ترجمة.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ كلَّ حديث في الكتب السِّتَّة أو بعضها فيه عطاء عن جابر؛ فهو ابن أبي رَباح هذا، إلَّا حديثًا واحدًا في «سنن أبي داود»: «إذا سمعتم نباح الكلاب، ونهيق [1] الحمير باللَّيل ... »؛ الحديث؛ فإنَّ راويه عطاءُ بن يسار مولى ميمونةَ فقط، والله أعلم.

قوله: (صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ): تقدَّم الكلام على (النَّجاشيِّ) قريبًا وبعيدًا، ومتى تُوُفِّيَ رحمة الله عليه؛ فانظره.

==========

[1] في (ج): (شهيق)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 351]

(1/2657)

[باب الصفوف على الجنازة]

(1/2658)

[حديث: نعى النبي إلى أصحابه النجاشي ثم تقدم]

1318# قوله: (مَعْمَرٌ): هو بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وهذا ظاهرٌ، وهو ابن راشد، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أعلاه أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيْد): هو ابن المسيّب.

تنبيهٌ: جماعة يروون عن أبي هريرة كلٌّ منهم اسمه سعيدٌ في الكتب السِّتَّة أو بعضها، وهم: سعيد مولى خليفة، والمُقدَّم سعْد بغير ياء، وهو الذي قدَّمه المِزِّيُّ في «أطرافه»، والثاني: سعيد بن الحارث، والثالث: سعيد بن أبي الحسن البصريُّ، والرابع: سعيد بن حيَّان والد أبي حيَّان التيميُّ، والخامس: سعيد بن أبي سعيد المقبريُّ، والسادس: سعيد بن سمعان المدنيُّ مولى الزُّرقيِّين [1]، والسابع: سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي القرشيُّ، والثامن: سعيد بن مرجانة، والتاسع: سعيد بن المسيّب صاحب الحديث الذي نحن فيه، والعاشر [2]: سعيد بن ميناء [3] أبو الوليد المكِّيُّ، والحادي عشر: سعيد بن أبي هند، والثاني عشر: سعيد بن يسار أبو الحُباب، والثالث عشر: سعيد أبو عثمان التَّبَّان مولى المغيرة بن شعبة.

قوله: (نَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ): أي: أعلمهم بموته، وقد تقدَّم [الكلام] على (النَّعي) قبل هذا، وعلى (النَّجاشيِّ)، ومتى تُوُفِّيَ.

==========

[1] في (ج): (الزرقتين)، وهو تصحيف.

[2] في (ج): (العاشر).

[3] في (ج): (مينا)، وكلاهما صحيح.

[ج 1 ص 351]

(1/2659)

[حديث: أتى على قبر منبوذ، فصفهم وكبر أربعًا]

1319# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هذا هو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وأنَّه نُسِب إلى جدِّه فُرهود، وأنَّه يقال في نسبه: الفُرهوديُّ والفراهيديُّ، الحافظ أبو عمرو، والله أعلم [1].

[ج 1 ص 351]

قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المعجمة، وهو أبو إسحاق سليمان بن فيروز [2]، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وتقدَّم غيرَ مَرَّةٍ بلا ترجمة، حافظٌ مشهورٌ.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (قَبْرٍ مَنْبُوذٍ): على النعت؛ أي: مُنتبَذ عن القبور؛ أي: ناحية، ومن أضافه؛ أراد: بقبرِ لَقيطٍ؛ وهو المطروح، والرِّواية الأولى أصحُّ؛ لأنَّه جاء في رواية البخاريِّ عن ابن حُرَيث في حديث ابن عبَّاس: (التي كانت تقمُّ المسجد)، وقد قدَّمتُ الكلام على اسمها والاختلاف فيه، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ بعد أن ذكر أنَّ الظاهر ما ذكرته، قال: (ويجوز أن يُفسَّر بحبيب بن حُباشة [3]، وقد ذكره في «أُسْد الغابة» في (الحاء المهملة)، وذكر قصَّته ونسبه، ثمَّ قال: وقد وقع ذلك أيضًا لطلحة بن البراء، فإنَّه دُفِن ليلًا، فذكره من «أُسْد الغابة»، ثمَّ قال [4]: ورأيت بِخَطِّ مغلطاي في باب (الخاء المعجمة) ما نصُّه: (في «شرح التصحيف» للعسكريِّ: خُبيب بن حباشة صلَّى عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعدما دُفِنَ، وفي «الإكمال»: أنَّه حبيب بن خُماشة؛ بضمِّ الخاء المعجمة، وبالميم، ثمَّ قال: وأمَّا خباشة _بباء معجمة بواحدة عوض الميم_ فهو شريك بن خُباشة)، انتهى، وقد راجعت «مختصر الأُسْد» للذَّهبيّ؛ فرأيته ذكره في (الحاء المهملة) تبعًا لأصله، وراجعت «الإكمال»؛ فوجدته ذكر حبيب بن خُماشة، وقال: (مُختلَفٌ في صحبته ... ) إلى أن قال: (ومن قال فيه: حُماشة _بحاء مهملة_؛ فقد غلط) انتهى، (ولبعض حُفَّاظ العصر: أنَّه طلحة بن البراء، وقيل: حبيب بن حباشة، وقد تقدَّم الكلام في الذين صلَّى على قبورهم عليه السَّلام بعد الدَّفن) [5].

(1/2660)

[حديث: قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه]

1320# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، تقدَّم مُتَرْجَمًا مع نكاحه بالمتعة رحمه الله.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم ببعض الترجمة.

قوله: (رَجُلٌ صَالِحٌ): تقدَّم أنَّه النَّجاشيُّ أصحمةُ.

قوله: (مِنَ الْحَبَشِ): هو بفتح الحاء المهملة، وفي رواية: (من الحُبْش): بضمِّ الحاء، وإسكان المُوَحَّدة، يقال: حَبَشٌ وحُبْشٌ؛ كعَرَبٍ وعُرْبٍ، وعَجَمٍ وعُجْمٍ.

قوله: (فَهَلُمَّ): تقدَّم أنَّ هذه لغة القرآن، تقال للواحد والاثنين والجماعة، ذكورًا أو إناثًا، واللُّغة الأخرى: هَلُمَّ: للواحد، وللاثنين [1]: هَلُمَّا، وللجماعة: هلُمُّوا، وللمرأة: هَلُمِّي، والباقي معروف.

قوله: (قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ): هذا هو مُحَمَّد بن مسلم بن تَدْرُس، مولى حكيم بن حزام المكِّيُّ، عن عائشة، وابن عبَّاس، وابن عمر حديثه عنهم في «مسلم»، وعنه: مالك، والسُّفيانان، حافظ ثقة، وقال أبو حاتم: (لا يُحتجُّ [به])، تُوُفِّيَ سنة (128 هـ)، وكان مُدلِّسًا واسع العلم، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، لكن البخاريُّ مقرونًا، والله أعلم، وهنا علَّق له، تعليقه هذا أخرجه مسلم في (الجنائز) عن مُحَمَّد بن عبيد بن حساب، عن حمَّاد بن زيد، وعن يحيى بن أيُّوب المقابريِّ، عن إسماعيل ابن عُليَّة؛ كلاهما عن أيُّوب بن أبي تميمة السَّختيانيِّ، عن أبي الزُّبير، عن جابر، وأخرجه النَّسائيُّ فيه عن عليِّ بن حُجْر، عن إسماعيل به، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (والاثنين).

[ج 1 ص 352]

(1/2661)

[باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز]

(1/2662)

[حديث: متى دفن هذا؟]

1321# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أعلاه أنَّه بالشين المعجمة، وأنَّه سليمان بن فيروز.

قوله: (عَنْ عَامِرٍ): تقدَّم أنَّه الشَّعبيُّ عامر بن شَراحيل.

قوله: (مَرَّ بِقَبْرٍ دُفِنَ لَيْلًا): تقدَّم الكلام على صاحب هذا القبر أعلاه؛ فانظره.

قوله: (أَلَا [1] آذَنْتُمُونِي): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلمتموني.

(1/2663)

[باب سنة الصلاة على الجنائز]

قوله: (بَابُ سُنَّةِ الصَّلاة عَلَى الْجَنَائِزِ): مقصود البخاريِّ رحمه الله بهذا الباب وذكر الآثار فيه والأحاديث: الرَّدُّ على الشَّعبيِّ عامر بن شَراحيل، فإنَّه أجاز الصَّلاة على الجنازة بغير طهارة، وقال: لأنَّها دعاء ليس فيها ركوع ولا سجود، وهذا أيضًا [1] قولُ مُحَمَّد بن جرير الطبريِّ، والشيعة، وابن عُليَّة، وغالب ظنِّي أنِّي رأيته في «المُحلَّى» لابن حزم، وأنَّه قائلٌ به.

[تنبيهٌ: قال القاضي أبو بكر ابن العربيِّ المالكيُّ في «الأَحْوَذيِّ شرح التِّرمذيِّ»: (يشبه تجويز صلاة الجنازة بلا طهارة عن الشَّافعيِّ، قال بعض مشايخنا: وهو تحريف من ناقل أو غيره، وإنَّما حُكِي عن الشَّعبيِّ والطَّبريِّ مُحَمَّد بن جرير) انتهى، وقد قدَّمتُ نسبةَ ذلك إلى الشَّعبيِّ والطَّبريِّ أعلاه] [2].

تنبيهٌ ثانٍ [3]: لا ينبغي أن يُثبَت هذا وجهًا في مذهب الشَّافعيِّ من جهة كونه قال به ابن جرير، فإنَّه وإن كان من أصحاب الشَّافعيِّ؛ فإنَّ له مذهبًا ينفرد به معروفًا، وقد أثبته وجهًا أبو منصور البغداديُّ في كتابه [4] «شرح المفتاح» على ما حكاه ابن الصَّلاح عنه، فقال: (ومِن أصحابنا مَن قال: إنَّ الطهارة والوضوء لايُشترطَان في الصَّلاة على الجنازة).

قوله: (صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ): هذا هو الذي عليه الدَّين ثلاثة دنانير، ولم يكن ترك وفاءً، ولا أعرف اسمه.

قوله: (عَلَى النَّجَاشِيِّ): تقدَّم ضبطه، وتقدَّم [5] الاختلاف في اسمه، وأنَّه لقب لملك [6] الحبشة.

قوله: (وَلاَ يُتَكَلَّمُ فِيهَا): هو بضمِّ أوَّله، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، تقدَّم مرارًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ المُسَيَّبِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن المسيّب، وأنَّ ياء أبيه؛ بالكسر والفتح، وأنَّ ياء غير أبيه لايجوز فيها إلَّا الفتح.

==========

[1] زيد في (ج): (هو).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] (ثانٍ): سقط من (ج).

[4] في (ج): (كتاب).

[5] (تقدَّم): سقط من (ج).

[6] في (ج): (ملك).

[ج 1 ص 352]

(1/2664)

[حديث: أخبرني من مر مع نبيكم على قبر منبوذ فأمنا فصففنا خلفه]

1322# قوله: (عَنِ الشَّيْبَانِيِّ): تقدَّم أنَّه بالشين المعجمة، وأنَّه أبو إسحاق، واسمه سليمان بن فيروز، وقد تقدَّم أعلاه، وتقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم أنَّه عامر بن شَراحيل الإمام، مشهور الترجمة، وقد تقدَّم.

قوله: (عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ): تقدَّم الكلام على أنَّه مضافٌ وصفةٌ، وتقدَّم اسم صاحبه أعلاه وقبله أيضًا [1].

قوله: (قُلْنَا [2]: يَا أَبَا عَمْرٍو): هي كنية الشَّعبيِّ المذكورِ أعلاه.

==========

[1] (وقبله أيضًا): سقط من (ج).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقُلْنَا).

[ج 1 ص 352]

(1/2665)

[باب فضل اتباع الجنائز]

قوله: (وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ): هو _بضمِّ الحاء، وفتح الميم_ عدويٌّ بصريٌّ، من التَّابعين، يروي عن عبد الله بن مُغفَّل، ومُطرِّف بن الشِّخِّير، وعنه: شعبة وجرير بن حازم، قال قتادة: (ما كانوا يُفضِّلون عليه أحدًا في العلم)، مات في ولاية خالد بن عبد الله على العراق، وولايته من سنة ستٍّ إلى ستٍّ وعشرين ومئةٍ، وحُمَيد ثقةٌ،

[ج 1 ص 352]

له ترجمة في «الميزان»، تبع فيه ابن عديٍّ رحمه الله.

(1/2666)

[حديث: من تبع جنازةً فله قيراط]

1323# 1324# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وهو بعيدٌ من العرامة.

قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حُدِّثَ ابْنُ عُمَرَ): (حُدِّث): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، [و (ابنُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ] [1].

قوله: (أَكْثَرَ عَلَينَا أَبُو هُرَيرَةَ [2]): معنى هذا: أنَّه خاف لكثرة رواياته أنَّه اشتبه [3] عليه الأمرُ في ذلك، واختلط عليه حديثٌ بحديثٍ، لا أنَّه نسبه إلى رواية ما لم يَسمَع؛ لأنَّ مرتبتَهما أجلُّ من ذلك، والله أعلم.

(1/2667)

[باب من انتظر حتى تدفن]

(1/2668)

[حديث: من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط ومن شهد .. ]

1325# قوله: (قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، العالم الزَّاهد المشهور.

قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): تقدَّم مرارًا أنَّه [ابن] يزيد الأيليُّ، وتقدَّم مُتَرْجَمًا، وكذا (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّم مرارًا كثيرةً.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ): هذه (الواو) سببُها أنَّ هذا الحديث هو من جملة أحاديثَ يرويها ابنُ شهاب الزُّهريُّ عن الأعرج، عن أبي هريرة، معطوفٌ بعضُها على بعضٍ بالواو حدَّث بها، فلمَّا أُفرِد هذا الحديثُ؛ جيء به [1] بالواو، وكما هو في الأصل معطوفًا، والله أعلم.

[قوله: (قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟): السَّائل عن ذلك أبو هريرة، بيَّنه أبو عوانة في «صحيحه» من طريق أبي مزاحم عنه، قاله بعض حُفَّاظ المصريِّين] [2].

==========

[1] (به): سقط من (ج).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 353]

(1/2669)

[باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز]

(1/2670)

[حديث: أتى رسول الله قبرًا فقالوا: هذا دفن البارحة]

1326# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدَّورقيُّ، الحافظ، عنه: الجماعة والمحامليُّ، وله مسندٌ [1]، تُوُفِّيَ سنة (252 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أبو حاتم: (صدوق)، وقال النَّسائيُّ: (ثقة)، وقال الخطيب: (كان ثقةً حافظًا مُتقِنًا [2] صنَّف «المسند»).

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ): كذا في أصلنا، وهو الصَّواب، وبخطِّ بعض الفضلاء من الحَنفِيَّة على حاشية أصلنا: صوابه: يحيى بن بكير، وهذا خطأٌ محضٌ، والصَّواب ما في الأصل، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هو زائدة بن قدامة، أبو الصَّلت، الثَّقفيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أنَّه بالشين المعجمة قريبًا، وتقدَّم أنَّه سليمان بن فيروز، وكذا (عَامِر): تقدَّم أنَّه ابن شَراحيل الشَّعبيُّ، المشهور.

قوله: (أَتَى النَّبِيُّ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَبْرًا): تقدَّم الكلام على اسم صاحب القبر قريبًا؛ فانظره وبعيدًا أيضًا.

==========

[1] في (ج): (سند).

[2] في (ج): (مثبتًا)، ولعلَّه تحريف.

[3] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

[ج 1 ص 353]

(1/2671)

[باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد]

(1/2672)

قوله: (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمُصَلَّى وَالْمَسْجِدِ): اعلم أنَّه عليه السَّلام لم يكن من هديه الرَّاتب الصَّلاةُ على الميِّت بالمسجد، وإنَّما كان [1] مُصلَّى الجنائز، ولهذا قدَّمه الإمام البخاريُّ، وربَّما كان يصلِّي أحيانًا على الميِّت في المسجد كما صلَّى على سهيل بن بيضاءَ وأخيه في المسجد، كما رواه مسلم وأبو داود، وسأذكر الكلام على أخيه هنا، وقد صلَّى عليه السَّلام في مسجد بني معاوية على أبي الربيع عبدِ الله بن عبد الله بن ثابت بن قيس بن هَيْشة بن الحارث بن أميَّة بن معاوية، وقد كان شهد أُحُدًا، وكان في أهل هَيْشة صلاحٌ ودينٌ، وعنه عليه السَّلام: «نِعْمَ أهلُ البيت آلُ هَيْشة»، ولكن لم تكن سنَّته وعادته الصَّلاة على الميِّت في المسجد، وقد روى أبو داود في «سننه»، وكذا ابن ماجه من حديث صالح _مولى التَّوءمة_ عن أبي هريرة: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من صلَّى على جنازة في المسجد؛ فلا شيءَ له»، وقد اختُلِف في لفظ الحديث؛ فقال الخطيب في روايته [2] لأبي داود في الأصل: (فلا شيء عليه)، وغيره يرويه: (فلا شيء له)، ولفظ ابن ماجه: (فليس له شيء)، ولكن قد ضعَّف أحمد وغيره هذا الحديث، قال أحمد: (هو ممَّا انفرد به صالحٌ مولى التَّوءمة)، وقال [3] البيهقيُّ: (هذا حديث [4] يُعدُّ في أفراد صالح، وحديث عائشة أصحُّ منه، وصالح مُختَلَف في عدالته، كان مالك يَجرحُه [5]، ثمَّ ذُكَر عن أبي بكر وعُمر: أنَّه صُلِّي عليهما في المسجد) انتهى، وصالح ثقة في نفسه، كما قال عبَّاس عن ابن معين: (هو ثقة)، وقال ابن أبي مريم ويحيى: (ثقة حجَّة [6]، فقلت له: إنَّ مالكًا تركه، قال: إنَّ مالكًا أدركه بعد ما خرف، والثَّوريُّ إنَّما أدركه بعد أن خرف، فسمع منه، لكنِ ابنُ أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف)، وقال ابن المدينيِّ: (ثقة إلَّا أنَّه خرف وكبر، فسمع منه الثَّوريُّ بعد الخرف، وسماع ابن أبي ذئب منه قبل ذلك)، وقال ابن حِبَّان: (تغيَّر في سنة خمس وعشرين ومئةٍ، وجعل يأتي بما يشبه الموضوعات عن الثِّقات، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم، ولم يتميَّز، فاستحقَّ التَّرك)، انتهى كلامه، ونقل في «الميزان» عنه: أنَّه باطل [7]، وهذا الحديث الذي يظهر أنَّه حسن فإنَّه من رواية ابن أبي ذئب، وقد روى عنه قبل الاختلاط، وقد سلك الطَّحَّاويُّ في حديث أبي هريرة هذا وحديث عائشة مسلكًا آخرَ، فقال: صلاته

(1/2673)

عليه السَّلام على سهيل في المسجد منسوخةٌ، وتَرْكُ ذلك آخر الفعلين منه عليه السَّلام؛ بدليل إنكار عامَّة الصَّحابة على عائشة، وما كانوا ليفعلوه إلَّا لمَّا علموا خلاف [8] ما فعلتْ، وردَّ ذلك على الطَّحَّاويِّ جماعةٌ؛ منهم: البيهقيُّ وغيره، قال البيهقيُّ: (ولو [9] كان عند أبي هريرة نسخُ ما روته عائشةُ؛ لذَكَرَهُ يوم صُلِّي على أبي بكر في المسجد، ويوم صُلِّي على عمر بن الخطَّاب فيه، ولذكره مَن أنكره على عائشة؛ أمْرَها بإدخاله المسجدَ، وذكره أبو هريرة حين روتِ الخبرَ، وإنَّما أنكره مَن لم يكن له معرفةٌ بالجواز، فلمَّا روتِ الخبرَ؛ سكتوا ولم يُنكِروه، ولا عارضوه بغيره)، قال الخطَّابيُّ: (وقد ثبت أنَّ أبا بكر وعمر صُلِّيَ عليهما في المسجد، ومعلوم أنَّ عائشة والمهاجرين والأنصارَ شهدوا الصَّلاة عليهما، وفي تركهم إنكارَه الدَّليلُ على جوازه)، قال: (وقد [10] يحتمل معنى حديث أبي هريرة إن ثبت مُتأوَّلًا على نقصان الأجر، وذلك أنَّ مَن صلَّى عليها في المسجد؛ فالغالب أن ينصرف إلى أهله، ولا يشهد دفنه، وأنَّ مَن سعى إلى الجنازة فصلَّى عليها بحضرة [11] المقابر؛ يشهد الدَّفن، ويحرز القيراطين، وقد يُؤجَر على كثرة خطاه، فصار الذي يُصلِّي عليه في المسجد منقوصَ الأجر بالإضافة إلى مَن يصلِّي عليها خارج المسجد)، وقالت طائفةٌ: (معنى «لا شيءَ له»: لا شيء عليه؛ ليتَّحد معنى اللَّفظين ولا يتناقضان)، فهذه طرق النَّاس في هذين الحديثين، والصَّواب: ما قدَّمْته أنَّ السُّنَّةَ الصَّلاةُ عليه خارج المسجد، إلَّا لعذر، وكلا الأمرين جائز، والأفضل: الصَّلاة عليها خارجًا، وقد قال بعض الشافعيَّة: السُّنَّةُ المسجدُ.

(1/2674)

تنبيهٌ: قوله: في «مسلم»: (على سُهَيل وأخيه)، فسَّروا أخاه: بـ (سهل)؛ مُكبَّرًا، وإنَّما تُوُفِّيَ المُكبَّر بعد وفاته عليه السَّلام، كما [12] ذكره الواقديُّ، وقد رأيت بِخَطِّ الحافظ الدِّمياطيِّ في حاشية نسخة «مسلم [13]»: أنَّ سهلًا تُوُفِّيَ بعده عليه السَّلام، والذي مات في أيَّامه سُهَيلٌ؛ يعني: المُصغَّر سنة (9 هـ)، ولابن الجوزيِّ: (سهيل وصفوان)، [وهذا غلط؛ لأنَّ صفوان مات قَتْلًا ببدر، ولم يمت بالمدينة، والذي يظهر أنَّ الصَّواب: حديثُ عبَّاد المتقدَّم في «مسلم» المحذوف منه الأخُ، ويحتمل أن يكون أخاه من الرَّضاعة أو غير ذلك، وبنو بيضاءَ ثلاثةٌ: سهلٌ، وسُهَيلٌ، وصفوانُ] [14]، والبيضاء: لقب (أمِّهم، واسمها دعد، وأبوهم) [15]: وهبُ بن ربيعة، وقد أطلنا في المسألة؛ لترك بعض الناس الصَّلاةَ على الميِّت في المسجد، والله أعلم.

==========

[1] (كان): سقط من (ج).

[2] (في روايته): سقط من (ج).

[3] في (ج): (قال).

[4] في (ج): (الحديث).

[5] في (ج): (يخرجه).

[6] (حجَّة): سقط من (ج).

[7] «ميزان الاعتدال» (2/ 304).

[8] في (ج): (حذف).

[9] في (ج): (لو).

[10] (قد): سقط من (ج).

[11] في (ج): (عدة)، وليس بصحيح.

[12] في (ج): (لما).

[13] في (ج): (لمسلم).

[14] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[15] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 353]

(1/2675)

[حديث: استغفروا لأخيكم]

1327# 1328# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، وكذا تقدَّم (عُقَيْل): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ، وكذا (سَعِيْد بْن المُسَيَّبِ): وأنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره؛ فإنَّه بالفتح ليس غير، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، واسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (نَعَى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): أي: أعلمنا بموته، وقد تقدَّم، وتقدَّم الكلام على (النَّجاشي)، ومتى تُوُفِّيَ، وما يتعلَّق به، وأنَّه لقبٌ لكلِّ مَن ملك الحبشة.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على الحديث قبله، رواه البخاريُّ عن يحيى بن بكير، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب قال: حدَّثني سعيد بن المسيّب ... ؛ فذكره، فهذا رواه الزُّهريُّ عن سعيد فقط، عن أبي هريرة، والذي قبله رواه عن سعيد وأبي سلمة؛ كلاهما عن أبي هريرة؛ فإيَّاك أن تجعله تعليقًا.

==========

[ج 1 ص 353]

(1/2676)

[حديث: أن اليهود جاؤوا إلى النبي برجل منهم وامرأة زنيا]

1329# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): هو أنس بن عياض، عن سهيل بن أبي صالح، وربيعةَ، وعدَّةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وأحمد بن صالح، وأممٌ، ثقة، سَمْحٌ بعلمه جدًّا، عاش ستًّا وتسعين سنة، ومات سنة (200 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا): أمَّا (الرَّجل)؛ فلا أعرف أحدًا سمَّاه، وأمَّا (المرأة)؛ فسمَّاها السُّهيليُّ في «روضه»: (بُسْرةَ).

فائدةٌ: رَجْمُ اليهوديَّين [1] كان في السَّنة الرابعة من الهجرة، قاله ابن سيِّد النَّاس في (الحوادث) من «سيرته»، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (اليهودي)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 353]

(1/2677)

[باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور]

قوله: (وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ؛ ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ [1] عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً): أمَّا الحسن بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب؛ فروى عن أبيه، وابن عمِّه عبد الله بن جعفر، وعنه: أبناؤه الثَّلاثة وجماعةٌ، وكان وصيَّ أبيه، ووُلِيَّ صدقة عليٍّ، وفد على عبد الملك بن مروان، فأكرمه وأجلَّه، قال عبد الملك بن عمير: كتب عبد الملك إلى عامله بالمدينة هشامِ بنِ إسماعيلَ: بلغني أنَّ حسنًا يكاتب أهل العراق، فابعث إليه ... ؛ وذكر قصَّةً، تُوُفِّيَ سنة سبع وتسعين، له حديث واحد في كلمات الفرج، أخرج له النَّسائيُّ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات».

وأمَّا ولد هذا؛ فالحسن بن الحسن [2] بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب، روى عن أبويه، وهما: [الحسنُ بن] الحسن بن عليٍّ، وأمُّه فاطمة بنت الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، وعنه: فُضَيل بن مرزوق، وعُبَيد بن وسيم الجمَّال، وعُمر بن شبيب المُسْلِيُّ، ووفد على السَّفَّاح، فأكرمه، مات في حبس المنصور مع أخيه عبد الله في ذي القِعدة سنة (145 هـ)، وله ثمانٍ وستُّون سنة، سمعه الفضيل بن مرزوق يقول لرجل يغلو فيهم: ويحكم! أحبُّونا لله، فإن أطعنا الله؛ فأحبُّونا، وإن عصينا؛ فأبغضونا، فلو كان الله نافعًا أحدًا بقرابته من نبيِّه [3] بلا طاعة؛ لنفع بذلك أباه وأمَّه، روى له ابنُ ماجه رحمه الله تعالى.

وأمَّا امرأة الحسن والدِ هذا ووالدةُ هذا؛ فتقدَّم أعلاه أنَّها فاطمة بنت الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، وهي التي حلفت له بجميع ما تملكه أَنْ لا تتزوَّج عبد الله بن عَمرو بن عثمان بن عفَّان، ثمَّ تزوَّجته، فأولدها مُحمَّدًا الدِّيباجَ.

قوله: (فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ ... )؛ الكلام إلى آخره: قال شيخنا الشَّارح: هذا المتكلِّم يجوز أن يكون من مُؤمِني الجنِّ، أو من الملائكة؛ قالا موعظةً، قاله ابن التِّين.

فائدةٌ: إن قلت: ما وجه دخول هذا الأثر؛ أعني: الذي فيه ضرب [4] القبَّة على قبر الحسن؟ فالجواب: ما قاله شيخنا الشَّارح: أنَّ القبَّة لمَّا ضُرِبت؛ سُكِنت، وصُلِّي فيها، فصارت مسجدًا على القبر، وأورده دليلًا لقول الصائح إن كان جنيًّا أو مَلَكًا: (أَلَا هَلْ وجدوا ما فقدوا ... )؛ القصَّة، والله أعلم.

(1/2678)

[حديث: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا]

1330# قوله: (وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ [1]): (أُبرِز): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (قبرُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل؛ ومعنى هذا الكلام: لم يُجعَل عليه حائطٌ.

قوله: (عَنْ شَيْبَانَ): هذا هو [2] شيبان بن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، منسوب إلى القبيلة، لا إلى الصِّناعة، قاله ابن الأثير في «لبابه»، انتهى، وتقدَّم غيرَ مَرَّةٍ ما قاله ابن أبي داود وغيره: أنَّه إنَّما نسب إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحويُّ، لا شيبانُ النَّحويُّ هذا، انتهى، وكنية شيبان [3] أبو معاوية، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وبعدها مرارًا.

قوله: (عَنْ هِلاَلٍ هُوَ الْوَزَّانُ): هو هلال بن أبي حُمَيد، ويقال: ابن حُمَيد، ويقال: ابن عبد الله، ويقال: ابن مقلاص الجهنيُّ مولاهم، الكوفيُّ، أبو عَمرو، ويقال: أبو أميَّة، ويقال: أبو الجهْم، الصَّيرفيُّ الجِهبذ الوزَّان، عن عبد الله بن عكيم، وعبد الرَّحمن بن أبي ليلى، وعروة بن الزُّبير، وعنه: مِسعَرٌ، وشعبة، وشيبانُ أبو معاوية، وغيرُهم، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، قال ابن عيينة: (كان هلالٌ الوزَّان قد كبُر، وكان يكتب على البيدر في الشهر بعشرة دراهمَ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (لأُبْرِزَ قَبْرُهُ): تقدَّم معناه أعلاه، وأنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (قبرُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (غَيْرَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، قال ابن قُرقُول في (الخاء مع الشين)؛ يعني: المعجمتين: («غير أنَّه خُشِي أن يُتَّخَذ مسجدًا»،

[ج 1 ص 353]

على ما لم يُسَمَّ فاعله، وفي «البخاريِّ»: «خَشِيَ أو خُشِي»، ورواه المهلَّب: «غير أنِّي أَخْشَى»، وكلاهما وهم)، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (ضبطنا [4] «خشي»؛ بضمِّ الخاء وفتحها، وهما صحيحان) انتهى، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين في «إغاثة اللَّهفان»: (هو بضمِّ الخاء؛ تعليلًا لمنع إبراز قبرِه) انتهى.

قوله: (أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا): (يُتَّخَذ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (مسجدًا): مَنْصوبٌ على المفعول الثاني، والأوَّل: (هو) الذي هو نائبٌ مناب الفاعل.

==========

(1/2679)

[1] كذا في النُّسختين وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكرَ، وفي «اليونينيَّة» وعليها علامة نسخة و (ق) بعد الإصلاح: (لَأَبرزوا قبرَه).

[2] (هذا): سقط من (ج).

[3] (وكنية شيبان): سقط من (ج).

[4] في (ج): (ضبطناه).

(1/2680)

[باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها]

(1/2681)

[حديث: صليت وراء النبي على امرأة ماتت في نفاسها]

1331# قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ): هذا هو المُعلِّم، وهو حسين بن ذكوان، المُعلِّم البصريُّ الثِّقة [1]، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نَفَاسِهَا:) هذه المرأة يقال لها: أمُّ كعب، كذا أخرجه مسلم والنَّسائيُّ، ولا أعرف اسمها.

قوله: (فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا): يجوز فيه الفتح والسكون، قال الجوهريُّ: جلست وسْط الحلقة؛ بالتسكين؛ لأنَّه ظرف، وجلست وسَط الدَّار؛ بالتحريك؛ لأنَّه اسم، وكلُّ موضع صلح فيه (بيْن)؛ فهو وسْط، وإن لم يصلح فيه (بين)؛ فهو وسَط؛ بالتحريك، وربَّما سُكِّن، وليس بالوجه، وقد تقدَّم هذا.

==========

[1] في (ج): (الفقيه).

[ج 1 ص 354]

(1/2682)

[باب: أين يقوم من المرأة والرجل]

(1/2683)

[حديث: صليت وراء النبي على امرأة ماتت في نفاسها فقام .. ]

1332# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هذا تقدَّم أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّنُّوريُّ، أبو عبيدة، الحافظ، مُتَرْجَمًا، ومرارًا بغير ترجمة.

قوله: (عَنِ الحُسَينِ [1]): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن ذكوانَ المُعلِّمُ.

قوله: (عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ): تقدَّم في الطَّريق الذي قبله أنَّه عبد الله بن بُرَيدة، وهو ابن الحُصَيب الأسلَميُّ، قاضي مرو وعالمُها، عن أبيه، وعمران بن الحصين، وعائشة، وسمُرة، وعنه: مالك بن مِغْول، وحسين بن واقد، وأبو هلال، ثقة، ولد عام اليرموك سنة خمسَ عشرةَ، وتُوُفِّيَ سنة (115 هـ)، وله مئة سنة، تقدَّم مُتَرْجَمًا، ولكن طال به العهد، فلهذا أعدته.

قوله: (عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا): تقدَّم أعلاه، أمُّ كعب.

(1/2684)

[باب التكبير على الجنايز أربعًا]

قوله: (بَابُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَايز أَرْبَعًا): قال ابن عبد البرِّ: انعقد الإجماع على (أربع)؛ يعني: بعد خلاف [1] الصَّحابة، وحاصلُ اختلافهم: من ثلاثٍ إلى تسعٍ، ورُوِيَ عن عليٍّ: أنَّه كان يُكبِّر على أهل بدر ستًّا، وعلى سائر الصَّحابة خمسًا، وعلى غيرهم أربعًا، وسيأتي الكلام في ذلك في (غزوة بدر)، قال ابن عبد البرِّ: (وأجمع الفقهاء وأهل الفتوى بالأمصار على أربعٍ، على ما جاء في الأحاديث الصِّحاح، وما سوى ذلك عندهم شذوذٌ لا يُلتفَت إليه، ولا نعلم أحدًا من فقهاء الأمصار: بخمسٍ، إلَّا ابن أبي ليلى)، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ حُمَيْدٌ: صَلَّى بِنَا أَنَسٌ ... )؛ الأثر: هذا هو في ما ظهر لي أنَّه حُمَيد بن أبي حُمَيد الطويل، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وقد قدَّمتُ أنَّ اثنين يرويان عن أنس كلٌّ منهما اسمه حُمَيدٌ في الكتب السِّتَّة أو بعضها: حُميد الطَّويل هذا مُكثِرٌ عن أنس، والآخر: حُمَيد بن هلال، روى عنه حديثين؛ أحدهما في «البخاريِّ» و «النَّسائيِّ»: (أخذ الرَّاية زيدٌ فأُصِيب ... )؛ الحديث، والثاني: في «البخاريِّ» فقط: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم موكبِ جبريل»، وقد تقدَّم هذا كلُّه [2]، ويحتمل أن يكون هذا هو راوي الأثر، وشيخنا عزاه لابن أبي شيبة من حديث عمران بن حُدَير: (أنَّه صلَّى مع أنس على جنازة ... )؛ فذكره، ولم يتعرَّض لحُميد مَن هو، والله أعلم.

(1/2685)

[حديث: أن النبي صلى على أصحمة النجاشي فكبر أربعًا]

1334# قوله: (حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ): (سَلِيم): هو بفتح السِّين، وكسر اللَّام، و (حَيَّان): بالمُثَنَّاة تحت المُشدَّدة، وهو هذليٌّ بصريٌّ صدوق، عن سعيد بن ميناء ونافع، وعنه: يحيى بن سعيد القطَّان وعفَّان بن مسلم، ثقة، أخرج له الجماعة، وثَّقه أحمد وابن معين.

قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ): (ميناء): يُمَدُّ ويُقصَر.

قوله: (صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ): تقدَّم الكلام على (أصحمة)، وعلى (النَّجاشيِّ)، وأنَّ معنى أصحمة: عطيَّة؛ فانظره إن أردته.

قوله: (وَتَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ): كذا هو في هامش أصلنا، وعليها علامة راويها، و (عبد الصمد): هو ابن عبد الوارث بن سعيد بن ذكوانَ، العنبريُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ البصريُّ، أبو سهل، الحافظ، روى عن أبيه، وهشام الدَّسْتَوائِيِّ، وأبي خلْدة خالد بن دينار، وشعبة، وحارث بن شدَّاد، وسَلِيم بن حَيَّان، وطبقتهم، وعنه: ابنه عبد الوارث، وأحمد، وإسحاق، وابن معين، وبندار، وخلقٌ، قال أبو حاتم: (صدوق، صالح الحديث)، وقال ابن سعد وجماعة: تُوُفِّيَ سنة (27 هـ)، والضَّمير في (تابعه): يعود على مُحَمَّد بن سنان الرَّاوي عن سَلِيم، وأمَّا في الأصل؛ فقال: (وَقَالَ يَزِيدُ بنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ سَلِيمٍ: أَصْحَمَةَ)، وهذه متابعةٌ لمُحَمَّدِ بن سنان في قوله: (أصحمة).

==========

[ج 1 ص 354]

(1/2686)

[باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (فَرَطًا): هو بالفاء والرَّاء المفتوحتين، وبالطَّاء المهملة، وهو الذي يتقدَّم الوارد، فيُهيِّئ لهم ما يحتاجون إليه؛ والمراد به هنا: الثَّواب والشفاعة، والنَّبيُّ يتقدَّم أمَّته؛ ليشفعَ لهم، وكذلك الولد لأبويه، وللمصِّلين على المؤمنين أجرًا وثوابًا، والله أعلم.

قوله: (وَسَلَفًا): (السَلَف): بفتح السِّين واللَّام، وبالفاء، العمل الصَّالح؛ والمراد هنا: اجعله خيرًا مُقدَّمًا؛ نجد ثوابَه في الآخرة.

(1/2687)

[حديث: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة]

1335# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه بندار، وتقدَّم ما معنى البندار.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وتقدَّم ما معنى غُنْدر، ومَن لقَّبه به، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وبالثاء المُثلَّثة، وهذا ظاهرٌ، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ فيما يظهر؛ لأنَّ عبد الغنيِّ ذكر في ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر في الرُّواة عنه ابنَ عيينة، وأمَّا في التذهيب؛ فأطلق، فحملتُ المُطلَقَ على المُقيَّدِ، وأمَّا شيخ سفيان (سَعْد بْن إِبْرَاهِيمَ)؛ فروى عنه السُّفيانان، والله أعلم.

قوله: (لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ): هو بإسكان العين، وبفتحها وفتح اللام المُشدَّدة، وبهما ضُبِط في أصلنا، وقوله: (أنَّها سُنَّة): تقدَّم أنَّ قول الصَّحابيِّ: (السُّنَّة كذا)، أو (من السُّنَّة كذا): أنَّ الأصحَّ أنَّه مسند مَرْفوعٌ؛ لأنَّ الظاهر أنَّه لا يريد إلَّا سُنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وما يجب اتِّباعُه.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[ج 1 ص 354]

(1/2688)

[باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن]

(باب الصَّلاة عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ) ... إلى (بَاب الجَرِيْدِ عَلَى القَبْرِ)

فائدةٌ: اعلم أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على قبرٍ بعدما دُفِن بليلةٍ، ومرَّة صلَّى على قبرٍ بعدما دُفِن بثلاث، ومرَّة بعد شهرٍ، وهو صلاته على البراء بن معرور، فإنَّه صلَّى عليه بعدما دُفِن بشهرٍ، والله أعلم، وقد تقدَّم في الورقة التي قبل هذه أسماءُ الذين صلَّى عليهم بعدما دُفِنوا، ولم يوقِّت النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك [1] وقتًا، قال أحمد: من يشكُّ في الصَّلاة على القبر؟! يُروَى عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من ستَّة أوجه كلِّها حِسَانٍ، فحدَّ الإمامُ أحمد الصَّلاةَ على القبر شهرًا، إذ [2] هو أكثر ما رُوِيَ عنه عليه السَّلام أنَّه صلَّى بعده، وحدَّها الشَّافعيُّ بما إذا لم يبلَ الميِّت، كذا حكاه بعض الحنابلة عنه [3]، وسيأتي ما فيه،

[ج 1 ص 354]

ومنع منها [4] مالكٌ وأبو حنيفة إلَّا للوليِّ إذا كان غائبًا، والمحكيُّ هنا عن الشَّافعيِّ المعروفُ من مذهبه: الأصحُّ تخصيص الصِّحَّة بمَن كان مِن أهل فرضها قبل الموت؛ لأنَّ مَن كان من أهل الفرض حينئذٍ؛ كان الخطاب متوجِّهًا عليه، فمتى أدَّى؛ كان مؤدِّيًا لفرضه، وغيرُه لو [5] صلَّى؛ كان متطوِّعًا، وهذه الصَّلاة لا يُتَطوَّع بها، وغيَّر جماعةٌ التعبيرَ عن هذا الوجه بعبارةٍ أخرى، فقالوا: مَن كان من أهل الصَّلاة؛ صلَّى، ومَن لا؛ فلا، وصحَّح هذا الرافعيُّ في «الشرح الصغير»، والأوَّل في «المُحرَّر»، والذي حكاه بعض الحنابلة عن الشَّافعيِّ وجهٌ في المسألة، وجملة ما فيها خمسة أوجهٍ.

==========

[1] (في ذلك): سقط من (ج).

[2] في (ج): (و).

[3] (عنه): سقط من (ج).

[4] (منها): سقط من (ج).

[5] في (ج): (ولو).

(1/2689)

[حديث: أخبرني من مر مع النبي على قبر منبوذ فأمهم وصلوا خلفه]

1336# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أنَّه بالشين المعجمة، وأنَّه أبو إسحاق بن فيروز، وتقدَّم أنَّ (الشَّعْبِيَّ): عامرُ [2] بن شَراحيل، وأنَّه أبو عَمرٍو الآتي.

قوله: (عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ): تقدَّم أنَّه بالإضافة والصِّفة، وما فيه، وتقدَّم اسم صاحبه، مُطَوَّلًا.

==========

[1] كذا في النُّسخَتَين وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (حدَّثني).

[2] في (ج): (عارم)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 355]

(1/2690)

[حديث: أن أسود كان يقم المسجد]

1337# قوله: (عَنْ أَبِي رَافِعٍ): هذا تقدَّم أنَّ اسمه نفيعٌ، أبو رافع الصَّائغ البصريُّ، ثقةٌ نبيل، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَنَّ أَسْوَدَ، رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً): تقدَّم في (باب كنس المسجد): أنَّها امرأةٌ [على] الصحيح، وأنَّ اسمها أمُّ محجن، وقيل غير ذلك؛ فانظره إن أردته.

قوله: (يَقُمُّ الْمَسْجِدَ): أي: يكنسه [1]، والقمامة: الكناسة.

قوله: (آذَنْتُمُونِي): تقدَّم أنَّه بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلمتموني.

(1/2691)

[باب الميت يسمع خفق النعال]

قوله: (بَابٌ الْمَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ): اعلم أنَّ الأحاديث الصحيحة وقال ابن القيِّم: (المتواترة تدلُّ على عَودِ الروح إلى البدن وقت السؤال، وسؤال البدن بلا روح قولٌ قاله طائفةٌ من الناس، وأنكره الجمهور، وقابلهم آخرون فقالوا: السؤال للروح بلا بدن، وهذا قاله أبو ميسرة [1] وابن حزم، وكلاهما غلطٌ، والأحاديث الصحيحة تردُّه، ولو كان ذلك على الروح فقط؛ لم يكن للقبر في الروح اختصاص)، انتهى كلام ابن القيِّم في كتاب «الروح».

قوله: (خَفْقَ النِّعَالِ): (الخَفْق): بفتح الخاء المعجمة، ثمَّ فاء ساكنة، ثمَّ قاف، وهو صوتها ووقعُها [2] عند المشي.

==========

[1] في (أ): (مسرَّة)، وفي مصدره: (ابن مرَّة).

[2] في (ج): (ووقوعها).

[ج 1 ص 355]

(1/2692)

[حديث: العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه]

1338# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ): هو بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المعجمة، وهو [ابن] الوليد، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا، وتقدَّم ضبط قاعدةٍ؛ وهي أنَّ كلَّ ما روى البخاريُّ [1] في هذا «الصحيح» عن عيَّاش، فهو ابن الوليد الرَّقَّام [2]؛ بالشين المعجمة، وقد روى في موضعين، بل ثلاثة عن عبَّاس بن الوليد النرسيِّ _بالمُوَحَّدة والسِّين المهملة_ في ثلاثة مواضعَ من هذا الكتاب؛ الأوَّل: في (باب علامات النبوَّة)، والثاني: في (المغازي) في (باب بعث معاذ وأبي موسى إلى اليمن)، وذكره في (كتاب الفتن) بعد حديث أخرجه عن أنس: (سألوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى أحْفَوه بالمسألة ... )؛ الحديث، ثمَّ قال: (وقال عبَّاسٌ النرسيُّ: حدَّثنا يزيد: حدَّثنا سعيد عن قتادة: أنَّ أنسًا حدَّثهم عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [حديث: مَنْ أَبِي يا رسول الله؟] [3] قال: «أبوك حذافة»)، وليس له في هذا «الصحيح» غير هذه الأماكن الثلاثة، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عَروبة، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وتقدَّم ما قاله صاحب «القاموس» فيه.

قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): هذا هو [4] خليفة بن خيَّاط، أبو عَمرو، شَبَابٌ العُصْفريُّ الحافظ، عن جعفر بن سليمان ويزيد بن زريع، وعنه: البخاريُّ، وأبو يعلى، وابن ناجية، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (240 هـ)، أخرج له البخاريُّ فقط، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح [عليه]، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ إذا [5] قال: (قال لي فلان)، أو (قال لنا فلان)، أو (قال فلان [6])، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة، مُطَوَّلًا، والله أعلم.

قوله: (وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ): (تُولِّي [7]): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ): (إنَّه): بكسر همزتها، وهذا ظاهرٌ.

(1/2693)

قوله: (أَتَاهُ مَلَكَانِ): هذان المَلَكَان منكَر ونكير، و (منكَر): بفتح الكاف، نقل شيخنا فتحَها في (باب ما قيل في الخطبة بعد الثَّناء [8]: أمَّا بعد) عن ابن العربيِّ، انتهى، وهو مفهوم كلام الجوهريِّ في «صحاحه»، فإنَّه قال: (والمنكر: واحد «المناكير»، والنَّكير والإنكار: تغيير المنكر، ومنكر ونكير: اسما مَلَكَين)، انتهى، وهذا كذا هو الجاري على ألسنة الناس بالفتح، غير أنِّي سمعت عن بعض طلبة علم الحديث بحلبَ يقول: إنَّه بالكسر، وما أخال ذلك صحيحًا.

فائدةٌ: في «التِّرمذيِّ»: «ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما: المنكر، وللآخر: النكير»، وفي «أربعين الثقفيِّ» [9]_وقد رُوِّيناها بالقاهرة_ في الباب الخامس من حديث جابر: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كيف أنت ومنكر ونكير؟» قال: يا رسول الله؛ ما منكر ونكير؟ قال: «ملكا القبر، فتَّانان أسودان أزرقان، أعينهما كالنحاس، وأبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، يطأان في أشعارهما، ويحفران بأنيابهما، معهما مرزبة، لو اجتمع عليها أهل منًى؛ ما أقلُّوها ... »؛ الحديث، قال شيخنا: (وفي «الأوسط» للطبرانيِّ: «أعينهما مثل قدور النحاس [10]، وأنيابهما مثل صياصي [11] البقر»، وللنَّسائيِّ في «كناه [12]»: «منكر ونكير وأنكر»، زاد ابن الجوزيِّ بسند ضعيف: «ناكور، وسيِّدهم رومان») انتهى، وقد رأيت أنا في «موضوعات ابن الجوزيِّ» أبي الفرج في (باب ذكر فتَّان القبر) حديثًا عن ضمرة بن صهيب: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فتَّانو القبر أربعةٌ: منكر، ونكير، وناكور، وسيِّدهم رومان»، ثمَّ قال: (حديثٌ موضوع لا أصل له، وهو مقطوعٌ؛ لأنَّ ضمرة من التابعين، وقد رُوِيَ لنا عن ضمرة، ثمَّ ذكره بإسناد [13] قال: «فُتَّان القبر ثلاثةٌ: أنكر، ورومان، وناكور، وسيِّدهم رومان»)، انتهى، وذاك الذي قال عنه: إنَّه مقطوع؛ إنَّما هو مرسل، وأمَّا الطريق الثانية؛ فمقطوع؛ لأنَّ المقطوع قولُ التَّابعيِّ أو فعلُه، والله أعلم.

(1/2694)

فائدةٌ غريبةٌ: في كتاب «التطريز شرح التعجيز» في الفقه لمؤلِّفه _وهو في مجلَّدين ضخمين هما؛ أعني: «التعجيز وشرحه» للشيخ تاج الدين عبد الرحيم بن الشيخ رضيِّ الدِّين مُحَمَّد بن الشيخ الإمام عماد الدين مُحَمَّد بن يونس الموصليِّ، تُوُفِّيَ تاج الدين المشار إليه ولم يكمل «التطريز شرح التعجيز» بقي منه نحو الرُّبع، كان آيةً في الاختصار، وقد اختصر «القُدُوريَّ» في مذهب أبي حنيفة، تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين وستِّ مئةٍ ببغداد رحمه الله_ بعد أن ذكر التلقين، ونزولَ مَلَكٍ في الموت قال: سائِلَا المذنبِ: منكر ونكير، والمطيعِ: مُبشِّر وبشير، كذا رأيته في (الجنائز) من الشرح المذكور، وهو غريبٌ؛ فليُستفَد.

وقد قدَّمتُ أنَّ سؤال الملكين؛ هل هو [14] عامٌّ في كلِّ مؤمن وكافر، أو مختصٌّ بالمؤمن والمنافق؟ والأصحُّ التعميم، وقد تقدَّم سؤال الصِّغار، وأنَّ فيه قولين، وهما وجهان في مذهب أحمد، وذكرت من عند القرطبيِّ: أنَّ الصحيحَ: أنَّهم يُسأَلون، وذكرت سؤال الذين هم في أعلى المقامات، وذكرت هل هذا مختصٌّ بهذه الأمَّة، أو عامٌّ في جميع الأمم؛ فانظر ذلك، وقد ذكرت في (كتاب العلم) ما ينجِّي المؤمنَ من فتنة القبر وأهواله، وأنَّه خمسة أشياء: موته في [15] الرِّباط [16]، أو القتل في سبيل الله، أو الإسهال أو الاستسقاء [17]، وهو أظهر القولَين، أو قراءة (سورة تبارك)، أو موت يوم الجمعة أو [18] ليلتها، وقد ذكره القرطبيُّ في «تذكرته» مُطَوَّلًا بأدلَّته، فإن أردته [19]؛ فانظره منها.

[ج 1 ص 355]

قوله: (لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ): هكذا رواه المُحَدِّثون، والصَّواب: ولا أتليت، وقيل: معناه: لا قرأت؛ أي: لا تلوت [20]، فقلبوا الواو ياءً؛ ليزدوج الكلام مع (دريت)، قال الأزهريُّ: ويُروَى: «أتليت»؛ يدعوَا عليه أن لا تتلو إبله؛ أي: لا يكون لها أولاد تتلوها، وفي «التذكرة»: («لا دريت ولا تليت»: لا انتفعت بدرايتك ولا تلاوتك).

قوله: (إِلَّا الثَّقَلَيْنِ): (الثَّقلان): الجنُّ والإنس، وإنَّما قيل لهما: الثَّقلان؛ لأنَّهما كالثقل للأرض وعليها.

فائدةٌ: إن قيل: لمَ مُنِعت الجنُّ سماع هذه الصَّيحة، ولم تُمنَع سماع كلام الميِّت إذا حُمِل وقال: قدِّموني قدِّموني؟

(1/2695)

قيل: لأنَّ كلام الميِّت حين يُحمَل إلى قبره في حكم الدُّنيا، وليس فيه شيءٌ من الجزاء والعقوبة؛ لأنَّ الجزاء لا يكون إلَّا في الآخرة، وإنَّما كلامه اعتبارٌ لمن سمعه وموعظةٌ، فأسمعها الله الجنَّ؛ لأنَّه جعل فيهم قوَّةً يثبتون بها عند سماعه، ولا يضعفون، بخلاف الإنسان الذي كان يُصعَق لو سمعه، وصيحة الميِّت في القبر عند فتنته [21] عقوبةٌ وجزاءٌ، فدخلت في حكم الآخرة، فمنع الله الثقلين اللَّذَين هما في دار الدُّنيا سماعَ عقوبته وجوابه في الآخرة، وأسمعه سائرَ خلقه، قاله شيخنا الشَّارح.

(1/2696)

[باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها]

قوله: (أَوْ نَحْوِهَا): هو مجرور معطوفٌ على (الأرضِ)؛ وهي مجرورةٌ [1].

==========

[1] في (ج): (وهو مجرور).

[ج 1 ص 356]

(1/2697)

[حديث: أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه]

1339# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان المروزيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وكذا تقدَّم (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الصنعانيُّ، وكذا تقدَّم (مَعْمَرٌ): وأنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وتقدَّم أنَّ (ابْن طَاوُوسٍ): هو عبد الله بن طاووس، مشهور.

قوله: (أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ): (أُرسِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ [1] فاعله.

قوله: (صَكَّهُ): أي: ضربه بكفِّه بقوَّة.

قوله: (فَفَقَأَ عَيْنَهُ [2]): قيل: هو على ظاهره، وفَقَأَ عينَ الصورة التي تمثَّل له فيها، ولعلَّه لم يعلم أنَّه مَلَكُ الموت، وقيل: (صكَّه): قابله [3] بكلام غليظ حتَّى فقأ عين حُجَّتِه ورَدَّ قوله، ويردُّ هذا القول: (فردَّ الله إليه عينه).

قوله: (فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ): اعلم أنَّه اعتَرَض بعضُ الملاحدة على هذا الحديث بأربعة أشياء: أحدها: كيف قَدِرَ الآدميُّ أن يفقأ عينَ المَلَك، وليس المَلَك بجسمٍ؟ الثاني: كيف ساغ لموسى أن يفعل ذلك برسول الله، وفي طيِّه مراغمةٌ للمُرسِل؟ الثالث: أين شوق موسى إلى لقاء ربِّه؟ الرابع: كيف خالف المَلَك مرسِلَه فعاد ولم يقبض روح موسى كما أُمِر؟

(1/2698)

وجواب ذلك في كلام المُحبِّ الطَّبريِّ في (الجنائز)، وفي «شرح مسلم» للنَّوويِّ: الجواب عن اعتراض بعض الملاحدة على الحديث، وقد أجاب القرطبيُّ في «تذكرته» بستَّة وجوهٍ في أوائلها: قال المازريُّ: قد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديثَ، وأنكر تصوُّره، قالوا: كيف يجوز على موسى فقءُ عين مَلَك الموت؟ قال: وأجاب العلماء عن هذا بأجوبةٍ: أحدها: أنَّه لا يمتنع أن يكون موسى قد أَذِنَ له تعالى في هذه اللَّطمة، ويكون ذلك امتحانًا للملطوم [4]، والله سبحانه يفعل ما يشاء في خلقه، ويمتحنهم بما أراد، والثَّاني: أنَّ هذا على المجاز؛ والمراد: أنَّ موسى ناظره وحاجَّه، فغلبه بالحجَّة، ويقال: فقأ عينَ فلان؛ إذا غلبه بالحجَّة، ويقال: عَوِرتُ الشَّيءَ؛ إذا أدخلت فيه نقصًا، قال: وفي هذا ضعفٌ؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فردَّ الله عليه عينَه»، فإن قيل: أراد ردَّ حجَّته؛ كان بعيدًا، والثَّالث: أنَّ موسى صلَّى الله عليه وسلَّم [5] لم يعلم أنَّه ملكٌ) [6] من عند الله، وظنَّ أنَّه رجل قصده يريد نفسَه، فدافعه عنها، فأدَّت المدافعة إلى فقءِ عينه، لا أنَّه قصدها بالفقْء، ويؤيِّده رواية: (صَكَّهُ)، وهذا جواب الإمام أبي بكر ابن خزيمة وغيره من المُتقدَّمين، واختاره المازريُّ، والقاضي عياض، قالوا: وليس في الحديث تصريحٌ بأنَّه تعمَّد فقءَ عينِه

فإن قيل: فقد اعترف موسى حين جاءه ثانيًا بأنَّه ملك الموت، فالجواب: أنَّه أتاه في المرَّة الثانية بعلامةٍ عَلِمَ بها أنَّه ملك الموت، فاستسلم له بخلاف المرَّة الأولى، والله أعلم [7]، وقال بعضهم: إنَّما فعل به [8] ذلك؛ لأنَّه جاء إلى قبضه، ولم يُخيِّره، وكان موسى قد أُعْلِم أنَّه لا يُقبَض حتَّى يُخيَّر، ولهذا [9] خيَّره في الثَّانية، قال: الآن، هذا أولى ما قيل فيه، انتهى، وقد يؤيِّده قولُ عائشة [10] في «الصَّحيح»: (كنتُ أسمع أنَّه لا يموت [11] نبيٌّ حتَّى يُخيَّر بين الدُّنيا والآخرة).

قوله: (فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ): (يدُه): مَرْفوعٌ فاعل (غطَّت)، و (سَنَةٌ): مرفوعة أيضًا مبتدأٌ، وخبره مُقدَّمٌ عليه.

(1/2699)

قوله: (أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ): هي بيت المقدس، وكان موته بالتِّيه، فإن قيل: لِمَ سأل الدُّنوَّ منه [12]، ولم يسأله نفسه؟ قيل: لأنَّه خاف أن يكون قبرُه مشهورًا، فيفتتنَ به النَّاس، كما أخبر صلَّى الله عليه وسلَّم عن اليهود والنَّصارى أنَّهم اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ.

قوله: (فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ): أي: هناك؛ (لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ): تنبيهٌ: ذكر شيخنا الشَّارح ما لفظه: (ذكر ابنُ حِبَّان في «صحيحه»: أنَّ قبر موسى بمدين بين المدينة وبين بيت المقدس)، قال: (واعترض الضِّياء مُحَمَّد بن عبد الواحد في كتابه «علل أحاديثَ في هذا الصَّحيح»، فقال: قوله: «بمدين»؛ فيه نظر؛ لأنَّ مَدْيَن ليست قريبةً [13] من القدس، ولا من الأرض المُقدَّسة، وقد اشتهر أنَّ قبرًا بأريحاء _وهي من الأرض المُقدَّسة_ يُزار، ويقال: إنَّه قبر موسى، وعنده كثيبٌ أحمرُ، كما في الحديث: «وطريق») انتهى، ثمَّ ذكر بعده كلامًا لابن التِّين؛ منه: (أنَّ الأرض المقدَّسة الشَّامُ)، قال ابن التِّين: (وإنَّما سأله ذلك؛ لأنَّه لم يُدفَنْ نبيٌّ إلَّا حيث قُبِض، وكلُّ هذا في علم الله كونُه) انتهى.

(1/2700)

[باب الدفن بالليل]

(1/2701)

[حديث: صلى النبي على رجل بعد ما دفن بليلة]

1340# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، هو جرير بن عبد الحميد، الضَّبِّيُّ، القاضي، تقدَّم بعض ترجمته، وله مُصنَّفاتٌ.

قوله: (عَنِ الشَّيْبَانِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالشِّين المعجمة، وأنَّه سليمان بن أبي سليمان فيروزَ وقيل: خاقان، أبو إسحاق، تقدَّم مُتَرْجَمًا، ومرارًا بغير ترجمة.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم عامر بن شَراحيل.

قوله: (صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ): يجوز أن يُفسَّر هذا الرَّجلُ بأحد مَن ذكرتُ أنَّه دُفِن، (فصلَّى عليه صلَّى الله عليه وسلَّم بعد الدَّفن) [1] بليلة [2] (في الورقة التي قبل هذه بورقةٍ، وقبل ذلك أيضًا [3]؛ فانظر ذلك، والله أعلم) [4].

[ج 1 ص 356]

قوله: (فَصَلَّوْا عَلَيْهِ): (صَلَّوا): فعلٌ ماضٍ، لا أمرٌ؛ فاعلمه.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[2] في (ج): (بليل).

[3] (وقبل ذلك أيضًا): ليس في (ج).

[4] ما بين قوسين سقط من (ب).

(1/2702)

[باب بناء المسجد على القبر]

(1/2703)

[حديث: أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا]

1341# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا [1] إسماعيل بن أبي أُوَيس، ابنُ أخت الإمام مالك بن أنس، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا مرَّةً، ومرارًا مُعرَّفًا غير مُترجَمٍ.

قوله: (ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ): (بعض نسائه) [2]: هي أمُّ حبيبة رملةُ بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أميَّة، وأمُّ سلمة [3] هند بنت أبي أميَّة حذيفة، من أمَّهات المؤمنين، كما تقدَّم التَّصريح بهما في نفس الحديث، وهنا ما يُشعِر بأنَّهما بعض الأزواج المذكور في هذا الحديث؛ لأنَّه قال فيه: (وكانت أمُّ سلمة وأمُّ حبيبة أتتا أرض الحبشة).

قوله: (مَارِيَةُ): تقدَّم أنَّها بتخفيف الياء.

قوله: (أُولَئِكِ): وكذا قوله: (تِلْكِ [4])، وكذا: (وأُولئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ): كلُّ هذا بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وقد تقدَّم، لكن [5] في الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ: (أولئكَ) في الموضعين مكسور الكاف ومفتوح، وعلى الفتح: (صح)، وكذا على الكسر: (صح)، كلُّ ذلك بالقلم، وله وجهٌّ، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب) و (ج): (هو).

[2] (بعض نسائه): ليس في (ب) و (ج).

[3] زيد في (ج): (سلمة)، وهو تكرار.

[4] زيد في (ج): (مكسور الكاف).

[5] في (ج): (ولكن).

[ج 1 ص 357]

(1/2704)

[باب من يدخل قبر المرأة]

(1/2705)

[حديث: هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة]

1342# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تقدَّم مرارًا أنَّ فُلَيحًا بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام.

قوله: (شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم أنَّها أمُّ كلثوم في (باب قول النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «يُعذَّب الميِّت ببعض بكاء [1] أهله عليه»)، فإنَّه هناك بزياداتٍ.

قوله: (لَمْ يُقَارِفِ): تقدَّم الكلام عليه في الباب المذكور أعلاه.

