65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج24. التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط بن العجمي

 

ج24. التلقيح لفهم قارئ الصحيح 

(التلقيح على الجامع الصحيح)

المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

قوله: (رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ): أي: طالِبِين راجِين، وخائفِين فَزِعِين.

قوله: (تَقِيلُ مَعَهُمْ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا يُعرَف من قوله: (قَالُوا). 

[حديث: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا ... ]

6523# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ): هذا هو المسنَديُّ وإن كان يونسُ بن مُحَمَّد روى عنه المسنَديُّ وابنُ أبي شيبة؛ لأنَّ المسنَديَّ روى عنه عند البُخاريِّ، وابنَ أبي شيبة روى عنه عند مسلم، قاله ابن طاهر، وتَقَدَّمَ في (الجمعة) ما يؤيِّده، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا نَبِيَّ اللهِ؛ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ ... )؛ الحديث: هذا الرجل لا أعرف اسمه.

  [حديث: إنكم ملاقو الله حفاةً عراةً مشاةً غرلًا]

6524# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ.

قوله: (مُلَاقُو اللهِ): (الاسم الجليل): مجرورٌ على الإضافة، وهذا ظاهِرٌ، ويجوز من حيث العربيَّة على قلَّة نصبُه، وشاهده: {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} [الحج: 35]؛ بنصب {الصَّلَاةِ} قراءة شاذَّة.

قوله: (غُرْلًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، والحكمةُ في ذلك من عند ابن عقيل الحنبليِّ.

قوله: (قالَ سُفْيَانُ: هَذَا مِمَّا نَعُدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (سفيان)؛ فقد قَدَّمْتُ أنَّه ابن عُيَيْنَة، وأمَّا (نَعُدُّ)؛ فهو بفتح النون، وضمِّ العين، وتشديد الدال المُهْمَلَة، من العَدَد.

واعلم أنَّ ابن عَبَّاس عبدَ الله من السِّتَّة المكثرين، أو السبعة، وهو كثيرُ الرواية عن الصَّحَابة، قليلُ السماع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، حتَّى قال الإمام أبو حامد الغزاليُّ في «المستصفى»: إنَّ ابن عَبَّاس مع كثرة روايته لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا أربعةَ أحاديثَ؛ لصِغَر سِنِّه، وصرَّح بذلك في حديث الرِّبا في النسيئة، وقال: (حدَّثني به أسامة بن زيد، وروى _يعني: ابن عَبَّاس_ أنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يزل يلبِّي حتَّى رمى جمرةَ العقبة، فلمَّا رُوجِع؛ قال: حدَّثني به أخي الفضلُ بن عَبَّاس)، انتهى

قال بعض مشايخي: والذي حكاه غيرُه _يعني: غير الغزاليِّ_: أنَّ له تسعةَ أحاديثَ أو عشرة، قال شيخُنا الشارح: قال أبو جعفر مُحَمَّد بن الحسن البغداديُّ في كتابه: وقد سألتُ أبا داود قلت: ما سمعتَ من يحيى بن معين يقولُ في رواية ابن عَبَّاس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ قال: سمعتُه يقول: روى ابنُ عَبَّاس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تسعةَ أحاديثَ، قال: وذُكِر عنه أنَّه قال: قُبِض رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأنا ختين ابن أربعَ عشرةَ سنةً، فكان الناس يعزُّونني، قال: وسمعت مُحَمَّد بن نصر يقول: سألت غُنْدرًا: قلت: كم روى ابنُ عَبَّاس عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سماعًا؟ قال: عشرة أحاديثَ، قال مُحَمَّد بن نصر: ناظرتُ يحيى بن سعيد القَطَّان _انتهى، وأين يحيى القَطَّان، وأين مُحَمَّد بن نصر؟! ولعلَّه سقط منه واحدٌ، وذلك لأنَّ يحيى بن سعيد تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وتسعين ومئة في صفر، ومُحَمَّد بن نصر وُلِد سنة اثنتين ومئتين، والله أعلم، وقد كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ على هذا الكلام ما لفظه: مُحَمَّد بن نصر هذا الذي روى عنه أبو جعفر ما هو المروزيُّ، وإنَّما هو آخَرُ، ويؤيِّده أنَّه سأل غُنْدرًا، والمروزيُّ ما أدرك السماعَ من غُنْدر أيضًا، انتهى_ في رواية ابن عَبَّاس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: له تسعةُ أحاديثَ، انتهى.

وقال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة شمسُ الدين في «الهدي» في (رضاع الكبير): إنَّه سمع منه عليه السلام دون العشرين حديثًا، وسائرها عن الصَّحَابة، وقد نقل شيخُنا في أوائل «شرح هذا الكتاب» عن الداوديِّ قال: الذي صحَّ ممَّا سمع ابنُ عَبَّاس اثني عشرَ حديثًا، وحَكى غيره عن غُنْدر: عشرة أحاديثَ، وعن يحيى القَطَّان وأبي داود: تسعة، ووقع في «المستصفى»: أنَّ ابن عَبَّاس مع روايته قيل: إنَّه لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا أربعةَ أحاديثَ؛ لصِغَر سِنِّه ... إلى آخر كلامه، فالأقوال إذن خمسةٌ: أربعةٌ، تسعةٌ أو عشرةٌ، عشرةٌ من غير شكِّ، اثنا عشر، دون العشرين

[حديث: إنكم ملاقو الله حفاةً عراةً غرلًا]

6525# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٍو): هو ابن دينار.

قوله: (مُلَاقُو اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وكذا (غُرْلًا): تَقَدَّمَ بعيدًا

[حديث: إنكم محشورون حفاةً عراةً]

6526# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا [1]): تَقَدَّمَ أَهَلْ جميعُ الناس يُحْشَرون عُراةً، أو كلُّهم مكسوُّون، أو بعضٌ عارٍ وبعضُهم مكسوٌّ، ثلاثةُ أقوالٍ؛ الصحيح: أنَّ الشهداء يُحشَرون في أثوابهم، وغيرُهم عارٍ، في (كتاب الأنبياء) في (إبراهيم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ)، وما الحكمة في ذلك، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي ... ) إلى آخره، وقال شيخُنا هنا: ولعلَّهم المنافقون، ويحتمل أن يسمَّوا، فلا يسمِّيهم؛ تحذيرًا لغيرهم، ويحتمل ألَّا يسمَّوا له، وقيل: مَن قُتِل على رِدَّتِه، وأحرق الصِّدِّيقُ بعضَهم بالنار، ولعلَّ بعضَ من راجع الإيمان لم يخلص إيمانه، انتهى، وقد ذكرتُ أنا فيهم أقوالًا في (سورة المائدة)، والله أعلم

[حديث: الأمر أشد من أن يهمهم ذاك]

6527# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٌ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ

قوله: (قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ [اللهِ]؛ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ... )؛ الحديث: كذا في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» أنَّ عائشةَ القائلةُ، وفي «المستدرك» في (سورة عبس) في (التفسير) و «الثعلبيِّ» و «البغويِّ»: أنَّها سودة، وأنَّها قالت: (وا سوءَتاه ... )؛ الحديث، وفي «الأوسط» للطبرانيِّ من حديث أمِّ سلمة أنَّها القائلةُ: (وا سوءَتاه ... )؛ الحديث، والظاهر أنَّ كلًّا منهنَّ قال ذلك، والله أعلم.

قوله: (يُهِمَّهُمْ ذَلِكِ [1]): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الهاء، وفي الهامش بفتح أوَّله، وضمِّ ثانيه، وعليها تصحيحٌ، والضبط فيهما بالقلم، يُقال: همَّني الأمر همًّا؛ أي: أحزنني وأغمَّني، وأهمَّني؛ إذا بالغَ في ذلك، وهو المهمُوم، قاله ابن قُرقُول، وفي «صحاح الجوهريِّ»: الهمُّ: الحزن، والجمع: الهُموم، وأهمَّني الأمرُ؛ إذا أقلقكَ وحَزَنَكَ، يُقال: همَّك ما أهمَّك، والمُهِمُّ: الأمر الشديد، وهمَّني [2] المرض: أذابني، وفي هامش أصلنا من جملة حاشيةٍ: (قال في «المحكم»: همَّه الأمر همًّا ومَهَمَّةً، وأهمَّه فاهتمَّ، واهتمَّ به)، انتهى.

قوله: (ذَاكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11705)

[حديث: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة]

6528# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطُه، وأنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ أيضًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين الحديثِ الآخَرِ: «أهل الجنَّة مئةٌ وعشرون صفًّا، أنتم منهم ثمانون»، وقد تَقَدَّمَ الذي ذكره ابن قُتَيْبَة في «عوارفه» من طول الصَّفِّ وعرضِه، وعدد الصفوف، في (كتاب الأنبياء) في قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125].

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية الدمياطيِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 694]

(1/11706)

[حديث: أول من يدعى يوم القيامة آدم]

6529# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ [1] عبدِ الله، و (أَخُوهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويسٍ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّ ما قاله الأزديُّ عنه ليس بصحيحٍ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (ثَور): هو بالمُثَلَّثَة، وهو ابن زيد الديليُّ، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه سالم مولى عبد الله بن مطيع، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَخْرِجْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بَعْثَ جَهَنَّمَ): (البَعْث): اسم المبعوث إليها؛ أي: المرسَل والموجَّه، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر.

قوله: (إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ): (أُخِذ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (تسعةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/11707)

[باب قوله عز وجل: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم}]

(1/11708)

[حديث: يقول الله: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك]

6530# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ [1]): كذا في أصلنا: (عن أبي سعيد: يقول الله)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وفي الهامش من أصل سماعنا على العِرَاقيِّ نسخةٌ: (قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وعليها علامة راويها، وفي آخرها (صح)، وقد ذكره قبل ذلك مرفوعًا إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد راجعت «الأطراف» للمِزِّيِّ؛ فلم أرَه ذكره إلَّا مرفوعًا، والله أعلم.

قوله: (أَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا [2]): كذا في أصلنا، وفي هامشه: (ألفٌ)؛ بالرفع، وصُحِّح عليه، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ فقط، أمَّا النصب؛ فظاهرٌ، وأمَّا الرفع؛ فعلى أنَّ اسمَها ضميرٌ؛ تقديره: فإنَّه، والله أعلم، أو على خبرِ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: والمُخرَج منهم ألفٌ.

قوله: (شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الجمع بينه وبين حديث: «أهل الجنَّة مئة وعشرون [3] صفًّا، أنتم منهم ثمانون»، وتَقَدَّمَ ما ذكره ابن قُتَيْبَة في «معارفه»، وعرضُ الصَّفِّ وطولُه، والله أعلم.

قوله: (أَوْ كَالرَّقْمَةِ [4] فِي ذِرَاعِ الْحِمَارِ): (الرَّقمة): هي الدائرة فيه، وقيل: هي شبه الظُّفُر في ذراع الدَّابَّة، قاله ابن قُرقُول، وفي «النهاية»: (الرَّقمة): الهَنَة النابتة في ذراع الدَّابَّة من داخِل، وهما رَقمَتان في ذراعَيها، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية في (الأنبياء).

==========

[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (ألفٌ).

[3] في (أ): (عشرون ومئة)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الرَّقْمَةِ).

[ج 2 ص 694]

(1/11709)

[باب قول الله تعالى: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون}]

قوله: (الْوُصُلَاتُ فِي الدُّنْيَا): (الوُصُلات): هو بضَمِّ الواو والصاد المُهْمَلَة، كذا في أصلنا بالقلم، قال شيخنا: بضَمِّ الصاد، ويجوز إسكانُها وفتحُها أيضًا، كما نبَّه عليه ابن التين، وقال الجوهريُّ: جمع وُصلةٍ: وُصَل، انتهى، وهذا رأيته في «الصحاح».

==========

[ج 2 ص 694]

(1/11710)

[حديث: يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه]

6531# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق أنَّ (أبان) الصحيحُ صرفُه، وقدَّمته مُطَوَّلًا؛ فانظره إن شئته، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان أحدُ الأعلام، لا ابن أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ.

قوله: (فِي رَشْحِهِ): (الرَّشْح): العَرَق.

==========

[ج 2 ص 694]

(1/11711)

[حديث: يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض]

6532# قوله: (حَدَّثَنَا [1] سُلَيْمَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بلال، وتَقَدَّمَ (أَبُو الغَيْثِ): أنَّه سالم مولى عبد الله بن مطيع أعلاه وقبله.

قوله: (حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا): أي: يسوخ وينزل.

قوله: (وَيُلْجِمُهُمْ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الجيم، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ؛ أي: يبلغَ أفواهَهم ويعلوَ عليها حتَّى يكون كاللجام على فم الدَّابَّة يمنعهم الكلامَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 694]

(1/11712)

[باب القصاص يوم القيامة]

قوله: (الْحَقَّةُ وَ {الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1] وَاحِدٌ، و {الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1]، وَالْغَاشِيَةُ، وَ {الصَّاخَّةُ} [عبس: 33]، وَالتَّغَابُنُ): ذكر هنا الإمام البُخاريُّ أسماءً للقيامة، ولها أسماءٌ عديدةٌ؛ منها غير ما ذكر: كيوم الانشقاق، ويوم الانفطار، ويوم التكوير، ويوم الانكدار، ويوم التسيير، ويوم التعطيل، ويوم التسجير، ويوم التفجير، ويوم الكشط، ويوم المدِّ، والساعة، والقيامة، ويوم النفخة، ويوم الزلزلة، ويوم الراجفة، ويوم الناقور، ويوم القارعة، ويوم البعث، ويوم النشور، ويوم الخروج، ويوم الحشر، ويوم العَرْض، ويوم الجمع، ويوم الفَرْق، ويوم الصَّدْع، والصَّدر، ويوم البعثرة، ويوم الفزع، ويوم التناد، ويوم الدعاء _وهو النِّداءُ_، ويوم الواقعة، ويوم الخافضة والرافعة، ويوم الحساب، ويوم السؤال،

[ج 2 ص 694]

ويوم الشهادة، ويوم يقوم الأشهاد، ويوم الجِدَال، ويوم الطامَّة، ويوم الوعيد، ويوم الدين، ويوم الجزاء، ويوم الوفاء، ويوم الحسرة، ويوم التبديل، ويوم التلاق، ويوم الآزفة، ويوم المآب، ويوم المصير، ويوم القضاء، ويوم الحُكْم، ويوم البعث، ويوم القصاص، ويوم الوزن، ويوم عقيم، ويوم عسير، ويوم مشهود، ويوم عَبوس، و {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]، و {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار: 19]، ويوم الفصل، ويوم الفرار، ويوم الدَّعِّ، ويوم التقلُّب _وهو التجوِّي [1]_، ويوم الشخوص والإقناع، و {يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 35 - 36]، و {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: 52]، ويوم {لَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42]، ويوم الفتنة، و {يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} [الروم: 43]، ويوم الغاشية، ويوم {لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر: 25 - 26]، و {يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} [إبراهيم: 31]، ويوم {لَا رَيْبَ فِيهِ} [آل عمران: 9]، و {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]، ومنها: يوم الأذان، ويوم الشفاعة، ويوم المعرفة، ويوم القلق والجوَلان.

(1/11713)

قال القرطبيُّ وقد ذكرَ هذه الأسماءَ: ولا يمتنع أن تُسَمَّى بأسماء غير ما ذُكِر بحسب الأحوال الكائنة فيه من الازدحام، والتضايق، واختلاف الأقدام، والخزي، والهوان، والذُّلِّ، والافتقار، والصَّغَار، والانكسار، ويوم الميقات، والمرصاد ... إلى غير ذلك من الأسماء، وسيأتي التنبيه على ذلك في الباب بعد هذا، انتهى، والله أعلم.

قوله: (وَحَوَاقَّ الأُمُورِ) [2]: (حَواقُّ): بفتح الحاء، وتشديد القاف، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الْحَقَّةُ): هو بفتح الحاء، وتشديد القاف المفتوحة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَالتَّغَابُنُ: غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ): (غَبْن): مصدرٌ، و (أهلِ): مجرورٌ مضافٌ، و (أهلَ النار): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ، وكذا هو مضبوطٌ هنا في أصلنا، وفي (سورة التغابن): (غَبِنَ أهلُ الجنَّة أهلَ النار): (غَبِنَ): فعلٌ ماضٍ، و (أهلُ الجنَّة): مَرْفُوعٌ فاعل (غَبِنَ)، و (أهلَ النار): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11714)

[حديث: أول ما يقضى بين الناس بالدماء]

6533# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث): أنَّه بكسر الغين المُعْجَمَة، وبالمُثَنَّاة تحت المُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (شَقِيقٌ): هو ابن سلمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ): إن قيل: ما الجمع بين هذا وبين الحديث الآخَرِ: «أوَّلُ ما يُحاسَب به العبدُ من عمله صلاتُه ... »؛ الحديث؟ قيل: الجواب: أنَّ الدماءَ أوَّل ما يُقضَى فيها في الحساب بين الناس بعضِهم في بعض، فإذا فرغ من الناس؛ فأوَّلُ ما يُحاسَب به من عمله صلاتُه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 695]

(1/11715)

[حديث: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها]

6534# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكِ بن أنس الإمامِ، و (سَعِيد الْمَقْبرِيُّ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبريُّ، وأنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المقبريُّ.

قوله: (مَظْلِمَةٌ): هي بفتح الميم، ولام مكسورة: ما يطلبه عند الظالم، وهو اسمُ ما أُخِذ منك، وأمَّا مَظلَمة؛ بفتحهما _أعني: الميم واللام_؛ فمصدرٌ، تقول: ظَلَمه يظلِمه ظُلْمًا، ومَظْلَمةً، قاله الجوهريُّ، وقال شيخُنا: والمظلَمة: بفتح اللام القياس، وبه ضبطه ابن التين، والدِّمْيَاطيُّ ضبطه بكسرها، انتهى، وقد قَدَّمْتُ كلام الجوهريِّ وغيرِه في (كتاب المظالم).

قوله: (ثَمَّ دِينَارٌ): (ثَمَّ): بفتح الثاء، وتشديد الميم؛ أي: هناك، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَنْ يُؤْخَذَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ): (أُخِذ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: سعيد المقبريُّ وأبوه أبو سعيد كيسانُ سمعا من أبي هريرة).

[ج 2 ص 695]

(1/11716)

[حديث: يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة ... ]

6535# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، و (أَبُو المُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عليُّ بن داود، وقيل: ابن دُؤاد، و (الناجيُّ): تَقَدَّمَ أيضًا أنَّه بالنون، وبعد الألف جيم، ثُمَّ ياء النسبة، تَقَدَّمَ لماذا نُسِب، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فَيُقْتَصُّ [1] لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ): (يقتصُّ): يجوز بناؤه للفاعل وللمفعول، فإن بنيتَه للفاعل؛ كان (مظالم) منصوبًا، مفعول، وهو مَنْصُوبٌ بالفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف، وإن بنيتَه للمفعول؛ كان (مظالم) مَرْفُوعًا [2] غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (هُذِّبُوا وَنُقُّوا): هما مبنيَّان لِما لم يُسَمَّ فاعلُهما، و (هُذِّبوا): بضَمِّ الهاء، وكسر الذال المُعْجَمَة المُشَدَّدة، و (نُقُّوا): بضَمِّ النون، وتشديد [3] القاف.

قوله: (أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ): (أذن لهم): مَبْنيٌّ للمفعول وللفاعل أيضًا.

قوله: (أَهْدَى): هو غير مهموز، وهذا ظاهِرٌ، من الهداية.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فَيُقَصُّ).

[2] في (أ): (مرفوع)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[3] زيد في (أ): (يد)، وهو سبق قلم.

[ج 2 ص 695]

(1/11717)

[باب: من نوقش الحساب عذب]

قوله: (بَاب مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ؛ عُذِّبَ): تنبيهٌ: بعد أن يُعلَم أنَّ الحسابَ: أنَّ الباري عزَّ وجلَّ يعدِّد على الخلق أعمالَهم من إحسانٍ وإساءةٍ، ويعدِّدُ عليهم نِعَمَه، ثُمَّ يقابل البعضَ بالبعض، فما يشفُّ منها على الآخر؛ حُكِمَ للمشفوف بحكمه الذي عيَّنه للخير بالخير، والشرِّ بالشرِّ؛ قيل: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يحاسب المكلَّفين بنفسه، ويخاطبهم تعالى عزَّ وجلَّ، ولا يخاطبهم واحدًا بعد واحدٍ، وقيل: إنَّ الملائكة يحاسِبون بأمر الله عزَّ وجلَّ؛ كما أنَّ الحُكَّام يحكمون بأمر الله، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ... } إلى قوله: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 77]، وإن لم يكن بهذه الصفة؛ فإنَّ الله يكلِّمُه، فيكلِّمُ المؤمنين، ويحاسبُهم حسابًا يسيرًا من غير ترجمان؛ إكرامًا لهم؛ كما أكرم اللهُ موسى عليه السلام في الدنيا بالتكليم، ولا يُكلِّم الكفَّار، فتحاسبهم الملائكةُ، ويُميِّزهم بذلك عن أهل الكرامة، فتتَّسع قدرتُه لمحاسبة الخلق كلِّهم معًا؛ كما تتَّسع قدرتُه لإحداث خلائقَ كثيرةٍ معًا، قال الله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: 28]، ويروى عن عليٍّ رضي الله عنه: أنَّه سُئِل عن محاسبة الخلق، فقال: كما يرزقهم في غداة واحدة كذلك يحاسبهم في ساعةٍ واحدةٍ، والله أعلم.

(1/11718)

[حديث: من نوقش الحساب عذب]

6536# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان.

قوله: (ذَلِكِ الْعَرْضُ): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ.

تنبيهٌ: في «مستدرك الحاكم» في (كتاب التوبة) عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول في بعض صلاته: «اللهمَّ؛ حاسبني حسابًا يسيرًا»، فلمَّا انصرف؛ قلتُ: يا رسولَ الله؛ ما الحساب اليسير؟ قال: «ينظر في كتابه، ويتجاوز عنه، إنَّه مَن نُوقِش الحسابَ يومئذٍ؛ هلك ... »؛ الحديث، لم يتعقَّبه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه».

[ج 2 ص 695]

قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفص الفَلَّاس، أحد الأعلام، الصيرفيُّ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد، وكذا في نسخة، القَطَّانُ الحافظُ الجِهْبِذ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ قُبَيل هذا أنَّه عبد الله بن عُبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ.

قوله: (وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَيُّوبُ، وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ [2]، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): قوله: (وتابعه): الضمير في (تابعه) يعود على عثمان بن الأسود، و (ابن جُرَيجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، ومتابعة ابنِ جُرَيجٍ لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: متابعة ابن جُرَيجٍ ومُحَمَّد بن سُلَيم أخرجهما أبو عوانة في «صحيحه» بسند ذلك، انتهى.

و (مُحَمَّد بن سُلَيم): هو بضَمِّ السين، وفتح اللام، أبو هلال، عن الحسن، ومُحَمَّد، وقتادة، وعنه: ابن مهديٍّ، وطالوتُ، وشيبان، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو داود، وقال ابن معين: صدوقٌ، وقال النَّسائيُّ وغيرُه: ليس بالقويِّ، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى [له] الأربعةُ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة مُحَمَّد بن سُلَيم لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخُنا رحمه الله لم يخرِّجْها.

(1/11719)

و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، ومتابعة أيُّوبَ أخرجها البُخاريُّ في (التفسير) عن سليمان بن حرب، عن حَمَّاد، عن أيُّوب به، وأخرجها مسلمٌ في (صفة النار) عن أبي الربيع الزهرانيِّ وأبي كامل الجحدريِّ؛ كلاهما عن حَمَّاد بن زيد به، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة وعليِّ بن حُجْر؛ كلاهما عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن أيُّوب به، وأخرجها التِّرْمِذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ، وأخرجها النَّسائيُّ.

و (صالح بن رُسْتمَ): (رُسْتمُ): لا ينصرف؛ للعُجْمَة والعلميَّة، وهذا ظاهِرٌ، و (صالح): هو أبو عامر الخزَّاز المزنيُّ مولاهم، البصريُّ، عن عكرمة، والحسن، وابن أبي مُلَيْكَة، وطائفةٍ، وعنه: ابنه عامر بن أبي عامر، وإسرائيلُ، وهُشَيمٌ، ويحيى القَطَّان، وأبو داود الطيالسيُّ، وخلقٌ، ضعَّفه ابن معين، وقال أيضًا: لا شيء، وقال أحمد: صالح الحديث، وقال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، وقال أبو داود الطيالسيُّ وأبو داود: ثقة، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن عديٍّ: لم أرَ له حديثًا منكرًا، أخرج له مسلمٌ والأربعة، وعلَّق له البُخاريُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، ومتابعته لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخُنا لم يخرِّجْها.

تنبيهٌ: لهم: صالح بن رُسْتمَ آخَرُ، يكنى أبا عبد السلام، دمشقيٌّ، مولى بني هاشم، عن ثوبان وعبد الله بن حَوالة، وعنه: سعيد بن أبي أيُّوب، وعبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جابر، وغيرُهما، قال أبو حاتم: مجهولٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، أخرج له أبو داود، وله ترجمةٌ في «الميزان»، في (صالح عن مكحولٍ): شاميٌّ مجهولٌ، قال الذَّهَبيُّ: قلت: روى عنه ثقتان، فخفَّت الجهالةُ، انتهى، تَقَدَّمَ أنَّه روى عنه غيرُهما، وقوله: (خفَّت الجهالة): الظاهر أنَّ معناه: انتقل من جهالة العين إلى جهالة الحال، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابنَ القَطَّان قال: إذا روى عن الشخصِ شخصٌ مع توثيقٍ واحدٍ له من أئمَّة الجرح والتعديل؛ قُبِل، وإلَّا؛ فلا، وهذا قولٌ من أقوالٍ في المسألة.

و (ابن أبي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (رستمٍ).

(1/11720)

[حديث: ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك]

6537# قوله: (حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضَهم قال: وبالضَّمِّ أيضًا، و (عُبَادة): بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا.

قوله: (يُحَاسَبُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (ذَلِكِ الْعَرْضُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

(1/11721)

[حديث: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ... ]

6538# قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ): هو بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وهو مُحَمَّد بن مَعْمَر بن رِبْعيٍّ القيسيُّ، أبو عبد الله البصريُّ، المعروف بالبحرانيِّ، أخرج له الجماعة، ترجمته معروفةٌ، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (سَعِيدٌ): هو ابن أبي عَرُوبة، وقد تَقَدَّمَ كلام صاحب «القاموس» في (عروبة).

==========

[ج 2 ص 696]

(1/11722)

[حديث عدي: ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة]

6539# 6540# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) قريبًا وبعيدًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (خَيْثَمَةُ): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجعفيُّ الكوفيُّ.

قوله: (لَيْسَ بَيْنَهُ [1] وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان) في حديث هرقل في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (قَالَ الأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ): (عمرو): هو ابن مُرَّة، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (قال الأعمش: وحدَّثني)؛ بالواو، وهذا أوضح، وقد أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن عليِّ بن حُجر، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، بالإسنادين جميعًا، وزاد: (ولو بكلمة طيِّبة)، وفيه أيضًا عن يوسف بن موسى، عن أبي أسامة، عن الأعمش، عن خيثمة به مختصرًا، وأخرجه مسلمٌ في (الزكاة)، والتِّرْمِذيُّ في (الزهد)، وابن ماجه في (السُّنَّة).

قوله: (وَأَشَاحَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أَشاح)، وهو بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة، وبعد الألف حاء مهملة؛ أي: جدَّ وانكمش على الوصيَّة باتِّقاء النار، وقيل: حَذِر من ذلك كأنَّه ينظر إليها، و (المشيح): الحَذِر، وقيل: الهاربُ، وقيل: (أشاح): أقبل، وقيل: قبضَ وجهَه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (بَيْنَ اللهِ).

[ج 2 ص 696]

(1/11723)

[باب: يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب]

قوله: (بَاب يَدْخُلُونَ [1] الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ): فائدةٌ هي تنبيهٌ: سُئِل الحنَّاطيُّ من الشَّافِعيَّة عن الأنبياء والأولياء هل يُحاسَبون يوم القيامة؟ فأجابَ في «فتاويه»: أنَّهم يُحاسَبون بأعمالهم، قال: وكذلك الكفَّارُ يُعرَّفون ما عملوا، ثُمَّ يُؤمَر بهم إلى النار، قال: والصحيح أنَّ الكافرَ وُكِّلَ به مَن يكتب عملَه من المَلَكين؛ كما على المسلم، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الإنشقاق: 10]؟! فهؤلاء هم الكفَّار عند أكثر العلماء، وهو الصحيح، ومَن يؤتى كتابه بيمينه؛ كان مؤمنًا مُصلِحًا، ومن أوتيه بشماله؛ كان فاجرًا فاسقًا، انتهى، فقوله في الأنبياء: (إنَّهم يحاسبون): فيه نظرٌ، وإذا كان يدخل الجنَّةَ سبعون ألفًا بغير حساب، وهم الذين وُصِفوا بأنَّهم «لا يسترقون ... »؛ الحديث، وأين مقام هؤلاء من الأنبياء؟! والأنبياء أعلى مقامًا من جميع الخلق؛ فكيف يُحاسَبون؟! بل يُؤخَذ من السبعين ألفًا أنَّ الأنبياءَ لا يُحاسَبون من بابٍ أَولى، وكذلك الحديث الذي في «الصحيح»: «أدخِل من أمَّتك مَن لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنَّة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب»، والحديث الآخَرُ: «سبعين ألفًا، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا لا حساب عليهم»، وسيجيء، وغير ذلك، والحساب هو لمن له حسناتٌ وسيِّئاتٌ، والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصومون، وقول الحنَّاطيِّ: (إنَّ من أُوتِيَ كتابه بيمينه؛ كان مؤمنًا مصلحًا ... ) إلى آخر كلامه؛ فاعلم أنَّ القاضيَ عياضًا رحمه الله نقل في «شرح مسلم» في (أحاديث الحوض) في (كتاب المناقب) قولَين؛ أحدهما: أنَّ جميع المؤمنين من الأمم يأخذون كُتُبَهم بأيمانهم، ثُمَّ يعذِّب الله مَن شاء [2] مِن عُصاتهم، والثاني: إنَّما يأخذ كتابَه بيمينه الناجون من النار خاصَّةً، انتهى [3].

تنبيهٌ ثانٍ: هؤلاء السبعون ألفًا هم من مقبرةٍ واحدةٍ؛ وهي البقيعُ؛ مقبرةُ أهل المدينة المشرَّفة، ويحتمل أنَّهم منهم ومِن غيرهم.

(1/11724)

قال القرطبيُّ في «تذكرته» في (باب مَن يدخل الجنَّةَ بغير حساب) ما لفظه: (خرَّج التِّرْمِذيُّ _يعني: مُحَمَّد بن عليٍّ الحافظ الحكيم_ عن نافعٍ، عن أمِّ قيس حدَّثته: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خرج آخذًا بيدها في سكَّةٍ من سِكَك المدينة حتَّى انتهى بها إلى بقيع الغرقد، فقال: «يُبعَث منها سبعون ألفًا يوم القيامة في صورة القمر ليلةَ البدر، يدخلون الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ»، فقام رجل، فقال: يا رسول الله؛ ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت منهم»، فقام رجلٌ آخَرُ

[ج 2 ص 696]

فقال: يا رسول الله؛ ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكَّاشة»)، انتهى، وقد رأيتُ هذا الحديثَ في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» من حديث أمِّ قيسٍ بنتِ محصن في (معجم النساء)، قال الحكيم التِّرْمِذيُّ: (فهذا العدد من مقبرةٍ واحدةٍ، فكيف بسائر مقابر أمَّته؟!) انتهى، فيحتمل أنَّ هذه القصَّةَ غيرُ التي فيها: «هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيَّرون ... »؛ الحديث، ويحتمل أنَّها هي، وأنَّ قوله: «هم الذين لا يسترقون ... » إلى آخره اختُصِر، فإن كانت غيرَها؛ فهؤلاء غيرُ أولئك، وإن كانت؛ فهم هم، والله أعلم.

وممَّا يؤيِّد أنَّه هو الحديثُ حديثٌ رواه أبو بكر ابن أبي شيبة من حديث أبي أمامة الباهليِّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «وعدني ربِّي أن يُدخِل الجنَّةَ من أمَّتي سبعين ألفًا، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا لا حسابَ عليهم ولا عذابَ، وثلاث حَثَياتٍ من حَثَيات ربِّي»، وفي سنده إسماعيل بن عيَّاش، وقد عنعن، ولكن الطَّبَرانيَّ قد صَرَّحَ في طريقه بالتحديث فيه، وهو يرويه عن مُحَمَّد بن زياد؛ هو الألهانيُّ، وهو شاميٌّ.