قوله: (قَالَ [2] ابْنُ المُبَارَكِ، قَالَ فُلَيْحٌ: أُرَاهُ؛ يَعْنِي: الذَّنْبَ): (أُرَاه): بضمِّ الهمزة، وقد تقدَّم الكلام عليه في الباب المشار إليه أعلاه، كذا في أصلنا: (ابن المبارك)، قال أبو عليٍّ الجيَّانيُّ في «تقييده»: (وفي أصل القابسيِّ: «أبو المبارك [3]»)، وقال القابسيُّ: (أبو المبارك: هو مُحَمَّد بن سنان _يعني: شيخ البخاريِّ في هذا الحديث_ يكنى أبا المبارك)، وهذا وَهَمٌ، وكان في نسخة عُبْدوس عن أبي زيد كما عند سائر الرُّواة على الصَّواب، قال الجيَّانيُّ: (وكنية مُحَمَّد بن سنان: أبو بكر، لا أعلم بينهم في ذلك خلافًا، وذكر البخاريُّ هذا الحديث في «تاريخه [4] الأوسط» بإسناده، وانتهى به إلى قوله: فنزل [5] في قبرها، ولم يذكرِ التَّفسير الذي ذكره في «الجامع»، ورواية عبد الله بن المبارك عن فُلَيح مشهورةٌ ... ) إلى آخر كلامه.

(1/2706)

[باب الصلاة على الشهيد]

قوله: (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ [1]): اعلم أنَّ في الصَّلاة على الشَّهيد المقتول في حرب الكفَّار لسببه [2] خلافًا؛ فالجمهور: أنَّهم لا يُغسَّلُون، ولا يُصلَّى عليهم، وذهب جماعة: أنَّهم يُصلَّى عليهم، ولا يُغسَّلون، وقال بعضهم: لا يُغسَّلون، لكن يُصلَّى عليهم، وقال بعضهم: يُغسَّلون ويُصلَّى عليهم؛ لأنَّ كلَّ ميِّت يُجنِب، ودليل كِّل قول [3] له مكانٌ غيرُ هذا، وقد صحَّ في «النَّسائيِّ»، وقد رأيته في «النَّسائيِّ الصَّغير»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام صلَّى على أعرابيٍّ شهيدٍ في غزوةٍ أخرى)، وقد اعتبرتُ رجالَه، فوجدتُ إسنادَه صحيحًا، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (الشهداء)، وزيد في هامش (ج): (قال النوويُّ في «المنهاج»: ولا يغسل الشهيد، ولا يصلَّى عليه)؛ بدون علامة تصحيح.

[2] في (ب) و (ج): (بسببه).

[3] في (ج): (قوله).

[ج 1 ص 357]

(1/2707)

[حديث: كان النبي يجمع بين الرجلين]

1343# قوله: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟): الظَّاهر _والله أعلم_ معناه: أيُّهم أكثر محفوظًا؟

قوله: (وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ): (يُصَلَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 357]

(1/2708)

[حديث: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم]

1344# قوله: (عن أبِي الخَيْرِ): اسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، أبو الخير، المصريُّ، عن عمرو بن العاصي وأبي بصرة الغفاريِّ، وعنه: يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة، وكان مفتي أهل مصر، مات [1] سنة (90 هـ) [2]، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال به العهد [3].

قوله: (فَصَلَّى علَى أهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ): أي: دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، ويقال: صلَّى عليهم حقيقةً، والأوَّل أصحُّ؛ لقوله في بعض طرقه: (فكان أوَّل ما تكلَّم به أنَّه [4] صلَّى على أهل أُحُد صلاته على الميِّت)، والحديث الآخر: (أوصى بالأنصار يوم صلَّى، واستغفر لأصحاب أُحُد، وذكر مِن أمرهم ما ذكر)، وللمخالف عن الحديثين جوابٌ، وهو مُنتقَضٌ عليه؛ لأنَّه لا يقول به.

قوله: (إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ): تقدَّم قريبًا ما الفَرط؛ فانظره.

==========

[1] في (ج): (تُوُفِّيَ).

[2] في (ب): (190 هـ)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[3] في (ب) و (ج): (العهد به).

[4] في (ج): (أن).

[ج 1 ص 357]

(1/2709)

[باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر]

قوله: (بَابُ دَفْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ [1]): اعلم أنَّهم اختلفوا في دفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد، فكرهه الحسن البصريُّ، وأجازه غير واحدٍ من أهل العلم، فقالوا: لا بأس أن يُدفَنَ الرجل والمرأة في القبر الواحد، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، والشَّافعيِّ، وأحمد، وإسحاق، غير أنَّ الشَّافعيَّ وأحمدَ قالا: ذلك موضع الضَّرورات [2] كأن يكثر القتلى أو [3] الموتى في وباء، أو هدم، وغيرهما، وعسر إفرادُ كلِّ ميِّتٍ بقبرٍ، فيُدفَنُ الاثنان والثلاثة في قبر؛ كقتلى أُحُد، فيُقدَّم أفضلُهما إلى القبلة؛ للاتِّباع، فيُقدَّم الرَّجلُ، ثمَّ الصَّبيُّ، ثمَّ الخنثى، ثمَّ المرأة، ويقدَّم الأبُ على الابن، والأمُّ على البنت دون الابن، وقول المصنِّفين: (لا يُدفَن)؛ أي: لا يُستحبُّ، صرَّح به الرَّافعيُّ وغيرُه، وصرَّح السَّرخسيُّ: بأنَّه لا يجوز، وفي «شرح المُهذَّب» للنَّوويِّ: (لا يجوز أن يُدفَنَ رجلان أو امرأتان في قبرٍ واحدٍ مِن غير [4] ضرورةٍ) انتهى، ومحلُّه فيما إذا لم يكن ذلك [5] في وقتٍ واحدٍ، أمَّا في وقتين؛ فإنَّه لا يجوز حتَّى يَبْلى الأوَّل [6] بحيث لا يبقى منه شيء؛ لا لحم ولا عظم، نقله النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب» عن الأصحاب، قال: (وقول الرَّافعيِّ: المُستحبُّ في حال الاختيار أن يُدفَن كلُّ إنسان في قبرٍ؛ فمُؤَوَّل على موافقتهم) انتهى، وسُئِل الحَنَّاطِيُّ عن ذلك في «الفتاوى»: هل يجوز أن يدفن ميِّتٌ في قبر ميِّتٍ آخرَ بعدما بَليَ الأوَّل، وصار ترابًا، ومضى دهر طويل؟ فأجاب: (بأنَّ الأظهر جوازُه؛ إذا وُجِد موضعٌ آخرُ لدفن [7] الثَّاني فيه) انتهى، وقال ابن الصَّبَّاغ وغيره: (لا يجوز، لا يُجمَع [8] بين الرجال والنساء إلَّا عند تأكُّد الضَّرورة [9]، إلَّا إذا كان بينهما زوجيَّة أو محرميَّة؛ فلا مَنْعَ، ويُجعَل بين الميِّتين حاجزٌ من تراب).

==========

[1] كذا في النُّسخ وهامش (ق) مصحَّحًا عليه، وهي رواية أبي ذرٍّ، و (واحد): ليس في رواية «اليونينيَّة».

[2] في (ج): (العذر إن).

[3] في (ج): (والموتى)، وليس بصحيح.

[4] في (ب): (غيره)، وليس بصحيح.

[5] زيد في (ب): (إلا).

[6] في (ج): (الآدمي).

[7] في (ج): (من).

[8] في (ب): (لا يجوز الجمع)، وسقط (يجمع) من (ج).

[9] في (ج): (الضرورات).

[ج 1 ص 357]

(1/2710)

[حديث: أن النبي كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد]

1345# قوله: (عَنِ [1] ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[ج 1 ص 357]

(1/2711)

[باب من لم ير غسل الشهداء]

(1/2712)

[حديث: ادفنوهم في دمائهم]

1346# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ.

==========

[ج 1 ص 357]

(1/2713)

[باب من يقدم في اللحد]

قوله: (وَسُمِّيَ اللَّحْدَ): [(سُمِّي) [1]: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله] [2]، و (اللَّحدَ) [3]: مَنْصوبٌ مفعولٌ ثانٍ.

قوله: (وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحَدٌ [4]): هو اسم مفعولٍ في أصلنا، وفي نسخةٍ أخرى: اسم فاعل.

قوله: (مُلتَحَدًا [5]): هو بفتح الحاء.

قوله: (مَعْدِلًا): هو بكسر الدَّال.

==========

[1] في (ج): (هو).

[2] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (مفعول ثانٍ)، وعليه في (أ) علامة تقديم وتأخير.

[3] في (أ) و (ب): (هو).

[4] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (مُلْحِد).

[5] في (ب): (ملتحد)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 357]

(1/2714)

[حديث: أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟]

1347# 1348# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): هو مُحَمَّد بن مقاتل، وكذا هو في نسخة في هامش أصلنا، وهو مُحَمَّد بن مقاتل أبو الحسن، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم المشهور، شيخ خراسان.

قوله: (وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ [1]): هو مَبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ [2]: وَأَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ [3] عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): قائل ذلك هو ابن المبارك، قاله الدِّمياطيُّ، و (الأوزاعيُّ): هو عبد الرَّحمن بن عمرو أبو عمرو، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا، وهو شيخ الإسلام، كيف وقد أفتى في سبعين ألف مسألة؟! وقوله فيه: (وأخبرنا الأوزاعيُّ)؛ يعني: أنَّ مُحَمَّد بن مقاتل حدَّث البخاريَّ به [4] عن عبد الله _هو ابن المبارك_ عن الأوزاعيِّ، عن ابن شهاب، عن جابر به، واعلم أنَّ رواية الزُّهريِّ عن جابر مُرسَلَةٌ؛ لأنَّه لم يسمع منه، ولهذا عقَّبه البخاريُّ بقوله: (وَقَالَ سُلَيمَانُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ [5]: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا)، و (سليمان بن كثير): عبديٌّ، وهو أخو مُحَمَّد بن كثير، عن الزُّهريِّ وعمرو بن دينار، وعنه: أخوه مُحَمَّد وعفَّان، صُوَيلحٌ، ضعَّفه ابن معين، وقال النَّسائيُّ: (ليس به بأس إلَّا في الزُّهريِّ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، والظَّاهر أنَّ المبهم في حديث سليمان هو عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك، والله أعلم، [وسيأتي كذلك في (باب اللَّحد والشقِّ في القبر)] [6].

(1/2715)

فائدةٌ: اعلم أنَّ الزُّهريَّ لم يسمَّع جابرًا [7]، نصَّ عليه غيرُ واحد، والزُّهريُّ لقي ثلاثةَ عشرَ صحابيًّا فأكثر، وإن كان ابن الصَّلاح قال في «علومه»: (إنَّه لم يلق منهم إلَّا الواحد والاثنين)، كذا قال في «علومه»، ثمَّ استدرك [8] على نفسه في [9] حاشية: الواحد والاثنين؛ كالمثال في قلَّة ذلك، وإلَّا؛ فالزُّهريُّ، قد قيل: إنَّه رأى عشرةً من الصَّحابة ... ) إلى آخر كلامه، وهذا أخذه من ابن حِبَّان في «ثقاته»، فإنَّه قال ذلك في ترجمة الزُّهريِّ، انتهى، والذين [10] لقي من الصَّحابة: عبد الله بن عُمر، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر، وربيعة بن عِبَاد _بكسر العين، وتخفيف المُوَحَّدة_، وسُنَين أبو جميلة، والسائب بن يزيد، وأبو الطُّفيل عامر بن

[ج 1 ص 357]

واثلة، والمِسْوَر بن مَخْرَمة، وعبد الرَّحمن بن أزهر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، ومحمود بن الربيع، وسمع منهم كلِّهم إلَّا عبد الله بن جعفر، فرآه رؤيةً، وإلَّا عبد الله بن عمر؛ فقد قال أحمد ابن حنبل وابن معين: (إنَّه لم يسمع منه)، وقال ابن المدينيِّ: (إنَّه سمع منه)، وقال ابن حزم: (إنَّه لم يسمع من عبد الرَّحمن بن أزهر)، وقيل: إنَّه سمع من جابر بن عبد الله، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (إنَّه لم يسمع منه) انتهى، وقد روى عن عبد الله بن أبي حدرد، قال ابن عبد البرِّ: (ولا يصحُّ له سماع عنه) انتهى، وسمع من جماعةٍ آخرين [11] مُختلَف في صحبتهم؛ منهم: محمود بن لَبِيد، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وثعلبة بن أبي مالك القرظيُّ، وأبو [12] أمامة بن سهل بن حُنَيف، والله أعلم، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (إسماعيل بن أبي حَكِيم، عنه: الزُّهريُّ إن صح، قال [13] ابن منده: لا أعرف له صحبة) انتهى [14]

(1/2716)

ورأيت عن شيخنا العلَّامة الحافظ سراج الدِّين البلقينيِّ في حاشية بِخَطٍّ مجهولٍ: (أنَّ الزُّهريَّ سمع من مسعود بن الحكم [15]، وعبد الله بن الزُّبير، والحسن، والحسين، وأمِّ عبد الله الدَّوسيَّة، وأبي رُهم، ومروانَ، وغانم بن عبَّاس) انتهى، ولم أر أنا ذلك في «الجرح والتَّعديل» لابن أبي حاتم، فإنَّ في الحاشية عزوَ ذلك لابن أبي حاتم، والذي رأيته في «الجرح والتعديل» (في ترجمة الزُّهريِّ) [16]: أنَّه روى عن أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبي الطُّفيل، والسَّائب بن يزيد، وعبد الله بن ثعلبة، ومحمود بن الربيع، وعبد الرَّحمن بن أزهر، ورأى ابن عمر، انتهى [17]، واعلم أنَّ الزُّهريَّ وُلِد سنة [(50 هـ)، وقيل: سنة (51 هـ)، وقيل:] [18] (56 هـ)، وقيل: سنة (58 هـ)، والحسن رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة (49 هـ)، وقيل: سنة (50 هـ)، [وقيل: سنة (51 هـ)] [19]، والحسين رضي الله عنه تُوُفِّيَ يوم عاشوراء سنة (61 هـ)، ومسعود بن الحكم الصَّحيحُ: أنَّه تابعيٌّ، ولكن وُلِد في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، وأمُّ عبد الله الدَّوسيَّة أدركته عليه الصَّلاة والسَّلام، ولكن قال الذَّهبيُّ: (أظنُّها تابعيَّة)، وأبو رُهم، قال الذَّهبيُّ: (روى الزُّهريُّ عن ابن أخيه عنه)، وأمَّا مروان؛ فتابعيٌّ كما تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ، وقد وُلِد في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يره، وأمَّا غانم بن عبَّاس؛ فلا أعرفه إلَّا أن يكون تمَّام بن عبَّاس، [وهو الظَّاهر، وذاك تصحيف، وقد قال الذَّهبيُّ: (روى عن ابن عمر، فيقال: سمع منه حديثين، وسهل بن سعد، وأنس، وربيعة بن عبَّاد، والسائب] [20] بن يزيد، ومحمود بن الربيع، وابن لَبِيد، وأبي الطُّفيل، وأرسل عن أبي هريرة، وأبي سعيد، ورافع بن خديج، وجابر، انتهى)، والله أعلم.

(1/2717)

(فائدةٌ: قد أرسل الزُّهريُّ عن أبي هريرة، وجابر، وأبي سعيد الخدريِّ، ورافع بن خديج، وقال أحمد وابن معين: (لم يسمع من ابن عمر)، وقال ابن المدينيِّ: (سمع منه حديثين، ولم يسمع من عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك)، قاله أحمد بن صالح المصريُّ، والذي روى عنه: هو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وقال أحمد: (لم يسمع من عبد الرَّحمن بن أزهر)، وقال الدَّارقطنيُّ: (لم يسمع من أمِّ عبد الله الدَّوسيَّة، ولم يسمع من أبان بن عثمان شيئًا، ولم يثبت له السماعُ من المِسور بن مَخرَمة، ولم يُدرِك عاصمَ بن عمر بن الخطَّاب، ورأى عبد الله بن جعفر، ولم يسمع منه ولا يروي عن عطاء بن أبي ميمونة، قاله ابن أبي حاتم عن أبيه، ولا سمع من أبي سلمة عن عائشة: «لا نذر في معصية، وكفَّارته كفَّارة يمينٍ»)، قال التِّرمذيُّ: (وقد روى الزُّهريُّ عن عمر بن سعد عن أبيه رفعه: «مَن يُرِد هوانَ قريشٍ ... »؛ الحديث)، قال ابن معين: (هذا خطأٌ، ما روى الزُّهريُّ عن عمر بن سعد قطُّ، وقد روى الزُّهريُّ في «مسلم» عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب)، قال أبو عبيدٍ الآجريُّ: (سألت أبا داود: سمع الزُّهريُّ من عبد الله بن الحارث بن نوفل؟ قال: لا، سمع من ابنَيه؛ عبدِ الله، وعُبَيدِ الله)، وفي «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ في ترجمة عبد الله بن أبي حدرد: (أنَّه لا يصحُّ سماع الزُّهريِّ منه)] [21].

(1/2718)

قوله: (قَالَ جَابِرٌ: فَكُفِّنَ أَبِي وَعَمِّي فِي نَمِرَةٍ): قال الدِّمياطيُّ: (لم يكن لجابر عمٌّ أخو أبيه، وإنَّما هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سَلِمة، وكانت هند بنت عمرو بن حرام عمَّةَ جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن غنم [22] بن كعب بن غنم بن كعب بن سَلِمة) انتهى، ولعلَّه سقط منه بعد هند بنت عمرو بن [23] حرام: (زوجته)، وبه يستقيم الكلام؛ يعني: أنَّ هندًا زوجةُ عَمرو بن الجموح، فهما صهران، وقال ابن سعد: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ادفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في قبرٍ واحدٍ»؛ لما كان بينهما من الصَّفاء، قال: (فحُفِرَ عنهما وعليهما نمرتان، وعبد الله قد أصابه جرح في وجهه فيده على جرحه، فأُميطَت يده عن جرحه، فانبعث الدَّمُ، فرُدَّتْ يده إلى مكانها، فسكن الدَّمُ)، وسيأتي قريبًا متى حُفِرَ عنهما، وانبعث دمُ أحدهما، وهو عبد الله بن عمرو بن حرام، وسيأتي نزول [24] جابر في الحفر عن أبيه.

قوله: (فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ): (النَّمِرة): شملة مُخطَّطة من صوف، قيل: فيها أمثال الأهلَّة.

(1/2719)

[باب الإذخر والحشيش في القبر]

قوله: (بَابِ الإِذْخِرِ وَالْحَشِيشِ): (الإِذْخِر): تقدَّم أنَّه _بكسر الهمزة، ثمَّ ذال ساكنة [1]، ثمَّ خاء مكسورة معجمتين [2]، ثمَّ راء_ نبت طيِّب الرَّائحة.

==========

[1] زيد في (ج): (معجمة)، وهو تكرار.

[2] في (ب): (معجمة).

[ج 1 ص 358]

(1/2720)

[حديث: حرم الله مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي]

1349# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تقدَّم أنَّه بحاء مهملة مفتوحة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة، مصروفٌ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثَّقفيُّ، تقدَّم مرارًا، ومَرَّةً مُتَرْجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن مهران الحذَّاء، أبو المُنازِل، البصريُّ، تقدَّم، ولماذا نُسِب.

قوله: (حَرَّمَ اللهُ مَكَّةَ): تقدَّم الجمعُ بين هذا وبين «أنَّ إبراهيم حرَّم مكَّة».

قوله: (أُحِلَّتْ لي ساعةً مِنْ نَهارٍ): تقدَّم أنَّها مِن أوَّل النَّهار إلى العصر.

قوله: (لا يُخْتَلَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: لا يُقطَع.

قوله: (خَلَاهَا): هو بفتح الخاء المعجمة، مقصورٌ، ومدَّه بعضُ الرُّواة، وهو خطأ؛ وهو العشبُ الرَّطب، ويُطلَق أيضًا على اليابس، وفي حديث: «لا يُختَلَى شوكُها»، و (الاختلاء): القطع.

قوله: (ولا يُعْضَدُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العضد): القطع؛ أي: لا تُقطَع أغصانُها، وأصله من قَطْعِ العَضُد، و (شَجَرُها): مَرْفوعٌ قائمٌ مقام الفاعل.

قوله: (ولا تُلْتَقَطُ [1] لُقَطَتُها إلاَّ لِمُعَرِّفٍ): (تُلتقَط): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (لقطتُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (المُعرِّف): بتشديد الرَّاء مكسورةً، اسم فاعل؛ والمراد: المُنشِد؛ أي: لقطتُه لا تُلتقَط للتَّملُّك، وإنَّما تُلتقَط للحفظ.

قوله: (إِلَّا الإِذْخِرَ): جوَّز ابنُ مالك رفعَه ونصبَه.

قوله [2]: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ [3] عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا): هذا التعليق أخرجه البخاريُّ ومسلم؛ البخاريُّ في [4] (العلم) وفي (الدِّيات) عن أبي نعيم، عن شيبانَ بن عبد الرَّحمن، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، زاد [5] في (الدِّيات): وتابعه عبيد الله عن شيبانَ في (الفيل)، ومسلم في (الحجِّ) عن إسحاق بن منصور، عن عبيد الله بن موسى، عن شيبانَ به، والله أعلم.

(1/2721)

قوله: (وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ [6]: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أبان): مصروفٌ، على الأصحِّ، كما تقدَّم، و (صفيَّة بنت شيبة): مُختلَفٌ في صحبتها، وفي «الأطراف» للمزِّيِّ: (لها رؤية، وقيل: لا رؤية لها) انتهى، وهذا مال إليه غيرُ واحدٍ، والذي هنا صريحٌ في صحبتها وسماعِها الذي لا يحتمل التَّأويل، والله أعلم، وقد قدَّمتُ المسألة، وقد ضعَّف المِزِّيُّ في «أطرافه» أبانَ بن صالح في ترجمة صفيَّةَ هذه؛

[ج 1 ص 358]

لكونه في السَّند الذي فيه التَّصريحُ بسماعها، وقد انفرد بتضعيفه فيما علمت، وقد ذكرت ذلك في (باب مَن بدأ بشِقِّ رأسه) في (الغسل)، مُطَوَّلًا، وهذا التعليق أخرجه ابن ماجه في (الحجِّ) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عن يونس ابن بكير، عن مُحَمَّد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن الحسن بن مسلم بن نِيَاق، عن صفيَّة بنت شيبة قالت: سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يخطب عام الفتح بهذا، قال المِزِّيُّ عقيب [7] تطريفه [8]: (لو صحَّ هذا الحديث؛ لكان صريحًا في سماعها من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، لكن في إسناده أبانُ بن صالح، وهو ضعيفٌ، والله أعلم).

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [9]: لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ): هذا التعليق أخرجه البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ؛ البخاريُّ: في (الحجِّ) كرَّتين [10]، وفي (الجزية)، وفي (الجهاد) مرَّتين، وشيخنا بيَّض له في «شرحه»، والله أعلم.

قوله: (لِقَيْنِهِمْ): هو بفتح القاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت، وبالنُّون، الحدَّاد والصَّائغ، وهو أصلٌ في الحدَّاد، ثمَّ استُعمِل في الصَّائغ.

==========

[1] في (ب): (يلتقط)، وليس بصحيح.

[2] (قوله): ليس في (ب).

[3] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

[4] زيد في (ج): (كتاب).

[5] في (ج): (وزاد).

[6] في هامش (ق): (الحجبيَّة: قال الدَّارقطنيّ: ليس يصح لها رؤية، ذكرها ابن حِبَّان في «طبقات التابعيَّات» من «الثِّقات»، والصَّحيح أنَّ لها صحبة ورأت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين دخل الكعبة).

[7] في (ب): (عينه).

[8] في (ب): (بطريقه).

[9] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).

[10] في (ج): (وس)، ولعلَّه تحريفٌ.

(1/2722)

[باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يُخْرَجُ الْمَيِّتُ): (يُخرَج): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الميِّتُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[ج 1 ص 359]

(1/2723)

[حديث: أتى رسول الله عبد الله بن أبي بعدما أدخل حفرته]

1350# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، إمام أهل الحجاز، تقدَّم مرارًا، وفي أوَّل هذا التعليق مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ [1] عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن دينار، تقدَّم.

قوله: (عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه منافق معلوم النِّفاق، وتقدَّم متى هلك، وتقدَّم أيضًا ترجمة ابنه عبدِ الله بن عبد الله الصَّالحِ، وأنَّه استُشهِد باليمامة، ومتى كانت اليمامة، كلُّ ذلك تقدَّم، وتقدَّم إلباسُه قميصَه والنَّفْثُ عليه.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): هو ابن عيينة كما قاله المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو المذكور في سند [2] الحديث الذي قبله.

قوله: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ [3]): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ هي في هامش أصلنا: (أبو هارون)، وكذا هو عند الحُمَيديِّ، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ في الأصل: (وقال أبو هريرة)، وقد كتب شيخُنا الإمامُ كمالُ الدِّين عمرُ بن إبراهيم بن العجميِّ الحلبيُّ: (هارون)، وعَمِلَ عليها: (صح)، وقد قال الحافظ الدِّمياطيُّ: (موسى بن أبي عيسى المدنيُّ الخيَّاط، أخو عيسى بن أبي عيسى الخيَّاط) انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (وفي حديث عليٍّ _يعني: هذا_ عنه _يعني: عن سفيان_، عن أبي هارونَ المدنيِّ) انتهى، و (أبو هارون) هذا: هو موسى بن أبي عيسى الخيَّاط الغفاريُّ، أخو عيسى بن أبي عيسى ميسرة، عن أبي عبد الله القراظ [4]، وعون [5] بن عبد الله، ونافع، وجماعة، وعنه: اللَّيث، وابن عيينة، ويحيى القطَّان، وجماعةٌ، وثَّقه النَّسائيُّ، وعلَّق له البخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه، ذكره في «الميزان» تمييزًا، وأبو هارون أحدُ مَن أخذ عنه ابنُ عيينة، فهذا هو الصَّحيح، و (أبو هريرة) غلطٌ، والله أعلم، وأين سفيانُ بن عيينة، وأين أبو هريرة؟! أبو هريرة تُوُفِّيَ سنة (57 هـ)، وقال جماعة: سنة (59 هـ)، وسفيان ولد سنة (107 هـ)، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ [6] ابْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه عبد الله بن عبد الله، وتقدَّم قبل ذلك مُصرَّحًا به.

قوله: (أَلْبِسْ أَبِي): هو بقطع الهمزة، وكسر المُوَحَّدة، أمرٌ من الرُّباعيِّ.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): هو ابن عيينة المذكور في السَّند.

قوله: (فَيُرَوْنَ): هو بضمِّ الياء؛ أي: يظنُّون، وهذا ظاهرٌ.

(1/2724)

قوله: (مُكَافَأَةً): هو بهمزة مفتوحة بعد الفاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[2] في (أ) و (ج): (مُسنَد)، وهو تحريفٌ.

[3] في هامش (ق): («أبو هارون» في أكثر النُّسخ، وكذا ذكره الحُمَيديُّ في «الجمع بين الصَّحيحين».×موسى بن أبي عيسى المدنيُّ الخيَّاط، أخو عيسى بن أبي عيسى الخيَّاط).

[4] في (ج): (الفراط)، وهو تصحيف.

[5] في (ج): (وعود)، وهو تصحيف.

[6] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (له).

[ج 1 ص 359]

(1/2725)

[حديث: ما أراني إلا مقتولًا في أول من يقتل من أصحاب النبي]

1351# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشر): بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، و (المُفضَّل): بفتح الضَّاد المعجمة المُشدَّدة، اسمُ مفعولٍ من (فضَّله) المُشدَّد.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو عطاء بن أبي رَباح، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا، وتقدَّم [1] أيضًا غيرَ مَرَّةٍ أنَّ كلَّ ما في الكتب السِّتَّة: (عطاء عن جابر)؛ فهو ابن أبي رَباح إلَّا حديثًا واحدًا؛ وهو: «إذا سمعتم صياح الدِّيَكَة [2]»، أخرجه أبو داود [3] فقط عن عطاء بن يسار مولى ميمونة، والله أعلم.

قوله: (لمَّا حَضَرَ أُحُدٌ): تقدَّم متى كانت وقعةُ أُحُدٍ في شوَّال سنة ثلاث يوم السَّبت لإحدى عشرةَ ليلةً خلت منه عند ابن عائذ، وعند ابن سعد: (لسبع [4] ليال خلون منه، على رأس اثنين وثلاثين شهرًا مِن مهاجره)، وقيل: للنِّصف منه.

قوله: (مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولًا): (أُراني): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّني.

قوله: (وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا): سيأتي كم هو دين عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر في (البيوع) إن شاء الله تعالى حيث ذكره البخاريُّ.

قوله: (وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ): أخوات جابر كنَّ تسعًا كما سيأتي في هذا «الصَّحيح»، ورواية الشَّكِّ أو القليل لا تُنافِي.

قوله: (وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ): تقدَّم أنَّ الذي دُفِن معه هو عمرو بن الجموح قريبًا، وأنَّ جابرًا أطلق عليه: عمَّه؛ فانظره.

قوله: (فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ): كذا هنا، وفي «المُوطَّأ» بلاغًا: أنَّه أُخرِج هو، وعمرو بن الجموح بعد ستَّةٍ وأربعين سنةً فوُجِدَا [5] كيوم دُفِنَا، وأُميطَتْ يدُه أو يدُ صاحبه عن الجرح، فلمَّا تُرِكَتْ؛ عادت لمكانها، فإن صحَّ ما في «المُوطَّأ»؛ فلعلَّه كان ذلك مرَّتين، والله أعلم، ويحتمل أنَّ جابرًا أخرجه بعد ستَّة أشهر، ودفنه إلى جانب عمرٍو في قبرٍ آخرَ، ثمَّ إنَّ السيل خرق القبرَين، فنُقِلَا بعد ستَّةٍ وأربعين سنةً، والله أعلم، وقد تقدَّم مِن عند ابن سعد أنَّ الذي أُميطَت يدُه عن الجرح هو عبد الله بن عمرو بن حرام.

قوله: (كَيَوْم وَضَعْتُهُ): (يومَ): يجوز نصبُّه وجرُّه، وهذا معروف.

(1/2726)

قوله: (هُنَيَّةً، غَيْرَ أُذُنِهِ [6]): كذا في الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ، وقال ابن قُرقُول: («غير هُنيَّة في أذنه»؛ يريد: غيرَ أثرٍ يسيرٍ غيَّرته الأرض مِن أذنه، كذا رواية ابن السَّكن، والنَّسفيِّ، وعند المروزيِّ، والجرجانيِّ، وأبي ذرِّ: «كيوم وضعته هُنيَّة غير أذُنِه»، وهو تغيير، وصوابه ما تقدَّم بتقديم: «غير») انتهى، و (هُنَيَّة) في كلامه: بضمِّ الهاء، وفتح النُّون، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مُشدَّدة، تصغير [7] (هَنَةٍ)، قال النَّوويُّ في (هنيَّة): (لا يجوز همزها)، وما قاله ظاهرٌ حسنٌ، وقد قال بعضهم: إنَّها تُهمَز، وفيه نظرٌ.

[تنبيهٌ: في «طبقاتِ ابن سعد» روى [8] بإسناده إلى جابرٍ قال: (دُفِنَ مع أبي رجلٌ أو رجلان ... ) إلى [9] أن [10] قال: (فأخرجتُه بعد ستَّة أشهرٍ، فحوَّلته، فما أنكرتُ منه شيئًا إلَّا شعراتٍ كنَّ في لحيته [11] ممَّا يلي الأرضَ) انتهى [12]] [13].

(1/2727)

[حديث: دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته]

1352# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ): هو عبد الله بن أبي نجيح، واسمه يسار، المكيُّ، مولى ثقيف، عن أبيه، وطاووس، ومجاهد، وعنه: شعبة وابن عُليَّة، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (131 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»؛ لأجل الاعتقاد.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): تقدَّم أعلاه [1]، وقبله أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.

قوله: (دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ): تقدَّم أنَّه عمرو بن [2] الجموح قريبًا، وأنَّه كان عمرو بن الجموح زوجَ أخت عبد الله والد جابر.

قوله: (حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ): الظَّاهر أنَّ جابرًا فهم مِن قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «ادفنوا فلانًا وفلانًا في قبرٍ» عدمَ الوجوب، وإنَّما هو لضيق الحال كما جرى في التَّكفين، فلمَّا وجد سعةً؛ دفنه على حِدة، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (بظاهره).

[2] (بن): ليس في (ب).

[ج 1 ص 359]

(1/2728)

[باب اللحد والشق في القبر]

[ج 1 ص 359]

قوله: (بَابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ): هو بفتح الشِّين المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

(1/2729)

[حديث: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة فأمر بدفنهم]

1353# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أنَّه ابن المبارك، العالم المشهور، شيخ أهل خراسان.

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العالم الفرد.

قوله [1]: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟): تقدَّم أنَّ معناه _والله أعلم_: أيُّهم أكثر محفوظًا؟

==========

[1] (قوله): ليس في (ب).

[ج 1 ص 360]

(1/2730)

[باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه ... ]

قوله: (هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ؟): (يُصلَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَهَلْ يُعْرَضُ [1] ... الإِسْلاَمُ): (يُعرَض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الإسلامُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ، وَشُرَيْحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، وأمَّا (شُرَيحٌ)؛ فهو بالشين المعجمة، وفي آخره حاءٌ مهملةٌ، وهذا معروفٌ ظاهرٌ، وهو شُرَيحُ بن الحارث القاضي، أبو أميَّة، الكنديُّ، ولَّاه عمر رضي الله عنه قضاء الكوفة، ووُلِّي قضاء البصرة، سمع عمر وعليًّا، وعنه: إبراهيم وأبو [2] حَصِين، وقيل: إنَّه تعلَّم مِن معاذٍ باليمن، تُوُفِّيَ سنة (78 هـ)، وقيل: سنة (80 هـ)، أخرج له النَّسائيُّ، والبخاريُّ في كتاب «الأدب المُفرَد»، وأمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد النَّخعيُّ، تقدَّم، وأمَّا (قتادة)؛ فهو ابن دِعامة، الحافظ الأعمى، السَّدوسيُّ.

قوله: (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ [3] مَعَ أُمِّهِ): (ابن عبَّاس): هو عبد الله، حبرُ الأمَّة، وترجمان القرآن، مشهور، (ويشهد لكونه عبدَ الله حديثٌ يأتي في الباب [4]) [5]، وأمَّا (أمُّه)؛ فهي أمُّ الفضل لبابةُ [6] الكبرى بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، وهي أخت أمِّ المؤمنين ميمونة، وخالة خالد بن الوليد، وأمُّ ستَّة رجال نُجَباء، وأختُ أسماء بنت عُمَيس لأمِّها، روى عنها: ابناها؛ عبدُ الله وتمَّامٌ، وعبدُ الله بن الحارث، وأنسٌ، قيل: إنَّها أوَّل امرأةٍ أسلمت بعد خديجة، ويقال: بل أسلمت بعد خديجةَ فاطمةُ بنت الخطَّاب، أخرج لها الجماعةُ وأحمدُ في «المسند»، وقد تقدَّمت، ولكن طال العهد بها رضي الله عنها.

(1/2731)

قوله: (الإِسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى): هذا التَّعليق مجزوم به، ولكن لم يعيِّن قائله، وقد رواه الدَّارقطنيُّ في «سننه» من رواية عائذ بن عمرو المزنيِّ بإسنادٍ واهٍ، والطَّبرانيُّ في «أصغر معاجمه»، وأبو نعيم والبيهقيُّ في كتابيهما «دلائل النُّبوَّة» من رواية عمر بن الخطَّاب، ولفظه: (الحمد لله الذي هداك لهذا الدِّين الذي يعلو ولا يُعلَى)، قاله لأعرابيٍّ في حديثٍ طويلٍ، وفي سنده مُحَمَّد بن عليِّ بن الوليد السُّلَميُّ البصريُّ، قال البيهقيُّ: (الحمل فيه على السُّلَميِّ)، قال الذَّهبيُّ: (صدق والله البيهقيُّ، فإنَّه خبرٌ باطلٌ)، وقد عزاه شيخنا المؤلِّف في هذا الشَّرح إلى الدَّارقطنيِّ، وقال: (إسنادُه جيِّدٌ)؛ فيُحرَّر، (قال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: الإسنادُ الجيِّد له: هو بحديث عائذ بن عمرٍو، وقد أخرجه الضِّياء في «المختارة») [7].

(1/2732)

[حديث ابن صياد: إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه .. ]

1354# 1355# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المبارك، وكذا تقدَّم (يُونُس): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (فِي رَهْطٍ): (الرَّهط): ما دون العشرة من [1] الناس، وكذلك النَّفر، وقيل: من الثلاثة إلى العشرة، قاله ابن قُرقُول، وقال ابن فارس: (بل إلى الأربعين)، ولفظ الجوهريِّ: (ما دون العشرة من الرِّجال لا يكون فيهم امرأةٌ)، قال تعالى: {وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النَّمل: 48]، فجمع، وليس لهم واحدٌ من لفظهم [2]؛ مثل: (ذود)، والجمع: أرهطٌ، وأرهاطٌ، وأراهطُ؛ كأنَّه جمع «أرهطٍ وأراهيطَ») انتهى.

(1/2733)

قوله: (قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ): أمَّا (قِبَل)؛ فهو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، مَنْصوبٌ على الظَّرف، وأمَّا (ابن صَيَّاد)؛ فهو بفتح الصَّاد، وتشديد المُثَنَّاة تحت، وفي آخره دالٌ مهملةٌ، واسمه عبد الله، ولقبه صافِ، وفي هذا «الصَّحيح» هنا: (فقالت له أمُّه: أيْ صافِ) [3]، وهو اسمه، وسيأتي، وقد ذكره بعض الحُفَّاظ في ترجمة ابنه [4] عُمارة بن عبد الله بن صَيَّاد [5]، وعُمارة هذا: أخرج له التِّرمذيُّ وابن ماجه، وهو ثقة، روى عنه مالكٌ في (كتاب الأضحية) في «المُوطَّأ» حديثَ أبي أيُّوب الأنصاريِّ: (الشاة تكفي عن أهل البيت في الأضحية)، [قال ابن سعد: (كان مالك لا يُقدِّم عليه في الفضلِ أحدًا)، قال: وكانوا يقولون: نحن بنو أُشَيهب [6] بن النَّجَّار، فدفعهم بنو النَّجَّار، وحلف منهم تسعةٌ وأربعون رجلًا، ورجلٌ من بني ساعدة على المنبر ما هم منهم [7]، وطُرِحوا منهم، فقالوا: نحن حلفاء بني مالك بن النَّجَّار، فهم اليوم على ذلك ولا يُدرَى ممَّن هم)] [8]، وقال [9] ابن الأثير في «نهايته» عن (ابن صَيَّاد): (هو رجلٌ من اليهود، أو دخيلٌ فيهم، وكان عنده كهانة أو السِّحرُ، مات بالمدينة في الأكثر، وقيل: فُقِد في الحرَّة، فلم يوجد) انتهى، والحرَّة سنة (63 هـ) في زمن يزيدَ بن معاوية، وسيأتي من عند «أبي داود» ما يردُّ ما قاله ابن الأثير، وقال الذَّهبيُّ في «تجريد الصَّحابة»: (عبد الله بن صَيَّاد، أورده ابن شاهين، وقال: هو ابن صائد، كان أبوه يهوديًّا، فوُلِدَ هذا أعورَ مختونًا، وهو الذي قيل: إنَّه الدَّجَّال، ثمَّ أسلم، فهو تابعيٌّ، له رؤيةٌ، وقال أبو سعيد الخدريُّ: صحبني ابن صيَّاد إلى مكَّة، فقال: لقد هممت أنَّ آخذ حبلًا، فأوثقه إلى شجرة، ثمَّ أختنق [10] ممَّا يقول النَّاس فيَّ ... ؛ وذكر الحديث، وهو في «مسلم») انتهى، وقد حمَّر عليه [11] الذَّهبيُّ، فهو إن لم يكنِ الدَّجَّالَ؛ فتابعيٌّ، ويقال فيه: ابن صيَّاد، وابن الصيَّاد، وابن صائد، واسمه صافي؛ كـ (قاضي)، وصافِ؛ بالصَّاد المهملة، وبعد الألف فاءٌ مكسورةٌ، قال العلماء: وقصَّة ابن صيَّاد مُشكِلةٌ، وأمره مُشتبَهٌ [12] في أنَّه هل هو المسيح الدَّجَّال المشهور أم غيره؟ ولا شكَّ أنَّه دجَّال من الدَّجاجلة، قال العلماء: وظاهر الأحاديث أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُوحَ إليه بأنَّه المسيح الدَّجَّال [13] ولا غيرَه، (وإنَّما أُوحِي إليه

(1/2734)

بصفات الدَّجَّال، وكان في ابن صيَّاد قرائنُ محتملةٌ [14]، فلذلك كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يقطع بأنَّه الدَّجَّال ولا غيرَه) [15]، ولهذا قال لعمر رضي الله عنه: «إن يكن هو؛ فلن تستطيع قَتْلَه»، وأمَّا احتجاجه بأنَّه مسلم، والدَّجَّال كافرٌ، وقد وُلِد له، وأنَّ الدَّجَّال لا يدخل مكَّة ولا المدينة، وأنَّ ابن صيَّاد دخل المدينة، وهو مُتوجِّه إلى مكَّة؛ فلا دلالةَ فيه؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم

[ج 1 ص 360]

أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض، ومن [16] اشتباه قصَّته وكونه أحدَ الدَّجاجلة الكذَّابين قولُه للنَّبيِّ [17] صلَّى الله عليه وسلَّم: أتشهد أنِّي رسول الله؟ ودعواه بأنَّه يأتيه صادق وكاذب، وأنَّه يرى عرشًا فوق الماء، وأنَّه لا يكون هو الدَّجَّال، وأنَّه يُعرَف بوصفه، وقوله: (إنِّي لأعرفه، وأعرف مولده، وأين هو الآن، وانتفاخه حتَّى ملأ السِّكَّة)، وأمَّا إظهاره الإسلام، وحجُّه، وجهادُه، وإقلاعُه عمَّا كان عليه؛ فليس بصريح في أنَّه غيرُ الدَّجَّال، قال الخطَّابيُّ: واختلف السَّلف في أمره بعد كبره؛ فرُوِي: أنَّه تاب من ذلك القولِ، ومات بالمدينة، وأنَّه لمَّا أرادوا الصَّلاة عليه؛ كشفوا عن وجهه حتَّى رآه النَّاس، وقيل [18] لهم: اشهدوا، قال: وكان ابن عمر وجابرٌ فيما يُروى عنهما يقولان: إنَّ ابن صيَّاد هو الدَّجَّال لا يشكَّان فيه، فقيل لجابر: إنَّه أسلم، فقال: وإن أسلم، فقيل له: دخل مكَّة، وكان بالمدينة، فقال: وإن دخل مكَّة، وروى أبو داود في «سننه» بإسنادٍ صحيحٍ عن جابر قال: (فقدنا ابن صيَّاد يوم الحرَّة)، وهذا يُبطِل روايةَ مَن روى أنَّه مات بالمدينة، وصُلِّي عليه، وقد روى مسلم: (أنَّ جابر بن عبد الله حلف بالله أنَّ ابن صيَّاد هو الدَّجَّال، وأنَّه سمع عمر رضي الله عنه يحلف على ذلك عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلم يُنكِرْه ... ) إلى آخر كلامه، وما ذكره عن حديث جابر: أنَّه أخرجه مسلم: أنَّه حلف بالله أنَّ ابن صيَّاد هو الدَّجَّال؛ هو في «البخاريِّ» في (الاعتصام)، والله أعلم.

قوله: (عِنْدَ أُطمِ بَنِي مَغَالَةَ): (الأُطم): بضمِّ الهمزة، والطَّاء المهملة وتُسكَّن، والجمع: آطام؛ وهي حصونٌ لأهل المدينة، و (بنو مَغالة): قبيلةٌ؛ بفتح الميم، وبالغين المعجمة المخفَّفة، والله أعلم.

(1/2735)

قوله: (الْحلمَ): هو بضمِّ الحاء، وإسكان اللَّام، وبضمِّهما [19] معروف.

قوله: (فَلَمْ يَشْعُرْ): أي: يعلم.

قوله: (فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟): إن قلت: لِمَ تركه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقد ادَّعى النُّبوَّة؟ قيل: لوجهين ذكرهما شيخنا عن البيهقيِّ؛ أحدهما: أنَّه كان دون البلوغ، فلم تجرِ عليه الحدودُ، واختاره القاضي عياض، ثانيهما: أنَّه كان في أيَّام المهادنة مع اليهود، جزم به الخطَّابيُّ في «معالمه»، وقيل لغير ذلك.

قوله: (فَرَفَضَهُ): قال ابن قُرقُول: («فرضَّه»، كذا ذكره البخاريُّ في «الجنائز» من رواية الأصيليِّ، ولأبي زيد: «فرقصه»؛ بالقاف وراءٍ قبلَها [20]، وعند عُبدوس: «فوقصه»؛ بالواو وقاف، وعند أبي ذرٍّ لغير المستملي: «فرفضه»؛ بالفاء والضَّاد المعجمة، ولا وجهَ لهذه الرِّوايات، قال الخطَّابيُّ: إنَّما هو «فرصَّه»؛ بصاد مهملة؛ أي: ضغطه، وضمَّ بعضه إلى بعض، وقال المازريُّ: أقرب منه أن يكون: «فرفسه»؛ بالسِّين؛ أي: ركله، وقال بعضهم: الرَّفْص: الضَّرب بالرجل؛ كالرَّفس سواء، ولم أجد هذه اللَّفظة في جماهير كتب اللُّغة) انتهى، وفي أصلنا هنا: (فرفضه) و (فرفصه)؛ نسختان، والله أعلم.

قوله: (يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ): أي: أرى الرؤيا ربَّما تصدق وتكذب.

قوله: (خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ): (خُلِّط): مبنيٌّ للمفعول [21] مُشدَّد ومُخفَّف، وبهما ضُبِط في أصلنا، و (الأمرُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

قوله: (خَبَأْتُ لَكَ خَبِيْئًا): (خبأْت): بهمزة ساكنة قبل تاء المُتكلِّم، و (خَبِيئًا): بفتح الخاء المعجمة، وكسر المُوَحَّدة، ثمَّ همزة مفتوحة، قال ابن قُرقُول: (وعند الأصيليِّ: «خَبِيًّا»، وعند غيره: «خبْئًا»؛ وهو كلُّ شيء مستورٍ غائبٍ).

قوله: (فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ): هو بدال مهملة، ثمَّ خاء معجمة مُشدَّدة، وحكى بعضهم في الدَّال: الفتحَ كما سيأتي، قال ابن قُرقُول: (هو لغة في الدُّخان، ويقال بفتح الدَّال أيضًا، وأنشدوا في ذلك [22]:

~… ............ …عِنْدَ روَاقِ البَيتِ يَغْشَى الدُّخَّا

(1/2736)

أراد ابن صيَّاد [23] أن يقول: الدُّخان، فزجره النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلم يستطع أن يتمَّ الكلمة، وقيل: هو نبات يوجد بين النَّخيل)، ورجَّحه الخطَّابيُّ، وقال: (لا معنًى للدُّخان ههنا؛ إذ ليس ممَّا يُخبَأ إلَّا أن يريد بـ «خبأت»: أضمرت)، قال أبو الفضل: (والأليق أنَّه الدُّخان، كما روي أنَّه أضمر له من سورة الدُّخان: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]، فلم يهتد [24] من الآية إلَّا لهذين الحرفين، كلمة ناقصة، فلم يتمَّها على عادة الكُهَّان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجنِّ، أو من هواجس النَّفس، ولهذا قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «اخسأ؛ فلن تعدوَ قدرك»: أي: ابعُد متخرِّصًا [25]، فلن تعدوَ قدر إدراك الكهَّان ممَّن لا يصل إلى حقيقة البيان والإيضاح) انتهى، ويتعيَّن مِن هذه التفاسير التي ذكرتُها ما جاء في «مسند أحمد» من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال في أثنائه: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنِّي قد خبأت لك خَبِيئًا»، قال: خبأت لي خطمَ شاة عفراء والدُّخان، فأراد أن يقول: الدُّخان، فلم يستطع، فقال: الدُّخَّ، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «اخسأ، فلن تعدوَ قدرك» انتهى، وقال شيخنا الشَّارح في (باب قول الرجل للرَّجل: اخسأ) في (كتاب الأدب): (قال الدَّاوديُّ: كان عليه الصَّلاة والسَّلام خَبَأ له سورةَ الدُّخان في يده مكتوبة، فأصاب بعضَ الكلمة، وهذا كأنَّه من استراق الجنِّ السَّمْعَ، فيُلقُون إلى الكاهن، فيكذب ويخلط معها، قال: وهو معنى قوله: «خلط عليك الأمر») انتهى، وقال [26] في أواخر (كتاب القدر): (وقيل: خبأ له عليه الصَّلاة والسَّلام سورة الدُّخان مكتوبة، فأصاب بعض القضيَّة [27]، وهذا لا يكون إلَّا من الكهانة) انتهى، وقال الحافظ أبو موسى: (السِّرُّ في كونه خبأ له الدُّخان: أنَّ عيسى صلَّى الله عليه وسلَّم [28] يقتله بجبل الدُّخان) انتهى، وقد روى أبو داود والتِّرمذيُّ من رواية الزُّهريِّ عن سالم، عن ابن عمر [29]: في هذا الحديث: إنِّي قد خبأت لك خبيئة، وقال التِّرمذيُّ: (خَبِيئًا، وخَبَأ له: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10])، قال التِّرمذيُّ: (هذا حديث حسن صحيح، والحديث مُتَّفق عليه دون ذكر الآية، فهذا هو الصَّواب في تفسير (الدُّخِّ)، وقد فسَّره غيرُ واحد على غير ذلك؛ فأخطؤوا؛

(1/2737)

منهم: الحاكم في «علومه [30]» فسَّره بالجماع، وهو وَهَمٌ منه، كما قال ابن الصَّلاح، وكذا فسَّره على غير الصَّواب الخطَّابيُّ، وقد قدَّمتُ كلامه، والله أعلم.

قوله: (اخْسَ [31]): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (اخسأْ)؛ بهمزة ساكنة في آخره، وقد تقدَّم أنَّ فيه وفي نظائره ثلاثَ لغاتٍ: اخسَ، واخسأْ، واخسا.

[ج 1 ص 361]

قوله: (دَعْنِي يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَضْرِبْ عُنُقَهُ): (أَضربْ): يجوز فيه الجزمُ على الجواب، ويجوز رفعُه.

قوله: (إِنْ يَكُنْهُ؛ فَلَنْ [32] تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ؛ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ): كذا في أصلنا، وفي رواية لم تكنْ في هامش أصلنا: (إن يكن هو، وإن لم يكن هو)، وهو الصَّحيح، والضمير في الأولى في (يكنه) هو خبرها، وقد وُضِعَ موضعَ المُنفصِل، واسمها مُستتِر فيها، والله أعلم.

قوله: (وهْوَ يَخْتِلُ): بكسر التَّاء؛ أي: يغتفل ويراوغ؛ ليأخذَه في غفلة، يسمع [33] حديث ابن صيَّاد، ويفهم زمزمته.

قوله: (في قَطِيفَةٍ): هي كساءٌ ذو خمل، وجمعه: قطائف؛ وهي الخميلة أيضًا.

(1/2738)

قوله: (لَهُ فِيها رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ): كذا في أصلنا بالإهمال في الأولى، وبالإعجام في الثانية، وفي نسخة في هامش أصلنا: (زمزمة)؛ (بإعجامهما، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: (رمرمة)؛ بإهمالهما، قال ابن قُرقُول: ([«رمرمة أو زمزمة»، كذا في «البخاريِّ» في «الشَّهادات» بغير خلاف، وفي «الجنائز» مثله في الأوَّل، وفي الآخرة: «زمرة» لأبي ذرٍّ خاصَّة، وكذا في غير «كتاب الشَّهادات» في حديث أبي اليمان عن شعيب: «رمرمة أو زمزمة»] [34]، وكذا للنَّسفيِّ في «الجنائز»، وفيه عن مَعمَرٍ: «رمزة» في الآخرة زايٌ، وقال عن عُقَيل وإسحاق: «رمرمة» كذا لهم، وعند النَّسفيِّ: وقال عُقَيل: «رمزة»، وفي «كتاب الجهاد» من حديث اللَّيث: «رمرمة»، وفي «باب [35] كيف يُعرَض الإسلام على الصَّبيِّ»: «رمزة»؛ ومعنى هذه الألفاظ كلِّها متقاربٌ، والزمزمة: تحريك الشَّفتين بالكلام، قاله الخطَّابيُّ، وقال غيره: هو كلام العلوج، وهو صموت بصوت يُدار من الخياشيم والحلق، لا يتحرَّك فيه اللِّسان ولا الشَّفتان، والرمزة [36]: صوتٌ خفيٌّ بتحريك الشَّفتين بكلام لا يُفهَم، وأمَّا [37] الزَّمْرة بتقديم الزاي؛ فمن داخل الفم) [38] انتهى، (وذكر النَّوويُّ عن القاضي [39] ضبطَ اللَّفظة، واختلاف الرُّواة فيها، ثمَّ قال: (صوت خفيٌّ لا يكاد يُفهَم، أو لا يُفهَم) [40] انتهى.

قوله: (فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ): (أمُّه): لا أعرف اسمها، وهي يهوديَّة.

قوله: (فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ): هو بالثاء المُثلَّثة؛ أي: هبَّ من نومه، وقام من مضجعه، وفي نسخة: (فثاب)؛ مثله إلَّا أنَّه بمُوَحَّدة في آخره؛ أي: رجع.

قوله: (لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ): أي: ظهر.

قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ: فَرَفَضَهُ [41]): بالضَّاد المعجمة، كذا في أصلنا، وفي نسخة: (فرضَّه): بالضَّاد المعجمة.

قوله: (وَقَالَ [42]: رَمْرَمَةٌ): هي بإهمال الرَّاءَين، وقوله: (أَوْ زَمْزَمَةٌ): يعني: بإعجامهما؛ والمراد: أنَّه شكَّ فيه هل هو بالإهمال أو بالإعجام.

(1/2739)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ [43] الكَلْبِيِّ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وفي غيره [44]: (وقال إسحاق الكلبيُّ)، وهو هو، وهو إسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، يُعرَف بالعَوْصيِّ، عن الزُّهريِّ، وعنه: يحيى الوُحَاظيُّ فقط، قال [45] مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ: (مجهول)، وقال مُحَمَّد بن عوف: (يقال: إنَّه قتل أباه)، قال الذَّهبيُّ: (قلت [46]: خرَّج له البخاريُّ في كتاب «الأدب») انتهى، وقد علَّق البخاريُّ لإسحاق هذا، وقول الذَّهبيِّ: أخرج له البخاريُّ في كتاب «الأدب»؛ يعني: «المفرد»، لا الذي في «الصحيح»، وقوله: (وَقَالَ [47] ابنُ الكَلْبِيِّ وعُقَيْلٌ: رَمْرَمةٌ): هو في أصلنا بإهمالهما، وفي هامش الأصل نسخة، وعليها علامة راويها بإعجامهما، وقوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): هو بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ مهملةٌ، قوله: (رَمْزَةٌ): هو بإهمال الأولى، وإعجام الثَّانية، وفي نسخةٍ بالعكس، وهذه على هامش أصلنا، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (ومن)، وليس بصحيح.

[2] في (ب): (لفظه).

[3] الرِّواية هنا (1355): (فقالت لابن صيَّاد: يا صافِ)، والمثبت رواية حديث (2638).

[4] في (ج): (أبيه)، وهو تصحيف.

[5] في (ب): (الصياد).

[6] في (ب): (أشيب)، وليس بصحيح.

[7] في النُّسخ: (منه)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[9] في (ج): (قال).

[10] في (ب) و (ج): (أخنق).

[11] في (ب): (أغلبه)، وليس بصحيح.

[12] في (ج): (سننه)، وهو تحريف.

[13] (الدَّجَّال): ليس في (ب).

[14] في (ج): (مختلفة).

[15] ما بين قوسين سقط من (ب).

[16] في (ج): (وأما).

[17] في (ج): (قول النبي).

[18] في (ب): (فقيل).

[19] في (ج): (وبضمها).

[20] في النُّسخ: (بعدها)، والمثبت من مصدره.

[21] في (ب): (مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله).

[22] زيد في (ب): (قوله).

[23] زيد في (ج): (أراد ابن صياد).

[24] (لم يهتد): ليس في (ب).

[25] في (ج): (أي: اتعد تحرصًا)، وليس بصحيح.

[26] في (ب): (قال).

[27] في (ج): (القصة).

[28] في (ب): (عليه السَّلام).

[29] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[30] في (ب): (أموره)، وليس بصحيح.

[31] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (اخسأ)، وفي هامش (ق): («اخسأ»: مهموزٌ، وتُسهَّل الهمزة).

[32] في (ب): (فلم)، وليس بصحيح.

[33] في (ب): (ليسمع)، وفي (أ): (لسمع).

(1/2740)

[34] ما بين معقوفين سقط في (ج).

[35] في (ب): (كتاب)، وليس بصحيح.

[36] في (ب): (والزمرة)، وفي مصدره: (الرَّمْزَمَة).

[37] في (ب): (فأما).

[38] «المطالع».

[39] زيد في (ب): (عياض).

[40] ما بين قوسين سقط من (ج).

[41] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَرَفَصَهُ).

[42] (وقال): ليس في «اليونينيَّة».

[43] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي هامش «اليونينيَّة»: (إسحاقُ).

[44] زيد في (ج): (وفي غيره)، وهو تكرار.

[45] في (ج): (وقال).

[46] (قلت): ليس في (ب).

[47] في النُّسخ: (عن)، والمثبت موافقٌ للموضع السَّابق وهامش «اليونينيَّة».

(1/2741)

[حديث: الحمد لله الذي أنقذه من النار]

1356# قوله: (كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا الغلام قال ابن بشكوال في «مبهماته»: (اسمه عبد القُدُّوس)، وعزا ذلك إلى مُحَمَّد بن أحمد العتبيِّ في «جامعه»، قال ابن بشكوال: (وقد رُوِّينا ذلك عن مشايخنا بأسانيدهم إليه، وهو غريبٌ من طريقهم، وما وجدناه عند غيره) انتهى، وأمَّا أنا؛ فلا أعلم أحدًا في الصَّحابة اسمه عبد القدُّوس، إلَّا ما يُذكَر عن هذا، (قال بعض حُفَّاظ العصر: عن ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب»، ونسب تسميته إلى «العتبيَّة»، وذكره من رواية زياد شيطون، عن مالك، انتهى) [1]

قوله: (فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ)، وكذا قول أبيه: (أَطِعْ): كلاهما بقطع الهمزة، كلٌّ منهما رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ): أبو الغلام الذي كان يهوديًّا لا أعلم [2] أحدًا سمَّاه، والله أعلم به.

(1/2742)

[حديث ابن عباس: كنت أنا وأمي من المستضعفين]

1357# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ [1] يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ ... )؛ الحديث: كذا في أصلنا المصريِ والدِّمشقيِّ، وقد عزاه المِزِّيُّ في «أطرافه» إلى عبد الله بن مُحَمَّد هنا وفي (التفسير)، قال: (وفي «الحجِّ» [2] عن عليِّ بن عبد الله؛ كلاهما عن سفيان بن عيينة)، قال: (وفي «الحجِّ» أيضًا عن أبي النُّعْمان عن حمَّاد بن زيد، كلاهما عنه؛ أي: عن عبيد الله بن أبي يزيد به) انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام المشهور، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرْجَمًا.

قوله: (قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللهِ [3]: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ... )؛ الحديث: (عُبيد الله) هذا: هو ابن أبي يزيد، وكذا هو في نسخة في هامش أصلنا، وهو عبيد الله بن أبي يزيد المكِّيُّ، من الموالي، عن ابن عبَّاس وجمع، وعنه: شعبة، وابن عيينة، وعدَّةٌ، صدوق، تُوُفِّيَ في [4] سنة (126 هـ) وله ثمانون سنة، أخرج له الجماعة.

فائدةٌ هي تنبيهٌ: من اسمه عبيدُ الله وهو مُخرَّج له في الكتب السِّتَّة أو بعضها عن ابن عبَّاس: عبيد الله بن أبي بُردة [5]، ويقال: ابن المغيرة بن أبي بردة، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذليُّ، وعبيد الله بن يزيدَ الطَّائفيُّ، وعبيد الله بن أبي يزيد اللَّيثيُّ المكِّيُّ [6] صاحب الترجمة.

قوله: (أَنَا وَأُمِّي): تقدَّم الكلام على (أمِّه)، وهي [7] أمُّ الفضل لبابةُ [8] قريبًا رضي الله عنها.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).

[2] زيد في (ب): (أيضًا).

[3] زيد في النُّسخ: (قال)، وهو تكرارٌ.

[4] (في): سقط من (ج).

[5] في (ج): (برة)، وليس بصحيح.

[6] في (ج): (المكي الليثي).

[7] (أمه وهي): سقط من (ج).

[8] في (ج): (كنانة)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 362]

(1/2743)

[حديث: ما من مولود إلا يولد على الفطرة]

1358# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرْجَمًا مرَّةً.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، الإمام.

قوله: (يُصَلَّى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ): هي بفتح الغين المعجمة_ وحكى ابن دريد: كسرَها_ وتشديد الياء المُثَنَّاة تحت، ثمَّ تاء التَّأنيث، و (الغَيَّة): نقيض الرِّشْدة؛ ومعناه: لِزَنْيَةٍ.

مسألةٌ: اتَّفق العلماء رحمة الله عليهم [1]: أنَّ أولاد الزِّنا يُصلَّى عليهم، ولا أعلم مَن خالف في ذلك إلَّا قتادة، والله أعلم.

قوله: (مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ): هو بفتح همزة (أنَّه)، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وكذا الثَّانية.

[ج 1 ص 362]

قوله: (إِذَا اسْتَهَلَّ): هو بفتح التَّاء؛ أي: صاح.