(1/11725)

وأيضًا قد جاء من غير طريقه كما أخرجه ابن أبي عاصم، وصحَّح أبو عبد الله المقدسيُّ الضياءُ طريقَ ابن أبي عاصم، وقد ذكره ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في «حادي الأرواح» من حديث عتبة بن عبد السُّلَميِّ من عند الطَّبَرانيِّ، قال الضياء المقدسيُّ: لا أعلم لهذا الإسناد علَّةً، وكذا ذكره ابن القَيِّمِ من حديثِ غيرِ مَن ذكرت؛ فانظره إن أردته من «حادي الأرواح» في الباب الثالث والثلاثين، وفي بعض طرقه في «الطَّبَرانيِّ»: (فحُسِب ذلك عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فبلغ كذا وكذا)، وفي الجملة في النسخة التي وقفتُ عليها غلطٌ، والصوابُ: فجاءت جملة الكلِّ خمسةَ آلافِ ألفِ أَلفِ إلَّا عشرةَ آلافٍ، والله أعلم، وهذا غيرُ الثلاثِ حَثَيات، فالحَثَيات لا يَعلمُ عدَدَهم إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ، ولو شاء الله؛ لأدخل الخلقَ كلَّهم بحثيةٍ واحدةٍ.

وقد رأيت أنا في «مسند أبي يعلى المَوصليِّ» حديثًا عن أبي بكر رضي الله عنه _وفي سنده رجلٌ مبهمٌ_: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «يدخل الجنَّة من أمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب ... » إلى أن قال: «فاستزدتُ ربِّي، فزادني مع كلِّ واحدٍ سبعين ألفًا ... »؛ الحديث، وفي «التِّرْمِذيِّ» و «ابن ماجه» من حديث أبي أمامة: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «وعدني ربِّي أن يُدخِلَ الجنَّة من أمَّتي سبعين ألفًا لا حسابَ عليهم ولا عذابَ، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا، وثلاث حَثَيات من حَثَيات ربِّي»، قال التِّرْمِذيّ: حسنٌ غريبٌ.

تنبيهٌ: جملة هذا المذكور في هذا الحديث تَقَدَّمَت أعلاه، وأمَّا حديث: «مع كلِّ ألفٍ [4] سبعون ألفًا»؛ فجملة ذلك تسعُ مئةِ ألفِ ألفٍ وأربعةُ آلافِ ألفِ أَلفٍ، كذا حسبه اثنان ممَّن يحسب، والله أعلم، قال القرطبيُّ في «التذكرة»: وخرَّج أبو بكر البزَّار من حديث أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يدخل الجنَّةَ من أمَّتي سبعون ألفًا، مع كلِّ واحدٍ من السبعين ألفًا سبعون ألفًا».

(1/11726)

[حديث: عرضت علي الأمم فأخذ النبي يمر معه الأمة]

6541# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن فُضَيل بن غزوان الضَّبِّيُّ مولاهم، الحافظ، و (فُضَيل): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وهو ابن عبد الرَّحْمَن السُّلَميُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ): (أَسِيد): بفتح الهمزة، وكسر السين، وهو أَسِيد بن زيد بن نَجِيح الجمَّال؛ بالجيم، روى عنه البُخاريُّ حديثًا واحدًا؛ وهو هذا الذي نحن فيه مقرونًا كما تراه هنا، أبو مُحَمَّد الكوفيُّ، قال ابن معين: كذَّاب، وقال النَّسائيُّ: متروك، وقال ابن عديٍّ: عامَّة ما يرويه لا يُتابَع عليه، لم يخرِّج له سوى البُخاريِّ مقرونًا بعِمران بن ميسرة، لأَسِيد ترجمةٌ في «الميزان»، وفيها: أنَّه تُوُفِّيَ قبل العشرين ومئتين، انتهى، وقد اتَّهمه ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» في حديثٍ في فضل عائشةَ رضي الله عنها بأنَّه وضعه، و (هُشَيْمٌ) بعده: هو ابن بَشِير، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه حافظ بغداد، و (حُصَيْن): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن.

قوله: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ): (عُرِضَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عَلَيَّ): جارٌّ ومجرورٌ.

قوله: (فَأَخَذَ النَّبِيُّ): (أخَذَ): بالخاء والذال المعجمتين المفتوحَتَين، كذا في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ، فـ (النَّبيُّ) على هذه: مَرْفُوعٌ فاعلٌ، ورأيتُ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فَأَجِدُ)؛ بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وبالدال المُهْمَلَة، من الوِجْدان، فـ (النَّبيَّ) على هذه: مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

قوله: (فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ): أي: أشخاصٌ كثيرةٌ.

قوله: (إِلَى الأُفُقِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الأُفُق) بضَمِّ الهمزة والفاء وتُسَكَّن: جانب السماء.

قوله: (لَا يَكْتَوُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الكَيِّ)، وعلى الجمع بين أحاديثه، وأنَّها أربعةُ أنواعٍ، في (كتاب الطِّبِّ).

قوله: (وَلَا يَسْتَرْقُونَ): تَقَدَّمَ أنَّ ما رواه مسلمٌ: «لا يرقون ولا يسترقون» مقحمةٌ في الحديث، وأنَّ الصوابَ ما رواه البُخاريُّ بحذف (يرقون)، وأنَّ ابنَ تيمية أبا العَبَّاس نبَّه عليه.

قوله: (وَلَا يَتَطَيَّرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الطِّيَرَة).

(1/11727)

قوله: (فَقَامَ [1] عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (عكَّاشة) بالتشديد ويُخَفَّف، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وما قاله ابن قُرقُول في أخته أمِّ قيس بنت [2] مِحْصَن نقلًا.

قوله: (ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن عبادة سيِّد الخزرج، وقد يُجاب عن قوله: «سبقك بها عكَّاشة»: بأنَّه لم يبلغ منزلةَ عكَّاشة؛ لكونه شهد بدرًا، وهذا من معاريضِ الكلام، والرِّفقِ في الخطاب، وقد وقع في «صحيح مسلم»: أنَّ سعدَ بن عبادة شهد بدرًا، وهو غيرُ معروفٍ عند أهل السِّيَر، قال أبو الفتح ابن سَيِّد النَّاسِ في شهوده بدرًا: لم يصحَّ، انتهى، أو أنَّه لم يهتمَّ كما اهتمَّ عكَّاشةُ، بل جلس حتَّى قام عكَّاشة، أو أنَّه لم يكن فيه تلك الشروط، والله أعلم، ويحتمل في كونه ليس منهم التنبيهُ على فضيلة السَّبْق إلى القُربات، ولو أجابه؛ لم يكن للسَّابقِ مزيَّةٌ، وهو قريبٌ من الثاني، أو هو هو، والله أعلم.

تنبيهٌ: ذكر السُّهَيليُّ في «روضه» ما لفظه _وذكر قول النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لعكَّاشة حين قال: ادعُ الله يا رسول الله أن يجعلني منهم، فدعا له، ثُمَّ قام رجلٌ آخَرُ، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكَّاشة» _: هذا الحديث في «الصحاح»، وزاد ابن إسحاق: «وبَرَدَتِ الدَّعوةُ»، وذكر أبو عمر النَّمِريُّ عن بعض أهل العلم _ولم يسمِّه_: أنَّ الرجلَ الذي قيل له: «سبقك بها عكَّاشة» كان منافقًا، ولذلك لم يدعُ له النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال السُّهَيليُّ: وهذا لا يصحُّ؛ لأنَّ في «مسند البزَّار» من طريق أبي صالح عن أبي هريرة في هذا الحديث: (فقام رجلٌ من خِيار المهاجرين، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم)، قال ابن بَطَّال: (معنى قوله: «سبقك بها عكَّاشة»؛ أي: سبقك بهذه الصِّفَة التي هي صِفَةُ السبعين ألفًا؛ ترك التطيُّر ونحوه، ولم يقل: لستَ منهم ولا على أخلاقهم؛ لحسن أَدَبِه عليه السلام، وتلطُّفِه في الكلام، لا سيَّما مع أصحابه الكرام.

قال السُّهَيليُّ: (والذي عندي في هذا الحديث أنَّها كانت ساعة إجابة علمها عليه السلام، فلمَّا انقضت؛ قال للرجل ما قال، يبيِّن هذا الحديثَ حديثُ أبي سعيد الخُدْريِّ، فإنَّه قال فيه بعد ذكر عكَّاشة: (فقام رجلٌ آخَرُ، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «اللهمَّ؛

[ج 2 ص 697]

(1/11728)

اجعله منهم»، ثُمَّ سكتوا ساعةً يتحدَّثون، ثُمَّ قام الثالث فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكَّاشة وصاحبُه، ولو قلتُ؛ لقلتُ، ولو قلتُ؛ لوجبت»، وهي في «مسند ابن أبي شيبة»، وهو في «مسند البزَّار» أيضًا، ويقوِّي هذا المعنى أيضًا روايةُ ابن إسحاق، فإنَّه زاد: (فقال: «سبقك بها عكَّاشة، وبَرَدَت الدعوة»)؛ فَقِفْ على ما ذكرتُه في تفسير حديث عكَّاشة، فإنَّه من فوائد هذا الكتاب، انتهى، وقال غيره: وفي امتناعه أن يدعُوَ للرجل الثاني سدُّ باب الطلب، فإنَّه لو دعا لكلِّ مَن سأله ذلك؛ فربَّما طلبه مَن ليس مِن أهله، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (إليه).

[2] في (أ): (بن)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11729)

[حديث: يدخل من أمتي زمرة هم سبعون ألفًا]

6542# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)؛ فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (زُمْرَةٌ): (الزُّمْرة): الجماعة في تفرقة؛ أي: بعضهم على إثر بعضٍ.

قوله: (تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ): (تُضيء): بضَمِّ أوَّله، وهمزة في آخره، رُباعيٌّ، و (وجوهُهم): مَرْفُوعٌ فاعل، و (إضاءةَ)؛ بكسر الهمزة، وهمزة ممدودة في آخره: مَنْصُوبٌ على المصدر.

قوله: (فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (عكَّاشة) بالتشديد وبالتخفيف أيضًا، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وبعض ترجمة عكَّاشة، و (الأَسَدِيُّ): بفتح الهمزة والسين.

قوله: (يَرْفَعُ نَمِرَةً): تَقَدَّمَ ما (النَّمِرة).

قوله: (ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ في ظاهر هذه أنَّه سعد بن عبادة، وتَقَدَّمَ كلام أبي عمر ابن عَبْدِ البَرِّ، وكلام السُّهَيليِّ، وما يتعلَّق بذلك، قريبًا جدًّا.

(1/11730)

[حديث: ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفًا أو سبعمائة ألف]

6543# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا مريم) هو الحكم بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ (أَبُو غَسَّانَ): أنَّه يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّه مُحَمَّد بن مُطَرِّف، وتَقَدَّمَ (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، مرارًا.

قوله: (مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ): (آخِذٌ)؛ بمدِّ الهمزة، وكسر الخاء: اسمُ فاعلٍ.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11731)

[حديث: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقوم ... ]

6544# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، و (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (صَالِح): هو ابن كيسان.

قوله: (ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ): هذا المؤذِّن لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11732)

[حديث: يقال لأهل الجنة خلود لا موت]

6545# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: تَقَدَّمَ [أنَّه] عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11733)

[باب صفة الجنة والنار]

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ): تَقَدَّمَ ما (زيادة الكبد)، وتَقَدَّمَ ما هذا (الحوت)، وما الحكمة في ذلك.

(1/11734)

[حديث: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ... ]

6546# قوله: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ): هذا هو عوفٌ الأعرابيُّ، وهو ابن أبي جَمِيلة، واسمُ أبي جَمِيلة رُزَينَةُ، وقيل: بندويه، ولم يكن أعرابيًّا، وإنَّما لُقِّبَ به، وقال ابن دقيقِ العيد: (لدخوله درب الأعراب)، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك، العطارديُّ، و (عِمْرَان): هو ابن حُصَين، وحُصَين صَحَابيٌّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على (حُصَين)، وأنَّه بالضَّمِّ.

قوله: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ)، وكذا بعده: (وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ): قال ابن قُرقُول في قوله عليه السلام: «ولو أنَّ امرأةَ اطَّلعت على أهل الأرض»: أي: أشرفت، يقال: أَطْلع الرجلُ إطْلاعةً؛ بسكون الطاء فيهما؛ أي: أشرف، واطَّلعت من فوق الجبل.

قوله: (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ)، وكذا الثانية: (أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على نصب (أكثرَ) في أوائل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ الكلام على سؤالٍ في الحديث وجوابِه.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11735)

[حديث: قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين.]

6547# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو ابن إبراهيم ابن عُلَيَّة، أحد الأعلام، و (سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن طرخان، و (أَبُو عُثْمَانَ): هو عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّم اللُّغَات في (مَلٍّ)، النهديُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أُسَامَة): هو ابن زيد بن حارثة، الحِبُّ بن الحِبِّ، رضي الله عنهم، وحارثةُ أسلمَ وصَحِبَ.

قوله: (فَكَانَ عَامَّة مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِين): (عامَّةَ): مَنْصُوبٌ خبرٌ، و (المساكينُ): مَرْفُوعٌ، الاسم، ويجوز العكس [1].

قوله: (وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ): (الجَدُّ)؛ بفتح الجيم، وتشديد الدال المُهْمَلَة: الحظُّ والغنى، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (مَحْبُوسُونَ): أي: عن دخول الجنَّة، أو موقوفون للحساب.

قوله: (قَدْ أُمِرَ بِهِمْ): (أُمِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 698]

(1/11736)

[حديث: إذا صار أهل الجنة إلى الجنة]

6548# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان، و (عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ): هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ.

قوله: (جِيءَ بِالْمَوْتِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الموتَ) معنًى، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ يُجَسِّدُه، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في (سورة مريم) في (التفسير) [خ¦4730]، وهناك ذكرتُ مَن يذبحُه، وكلامَ مَن قال: إنَّ مَلَك الموت يُذبَح، وردَّه، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ يُذْبَحُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ في (سورة مريم) مَن يذبحُه.

قوله: (حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ): (الحُزْن) و (الحَزَن) لغتان، تقدَّمتا.

(1/11737)

[حديث: إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة]

6549# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

قوله: (أُحِلُّ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الحاء، وتشديد اللام، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

(1/11738)

[حديث: ويحك أوهبلت أوجنة واحدة هي؟]

6550# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث، أبو إسحاق الفَزاريُّ، و (حُمَيد): هو ابن أبي حُمَيد الطويلُ، أبو عُبيدة البصريُّ، تَقَدَّمَ، وليس بحُمَيد بن هلال، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» عن أنسٍ إلَّا حديثان: «أخذ الراية زيدٌ، فأصيب»، وحديث: «كأنَّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غَنْم موكب جبريل»، ليس له عن أنس في «البُخاريِّ» غيرُهما، والأوَّل في «النَّسائيِّ» أيضًا، والثاني انفرد به البُخاريُّ، والله أعلم.

[ج 2 ص 698]

قوله: (أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (حارثة) هذا في (الجهاد) مُطَوَّلًا، وهو بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الألف ثاء مُثَلَّثَة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّه)، وأنَّها الرُّبَيِّع _بضَمِّ الراء، وفتح المُوَحَّدة، وتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة_ بنت النَّضْر، وأنَّها عمَّة أنسِ بن مالك، وبقيَّة نسبها في نسب أنسٍ، رضي الله عنهما.

قوله: (أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ): (أصبرْ)؛ بالجزم: جواب الشرط، و (أحتسبْ): معطوف عليه، وتَقَدَّمَ ما (الاحتسابُ).

تنبيهٌ: وقع هذا الحديثُ في «البُخاريِّ» هنا وفي (غزوة بدر) سندًا ومتنًا، وقلَّ أن يتَّفق له مثلُ ذلك، وقد تَقَدَّمَ التنبيهُ عليه، وتَقَدَّمَ التنبيهُ على أحاديثَ وقفتُ عليها مثلَه مجموعةً، وهي قابلةٌ للزيادة، في (كتاب الحجِّ)، وذلك أنِّي لم أقصد جمعها، وإنَّما وقع منِّي ذلك اتِّفاقًا، والله أعلم.

قوله: (أَوَهَبِلْتِ؟): هو بفتح الواو على الاستفهام، وتَقَدَّمَ الكلام على الواو متى تُسَكَّن، ومتى تُفتَح، وعلى (هَبِلْتِ).

قوله: (أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ؟): تَقَدَّمَ أنَّ (أوَ) بفتح الواو أيضًا على الاستفهام.

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ في (باب صفة الجنَّة) كم جنَّة هي، وذكرت هناك ثلاثةَ أقوالٍ؛ فانظره، وهي سبعٌ أو ثمانٍ أو أربعٌ، مُطَوَّلًا، وأسماءَ الجنَّة، وفوائدَ، والله أعلم.

قوله: (الْفِرْدَوْسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وذكرت فيه أقوالًا.

(1/11739)

[حديث: ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع]

6551# قوله: (أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، وهو ابن غزوان.

تنبيهٌ: قال الجَيَّانيُّ في «تقييده» _كما رأيته فيه_: هكذا رُويَ في هذا الإسنادِ عن أبي زيد وأبي أحمد: «الفُضَيل»؛ غيرَ منسوب، ونسبه ابن السكن: الفُضَيل بن غزوان، وكان الشيخ أبو الحسن يقول: إنَّه الفُضَيل بن عياض، وذلك وَهَمٌ، والصواب ما قال ابن السكن، وفُضَيل بن عياض لا رواية له عن أبي حَازمٍ الأشجعيِّ، ولا أدركه، وليس لابن عياض ذكرٌ في «الجامع» إلَّا في موضعين من (كتاب التوحيد)، رواهما القعنبيُّ عنه عن منصور بن المعتمر، انتهى، ولم يذكر المِزِّيُّ فيه خلافًا: أنَّه ابن غزوان.

و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمان الأشجعيُّ، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 699]

(1/11740)

[معلق إسحاق: إن في الجنة لشجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام]

6552# 6553# قوله: (وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا [1] الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ): أمَّا (إسحاق بن إبراهيم)؛ فهو ابن راهويه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون في الغالبِ قد أخذَ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (المغيرة بن سلمة): قُرَشيٌّ، كنيته أبو هشام، مخزوميٌّ، عن أبان بن يزيد العطَّار، والقاسم بن الفضل الحُدَّانيِّ، وسليمان بن المغيرة، وطبقتِهم، وعنه: ابن راهويه، وابن المَدينيِّ، وبُنْدَار، وإسحاق الكوسج، وآخرون، قال يعقوب بن شيبة: كان ثقةً ثبتًا، وقال ابن المَدينيِّ: ثقةٌ، ما رأيت قُرَشيًّا أفضلَ منه، ولا أشدَّ تواضعًا ... إلى آخر كلامه، قال البُخاريُّ: مات سنة مئتين، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال المِزِّيُّ في «تهذيبه» في ترجمة المغيرة هذا: استَشْهَد به البُخاريُّ في «الصحيح»، انتهى، قال الإمام مغلطاي: فيه نظرٌ؛ لأنَّ البُخاريَّ قال في أواخر (الرقائق): (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم عن المغيرة بن سلمة المخزوميِّ ... )؛ فذكر هذا المكان، انتهى، والذي وقع في أصلنا: (وقال إسحاق بن إبراهيم: حدَّثنا المغيرة بن سلمة)، كما سُقْتُه لك، والله أعلم، وفيه شاهدٌ لِما قاله المِزِّيُّ.

و (وُهَيب): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أبو حَازم)؛ بالحاء المُهْمَلَة: سلمة بن دينار.

قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا): أي: في ذُراها، وكنفها، وراحتها، ونعيمها، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك، وعلى اسم هذه الشجرة، في (باب صفة الجنَّة وأنَّها مخلوقةٌ) في (بدءِ الخلق)؛ فانظره.

قوله: (قَالَ أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن دينار.

(1/11741)

قوله: (فَحُدِّثَ بِهِ النُّعْمَانُ): (حُدِّث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النعمانُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، وفي نسخة: (فَحَدَّثْتُ به النعمانَ) [2] (بْن أَبِي عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (عيَّاشًا) بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، ووالد النعمان هذا: اسمه زيد بن الصامت، وقيل: عُبيد بن زيد بن الصامت، وقيل: عبيد بن معاوية بن الصامت، الخزرجيُّ الزُّرَقيُّ، شهد أبو عيَّاش أُحُدًا، أخرج له أبو داود، والنَّسائيُّ، وأحمد في «المسند»، وابنه النعمان ترجمتُه معروفةٌ، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ): (الراكبُ): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه فاعلٌ، و (الجوادَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، يُقال: سارت الدَّابَّةُ، وسارها صاحبُها، يتعدَّى ولا يتعدَّى، قاله الجوهريُّ، و (الجواد): يقال: جاد الفرس؛ إذا صار رائعًا، يجود جُودةً؛ بالضَّمِّ، فهو جوادٌ، للذَّكَر والأنثى، من خَيْل جِيادٍ وأجيادٍ وأجاويدَ، و (المُضَمَّرَ): صفة لـ (الجواد)، تقول: ضمَّرت الفرس، وأضمرته، وتضمير الخيل: هو أن يظاهرَ عليها بالعلف حتَّى تسمن، ثُمَّ لا يعلف إلَّا قوتًا ليخفَّ، وقيل: تُشَدُّ عليها سروجُها، وتُجَلَّل بالأجلَّة حتَّى تعرق تحتها، فيذهبَ رَهَلُها، ويشتدَّ لحمها، و (السريعَ): صفةٌ بعد صفةٍ، وعن الأصيليِّ برفع (المضمِّرُ) و (الجوادُ) صفة لـ (الراكبُ)، فتكون على هذا بكسر الميم الثانىة، وقد تكون على البدل، وفي أصلنا رفع (الجوادُ)، وعليه (صح)، ونصب (المضمَّرَ) و (السريعَ)، ورفع (الجوادُ) و (المضمِّرُ) أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 699]

(1/11742)

[حديث: ليدخلن الجنة من أمتي سبعون أو سبع مئة ألف]

6554# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ): هو عبد العزيز بن أبي حَازم _بالحاء المُهْمَلَة_ سلمةَ بنِ دينار.

قوله: (لَا يَدْرِي أَبُو حَازِمٍ أَيَّهُمَا قَالَ): (أبو حَازم): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن دينار، و (أيَّهما): بالنصب.

==========

[ج 2 ص 699]

(1/11743)

[حديث: إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة]

6555# 6556# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ): هذا هو القعنبيُّ الحافظ، سمعت «موطَّأه» بحلبَ عاليًا، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن أبي حازم سلمةَ بنِ دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (لَيَتَرَاءَوْنَ الْغُرَفَ فِي الْجَنَّةِ): أي: ينظرون إليهم، ويتعاطَون رؤيتهم، ومنه: تراءينا الهلالَ؛ أي: تعاطينا رؤيته وتكلَّفناها.

قوله: (قَالَ أَبِي: فَحَدَّثْتُ بِهِ [1] النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ): القائل (قال أبي): هو عبد العزيز بن أبي حَازم سلمةَ بنِ دينار، وتَقَدَّمَ (النعمان بن أبي عيَّاش)، وضبط (أبي عيَّاش)، والاختلاف في اسم (أبي عيَّاش)، وبعض ترجمته، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (الْغَارِبَ): وفي نسخة: (الغابر)، تَقَدَّمَ الاختلاف فيه وضبطُه مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته في (باب صفة الجنَّة).

قوله: (فِي الأُفُقِ الشَّرْقِيِّ وَالْغَرْبِيِّ): (الأُفُق): بضَمِّ الهمزة والفاء وتُسَكَّن، وقوله: (الشرقيِّ والغربيِّ): تَقَدَّمَ كلام ابن التين فيه في (صفة الجنَّة).

==========

[1] (به): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 699]

(1/11744)

[حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة]

6557# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو عِمْرَانَ) هذا: اسمه عبد الملك بن حبيب، أبو عِمران الجَونيُّ الأزديُّ، ويقال: كنديٌّ، أحد علماء البصرة، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة.

قوله: (لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا): الظاهرُ أنَّ (أهلَها) الخالدون فيها، وإذا كان كذلك؛ فأهونُهم أبو طالب عبدُ مَناف، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في اسم أبي طالب، وسيأتي قريبًا، والله أعلم، وسيأتي بمقلوبها ما قاله شيخُنا في هذا، وما قاله ابن شيخِنا البُلْقينيِّ من أنَّه في «مسلم» ما يقتضي أنَّه أبو طالب، فذكره، وما قاله صحيحٌ.

قوله: (أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا): (أردت): معناه: طلبت منك وأمرتُك، انتهى، قاله النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، وهو ظاهِرٌ؛ لأنَّ إرادةَ الله لا تتخلَّف، ولا يكون إلَّا ما يريد سبحانه وتعالى.

[ج 2 ص 699]

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثَني).

(1/11745)

[حديث: يخرج من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير]

6558# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عَارمٌ، وأنَّه بعيد من العَرامة، وتَقَدَّمَ ما (العَرامة)، و (حَمَّادٌ) بعده: هو ابن زيد، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا عمرو بن دينار قهرمانُ آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى [له] التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، والله أعلم، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.

(1/11746)

قوله: («كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ»، قُلْتُ: مَا الثَّعَارِيرُ؟ قَالَ: الضُّغَابِيسُ): (الثَّعارِيْر): بفتح الثاء المُثَلَّثَة، وبالعين المُهْمَلَة، وبعد الألف راءان، بينهما مُثَنَّاة تحت ساكنة، الراء الأولى مكسورة، و (الضُّغَابِيْس): بضَمِّ الضاد المُعْجَمَة [1]، والغين مثلها، وبعد الألف مُوَحَّدة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الضُّغَابِيْس: صغار القِثَّاء، شُبِّهوا بها؛ لسرعة نموِّها)، انتهى، وفي «المطالع»: «الثَّعَارِير»: فسَّرها في الحديث: «الضغابيس»، قال ابن الأعرابيِّ: هي قثَّاء صغار، وقال أبو عبيد: هي شبه قثَّاء صغارٍ تُؤكَل؛ يعني: الضغابيسَ، قال: وهي الشعارير أيضًا بالشين، وقال غيره: الثعارير: واحدها: ثُعرور؛ وهي رؤوس الطراثيث تكون بيضاءَ، شُبِّهوا بها، وقيل: هو شيءٌ يخرج من أصول السَّمُر، قال: والضغابيس: شبه العراجين تنبت في أصول الثُّمَام، قال: والثعارير: الطراثيث، والطُّرثوث: نباتٌ كالقطن مستطيلٌ، وقيل: الثعارير: شبه العساليج، وفي «الجمهرة»: الطرثوث: نَبْتٌ ينبت في الرمل، وقال الأصمعيُّ: الضغابيس: نَبْتٌ ينبت في أصول الثُّمَام، يشبه الهليون، يُسلَق ثُمَّ يُؤكَل بالخلِّ والزيت، وقيل: هو نَبْتٌ بالحجاز ينبت في أجواف الشجر وفي الإذخر، يخرج قدر شبر في دقَّة الأصابع، لا ورقَ له، أخضر في غبرة، وفيه حُموضة، يُؤكَل نيِّئًا، وقد يُسَمَّى بذلك ما دام رَطْبًا، فإذا اكتمل؛ فهو الثعارير، وقيل: الثعارير: هو البياض الذي في أسفل الضغابيس، وقيل: الثعارير: الأَقِط ما دام رَطْبًا، وجدتُ للقابسيِّ: هي صَدَفُ الجَوْهر، وقد يعضد هذا قولُه في الحديث الآخَرِ: «كأنَّهم اللؤلؤ»، انتهى، وفي «النهاية»: القثَّاء، وقيل: رؤوس الطراثيث، شُبِّهوا بالأوَّل؛ لسرعة نمائها، وبالثاني؛ لبياضها، وفي «الصحاح»: (الثعارير: الثآليل، وحملُ الطراثيث)، انتهى.

و (الضُّغَابِيس): تَقَدَّمَ ضبطه، وواحدها: ضُغبوس، ورأيت في حاشيةٍ عن الصغانيِّ أبي الحسن اللغويِّ: (يُروى: «التغاريز»؛ بالتاء باثنتين من فوقها، والغين المُعْجَمَة، وآخرها زاي، وهي جمع «تَغرِيز»؛ وهو ما حول الفسيل وغيرِه يُغرَز، ويُروى: «الثعارير») ... إلى آخر كلامه، والكلام في هذه الرواية الثانية معروفٌ.

(1/11747)

قوله: (وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ): النَّحْويُّون يُنكرون اجتماع الميم مع إضافة الفم إلى المضمر، ويَرَوْنَ أنَّه جائزٌ في الشِّعر، لا في غيره، وإنَّما إعرابُه عندهم بالحروف؛ بالواو رفعًا، وبالألف نصبًا، وبالياء جرًّا، فحقُّه هنا أن يُقال: (سقط فُوه) عندهم، ومعنى (سقط فمُه)؛ أي: سقطت أسنانه، ومعنى هذا الكلام: أنَّه كان لا يعطي الحروفَ حقَّها، فيُبدِل الثاءَ تاءً، والله أعلم.

(1/11748)

[حديث: يخرج قوم من النار بعدما مسهم منها سفع]

6559# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال، وبالمُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه يُقال له: هدَّاب أيضًا، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ.

قوله: (سَفْعٌ): هو بفتح السين، وإسكان الفاء، وبالعين، المُهْمَلَتين؛ أي: سوادٌ مِن لَفْحِها.

(1/11749)

[حديث: إذا دخل أهل الجنة الجنة ... ]

6560# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): هو ابنُ عمارة بن أبي حسن المازنيُّ الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيْدٍ الْخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تقدَّموا.

قوله: (فَأَخْرِجُوهُ): هو بقطع الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (فَيُخْرَجُونَ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَدِ امْتُحِشُوا): قال ابن قُرقُول: بضَمِّ التاء، وكسر الحاء، وعند أبي بحر بفتحهما، وكذا للأصيليِّ، يُقال: مَحَشَتْهُ النَّارُ، وامتُحِش هو، قال يعقوبُ: لا يُقال: مَحَشَتْه، إنَّما هو أَمْحَشَته، والصحيح: أنَّهما لُغَتان، والرباعيُّ أكثرُ، وامتُحِش غضبًا؛ أي: احترق، قال الداوديُّ: معناه: انقبضوا واسودُّوا، انتهى.

قوله: (وَعَادُوا حُمَمًا): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الميم الأولى، وهو الفحم، وفي «الصحاح»: (والحُمَمُ: الرَّمَادُ، والفحم، وكلُّ ما احترق من النار، الواحد: حُمَمة).

قوله: (الْحِبَّةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وكذا (حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوْ [1]: حَمِئَةِ السَّيْلِ)، وفي نسخة: (حَمِيَّةِ) [2]، قال ابن قُرقُول: (في حَمْأة السيل): عن السمرقنديِّ والعذريِّ والسجزيِّ: (في حَمِئَة السيل)، وعند الطَّبَريِّ: (حميَّة السيل)؛ مشدَّد الياء، ولا معنى له ههنا.

(1/11750)

[حديث: إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص]

6561# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله، و (النُّعْمَان): هو ابن بَشِير _بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة_ ابن سعد الأنصاريُّ، رضي الله عنهما، تَقَدَّمَ الكلام على النعمان.

قوله: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا ... ) إلى آخره: إن أراد أهلَ النار الخالدين؛ فالظاهر أنَّه أبو طالب، وإن أراد الداخلين عمومًا؛ فلا أعرفه، قُلتُه ولم أرَه لأحدٍ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، ثُمَّ رأيتُ شيخَنا قال: [قال] الداوديُّ: يحتمل أن يكون هذا الرجلُ أبا طالب وغيرَه من المسلمين؛ لأنَّ أبا طالب تبلغ النار كعبيه، ولأنَّه أخفُّ الكافرين عذابًا، ولأنَّ الكفَّارَ {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56]، انتهى، وقال ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ: جاء في «مسلم» ما يقتضي أنَّه أبو طالب، فذكره، وما قاله صحيحٌ.

قوله: (فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ): (أخمص القَدَم): هو المتجافي منه عن الأرض، وأصله من الضمور، وقد تَقَدَّمَ ما الحكمة في كون العذاب على رِجْلَي أبي

[ج 2 ص 700]

طالب فقط من عند السُّهَيليِّ.

(1/11751)

[حديث: إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل على أخمص ... ]

6562# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّه بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة، في الصفحة قبل هذه وقبله ببعيد أيضًا، وتقدَّمت بعضُ ترجمة النعمان.

قوله: (كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ بِالْقُمْقُمِ [1]): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال القاضي عياض: (صوابه: «المِرْجَلُ والقُمْقُمُ»)، انتهى، (المِرْجَل)؛ بكسر الميم، وإسكان الراء، وفتح الجيم، ثُمَّ لام، قال ابن قُرقُول: هو القِدْر، وقيل: من نُحَاسٍ، انتهى، وفي «الصحاح»: (المِرْجَل: قِدْر من نحاس)، انتهى، و (المِرْجَل): مذكَّر من بين أسماء القِدْر، قاله ابن سيده في «شرح المتنبِّي»، وقال ابن قُرقُول: («كما يغلي المِرْجَل بالقُمْقُم»: كذا في جميع الروايات، وذكره ابن الصابونيِّ: «كما يغلي المِرْجَل والقُمْقُم»، وهذا أبينُ إن ساعدَتْه روايةٌ، وزعم بعضُهم أنَّ الذي في «الصحيح» مغيَّرٌ، ثُمَّ تكلَّف فيه ما يبعدُ، والقُمْقُم: فارسيٌّ مُعَرَّبٌ)، انتهى، و (القُمْقُم): بقافين مضمومتين، وميمين؛ الأولى ساكنة، وهو ما يُسَخَّن فيه الماء الحارُّ، قال ابن الأثير: ومنه: («كما يغلي المِرْجَل بالقُمْقُم»: هكذا رواه بعضُهم: «كما يغلي المِرْجَل والقُمْقُم»، وهو أبينُ إن ساعدتْه الروايةُ)، انتهى، قال بعضهم: القمقم: البُسر المطبوخ، هكذا قال أبو عمر المطرِّزيُّ، إلَّا أنَّه حكاه مكسور القافين، ووقع في كتب الحديث بالضَّمِّ، قاله ابن السِّيْد، وهو أجودُ ما قيل فيه، انتهى، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (المِرْجَلُ والقُمْقُمُ)، وكُتِب في الحاشية: (بالقُمْقُم)، وعليها (خ)؛ يعني: نسخة، وما في أصلنا هو الصوابُ إن صحَّ روايةً، والله أعلم.

(1/11752)

[حديث: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة]

6563# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن مرَّةَ الجَمَليُّ، أحد الأعلام، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجعفيُّ الكوفيُّ.

قوله: (فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ): تَقَدَّمَ معنى (أشاح)، وأنَّه جدَّ وانكمش، وقيل: حَذِر، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 701]

(1/11753)

[حديث: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار]

6564# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد العزيز بن أبي حَازم، وأنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد، و (يَزِيدُ): هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ بْن خَبَّابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عمُّه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (أبو طالب): تَقَدَّمَ أنَّ الصحيحَ أنَّ اسمَه عبدُ مَناف، وقيل: اسمه كنيته، وقال بعضُهم: عِمران، وليس بصحيحٍ، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ.

قوله: (فَيُجْعَل [1]): هو بنصب (يُجعَل)، ويجوز رفعُها، و (يُجعَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي ضَحْضَاحٍ): تَقَدَّمَ ضبطُه ومعناه.

قوله: (أُمُّ دِمَاغِهِ): (أمُّ الدماغ): الجلدة التي تجمع الدماغَ، ويقال لها: أمُّ الرأس، قاله الجوهريُّ.

==========

[1] كذا هي في «اليونينيَّة» و (ق) بالضبطين معًا.

[ج 2 ص 701]

(1/11754)

[حديث: يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا]

6565# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ): تَقَدَّمَ [أنَّ] الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر قبل النبوَّة وبعدها، هذا الذي ينبغي أن يُعتَقَد، وما وقع في القرآن أو في السُّنَّة غيرُ ذلك فكلُّه مُؤوَّل، والله أعلم، وقد ذكر عياض في «الشفا» عدَّة آياتٍ وأحاديثَ فيها شيء من ذلك، وذكر تأويلَها، والله أعلم.

قوله في نوح: (أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ): أي: بعثه الله إلى كفَّار أهل الأرض، كما تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق، وآدم نبيٌّ مرسلٌ إلى بنِيه وبني بنيه، وتَقَدَّمَ الكلام في إدريس هل هو جدُّ نوحٍ أم [لا]، وما يتعلَّق بذلك، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي [1]): تَقَدَّمَ أنَّ هذه والتي بعدَ بعدِها مقدارُ كلِّ واحدة منهما مقدارُ جمعة، كما في «مسند أحمد»، وتَقَدَّمَ أنَّ في بعض الأجزاء أنَّ مقدارَ كلِّ يومٍ عشرُ سنين، فهذه السجدة مقدارُ سبعين سنة، والله أعلم.

قوله: (تُعْطَهْ): هذه هاء السَّكْت.

(1/11755)

[حديث: يخرج قوم من النار بشفاعة محمد]

6566# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (الْحَسَن بْن ذَكْوَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (الحسن بن ذكوان، أبو سلمة البصريُّ، روى عن أبي رجاء، وروى عنه يحيى، انفرد به البُخاريُّ، والحسين بن ذكوان البصريُّ روى عن قتادة، وعطاء، ويحيى، وغيرِهم، وروى عنه يحيى أيضًا، وابن المبارك، وغيرُهما، اتَّفقا عليه)، انتهى، وللحسن بن ذكوان المُكَبَّر ترجمةٌ في «الميزان»، وكذا للمُصَغَّر، لكن صحَّح على المصغَّر، والله أعلم، وقال الجَيَّانيُّ: حسن بن ذكوان وحسين بن ذكوان _وهما من أهل البصرة_ في درجةٍ واحدة، فالأوَّل: حسن بن ذكوان أبو سلمة، عن أبي رجاء العطارديِّ، روى عنه القَطَّان، روى البُخاريُّ عن مسدَّد عن القَطَّان، فذكر هذا المكان، قال: ولم يخرِّج البُخاريُّ للحسن غيرَه، ولم يروِ له مسلمٌ شيئًا، والثاني بالتصغير: الحُسين بن ذكوان المعلِّم، يروي عن قتادة وعطاء، روى عنه شعبة وابن المبارك، رَوَيا له، انتهى، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، وقيل: ابن تيم، العطارديُّ، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، و (عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّ (حُصَينًا) بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ الأسماء كذا إلَّا حُضَين بن المنذر أبا ساسان، فإنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ أنَّ الكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ حُصَينًا صَحَابيٌّ، وتَقَدَّمَ عليه الكلامُ.

قوله: (يُسَمَّوْنَ): هو بتشديد الميم المفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الْجَهَنَّمِيِّينَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وعلامةُ النصب فيه الياءُ.

(1/11756)

[حديث: هبلت أجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة]

6567# 6568# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه، و (أُمُّ حَارِثَةَ): [تقدَّمت]، وأنَّها الرُّبَيِّع؛ بضَمِّ الراء، وفتح المُوَحَّدة، وتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة، وتَقَدَّمَ نسبُها، و (حَارِثَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الألف ثاء مُثَلَّثَة، مُطَوَّلًا في (الجهاد).

قوله: (أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ [1]): تَقَدَّمَ ضبطُه ومعناه، وفي نسخةٍ وهي مصحَّح عليها في أصلنا هنا: (غَرْبُ سَهْمٍ)، و (غربُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، و (سهمٍ): مجرورٌ مُنَوَّن؛ للإضافة، في (الجهاد) في (باب من أتاه سهمٌ غربٌ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (هَبِلْتِ)، وعلى (الْفِرْدَوْسِ)، وعلى (الغَدْوَة)، وعلى (الرَّوْحَة)، وكذا الكلام على (القَاب).

قوله: (أَوْ مَوْضِعُ قدِّهِ [2]): قال الدِّمْيَاطيُّ: (القِدُّ: السَّوط؛ أي: مقدارُ سَوطٍ؛ لأنَّه يَقدُّ؛ أي: يَقطَعُ طولًا)، انتهى، وقد أخذ هذا من «المشارق» أو «المطالع»، ولفظ ابن قُرقُول: (لَمَوضعُ قِدِّه): كذا في (كتاب الرقائق) من «البُخاريِّ» بكسر القاف؛ وهو السَّوط؛ أي: مقدار سوطه؛ لأنَّه يقدُّ؛ أي: يَقطعُ طولًا، والقَدُّ: الشَّقُّ، وقيل: (موضع قدِّه): موضع شِرَاكه، انتهى، وفي «النهاية»: القِدُّ؛ بالكسر: السَّوط، وهو في الأصل: سَيْرٌ يُقَدُّ من جلد غير مدبوغٍ؛ أي: قدر سَوط أحدِكم، أو قدر الموضع الذي يسع سوطه من الجنَّة خيرٌ من الدنيا وما فيها، انتهى، وقيل: موضع شِراكه، ويُروى: (قدمه)؛ بالميم والإضافة، ويُروى: (قدم)؛ بغير إضافة، قاله بعضُهم.

قوله: (اطَّلَعَتْ): تَقَدَّمَ الكلام (اطَّلعت)، وأنَّه معناه: أشرفت، ويُقال: أطْلع الرجل إطْلاعةً؛ بسكون الطاء فيهما؛ أي: أشرف، واطَّلعت من فوق الجبل.

[ج 2 ص 701]

قوله: («وَلَنَصِيفُهَا»؛ يَعْنِي: الْخِمَارَ): (النَّصِيْفُ)؛ بفتح النون، وكسر الصاد المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت [3] ساكنة، ثُمَّ فاء، وقد فسَّره هنا بـ (الخمار)، وقيل: هو المِعْجَر؛ وهو ما تشدُّه المرأة على رأسها.

(1/11757)

[حديث: لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار]

6569# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ): (أُرِيَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ، و (مَقعدَهُ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وكذا قوله في الثاني: (إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ).

==========

[ج 2 ص 702]

(1/11758)

[حديث: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد ... ]

6570# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن أبي عمرٍو، مولى المُطَّلِب، لا عمرو بن شعيب، الثاني له عن سعيد المقبريِّ عن أبي هريرة في «أبي داود» و «ابن ماجه»، وليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، لا عن سعيد ولا غيرِه.

قوله: (مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟): (أسعدُ): (أفعلُ) تفضيلٍ من السعادة التي هي ضدُّ الشقاوة.

قوله: (أَنْ لَا يَسْأَلُنِي): هو بضَمِّ اللام على أنَّها مُخَفَّفة من الثقيلة؛ وتقديره: أنَّه لا يسألُني، قال شيخُنا: وضبَطَه الحُفَّاظ بنصب اللام [1]، ويصحُّ رفعها؛ لأنَّ (أنْ): مُخَفَّفة من الثقيلة، وهو مثل قوله: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُون فِتْنَةٌ} [المائدة: 71]؛ بالوجهين، انتهى.

قوله: (أَوَّل مِنْكَ): يجوز في (أوَّل) ضمُّ اللام وفتحُها، وإعرابهما ظاهرٌ، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا [2].

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق) بالحمرة.

[2] يعني: بالضمِّ والفتح معًا، والفتح رواية أبي ذرٍّ، والضمُّ رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 702]

(1/11759)

[حديث: إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها]

6571# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور) بعده: هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): هو بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو عَبِيدة بن عمرو، وقيل: ابن قيس، السَّلْمانيُّ؛ بفتح السين، وإسكان اللام، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ الكلامُ على اسم هذا الرجل، وأنَّه جهينة، من جهينة، ويُقال: هنَّاد، في (فضل السجود) في (كتاب الصلاة).

قوله: (تَسْخَرُ مِنِّي _أَوْ: تَضْحَكُ مِنِّي_ وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟!): تَقَدَّمَ الكلام على (تسخَرُ)، وأمَّا الضَّحِك في حقِّ الباري؛ فقد تَقَدَّمَ معناه، وهنا قد شكَّ الراوي في (تسخر) أو (تضحك).

قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها الأنيابُ أو الأضراسُ.

==========

[ج 2 ص 702]

(1/11760)

[حديث: هل نفعت أبا طالب بشيء؟]

6572# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد الْمَلِكِ): هو ابن عُمير، و (عَبْد اللهِ بْن الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ): هو ابن الحارث بن عبد المُطَّلِب، روى عن عمِّ جدِّه العَبَّاسِ بن عبد المُطَّلِب.

قوله: (هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟): (أبو طالب): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وأنَّه عبدُ مَناف على الصحيح، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ، في (الجنائز).

==========

[ج 2 ص 702]

(1/11761)

[باب: الصراط جسر جهنم]

قوله: (بَابٌ: الصِّرَاطُ جسْرُ [1] جَهَنَّمَ): فائدةٌ: ذهب مَن تكلَّم على أحاديثِ الصراط في وصفه أنَّه أدقُّ من الشَّعرة وأحدُّ من السيف؛ بأنَّ ذلك راجعٌ إلى عُسْرِه ويُسْرِه على قدر الطاعات والمعاصي، ولا يعلم حدَّ ذلك إلَّا اللهُ؛ لخفائها وغموضها، قال القرطبيُّ: (وما ذكره من هذا التأويل مردودٌ بما ذكرناه من الأخبار، وأنَّ الإيمان يجب بذلك، وأنَّ القادر على إمساك الطائر في الهواء قادرٌ على أن يمسك عليه المؤمن، فيُجرِيه أو يُمشِيه، ولا يُعدَل عن الحقيقة إلى المجاز إلَّا عند الاستحالة، ولا استحالةَ)، انتهى.

تنبيهٌ: رُوِيَ أنَّ مسافة الصراط ألفُ سنة صعودًا، وألفُ سنة هبوطًا، وألفُ سنة استواءً، وهو لا يسع الخلقَ على هذا العِظَم، فإنَّهم أكثرُ من ذلك، ولكن يقوم من فَضَل من الخلق عن الصراط على متن جهنَّم، وهي كإهالة، ذكره القرطبيُّ في «تذكرته» عن كتاب «الإفصاح» لشبيب بن إبراهيم بن حيدرة، انتهى، وفي كتاب «المجالسة» للدِّيْنَوَرِيِّ القاضي أبي بكر بن أحمد بن مروان بسنده إلى بشرٍ الحافي قال: دخلتُ على الفُضَيل بن عياض، فذكر كلامًا، وفيه: بلغني أنَّ الصراطَ مسيرةُ خمسةَ [عشرَ] ألفَ عامٍ؛ خمسة آلاف صعود، وخمسة آلاف نزول، وخمسة آلاف مستوٍ، أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف، على متن جهنم، لا يجوزها إلَّا كلُّ ضامرٍ مهزولٍ من خشية الله عزَّ وجلَّ، وبلغني في بعض الروايات: (أنَّه إذا دخلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، وأهلُ النارِ النارَ؛ ذكروا أهلُ الجنَّة: هل بقيَ أحدٌ على الصراط بعد خمسةٍ وعشرين ألفَ عامٍ؟ فيُقال: بقي رجلٌ يحبو، فبلغ ذلك الحسنَ، فقال: يا ليتني أنا ذلك الرجل، فأنا يا أبا نصر لا أهدأ من البكاء أبدًا)، انتهى، وأبو نصرٍ: هو بشرٌ الحافي.

وفي «منهاج الواعظين» لأبي الفرج ابن الجوزيِّ: (يُنصَب الصراط على متنها، طوله خمس مئة عامٍ، وقيل: ثلاثة آلاف؛ منها صعود ألف، واستواء ألف، وهبوط ألف، وقيل: سبعة آلاف عام، وقيل: ستَّة وثلاثون ألف سنة من سنِي الدنيا، أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف، وأحرُّ [2] من الجمر، وقيل: إنَّه شَعرة من جَفن عينِ مالكٍ يمدُّها على متن جهنَّم، عليه حَسَكٌ وكلاليبُ، متعلِّقٌ بكلِّ كلُّوب منها عددُ نجوم السماء من الزبانِيَة ... ) إلى آخر كلامه.

(1/11762)

فائدةٌ: في «مسند أحمد» من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا في جملة حديث: «وبجهنَّم جسرٌ أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف ... »؛ الحديث، وفي «صحيح مسلم» من قول أبي سعيد _هو الخُدْريُّ_: (بلغني أنَّ الجسرَ أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف)، انتهى، وهذا البلاغ هو في «مسند أحمد» من حديث عائشة، كما تَقَدَّمَ، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (قال بعضُ الحُفَّاظ: هذه اللفظة _يعني: «أدقُّ من الشعرة» _ ليست بثابتةٍ)، انتهى، ووقع بلاغ أبي سعيد مرفوعًا في «شعب الإيمان» للبيهقيِّ من حديث أنس، وضعَّفه، وفي «الشعب» أيضًا من رواية عُبيد بن عمير مرسلًا، ومن قول ابن مسعود: (الصراط كحدِّ السيف)، وفي آخره ما يدلُّ على أنَّه مَرْفُوعٌ، والله أعلم، وفي «المستدرك» من كلام ابن مسعود رضي الله عنه في (سورة مريم) قال: («الصراط على جهنَّم مثلُ حدِّ السيف»، على شرطهما)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الصَّحَابيَّ إذا قال قولًا لا مجال للاجتهاد فيه كهذا؛ فإنَّه يكون مرفوعًا، نصَّ عليه الشَّافِعيُّ، ثُمَّ ذكره الحاكم مرَّة أخرى في السورة المذكورة، ورفعه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على شرطهما.

قوله: (جسْرُ جَهَنَّمَ): (الجسر): بفتح الجيم وكسرها، وأصله: القنطرة يُعبَر عليها، ذكر اللُّغَتَين صاحبُ «المطالع»، وقدَّم الفتحَ.

==========

[1] كذا في (ق) بالضبطين معًا، وهي في «اليونينيَّة» بالفتح فقط.

[2] في (أ): (وأحد)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 702]

(1/11763)

[حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب]

6573# 6574# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدٌ): هو سعيد بن المُسَيّب.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّفُ الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة: ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (هَلْ تُضَارُّونَ) في الموضعين: تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فَلْيَتَّبِعْهُ): هو بالتشديد والتخفيف؛ لُغَتان، وكذا (فَيَتْبَعُ)، و (يَتْبَعُ)، و (يَتّبعُ).

قوله: (الطَّوَاغِيتَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

قوله: (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ): تَقَدَّمَ الوعد بالكلام على هذا المكان، فاعلم _قبلَ ذلك_ أنَّ أحاديثَ الصفات وكذا آياتِ الصفات لأهل العلم فيها قولان؛ أحدهما وهو مذهب معظم السَّلَف أو كلِّهم: أنَّه لا يُتَكلَّم في معناها، بل يقولون: يجب علينا الإيمان

[ج 2 ص 702]

(1/11764)

بها، ونعتقد لها معنًى يليق بجلال الله تعالى مع اعتقادنا الجازم أنَّ الله تعالى ليس كمثله شيءٌ، وأنَّه منزَّه عن التجسيم، والانتقال، والتحيُّز في جهة، هذا القولُ هو مذهبُ جماعة من المتكلِّمين، واختاره جماعةٌ من محقِّقيهم، وهو أسلَمُ، والقول الثاني وهو مذهب معظم المتكلِّمين: أنَّها تتأوَّل على ما يليق بها على حسب مواقعِها، وإنَّما يسوغ تأويلها لمن كان مِن أهله؛ بأن يكونَ عارفًا بلسان العرب، وقواعدِ الأصول والفُروع، فعلى هذا؛ يُقال في قوله: «فيأتيهم الله»: إنَّ الإتيانَ عبارةٌ عن رؤيتهم إيَّاه، فعبَّر بالإتيان والمجيء هنا عن الرؤية مجازًا، وقيل: الإتيان: فعلٌ من أفعال الله تعالى سمَّاه إتيانًا، وقيل: المراد بـ «يأتيهم» [2]؛ أي: يأتيهم بعضُ ملائكته، قال القاضي عياض: وهذا الوجهُ أشبه عندي بالحديث، ويكون هذا المَلَك الذي جاءهم بالصُّورة التي أنكروها من سمات الحدث الظاهرةِ على المَلَكِ والمخلوقِ، قال: أو يكون معناه: يأتيهم الله في صورة؛ أي: يأتيهم بصُورة، ويُظهِر لهم من صُور ملائكته ومخلوقاته التي لا تشبه صفاتِ الإله؛ ليختبرهم، وهذا آخر امتحان المؤمنين، فإذا قال لهم المَلَك أو هذه الصُّورة: أنا ربُّكم؛ رأوا عليه من علاماتِ المخلوق ما ينكرونه، ويعلمون أنَّه ليس ربَّهم، ويستعيذون بالله منه، وأمَّا قوله [3]: «فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون»؛ فالمراد بـ (الصورة) هنا: الصفة؛ ومعناه: فيتجلَّى لهم سبحانه على الصفة التي يعلمونها ويعرفونه بها، وإنَّما عرفوه بصفته وإن لم تكن تَقَدَّمَت لهم رؤيةٌ له سبحانه؛ فإنَّهم يرونه لا يشبه شيئًا من مخلوقاته، وقد علموا أنَّه لا يشبه شيئًا من مخلوقاته، فيعلمون أنَّه ربُّهم، فيقولون: أنت ربُّنا، وإنَّما عبَّر عن الصفة بـ (الصورة)؛ لمشابهتها إيَّاها، ولمجانسة الكلام، فإنَّه تَقَدَّمَ ذكر (الصورة).

وأمَّا قولهم: (نعوذ بالله منك)؛ فقال الخَطَّابيُّ: يحتمل أن تكون هذه الاستعاذة من المنافقين خاصَّةً، وأنكر هذا القاضي عياض، وقال: لا يصحُّ أن تكونَ من المنافقين، ولا يستقيم الكلامُ به، قال النَّوَويُّ: وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب، وإنَّما استعاذوا منه لما قدَّمناه من كونهم رأوا سماتِ المخلوق، وأمَّا قولهم: (فيتَّبعونه)؛ فمعناه: يتَّبعون أمرَه إيَّاهم بذهابهم إلى الجنَّة، أو يتَّبعون ملائكته الذين يذهبون بهم إلى الجنَّة، والله أعلم.

(1/11765)

قوله: (وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ): (يُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (جسرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها بالفتح والكسر الجيمَ.

قوله: (وَبِهِ كَلَالِيبُ): هو مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرفُ، قال القاضي أبو بكر ابن العربيِّ المالكيُّ رحمه الله: هذه الكلاليب: هي الشهوات التي كانت تجذبه في الدنيا تُمثَّل له كلاليبَ تجذبه في الآخرة، والله أعلم، والمراد: الشهوات المحرَّمات، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ): (السعدان): قيل: تثنية سعد؛ وهو نباتٌ ذو شوك من أفضل مراعي الإبل، يُضرَب به المثلُ، قال الجوهريُّ: والنون زائدةٌ.

قوله: (قَدْرَ عظْمهَا): قال شيخُنا: هو بضَمِّ العين، وإسكان الظاء، وقال ابن التين: به قرأناه، قال: وفي رواية أخرى بكسر العين، وفتح الظاء، وهو أشبهُ، انتهى.

قوله: (فَتَخْطَفُ النَّاسَ): هو بفتح الطاء، هذه لغةُ القرآن، ويجوز كسرُها في لغة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَمِنْهُمُ [4] الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ): هو بفتح المُوَحَّدة اسمُ مفعولٍ؛ أي: المُهلَك، وقيل: المحبوس المعاقَبُ، {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} [الشورى: 34].

قوله: (وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلاة)، وقال شيخُنا هنا: قال ابن التين: بالدال والذال جميعًا، وقرأناه بالمُهْمَلَة.

قوله: (وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلاة) في (باب فضل السجود)، وهل المرادُ الجبهةُ فقط، أو الأعضاءُ السبعةُ كلُّها، وهو الذي صحَّحه الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

قوله: (قَدِ امْتُحِشُوا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/11766)

قوله: (فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ [5] مَاءُ الْحَيَاةِ): (يُصَبُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ماءُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَت (الْحِبَّة)، وكذا (حَمِيل السَّيْلِ)، وكذا (الرَّجُلُ)، وأنَّه جهينة، من جهينة، أو هنَّاد، وأنَّ الظاهر أنَّ أحدَهما لقبٌ، والآخَرُ الاسمُ، والله أعلم، وكذا (قَشَبَنِي)، وقال شيخُنا هنا: هو بفتح الشين، ونحفظه مخفَّفًا، وقال ابن التين: هو بتشديدها، انتهى، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (ذَكَاهَا [6])، وأنَّه بالقصر وبالمدِّ أيضًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: ذَكَتِ النارُ تذكو ذكًا _مقصور_؛ أي: اشتعلت، والمدُّ في لغة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (مَا أَغْدَرَكَ!)؛ أي: ما أنقضكَ للعهد والميثاق!

قوله: (وَمَوَاثِيقَ): هو لا ينصرف؛ لأنَّه جمعٌ ثالثُه الألفُ، وبعدها ثلاثة أحرف أوسطُها ساكنٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (حَتَّى يَضْحَكُ [7]): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وعليه (صح)، والمراد به الحال، ونزيد هنا: أنَّ (حتَّى) إن أدخلتَها على الفعل المستقبل؛ نصبْتَه بإضمار (أنْ)؛ تقول: سرت إلى الكوفة حتَّى أدخلَها؛ بمعنى: إلى أن أدخلَها، فإن كنتَ في حالِ دخولٍ؛ رفعتَ، وقُرِئ: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] و {يَقُولَ}، فمَن نصبَ؛ جعلَه غايةً، ومَن رفعَ؛ جعَلَه حالًا؛ بمعنى: حتَّى الرسولُ هذه حالُه، وقد تَقَدَّمَ معنى الضَّحِك في حقِّ الباري تعالى.

قوله: (تَمَنَّ مِنْ كَذَا): (مِن): حرف جرٍّ، وهذا ظاهِرٌ، وهذا في الأمكنة الثلاثة.

قوله: (قالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يَقُولُ]: «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ»): تَقَدَّمَ في (الصلاة) في (باب فضل السجود) أنَّ في «مسند أحمد» على العكس ممَّا هنا، وهو أنَّ أبا هريرة حفظ: «وعشرة أمثاله»، وأبا سعيد حفظ: «ومثله»، وتَقَدَّمَ الجوابُ عنه، والله أعلم.

(1/11767)

فائدةٌ: شِعار المؤمنين على الصراط: ربِّ سَلِّم، ربِّ سلِّم، كما رواه التِّرْمِذيُّ بإسناده إلى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عنه عليه السلام قال: «شعار المؤمنين على الصراط ... »؛ فذكره، قال التِّرْمِذيُّ: غريبٌ، وفي «مسلم»: «ونبيُّكم قائمٌ على الصراط يقول: ربِّ سَلِّم سَلِّم»، وفي «الصحيحين»: «ولا يتكلَّم يومئذٍ إلَّا الرسلُ، ودعوى الرسل يومئذٍ: اللهمَّ سَلِّم»، وفي «مسلم»: «ثُمَّ يُضرَب الجسرُ على جهنَّم، وتحلُّ الشفاعة، ويقولون: اللهمَّ سلِّم سلِّم»، وظاهر السياق أنَّ الناسَ على الصراط يقولون ذلك، والله أعلم.

والظاهر أنَّ الروايتين في حالَين، لا في وقتٍ واحد؛ لقوله: «ولا يتكلَّم يومئذٍ إلَّا الرسلُ، وكلام الرسل: ربِّ سلِّم، ربِّ سلِّم»، والله أعلم، وفي «زوائد معجمَي الطَّبَرانيِّ الصغيرِ والأوسطِ» من حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «شعار أمَّتي إذا حملوا على الصراط: يا لا إله إلَّا أنت»، وفي سنده ابنُ لهيعة وغيرُه.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] في (أ): (يأتيهم)؛ بغير باء، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[3] في (أ): (قولهم)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[4] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (7437)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مِنْهُمُ).

[5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مَاءٌ يُقَالُ لَهُ).

[6] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ في الحديث (806)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ذَكَاؤُها).

[7] في «اليونينيَّة»: (يضحكَ)؛ بالنصب.

(1/11768)

[باب: في الحوض]

قوله: (بَابٌ فِي الْحَوْضِ): تنبيهٌ: ذكر البُخاريُّ هنا الحوضَ بعد الصراط، وكذا ذكر صاحب «القوت» وغيرُه: أنَّ الحوضَ إنَّما هو بعد الصراط، والصحيح: أنَّ للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حوضين؛ أحدهما: في الموقف قبل الصراط، والثاني: في الجنَّة، وكلاهما يُسَمَّى كوثرًا.

واختُلِف أيضًا في الميزان والحوض؛ أيُّهما قبل الآخر؟ والصحيح الذي صحَّحه أبو الحسن القابسيُّ: أنَّ الحوضَ قبلُ، والمعنى يقتضيه، فإنَّ الناس يخرجون من قبورهم عطاشًا، فيَرِدُون الحوضَ مَن يَرِد منهم، وقال الغزاليُّ في «الكشف»: (وحكى بعضُ السَّلَف: أنَّ الحوضَ يُورَد بعد الصراط، وهو غلطٌ من قائله)، انتهى.

فائدة: في «الغيلانيَّات» من حديث حُمَيد عن أنس رضي الله عنه: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ لحوضي أربعةَ أركانٍ؛ فأوَّل ركنٍ منها في يد أبي بكر رضي الله عنه، والركن الثاني في يد عمر رضي الله عنه، والركن الثالث في يد عثمان رضي الله عنه، والركن الرابعُ

[ج 2 ص 703]

في يد عليٍّ رضي الله عنه، فمَن أحبَّ أبا بكر وأبغض عُمرَ؛ لم يَسْقِه أبو بكر، ومَن أحبَّ عُمرَ وأبغض أبا بكر؛ لم يَسْقِه عُمرُ، ومَن أحبَّ عثمانَ وأبغض عليًّا؛ لم يَسْقِه عثمانُ، ومَن أحبَّ عليًّا وأبغض عثمانَ؛ لم يَسْقِه عليٌّ ... »؛ الحديث.

فائدةٌ ثانيةٌ: لكلِّ نبيٍّ حوضٌ في الموقف، واختصَّ نبيُّنا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بحوضٍ آخَرَ في الجنَّة، كما تَقَدَّمَ قريبًا، ومستند أنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا في الموقف ما رواه التِّرْمِذيُّ في «جامعه» من حديث سَمُرَة: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا ... »؛ الحديث، قال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ، ثُمَّ ذكر الاختلاف في وصله وإرساله، وأنَّ المرسَلَ أصحُّ، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (وقال البكريُّ المعروف بابن الواسطيِّ: ولكلِّ نبيٍّ حوضٌ إلَّا صالحًا، فإنَّ حوضه ضَرع ناقته، والله أعلم)، انتهى.

(1/11769)

تنبيهٌ: الظاهر أنَّ أصلَ كلامِ ابن الواسطيِّ ما ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة عبد الكريم بن كيسان _وهو من المجاهيل_ قال: (وحديثُه منكرٌ)، ذكره العقيليُّ: أبو عاصم العبَّادانيُّ: حدَّثنا عبد الكريم بن كيسان عن سويد بن عُمير [1] قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «حوضي أشربُ منه يوم القيامة ومن اتَّبعني من الأنبياء، ويبعث الله ناقةَ ثمودَ لصالحٍ، فيحلبها، فيشربها والذين آمنوا معه حتَّى يوافيَ بها الموقفَ ولها رُغاء، وابنتي فاطمةُ على العضباء، وأنا على البُراق»، رواه العقيليُّ: حدَّثنا صالحٌ: حدَّثنا أُمَيَّة بن بِسطام: حدَّثنا أبو عاصم، قال الذَّهَبيُّ: (قلتُ: موضوعٌ، والله أعلم)، انتهى، وقد رأيته في «موضوعات ابن الجوزيِّ» في (كتاب البعث وأهوال القيامة) من حديث سويد بن عمير: قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، ثُمَّ قال: (موضوعٌ لا أصلَ له، قال العُقيليُّ: عبد الكريم مجهولٌ، وحديثُه غيرُ محفوظٍ)، انتهى.

تنبيهٌ: قال القاضي عياض: أحاديث الحوض صحيحةٌ، والإيمان به فرضٌ، والتصديق به من الإيمان، وهو على ظاهره عند أهل السُّنَّة والجماعة، ولا يُتَأوَّل، ولا يُختَلَف فيه، قال القاضي: حديثُه متواترُ النقل، رواه خلائقُ من الصَّحَابة، فذكره مسلمٌ من رواية ابن عمر، وأبي سعيد، وسهل بن سعد، وجندب، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وعائشة، وأمِّ سلمة، وعقبة بن عامر، وابن مسعود، وحذيفة، وحارثة بن وهب، والمستورد، وأبي ذرٍّ، وأنس، وجابر بن سَمُرة، انتهى.

وفي «مسلم» أيضًا هو من حديث ثوبان، وكذا حدَّث به أبو هريرة في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، ولم أرَ هذين في «شرح مسلم»، وقد استدرك النَّوَويُّ الثاني على القاضي، قال القاضي: ورواه غيرُ مسلم من رواية أبي بكر الصِّدِّيق، وزيدِ بن أرقم، وأبي أمامة، وعبدِ الله بن زيد، وأبي بَرزة، وسُويدِ بن غَفَلة، وعبدِ الله الصنابجيِّ، والبراء بن عازب، وأسماءَ بنتِ أبي بكر، وخولةَ بنتِ قيس، وغيرِهم، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: ورواه البُخاريُّ ومسلمٌ أيضًا من رواية أبي هريرة، انتهى، وقد روى حديثَ ابنِ عمر البُخاريُّ، وكذا حديث أبي سعيد، وسهل بن سعد، وجندب، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وعقبة بن عامر، وابن مسعود، وحذيفة _لكنَّه أخرجه في (الرقائق) تعليقًا_ وحارثة بن وهب، والمستورد تعليقًا في الحوض، وأنس، والله أعلم.