قوله: (وَلاَ يُصَلَّى عَلَى [2] مَنْ لاَ يَسْتَهِلُّ): (يُصلَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (يَسْتَهِلُّ): هو بفتح أوَّله وثالثه، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (سقْطٌ): هو مُثلَّث السِّين، وهذا معروف، و (السِّقط): الولد يسقط قبل تمامه.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ... ) إلى أن قال: (فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ [3] كَانَ يُحَدِّثُ): اعلم أنَّ هذا مُنقطِع، وذلك لأنَّ الزُّهريَّ لم يسمع من أبي هريرة، وقد قدَّمتُ مَن سمع منهم الزُّهريُّ مِن الصَّحابة قريبًا، وليس فيهم أبو هريرة، ولا أدرك أبا هريرة، وقد قدَّمتُ مولد الزُّهريِّ، وأبو هريرة تُوُفِّيَ سنة (57 هـ)، وقال جماعة: سنة (59 هـ)، ولم يذكره البخاريُّ؛ للاحتجاج [4]، واعتماده [5] على سنده الثاني: (عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة)، وإن كان نازلًا؛ فهو مُتَّصل، كذا ذكره في آخر الباب، وفي (ذكر أولاد المشركين)، وفي (تفسير سورة الرُّوم)، والله أعلم.

(1/2744)

قوله: (كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ): (تُنتَجُ): هو [6] مضموم الأوَّل، ساكن الثاني، مفتوح الثالث، يقال: نُتِجت النَّاقة _على ما لم يسمَّ فاعله_ تُنْتَج؛ إذا حان نتاجها، قال يعقوب: (إذا استبان حملها، وكذلك النَّاقةُ؛ فهي نتوجٌ، ولا تقل [7]: مُنْتِج)، وفي «القاموس»: (نُتِجت النَّاقة _ كـ «عُنِي يُعنَى» مبنيًّا للمفعول_ نتاجًا وأُنتِجَت، وقد نتجَهَا أهلُها، وأنتجتِ الفرسُ: حان نتاجها، فهي نتوجٌ لا مُنتِجٌ)، و (البهيمة): قال الزُّبيديُّ في «مُختَصر العين»: كلُّ ذات أربع من دوابِّ البرِّ والبحر، وقوله: (بهيمة): هي منصوبة على المعنى؛ لأنَّ المعنى: تنتج البهيمة بهيمةً، فهي مفعولة لـ (تلد)، والله أعلم.

قوله: (جَمْعَاءَ): هو بالمدِّ؛ أي: حاملة [8]، قاله ابن وهب، وقال غيره: مجتمعة الخَلْق، لا عاهةَ بها ولا نقصَ، وبيَّنه بعد ذلك بقوله: (هل تحسُّ فيها من جدعاء؟).

قوله: (هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا؟): هو بضمِّ أوَّله، وكسر ثانيه، يقال: أحسَّ، وهي [9] أفصح، وحسَّ [10] لغةٌ.

قوله: (مِنْ جَدْعَاءَ): هو ممدودٌ، وبالدَّال المهملة، وإنَّما قيَّدت الدَّال؛ لأنَّي سمعت مَن يقرؤها بالإعجام، وقد رددت عليه، و (الجدْع): قطع الأذن.

قوله: ({فِطْرَةَ اللهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]): (الفطرة): الملَّة، وقيل: المراد: ابتداء الخِلقة (وما فُطِرَ عليها في الرَّحم مِن سعادة أو شقاء [11]، وأبواه يحكمان له عليه بحكمهما في الدُّنيا، وقيل: الفطرة هنا: أصل الخلقة من السَّلامة، والفطرة: ابتداء الخلقة) [12]؛ أي: يخلق سالمًا من الكفر وغيره، مُهيَّئًا لقبول الصَّلاح والهدى، ثمَّ أبواه يحمِلانه بعدُ على ما سبق له في الكتاب، كما قال في آخر الحديث: «كما تُنْتَج البهيمةُ بهيمةً جمعاء، هل تحسُّون فيها من جدعاء؟»، وقيل: على فطرة الله؛ يعني: حكمه، والله أعلم.

(1/2745)

[حديث: ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه]

1359# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم أنَّ اسمه [1] عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، مرارًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أنَّه ابن المبارك الإمامُ، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام.

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا (الزُّهْرِي): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، الإمام، شيخ الإسلام، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله أو إسماعيل.

==========

[1] في (أ) و (ب): (اسم)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 363]

(1/2746)

[باب: إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله]

(1/2747)

[حديث: يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله]

1360# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم الكلام على هذا المكان في (باب مَن قال: لا يقطع الصَّلاة شيءٌ) وإن كان الجيَّانيُّ لم يذكر هذا المكان، ولو وقف عليه؛ لقال فيه كما قال في تلك المواضع التي [1] فيها مثل هذا، والله أعلم، ولم يتعرَّض لتقييده المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا شيخُنا في «شرحه»، [وقال بعض حُفَّاظ العصر في كلام طويل وفي آخره: وقد راجعت في هذا المكان أشخاص الرِّوايات؛ فوجدت في رواية أبي عليِّ بن شبُّويه عن الفربريِّ التَّصريحَ بأنَّه إسحاق بن إبراهيم)؛ يعني: ابن راهويه قال: (وهو قضيَّة صنيع أبي نُعَيم في «المستخرج»، فإنَّه أخرجه في «مسند إسحاقَ بنِ إبراهيمَ») انتهى] [2].

قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو صالح بن كيسان المدنيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العالم المشهور.

قوله: (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ (المسيّب): بكسر الياء وفتحها هذا، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

(1/2748)

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): هو المسيّب بن حَزْن بن عمرو بن وهب بن عمرو بن عائذ _بالذال المعجمة_ ابن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مُرَّةَ بن كعب بن لؤيِّ بن غالب القرشيُّ المخزوميُّ، والمسيّب ووالده حَزْن صحابيَّان، أسلما يوم الفتح، كذا في كلام بعضهم، وقال أبو عمر في ترجمة المسيّب: (هاجر مع أبيه حَزْن، وكان المسيّب ممَّن بايع تحت الشجرة)، وقال في ترجمة حَزْن: (كان من المهاجرين) انتهى، وسيأتي في «البخاريِّ» _وفي «مسلم» أيضًا_: (أنَّ المسيّب بايع تحت الشجرة)، روى المسيّب عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأبيه، وأبي سفيان، وعنه: ابنه سعيد، وانفرد عنه ولدُه سعيد، ولم يروِ غيرُه عنه، وله عنه هذا الحديث في «البخاريِّ» و «مسلم»، وحديثٌ آخرُ فيهما، وهو: (وحدَّثني أبي، وكان ممَّن بايع تحت الشجرة)، وثالثٌ في «البخاريِّ» فقط: أنَّه عليه السَّلام قال لحزْن جدِّه: «ما اسمك؟»، وفي انفراد سعيد عن أبيه المسيّب ردٌّ على الحاكم في كتابه «المدخل إلى الإكليل» بأنَّ أحدًا مِن هذا القبيل لم يُخرِّج عنه البخاريُّ ومسلمٌ في «صحيحيهما»، وتبعه البيهقيُّ على ذلك، فقال في (كتاب الزَّكاة) عن ذكر حديث بهز عن أبيه عن جدِّه: «ومَن كتمها؛ فإنَّا آخذوها وشطرَ ماله» ما نصُّه: فأمَّا البخاريُّ ومسلمٌ؛ فإنَّهما لم يُخرِّجاه؛ جريًا على عادتهما في أنَّ الصَّحابيَّ أو التَّابعَ إذا لم يكن له إلَّا راوٍ واحدٌ؛ لم يُخرِّجا حديثه في «الصَّحيحَين» ... ) إلى آخر كلامه، وقد غلَّط الحاكمَ في ذلك جماعةٌ؛ منهم: ابن طاهر المقدسيُّ، والحازميُّ، ونُقِضَ ذلك عليه بما نحن فيه، وهو حديث المسيّب بن حَزْن في وفاة أبي طالب مع أنَّه لا راويَ عنه غيرُ ابنه سعيد، ولمَّا نقل النَّوويُّ كلامَ الحاكمِ؛ قال: (ولعلَّه أراد من غير الصَّحابة)، والله أعلم.

(1/2749)

قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): (أبو طالب): تقدَّم أنَّ اسمه عبدُ مناف، وعليه اقتصر السُّهيليُّ في «روضه»، وقال بعضهم: اسمُه كنيتُه، وقال شيخنا: (وقال [3] أبو القاسم المغربيُّ [4] الوزيرُ: اسمُه عمرانُ) انتهى، ولا يصحُّ [5]، وقد تُوُفِّيَ أبو طالب، وقد أتت للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم تسعٌ وأربعون سنةً وثمانيةُ أشهرٍ وأحدَ عشرَ يومًا، قاله ابن فارس، وقيل: قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل غير ذلك، قال بعضهم في وفاة أبي طالب: وقيل: في النِّصف من شوَّال من السَّنة العاشرة، وقال ابن الجزَّار: (قبل هجرته بثلاث سنين، وماتت خديجة بعد ذلك بثلاثة أيَّام، وقيل: بخمسةٍ في رمضان، وقيل: ماتت قبل الهجرة بخمسٍ، وقيل: بأربع سنين، وقيل: بعد الإسراء) انتهى، وبعدَه [6] بثلاثة أيَّام خديجةُ، وقيل: تُوُفِّيَت قبله بخمسةٍ وثلاثين يومًا، وقيل غير ذلك، فكان [7] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يسمَّي ذلك العام عامَ الحزن.

[ج 1 ص 363]

قوله: (فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ): هو عمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، كافرٌ معروفٌ، قُتِل ببدرٍ على كُفره.

قوله: (وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ): هذا أخو أمِّ سلمة أمِّ المؤمنين، وأمُّه عاتكة عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان شديدًا على المسلمين، معاديًا لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أسلم قبيل الفتح هو وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، رُمِي عبد الله هذا بسهم يوم الطَّائف، فقتله شهيدًا رضي الله عنه.

قوله: (أَشْهَدْ): هو بجزم الدَّال، جزاء (قُلْ)، ويجوز رفعه [8].

قوله: (يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ): هو بفتح أوَّله، وكسر الرَّاء.

قوله: (آخِرَ): هو بنصب (آخرَ).

(1/2750)

قوله: (وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ): صريحُه: أنَّه لم يُسلِم، وهذا النَّفي محصورٌ، فهو مقبولٌ، وكذا الآيةُ فيها ذلك، وهو أنَّه لم يُسلِم، وفي «سيرة ابن إسحاق»: فلمَّا تقارب من أبي طالب الموتُ؛ نظر العبَّاس إليه يحرِّك شفتيه، فأصغى [9] إليه بأذنه، فقال: يا بن أخي؛ والله لقد قال أخي الكلمةَ التي أمرتَه بقولها، فقال رسول الله [10] صلَّى الله عليه وسلَّم: «لم أسمع»، كذا في رواية ابن إسحاق أنَّه أسلم عند الموت، وقد رُوِيَ: أنَّ عبد الله بن عبد المطَّلب وآمنة بنت وهب أسلما أيضًا، وأنَّ الله أحياهما له، فآمنا به، ويُروى ذلك في حقِّ جدِّه، وهي رواياتٌ لا مُعَوَّل عليها، والصَّحيح من ذلك: ما في «الصَّحيح»، وفيه أيضًا: أنَّه ذُكِر عنده عمُّه أبو طالب، فقال: «لعلَّه تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيُجعلَ في ضحضاحٍ من النَّار»، وعنه عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه قال: «أهون أهل النَّار عذابًا أبو طالب، وهو مُتنَعِّل بنعلين يغلي منهما دماغُه»، وقد رُوِّينا في «مسند أحمد» عن عليٍّ: أنَّه أتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: إنَّ أبا طالب قد مات، فقال له صلَّى الله عليه وسلَّم: «اذهب؛ فوارِه»، قال: إنَّه مات مُشرِكًا [11]، قال: «اذهبْ؛ فوارِه ... »؛ الحديث، ورُوِّينا [12] فيه أيضًا عن أبي رُزَين، قال: قلت: يا رسول الله؛ أين أمِّي؟ قال: «أمُّك في النَّار»، قلت: أين مَن مضى مِن أهلك؟ قال: «أما ترضى أن تكون أمُّك مع أمِّي؟»، وفي «مسلم»: «استأذنت ربِّي في أن أستغفر لها، فلم يُؤذَن لي»، (وفي «مسلم» عن أنس: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله؛ أين أبي؟ قال: «في النَّار»، قال: فلمَّا قفا؛ دعاه، فقال: «إنَّ أبي وأباك في النَّار» انتهى، وهذا الرجل هو أبو رُزَين العقيليُّ، وقيل: حُصَين والد عمران، وفي ذلك نظر؛ لأنَّ والد أبي رُزَين اسمُه [13] عامر بن صبرة أسلم، وكذا الحُصَينُ، والله أعلم) [14]، وغير ذلك من الأحاديث، وذكر بعض أهل العلم ما حاصله: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يزل راقيًا في المقامات السَّنيَّة، صاعدًا في الدَّرجات العليَّة، إلى أن قبض الله روحه الطَّاهرةَ إليه، وأزلفه بما خصَّه به لديه، مِن الكرامة حين القدوم عليه، فمن الجائز أن تكون هذه درجةٌ حصلت له بعد أن لم تكنْ، وأن يكون الإحياءُ والإيمانُ مُتأخِّرًا عن تلك الأحاديث، فلا تعارُض، وقال السُّهيليُّ: شهادة

(1/2751)

العبَّاس لأبي طالب لو أدَّاها بعد ما أسلم؛ كانت مقبولةً؛ لأنَّ العدل إذا قال: سمعتُ، وقال مَن هو أعدلُ منه: لم أسمع؛ [أُخِذَ] بِقولِ مَن أثبت السَّماع، ولكنَّ العبَّاسَ شهد بذلك قبل أن يُسلِم، وفي هذا نظرٌ، وقد تعقَّبه السُّهيليُّ نفسُه مع أنَّ الصَّحيح مِن الأثر قد أثبت لأبي طالب الموافاة على الكفر والشِّرك، وأثبت نزول هذه الآية فيه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ ... } [التوبة: 113]؛ الآية، وثبت في «الصحيح» أيضًا: أنَّ العبَّاس قال: يا رسول الله؛ إنَّ أبا طالب كان يحوطك، وينصرك، ويغضب لك، فهل ينفعه ذلك؟ قال: «نعم؛ وجدته في غمرات مِن النَّار، فأخرجتُه إلى ضحضاحٍ»، وفي «الصَّحيح» أيضًا: «فيُجعل في ضحضاحٍ من النَّار ... »؛ فذكر الحديث، قال: وفي رواية يونس بن بكير عن ابن [15] إسحاق [16] زيادةٌ، وهي أنَّه قال: «يغلي منها دماغه حتَّى يسيل على قدميه» انتهى، وذكر السُّهيليُّ: أنَّ الحارث بن عبد العزَّى والدَه من الرَّضاعة قدم عليه مكَّة وأسلم، وحسن إسلامه في خبرٍ ذكره من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن أبيه، عن رجال من بني سعد بن بكر، انتهى، وأمَّا حليمة؛ فأثبت غيرُ واحدٍ إسلامَها، وأفرده بالتأليف شيخُ شيوخي مغلطاي، وعندي منه نسخةٌ، وأنكره شيخ شيوخنا الحافظ الدِّمياطيُّ، ورأيت إنكاره أيضًا بِخَطِّ أبي حيَّان النَّحويِّ على «معجم الطَّبرانيِّ الكبير» عند ذكرها في (النِّساء)، والله أعلم، ذكره لنفسه، ولم يذكره عن الدِّمياطيِّ.

(1/2752)

قوله: (أَمَ وَاللهِ): كذا في هامش أصلنا، وفي الأصل: (أما)، وكلاهما صحيح، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: هكذا ضبطناه (أمَ) من غير ألفٍ بعد الميم، وفي كثير مِن الأصول أو أكثرها: (أَمَا والله)؛ بألف بعد الميم، وكلاهما صحيح، قال الإمام أبو السَّعادات هبةُ الله بن عليِّ بن مُحَمَّد العلويُّ الحسنيُّ المعروف بابن الشَّجَرِيِّ في كتابه «الأمالي»: («ما» المزيدةُ للتَّوكيد، ركَّبوها مع همزة الاستفهام، واستعملوا مجموعَهما على وجهين؛ أحدهما: أن يراد به معنى: حقًّا، في قولهم: أما والله [17] لأفعلنَّ، والآخر: أن يكون افتتاحًا للكلام بمنزلة «أَلَا»؛ كقولك: أَمَا إنَّ زيدًا منطلقٌ، وأكثر ما تُحذَف ألفُها إذا وقع بعدها القسمُ؛ ليدلُّوا على شدَّة اتِّصال الثَّاني بالأوَّل؛ لأنَّ الكلمة إذا بقيت على حرف؛ لم تقُمْ بنفسها [18]، فعُلِمَ بحذف [19] ألف «ما» افتقارُها إلى الاتِّصال بالهمز [20]) انتهى، والله أعلم.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى [21]: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} ... ؛ الآيَةَ [التَّوبة: 113]): إن قلت: قد استغفر الشَّارع صلَّى الله عليه وسلَّم [22] لهم [23] يوم أُحُد، فقال: «اللَّهمَّ؛ اغفر لقومي، فإنَّهم لا يعلمون»؟ قيل: استغفاره لقومه مشروطٌ بتوبتهم من الشِّرك، كأنَّه أراد الدُّعاء لهم بالتَّوبة، وقد جاء في رواية: «اللهمَّ؛ اهدِ قومي»، وقيل: أراد مغفرةً تصرف عنهم عقوبة الدُّنيا من المسخ وشبهه، وقيل: تكون الآية تأخَّر نزولها، فنزلت بالمدينة ناسخةً للاستغفار للمشركين، فيكون متقدِّمًا، والنزول مُتأخِّرًا، لا سيَّما و (براءة) مِن آخر ما أُنزِل، والله أعلم.

==========

[1] في النُّسخ: (الذي)، ولعلَّ المثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] (وقال): ليس في (ب).

[4] في (أ) و (ج) تبعًا لـ «التَّوضيح»: (المعري)، وفي هامشهما: (لعلَّه: المغربيُّ)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[5] (ولا يصحُّ): ليس في (ج)، وفي (ب): جاءت قبل قوله: (انتهى).

[6] أي: بعد أبي طالبٍ.

[7] في (ب): (وكان).

[8] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

[9] في (ب): (فأتبع)، وليس بصحيح.

[10] في (ج): (النبي).

[11] في (ب): (بشرط)، وليس بصحيح.

[12] زيد في (ب): (قد).

[13] (اسمه): ليس في (ب).

[14] ما بين قوسين سقط من (ج)، وجاء في (ب): بعد قوله: قبض الله روحه الطاهرة.

[15] في (ب): ضُرِب على (ابن).

(1/2753)

[16] زيد في (ب): (بن)، وليس بصحيح.

[17] في (ب) و (ج): (أربه)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[18] في (ج): (لم تفهم نفسها)، وليس بصحيح.

[19] في (ج): (بحرف)، وهو تحريف.

[20] في (ج): (بالهمزة).

[21] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فيه).

[22] (الصَّلاة): ليس في (ب).

[23] (لهم): سقط من (ج).

(1/2754)

[باب الجريد على القبر]

(بابٌ الْجَرِيدُ عَلَى الْقَبْرِ) ... إلى (كِتَاب فَرْضِ الزَّكَاةِ)

فائدةٌ: إن قلت: لِمَ خصَّ الشَّارعُ وبُريدةُ بَعْدَه الجريدَ دون غيره من سائر النَّبات والثِّمار؟ والجواب: أنَّهما [1] أطول الثمار بقاءً، فتطول مدَّة التخفيف، وهي شجرة طيِّبة، سمَّاها الله تعالى، وشبَّهها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمؤمن، وقد تقدَّم وجه الشبه _والله أعلم_ في (كتاب العلم)، وأمَّا الغراس على المقابر؛ فقال صاحب «الأنوار» من الشافعيَّة: (يكره تجصيص القبر، والكتابة، والمِظَلَّة، والبناء [2]، والغراس)، انتهى، وفي الغراس نظر، والله أعلم.

قوله: (وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ ... ) إلى آخره: (بُريدة) هذا: هو ابن الحُصَيْب _بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ مُوَحَّدة_ ابن عبد الله بن الحارث بن الأعرج الأسلَميُّ، أبو عبد الله، ويقال: أبو سهل، وقيل [3]: أبو الحُصَيب، وقيل: أبو ساسان، أسلم حين مرَّ به عليه الصَّلاة والسَّلام مهاجرًا، ثمَّ قدم المدينة قبل الخندق، ثمَّ نزل البصرة، ثمَّ مرو، تُوُفِّيَ سنة (23 هـ)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند».

قوله: (أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ [4]): (يُجعَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (جريدتان): مَرْفوعٌ فاعل، وعلامة الرفع فيه الألف؛ لأنَّه مثنَّى.

قوله: (فُسْطَاطًا): (الفُسطاط): تقدَّم ما هو، وما فيه من اللُّغَات.

قوله: (عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): قال شيخنا الشَّارح: (هو عبد الرَّحمن بن أبي بكر، كما بيَّنه عبد الحقِّ في «جمعه»)، انتهى، [وقال بعض حُفَّاظ المِصْرِيِّين: هو عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّاب، ابن عمِّ عبد الله بن عمر، انتهى، وهذا لا أعرف له ترجمةً، والظاهر أنَّه تُوُفِّيَ صغيرًا، والله أعلم] [5].

وعبد الرَّحمن الأوَّل [6]: شقيق عائشة، رضي الله عنهما، أسلم قبل الفتح، قَتلَ يوم اليمامة سبعةٌ؛ منهم مُحَكِّم اليمامة، روى عنه ابن أخيه القاسم، وأبو عثمان النهديُّ، تُوُفِّيَ سنة (53 هـ)، روى له الجماعة، وأحمد في «المسند».

قوله: (انْزِعْهُ يَا غُلاَمُ): (انزِعه): بهمزة وصل، وكسر الزاي، ثلاثيٌّ، والغلام المنادَى لا أعرف اسمه.

(1/2755)

قوله: (وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ): هو خارجة بن زيد بن ثابت الفقيه، أبو زيد الأنصاريُّ، عن أبيه وأسامة [7] بن زيد، وعنه: ابنه سليمان، والزهريُّ، وأبو الزناد، ثقةٌ إمامٌ، تُوُفِّيَ سنة (99 هـ)، قاله في «الكاشف»، وفي «الوَفَيَات» جزم بمئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضمِّ التاء، وهذا ظاهرٌ؛ أي: رأيتُ نفسي [8].

قوله: (وَثْبَةً): (الوثبة): الطَفْرة [9].

قوله: (قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ): تقدَّم أنَّه بالظاء المعجمة، وقد تقدَّم مع ترجمةٍ قليلةٍ.

قوله: (وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ): هو بفتح الحاء، وكسر الكاف، وهو عثمان بن حكيم بن غياث الأنصاريُّ الأوسيُّ، أبو سهل المدنيُّ، ثمَّ الكوفيُّ، عن أبي أمامة بن سهل، وسعيد بن المسيّب، وعامر بن سعد، وسعيد بن جبير، وطائفةٍ، وعنه: الثَّوريُّ، وعليُّ بن مُسْهِر، وهُشَيْم، ويعلى بن عبيد، قال ابن المدينيِّ: (له نحو عشرين حديثًا)، وقال أحمد وابن معين: (ثقة)، علَّق له البخاريُّ، وأخرج له مسلم والأربعة.

قوله: (أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ): أمَّا (خارجة)؛ فقد تقدَّم الكلام عليه أعلاه، قال الدِّمياطيُّ: (لم يدرك [10] خارجةُ بن زيد بن ثابت عمَّه يزيدَ بنَ ثابت)، وقال شيخنا العراقيُّ فيما رأيته عنه بِخَطٍّ مُعتَمَد عليه: قد [11] أشار إلى ذلك البخاريُّ في «التاريخ الصغير» فقال: فإن صحَّ قول موسى بن عقبة أنَّ يزيد بن ثابت قُتِل أيَّام اليمامة في عهد أبي بكر؛ فإنَّ خارجة لم يدرك يزيد؛ يعني: عمَّه، تُوُفِّيَ خارجة سنة مئة أو تسع وتسعين، انتهى، وعُمْر خارجة إذ ذاك سبعون سنة، وقال ابن عبد البرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة يزيد:

[ج 1 ص 364]

(إنَّ خارجة روى عنه، ولا أحسب سمع منه)، وقال المِزِّيُّ في «التهذيب»: (إنَّه سمع منه، وقيل: لم يسمع منه)، انتهى، وقال الذَّهبيُّ: (إنَّ خارجة لم يسمع منه)، وفي «التذهيب» ذكر كلام البخاريِّ بنحو [12] ما ذكره العراقيُّ عنه، انتهى، والذي يظهر عدمُ سماعه منه، والله أعلم.

قوله: (إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ): (كُرِه): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/2756)

[حديث: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير]

1361# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا أبُو مُعاوِيَةَ): قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في تطريف هذا الحديث: (يحيى بن يحيى) انتهى؛ يعني به: يحيى بن يحيى بن بكير التميميَّ، أبا زكريَّا النيسابوريَّ، أحد الأعلام، مشهور الترجمة، عن مالك وزهير بن معاوية، وعنه: البخاريُّ، ومسلمٌ، وغيرُهما، قال أحمد: (ما أخرجَتْ خراسانُ بعد ابن المبارك مثلَه)، وقال ابن راهويه: (ما رأيت مثلَه، ولا رأى مثل نفسه) انتهى، فقيهٌ ثبتٌ إمامٌ، صاحب حديثٍ وليس بالكثير، تُوُفِّيَ سنة (222 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وليس ليحيى بن يحيى اللَّيثيِّ راوي «المُوطَّأ» في الكتب السِّتَّة شيءٌ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أبُو مُعاوِيَةَ): هو الضرير مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ): تقدَّم الكلام أنَّهما من أهل القبلة، وقد عُيِّن أحدُهما، ولا يصحُّ، وأنَّ هذه القصَّة كانت بالمدينة، وقد جرت للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قصَّةٌ تشبه هذه مذكورةٌ في آخر «صحيح مسلم» في (غزوة بُواط)، وتقدَّم قوله: (وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ)، وتقدَّم: (لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ)، والروايات فيه، وتقدَّم الكلام على (النَّمِيمَةِ)، وما يتعلَّق بذلك، وحدَّ الغزاليُّ النميمةَ، وقد استحسنه النَّوويُّ، وتقدَّم ما قاله شيخنا في أنَّ الجريدتين أَورَقَتا من ساعتهما، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام فرح بذلك وقال: «خُفِّفَ عنهما بسبب شفاعتي»، وتقدَّم تسبيح الأشياء.

قوله: (بِنِصْفَيْنِ): تقدَّم أنَّ الباء زائدةٌ.

==========

[ج 1 ص 365]

(1/2757)

[باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله]

قوله: (الإِيفَاضُ [1]: الإِسْرَاعُ): هو بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَقَرَأَ الأَعْمَشُ: {إِلَى نَصِبٍ} [2] [المعارج: 43]): هو بفتح النُّون، وكسر الصاد، كذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وفي نسخة هي على هامش أصلنا: {نُصْب}؛ بضمِّ النُّون، وإسكان الصاد، وقال شيخنا الشَّارح: في «المعاني» للفرَّاء: قرأ الأعمش وعاصم: {إلى نَصْب}؛ بفتح النُّون؛ يريد: إلى شيء مَنْصوبٍ، وقرأ زيد بن ثابت: {نُصْب}؛ بضمِّ النُّون [3]، انتهى، وفي نسخة في الأصل: (وقرأ الأعمش: {إلى نَصْب})؛ بفتح النُّون، وسكون الصاد بالقلم، وفي الهامش: بضمِّهما بالقلم.

واعلم أنَّ جملة ما في ذلك من القراءات: العامَّة: {إِلَى نَصْبٍ}؛ بالفتح، وإسكان الصاد، وابن عامر وحفص: بضمَّتَين، وأبو عمران الجونيُّ ومجاهد: بفتحتين، والحسن وقتادة: بضمَّة وسكون، فالأولى: هو اسمٌ مفرد؛ بمعنى: العلم المنصوب الذي يسرع الشخص [4] نحوه، وقال أبو عمرو: هو شبكة الصائد يسرع إليها عند وقوع الصيد فيها؛ مخافة انفلاته، وأمَّا القراءة الثانية؛ فتحتمل ثلاثة أوجه؛ أحدها: أنَّه اسم مفرد؛ بمعنى: الصنم المنصوب للعبادة، الثاني: أنَّه جمع نصاب؛ ككتب وكتاب، الثالث: أنَّه جمع نَصْب؛ نحو: رَهْن ورُهُن، وسَقْف وسُقُف، وجمع الجمع: أنصاب، وأمَّا الثالثة؛ فـ (فَعَل)؛ بمعنى: مفعول؛ كـ (القَنَص)، والرابعة: تخفيف من الثانية، هذا ما فيها من القراءات متواترةٍ وشاذَّةٍ، ولم أَقِفْ فيها على قراءةٍ للأعمش _والله أعلم_ إلَّا ما ذكره شيخنا عن الفرَّاء، والله أعلم، [وفي السَّبعة منها ما قرأه ابن عامر وحفص: {إلى نُصُب}؛ بضمِّ النُّون والصاد، والباقون: بفتح النُّون، وإسكان الصاد، هذا على ما عليه [5] «التيسير» و «الشاطبيَّة»، والله أعلم] [6].

قوله: (وَالنُّصْبُ وَاحِدٌ، وَالنَّصْبُ مَصْدَرٌ)، الأوَّل: بضمِّ النُّون، وإسكان الصاد، والثانية: بفتح النُّون، وإسكان الصاد، كذا أيضًا [7] في أصلنا بالقلم، وعلى الأوَّل (صح).

(1/2758)

[حديث: ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من .. ]

1362# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ [1]: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ): أمَّا (عثمان)؛ فهو ابن أبي شيبة الحافظ، أخو الحافظ أبي [2] بكر ابن أبي شيبة، وقد قدَّمتُ ترجمته، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، وأمَّا (جرير)؛ فهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وبغير ترجمة مرارًا، وأمَّا (منصور)؛ فهو ابن المعتمر، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ): هذا هو السُّلَميُّ؛ بضمِّ السِّين، وفتح اللام، مشهور، واسمه عبد الله بن حَبِيب _بفتح الحاء المهملة، وكسر المُوَحَّدة_ ابن رُبَيِّعة؛ بالتصغير، الإمام المقرئ، عن عُمر، وعثمان، وغيرِهما، وعنه: عاصم بن أبي النَّجود وأبو إسحاق، وأَقْرَأَ دَهْرًا، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وسبعين تقريبًا، أخرج له الجماعة.

[قوله: (في جنازةٍ): صاحب هذه الجنازة لا أعرفه] [3].

قوله: (فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ): (البَقيع): بفتح المُوَحَّدة، مشهورٌ جدًّا، وهو مَدْفَن أهل المدينة، و (الغَرْقَد)؛ بفتح الغين المعجمة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ قاف مفتوحة، ثمَّ دال مهملة: هو شجر العوسج، واحده: غَرْقَدَة.

قوله: (وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ): هي بكسر الميم، وإسكان الخاء المعجمة، ثمَّ صاد مفتوحة، ثمَّ راء، ثمَّ تاء التأنيث: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه، من عصًا، أو عُكَّازة، أو مقرعة، أو قضيب، وقد يتَّكئ عليه.

قوله: (يَنْكُتُ): هو بالمُثَنَّاة فوق في [4] آخره، فإيَّاك أن تُثَلِّثها؛ أي: يؤثِّر بها في الأرض.

قوله: (مَنْفُوسَةٍ): أي: مولودة.

قوله: (إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا): (كُتِب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (مكانها): قائم مقام الفاعل، مَرْفوعٌ.

قوله: (إِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً): هما منصوبان منوَّنان، وعليهما في أصلنا على كلِّ واحدة: (صح)، وقد رُوِيا برفعٍ [5] منوَّنين، وإعرابهما ظاهر، و (كُتِب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، [وقوله: (إلَّا كُتب ... ) إلى آخره: الظاهر أنَّه شكٌّ من الراوي؛ هل قال هذا أو هذا؟ والله أعلم] [6].

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ): هذا الرجل [هو عليٌّ، كما ذكره البخاريُّ في (التفسير)، لكن بلفظ: (قلنا)، وسيأتي هناك أنَّ جابرًا روى: أنَّ سراقة _يعني: ابن جُعْشُم [7]_ سأل عن ذلك] [8].

==========

(1/2759)

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] في (ب): (أبو)، وليس بصحيح.

[3] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[4] في (ج): (وفي)، وليس بصحيح.

[5] في (ج): (بالرفع).

[6] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[7] (يعني ابن جعشم): جاءت في (ب) بعد قوله: (سأل عن ذلك).

[8] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وزيد فيها: لا أعرفه، وضرب عليها في (أ).

[ج 1 ص 365]

(1/2760)

[باب ما جاء في قاتل النفس]

(1/2761)

[حديث: من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال]

1363# قوله: (عَنْ [1] خَالِدٍ): هذا هو خالد بن مِهران الحذَّاء، أبو المُنازل، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً ببعض الترجمة.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، واسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[ج 1 ص 365]

(1/2762)

[معلق حجاج: كان برجل جراح قتل نفسه فقال الله: بدرني عبدي ... ]

1364# قوله: (وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ): هذا حجاج بن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، روى عنه: البخاريُّ وغيره، وعن واحد عنه، وقد أخرج البخاريُّ هذا الحديثَ في (ذكر بني إسرائيل) عن مُحَمَّد _ولم ينسبه_ عن حجَّاج هذا، وقد تقدَّم أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة _والله أعلم_؛ كنظرائه، والله أعلم، وسأذكر الكلام على مُحَمَّد إذا وصلنا إليه إن شاء الله تعالى وقدَّره، وقال [1] شيخنا العراقيُّ في «النكت»: (يجوز أن يقال: إنَّ البخاريَّ أخذه [2] عن حجَّاج بن منهال إمَّا بالمناولة، أو في حالة [3] المذاكرة، على الخلاف الذي ذكره ابنُ الصلاح، وسمعه ممَّن سمعه منه، فلم يستحسن التصريح باتِّصاله بينه وبين حجَّاج؛ لما [4] وقع من تحمُّله عنه، وهو قد صحَّ عنه بواسطة الذي حدَّثه به، فأتى به [5] في موضعٍ بصيغة التعليق، وفي موضع آخرَ بزيادة الواسطة ... ) إلى آخر كلامه، انتهى، ولا أعلم في «البخاريِّ» مكانًا رواه [6] البخاريُّ عن بعض شيوخه بالمناولة كما قدَّمته وإن كانت المناولة المقرونة بالإجازة صحيحةً، وقد بوَّب البخاريُّ في (كتاب العلم) عليها وأطلق، والله أعلم، وقدَّمت [7] ما قال الحيريُّ في قول البخاريِّ: (قال لي فلان) ما حكمه، وأنَّ المعروف خلافه.

[ج 1 ص 365]

قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (عَنِ الْحَسَنِ): هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

قوله: (حَدَّثَنَا جُنْدبٌ): هو بضمِّ الجيم، والدال المهملة، وتفتح، ابن عبد الله بن سفيان البجليُّ، ثمَّ العَلَقِيُّ، ويُنسَب إلى جدِّه، صحابيٌّ، روى عنه: الحسن، وأبو عمران الجونيُّ، وعبد الملك بن عمير، تُوُفِّيَ سنة (64 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم.

قوله: (بِرَجُلٍ خُرَاجٌ [8]): هذا الرجل لا أعلم أحدًا سمَّاه.

(1/2763)

قوله: (كانَ بِرَجُلٍ خُرَاجٌ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف جيم، كذا في أصلنا مجوَّد بلا خلاف، وكذا ذكره ابن قُرقُول في (الخاء [9] المعجمة مع الرَّاء)، وكذا ضبطه النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (كتاب الإيمان) في هذا الحديث نفسه، وقال: (هو القرحة)، وكذا ضبطه شيخنا في شرحه، ورأيت في نسخة صحيحة: (جِراح)؛ بجيم مكسورة، وفي آخره حاء مهملة، وكذا رأيت في أخرى، وأخرى، وأخرى، ورأيته قد ضبطه بعض أصحابنا من المُتأخِّرين في هذا الحديث فقال: (يُروَى بجيم مكسورة، وبخاء معجمة مضمومة)، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (قال).

[2] في (ب): (أخذ).

[3] في (ج): (حال).

[4] في (ج): (ولما).

[5] في (ج): (فأجابه).

[6] في (ج): (أداه).

[7] في (ب): (وقد قدَّمتُ).

[8] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (جراحٌ).

[9] (الخاء): ليس في (ب).

(1/2764)

[حديث: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار]

1365# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرْجَمًا مرَّةً.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (أَبُو الزِّنادِ): أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وكذا تقدَّم (الأَعْرَجِ): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُها): هما بضمِّ النُّون، تقول: خنَقه؛ بفتح النُّون، يخنُقه؛ بضمِّها، خنِقًا؛ بكسر النُّون وتُسَكَّن.

قوله: (وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ): (يطعُن): بضمِّ العين فيهما [1]، وتُفتَح؛ لغتان مشهورتان.

==========

[1] في (ج): (منهما).

[ج 1 ص 366]

(1/2765)

[باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاة عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالاِسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ): فقوله: (يُكرَه)؛ أي: يحرم؛ لأنَّ الأقدمين يستعملون الكراهة في التحريم، وبه جاء القرآن؛ وهو قوله: {كَانَ سَيِّئةً [1] عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38]، وقوله: (على المنافقين): للعلماء في المنافقين قولان مَن هم، سيأتيان إن شاء الله تعالى، و (المشركون) معروفون.

==========

[1] في (ج): ({سيِّئُهُ}).

[ج 1 ص 366]

(1/2766)

[حديث: إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين]

1366# قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ): تقدَّم الكلام على عبد الله المنافق مُطَوَّلًا [1]، وعلى ابن أُبَيٍّ ابن سلول، وعلى أنَّ (سلول) لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وأنَّها أمُّه، ومتى هلك، وتقدَّم الكلام على ابنه عبد الله الرَّجل الصَّالح، وأنَّه استُشهِد باليمامة سنة (12 هـ) [2] في خلافة الصِّدِّيق [3].

قوله: (دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (دُعِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَغُفِرَ لَهُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وفي نسخة: (يُغفَر)؛ كذلك.

(1/2767)

[باب ثناء الناس على الميت]

(1/2768)

[حديث: هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة]

1367# قوله: (مَرُّوا بِجَنَازَةٍ): هذه لا أعرف جنازة مَن هي، وكذا صاحب الجنازة الثانية، وقوله [1]: (مرُّوا)، وفي نسخة: (مُرَّ)؛ بالتوحيد، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، فاعلم أنَّ (مرَّ) لازم، فلا يُبنَى منه، إلَّا أنِّي رأيت عن سيبويه أنَّه جوَّز البناء من اللازم.

قوله: (فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا): (الثناء): يُستَعمَل في الخير لا غير، كذا قال بعضهم، والصحيح: أنَّه يستعمل في الخير والشرِّ، لكنَّه في الخير أكثر، وأمَّا (النثا)؛ بتقدَّم النُّون مقصور؛ فإنَّه يُستعمَل فيهما.

==========

[1] في (ج): (قوله).

[ج 1 ص 366]

(1/2769)

[حديث: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة]

1368# قوله: (عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ): هذا هو ظالم بن عمرو، (ويقال: عمرو بن ظالم) [1]، ويقال: عمرو بن سفيان، وقال الواقديُّ: (عُوَيمِر بن ظُوَيلِم الدؤليُّ)، ويقال: الدِّيليُّ، البصريُّ قاضيها، عن عمر، وأُبيٍّ، وعليٍّ، ومعاذ، وأبي ذرٍّ، والزبير، وأبي موسى، وجماعةٍ، وعنه: يحيى بن يعمر، وعبد الله بن بُرَيدة، وعُمر مولى غفرة، وغيرُهم، قال أحمد العجليُّ: (ثقة، وهو أوَّل من تكلَّم في النحو)، قال الواقديُّ: (أسلم على عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، وقاتل مع عليٍّ يوم الجمل)، قال ابن معين وغيره: (مات في طاعون الجارف، سنة تسع وستِّين)، قال الذَّهبيُّ: (كان [من] وجوه الشيعة)، قرأ القرآن على عليٍّ، وهو أوَّل من وضع مسائل النحو بإشارة عليٍّ، فلمَّا عرضها على عليٍّ؛ قال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت، فمِن ثَمَّ سُمِّيَ النحوُ نحوًا، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا)، وكذا الثانية، وكذا النافية [2]: (فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا): على أنَّ (أُثنِيَ) مبنيٌّ للمفعول، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (إنَّه مَنْصوبٌ بنزع الخافض؛ أي: بخيرٍ وبشرٍّ)، وقال ابن مالك في «التَّوضيح على البخاريِّ» كما رأيته فيه في قول [3] خبَّاب: (فلم يترك إلَّا نمرة): إنَّه صفة لمصدر محذوف، انتهى، والذي أُثنِيَ عليه خيرًا، وكذا الثاني، وكذا الثالث الذي أُثنِيَ عليه شرٌّ لا أعرفهم، والله أعلم بهم.

==========

[1] ما بين قوسين ليس في (ج).

[2] (وكذا النافية): ليس في (ج)، وفي (ب): (الثانية).

[3] في النُّسخ: (موت)، وليس بصحيح، والمثبت موافق لمصدره.

[ج 1 ص 366]

(1/2770)

[باب ما جاء في عذاب القبر]

قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ): هل عذاب القبر على النفس والبدن، أو على النفس دون البدن، أو على البدن دون النَّفس؟ وهل يشارك البدنُ النَّفسَ في النَّعيم والعذاب، أم [1] لا؟ قال ابن قيِّم الجوزيَّة: (وقد سُئِل عن هذه المسألة شيخ الإسلام _يعني: أبا العبَّاس بن تيمية_ قال: ونحن نذكر الأجوبة، فقال [2]: بل العذاب والنَّعيم على النَّفس والبدن جميعًا باتِّفاق أهل السُّنَّة، تُنَعَّم وتُعَذَّب منفردةً عن البدن، ومُتَّصلة به، والبدن يتَّصل [3] بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مُجتمِعَين كما تكون الرُّوح مُنفرِدةً عن البدن، وهل يكون النَّعيم والعذاب للبدن بدون الرُّوح، هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسُّنَّة، وفي المسألة أقوالٌ شاذَّة ليست من أقوال أهل السُّنَّة والحديث)؛ فذكر ذلك ... إلى آخره، فإن أردته؛ فانظره من كتاب «الرُّوح» في فصلٍ قال فيه: (وهذا يتَّضح بجواب المسألة)، (ثمَّ إنِّي نظرت ذلك في كلام أبي العبَّاس ابن تيمية في المسألة المُفرَدة، وقد سئل عنها، فأجاب عنها في أوراقٍ يسيرةٍ) [4].

[ج 1 ص 366]

قوله: (وَالْهَوْنُ: الرِّفْقُ): هو بفتح الهاء، قال الجوهريُّ: (والهون: السَّكينة والوقار).

[قوله: ({النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ... }؛ الآية [غافر: 46]): اعلم أنَّ هذا (العرض) قيل: إنَّما هو على الرُّوح وحده [5]، ويجوز أن يكون مع جزءٍ من البدن، ويجوز أن يكون عليه مع جميع الجسد، فتُرَدُّ إليه الرُّوحُ كما تُرَدُّ عند المساءلة حين يُقعِدُه الملَكان، ويقال له: انظر إلى مقعدك من النَّار، قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنَّة، هذا في حقِّ المؤمن، وأمَّا الكافر؛ فإنَّه بالعكس؛ لأنَّ [6] أهل السَّعادة [7] يُعرَضون على الجنان بالخبر الصَّحيح في ذلك، وهل كلُّ مؤمن يُعرَض على الجنان؟ فقيل: ذلك مخصوص بالمؤمن الكاملِ الإيمان، ومَن أراد الله إنجاءَه من النار، وأمَّا مَن أنفذ الله عليه وعيدَه من المُخلِّطين الذين خَلَطوا عملًا صالحًا وآخرَ سيِّئًا؛ فله مقعدان يراهما جميعًا، كما يرى عملَه شخصين [8] في وقتين، أو في وقتٍ واحدٍ قبيحًا وحسنًا، وقد يحتمل أن يراد بأهل الجنَّة: كلُّ مَن يدخلها كيف ما كان، والله أعلم، وكيفما كان؛ فالنَّعيم أو العذاب محسوسان، والألم أو الرَّاحة موجودان، والله أعلم] [9].

==========

[1] في (ب): (أو).

(1/2771)

[2] (فقال): ليس في (ب).

[3] في (ج): (مُتَّصل).

[4] ما بين قوسين ليس في (ج).

[5] في (ب): (وحدها)، وكتب في (أ) فوقها: (وحدها معًا).

[6] في (ب): (فإن).

[7] في (ب): (الشقاوة)، وليس بصحيح.

[8] (شخصين): ليس في (ب).

[9] ما بين معقوفين ليس في (ج).

(1/2772)

[حديث: إذا أقعد المؤمن في قبره أتي ثم شهد أن لا إله إلا الله]

1369# قوله: (عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ): هو بفتح الميم، وإسكان الرَّاء، ثمَّ ثاء مُثلَّثة مفتوحة، ثمَّ دال مهملة، وهذا ظاهرٌ في الغاية عند أهله.

قوله: (عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ): هو بضمِّ العين.

قوله: (إِذَا أُقْعِدَ الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ؛ أُتِيَ): (أُقعِد) و (أُتِي): مبنيَّان لما لم يسمَّ فاعلهما، و (المؤمنُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما معنى البندار.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وأنَّ ابنَ جريج لقَّبه بذلك.

==========

[ج 1 ص 367]

(1/2773)

[حديث: ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون]

1370# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو صالح بن كيسانَ المدنيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا.

قوله: (اطَّلَعَ): أي: أشرف.

قوله: (عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ): هم كفَّار قريش الذين قُتِلوا في وقعة بدر، وقد تقدَّم الكلام على (القَلِيب) وسيأتي، وفي حديث أنسٍ عن أبي طلحة: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كذا وكذا، وفي جملته: وألقى بضعةً وعشرين رجلًا من صناديد كفَّار قريش في طويٍّ من أطواء بدر ... )؛ الحديث، و (القليب): البئر من قبل أن يُطوى، يُذكَّر ويُؤنَّث، وقال أبو عبيد: (هي البئر العاديَّة القديمة).

==========

[ج 1 ص 367]

(1/2774)

[حديث: إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول حق]

1371# [قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الذي ظهر لي أنَّه المُسنديُّ، لا [1] ابن أبي شيبة الحافظ الكبير عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خُواستى، الحافظ الكبير المصنِّف، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام] [2].

==========

[1] (المُسنديُّ لا): ليس في (ج).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[ج 1 ص 367]

(1/2775)

[حديث: نعم عذاب القبر]

1372# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ لقبه عبدانُ.

قوله: (سَمِعْتُ الأَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ): (الأشعَثُ)؛ بالشِّين المعجمة، ثمَّ عين مهملة مفتوحة، ثمَّ ثاء [1] مُثلَّثة، ووالده: أبو الشَّعثاء سُلَيمٌ _بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام_ ابن أسود [2] المحاربيُّ، تقدَّما مُترجَمَين، وأمَّا أشعب _بالمُوَحَّدة_؛ فالطَّامع [3]، فَرْدٌ، وليس له في الكتب شيء.

قوله: (أَنَّ يَهُودِيَّةً): هذه اليهوديَّة لا أعرف اسمها.

قوله: (أَعَاذَكِ اللهُ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمُؤنَّث.

قوله: (زَادَ غُنْدرٌ): [وعلى (زاد غندر ... ) إلى آخره مكتوبٌ عليه [4] في أصلنا: (زه)؛ يعني: أنَّه في رواية هذين زائدٌ، وعلى حذف زيادة (غندر)، يكون (حقٌّ) في الحديث قبله ثابتًا [5]، وأمَّا على ثبوت زيادته [6]؛ فيكون الحديثُ (عذاب القبر) بحذف (حق) حتَّى تحسُن زيادةُ (غندر)، والله أعلم، وقد] [7] تقدَّم أعلاه [8] وقبله مرارًا [9] الكلامُ على (غندر) [10]، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم أنَّ قوله: (زاد) مثلُ: (قال)، وهذا رواه غندر، وهو شيخ مشايخ البخاريِّ عن شعبة بالسند المذكور قبله، وغندر ابن امرأة شعبة، وقد زاد على عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد والدِ عبدان هذا، والله أعلم، وحديث غندر أخرجه النَّسائيُّ في (الصَّلاة) عن ابن بشَّار، عن غندر، عن شعبة بإسناده؛ فذكر الحديث، ولم يذكر قصَّة اليهوديَّة.

==========

[1] (ثاء): ليس في (ج).

[2] في (ج): (الأسود).

[3] في (ب): (فالجامع)، وليس بصحيح.

[4] في (ب): (عليها).

[5] في النُّسخ: (ثابت)، ولعلَّ المثبتَ هو الصَّوابُ.

[6] في (ب): (زيادة).

[7] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[8] (أعلاه وقبله مرارًا): ليس في (ب).

[9] زيد في (ب): (مرارًا).

[10] في (ج): (أعلى).

[ج 1 ص 367]

(1/2776)

[حديث: قام رسول الله خطيبًا فذكر فتنة القبر]

1373# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، الإمام المشهور، تقدَّم، وكذا تقدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (فِتْنَةَ الْقَبْرِ): يعني: سؤال الملَكين، وقد تقدَّم الكلام على أنَّهم يسألون جميع الناس أم لا يسألون الكافر؟ قولان، والصَّحيح: التَّعميم، وهل يسألون الصِّغار؟ قولان، وهما وجهان في مذهب أحمد، ولا أعلم فيها كلامًا لأصحاب الشَّافعيِّ، إلَّا أنَّهم قالوا: لا يُلقَّن الصغار، فمقتضاه [1]: أنَّهم لا يُسأَلون، وهل يَسألون الذين هم في أعلى المقامات [2]؟ وهل كلُّ أمة تُسأل؟ تقدَّم ذلك، والله أعلم [3].

==========

[1] في (ب): (فمعناه).

[2] في (ج): (مقامات).

[3] (والله أعلم): ليس في (ج).

[ج 1 ص 367]

(1/2777)

[حديث: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه]

1374# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تقدَّم أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المعجمة، وتقدَّم أنَّ كلَّ ما في هذا «الصحيح»؛ فهو عيَّاش بن الوليد الرَّقَّام، إلَّا ثلاثة أماكنَ، وتقدَّم تعيينها، فإنَّ فيه عبَّاسًا؛ بالمُوَحَّدة، والسِّين المهملة، وهو ابن الوليد النَّرسيُّ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم ابن [1] عبد الأعلى السَّاميُّ؛ بالسِّين المهملة، تقدَّم مُتَرْجَمًا، ومرارًا بغير ترجمة.

[قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عَروبة مهرانَ، أبو النَّضر، تقدَّم مُتَرْجَمًا، ومرارًا بغيرها] [2].

قوله: (أَتَاهُ مَلَكَانِ): تقدَّم الكلام عليهما، وأنَّه مُنكَرٌ ونَكِيرٌ مُطَوَّلًا؛ فانظر ذلك في هذا الكتاب.

قوله: (وَذُكِرَ لَنَا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ): تقدَّم الكلام عليهما قبل هذا؛ فانظره.

قوله: (بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ [3]): (المطارق): لا ينصرف، وعلامة الجرِّ فيه الفتحة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ): تقدَّم ما الثَّقلان، ولم سُمِّيا ثقلَين، وتقدَّم عليه سؤالٌ وجوابُه.

==========

[1] في (ج): (أنَّه)، وليس بصحيح.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] في (ج): (حديث)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 367]

(1/2778)

[باب التعوذ من عذاب القبر]

(1/2779)

[حديث: يهود تعذب في قبورها]

1375# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القطَّان، أستاذ المُحَدِّثين، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وفي [1] بعض ترجمته: أنَّ أحمد قال: (لم تر عيناي مثل يحيى بنِ سعيدٍ القطَّان).

قوله: (عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ): تقدَّم أنَّ أبا جُحَيفة بضمِّ الجيم، ثمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ فاء، ثمَّ تاء، وأنَّ اسمَه وهبُ بن عبد الله السُّوائيُّ، صحابيٌّ مشهور رضي الله عنه.

قوله: (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ): تقدَّم أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، بدريٌّ جليل، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه وفد على ابن عبَّاس البصرة، فخرج له عن مسكنه، كما خرج لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن مسكنه، وأعطاه ما أغلق عليه، ولما قفل [2]؛ أعطاه عشرين ألفًا، وأربعين عبدًا.

قوله: (وقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ): أي: سقطت.

قوله: (يَهُودُ تُعَذَّبُ): (يهودُ): مَرْفوعٌ غير منوَّن، لا ينصرف؛ للعلميَّة والتَّأنيث؛ لأنَّ (يهود): قبيلة.

[ج 1 ص 367]

(1/2780)

[حديث: سمعت النبي وهو يتعوذ من عذاب القبر]

1376# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَلَّى [1]): هو مشدَّد اللَّام مفتوحة، وهو غير منوَّن في أصلنا، وفي نسخة هي على هامش أصلنا: مُنوَّن، وهذا الظاهر، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو مُصغَّرٌ، وهو وُهَيب بن خالد الباهليُّ، تقدَّم ببعض التَّرجمة.

قوله: (حَدَّثَتْنِي ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي): هذه هي أمُّ خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ القرشيَّة الأَمويَّة، واسمها أَمَةُ، وُلِدت بالحبشة، وهي من صغار الصَّحابيَّات، تزوَّجها الزُّبير، فولدت له خالدًا وعمْرًا، روى عنها: موسى بن عقبة، وأخوه إبراهيم بن عقبة، وكُرَيب بن سليمان، وتأخَّرت وفاتها إلى قريب الثمانين، أخرج لها البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وأحمد في «المسند».

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من رواية أبي ذرٍّ: (معلًّى)؛ بالتَّنوين.

[ج 1 ص 368]

(1/2781)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر]

1377# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): (هشام) هذا: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوائِيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا.

[قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وبالمثلَّثة، تقدَّم مُتَرْجَمًا] [1].

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه أحد الفقهاء، على قول الأكثر، وأنَّ [2] اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ): تقدَّم في (الصَّلاة).

قوله: (وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ): تقدَّم الكلام عليه في (الصَّلاة) مُطَوَّلًا.

قوله: (وَقَالَ النَّضْرُ [3]): هو بالضَّاد المعجمة، وقد تقدَّم أنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ الذي هو بالمعجمة لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام، بخلاف نصرٍ _المهمل_؛ فإنَّه لا يأتي بهما، وهذا هو النَّضر بن شُمَيل أبو الحسن المازنيُّ البصريُّ النَّحويُّ، شيخ مرو ومُحَدِّثها، تقدَّم، وإنَّما أتى بتعليق النَّضر؛ لأنَّ فيه تصريحَ يحيى _وهو ابن سعيد القطَّان_ من شعبة، وتصريحَ عون بن أبي جُحَيْفة بالسَّماع من أبيه، وأبوه صرَّح بالسَّماع من البراء، وإن كان يحيى صرَّح [4] في الطريق الأوَّل بالإخبار من شعبة، وإن حُوشوا من التَّدليس إلَّا ليخرجَ مِن خلاف مَن خالف في العنعنة وإن كانت من غير مُدَلِّس، وقد وصل هذا التعليق الإسماعيليُّ، فقال: (حدَّثنا مكِّيٌّ: حدَّثنا زاجٌ: حدَّثنا النَّضر: حدَّثنا شعبة)، وفي هذا الإسناد ثلاثةُ صحابة يروي بعضهم عن بعض؛ أوَّلهُم: أبو جُحَيْفة، والله أعلم.

==========

[1] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[2] (أن): ليس في (ج).

[3] كذا جاء في النُّسخ و (ق) تعليقُ النَّضر بعد حديث (1377)، وجاء في «اليونينيَّة» بعد حديث (1275)، ويُنظَر هامشها.

[4] في (ب) و (ج): (خرج)، ولعله تحريف.

[ج 1 ص 368]

(1/2782)

[باب: عذاب القبر من الغيبة والبول]

قوله: (بَابُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ): إن قيل: لم يذكر في الحديث الغيبةَ [1]، إنَّما ذكر فيه النَّميمة؟ والجواب: أنَّ النميمة غِيبةٌ للمنقولة عنه؛ لأنَّ الغِيبة تقدَّم أنَّها ذكرُك أخاك بما يكره، ولا شكَّ أنَّ النَّميمة (هو [2] ذكرك المنقولة عنه بما يكرهه؛ لأنَّ النميمة) [3]: نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد، وتقدَّم تعريف الغزاليِّ للنَّميمة، وأنَّ النَّوويَّ أقرَّه، ولم يعترضه، ويحتمل أن يكون البخاريُّ أشار إلى الحديث الذي في «ابن ماجه» فقط من حديث أبي بكرة قال: مرَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقبرين، فقال: «إنَّهما لَيعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما؛ فيُعذَّب في البول، وأمَّا الآخر؛ فيُعذَّب في الغيبة»، لكن هذا لمَّا لم يكن على شرطه، وذلك لأنَّ في سنده بحرَ بنَ مرار [4] بنِ عبد الرَّحمن بنِ أبي بكرة _وقد اختلط، وتُكلِّم فيه_ عن أبي بكرة، وقد رواه مرَّةً عن عبد الرَّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فاختلف في سنده، ورواية بحرٍ عن أبي بكرة مُرسَلةٌ، قاله المِزِّيُّ في «تهذيبه»، والله أعلم.

(1/2783)

[حديث: إنهما ليعذبان، وما يعذبان من كبير]

1378# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وكذا تقدَّم (الأَعْمَش [1]): سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَلَى قَبْرَيْنِ): تقدَّم أنَّ الظاهر أنَّهما من أهل القبلة، وقد عُيِّن أحدُهما، وتقدَّم أنَّ تعيينَه باطلٌ، وتقدَّم أنَّ هذين كانا بالمدينة [2]، وأنَّه جرى له عليه السَّلام [3] قضيَّةٌ [4] تشبه [5] هذه، لكن في غزوة بُواط، ذكرها مسلم في آخر «صحيحه»، وتقدَّم قوله: (وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي [6] كَبِيرٍ)، وتقدَّم الكلام على (النَّمِيْمَةِ)، وعلى قوله: (لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ)، والروايات في ذلك، وكذا تقدَّم أنَّ الغصنَين أورقا [7] من ساعتهما، وأنَّه عليه السَّلام فرح بذلك.

==========

[1] زيد في (ج): (أنَّه).

[2] في (ب): (لمدينة)، وليس بصحيح.

[3] (السَّلام): مثبت من (ج).

[4] في (ج): (قصة).

[5] في (ب): (بشبه).

[6] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (من).

[7] في (أ): (أرقا)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 368]

(1/2784)

[باب الميت يعرض عليه بالغداة والعشي]

(1/2785)

[حديث: إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي]

1379# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا ابن أبي أويس ابن أخت الإمامِ مالكٍ شيخِ الإسلام، أحدِ الأعلام، صاحبِ المذهب.

[قوله: (عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ... )؛ الحديث: قد تقدَّم في ظاهرها [1] الكلام على (العرض)؛ فانظره، والله أعلم] [2].

==========

[1] (في ظاهرها): ليس في (ب).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 368]

(1/2786)

[باب كلام الميت على الجنازة]

قوله: (عَلَى الْجَنَازَةِ): تقدَّم الكلام عليها هل هي بالفتح والكسر؟ أو الفرق بين السرير والميِّت كهذا؟ في أوَّل (الجنائز).

==========

[ج 1 ص 368]

(1/2787)

[حديث: إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم .. ]

1380# قوله: (سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.

قوله: (إلاَّ الإِنْسان): تقدَّم أنَّه بالرَّفع والنَّصب، وتقدَّم الكلام على (صَعِقَ).

(1/2788)

[باب ما قيل في أولاد المسلمين]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ في أَوْلادِ المُسْلِمِينَ): إن قلت: بوَّب البخاريُّ على أولاد المسلمين، ولم يذكر فيهم شيئًا؟ فالجواب: أنَّه أخرج رحمة لآبائهم، وإذا كان كذلك؛ فالأبناء بالرَّحمة أخصُّ، والله أعلم.

(1/2789)

ثمَّ اعلم أنَّه أجمعَ مَن يُعتَدُّ به [1] من علماء المسلمين _كما قاله النَّوويُّ وكذا ابن عبد البرِّ، كما سيأتي قريبًا_ على أنَّ مَن مات مِن أطفال المسلمين؛ فهو في الجنَّة؛ لأنَّه ليس مُكلَّفًا، وتوقَّف فيهم بعضُ مَن لا يُعتَدُّ به؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: (تُوُفِّيَ صبيٌّ من الأنصار، فقالت: طوبى له! عصفور من عصافير الجنَّة لم يعملِ السُّوء، ولم يدركه، قال: «أَوْ غير ذلك يا عائشة، إنَّ الله خلق للجنَّة أهلًا خلقهم لها وهم [2] في أصلاب آبائهم، وخلق للنَّار أهلًا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم»، أخرجه مسلم، وأجاب عنه العلماء: بأنَّه ولعلَّه نهاها عن المسارعة إلى القطع مِن غير أن يكون عندها دليلٌ قاطعٌ، كما أنكر على سعد بن أبي وقَّاص في قوله: أعطِه [3]؛ إنِّي لأراه مؤمنًا، قال: «أوْ مسلمًا» ... ؛ الحديث، ويحتمل أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال هذا قبل أن يعلم أنَّ أطفال المسلمين في الجنَّة، فلمَّا علم؛ قال ذلك، كما في قوله: «ما من مسلم يموت له ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحنث ... »؛ الحديث، وغير ذلك من الأحاديث، والله أعلم، أمَّا أطفال الأنبياء؛ فالإجماع قائم على أنَّهم في الجنَّة (كما حكاه أبو عبد الله المازريُّ) [4]، والذي توقَّف إنَّما توقَّف في أطفال المسلمين غيرِهم، وأمَّا أطفال المشركين؛ فسيأتي فيهم عشرة أقوال للعلماء في الباب [5] الذي بعد هذا، قال ابن عبد البرِّ: (الجمهور من العلماء: على أنَّ أطفال المسلمين في الجنَّة، وقد ذهبت [6] طائفةٌ من العلماء إلى الوقف في أطفال المسلمين وأولاد المشركين؛ أيكونون في جنَّة أو نار؟ منهم: حمَّاد بن سلمة، وابن المبارك، وابن راهويه؛ لحديث أبي هريرة: سُئِل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الأطفال، فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، هكذا قال: الأطفال، ولم يخصَّ طفلًا من طفل، قال الحليميُّ في «المنهاج»: (وقد توقَّف في ولدان المسلمين مَن توقَّف في ولدان المشركين ... ) إلى آخر كلامه، ثمَّ أجاب عن حديث: (عصفور من عصافير الجنَّة) بثلاثة [7] احتمالاتٍ ... إلى أن قال: (فثبت بذلك أنَّ ذراري المسلمين في الجنَّة)، ذكر ذلك القرطبيُّ عنه في «التَّذكرة»، إلى أن ذكر عن أبي عمر: (أنَّهم في الجنَّة، وأنَّه

[ج 1 ص 368]

إجماعٌ من العلماء)، قال: (ولم يخالف في ذلك إلَّا فرقةٌ شذَّت، وهو قول مهجور بإجماع الحجَّة ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم.