(1/11770)

قال النَّوَويُّ: ورواه غيرُهما _يعني: غيرَ البُخاريِّ ومسلم_ من رواية عمر بن الخَطَّاب، وعائذ بن عمرو، وآخرين، رضي الله عنهم، قال: وقد جمع ذلك كلَّه الإمام أبو بكر البيهقيُّ في كتابه «البعث والنشور» بأسانيده وطرقه المتكاثراتِ، قال القاضي: وفي بعض هذا ما يقتضي كونَ الحديث متواترًا، انتهى، وقد جمع طرقَه أيضًا وأفردها بالتأليف الحافظُ ضياء الدين المقدسيُّ، وفي بعض طرقه: «وماؤه أحلى من السُّكَّر».

قال ابن إمام الجوزيَّة الحافظُ شمسُ الدين في «الهَدْيِ» في (حرف القاف): (جاء في بعض ألفاظ السُّنَّة الصحيحةِ في الحوض: «وماؤه أحلى من السُّكَّر»، ولا أعرف السُّكَّر في الحديث إلَّا في هذا الموضع)، انتهى.

وقوله: (في الحديث)؛ يعني: الصحيحَ، وإلَّا؛ فقد جاء ذكره في حديثٍ آخَرَ في النِّثَار، وقد أفرد حديثَ النِّثَار بالتأليف [2] شيخُنا وصاحبُنا الإمامُ الحافظ صدر الدين سليمانُ الياسوفيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقيُّ، وهو عندي بخطِّه، سمَّاه: «منادمة المُحدَّث المُبصَّر بحديث اللوز والسُّكَّر»، وقد رأيتُ أنا حديثًا آخرَ ذكره التِّرْمِذيُّ، وفيه: «ألسنتهم أحلى من السُّكَّر، وقلوبهم قلوب الذئاب .. »؛ الحديث، وعقَّبه بأنَّه غريبٌ، وقد رأيتُ هذا الحديثَ في «الزهد والرقائق» لابن المبارك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولكنَّ لفظَه: «أحلى من العسل».

==========

[1] في (أ) علامة تشبه علامة الضبَّة: (ضـ)، وكذا في الموضع اللاحق، ولعلَّه يريد بها الدلالة على انقطاع السند، ولم نقف على ترجمة لسويد بن عمير، انظر «».

[2] في (أ): (بالتألف)، ولعلَّ المثبت هو المعتاد.

(1/11771)

[حديث: أنا فرطكم على الحوض]

6575# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الوضَّاح بن عبد الله، و (سُلَيْمَان) بعده: هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (شَقِيق): هو أبو وائل شقيق بن سلمة، و (عَبْدِ الله) هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط).

==========

[ج 2 ص 704]

(1/11772)

[حديث: أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم]

6576# قوله: (وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفَلَّاس الصيرفيُّ الحافظ، أحد الأعلام، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (الْمُغِيرَة): هو ابن مِقْسَم الضَّبِّيُّ، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (عَبْد اللهِ).

قوله: (وَلَيُرْفَعَنَّ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رِجَالٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (لَيُخْتَلَجُنَّ)؛ أي: يُجتَذَبُون ويُقتَطَعون عنِّي، هو بضَمِّ أوَّله المُثَنَّاةِ تحت، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، ثُمَّ لام، مفتوحَتَين، ثُمَّ جيم مضمومة.

قوله: (يَا رَبِّ؛ أَصْحَابِي): تَقَدَّمَ أنَّه أطلق عليهم اسمَ الصحبة باعتبار ما فارقهم عليه، والله أعلم [1].

قوله: (مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ): هو مَن ارتدَّ من الأعراب وثبتوا على رِدَّتهم حتَّى هلكوا عليها، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ في (المائدة) مُطَوَّلًا.

قوله: (تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ): الضمير في (تابعه) يعود على المغيرة؛ هو ابن مِقْسم الضَّبِّيُّ، و (عاصم): هو ابن أبي النَّجود بَهْدَلَةَ، أحدُ القرَّاء السبعة، وهو ابن بهدلة، ومتابعتُه لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخُنا رحمه الله لم يخرِّجْها.

قوله: (وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ): أمَّا (حُصَين)؛ فهو ابن عبد الرَّحْمَن، وتَقَدَّمَ أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، و (أبو وائل): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه شقيق بن سلمة، و (حذيفة): هو ابن اليماني حُسَيلٍ، ويقال: حِسْل، واليماني صَحَابيٌّ أيضًا، وتعليقُ حُصَين أخرجه مسلمٌ في (فضائل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) عن سعيد بن عمرو عن عَبْثَر بن القاسم، وعن أبي بكر عن مُحَمَّد بن فُضَيل؛ كلاهما عن حُصَين به، والله أعلم.

(1/11773)

[حديث: أمامكم حوض كما بين جرباء وأذرح]

6577# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما وضبطُهما [1]، وفي هامش أصلِنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة: (صوابه: «كما بينكم وبين جرباء وأذرح»، وكذا وقع في «الطَّبَرانيِّ» في «المعجم الكبير»؛ قاله صلاح الدين العلائيُّ)، انتهى، وكذا قال بعض مشايخي: (إنَّ الصواب: «كما بينكم وبين جرباء وأذرح»، وعزاه إلى «الطَّبَرانيِّ») انتهى.

وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدين: (والجرباء: كذا وكذا ... ) إلى أن قال: (وقرية بجنب أذرح، وغلط مَن قال: بينهما ثلاثة أيَّامٍ، وإنَّما الوَهَم من رواة الحديث من إسقاط زيادةٍ ذكرها الدَّارَقُطْنيُّ، وهي: «ما بين ناحيتَي حوضي؛ كما بين المدينة وجرباء

[ج 2 ص 704]

وأذرج»)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ، وفي بعض طرقه في «مسلم»: (قال عبيد الله: فسألته _يعني: سألت نافعًا_ فقال: قريتين بالشام بينهما مسيرةُ ثلاثِ ليالٍ) انتهى، وقد علمتَ ما في ذلك، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وضبطها)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11774)

[حديث: إن أناسًا يزعمون أنه نهر في الجنة]

6578# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا عمرو بن مُحَمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان البغداديُّ الناقد الحافظ، نزل الرَّقَّة، عن هُشَيم، ومُعتمر، وطبقتِهما، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والفِرْيَابيُّ، والبَغَويُّ، قال أحمدُ: يتحرَّى الصدقَ، وقال أبو داود وغيرُه: ثقةٌ، وقال ابن معين وقيل له: إنَّ خلفًا يقع في عمرو، فقال: ما هو من أهل الكذب، انتهى، تُوُفِّيَ في ذي الحجَّة سنة (232 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، واسمه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

(1/11775)

[حديث: حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن]

6579# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ.

قوله: (أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ): قال الجوهريُّ: وهذا أشدُّ بياضًا من كذا، ولا تَقُل: أبيضُ منه، وأهلُ الكوفة يقولونه، ويحتجُّون بقول الراجز ... ؛ فذكر الشاهدَ، قال المبرِّد: ليس البيت الشاذُّ بحجَّة على الأصل المجمَع عليه.

قوله: (لَا يَظْمَأُ): هو بهمزة في آخره، وهذا مَعْرُوفٌ، وسيأتي قريبًا فيه سؤالٌ.

==========

[ج 2 ص 705]

(1/11776)

[حديث: إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء ... ]

6580# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (أيلة)، وأنَّها مدينة بالشام على النصف ما بين طريق فُسَّاطِ مصر ومكَّة على شاطئ البحر من بلاد الشام، قاله أبو عبيدة، وقال مُحَمَّد بن حَبِيب: أيلة: شعبة من رَضْوَى؛ وهو جبلٌ يتبع ما بين مكَّة والمدينة، وهو غيرُ المدينة المذكورة، قاله ابن قُرقُول، وتَقَدَّمَ بزيادة، وأمَّا (صنعاء)؛ فقد تَقَدَّمَ الكلام عليها.

فإن قيل: لِمَ قال «من اليمن»، وهل في الدنيا صنعاء غير التي هي قاعدة اليمن؟ فالجواب: أنَّ بقُرب دمشقَ قريةٌ في جانبها الغربيِّ في ناحية الرَّبْوَة قريةٌ يُقال لها: صنعاء، وأُخرَى بالروم، والله أعلم.

تنبيهٌ: ذكر القرطبيُّ في «تذكرته» بعد أن ذكر الرواياتِ التي وقفتُ عليها في الحوض: (ظنَّ بعضُ الناس أنَّ هذه التحديداتِ في أحاديثِ الحوضِ اضطرابٌ واختلافٌ، وليس كذلك، وإنَّما يحدِّث النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بحديث الحوض مَرَّاتٍ عديدةً، وذكر فيها تلك الألفاظَ المختلفةَ مخاطِبًا لكلِّ طائفةٍ بما كان يعرف من مسافاتِ مواضعها ... ) إلى آخر كلامه.

==========

[ج 2 ص 705]

(1/11777)

[حديث: بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر ... ]

6581# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه يُقال له: هدَّاب.

قوله: (حَافَتَاهُ): هو بتخفيف الفاء، فإيَّاك أن تشدِّدها؛ ومعناه: جانباه.

قوله: (فَإِذَا طِينُهُ، أَوْ: طِيبُهُ): الأولى: بالنون، والثانية: بالمُوَحَّدة.

قوله: (مِسْكٌ أَذْفَرُ): (الأذْفَر): بفتح الهمزة، ثُمَّ ذال معجمة ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ راء، و (الذَّفَرُ)؛ بفتح الذال والفاء: كلُّ ريحٍ ذكيَّة من طِيبٍ أو نَتْنٍ، فأمَّا (الدَّفْر)؛ بالدال المُهْمَلَة، وإسكان الفاء؛ فالنَّتْنُ لا غير، قاله ابن قُرقُول، وفي «الصحاح»: (الذَّفَر؛ بالتحريك: كلُّ رائحةٍ ذكيَّة من طِيبٍ أو نَتْنٍ ... ) إلى أن قال: (والذَّفَر: الصُّنان، وهذا رجلٌ ذَفِر؛ أي: له صُنان وخَبَث رِيح)، والفاءُ محرَّكة في نسختي، وهي في غايةٍ من الصِّحَّة، وبعد ذلك ما يدلُّ على أنَّه مفتوحٌ، (قال الأصمعيُّ لأبي عمرو بن العلاء: الذِّفْرَى من الذَّفَر؟ فقال: نعم، والمِعْزَى من المَعَز؟ فقال: نعم)، انتهى، والذِّفْرَى من القفا: هو الموضع الذي يعرق من البعير خلفَ الأذن.

وفي «النهاية» ما يدلُّ على أنَّ الفاءَ محرَّكةٌ، فإنَّه قال: والذَّفَر؛ بالتحريك: يقع على الطيِّب والكريه، ويُفَرَّق بينهما بما يُضاف إليه ويُوصَف به، انتهى، فجعل الفارق بينهما ما يُضاف إليه ويُوصَف به، ولم يقل إنَّ النَّتِنَ والكريهَ بإسكان الفاء، فلمَّا لم يقلْ ذلك؛ دلَّ على أنَّه بالفتح عنده، إذ لو كان بالسكون؛ لكان الفارقَ، والحاصلُ: أنَّهما لُغَتان، وابن قُرقُول ذكر السكونَ، وغيرُهُ ذكر الفتحَ، والله أعلم.

(1/11778)

[حديث: ليردن علي ناس من أصحابي الحوض]

6582# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

قوله: (لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي الْحَوْضَ): تَقَدَّمَ مَن هؤلاء في (المائدة) وغيرِها، و (اخْتُلِجُوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ قريبًا معناه، وتَقَدَّمَ أنَّ قوله: (مِنْ أَصْحَابِي): أنَّه أطلق عليهم اسم الصحبة باعتبار ما فارقهم عليه.

==========

[ج 2 ص 705]

(1/11779)

[حديث: إني فرطكم على الحوض]

6583# 6584# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ أبي مريم الحكمُ بن مُحَمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ): تَقَدَّمَ أنَّ راء (مُطرِّف) مُشَدَّدةٌ مكسورةٌ، اسمُ فاعلٍ، وتَقَدَّمَ (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، سلمة بن دينار.

قوله: (إِنِّي فَرَطُكُمْ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط).

قوله: (لَمْ يَظْمَأْ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة في آخره، ويُسكَّن هنا للجزم.

تنبيهٌ: هل يختصُّ الشرب منه بالناجين، أو يشرب منه الناجون ومَن يدخل جهنَّم مِن موحِّدِي أمَّة مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لكن إذا دخلوا جهنَّم لا يظمؤون؟ قولان، والذي يظهر هذا الثاني، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن دينار، وقبله مرارًا، وتَقَدَّمَ (النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ): أنَّه بالمُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (سُحْقًا سُحْقًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه يُقال بإسكان الحاء وضمِّها، وأنَّه نصب على تقدير: ألزَمَهُمُ اللهُ سُحقًا، أو أَسْحَقَهُمُ اللهُ سحقًا، وسيأتي قريبًا جدًّا في هذا الحديث: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سُحْقًا: بُعْدًا).

قوله: (سَحَقَهُ [1] وَأَسْحَقَهُ: أَبْعَدَهُ): يعني: أنَّهما لُغَتان؛ ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، وهذا ليس في «الصحاح» للجوهريِّ، إنَّما فيه الرباعيُّ، ولكنِّي رأيتُه في «أفعال ابن القَطَّاع»، ولفظه: (وسَحَقَه اللهُ سَحْقًا وسُحوقًا، وأسحقه: أبعده، وأيضًا أهلكه)، انتهى.

(1/11780)

[معلق أبي هريرة: يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلون .. ]

6585# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ): تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (وقال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أَخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شَبِيب): بفتح الشين المُعْجَمَة، وكسر المُوَحَّدة، والباقي معروفٌ، و (الحَبَطيُّ): بفتح الحاء والمُوَحَّدة وبالطاء المُهْمَلَتين، والحَبَطات: من بني تميم، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْنِ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يقال فيه إلَّا بالفتح.

قوله: (رَهْطٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط).

[ج 2 ص 705]

قوله: (فَيُحَلَّؤُونَ): هو بضَمِّ المُثَنَّاة تحت في أوَّله، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ لام مفتوحة مُشَدَّدة، ثُمَّ همزة مضمومة، وفي نسخة في هامش أصلنا: (فيُحَلَّون)، وفي نسخة: (فيُحْلَون)، قال ابن قُرقُول: فحَلأْتُهم؛ أي: طردتهم، وقد تسهَّل همزتُه، وقد تَقَدَّمَ حديث الحوض: (فيحلَّؤُون)، يقال: حلأتُ الإب تحلئةً، وحلاتُها _مخفَّف_ أحلوها؛ إذا صرفتَها عن الورود، وقال في (الجيم): (فيُجْلَون عنه)؛ بجيم ساكنة، كذا في حديث أحمد بن شَبِيب لكافَّتهم، وعند الحمُّوي: (فيُحلون)؛ بحاء مهملة، وأتقنه في كتاب عُبدوس: (فيُحلؤون)، وهو أصوبُ ذلك وأتقنُه، ثُمَّ ذكره من حديث أحمد بن صالح: (يُحلَّؤُون) على الصواب، ولبعضِهم بالجيم أيضًا هنا، ثُمَّ قال: عن عُقيل: (فيُحْلَون)، كذا قَيَّدهُ الأصيليُّ وغيرُه، وصوابه: (فيُحَلَّون) أو (فيُحَلَّؤُون)؛ بفتح الحاء، وسكون الواو، وهمزها لأبي الهيثم؛ أي: يصدُّون ويمنعون، يقال: حلأتُه عن الماء وحلَّيتُه؛ إذا طردتَه، وأصله الهمزُ.

قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): هو شعيب بن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

(1/11781)

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ): رواية الزُّهْرِيِّ عن أبي هريرة مرسلةٌ، وقدَّمت ذلك أيضًا، وقد قَدَّمْتُ مَن لَقِيَ الزُّهْرِيُّ من الصَّحَابة؛ فانظره في (الجنائز)، وقد تَقَدَّمَ هذا الحديثُ بمقلوبها في قوله: (وقال أحمد بن شَبِيب بن سعيد عن أبيه، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة)، و [سيأتي] (عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ، عن ابن المُسَيّب: أنَّه كان يحدِّث عن أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).

قوله: (وَقَالَ عُقَيْلٌ): هو بضَمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد.

قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ): هو بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن الوليد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ): هو أبو جعفر الباقرُ، وتعليق الزُّبَيديِّ لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله [1].

(1/11782)

[حديث: يرد على الحوض رجال من أصحابي]

6586# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْن المُسَيّبِ): سعيدٌ، و (المُسَيّب): بفتح يائه وكسرها، بخلاف غيرِه ممَّن اسمه (المُسَيَّب)، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

وقوله: ([عَنْ] رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ [1] النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء الأصحاب لا أعرفهم بأعيانهم، إلَّا أنَّ الحديثَ ذكره المِزِّيُّ في ترجمة سعيدٍ عن أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو عن رجلٍ من الأنصار، ثُمَّ قال في ترجمة يونس عن الزُّهْرِيِّ عن سعيد: عن أبي هريرة، وذكره في هذه الترجمة من هذه الطريق.

قوله: (الْقَهْقَرَى): تَقَدَّمَ معناها.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَن أَصْحَابِ).

[ج 2 ص 706]

(1/11783)

[حديث: بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل]

6587# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الحِزَامِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، و (مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، و (هِلَالٌ): هو ابن عليِّ بن أسامة، وهو هلال بن أبي ميمونة، وهلال بن أبي هلال، يروي عن أنس، وعطاء بن يسار، وأبي سلمة، وعنه: مالك وفُلَيح، وهو هلال ابن أسامة، منسوب إلى جدِّه، ثقة، قال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

قوله: (إِذَا زُمْرَةٌ): (الزُّمْرة): هي الجماعة من الناس.

قوله: (خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ): هذا الرجل لا أعرفُه، والظاهر أنَّه من الملائكة، وأطلق عليه رجلًا، والله أعلم، وفي «مسلم»: «فيجيبني مَلَكٌ، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟»، وقد قَدَّمْتُ الكلام في أنَّه يُقال للملائكة: رجالٌ، ومواخذةَ مَن واخذ البُخاريَّ في ذلك.

قوله: (هَلُمَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ هذه اللغةَ أفصحُ، وهي لغةُ القرآن، وفي اللغة الأخرى: (هلمُّوا) للجماعة، وقد تقدَّمتا.

قوله: (خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ): هذا الرجل أيضًا لا أعرفُه، وهو من الملائكة، وأطلق عليه رجلًا، كما تَقَدَّمَ أعلاه، وقدَّمت أنَّ في «مسلم»: «فيجيبني مَلَكٌ».

قوله: (فَلَا أُرَاهُ): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

قوله: (إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ): (الهَمَل): بفتح الهاء والميم، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الهَمَل: ضوالُّ الإبل، واحدها: هامِلٌ؛ أي: الناجي منهم قليلٌ)، انتهى، وهذا لفظ «النهاية»، وفي «المطالع»: الهَمَل: الإبل بغير راعٍ، وهي الهاملة والهوامِلُ، وذلك يكون في الليل والنهار، الواحدة: هاملٌ، ولا يُقال ذلك في الغنم، والهامل أيضًا من الإبل: الضالُّ.

==========

[ج 2 ص 706]

(1/11784)

[حديث: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة .. ]

6588# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، و (خُبَيْب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، ونسبته إلى أبيه في نسخةٍ في أصلنا، وهو هو.

قوله: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ الصحيحَ أنَّ تلك البقعةَ المشرَّفةَ تُنقَل إلى الجنَّة بعينها، وذكرتُ ذَرْعَ ما بين القبر المكرَّم والمِنبر، وكذا ما بين المِنبر ومكانِ صلاته من ذِراع، وقبرُه في بيته، فلا فرقَ بين قوله: «ما بين بيتي ومنبري»، ولا: «ما بين قبري ومنبري»، والله أعلم.

==========

[1] (بن عبد الرحمن): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة وعلامة راويها، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 706]

(1/11785)

[حديث جندب: أنا فرطكم على الحوض]

6589# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عَبْدان لقبٌ، و (عَبْد الْمَلِكَ): هو ابن عُمير الكوفيُّ، لا عبد الملك بن حبيب أبو عمران الجَونيُّ البصريُّ، وهما اثنان يرويان في «البُخاريِّ» عن جندب؛ فاعلمه، ورحم الله الأئمَّةَ الذين يفرِّقون بين واحدٍ واحد، ويميِّزون حديثَ ذا من حديثِ ذا.

(1/11786)

[حديث: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم .. ]

6590# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، الجواد، و (يَزِيد): هو ابن أبي حَبِيب، و (أَبُو الخَيْرِ): مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عُقْبَة): هو ابن عامر الجهنيُّ.

قوله: (صَلَّى [1] عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه؛ أي: دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، ويُقال: صلَّى عليهم حقيقةً.

قوله: (إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط).

قوله: (أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ): (أُعطيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، و (مفاتيحَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ.

(1/11787)

[حديث: حوضه ما بين صنعاء والمدينة]

6591# 6592# قوله: (حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَرَميًّا) بفتح الحاء المُهْمَلَة والراء، مشدَّد الياء، لا كالمنسوب إلى الحَرَم؛ لأنَّ المنسوب إلى الحَرَم: (حِرْميٌّ)؛ بكسر الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الراء، وكذا امرأةٌ حِرْميَّةٌ، قاله في «الصحاح» بضبط القلم، والله أعلم، وأنَّ (عُمَارة) بضَمِّ العين، وتخفيف الميم.

[ج 2 ص 706]

قوله: (وَصَنْعَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على (صنعاء)، وأنَّها من اليمن، مرَّ قريبًا، وأنَّ بقرب الربوة بدمشقَ صنعاء أخرى، وأنَّ في الروم صنعاء.

قوله: (وَزَادَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هذا هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، وتَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثلُ: (قال)، فهو تعليقٌ مجزومٌ به، تُوُفِّيَ ابن أبي عديٍّ سنة (194 هـ)، وتعليقُه هذا أخرجه مسلمٌ في (فضائل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن بَزِيع عن ابن أبي عديٍّ به.

قوله: (فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ): هو المستورد بن شدَّاد الفِهريُّ، نزيل الكوفة، صَحَابيٌّ كأبيه شدَّاد بن عمرو، له عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أحاديثُ، وعنه: جُبير بن نُفير، وقيس بن أبي حَازم، وأبو عبد الرَّحْمَن الخُتَّليُّ، وغيرُهم، أخرج له مسلمٌ والأربعة، وعلَّق له البُخاريُّ، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: الأَوَانِي): (الإناء): معروف، وجمعه: آنية، وجمع الآنية: أوانٍ؛ مثل: سِقاء وأسقية وأساقٍ، قاله الجوهريُّ.

قوله: (تُرَى فِيهِ الآنِيَةُ): (تُرَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الآنيةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (مِثْلَ): هو مَنْصُوبٌ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11788)

[حديث: إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم]

6593# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ، و (أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما): تَقَدَّمَت، وأنَّها تُوُفِّيَت بعدما عَمِيَت، رضي الله عنها.

قوله: (حَتَّى أَنْظُرُ): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ مثلُه قريبًا، وذكرت فيه كلامَ الجوهريِّ، وأنَّه على الحال، وأنَّه مثل: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] على قراءة الرفع.

==========

[ج 2 ص 707]

(1/11789)

((82)) (كِتَابُ القَدَرِ [1]) ... إلى (كِتَاب الأَيْمَانِ وَالنُّذُور)

(القَدْر) و (القَدَر): ما يقدِّرُه الله عزَّ وجلَّ من القضاء، وهو قَدر الله تعالى الذي يجب الإيمانُ به كلِّه؛ خيرِه وشرِّه، حُلوِه ومُرِّه، نفعِه وضَرِّه، ومذهبُ أهل الحقِّ إثباتُ القدر، والإيمانُ به كلِّه كما ذكرته، وقد جاء من النصوص القطعيَّات في القرآن العزيز والسُّنَن الصحيحة المشهورةِ في إثباته ما لا يُحصَى من الأدلَّة، وقد أكثر العلماءُ في إثباته من المصنَّفات، وذهبتِ القدريَّة إلى إنكاره، وأنَّ الأمرَ آنفٌ؛ أي: مستأنَفٌ لم يَسبق به علمُ الله، تعالى الله عن قولهم الباطلِ عُلُوًّا كبيرًا، وقد جاء في الحديث تسميتهم مجوسَ هذه الأمَّة؛ لكونهم جعلوا الأفعالَ لفاعِلِين، فزعموا أنَّ الله يخلقُ الخيرَ، وأنَّ العبدَ يخلق الشرَّ، جلَّ الله عن قولهم.

قال إمام الحرمين وغيرُه من متكلِّمِي أصحابنا، وابنُ قُتَيْبَة من أهل اللغة: اتَّفقنا نحن وهم على ذمِّ القَدرِيَّة، وهم يسمُّوننا قَدريَّة؛ لإثبات القَدر، ويموِّهون بذلك، وهذا جهلٌ منهم ومباهتةٌ، بل هم المسمَّون بذلك؛ لأوجهٍ؛ أحدها: النصوص الصريحة في القرآن والسُّنَّة المشهورة في إثبات القدر، والثاني: أنَّ الصَّحَابة فمَن بعدهم من السَّلَف لم يزالوا على الإيمان بالقدر، وإغلاظِ القول على مَن ينفيه، الثالث: أنَّا أثبتناه لله تعالى وهم يزعمونه لأنفسهم، وادَّعوا أنَّهم مخترعون لأفعالهم، فلم يتقدَّم بها علمٌ، فمَن أثبته لنفسه؛ كان بأن يُنسَبَ إليه أولى ممَّن نفاه عن نفسه وأثبتَه لغيرِه، وهذا الثالث هو جواب ابن قُتَيْبَة والإمامِ، والله أعلم [2].

==========

[1] كذا في (أ) معًا، والدال في «اليونينيَّة» و (ق) مفتوحةٌ فقط.

[2] انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (&).

[ج 2 ص 707]

(1/11790)

[حديث: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا.]

6594# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ): يعني: الصادقُ في قوله، والمصدوقُ فيما يأتيه من الوحيِ الكريمِ.

قوله: (إِنَّ أَحَدَكُمْ): هو بكسر الهمزة على الحكاية [1]، وكذا ضبطه النَّوَويُّ في «شرح مسلم» بالكسر، كما تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ عن ابن مالك وغيرِه: أنَّها بالفتح، ذكرتُه في (خلق آدم) وقبله أيضًا.

(1/11791)

قوله: (ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا): ظاهر هذا الحديث: أنَّ إرسالَه يكون بعد مئةٍ وعشرين يومًا، وفي «صحيح مسلم»: «يدخل المَلَك على النطفة بعدما تستقرُّ في الرَّحِم بأربعين _أو خمسة وأربعين_ ليلة، فيقول: يا ربِّ؛ أشقيٌّ أم سعيدٌ؟»، وفي رواية أخرى: «إذا مرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة؛ بعث الله تعالى مَلَكًا، فصوَّرها، وخلق سمْعَهَا وبصرَها وجِلْدَها»، وفي رواية حذيفة بن أَسِيد فيه أيضًا: «أنَّ النطفة تقع في الرَّحِم أربعين ليلة، ثُمَّ يتسوَّر عليها المَلَك»، وفي رواية فيه أيضًا: «أنَّ مَلَكًا مُوَكَّلًا بالرحم، إذا أراد الله أن يخلق شيئًا؛ يأذن الله تعالى لبضع وأربعين ليلة»، وفي رواية أنس: «أنَّ الله وكَّل بالرحم مَلَكًا، فيقول: أي ربِّ؛ نطفة، أي ربِّ؛ علقة، أي ربِّ؛ مضغة»، قال العلماء: طريق الجمعبين هذه الروايات: أنَّ للمَلَك ملازمةً ومراعاةً لحال النطفة، وأنَّه يقول: يا ربِّ؛ هذه نطفةٌ، هذه علقةٌ، هذه مضغةٌ، في أوقاتها، فكلَّ وقتٍ يقول ما صارت إليه بأمر الله وهو أعلم، وكلامُ المَلَك وتصرُّفه [2] في أوقاتٍ؛ أحدها: يخلقها نطفةً، ثُمَّ ينقلها علقةً، وهو أوَّل علم المَلَك بأنَّه ولدٌ؛ لأنَّه ليس كلُّ نطفة تصير ولدًا، وذلك عقب الأربعين الأولى حين يكتب رزقَه، وأجلَه، وسعادتَه أو شقاوته، ثُمَّ للمَلَك فيه تصرُّفٌ آخَرُ في وقتٍ آخَرَ، وهو تصويره، وخلقُ سمعِه وبصرِه، وجِلدِه ولحمِه وعظمِه، وكونِه ذكرًا أو أنثى، وذلك إنَّما يكون في الأربعين الثالثة، وهي مدَّة المضغة، وقبل انقضاء هذه الأربعين، وقبل نفخ الروح فيه؛ لأنَّ النفخَ لا يكون إلَّا [بعد] تمام صورته، وأمَّا قوله في بعض الروايات: «إذا مرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة؛ بعث الله إليها مَلَكًا، فصوَّرها، وشقَّ سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها ... »؛ الحديث، ذكر القاضي عياض وغيرُه أنَّه ليس على ظاهره، ولا يصحُّ حمله على الظاهر، بل المرادُ تصويرُها وخلقُ سمعِها ... إلى آخره، أنَّه يكتب ذلك، ثُمَّ يفعله في وقت آخرَ؛ لأنَّ التصوير عقب الأربعين الأولى غيرُ موجودٍ في العادة، وإنَّما يقع في الأربعين الثالثةِ هذه مدَّة المُضْغَة، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ... } إلى {لَحْمًا} [المؤمنون: 12 - 14]، ثُمَّ يكون للمَلَك فيه تصريفٌ آخرُ، وهو وقت نفخ الروح عقب الأربعين الثالثةِ حين يكمل له

(1/11792)

أربعة أشهرٍ، واتفق العلماء على أنَّ نفخَ الروح لا يكون إلَّا بعد أربعة أشهرٍ، ووقع في رواية البُخاريِّ: «أنَّ خلقَ أحدكم يُجمَع في بطن أمِّه ... »؛ الحديث، وفيه: «ثُمَّ يُبعَث»؛ بحرف (ثُمَّ)؛ [وهو] يقتضي تأخيرَ كَتْبِ المَلَك هذه الأمورَ بعد الأربعين الثالثةِ، والأحاديثُ الباقية تقتضي الكَتْبَ عقيب الأربعين الأولى، وجوابُه: أنَّ قوله: «ثُمَّ يُبعَث إليه المَلَك، فيكتب» معطوفٌ [3] على قوله: «يُجمَع في بطن أمِّه»، [ومتعلِّقٌ به، لا بما قبلَه]؛ وهو قوله: «ثُمَّ يكون مضغةً مثله»، ويكون قوله: «ثُمَّ يكون علقةً مثله، ثُمَّ يكون مضغةً مثله»، [معترضًا بين المعطوف] والمعطوف عليه، وذلك جائزٌ موجودٌ في القرآنِ والحديثِ الصحيحِ وغيرِه من كلام العرب، وذكر كلامًا آخرَ له بهذا تعلُّقٌ؛ فانظره من «شرح مسلم» للنوويِّ، والله أعلم.

وقوله فيه: (لا يكون إلَّا بعد أربعة أشهر) عبارةٌ قاصرةٌ، بل تحريرُه: بعد مئةٍ وعشرين يومًا؛ لأنَّ الأشهرَ قد تكون ناقصةً أو فيها ناقصٌ، والله أعلم.

قوله: (مُضْغَةً): (المضغة): قطعةُ لحمٍ بقَدْر ما يُمضَغ في الفم.

قوله: (فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: بِرِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ): هذه ثلاثٌ؛ لأنَّ الشقاءَ والسعادةَ واحدٌ؛ لأنَّه يكتب إمَّا ذا وإمَّا ذا، فالمكتوبُ واحدٌ، ولعلَّه أراد جملةَ ما يُؤمَر به، لا أنَّ كلَّ شخص يُؤمَر فيه بهذه الأربع، وفي رواية أخرى: «رزقه، وأجله، وأثره، وشقيٌّ أو سعيدٌ»، وهذه مصرِّحة بالرابعة، فإنَّ مجموع الروايتين: أنَّه يُؤمَر برزقه، وأجله، وأثره، وشقيٌّ أو سعيدٌ، وهو جوابٌ حسنٌ، وفي «الصحيح» أيضًا: (وعمله)، ويحتمل أن تكون مثل: (أثره)، والله أعلم.

قوله: (وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، خبر مبتدأ محذوفٍ؛ أي: هو شقيٌّ أو سعيدٌ.

قوله: (وَقَالَ [4] آدَمُ: إِلَّا ذِرَاعٌ): إنَّما أتى بحديث آدمَ؛ لأنَّ الحديثَ الذي قبلَه شكَّ فيه راويه؛ هل هو (ذراع) أو (ذراعين)؟ فأتى بحديث آدم؛ لأنَّه لا شكَّ فيه، وحديث آدم أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن آدم، وهنا أخرجه عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك؛ كلاهما عن شعبة، وقد أخرجه البُخاريُّ أيضًا في (بدء الخلق) عن الحسن بن الربيع عن أبي الأحوص، وفي (خلق آدم) عن عمر بن حفص بن غِيَاث عن أبيه، وقد أخرجه بقيَّةُ الجماعة.