(1/2790)

[تنبيهٌ: أطال الإمام القرطبيُّ في «التَّذكرة» في أواخر (أبواب الجنَّة) في الكلام على الأطفال من المسلمين والكفَّار، وذكر فيه أحاديثَ مِن الجانبين كثيرةً، وكلام النَّاس في ذلك، وحطَّ آخِرًا على أنَّ أطفال المسلمين في الجنَّة، وكذا أطفالُ الكفَّار، وهو كلام حسنٌ مليحٌ مُطَوَّلٌ، وفيه فوائدُ، فإن أردته؛ فانظره] [8].

قوله: (لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ): هو بالحاء المهملة [9] المكسورة، الإثم؛ أي: ماتوا قبل بلوغهم سنَّ التَّكليف، وذكر الدَّاوديُّ: أنَّه يُروى: (لم [10] يبلغوا الخُبْث) _بالخاء المعجمة_؛ وهو فعل المعاصي، وهذا لا يُعرَف، وقد تقدَّم.

قوله: (إِلَّا [11] كَانَ لَهُ حِجابًا مِنَ النَّارِ): (حجابًا): مَنْصوبٌ على أنَّه خبر (كان)، واسمها: موتُهم أو نحوه.

==========

[1] زيد في (ب): (من يعتد به)، وهو تكرار.

[2] (وهم): ليس في (ج).

[3] زيد في (ج): (قوله أعطه).

[4] ما بين قوسين ليس في (ج).

[5] زيد في (ج): (الثاني).

[6] في (ب): (ذهب).

[7] في النُّسخ: (ثلاث)، ولعلَّ المثبتَ هو الصَّوابُ.

[8] ما بين معقوفين سقط في (ج).

[9] (المهملة): ليس في (ب).

[10] في (ب): (لن)، وليس بصحيح.

[11] (إلَّا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/2791)

[حديث: ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم .. ]

1381# قوله: (حَدَّثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمام، مشهور [1] جدًّا، وقد تقدَّم مُتَرْجَمًا.

==========

[1] في (ج): (المشهور).

[ج 1 ص 369]

(1/2792)

[حديث: إن له مرضعًا في الجنة]

1382# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ.

قوله: (لَمَّا تُوُفِّي إِبْرَاهِيمُ): هذا هو ابن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تقدَّم متى تُوُفِّيَ، وهل صلَّى عليه عليه الصَّلاة والسَّلام أم لم يصلِّ، ومتى تُوُفِّيَ، وكم كان سنُّه، فيما تقدَّم؛ فانظره إن أردته.

قوله: (إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ): (المُرضِع): بضمِّ الميم، وكسر الضَّاد، وقال الخطَّابيٌّ: (ورواه بعضهم: «مَرضَعًا»؛ يعني: بفتح الميم والضَّاد؛ أي: رضاعًا)، وقد رأيت بِخَطِّ الإمام الحافظ فتحِ الدين ابنِ سيِّد النَّاس اليعمريِّ: أنَّه رُوِي بثلاثة ألفاظ، فذكر الاثنين اللَّذين ذكرتهما [1]، ثمَّ قال: (ومُرْضع) انتهى، قال شيخنا الشَّارح في (صفة الجنَّة): (قال ابن التِّين: ولعلَّ ولدان المؤمنين مثله) انتهى [2]، قال صاحب «التَّحرير»: (وهذا الإتمام لإرضاع إبراهيم يكون عقيب موته، فيدخل الجنَّة مُتَّصِلًا بموته، فيُتمِّم [3] فيها رضاعه؛ كرامةً له ولأبيه).

فائدةٌ: في «مسلم» في (المناقب): (وإنَّ له لظئرين تكملان رضاعه في الجنَّة) انتهى.

==========

[1] في (ج): (ذكرهما).

[2] زيد في (ج): (وقوله في رواية في مسلم: لظئرين يكملان رضاعه في الجنة)، وضرب عليها في (أ).

[3] في (ج): (فيتم).

[ج 1 ص 369]

(1/2793)

[باب ما قيل في أولاد المشركين]

(1/2794)

[حديث: الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين]

1383# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى [1]): كذا في نسخة، وفي الأصل: (حِبَّان) غير منسوب، وهو هو، وقد قدَّمتُ أنَّ (حِبَّان) _ بالكسر_ في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» ثلاثةُ أشخاص: هذا الواحد، وهو حِبَّان بن موسى السُّلَميُّ المروزيُّ، روى عنه: البخاريُّ ومسلم، وهو (حِبَّان _غير منسوب أيضًا_ عن ابن المبارك)، ومثله بالكسر: حِبَّان بن عطيَّة السُّلميُّ، له ذكرٌ في «البخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بلتعة، وحِبَّان ابن العَرِقَة _بالكسر أيضًا_ له ذكرٌ في «البخاريِّ» و «مسلم» أنَّه رمى سعد بن معاذ، وهو رجل من قريش هلك على كفره، ومن عدا هؤلاء الثَّلاثة؛ فهو حَبَّان؛ بالفتح كما قدَّمتُ في أوائل هذا التعليق؛ كحَبَّان بن منقذ، له ذكر في «المُوطَّأ»، وابنه واسع بن حَبَّان، حديثه في «المُوطَّأ»، و «البخاريِّ»، و «مسلم»، وابنه حَبَّان بن واسع بن حَبَّان، روى له مسلم، وابن عمِّه مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان، حديثه في «المُوطَّأ»، و «البخاريِّ»، و «مسلم»، وحَبَّان بن هلال، حديثه في «البخاريِّ» و «مسلم»، وذكرت [2] أنَّه قد يرد حَبَّان هذا في «الصحيح» مطلقًا غير منسوب إلى أبيه، فيتميَّز بشيوخه، وذلك: حَبَّان عن شعبة، وحَبَّان عن وهب، وحَبَّان عن همَّام، وحَبَّان عن أبان، وحَبَّان عن سليمان بن المغيرة، وحَبَّان عن أبي عوانة، قاله القاضي عياض في «المشارق»، وتبعه عليه ابن الصَّلاح، ومن عدا الفريقين؛ فحَيَّان؛ بفتح الحاء، وبالمُثَنَّاة تحت المُشدَّدة، والله أعلم [3].

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن المبارك، العالم المشهور، شيخ أهل خراسان.

قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، هو جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، روى عن سعيد بن جبير والشَّعبيِّ، ولقي من الصَّحابة عبَّاد بن شرحبيل [4] اليشكريَّ، وهو مِن قومه، وعنه: شعبة وهُشَيم، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (115 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تقدَّمت ترجمته، ولكن طال به العهد [5].

(1/2795)

قوله: (سُئِلَ [رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ] عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ): اعلم أنَّه اختُلِف في أولاد المشركين على أقوالٍ؛ الأوَّل: الوقف في أمرهم؛ لا يحكم لهم بجنَّة ولا نار، الثَّاني: أنَّهم في النَّار، وهو قول جماعة مِن المُتكلِّمين، وأهل التَّفسير، وأحد الوجهين لأصحاب أحمد، وحكاه القاضي [6] أيضًا عن أحمد، وغلطه أبو العبَّاس ابن تيمية، الثَّالث: أنَّهم في الجنَّة، وهو قول طائفة مِن المُفسِّرين، والفقهاء، والمُتكلِّمين، والصُّوفيَّة، وهو اختيار أبي مُحَمَّد ابن حزم، الرَّابع: أنَّهم في منزلةٍ بين الجنَّة والنَّار، فليس لهم إيمان يدخلون به الجنَّة، وليس لهم أعمال توجب دخول النَّار، الخامس [7]: أنَّهم مردودون إلى محض مشيئة الله تعالى فيهم بلا سبب ولا عمل، السَّادس: أنَّهم خدم أهل الجنَّة، وهذا مذهب سلمان رضي الله عنه، السَّابع: أنَّ حكمهم حكم آبائهم في الدُّنيا والآخرة، فلا ينفردون عنهم في الدَّارين، والفرق بين هذا القول وبين القول الثَّاني وأنَّهم في النَّار: أنَّ صاحب هذا المذهب يجعلهم تبعًا حتَّى لو أسلم الأبوان بعد موتهم؛ لم يحكم لأطفالهما بالنَّار، وصاحب القول الثَّاني يقول: هم في النَّار سواءٌ أسلم الأبوان أو [8] لا، الثَّامن: أنَّهم يصيرون ترابًا، حكاه أرباب المقالات عن ثمامة بن أشرس [9]، التَّاسع: مذهب الإمساك في المسألة نفيًا وإثباتًا، وجعلها ممَّا استأثر الله بعلمه، انتهى، (وينبغي أن يُسأَل عن الفرق بين الإمساك والوقف، انتهى، قال) [10]: العاشر: أنَّهم يمتحنون في الآخرة، ويُرسِل إليهم رسولًا، وهذا قول جميع أهل السُّنَّة والحديث، حكاه الأشعريُّ عنهم في «الإبانة»، وذكره ابن فورك، وأبو القاسم ابن عساكر في «تصانيفه»، والله أعلم، نقلته من خطِّ الإمام شرف الدِّين عبدِ القادر ابن شيخنا الإمام شمس الدِّين [11] مُحَمَّد بن عبد القادر الجعفريِّ الحنبليِّ النابلسيِّ، وهو ذَكَر [12] أنَّه نقله مِن كلام الحافظ شمس الدين ابن قيِّم الجوزيَّة، والقول الثَّالث الذي فيه: أنَّهم في [13] الجنَّة؛ يظهر أنَّه الحقُّ، وسيأتي حديث سمُرة قريبًا وفي (الرُّؤيا)، وفيه التَّصريحُ بذلك في (الرُّؤيا)، والله أعلم.

[ج 1 ص 369]

(1/2796)

[حديث: الله أعلم بما كانوا عاملين]

1384# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [1]، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ): (الذَّراري)؛ بالتَّشديد والتخفيف [2]، والقاعدة: أنَّ كلَّ ما كان مفرده مُشدَّدًا؛ فإذا جمعته؛ إن شئت أن تقوله بالتَّشديد، وإن شئت [3] بالتَّخفيف؛ كذُرِّيَّة وذراري، وسُرِّيَّة وسراري، وأُثفيَّة وأثافي، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (بن شهاب).

[2] في (ب): (بالتخفيف والتشديد).

[3] زيد في (ب): (أن تقوله).

[ج 1 ص 370]

(1/2797)

[حديث: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو .. ]

1385# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): هو ابن أبي إياسٍ، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وتقدَّم الكلام على (آدم).

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ [1] من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ): تقدَّم الكلام عليها، وكذا على (تُنْتَجُ)، وأنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ كـ (عُنِي)، وكذا على (جَدْعَاءَ).

==========

[1] (على الأصحِّ): ليس في (ج).

[ج 1 ص 370]

(1/2798)

[باب ما يدل على أنهم في الجنة]

(1/2799)

[حديث: من رأى منكم الليلة رؤيا]

1386# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ حازمًا بالحاء المهملة.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ): هو عمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، أبو [1] رجاء العطارديُّ، أسلم في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن عمر، وعليٍّ، وعدَّةٍ، وعنه: أيُّوب، وجرير بن حازم، ومهديُّ بن ميمون، وخلقٌ، وكان عالمًا عاملًا، مُعمَّرًا نبيلًا، مِن القُرَّاء، مات في سنة [2] (107 هـ)، وقيل: سنة (108 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ): تقدَّم أنَّ (جندبًا) بضمِّ الدَّال وفتحها، و (سمُرة): صحابيٌّ مشهورٌ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (رُؤْيَا): تقدَّم في أوَّل التعليق أنَّها غير منوَّنة.

قوله: (رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي): ستأتي تسميتهما في الحديث في آخره: أنَّهما جبريل وميكائيل.

قوله: (كَلُّوبٌ): (الكَلُّوب): بفتح الكاف؛ كـ (سَفُّود) [3]، ويقال: كُلَّاب؛ بضمِّ الكاف، مُشدَّد اللَّام: المِنْشال.

قوله: (قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى: مِنْ حَدِيدٍ [4]): بعض أصحاب البخاريِّ لا أعرفه، وموسى هو [5] شيخه الذي أخرج الحديثَ عنه، وهو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، وقد قدَّمتُه مُتَرْجَمًا، وتكلَّمت على نسبته إلى تَبُوذكَ، والله أعلم.

قوله: (فِي شِدْقِهِ): هو بالدال المهملة، وهو معروف، ولا أعلم فيه خلافًا أنَّه بالمهملة، إلَّا أنَّ في «المطالع» في (الشين مع الذَّال المعجمتين) ذكرَه، ولفظُه: (شذقه؛ بذال معجمة، كذا قال: وهو جانب الفم) انتهى، وكأنَّه يشير بقوله: (كذا قال): إلى القاضي عياض، فإنَّه ذكره كذلك، وقد راجعت «الصِّحاح»، و «المُحكَم»، و «مُجمَل ابن فارس»، و «جمهرة ابن دريد»؛ فما رأيته إلَّا في المهملة، وكأنَّه سبقُ قلم [6] من القاضي تابعه عليه ابن قُرقُول، لكنَّه تبرَّأ منه.

قوله: (وَيَلْتَئِمُ): هو بهمزة مكسورة بعد التاء المُثَنَّاة فوق قبل الميم؛ أي: يجتمع.

قوله: (بفِهْرٍ): هو بكسر الفاء، وإسكان الهاء؛ وهو صخرة مستديرة يُذَفُّ [7]، بها الشَّيء، وهو مُؤنَّث ومذكَّر، قاله الجوهريُّ، ويدلُّ لذلك قوله: (فيشدخ به)، وفي رواية: (بها).

(1/2800)

قوله: (فَيَشْدَخُ): (يَشْدَخ): بفتح أوَّله، ثمَّ شين معجمة ساكنة، ثمَّ دال مهملة مفتوحة، ثمَّ خاء معجمة؛ أي: يكسره ويفضخه، والشَّدخ: كسر الشَّيء الأجوف، كذا في «الصِّحاح»، وفي «القاموس»: («الشدخ» كـ «المنع» _يعني: أنَّه على وزن: «منع يمنع منعًا» _: الكسر في كلِّ شيء رطب، وقيل: يابس).

قوله: (تَدَهْدَهَ): هو بفتح أوَّله، ثمَّ دالَين مُهملَتَين مفتوحتَين، بينهما هاء ساكنة، وفي آخره هاء أخرى؛ أي: تدحرج.

قوله: (حَتَّى يَلْتَئِمَ): تقدَّم ضبطه أعلاه [8] ومعناه.

قوله: (إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ): قال ابن قُرقُول في (الثَّاء المُثلَّثة): («إلى ثقب [9]»: كذا رواه بعضهم، وعند الأصيليِّ: «إلى نَقَب»؛ بالنُّون وفتح القاف بمعنًى واحدٍ، وكذلك قوله في آخر الحديث: «والذي رأيته في الثَّقْب» و «النَّقْب»، ويقال: نَقْبٌ ونَقَبٌ؛ وهو الطَّريق) انتهى.

قوله: (يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (تتوقَّد تحته نارٌ)، (أمَّا الرَّفع؛ فظاهر، وأمَّا النَّصب؛ فعلى ... [10]) [11].

قوله: (فَإِذَا فَتَرَتْ [12]): هو بالفاء، كذا للقابسيِّ، وابن السَّكن، وعُبدوس، وعند أبي ذرٍّ والأصيليِّ: (قترت [13])، وعند النَّسفيِّ: (وقدت؛ ارْتَفَعُوا)، قال ابن قُرقُول: (وهو الصَّحيح؛ بدليل قوله بعدُ: «فإذا خمدت؛ رجعوا فيها») انتهى، وفي الأصل الذي لنا: [(اقترب)، وفي الهامش نسخة: (أقترت)، وعليها علامة راويها، وهو من القتار، وهو معروف، وفي غير أصلنا] [14]: (أفترت) من الفتور، و (قترت) من القتار، والله أعلم.

قوله: (فَإِذَا خَمدَتْ): (خمد) _إن شئت؛ كـ (نصَر)، وإن شئت؛ كـ (سمِع) _ خمْدًا وخمودًا: سكن لهبها، ولم يُطفَأ جمرُها، وأخمدتها أنا.

قوله: (عَلَى نَهَرٍ): هو بفتح الهاء وتُسَكَّن.

قوله: (عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ): تقدَّم الكلام على سينه؛ هل هي بالسُّكون أو الفتح، وأنَّهما لغتان.

قوله: (رَمَى الرَّجُلُ): هو بضمِّ لام (الرَّجل)؛ لأنَّه فاعل، وكذا في أصلنا، وعليه: (صح).

قوله: (شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ): سيأتي مَن (الشَّيخُ) ومَن (الصِّبيان) في آخر الحديث.

[ج 1 ص 370]

(1/2801)

قوله: (فَصَعِدَا بِي): تقدَّم أنَّ (صعِد) في الماضي بكسر العين، وفي المستقبل بفتحها، عكس (عَمَدَ)، والله أعلم، لكن (عَمَدَ) رأيتُ في حاشية على «البخاريِّ» عن اللَّبليِّ [15] أنَّه [16] ذكر فيه (عمَد يعمِد)؛ بالفتح في الماضي، والكسر في المستقبل، والعكس، والله أعلم.

قوله: (وَصبْيَانٌ): هو بكسر الصَّاد وضمِّها.

قوله: (يُشَقُّ شِدْقُهُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شدقُه): مرفوعٌ نائب مناب الفاعل، وتقدَّم الكلام على الشِّدق قريبًا.

قوله: (بِالْكذْبَةِ): هي بفتح الكاف وكسرها.

قوله: (فَتُحْمَلُ عَنْهُ): (تُحمل): مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعلُه.

قوله: (الآفَاقَ): هي النَّواحي.

قوله: (فَيُصْنَعُ بِهِ): (يُصنَع): مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله.

قوله: (يُفْعَلُ بِهِ): هو مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله.

قوله: (وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ، فَأَوْلاَدُ النَّاسِ): هذا محلُّ الاستشهاد؛ لأنَّ لفظ (النَّاس) يقتضي العموم؛ مؤمنًا وكافرًا، ولأنَّه جاء عنده في رواية: «وأمَّا الولدان الذين رأيتَهم؛ فكلُّ مولود يُولَد على الفطرة»، قال بعض المسلمين: يا رسول الله؛ وأولاد المشركين؟ قال: «وأولاد المشركين»، وهذا يأتي في (التَّعبير) كما تقدَّم قريبًا، وهذه الفاصلة بين الأقوال المتقدَّمة، وهو الرَّاجح، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (وأبو).

[2] (في سنة): ليس في (ج).

[3] (كسفود): ليس في (ب).

[4] كذا في النُّسخ و (ق) قبل الإصلاح، وفي هامش «اليونينيَّة» من رواية أبي ذرٍّ وهامش (ق): (كلُّوبٌ من حديد).

[5] (هو): ليس في (ج).

[6] (قلم): ليس في (ج).

[7] في (ب): (يدق).

[8] في (ب): (قريبًا).

[9] (إلى ثقب): ليس في (ب).

[10] بيَّض له في نسخة الأصل، وفي (ب): (فعلى المفعوليَّة)، وفيه نظر، ولعلَّه تصرُّف ناسخ، فنصبُه على التَّمييز كما نقل أبو ذَرٍّ ولد المؤلِّف عن أبيه في «النَّاظر»، وكذا قال البرماويُّ في «اللَّامع الصبيح» (5/ 307)، وبيَّنه مُسهِبًا ابنُ مالكٍ في «شواهد التَّوضيح» (ص 123) (23).

[11] ما بين قوسين سقط من (ج).

[12] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (اقْتَرَبَ).

[13] في هامشي «اليونينيَّة» و (ق) من رواية أبي ذرٍّ: (أقترت).

[14] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[15] في (ب): (الأيلي)، وهو تحريف.

[16] (أنه): سقطت من (ج).

(1/2802)

[باب موت يوم الاثنين]

قوله: (باب مَوْتِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ): تنبيه: جاء في حديث في «التِّرمذيِّ» من حديث عبد الله بن عَمرو: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما من مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعة أو ليلةَ الجمعة؛ إلَّا وقاهُ اللهُ فتنةَ القبر»، قال أبو عيسى: (هذا حديث غريب، ليس إسنادُه بمتَّصلٍ، ربيعةُ بنُ سيفٍ [1] يروي عن أبي عبد الرحمن الحُبُليِّ، عن عبد الله بن عَمرو، ولا نعرفُ لربيعةَ بنِ سيفٍ سماعًا من عبد الله بن عمرو) انتهى كلام التِّرمذيِّ، وقد أخرج هذا الحديث الحكيم التِّرمذيُّ محمَّد بن عليٍّ الحافظ في «نوادره»: عن ربيعة بن سيف الإسكندريِّ، عن عِياض بن عقبة الفِهريِّ، عن عبد الله بن عمرو ... ؛ فذكره، وقال ابن عساكر متعقِّبًا قول التِّرمذيِّ: وربيعة يروي عن فَضالة بن عبيد، انتهى.

زاد المِزِّيُّ: رواه بشر بن عمر الزَّهرانيُّ وخالد بن نزار الأيليُّ، عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عِياض بن عقبة الفِهريِّ، عن عبد الله بن عمرو، ورواه اللَّيث بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف: أنَّ ابنًا لعياض بن عقبة تُوفِّي يوم جمعة، فاشتدَّ وجدُه عليه، فقال له رجل من صَدِفَ [2]: يا أبا يحيى؛ أفلا أبشِّرك بشيء سمعته من عبد الله بن عمرو بن العاصي ... ؛ فذكره، انتهى، ومعنى كلام ابن عساكر: أنَّ ربيعة روى عن فَضالة بن عُبيد؛ يعني: وهو تُوفِّي في سنة ثلاث وخمسين، وقد شهد أحُدًا، وعبد الله تُوفِّي سنة خمس وستِّين.

تنبيه: هذا الحديث قال الذَّهبيُّ في ترجمة هشام بن سعد المذكور في سند هذا الحديث: ومن مناكيره ... ؛ فذكره مع غيره، انتهى.

وقد تقدَّم أنَّ الذي يقي [3] فتنة القبر موتُه في الرِّباط، والقتلُ في سبيل الله، والبطنُ؛ وهو [4] الاستسقاء أو الإسهال؛ قولان، والصحيح: الأوَّل، وقراءةُ سورة تبارك، وموتٌ يومَ الجمعة أو ليلتَها، وقد ذكر القرطبيُّ ذلك مطوَّلًا بأدلَّته في «تذكرته».

(1/2803)

[حديث: دخلت على أبي بكر فقال: في كم كفنتم ... ]

1387# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن خالد الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ، الحافظ، وتقدَّم مترجمًا.

قوله: (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ [1]): (هشامٌ): هذا هو ابن عروة، وهذا ظاهر جدًّا عند أهله.

قوله: (سَحُولِيَّةٍ): تقدَّم الكلام عليها أوَّل (الجنائز).

قوله: (أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ): وقد كانَ كذلك رضي الله عنه، تُوفِّي في آخر يوم الاثنين لثمانٍ، وقيل: لثلاثٍ بقين من جُمادى الأولى سنة ثلاثَ عشرةَ من الهجرة، مناقب الصديق كثيرة منها هذا، وستأتي حيث ذكرها [2] البخاريُّ، وأزيد هناك فيها إنْ شاء الله تعالى بعضَ الشيء.

قوله: (فِيهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ): الرَّدْع: بفتح الرَّاء، وإسكان الدَّال وبالعين المهملتين؛ أي: لَطْخٌ.

قوله: (إِنَّ هَذَا خَلَقٌ): هو بفتح الخاء واللَّام؛ أي: بالٍ، يستوي فيه المؤنَّث والمذكَّر، تقول: ملحفةٌ خَلَق، وثوبٌ خَلَق؛ لأنَّه في الأصل مصدر.

قوله: (لِلْمُهْلَةِ): قال ابن قرقول: (رُوِّيناه بالفتح والضمِّ والكسر؛ يعني: في الميم، قال: إلا أنَّ رواية يحيى بالكسر، ورواية ابن أبي صفرة بالفتح، قال الأصمعيُّ: بالفتح: هو الصَّديد، وحكى الخليل فيه الكسر، وقال ابن هشام: بالضَّمِّ: وهو الصَّديد، ورواه أبو عبيد: إنَّما هو للمُهْل [3] والتُّراب، وفسَّره أبو عبيد وأبو عُبيدة: بالقَيح والصَّديد، وأنكر ابن الأنباريِّ كسر الميم، وقال أبو عمر: لا وجه للكسر غير الصَّديد) انتهى.

==========

[1] زيد في (ب): (تقدَّم).

[2] في (ب): (وسيأتي حيث ذكره).

[3] في (ج): (للمهلة).

[ج 1 ص 371]

(1/2804)

[باب موت الفجأة البغتة]

قوله: (باب مَوْتِ الفَجْأة [1]): (الفَجْأة): بفتح الفاء، وإسكان الجيم، ثمَّ همزة، والفُجاءة؛ بضمِّ الفاء، ثمَّ بعد الجيم همزة ممدودة: البَغْتة، كما فسَّره به رحمه الله، ذكر ابن قيِّم الجوزيَّة عن الإمام أحمد: أنَّه كره موت الفجأة، ونقل عنه في «إعلام الموقِّعين» روايتين [2] في كراهته، وذكر شيخنا الشَّارح [3] في «شرح المنهاج» في الفقه له ما لفظه: وكذلك [4] كُرِه موت الفجأة، وقد ورد [5] أنَّها: «أخذةُ آسِف»؛ أي غضبان، لكن قد روي أنَّ إبراهيم وجماعةً من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم [6] ماتوا فجأة، وقيل: هو موت الصَّالحين، قال النَّوويُّ: ويحتمل أنَّه أرفق وألطف بأهل الاستعداد دون غيرهم، انتهى، والحديث الذي أشار إليه شيخنا هو: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة، فقال: «راحة للمؤمن، وأخذ أسف للفاجر»، ذكره الإمام أحمد من حديث عائشة بإسنادٍ صحيحٍ.

ثمَّ اعلم أنَّ النَّوويَّ نقل في «تهذيبه» عن أبي [7] السَّكن الهجريِّ أنَّه قال: (تُوفِّي إبراهيم وداود وسليمان صلَّى الله عليهم وسلَّم [8] فجأة، وكذلك الصَّالحون، وهو تخفيف على المؤمن، قلت: هو تخفيف ورحمة في حقِّ المراقِبين) انتهى، وقد جاءت أحاديث في موت الفجأة؛ منها: ما رواه ابن أبي الدُّنيا بإسناده عن عائشة رضي الله عنها: سألتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن موت الفجأة، فقال: «راحة المؤمن، وأسف على الفاجر»، وقد رواه أحمد من حديثها بسند صحيح، كما تقدَّم قريبًا، وعن أنس رضي الله عنه قال: «من أشراط السَّاعة: حفز الموت»، وفسَّره أنس: بموت الفجأة، وفي «المصنَّف» عن الشعبيِّ: كان يقال: من اقتراب الساعة موت الفجأة، وعن رجل من الصَّحابة: هي أخذة غضب، ومن حديث

[ج 1 ص 371]

عبيد بن خالد: «هي أخذة أسف»، وعن عائشة رضي الله عنها وابن مسعود: هي رأفة بالمؤمن، وأسف على الفاجر، وقال مجاهد: هي من أشراط السَّاعة، هذا بعض ما ذكره شيخنا فيها [9]، انتهى، وفي «مسند أبي يعلى الموصليِّ» في حديث موت الفجأة: كأنَّه أخذة على غضب، وفيه من حديث أبي هريرة [10]: أنَّه عليه الصَّلاة والسلام مرَّ بحائط مائل، فأسرع المشي وقال: «أكره موت الفوات»، وهذا اللَّفظ أيضًا في «مسند أحمد»، والله أعلم.

(1/2805)

[حديث: أن رجلًا قال للنبي: إن أمي أفتلتت نفسها]

1388# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم أنَّه سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم الجمحيُّ مولاهم، المصريُّ، أبو محمَّد الحافظ ابن أبي مريم، تقدَّم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا): هذا الرَّجل: هو سعد بن عبادة بن دُليم الخزرجيُّ، قاله غير واحد، وسيجيء ما يشهد له من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في دين كان على أمِّه تُوفِّيت قبل أنْ تقضيه، فقال: «اقضِه عنها».

وأمُّه: هي عَمرة بنت مسعود بن قيس بن عمرو بن زيد، وكانت من المبايعات، تُوفِّيت سنة خمس من الهجرة، ذكره أبو (عمر [1]، قاله ابن بشكوال، انتهى، وقد راجعت «الاستيعاب»؛ فوجدته كذلك، وقد اختُلِف في أمِّه؛ فقيل: عمرة بنت سعد بن) [2] عمرو، وقيل: بنت سعد بن قيس، وقيل: بنت مسعود بن قيس.

قوله: (افْتُلِتَتْ): هو بضمِّ التَّاء فوق الأولى، وكسر اللَّام، مبنيٌّ لما لم يسم فاعله؛ أي: ماتت فجأة، و (نَفْسهَا): بالنَّصب على المفعول الثاني، وهو أكثر الرِّوايات، ورُوِي بالرفع، وهو ظاهرٌ إعرابُّه، وكذا قيَّد (نفسها) بالوجهين غيرُ واحدٍ، وذكر القُتْبيُّ: (اقتُلِتَتْ)؛ بالقاف، قال: وهي كلمة تُقال لمن مات فجأة، ولمن قتله الحبُّ، والأوَّل هو المشهور في الرواية، وسيأتي في (كتاب الوصيَّة) مطوَّلًا إنْ شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا): (إنْ): حرف شرط، لا ناصبة، قال بعضهم: ولا يصحُّ قول من فتحها؛ لأنَّه إنَّما سأل عمَّا لم يفعل، انتهى

==========

[1] في (ب): (عمرو)، وهو تحريف.

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 372]

(1/2806)

[باب ما جاء في قبر النَّبِيِّ وأبى بكر وعمر]

قوله: (إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا): (جعلتَ): بفتح التاء، وهذا ظاهر.

(1/2807)

[حديث: أين أنا اليوم أين أنا غدًا]

1389# قوله: (حَّدَثَنا [1] إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن أبي أُوَيس، مشهور، تقدَّم مرارًا.

قوله: (حَدَّثَنَي [2] سُلَيْمَانُ): هذا هو ابن بلال أبو محمَّد، مولى أبي بكر، تقدَّم.

قوله: (لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ): هو بالعين المهملة، وبالذَّال المعجمة، كذا لأبي ذرٍّ، قال الخطَّابيُّ: يتعسَّر ويتمنَّع، ومنه قوله:

~…ويَوْمًا على ظَهرِ الكَثيبِ تعذَّرتْ

أي: امتنعت، ولسائر الرُّواة: (يتقدَّر)؛ بالقاف والدَّال المهملة، من التَّقدير ليومها وانتظاره، قاله في «المطالع».

قوله: (أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟): يريد: لمن [3] النَّوبة اليوم؟ ولمن النَّوبة غدًا؟

قوله: (بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي): السَّحْر؛ بالسِّين والحاء المهملتين، والسِّين مفتوحة ومضمومة أيضًا، والحاء ساكنة: الرِّئة، وقال الداوديُّ: سحرها: ما بين ثدييها [4]، وهو تفسير على المعنى والتَّقريب، وإلا؛ فهو ما قدَّمناه، وقال: [شجري _بالشِّين (والجيم_ ونحري)، ومعناه: بين تشبيك يديَّ وصدري، وقال في «النِّهاية» بعد أنْ فسَّر (السحر) ما هو، وحكى القتيبيُّ عن بعضهم: أنَّه بالشِّين] [5] المعجمة والجيم، وأنَّه سُئِل عن ذلك، فشبك بين أصابعه وقدَّمها عن صدره؛ كأنَّه يضمُّ شيئًا إليه؛ أي [6]: أنَّه مات وقد ضمَّته بيديها إلى نحرها وصدرها، والشجر: التشبيك، وهو الذقن أيضًا، والمحفوظ الأوَّل، انتهى.

(1/2808)

[حديث: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد]

1390# 1391# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (عَنْ هِلاَلٍ؛ هو الوزَّان): التَّوضيح نسخة في هامش أصلنا وعليها علامة راويها، وفي الأصل: (هلال) فقط [1]، وهو هو، عن عبد الله بن عكيم، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعنه: شعبة، وابن عيينة، ثقةٌ، تقدَّم قريبًا مُترجَمًا، وقد أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والترمذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (أُبْرِزَ قَبْرُهُ): (أُبرِز): مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله، و (قبرُه): نائبٌ مناب الفاعل، وقد تقدَّم أنَّ معناه: لم يُجعَل عليه حائط، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (أَبْرَزَ): مبنيٌّ للفاعل، فيكون (قبرَه) عليها منصوبًا.

قوله: (غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَوْ خُشِيَ): تقدَّم الكلام عليه، وتقدَّم كلام النَّوويِّ أنَّه ضبط: (خَشي وخُشي)، وتقدَّم كلام ابن القيِّم؛ بضمِّ الخاء تعليلًا، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ هِلاَلٍ قَالَ: كَنَّانِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يُولَدْ لِي): فقوله: (وعن هلال)؛ أي: بالسَّند المتقدَّم، فيكون رواه عن موسى بن إسماعيل _هو التَّبُوذكيُّ_ عن أبي عوانة، عن هلال به، وكثيرًا ما يسأل الطلبةُ عن هذا الكلام: لم جاء به ههنا؟ والحكمة فيه: أنَّ هلالًا حدَّث عن عروة بـ (عن) في السَّند الذي قبله، فأحبَّ البخاريُّ أنْ يأتي بهذا الكلام مسندًا؛ لينفي ما يُتَّقى [2] من العنعنة؛ يعني: فقد لقي [3] عروةَ، وهلال ليس مدلِّسًا، غير أنَّه أراد أنْ يخرج من الخلاف، وينبِّه على لقيه لعروة، كما هو شرطه وشرط شيخه عليِّ ابن المدينيِّ الذي عابه على قائله مسلم في مقدِّمة «صحيحه»، والحقُّ مع عليِّ ابن المدينيِّ، والذَّابُّ عنه البخاريُّ أو غيره، والله أعلم، وقد تقدَّم أنَّ كنية هلال أبو عمرو، ويقال: أبو الجهم، ويقال: أبو أميَّة، وما أدري بأيِّ الثَّلاث كنَّاه؟ والله أعلم.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم المشهور، شيخ أهل خراسان.

(1/2809)

قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ): هذا [4] بالشِّين المعجمة، والمثنَّاة تحت، الأسديُّ الحنَّاط المقرئ، أحد الأعلام، عن حبيب بن أبي ثابت، وعاصم، وأبي إسحاق، وعنه: أحمد، وعليٌّ، وإسحاق، وابن معين، والعطارديُّ، قال أحمد: صدوقٌ ثقةٌ، ربَّما غلط، وقال أبو حاتم: هو وشريك في الحفظ سواء، مات في سنة (193 هـ) في جمادى الأولى، وله ستٌّ وتسعون سنة، أخرج له البخاريُّ والأربعة، وهو ثبتٌ في القراءة، يغلط في الحديث، له ترجمة في «الميزان»، وهو راوي قراءة عاصم.

فائدة: مَنْ يُقال له: أبو بكر بن عيَّاش؛ ثلاثة أشخاص؛ هذا أحدهم، وقد اختُلِف في اسمه على أحدَ عشرَ قولًا، وقد صحَّح أبو زُرعة:

[ج 1 ص 372]

أنَّ اسمه شعبة، وصحَّح ابن الصَّلاح والمِزِّيُّ أبو الحجَّاج شيخ شيوخنا: أنَّ اسمه كنيته.

والثاني: أبو بكر بن عيَّاش الحمصيُّ، روى عن عثمان بن شبال الشَّاميِّ، روى عنه: جعفر بن عبد الواحد الهاشميُّ، قال الخطيب البغداديُّ: وعثمان وأبو بكر مجهولان، وجعفر كان غير ثقة.

والثالث: أبو بكر بن عيَّاش بن [5] حازم السُّلميُّ مولاهم، الباجُدَّائيُّ، اسمه حسين، روى عن جعفر بن بُرقان، روى عنه: عليُّ ابن جميل الرَّقِّيُّ وغيره، قال الخطيب البغداديُّ: وكان فاضلًا أديبًا، وله كتاب في غريب الحديث، مات سنة أربع ومئتين بباجدَّاء [6]، قاله هلال بن العلاء.

(1/2810)

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ): (سفيان) هذا هو سفيان بن دينار التَّمَّار أبو سعيد الكوفيُّ، عن مصعب بن سعْد بن أبي وقَّاص، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والشَّعبيِّ، وجماعة، وقيل: إنَّه روى عن ابن الحنفيَّة، وعنه: مِندل بن عليٍّ، وابن المبارك، وأبو بكر بن عيَّاش، ويعلى بن عَبيد [7]، وجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، وقد أدرك كبار الصَّحابة، لكن لم يحمل عنهم، فإنَّ أبا هشام الرِّفاعيَّ روى عن أبي بكر بن عيَّاش، قال: قال سفيان التَّمَّار: أتتْني أمُّ الأعمش بالأعمش فأسلمته إليَّ وهو غلام، فذَكَرتْ ذلك، فقال: ويل أمِّه! ما أكبره! وقال سفيان التَّمَّار: رأيت قبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مُسنَّمًا، وهذا هنا، وقد أخرج ل البخاريُّ والنَّسائيُّ، قال المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» عقيب حديث سفيان التَّمَّار: وقد تقدَّم تسطيحه؛ يعني: قبر النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن صحَّت الروايتان؛ فيكون قد غُيِّر عمَّا كان عليه، فقد سقط جداره زمن الوليد بن عبد الملك، وقيل: في زمن عمر بن عبد العزيز، ثمَّ أُصلِح، قال البغويُّ: وحديث القاسم في التسطيح أصحُّ، انتهى، وحديث القاسم المشار إليه هو الذي أشار إليه أيضًا الطَّبريُّ مع غيره أنَّه تقدَّم؛ يعني: في الباب قبله، وهو عن القاسم بن محمَّد بن أبي بكر: (قد [8] دخلت على عائشة رضي الله عنها، فقلت: يا أمَّه؛ اكشفي عن قبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مُشرِفة ولا لاطئة منطرحة ببطحاء العرصة الحمراء)، أخرجه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وهو أفضل عند الشَّافعيَّة من التسنيم، والثاني: أن تسنيمه أولى؛ لحديث سفيان التَّمَّار، قال البيهقيُّ: (حديث القاسم أصحُّ وأولى أن يكون محفوظًا) انتهى [9]

قال العلماء _كما قاله بعض مشايخي_: كان أوَّلًا _كما قال القاسم_ مُسطَّحًا، ثمَّ لمَّا سقط عليهم [10] الجدار في زمن الوليد بن عبد الملك؛ جُعل مُسنَّمًا، انتهى [11]، وهذا حسن [12]، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ): هو فروة بن أبي المَغْراء؛ بفتح الميم، ثمَّ غين ساكنة، وبعد الرَّاء همزة ممدودة، الكنديُّ الكوفيُّ، عن شريك، وأبي الأحوص، وعنه: البخاريُّ، والدَّارميُّ، وجمع، مات سنة (225 هـ)، أخرج له البخاريُّ والتِّرمذيُّ، صدَّقه أبو حاتم.

(1/2811)

قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): وفي نسخة: (ابن مسهر)، وهو هو عليُّ بن مسهر الكوفيُّ، الحافظ أبو الحسن، مشهور.

قوله: (لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ [13] الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؛ أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ ... ) إلى آخره: وذلك بعد بضع وستِّين سنة من موت عمر بن الخطَّاب، وذلك لأنَّ عمر رضي الله عنه تُوفِّي في [14] سنة ثلاث وعشرين؛ لأنَّهم أرادوا بناء المسجد هدم البيت؛ ليُصلَح زمن الوليد بن عبد الملك في سنة سبعٍ وثمانين، ويقال: في سنة ثمانٍ وثمانين.

قوله: (فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ): (بدت): ظهرت.

قوله: (فَفَزِعُوا [وَظَنُّوا] أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ): إلى أن قال: (قَالَ [15] لَهُمْ عُرْوَةُ: لاَ وَاللهِ، مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا هِيَ إِلاَّ قَدَمُ عُمَرَ): قال شيخنا الشَّارح: وفي «الإكليل» عن وردان، وهو الذي بنى بيت عائشة رضي الله عنها لمَّا سقط شقُّه الشَّرقيُّ أيَّام عمر بن عبد العزيز: وإنَّ القدمين لمَّا بدتا؛ قال سالم بن عبد الله: أيُّها الأمير؛ هذان قدما جدِّي وجدُّك، وذكر شيخنا أيضًا أنَّ عبيد الله بن عبد الله قال ذلك.

فتحصَّلنا في قائل ذلك: عروة في «البخاريِّ»، وسالم في «الإكليل»، وعبيد الله بن عبد الله، ولم يعزُه شيخنا، والله أعلم، ويحتمل أنَّ الثلاثة قالوا ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ... )؛ الحديث: هذا معطوف على السَّند الذي قبله، وليس تعليقًا، فرواه البخاريُّ عن فروة، عن عليٍّ، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة [16]، والله أعلم.

قوله: (لاَ أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا): قال شيخنا الشَّارح: لِئَلَّا يقول النَّاس: زكت بهم [17]، فتنجو بالدفن معهم، أو شبه [18] هذا من القول، وقيل: فعلتْه تواضعًا لله؛ ليرحمها.

==========

[1] (فقط): سقطت من (ب).

[2] في (ب): (يقي).

[3] زيد في (ج): (لقي)، وهو تكرار.

[4] في (ب): (فهذا).

[5] في (ج): (أبو)، وليس بصحيح.

[6] في (ج): (ساجدًا)، ولعلَّه تحريف.

[7] في (ج): (حميد)، ولعلَّه تحريف.

[8] في (ج): (وقد).

[9] زيد في (ب): (وهذا أحسن والله أعلم).

[10] في (ج): (عليه).

[11] (انتهى): سقطت من (ب).

[12] في (ب): (أحسن).

[13] في النسخ: (زمن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[14] (في): سقطت من (ج).

(1/2812)

[15] في النسخ: (فقال)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[16] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

[17] في (ج): (لهم)، وهو تحريف.

[18] في (ج): (شبهه)، وهو تحريف.

(1/2813)

[حديث استئذان عمر لعائشة أن يدفن بجوار رسول الله]

1392# قوله: (حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ): هو بضمِّ الحاء، وفتح الصَّاد، المهملتين، وقُدِّم أنَّ الأسماء حُصَين؛ كهذا إلَّا حضين بن المنذر أبا ساسان؛ فهو بالضَّاد المعجمة، فرد، وتقدَّم [1] أنَّ الكنى بالفتح؛ أعني: أبا حَصِين.

قوله: (مَعَ صَاحِبَيَّ): هو مشدَّد الياء مثنًّى؛ يعني: النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبا بكر، وهذا ظاهر جدًّا، إلا أنَّه ربما اشتُبِه على مُغفَّل، فيجعله مفردًا.

قوله: (مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجعِ): هو بفتح الجيم، وفي كلام شيخنا: وكسرها، ولم أرَ ذلك أنا إلَّا في كلامه.

قوله: (أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ): يعني: الخلافة.

قوله: (فَسَمَّى: عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ): إنْ قيل: لمَ [2] لمْ يذكر سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو جليل صالح للإمامة، قديم الإسلام؟

والجواب: أنَّه تورَّع عن ذكره؛ لأنَّه قريبه وصهره، كما تورَّع عن ذكر ابنه عبد الله، وقال شيخنا: كان سعيد بن زيد غائبًا، وقال بعضهم: لم يذكره؛ لأنَّه كان قريبَه وصهرَه [3]، فذكر ما ذكرته.

فإنْ قيل: لمَ لمْ يذكر أبا عبيدة ابن الجَرَّاح

[ج 1 ص 373]

أمين هذه الأمَّة؟

فالجواب: أنَّه كان قد تُوفِّي سنة ثماني عشرةَ، وقصَّة الوصيَّة بالشُّورى كان سنة ثلاثٍ وعشرين، والله أعلم.

قوله: (وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ): (ولج): معناه [4]: دخل، وقوله: (شابٌّ من الأنصار): قال ابن شيخنا البلقينيِّ في «مبهماته»: في «طبقات ابن سعد»: أنَّه دخل عليه ابن عبَّاس وأثنى عليه، وأنَّه قال: وددت أن أخرج منها كفافًا؛ لا أجر ولا وزر، وقد ذكر البخاريُّ في (قصَّة البيعة والاتِّفاق [5] على عثمان): أنَّه جاء رجل شابٌّ، ولم يقل: من الأنصار، وفسَّرناه هناك: أنَّه ابن عبَّاس، ولكنَّ هذه الروايةَ تعارضه؛ فليُحرَّر، والله أعلم، انتهى.

والظاهر: أنَّه دخل عليه هذا الأنصاريُّ ودخل عليه ابن عبَّاس جمعًا بين الرِّوايتين، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ [6]: أَبْشِرْ): هو بقطع الهمزة، وكسر الشِّين، ساكن، أمر، وهذا ظاهر جدًّا.

(1/2814)

قوله: (لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِي الإِسْلاَمِ): (القَدَم): بفتح القاف والدَّال، وفي نسخة: (القِدَم [7])؛ بكسر القاف مفتوح الدَّال، ولكليهما وجه صحيح، ولعلَّ الوجه [الأوَّل] [8] أوجه؛ أي: سابقة ومتقدَّم فضل، والله أعلم.

قوله: (مَا قَدْ عَلِمْتَ): هو بفتح تاء المخاطب، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (اسْتُخْلِفْتَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، مفتوحة تاء المخاطب، وهذا ظاهر أيضًا.

قوله: (ثُمَّ الشَّهَادَةُ): هو مرفوع؛ أي: حصلتُ لك الشَّهادة، فهو فاعل بفعل مقدَّر، أو خبرُ مبتدأ محذوف تقديره: ثمَّ خاتمة عملك الشَّهادة، ورأيت في نسخة صحيحة في (المناقب): مجرور بالقلم منوَّن، وجرُّه على أنه معطوف على المجرور قبله وهو (وقدم)، والله أعلم، وكذا رأيتُه مجرورًا منوَّنًا بالقلم في نسخة شيخنا الأستاذ أبي جعفر الأندلسيِّ، فيكون هنا: (ثمَّ الشهادةِ)، وفي أصلنا هنا: مرفوع ومنصوب، أمَّا رفعه؛ فقد تقدَّم [9]، وأمَّا نصبه؛ فإمَّا أن يكون بنزع الخافض؛ أي: خُتِمَتْ بالشَّهادة أوحصَّلْتَ الشهادةَ، والله أعلم.

قوله: (بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): هم الذين صلُّوا القبلتين مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأمَّا مَنْ أسلم بعد تحويل القبلة؛ فلا يُعدُّ فيهم، قاله القاضي، وقد اختُلِف في المهاجرين الأوَّلين؛ فقيل ما قدَّمته، كذا عن أبي موسى الأشعريِّ وابن المسيّب، وقيل: إنَّهم الذين أدركوا بيعة الرضوان، قاله الشعبيُّ وابن سيرين، فعلى القول الأوَّل: هم الذين هاجروا قبل تحويل القبلة سنة اثنتين من الهجرة، وعلى الثاني: هم الذين هاجروا قبل الحديبية، والله أعلم.

قوله: (أَنْ يُقْبَلَ ... ، وَيُعْفَى): هما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعله.

وقوله: (عَنْ مُسِيئِهِمْ): هو بهمزة مكسورة؛ يعني: إلَّا في الحدود، والله أعلم.

قوله: (بِذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ): (الذِّمَّة): الأمان [10]، وقيل: العهد؛ يعني: أهل الذِّمَّة، والذِّمَّة: الضمان أيضًا.

قوله: (أَنْ يُوفَى) و (يُقَاتَلَ) و (يُكَلَّفُوا): الكلُّ مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (يُوفَى): مخفَّف ومُشدَّد [11]، وقد تقدَّم هذا.

==========

[1] في (ج): (وقد تقدَّم).

[2] (لم): سقطت من (ج).

[3] في (ج): (وضميره)، وهو تحريف.

[4] في (ج): (أي).

[5] في (أ): (والاتقان)، ولعله تحريف.

[6] (فقال): سقطت من (ج).

[7] (القدم): سقطت من (ج).

(1/2815)

[8] (الأوَّل): مستفاد من «المطالع».

[9] في (ج): (رفعه مظاهر).

[10] في (ب): (الآن)، وهو تحريف.

[11] في (ب): (مشدَّد ومخفَّف).

(1/2816)

[باب ما ينهى من سب الأموات]

قوله: (باب مَا يُنْهَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 374]

(1/2817)

[حديث: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا]

1393# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ): حديث مجاهد عن عائشة في «البخاريِّ» و «مسلم»، قال ابن معين: لم يَسمَع منها، وفي «البخاريِّ» و «مسلم» ما يدلُّ على سماعه منها من رواية منصور عن مجاهد قال: (دخلت أنا وعروة بن الزُّبير المسجد؛ فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والنَّاس يصلُّون الضُّحى ... )؛ الحديث، وفيه: (وسمعنا [1] استنانَ عائشة، فقال عروة: ألا تسمعين ... )، ولهذا أخرجه البخاريُّ، ولو لم يكن عنده دالًّا على السَّماع؛ لما أخرجه؛ لما عُرِفَ من شرطه، وقد أخرج النَّسائيُّ في «سننه» من رواية موسى الجهنيِّ عن مجاهد قال: (أُتِي مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال، فقال: حدَّثتني عائشة: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يغتسل بمثل هذا)، وهذا صريحٌ في سماعه منها، والله أعلم.

قوله: (وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنِ الأَعْمَشِ): هذه متابعةٌ؛ أي: تابع عبد الله هذا شعبةَ في روايته عن الأعمش، وكذا (وَمُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الأَعْمَشِ [2])، وقوله: (تَابَعَهُ [3] عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَابْنُ عَرْعَرَةَ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ)؛ أي: تابع هؤلاء الثَّلاثةُ آدمَ في روايته هذا عن شعبة.

أمَّا (عبد الله بن عبد القدُّوس)؛ فهو سعديٌّ رازيٌّ، يروي عن: عبد الملك بن عمير، وجابر الجعفيِّ، وعنه: عبَّاد [4] الرَّواجِنيُّ وغيره، قال [5] ابن معين: رافضيٌّ ليس بشيء، وقال ابن عديٍّ: عامَّة ما يرويه في أهل [6] البيت، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس بثقة، وقال الدَّارقطنيُّ: ضعيف، أخرج له: البخاريُّ تعليقًا والتِّرمذيُّ، وله ترجمة في «الميزان».

وأمَّا عليُّ بن الجعْد؛ فهو جوهريٌّ حافظ، وعنه: البخاريُّ وأبو داود، وقد رأى الأعمش وأعرض عنه مسلم، وهو ثبتٌ، وقد قال: من قال: القرآن مخلوق؛ لم أعنِّفْه، مات في رجب سنة (230 هـ) وله ستٌّ وتسعون سنة، أخرج له البخاريُّ وأبو داود، وقد سمع منه مسلم جملة، لكن لم يخرِّج له شيئًا في «صحيحه»، وهو أكبر شيخ لقيَه مسلم، وقد وثَّقه، لكنَّه قال: جهميٌّ، له ترجمة في «الميزان».

(1/2818)

وأمَّا محمَّد بن أنس؛ فهو عدويٌّ كوفيٌّ، ثمَّ دينوريٌّ، مولى عمر بن الخطَّاب عن حُصين، والأعمش، وسُهيل بن أبي صالح، وجماعة، وعنه: إبراهيم بن موسى، وعليُّ بن بحر، قال أبو حاتم: صحيح الحديث، أخرج له البخاريُّ تعليقًا وأبو داود.

تنبيه: لما ذكر أبو عليِّ الغسَّانيُّ: أنسًا وأتشًا _الثَّاني؛ بالمثنَّاة فوق وشين معجمة [7]_؛ ذكر هذه المتابعة عن محمَّد بن أنس _يعني: بالنُّون والإهمال_ ثمَّ قال: ومن النَّاس من يصحِّف فيه _يعني: هذا المكان_ فيقول: محمَّد بن أتش، انتهى؛ يعني: بالمثنَّاة فوق وبالشين المعجمة، والله أعلم، انتهى [8]

قال ابن حِبَّان في «ثقاته»: محمَّد بن الحسن بن أتش، من أهل اليمن، يروي عن النعمان بن الزُّبير، روى عنه: محمَّد بن رافع، وفي «ابن ماكولا [9]»: أبو عبد الله محمَّد بن الحسن بن أتش اليماني الصَّنعانيُّ الأبناويُّ، حدَّث عن سليمان بن وهب الأبناويِّ، وجعفر بن سليمان الضُّبعيِّ، روى عنه: أحمد ابن حنبل، ونسبه إلى جدِّه، وروى عنه: أحمد بن صالح، ونوح [10] بن حَبيب، وغيرهم، وأخوه عليُّ بن الحسن بن أتش، انتهى، ورأيته في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم فقال: روى عن منذر بن النُّعمان، وعبد الرَّحمن والنُّعمان ابني الزُّبير، ورياح بن زيد، وسليمان بن وهب، وأبي بكر بن أبي سبرة، روى عنه: إبراهيم بن موسى، ونوح بن حبيب، وعليُّ بن صالح بن [11] وسيم، ومحمَّد بن رافع، وأبوزياد حمَّاد بن باذان: سمعت أبي يقول ذلك، قال ابن أبي حاتم: روى عن همَّام بن مُنبِّه، [قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زُرعة عن محمَّد بن الحسن بن أنس، قال: ثقةٌ، انتهى، فقول [12] ابن أبي حاتم: (روى عن همَّام بن مُنبِّه)، وهَّمه الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة محمَّد هذا، فقال: إنَّه روى عن هشام [13] بن مُنبِّه] [14]، فسقط عليه رجل، انتهى.

وقد ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه»: ونقل توثيقه عن أبي زُرعة، وأبي حاتم، ثمَّ قال: وقال النَّسائيُّ: ليس بثقةٍ، ثمَّ ذكر وهم ابن أبي حاتم في سقوط رجل بينه وبين همَّام، انتهى، ولم أر له ذكرًا في «رجال المسند» للحسينيِّ، وكأنَّه لم يحدِّث عنه أحمد في «المسند»، والله أعلم.

(1/2819)

وأما محمَّد بن عرعرة؛ فهو ابن عرعرة [15] بن البِرَنْد، فعن: شعبة وعمر بن أبي زائدة، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وبندار، والكجِّيُّ، تُوفِّي سنة (213 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، قال أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس.

وقوله: (وابن أبي عديٍّ): هو محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، أبو عمرو، بصريٌّ، عن حميد الطويل، وطبقته، وعنه: أحمد بن سنان وجماعة، ثقة، تُوفِّي سنة (194 هـ)،

[ج 1 ص 374]

أخرج له الجماعة.

وعليُّ بن الجعد وابن عرعرة من مشايخ البخاريِّ، والظاهر أنَّ قول البخاريِّ [16]: (تابعه فلان وفلان)، ويكون المُسندة إليه المتابعةُ شيخَه؛ كهذين، هو كقوله: (قال فلان، وزاد فلان)؛ إذا كان شيخه؛ فهو متَّصل، وقد تقدَّم الكلام على (قال لي أو لنا [17] فلان، وقال فلان) إذا كان المُسند إليه القولُ [18] شيخَه، وهذا مثله فيما يظهر، والله أعلم.

ومتابعة عليِّ بن الجعد الضمير في (تابعه) يرجع [19] إلى آدم، وقد رواها البخاريُّ في (الرِّقاق) عن عليٍّ هذا، عن شعبة [20]، وأبو نُعَيم عن أبي أحمد، عن المنيعيِّ، عن عليِّ بن الجعد، والإسماعيليُّ عن أبي جعفر الحليجيِّ [21] عن عليِّ بن الجعد [22].

==========

[1] في (ج): (وسمعت).

[2] في النسخ: (شعبة)، ولعله سبق نظر، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في النسخ: (وتابعه)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] في (ج): (هناد)، وهو تحريف.

[5] في (ج): (وقال).

[6] (أهل): سقطت في (ج).

[7] في (ج): (والشين المعجمة).

[8] في (ج): (انتهى والله أعلم).

[9] في (ج): (ماكولاء).

[10] في (ب): (روح)، ووهو تحريف.

[11] (بن): سقطت في (ب) و (ج).

[12] في (ب): (يقول).

[13] في (ب): (همام)، وهو تحريف.

[14] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[15] (فهو ابن عرعرة): سقطت من (ج).

[16] زيد في (ب): (في).

[17] في (ب): (كذا)، وهو تحريف.

[18] (القول): سقطت في (ب).

[19] في (ب): (يرفع).

[20] في (ب): (عمَّن تبعه)، وهو خرم في (أ).

[21] في (ب): (الحليمي)، وفي (ج): الحلبي).

[22] زيد في (ب) و (ج): (قوله).

(1/2820)

[باب ذكر شرار الموتى]

(بَابُ ذِكْرِ شِرَارِ الْمَوْتَى)

ذَكَر فيه حديث ابن عبَّاس: (قال أبو لهب للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: تبًّا لك سائر اليوم، فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1]).

قال ابن المُنَيِّر: إن قلت: هل أراد في التَّرجمة العموم حتَّى في الفاسق والكافر، أو الخصوص بالكافر؟

ثمَّ قال: قلت: يحتمل أن يريد الخصوص، فتُطابق [1] الآيةُ التَّرجمةَ، ويحتمل أن يريد العموم قياسًا للمسلم المتجاهر بالشَّرِّ على الكافر؛ لأن المسلم الفاسق لا غيبة له، وقد حمل بعضهم على البخاريِّ على أنَّه أراد العموم، فظنَّ به النِّسيان لحديث [2] أنسٍ المتقدَّم _يريد حديثه الذي فيه: (فأثني على صاحبها خيرًا)، (فأثني على صاحبها شرًّا) _ قال: (مرَّ بجنازة [3] ... )؛ الحديث، قال: هذا كان أولى بالترجمة من هذا الحديث الذي تضمَّنه، والظَّاهر: أنَّ البخاريَّ جرى على عادته في الاستنباط بالخفيِّ، والإحالة في الظَّاهر الجليِّ على سبق الأفهام إليه، على أنَّ الآية مرتَّبة [4]؛ وهي تسمية المذموم، وتغييب [5] الغيبة، وخصوصًا في الكتاب العزيز الذي يبقى ولا يفنى آخر الدَّهر، انتهى لفظه.

==========

[1] في (ب): (فيطابق).

[2] في (ج): (بحديث).

[3] في النسخ: (قال: وإثارة)، والمثبت موافق لما في «المتواري».

[4] في النسخ: (جزئية)، والمثبت موافق لما في «المتواري».

[5] في النسخ: (وتعيين)، والمثبت موافق لما في «المتواري».

[ج 1 ص 375]

(1/2821)

[حديث: قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبي صلى الله عليه وسلم]

1394# قوله: (قَالَ أَبُو لَهَبٍ): هذا اسمه عبد العزَّى بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف، هلك [1] بعد بدر بسبعة أيَّام، كذا قال بعض الحفَّاظ، قال ابن إسحاق بسنده ما معناه: عاش حتى وصل أبو سفيان بن الحارث إلى مكَّة من وقعة بدر، ضربته أمُّ الفضل بعمود ضربةً فلغت في رأسه شجَّة مُنكَرة ... إلى أن قال: فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتَّى رماه الله بالعَدَسَة، فقتلته، فهذا يقتضي أنَّه عاش بعد الوقعة أكثر من سبع ليال؛ لأنَّ بدرًا بينها وبين مكَّة نحو أربع مراحل، ويمكن تأويل قول مَنْ قال: إنَّه عاش بعد بدر سبع ليال، والله أعلم، وكون اسمه عبد العزَّى لهذا عدل الباري تعالى عن اسمه إلى كنيته، وقيل: إنَّما عدل إلى الكنية؛ لمناسبة حاله بالنَّار، والله أعلم.

قوله: (تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ): سيأتي تفسير (تبًّا) _أي: خسرانًا لك_ في مكانها، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ج): (على كفره).

[ج 1 ص 375]

(1/2822)

((24)) (باب وُجُوبِ الزَّكَاةِ) ... إلى (باب الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ)

فائدة: فُرِضت زكاة المال بعد زكاة الفطر، قاله ابن سعد، وفي أبي داود حديث يدلُّ له، وقيل: إنَّ الزَّكاة فُرِضت أيضًا [1] في السَّنة الثانية، وفي «الكفاية» للعلَّامة الفقيه نجم الدين ابن الرفعة المصريِّ الشَّافعيِّ: هل فرضت قبل الصَّوم أو بعده؟ حكاهما في أوَّل (باب المواقيت)، (وعن «تاريخ ابن الأثير»: أنَّ الزَّكاة فُرِضت في التَّاسعة من الهجرة، ورجَّحه بعض أصحابنا في سيرة له [2] منظومة باللَّام [3] نظم فيها ما اتَّفق في سنيِّ الهجرة، وجاء في حديث ذكرها قبل الهجرة، وعن «تاريخ ابن جرير الطَّبريِّ»: أنَّها فُرِضت في السَّنة الرَّابعة) [4].