==========

(1/11793)

[1] هذا على إسقاط: (قال)، وهي رواية الحديث (3332) وغيرِه.

[2] في (أ): (يفرقه)، والمثبت من مصدره.

[3] في (أ): (معطوفًا)، والمثبت من مصدره.

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

[ج 2 ص 707]

(1/11794)

[حديث: وكل الله بالرحم ملكًا فيقول أي رب نطفة]

6595# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد.

تنبيه: قَدَّمْتُ فيما مضى غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه إذا أُطلِقَ في الإسناد (حَمَّادٌ) من غير أن يُنسَب؛ هل هو ابن زيد أو ابن سلمة، وأنَّ ذلك يتميَّز عند أهل الحديث بحسب مَن أَطلق الروايةَ عنه، فإن كان الذي أطلق الروايةَ عنه سليمانُ بن حرب _كهذا الحديث الذي نحن فيه_ أو مُحَمَّدُ بن الفضل عَارمٌ؛ فالمراد حَمَّادُ بن زيد، قاله الذهليُّ مُحَمَّد بن يحيى، وكذا قاله ابن خلَّاد الرَّامَهُرْمُزِيُّ في «المحدِّث الفاصل»، والمِزِّيُّ في «التهذيب»، وإن كان الذي أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ؛ فمراده حَمَّاد بن سلمة، قاله الرَّامَهُرْمُزيُّ، إلَّا أنَّ ابن الجوزيِّ قال في «تلقيحه»: إنَّ التَّبُوذَكيَّ ليس يروي إلَّا عن حَمَّاد بن سلمة خاصَّة، وكذا إذا أطلقه عفَّانُ، روى الذهليُّ عن عَفَّانَ قال: إذا قلت لكم: (حدَّثنا حَمَّاد) ولم أنسبه؛ فهو ابن سلمة، وقال الرَّامَهُرمُزيُّ: إذا قال عَفَّانُ: (حدَّثنا حَمَّاد)؛ أمكن أن يكونَ أحدَهما، كذا قال، وهو ممكنٌ لولا ما حكاه الذهليُّ عن عَفَّانَ، فزال أحدُ الاحتمالين، وكذا اقتصر المِزِّيُّ في «تهذيبه» على أنَّ المرادَ ابنُ سلمة، وهو الصواب، وإن كان ابنُ الصلاح حكى القولين، وكذا إذا أطلق ذلك حجَّاج بن منهال؛ فالمراد ابن سلمة، قاله الذهليُّ والرَّامَهُرمُزيُّ والمِزِّيُّ، وكذا إذا أطلقه هُدْبَة بن خالد؛ فالمراد ابن سلمة، قاله المزِّيُّ في «تهذيبه»، والله أعلم.

وقد تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ حَمَّاد بن زيد أخرج له البُخاريُّ وغيرُه، وأنَّ ابنَ سلمة عَلَّقَ له البُخاريُّ، ولم يخرِّج له في الأصول، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، والله أعلم.

قوله: (أَيْ رَبِّ؛ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ؛ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ؛ مُضْغَةٌ): الثلاث في أصلنا مرفوعاتٌ منوَّناتٌ، وهنَّ أخبارُ مبتدآتٍ محذوفاتٍ؛ أي: هذه كذا، وهذه كذا، وهذه كذا، ولو نُصِبت؛ لكان له وجهٌ، وهو أن تكون مفعولاتٍ بأفعالٍ مقدَّرة؛ نحو: اجعلها، وشبهه، و (المضغة [1]): قطعة لحمٍ بقدر ما يُمضَغ في الفم، وقد تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ): (يُكتَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

[ج 2 ص 707]

==========

[1] في (أ): (والمضعفة).

(1/11795)

[باب: جف القلم على علم الله]

(1/11796)

[حديث: كل يعمل لما خلق له]

6596# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرِّشْك) بكسر الراء، وإسكان الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ كاف، وقد تَقَدَّمَ معناه، و (مُطَرِّف بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ): (مُطَرِّف): بكسر الراء المُشَدَّدة، وهو اسمُ فاعلٍ، و (الشِّخِّيْر): بكسر الشين المُعْجَمَة، وكسر الخاء المُعْجَمَة المُشَدَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ أيضًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ حُصَينًا صَحَابيٌّ، وتَقَدَّمَ فيه كلامٌ؛ فانظره.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: ثُمَّ ظهر بعد ذلك أنَّه يُفَسَّر بعِمران الراوي؛ يعني: ابنَ الحُصَين راوي الحديث المذكور، ثُمَّ ذكر مستنده من عند «البُخاريِّ»، والله أعلم، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُعاصرين: هو عمران الراوي، بيَّنه مسدَّد في «مسنده»، وهو عند المصنِّف في موضعٍ آخَرَ، انتهى.

قوله: (أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟): (يُعرَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11797)

[باب: الله أعلم بما كانوا عاملين]

قوله: (بَابٌ: اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ): غرض البُخاريِّ بهذه الترجمة مع ما فيها من الأحاديث الردُّ على الجهميَّة في قولهم: إنَّ الله لا يعلمُ أفعالَ العباد حتَّى يعملوها، تعالى الله عن قولهم، ومصداق ما أورده قولُه تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28]، وقال في آيةٍ أخرى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: 23].

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11798)

[حديث ابن عباس: الله أعلم بما كانوا عاملين]

6597# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بندار، وتَقَدَّمَ (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، ثُمَّ راء، وتَقَدَّمَ معناه، وأنَّه لقبُ مُحَمَّدٍ، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمَه جعفرُ بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ): هذا السائل لا أعرفه.

قوله: (عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ في أولاد المشركين في (الجنائز) عشرةُ أقوالٍ؛ ما حكمهم في دار الآخرة، واختيار البُخاريِّ: أنَّهم في الجنَّة، وسيأتي التصريح بذلك في (كتاب الرؤيا).

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11799)

[حديث أبي هريرة: الله أعلم بما كانوا عاملين]

6598# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ) بعده: هو ابن سعد، الإمام المجتهد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ): الذي ظهر لي في هذه الواو أنَّ الزُّهْرِيَّ روى أحاديثَ ليونسَ معطوفًا بعضُها على بعض، وهذا الحديثُ ليس الأوَّلَ منها، فرواه يونس بالعطف، ولم يغيِّره لمَّا فرَّقها، أو أنَّ البُخاريَّ هو الذي فرَّقها، أو مَن فوقه إلى يونس، فلم يغيِّره، والله أعلم.

قوله: (سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أعلا ه أنَّ هذا السائلَ لا أعرفه.

قوله: (عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ): (الذراريُّ): بتشديد الياء وتخفيفها، تَقَدَّمَ [1].

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة بعد قوله: (عن أولاد المشركين ... ).

[ج 2 ص 708]

(1/11800)

[حديث: ما من مولود إلا يولد على الفطرة.]

6599# 6600# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة النساء)، وهو في أصلنا: (إسحاق)، وفي نسخةٍ في هامش أصلنا: (إسحاق بن إبراهيم) منسوبًا إلى أبيه، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الصنعانيُّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ ما (الفِطْرَة) في (الجنائز).

قوله: (كَمَا تُنْتِجُونَ): هو بضَمِّ أوَّله المُثَنَّاة فوق، وكسر ثالثه المُثَنَّاة فوق أيضًا، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وضبطه بعضُهم كما ضبطتُه: بضَمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، قال: ومنهم مَن فتحه، انتهى، و (الْبَهِيمَةَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

قوله: (مِنْ جَدْعَاءَ): تَقَدَّمَ معناه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 708]

(1/11801)

[باب: {وكان أمر الله قدرًا مقدورًا}]

(1/11802)

[حديث: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها]

6601# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

قوله: (طَلَاقَ أُخْتِهَا): أي: ضرَّتها، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَلْتَنْكِحْ): هو بإسكان اللام، ساكن الحاء، أمرٌ، وهذا ظاهِرٌ، و (قُدِّرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مشدَّد الدال.

(1/11803)

[حديث: لله ما أخذ ولله ما أعطى كل بأجل فلتصبر ولتحتسب]

6602# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (عَاصِم) بعده: هو ابن سُليمان الأحول، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمتِ اللُّغات في (مَلٍّ) مرارًا، و (أُسَامَة): هو ابن زيد بن حارثة، الحِبُّ بن الحِبِّ، وهو وأبوه وجدُّه صحابةٌ.

قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ): هذا الرسول لا أعرفه، و (إحدى بناته): تَقَدَّمَت في (الجنائز) مَن هي منهنَّ رضي الله عنهنَّ، وسيأتي قريبًا في كلامي أنَّها زينبُ.

قوله: (وَعِنْدَهُ سَعْدٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُبادة بن دُلَيم، سيِّد الخزرج، كما صُرِّحَ به في روايةٍ.

قوله: (أَنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بِنَفْسِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الابن في (الجنائز)، وهل هو ابن أو ابنةٌ، والصحيح: أنَّه ابنٌ، واسمه عليُّ بن أبي العاصي بن الربيع، والبنت: زينبُ.

قوله: (وَلْتَحْتَسِبْ): هو مجزومٌ معطوفٌ على الأمر الذي قبله، وتَقَدَّمَ ما (الاحتساب).

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11804)

[حديث: أوإنكم تفعلون ذلك لا عليكم أن لا تفعلوا]

6603# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): هو بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ مَن يُقال فيه كذلك: هذا ابن موسى، روى عنه الشيخان، وحِبَّان بن عَطيَّة السُّلَميُّ، له ذِكرٌ في «البُخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بَلْتَعَة، وحِبَّان ابن العَرِقة، له ذِكرٌ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وهو كافرٌ هلك على كفره، رمى سعدَ بن معاذ يومَ الخندق في أَكْحَلِه، فتُوُفِّيَ منها سعدٌ بعد بني قريظة، والله أعلم، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الأنصاريُّ.

[ج 2 ص 708]

قوله: (جَاءَهُ [1] رَجُلٌ مِنِ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا وَنُحِبُّ الْمَالَ): هذا الرجل الأنصاريُّ لا أعرفه، غير أنَّ في «صحيح مسلم» من حديث أبي سعيد: (فسألْنَا رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وفي طريقٍ أخرى من حديثه: (ثُمَّ سألْنَا رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ثُمَّ إنِّي رأيتُ ابنَ شيخنا البُلْقينيِّ قال: وقع نحوُ هذا السؤالِ من مجديٍّ الضَّمْرِيِّ، ذكره في «الأُسْدِ»، وذكر لفظَه، ثُمَّ قال: (لكنَّ هذا ليس أنصاريًّا)، ثُمَّ ذكر ما ذكرتُه عن أبي سعيدٍ، ثُمَّ قال: فيدلُّ هذا على أنَّ أبا سعيد من جملة السائلين، ثُمَّ قال: وفي «الأُسْدِ» في ترجمة أبي صِرمة بن قيس عن ابن مُحيريز: (أنَّ أبا سعيد وأبا صِرمة أخبراه أنَّهم أصابوا سَبايا ... ) إلى أن قال: (فذكرنا ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «لا عليكم»)، فهذا يحتمل أنَّ يُفَسَّر الأنصاريُّ به، انتهى، والله أعلم، وكذا ذكر بعضُ حفَّاظ المِصريِّين من المُتَأخِّرين، فذكر القولين: أبا صِرمة بن قيس، وأبا سعيد.

قوله: (كَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ؟): تقدَّم ما (العزْل) وما حكمه في (النكاح)، والله أعلم.

قوله: (أَوَإِنَّكُمْ؟): هو بفتح الواو، و (إنَّ) بعدها: مكسورةُ الهمز، و (أوَ): محرَّكة على الاستفهام، وقد تَقَدَّمَ متى تُفتَح (أو) ومتى تُسَكَّن.

قوله: (نَسَمَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح السين وما هي في أوَّل هذا التعليق.

(1/11805)

[حديث: لقد خطبنا النبي خطبةً ما ترك فيها شيئًا إلى قيام الساعة ... ]

6604# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وبيانه: أنَّ عَبْد الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكر في مشايخ موسى بن مسعودٍ الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وكذا فعل الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، و (الأَعْمَش): سُليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مرارًا، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّمَ، و (حُذَيْفَةَ): هو ابن اليماني حُسَيلٍ، ويُقال: حِسْل، صَحَابيٌّ أيضًا كابنه حذيفة، رضي الله عنهما.

قوله: (لَأَرَى الشَّيْءَ): (أَرى): بفتح الهمزة، من رؤية العين.

قوله: (كَمَا [1] يَعْرِفُ الرَّجُلَ): (الرجلَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ؛ أي: كما يَعرِف الرَّجُلُ الرَّجُلَ، كذا في أصلنا، ومُصحَّح عليه، وفي نسخة حدثت في هامش أصلنا: (الرجلُ)؛ بالرفع [2]، فيكون على هذه (الرجلُ) مَرْفُوعًا [3] فاعل (يَعرف)، ويكون المفعولُ محذوفًا؛ أي: الرجلَ، والله أعلم.

(1/11806)

[حديث: ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو من الجنة]

6605# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء والزاي: مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، وفتح المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبَيِّعة، وتَقَدَّمَ أنَّ (السُّلَميَّ) بضَمِّ السين، وفتح اللام.

قوله: (يَنْكُتُ): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه بالمُثَنَّاة فوق، لا المُثَلَّثَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِبَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مَقعدُهُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، تَقَدَّمَ ذلك غَيْرَ مَرَّةٍ، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: وقع في «أُسْد الغابة» في ترجمة ذي اللحية الكلابيِّ _واسمه شريح بن عامر_: أنَّه قال: يا رسول الله؛ أنعمل في أمرٍ مستأنَفٍ أو في أمر قد فُرِغ منه؟ ثُمَّ قال: وهذا يحتمل أن يُفَسَّر به المبهمُ في حديث عِمران السابق، وحديثِ عليٍّ الذي نحن فيه، قال: وقد وقعت مثلُ هذه القضيَّةِ لعُمر بن الخَطَّاب، رواه التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (أبواب القدر)، فذكرها، انتهى، وقد رأيتُه في (أبواب القدر) في (باب ما جاء في الشقاء والسعادة)، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: تَقَدَّمَ في (التفسير): أنَّ سراقة سألَ عن ذلك، وقيل: إنَّ السائل هو عليٌّ الراوي، وفي (مسند أبي بكر) من «مسند أحمد»: أنَّ أبا بكر سأل عن ذلك، وفي (مسند عُمر) لأبوَي بكرٍ المروزيِّ والبزَّار: أنَّ عمرَ سأل عن ذلك، ووقع مثلُ ذلك لذي اللحية الكلابيِّ، واسمه شريح بن عامر، أخرجه عبد الله بن أحمد في «زيادات المسند»، والحسن بن سفيان، وابن أبي خيثمة، والطَّبَرانيُّ؛ كلُّهم من حديثه، انتهى.

==========

[ج 2 ص 709]

(1/11807)

[باب: العمل بالخواتيم]

قوله: (بَابٌ: الْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ): تَقَدَّمَ في (كتاب الرقاق): (باب الأعمال بالخواتيم وما يُخَاف منها)، وهنا: (العمل)؛ بالإفراد من غير زيادةٍ عليها.

واعلم أنَّه حكم الله في عباده في الخير والشرِّ، فيغفر الكفرَ وأعمالَهُ بكلمةِ الحقِّ يقولها العبدُ عند الموت قبل المعاينة لملائكة العذاب، وكذلك يحبط عمل المؤمن إذا خُتِم له بالكفر، ثُمَّ هذا الحكمُ موجودٌ في الشرع؛ كقوله: «مَن أدرك ركعةً من الصلاة؛ فقد أدرك الصلاةَ»، وقوله: «مَن أدرك ركعةً من الصبح»، وكذا «من العَصْر»؛ فجُعل مدرِكًا لفضل الوقت بإدراك الخاتمة وإن كان لم يدرِك منه إلَّا أقلَّه، وكذلك مَن أدرك جزءًا من ليلة عرفة _وهي ليلة النحر_ قبل الفجر فوقف بها؛ أدركَ الحجَّ، وتمَّ له ما فاته من مقدِّماته، كما عهد الذي لم يعمل خيرًا قطُّ أن يُحرَق ويُذرى، فكانت خاتمة سوء عمله خشيةً أدركته تلافاه الله بها، فغفر له سوءَ عمله طولَ عمره، هذا فعلُ مَن لا تضرُّه الذنوبُ، ولا تنفعه العبادةُ، وإنَّما تنفع وتضرُّ المكتسبَ لها، الدائمَ عليها إلى أن يموت.

==========

[ج 2 ص 709]

(1/11808)

[حديث: يا بلال قم فأذن لا يدخل الجنة إلا مؤمن]

6606# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسر الحاء مُطَوَّلًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): بفتح ياء (المُسَيّب) وكسرها، وغيره لا يقال فيه إلا بفتح الياء، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ أنَّ فيه مجازًا أن شهد الصَّحَابة، وأمَّا أبو هريرة؛ فإنَّما جاء بعد الفتح قبل القسمة، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوتها بالاختلاف فيه، ومدرك الخلاف، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ [1] لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلَامَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل اسمُه قُزمان، وتَقَدَّمَ الاختلافُ في أيِّ غزوة كانت قصَّته، وأنَّ أصحابَ «الصحيح» ذكروها في خيبر، وفي بعض الروايات: حُنين، وأنَّ غيرَهم ذكروها في أحُد، وأنَّه هو الذي يظهر، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره في (خيبر).

قوله: (حَضَرَ الْقِتَالُ): (القتالُ): مَرْفُوعٌ فاعل (حضر).

قوله: (فَأَثْبَتَتْهُ): أي: أصابت مَقَاتِلَه.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وأنَّ ابنَ شيخِنا البُلْقينيِّ قال: لعلَّه أكثمُ بن الجون، انتهى.

قوله: (أَمَا إنَّه): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّه): بكسر الهمزة، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (أَمَا) بمعنى (أَلَا) التي للاستفتاح، وأنَّ (إنَّ) بعدها همزتُها مكسورةٌ.

قوله: (إِلَى كِنَانَتِهِ): تَقَدَّمَ ما (الكِنانة).

قوله: (فَانْتَحَرَ بِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه كذلك في أصلنا: (بها)، وأنِّي رأيت عن الصغانيِّ ما لفظه: وقع في النسخ: (فانتحر بها)، والصوابُ: (به)، وروى الحديثَ أبو بكر الإسماعيليُّ من طريق حِبَّان وابنُ عمارة من طريق أحمد ابن حنبل عن عبد الله فقالا: (بهِ) على الصواب، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الجمع [بين] (فانتحر بها)، وبين (أنَّه اعتمد على ذُباب سيفه حتَّى خرج من ظهره)، وبين رواية ابن إسحاق: (أنَّه قطع رواهش يده)، ووجه الجمع: أنَّه فَعَلَ الثلاثَ فِعلاتٍ.

[ج 2 ص 709]

(1/11809)

قوله: (فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ): (اشتدَّ)؛ أي: عَدَوا، وهؤلاء الرجال لا أعرفهم، والظاهر أنَّ منهم أكثمَ بنَ أبي الجون الذي كان يَتْبَعُه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

(1/11810)

[حديث: من أحب أن ينظر إلى الرجل من أهل النار فلينظر إلى هذا]

6607# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ (أبا غسَّان): اسمه مُحَمَّد بن مُطَرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا كَانَ [1] مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ): هذا (الرجل): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل اسمُه قُزمان، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في (غزوة خيبر).

قوله: (غَنَاءً): هو بفتح الغين المُعْجَمَة، ممدودٌ، تَقَدَّمَ أنَّ معناه: كفاية، وكذا الثانية الآتية.

قوله: (فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها غزوة خيبر، كذا في «الصحيحين»، وتَقَدَّمَ ما فيه، وأنَّ الذي يظهر أنَّها أُحُد، كما جاء في روايةٍ في «أبي يعلى»، وكما ذكرها ابنُ إسحاق.

قوله: (فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وأنَّ ابنَ شيخِنا البُلْقينيِّ قال: لعلَّه أكثم بن الجون.

قوله: (حَتَّى جُرِحَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا الجمعُ بين هذا وبين غيرِه.

(1/11811)

[باب إلقاء النذر العبد إلى القدر]

قوله: (بَابُ إِلْقَاءِ النَّذْرِ الْعَبْدَ إِلَى الْقَدَرِ): (العبدَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (إلقاء)، و (النذرِ): مجرورٌ مضافٌ، وهذا ظاهِرٌ.

وقوله: (بَابُ إِلْقَاءِ النَّذْرِ الْعَبْدَ إِلَى الْقَدَرِ): وفي نسخة أخرى: (باب إلقاءِ العبدِ النذرَ إلى القدر)، رأيت بخطِّ شيخِنا شيخِ الإسلام البُلْقينيِّ قال: وليست واحدةٌ من الترجمتين مطابقةً للحديث، والمطابِق للحديث أن يُقال: (باب إلقاءِ القدرِ العبدَ إلى النذر)؛ لأنَّ الله تعالى قال: «لا يأتي ابنَ آدم النذرُ بشيءٍ لم يكن قد قدَّرتُه، ولكن يلقيه القدر وقد قدَّرته له، أستخرج به من البخيل»، فالحديث يقتضي أنَّ القدرَ يُلقِي العبدَ إلى أن ينذر، فيستخرج به من مال البخيل ما نذره، وقضيَّة الترجمة المذكورة في هذه النسخة _يعني: (باب إلقاءِ العبدِ النذرَ إلى القدر) _: أنَّ العبدَ يُلقِي النذرَ إلى القدر، وهذا لا يطابِقُ الحديثَ، وليس بمعنًى صحيحٍ، وقضيَّة الترجمة في أكثر النسخ: أنَّ النذر يُلقِي العبدَ إلى القدر، وليس كذلك، فتعيَّن ما قرَّرناه، انتهت، وهو فَهمٌ حسنٌ في غايةٍ، والله أعلم، انتهى.

وكتب إليَّ بعض حُفَّاظ العَصْرِ: أنَّ البُخاريَّ رواه _والظاهر أنَّه يعني: في غير «صحيحه» _: «ولكن يلقيه النذرُ إلى القَدَر»، فكأنَّ البُخاريَّ أراد هذه الطريقَ، أو ما هذا معناه، أو قريب منه)، فكأنَّ هذا الحافظَ يقول: بوَّب البُخاريُّ بالحديث الذي ليس على شرطه، وأخرج ما هو على شرطه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 710]

(1/11812)

[حديث: إنه لا يرد شيئًا وإنما يستخرج به من البخيل]

6608# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ أبا نُعَيم روى عن السفيانين، وهما عن منصور، غير أنَّ الثَّوريَّ أثبتُ الناس في منصورٍ، والله أعلم، وقد سأل ابني أبو ذرٍّ حافظَ وقته ابنَ حَجَرٍ عن هذا المكان أو عن مثله، فأجابه فقال: هو كما قال _أنا_ هو الثَّوريُّ، وأبو نُعَيم وإن كان روى عن ابن عُيَيْنَة، لكنَّه إذا روى عنه؛ [نسبه]، وإذا روى عن الثَّوريِّ؛ نسبه تارةً، ولم ينسبه أخرى، فإذا لم ينسبه؛ فهو الثَّوريُّ؛ لأنَّ الإطلاق ينصرفُ إلى مَن يكون المطلَقُ أشدَّ له ملازمةً، وأكثرَ عنه روايةً، وأبو نُعَيم معروفٌ بالرواية عن الثَّوريِّ، قليلُ الرواية عن ابن عُيَيْنَة، وقد نبَّه على ذلك ونظائرِه الخطيبُ في «المكمل»، وهذا القولُ في مُحَمَّد بن كَثِير إذا قال: حدَّثنا سفيان ... إلى آخر كلامه، فإنَّه يتعلَّق بغيرِ ما نحن فيه، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر.

قوله: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ): اعلم أنَّ هذه المسألةَ اختلف قولُ الشَّافِعيَّة فيها على أربعة آراء:

أحدها: أنَّ النذرَ مكروهٌ، كما أشار إليه النَّوَويُّ، وهذا هو الذي نصَّ عليه الشَّافِعيُّ، نقله عنه أبو عليٍّ السِّنْجيُّ في «الشرح الكبير»، كذا نقله عنه ابن أبي الدم في «شرح الوسيط»، وجزم به الشيخُ محيي الدين في «شرح المهذَّب»، ونقله عن التِّرْمِذيِّ وجماعةٍ من أهل العلم، ولم ينقله عن الشَّافِعيِّ، ولا عن أحدٍ من أئمَّة مذهبه.

والثاني: أنَّه خلاف الأَولى، وهو ما اختاره ابن أبي الدم في «الشرح» المذكور، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ المكروهَ: ما ورد فيه نهيٌ مقصودٌ، وخلافُ الأولى: ما لم يرد ذلك فيه، كذا فرَّق الإمامُ وغيرُه بينهما، ونقله عنه الرافعيُّ في (باب أداء الزكاة)، والنذر وردَ فيه نهيٌ مقصودٌ، فإن أوَّل ذلك وتمسَّك بالقياس وغيرِه؛ لزم استحبابه، وإن لم يُؤَوِّل وتمسَّك بظاهره؛ لزم كراهته، فالقول بأنَّه خلاف الأولى ضعيفٌ.

(1/11813)

الثالث: قُربةٌ، وهو ما جزم به المتولِّي في (الوكالة)، فقال: لا يجوز التوكيل في النذر؛ لأنَّه قُربةٌ، وكذلك الغزاليُّ في كفَّارة الظهار من «الوسيط» قُبَيل الخَصلة الثانية، وهو مقتضى كلام الرافعيِّ، ونقل ابن أبي الدم: أنَّ جماعة قالوا بذلك، وهو القياس، وذكر النَّوَويُّ في (باب ما يفسد الصلاة) من «شرح المهذَّب» ما يقتضيه.

والرابع: التفصيل؛ فيُستحبُّ نذرُ التبرُّر؛ وهو الذي ليس معلَّقًا على شيء، ولا يُستَحَبُّ النذر المعلَّق، وهذا التفصيلُ ذكره ابن الرِّفعة في (باب الوكالة) من «المطلب».

واعلم أنَّ القولَ باستحبابه يعضده النصُّ والقياس، أمَّا النصُّ؛ فقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270] حثَّهم الله سبحانه وتعالى على النذر وأكَّدَه بالمصدر، فاقتضى أن يكون قربةً، وأمَّا القياس؛ فلأنَّه وسيلةٌ إلى القُربة، وللوسائل حُكمُ المقاصد، ولهذا قال ابن أبي هريرة: إنَّ الحَلِف على الطاعة من النوافل المستحبَّةِ، لا يُتوصَّل به إلى الإحسان، ويبعثه على القُرب وأفعالِ الخير، والاستدلال بهذا الحديث يتوقَّف على قاعدتين؛ إحداهما: أنَّ المفرد المعرَّف بـ (أل) للعموم، الثانية: أنَّ قولَ الصَّحَابيِّ: (نهى عن كذا) عامٌّ، وفيهما خلافٌ، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال الإمام المازريُّ المالكيُّ: يحتمل أن يكون سببُ النهي عن النذر كونَ الناذر يصير ملتزمًا [1] له، فيأتي به تكلُّفًا بغير نشاط، قال: ويحتمل أن يكون سببُه كونَه يأتي بالقربة التي التزمها في نذرٍ على صورة المعاوضة للأمر الذي طلبه، [فـ] ينقص أجره، وشأن العبادة أن تكون متمحِّضةً لله تعالى، قال القاضي عياض: ويحتمل أنَّ النهيَ لكونه قد يظنُّ بعضُ الجَهَلة أنَّ النذرَ يردُّ القدرَ، ويمنعُ من حصول المقدَّر، فنُهِيَ عنه؛ خوفًا من جاهلٍ يعتقد ذلك، فسياق الحديث يؤيِّد هذا، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ): (يُسْتَخرَج): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في (أ): (متلزمًا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 710]

(1/11814)

[حديث: لا يأت ابن آدم النذر بشيء لم يكن قد قدرته]

6609# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الصنعانيُّ.

قوله: (لَا يَأْتِي [1] ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ): (النذرُ): مَرْفُوعٌ فاعل (يأتي)، و (ابنَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ مقَدَّمٌ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ): (أستخرجُ): بفتح همزة المتكلِّم، هو فعلٌ مستقبلٌ مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمْه ناصبٌ ولا جازمٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يَأْتِ).

[ج 2 ص 710]

(1/11815)

[باب لا حول ولا قوة إلا بالله]

(1/11816)

[حديث: يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ... ]

6610# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (خَالِدٌ الْحَذَّاءُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه خالد بن مِهْرَان، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل: الحَذَّاء، و (أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمتِ اللُّغًات في (مَلٍّ)، و (النَّهديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح النون، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فِي غَزَاةٍ): هذه الغزاة لا أعرف عينَها، وأبو موسى إنَّما قَدِم بعد قتال خيبر، قبل القسمة، مع جعفرٍ، في السفينَتَين، والغزوات بعدها معروفةٌ مضبوطةٌ.

قوله: (شَرَفًا): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الشين والراء؛ وهو ما علا من الأرض، وكذا تَقَدَّمَ (ارْبَعُوا) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا): جعل قولهم: (الله أكبر) دعاءً، والدعاء: النداء؛ من أجل أنَّهم يريدون به إسماعَه الشهادةَ له بالحقِّ.

(1/11817)

[باب: المعصوم من عصم الله]

(1/11818)

[حديث: ما استخلف خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير]

6611# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك،

[ج 2 ص 710]

شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ): (استُخلِف)؛ بضَمِّ التاء، وكسر اللام: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (خليفةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ): (البِطانة)؛ بكسر المُوَحَّدة: دخلاء الإنسان ومَن يختصُّ به، و (البِطانة) أيضًا: السريرة، فسُمِّيَ مَن يطَّلع على السريرة بطانةً، يُقال منه: بَطنتُ أمرَه؛ إذا علمتَ مِن خفيِّه، وبَطُنَ الشيء: خَفِيَ، وفي «النهاية»: بطانة الرجل: صاحبُ سِرِّه وداخلةِ أمره الذي يشاوره في أحواله.

(1/11819)

[باب: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}]

قوله: (وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1]): كذا في أصلنا: (منصور بن النعمان)، وكذا كان في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ثُمَّ ضَرَب عليها المِزِّيُّ بخطِّه، وكتب بخطِّه: (المعتمر)، وصحَّحَ عليه، وفي هامش أصلنا القاهريِّ: (صوابه: منصور بن المعتمر، وفي حاشية أصل أبي ذرٍّ: منصور بن النعمان، وكذا في أصل الأصيليِّ، وفي أصل ابن عساكر)، انتهى، وكذا عزاه شيخُنا في «شرحه» حين ذكره، فقال: منصور بن النعمان، ولم يذكر فيه خلافًا، ولمَّا خرجه؛ قال: أخرجه أبو جعفر، والظاهر أنَّ مرادَه بـ (أبي جعفر): مُحَمَّد بن جرير الطَّبَريُّ في «تفسيره»، قال: عن ابن قُهزاذ عن أبي عوانة عنه؛ يعني: عن منصور به، والله أعلم، و (منصور بن النعمان) هذا: يشكريٌّ، كنيته أبو حفص، بصريٌّ، نزل مروَ، ثُمَّ بُخارى، عن أبي مِجْلَز لاحقِ بن حُمَيدٍ وعكرمة، وعنه: ابن المبارك، وعبد العزيز بن أبي رِزْمة، وأبو أحمد الزبيريُّ، وجماعةٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، روى له البُخاريُّ تعليقًا، له ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: ({أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}): {أنَّه}: بفتح الهمزة من {أنَّه}، والتلاوة: {وأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36] [2].

قوله: ({وَحِرْمٌ} [الأنبياء: 95] بِالْحَبَشِيَّةِ: وَجَبَ): {حِرْم}: بكسر الحاء، وإسكان الراء، وهذه قراءة أبي بكر، وحمزة، والكسائيِّ، والباقون قرؤوا بفتحهما وألفٍ بعد الراء، ثُمَّ قوله: (بالحبشيَّة)؛ يعني: أنَّ الحبشيَّة وافقت العربيَّةَ أو عرَّبتها العربُ، وليس في القرآن شيءٌ بغير لغة العرب، وقوله: (وَجَبَ): فسَّر الاسمَ بفعلٍ، وكان من حقِّه تفسيرُه باسمٍ مثلِه، والله أعلم.

(1/11820)

[حديث أبي هريرة: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا]

6612# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مرارًا [أنَّه] بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (ابْن طَاوُوسٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله.

قوله: (أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ): تَقَدَّمَ الكلام على (اللَّمم) ما هو.

قوله: (وَقَالَ شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ): (شَبابة) هذا: هو ابن سَوَّار؛ بفتح السين، وتشديد الواو، وهذا ظاهِرٌ، روى عنه: أحمد، وإسحاق، وابن المَدينيِّ، وابن معين، وعمرٌو الناقد، وعَبَّاسٌ الدُّوريُّ، أخرج له الجماعةُ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (ورقاء): هو ابن عمر، و (ابْن طَاوُوسٍ): عبد الله، تَقَدَّمَ أعلاه.