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [5]: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ): هو صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، مشهور، وقد تقدَّم في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَالْعَفَافِ): هو ترك المحرَّمات، وترك خوارم المروءة، وقد تقدَّم.

==========

[1] زيد في (ج): (فرضت).

[2] (له): ليس في (ب).

[3] (باللَّام): سقط من (ب).

[4] ما بين قوسين سقط من (ج).

[5] كذا في النسخ و (ق)، وزيد في «اليونينيَّة»: (رضي الله عنهما).

[ج 1 ص 375]

(1/2823)

[حديث: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله]

1395# قوله: (عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ): (أبو معبد) هذا اسمه نافذ؛ بالفاء والذَّال المعجمة، عن مولاه، وعنه: أبو الزبير، وسليمان الأحول، كان من خيار [1] موالي ابن عبَّاس وأصدقِهم، قال الواقديُّ: مات بالمدينة سنة (104 هـ)، وكذلك أرَّخه غير واحد، وقيل: سنة (109 هـ)، أخرج له الجماعة.

فائدة: روايته عن مولاه عبد الله بن عبَّاس متَّصلة، وهي في «البخاريِّ» و «مسلم»، وأمَّا روايته عن الفضل؛ فهي مُرسَلة، قاله المِزِّيُّ في «تهذيبه»، والله أعلم.

قوله: (بَعَثَ مُعَاذًا [2] إِلَى الْيَمَنِ): قال شيخنا الشَّارح: في «الإكليل» للحاكم [3]: أنَّ بعْثه وبعْث أبي موسى عند انصرافه من تبوك سنة تسع، وفي «الطبقات» مثله، وأنَّه في ربيع الآخر، قال: وزعم ابن الحذَّاء كان هذا في الشهر سنة عشر، وقدم في [4] خلافة أبي بكر رضي الله عنه في الحجَّة التي حجَّ فيها عمر رضي الله عنه [5]، وكذا ذكره سيف في «الرِّدَّة»، وبعثه قاضيًا، كما قاله أبو عمر، وقال العسكريُّ: (واليًا)، انتهى، وفي «الاستيعاب» في ترجمته: أنَّه بعثه عام فتح مكَّة، انتهى، والفتح في رمضان سنة ثمانٍ، كما تقدَّم ويأتي، فاجتمع ثلاثة أقوال في وقت بعثهما [6]؛ هل [7] هو في الثامنة أو التاسعة أو العاشرة؟

قوله: (وَأَنِّي [8] رَسُولُ اللهِ): (أَنِّي): بالفتح، وهذا ظاهر جدًّا.

==========

[1] (خيار): لس في (ب).

[2] كذا في النسخ و (ق)، وزيد في «اليونينيَّة»: (رضي الله عنهما).

[3] (الحاكم): ليس في (ب).

[4] (في): ليس في (ب).

[5] في (ج): (عنهما).

[6] في (ب): (تعينهما).

[7] (هل): ليس في (ج).

[8] في (ب): (وأتى)، وهو تصحيف.

[ج 1 ص 375]

(1/2824)

[حديث: أرب ماله تعبد الله ولا تشرك به شيئًا]

1396# قوله: (عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ): (ابن عثمان) هذا: هو محمَّد، وكذا جاء التصريح به في بعض النسخ، وهو في نسخة في هامش أصلنا، وعليها علامة راويها، وهو محمَّد بن عثمان بن عبد الله بن مَوْهَب؛ بفتح الميم والهاء، وواو ساكنة، ثمَّ موحدة، يروي عن موسى بن طلحة، وعنه: شعبة مقرونًا بأبيه عثمان في الطَّريق الثانية، ومفردًا في الأولى، وهذا من أوهام شعبة، وقال يحيى القطَّان وعبد الله بن نمير، وجعفر بن عون، وآخرون: عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب، وقال بعضهم: بل عمرو أخ لمحمَّد، وقال البخاريُّ عقيب الحديث: (أخشى أن يكون محمَّد غير محفوظ، إنما هو عمرو) انتهى، وقد ساق مسلم الحديث) [1]: عن عبد الله بن نمير: حدثنا عمرو بن عثمان، ثمَّ طرَّفه عن شعبة: حدثنا محمَّد بن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه [2] عثمان، قال الكلاباذيُّ وجماعاتٌ من أهل هذا الشأن: هذا وهم من شعبة، فإنَّه [3] كان يسمِّيه محمَّدًا وإنَّما هو عمرو، انتهى، أخرج لمحمَّد هذا البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وقد قدَّمت أنَّ جماعة قالوا: إنَّما هو عمرو، لا محمَّد، وهو الصحيح، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ): تقدَّم أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، صحابيٌّ مشهور الترجمة، وقد قدَّمت بعضها رضي الله عنه.

(1/2825)

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرَّجل هو سعد، كما قاله ابن الأثير، وفي «الطَّبرانيِّ [4]» من حديث المغيرة بن سعد [5] بن الأخرم عن عمِّه: (أنَّه سأل)، قاله شيخنا، وقال [6] ابن شيخنا البلقينيِّ: هذا الرَّجل أو الأعرابيُّ لعلَّه عبد الله بن الأخرم، وقيل فيه: سعد بن الأخرم، قال في «أسد الغابة»: سعد بن الأخرم مُختلَف [7] في صحبته، ثمَّ ذكر ابن شيخنا مُستنَده منها، ثمَّ قال: وفي «الطَّبرانيِّ» من حديث المغيرة بن سعد بن الأخرم عن عمِّه: (أنَّه سأل)، ثمَّ ذكر [8] مستنده من «الأسد» في أنَّه عبد الله، ثمَّ قال: وفي «الأُسد» صخر بن القعقاع ... ؛ فذكر قصَّة نسبه [9] هذه، ثمَّ قال: فهذا يحتمل أيضًا أن يُفسَّر به ما تقدَّم، ثمَّ قال: ونُقِل لي عن الصريفينيِّ: أنَّه روى الحديث من طريق أبي أيُّوب، وقال فيه: إنَّ وافد بني المُنتفِق قال ... ؛ الحديث، فعلى هذا؛ يكون الرجل لقيط بن عامر، ويقال: لقيط بن صبرة [10]، انتهى، وقال بعض أصحابنا: اسمه لقيط بن صبرة، وإنَّه وافد بني المُنتفِق، ثمَّ قال: كتبته من خطِّ [11] الصريفينيِّ، قال [12]: وعن ابن السَّكن في «الصحابة»: هو ابن المُنتفِق، رجل من قيس، قال: وغلط ابن قتيبة في «غريب الحديث»؛ حيث جعل السائل أبا أيُّوب، وإنَّما هو الرَّاوي عنه، انتهى.

قوله: (أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي): هو بجزم [13] (يدخلْني) جواب، وفي أصلنا: مرفوع بالقلم، وهو جائز.

قوله: (مَا لَهُ؟ مَا لَهُ؟): استفهام مُكرَّر.

قوله: (أَربٌ مَا لَهُ؟): كذا في أصلنا؛ مُدلَّس الرَّاء، منوَّن الباء مرفوع، قال ابن قرقول: («أرِبَ ما له؟»، ويروى: «أرِبٌ ما له؟» اسم فاعل؛

[ج 1 ص 375]

(1/2826)

على مثل «حَذِر»، ورواه بعضهم: «أرَبٌ ما له؟»، ورواه [14] أبو داود [15]: «أرَبَ ما له؟»؛ بفتح الهمزة والرَّاء والباء، فمن كسر الرَّاء؛ جعله فعلًا، معناه: احتاج، فسأل [16] عن حاجته، قاله ابن الأعرابيِّ، وقد يكون بمعنى: تفطَّن لِما سأل عنه وعقل، يقال: أرِبَ؛ إذا عقل، أرَبًا وإرْبَةً؛ فهو أريب، وقيل: تعجَّب من حرصه؛ ومعناه: لله درُّه! قاله ابن الأنباريِّ؛ أي: فَعَل فِعْل العقلاء في سؤاله عمَّا جهله، وقيل: هو دعاء عليه؛ أي: سقطت آرابه؛ وهي: أعضاؤه واحدها: إرْبٌ، كما قال: «تربت يمينك»، و «عَقْرى حَلْقى»، وليس المراد [17] وقوعَ هذا الدُّعاء، لكنَّه من عادة العرب استعمالُ هذه الألفاظ في دعم [18] كلامها، وإلى هذا ذهب القتيبيُّ قال: وإنَّما دعا عليه بهذا لمَّا رآه يزاحم ويدافع غيره، وقد جاء في حديث عمر: «أرِبت عن يديك»؛ أي: تقطَّعت آرابك وسقطت، فهذا يدلُّ على أنَّه لفظ مستعمل عندهم بمعنى الدُّعاء الذي لا يُراد وقوعُه، ومن قال: «أربٌ ما له»؛ فمعناه: حاجة به، قاله الأزهريُّ، وتكون «ما» زائدة، وفي سائر الوجوه: استفهاميَّة، ومَن قال: «أربٌ ما له؟»؛ فمعناه: رجل حاذق سأل عمَّا يعنيه، والأرَبُ والإرْب: الحاجة؛ ولا وجه لقول أبي ذرٍّ: «أرَبَ») انتهى.

وفي «النِّهاية» ثلاث روايات ذكر فيها: (أَرِبَ)؛ بوزن (عَلِمَ)، ومعناه: الدُّعاء عليه، ولم يُرِد وقوع الأمر، الثانية: (أَرَبٌ)؛ بوزن (جَمَل)؛ أي: حاجة له، و (ما) زائدة؛ للتقليل [19]؛ أي: له حاجة يسيرة، وقيل: معناه: حاجة جاءت به، ثمَّ سأل فقال: (ما له؟)، والثالثة: (أَرِبٌ)؛ بوزن (كَتِف)، والأَرِب: الحاذق؛ أي: هو أرب، فحذف المبتدأ، ثمَّ سأل فقال: ما له؟ أي: ما شأنه؟ وهذا ملخَّص منه.

قوله: (وَتَصِلُ الرَّحِمَ): سيأتي الكلام في (الأدب) إن شاء الله تعالى على الرحم التي تجب صلتها في الجملة، وأذكر فيها قولين.

قوله: (وَقَالَ بَهْزٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): هذا هو بهز بن أسد، يروي عن شعبة وطبقته، وعنه: بندار، وعبد الله بن هاشم، وخلق، إمامٌ حجَّةٌ، مات قبيل القطَّان، وتُوفِّي يحيى بن سعيد القطَّان في صفر، سنة ثمان وتسعين ومئة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وتعليقه هذا أخرجه البخاريُّ في (الأدب): عن عبد الرحمن بن بشر، عن بهز بن أسد، عن شعبة، عن ابن عثمان بن عبد الله وأبيه عثمان؛ كلاهما عن موسى بن طلحة، عن أبي أيُّوب به.

(1/2827)

وإنَّما أتى بهذا التَّعليق هنا؛ لينبِّه على أنَّ الغلط فيه من شعبة، لا من الرَّاوي عنه؛ لأنَّ الطَّريق الأوَّل [20] رواه عنه حفصُ بن عمر، ففي نسخة: عن ابن عثمان بن عبد الله بن موهب، وفي نسخة: عن محمَّد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، فأتى بهذا التَّعليق؛ ليؤيِّد رواية حفص عن شعبة، في أنَّه تابعه بهز عن شعبة، فرواه عنه عن [21] محمَّد بن عثمان به [22]، والله أعلم.

(1/2828)

[حديث: تعبد الله لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة المكتوبة]

1397# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه وهيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ): هو بتشديد [1] المثنَّاة تحتُ، وقد قدَّمت حِبَّان؛ بكسر الحاء، وحَبَّان؛ بفتحها، ثمَّ قلت: والباقي: حيَّان، فدخل فيه هذا وغيره، وهو يحيى بن سعيد بن حيَّان، أبو حيَّان، كنيته كاسم جدِّه، التَّيميُّ، عن أبي زُرعة، وعنه: يحيى القطَّان وأبو أسامة، إمامٌ ثَبْتٌ، أخرج له الجماعة، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه هَرِم، وقيل [2]: غير ذلك، كعبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: جرير، وقيل: عمرو، ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البُجليُّ، تقدَّم مُترجَمًا، ومرارًا بغير ترجمة.

قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا): تقدَّم الكلام عليه في ظاهرها مطوَّلًا؛ فانظره، وقال شيخنا الشارح: (يجوز أن يكون السائل فيه _ أي: في هذا الحديث_ السائلَ في حديث أبي أيُّوب)؛ يعني: الذي قدَّمته، قال شيخنا: فإن يكن هو؛ فقد عَرَفتَ اسمه فيما مضى، انتهى، وقد قدَّمت أنَّ ابن شيخنا البلقينيِّ قال في «مبهماته»: (هذا الرَّجل أو الأعرابيُّ)، فجعله هو، والله أعلم.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هذا هو القطَّان يحيى بن سعيد الحافظ، شيخ الحفَّاظ، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (ابْنِ [3] حَيَّانَ [4]): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [5]، وعلى ضبط [6] كنيته وجدِّه، وأنَّه بالمثنَّاة تحت، ومُترجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا): الحكمة في إتيانه [7] بهذا الطريق [8]؛ لينبه [9] على أنَّه روي بطريق متَّصلة وبطريق مُرسَلة، وقد تقدَّم أنَّ الحديث إذا رُوِي متَّصلًا ورُوِي مُرسَلًا، أو موقوفًا ومرفوعًا؛ أنَّ العبرة بوصل الثِّقة، وكذا برفعه، وقيل: بمن أَرسَل، وقيل: الأكثر، وقيل: الأحفظ، والصحيح: الأوَّل، وهو الأظهر الصَّحيح الذي صحَّحه الخطيب البغداديُّ، وقال ابن الصَّلاح: إنَّه الصَّحيح في الفقه وأصوله، هذا على ما في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ بعد (أبي زُرعة) في الثاني: (أبو هريرة)، وهي مُخرَّجة في الهامش، وعليه تصحيح؛ وهي بخطِّ المقَابِل ابن المقريزيِّ [10]، فعلى هذه: الطَّريقان متَّصلان، والله أعلم.

==========

(1/2829)

[1] زيد في (ب): (الياء).

[2] في (ب): (وأنه قيل).

[3] في (ج) و (ق) و «اليونينيَّة»: (عن أبي)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

[4] في هامش (ق): (اسمه يحيى بن سعيد).

[5] في (ب): (قريبًا).

[6] في (ج): (ضبطه).

[7] في (ب): (إثباته).

[8] (بهذا الطريق): سقط من (ب).

[9] في (ب): (كنيته)، وليس بصحيح.

[10] في (ب): (الفربري).

[ج 1 ص 376]

(1/2830)

[حديث: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع]

1398# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، الدلَّال، الثِّقة، الوَرِع، صاحب سُنَّة وفضل، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ): تقدَّم أنَّه بالجيم والرَّاء، وأنَّ اسمه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، مُترجَمًا في أوائل هذا التَّعليق في (الإيمان).

قوله: (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تقدَّم الكلام على الوفد، وكم كانوا، وذكرتُ منهم جماعةً بلغوا خمسةَ عشرَ رجلًا، [وذكرت في كتاب (الإيمان) أنَّهم وفدوا مرَّتين، وذكرت قولًا: أنَّهم كانوا أربعين، وذكرت مِنَ الأربعين مَنْ رأيت منهم] [1]، والله أعلم.

قوله: (إنَّا هَذَا الْحَيَّ): تقدَّم أنَّه منصوب على الاختصاص، وفي أصلنا: (إنَّ هذا الحيَّ)، وفي نسخة: (إنَّا).

قوله: (إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ): تقدَّم لِمَ [2] كان ذلك [3]، [قال بعض الحفَّاظ [4] المصريِّين هنا: إنَّ في «سنن البيهقيِّ»: (إلَّا في شهر رجب) انتهى] [5].

قوله: (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ): تقدَّم فيه سؤال وجوابُه [6].

قوله: (عَنِ الدُّبَّاءِ): تقدَّم، وكذا (النَّقِيرِ) [7]، وكذا (الْحَنْتَمِ).

[ج 1 ص 376]

قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ [8]): بخطِّ بعض الفضلاء ما لفظه: هذا هو أبو داود الطَّيالسيُّ، انتهى.

وما أدري من أين أخذه هذا الفاضل [9]، ولكنَّ الذي ظهر لي أنَّ سليمان هذا هو ابن حرب شيخ البخاريِّ؛ لأنَّ الحديث عند البخاريِّ عن أربعة مشايخ؛ فأخرجه في أربعة أبواب: أخرجه هنا عن حجَّاج بن منهال، وفي آخره قال: وقال سليمان وأبو النُّعمان، وأخرجه في (الخُمُس) عن أبي النُّعمان، وهو محمَّد بن الفضل عارمٌ شيخه، وأخرجه [10] في (المغازي) عن سليمان بن حرب، وفي (مناقب قريش) عن مُسدَّد؛ أربعتهم عن حمَّاد بن زيد، فيكون أَخَذَه عن سليمان بن حرب وأبي النُّعمان محمَّدُ بن الفضل مذاكرةً هنا، ثمَّ حدَّثاه به مُتفرِّقَين، ولا يكون سليمان هذا أبا داود الطَّيالسيَّ، وأبو داود لم يرو له البخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له، ولم يسمع أيضًا منه شيئًا؛ لأنَّه تُوفِّي سنة أربع ومئتين، وقيل: سنة ثلاث ومئتين، وإنَّما غرَّ كاتب الحاشية أنَّه حَسِبَه تعليقًا، فإنَّه علَّق للطَّيالسيِّ، فظنَّه أنَّه هو، والله أعلم.

(1/2831)

قوله: (عَنْ حَمَّادٍ): تقدَّم أنَّه حمَّاد بن زيد، تقدَّم، (وتقدَّم أنَّ حمَّادًا إذا أطلقه سليمانُ بن حرب أو عارمٌ محمَّد بن الفضل؛ يكون ابنَ زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبوذكيُّ، أو عفَّان، أو حجَّاج بن منهال، أو هدبة بن خالد؛ فإنَّه يكون ابنَ سلمة، وقد تقدَّم أنَّ ابن سلمة علَّق له البخاريُّ وروى له مسلم والأربعة، وأنَّ ابن زيد روى له الجماعة، والله أعلم) [11].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] في (ب): (كم).

[3] في (ج): (كذلك).

[4] في (ب): (حفاظ).

[5] ما بين معقوفين سقط في (ج).

[6] في (أ): (جوابه).

[7] في (ب): (القير)، وهو تحريف.

[8] في هامش (ق): (ابن داود الطيالسي؛ يحرر ذلك، والذي ظهر لي أنَّه سليمان بن حرب، وهو شيخ البخاري، وقد أخرج عنه هذا الحديث في (المناقب): عن حماد بن زيد، كما أنَّ المقرون به أبا النعمان هو محمد بن الفضل عن حماد شيخه أيضًا، وقد أخرج عنه هذا الحديث عن حماد في (الخمس)، وللبخاريِّ في هذا الحديث مشايخ منهم أربعة يروونه عن حماد بن زيد، وهم: حجاج بن منهال، أخرجه عنه عن حماد هنا، وأبو النعمان أخرجه عنه عن حماد في (الخمس)، وسليمان بن حرب أخرجه عنه عن حماد في (المغازي)، ومسدد أخرجه عنه عن حماد في (مناقب قريش)، ولم يخرج أحد من البخاريِّ، ومسلم، وأبي داود، والترمذيِّ، والنسائيِّ هذا الحديث من طريق أبي جمرة عن ابن عباس من جهة أبي داود الطيالسي عن حماد عن أبي جمرة، والله أعلم).

[9] في (ب): (الفضل).

[10] (أخرجه): سقط من (ج).

[11] ما بين قوسين سقط في (ج).

(1/2832)

[حديث: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله.]

1399# 1400# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (تُوُفِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (تُوفِّي): مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله، و (رسولُ): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (عَنَاقًا): العَناق _بفتح العين_: الأنثى من أولاد المعز، كذا في «الصِّحاح»، وقال بعضهم: ما لم يتمَّ لها حَوْل، وقيل غير ذلك.

(1/2833)

[باب البيعة على إيتاء الزكاة]

(1/2834)

[حديث: بايعت النبي على إقام الصلاة]

1401# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ): هو محمَّد بن عبد الله بن نمير، أبو عبد الرحمن الخارفيُّ، وخارف: بطن من همْدان، الحافظ، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن أبي خالد، الحافظ الطَّحَّان، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (عَنْ قَيْسٍ): هو قيس بن أبي حازم؛ بالحاء المهملة والزَّاي، تقدَّم مُترجَمًا.

==========

[ج 1 ص 377]

(1/2835)

[باب إثم مانع الزكاة]

قوله: ({وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ... })؛ الآية [التوبة: 34]: قال الأكثرون: نزلت في أهل الكتاب، وقيل: عامَّة، وقيل: خاصَّة فيمَن لم يؤدِّ زكاتَه من المسلمين، وعامَّة في المشركين، وقيل: منسوخة بقوله [1]: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [التَّوبة: 103]؛ لأنَّ جمع المال كان محرَّمًا في أوَّل الإسلام، فلمَّا فُرِضَت الزُّكاةُ؛ جاز جمعه، والله أعلم.

سؤال: إن قلت: لم خُصَّتِ الجباهُ والجنوبُ والظُّهورُ بالكيِّ بها دون غيرها؟

فالجواب: أنَّ مانع الزَّكاة إذا سأله الفقير شيئًا منها؛ يزوي جبهته عنه، ثمَّ يعرض عنه إلى جانبه، ثمَّ يولِّيه ظهره، والله أعلم، وقيل: في المعنى قولان آخران، ذكر الأقوال الثلاثة القرطبيُّ في «تذكرته» قبيل نصف الكتاب بنحو ثلاثة كراريس.

==========

[1] في (ج): (فقوله)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 377]

(1/2836)

[حديث: تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت]

1402# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] شُعَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي [2] حمزة، وتقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ): تقدَّم [3] أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، تقدَّم [4] مُترجَمًا.

قوله: (تَأْتِي الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ): يعني: أسمنَها وأعظمَها، قال النَّوويُّ: وإنَّما جاءت كذلك؛ زيادةً في عقوبته؛ لتكون أثقلَ في وطئها، انتهى، ولأنَّه أكمل في خلقها، وكان صاحبها يَوَدُّ أن تكون في الدُّنيا على أكمل حال، فعُوقِب بكمال مطلوبه.

قوله: (وَتَنْطحُهُ): هو بكسر الطَّاء وفتحها؛ لغتان.

قوله: (أَنْ تُحْلَبَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهر، وإنَّما ذلك؛ لما يحضرها [5] مِنَ المساكين ومَنْ لا لبنَ له، فيُواسى، وذكر الدَّاوديُّ: أنَّه يُروَى بالجيم، وفسَّره بالجلب للمصدِّق.

قوله: (لَهَا يُعَارٌ [6]): هو بضمِّ المثنَّاة تحتُ، ثمَّ عين مهملة مخفَّفة، وفي آخره راء، و (اليُعار): الصِّياح، وفي نسخة: (ثُغاء) (وعن ابن دحية: أنَّه تصحيفٌ منه [7]، وهو) [8] بثاء مثلَّثة مضمومة، وعين معجمة مخفَّفة، وهمزة ممدودة، وهو صياح الضَّأن، قال ابن قرقول: («ثغاء»؛ بثاء مثلَّثة لأبي أحمد، وعند أبي زيد: «تُعار أو يُعار» على الشَّكِّ، وعند غيرهما: «ثُغار [9]»؛ بغينٍ معجمةٍ، وبعده الشَّكُّ في «تُعار أو يُعار»؛ نحو ما لأبي زيد، وفي «باب الغلول»: «شاة لها ثُغاء»، والثغاء: للضَّأن، واليُعار: للمعز، ومثله: «أو شاة تيعر»).

قوله: (لَهُ رُغَاءٌ): هو بضمِّ الرَّاء، ثمَّ غين معجمة مخفَّفة، وفي آخره همزة ممدودة، وهو صوت البعير.

==========

[1] في النسخ: (حدَّثنا)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] (أبي): سقط من (ج).

[3] (تقدَّم): ليس في (أ).

[4] في (ب): (وتقدَّم).

[5] في (ب) و (ج): (عصرها).

[6] في هامش (ق): (يعار: أي: صياح، الثغاء: صوت الشاء والمعز وما شاكلها).

[7] (منه): ليس في (ب).

[8] ما بين قوسين جاء في (ج) بعد قوله: (بالجلب للمصدق).

[9] في (ب): (تغار).

[ج 1 ص 377]

(1/2837)

[حديث: من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعًا]

1403# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا هِشَامُ [1] بْنُ الْقَاسِمِ): كذا في أصلنا، وهو خطأ محضٌ، ولا أعلم في الكتب السِّتَّة راويًا يُقَال له: هشام بن القاسم، وإنَّما هو هاشم بن القاسم أبو النَّضر، الحافظ، قيصر عن ابن أبي ذئب، وعكرمة بن عمَّار، وعنه: أحمد، والحارث بن أبي أسامة، ثقةٌ صاحب سُنَّة، تفتخر [2] به بغداد، تُوفِّي سنة (207 هـ)، وله ثلاثٌ وسبعون سنة، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا، لا هاشم بن القاسم الحرَّانيُّ، ذاك يروي عن غياث [3] بن بشير وابن وهب، روى عنه: ابن ماجه وأبو عَروبة، تُوفِّي سنة (260 هـ)، أخرج له ابن ماجه فقط، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ذكوان أبو صالح السَّمَّان، والزَّيَّات من الأئمَّة الثِّقات تقدَّم مُترجَمًا.

و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَنْ آتَاهُ اللهُ مَالًا): (آتاه)؛ بمدِّ الهمزة: أعطاه، وهذا غاية في الظُّهور.

قوله: (شُجَاعًا أَقْرَعَ): (الشُّجاع): الحيَّة الذَّكَر، وقيل: بل كلُّ حيَّة، بضمِّ الشين، وقد تُكسَر، والجمع: شُجعان _بضمِّ الشِّين وكسرِها_ وأشجعة، ويُقَال أيضًا للواحد: أشجع، قال في «المطالع» بعد أن ذكر ما ذكرته: (وبالرَّفع ضبطناه، وهي رواية الأطرابلسيِّ في «الموطَّأ»، ولغيره: «شجاعًا» كأنَّه مفعول ثانٍ، قال: والأوَّل أكثر المذكور، قيل [4]: وهو أظهر، ويكون بمعنى: صُيِّر وجُعِل كنزُه بهذه الصِّفة، كما جاء في حديث آخر: «يجيء كنزُ أحدِكم شجاعًا») انتهى.

و (الأقرع): معروف، وهو الذي لا شعرَ على رأسه، يريد: حيَّة قد تمعَّط جلد رأسه؛ لكثرة سمِّه [5] وطول عمره، والله أعلم، وإنَّما جاء الكنز يوم القيامة شجاعًا؛ لأنَّ الكنز غالبًا إنَّما يكون مدفونًا في الأرض، وكذا الحيَّة غالبًا

[ج 1 ص 377]

تكون فيها، والله أعلم.

قوله: (لَهُ زَبِيبَتَانِ): كتثنية (زَبِيبة)، قيل: زَبَدتان في جانبي شدقه، كما يكون للإنسان من كثرة الكلام، وقال الدَّاوديُّ: هما نابان يخرجان مِن فِيهِ، وقيل: هما نقطتان سوداوان فوق عينيه، وهي علامة نكارته، ولا يعرفه أهل اللُّغة، انتهى كلام «المطالع».

(1/2838)

قوله: (يُطَوَّقُهُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الواو مشدَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ؛ يَعْنِي: شِدْقَيْهِ): (اللِّهزمتان)؛ بكسر اللَّام، وإسكان الهاء، ثمَّ زاي مكسورة، والباقي معروف، وهو كما فسَّره: الشدقان، وقال الخليل: هما مضغتان في أصل الحنك، وعند منحنى اللَّحيين أسفل من الأذنين، وقيل: بين الماضغ والأذن، وكلُّه متقارب.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (هاشم)، وفي هامش (ق): (صوابه: هاشم، ولا أعلم أحدًا في رواة الكتب السِّتَّة يُقال له: هشام بن القاسم، وهاشم بن القاسم هذا: هو أبو النضر الحافظ ثقة، لا هاشم بن القاسم الحرَّاني؛ لأنَّ الحرَّانيَّ روى له ابن ماجه فقط، ولم يرو له البخاريُّ، وأبو النضر روى له الجماعة).

[2] في (ج): (تفخر).

[3] في (ج): (عتاب)، وفي (أ): بلا نقط.

[4] في (ب) و (ج): (قبل)، وهو تصحيف.

[5] في (ج): (سميته).

(1/2839)

[باب ما أدى زكاته فليس بكنز]

قوله: (باب مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ؛ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ): (أُدِّي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا جليٌّ.

فائدة: إن قلت: ما وجه إخراجه حديث أبي سعيد الخدريِّ هنا «ليس فيما دون خمس أواق صدقة ... »؛ الحديث؟

والجواب: أنَّ الكنز: المال الذي لم تُؤدَّ زكاته، وما دون النِّصاب لا زكاة فيه، فعُلِم منه أنَّه ليس بكنز، والله أعلم.

قوله: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ): (دون): معناها: أقلُّ، وقيل: بمعنى: غير، والأُوقيَّة: بضمِّ الهمزة _على المشهور_ وتشديد الياء، وهي أربعون درهمًا، والنَّشُّ؛ بفتح النُّون وبالشين المعجمة المشدَّدة: نصف أوقيَّة، وفيها لغة قليلة الاستعمال: بحذف الألف، وقد ثبتت هذه اللُّغة في «صحيح البخاريِّ» من كلامه عليه الصَّلاة والسلام في (باب إذا اشترط البائع ظهر الدابَّة إلى مكان مُسمًّى؛ جاز) من حديث في بيع الجمل، وذكرها مسلم فيه، وجاءت بها أحاديث أُخر، وهي اسم لأربعين درهمًا، ومَن قال: إنَّها لم تكن معلومة إلى أيَّام عبد الملك؛ ففيه نظر، فكيف يوجب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الزَّكاة في أعداد منها، وتكون مجهولة [1]؟! والجمع: (أواقي) مشدَّد، وقد يخفَّف، والله أعلم.

(1/2840)

[معلق أحمد بن شبيب: من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له]

1404# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا الدِّمشقيُّ [1]، ويكون قد أخذه عنه مذاكرة، كما في نظرائه، وفي نسخة في أصلنا: (حدَّثنا) عوض (قال) وأحمد بن شبيب هذا حَبَطيٌّ، والحَبَطات [2] من تميم، أبو عبد الله البصريُّ، وهو شيخ البخاريِّ، وقد أخرج له البخاريُّ والنَّسائيُّ، وهو ثقةٌ صدوقٌ، تُوفِّي سنة (229 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ يُونُسَ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (الزُّهريُّ) [3]: أنَّه محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، الإمام، شيخ الإسلام.

قوله: (أَعْرَابِيٌّ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ عزَّ وجلَّ [4]: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ [5]}): هذا الأعرابيُّ لا أعلم أحدًا سمَّاه.

قوله: (قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ): هو مبنيٌّ للفاعل وللمفعول، وقد تقدَّم متى فُرِضت في أوَّل (كتاب [6] الزَّكاة).

==========

[1] (القاهري وكذا الدمشقي): سقط من (ج).

[2] في (ج): (والحباط).

[3] في «اليونينيَّة» و (ق): (ابن شهاب).

[4] كذا في النسخ و (ق)، و (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[5] زيد في (ب): (الذهب).

[6] (كتاب): ليست في (ب).

[ج 1 ص 378]

(1/2841)

[حديث: ليس فيما دون خمس أواق صدقة]

1405# قوله: (أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، وهو أحد الأعلام، أفتى في سبعين ألف مسألة.

قوله: (أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ كثيرًا بالثاء المثلَّثة وفتح الكاف.

قوله: (أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ): تقدَّم أنَّ عُمارة بضمِّ العين، وتخفيف الميم.

قوله: (أَبَا سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه، وتقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (خَمْسِ أَوَاقٍ): تقدَّم الكلام على الأوقيَّة أعلاه، وكم [1] هي.

قوله: (خَمْسِ ذَوْدٍ): هو بالذَّال المعجمة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ دال مهملة، قال ابن قرقول: من الثلاث إلى التسع في الإبل، وإنَّ ذلك يختصُّ بالإناث، قاله أبو عبيدة، وقال الأصمعيُّ: ما بين الثلاث إلى العشر، وقال غير واحد: ومقتضى الأحاديث انطلاقه على الواحد، وليس فيه دليل على ما قالوه، وإنَّما هو اسم للجميع، كما قالوا: ثلاثة رهط [2] ونفر ونسوة، ولم يقولوه لواحد منها، وذكر ابن عبد البرِّ: أنَّ بعض الشيوخ رواه: (خمسٍ ذودٍ) على البدل، لا على الإضافة، وهذا إن تُصوِّر [3] له هنا، فلا يُتصوَّر له في قوله: (أعطانا خمس ذود) في (باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)، وقال بعضهم في (كتاب الأضاحي) ما لفظه: عن أبي البقاء: والصواب: تنوين (خمسٍ)، ولو أضيفت؛ لتغيَّر المعنى؛ لأنَّ المضاف يجرُّ المضاف إليه، فيلزم [4] أن يكون خمسُ ذود خمسةَ عشرَ بعيرًا؛ لأنَّ إبل الذَّود ثلاثةُ أبعرة، انتهى، وقد [5] تقدَّم ردُّه فيما تقدَّم.

(1/2842)

قوله: (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ): الأوسق: جمع (وَسق)؛ بفتح الواو وكسرها: ستُّون صاعًا، وفيه: حديثان مرفوعان؛ الأوَّل: عن أبي سعيد، وهو في «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، والثاني: عن جابر، وهو في «ابن ماجه» فقط، وقد [6] تقدَّم الصَّاع كم هو؟ وقال شمر: كلُّ شيء جملته؛ فقد وسَّقته، وقال غيره: الضمُّ والجمع، والستُّون صاعًا: ثلاث [7] مئة وعشرون رطلًا عند أهل الحجاز، وأربع مئة وثمانون رطلًا عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصَّاع والمُدِّ، فعلى قول أهل الحجاز: خمسة أوسق: ألف وستُّ مئة رطل بغداديٍّ، ورطل بغداد: مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، والله أعلم.

(وأما الخمسة الأوسق؛ فزنتها بالدِّمشقيِّ على القول الصَّحيح في رطل بغداد [8]: ثلاث مئة واثنان وأربعون رطلًا، وثلث رطل وسبعا أوقيَّة، وبرطل حلب ... [9]) [10].

==========

[1] في (ج): (كم).

[2] (رهط): ليس في (ب).

[3] في (ج): (تصوب).

[4] في (ب): (فينبغي).

[5] (قد): سقط من (ب).

[6] في (ج): (فقد).

[7] في (ج): (ثمان)، ولعل المثبت هو الصواب.

[8] (على القول الصحيح في رطل بغداد): جاء في (ب) بعد قوله: (ثلاثون).

[9] (وبرطل حلب): سقط من (ب)، وثمَّة في (أ) بعد (حلب) بياضٌ.

[10] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 378]

(1/2843)

[حديث: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر]

1406# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (ابن أبي هاشم)، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ: (عليٌّ)، وفي الهامش: (ابن أبي هاشم) وعليها علامة نسخة، والنسخة بخطِّ ابن المقريزيِّ مقابلها، وقد عزاه في «الأطراف» لعليِّ بن عبد الله؛ يعني: ابن المدينيِّ، الحافظ، أبا الحسن، وأبوه عبد الله بن جعفر بن نجيح، لا أعرف كنيته، وأمَّا عليُّ بن أبي هاشم بن طبراخ؛ فيروي عن شريك، وأبي معشر، وعدَّة، وعنه: البخاريُّ وغيره، ليَّنه بعضهم؛

[ج 1 ص 378]

لتوقُّفه في القرآن، أخرج له البخاريُّ فقط، له ترجمة في «الميزان»؛ لتوقُّفه في القرآن، وقد راجعت «تقييد المهمل» لأبي عليٍّ الجيَّانيِّ، فرأيته ذكر هذا المكان، فقال: (حدَّثنا عليٌّ: سمع هُشَيمًا) قال: نسبه أبو ذرٍّ في روايته عن أبي إسحاق المستملي، عن الفربريِّ، عن البخاريِّ: عليَّ [1] بن أبي هاشم، وقال في (تفسير آل عمران): حدَّثنا عليٌّ: سمع هُشيمًا بسنده: (أنَّ رجلًا أقام سلعة) قال أبو مسعود الدمشقيُّ: عليٌّ هذا هو بن أبي هاشم، وكذلك [2] نسبه أبو ذرٍّ أيضًا عن المستملي وقال في (النِّكاح) في باب (الغيرة): (حدَّثنا عليٌّ عن ابن عليَّة [3]) قال أبو نصر وأبو عبد الله الحاكم: عليٌّ هذا هو ابن أبي هاشم، ثمَّ قال: قلت: وهذه المواضع الثلاثة التي ذكرناها [4] هي في رواية ابن السكن وأبي زيد وأبي أحمد: غير منسوب فيها، قال أبو نصر: عليُّ بن أبي هاشم، واسم أبي هاشم الطِّرماخ [5]، سمع ابن عليَّة [6]، روى عنه البخاريُّ في (النِّكاح)، لم يذكر غير [7] هذا [8] الموضع وحده، وكذلك أبو مسعود الدِّمشقيُّ لم ينسب عليَّ بن أبي هاشم إلا في حديث ابن أبي أوفى وحده، وقد روى البخاريُّ [9] في «تاريخه الكبير» عن عليِّ بن أبي هاشم هذا، انتهى ملخَّصًا.

وقال شيخنا الشَّارح: اختُلِف فيه، فقيل: هو ابن أبي هاشم بن [10] الطبراخ البغداديُّ، قال الجيَّانيُّ: نسبه أبو ذرٍّ عن المستملي، ولم يذكر الكلاباذيُّ أنَّ البخاريَّ روى عنه [11] هنا وروى عنه في (النِّكاح)، وقيل: هو أبو الحسن عليُّ بن مسلم بن سعيد الطُّوسيُّ، نزيل بغداد، قاله الكلاباذيُّ وابن طاهر [12]، وقيل: هو ابن المدينيِّ ذكره الطَّرقيُّ، انتهى ملخَّصًا، وقد قدَّمت كلام المِزِّيِّ في «أطرافه»: أنَّه عليُّ بن عبد الله، والله أعلم.

(1/2844)

قوله: (سَمِعَ هُشَيْمًا): تقدَّم أنَّه ابن بَشِير؛ بفتح الموحدة وكسر الشين، أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تقدَّم.

قوله: (أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ): هو بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، ابن عبد الرحمن، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (بِالرَّبَذَةِ): هي بفتح الرَّاء والموحَّدة [13] والذَّال المعجمة، ثمَّ تاء التأنيث، على ثلاث مراحلَ من المدينة، قريب من ذات عرق، تقدَّمت.

قوله: (فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ): تقدَّم أنَّه جندب بن جنادة، وقيل: بريد بن جنادة، وقيل: غير ذلك، تقدَّم مُترجَمًا رضي الله عنه، وسيأتي أيضًا [14] مُتَرجَمًا.

قوله: (مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلَكَ): هذا المنزِل بكسر الزَّاي، كذا في أصلنا معروف، وفي نسخة هي في هامش أصلنا طارئة عليها: (منزَلك): بفتح الزَّاي بالقلم على أنَّه مصدر.

قوله: (كُنْتُ بِالشَّأْمِ): تقدَّم الكلام على الشَّام لغةً وحدًّا في أوَّل هذا التَّعليق؛ فانظره.

قوله: (فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ): هو معاوية بن أبي سفيان، صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس الأمويُّ الخليفة، كنيته أبو عبد الرحمن، من مُسْلِمة الفتح، عنه: خالد بن معدان، وعبد الله بن عامر، والأعرج، وعاش ثمانيًا وسبعين سنة، مات في رجب سنة ستِّين، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

قوله: (أَنِ اقْدَمِ): هو بهمزة وصل، وفتح الدَّال، وهذا ظاهر.

(1/2845)

[حديث: ما أحب أن لي مثل أحد ذهبًا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير]

1407# 1408# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ): تقدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بالمثنَّاة تحتُ، والشِّين المعجمة، وهو عيَّاش بن الوليد الرَّقَّام، وتقدَّم أنَّ عباس _بالموحَّدة وبالسِّين المهملة_ بن الوليد النَّرسيُّ، روى عنه البخاريُّ _وهو شيخه_ في ثلاثة [1] أماكن، قد عيَّنت الأماكن غير مرَّة في هذا التعليق، والباقي كلُّه عن عيَّاش؛ بالمثنَّاة تحت والشين المعجمة، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ): هو بضمِّ الجيم، اسمه سعيد بن إياس، أبو مسعود الجُريريُّ، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ): هو أبو العلاء بن الشِّخِّير، واسمه: يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير العامريُّ، عن أخيه مُطرِّف، وأبيه، وعائشة، وغيرهم، وعنه: قتادة، والحذَّاء، والناس، تُوفِّي سنة (100 هـ)، أخرج له الجماعة، ووثَّقه النَّسائيُّ.

قوله: (إِلَى [2] مَلأٍ): (الملأ): الجماعة، وهذا ظاهر.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ): هو بالخاء والشين المعجمتين، كذا في أصلنا، قال ابن قرقول في (الحاء والسِّين المهملتين): («فجاء رجل حَسَنُ الشَّعر والثِّياب»، كذا للقابسيِّ من الحُسن، وعليه فسَّره الدَّاوديُّ، ولغيره: «خشن الثِّياب»، وهو الصَّحيح).

قوله: (بَشِّرِ الْكَانِزِينَ [3]): قال ابن قرقول: كذا لأكثرهم، وللطَّبريِّ: (بشِّر الكاثرين)، والمعروف هو الأوَّل، ثمَّ إن اسم الفاعل من الكثرة: مُكِثرٌ، لا [4] كاثر، لكنَّهم قد قالوا: عدد كاثر؛ أي: كثير، قال ابن قرقول: قلت: وليس هذا من كذاك؛ لأنَّه يقال: كثر العدد: فهو كاثر، وكثر: فهو كثير، وأنشدوا:

~… ........... …إنَّما العزَّةُ لِلْكَاثِرِ

قوله: (بِرَضْفٍ): هو بفتح الرَّاء، وإسكان الضَّاد المعجمة، ثمَّ فاء: الحجارة المُحمَّاة بالنَّار، واحدة الرَضْف: رَضْفَة.

قوله: (مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ): (النُّغْض): بضم النون، وإسكان الغين وبالضَّاد المعجمتين، ونغض الكتف: فرعه التي تتحرَّك، وهو العظم الرقيق في طرف الكتف، ويقال: ناغض أيضًا، وقد جاءا في الحديث معًا، قاله ابن قرقول.

قوله: (لاَ أُرَى الْقَوْمَ [5]): هو بضمِّ الهمزة، وكذا (أُرى) بعده؛ بضم الهمزة أيضًا؛ أي: أظنُّ.

(1/2846)

قوله: (إِلاَّ ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ): قال شيخنا: قال القرطبيُّ: واحد: لأهله، وآخر: لعتق رقبة، وآخر: لدين، والله أعلم، انتهى، ويقال: كان يعدُّها لدين عليه، ويقال: دينار لأهله، ودينار لدَينه، ودينار لأضيافه.

==========

[1] في النسخ: (ثلاث)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[2] في النسخ: (على)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في (ج): (الكافرين)، وهو تحريف.

[4] في (ج): (ولا).

[5] في (ب): (اليوم)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 379]

(1/2847)

[باب إنفاق المال في حقه]

(1/2848)

[حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا]

1409# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): (يحيى) هذا هو ابن سعيد القطَّان، سيِّد الحفَّاظ، تقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، تقدَّم قريبًا وبعيدًا مُترجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ): هذا هو قيس بن أبي حازم، أبو عبد الله البجليُّ، تابعيٌّ كبير، هاجر إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ففاتته الصُّحبة بليالٍ، تقدَّم مُترجَمًا.

فائدة هي تنبيه: من اسمه قيس وروى عن ابن مسعود في الكتب السِّتَّة أو بعضها: هذا، والثاني: قيس ابن السكن الأسَديُّ الكوفيُّ، حدَّث عنه في «مسلم» و «النَّسائيِّ» بحديث واحد، والله أعلم.

قوله: (لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ): تقدَّم الكلام عليه في (باب الاغتباط في العلم).

(1/2849)

[باب الرياء في الصدقة]

قوله: (باب: الرِّيَاءِ فِي الصَّدَقَةِ): (الرِّياء): ممدود، معروف، وقد قدَّمت الفرق بين الرِّياء والسمعة من عند ابن عبد السَّلام الشَّافعيِّ.

قوله: (وَالطَّلُّ: النَّدَى): (النَّدى): بفتح النُّون مقصور: المطر والبلل.

==========

[ج 1 ص 379]

(1/2850)

[باب لا يقبل الله صدقةً من غلول ولا يقبل إلا من كسب طيب]

قوله: (باب لا تُقْبَلُ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ): ذكر فيه قوله تعالى: {قُوْلٌ مَّعْرُوفٌ ... } [البقرة: 263]؛ الآية.

إن قيل: ما الجمع بين الترجمة والآية؟

والجواب: أنَّ الآية لمَّا أنبأت عن أنَّ الصَّدقة لمَّا قارنتها سُنَّة [1] الأذى؛ بطلت، فكيف إذا كانت من غلول؟! فتبطل [2] بطريق الأولى.

وجواب آخر: وهو أنَّه جعل المعصية اللَّاحقة للطَّاعة بعد تقريرها _وهي الأذى_ تبطل الطَّاعة، فكيف إذا كانت الصَّدقة بعين المعصية؟! وهذا قاله ابن المُنَيِّر بأطولَ من هذا، فلخَّصته.

[ج 1 ص 379]

قوله: (مِنْ غُلُولٍ): هو بضمِّ الغين: الخيانة، وكلُّ خيانة غُلول، لكنَّه صار في عُرْف الشرع لخيانة [3] المغانم خاصَّة، يقال: غلَّ وأغلَّ.

==========

[1] في (ب): (شبه)، وفي «المتواري»: (سيِّئة).

[2] في (ب): (فيبطل).

[3] في (ب) و (ج): (بخيانة).

(1/2851)

[حديث: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب]

1410# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو [1] بضمِّ الميم، ثمَّ نون مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء، مروزيٌّ، أبو عبد الرحمن، الحافظ الزَّاهد، عن النضر بن شُمَيل ويزيدَ بن هارون، وعنه: البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وعبدان المروزيُّ، تُوفِّي سنة (241 هـ)، أخرج له من أخذ عنه، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره.

قوله: (سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالضَّاد المعجمة، وهذا اسمه هاشم بن القاسم، أبو النضر قيصر، تقدَّم قريبًا وبعيدًا مُترجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، وتقدَّم مُترجَمًا.

قوله: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعدْلِ تَمْرَةٍ): هو بفتح العين وكسرها، وهما بمعنى: المِثْل، وقيل: بالفتح: ما عادل الشَّيءَ من جنسه، وبالكسر: ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس.

قوله: (مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ): أي [2]: حلال.

قوله: (فَلُوَّهُ): هو بفتح الفاء، وضمِّ اللَّام، وتشديد الواو، وهاء الضمير: المهر؛ لأنَّه يُفلى عن أمِّه؛ أي [3]: يُعزَل، وحُكِي: فِلْو؛ بكسر الفاء وإسكان اللَّام، وأنكره ابن دريد.

قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ): الضَّمير في (تابعه) يعود على عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، و (سليمان): هو ابن بلال، فرواه سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار به، أخرجها البخاريُّ في (التوحيد)، وقال: خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار به، وأخرجها مسلم في (الزَّكاة): عن أحمد بن عثمان بن حكيم، عن خالد بن مخلد عنه به [4]، والذي ظهر لي أنَّه أتى بهذه المتابعة؛ لأنَّ عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار مُتكلَّم فيه، وكأنَّ البخاريَّ ما ثبت عنده جرحُه، فأتى بهذه المتابعة؛ ليشدَّه؛ لكونه تابعه عليها عن أبيه سليمانُ، والله أعلم.

(1/2852)

قوله: (وَقَالَ وَرْقَاءُ: [عَنِ ابْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَسُهَيْلٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ] [5]): هذا تعليق رواه ورقاء عن عبد الله بن دينار، عن سعيد بن يَسار _بالمثنَّاة تحت، والسِّين المهملة_ عن أبي هريرة، عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، فعبد الله بن دينار رواه من طريقين؛ فرواه عن أبي صالح عن أبي هريرة، ورواه عن سعيد بن يَسار عن أبي هريرة، ورواه كالطَّريق الأولى عن أبي صالح هؤلاء الجماعةُ: مسلم، وابن أبي مريم، وزيد بن أسلم، وسهيل، عن أبي صالح به، كذا في أصلنا، والظاهر: أنَّها كانت صوابًا، فكُشِطتْ وأُصلِحتْ على الخطأ، وقد كانت: (مسلم بن أبي مريم)، وهذا صحيح، وقد رواه مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح عن أبي هريرة، أخرجها البخاريُّ هنا، وأمَّا ابن أبي مريم؛ فإنَّه لم يكن في هذه الطبقة، واسمه سعيد بن الحكم، يروي عن مالك ونافع بن عمر [6]، روى عنه: البخاريُّ، وأين هذا من الرِّواية عن أبي صالح؟! والباقون مع مسلم مشهورون لا يحتاجون إلى تعريف، وقد راجعت أصلنا الدِّمشقيَّ؛ فرأيته على الصَّواب: (مسلم بن أبي مريم)، والله أعلم.

وقوله: (ورقاء [7]): قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة سعيد بن يَسار أبي الحُباب المدنيِّ: عن أبي هريرة حديث: «من تصدَّق بتمرة [8] من كسبٍ طيِّبٍ ... »؛ الحديث: البخاريُّ في (التَّوحيد)، وقال: ورقاء عن عبد الله بن دينار، وذكرنا في طرقه [9] في «مسلم»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، وقد أغفل ما ذكره البخاريُّ هنا من قول ورقاء: عن عبد الله بن دينار، عن سعيد بن يَسار، عن أبي هريرة؛ فاعلمه، والله أعلم.

وقوله هذا _أعني: قول ورقاء: (عن عبد الله بن دينار) _ لم يكن في شيء من الكتب السِّتَّة إلا ما هنا، وفي (التَّوحيد)، والله أعلم.

(1/2853)

قوله: (وَرَوَاهُ مُسْلِمُ وابْنُ [10] أَبِي مَرْيَمَ [11]، عَنْ [12] أَبِي صَالِحٍ): كذا في أصلنا، وصوابه: مسلم بن أبي مريم، لم يخرِّجْها أحدٌ من أصحاب الكتب السِّتَّة، ورواية زيد بن أسلم عن أبي صالح: أخرجها مسلم في (الزَّكاة): عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم به، ورواية سهيل عن أبي صالح: أخرجها مسلم في (الزَّكاة): عن أميَّة بن بسطام، عن يزيد بن زُرَيع، عن روح بن القاسم، عن سهيل به، وأخرجها أيضًا [13] في (الزَّكاة [14]): عن أحمد بن عثمان بن حكيم، عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن سهيل به.

تنبيه: شيخنا الشارح عزا رواية [15] سهيل إلى «البزَّار»، ولم يتنبَّه أنَّها في [16] «مسلم»، والله أعلم.

(1/2854)

[باب الصدقة قبل الرد]

(1/2855)

[حديث: تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته]

1411# قوله: (حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ): هو بحاء مهملة، وبعد الرَّاء ثاء مثلَّثة، وهذا ظاهر عند أهله، وهو خزاعيٌّ، صحابيٌّ مشهور.

قوله: (لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ؛ لَقَبِلْتُهَا): يعني: أنَّه استغنى عنها بما أخرجت الأرض من كنوزها.

==========

[ج 1 ص 380]

(1/2856)

[حديث: لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض]

1412# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً [1] أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أخبرنا [2] شُعَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (أَبُو الزِّنَادِ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن ذكوان، و (عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن هرمز الأعرج، و (أبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (فَيَفِيضَ): هو منصوب، ونصبه معروف.

قوله: (حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ [3] مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ): (يُهِمَّ): بضمِّ أوَّله، وكسر الهاء، وتشديد الميم، و (ربَّ المال): منصوب مفعول، و (مَنْ): مرفوع وهو الفاعل؛ أي: يغمُّه ذلك لعدمه ويحزنه، من (أهمَّ)، هذا هو المشهور، ورُوِي: بفتح الياء، ورفع (رَبَّ).

قوله: (وَحَتَّى يَعْرِضَهُ): هو بفتح أوَّله، وكذا: (فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ)، وكسر الرَّاء فيهما، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر.

قوله: (لاَ أربَ لِي): هو بفتح الهمزة والرَّاء، وبكسر الهمزة، وسكون الرَّاء؛ أي: لا حاجة.

==========

[1] (كثيرة): سقط من (ب).

[2] في النسخ: (حدَّثنا)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في هامش (ق): («يُهِم»؛ بضم الياء، وكسر الهاء، و «ربَّ»: منصوب مفعول، هذا المشهور، ويروى: بفتح الياء، وضمِّ الهاء، ورفع «رب»).

[ج 1 ص 380]

(1/2857)

[حديث: أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج .. ]

1413# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ [1] النَّبِيلُ): (عبد الله بن محمَّد) هذا: الظاهر أنَّه المسنَديُّ، ومستندي في ذلك ما قاله عبد الغنيِّ في «الكمال» في ترجمة أبي عاصم الضَّحَّاك بن مخلد، فإنَّه قال فيمن روى عنه [2] ما لفظه: (والبخاريُّ)، وروى عن المسنَديِّ، وإسحاق ابن نصر، وعليِّ ابن المدينيِّ، وجماعة من شيوخه عنه، والله أعلم.

والمسنَديُّ: تقدَّمت ترجمته، ولماذا قيل له: المسنَديُّ في أوَّل هذا التَّعليق، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا [3] أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ): تقدَّم أعلاه أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد، وتقدَّم بعيدًا مُترجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا [4] سَعْدَانُ [5] بْنُ بِشْرٍ): تقدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، وهذا ظاهر عند أهله، واسم سعدان سعْدٌ فيما قيل.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ [6]): اسم أبي مجاهد سعد، يروي عن أبي مُدِلَّة وغيره، وعنه: إسرائيل، وابن عيينة، وغيرهما، وثَّقه ابن حِبَّان وغيره، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، ووقع توثيقه في «سنن ابن ماجه» في (باب من دُعِي إلى طعام وهو صائم)، والظَّاهر أنَّه من الرَّاوي عنه، وهو سعدان الجهنيُّ، والله أعلم.

قوله: (حدَّثنا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ): هو كاسم الفاعل من (أَحَلَّ)، قال ابن قرقول: (وضبطه ابن أبي صُفْرة: بفتحهما، وبالوجهين قيَّدناه عن التَّميميِّ)، الطَّائيُّ، عن جدِّه عديِّ بن حاتم وأبي السمح، صحابيٌّ، وعنه: سعد أبو مجاهد وشعبة، وثَّقه ابن مَعِين وأبو حاتم.

تنبيه: لهم شخص آخر يُقَال له: مُحِلٌّ، لكن ابن [7] محرز الضَّبِّيُّ الكوفيُّ الأعور، عن أبي وائل، والشعبيِّ، وإبراهيم، وعنه: عليُّ بن مُسهِر، وأبو نعيم [8]، ويحيى القطَّان، وطائفة، وثَّقه أحمد، وقال ابن مَعِين: صالح، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس، ولا يُحتجُّ به، وقال النَّسائيُّ: لا بأس به، قال ابن قانع: مات سنة (153 هـ)، أخرج له البخاريُّ في «الأدب المفرد».

[ج 1 ص 380]

قوله: (فَجَاءَهُ رَجُلاَنِ): هذان الرَّجلان [سيأتي الكلام عليهما في (علامات النُّبوَّة في الإسلام) إن شاء الله] [9].

قوله: (يَشْكُو الْعَيْلَةَ): هي بفتح العين: الفقر، وقد تقدَّم.

(1/2858)

قوله: (حَتَّى تَخْرُجَ الْعِيرُ): هي القافلة؛ وهي الإبل والدَّوابُّ تحمل الطَّعام وغيره من التِّجارات، ولا تُسمَّى عيًرا إلَّا إذا كانت كذلك.

قوله: (وَلاَ تُرْجُمَانٌ): هو بفتح التاء، ويجوز ضمُّها، وقد تقدَّم في هذا التَّعليق.

(1/2859)

[حديث: ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة .. ]

1414# قوله: (حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم مرَّاتٍ.

قوله: (عَنْ بُرَيْدٍ): هو بضمِّ الموحَّدة، وهو بُريد [1] بن عبد الله بن أبي بردة، كنيته أبو بردة، عن جدِّه، وعنه: ابن المبارك، وأبو أسامة، وعدَّة، صدوق، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد قدَّمته، ولكن طال العهد به.

قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه الحارث أو عامر، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم مرارًا أنه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ): (يُرَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الرَّجلُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، و (الواحد): مرفوع صفة له.

==========

[1] في (ب): (يزيد)، وهو تصحيف.

[ج 1 ص 381]

(1/2860)

[باب: اتقوا النار ولو بشق تمرة]

قوله: (وَالْقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ): (القليل): مرفوع إذا نَوَّنت (بابٌ)، وهذا ظاهر.

==========

[ج 1 ص 381]

(1/2861)

[حديث: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل]

1415# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو الأعمش سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ): هو عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، وسيأتي الكلام على عدِّه من أهل بدر، وإنَّما كان ينزل بدرًا فنُسِب إليها، شهد العقبة الثانية، تقدَّم مُتَرجَمًا رضي الله عنه.

قوله: (نُحَامِلُ): بضمِّ النُّون، وكسر الميم؛ أي: نحمل على ظهورنا لغيرنا.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ): هذا الرَّجل هو عبد الرَّحمن بن عوف، تصدَّق بنصف ماله، وكان ماله [1] ثمانيةَ آلاف دينار، قاله شيخنا عن ابن التِّين، ثمَّ قال: (وسيأتي في «التَّفسير»: أنَّه أربعة آلاف درهم أو أربع مئة دينار) انتهى.

وهذا القدر ذكره ابن عبد البَرِّ في ترجمة أبي عَقِيل أيضًا في حقِّ عبد الرَّحمن بن عوف، قال: وأتى عاصم بن عديٍّ بمئة وسق تمر، فلمزهما المنافقون، وقالوا: هذا رياء، فنزلت: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 79]، قال شيخنا: وفي «أسباب الواحديِّ»: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام حثَّ على الصَّدقة، فجاء عبد الرَّحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم شطر ماله يومئذٍ، وتصدَّق يومئذٍ [2] عاصم بن عديِّ بن عجلان بمئة وسق من تمر، وجاء أبو عَقِيل بصاع من تمر، فلمزهم المنافقون، فنزلت هذه الآية.

(1/2862)

فائدة: فيما وقفت عليه من صدقات عبد الرَّحمن بن عوف: تصدَّق مرَّةً [3] بشطر ماله؛ أربعة آلاف دينار، أو أربعة آلاف درهم، أو أربع مئة دينار، كما تقدَّم أعلاه، ثمَّ بأربعين ألفًا، ثمَّ بأربعين ألف دينار، ثمَّ تصدَّق بخمس [4] مئة فرس في سبيل الله، ثمَّ خمس مئة راحلة، وفي «التِّرمذيِّ»: أنَّه أوصى لأمَّهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربع مئة ألف، قال التِّرمذيُّ: (حديث حسن)، وقال عروة بن الزُّبير: أوصى عبد الرَّحمن بن عوف بخمسين ألف دينار في سبيل الله، وقال الزُّهريُّ: أوصى عبد الرَّحمن بن عوف لمن بقي من أهل بدر لكلِّ رجل بأربع [5] مئة دينار، وكانوا مئة فأخذوها، وأخذها عثمان فيمن أخذ، وأوصى بألف فرس في سبيل الله، وفي «الشفا» لعياض: أنَّه تصدَّق بسبع مئة بعير، ورُدَّت عليه تحمل [6] من كلِّ شيء، فتصدَّق بها وما عليها وأحلاسها وأقتابها، انتهى، وفي «المستدرك» في ترجمته عن جعفر بن بُرقان قال: بلغني أنَّ عبد الرَّحمن أعتق ثلاثين ألف بيت، انتهى، هذا ما وقفت عليه من صدقاته، فإنْ رأيت أيُّها الواقف زيادةً على ذلك؛ فألحِقْه، والله أعلم.

(1/2863)

قوله: (وجَاءَ [7] رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ): هذا الرَّجل هو أبو عَقِيل، كما جاء في «البخاريِّ» في [8] (سورة براءة)، وهو بفتح العين، وكسر القاف، واسمه حتحات، كذا سمَّاه قتادة، قاله ابن عبد البَرِّ في «استيعابه»، وقال [9] شيخنا: وقيل: اسمه عبد الرَّحمن بن نيحاز الأنصاريُّ، انتهى، وقال [10] الذَّهبيُّ في «تجريده»: (عبد الرَّحمن بن سيحان [11]، وقيل: ابن تيحان [12] الذي تصدَّق بالصَّاع، فلمزه المنافقون) انتهى، (وقال بعض حفَّاظ المصريِّين: وقيل: اسمه _يعني: أبا عَقِيل_ جثجاث؛ بجيمين وثاءين مثلَّثتين، حُكِي ذلك عن قتادة، وقيل: أوَّله حاء مهملة) [13]، وقال الذَّهبيُّ: سهل بن رافع بن خديج البلويُّ، قيل: هو صاحب الصَّاع الذي لمزه المنافقون، وقيل: هو الآتي بعده، فذكر بعده [14] سهل بن رافع بن أبي [15] عمرو بن عبيد، انتهى، وقيل: الملموز: رفاعة بن سهل، وهذا لا أعرفه في الصَّحابة، وقال السُّهيليُّ عقيب (غزوة تبوك) في إنزال (سورة براءة) ما لفظه: وذكر أبا عقيل صاحب الصَّاع الذي لمزه المنافقون، واسمه جثجاث، وقد قيل في صاحب الصَّاع: إنَّه رفاعة بن سهل، انتهى، وفي «مسلم» في حديث كعب بن مالك في (كتاب التوبة): أنَّ صاحب الصاع الذي تصدَّق به ولمزه المنافقون هو أبو خيثمة، انتهى، وأبو خيثمة هذا: اسمه عبد الله بن خيثمة، وقيل: مالك بن قيس، قاله بعض الحفَّاظ، كما قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم»، انتهى، وليس في الصحابة ممَّن يكنى بأبي خيثمة إلا اثنان؛ أحدهما هذا، والآخر: عبد الرَّحمن بن أبي سبرة الجعفيُّ، بقي أبو خيثمة المذكور في حديث كعب إلى خلافة يزيد، انتهى.