==========

[ج 2 ص 711]

(1/11821)

[باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}]

(1/11822)

[حديث في تفسير: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}]

6613# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح [الميم]، وتَقَدَّمَ لماذا نُسِب، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60]): إن قلت: لم يُذكَر في القرآن لعنُ تلك الشجرة؟ فالجواب: أنَّه لُعِن آكلُها، وهم الكفَّار، كما قال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: 43 - 44]، وقال: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 64]، أو أنَّ كلَّ طعام مكروهٍ يُقال له: ملعونٌ، والله أعلم.

(1/11823)

[باب: تحاج آدم وموسى عند الله]

(1/11824)

[حديث: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة]

6614# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار.

قوله: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى): قال البُخاريُّ في الترجمة: (باب تحاجِّ آدم وموسى عند الله)، قال أبو الحسن القابسيُّ في قوله: «احتجَّ آدمُ وموسى»: التقت أرواحُهُما في السماء، فوقع الحِجَاج بينهما، قال القاضي عياض: ويحتمل أنَّه على ظاهره، وأنَّهما اجتمعا بأشخاصهما، وقد ثبت في حديث الإسراء أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اجتمع بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في السماوات وفي بيت المقدس، وصلَّى بهم، ولا يبعد أنَّ الله تعالى أحياهم، كما في الشهداء، قال: ويحتمل أنَّ ذلك جرى في حياة موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، سأل اللهَ تعالى أن يُرِيَه آدمَ، فحاجَّه، وقال شيخنا: يحتمل أن يكون بين روحَيهما بعد موت موسى، أو يكون ذلك يوم القيامة، قال: وقال ابن بَطَّال: التقت أرواحهما في السماء، فوقع الحِجَاج بينهما، وقد جاءت الروايةُ بذلك، ثُمَّ ذكر دليلَه حديثًا مرفوعًا من عند «الطَّبَريِّ»، والله أعلم.

قوله: (خَيَّبْتَنَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: ([الخيبة] [1]: الحرمان والخسران، وقد خاب يخيب ويخوب)، انتهى، ومعنى (خيَّبتنا): أوقعتنا في الخيبة؛ وهي الحرمان والخسران.

قوله: (وأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ): المراد [بـ] الجنَّة التي أُخرِج منها آدم: جنَّة الخلد وجنَّة الفردوس، وهي دار الجزاء، وهي موجودةٌ من قَبْلِ آدم، هذا مذهبُ أهل الحقِّ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (قَدَّرَ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً): اعلم أن في بعض طرقه في «مسلم»: «بِكم وجدتَ الله كتب التوراة قبل أن أُخلَق؟ قال موسى: بأربعين سنةً ... »؛ الحديث، فهذه الرواية مصرِّحةٌ ببيان المراد بالتقدير، ولا يجوز أن ترادَ حقيقةُ القَدَر، فإنَّ علمَ الله وما قدَّره على عباده وأراده مِن خلقه الأزليُّ، لا أوَّل له، ولم يزل سبحانه وتعالى مريدًا لما أراده مِن خلقه مِن طاعةٍ ومعصيةٍ، وخيرٍ وشرٍّ.

قوله: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى): (آدمُ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، كذا الرواية في جميع كتب الحديث باتِّفاق الناقلين والرواةِ والشُّرَّاحِ وأهلِ الغريب؛ ومعناه: غلبه بالحُجَّة وظهرَ عليه، والله أعلم.

(1/11825)

تنبيهٌ: ذكروا في ترجمة الحافط أبي سعيد السجزيِّ الرَّكَّاب _واسمُه مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبدِ الله بن أحمد، الرَّحَّال، صاحب المصنَّفات، المُتَوفَّى في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربع مئة_: قال ابن الخاضبة: كان قَدَريًّا، سمعته يقرؤُها: (فحجَّ آدمَ موسى)؛ بالنصب، وقال المؤتمن الساجيُّ: كان يرجع إلى هدايةٍ وإتقانٍ وحسنِ ضبطٍ، وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان متقنًا وَرِعًا.

قوله: (وَقَالَ [2] سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا بِهِ [3] أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن عليِّ بن عبد الله عن سفيان عن أبي الزِّناد به، وليس تعليقًا، و (أبو الزناد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأعرج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

==========

[1] ما بين معقوفين مستفادٌ من هامش (ق).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

[3] (به): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 711]

(1/11826)

[باب: لا مانع لما أعطى الله]

(1/11827)

[حديث: لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللهم لا مانع لما أعطيت]

6615# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهو ابن سليمان العدويُّ مولاهم، و (عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ): بإسكان المُوَحَّدة.

[ج 2 ص 711]

قوله: (اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على الرواية بالكتابة، سواء اقترنت بالإجازة أم لا، والصحيح المشهور بين أهل الحديث: أنَّها معدودةٌ في المسند الموصول، ومنعَ صحَّة ذلك قومٌ آخرون، وبه قطع الماورديُّ في «حاويه»، وقال السيفُ الآمديُّ: لا يرويه إلَّا بتسليطٍ من الشيخ؛ كقوله: فاروه عنِّي، أو: أجزت لك روايتَه، وذهب ابن القَطَّان إلى انقطاعِ الرواية بالكتابة، وردَّ ذلك عليه ابن المَوَّاق، ويظهر لي أنَّه إذا التمس منه الكتابةَ كهذا؛ فإنَّه قائمٌ مقامَ الإجازة، والله أعلم.

قوله: (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ في الجيم الفتحَ _وهو أصحُّ_ والكسرَ، وتَقَدَّمَ معنى المفتوحِ، ومعنى المكسور.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَبْدَةُ) بعده: هو بإسكان المُوَحَّدة، كما تَقَدَّمَ، وهو ابن أبي لُبَابة، وتعليق ابن جُرَيجٍ أخرجه مسلمٌ في (الصلاة) عن مُحَمَّد بن حاتم، عن مُحَمَّد بن بكر، عن ابن جُرَيجٍ، عن عَبْدة به.

قوله: (ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدُ إِلَى مُعَاوِيَةَ): قائل هذا هو ورَّاد، قاله المِزِّيُّ في «أطرافه».

(1/11828)

[باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء]

قوله: (بَابُ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على (دَرَك)، وأنَّه بفتح الدال والراء، وأنَّه اسمٌ من الإدراك؛ كاللَّحَق من اللحاق، وأنَّ بعضهم ضبطه بالإسكان، وأنَّ الأشهرَ هنا الفتحُ، وأمَّا الوجهان؛ ففي المنزلة؛ كقوله: {فِي الدَّرَْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145]، وهي المنازِل إذا كانت بِسُفْلٍ، فإن كانت بعُلْوٍ؛ فبالجيم: دَرَج.

(1/11829)

[حديث: تعوذوا بالله من جهد البلاء]

6616# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بضَمِّ السين المُهْمَلَة، وفتح الميم، مشدَّد الياء، بوزن: (عُلَيٍّ) المصغَّر، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (دَرَكِ الشَّقَاء).

(1/11830)

[باب: {يحول بين المرء وقلبه}]

(1/11831)

[حديث: لا ومقلب القلوب]

6617# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان.

==========

[ج 2 ص 712]

(1/11832)

[حديث: اخسأ فلن تعدو قدرك]

6618# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ): هذا مروزيٌّ، نزيل عسقلان، عن ابن المبارك، وعنه: البُخاريُّ، وقال: لقيتُه سنة سبعَ عشرةَ ومئتين، انفرد البُخاريُّ بالإخراج عنه، قال في بعض نسخ «الكاشف»: لا نعرفه، ولم يذكره في «الميزان»، ولا ذكر فيه كلامًا لأحدٍ في «التذهيب»، لكنِّي رأيته في «ثقات ابن حِبَّانَ»، قال ابن حِبَّانَ: عليُّ بن حفص المروزيُّ، سكن عسقلان، يروي عن ابن المبارك، حديثُه عند أهل الشام، انتهى، ولم أرَه في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، إنَّما ذكر فيه عليَّ بنَ حفص المدائنيَّ، ولأجل ذلك قرنه البُخاريُّ هنا ببِشْر بن مُحَمَّد إن لم يكن روى عنه في مكانٍ آخَرَ، ولم يتعرَّضوا إلى أنَّه روى عنه مقرونًا، وظاهر ذلك أنَّه روى عنه في مكانٍ آخَرَ مستقلًّا، والله أعلم، و (بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، مروزيٌّ، روى عن ابن المبارك، وعنه: البُخاريُّ وغيره، ذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (لاِبْنِ صَيَّادٍ): تَقَدَّمَ الكلام على ابن صيَّاد، وأنَّه عبد الله، ولقبه: صافِ، وما يتعلَّق به، في (الجنائز)، وكذا على (خَبَأْتُ [1] خَبِيئًا)، وعلى (الدُّخِّ)، وعلى (فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ)، وعلى (ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ)، وأنَّه بالنصب، وعلى (إِنْ يَكُنْ هُوَ)، كلُّ ذلك في (الجنائز).

(1/11833)

[باب: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}]

(1/11834)

[حديث: كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء]

6619# قوله: (حَدَّثَنَا [1] النَّضْرُ): هو ابن شُمَيل الإمام، وقد تَقَدَّمَ أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر) مرارًا، و (يَحْيَى بْن يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وأنَّ ابنَ قرقول نقل عن البُخاريِّ في اليعمُريِّ أنَّه بالضَّمِّ أيضًا، انتهى، و (يَعمَر): لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل.

قوله: (عَنِ الطَّاعُونِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في بابه وغيرِه، وأنَّه غير الوباءِ، أو هو هو، وأنَّ الصحيحَ أنَّ بينهما خصوصًا وعمومًا، فكلُّ طاعونٍ وباءٌ، ولا عكسَ.

قوله: (مُحْتَسِبًا): تَقَدَّمَ ما (الاحتسابُ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 712]

(1/11835)

[باب {وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}]

(1/11836)

[حديث: والله لولا الله ما اهتدينا]

6620# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عَارمٌ، و (جَرِيرُ [1] بْنُ حَازِمٍ): هو بالحاء المُهْمَلَة، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (يَوْمَ الْخَنْدَقِ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق في مكانها وغيرِه، وتَقَدَّمَ الكلام على (السَّكِيْنَة).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (هو)، وهي في (ق) مستدركة مصحَّحٌ عليها.

[ج 2 ص 712]

(1/11837)

((83)) (كِتَابُ الْأَيْمانِ والنُّذُورِ) ... إلى (كِتَاب الكَفَّارَاتِ)

فائدةٌ: أمر الله سبحانه وتعالى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يحلف في القرآن العظيم في ثلاثةِ مواضعَ؛ أحدها: في قوله: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53]، الثاني: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3]، الثالث: قوله: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7].

ثانيةٌ: أقسم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ما أخبر به من الحقِّ في أكثر من ثمانين موضعًا، وهي موجودةٌ في «الصِّحَاح» و «المسانيد»، والله أعلم.

قوله: (كِتَابُ الْأَيْمانِ): هو بفتح الهمزة، جمع (يمين)، و (النذور): جمع (نَذْر).

(1/11838)

[باب قول الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ... }]

قوله تعالى: ({لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]): هي جمع (يمين)، وهي يمينٌ على شيءٍ ظنَّه كذلك فتبيَّن غيرُه؛ لأنَّ النزول في تحريم الطيِّبات أو مارِيَة على ظنِّ أنَّها قُربة، وقيل: ما يجري على اللسان بلا قصدٍ؛ نحو: لا والله، وبلى والله؛ لأنَّه لا يُعتَدُّ به، قالت عائشة رضي الله عنها: إنَّ الآيةَ نزلت في ذلك، وما ذكَرْتُه عن عائشة ساقه البُخاريُّ في هذا «الصحيح» بسنده إليها في (سورة المائدة)، وسيأتي قريبًا أيضًا: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} موقوفًا عليها لفظًا، ولكنَّه مَرْفُوعٌ معنًى، وهو مَرْفُوعٌ لفظًا في «أبي داود» و «البيهقيِّ»، وصحَّحه ابن حِبَّانَ، قال الدَّارَقُطْنيُّ: إنَّ الموقوفَ هو الصحيح، والله أعلم.

[ج 2 ص 712]

(1/11839)

[حديث: لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها إلا أتيت ... ]

6621# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خُراسان.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

(1/11840)

[حديث: يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة]

6622# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (حَازمًا) بالحاء المُهْمَلَة، و (الْحَسَنُ) بعده: هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ): صَحَابيٌّ مشهورٌ، وأبوه سَمُرَة بن حَبِيب بن عبد شمس بن عبد مَناف بن قصيٍّ العَبْشَمِيُّ، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (الأَمويُّ)، كذا في نسختي، وهو غلطٌ، إنَّما هو عَبْشَميٌّ، قال: يُقال: إنَّه أسلم، ذكره ابن دَاسَةَ، انتهى، وقد عمل عليه ضبَّةً، وشرطُه فيمن ضبَّب عليه أن يكونَ غلطًا، فعلى هذا؛ ليس هو بصَحَابيٌّ.

فائدةٌ: حديث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرة هذا أخرجه البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، ولم يخرِّجه ابن ماجه فقط، وقد جمع طرقَه الحافظُ أبو الحَجَّاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدِّمَشْقيُّ، نزيلُ حلبَ، والمُتَوفَّى بها، وكان عندي نسخةٌ بخطِّه في جزء ضخمٍ، وهي وقفٌ وَقَفَها على المدرسة السُّلطانيَّة بحلبَ، وهو مُؤذِن بسَعة حفظه وروايته، وهذا أمرٌ مشهورٌ، رحمه الله تعالى.

قوله: (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ): إن قيل: الحَلِف باليمين، لا على اليمين؟ والجواب: أنَّ فيه وجهين؛ أحدُهما: أنَّ (على) بمعنى الباء، ففي رواية النَّسائيِّ: «إذا حلفت بيمين»، الثاني: أنَّها على بابها، وسُمِّيَ المحلوف عليه يمينًا؛ لملابسة اليمين؛ والتقدير: على شيءٍ ممَّا يُحلَف عليه.

==========

[ج 2 ص 713]

(1/11841)

[حديث: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه]

6623# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل، عَارمٌ السدوسيُّ، وتَقَدَّمَ (أَبُو بُرْدَةَ): أنَّه الحارث أو عامر، القاضي، وهو ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس الأشعريِّ الأميرِ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (النفر).

قوله: (بِثَلَاثِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود)، وعلى (غُرِّ الذُّرَى).

==========

[ج 2 ص 713]

(1/11842)

[حديث: والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله]

6624# 6625# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد، وأنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين.

قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ لَأَنْ يَلجَّ ... ») إلى آخره: إن قلت: ما تعلُّق قوله: (نحن الآخرون السابقون) بالأيمان والنذور؟ فالجوابُ: أنَّ النسخَ التي إسنادُ أحاديثها واحدٌ _كهذه النسخةِ نسخةِ همَّام بن مُنَبِّه عن أبي هريرة، رواية عبد الرزاق بن همَّام عن مَعْمَر عن همَّام ونحوِها_ الأحوطُ أن يجدِّدَ ذكرَ الإسناد عند كلِّ حديثٍ منها، ومن أهل الحديث مَن يفعله، وأوجبَ بعضُهم ذلك، والأغلبُ الأكثرُ أن يبدأ بالإسناد في أوَّلها، أو في أوَّل كلِّ مجلسٍ من سماعها، ويُدرِجَ الباقيَ عليه بقوله في كلِّ حديثٍ بعد الحديث الأوَّل: (وبه) أوْ (وبالإسناد)، ونحوِ ذلك.

ثُمَّ مَن سمع هكذا بذكرِ السندِ في أوَّله وإدراجِ ما بعدَهُ عليه؛ هل له أن يُفرِد ما بعد الحديث الأوَّل بالسند المذكورِ في أوَّله؟ ذهب الأكثرون إلى الجواز؛ منهم: وكيع، وابن مَعين، والإسماعيليُّ؛ لأنَّ المعطوفَ له حكم المعطوف عليه، وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبوابٍ بإسنادِه المذكورِ في أوَّله، وذهب أبو إسحاق الإسفراينيُّ وبعضُ أهل الحديث إلى المنع إلَّا مع البيان في كيفيَّة التحمُّل، وعلى القول بالجواز؛ فالأحسنُ البيان، كما يفعل كثيرٌ من المؤلِّفين؛ منهم: مسلمٌ، فإنَّه يذكر سنده إلى عبد الرَّزَّاق: أخبرنا مَعْمَرٌ عن همَّام بن مُنَبِّه قال: هذا ما حدَّثنا أبو هريرة رضي الله عنه، فذكر أحاديثَ منها كذا وكذا، والبُخاريُّ يذكر الحديثَ الأوَّل منها، ويَعطِف ما يريد ذكرَه عليه؛ كهذا.

قوله: (لأَنْ يَلَجَّ [1] أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ): (لَأَن): بفتح اللام والهمزة، وهي لام القَسَم، و (يَلَجَّ): بفتح المُثَنَّاة تحت واللام، وتشديد الجيم؛ أي: يتمادى، والاسم: اللَّجاج، والمراد: التمادي عليها، ولا يُكَفِّرها ويحنث.

(1/11843)

قوله: (آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ): (آثم): بمدِّ الهمزة؛ أي: أكثرُ إثمًا؛ ومعنى الحديث: أنَّه إذا حلف يمينًا يتعلَّق بأهله، ويتضرَّرون بعدم الحِنث، ويكون الحِنثُ ليس بمعصيةٍ؛ فينبغي له أن يحنَثَ، فيفعلَ ذلك الشيءَ، ويكفِّرَ عن يمينه، فإن قال: لا أحنث، بل أتورَّع عن ارتكاب الحِنث، وأخاف الإثمَ؛ فهو مخطئ بهذا القول، بل استمراره في عدم الحِنث وإدامةِ الضرر على أهله أكثرُ إثمًا من الحِنث.

و (اللَّجاج) في اللغة: هو الإصرار على الشَّيء، هذا مختصرُ بيانِ الحديث، ولا بدَّ من تنزيله على ما إذا كان الحِنْث ليس بمعصيةٍ، كما ذكرته، والله أعلم.

وقوله: (آثَمُ): خرج على لفظ المفاعلة المقتضية للاشتراك في الإثم؛ لأنَّه قصد مقابلةَ اللَّفظ على زعم الحالف وتوهُّمه، فإنَّه يتوهَّم أنَّ عليه إثمًا في الحِنث مع أنَّه لا إثمَ عليه، فقال عليه السلام: الإثم في اللَّجاج لو ثبت الإثمُ، والله أعلم، ونقل شيخُنا كلامًا عن ابن حزم في هذا الحديث معناه: أن يحلفَ المرءُ أن يُحسِن إلى أهله، أو ألَّا يضربَهم، ثُمَّ يَلَجَّ في أن يحنث، فيضربهم، ولا يحسن إليهم، ولا يكفِّر عن يمينه، فهذا بلا شكٍّ مستلِجٌّ بيمينه في أهله ألَّا يفيَ بها، وهو أعظم إثمًا بلا شكٍّ، والكفَّارة لا تغني عنه، ولا تحطُّ إثمَ إساءته إليهم وإن كانت واجبةً عليه، لا يحتمل هذا الخبرُ معنًى غيره، انتهى.

(1/11844)

[حديث: من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثمًا ليبر]

6626# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة الحديبية)، وفي هامش أصلنا نسخة: (ابن إبراهيم) منسوبًا إلى أبيه، انتهى، وفي «الأطراف»: أنَّه إسحاق بن إبراهيم، وكأنَّه وقع في روايته كذلك منسوبًا، و (مُعَاوِيَةُ): هو ابن سلَّام؛ بتشديد اللام، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كثير.

قوله: (مَنِ اسْتَلَجَّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناها: تمادى وأصرَّ.

قوله: («لِيَبَرَّ»؛ يَعْنِي: الْكَفَّارَةَ): كذا في هامش أصلنا، وصُحِّح عليه، وفي الأصل وعليه علامة نسخة وراويها: (ليس تغني الكفَّارة)، قال ابن قُرقُول: («ليبرَّ؛ يعني: الكفَّارة»، كذا لابن السكن، ولأبي ذرٍّ: «تغني الكفَّارة» بدلًا من «يعني»، وعند الأصيليِّ والنَّسَفيِّ وعُبدوس: «ليس تغني الكفارة»، فجعل «ليس» بدلًا من قوله: «ليبرَّ»؛ كأنَّه تصحيفٌ منه، وما لابن السكن أحسنُ)، انتهى، وقال شيخُنا: (ليس تغني الكفَّارة)، كذا رواه جماعةٌ، وروى أبو الحسن القابسيُّ: (ليَبَرَّ)، وكذا رواه النَّسَفيُّ، وهو الصَّوابُ، ومَن روى (ليس تغني الكفَّارة)؛ فلا معنَى له؛ لأنَّ الكفَّارة تغني غِنًى شديدًا، وقد جعلها تحلَّةً للأيمان، ومعنى قوله: (لِيَبَرَّ)؛ أي: ليأتيَ البِرَّ، ثُمَّ فسَّر ذلك البرَّ ما هو بقوله: (يعني: الكفَّارة)؛ خوفًا من أن يُظَنَّ أنَّه من إبرار المُقسم والتمادي.

فائدةٌ: هذا الحديث يردُّ قولَ مسروق، وعكرمة، وسعيد بن جُبَيرٍ، فإنَّهم ذهبوا إلى أنَّه يفعلُ الذي هو خيرٌ ولا كفَّارة عليه، وقولهم خلافُ الأحاديث، فلا معنَى له، نقله شيخُنا عنهم هنا، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[ج 2 ص 713]

(1/11845)

[باب: قول النبي: «وايم الله»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَايْمُ اللهِ»): تَقَدَّمَ الكلام على (وايم)، ولُغَاتها، وهل همزتُها همزةُ وصلٍ _وهو الأكثر_ أو قطعٍ.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ العلماء اختلفوا في (ايم الله)، فقال مالكٌ وأبو حنيفة: هو يمين، وقال أصحاب الشَّافِعيِّ: إن نوى به اليمينَ؛ فهو يمينٌ، وإلَّا؛ فلا.

(1/11846)

[حديث: إن كنتم تطعنون في إمرته فقد كنتم تطعنون]

6627# قوله: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): تَقَدَّمَ متى أرسل هذا البعث، وهو آخر البعوث، والله أعلم.

[ج 2 ص 713]

قوله: (تَطْعنُونَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين وضمِّها؛ لُغَتان، وكذا الثانية.

تنبيهٌ: الذي عُرِف من الطاعنين: عيَّاشُ بن أبي ربيعة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (لَخَلِيقًا): هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر اللام، وبالقاف، وقد تَقَدَّمَ معناه.

(1/11847)

[باب: كيف كانت يمين النبي]

قوله: (وَقَالَ سَعْدٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ»): (سعدٌ) هذا: هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، أحدُ العشرة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ الأصحَّ أنَّه الحارثُ بن رِبْعِيٍّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (لَا هَا اللهِ إِذًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (الجهاد)، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (قيل: الصَّواب: لا ها الله ذا)، انتهى، وذكرت هناك كلامَ شيخِنا أبي جعفر بالتصويب في الرواية.

قوله: (وَاللهِ وَبِاللهِ وَتَاللهِ): الأولى بالمُوَحَّدة، والثانية بالمُثَنَّاة فوق.

==========

[ج 2 ص 714]

(1/11848)

[حديث: لا، ومقلب القلوب]

6628# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وقدَّمت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ.

(1/11849)

[حديث: إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده]

6629# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمير الكوفيُّ.

قوله: (إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ): تَقَدَّمَ الكلام على (قيصر) في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، وتَقَدَّمَ معنى الحديث.

قوله: (وَإِذَا هَلَكَ كَسْرَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بكسر الكاف وفتحها، وأنَّه لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الفرس، وتَقَدَّمَ معنى الحديث: (فَلاَ كَسْرَى بَعْدَهُ)؛ أي: في العراق، و (لا هرقل بعده)؛ أي: في الشام، قاله الشَّافِعيُّ في «المختصر».

==========

[ج 2 ص 714]

(1/11850)

[حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده.]

6630# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيرَ أبيه لا يجوز فيه إلَّا فتحُ الياء.

(1/11851)

[حديث: يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا]

6631# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجهاد) في (باب الغسل بعد الحرب والغبار)، و (عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو ابن سليمان.

==========

[ج 2 ص 714]

(1/11852)

[حديث: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك]

6632# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، وأنَّه أحد الأعلام، و (حَيْوَةُ): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ابن شريح بن صفوان بن مالك، أبو زرعة التُّجِيبيُّ المِصريُّ الفقيه، أحد الزُّهَّاد والعُبَّاد والأئمَّة، وقد تَقَدَّمَ، لا حَيْوَة بن شريح بن يزيد الحضرميُّ، هذا الثاني من شيوخ البُخاريِّ، و (أَبُو عَقِيلٍ): بفتح العين، وكسر القاف، وقد سمَّاه هنا (زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ)، و (جَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ هِشَامٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن زُهْرة بن عثمان بن عَمرو بن كعب بن سعْد بن تيم بن مُرَّةَ، ذهبت به أمُّه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو صغيرٌ، فمسح رأسَه، ودعا له، روى له البُخاريُّ حديثين، وروى [له] [1] أبو داود)، انتهى، له في «صحيح البُخاريِّ» حديث: زُهْرة بن معبد عن جدِّه عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذهبت به أمُّه زينبُ بنتُ حُميد، فقالت: (يا رسولَ الله؛ بايعه، فقال: «هو صغيرٌ»، فمسح رأسَه، ودعا له)، أخرجه البُخاريُّ في (الشركة)، وأبو داود فيها، وحديثٌ ثانٍ: حديث أبي عقيل: أنَّه كان يخرج مع جدِّه عبدِ الله بن هشام إلى السُّوق، فيشتري الطَّعامَ، فيلقاه [2] ابن عمر وابن الزُّبَير، فيقولان له: أشركنا .. )؛ الحديث، البُخاريُّ في (الدعوات) و (الشركة) أيضًا، والثالث: (كنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو آخذٌ بيد عمرَ بن الخَطَّاب .. )؛ الحديث، في (النذور) _وأعاده في (مناقب عمر) _ قولُه: (وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ)، فهذه ثلاثة أحاديثَ، ويمكن حملُ كلام الدِّمْيَاطيِّ على الصِّحَّة؛ لأنَّ الأوَّل والثاني في معنى حديثٍ واحدٍ، والله أعلم.

==========

[1] ما بين معقوفين مستفاد من هامش (ق).

[2] في (أ): (فليقاه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 714]

(1/11853)

[حديث: أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله]

6633# 6634# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكِ بن أنس، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين الرَّجلين لا أعرفُهما، ولا (ابن) أحدهما، ولا (امْرَأَة) الآخر.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ أنَّ اللَّامَ ساكنةٌ، وأنَّ معناه: (نعم).

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ الكلام على ضبطه، وأنَّه فسَّره مالكٌ بـ (الأَجِير)؛ كما هنا أيضًا.

قوله: (ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ الكلام على المفتين الذين كانوا يُفتون في عهده عليه السَّلام، وأنَّه سبعةٌ، وفي كلام بعض الحُفَّاظ ستَّةٌ، فلم يذكر الصِّدِّيقَ فيهم، وفي كلام غيره زيادةٌ على ذلك، وذكرت هناك مَن حُفِظَت عنه الفتوى من الصَّحَابة، وأنَّه مئةٌ وبضعٌ وثلاثون نفرًا.

قوله: (لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلح)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيسٍ الأَسْلَمِيِّ)؛ وهو أنيس بن الضَّحَّاك، وفي أصلنا: (أُنَيسَ) غير مصروف، وهذا إنَّما هو في ضرورة الشِّعر، أو أنَّه كتبه على نيَّة الوقف، وكذا يُوجَد في كتابة القدماء أحيانًا، وفي نسخة (أُنَيسًا): مصروفٌ [1]، وهذه على القواعد.

قوله: (امْرَأَةَ الآخَرِ): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الخاء، كذا رويناه، وقال شيخُنا: (كذا ضبطه الدِّمْيَاطيُّ، وقال ابن التين: هو بقصر الألف، وكسر الخاء، والله أعلم)، انتهى، وفي هذا بُعدٌ مِن حيث المعنى، وقد تَقَدَّمَ تفسير (الأخِر)؛ بقصر الهمزة، وكسر الخاء، وأنَّ معناه: الأبعدُ؛ على الذمِّ.

(1/11854)

[حديث: أرأيتم إن كان أسلم وغفار ومزينة وجهينة خيرًا من تميم]

6635# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ؛ لأنَّ عَبْدَ الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكره فيمَن روى عن وهب بن جرير، وكذا الكلاباذيُّ، ولم أرَ أحدًا اسمُه عبد الله بن مُحَمَّد في الرواة عنه سواه، و (وَهْبٌ): هو ابن جرير بن حازم، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي يَعْقُوبَ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يعقوب التميميُّ الضَّبِّيُّ البصريُّ، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو حاتم، قال شعبةُ: سيِّد بني تميم، انتهى، أخرج له الجماعةُ، و (أَبُو بَكْرَةَ): نُفيع بن الحارث، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَسَدٍ): هو بفتح السين، قبيلةٌ معروفةٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).

[ج 2 ص 714]

(1/11855)

[حديث: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا؟]

6636# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّ اسمَه عبدُ الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ، صَحَابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه.

[ج 2 ص 714]

قوله: (اسْتَعْمَلَ عَامِلًا ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ هذا العاملَ عبدُ الله ابن اللُّتْبِيَّة، وتَقَدَّمَ ضبط اللُّتْبيَّة، وأنَّ الأصحَّ والصوابَ سكونُ المُثَنَّاة فوق.

قوله: (وَهَذَا أُهْدِيَ لِي): (أُهدِي): بضَمِّ الهمزة، وكسر الدال، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (أَيُهْدَى إِلَيكَ [1]؟): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلَاةِ): (العشيُّ) و (العشيَّة): من صلاة المغرب إلى العتمة.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَهَذَا أُهْدِيَ): (أُهدِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله بعده: (يُهْدَى لَهُ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (لَا يَغُلُّ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الغين، و (الغُلول): تَقَدَّمَ ما هو، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الرُّغاء)، وعلى (الخُوار)، وقال ابن قُرقُول: («لها جُؤار»؛ أي: صوت، ورُوِيَ: «خُوار»، والمعنى واحدٌ، إلَّا أنَّ الخُوارَ يستعمل في الشاء والظِّباء، والجُؤار للبقر وللناس، {فَإِلَيْهِ [2] تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]؛ أي: تضجُّون).

قوله: (تَيْعرُ): تَقَدَّمَ الكلام على (تيعِر) بِلُغَتَيها، وهو في أصلنا مفتوحٌ بالقلم، وطرأ عليها الكسرُ؛ وهو الأفصح.

قوله: (إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ [3]): تنبيهٌ: لم أرَ حديثَ زيد بن ثابتٍ في ابن اللُّتْبِيَّة في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، والله أعلم.

(1/11856)

[حديث: والذي نفس محمد بيده لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا]

6637# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ) قال الدِّمْيَاطيُّ: هو ابن يوسف، انتهى، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ الصنعانيُّ.

==========

[ج 2 ص 715]

(1/11857)

[حديث: هم الأخسرون ورب الكعبة]

6638# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ ضبط (غياث) مرارًا، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (الْمَعْرُور): بالعين المُهْمَلَة، وإيَّاك أن تصحِّفَه، وهو المعرور بن سُوَيد الأسديُّ الكوفيُّ، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو حاتم، أخرج له الجماعة، ترجمتُه معروفةٌ، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، وقيل غيرُ ذلك، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (أَتُرَى [1] فِيَّ شَيْءٌ؟): (أَتُرى): بفتح الهمزة همزةِ الاستفهام، (تُرى): بضَمِّ التاء المُثَنَّاة فوق، و (فيَّ): جارٌّ ومجرورٌ، و (شيءٌ): مَرْفُوعٌ، ورفعُه على أنَّه مبتدأ، و (فيَّ) الجارُّ والمجرور المقدَّم خبرُه، ويجوز أن يُقدَّر: أنزل فيَّ شيءٌ؟، كما يجيء في رواية، وفي بعض أصولنا الدِّمشقيَّة: (أتَرى فيَّ شيئًا؟): (تَرَى): بفتح التاء، ونصب (شيئًا)، وهذه ظاهرةٌ، وفي نسخةٍ في هامش أصلنا، وعُزِيَت إلى أصل الدِّمْيَاطيِّ: (أتُرَى فيَّ شيءٌ أُنزِل؟)؛ بزيادة (أُنزِل) [2]، وعليها (صح)، و (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11858)

[حديث: قال سليمان لأطوفن الليلة على تسعين امرأةً]

6639# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان.

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ [1]): تَقَدَّمَ بعض ترجمة نبيِّ الله سليمانَ بنِ داودَ عليه السلام في (كتاب الأنبياء عليهم السلام).

قوله: (عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ أنَّ رواياتِ هذا الحديث من عند البُخاريِّ وغيرِه: (ستُّون امرأةً)، وفي رواية: (سبعون)، وفي رواية: (تسعون)، وفي رواية: (تسع وتسعون)، وفي رواية: (مئة)، وهذا ليس بمتعارضٍ، وليس في رواية القليل ما ينفي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، وقد تَقَدَّمَ ذلك مع زيادة في (كتاب الأنبياء): (أنَّه كان في ظهره ماءُ مئة رجلٍ)، وتَقَدَّمَ فيه ما كان له من الزوجات، وما كان له من السراري؛ فانظره إن أردته في (باب قوله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163]).

قوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ): تَقَدَّمَ في الباب المذكور أعلاه وقبله أيضًا أنَّ صاحبَه هذا المَلَكُ، وهو الصحيح، وقيل: القرين، وقيل: صاحبٌ له آدميٌّ، وأبعدَ مَن قال: خاطِره.

قوله: (بِشِقِّ رَجُلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الجسد الذي ذكره الله أنَّه أُلقِيَ على كُرسيِّه.

(1/11859)

[حديث: والذي نفسي بيده لمناديل سعد في الجنة خير منها]

6640# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: قال _يعني: البُخاري_ في (الأيمان والنذور): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا أبو الأحوص) نسبه أبو عليِّ ابن السكن: مُحَمَّد بن سلام، وقال في (باب مَن نام عند السَّحَر) بعد حديثٍ ذكره عن عبدان، عن أبيه، عن شعبة: حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا أبو الأحوص عن الأشعث مثلَهُ، هكذا قال: (مُحَمَّد)؛ غيرَ منسوب، ونسبه ابن السكن وغيرُه: مُحَمَّد بن سلام، ووقع في نسخة أبي ذرٍّ عن أبي مُحَمَّد الحمُّوي: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سالم)، وذلك وَهَمٌ، وقد تَقَدَّمَ ذكر الصواب في ذلك في «علل البُخاريِّ»، انتهى، وقد رأيته في «علل البُخاريِّ» وقد ذكره، ثُمَّ قال: (قال لي أبو الوليد: سألت أبا ذرٍّ عنه، فقال: أُراه ابنَ سلام، وسها فيه أبو مُحَمَّد الحمُّوي)، انتهى.

و (أَبُو الأَحْوَصِ): بالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه سلَّامُ _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَةٌ مِنْ حَرِيرٍ): (أُهدِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (سَرَقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ مَن أهداها في (مناقب سعد بن معاذ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (السَّرَقَة) في مكان آخرَ غير (مناقب سعد)؛ فانظر ذلك من مكانَيه.

قوله: (لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): أمَّا (شعبة)؛ فشعبة، وأمَّا (إسرائيل)؛ فهو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ.

وحديث (شعبة) أخرجه البُخاريُّ ومسلمٌ؛ البُخاريُّ في (مناقب سعد) عن بُنْدَار، ومسلمٌ في (الفضائل) عن أبي موسى وبُنْدَار؛ كلاهما عن غُنْدر، عن شعبة.

وحديث (إسرائيل) أخرجه البُخاريُّ في (اللباس) عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل به، والله أعلم.

(1/11860)

[حديث: إن هند بنت عتبة بن ربيعة قالت: يا رسول الله ... ]

6641# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ [1]، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (هِنْد بِنْت عُتْبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ معاوية، وزوجُ أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، وقد تَقَدَّمَ الكلام [عليها]، وتاريخ وفاتها، وبعض ترجمتها.

قوله: (أَهْلُ أَخْبَاءٍ، أَوْ خِبَاءٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخباء)، و (الأخباء): جمع قلَّة لـ (خباء)، وفي أصلنا نسخة تجاه (أخباء): (أحياء)؛ يعني: بالحاء المُهْمَلَة، والمُثَنَّاة تحت، وكذا تجاه (أخبائك): (أحيائك)؛ بالمُهْمَلَة، والمُثَنَّاة تحت، وعلى كلِّ واحدةٍ علامةُ نسخة الدِّمْيَاطيِّ، ومعناها ظاهرٌ، ولكنَّ لفظَها غريبٌ، وما رأيت مَن ذكرها سوى ما في هذه النسخة، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه صخرُ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، والدُ معاوية، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (رَجُلٌ مِسِّيكٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وتَقَدَّمَ أنَّ أبا سفيان كان حاضرًا، وأنَّه قد دخل الاستدلالُ به على غير واحدٍ ممَّن استدلَّ به على القضاء على الغائب، والله أعلم.

[ج 2 ص 715]

قوله: (أَنْ أُطْعِمَ): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/11861)

[حديث: فوالذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف .. ]

6642# قوله: (حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهلِه، و (إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، انتهى.

قوله: (مُضِيفٌ ظَهْرَهُ إِلَى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ): (مُضِيْف): بضَمِّ الميم، وكسر الضاد، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء؛ أي: مسنِدٌ، يُقال: أضفتُه إليه أُضيفُه، و (ظهرَه): بالنصب مفعولُ اسمِ الفاعل؛ وهو (مُضِيف)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِنْ أَدَمٍ يَمَانٍ): (الأَدَم): بفتح الهمزة والدال، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (أَفَلَمْ تَرْضَوْنَ): كذا في أصلنا، وهذه لغةٌ، وفي نسخة: (أَفَلَمْ تَرْضَوا) [1]، وهذه على الجادَّة.

قوله: (إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا، وبين الحديث الآخَرِ: «أهل الجنَّة مئةٌ وعشرون صفًّا، أنتم منهم ثمانون»، وقد تَقَدَّمَ أنَّ صفوفَ الكلِّ _المؤمنين والكافرين_ مئةٌ وعشرون صفًّا، المؤمنون منهم ثلاثةُ صفوف، ومئة وسبعةَ عشرَ صفًّا كفَّارٌ، وطولُ كلِّ صفٍّ من هذه وعرضُه، والله أعلم.

(1/11862)

[حديث: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن.]

6643# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الأنصاريُّ الخُدْريُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا ... )، إلى أن قال: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}) مَن هو الرجل، وقال الدِّمْيَاطيُّ هناك؛ يعني: المتقالَّ، وهو السامع أيضًا: قتادة بن النعمان، أخو أبي سعيد الخُدْريِّ لأمِّه، انتهى، وقد ذكرت أنا هناك من عند ابن بشكوال أنَّ القارئ قتادةُ بن النعمان، وساق له شاهدًا من «الصَّحَابة» للعثمانيِّ، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: (الرجل الذي قرأ هو قتادة بن النعمان، والسامع أخو أبي سعيد الخُدْريِّ، كما سبق)، انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من أهل مصر: السامع هو أبو سعيد نفسُه، والقارئ هو قتادة بن النُّعمان، انتهى.

قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ)، و (الرجلَ): مَنْصُوبٌ اسمها، و (يتقالُّها): الخبر، ومعنى (يتقالُّها)؛ أي: يراها قليلةً.

قوله: (إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد})؛ فانظره إن أردته.

(1/11863)

[حديث: أتموا الركوع والسجود]

6644# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى أماكنَ غيرِه؛ كهو: أنَّ الجَيَّانيَّ لم يجده منسوبًا عند أحدٍ من رواة الكتاب، قال: ولعلَّه إسحاق بن منصور، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه أيضًا، و (حَبَّان): بفتح الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، وهو ابن هلال.

قوله: (إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي): تَقَدَّمَ الكلام على رؤية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من ورائه في (كتاب الصلاة)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 716]

(1/11864)

[حديث: والذي نفسي بيده إنكم لأحب الناس إلي]

6645# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على رواية إسحاق عن وهب بن جرير، وقد ذكر الجَيَّانيُّ أماكنَ ليس هذا منها، ولفظه: وقال _يعني: البُخاري_ في (الأذان)، و (الاستسقاء)، و (ذكر الملائكة): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا وهب)؛ يعني: ابن جرير، نسب ابنُ السكن موضعين من هذه: إسحاق بن إبراهيم، وأهمل الذي في (الأذان)، وذكر أبو نصر: أنَّ وهب بن جرير روى عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ، انتهى، والظاهر أنَّه لو ظفر بهذا؛ لقال فيه كذلك، والله أعلم، والمِزِّيُّ في «الأطراف» لم ينسبه.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا أَوْلَادُهَا [1]): هذه المرأة الأنصاريَّة وكذا أولادُها لا أعرفهم، والله أعلم.

(1/11865)

[باب: لا تحلفوا بآبائكم]

قوله: (بَابٌ: لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الأحاديثُ مطابقةٌ للترجمة إلَّا حديثَ أبي موسى؛ يعني قولَهُ: «إنَّي لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها؛ إلَّا أتيتُ الذي هو خيرٌ، وتحلَّلتها»، قال ابن المُنَيِّر: غير أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أخبر عن أيمانه دائمًا أنَّها قابلةٌ للتحليل بالكفَّارة، وإنَّما يُكفَّر اليمين بالله تعالى خاصَّةً، فدخل في ذلك أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يحلف إلَّا بالله، فيخرج الحَلِفُ بالآباء، و {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، انتهى وما قاله حسنٌ في غايةٍ.

==========

[ج 2 ص 716]

(1/11866)

[حديث: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم.]

6646# قوله: (أَدْرَكَ عُمَرَ [1] وَهْوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ): كان هذا المسيرُ في غزوة الحديبية، كما جاء التصريح به.

قوله: (إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ): قال العلماء رحمة الله عليهم: الحكمة في النهي عن الحَلِف بغير الله تعالى: أنَّ الحَلِف يقتضي تعظيمَ المحلوف به، وحقيقةُ العَظَمَة مختصَّةٌ بالله عزَّ وجلَّ، فلا يُضاهَى به غيرُه، وقد جاء عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: (لَأن أحلفَ بالله مئةَ مرَّةٍ أحبُّ إليَّ من أن أحلفَ بغيره فأَبَرَّ).

فإن قيل: هذا الحديث مخالفٌ لقوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أفلح وأبيه إن صدق»؟ فجوابه: أنَّ هذه كلمةٌ تجري على اللسان لا يُقصَد بها اليمين.

فإن قيل: فقد أقسم الله ببعض مخلوقاته؛ كقوله: {وَالصَّافَّاتِ} [الصافات: 1]، {وَالذَّارِيَاتِ} [الذاريات: 1]، {وَالطُّورِ} [الطور: 1]، {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1]، {وَالضُّحَى} [الضحى: 1]، {وَاللَّيْلِ} [القمر: 1]، وغيرِ ذلك؟ فالجوابُ: أنَّ الله يُقسِم بما شاء من مخلوقاته؛ تنبيهًا على شرفه، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بْنَ الْخَطَّابِ).

[ج 2 ص 716]

(1/11867)

[حديث: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم]

6647# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَالِمٌ): هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (وَلَا آثِرًا): هو بهمزة ممدودة، وكسر الثاء المُثَلَّثَة؛ أي: حاكيًا عن غيري، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}؛ يَأْثُرُ عِلْمًا): هذا تفسيرٌ لقوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} التي في (الأحقاف) [الآية: 4]، كذا في أصلنا، وفي الهامش: {أَوْ أُثْرَةٍ}، وعليها (صح)، وهي بالقلم بضَمِّ الهمزة، ثُمَّ مُثَلَّثَة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وقد تَقَدَّمَ في (سورة الأحقاف) كلامُ البُخاريِّ، وذكرت

[ج 2 ص 716]

هناك أنَّها قُرِئت {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} بستَّة أوجهٍ؛ منها هذا المذكور هنا، وتَقَدَّمَ ما في «مسند أحمد» وغيرِه من تفسير (الأثارة من العلم).

قوله: (تَابَعَهُ عُقَيْلٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على (يونس)، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (الزُّبَيديُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، وأنَّه مُحَمَّد بن الوليد، وأمَّا (إسحاق الكلبيُّ)؛ فقد قال الدِّمْيَاطيُّ: إسحاق بن يحيى الكلبيُّ الحمصيُّ، استَشهد به البُخاريُّ في غير موضعٍ، انتهى، وهو إسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، يعرف بالعوصيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، وعنه: يحيى الوُحاظيُّ فقط، قال مُحَمَّد بن يحيى الذهليُّ: مجهولٌ، وقال مُحَمَّد بن عوف: يُقال: إنَّه قتل أباه، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، ومتابعة عقيل عن الزُّهْرِيِّ أخرجها مسلمٌ في (الأيمان والنذور) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جدِّه، عن عُقَيل به، ومتابعة الزُّبَيديِّ عن الزُّهْرِيِّ أخرجها النَّسائيُّ في (الأيمان والنذور) عن عمرو بن عثمان، عن مُحَمَّد بن حرب، عن الزُّبيديِّ به، وأمَّا متابعة إسحاقَ الكلبيِّ عن الزُّهْرِيِّ؛ فلم أرهَا في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخُنا.

(1/11868)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ): أمَّا (ابن عُيَيْنَة)؛ فأحد الأعلام، سفيانُ، شيخُ الحجاز، تَقَدَّمَ كلام الشَّافِعيِّ فيه: لولا سفيانُ ومالكٌ؛ لذهب عِلم الحجاز، وأمَّا (مَعْمَر)؛ فبميمين مفتوحتين بينهما عين ساكنة، ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، والحاصل: أنَّ يونس وعُقيلًا والزُبيديَّ وإسحاقَ الكلبيَّ روَوه عن الزُّهْرِيِّ، فجعلوه من مسند عمر، وأنَّ ابنَ عُيَيْنَة ومَعْمَرًا روَياه عن الزُّهْرِيِّ، فجعلاه من مسند عبد الله بن عمر ابنِه، فإذن الحديثُ اختُلِف فيه عن الزُّهْرِيِّ، والله أعلم، و (النَّبيُّ): في رواية ابن عُيَيْنَة ومَعْمَر مَرْفُوعٌ فاعل (سمع)، و (عمرَ) مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ، والله أعلم.

وتعليق ابن عُيَيْنَة أخرجه مسلم في (النذور) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، والتِّرْمِذيُّ فيه عن قُتَيْبَة، والنَّسائيُّ فيه عن قُتَيْبَة وعُبَيد الله بن سعيد؛ خمستهم عن سفيان به، وقال التِّرْمِذيُّ: (حسنٌ صحيحٌ)، وأمَّا تعليق مَعْمَر عن الزُّهْرِيِّ؛ فلم يخرِّجْه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

تنبيهٌ: قال شيخُنا: ومتابعة سفيان رواها ابن ماجه عن مُحَمَّد بن أبي عمر العدنيِّ عنه، والتِّرْمِذيُّ عن قُتَيْبَة عنه، وقال: (حسنٌ صحيحٌ)، وإخراج ابن ماجه لها لم أره أنا، وهو أيضًا ناقصٌ في العزو، قال شيخُنا: ومتابعة مَعْمَر رواها أبو داود عن أحمد ابن حنبل، عن عبد الرَّزَّاق عنه، وهذا شيءٌ لم أرَه أنا، والله أعلم.

(1/11869)

[حديث: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم.]

6649# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن زيد الجَرْميُّ، و (الْقَاسِم التَّمِيمِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: ابن عاصم التميميُّ الكُلَيبيُّ، انتهى، وهو القاسم بن عاصم البصريُّ، عن رافع بن خَديج، وزهدم الجَرْميِّ، وسعيد بن المُسَيّب، وعنه: أيُّوب، وحميدٌ، وخالدٌ الحَذَّاء، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، كذا هو مرقومٌ عليه في «الكاشف» و «التذهيب»، وقال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: روى عنه أيُّوبُ السَّخْتيَانيُّ مقرونًا معه أبو قِلَابَة؛ كلاهما عن زهدم، انتهى، وصدق؛ فهو هنا مقرونٌ، وكذا قُبَيل (كتاب الفرائض)، و (الكُلَيبيُّ): مصغَّرٌ منسوبٌ إلى كُلَيب بن يَربوع من بني تميمٍ؛ قاله الغسَّانيُّ أيضًا، وفي «المطالع»: القاسم بن عاصم الكلبيُّ، كذا لابن السكن، والقابسيِّ، وعُبدوس، وعند الأصيليِّ والنَّسَفيِّ: (الكُلَيبيُّ)؛ مصغَّرٌ، انتهى والله أعلم، و (أَبُو مُوسَى): هو عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ): (قُرِّب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (طعامٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فِيهِ لَحْمُ دَجَاج): تَقَدَّمَ أنَّ (الدّجاج) و (الدّجاجة) مثلَّثُ الدال.

قوله: (وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ؛ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي): هذا الرجل لا أعرفه، وقوله: (كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي)؛ أي: كأنَّه من سَبْيِ الروم.

قوله: (فَقَذِرْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الذال المُعْجَمَة في الماضي، مفتوحها في المستقبل.

قوله: (فَلَأُحَدِّثَنَّكَ): هو مفتوح اللام، مؤكَّدٌ بلام التأكيد وبالنون.

قوله: (فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ): هؤلاء النفر الذين مع أبي موسى لا أعرفُهم، إلَّا أنَّهم من الأشعريِّين قبيلته كما هنا، و (النفر): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرَّهْط)، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/11870)

قوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): هو بفتح النون بلا خلافٍ أعلمه، وهو في أصلنا مفتوحٌ ومكسورٌ بالقلم، وعليها (معًا)، وهذا لا أعرفه، ولا أعلم أحدًا ذكره به، وقد نصَّ النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في أوائل (كتاب الأيمان) _بفتح الهمزة_ في هذا الحديث: أنَّه بفتح النون، ولفظه: قال أهل اللغة: النَّهب: الغنيمة، وهو بفتح النون، وجمعه: نِهاب؛ بكسرها، ونُهوب؛ بضمِّها، وهو مصدرٌ بمعنى: المنهوب؛ كالخلق بمعنى: المخلوق، انتهى، وقال شيخُنا مجد الدين في «القاموس»: (النَّهْب: الغنيمة، ج: نِهاب، ونَهبَ النَّهْبَ؛ كـ «جَعَلَ» و «سَمِعَ» و «كَتَبَ»: أخذه؛ كانتهبَهُ، والاسم: النُّهبة، والنُّهْبَى، والنُّهَيْبَى، والنُّهَّيْبَى، والنَّهْبُ: الركض، وكلُّ ما انتُهِب)، انتهى، وبعض هذا في «صحاح الجوهريِّ»، وفي «النهاية»: (النَّهْب: الغنيمة، يُقال: نَهَبْتُ أنهَبُ نَهْبًا)، انتهى، وكذا في «المطالع»: أنَّه الغنيمة، وسمعت بعضَ الطَّلَبة غيرَ الحُذَّاق بالقاهرة يكسرون نونَ (النِّهْب)، ولا أعلم ذلك منقولًا، والمنقولُ ما ذكرته لك، والله أعلم.

قوله: (بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود)، وعلى (غُرِّ الذُّرَى)؛ أي: بيض الأعالي والأسْنِمَة، و (تَغَفَّلْنَا): تَقَدَّمَ، وأنَّ معناه: جعلناه غافلًا عن يمينه.

(1/11871)

[باب: لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت]

قوله: (بَابٌ: لَا يُحْلَفُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ): (يُحلَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اللَّات): تَقَدَّمَت، وكذا (العُزَّى)، وكذا (الطواغيت).

(1/11872)

[حديث: من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل ... ]

6650# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، تَقَدَّمَ، وكذا (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَريُّ.

قوله: (وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ؛ فَلْيَتَصَدَّقْ): قال العلماء: أُمِرَ بالصدقة؛ تكفيرًا لخطيئةٍ في كلامه بهذه المعصية، قال الخَطَّابيُّ: معناه: فليتصدَّق بمقدار ما أراد أن يُقامِر به، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: والصوابُ الذي عليه المحقِّقون _وهو ظاهِرُ الحديث_: أنَّه لا يختصُّ بذلك المقدار، بل يتصدَّق بما تيسَّر ممَّا ينطلق عليه اسمُ الصَّدَقَة، وتؤيِّده روايةُ مَعْمَر التي [2] ذكرها مسلم: «فليتصدَّق بشيءٍ»، انتهى، وقد قَدَّمْتُ فيه قولًا آخَرَ؛ وهو هذا الآتي في هذا الحديث الذي أذكره من عند ابن عَدِيٍّ.

تنبيهٌ: ذكر شيخُنا في [«شرح] هذا الكتاب» حديثًا من عند ابن عَدِيٍّ عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بإسنادٍ ضعيفٍ: «مَن قال لصاحبه: تعالَ أقامِرْك؛ فقد وجب عليه كفَّارة يمين»، انتهى، وقد رأيت هذا الحديثَ في «الميزان» للذهبيِّ في ترجمة مسلمة بن عُلَيٍّ، قال فيه الذَّهَبيُّ: أبو همَّام السكونيُّ: حدَّثنا مسلمة: حدَّثنا الزُّبيديُّ عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا قال الرجلُ لأخيه: هلمَّ أقامِرْك؛ فقد وجب عليه كفَّارة يمين وإن لم يفعل»، انتهى، مسلمةُ متروكٌ، وقد ذكر هذا الحديثَ الذَّهَبيُّ في ترجمته فيما أُنكِر عليه مع جملةِ أحاديثَ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[2] في (أ): (الذي)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 717]

(1/11873)

[باب من حلف على الشيء وإن لم يحلف]

[ج 2 ص 717]

قوله: (بابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّيْءِ وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ): (يُحَلَّف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ساق ابن المُنَيِّر حديثَ الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصود الترجمة أن يَخرُج مثلُ هذا من قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224]؛ لئلَّا يُتَخيَّلَ أنَّ الحالف قبل أن يُستَحلفَ مطلقًا مرتكبٌ النَّهيَ، فبيَّن أنَّ اليمينَ بمثل هذا القصدِ الصحيحِ مشروعةٌ، والقصدُ تأكيدُ الكراهة عندهم للتختُّم بالذهب، انتهى، تَقَدَّمَ من كلامٍ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حلف في أكثرَ من ثمانين مكانًا من غير استحلافٍ في «الصحيحين» و «السنن» و «المسانيد»، والله أعلم، وأنَّ الله قد أمره في القرآن أن يحلف في ثلاثة أماكنَ.

(1/11874)

[حديث: إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل]

6651# قوله: (اصْطَنَعَ خَاتَمًا): تَقَدَّمَتِ اللُّغَات في (الخاتم)، و (اصطنع): (افتعل) من (صنع)، التاء مبدلةٌ منها [1] طاء، وقد تَقَدَّمَ متى اتَّخذ الخاتم.

قوله: (يَلْبَسُهُ): هو بفتح المُوَحَّدة.

قوله: (فَصَّهُ): تَقَدَّمَ، بفتح الفاء وكسرها، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الجوهريَّ قال: فَصُّ الخاتم: واحد الفُصوص، والعامَّة تقول: فِصٌّ؛ بالكسر، انتهى، وقد علمتَ أنَّ فيه اللُّغَتين، ذكرهما صاحب «المطالع».

قوله: (فِي بَاطِنِ كَفِّهِ): تَقَدَّمَ الكلام على جعل الخاتم في بطن الكفِّ من (كتاب الزينة).

قوله: (فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ): (نَبَذَ): بفتح النون والمُوَحَّدة والذال المُعْجَمَة؛ أي: طَرَحَ، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[1] في (أ): (من)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 718]

(1/11875)

[باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام]

قوله: (بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلَامِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: قصد بهذه الترجمةِ وبما أعقبها من حديثِ الحَلِفِ باللَّات: أن يُبَيِّن أنَّ قولَه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَن حلف بغير ملَّة الإسلام؛ فهو كما قال» ليس على ظاهره في نسبته إلى الكفر، بل هو كما قال في كَذِبه؛ مثل كذب المعظِّم للَّات من الجهة العامَّة إذا حلف بها، انتهى.

قوله: (مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّمَ الكلام على (اللَّات) و (العُزَّى) ما هما.

==========

[ج 2 ص 718]

(1/11876)

[حديث: من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال]

6652# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهيب بن خالد، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (عُذِّبَ بِهِ): (عُذِّب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مضموم العين، مشدَّد الذال.

(1/11877)

[باب: لا يقول ما شاء الله وشئت وهل يقول أنا بالله ثم بك]

قوله: (بَابٌ: لَا يَقُولُ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، وَهَلْ يَقُولُ: أَنَا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ؟): اعلم أنَّه ذكر فيها حديثًا معلَّقًا عن شيخه عمرو بن عاصم لشقِّ الترجمة الثاني، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وقد أسنده في (بني إسرائيل) فقال: حدَّثنا أحمد بن إسحاق: حدَّثنا عَمرو بن عاصم، وحدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الله بن رجاء؛ قالا: حدَّثنا همَّام بالسند هنا، وأمَّا شقُّها الأوَّل؛ فلم يذكر فيه حديثًا، وفيه حديثُ قُتيلةَ الجُهنيَّةِ في «النَّسائيِّ»، ولفظها: أنَّ يهوديًّا أتى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: إنَّكم تندِّدون، وإنَّكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبةِ، فأمرهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أرادوا أن يحلفوا؛ أن يقولوا: وربِّ الكعبة، ويقولَ أحدُهم: ما شاء الله ثُمَّ شئت، وفي الباب حديثُ حذيفة في «أبي داود»، أمَّا حديث قُتَيلةَ؛ ففي سنده عبد الله بن يسار الجهنيُّ لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلمٌ شيئًا، إنَّما أخرج له أبو داود والنَّسائيُّ، وهو ثقةٌ.

وأمَّا حديث أبي داود؛ فلفظه: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثُمَّ شاء فلانٌ»، في سنده عبد الله المذكور، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلمٌ شيئًا، فلمَّا لم يكن هذا على شرطه؛ أشار إلى الحكم في الترجمة، وأخرج الذي على شرطه، وهو يعطي المعنى المقصودَ الذي ليس على شرطه، والله أعلم، وقال شيخُنا: قال المهلَّبُ: إنَّما أراد البُخاريُّ أن يميِّز (ما شاء الله ثُمَّ شئت)؛ استدلالًا من قوله عليه السلام في حديث أبي هريرة: «فلا بلاغَ لي اليومَ إلَّا بالله ثُمَّ بك»، انتهى، وإنَّما امتنع (ما شاء الله وشئت)؛ لأنَّ الواو للتشريك بين المشيئَتَين، بخلاف (ثُمَّ)، فإنَّه يُقَدِّمُ مشيئةَ الله على مشيئةِ خَلْقه، والله أعلم.

(1/11878)

[معلق عمرو بن عاصم: إن ثلاثةً في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم]

6653# قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو عمرو بن عاصم بن عُبيد الله بن الوازع، أبو عثمان الكلابيُّ الحافظ، عن شعبة، وهمَّام، وجرير بن حازم، وجدِّهِ عبيد الله بن الوازع، وقُرَيبٍ والدِ الأصمعيِّ عبدِ الملك، وحَمَّاد بن سلمة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو خيثمة، وبُنْدَار، وابن مثنَّى، وعبد بن حُمَيدٍ، والدارميُّ، وخلقٌ، ثقةٌ، قال البُخاريُّ: مات سنة ثلاثَ عشرةَ ومئتين، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُه هذا أخرجه البُخاريُّ في (ذكر بني إسرائيل) عن أحمد بن إسحاق عن عمرو بن عاصم، وعن مُحَمَّد عن [1] عبد الله بن أبي رجاء، وفي (الأيمان والنذور) هنا: (وقال عمرو بن عاصم)، وأخرجه مسلمٌ في آخر الكتاب عن شيبان بن فرُّوخ؛ ثلاثتهم عن همَّام به، و (همَّام): هو ابن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ، و (إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ الأنصاريِّ.

قوله: (تَقَطَّعَتْ بِي الْحِبَالُ): تَقَدَّمَ الكلام أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، والباء المُوَحَّدة، وفيه روايتان أخريان، تَقَدَّمَ في (بني إسرائيل).

(1/11879)

[باب قول الله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم}]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109]): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: مقصوده من هذا الباب _والله أعلم_ الردُّ على مَن لم يجعل القَسَم بصيغةِ «أُقْسِم بالله» يمينًا منعَقِدةً؛ كالشَّافِعيِّ، وكمالكٍ في قوله: إنَّها ليست يمينًا حتَّى يذكرَ معها اسمَ الله أو ينوي، فذكر البُخاريُّ الآيةَ وقد قرن القَسَمَ فيها بالله، ثُمَّ بيَّن أنَّ هذا الأمر ليس شرطًا بالأحاديث، فإنَّه جعل هذه الصيغةَ بمجرَّدها يمينًا تتَّصف بالبرِّ [1] من غير الحالف، وهو المحلوف عليه، انتهى ما عزاه الإمام ابن المُنَيِّر إلى الشَّافِعيِّ، وفيه تفصيلٌ ذكره الشَّافِعيَّة في كُتُب الفروع.

تنبيهٌ: اختلف الفقهاء؛ إذا أقسم الشخص على شخصٍ، فحَنِثَ؛ فرُوِيَ عن ابن عمر: أنَّ الحالفَ يُكَفِّر، ورُويَ مثلُه عن عطاء وقتادة، وهو قولُ أهل المدينة والعراق والأوزاعيِّ، وفيه قولٌ ثانٍ: أنَّ الكفَّارة تجب على المُقسَم عليه، وفيه حديثٌ عن عائشة رضي الله عنها لا يثبت، قاله ابن المنذر، وفيه قولٌ ثالثٌ: رُوِيَ عن أبي هريرة وعُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنَّهما لم يجعلا في ذلك كفَّارةً،

[ج 2 ص 718]

قال عُبيد الله: ألا ترى الصِّدِّيق قال ما قال؟ فقال الشارع: «لا تُقْسِم»، قال: ولم يبلغنا أنَّه أمره بالتكفير، هذا ملخَّصٌ من كلامِ شيخِنا.

قوله: (فَوَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ): وكذا في «مسلم» في جميع نسخه، قال القاضي عياض حين ذكر الحديث: (وفيه: أنَّ مَن قال: أُقْسِم لا كفَّارة عليه؛ لأنَّ أبا بكر رضي الله عنه لم يَزِد على قوله)، وهذا الذي قاله القاضي فيه نظرٌ؛ لما ذكرتُه من عند مسلم، وما هو مذكورٌ في «البُخاريِّ»، والله أعلم، وقد تعقَّب القاضيَ الشيخُ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، فقال: وهذا الذي قاله القاضي عجيبٌ، فإنَّ الذي في جميع نسخ «مسلم» أنَّه قال: (فوالله يا رسولَ الله؛ لَتُحدِّثنِّي)، فهذا صريحٌ بيمينٍ، وليس فيه: أُقْسِم، والله أعلم.

قوله: (لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ [2]، قَالَ: «لَا تُقْسِمْ»): سيأتي الكلام في الذي أخطأ فيه الصِّدِّيقُ، والاختلاف في مكان الخطأ، في (كتاب الرؤيا) إن شاء الله تعالى.

(1/11880)

[حديث: أمرنا النبي بإبرار المقسم]

6654# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر؛ وبيانه: أنَّ الحافظَ عَبْدَ الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في الرواة عن الأشعث بن أبي الشعثاء إلَّا الثَّوريَّ، لم يذكر ابنَ عُيَيْنَة وكذا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، وكذا في ترجمة قبيصة بن عقبة عَبْدُ الغَنيِّ لم يذكر ابنَ عُيَيْنَة في مشايخه، إنما ذكر الثَّوريَّ، وفي «التذهيب» قال في مشايخه: سفيان، وأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (أَشْعَث)؛ بالثاء المُثَلَّثَة: هو ابن أبي الشعثاء سُلَيمِ بن أسودَ المحاربيُّ الكوفيُّ، مشهورٌ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (بشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَشْعَث): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي الشعثاء، وتَقَدَّمَ بعيدًا وقريبًا أنَّه بالمُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ أنَّ (أشعب) _ بالمُوَحَّدة_ الطامعَ فردٌ، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (مُقَرِّنًا) بتشديد الراء المكسورة، اسمُ فاعلٍ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، وعازبٌ صَحَابيٌّ، رضي الله عنهما.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 719]

(1/11881)

[حديث: إن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده مسمى.]

6655# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه النَهْديُّ عبد الرَّحْمَن بن ملٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (ملٍّ)؛ وهو بتثليث الميم، وتشديد اللام، و (مَلْء)؛ بفتح الميم، وإسكان اللام، وبالهمز.

قوله: (أَنَّ ابْنَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّها زينب في (الجنائز).

وقوله: (وَمَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةُ وَسَعْدٌ): هذا هو سعد بن عبادة، كما جاء مصرَّحًا به في «صحيح مسلم».

قوله: (وَأُبَيٌّ): هو بضَمِّ الهمزة، وفتح الباء، وهو أُبيُّ بن كعب.

قوله: (أَنَّ ابْنِي قَدِ احْتُضِرَ): (احتُضِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذا الابن، وأنَّه عليُّ بن أبي العاصي بن الربيع.

قوله: (وَتَحْتَسِبْ): تَقَدَّمَ ما (الاحتساب)؛ وهو ادِّخار الثوابِ عندَ الله عزَّ وجلَّ.

قوله: (فَرُفِعَ [1]) هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي حَجْرِهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.

قوله: (تَقَعْقَعُ): هو مَرْفُوعٌ، فعلٌ مضارعٌ محذوفُ إحدى التاءين، وهذا ظاهِرٌ، ومعناه: تتحرَّك وتضطرِبُ.