فتحصَّلنا على خمسة أقوال في صاحب الصَّاع: هل هو أبو عقيل كما في «البخاريِّ»، أو أبو خيثمة كما في «مسلم»، أو سهل بن رافع بن خديج، أو سهل بن رافع بن أبي عمرو، أو رفاعة بن سهل، وهذا لا أعرفه في الصحابة، ويحتمل أنَّ كلًّا من هؤلاء جاء بصاع، فتصدَّق به، والله أعلم.

وفي «مبهمات ابن شيخنا العراقيِّ» [16] حديث ابن مسعود: لمَّا [17] أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالصدقة؛ تصدَّق أبو عَقِيل بنصف صاع، وجاء رجل بأكثر منه، فقال المنافقون ... ؛ الحديث، الرجل الذي لمزه المنافقون اسمه سهل (ط) [18] الملموز لمَّا تصدَّق بالصَّاع هو أبو عَقِيل، واسمه عبد الرَّحمن بن سيحان أحد بني أنيف، روى عنه ابن عبَّاس.

(1/2864)

قلت: وفي «المتفق والمفترق» للخطيب في ترجمة زيد بن أسلم عن الواقديِّ: جاء زيد بن أسلم العجلانيُّ بصدقة ماله [19]، فقال مُعتِّب بن قشير وعبد الرَّحمن بن نبتل: إنما أراد الرِّياء، فأنزل الله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ ... }؛ الآية [التوبة: 79]، انتهى.

ففي هذا تعيين القائلين، فابن [20] قشير معدود في المنافقين، ولم أرَ عبد الرَّحمن بن نبتل فيهم، إنَّما [21] وقفت منهم [22] على عبد الله بن نبتل، انتهى.

قوله: (وَجَاءَ رَجُلٌ [23] فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ [24]): قال الدِّمياطيُّ: رواه في (التفسير) من حديث غُندر عن شعبة، وفيه: (نصف صاع)، وكذلك [25] رواه مسلم من حديث [غندر، وسعيد بن الربيع، وأبي] داود؛ كلُّهم عن شعبة، انتهى.

(1/2865)

[حديث: كان رسول الله إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق]

1416# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبِي): هذا سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان الأمويُّ، عن أبيه، وابن المبارك، وعنه: من عدا ابن ماجه، وابنُ صاعد، والمحامليُّ، ثقة، تُوفِّي سنة [1] (249 هـ)، وأبوه يحيى بن سعيد بن أبان الأمويُّ الحافظ، عن أبيه، وهشام بن عروة، وابن إسحاق، وعنه: ابنه سعيد، وأحمد، وإسحاق، ثقة، يُغرِب عن الأعمش، عاش ثمانين سنة، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مهران، قريبًا وبعيدًا.

قوله: (عنْ شَقِيقٍ): هو أبو وائل شقيق بن سلمة، تقدَّم أعلاه وقبله [2] مرارًا) [3].

[ج 1 ص 381]

قوله: (عن أبي مَسْعُودٍ): تقدَّم أنَّه عقبة بن عمرو بظاهرها [4]، وتقدَّم مُتَرجَمًا قبل ذلك [5].

قوله: (فَيُحامِلُ): أي: نحمل على ظهورنا [6] لغيرنا.

قوله: (فَيُصِيبُ الْمُدَّ): تقدَّم أنَّ (المدَّ): رطل وثلث برطل [7] بغداد، وتقدَّم كم زنته، وكم الصاع من مُدٍّ.

قوله: (لَمِئَةَ أَلْفٍ): (مئة): منصوب على أنَّه اسم (إنَّ).

==========

[1] (سنة): ليس في (ب).

[2] (أعلاه وقبله): سقط من (ب).

[3] ما بين قوسين ليس في (ج).

[4] (بظاهرها): سقط من (ب).

[5] (قبل ذلك): سقط من (ب).

[6] في (ج): (ظهرنا).

[7] في (ج): (رطل).

(1/2866)

[حديث: اتقوا النار ولو بشق تمرة]

1417# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): (أبو إسحاق) هذا: هو السَّبيعيُّ، واسمه عمرو بن عبد الله، أحد الأعلام، تقدَّم ببعض التَّرجمة.

قوله: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَعْقِلٍ): هو بالعين المهملة السَّاكنة، ثمَّ القاف [1] المكسورة، وقد قدَّمت ما يضبط هذا الباب، فقلت: إنَّ جميع الأسماء (معْقِل) كهذا [2] إلا ما كان من عبد الله بن مغفَّل؛ بالغين المعجمة، وبالفاء المشدَّدة المفتوحة، وقدَّمت أن مغفَّلًا صحابيٌّ أيضًا كابنه عبد الله، وأنَّه فرد، وقدَّمت أن هبيب بن مُغْفِل؛ بضمِّ الميم، ثمَّ غين معجمة ساكنة، ثمَّ فاء مكسورة، وهو فرد أيضًا.

وأمَّا صاحب التَّرجمة عبد الله بن معْقِل [3] الرَّاوي هنا؛ فجدُّه اسمه مُقرِّن، وهو مزنيٌّ كوفيٌّ، كنيته أبو الوليد، يروي عن أبيه، وعليٍّ، وابن مسعود، وكعب بن عُجْرة، وعديِّ بن حاتم، وعنه: الشعبيُّ، وعبد الرَّحمن بن الأصبهانيِّ، وأبو إسحاق السَّبيعيُّ، وجماعة، قال أحمد العجليُّ: كوفيٌّ، ثقة، من خيار التَّابعين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

(1/2867)

[حديث: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترًا من النار]

1418# قوله: (حدَّثنا بِشْرُ بْنُ محمَّد): هو بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، وقد قدَّمت من يقال [له]: بُسر؛ بضمِّ الموحَّدة، والسِّين المهملة في «البخاريِّ» و «مسلم» فيما مضى، والباقي: بِشر؛ كهذا.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم المشهور، شيخ أهل خراسان.

قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم.

قوله: (امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا): هذه المرأة وكذا ابنتاها لا أعرف تسميتهنَّ.

قوله: (مَنِ ابْتُلِيَ): (ابتُلِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/2868)

[باب أي الصدقة أفضل؟]

(1/2869)

[حديث: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر]

1419# قوله: (حدَّثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد، العبديُّ مولاهم [1]، البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حدَّثنا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): (عُمَارة)؛ بضمِّ العين، وتخفيف الميم، وهذا ظاهر عند أهله وهو ضبِّيٌّ، يروي عن أبي زُرعة، وجماعة، وعنه: السُّفيانان، وابن فُضَيل، وخلق، له نحو ثلاثين حديثًا، أخرج له الجماعة، قال ابن معين والنَّسائيُّ: ثقة.

قوله: (حدَّثنا أَبُو زُرْعَةَ): تقدَّم أنَّه اختُلِف في اسمه؛ فقيل: هَرِم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جرير، وقيل: عمرو، وقد تقدَّم مرَّاتٍ، وتقدَّم قريبًا؛ فانظره إن أردته.

قوله: (حدَّثنا أَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.

قوله: (وَتَأْمُلُ): هو بضمِّ الميم؛ أي: تطمع.

قوله: (وَلاَ تُمْهِلُ): هو مضموم الأوَّل، رباعيٌّ، قال الدِّمياطيُّ: (في «تمهل» ثلاثة أوجه) انتهى؛ يعني: الجزم، والضَّمَّ، والنَّصب، وهذا ظاهر.

قوله: (حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ): أي قاربت ذلك؛ لأنَّه إذا بلغت الحلقوم؛ لا يصحُّ معه تصرُّف ولا غيره.

==========

[1] (مولاهم): سقط من (ب).

[ج 1 ص 382]

(1/2870)

[باب الإيثار والاستكثار من الصدقة سبب للحاق بالنبي]

(1/2871)

[حديث: أطولكن يدًا]

1420# قوله: (حدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ، الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ فِرَاسٍ): هو بكسر الفاء، وتخفيف الرَّاء، وفي آخره سين مهملة، وهو ابن يحيى الهمْدانيُّ الكوفيُّ، المُكتِب، عن الشعبيِّ وأبي صالح، وعنه: شعبة وأبو عوانة، مات سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد وثَّقه أحمد، وابن معين، والنَّسائيُّ، قال القطَّان: ما أنكرت من حديثه إلَّا حديث الاستبراء، ذكره في «الميزان» شبه التمييز.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل، وأنَّه بفتح الشين، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): هذه القائلة لا أعرفها بعينها، وأزواجه عليه السلام تسع معروفات رضي الله عنهنَّ.

قوله: (فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ ما وقع هنا يوهم أنَّ سودة المراد بهذا، وأنَّها أوَّل أزواجه لحاقًا به، وليس كذلك، بل المشهور أنَّ زينب بنت جحش كانت أوَّل أزواجه لحاقًا به، وكانت كثيرة الصَّدقة، تُوفِّيت في خلافة عمر رضي الله عنه، وبقيت سودة إلى سنة (54 هـ)، ورواه مسلم على الصَّواب: زينب بنت جحش.

قال شيخنا الحافظ العراقيُّ _ما معناه_: ليس [1] بين رواية البخاريِّ ومسلم تعارض، فإنَّه ليس فيه: أنَّ سودة ماتت أوَّلًا، وإنَّما تطاولن؛ لما فهمن طول اليد التي هي الجارحة، ثمَّ لما ماتت زينب أوَّلًا؛ تبيَّن أنَّ المراد باليد: الفضل، ورواية مسلم اختصرت منها عائشة بنت طلحة عن عائشة القصَّة، فقالت: فكنَّ يتطاولن أيَّتهنَّ أطول يدًا، قالت: وكانت أطولَنا يدًا زينبُ؛ لأنَّها كانت تعمل بيدها وتصدَّق، فذكرتْ ما بُيِّن آخرًا من أنَّ المراد: زينب، واختصرت منه كون سودة [2] كانت أطولَ يد الجارحة، والله أعلم، انتهى، وفيه تعسُّف؛ لأجل قوله: (وكانت أسرعنا لحاقًا به)، قال النَّوويُّ: تُوفِّيت سودة في

[ج 1 ص 382]

آخر خلافة عمر، وهذا قول الأكثرين، وذكر محمَّد بن سعد عن الواقديِّ: أنَّها تُوفِّيت في شوَّال سنة (54 هـ) في خلافة معاوية بالمدينة، قال الواقديُّ: وهذا الثبت عندنا، انتهى، وقد ادَّعى غيرُ واحد الاتِّفاقَ على أنَّ زينب أوَّل أزواجه لحاقًا به [3] صلَّى الله عليه وسلَّم.

(1/2872)

قوله: (أَنَّمَا كَانَتْ [4] طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ): إن رفعتَ (طول)؛ نصبت (الصدقة)، وإن عكست؛ عكست، كلاهما جائز، والله أعلم [5].

==========

[1] في (ب): (وليس).

[2] في (ب): (أسود)، وهو تحريف.

[3] (به): سقط من (ج).

[4] في النسخ: (كان)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[5] (والله أعلم): سقط من (ج).

(1/2873)

[باب صدقة العلانية]

قوله: (الْعَلاَنِيَةِ): هي بتخفيف الياء، وهذا ظاهر.

(1/2874)

[باب صدقة السر]

قوله: (باب صَدَقَةِ السِّرِّ): ذكر فيه حديثًا مُعلَّقًا عن أبي هريرة، وقد سلف مسندًا، وسيأتي أيضًا مسندًا، ثمَّ ذكر الآية، وكان من حقِّه العكس كما هي عادته أن يبتدئ بالقرآن ثمَّ بالسُّنَّة، وأُجيب عنه: بأنَّ الآية في الباب قبله نصٌّ فيه، فأشار إليها؛ أي: في الذهن، ثمَّ أردفه بالأخرى، والله أعلم، قاله شيخنا الشَّارح بنحوه، انتهى.

وظهر لي في الجواب: أنَّه لمَّا كانت الآية في الباب قبله صريحةً فيه وكذا في هذا الباب؛ فكأنَّها مذكورة هنا؛ لقوَّة الصَّراحة، وإذا كانت كذلك؛ كانت منزَّلة منزلة المذكور، فكأنَّه قدَّمها في الباب على الحديث، لكن يبقى [1] عليه أن يُقَال: فلم قدَّم الحديث على الآية الأخرى، والحديث والآية متساويان في الدلالة، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (ينبغي).

[ج 1 ص 383]

(1/2875)

[باب: إذا تصدق على غني وهو لا يعلم]

(1/2876)

[حديث: قال رجل: لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته]

1421# قوله: (حدَّثنا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه عبد الله بن ذكوان، وكذا تقدَّم (الأَعْرَجِ): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تقدَّم (أبو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ: لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ): هذا الرجل المُتصدِّق لا أعرفه، وكذا المُتصدَّق [1] عليه؛ السَّارق والزَّانية والغنيُّ، قال شيخنا الشَّارح: وكان هذا الرجل فيمن كان قبلنا، نقله عن ابن التِّين، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه ممَّن كان قبلنا أيضًا، (والظَّاهر أنَّه أخذه من كلام شيخنا الشَّارح، ولم يعزُه له؛ لأنَّ شرحه عنده) [2].

قوله: (تُصُدِّقَ [3]): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، وكذا المكانان بعده.

قوله: (فأُتِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله؛ أي: في النوم [4]، قال شيخنا كما صرَّح به أبو نعيم في «مستخرجه»: (فأُتِي في منامه، فقيل له: إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد قبل صدقتك)، أفاده شيخنا الشَّارح، وقد رأيته كذلك في «الترغيب والترهيب» للأصفهانيِّ الحافظ.

==========

[1] في (ج): (المصدَّق).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[3] في (ب): (يصدَّق).

[4] في (ب): (اليوم).

[ج 1 ص 383]

(1/2877)

[باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر]

قوله: (عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ): (ابنه)؛ بالنُّون وهمزة وصل، وهذا ظاهر، ويعرف من القصَّة التي ساقها، والشعور: العلم.

==========

[ج 1 ص 383]

(1/2878)

[حديث: لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن]

1422# قوله: (حدَّثنا إِسْرَائِيلُ): هذا هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحق السَّبيعيُّ، عن جدِّه، وزياد بن عِلاقة، وآدم بن عليٍّ، وخلق، وعنه: يحيى بن آدم، ومحمَّد بن كثير، وأممٌ، قال أحمد: ثقة، وتعجَّب من حفظه، وقال أبو حاتم: من أتقن أصحاب أبي إسحاق، وضعَّفه ابن المدينيِّ، تُوفِّي سنة (162 هـ) [1]، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

قوله: (حدَّثنا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ): هو تصغير جارية الخادم، قال الدِّمياطيُّ: (اسمه حطَّان بن خُفاف الجرميُّ الكوفيُّ، انفرد به البخاريُّ، وبِمَعْنِ بن يزيد شيخه، عن مسلم) انتهى، حطَّان بن خُفاف أبو الجويرية الجرميُّ، يروي عن ابن عبَّاس، ومعن بن يزيد السُّلميِّ، (وغيرهما، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وإسرائيل، وزهير، وأبو عوانة، وجماعة، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

قوله: (أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ): هو معن بن يزيد بن الأخنس بن حبيب بن جُره _بضمِّ الجيم_ السُّلميُّ) [2]، تفرَّد يزيد بن أبي حبيب بأنَّ معنًا شهد بدرًا مع أبيه وجدِّه، ولم يشهد أَحَدٌ هو وأبوه وجدُّه بدرًا سواه على هذا القول، وشهد صفِّين معن مع معاوية، وفي «التذهيب»: وقال بعضهم: هو بدريٌّ، ولم يتابع، انتهى، وفي «الاستيعاب» في ترجمة يزيد: يقال: إنَّه شهد بدرًا هو وأبوه وابنه معن، ولا أعرفه في البدريِّين، وإنَّما هم فيمن بايع رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم معنٌ، ويزيدُ، والأخنس، والله أعلم، ومعنٌ مشهور الترجمة.

قوله: (وَخَطَبَ عَلَيَّ، فَأَنْكَحَنِي): يقال: خطب المرأة إلى فلان؛ إذا أرادها لنفسه، وخطبتها عليها [3]؛ إذا أرادها لغيره؛ والمعنى: طلبتُ من وليِّ المرأة أن يزوِّجها منِّي.

قوله: (وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ): كأنَّه سقط منه ما ثبت في غيره: (فَأَفْلَجَنِيْ) [4]؛ بالجيم؛ يعني: حكم لي؛ أي [5]: أظفرني بمرادي، يقال [6]: فلج الرجل على خصمه؛ إذا ظفر به.

قوله: (وكان أَبِي يَزِيدُ): (يزيدُ): مرفوع غير منوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهو بدل من (أبي) الذي هو اسم (كان)، (أَخْرَجَ): هو الخبر.

قوله: (فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.

==========

[1] في (ج): (63 هـ)، وليس بصحيح.

[2] ما بين قوسين سقط من (ب).

(1/2879)

[3] (عليها): سقطت من (ب).

[4] هذه اللفظة ليست من «صحيح البخاري»، ووردت في «المعجم الكبير» للطبراني.

[5] في (ب): (أن)، ولعله تحريف.

[6] في (ج): (فقاله).

[ج 1 ص 383]

(1/2880)

[باب الصدقة باليمين]

(باب الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ) ... إلى (باب خَرْصِ التَّمْرِ)

ذكر في هذا الباب حديث حارثة، قال شيخنا الشَّارح: ولم يتبيَّن لي وجه إيراده فيه، إلَّا أن يقال: إنَّ قوله: (تصدَّقوا) يحمل على ما مُدِح فيه في الحديث الأوَّل، وهو اليمين، انتهى.

(1/2881)

[حديث: سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله]

1423# قوله: (حدَّثنا يَحْيَى): هذا هو [1] ابن سعيد القطَّان، أستاذ المحدِّثين والحفَّاظ، تقدَّم ببعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنِيْ [2] خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمن): هو بالخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة.

فائدة: قدَّمت من يُقال له: خُبَيب؛ كضبط هذا؛ وهم [3]: هذا خُبَيب بن عبد الرَّحمن بن خبيب بن يساف الأنصاريُّ، حديثه في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ»، وهو الوارد في «البخاريِّ» و «مسلم» غير منسوب عن حفص بن عاصم، وفي «مسلم» أيضًا عن عبد الله بن محمَّد بن معن، وجدُّه خبيب كذلك بمعجمة، ليس له رواية في شيء من الكتب الثلاثة المذكورة، والثاني: خبيب بن عديٍّ، له ذكر في «البخاريِّ» في حديث أبي هريرة في سريَّة عاصم بن ثابت الأنصاريِّ وقتلِ خبيب، وكذلك أبو خبيب كنية عبد الله بن الزُّبير، والباقي في الكتب الثلاثة: حَبِيب؛ بحاء مهملة مفتوحة، ثمَّ موحَّدة مكسورة، والله أعلم.

[ج 1 ص 383]

قوله: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ [4] فِي ظِلِّهِ ... )؛ الحديث: قد ذكر في ما مضى جماعة مع هؤلاء يظلُّهم الله في ظلِّه؛ فانظر ذلك إن أردته، وتقدَّم ما معنى (في ظلِّه)؛ فانظر ذلك.

قوله: (إِمَامٌ [5] عَدْلٌ): وصفه بالمصدر؛ مبالغةً.

قوله: (نَشَأَ): هو مهموز الآخر، وهذا ظاهر.

قوله: (ذَاتُ مَنْصِبٍ): تقدَّم أنَّه بكسر الصِّاد؛ أي: ذات قدر وشرف.

قوله: (حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ): هذا هو الصَّواب، وقد وقع في «مسلم» على العكس، وهو من غلط بعض الرواة من دون مسلم؛ ومعناه: المبالغة في الإخفاء حتى لو قُدِّرت شماله رجلًا لا يدري [6] ما فعلت يمينه، وقال القرطبيُّ في «مفهمه»: (وقد سمعنا من بعض المشايخ أنَّ ذلك يتصدَّق على الضعيف في صورة المشتري منه، فيدع له درهمًا مثلًا في شيء يساوي نصف درهم، فالصورة مبايعة، والحقيقة صدقة، وهو اعتبار حسن) انتهى، وقد قدَّمته.

(1/2882)

[حديث: تصدقوا فسيأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته]

1424# قوله: (سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ): هو بالحاء المهملة، وبعد الرَّاء ثاء مثلَّثة، الخزاعيُّ، له صحبة، عنه: معبد بن خالد، وأبو إسحاق، أخرج له الجماعة.

==========

[ج 1 ص 384]

(1/2883)

[باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه]

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ، صحابيٌّ مشهور، تقدَّم ببعض الترجمة.

قوله: (الْمُتَصَدِّقِينَ): ضُبِط بالتثنية وبالجمع، قال بعضهم: والتثنية الرواية، قال في «المفهم»: (ويجوز كسرها على العموم).

==========

[ج 1 ص 384]

(1/2884)

[حديث: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها]

1425# قوله: (حدَّثنا جَرِيرٌ): هو جرير بن عبد الحميد، وكذا تقدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (شَقِيق): أنَّه أبو وائل شقيق بن سلمة.

قوله: (لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا): (ينقص): فعل مضارع، و (بعضُهم): مرفوع فاعله، و (أجرَ): منصوب مفعول، و (شيئًا): مفعول ثانٍ، و (نقص): يستعمل لازمًا ومتعدِّيًا إلى واحد، ومتعدِّيًا إلى اثنين.

(1/2885)

[باب: لا صدقة إلا عن ظهر غنى]

قوله: (إِلاَّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى): فسَّره أيُّوب: عن فضل عيال، وبيانه: من وراء ما يحتاج إليه العيال؛ كالشيء الذي يُطرَح خلف الظهر، ويفسُّره [1] قوله عليه الصلاة والسلام: «وابدأ بمن تعول»، وقد يكون (عن ظهر غنًى) بيانَ الغنى عن المسألة، ويردُّ هذا قوله: «وابدأ بمن تعول»، ولأنَّه خرج على سبب؛ وهو أنَّ رجلًا تصدَّق بأحد ثوبين كانا له قد تُصُدِّق بهما عليه، فنهاه عن ذلك، وقال: (خير الصدقة عن ظهر غنًى)، قاله ابن قرقول بأطول من هذا.

قوله: (أَنْ يُقْضَى): (يُقضى): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.

قوله: (فَيُؤْثِرَ): هو منصوب، ونصبه معروف.

قوله: (وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ): (الخصاصة): سوء الحال والحاجة، وقد تقدَّمت.

قوله: (وَكَذَلِكَ آثَرَ): هو ممدود الهمزة، فعل ماض، وهذا ظاهر.

قوله: (أَنْ يُضَيِّعَ): هو من (أضاع)، رباعيٌّ، بالتخفيف، وبالتشديد أيضًا، قاله الجوهريُّ، ولغة القرآن الأُولى.

قوله: (وَقَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ): هو أنصاريٌّ سَلميٌّ، وهو أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، شهد العقبة، له أحاديث، وكان من شعراء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، روى عنه: بنوه عبد الله، وعبد الرَّحمن، ومحمَّد [2]، وغيرهم، تُوفِّي سنة (50 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (أُمْسِكُ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وفيه لغة أخرى: مسك، ثلاثيٌّ.

(1/2886)

[حديث: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى]

1426# قوله: (حدَّثنا عَبْدَانُ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، الصالح العالم، مشهور الترجمة.

قوله: (عَنْ يُونُسَ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه محمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (سَعِيدُ بن المسيّب): أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المسيَّب لا يجوز في يائه إلا الفتح، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [2].

==========

[1] (عبدان): سقطت من (ب).

[2] في (ب): (في الورقة التي قبل هذه).

[ج 1 ص 384]

(1/2887)

[حديث: اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ]

1427# 1428# قوله: (حدَّثنا وُهَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه وهيب بن خالد الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ، الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ): هو بفتح حاء (حَكيم)، و (حِزام)؛ بالزَّاي، صحابيٌّ، وهو ابن أخي خديجة أمِّ المؤمنين، وقد تقدَّم أنَّه عاش مئة وعشرين سنة؛ ستِّين سنة في الإسلام، وستِّين في الجاهليَّة، وذكرت له نُظَراء، وأنَّه انفرد بشيء لم يشاركه فيه أحد، وهو أنَّه ولد في جوف الكعبة ولا يُعلَم ذلك لغيره، وأمَّا ما يحكى عن عليِّ بن أبي طالب من أنَّه وُلِد في جوف الكعبة [1]؛ فضعيف عند العلماء، وكان من المؤلَّفة الأشراف الذين حسن إسلامهم، تُوفِّي سنة (54 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

قوله: (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى): (العليا) و (السُّفلى)؛ بالقصر فيهما، وهذا ظاهر، وفي (اليد العليا) أقوال؛ أصحُّها: ما جاء في الحديث الآتي بعد هذا، واليد العليا: المعطية، والسُّفلى: السائلة، والقول الثاني: العكس، قال صاحبه: لأنَّ يد الآخذ نائبة عن الله، ويد الله

[ج 1 ص 384]

لا تكون [2] إلَّا عُلْيا [3]، وقيل: اليد العليا: المتعفِّفة _ (وجاء ذلك في رواية، ورجَّح [4] الخطَّابيُّ هذه الرواية) [5]_؛ أي: المنقبضة عن الأخذ، وقال شيخنا: وفي «الصَّحابة» للعسكريِّ عن عاصم الأحول عن الحسن البصريِّ قال: معنى الحديث: يد المعطي خير من اليد المانعة، وقيل: العليا: الآخذة، والسُّفلى: المانعة، وفي «المطالع»: العليا: هي المُنفِقة، كذا فسَّره في الحديث، قال الخطَّابيُّ: وروي في بعض الأحاديث: أنَّها المُتعفِّفة مرفوعًا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والسُّفلى: السائلة، ورُوِي عن الحسن: أنَّها المُمسِكة المانعة، وذهبت [6] المتصوِّفة إلى أنَّ العليا هي الآخذة؛ لأنَّ الصدقة تقع في كفِّ الرَّحمن سبحانه، كما جاء في «الصحيح»، قالوا: فيد الآخذ نائبة [7] الله [8] تعالى، وما جاء في الحديث من التَّفسير مع فهم المقصد من الحضِّ على الصَّدقة أَوْلى، فعلى التَّأويل الأوَّل: هي عليا بالصُّورة، وعلى الثَّاني: بالمعنى، انتهى، وكذا في «النِّهاية» فيها أربعة أقوال: العليا: المتعفِّفة، والسُّفلى: السَّائلة، ويقال: المنفقة، ويقال: العليا: المُعطِية، والسُّفلى: الآخذة، وقيل: السُّفلى: المانعة.

(1/2888)

قوله: (وَعَنْ وُهَيْبٍ [9]: حدَّثنا [10] هِشَامٌ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على الحديث الذي قبله؛ ومعناه: أنَّه رواه عن موسى بن إسماعيل عن وهيب، فالأوَّل [11] رواه: عن وهيب، عن هشام، عن أبيه، عن حَكيم بن حزام، والثَّاني: عن موسى بن إسماعيل، عن وهيب، عن هشام، عن أبيه، عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/2889)

[حديث: اليد العليا خير من اليد السفلى فاليد]

1429# قوله: (حدَّثنا أَبُو النُّعمان): هو محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عارم، تقدَّم] [1].

قوله: (فَالْيَدُ [2] الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى [3]: السَّائِلَةُ): قال شيخنا الشَّارح: (وحديث ابن عمر _ يعني: هذا [4]_ أخرجه مسلم أيضًا، قال أبو العبَّاس أحمد بن طاهر الدَّاني: تفسير العليا والسُّفلى مدرج [5] في الحديث) انتهى.

وقد روى عبد الله بن أحمد في «المسند» عن أبيه بإسناده إلى عبد الله قال [6]: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «الأيدي ثلاثة؛ فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السُّفلى»، وفي «المسند» أيضًا من حديث عروة بن محمَّد بن عطيَّة عن أبيه عن جدِّه قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «اليد المعطية خير من اليد السُّفلى»، وفيه أيضًا من حديث أبي رمثة قال: أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يخطب ويقول: «يد المعطي العليا ... »؛ الحديث، وفيه من حديث رجل من بني يربوع قال: أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فسمعته وهو يقول: «يد المعطي العليا».

(1/2890)

[باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها]

(1/2891)

[حديث: كنت خلفت في البيت تبرًا من الصدقة]

1430# قوله: (حدَّثنا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النبيل.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التَّيميُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (تِبْرًا): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه قطع من ذهب أو فضَّة قبل أن يصيرا دنانير ودراهم، فإذا صُيِّرا؛ كانا عينًا، وقد يطلق التِّبر على غيرهما من المعدنيَّات؛ كالنُّحاس، والحديد، والرَّصاص، وأكثر اختصاصه بالذَّهب، ومنهم من يجعله في الذَّهب أصلًا، وفي غيره فرعًا ومجازًا.

==========

[ج 1 ص 385]

(1/2892)

[باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها]

(1/2893)

[حديث: خرج النبي يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبل ولا بعد]

1431# قوله: (حدَّثنا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ، تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه منسوب إلى جدِّه: فُرهود، ويُنسَب إليه: الفُرهودي أيضًا.

قوله: (حدَّثنا عَدِيٌّ): هو عديُّ بن ثابت الأنصاريُّ، عن أبيه، والبراء، وابن أبي أوفى، وغيرهم، وعنه: شعبة، ومسعر، وخلق، لكنَّه قاصُّ الشيعة، وإمام مسجدهم بالكوفة، تُوفِّي سنة (116 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

قوله: (الْقُلْبَ [1]): هو بضمِّ القاف، وإسكان اللَّام، ثمَّ موحَّدة: السوار، قال ابن قرقول: ما كان إدارة واحدة، وقيل: إنَّما القُلب سوار من عظم، انتهى.

==========

[1] في هامش (ق): (القلب: السرار).

[ج 1 ص 385]

(1/2894)

[حديث: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه]

1432# قوله: (حدَّثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حدَّثنا [1] أَبُو بُرْدَةَ): تقدَّم أنَّه بُرَيد _وهو بضمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاء_ بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حدَّثنا أَبُو بُرْدَةَ): هذا تقدَّم أنَّه قاضي الكوفة، واسمه الحارث أو عامر، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّ أباه هو أبو موسى الأشعريُّ، واسمه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار، الصحابيُّ المشهور.

(1/2895)

[حديث: لا توكي فيوكى عليك]

1433# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان، وكذا بعده: (عَبْدَة) [1]، وعنه: عثمان ابن أبي شيبة، وقد تقدَّم ببعض الترجمة.

قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هو ابن عروة بن الزُّبير، و (فَاطِمَة) الرَّاوي عنها: هي زوجته، وهي فاطمة بنت المنذر بن الزُّبير بن العوَّام، مشهوران، وكذا (أَسْمَاءَ): هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق، صحابيَّة مشهورة، تقدَّمت مُترجَمة.

قوله: (لاَ تُوكِي [2]، فَيُوكَى عَلَيْكِ): (تُوكي): رباعيٌّ، و (يُوكى عليك): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، قال بعضهم: وبكسرها [3] للفاعل، انتهى، وإذا كان كذلك فيكون منصوبًا _لأنَّه جواب النَّهي_ بالفاء؛ ومعناه: لا تضيِّقي على نفسك في النَّفقة، فيضيِّق الله عليك، عبَّر عنه بالرَّبط على ما في الوعاء، و (تُوكي) قريب المعنى منه.

قوله: (لاَ تُحْصِي): هو رباعيٌّ، مضموم الأوَّل، وكذا (فَيُحْصِيَ اللهُ عَلَيْكِ) غير أنَّ الثاني منصوب جواب النَّهي، و (عليكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث؛ ومعناه: لا تتكلَّفي معرفة قدر إنفاقك، والإحصاء للشيء: معرفته قدرًا أو وزنًا أو عددًا، وفي رواية أخرى: (لا توعي)، وكلُّه كناية عن الإمساك والتقتير، والله أعلم.

(1/2896)

[باب الصدقة فيما استطاع]

(1/2897)

[حديث: لا توعي فيوعي الله عليك ارضخي ما استطعت]

1434# قوله: (حدَّثنا أبُو عاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد النبيل، وأدناها أعلاه [1].

قوله: (عنِ ابنِ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنِي ابنُ أبِي مُلَيْكَةَ): تقدَّم أعلاه الكلام عليه.

قوله: (لاَ تُوعِي؛ فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيْكِ): هو رباعيٌّ؛ ومعناه: لا تشحِّي وتجمعي فتُمْنَعي ولا تنفقيه؛ فيشحَّ؛ أي: تُجَازَي بالتَّقتير في رزقك.

قوله: (ارْضَخِي [2]): هو ثلاثيٌّ مفتوح الضَّاد، وفي أصلنا بالقلم: بفتح الهمزة وكسرها، وفي الفتح نظر، و (رضَخ)؛ كـ (منَع) و (ضرَب)، والرَّضخ: العطيَّة، ويقال: القليل منها.

[ج 1 ص 385]

==========

[1] (وأدناها أعلاها): سقط من (ب).

[2] في هامش (ق): (معناه: أعطي، وقيل: معناه: أعطي عطاء قليلًا، بفتح الضَّاد، وكسر الهمزة، وفي فتح الهمزة نظر).

(1/2898)

[باب: الصدقة تكفر الخطيئة]

(1/2899)

[حديث: فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة]

1435# قوله: (حدَّثنا جَرِيرٌ): تقدَّم [1] أنَّه [2] ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، القاضي، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، وكذا تقدَّم (أَبُو وَائِل): أنَّه شقيق بن سلمة، و (حُذَيْفَةَ) هو ابن اليماني؛ بإثبات الياء على [3] الأصحِّ؛ كلُّهم تقدَّموا مُترجَمِين.

قوله: (لَجَرِيءٌ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهر، وهو على (فَعيل).

قوله: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ): تقدَّم الكلام عليه في (باب: الصَّلاةُ كفَّارة).

قوله: (وَجَارِهِ): تقدَّم الكلام عليه في الباب المذكور أعلاه.

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ): هذا هو الأعمش المذكور في السند بلقبه، وقد تقدَّم أعلاه.

قوله: (أَجَلْ): تقدَّم أنَّ معناه: نَعم، وأنَّه بفتح الهمزة والجيم، وإسكان اللَّام، وهذا ظاهر.

قوله: (لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ): تقدَّم الكلام [عليه] في الباب المُشَار إليه أعلاه.

==========

[1] (تقدَّم): سقط من (ج).

[2] في (ج): (هو).

[3] في (ب): (في).

[ج 1 ص 386]

(1/2900)

[باب من تصدق في الشرك ثم أسلم]

(1/2901)

[حديث: أسلمت على ما سلف من خير]

1436# قوله: (عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): هذا هو المسنديُّ الحافظ، وقد قدَّمت لم قيل له: المسنديُّ؛ لأنَّه كان وقت الطلب يتبع الأحاديث المسندة، ولا يرغب في المقاطيع والمراسيل، وقال الحاكم: إنَّه أوَّل من جمع مسند الصحابة على التراجم بما وراء النَّهر، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حدَّثنا هِشَامٌ): هذا هو ابن يوسف أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، وثَّقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ثقة متين [1]، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حدَّثنا مَعْمَرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وكذا تقدَّم (الزُّهري): أنَّه محمَّد بن مسلم، العَلَم.

قوله: (عَنْ عُرْوَةَ): هو ابن الزُّبير بن العوَّام، العالم المشهور، أحد الفقهاء السبعة؛ فقهاء المدينة.

قوله: (عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ حزامًا _بالزاي_ ابن خويلد، وأنَّه ابن أخي خديجة بنت خويلد، وأنَّه وُلِد في جوف الكعبة، وأنَّه لم يُولَد أحد في جوفها إلَّا هو [2]، وما قيل عن عليِّ بن أبي طالب: إنَّه وُلد فيها؛ فضعيف.

قوله: (كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا): هو بتاء مثنَّاة رواه المروزيُّ في (باب مَنْ وصل رحمه)، وهو غلط من جهة المعنى، وأمَّا الرواية؛ فصحيحة، والوهم فيه من شيوخ البخاريِّ؛ بدليل قول البخاريِّ: (ويُقال أيضًا: عن أبي اليمان: «أتحنَّث أو أتحنَّت» على الشَّكِّ، والصَّحيح: الذي روته الكافَّة بالثَّاء المثلَّثة) انتهى، وهذا [3] يأتي، لكن قدَّمته للفائدة، وقوله: (أتحنَّث بها): أي: أطرح عن نفسي الحنث بها؛ لقوله [4] في رواية أخرى: (كنت أتبرَّر بها)؛ أي: أطلب البرَّ بها وطرح الإثم، وهو بالثَّاء المثلَّثة.

قوله: (فِي الْجَاهِلِيَّةِ): إنَّها ما قبل مبعث النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كذا قاله النَّوويُّ، وقد قدَّمت ما فيه، ويأتي أيضًا.

(1/2902)

قوله: (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ): اختُلِف في معناه؛ فقال المازريُّ: ظاهره خلاف ما تقتضيه الأصول؛ لأنَّ الكافر لا يصحُّ منه التقرُّب، فلا يثاب على طاعته، ويصحُّ أن يكون مطيعًا غير مُتقرِّب ... إلى أن قال: فإذا عُلِمَ تعذُّر [5] هذا؛ عُلِم أنَّ الحديث متأوَّل، وهو يحتمل وجوهًا؛ أحدها: أن تكون اكتسبتَ طباعًا جميلة، وأنت تنتفع بتلك الطباع في الإسلام، وتكون تلك العادة تمهيدًا لك ومعونةً على فعل الخير، والثَّاني: معناه: اكتسبت بذلك ثناءً حسنًا، وهو باق عليك في الإسلام، والثالث: أنَّه لا يبعد أن يزاد في حسناته التي يفعلها في الإسلام ويكثر آخره؛ لما تقدَّم له من الأفعال الجميلة، وقال عياض: ببركة [6] ما سبق لك من خير هداك الله إلى الإسلام، وذهب ابن بطَّال وغيره من المحقِّقين إلى أنَّ الحديث على ظاهره، وأنَّ الكافر إذا أسلم ومات على الإسلام؛ يُثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر، واستدلُّوا بحديث أبي سعيد: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا أسلم الكافر فحسن إسلامه؛ كتب الله له بكلِّ حسنة كان زلفها، ومحا عنه كلَّ سيئة كان زلفها، وكان عمله بعدُ [7] الحسنةُ [8] بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، والسَّيِّئة بمثلها إلَّا أن يتجاوز [9] اللهُ تعالى»، ذكره الدَّارقطنيُّ في «غريب حديث مالك»، وروَوه عنه من تسع طرق، وثبت فيها كلِّها أنَّ الكافر إذا حسن إسلامه؛ يُكتَب له في الإسلام كلُّ حسنة عملها في الشِّرك، انتهى، (وقد علَّق البخاريُّ حديث: «إذا أسلم العبد» في (كتاب الإيمان) مختصرًا، والله أعلم) [10].

==========

[1] زيد في (ب): (وقد).

[2] (إلا هو): سقط من (ب).

[3] زيد في (ج): (وهذا)، وهو تكرار.

[4] في (ب): (كقوله).

[5] في (ب) و (ج): (بقدر)، ولعلَّه تصحيف.

[6] في (ب): (ليتنزله)، وهو تحريف.

[7] في (ب): (يعد).

[8] في (ج): (الجنة)، وهو تحريف.

[9] في (ب): (يتجاوزها).

[10] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 386]

(1/2903)

[باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد]

(1/2904)

[حديث: إذا تصدقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة .. ]

1437# قوله: (حدَّثنا جَرِيرٌ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الحميد، وكذا تقدَّم (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مهران، وكذا تقدَّم (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة.

==========

[ج 1 ص 386]

(1/2905)

[حديث: الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ]

1438# قوله: (حدَّثنا أَبُو أُسامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وتقدَّم ببعض الترجمة.

قوله: (عنْ بُرَيْدِ): تقدَّم قريبًا في ظاهرها [1] أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاء، وكذا الكلام على (أبي بُرْدَةَ) بظاهرها [2]، وكذا (أَبُو مُوسى).

قوله: (يُنفِّذ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الفاء المشدَّدة، وبالذَّال المعجمة، وهذا ظاهر.

قوله: (مَا أُمِرَ بِهِ): هو بضمِّ الهمزة، مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، وكذا (أُمِرَ لَهُ بِهِ): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.

قوله: (مُوَفَّرًا): هو بفتح الفاء المشدَّدة، وهذا ظاهر أيضًا.

قوله: (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ): ضُبِط بالتَّثنية وبالجمع، وقد تقدَّم قريبًا، وما قاله بعضهم.

[ج 1 ص 386]

==========

[1] (في ظاهرها): سقطت من (ج).

[2] في (ب): (في الورقة التي قبل هذه).

(1/2906)

[باب أجر المرأة إذا تصدقت أو أطعمت من بيت زوجها غير مفسدة]

(1/2907)

[حديث: إذا تصدقت أو أطعمت من بيت زوجها]

1439# 1440# قوله: (حدَّثنا مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ): تقدَّم أنَّ منصورًا هو ابن المعتمر، وأنَّ (الأعمش) هو سليمان بن مِهران، وتقدَّما مُترجَمَين.

[قوله: (تَعْنِي: إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا): يأتي الكلام على (تعني) في (كتاب الأنبياء) في (باب خلق آدم) إن شاء الله تعالى [1]] [2].

وتقدَّم [3] (شَقِيق): أنَّه أبو وائل بن سلمة.

==========

[1] (إن شاء الله تعالى): ليس من (ب).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وجاء في باقي النسخ لاحقًا بعد قوله: (أبو وائل بن سلمة).

[3] في النسخ: (وكذا تقدَّم)، والمثبت يقتضيه السياق.

[ج 1 ص 387]

(1/2908)

[باب قول الله تعالى: {فأما من أعطى وأتقى}]

(1/2909)

[حديث: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان]

1442# قوله: (حدَّثنا إِسْمَاعِيلُ [1]: حَدَّثَنِي أَخِي): أمَّا (إسماعيل)؛ فقد تقدَّم [2] أنَّه ابن أبي أويس عبد الله ابن أخت مالك الإمام [3]، وأمَّا أخوه؛ فهو عبد الحميد بن أبي أويس، أبو بكر الأصبحيُّ، عن أبيه، وابن عجلان، وابن أبي ذئب، وعنه: أخوه إسماعيل، وأيُّوب بن سليمان، ومحمَّد بن رافع، ثقة، تُوفِّي سنة اثنتين ومئتين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وثَّقه ابن معين وغيره، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم أنَّ الأزديَّ تكلَّم فيه كلامًا عجيبًا، وتلك زلَّة من الأزديِّ، والله أعلم.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن بلال، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ): هو بضمِّ الميم، وفتح الزَّاي، ثمَّ راء مشدَّدة مكسورة، ثمَّ دال مهملة: عبد الرَّحمن، عن عمِّه سعيد بن يسار وابنه [4]، وعنه: ابن المبارك، والواقديُّ، صدوق، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ.

قوله: (عَنْ أَبِي الْحُبَابِ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وبعدها موحَّدة مخفَّفة، وفي آخره موحَّدة [5] أخرى، واسمه سعيد بن يَسار، من علماء المدينة، عن عائشة، وأبي هريرة، وعنه: ربيعة، ويحيى بن سعيد، تُوفِّي سنة (117 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره.

قوله: (أَعْطِ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وكذا (أَعْطِ) الثَّانية.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] (تقدَّم): ليست في (ج).

[3] (الإمام): ليست في (ب) و (ج).

[4] في (ب): (روايته)، وهو تحريف.

[5] (وفي آخره موحدة): سقط من (ج).

[ج 1 ص 387]

(1/2910)

[باب مثل المتصدق والبخيل]

(1/2911)

[حديث: مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين]

1443# 1444# قوله: (حدَّثنا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب.

قوله: (حدَّثنا وُهَيْبٌ): تقدَّم أنَّه وهيب بن خالد الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ، الحافظ.

قوله: (حدَّثنا ابْنُ طَاوُوسٍ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن طاووس، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ): هو بالموحَّدة، كذا في أصلنا، و (جبَّتان)؛ بالموحَّدة، وقيل: بالنُّون، وسيذكر البخاريُّ الاختلاف في ذلك، والنُّون أصوب، وكذلك اختَلَف فيه رواة مسلم.

قوله: (وَحدَّثنا أَبُو اليَمانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أَخْبَرَنَا [1] شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (أبُو الزِّنادِ): أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وكذا (عَبْدَ الرَّحمن): هو الأعرج ابن هرمز، وكذا (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (جُبَّتَانِ): هي في أصلنا: بالموحَّدة، وقد تقدَّم، ويأتي ما فيه.

قوله: (ثُدِيِّهِمَا): هو جمع (ثَدْيٍ)، والثَّدْيُ: مذكَّر على اللُّغة الفصيحة التي اقتصر عليها الفرَّاء، وثعلب، وغيرهما، وحكى ابن فارس، والجوهريُّ، وغيرهما: التَّذكير والتَّأنيث، قال ابن فارس: الثَّدي للمرأة، ويُقَال لذلك [2] الموضع من المرأة: ثَنْدوة؛ بالفتح بلا همز، وبالضَّمِّ مع الهمز، وقال الجوهريُّ: الثدي للرَّجل والمرأة، وجمع الثدي: أَثدٍ وثُدي وثِدي؛ بالضمِّ والكسر، والله أعلم.

قوله: (إِلَى تَرَاقِيهِمَا): (التَّراقي): جمع تَرقُوة؛ بفتح التاء [3]، وضمِّ القاف: كلُّ واحد من العظمين اللَّذين [4] بين ثغرة النَّحر والعاتق.

قوله: (تُخْفِي بَنَانَهُ): (البَنَان): بالموحَّدة المفتوحة، ثمَّ بالنُّون المخفَّفة، واحدها: بَنانة؛ وهي أطراف الأصابع، وجمع القلَّة: بنانات، وقوله: (بَنانه): كذا للكافَّة، ورواه بعضهم عن ابن الحذَّاء: (ثيابه)، وكذا في أصل محمَّد بن عيسى، وهو غلط، وبالأوَّل يستقلُّ التشبيه ويستقيم الكلام، كما في الحديث الآخر: (تعفو أنامله)، قاله ابن قرقول.

(1/2912)

قوله: (وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ): أي: تذهبه وتمحوه، وعفا: لازم ومتعدٍّ، وهو هنا [5] متعدٍّ، والأثر: تقدَّم أنَّه يقال: أَثَر؛ بفتح الهمزة والثَّاء، وبكسر الهمزة وسكون الثَّاء، وأنَّ شيخنا قال [6]: إنَّه مثلَّث الهمز [7].

قوله: (كُلُّ حَلْقَةٍ [8]): تقدَّم أنَّها بإسكان اللَّام، وأنَّه يجوز الفتح، وتقدَّم أنَّ جمع المفتوحة (حَلَق)؛ بفتح الحاء [9] واللَّام، وأنَّ جمع الساكنة (حِلَق)؛ بكسر الحاء، وفتح اللَّام، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ الْحَسَنُ [10] بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُوسٍ): الضمير في (تابعه) يعود على عبد الله بن طاووس.

(فِي الْجُبَّتَيْنِ): يعني: في كونهما بالموحَّدة، ومتابعة الحسن أخرجها البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ.

وقوله: (وَقَالَ حَنْظَلَةُ عَنْ طَاوُوسٍ: جُنَّتَانِ): يعني: بالنُّون، فخالف عبدَ الله بن طاووس والحسنَ بن مسلم، و (حنظلة) هذا: هو ابن أبي سفيان بن عبد الرَّحمن بن صفوان بن أميَّة الجمحيُّ المكِّيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومتابعته لم تكن في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

[وقوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ): هو ابن سعد: (حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ): يعني: ابن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة الكنديَّ، تقدَّم مُتَرجَمًا] [11].

وقوله: [(عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ): هو عبد الرَّحمن بن هرمز الأعرج)] [12]، (سَمِعْتُ أَبَا [13] هُرَيْرَةَ ... : جُنَّتَان [14])؛ يعني: بالنُّون، وقوله: (ابن هرمز): كذا خارج أصلنا في الهامش [15]، وفي الأصل: (أبي) عوض (ابن)، وعلى (ابن) التي في الهامش: (صح)، وهذا هو الصَّواب، وأمَّا (أبي)؛ فلا أعرفها [16] كنيةً لعبد الرَّحمن بن هرمز، إنما كنيته أبو داود، والظَّاهر أنَّها تصحيف، والله أعلم،

ومتابعة جعفر هذه ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

(1/2913)

[باب صدقة الكسب والتجارة]

قوله: ({إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}) [البقرة: 267]: أي: تغضُّوا [1] الأبصار عن نقص [2] فيه، أو تتساهلوا إذا أُهْدِي لكم ما أخذتموه إلَّا على استحياء؛ ومعناه: لا تأخذون الرَّديء من غير مالكم إلا بزيادة الكيل على الطَّيب، فكيف ترضَونه لي؟! نزلت في أنصاريٍّ ألقى عِذقًا [3] من الحشف في تمر الصَّدقات، فأمره به عليه الصَّلاة والسَّلام أن يُعلَّق على باب المسجد، فما مرَّ به أحد إلا قال: بئس ما تُقرِّب به إلى الله، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (تغمضوا).

[2] في (ب): (بعض)، وهو تحريف.

[3] في (أ): (غذقًا).

[ج 1 ص 387]

(1/2914)

[باب: على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف]

(1/2915)

[حديث: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق]

1445# قوله: (حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه): (سعيد) هذا: هو ابن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعريُّ، يروي عن أبيه، وأنس، وعنه: شعبة، وأبو عوانة، حجَّة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، وأبوه [1] أبو [2] بردة تقدَّم قريبًا أنَّه قاضي الكوفة، وأنَّ اسمه الحارث أو عامر، وأنَّ أباه أبو [3] موسى الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (وأنسبوه)، وسقطت من (ج).

[2] في (ج): (وأبو).

[3] في النسخ: (أبا)، ولعل المثبت هو الصواب.

[ج 1 ص 387]

(1/2916)

[باب: قدر كم يعطى من الزكاة والصدقة ومن أعطى شاة]

قوله: (يُعْطِي [1]): هو بكسر الطَّاء، مبنيٌّ للفاعل؛ أي: المُزكِّي أو المُتصِّدق.

قوله: (وَمَنْ أَعْطَى): هو مبنيٌّ للفاعل، وهذا يُعرَف من الضَّبط الذي قبله.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (يُعطَى)، والمثبت موافق لما في (ق) و «الإرشاد».

[ج 1 ص 387]

(1/2917)

[حديث: هات فقد بلغت محلها]

1446# قوله: (حدَّثنا أَبُو شِهَابٍ): هو عبد ربِّه بن نافع المدائنيُّ، يروي [1] عن يونس بن عبيد، وابن عون، وعاصم الأحول، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، رويا له جميعًا، وهو صدوق، تُوفِّي سنة (173 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه [2]، له ترجمة في «الميزان».

تنبيه: أبو شهاب اثنان حنَّاطان؛

[ج 1 ص 387]

بالحاء المهملة، والنُّون المشدَّدة؛ أحدهما: أبو شهاب الأكبر، واسمه [3] موسى بن نافع الهذليُّ، من أهل الكوفة، عن عطاء بن أبي رَباح، روى عنه: أبو نعيم، ذكر له البخاريُّ حديثًا واحدًا في (الحجِّ)، والثاني: الرَّاوي هنا الأصغر، وقد قدَّمت ترجمته مُلخَّصة، روى له البخاريُّ في (الزَّكاة)، و (الأشربة)، و (الاستقراض)، و (التَّوحيد)، حدث عنه: أحمد ابن يونس، وعاصم بن يوسف، قال البخاريُّ: (عبد ربِّه بن نافع: أبو شهاب الحنَّاط، صاحب الطعام، سمع محمَّد بن سُوقة، ويونس بن عبيد، وعوفًا الأعرابيَّ ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تقدَّم أنَّها نُسَيبة؛ بضمِّ النون، وفتح السين، على الأصحِّ، وتقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها.

(1/2918)

قوله: (بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ [4] الأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ): (بُعِث): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، [وفي نسخة: (بعثْتُ إلى نُسَيبة)، تقول عائشة: إنَّها بعثَتْ إلى نُسَيبة] [5]، و (نُسَيبة): تقدَّم أعلاه [6] أنَّها أمُّ عطيَّة، وكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وعليه (صح)؛ على أنَّه لم يسمَّ فاعله، وكذا عمل على (نُسَيبة) الثانية بالقلم، وصُحِّح أيضًا، وقد عنت نفسها هنا؛ بدليل ما جاء في رواية أخرى عن أمِّ عطيَّة قالت: [(بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بشاة من الصدقة، فبعثت إلى عائشة منها ... )؛ الحديث، وفي «مسلم» من حديث أمِّ عطيَّة)] [7]: (بعث إليَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بشاة من الصدقة، فبعثت إلى عائشة منها بشيء، فلمَّا جاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... )؛ الحديث، وهذا الحديث في «البخاريِّ» و «مسلم» من حديثها، ذكره المِزِّيُّ في مسندها في «أطرافه»، فلا يُتوهَّم أنَّ التي بعثت نَسِيبة _بفتح النون، وكسر السين_ أمُّ عمارة، وممَّا يؤيِّد ما ذكرته أنَّ في أصلنا في الهامش تجاه هذا الكلام ما لفظه: (قال أبو عبد الله: نُسَيبة: هي أمُّ عطيَّة) انتهى، وكذا قال النَّوويُّ في «مبهماته» التي اختصرها من «كتاب الخطيب» في (حرف العين)؛ فاعلمه، والله أعلم.

قوله: (فَقَدْ [8] بَلَغَتْ مَحِلَّهَا): هو بكسر الحاء [9]؛ أي: موضعها ومستحقَّها، قال الله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: 33].

(1/2919)

[باب زكاة الورق]

قوله: (باب زَكَاةِ الْوَرِقِ): هي الدراهم المضروبة، وفي الورق لغاتٌ: فتح الواو، وكسر الرَّاء وإسكانها، وبكسر الواو مع الإسكان، هذا هو المشهور، وحكى الصغَّانيُّ في كتاب مفرد وقفت عليه بالقاهرة وبحلب منه نسخة، وكُتِب منه نسخة أخرى فيه لغات غريبة، ذكر فيه: أنَّ وَرَق _بفتح الواو والراء_ لغةٌ في الوَرِق.

==========

[ج 1 ص 388]

(1/2920)

[حديث: ليس فيما دون خمس ذود صدقة من الإبل]

1447# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): تقدَّم [1] أنَّه سعد بن مالك بن سنان [2] الخدريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ): تقدَّم الكلام عليه، وعلى الذَّود، وعلى (خمس أواق)، وعلى الأوقيَّة، وعلى الأوسق، والوسق كم هو قريبًا [3]؛ فانظره.

قوله: (حدَّثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثقفيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وهو حافظ، أحد الأشراف بالبصرة.

قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو: سَمِعَ أَبَاهُ): أمَّا (عمرو)؛ فهو ابن يحيى بن عُمَارة بن أبي حسن، يروي [4] عن أبيه، وعبَّاد بن تميم، وعدَّة، وعنه: مالك، ووهب، وخلقٌ، ثقةٌ، أخرج له الجماعة، تُوفِّي سنة (140 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وأمَّا أبوه يحيى بن عُمَارة _بضمِّ العين، وتخفيف الميم_؛ فيروي عن عبد الله بن زيد بن عاصم، وأبي سعيد، وعنه: الزُّهريُّ، ومحمَّد بن يحيى بن حِبَّان، ثقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ وابن خِراش.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/2921)

[باب العرض في الزكاة]

قوله: (بَابُ الْعَرْضِ فِي الزَّكَاةِ): (العَرْض)؛ بفتح العين، وإسكان الرَّاء، وبالضَّاد المعجمة، وكذا قوله بعده: (بِعَرْضِ): وهو المتاع، وكلُّ شيء؛ فهو عَرْض سوى الدراهم والدنانير؛ فإنَّها عين، قال أبو عبيد: العُروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا تكون حيوانًا ولا عقارًا، تقول: اشتريت المتاع بعرض؛ أي: بمتاع مثله، وأمَّا عَرَض؛ بفتح العين والراء: عَرَض الدُّنيا؛ فهو المال قلَّ أو كثر، يقال: الدُّنيا عَرَض حاضر يأكل منه البَرُّ والفاجر.

قوله: (وَقَالَ طَاوُوسٌ): هو طاووس بن كيسان، الإمام أبو عبد الرَّحمن اليماني، من أبناء الفرس، وقيل: اسمه ذكوان، ولُقِّب طاووسًا، قال ابن معين: لأنَّه كان طاووسَ القرَّاء، ترجمته معروفة، فلا نطوِّل بها.

قوله: (وَقَالَ طَاوُوسٌ: قَالَ مُعَاذٌ): أمَّا رواية طاووس عن معاذ؛ فمنقطعة؛ لأنَّه لم يدركه، وإن شئت؛ قلت: روايته غير مرسلة، قال ابن المدينيِّ: (إنَّه لم يسمع منه) انتهى.

معاذ: تُوفِّي بالأردنِّ في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة أو سبعَ عشرةَ رضي الله عنه، ولمَّا ذكر شيخنا هذا الأثر عن معاذ؛ قال: (هذا مُرسَل، طاووس لم يدرك معاذًا، كما نصَّ عليه الدَّارقطنيُّ وغيره ... ) إلى آخر كلامه، ونقل العَلَائيُّ ذلك عن ابن المدينيِّ، ولا حجَّة فيه؛ لانقطاعه، وعلى تقدير صحَّته؛ فقد قيل: إنَّه كان في الجزية، لا في الصَّدقة.

وموقوفه هذا أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس قال معاذ ... ؛ فذكره، قال: وحدَّثنا وكيع عن سفيان، عن إبراهيم، عن طاووس: أنَّ معاذًا كان يأخذ العروض في الصدقة.

قوله: (خَمِيصٍ): قال الدِّمياطيُّ: قال ابن بطَّال: وقع بالصَّاد: (خميص)، والصَّواب بالسين، كذا فسَّره أبو عبيد وأهل اللُّغة، قال صاحب «العين»: (الخَميس والخَموس: ثوب طوله خمسة أذرع) انتهى، وقال ابن قرقول: (بالصَّاد [1] ذكره البخاريُّ، وبالسين [2] ذكره أبو عبيد وغيره: هو الثَّوب الذي طوله خمسة أذرع، كأنَّه يعني: الصغير من الثياب، ويقال له أيضًا: مَخْمُوس، وقال أبو عمر: وهي ثياب أوَّل من عملها باليمن ملكٌ يقال له: الخِمْس، وقد يكون الخميص _بالصَّاد_ مذكَّر على إرادة الثَّوب [3] إن صحَّت الرواية به [4]) انتهى وبنحوه في «النِّهاية».

تنبيه: الخِمْس المَلِك؛ بكسر الخاء، وإسكان الميم.

(1/2922)

قوله: (احْتَبَسَ): أي: وقف، قال ابن قرقول: واللُّغة الفصحى: أحبِس، قال الخطَّابيُّ: ويقال: حَبَس مخفَّفًا، وحبَّس مشدَّدًا، انتهى.

قوله: (أَدْرَاعَهُ): الأدراع: جمع (درع)؛ وهي الزَّرديَّة.

قوله: (وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ): (أعتد): هو بالتَّاء المثنَّاة فوقُ في أصلنا، قال ابن قرقول: (أعبدَه)؛ بالباء للكافَّة، وعند الحمُّوي والمستملي: (أعتده) جمع (عَتدٍ)؛ وهو الفرس الصُّلب، وهو المعدُّ للرُّكوب، وقيل: السريع الوثب، ورجَّح هذا بعضهم، وقال: يعني [5]: خيله،

[ج 1 ص 388]

وقد جاء في بعض الرِّوايات: (احتبس رقيقه ودوابَّه)، وفي «مسلم» من حديث أبي الزناد: (وأعتاده)، وهما بمعنًى، وقيل: كلُّ ما يُعَدُّ من مال وسلاح وغيره، وقد رُوِي: (وعتاده) انتهى، وفي «النهاية» بعد أن ذكر (أعتده)؛ بالتَّاء وفسَّره قال: قال الدَّارقطنيُّ: قال أحمد ابن حنبل: قال عليُّ بن حفص: (وأعتاده)، وأخطأ فيه وصحَّف، وإنَّما هو: (وأعتده)، والأدراع جمع: درع، وهي الزَّرديَّة، وجاء في رواية: (أعبده [6])؛ بالباء الموحَّدة، جمع قلَّة للعبد، قال: وفي معنى الحديث قولان؛ أحدهما: أنَّه كان قد طولب بالزَّكاة على أثمان الدُّروع [7] والأعتد، على معنى أنَّها كانت عنده للتِّجارة، فأخبرهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّه لا زكاة عليه فيها، وأنَّه قد جعلها حُبْسًا في سبيل الله، والثَّاني: أن يكون اعتذر لخالد ودافع عنه بقول: إذا كان خالد قد جعل أدراعه وأعتده في سبيل الله تبرُّعًا وتقرُّبًا [8] إلى الله وهو غير واجب عليه؛ فكيف يستجيز [9] منع الصدقة الواجبة عليه؟! والله أعلم.

قوله: (وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ): ضبطه النَّوويُّ في «شرح مسلم»: بفتح الحاء، وإسكان اللَّام على أنَّه مفرد، وأمَّا في أصلنا؛ فقد ضُبِط بوجهين؛ أحدهما: كما ضبطه النَّوويُّ، والثاني: بضمِّ الحاء، وكسر اللَّام مشدَّدة على أنَّه جمع، ويُقال في الجمع أيضًا: بكسر الحاء مع تشديد اللَّام المكسورة.

قوله: (فَلَمْ يَسْتَثْنِ [10] صَدَقَةَ الْفَرْضِ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (العَرْض)؛ بالعين، قال ابن قرقول: (الفرض من غيرها): كذا للجمهور، وعند بعضهم: (العَرْض)؛ يعني: بالعرض ما لم يكن عينًا، والعَرْض: هو العين، وبعده في الحديث: (فلم يخصَّ الذَّهب والفضَّة من العُرُوض)؛ بالعين لكافَّتهم [11]، وعند عبدوس: (من الفروض): بالفاء، انتهى.

(1/2923)

قوله: (وَسِخَابَهَا): هو بكسر السين المهملة، ثمَّ خاء معجمة، تقدَّم ما هو؛ وهو قلادة من طيب أو سُكٍّ [12].

قوله: (مِنَ الْعُرُوضِ): هو جمع (عرض)، وتقدَّم الكلام عليه أعلاه.

==========

[1] في (ج): (بالضاد)، وهو تصحيف.

[2] في (ج): (بالسين).

[3] في (ب): (القول)، وهو تحريف.

[4] (به): سقط من (ج).

[5] (يعني): سقط من (ج).

[6] في (ج): (أعبد).

[7] في (ج): (الدرع).

[8] في (ج): (وثوابًا).

[9] في (ب): (يستحسن).

[10] في (ب): (يستبن)، وفي (ج): (يستبين)، وكلاهما ليس بصحيح.

[11] في (ج): (كافتهم).

[12] في (ب): (مسك)، وهو تحريف.

(1/2924)

[حديث: ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده .. ]

1448# قوله: (حدَّثنا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو الأنصاريُّ، وهو محمَّد بن عبد الله بن المثنَّى، قاضي البصرة، عن حميد، وابن عون، وطبقتهما، وعنه: البخاريُّ، وأحمد [1]، وابن معين، والكجِّيُّ، وخلائق، قال أبو حاتم: صدوق، لم أرَ من الأئمَّة إلا هو وسليمان بن داود الهاشميَّ، وقال ابن معين: ثقة، مات في رجب سنة (215 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنِي أَبِي): تقدَّم أعلاه أنَّ أباه عبد الله بن المثنَّى بن عبد الله بن أنس بن مالك، أبو المثنَّى، عن عمومته، والحسن، وعنه: ابنه محمَّد، ومسدَّد، وعبد الواحد بن غياث، قال أبو حاتم: صالح، قال أبو داود: لا أُخرِّج حديثه، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنِي أَبِي [2] ثُمَامَةُ): (ثمامةُ) مرفوعٌ؛ لأنَّه بدل من (أبي)، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (بِنْتَ مَخَاضٍ): بنت المخاض عند الشَّافعيَّة [3]: من الإبل لها سنةٌ وطعنت في الثَّانية، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ أمَّها آن [4] لها أن تكون ماخضًا؛ أي: حاملًا؛ أي: دخل وقت قبول أمِّها للحمل ثانيًا، واللَّبون: سنتان وطعنت في الثَّالثة، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ أمَّها ذات لبن؛ أي: حان لأمِّها أن ترضع ثانيًا ويصير لها لبن وإن لم ترضع، والحِقَّة: ثلاث سنين وطعنت في الرَّابعة، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها استحقَّت أن تُركبَ ويُحملَ عليها وأن يطرقها الفحل، ويُقال للذَّكر: حِقٌّ، والجذعة: أربع سنين وطعنت في الخامسة، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها تجذع أسنانها؛ أي: تشقُّها، وقيل: لتكامل أسنانها، وقيل: لأنَّ أسنانها لا تسقط، وهو غريب، وهذا آخر أسنان الزَّكاة، وهو نهاية الحُسن من حيث [5] الدَّرُّ والنَّسل.

قوله: (وَعِنْدَهُ بِنْتُ [6] لَبُونٍ): تقدَّم كم سنُّها أعلاه؛ فانظره.

(1/2925)

قوله: (وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا): المصدِّق: جابي الصَّدقة، وهو بكسر الدَّال، ورواه أبو عبيد: بفتح الدَّال والتَّشديد؛ يريد: صاحب الماشية؛ أي: الذي أخذت صدقة ماله، وخالفه عامَّة الرُّواة، يُقال: صدَّقهم يصدقهم؛ فهو مصدِق؛ أعني: الجابي، وقال أبو موسى: (الرواية: بتشديد الصَّاد والدَّال معًا؛ وهو صاحب المال، وأصله: المتصدِّق فأدغمت التَّاء في الصَّاد، انتهى، وفي «الصِّحاح»: والمُصدِّق: الذي يُصدِّقك [7] في حديثك، والذي يأخذ صدقات الغنم، والمُتصدِّق الذي يعطي الصدقة [8] ... ) إلى أن قال: (والمتصدِّق: الذي يعطي، وقوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ المُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} [الحديد: 18]؛ بتشديد الصَّاد، أصله: المُتصدِّقين والمٌتصدِّقات، فقُلِبت التَّاء صادًا، وأُدغِمت في مثلها) انتهى.

(1/2926)

[حديث: أشهد على رسول الله لصلى قبل الخطبة]

1449# قوله: (حدَّثنا مُؤَمَّلٌ): هو بفتح الميم الثانية المشدَّدة، اسم مفعول، من أمَّلَهُ فهو مُؤمَّل، واسم والده هشام اليشكريُّ، بصريٌّ، يروي مُؤمَّل عن أبي معاوية، وابن عُليَّة، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن صاعد، ثقة، مات سنة (253 هـ)، أخرج له من روى عنه من الأئمَّة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد بها، والله أعلم.

قوله: (حدَّثنا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن عُليَّة، وكذا تقدَّم قبلُ (أَيُّوبُ): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وكذا تقدَّم (عَطَاء بن أَبِي رَبَاحٍ): أنَّه بفتح الرَّاء، وبالموحَّدة.

قوله: (ناشرٌ ثوبَهُ): بتنوين (ناشر)، و (ثوبَه): منصوب مفعول، وبنصب (ناشر) على الحال، وجر (الثَّوب) على الإضافة، وبهما مضبوطٌ في أصلنا.

قوله: (لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ [1] مُجْتَمِعٍ): مثاله: أن يكون لأحد رجلين أربعون شاة، ولآخر [2] أربعون شاة [3]، وهما ليسا بشريكين، فإذا جاء جابي الصدقة؛ خلطاها؛ خوفًا أن يجب على كلِّ واحد شاة، فإذا خلطا؛ يلزم كلَّ شخص نصفُ شاة، أو يكون لكلِّ واحد منهما عشرون شاة مثلًا وهما شريكان، فإذا جاء جابي الصدقة؛ افترقا؛ خشيةَ أن يجب [4] على كلِّ واحد نصف شاة، فإذا افترقا؛ لا يلزمهما شيء، والله أعلم.

قوله: (وَيُذْكَرُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (مِثْلُهُ): مرفوع نائب مناب [5] الفاعل.

==========

[1] في (ج): (من)، وهو تحريف.

[2] في (ب): (والآخر).

[3] (ولآخر أربعون شاة): سقط من (ج).

[4] في (ب): (تجب).

[5] (مناب): سقط من (ب).

[ج 1 ص 389]

(1/2927)

[باب: ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية]

[ج 1 ص 389]

قوله: (باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ): قال ابن قرقول: الخليطان: هما اللَّذان خلطا ماشيتهما في الرعي [1] والمبيت؛ طلبًا للرفق في ذلك، لا حيلةً في حطِّ الزكاة، وعند الشافعيِّ: الشريكان في الماشية، والأوَّل هو المذهب، وكلُّ شريك خليط، وليس كلُّ خليط شريكًا، انتهى، والخليط: المخالط، ويريد به: الشريك الذي يخلط ماله بمال شريكه، والتراجع بينهما بالسويَّة: هو أن يكون لأحدهما مثلًا أربعون بقرة، وللآخر ثلاثون بقرة، ومالُهما مختلطٌ، فيأخذ السَّاعي عن الأربعين مُسِنَّةً، وعن الثلاثين تبيعًا، فيرجع باذل المُسنَّة بثلاثة أسباعها على شريكه، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على شريكه؛ لأنَّ كلَّ واحد من السِّنين واجب على الشيوع، كأنَّ المال ملكُ واحد.

وفي قوله: (بالسويَّة): دليل على أنَّ السَّاعيَ إذا ظلم أحدَهما فأخذ [2] منه زيادة على فرضه؛ فإنَّه لا يرجع بها على شريكه، وإنَّما يغرم له ما يخصُّه [3] من الواجب دون الزيادة، وفي الرَّاجع دليل على أنَّ الخلطة تصحُّ مع أعيان الأموال عند من يقول به، والله أعلم.

وقوله [4]: (وَقَالَ طَاوُوسٌ): تقدَّم أنَّه ابن كيسان اليماني، وتقدَّم بعض ترجمته.

[قوله: (وَعَطَاءٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم بعض ترجمته] [5].

قوله: (فَلاَ يُجْمَعُ مَالُهُمَا): (يُجمَع): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (مالُهما): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ: [لاَ يَجِبُ حَتَّى يَتِمَّ لِهَذَا أَرْبَعُونَ)] [6]: (سفيان) هذا: لم أعرفه أهو ابن عيينة أو الثَّوريُ؟، وشيخنا لم يعيِّنه في «شرحه»، (وقال بعض حفَّاظ العصر: هو الثوريُّ، بيَّن [7] ذلك عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه») [8].

==========

[1] في (ج): (المرعى).

[2] في (ب): (وأخذ).

[3] (من): سقط من (ب).

[4] في (ب) و (ج): (قوله).

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[7] في (ب): (ذكر).

[8] ما بين قوسين سقط من (ج).

(1/2928)

[حديث: وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية]

1451# [قوله: (حدَّثنا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ [1]: حَدَّثَنِي أَبِي [2]: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ... )؛ فَذَكره: (ثمامةُ): ذكره ابنُ عديٍّ، وتابعه الذَّهبيُّ في «ميزانه»، وصحَّح عليه، وفي ترجمته فيه: وذكر لابن مَعِين [3] كتاب الصَّدقات، فقال: لا يصحُّ هذا الحديث، ثمَّ ذكر الذَّهبيُّ له حديثًا آخر، وهو كان قيس بمنزلة صاحب الشرط من الأمير، فقال فيه: وكذا انفرد، ثمَّ ذكر له حديثًا آخر، والله أعلم] [4].

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[3] في (ب): (موسى)، والمثبت موافق لما في «الميزان».

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 390]

(1/2929)

[باب زكاة الإبل]

قوله: (باب زَكَاةِ الإِبِلِ): هو بكسر الهمزة والباء، ويُقال بسكونها تخفيفًا.

قوله: (ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ): أمَّا (أبو بكر)؛ فهو الصِّدِّيق أشهر من أن يُذكَر، وأمَّا (أبو ذرٍّ)؛ فقد تقدَّم بعض ترجمته، واسمه جندب بن جنادة، وقيل: بُرير [1]، وسيأتي، وأمَّا (أبو هريرة)؛ فاسمه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/2930)

[حديث: ويحك! إن شأنها شديد!]

1452# قوله: (حدَّثنا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو عمرو، عبد الرَّحمن بن عمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، وأنَّه شيخ الإسلام، وأحد الأعلام.

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ _بالدَّال المهملة_ إلى خُدرة من الأنصار.

قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا): هذا الأعرابيُّ لا أعرف [1] اسمه [2]؛ فليُبحَث عنه.

قوله: (وَيْحَكَ): (ويح): كلمة تُقال لمن وقع في مَهلكةٍ لا يستحقُّها، فيرحم [3] عليه، ويُرثى له، و (ويل): لمن يستحقُها، ولا يترحَّم عليه، وقال ابن كيسان عن المازنيِّ: الويح: قبوح، والويل: الترُّحم، وقال سيبويه: (ويح): زجر لمن أشرف على هلكة، و (ويل): لمن وقع فيها، وعن عليٍّ رضي الله عنه: الويح: رحمة، والويل: باب عذاب، وقيل: (الويل): كلمة روع [4]، ويكون بمعنى الإغراء؛ بما امتنع من فعله، وفي (ويل) كلام غير ذلك أيضًا، ونذكره إذا ورد ذكره في الحديث، والله أعلم.

قوله: (فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ): (البحار): القرى، وهو [5] بالموحَّدة، والحاء المهملة، كذا للكافَّة، وعند أبي الهيثم: (التِّجار)، وهو وهم.

قوله: (لَنْ [6] يَتِرَكَ): هو بفتح أوَّله، وكسر المثنَّاة فوقُ؛ ومعناه: ينقصك، وقيل: يظلمك، وتَرَه؛ إذا ظلمه، ومنه قوله: {وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمَّد: 35]، وقال بعضهم: إنَّه مضارع (ترك)، ثمَّ ذَكَرَ [7] ما ذكرتُه، وما قاله من أنَّه مضارع (ترك) لا أعرفه، إنَّما رأيتهم ذكروه من (وتر)، وهو الذي ذكرتُه أنا؛ فيُحرَّر من أين أخذه؟ والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (أعرفه).

[2] (اسمه): مثبت من (ج).

[3] في (ج): (فرحم).

[4] في (ج): (روح)، وهو تحريف.

[5] (وهو): سقط من (ب).

[6] في (ج): (لم)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي، كما في هامش «اليونينيَّة».

[7] في (ب): (ذكره).

[ج 1 ص 390]

(1/2931)

[باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده]

قوله: (مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةٌ بِنْتَ مَخَاضٍ): (صدقةٌ): مرفوع منون، و (بنت): منصوب، وبنت المخاض: تقدَّم الكلام [1] قريبًا كم سنُّها، كذا في أصلنا، ويجوز (صدقةُ بنتِ [2])؛ بإضافة (صدقة) إلى (بنت)، وكذا ما بعده [3].

(1/2932)

[حديث: من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة]

1453# قوله: (صَدَقَةٌ الْجَذَعَةَ): (صدقةٌ): مرفوع منوَّن، و (الجذعة): منصوبة، وتقدَّم ما الجذعة، وكم سنُّها قريبًا، وكذا الحِقَّة، وتقدَّم أعلاه أنَّه يجوز بالإضافة.

قوله: (صَدَقَةٌ الْحِقَّةَ): (صدقةٌ): مرفوع منوَّن، و (الحِقَّة): منصوبة، وتقدَّم ما الحِقَّة قريبًا.

قوله: (تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ): (تُقبَل): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (الحِقَّةُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وكذا (مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ) تقدَّم، وكذا (تُقْبَلُ [1] مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ)، وتقدَّم كم سنُّها، وما هي.

==========

[1] في (ب): (يقبل).

[ج 1 ص 390]

(1/2933)

[باب زكاة الغنم]

(1/2934)

[حديث: هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله على المسلمين]

1454# قوله: (إِلَى الْبَحْرَيْنِ): تقدَّم أنَّ (البحرين) كلفظ التثنية: بلاد معروفة باليمن، وهو عمل فيه مدن قاعدتها هجر، وتقدَّم بزيادةٍ على هذا.

قوله: (فَمَنْ سُئِلَهَا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وكذا قوله: (وَمَنْ سُئِلَ).

قوله: (بِنْتُ مَخَاضٍ): تقدَّم كم سنُّها.

وقوله: (أُنْثَى): الظَّاهر أنَّه للتأكيد، وكذا قوله: (فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى) الآتية قريبًا.

وأما [1] قوله: (فَابن لَبُونٍ ذَكَرٍ [2])؛ (فسيأتي ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى) [3].

قوله: (بِنْتُ لَبُونٍ): تقدَّم كم سنُّها.

قوله: (طَرُوقَةُ الْجَمَلِ): هو بفتح الطَّاء وبالقاف؛ أي: استحقَّت أن يطرقها الذكر؛ ليضربها، وفي بعض طرق الحديث: «طَروقة الفحل»، وهو هو.

قوله: (إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا): أي: مالكها.

قوله: (فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ): السَّائمة من الماشية: الرَّاعية، يُقَال: سامت تسوم سومًا، وأَسَمْتُها أنا.

قوله: (مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَة): (واحدة): مرفوعٌ منوَّن ومنصوبٌ مثله، وإعرابهما ظاهر.

قوله: (وَفِي الرِّقَةِ): هي بكسر الرَّاء، وفتح القاف مخفَّفة، ثمَّ تاء التَّأنيث: هي الفضَّة والدراهم المضروبة منها، وأصل اللَّفظة: الورق [4]؛

[ج 1 ص 390]

وهي الدَّراهم المضروبة خاصَّة، فحُذِفَت الواو، وعُوِّض منها الهاء، وتُجمَع الرِّقة على رقاتٍ ورِقِين، وقال شيخنا في «العجالة شرح المنهاج» في الفقه [5]: (الرِّقة: الفضَّة، وقيل: والذَّهب أيضًا) انتهى.

(1/2935)

[باب: لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس]

قوله: (هَرِمَةٌ): هي بفتح الهاء، وكسر الرَّاء، والهَرَم: غاية الكِبَر، والأنثى: هَرِمة.

قوله: (وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ): العَوَار؛ بفتح العين، وتخفيف الواو: العيب في بهيمة، أو ثوب، أو غيرهما، وأمَّا العُوَّار _بضمِّ العين، وشدِّ الواو_؛ فهو كثرة قذاها، وأمَّا ذهاب إحداهما؛ فهو العُوَار؛ بضم العين، وتخفيف الواو، والعَوَر أيضًا: العيب، (وكلُّ مَعِيب أعور، والأنثى: عوراء، وكذلك الكلمة القبيحة، انتهى، جاء في [1] «المطالع» وفي «الصِّحاح»: والعَوَار: العيب) [2]، يقال: سلعة ذات عَوار؛ بفتح العين، وقد تُضمُّ [عن أبي زيد، فعلى هذا: (عوار) في الحديث يجوز أن تُقرَأ بالفتح والضَّمِّ، وفي «النِّهاية» في هذا الحديث: العَوار؛ بالفتح: العيب، وقد يُضمُّ] [3]، انتهى والله اعلم.

قوله: (وَلاَ تَيْسٌ، إِلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ): يعني: جابي الصدقة، وقد تقدَّم قريبًا ضبطه.

فائدة: الاستثناء من التيس فقط؛ لأنَّ الهَرِمة وذات العَوار [4] لا يجوز أخذهما [5] في الصدقة إلَّا أن يكون المال كلُّه كذلك عند بعضهم، وهذا إنَّما يتَّجه إذا كان الغرض من الحديث النهيَ عن أخذ التيس؛ لأنَّه فحل المعز، وقد نُهِي عن أخذ الفحل في الصدقة؛ لأنَّه مُضِرٌّ بربِّ المال؛ لأنَّه يعزُّ عليه، إلَّا أن يسمح به، فيُؤخَذ، والذي شرحه الخطَّابيُّ في «معالمه»: المصدِّق؛ بتخفيف الصاد: العامل، وكذا وكيل الفقراء في النقص، فله أن يتصرَّف لهم ما يؤدِّي إليه اجتهاده، والله أعلم، وقال شيخنا في «شرح المنهاج» في هذا الحديث: والمصَّدِّق؛ بتشديد الصَّاد: ربُّ المال، والاستثناء عائد إلى التَّيس خاصَّة، وهو الفحل المُعَدُّ للضِّراب، وقيل: بتخفيفها؛ وهو السَّاعي، والاستثناء عائد إلى الجميع، قال في «شرح المهذَّب»: وهو الأصحُّ المختار، وإليه أشار في «البويطيِّ»، وقال: إلَّا أن يرى المصدِّق _أي: السَّاعي_ أنَّ ذلك أفضلُ للمساكين، فيأخذه على النظر، انتهى.

==========

[1] (جاء في): سقط من (ب).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] في (ب): (العور).

[5] في (ج): (أخذها)، ولعله تحريف.

[ج 1 ص 391]

(1/2936)

[باب أخذ العناق في الصدقة]

قوله: (أَخْذِ الْعَنَاقِ فِي الصَّدَقَةِ): (العَنَاق): تقدَّم أنَّه بفتح العين هي الجزعة من المعز التي قاربت الحمل، وفي «الصِّحاح»: الأنثى من أولاد المعز، وقال غيره: ما لم يتمَّ لها سنة، وقال شيخنا: تقدَّم تفسير العَناق في أوَّل (الزَّكاة)، ونقلنا هناك عن ابن بطَّال أنَّه نقل عن أهل اللُّغة أنَّها ولد المعز؛ إذا أتى عليه أربعة أشهر، وفُصِل عن أمِّه وقوي على الرَّعي؛ فهو جديٌ، والأنثى عناق، فإذا أتى عليه حول؛ فالذَّكَر تيس، والأنثى عنز، ثمَّ يكون التَّيس جذعًا في السَّنة الثَّانية، ثمَّ ثنيٌّ في الثَّالثة.

==========

[ج 1 ص 391]

(1/2937)

[حديث أبي بكر: والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله]

1456# 1457# قوله: (حدَّثنا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه محمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (ح): تقدَّم الكلام على كتابتها والتلفُّظ بها في أوَّل هذا التَّعليق؛ فانظره.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحمن بْنُ خَالِدٍ [1] عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد أخرجه البخاريُّ من طريق اللَّيث، لكنْ عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ، أخرجه في (استتابة المرتدِّين): عن يحيى ابن بكير، وفي (الاعتصام): عن قتيبة؛ كلاهما عن اللَّيث، عن عُقيل؛ ثلاثتهم _عبد الرَّحمن وشعيب وعُقيل_ عن الزُّهريِّ به.

قوله: (لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا): تقدَّم تفسيرها، وهذا قاله على جهة التَّقليل عند بعضهم، وعند آخرين على حقيقته، والله أعلم.

==========

[1] زيد في النسخ: (بن مسافر)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 391]

(1/2938)

[باب: لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة]

(1/2939)

[حديث: إنك تقدم على قوم أهل كتاب]

1458# قوله: (حدَّثنا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ): هو بكسر الموحَّدة وفتحِها، حكاهما ابن قرقول في (حرف الباء)، وأمَّا في الهمزة؛ فلم يذكر [1] فيه إلا الكسر، وقد اختُلِف في صرف (بِسطام)؛ فمنهم من صرفه، ومنهم من منعه؛ لأنَّه أعجميٌّ، قال ابن دريد: ليس في كلام العرب، وقد وُجِد في «كتاب الجواليقيِّ» مصروفًا، وهو بعيد، وقال الجوهريُّ: بِسطام [2] ليس من أسماء العرب، وإنَّما سمَّى قيس بن مسعود ابنه بسطامًا باسم ملك من ملوك فارس، كما سَمَّوا قابوس ودَخْتَنُوس، فعرَّبوه بكسر الباء، انتهى.

روى أميَّة هذا عن: ابن عمِّه يزيدَ بن زريع، ومعتمر [3]، وجماعة، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو يعلى، وخلق، ثقة، تُوفِّي سنة إحدى وثلاثين ومئتين، أخرج له معهما النَّسائيُّ.

قوله: (عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ): تقدَّم أنَّ اسمه نافذ؛ بالفاء والذَّال المعجمة، وأنَّه مولى ابن عبَّاس، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا [4] إلَى الْيَمَنِ): تقدَّم متى بَعَثَ معاذًا في أوَّل (الزَّكاة).

قوله: (وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ): الكرائم: جمع (كريمة)، وهي الجامعة للكمال، الممكن في حقِّها من غزارة لبن، أو جمال صورة، أو كثرة لحم، أو صوف، وهي النَّفائس التي تتعلَّق بها نفس مالكها، ويُقال [5]: هي التي يختصُّها صاحبها لنفسه ويؤثرها.

==========

[1] في (ج): (يحكى).

[2] (بسطام): ليس من (ج).

[3] في (ج): (ومعمر)، وهو تحريف.

[4] زيد في «اليونينيَّة»: التَّرضية.

[5] في (ج): (وقيل).

[ج 1 ص 391]

(1/2940)

[باب: ليس فيما دون خمس ذود صدقة]

قوله: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ): تقدَّم الكلام على (دون) وعلى الذَّود.

(1/2941)

[حديث: ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة]

1459# قوله: (خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ): تقدَّم الكلام على (الوسق) بلغتيه، وكم هو، وعلى (خمسة أوسق) كم هي، والله أعلم، [وكم هو برطل دمشق؛ أعني: الخمسة الأوسق] [1].

قوله: (خَمْسِ أَوَاقٍ): تقدَّم الكلام على الأوقية؛ بلغتيها، وأنَّها أربعون درهمًا، وخمس أواق: مئتا درهم، وتقدَّم زيادة أنَّ النَّشَّ نصفُ أوقية، وضبطه، وأنَّه عشرون درهمًا.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 391]

(1/2942)

[باب زكاة البقر]

قوله: (وقال أبُو حُمَيْدٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه السَّاعديُّ، واسمه عبد الرَّحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد الخزرجيُّ، مدنيٌّ، تُوفِّي في آخر خلافة معاوية، روى عنه جماعة، ووصف صلاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند»، وقد تقدَّم.

قوله: (لَها خُوَارٌ، ويقالُ: جُؤَارٌ): الخُوار؛ بضمِّ الخاء المعجمة: صوت البقر، وأمَّا (جُؤَار)؛ بضمِّ الجيم، ثمَّ همزة مفتوحة؛ أي: صوت، والمعنى واحدٌ

[ج 1 ص 391]

إلَّا أنَّ الخوار يستعمل في الشَّاء والظِّباء، والجؤار للبقر والناس، قال الله تعالى: {فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]؛ أي: تضجُّون، والله أعلم.

(1/2943)

[حديث: والذي نفسي بيده أو كما حلف ما من رجل تكون له .. ]

1460# قوله: (حدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تقدَّم مرارًا بكسر الغين المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وبعد الألف ثاء مثلَّثة.

قوله: (حدَّثنا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران.

قوله: (عَنِ الْمَعْرُورِ): تقدَّم أنَّه بالعين المهملة، وراءَين.

قوله: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ): تقدَّم أنُّه جُندُب بن جنادة، وأنَّ جندُبًا [1]؛ بضمِّ الدَّال وفتحها، وقيل: اسمه بُرير، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وسيأتي أيضًا رضي الله عنه.

قوله: (إِلاَّ أُتِيَ بِهَا): (أُتِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

[قوله: (وَتَنْطحُهُ): هو بكسر الطَّاء وفتحها؛ لغتان، تقدَّمتا.

قوله: (رُدَّتْ): هو مبنيٌّ أيضًا لما لم يسمَّ فاعله] [2]، وكذا (يُقْضَى): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.

قوله: (رَوَاهُ بُكَيْرٌ): هو بكير [3] ابن الأشجِّ، وكذا هو منسوب في نسخة على هامش أصلنا، وهو بكير بن عبد الله بن الأشج، نُسِب إلى جدِّه، تقدَّم، [وما رواه بكيرٌ عن أبي صالح عن أبي هريرة أخرجه مسلم في (الزَّكاة)] [4].

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم أنَّه السَّمَّان الزَّيَّات ذكوان، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] (وأن جندبًا): سقط من (ج).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] (هو بكير): سقط من (ج).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 392]

(1/2944)

[باب الزكاة على الأقارب]

(1/2945)

[حديث: بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح]

1461# قوله: (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، من بني النَّجَّار، بدريٌّ نقيب، قال فيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة»، وكان يسرد الصَّوم، روى عنه ابنه عبد الله، وابن امرأته أنس، تُوفِّي سنة (34 هـ)، أخرج له الجماعة، تقدَّم رضي الله عنه.

قوله: (بَيْرُحَاءَ): هذه اللَّفظة كثيرًا ما تختلف فيها ألفاظ المحدِّثين، قال شيخنا الشَّارح فيها: (بفتح الباء وكسرها، وتثليث الرَّاء، إلَّا أنَّ الكسر مع الجرِّ، وبالجيم والحاء، والمدِّ والقصر، وبَرِيحا وباريحا ... ) إلى آخر كلامه، وقال المنذريُّ: بضمِّ الرَّاء حال الرفع، وفتحها حال النصب، وكسرها حال الجرِّ مع الإضافة إلى (حاء) _و (حاء) ممدود_، والباء مرَّة مكسورة، ومرَّة مفتوحة في الأحوال كلِّها، قال المُحبُّ الطَّبريُّ بعد حكاية هذا: وقيل: إنَّها بفتح الرَّاء في كلِّ حال، وكسر الباء والمدِّ، وقيل: بفتحهما والقصر، وقيل: بفتح الباء وكسر الرَّاء والقصر، ورواه أبو داود: (بأرِيحاء)، وقال المنذريُّ: وقع (بأريحاء)، والمشهور فيه [1]: (بيرحاء)، ورواه بعضهم: (بريحاء)، وقال الزَّمخشريُّ في «الفائق»: إنَّها (فيعلاء) من البراح [2]؛ وهي الأرض الظاهرة والمُنكشِفة، قال بعضهم: وهذا الاختلاف يدلُّ على أنَّها ليست ببئر، وإنَّما هو اسم موضع بقرب المسجد، واختلف في سبب تسميتها بذلك؛ فقيل: هو من زجر الإبل عنها، فإنَّها إذا زُجِرت [3] أو سُبَّت؛ قيل لها: حاء حاء، وقيل: (بَيرحاء)؛ بفتح الباء من البراح، والباء زائدة، انتهى كلام المُحبِّ الطَّبريِّ، [وهي الآن تعرف بالنُّوريَّة، اشترتها امرأة من النُّوريِّين قضاة مكَّة [4]، ووقفتها على الفقراء والمساكين] [5].

قوله: (وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ): هو بكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر.

قوله: (وَذُخْرَهَا): هو بالذَّال المعجمة، وهذا ظاهر جدًّا بالشَّام وبلادها، إلَّا أنَّه فائدة بمصر وبلادها.

تنبيه شارد: وقع للعلَّامة الفقيه جمال الدين عبد الرَّحيم [6] الإسنويِّ شيخ شيوخنا في أوَّل «مهمَّاته»، كما ذكر القاضي مُجلِّي بن جُمَيع بن نجا المخزوميُّ الأرسوفيُّ الأصل، ثمَّ المصريُّ صاحب «الذخائر» ذكره في الدَّال المهملة؛ فاعلمه، وهذا غلط.

(1/2946)

قوله: (بخٍ): قال أهل اللُّغة: (بخ)؛ بإسكان الخاء وتنوينها مكسورة، وحكى القاضي عياض: الكسر بلا تنوين، وحكى الأحمر: التَّشديد فيه، قال القاضي: ورُوِيَ بالرَّفع، فإذا كرَّرت؛ فالاختيار تحريك الأوَّل منوَّنًا، وإسكان الثَّاني، انتهى لفظ النَّوويِّ، وقال شيخنا مجد الدين في «القاموس»: («بخ»؛ أي: عظم الأمرُ وفخم، تُقَال وحدها وتُكرَّر: «بخٍ بخْ»؛ الأوَّل منوَّن، والثَّاني مُسكَّن، وقُلْ في الإفراد: «بخْ»: ساكنة، و «بخٌ»: منوَّنة مضمومة، ويقال: «بَخْ بَخْ»: مُسَكَّنتَين، و «بخٍ بخٍ»: مُنوَّنَين، و «بخٍّ بخٍّ»: مشدَّدين؛ كلُّه عند الرِّضا والإعجاب بالشيء، أو الفخر والمدح) انتهى، وهذا بسط ما ذكره شيخنا مجد الدين من اللُّغات فيها: بَخْ وبَخِ وبَخٌ، فإذا كرَّرت؛ فقُلْ: بَخْ بَخْ، وبخٍ بخٍ، وبَخٍّ بَخٍّ، ولغة أخرى أَوْلى وهي: (بَخْ بَخْ)، فصار في كلٍّ من الإفراد والتَّركيب لغاتٌ، والله أعلم، وفي «المطالع»: (بخْ بخْ): يقال بالإسكان، وبالكسر مع التَّنوين، وبالضَّمِّ دون تنوين، و (بخٌ بخٌ)؛ بضمِّ الخاء مع التَّنوين والتَّخفيف، فذكر لغتين في صورة التَّركيب ليستا في كلام شيخنا في «القاموس»؛ وهي الضَّمُّ دون تنوين، وضمُّ الخاء مع التَّنوين والتَّخفيف، وذكر في آخره عن الخطَّابيِّ: الاختيار: إذا كرَّرت تنوين الأُولى؛ تُسكِّن الثانية، وهذه في كلام شيخنا مجد الدين.

قوله: (ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ): هما بالموحَّدة في أصلنا، وسيأتي الخلاف عن مالك في أنَّه بالباء أو بالياء في كلام البخاريِّ، قال ابن قرقول: (رابح)؛ بباء مفردة؛ أي: ذو ربح، أو رابحٌ رَبُّه، ورُوِي: (رايح)؛ بالياء المثنَّاة، من الرَّواح عليه بالأجر على الدَّوام ما بقيت أصوله، قال القاضي: وهي رواية يحيى وجماعة، والأُولى رواية أبي مصعب وغيره، قلت: بل الذي رُوِّيناه ليحيى: بالباء المفردة، والتِّنِّيسيِّ: بمفردة، وفي «مسلم»: بالمفردة، انتهى، قال شيخنا: قلت: يحيى الذي أشار إليه هو اللَّيثيُّ المغربيُّ، ويحيى في «البخاريِّ»: هو النَّيسابوريُّ، قال الدَّاني في «أطرافه»: رواية يحيى الأندلسيِّ بالباء الموحَّدة، وتابعه روح بن عبادة وغيره، وقال يحيى بن يحيى النَّيسابوريُّ، وإسماعيل، وابن وهب، وغيرهم: (رائح)؛ بالهمز من الرَّواح، وشك فيه القعنبيُّ كما [7] سلف، وقال الإسماعيليُّ: من قاله بالباء؛ فقد صحَّف، انتهى.

[ج 1 ص 392]

(1/2947)

قوله: (أَفْعَلُ): هو بفتح همزة المُتكلِّم، فعل مستقبل لم يتقدَّمه ناصب ولا جازم، وإيَّاك أن تحرِّفه بفعل أمر، وقد قال شيخنا عن ابن التِّين [8]: ضبطه في غير هذا الكتاب [9] بضمِّ اللَّام، قال: وهو فعل مستقبل مرفوع، ويحتمل _كما قال [10] النَّوويُّ_ أن يكون: افعل أنت ذاك، فقد أمضيتُه على ما قلتَ، فجعله أمرًا، انتهى، ولم أره في «شرح مسلم» للنَّوويِّ، ولعلَّه ذكره في غيره، والله أعلم، (ولكن رأيت بعض العلماء ذكره أيضًا على أنَّه فعل [11] أمر) [12].

قوله: (تَابَعَهُ رَوْحٌ): الضَّمير في (تابعه) راجع على عبد الله بن يوسف فيما ظهر لي، والله أعلم، و (روح) هذا: هو روح [13] بن عبادة بن العلاء بن حسَّان، فإنَّه روى عن مالك أيضًا، فيكون تابع عبدَ الله بن يوسف [14] على روايته ذلك عن مالك، ولم أرَ أحدًا تعرَّض لهذه المتابعة، ثمَّ رأيت شيخنا ذكرها، وقد ذكرتُها عنه عن الدَّاني قبل هذا بيسير، وقوَّة كلامه تعطي [15] أنَّه تابع يحيى بن يحيى، ولم يذكر من أخرج متابعة روح، ولم أر أحدًا من أصحاب الكتب السِّتَّة أخرجها، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ: مال [16] رَايِحٌ [17]): يعني: بالمثنَّاة تحت، و (يحيى) المشار إليه: يحيى بن يحيى بن بكير التميميُّ، أبو زكريَّا النَّيسابوريُّ، أحد الأعلام، عن مالك، وزهير بن معاوية، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وداود بن الحسين البيهقيُّ، قال أحمد: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثله، وقال ابن راهويه: ما رأيت مثله، ولا رأى مثل نفسه، مات سنة (226 هـ)، وقد قدَّمت ترجمته، وأنَّه ثبت فقيه، صاحب حديث، وليس بالمكثر جدًّا، وليس هذا يحيى بن يحيى اللَّيثيَّ الأندلسيَّ، عالم الأندلس، وصاحب مالك، هذا الأندلسيُّ [18] ليس له [19] شيء [20] في الكتب السِّتَّة [21] لا عن مالك، ولا عن غيره.

==========

[1] (فيه): سقط من (ب).

[2] في (ج): (البواح)، وهو تحريف.

[3] زيد في (ج): (عنها).

[4] في (ب): (حفاة مكة) بلا نقط.

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] (عبد الرَّحيم): ليس في (ج).

[7] في (ب): (لما).

[8] زيد في (ب): (أنه).

[9] في (ب): (الباب).

[10] في (ب): (قاله).

[11] في (ب): (يعمل)، وهو تحريف.

[12] ما بين قوسين سقط من (ج).

[13] (روح): سقط من (ج).

[14] في (ب): (يونس)، وهو تحريف.

[15] في (ب) و (ج): (يعطي).

(1/2948)

[16] (مال): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[17] في «اليونينيَّة»: (رائح).

[18] (الأندلسي): سقط من (ب).

[19] زيد في (ج): (في).

[20] (شيء): سقط من (ب).

[21] في (ب): (شيء).

(1/2949)

[حديث: أيها الناس تصدقوا]

1462# قوله: (حدَّثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم مرَّات أنَّه سعيد بن الحكم بن محمَّد بن سالم الجمحيُّ مولاهم، المصريُّّ، أبو محمَّد الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو محمَّد بن جعفر [2] بن أبي كثير المدنيُّ، عن زيد بن أسلم، وطبقته، وعنه: سعيد ابن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفة، ثقة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين، وقال ابن المدينيِّ: معروف، وقال النَّسائيُّ: صالح.

قوله: (أَخْبَرَنِي زَيْدٌ): كذا في أصلنا، وفي الطُّرَّة نسخة: (هو ابن أسلم)، وهو هو، وهو [3] مشهور التَّرجمة.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدريُّ، الصَّحابيُّ رضي الله عنه [4].

قوله: (فِي أَضْحًى): هو منوَّن في أصلنا، وعليه (صح).

قوله: (فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ): تقدَّم الكلام على نصب (أكثر) على ما هو منصوب؛ فانظره.

قوله: (وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه جحد إحسانه، و (العشير): الزَّوج، في (صلاة الكسوف [5]).

قوله: (لِلُبِّ): اللُّب: العقل.

(1/2950)

قوله: (جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ): (زينب) هذه: هي زينب بنت عبد الله الثقفيَّة، زوج عبد الله بن مسعود، لها صحبة ورواية، وقيل: بنت معاوية أو أبي معاوية، وقيل: معاوية جدُّها، لزينب بنت معاوية في الكتب السِّتَّة و «المسند»، وهي زينب بنت معاوية أو أبي معاوية الثقفيَّة زوج عبد الله بن مسعود، روت عن زوجها، وعمر، وعنها: ابنها أبو عبيدة، وابن أختها عمرو بن الحارث المصطلقيُّ، وبسر [6] بن سعيد، وغيرهم، قال شيخنا: زعم الطَّحاويُّ أنَّها رايطة؛ يعني: السَّائلة عن الصدقة، زوج [7] ابن مسعود، قال الطَّحاويُّ: ولا نعلم [8] عبد الله تزوَّج غيرها في زمنه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقال الكَلاباذيُّ: رايطة هي المعروفة [بزينب، وقال ابن طاهر وغيره: امرأة ابن مسعود زينب، ويقال: اسمها رايطة، وكذا رواه أبو يوسف القاضي في (كتاب الزَّكاة) مصرِّحًا به] [9]، وأمَّا ابن سعد، والعسكريُّ، والطَّبرانيُّ، والبيهقيُّ، وابن عبد البَرِّ، وأبو نعيم [10]، وابن [11] منده، وأبو حاتم بن حِبَّان [12]؛ فجعلوهما ثنتين، والله أعلم، انتهى، وقد ذكر الذهبيُّ: رايطة بنت عبد الله امرأة ابن مسعود (قال: وقيل: ريطة، وعلَّم عليها علامة «المسند»، وذكر زينب في حرف الزَّاي، فالله أعلم، وقال الخطيب: واسم امرأة ابن مسعود) [13] زينب، وقيل: ريطة، وقيل: رايطة [14]، قال النَّوويُّ: (قلت: الأكثرون على أنَّ اسمها زينب، وقال محمَّد بن سعد: كان لابن مسعود امرأتان ريطة وزينب، وجعل السائلة عن الصدقة ريطة، فإن صحَّ ما قاله؛ كانت المرأتان قد جرت لهما قصَّتان، فإنَّ حديث زينب في «الصَّحيح» بتسميتها) انتهى.

قوله: (أَيُّ الزَّيَانِبِ؟): إنَّما استفهم صلَّى الله عليه وسلَّم [15]؛ لأنَّ في الصَّحابيَّات من اسمها زينب جماعة، ذكروا منهنَّ [16] خمسًا وثلاثين امرأة، وثلاثة [17] اختُلِف في صحبتهنَّ، والصَّحيح في ثنتين منهنَّ أنَّهما تابعيَّتان، والأُولى في إسلامها نظر، والله أعلم.

قوله: (حُلِيٌّ لِي [18]): هو بضمِّ الحاء، وكسر اللَّام في أصلنا، وهو جمع: حَلْي؛ بفتح الحاء، وإسكان اللَّام، ويُقال في الجمع أيضًا: حِلِيٌّ [19]؛ بكسر الحاء واللَّام، وقد قدَّمت أنَّ النَّوويَّ ضبطه في «شرح مسلم» في قوله: «ولو من حَلْيكنَّ»؛ بفتح الحاء، وإسكان اللَّام على أنَّه مفرد، فينبغي أن يجيء مثله هنا، والله أعلم.

(1/2951)

قوله: (أَنَّهُ وَوَلَدَهُ): (ولده): منصوب؛ لأنَّه معطوف على الضَّمير وهو منصوب؛ لأنَّه الاسم، و (أَحَقُّ): مرفوع الخبر، والله أعلم.

(1/2952)

[باب: ليس على المسلم في فرسه صدقة]

(1/2953)

[حديث: ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة]

1463# قوله: (سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ): هو بالمثنَّاة تحت، ثمَّ السِّين [1] المهملة، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (عَنْ عِرَاكِ): هو بكسر العين، وتخفيف الرَّاء، وفي آخره كاف، مشهور التَّرجمة، وهذا الاسم ظاهر جدًّا.

==========

[1] في (ب) و (ج): (بالسين).

[ج 1 ص 393]

(1/2954)

[باب: ليس على المسلم في عبده صدقة]

(1/2955)

[حديث: ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه]

1464# قوله: (حدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، شيخ المحدِّثين الحفَّاظ [1]، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ خُثَيْمِ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، ثمَّ مثلَّثة مفتوحة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ميم، وهذا ظاهر إلَّا [ما] أتى من تصحيف بـ (خَيثم)، ولا أعرف أحدًا [2] اسمه خَيْثم.

==========

[1] في (ج): (الحافظ).

[2] في (ب): (من).

[ج 1 ص 393]

(1/2956)

[باب الصدقة على اليتامى]

(1/2957)

[حديث: إني مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم]

1465# قوله: (حدَّثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ (فَضالة)؛ بفتح الفاء.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، أبو بكر الحافظ، وقد قدَّمت الكلام على نسبته فيما مضى وبعض ترجمته.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم أنَّه ابن أبي كَثِير، وأنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.

قوله: (حدَّثنا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ): هو [2] بالمثنَّاة تحت، والسِّين المهملة، وأنَّ هذا كاد أن يكون بديهيًّا عند أهله.

[ج 1 ص 393]

قوله: (سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدريَّ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدريُّ؛ بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ): (يُفتح): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.

قوله: (مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا): هي غضارتها ونعيمها؛ كزهرة النَّبات، وهو حُسنه ونُوَّاره.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.

قوله: (أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟!): هو بفتح الواو من (أوَ) استفهاميَّة.

قوله: (الرُّحَضَاءَ): هو بضمِّ الرَّاء، وفتح الحاء المهملة، وبالضَّاد المعجمة، ممدود الآخر: عرق الحمَّى [3]، وقال ابن سيِّد الناس في «سيرته» نقلًا عن خطِّ جدِّه: (قال [4] الصَّدفيُّ: العُرَواء: الحمَّى النافض، والبُرَحاء: الحمَّى الصالب [5]، والرُّحَضاء: التي تأخذ بالعروق، والمُطَواء: التي تأخذ بالتَّمطِّي، والثُّوَباء: التي تأخذ بالتثاؤب) انتهى.

قوله: (يُنْبِتُ الرَّبِيعُ): الفصل المعروف، وهذا إسناد مجازيٌّ، أو الربيع: الجدول الذي يُسقَى به.

قوله: (أو يُلِمُّ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر ثانيه، وتشديد ثالثه، مرفوع؛ أي: يقرب ويدنو من [6] الهلاك.

قوله: (إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ): (إِلَّا): بكسر الهمزة، وتشديد اللَّام التي للاستثناء، قال القاضي عياض: وضبطه بعضهم: (أَلَا)؛ بالتخفيف، وفتح الهمزة على الاستفتاح [7].

قوله: (الخَضِرِ): هو بكسر الضَّاد المعجمة: نوع من البقول ليس من أحرارها وجيِّدها، وأحرار البقول: ما يُؤكَل غير مطبوخ، قال في «المطالع»: وأمَّا [من] روى (الخُضْرة) وهي رواية الطَّبريِّ؛ أي: النبات الأخضر الناعم ... إلى آخر كلامه، وفي أصلنا: (الخضراء)، وفي الهامش نسخة: (الخَضِر).

(1/2958)

قوله: (فَثَلَطَتْ [8]): هو بثاء مثلَّثة مفتوحة، ثمَّ لام مثلها، ثمَّ طاء مهملة مفتوحتين؛ أي: سلحت، والثَلْط: الرجيع الخفيف، يقال: ثلَط؛ بفتح اللَّام في الماضي، يثلِط؛ بكسرها في المستقبل، وفي أصلنا بالقلم مكسور اللَّام في الماضي، وقد رأيت شيخنا الشَّارح ذكر في أوَّل (الرقائق) ما لفظه: (وثلَطت؛ بفتح اللَّام، ورُوِّيناه: بكسرها) [9] انتهى، وذكر قبله كلامًا عن الشيخ أبي الحسن، فيحتمل أنَّه من كلام أبي الحسن، ويحتمل أنَّه من كلام شيخنا، والله أعلم.

قوله: (خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ): هو بكسر الضَّاد، قال ابن قرقول: (خضرة حلوة)، وقع للأصيليِّ في (كتاب الوصايا) و (كتاب الخمس) هكذا، وفي غير هذين الموضعين: (خَضِرٌ حلو)؛ يعني: بحذف تاء التأنيث فيهما، قال: والخضر من النبات: الأخضر [10] الغضُّ، وقال الأزهريُّ: الخضر هنا: ضرب من الجَنْبَة؛ وهو ما له أصل غامض [11] في الأرض، فالماشية تشتهيه وتكثر منه؛ لأنَّه يبقى فيه خُضرة ورطوبة بعد هيج النبات، واحدتها: خضِرة، وكذلك قوله في المال: (خضر)؛ أي: ناعم يُشتهى، شُبِّه بالمراعي الشَّهيَّة للأنعام، ومن روى: (إنَّ هذا المال خضرة): أنَّث على معنى تأنيث المشبَّه به؛ أي: هذا المال شيء كالخضرة، أو أنَّ الدُّنيا خضِرة حلوة، كما جاء في الحديث الآخر ... إلى آخر كلامه.

فائدة: ضرب صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديث مَثلين؛ أحدهما: للمفرط في جمع الدُّنيا والمنع من حقِّها، والآخر: للمقتصد في أخذها والنفع بها، فقوله: (إنَّ كلَّ ما ينبت الربيع يقتل أو يُلِمُّ): فإنَّه مَثل للمفرط الذي يأخذ الدُّنيا بغير حقِّها، وذلك أنَّ الربيع يُنبِت أحرار البقول، فتستكثر [12] الماشية منه؛ لاستطابتها إيَّاه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حدَّ الاحتمال، فتنشقُّ أمعاؤها من ذلك، فتهلك أو تقارب الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدُّنيا من غير حلِّها، ويمنعها مستحقَّها قد تعرَّض للهلاك في الآخرة بدخول النَّار، وفي الدُّنيا بأذى النَّاس له وحسدهم إيَّاه، وغير ذلك من أنواع الأذى.

(1/2959)

وأمَّا قوله: (إلا آكلة الخضر)؛ فإنَّه مَثل للمقتصد، وذلك أنَّ (الخضر) ليس من أحرار البقول وجيِّدها الذي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره، فيحسن وينعم، ولكنَّه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها حيث لا تجد سواها، وتسمِّيها العرب: الجَنْبة، فلا ترى الماشية تكثر منها ولا تستمرئها، فضرب آكلة الخضر من المواشي مَثلًا لمن يقتصد في أخذ الدُّنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقِّها، فهو ينجو [13] من وبالها كما نجت آكلة الخضر، ألا تراه قال: (أكلَتْ حتَّى إذا امتدَّت خاصرتاها؛ استقبلت عين الشمس، فثلطتْ وبالتْ)؛ أراد: أنَّها إذا شبعت [14] (منها؛ بركت مستقبلةً عين الشمس تستمرئ بذلك ما أكلت وتجترُّ وتثلط، فقد زال عنها الحبط، وإنَّما تحبط الماشية؛ لأنَّها تمتلئ) [15] بطونها، ولا تثلِط ولا تبول، فتنتفخ أجوافها، فيعرض لها المرض فتهلك، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّهُ [16] مَنْ يَأْخُذُهُ): (مَن): موصولة، والله أعلم.

(1/2960)

[باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر]

قوله: (فِي الْحَجْرِ): تقدَّم أنَّ (الحَجر)؛ بفتح الحاء وتكسر.

قوله: (قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ): تقدَّم أعلاه [1] أنَّه أبو سعيد [2]، سعد بن مالك بن سنان الخُدريُّ [3]، صحابيٌّ مشهور رضي الله عنه.

==========

[1] (أعلاه): سقط من (ب).

[2] (أبو سعيد): سقط من (ب).

[3] زيد في (ب): (بالدال المهملة).

[ج 1 ص 394]

(1/2961)

[حديث: تصدقن ولو من حليكن]

1466# قوله: (حدَّثنا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (حَدَّثَنِي شَقِيقٌ): تقدَّم أنَّه ابن سلَمة، أبو وائل، مشهور، وقد قدَّمته مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم بعض ترجمتها بظاهرها [1]، وهي امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعنها.

[ج 1 ص 394]

قوله: (فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ): قائل (فذكرته لإبراهيم) هو الأعمش سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ المذكور في السند، و (إبراهيم): هو النَّخعيُّ فيما يغلب على ظنِّي، (وكذا قال حافظ عصري: إنَّه النخعيُّ) [2].

(فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ): هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليُّ، حديثه عن أبيه في «السُّنن الأربعة»، ولم يسمع منه على الصَّحيح، وله عن أبي موسى، وعائشة، وعدَّة، وعنه: عمرو بن مرَّة، وأبو إسحاق، وخُصيف، وعدَّة، مات ليلة دُجيل سنة (83 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ): هو عمرو بن الحارث بن أبي ضرار المصطلقيُّ [3] الخزاعيُّ، أخو أمِّ المؤمنين جويرية، له ولأبيه صحبة، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وابن مسعود، (وزوجته زينب، وعن أبيه الحارث، وعنه: مولاه دينار، وأبو وائل وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود) [4]، وأبو إسحاق، وغيرهم، عداده في أهل الكوفة، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

فائدة: أُعِلَّ هذا الحديث _وهو [5] في «البخاريِّ» و «مسلم» _ بالانقطاع بين [6] عمرو وزينب، بأنَّ بينهما ابنَ أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود، وهو في «التِّرمذيِّ»: عن عمرو، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله، عن زينب، وأخرجه أيضًا: عن عبد الله بن عمرو بن الحارث بن أخي زينب (امرأة عبد الله عن زينب) [7]، قال: وهذ أصحُّ من حديث أبي معاوية؛ يعني: الذي فيه: عن ابن أخي زينب، والله أعلم، وأُعِلَّ أيضًا بأمر آخرَ، والله أعلم.

قوله: (أَيَجْزِي عَنِّي): هو من الثلاثيِّ، وعليه اقتصر النَّوويُّ، ويجوز من الرُّباعيِّ المهموز، والله أعلم.

(1/2962)

قوله: (امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي): هذه المرأة: قال شيخنا الشَّارح: هي امرأة أبي مسعود، وعزا ذلك إلى النَّسائيِّ، قال: وطرَّفه الدَّارقطنيُّ، واسمها زينب، انتهى، ثمَّ إنِّي رأيت في «النَّسائيّ الصغير»: (فإذا على بابه امرأة من الأنصار، يقال لها: زينب، ثمَّ قال: «من هما؟» قال: زينب امرأة عبد الله وزينب الأنصاريَّة)، هذا الذي رأيته، والظَّاهر أنَّها هي، والله أعلم، ثمَّ إنِّي رأيت في كلام الخطيب البغداديِّ تسميتها بذلك، فقال: والمرأة التي كانت معها زينب امرأة أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاريِّ، ونقله عنه النَّوويُّ في «مبهماته» في (حرف العين)؛ يعني: المهملة.

قوله: (أَيَجْزِي عَنِّي [8]): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [9].

(1/2963)

[حديث: أنفقي عليهم فلك أجر ما أنفقت عليهم]

1467# قوله: (حدَّثنا عَبْدَةُ): تقدَّم أنَّه بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان، أبو محمَّد الكلابيُّ المقرئ، اسمه عبد الرَّحمن، عن عاصم الأحول، والأعمش، والطبقة، وعنه: أحمد، وهنَّاد، والطبقة، قال أحمد: ثقة وزيادة مع صلاحه وشدَّة فقره، مات سنة (188 هـ) [1]، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به، والله أعلم.

قوله: (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (هشام)؛ فهو ابن عروة بن الزُّبير، وأبوه: عروة، أحد الفقهاء السبعة رحمة الله عليهما [2].

قوله: (عن زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمةَ): كذا في أصلنا، وعلى (عن أمِّ سلمة) علامة نسخة، فيبقى الحديث من مسند زينب بنت أمِّ سلمة، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»؛ فوجدته ذكر الحديث في مسند أمِّها أمِّ سلمة، وعنها زينب بنتها، وراجعت مسند) [3] زينب بنتها؛ فما رأيته ذكره فيه، ولا رأيت ذلك في كلام الجيَّانيِّ، ولا كلام ابن قرقول، والذي ظهر أنَّ حذفها وهم، وأنَّ الصَّواب: إثبات (أمِّ سلمة)، والله أعلم، وأيضًا ممَّا يبيِّن الوهم بقيُّة الحديث، وأيضًا زينب وُلِدت بأرض الحبشة، وقَدِمَت بها أمُّها إلى المدينة، فلا يحتمل سنُّها أن تقول هذا الكلام مع أنَّه يكون مجازًا.

[قوله: (علَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ): أولاده هم: زينب، هذه أوَّلُ أولاده، وولدت له بعد ذلك: سلمة، وعمر، ودرَّة، والله أعلم] [4].

قوله: (فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ): كذا في أصلنا (أجرُ) مرفوع غير منوَّن، وفي خطِّ شيخنا الإمام الأستاذ النَّحْويِّ أبي جعفر الغرناطيِّ: منوَّن، وقد كتب تجاهه ما لفظه: (ما) على مَنْ نوَّن (أجرًا) ظرفيَّةٌ؛ أي: مدَّة الإنفاق، وعلى الإضافة موصولةٌ، انتهى، فصريح هذا أنَّ في (أجر) روايتين، وأمَّا أنا؛ فلا أعلم وأحفظ فيها إلَّا ما ضبطه عن أصلنا، والذي قاله حسن إنْ ساعدته رواية، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (88)، وليس بصحيح.

[2] في (ب): (رحمهما الله).

[3] ما بين قوسين سقط من (ج).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 395]

(1/2964)

[باب قول الله تعالى: {وفي الرقاب} {وفى سبيل الله}]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريِّ، العالم المشهور.

قوله: (فِي أَيِّهَا [1] أُعْطِيْتَ [2]): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (أَجْزَأْتْ): بهمزة قبل التَّاء، وفي نسخة (أجْزَت): بإسكان الجيم، ثمَّ زاي مفتوحة، ثمَّ تاء.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي لاَسٍ [3]): هو بغير همز _وبخطِّ الشيخ أبي جعفر شيخنا الغرناطيِّ المذكور أعلاه [4] على حاشية نسخته من «البخاريِّ»: (بهمز وتُسهَّل)، انتهى_ وبالسين المهملة، الخزاعيُّ، ويقال: ابن لاس، قيل: هو عبد الله بن عَنَمَة، و (عَنَمَة)؛ بالعين المهملة، ثمَّ نون، ثمَّ ميم مفتوحات، ثمَّ تاء التأنيث، (والعَنَمَة [5] مفرد، وجمعه: عَنَم؛ بفتح العين والنون: شجر ليِّن الأغصان يُشبَّه [به] بنانُ الجواري، وقال أبو عبيدة: هو أطراف الخَرُّوب الشاميِّ) [6]، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن عمَّار، وعنه: عمر بن الحكم بن ثوبان، قال ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»: (انفرد بالرِّواية عنه عمر بن الحكم) انتهى، قال يعقوب بن شيبة: له حديثان، انتهى.

(1/2965)

علَّق له البخاريُّ، وليس له شيءٌ في شيءٍ من الكتب السِّتَّة سوى هذا في هذا الكتاب، وله في «مسند أحمد» وفي «مسند بقيٍّ»، وقد رأيت هذا الحديث المعلَّق هنا بصيغة تمريض في «مسند أحمد»، قال أحمد: حدَّثنا محمَّد بن عبيد: حدَّثنا محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعيِّ، قال: حملَنا رسولُ الله صلَّى الله علية وسلَّم على إبل من إبل الصَّدقة للحجِّ [7]، فقلنا: يا رسول الله؛ ما نُرى أن تَحمِلَنا هذه، فقال: «ما من بعير إلَّا في [8] ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عزَّ وجلَّ إذا ركبتموها [9] كما أمركم الله، (ثمَّ امتهنوها لأنفسكم، فإنَّما يحمل الله) [10] عزَّ وجلَّ»، ثمَّ ذكره أحمد بإسناد آخر نحوه، فيهما: ابن إسحاق، وقد عنعن في الأوَّل، وصرَّح بالتحديث في الثَّاني، ولأجله مرَّضه البخاريُّ، والله أعلم، ثمَّ إنِّي رأيته في «المستدرك» من طريق ابن إسحاق به، وهو على شرط مسلم، وأقرَّه الذهبيُّ في «تلخيصه»، وقد عزاه شيخنا إلى الطَّبرانيِّ، وفي السَّند: ابن إسحاق، ثمَّ قال: وعزاه ابن المنذر إلى رواية ابن إسحاق، كما سُقناه، وتوقَّف في ثبوته، كما سيأتي، انتهى، قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (أبو لاس الخزاعيُّ، ويُقال: الحارثيُّ، عبد الله، وقيل: زياد، مدنيٌّ له صحبة) انتهى، وحديثه هذا قد عزوته أعلاه؛ فانظره، وقال شيخنا الشَّارح: أبو لاس هذا: خزاعيٌّ، ويقال: حارثيٌّ، عبد الله بن عَنَمَة، وقيل: محمَّد بن الأسود، قاله أبو القاسم، وقيل: زياد، مدنيٌّ، له صحبة، وحُدِّثت له حديثان، وليس لهم أبو لاس غيره، فهو فرد، وهو بالمهملة، انتهى، وقد سمَّاه الطَّبرانيُّ في «معجمه الكبير»: محمَّد بن الأسود، وفي «الاستيعاب»: أبو لاس هذا خزاعيٌّ، ويقال: حارثيٌّ، قيل: اسمه عبد الله بن عَنَمَة، وقيل: بل اسمه زياد، يُعَدُّ في أهل المدينة، انتهى، فاجتمع في اسمه أقوال: عبد الله، أو زياد، أو محمَّد بن الأسود.

==========

[1] في (ب) و (ج): (أنها)، وهو تصحيف، وفي (أ): بلا نقط.

[2] كذا في النسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَعطَيْتَ).

[3] في هامش (ق): (أي: أعن، ويقال: اسمه عبد الله بن عنمة، و (لاس)؛ بالسين المهملة.×قوله في الحاشية: عنمة: وسكن النون بالقلم، إنَّما أعرفه في العين والنون والميم، ولا أعرف سكون النون، والله أعلم).

[4] في (ب): (قريبًا).

(1/2966)

[5] في (ب): (والعنم)، وليس بصحيح.

[6] ما بين قوسين سقط من (ج).

[7] في (النسخ): (بلح)، والمثبت من «مسند أحمد».

[8] في (ب): (وفي).

[9] في (ج): (ركبتوها).

[10] ما بين قوسين سقط من (ب).

[ج 1 ص 395]

(1/2967)

[حديث: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله ورسوله]

1468# قوله: (حدَّثنا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، وتقدَّم (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه بالنُّون، وأنَّه [1] عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ [2].

قوله: (فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: الظاهر أنَّ القائل هو الذي كان مُصدِّقًا في هذه الواقعة، وهو عمر بن الخطَّاب، انتهى [وفي «التِّرمذيِّ» في (فضائل العبَّاس بن عبد المطَّلب) في طرف الحديث: قال عليه الصَّلاة والسَّلام لعمر: «إنَّ عمَّ الرجل صنو أبيه» وكان عمر كلَّمه_أي كلَّم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم_في صدقته؛ أي: في صدقة العبَّاس، قال التِّرمذيّ: حديث حسن، فالظاهر [3] أنَّ عمر كلَّمه في الكلِّ، والله أعلم] [4].

و (ابن جَمِيل): هو بفتح الجيم، وكسر الميم، قال شيخنا الشَّارح: قال ابن منده وغيره: لا يُعرف اسمه، وقال [5] ابن بزيزة: اسمه حميد، ووقع في «تعليق القاضي الحسين» و «بحر الرُّويانيِّ» في متن الحديث: عبد الله بن جَمِيل، ووقع في «غريب أبي عبيد»: منع أبو جهْم، ولم يذكر أباه، قال المهلَّب: وكان منافقًا، فمنع الزَّكاة تربُّصًا، فاستتابه الله في كتابه، فقال: {وَمَا نَقَمُوا ... } [التوبة: 74]؛ الآية، فقال: استتابني ربِّي [6]، فتاب وصَلُحت حاله، انتهى، ولم يذكرِ الذَّهبيُّ في «تجريده» لابن جَمِيل اسمًا، وإنَّما ذكره في الأبناء.

قوله: (مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ): هو بكسر القاف في المستقبل، وفتحها في الماضي، وقال الكسائيُّ [7]: (نقِم).

قوله: (قَدْ [8] احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْبُدَهُ): تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (فَهْيَ عَلَيْهِ [صَدَقَةٌ] وَمِثْلُهَا مَعَهَا): للناس كلام في فهم هذا الكلام، ومسألة تعجيل الزَّكاة لعام أو عامين معروفة، فلا نطوِّل بها، وفي «مسند أبي يعلى الموصليِّ» _بإسناد فيه: يوسف بن خالد، كذَّبه ابن معين، وفيه: الحسن بن عمارة وهو متروك_ عن طلحة: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يعجِّل صدقة العبَّاس بن عبد المطَّلب سنتين).

(1/2968)

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ [9]): الضَّمير في (تابعه) يعود على شعيب، و (ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ): اسمه عبد الرَّحمن أبو محمَّد، يروي عن أبيه عبد الله بن ذكوان، وعن شرحبيل بن سعد، وصالح مولى التوءمة، وعنه: لوين، وهنَّاد، وعليُّ بن حُجْر، قال ابن معين: أثبت الناس في هشام بن عروة، وقال أبو حاتم وغيره: لا يُحتَجُّ به، تُوفِّي سنة (174 هـ) [10]، وكان يفتي ببغداد [11]، له ترجمة في «الميزان»، علَّق له البخاريُّ، وأخرج له الأربعة، ومتابعته هذه لم تكن في شيء من الكتب السِّتَّة إلا ما هنا، وقال شيخنا: خرَّجها [12] الدَّارقطنيُّ.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ): هو محمَّد بن إسحاق بن يسار، الإمام في المغازي، أبو بكر، ويُقال: أبو عبد الله المطَّلبيُّ مولاهم، المدنيُّ الإمام، رأى أنسًا، وروى عن عطاء، والزُّهريِّ، وطبقته، وعنه: شعبة، والحمَّادان، والسُّفيانان، ويونس بن بكير، وأحمد بن خالد، وخلق، وكان من بحور العلم، صدوق، وله غرائبُ في سعة ما روى تُستنكَر، واختُلِف في الاحتجاج به، وحديثه حسن وفوق الحسن، وقد صحَّحه جماعة، وقد تكَّلم الحافظ أبو الفتح بن سيِّد الناس في أوَّل «سيرته الكبرى» في الأجوبة عمَّا رُمِيَ به مع ما رُمِيَ به، وقد علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلم مقرونًا، وروى له الأربعة، تُوفِّي سنة (151 هـ)، وقيل: سنة (152 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، ومتابعته هذه لم تكن في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: خرَّجها الدَّارقطنيُّ.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حُدِّثْتُ عَنِ الأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ): (ابن جريج): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام، وقوله: (حُدِّثت عن الأعرج): هذا يقال له: منقطع عند الحاكم، والصحيح: أنَّه مُتَّصل في سنده مجهول، والذي حدَّث ابن جريج لا أعرفه، وذكر قولَ ابن جريج شيخُنا، ولم يعزُه لأحد.

(1/2969)

[باب الاستعفاف عن المسألة]

(1/2970)

[حديث: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم]

1469# قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ): هؤلاء لا أعرفهم بأعيانهم [1].

قوله: (حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ): (نفد): بكسر الفاء، وبالدَّال المهملة: فرغ.

قوله: (يُعِفّهُ اللهُ): يجوز فيه الضَّمُّ، وهو الذي نصَّ عليه سيبويه، ويجوز الفتح.

قوله: (وما أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطاءً): (أُعطِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أحدٌ): نائب مناب الفاعل مرفوع [2]، و (عطاء): مفعول ثانٍ.

==========

[1] (بأعيانهم): سقط من (ج).

[2] (مرفوع): سقط من (ب).

[ج 1 ص 396]

(1/2971)

[حديث: والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب]

1470# قوله: (عن [1] أبي الزِّنادِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان.

قوله: (عنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وأن (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَيَحْتَطِبَ): هو منصوب، ونصبُه معروفٌ، وكذا قوله: (فَيَسَأَلَه).

==========

[1] في (ب): (وعن).

[ج 1 ص 396]

(1/2972)

[حديث: لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب]

1471# قوله: (حدَّثنا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، وقد تقدَّم الكلام عليه وعلى نسبه؛ فانظره.

قوله: (حدَّثنا وُهَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ): هو هشام بن عروة بن الزُّبير بن العوَّام، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (فَيَأْتِيَ): هو منصوب، ونصبه معروف، وكذا (فَيَبِيعَهَا [1]) و (فَيَكُفَّ).

(1/2973)

[حديث: يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة]

1472# قوله: (حدَّثنا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن المبارك، الإمام.

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (الزُّهْرِي): تقدَّم أنَّه [1] محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العلم [2] الفرد.

قوله: (وَسَعِيدِ بنِ المُسيّبِ): تقدَّم أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره من المسيَّبين لا يقال إلا بالفتح مرارًا.

قوله: (أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ حكيمًا بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ حزامًا بكسر الحاء وبالزَّاي، وتقدَّمت ترجمته.

قوله: (خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ [3]): تقدَّم الكلام عليها غير بعيد [4].

[ج 1 ص 396]

قوله: (بِإِشْرَافِ): هو مصدر (أشرف)؛ بالشين المعجمة، بلا خلاف، وإيَّاك أن تُصحِّفها؛ ومعناه: تطلُّبٌ لذلك، وارتفاعٌ، وتعرُّضٌ إليه.

قوله: (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى): تقدَّم الكلام عليه، وذكرت هناك أربعة أقوال.

قوله: (لاَ أَرْزَأُ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي، ثمَّ همزة مقصورة؛ أي: لا يُصيب.

قوله: (أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ): (أَنِّي): بكسر الهمزة وفتحها، وبهما ضُبِط في أصلنا، والفتح أظهر، والله أعلم.

قوله: (أَعْرِضُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء، وهذا ظاهر.

قوله: (فَلَمْ يَرْزَأْ): هو بفتح أوَّله، وإسكان الرَّاء، ثمَّ زاي، ثمَّ همزة ساكنة، وقد تقدَّم أنَّه يجوز في (يرزأ) هذه المجزومة وفي [5] نظرائها ثلاثةُ أوجه: يرزأ، يرزَ [6]، ويرزَا، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى تُوُفِّيَ): تقدَّم أنَّه تُوفِّي حكيم بن حزام سنة (54 هـ)، وولد قبل الفيل بثلاثَ عشرةَ سنة، فعاش مئة وعشرين سنة؛ ستِّين سنة في الجاهليَّة، وستِّين سنة في الإسلام، وقد تقدَّم أنَّه شاركه في ذلك جماعة ذكرتهم فيما مضى؛ أعني: من عاش مئة وعشرين سنة؛ ستِّين في الإسلام، وستِّين في الجاهليَّة، وكذلك ذكرت من عاش من الصَّحابة مئة وعشرين سنة من غير تقييد، والله أعلم.

(1/2974)

[باب من أعطاه الله شيئًا من غير مسألة ولا إشراف نفس]

قوله: (وَلاَ إِشْرَافِ نَفْسٍ): تقدَّم أعلاه [1] أنَّه بالشين المعجمة، وتقدَّم معناه.

(1/2975)

[حديث: خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت]

1473# قوله: (حدَّثنا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، الإمام الجواد، وتقدَّم (شعيب [1]): أنَّه ابن أبي حمزة، وتقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه محمَّد بن مسلم، العلم الفرد.

قوله: (وأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ): هو بالشِّين المعجمة؛ أي: [مِنْ] غير تطلُّعٍ ولا تعرُّضٍ.

قوله: (فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ [2]): (تتبعه): رباعيٌّ مضموم الأوَّل، مجزوم على النهي، و (نفسَك): منصوب مفعول ثانٍ، والفاعل: أنت.

(1/2976)

[باب من سأل الناس تكثرًا]

قوله: (تَكَثُّرًا [1]): هو بفتح أوَّله وثانيه، وضمِّ ثالثه؛ وهو المثلَّثة المشدَّدة؛ أي: لتجمع منه الكثير ولغير حاجة وفاقة.

(1/2977)

[حديث: ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة]

1474# 1475# قوله: (مُزْعَةُ لَحْمٍ): هو بضمِّ الميم، وإسكان الزَّاي، وبالعين المهملة المفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث؛ وهي القطعة، قال في «المطالع»: عند بعضهم على الظَّاهر، وقال آخرون: هي عبارة عن سقوط جاهه ومنزلته، وقال شيخنا الشَّارح: (يُقال بكسرها _أي: بكسر الميم_ قاله ابن فارس، واقتصر عليه القزاز في «جامعه» ... ) إلى أن قال: (وضبطه أبو الحسن: بفتح الميم والزاي، وقال: الذي أحفظ عن المحدِّثين ضمُّها) انتهى.

قوله: (وَزَادَ عَبْدُ اللهِ): كذا في أصلنا، وفي طُرَّته [1] نسخة: (ابن صالح: حدَّثني اللَّيث)، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (عبد الله) غير منسوب، وقد وقع في «أطراف المِزِّيِّ»، وزاد: (عبد الله بن صالح عن اللَّيث) انتهى، قال شيخنا في «شرحه»: («وزاد عبد الله»؛ يعني: ابن صالح كاتب اللَّيث بن سعد [2]، قاله أبو نعيم، وخلف في «أطرافه»، ووقع أيضًا في بعض الأصول منسوبًا) انتهى، وقد قدَّمت فيما مضى أنَّ عبد الله بن صالح المصريَّ كاتب اللَّيث بن سعد أنَّ البخاريَّ روى عنه في «التاريخ»، وأنَّ الأصحَّ أنَّه روى عنه في هذا «الصَّحيح»، وقد قدَّمت ترجمته.

وقدَّمت أنَّ قول البخاريِّ: (زاد فلان) مثل: (قال فلان)، فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة مُطوَّلًا، وذكرت أنَّ الرَّاوي إذا قال: (قال فلان) وفلان شيخه أنَّه محمول على السَّماع، وذكرت الشَّرط في ذلك، والله أعلم، وذكر بعضهم: أنَّه [3] عبد الله بن صالح كاتب اللَّيث، قال: وقيل: ابن وهب المصريُّ [4]، كذا رواه ابن شاهين ... ؛ فذكره، انتهى.

ورواية عبد الله أسندها البزَّار عن أبي بكر بن إسحاق: حدَّثنا عبد الله بن صالح: حدَّثنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن صفوان بن سليم، عن حمزة، ورأيته في مكان آخر: عن عبيد [5] الله بن أبي جعفر: حدثني حمزة عن أبيه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... ؛ فذكره مُطوَّلًا، انتهى [6].

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ): هو عبيد الله بن أبي جعفر المذكور في السَّند قبله، الفقيه المصريُّ، أحد الأعلام، عن الشعبيِّ وأقرانه، وعنه: ابن إسحاق، واللَّيث، والنَّاس، مات سنة (136 هـ)، قال أحمد: مُنكَر الأحاديث، كان فقيهًا، وأمَّا الحديث؛ فليس بذاك نقله بعض أشياخي، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد بها.

(1/2978)

قوله: (لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ): (يُقضَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهر.

قوله: (بِحَلْقَةِ الْبَابِ: تقدَّم أنَّها بالسكون، وأنَّه يجوز الفتح، وأنَّ جمع السَّاكن (حِلَق)، وجمع المتحرِّكة [7] (حَلَق)، والله أعلم.

قوله: (يَبْعَثُهُ اللهُ مَقَامًا مَحْمُودًا): تقدَّم الكلام في أنَّه مُنكَر، وتقدَّم مَنْ رواه معرَّفًا، وتقدَّم الخلاف في المقام المحمود وذكرت فيه أقوالًا، وأنَّ الصحيح أنَّه الشفاعة العظمى، (وليس في «البخاريِّ» الشفاعة العظمى مذكورة إلَّا في هذا المكان) [8]، وذكرت الشفاعات التي للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ووصلتها عشرًا [9]، وذكرت الخاصَّ به [10] منها كل ذلك، وقد تقدَّم.

قوله: (وَقَالَ مُعَلًّى: حدَّثنا وُهَيْبٌ): أما (معلًّى)؛ فهو ابن أسد العمِّيُّ، أبو الهيثم الحافظ، أخو بهز بن أسد، عن أبي المنذر سلَّام القارئ، وسلام ابن أبي مطيع، ووُهيب، وعنه: البخاريُّ، وأبو حاتم، والكجِّيُّ، ثبت ذو صلاح، مات في سنة (218 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، فقوله: (وقال معلًّى) وهو شيخه محمول على السماع غير أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، كما تقدَّم في نظرائه، وأمَّا (وُهيب)؛ فهو ابن خالد، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَخِي الزُّهْرِيِّ): (أخي): بدل من (عبد الله)؛ لأنَّ عبد الله هو أخو الإمام الزُّهريِّ، وقد تقدَّم مرارًا أنَّ (الزُّهريَّ): محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، و (عبد الله) هذا: هو [11] أخو الزُّهريِّ، يروي عن ابن عمر وأنس، وعنه: بكير بن الأشجِّ، ومعمر، وأخوه الزُّهريُّ، قال النَّسائيُّ: ثقة ثبت، وهو أكبر من الزُّهريِّ، وثَّقه ابن معين أيضًا، مات قبل أخيه، علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

(1/2979)

وقول معلًّى في المسألة أخرجه مسلم في (الزَّكاة): عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عبد الأعلى، وعن عمرو الناقد، عن إسماعيل ابن عُليَّة؛ كلاهما عن معمر، عن عبد الله بن مسلم [12] أخي الزُّهريِّ به، وقد عزا شيخنا قول معلًّى للبيهقيِّ: عن أبي الحسين القطَّان: حدَّثنا ابن درستويه: حدَّثنا يعقوب بن سفيان: حدَّثنا معلًّى به: «ما تزال المسألة بالرَّجل حتَّى يلقى الله وما في وجهه مُزْعَة لحم» انتهى، وهذا العزو أكمل ممَّا [13] عزوته أنا؛ لأنَّه عزا قول معلًّى، وأنا عزوت حديث شيخ شيخ شيخه، لكنِّي حملني على ذلك أنَّه في «مسلم»، والله أعلم.

(1/2980)

[باب قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافًا}]

قوله: ({إِلْحَافًا}) [البقرة: 273]: أي: إلحاحًا، فقيل [1]: معناه: لا يسألون ولا يلحفون في المسألة، وقيل: إنَّهم لا يسألون الناس [2] أصلًا؛ أي: لا يكون منهم سؤال، فيكون منهم إلحاف، والدليل على أنَّه لا يسألون: وَصَفَهم تعالى بالتعفُّف، ولو كانوا أهل مسألة؛ لما كان التعفُّف من صفتهم، والله أعلم.

قوله: (وَكَمِ الْغِنَى): هو مقصور معروف.

قوله: (وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): هو مجرور معطوف على ما قبله المجرور.

[ج 1 ص 397]

قوله: (لاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ): (غنًى): منوَّن، وهذا ظاهر.

(1/2981)

[حديث: ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان]

1476# قوله: (لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ): هما بضمِّ الهمزة؛ وهي اللُّقمة الواحدة، فإن فتحتَ همزتَها؛ غيَّرت المعنى، فإنَّها بالفتح: المرَّة؛ كالغدوة والعشوة، والله أعلم.

قوله: (وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ): (لكن): بالتخفيف، (المسكين): بالرَّفع، و (لكنَّ): بالتَّشديد، و (المسكين): منصوب على أنَّه اسمها.

قوله: (لَيْسَ لَهُ غِنًى): هو منوَّن، وقد تقدَّم أعلاه.

==========

[ج 1 ص 398]

(1/2982)

[حديث: إن الله كره لكم ثلاثًا قيل وقال]

1477# قوله: (عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ شين معجمة [1] ساكنة، ثمَّ واو مفتوحة، ثمَّ عين مهملة، قال الدِّمياطيُّ: (سعيد بن عمرو بن أشوع الهمْدانيُّ الكوفيُّ قاضيها) انتهى، سعيد هذا يروي عن الشعبيِّ، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وأبي بردة بن أبي موسى، وجماعة، وعنه: أبو [2] إسحاق، وسلمة بن كهيل، وليث بن أبي [3] سُليم، وجماعة من أقرانه، وخالد الحذَّاء، وزكريَّاء بن أبي زائدة، وطائفة، قال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، تُوفِّي في ولاية خالد بن عبد الله، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): هو عامر بن شَراحيل، تقدَّم مرارًا مشهور [4].

قوله: (حَدَّثَنِي كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ): هذا وَرَّاد؛ بفتح الواو، وتشديد الرَّاء، وفي آخره دال مهملة، مولى المغيرة بن شعبة، عن المغيرة، وعنه: الشعبيُّ، والقاسم بن مخيمرة، ورجاء بن حيوة، وآخرون، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له الجماعة.

قوله: (كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ [5]: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم الكلام على الرِّواية بالمكاتبة المقترنة بالإجازة، والكتابة الخالية عن الإجازة؛ كهذه، والله أعلم.

قوله: (قِيلَ وَقَالَ): قال ابن قرقول: (يحتمل أن يحكي الفعلة، وأن يقول: قال فلان: كذا، وقيل: كذا، فيكونان على هذا منصوبين، وقد يكونان اسمين _كما تقدَّم_، فتكسرهما وتنوِّنهما، ومعنى ذلك: الحديث فيما يخوض النَّاس فيه؛ مِنْ قال فلان: إنَّ فلانًا صنع كذا) انتهى.

قوله: (وَإِضَاعَةَ الْمَالِ): هو إخراجه في الوجوه التي لم يأذن الشارع فيها، وفي «المطالع»: إنفاقه فيما حرَّم الله، وفي الباطل والسَّرَف، وقيل: ترك القيام عليه وإهماله، وقيل: المراد بالمال هنا: الحيوان كلُّه لا يضيعون فيهلكون، وقيل: هو دفع مال السَّفيه إليه، انتهى.

(1/2983)

قوله: (وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ): قيل: مسألة [6] الناس أموالَهم، وقيل: كثرة البحث عن أخبار الناس وما لا يعني، وقيل: كثرة سؤال النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عمَّا لم ينزل ولم يأذن فيه، كما أنزل في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]، ونهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن المسائل [7] وعابها، وقيل: بل هو نهي عن التَّنطُّع في السؤال عمَّا لم ينزل، ويحتمل كثرة [8] السؤال للنَّاس عن أحوالهم حتَّى يُدخِلَ عليهم الحرجَ في كشف ما ستروه من أمورهم، قاله ابن قرقول برمَّته.

(1/2984)

[حديث: إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه]

1478# قوله: (حدَّثنا محمَّد بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ): (غُرَيْر): بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ راءين؛ الأُولى مفتوحة، بينهما مثنَّاة تحت ساكنة، وهو محمَّد بن غُرْير بن الوليد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، أبو عبد الله الزُّهريُّ المدنيُّ، نزيل سمرقند، حدَّث عن يعقوب بن إبراهيم، وأبي نعيم، وعنه: البخاريُّ، وعبد الله بن شبيب، وغيرهما، انفرد به البخاريُّ من بين الجماعة السِّتَّة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات».

قوله: (رَهْطًا): الرَّهط: ما دون العشرة من النَّاس، وكذلك النَّفَر، وقيل: من الثلاثة إلى العشرة، وقيل غير ذلك، وقد تقدَّم.

قوله: (رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ): هذا الرجل قال ابن شيخنا البلقينيِّ: تقدَّم أنَّه جُعَيل بن سُراقة، وأنَّ في «مغازي الواقديِّ» ما يدلُّ على ذلك، فذكره، قال: وفي «الأسْد»: جِعال، وقيل: جُعيل بن سُراقة الغفاريُّ، وقيل: الضمريُّ، ثمَّ ذكر منها حديثًا أنَّه جُعيل، [وقد قدَّمت تسميته في (كتاب الإيمان)] [1].

قوله: (وَاللهِ إِنِّي لأَرَاهُ [2]): في المواضع الثلاثة: هو بفتح الهمزة، وقد تقدَّم ذلك بزيادة في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (أَوْ مُسْلِمًا): هو بإسكان واو (أو) في المواضع الثلاثة، و (أو) هنا: للإضراب عن قوله، والحكم بالظاهر؛ كأنَّه قال: بل مسلمًا، ولا يقطع على مغيبة؛ لأنَّ حقيقة الإيمان في القلب لا يعلمها إلا الله عزَّ وجلَّ، وإنَّما يعلم الظاهر؛ وهو الإسلام، وقد يكون بمعنى الشكِّ؛ أي: لا يقطع بأحدهما دون الآخر، ولا يصحُّ فتح الواو هنا جملة، والله أعلم.

[قوله: (اقْبَلْ): هو بكسر الهمزة، وفتح الموحَّدة، أمرٌ بالقبول، كذا في هامش أصلنا، وفي الأصل: (أَقبِل): أمر بالإقبال، قال ابن قرقول: كذا في جميع نسخ «البخاريِّ»، وعند مسلم: (إقبالًا أيْ [3] سعد)، كذا لابن السكن، وهو الوجه، انتهى] [4]

قوله: (خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.

قوله: (وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ ... ) إلى آخره: هذا ليس تعليقًا، وإنَّما رواه البخاريُّ: عن محمَّد بن غُرْيَر الزُّهريِّ، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح _وهو ابن كيسان_ عن إسماعيل بن محمَّد بن سعد، عن أبيه، عن سعد، فإيَّاك أن تعتقده تعليقًا.

(1/2985)

قوله: (أَقْبِلْ): هو بقطع الهمزة، وكسر الموحَّدة، فعل أمر، وفي رواية: (اقبَل)؛ بهمزة وصل، فإن ابتدأت بها؛ كسرتها، والموحَّدة مفتوحة، فعلُ أمرٍ أيضًا.

قوله: (فَكُبُّوا): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله؛ لأنَّه تفسير لما لم يسمَّ فاعله أيضًا [5].

قوله: (مُكَبًّا [6]): هو بفتح الكاف، وهذا ظاهر [7].

قوله: (أَكَبَّ الرَّجُلُ؛ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ): يعني: إذا كان لازمًا، سيأتي [8].

[ج 1 ص 398]

قوله: (كَبَّهُ اللهُ لِوَجْهِهِ [9]، وَكَبَبْتُهُ أَنَا): هذا تصريح منه [10] أنَّ (كبَّ)؛ بغير همز متعدٍّ، و (أكبَّ)؛ بالهمز لازم، وقد تقدَّم ذلك مع نظائر له في أوائل هذا التعليق، وهو من النَّوادر.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] في هامش (ق): (قوله: «أراه»؛ بفتح الهمزة؛ أي: لأعلمه، ويدلُّ عليه قوله: (ثمَّ غلبني ما أعلم منه).

[3] في (ب): (إلى)، وهو تحريف.

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[5] (أيضًا): سقط من (ج).

[6] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: {مُكِبًّا} [الملك: 22].

[7] زيد في (ب): (أيضًا).

[8] في (ب): (وسيأتي)، وسقط من (ج).

[9] في النسخ: (على وجهه)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[10] زيد في (أ) و (ب): (إلى)، وذلك أنه كانت العبارة (هذا إشارة منه إلى)، ثم ضرب في (أ) على (إشارة) وكتب فوقها المثبت.

(1/2986)

[حديث: ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة .. ]

1479# قوله: (حدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن أبي أويس ابن أخت الإمام [1] مالك بن أنس، شيخ الإسلام، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وكذا تقدَّم (الأعرج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز.

قوله: (لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ [عَلَى] النَّاسِ): يعني: الكامل المسكنة.

قوله: (غِنًى): تقدَّم أنَّه مُنوَّن، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (وَلاَ يُفْطَنُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهر أيضًا، وكذا (فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ)، وهو منصوب على جواب النفي، وكذا (فَيَسْأَلَ).

==========

[1] (الإمام): سقط من (ج).

[ج 1 ص 399]

(1/2987)

[حديث: لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو]

1480# قوله: (حدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ (غِياثًا) بالغين المعجمة المكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره مثلَّثة.

قوله: (حدَّثنا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، وكذا [1] تقدَّم (أَبُو صَالِحٍ): أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (ثُمَّ يَغْدُوَ): هو منصوب، و (الغدوُّ) معروف، وكذا (فَيَحْتَطِبَ)، وكذا (فَيَبِيعَ)، وكذا (فَيَأْكُلَ)، وكذا (وَيَتَصَدَّقَ [2])؛ كلُّه منصوب.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ [3]، وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ): هذا الكلام مذكور في أصلنا هنا، وكذا كان في أصلنا الدمشقيِّ، ثمَّ كُتِب عليه: (لا إلى) [4]؛ يعني: أنَّه زائد هنا، وقد خرجه وكتبه في أصلنا ابن المقريزي عقب [5] حديث سعد _هو ابن أبي وقَّاص_ (إنِّي لأعطي الرَّجل) الذي في سنده صالح بن كيسان عن ابن شهاب، وهذا [6] مكانه، والبخاريُّ لمَّا كان في الحديث صالحُ بن كيسان عن ابن شهاب؛ نبَّه على أنَّه أكبر منه؛ يعني: فقد [7] لقيه بالضرورة مع عدم تدليس صالح، أو أراد أنَّه من رواية الأكابر عن الأصاغر، ويحتمل أنَّه أرادهما.

واعلم أنَّ صالح بن كيسان مشهور التَّرجمة؛ ومنها: أنَّه قال يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه: كان صالح بن كيسان مؤدِّبَ ابن شهاب، فربَّما ذكر صالح الشيءَ، فيردُّ عليه ابن شهاب، ويقول: حدَّثنا فلان، وحدَّثنا فلان، بخلاف ما قال، فيقول له صالح: تكلِّمني وأنا قوَّمت أوَدَ لسانك، وقد قدَّمت بعض ترجمة صالح، فأغنى عن إعادتها هنا، والله أعلم، ومنها: أنَّه رأى [8] ابن عمر، كما قاله البخاريُّ هنا.

==========

[1] في (ب): (أبو كذا)، وهو تحريف.

[2] في النسخ: (فيتصدق)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في هامش (ق): (فائدة: هذا رواية الأكابر عن الأصاغر).

[4] (إلى): سقط من (ب).

[5] في (ج): (عقيب).

[6] في (ج): (هذا).

[7] في (ب): (بعد).

[8] في (ب): (راعى)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 399]

(1/2988)

[باب خرص التمر]

(باب خَرْصِ التَّمْرِ) ... إلى (كتاب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

(الخَرْص): بفتح الخاء المعجمة، وإسكان الرَّاء، وبالصَّاد المهملة؛ وهو الحَزْر، والتقدير لثمرها، وذلك لا يمكن إلَّا عند طِيبها، والخِرْص _بكسر الخاء والباقي مثله_: اسمٌ للشيء المخروص المقدَّر، وبالفتح: اسم الفعل، وقال يعقوب: الخَرْص والخِرْص؛ لغتان في الشيء المخروص، وأمَّا فِعْلُه؛ فبالفتح [1]، والمستقبلُ بالضمِّ والكسر في الرَّاء، وأمَّا مِنَ الكذب؛ فالخَرْص فِعْلُه بالكسر والفتح، يقال: خَرِصَ وخَرَصَ يَخْرُص ويَخْرِص واخترصَ، {وَإِنْ هُمْ إلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116]، و {قُتِلَ الخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10].

قوله في التَّبويب: (التَّمْرِ): هو بالمثنَّاة مِنْ فوق في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: بالمثلَّثة، وعليها علامة راويها، وهي أحسنُ من الأولى وأعمُّ، [والتَّمر _بالمثنَّاة_ لا يُخْرَص، وإنَّما يُخْرَص الثمر _بالمثلَّثة_ الرُّطَب والعِنَب] [2].

==========

[1] في (ب): (بالفتح)، وليس بصحيح.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 399]

(1/2989)

[حديث: أما إنها ستهب الليلة ريح شديدة فلا يقومن أحد]

1481# 1482# قوله: (حدَّثنا وُهَيْبٌ): تقدَّم أنَّه [1] ابن خالد، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ عبَّاس السَّاعِدِيِّ): تقدَّم أنَّه بالموحَّدة وبالسِّين المهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، معروفٌ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ [2]): تقدَّم الكلام عليه مِرارًا، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم مُصَغَّرًا، وأنَّ اسمه عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر، صحابيٌّ مشهور.

قوله: (غَزْوَةَ تَبُوكَ): تقدَّم أنَّها كانت في السَّنة التَّاسعة من الهجرة في رجب، وذلك يوم الخميس، ورَجَعَ في سَلْخ شوَّالٍ مِنَ السنة، وقيل: في رمضان، والله أعلم.

قوله: (فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى): هو عَمَلٌ مِنْ أعمال المدينة.

قوله: (إِذَا امْرَأَةٌ): هذه المرأة لا أعرف اسمها، ولا أعلم أحدًا سمَّاها.

قوله: (إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا): (الحديقة): قال الخليل: كلُّ أرضٍ ذات شجر أحدقَ بها حاجزٌ، ثمَّ سُمِّيَتِ البساتين حدائق، و (الحديقة) أيضًا: القطعة من النخل، وسيجيء مِنْ كلام البخاريِّ آخرَ الباب: (كلُّ بُستانٍ عليه حائطٌ؛ فهو حديقةٌ، وإنْ لم يكن له [3] حائطٌ؛ لم يُقَلْ حديقةٌ) انتهى.

قوله: (اخْرُصُوا): هو بهمزة وصل، وضمِّ الرَّاء، فإذا ابتدأتَ بها؛ ضممتَ الهمزة، وهكذا كلُّ ما كان في المستقبل مضمومَ العين، فإنَّك إذا ابتدأتَ به؛ ضممتَ همزتَه، والله أعلم.

قوله: (عَشَرَةَ أَوْسُقٍ): تقدَّم الكلام على (الوسق)، وأنَّه يُقال بفتح الواو وكسرها، وتقدَّم كم هو، وأنَّه ستُّون صاعًا.

قوله: (أَحْصِي): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، و (الإحصاء): الحفظ.

قوله: (أَمَا إِنَّهَا): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّها): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ، هذا إن جعلت (أَمَا) استفتاحيَّةً، وإنْ جعلتَها بمعنى: حقًّا؛ فإنَّه يجوز في همزة (إنَّ) الوجهان؛ الفتح والكسر.

قوله: (فَقَامَ [4] رَجُلٌ): هذا الرجل من بني ساعدة، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «ولا يخرجنَّ أحدٌ منكم الليلةَ إلَّا ومعه صاحبٌ له»، ففعل الناس، إلَّا أنَّ رجلين من بني ساعدة خرج أحدُهما لحاجته [5]، وخرج الآخر في طلب بعيره، فأمَّا الذي خرج لحاجته؛ فإنَّه خُنِقَ على مذهبه،

[ج 1 ص 399]

(1/2990)

وأمَّا الآخر الذي خرج لطلب [6] بعيره؛ فاحتملته الرِّيح حتى طرحته بجبلَي طَيِّئ ... إلى أن قال: وأمَّا الذي وقع بجبلَي طَيِّئ؛ فإنَّ طَيِّئًا أهدته لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قاله ابن سيِّد الناس في «سيرته» [7]، والظَّاهر أنَّه من كلام ابن إسحاق [8].

قوله: (فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ [9] طَيِّئٍ): جبلا طَيِّئٍ هما: أَجَأُ وسَلْمَى [10].

قوله: (وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ): (مَلِكُها): هو يُوحَنَّا، ويقال: يُحنَّة بن رُوبَة، كذا قالوه في السير، وقالوا في الذي أهدى البغلة: ابن العَلْماء صاحبُ أيلة، وسيجيء من كلام مغلطاي أنَّ بغلة ابن العَلْماء غير الأيليَّة.

و (أَيْلة): مدينة بالشَّام على النصف ما بين مصر ومكَّة على شاطئ البحر من بلاد الشام، قاله أبو عبيدة، وقال محمَّد بن حبيب: (أَيْلة): شعبة من رَضْوى؛ وهو جبلٌ يتبع [11] ما بين مكَّة والمدينة، وهو المدينة المذكورة، انتهى كلام ابن قُرْقُول، (ويُوحَنَّا: الظاهرُ هلاكُه على كُفْره، والله أعلم) [12].

قوله: (بَغْلَةً بَيْضَاءَ): اعلم أنَّهم عَدُّوا للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بغلاتٍ، فقالوا: كانت له بغلة شهباء يقال لها: الدُّلْدُل، أهداها له المُقَوقِس _وهو جُريج بن ميناء [13]_ مع حمار يقال له: عُفير، وله بغلة يقال لها: فِضَّة، أهداها له فروة بن عمرو الجُذَاميُّ مع حمار يقال له: يَعفور _وسيجيء كلامٌ في هذا الحمار إذا وقع ذكره في هذا «الصَّحيح» _ فوهب البغلة لأبي بكر الصِّدِّيق، وبغلة: أهداها له ابن العَلْماء صاحب أيلة، وبعث صاحبُ دومة الجَنْدل إليه ببغلةٍ وجُبَّةٍ مِنْ سُنْدُس، وقيل: أهدى له كسرى بغلةً، ولا يثبت، وعنِ ابن عبَّاس: أهدى النَّجاشيُّ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بغلةً، وكان يركبها، فهذه سِتٌّ [14].

وفي كلام الحافظ مغلطاي شيخ شيوخي في «سيرته الصغرى» ما لفظه: (ومِنَ البغال: دُلْدُل، وفِضَّة، والتي أهداها له ابن العَلْماء، والأيليَّة، وبغلة أهداها له كسرى، وأخرى من دومة الجَنْدل، وأُخرى مِنْ عند النجاشيِّ)، ثمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البُلقينيِّ تعقَّب مغلطاي وقال: (إنَّه وَهِمَ في التفرقة بين بغلة ابن العَلْماء والأيليَّة؛ فإن ابن العَلْماء صاحب أيلة) انتهى، وقال شيخُنا العراقيُّ في «سيرته [15] المنظومة»:

~…بِغَالُهُ خمسةٌ او فستَّةُ…دُلْدُلُ مع فِضَّةَ والأيليَّةُ

(1/2991)

~…وبغلةً أهدى له الأكيدرُ…وخامس كِسرى وفيه نظرُ

~…وبغلةً أهدى له النَّجاشيْ…وهْو بـ «أخلاق النِّبي» الفاشي

قوله: (وَكَسَاهُ بُرْدًا) يعني: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كسا ملكَ أيلةَ بُردًا، فالضَّمير يعود عليه صلَّى الله عليه وسلَّم، انتهى، قال ابن شيخنا البُلقينيِّ: وفي «تاريخ ابن عساكر»: أنَّ [16] البُرد اشتراه أبو العبَّاس محمَّد بن عبد الله بثلاث مئة دينار [17]، ورسول فروة بن عَمْرو _فيما ذكر ابن سعد في «الطبقات» _[18] يقال له: مسعود بن سعد، قال: وأجاز رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مسعودًا [بخمس مئة درهم، انتهى] [19].

قوله: (وَكَتَبَ لَهُ [20] بِبَحْرِهِمْ) أي: ببلدهم وأرضهم، قال الحَرْبيُّ: البحرة دون الوادي، وأعظم من التلعة، وقال الطبريُّ: كلُّ قرية لها نهر جارٍ أو ماء ناقع فالعرب تسمِّيها البحرة.

قوله: (قَالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ): (عشرة): منصوبة، كذا في أصلنا، ونصبُها ظاهرٌ، ثمَّ أُصلحت في أصلنا بالرفع، وهو جائزٌ أيضًا؛ أي: الحاصلُ عشرةُ أوسق.

قوله: (خَرْصَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (خَرْصُ): في أصلنا مرفوعٌ، ورفعه على البدل من (عشرة)، وفي الهامش: نسخة منصوب؛ كلُّه بالقلم [21]، جوَّز بعضُهم نصبَه على الحال.

قوله: (قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ): هو سهل بن بكَّار، شيخ البخاريِّ المذكور أوَّل السَّند، وهو أبو بشر البصريُّ المكفوف، عن شعبة، وأبان، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والكَجِّيُّ، وعبَّاس الأسفاطيُّ، تُوفِّي سنة (127 هـ)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وثَّقه أبو حاتم.

قوله: (هَذِهِ طَابَةُ): اعلم أنَّ المدينة المشرَّفة لها عدَّة أسماء، أَذكرُ [22] بعضَها في (كتاب الحجِّ) إن شاء الله تعالى ذلك وقَدَّره.

(1/2992)

قوله: (هَذَا [23] جُبَيْلٌ): كذا هو في أصلنا مُصَغَّرًا على التَّحبيب، وفي نسخة على هامش أصلنا: مُكَبَّرًا، اعلم أنَّه لا مانع من الحقيقة، ولا حاجة إلى إضمار فيه: أهله؛ وهمُ الأنصار، فقد ثبت أنَّ حراءَ ارتجَّ تحته، وكلَّمَهُ فقال له: «اثبت»، وحنَّ إليه الجذع وكلَّمَهُ، كما قدَّمت من حديث بريدة، وكلَّمَهُ الذئب، وسجد له البعير، وسَلَّمَ عليه الحَجَرُ؛ وهو في «مسلم»: «إنِّي أعرف حَجَرًا بمكَّة كان يُسَلِّمُ عليَّ قبل أنْ أُبعَث، إنِّي لأعرفه [24] الآن»، وجاء أنَّه الحَجَر الأسود، وكلَّمه الذِّراع المسموم؛ فلا يُنْكَرُ حُبُّ الجبل له [25]، والله أعلم، وحُبُّه صلَّى الله عليه وسلَّم له؛ لأنَّ به قبورَ الشهداء، ولأنَّهم لجؤوا [26] إليه [27] يومَ أُحُدٍ فامتنعوا، وسيأتي فيه كلام مطوَّلٌ في (غزوة أُحُدٍ) من عند السُّهَيليِّ إن شاء الله تعالى.

قوله: (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ) يعني: قبائلَها وعشائرَها المجتمعة في المَحَلَّة، فتُسمَّى المَحَلَّة دارًا.

قوله: (وَقَالَ [28] سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ، وقد قدَّمت ترجمة سليمان بن بلال، وهو شيخ شيوخه، وقد أخرج هذا التَّعليق في (الحجِّ) و (المغازي) بتمامه، وفي (فضل الأنصار) ببعضه: «خير دور الأنصار» عن خالد بن مَخْلَد، عن سليمان بن بلال، وهنا في (الزَّكاة) عن سهل [29] بن بكَّار _وهو أتمُّ_؛ كلاهما عن عمرو بن يحيى به [30].

قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عبَّاس، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَالَ: «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ»): أمَّا (سليمان) هذا؛ فهو ابن بلال، وقد ذكرتُه قبل ذلك مُتَرجَمًا، وقدَّمتُ أنَّه شيخ شيوخ البخاريِّ، وهذا تعليقٌ مجزومٌ به [31]، فهو صحيحٌ على شرطه إلى المعلَّق عنه كما تقدَّم، والباقي يُنظَر فيه؛ فتارةً يكون على شرطه، وتارةً لا؛ كهذا، وتعليقُه هذا ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، ولكن: «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه» في «الصَّحيح» [32].

(1/2993)

وأمَّا (سعد [33] بن سعيد)؛ فهو الأنصاريُّ، أخو يحيى بن سعيد، عن: أنسٍ والسائب بن يزيد، وعنه: شعبةُ وابنُ المبارك، صدوقٌ، قال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، علَّق له البخاريُّ كما تَرَى، وروى له مسلمٌ والأربعةُ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، تُوفِّي سنة (141 هـ).

وقوله: (عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ): (عُمارة): بضمِّ العين، وتخفيف الميم، و (غَزِيَّة): بفتح الغين المعجمة، ثمَّ زاي [34] مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة، ثمَّ تاء، وهو مازنيٌّ، يروي عن: أنس، وأبي صالح، وعبَّاد بن تميم، وعدَّة، وعنه: وُهيبٌ، والدَّراورديُّ، وعدَّة، مات سنة (140 هـ)، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وروى له [35] مسلمٌ والأربعةُ، وله ترجمة في «الميزان».

و (عبَّاس)؛ بالموحَّدة والسِّين المهملة: هو ابن سهل بن سعد السَّاعِدِيِّ، عن: أبيه وسعيد بن زيد، وعنه: فُليح وعبد الرَّحمن ابن الغَسِيل، مات مع قتادة في عَشْرِ المئة، وفي «التذهيب» ممَّا زاده على المِزِّيِّ: أنَّه مات سنة بضع عشرةَ ومئة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود [36]، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وأمّا (سهلٌ) والده؛ فهو ابن سعد، أبو العبَّاس السّاعِدِيُّ، صحابيٌّ، عنه: ابنه عبَّاس، والزُّهريُّ، وأبو حازم، مات سنة (88 هـ)، أو سنة (91 هـ)، أخرج له الجماعة.

==========

[1] (أنه): سقط من (أ).

[2] في هامش (ق): (يقال: إنَّه عم سهل بن سعد).

[3] (له): سقط من (ب).

[4] في النسخ: (وقام)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[5] في (ج): (بحاجته).

[6] في (ب): (طلب).

[7] «عيون الأثر».

[8] يؤيده أن الحديث من طريق ابن إسحاق في «دلائل النُّبوَّة» للبيهقيِّ.

[9] في هامش (ق): (الجبلان: أجأ وسلمى).

[10] انظر «معجم البلدان».

[11] زيد في (ب): (أيضًا).

[12] ما بين قوسين سقط من (ج).

[13] في (ج): (مينا).

[14] (ست): سقط من (ب).

[15] (سيرته): سقط من (ج).

[16] (أن): سقط من (ج).

[17] «تاريخ ابن عساكر».

[18] «طبقات ابن سعد».

[19] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[20] في (ج): (لهم)، وليس بصحيح.

[21] أي: ضُبِط شكلًا لا كتابةً.

[22] في (ج): (ذكر).

[23] في النسخ: (وهذا)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[24] في (ب): (لا أعرف)، وفي (ج): (لا أعرفه)، وليس بصحيح.

[25] (له): ليس في (ج)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[26] في (ج): (فجاء).

(1/2994)

[27] في (ج): (بهم).

[28] في (ب): (قال)، وليس بصحيح.

[29] في (ب): (سهيل)، وهو تحريف.

[30] «تغليق التعليق».

[31] (به): ليس في (ب).

[32] زيد في (ج): (كما ترى).

[33] في (ج): (سعيد)، وليس بصحيح.

[34] في (ج): (نون)، وليس بصحيح.

[35] (له): سقط من (ج).

[36] (وأبو داود): ليس في (ب).

(1/2995)

[باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري]

قوله: (باب الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ): يُقال [1]: عُشْر وعُشُر؛ بالسكون والضمِّ، وهذا هكذا مِنْ (ثُمنٍ) إلى (عُشرٍ).

وقوله: (يُسْقَى [2]): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهر أيضًا.

قوله: (وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْعَسَلِ شَيْئًا): تنبيه: جاءت أحاديثُ بأخذ الزَّكاة من العسل، وقد اختُلِف فيها، وفي حكمها [3]؛ قال البخاريُّ: (ليس في زكاة العسل شيء يصحُّ)، وقال التِّرمذيُّ: (لا يصحُّ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الباب كثيرُ شيءٍ)، وقال ابن المنذر: (ليس في وجوب صدقة العسل [4] حديثٌ يثبتُ [5] عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا إجماع؛ فلا زكاة)، وقال الشَّافعيُّ: الحديث في أنَّ في العسل العُشر ضعيفٌ، وفي ألَّا يؤخذ منه العُشر ضعيفٌ إلَّا عن عمر بن عبد العزيز، قال هؤلاء: وأحاديث الوجوب كلُّها معلولةٌ [6]، [وحديثُ عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا: «أنَّه أخذ من العسل العشر»، رواه ابن ماجه، قال بعض مشايخي: بإسنادٍ جيِّدٍ وحسَّنه ابنُ عبد البَرِّ في «استذكاره»] [7] [انتهى، وفي سنده نُعيم بن حمَّاد، وقد أخرج له البخاريُّ مقرونًا] [8]، [وفيه كلام كثير جرحًا وتعديلًا، ومن جملته: أنَّه رماه الأزديُّ بالوضع، وفيه أسامة بن زيد اللَّيثيُّ، علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلمٌ متابعةً، وقد جُرِحَ وعُدِّل، والله أعلم] [9]، وإلى هذا _[أعني [10]: عدم وجوب الزَّكاة فيه] [11]_ ذهب مالك والشافعيُّ، وذهب أحمد، وأبو حنيفة، وجماعة إلى أنَّ في العسل الزَّكاةَ، ثمَّ اختلف القائلون بالوجوب هل له نصاب أم لا؟ والمسألة طويلةٌ، ويكفي هذا منها.

فائدة: يقال: عسَل وعسْل؛ بفتح السِّين وإسكانها، سمعته من بعض أصحابي، وهو يؤنَّث ويُذَكَّر، وذِكْرُ العسل في التَّرجمة تنبيهٌ على أنَّ الحديث الذي ذكره ينفي وجوب العُشر فيه؛ لأنَّه خَصَّ العُشر أو نصفه بما يُسقى، فأفهم ذلك أنَّ ما لا يُسقى لا يُعَشَّر، والله أعلم.

(1/2996)

[حديث: فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر]

1483# قوله: (حدَّثنا سَعِيدُ ابنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم أنَّه سعيد بن الحكم بن محمَّد بن سالم الجُمَحِيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ بالثاء المثلَّثة، وكسر الرَّاء، وتشديد المثنَّاة تحت، قال الدِّمياطيُّ: (العَثَرِيُّ والعِذْي: ما سقته السماء، وما سقته [1] الأنهار والعيون؛ فهو سَيح وعَبل، والبَعْل: ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها، والنضح: ما سُقي بالسَّواني) انتهى، وقال ابن الأثير: (العَثَرِيَ من النخيل: التي تشرب بعروقها من ماء المطر يجتمع في حفيرةٍ، وقيل: هو العِذْي، وقيل: ما يُسقى سَيحًا، والأوَّل أشهر) [2]، وقال ابن الصلاح الشيخ أبو عمرو: (هو عند بعض أهل اللُّغة: العِذْي، والأصحُّ ما ذهب إليه الأزهريُّ وغيره من أهل اللُّغة: أنَّه مخصوصٌ بما سُقِي من ماء السيل، فيجعل عاثورًا، وهو شبه ساقيةٍ، يُحفَر له، فيجري فيه الماء إلى أصوله) انتهى، وفي «سنن ابن ماجه»: (عن يحيى بن آدم أنَّه قال: البعل والعَثَريُّ: ما يُزرَع للسحاب وللمطر خاصَّةً، ليس يصيبه إلَّا ماء المطر، والبعل: ما كان من الكروم قد ذهبت عروقُه في الأرض إلى الماء، فلا يحتاج إلى السقي الخمسَ سنينَ والسِّتَّ) [3]، وذكر الجوهريُّ وغيره: أنَّ العَثَريَّ

[ج 1 ص 400]

الزَّرعُ الذي لا يَسقيه إلَّا ماء المطر، وفي «المجمل» قولان؛ هذا أحدهما، والثاني: أشار إلى ترجيحه أنَّه ما سقي من النخل سَيحًا، والسَيحُ: الماء الجاري.

قوله: (وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ): هو السَّواني، وقد تقدَّم في كلام الدِّمياطيِّ.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: هذا تَفْسِيرُ الأوَّل [4]؛لأَنَّهُ [5] لَمْ يُوَقِّتُ في الأوَّل؛ يَعْنِي: حَدِيثَ ابنِ عُمَرَ: «وفِيما سَقَتِ السَّماءُ العُشْرُ»، وبَيَّنَ في هذا وَوَقَّتَ، وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ ... ) إلى آخر كلامه: هكذا هو ثابت في بعض النسخ هنا [6]، وهو كذلك في نسخة الدِّمياطيِّ، وهو مخرَّج في الهامش وعليه تصحيح، وقد رأيت في نسخة صحيحة وقد كُتِب عليها هذه الحاشية التي أذكرها، وأنَّها من كلام الصغانيِّ [7]، ولفظها: (حقُّ هذه الزيادة أن تكون في الباب الذي يلي هذا الباب، ولكن نُسَخ هذا الكتاب اتَّفقت على إثباتها في هذا الباب) [8].

(1/2997)

وقد ذكر الإسماعيليُّ في آخر (باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) ما يدُلُّ على صِحَّة ذلك، فقال: ذكر أبو عبد الله في هذا الباب لنفسه كلامًا، وقول البخاريِّ: «هذا تفسير الأوَّل؛ لأنَّه لم يوقِّت في الأوَّل» قاطع [9] عليه، وهذه النسخة ملحقة في نسخة الفربريِّ بغير خطِّ [10] النسخة) انتهت، وهذا إشارة إلى حديث أبي سعيد [11] الآتي في الباب بعده؛ أي [12]: هذا [13] الحديث الآتي تفسير الأوَّل؛ وعنى بـ (الحديث الأوَّل): حديث ابن عمر رضي الله عنهما المذكور؛ لأنَّ حديث ابن عمر لم يُشترُط فيه الخمسةُ الأوسق، وفي حديث أبي سعيد اشتراطُها، وفي أصلنا بعد حديث أبي سعيد ما لفظه _وقد كتب عليه علامة راويه_: (قال أبو عبد الله: هذا تفسير الأوَّل إذا قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»، ويؤخذ أوَّلًا في العلم بما زاد أهل الثَّبْت أو بيَّنوا) انتهى، وفي بعض النسخ إسقاط هذا من هنا كما تقدَّم، ولو أسقط قوله: (هذا تفسير الأوَّل ... ) إلى آخره، الذي ذكره عقب [14] حديث ابن عمر، وذكره عقب [15] حديث أبي سعيد الآتي؛ لكان غايةً في الظهور، والله أعلم.

قوله في كلامه: (وَالْمُفَسَّرُ): هو اسم مفعول، وكذا (المُبْهَم) اسم مفعول.

قوله: (فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلاَلٍ، وَتُرِكَ): (أُخذ) و (تُرك [16]): هما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلُهما.

==========

[1] زيد في (ب): (ماء).

[2] «النهاية في غريب الحديث والأثر».

[3] «سنن ابن ماجه» عقب الحديث رقم (1818).

[4] في هامش (ق): (فائد: وهو حديث ابن عمر المتقدَّم في الباب الذي قبله؛ أي: حديث أبي سعيد مفسر لحديث ابن عمر؛ لأنَّه لم يشترط الخمسة الأوسق، وفي حديث أبي سعيد اشتراطها).

[5] في (ج): (فإنه)، وهو تحريف.

[6] (هنا): سقط من (ج).

[7] في (ب): (الصنعاني).

[8] قال الحافظ في «الفتح» (3/ 409): (ولم يقف الصغانيُّ على اختلاف الرِّوايات، فجزم بأنه وقع هنا في جميعها، قال: وحقُّه أن يذكر في الباب الذي يليه، قلت: ولذكره عقب كلٍّ من الحديثين وجه، لكنَّ تعبيره بالأوَّل يرجِّح كونه بعد حديث أبي سعيد؛ لأنَّه هو المفسِّر للذي قبله، وهو حديث ابن عمر)، قال العينيُّ في «عمدة القاري» (9/ 75): (ولا حاجة إلى هذا الترجيح أيضًا؛ لأنَّا نمنع الإجمالَ والتفسيرَ ههنا، وقد ذكرناه عن قريب).

[9] في (ج): (فاطلع عليه).

[10] في (ب): (خطأ).

[11] زيد في (ج): (الخدري).

[12] في (ب): (أن).

(1/2998)

[13] (هذا): ليست في (ج).

[14] في (ب) و (ج): (عقيب).

[15] في (ب) و (ج): (عقيب).

[16] (أخذ وترك): سقط من (ج).

(1/2999)

[باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة]

قوله: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ): تقدَّم الكلام [عليها]، وكذا على (الخمسة الأوسق)، وكذا على الوسق؛ بلغتيه، وكم هو.

==========

[ج 1 ص 401]

(1/3000)

[حديث: ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة]

1484# قوله: (حدَّثنا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا كثيرة [1] أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (لَيْسَ فِيمَا أَقَلُّ): (ما) زائدة؛ بدليل قوله: (ولا في أقلَّ)، ومنهم مَنْ قَيَّدَه بالرفع في (أقلَّ)، والله أعلم.

قوله: (الذَّوْدِ): تقدَّم.

قوله: (أَوَاقٍ): تقدَّم الكلام عليها، وكم هي الأوقية، وكذا النشُّ.

قوله: (مِنَ الْوَرِقِ): تقدَّم الكلام على لُغاته.

==========

[1] (كثيرة): سقط من (ج).

[ج 1 ص 401]

(1/3001)

[باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل]

[قوله: (عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ): (الصِّرام): بكسر الصَّاد المهملة وفتحها، وهو الجداد.

[ج 1 ص 401]

قوله: (وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ): (يُتْرَكُ): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (الصبيُّ): مرفوعٌ نائبٌ منابَ الفاعل.

قوله: (فَيَمَسّ): هو منصوبٌ جواب الاستفهام، ويجوز رفعه، يقال: (مَسِسْتُ الشيءَ _ بالكسر_ أمَسُّه مَسًّا)، فهذه اللُّغة الفصيحة، وحكى أبو عُبيدة: مَسَسْتُ الشيء؛ بالفتح أمُسُّه؛ بالضمِّ، وربَّما قالوا: مِسْتُ؛ يحذفون منه السَّين الأولى، ويحوِّلون كسرتها إلى [1] الميم، ومنهم مَنْ لا يحوِّله [2]، ويترك الميم على حالها مفتوحةً، قاله الجوهريُّ، وقد تقدَّم أيضًا.] [3]

==========

[1] زيد في (ب): (ما قبلها وهي).

[2] في (ج): (يحول).

[3] ما بين معقوفين تقدَّم في النسخ على (باب العشر فيما يسقى من باب السماء)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة»، وصُحِّح في (ق) بالتَّأخير إلى موضعه هنا.

(1/3002)

[حديث: كان رسول الله يؤتى بالتمر عند صرام النخل]

1485# [قوله: (حدَّثنا عُمَرُ بْنُ محمَّد بْنِ الْحَسَنِ [1] الأَسَدِيُّ): هو بفتح السِّين، هذا يقال له: ابن التَّلِّ، يروي عن: أبيه ووكيع، وعنه: البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن خزيمة، والمَحامليُّ، وخَلْق، مات سنة (250 هـ)، أخرج له البخاريُّ والنَّسائيُّ، قال [2] النَّسائيُّ: صدوقٌ، وقال الدَّارقطنيُّ: لا بأس به.

قوله: (حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا): (الكَوم): بفتح الكاف، كذا [3] في «المطالع» بفتح الكاف، وكذا قيَّده شيخنا المؤلِّف، وفي «النهاية» قال: (وبعضُهم [4] يضمُّ الكاف، وقيل: هو بالضمِّ اسم لما كُوِّم [5]، وبالفتح اسم للفعلة الواحدة) انتهى [6]، وفي «شرح مسلم» للنوويِّ وغيره: بفتح الكاف وضمِّها، وفي أصلنا: (كومًا) بالنَّصب، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (كومٌ)، وإعرابُهما [7] ظاهرٌ.

قوله: (فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً): لم يعيِّن هنا الآخذَ، وسيأتي في (باب: ما يذكر في الصدقة للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآله): أنَّه الحسنُ.

قوله: (فَجَعَلَهُ فِي فِيهِ): أي: جعل المأخوذَ.

قوله: (أَنَّ آلَ محمَّد [8] لاَ يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ): آلُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيهم أقوالٌ:

أحدها: أنَّهم بنو هاشم وبنو المطَّلب، هذا مذهب الشافعيِّ وموافقيه: أنَّ آله [9] صلَّى الله عليه وسلَّم [10] هم بنو هاشم وبنو المطَّلب، وبه قال بعض المالكيَّة، وقال أبو حنيفة ومالك: هم بنو هاشم خاصَّةً، قال القاضي عِياض، وقال بعض العلماء: هم قريشٌ كلُّها، وقال أَصبَغ المالكيُّ: هم بنو قُصَيٍّ، ونصبُ الأدلة ليس هذا مكانَهُ، واعلم أنَّه يحرم عليه [11] صلَّى الله عليه وسلَّم الزَّكاة، وشاركه في ذلك ذوو القربى بسببه أيضًا، فإنَّها أوساخ النَّاس ومنصبُه منزَّهٌ عن ذلك، وهي أيضًا تُعطى على سبيل الترحُّم المنبئ عن ذُلِّ الآخذ، فأُبدلوا عنها بالغنيمة المأخوذة بطريق العِزِّ والشَّرف المنبئ عن عِزِّ الآخذ، وذُلِّ المأخوذ منه.

واختلف العلماء: هل الأنبياء تشاركه في ذلك أم هو مختصٌّ به دونهم؟ فقال [12] بالأوَّل الحسن البصريُّ، وبالثاني سفيان بن عُيَيْنَة.

(1/3003)

وأمَّا صدقة التطوع؛ ففي تحريمها عليه وعلى آله أربعةُ أقوالٍ؛ أحدها: نعم، وثانيها: لا، وإنَّما كان عليه الصَّلاة والسَّلام يمتنع منها ترفُّعًا، وأصحُّها: تَحرُم عليه دونَهم، ورابعها: تَحرُم الخاصَّة دون العامَّة؛ أي: كالمساجد، ومياه الآبار، وأبدى الماورديُّ وجهًا آخر اختاره: أنَّ ما كان منها أموالًا متقوَّمة كانت [13] محرَّمة عليه دون ما كان منها [14] غير متقوَّم، فتخرج صلاته [15] في المساجد، وشربه ماء زمزم وبئر رومة، وحكى الرَّافعيُّ هنا الخلاف وجهين فقال: (ومِنَ المحرَّمات: الصدقة في أظهر الوجهين)، وتبع في حكاية الخلاف كذلك الإمامُ هنا، والطبريُّ صاحبُ «العدَّة»، وكذا حكاه العجليُّ في «شرح الوسيط»، والجرجانيُّ في «الشَّافي»، لكن الذي سبق من كلام الرَّافعيِّ في (قَسْم الصَّدقات): أنَّ الخلاف قولان [16]، وهو الصَّواب المذكور في بعض نسخ «الرافعيِّ» هنا، وفي «الرَّوضة» أيضًا [17]، فقد قال الماورديُّ في (كتاب الوقف): إنَّهما منصوصان [18].

وأمَّا موالي بني هاشم وبني المطَّلب؛ فلا يجوز لهم أخذ الفرض على الأصحِّ؛ للأحاديث الصحيحة في ذلك، وللكلِّ _سِواه عليه الصَّلاة والسَّلام_ أخذُ صدقة التطوُّع [19] على المشهور فيهما، والله أعلم] [20].

(1/3004)

[باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه وقد وجب فيه العشر]

قوله: (وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): هو مجرورٌ.

قوله: (حَتَّى يَبْدُوَ): هو بنصب الواو من المعتلِّ؛ أي: يظهر، ولا يجوز همزه.

قوله: (فَلَمْ يَحْظُرِ الْبَيْعَ): (يحظر): بالظاء المشالَّة؛ أي: يمنع، وكذا فسَّرها البخاريُّ قريبًا جدًّا في بعض النسخ، و (البيع): بالنصب مفعول، وفاعل (يحظر) النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

==========

[ج 1 ص 402]

(1/3005)

[حديث: نهى النبي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها]

1486# قوله: (حدَّثنا حَجَّاجٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3006)

[حديث: نهى النبي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها]

1487# قوله: (عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الرَّاء وبالموحَّدة، وهذا كاد أن يكون بديهيًا عند أهله.

==========

[ج 1 ص 402]

(1/3007)

[حديث: نهى عن بيع الثمار حتى تزهي]

1488# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه حُميد الطويل ابن تير، ويقال [2]: تيرويه، وأنَّ كلَّ ما في [3] الكتب السِّتَّة أو بعضها (حميد عن أنس)، فهو هذا إلا في حديثين؛ واحد في «البخاريِّ» و «النَّسائيِّ»: «أخذ الرَّاية زيد، فأُصيب ... »؛ الحديث، في (الجنائز) أخرجه البخاريُّ، وأخرجه النَّسائيُّ فيه، والثاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع ... »؛ الحديث، انفرد به البخاريُّ، فهو حميد بن هلال بن هبيرة العدويُّ، أبو نصر البصريُّ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى تُزْهِيَ): هو بضمِّ التَّاء المثنَّاة فوق في أوَّله، وإسكان الزَّاي، وكسرالهاء، وجاء في رواية: (تَزْهُوَ)؛ أي: تصير زهوًا؛ وهو ابتداء أرطابها وطيبها، يقال: زهت وأزهت، وأنكر بعضهم: زهت، وقال ابن الأعرابيِّ: زهت: ظهرت، وأزهت: احمرَّت واصفرَّت، وهو الزَّهو والزُّهو، والله أعلم.

قوله: (تَحْمَارَّ): هو تفسير (تزهو)، و (تحمارَّ): كذا بالألف، قال أهل اللُّغة: احمرَّ الشيء واحمارَّ بمعنًى، وقيل: (احمرَّ) فيما تثبت حمرته، و (احمارَّ) فيما لا تثبت حمرته [4]؛ كالخجل، وكذلك اسودَّ واصفرَّ، والله أعلم.

==========

[1] (مرارًا): سقط من (ج).

[2] في (ب): (وقيل).

[3] (في): ليست في (أ).

[4] (حمرته): سقط من (ب).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...