قوله: (فَقَالَ سَعْدٌ): تَقَدَّمَ أنَّ سعدًا الذي ذهب معه هو ابن عبادة بن دُليم الأنصاريُّ أعلاه.

قوله: (وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ): تَقَدَّمَ في (الرحماء) إعرابان؛ النصب والرفع، في (الجنائز)، قاله الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رُفِعَ).

[ج 2 ص 719]

(1/11882)

[حديث: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد]

6656# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّ (إسماعيل) ابنُ أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّبِ): هو سعيدٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وغير أبيه لا يُقال إلَّا بالفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 719]

(1/11883)

[حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة كل ضعيف متضعف]

6657# قوله: (حَدَّثَنَا [1] غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (كُلُّ ضَعِيفٍ): تَقَدَّمَ في (تفسير {ن وَالْقَلَمِ})، وكذا (مُتَضَعَّفٍ)، وأنَّ الأصحَّ فيه فتحُ العَين، في (ن)، وكذا (الجَوَّاظ)، وكذا (العُتُلِّ)، في (ن).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[ج 2 ص 719]

(1/11884)

[باب: إذا قال أشهد بالله، أو: شهدت بالله]

(1/11885)

[حديث: قرني ثم الذين يلونهم]

6658# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، وأنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، وتَقَدَّمَ ما قال فيه ابن أبي داود وغيرُه: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عَمرو السَّلْمَانيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟): هذا السائل لا أعرفُه.

قوله: (قَرْنِي): تَقَدَّمَ الكلام على (القرن) في (فضائل الصَّحَابة)، وذكرتُ فيه أقوالًا، وأنَّ المرادَ بـ (قرنه): الصَّحَابة، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التابعين، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التابعين.

قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، كما تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَنْهَوْنَنَا [1] وَنَحْنُ غِلْمَانٌ أَنْ نَحْلِفَ بِالشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ): تَقَدَّمَ الكلام في (الشهادات) وغيرها.

(1/11886)

[باب عهد الله عز وجل]

(1/11887)

[حديث: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال رجل مسلم]

6659# 6660# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ [2] ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (سُلَيْمَان): هو ابن مِهْرَان الأعمشُ، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الأعمشُ سليمانُ بن مِهْرَان.

قوله: (وَفِي صَاحِبٍ لِي فِي بِئْرٍ كَانَتْ بَيْنَنَا): تَقَدَّمَ في (كتاب الخصومات): (كان بيني وبين رجلٍ من اليهود)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ اليهوديَّ الذي خاصمه لا أعرف اسمَه، وفي «مبهمات النَّوَويِّ» التي اختصرها من كتاب الخطيب البغداديِّ ما لفظه: حديثٌ عن الأشعث بن قيس: «مَن حلف على يمين صبر ... »، قال: فيَّ نزلت: خاصمت رجلًا في بئر إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «بيِّنَتُك أو يمينُه»، قال الخطيب: هذا الرجلُ الذي خاصم الأشعثَ

[ج 2 ص 719]

اسمُه الجَفشيش؛ بالجيم، وقيل: بالحاء المُهْمَلَة، وقيل: بالخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ رواه الخطيبُ عن كلِّ شيخٍ من شيوخه بوجهٍ من الأوجه الثلاثةِ، وعن أبي حاتمٍ الرازيِّ: (أنَّه ذكره بالجيم، وكناه أبا الخير)، قال الطَّبَرانيُّ: (له صحبةٌ، ولا روايةَ عنه، وفي روايةٍ: رجل يُقال له: الجَفشيش بن حُصَين)، انتهى، قال النَّوَويُّ: (هو بالشين المُعْجَمَة المكرَّرة، وبفتح أوَّله) انتهى، وذكر غيرُه أنَّه يُقال بالحركات الثلاث، وقد ذكره بالجيم والحاء والخاء ابنُ عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»، وكناه أبا الخير، ونسبه: كِنْديًّا، قال: ويُقال: حضرميٌّ ... إلى أن قال: ورواه يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن مجالد، عن الشَّعْبيِّ قال: قال الأشعث بن قيس: كان بين رجلٍ منَّا وبين رجلٍ من الحضرميِّين _يُقال له: الجفشيش_ خصومةٌ في أرضٍ ... )؛ الحديث، فهذا يدلُّ على أنَّ مخاصِمَ الجفشيش غيرُ الأشعث.

(1/11888)

وقد رأيت في «معجم الطَّبَرانيِّ الصغير» في (الأباره) عن الجفشيش الكنديِّ قال: (جاء قومٌ من كندة إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقالوا: أنت منَّا، وادَّعَوه ... )؛ الحديث، قال الطَّبَرانيُّ: (لا يُروى عن الجفشيش الكنديِّ _وله صحبةٌ، وهو الذي خاصم الأشعث بن قيس إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الأرض، فنزلت فيهما هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} ... ؛ الآية [آل عمران: 77]_ إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد به الحسن بن صالح)، انتهى، وقد غايرَ الذَّهَبيُّ في «تجريده» بين الجَفشيش بن النعمان الكنديِّ أبي الخير _قال: وهو الذي خاصم إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أرض_ وبين الجفشيش الكنديِّ مَعْدَان بن الأسود بن مَعْدِيكَرِب، فقال: له وفادةٌ، قاله مُحَمَّد بن سعدٍ، انتهى، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ في قصَّة الأشعث ما لفظه: وفي «مختصر الاستيعاب»: أنَّه جَرير بن مَعْدَان، انتهى، والظاهر أنَّ قصَّة اليهوديِّ غيرُ هذه التي للجَفشيش، والله أعلم.

(1/11889)

[باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته]

قوله: (بَابُ الْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ [1]): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصود الترجمة: أنَّ الحَلِف بالصفات القديمةِ بصيغة المصدر كالحَلِف بالأسماء، وطابقتِ الترجمةُ قولَه: «أعوذ بعزَّتك»، مع أنَّ هذا دعاءٌ وليس بقَسَم؛ من ناحية أنَّه لا يُستَعَاذ إلَّابالقديم، فأثبت هذا أنَّ العزَّة من الصفات القديمة، لا من صفة الفعل، فينعقد اليمين، والله أعلم، انتهى.

قوله: (يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم هذا الرجل في (باب فضل السجود) من (كتاب الصلاة).

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (لَا غِنًى [2] بِي عَنْ بَرَكَتِكَ): (غنًى): مُنَوَّن، وفي حاشية أصلنا القاهريِّ: (غَنَاء)؛ بفتح الغَين، ممدود، بالقلم، نسخة، وعليها علامة راويها، و (الغَنَاء): الكفايةُ، والمنوَّن معناه: لا بُدَّ، والله أعلم.

(1/11890)

[حديث: لا تزال جهنم تقول هل من مزيد؟]

6661# قوله: (قَدَمَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية في (سورة {ق}) في (التفسير)، تعالى الله، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].

قوله: (فَتَقُولُ: قَطِْ قَطِْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (ق)، وكذا (وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ ومعناه: ينضمُّ ويجتمع.

قوله: (رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ): ما رواه شعبةُ عن قتادةَ أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) وفي (التوحيد) عن عبد الله بن أبي الأسود، عن حَرَميِّ بن عُمَارة، عن شعبة به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11891)

[باب قول الرجل: لعمر الله]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لَعَمْرُ اللهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72]: لَعَيْشُكَ): قوله: (لعمرُ الله): هو قَسَمٌ ببقاء الله ودوامِه، وهو رفعٌ بالابتداء، والخبرُ محذوفٌ؛ تقديره: لعَمْرُ الله قَسَمي، أو ما أُقْسِم، واللام للتوكيد، فإن لم تأتِ باللام؛ نصبتَه نصبَ المصادر، فقال: عَمْرَ الله، وعَمْرَك اللهُ؛ أي: بإقرارك لله تَعْمِيرَك له بالبقاء، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11892)

[حديث: لعمر الله لنقتله]

6662# قوله: (حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الأُوَيسيَّ): هو عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس بن سعد بن أبي سَرْح القرشيُّ العامريُّ، أبو القاسم المدنيُّ الأويسيُّ الفقيه، ترجمته معروفة، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو حجَّاج بن منهال، تَقَدَّمَ، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيرُ أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ في يائه.

قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّمَ الكلام على أهل الإفك في (الشهادات)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] (الطَّائِفَة)، وأنَّها القطعة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ): هو ابن سلولَ؛ ترجمةً وكتابةً وتلفُّظًا، وقبله أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ)، وأنَّه صَحَابيٌّ جليلٌ، بضَمِّ همزته، وضمِّ حاء أبيه، وبالضاد المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ الكلام أعلاه على (لَعَمْرُ اللهِ).

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11893)

[باب: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]

قوله: (بَابٌ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]): ذُكِر هنا مسندًا إلى عائشة رضي الله عنها: أنَّ الآية نزلت في قول الرجل: لا والله، وبلى والله، وقد تَقَدَّمَ الكلامُ على (اللَّغو) ما هو في أوَّل (كتاب الأيمان والنذور)، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا الموقوفَ هنا لفظًا على عائشة هو مَرْفُوعٌ معنًى، وتَقَدَّمَ مَن رفعه في غير هذا الكتاب لفظًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11894)

[حديث: {لا يؤاخذكم الله باللغو}]

6663# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11895)

[باب: إذا حنث ناسيًا في الأيمان ... ]

قوله: (بَاب إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِي الأَيْمَانِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب أجمعَ على عادته، ثُمَّ قال: (لمَّا كان حكمُ الناسي قاعدةً مختلفًا فيها، وكذلك الجاهلُ هل يلحق بالناسي أو العامد؛ أطال البُخاريُّ الأحاديثَ المتعارضةَ فيه؛ فمنها: ما أقام النسيان فيه عذرًا مطلقًا، ومنها: ما كان الخطأُ فيه ملغًى، وأُلحِقَ صاحبُه بالمتعمِّد، ومنها: ما عُذِر به من وجهٍ دون وجه، والتدبُّر بيَّن ذلك كلَّه)، انتهى.

(1/11896)

[حديث: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها]

6664# قوله: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ): هو بكسر الميم، وإسكان السين وفتح العين المُهْمَلَتين، ابن كدام، أحد الأعلام.

قوله: (يَرْفَعُهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (يرفعه)، و (يبلغ به)، و (يَنْمِيه)، و (روايةً)، وأنَّه كلَّه مَرْفُوعٌ، مُطَوَّلًا، والله أعلم.

[ج 2 ص 720]

قوله: (مَا [1] وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا): (الوَسواس) و (الوَسوسة): ما يُلقِيه الشيطانُ في القلب، وأصله: الحركة الخفيَّة، و (ما وسوست به أنفسها)؛ أي: حدَّثتها به، وألقته خواطرُها إليها، و (أنفسُها) في رواية: (ما وسوست به أنفُسُها) بالرفع، وعند الأصيليِّ بالنصب، وله وجهٌ بكون (وسوست) بمعنى: حدَّثَت، فالحاصل أنَّ في رواية: (وسوست به) (أنفسها) بالرفع والنصب، و [أمَّا] في روايةِ (حدَّثت)؛ فبالنصب ليس غير، والله أعلم، هذا مقتضى كلام ابن قُرقُول، ولكن لا يمتنع أن يجيءَ أيضًا الرفعُ والنصبُ على رواية (حدَّثت)، والله أعلم.

قوله: (أَوْ تَكَلَّمْ): هو محذوف إحدى التاءين، وهو فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11897)

[حديث: افعل ولا حرج.]

6665# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ): (مُحَمَّد) هذا: هو الذهليُّ مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذُؤَيب الذهليُّ الحافظ، أحد الأعلام، فيما قاله الحاكمُ وغيرُه، وقد قَدَّمْتُ ذلك من كلام أبي عليٍّ الغسَّانيِّ في (اللباس) في (باب الذريرة)، وإذا كان الشيخُ مشكوكًا فيه، وكان الشكُّ بينه وبين ثقةٍ آخَرَ؛ فإنَّه لا يضرُّ؛ لأنهما عدلان، أمَّا لو كان أحدُهما عدلًا والآخرُ غيرَ ذلك؛ فإنَّه يسقطُ الاحتجاج بالحديث الذي هذا شأنه، والله أعلم، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ يَا رَسُولَ اللهِ كَذَا [1] قَبْلَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ): هذان الرجلان لا أعرفُهما، وقد قَدَّمْتُ ذلك.

قوله: (لَهُنَّ كُلِّهِنَّ): (كلِّ): مجرورةٌ، وجرُّها ظاهرٌ.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (وَكَذَا).

[ج 2 ص 721]

(1/11898)

[حديث: ذبحت قبل أن أرمي قال لا حرج]

6666# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، و (أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ [1]): بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمَة، أحد الأعلام، مشهورٌ، و (عَبْد الْعَزِيزِ بْن رُفَيْعٍ): بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (عَطَاء) بعده: هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ الفقيه.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ): هذا الرجل لا أعرفه، ومعنى (زرت)؛ أي: طُفْت طواف الإفاضة.

قوله: (قالَ آخَرُ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه.

==========

[1] (بن عيَّاش): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 721]

(1/11899)

[حديث: ارجع فصل فإنك لم تصل.]

6667# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل هو خلَّاد بن رافع الزُّرَقِيُّ.

قوله: (فَأَعْلِمْنِي): هو بقطع الهمزة، وكسر اللام، رُباعيٌّ.

قوله: (فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ): (أسبِغ): بقطع الهمزة، وكسر المُوَحَّدة، رُباعيٌّ، و (الوُضوء)؛ بضَمِّ الواو: الفعل، ويجوز فتحُها، تَقَدَّمَ.

قوله: (ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا): اعلم أنَّ في هذا الحديث التصريحَ بالطمأنينة في الجلوس بين السجدتين، وقد قال إمام الحرمين من الشَّافِعيَّة: إنَّ الطمأنينة بين السجدتين لم تُذكَر في حديث المسيء صلاتَه، وفيه نظرٌ، وقد تَقَدَّمَ في (الاستئذان) أيضًا ثبوتُها فيه، وكذا في «مسلم».

فائدةٌ: قال أيضًا الإمامُ: إنَّ الطمأنينةَ في الاعتدال لم تُذْكَر في حديث المسيء صلاتَه، وفيه نظرٌ أيضًا؛ فهي فيه في «صحيح ابن حِبَّانَ»، والله أعلم، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: (أخرجها ابن ماجه بسندٍ أخرج مسلمٌ الحديثَ به، لكنَّه لم يَسُقْ لفظَه، وشيخُهما واحدٌ، والسَّنَدُ واحدٌ؛ فلو قال قائلٌ: إنَّ مسلمًا أخرجها؛ [صحَّ] إطلاقه)، انتهى.

(1/11900)

[حديث: هزم المشركون يوم أحد هزيمةً تعرف فيهم]

6668# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (المَغْرَاء) بفتح الميم، وإسكان الغين، ممدود الآخر.

قوله: (هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ): (هُزِم): بضَمِّ الهاء، وكسر الزاي، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المشركون): نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أُخْرَاكُمْ): نصب على الإغراء؛ أي: أدرِكوا، و (أُخراكم): آخر الجيش.

قوله: (فَاجْتَلَدَتْ): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه اقتتلت.

قوله: (فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِي): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (اليماني) حُسَيل، ويُقال: حِسْل، رضي الله عنه، في (غزوة أُحُد)، وتَقَدَّمَ أنَّ الصحيحَ إثباتُ الياء فيه، وفي (ابن العاصي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، قاله النَّوَويُّ.

قوله: (مَا انْحَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال: إنَّه قتله خطأ عتبةُ بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود، وهو يظنُّه من العدوِّ.

(1/11901)

[حديث: من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم صومه]

6669# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (عَوْفٌ): هو ابن أبي جميلة الأعرابيُّ، تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (عَنْ خِلَاسٍ وَمُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (خِلَاس)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الخاء المُعْجَمَة، وتخفيف اللام، وهو ابن عَمرو البصريُّ، عن عليٍّ، وعمَّار، وعائشة، وأبي هريرة، وعنه: قتادة، وعوفٌ، وجماعةٌ، قال أحمدُ: ثقةٌ ثقةٌ، وروايته عن عليٍّ من كتاب، وقال: كان يحيى القَطَّان يتوقَّى أن يُحدِّثَ عن خِلاس عن عليٍّ خاصَّة، وقال أبو داود: (لم يسمع من عليٍّ، وسمعتُ أحمدَ يقول: لم يسمع من أبي هريرة شيئًا)، وقال يحيى بن سعيد: كان في «أطراف عوف»: (خِلاس ومُحَمَّد عن أبي هريرة، حديث: أنَّ موسى عليه السلام كان حَيِيًّا ... )؛ الحديث، فسألتُ عوفًا، فترك مُحَمَّدًا وقال: خِلاس مُرسِلٌ)، وقال ابن معين: ثقة، أخرج له الجماعة؛ البُخاريُّ مقرونًا بآخَرَ كما ترى، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، مشهور الترجمة، وقد قَدَّمْتُ هذا غَيْرَ مَرَّةٍ؛ منها في (سورة سبأ).

(1/11902)

[حديث: صلى بنا النبي فقام في الركعتين الأوليين قبل أن يجلس]

6670# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا، مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (عَبْد اللهِ ابْن بُحَيْنَةَ): تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ نسبه، وأنَّ (بُحَينة) أمُّه، ومالكًا أبوه، وتَقَدَّمَ الكلام على مالك، وما وقع فيه، وأنَّ الأصحَّ [أنَّه] ليس بصَحَابيٍّ، ولا مسلمٍ أيضًا، وغلطُ مَن غَلِطَ فيه وعَدَّه صحابيًّا، وذكر له روايةً، والله أعلم.

[ج 2 ص 721]

(1/11903)

[حديث: هاتان السجدتان لمن لا يدري زاد في صلاته أم نقص]

6671# قوله: (حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (لَا أَدْرِي إِبْرَاهِيمُ وَهِمَ أَمْ عَلْقَمَةُ): (وَهِم): بكسر الهاء، قال شيخنا: بفتح الهاء، ثُمَّ نقل كلام الجوهريِّ، وهو: وَهَمْتُ في الشيء؛ بالفتح، أَهَم وَهْمًا؛ إذا ذهبَ وهمك إليه وأنت تريد غيرَه، انتهى، وقال ابن قُرقُولَ في قوله: (إنِّي أهم في صلاتي): كذا للجمهور من الرواة، وعند القُلَيعيِّ: أُوهِم وهمًا، وهما صحيحان بمعنًى، يُقال: وَهِم؛ بالكسر، يوهَم؛ إذا غلط، ووهَم؛ بالفتح، يَهِم إلى كذا: ذهب وهمُه إليه، وأوهمت الشيءَ: تركتُه، قاله ثعلب، وأوهم في صلاته: أسقط، انتهى.

قوله: (أَقُصِرَتِ [1]؟): قائل ذلك هو ذو اليدين، واسمه الخِرباق، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، و (أَقُصِرَت): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (السهو).

قوله: (فَيَتَحَرَّ [2] الصَّوَابَ): كذا في أصلنا، فعل أمر مجزومٌ، و (فَيُتِمَّ) عليه: مَنْصُوبٌ، ونصبُه معروفٌ، وفي نسخة: (فيتحرَّى)؛ بإثبات الياء، و (فيتمُّ): مَرْفُوعٌ، وكلُّه ظاهرٌ، و (يتحرَّى): يتعمَّد ويتقصَّد، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/11904)

[حديث: كانت الأولى من موسى نسيانًا]

6672# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارا أنّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة.

==========

[ج 2 ص 722]

(1/11905)

[حديث البراء: وكان عندهم ضيف لهم فأمر أهله أن بذبحوا ... ]

6673# قوله: (كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ... ) إلى آخره: اعلم أنِّي لا أستحضرُ أنَّ البُخاريَّ نفسَه روى بالمكاتبة في «صحيحه» إلَّا هذا الحديثَ، وأمَّا المكاتبة في أثناء السندَ؛ فكثيرٌ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الكتابةَ قسمان؛ أحدهما: الكتابة المقرونة بالإجازة، بأن يكتب إليه ويقول: أجزت لك ما كتبته، ونحو ذلك، وهي شبيهةٌ بالمناولة المقرونةِ بالإجازة في الصِّحَّة والقوَّة، والقسم الثاني: الكتابة المجرَّدة عن الإجازة كهذه؛ لأنَّه لو أجاز له معها؛ لنبَّه عليه البُخاريُّ، وهي صحيحةٌ تجوز الرواية بها على الصحيح المشهور بين أهل الحديث، وهو عندهم معدودٌ في المسندِ الموصولِ، وهو قولُ كثيرٍ من المتقدِّمين والمُتَأخِّرين؛ منهم: أيُّوب السَّخْتيَانيُّ، ومنصور، والليث بن سعد، وغير واحد من الشَّافِعيِّين؛ منهم: أبو المظفَّر السَّمعانيُّ وجعلها أقوى من الإجازة، وإليه صار جماعةٌ من الأصوليِّين؛ منهم: صاحب «المحصول»، وفي «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» أحاديثُ من هذا النوع، ولكنَّ هذا أوَّلُ مكانٍ حدَّث فيه البُخاريُّ نفسُه بالمكاتبة؛ فلهذا ذكرتُ ذلك هنا، وقد قدَّمتُه أيضًا، لكنَّ ما تَقَدَّمَ المكاتبةُ فيه بعد البُخاريِّ، وقد منع صِحَّةَ ذلك قومٌ آخرون، وبه قطع الماورديُّ في «الحاوي»، وقال الآمديُّ: لا يرويه إلَّا بتسليطٍ من الشيخ؛ كقوله: فاروِه عنِّي، أو أجزت لك روايتَه، ولكن إذا بدأ الطالب بالمكاتبة للشيخ، وقال له: اكتب إليَّ ما سمعتَ من فلان، أو نحو ذلك؛ فالذي يظهر لي أنَّه كالإجازة؛ لأنَّه التمسَ منه ذلك، ولم أرَ هذه منقولةً، وهي ظاهرةٌ، وقد قدَّمتها، وقد ذهب أبو الحسن بن القَطَّان إلى انقطاع الرواية بالكتابة، وردَّ ذلك عليه أبو عبد الله بن المَوَّاق، والله أعلم.

(1/11906)

وقد أخرج هذا الحديثَ البُخاريُّ في (العيدين) [عن آدم و] عن سليمان بن حرب، وفي (العيدين) و (الأضاحي) عن حجَّاج بن منهال، وفي (الأضاحي) عن بُنْدَار عن غُنْدر؛ أربعتهم عن شعبة، وفي (العيدين) عن أبي نُعَيم عن مُحَمَّد بن طلحة؛ كلاهما عن زُبَيد، وفي (الأضاحي) عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عن فراس، وعن مسدَّد عن خالد بن مُطرِّف، وفي (العيدين) عن عثمان عن جَرير، وعن مسدَّد عن أبي الأحوص؛ كلاهما عن منصور، وهنا عن مُحَمَّد بن بَشَّار عن معاذ بن معاذ عن ابن عون؛ خمستهم عن عامر بن شَراحيل عن البراء به، والله أعلم.

و (ابْنُ عَوْنٍ): عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أميرِ مصر، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ): قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين: كذا وقع، والصواب أنَّ البراء روى ذلك عن أبي بُردة بن نِيَار خالِه، والضيف لم يُسَمَّ، انتهى، وما قاله حسنٌ صحيحٌ، والحديث أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد طرَّفه المِزِّيُّ من «أبي داود»، فقال: أبو داود في (الأضاحي) عن مسدَّد، عن أبي الأحوص به، وعن مسدَّد عن خالد به مختصرًا: (ضحَّى خالٌ لي يُقال له: أبو بردة قبل الصلاة)، ولم يذكر أوَّل الحديث، انتهى، فهذا يرشد إلى أنَّ المضحِّيَ أبو بُردة، والله أعلم.

قوله: (كَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ): هذا الضَّيف لا أعرفه، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّه لم يُسمَّ.

قوله: (أَنْ يُعِيدَ الذّبْحَ): في أصلنا بكسر الذَّال وفتحها بالقلم، وكُتِب عليها (معًا)، فالكسر معناه: المذبوح، وهذا هو الظَّاهر، وبه قَيَّدهُ الشيخ محيي الدِّين النَّوَويُّ، وكذا قَيَّدهُ شيخُنا، ونقله أيضًا عن ابن التين، وأمَّا الفتح؛ فهو المصدر، لكنَّ معناه هنا غيرُ ظاهرٍ إلَّا بتقديرٍ، والله أعلم، وقد ذكرته في (العيدين)، والظَّاهر الكسر، والله أعلم.

قوله: (عَنَاقٌ جَذَعٌ): هما مرفوعان منوَّنان، وقد تَقَدَّمَ ما (العَنَاق).

قوله: (فَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر.

(1/11907)

قوله: (رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): أمَّا (أيُّوب)؛ فهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابن سيرين): مُحَمَّد، وقد تَقَدَّمَ عدد بني سيرين وبناته في أوَّل هذا التعليق، وما رواه أيُّوب عن ابن سيرين مُحَمَّدٍ عن أنس أخرجه البُخاريُّ في (صلاة العيد)، وفي (الأضاحي) عن مسدَّد، وفي (الأضاحي) عن عليِّ بن عبد الله، وصدقة بن الفضل، فرَّقهم؛ ثلاثتهم عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، وفي (صلاة العيد) عن حامد بن عمر عن حَمَّاد بن زيد؛ كلاهما عن أيُّوب عنه به، وأخرجه مسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

(1/11908)

[حديث: من ذبح فليبدل مكانها ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله]

6674# قوله: (فَلْيُبَدِّلْ مَكَانَهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الدال المُشَدَّدة، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا بالقلم، وقال شيخُنا: هو بضَمِّ أوَّله، من «أَبْدَلَ»، انتهى [1]، فظاهر كلامه أنَّه بالضَّمِّ مع التخفيف، وقد قال الجوهريُّ: وأَبدلتُ الشيءَ بغيره، وبدَّله اللهُ سبحانه من الخوف أَمْنًا، وتبديل الشيء أيضًا: تغييره وإن لم يأت بِبَدَل، واستبدل الشيءَ بغيره، وتبدَّله [2] به؛ إذا أخذه مكانَه، انتهى، فما في الأصل يجوز فيه التشديد والتخفيف.

(1/11909)

[باب اليمين الغموس ... ]

قوله: (بَابُ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ): (اليمين الغَموس): هي التي يُقتَطَع بها الحقُّ، وقال الخليل: هي التي لا استثناءَ فيها، قيل: سُمِّيَت بذلك؛ لغَمْسِها صاحبَها في الإثم، وقيل: في النار، قاله ابن قُرقُولَ، وقال الجوهريُّ: واليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم، وفي «النهاية»: اليمين الكاذبة الفاجرة؛ كالتي يَقتطِع بها الحالفُ مالَ غيره، سُمِّيَت غموسًا؛ لأنَّها تغمس صاحبها في الإثم ثُمَّ في النار، و «فَعولٌ» للمبالغة، انتهى.

==========

[ج 2 ص 722]

(1/11910)

[حديث: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين]

6675# قوله: (أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه ابن شُمَيل، و (فِرَاسٌ): بكسر الفاء، وتخفيف الراء، وفي آخره سين مهملة، وهو ابن يحيى الهَمْدانيُّ الكوفيُّ المُكَتِّب، تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 722]

قوله: (الْكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ أنَّ الذَّهَبيَّ قد ألَّف في الكبائر جزءًا بأدلَّتها، وعدَّها فيه ستَّةً وسبعين كبيرةً، وذكر في بعض نسخ هذا الكتاب الذي للذهبيِّ ممَّا يلحق بالكبائر ويتردَّد النظرُ فيه، وقد ذكرتُ عددها فيما مضى، وذكر ابن قَيِّمِ الجوزيَّة في أواخر «معالم المُوَقِّعين» جماعةً منها، وقد أشرت إلى ذلك كلِّه فيما تَقَدَّمَ.

(1/11911)

[باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ... }.]

(1/11912)

[حديث: من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم]

6676# 6677# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّمَ الكلُّ مترجَمِين.

قوله: (يَمِينٍ [1] صَبْرٍ): هما في أصلنا منوَّنَين، وقد تَقَدَّمَ مثلُه له، وسيجيء في (كتاب الأحكام) في (باب الحكم في البئر ونحوها): (لا يحلف على يمين صبر): (يمينِ): مجرورٌ غيرُ مُنَوَّن، وقد صُحِّحَ عليه في أصلنا، وكان قبل ذلك مُنَوَّنًا فكشط، وأُصلِح على غير التنوين بالكسر، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الشيخ محيي الدين ضبطه بالإضافة في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_ من «شرح مسلم»، وسيأتي كلام ابن الأثير، وهو يقتضي أن يكون بالتنوين وبالإضافة، وقال ابن قُرقُول: ويمين الصَّبر: هي التي يُحبَس ويُجبَر عليها حالفُها، انتهى، وفي «النهاية»: (من حلف على يمين مصبورة كاذبًا)، وفي حديث آخَرَ: (مَن حلف على يمين صبر)؛ أي: أُلزِم بها وحُبِس عليها، وكانت لازمةً لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها: «مصبورة» وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور؛ لأنَّه إنَّما صُبِر من أجلها؛ أي: حُبِس، فوُصِفَت بالصَّبر، وأُضِيفَت إليه مجازًا، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي): ابن عمِّه لا أعرفه، إلَّا أن يكون مخاصمَه، وهو الظاهر، فإن كان هو؛ فقد ذكرته قريبًا، والله أعلم.

قوله: (بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ): هما مرفوعان في أصلنا بالقلم على أنَّه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز نصبُهما.

قوله: (إِذًا يَحْلِف): هو مَنْصُوبٌ ومرفوعٌ في أصلنا بالقلم، وعليه (معًا)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الشيخ محيي الدين بعد أن ذكر النصبَ قال: وقال أبو الحسن بن خَرُوف في «شرح الجُمَل»: إنَّ الرواية بالرفع.

(1/11913)

[باب اليمين فيما لا يملك وفى المعصية وفى الغضب]

قوله: (بَابُ الْيَمِينِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَفِي الْمَعْصِيَةِ وَالْغَضَبِ [1]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: حديث أبي موسى _يعني: (أتيت النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في نفرٍ من الأشعريِّين، فوافقته وهو غضبان ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر_: يطابقُ اليمينَ فيما لا يملك، قال الشارح _يعني: ابن بَطَّال_: لأنَّه حلف حين لم يملك ظهرًا يحملهم عليه، فلمَّا طرأ له الملك؛ حملهم، وفهم عن البُخاريِّ أنَّه نحا ناحية تعليق الطلاق قبل ملك العصمة، والحُريَّة قبل ملك الرقبة، والظاهر من قصد البُخاريِّ غيرُ هذا، وهو أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حلف ألَّا يحملَهَم، فلمَّا حملهم وراجعوه في يمينه؛ قال: «ما أنا حملتكم، ولكنَّ الله حملكم»، فبيَّن أنَّ يمينه إنَّما انعقدت فيما يملكه بقصد حجَّة اليمين؛ لأنَّهم سألوه أن يحملهم، وإنَّما سألوه ظنًّا أنَّه يملك حملانًا، فحلف لا يحملهم على شيءٍ يملكه؛ لعدم الملك حينئذٍ، والذي حملهم عليه مالُ الله، لا مِلكُه الخاصُّ، فلو حملهم على ما يملكه؛ لكفَّر، ولا خلاف فيما إذا حلف على شيء وليس في ملكه أنَّه لا يفعل فعلًا متعلِّقًا بذلك الشيء؛ مثل قوله: «لا ركبت هذا البعير»، ولم يكن البعير في ملكه وركب؛ حَنِثَ وكفَّرَ، وليس هذا من تعليق العتق على الملك، والله أعلم، انتهى.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (وفي الغضب)، و (في): ساقطة في رواية أبي ذرٍّ، ومستدركة مصحَّحٌ عليها في (ق).

[ج 2 ص 723]

(1/11914)

[حديث أبي موسى: والله لا أحملكم على شيء]

6678# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث أو عامر، القاضي، ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ الأميرِ.

قوله: (أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي): تَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء أصحابه لا أعرفهم، غير أنَّهم من قبيلة الأشعريِّين.

قوله: (أَسْأَلُهُ الْحُمْلَانَ): تَقَدَّمَ ما (الحُملان).

==========

[ج 2 ص 723]

(1/11915)

[حديث عائشة في سبب نزول: {ولا يأتل أولو الفضل منكم}]

6679# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن عبد الله العامريُّ الأويسيُّ الفقيه، تَقَدَّمَ.

قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ [1]): هو ابن منهال، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء (المُسَيّب) وكسرِها، وأنَّ غيرَه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (أَهْلُ الإِفْكِ): تَقَدَّمَ في (الشهادات) مَن هم أهل الإفك، وتَقَدَّمَ أنَّ (طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ)؛ أي: قطعةً منه، وتَقَدَّمَ الكلام على (مِسْطَحٍ)، وهو ابن أثاثة، وتَقَدَّمَ أنَّ لقبه مِسْطَح، وأنَّ اسمَه عوفٌ، وقيل: عامرٌ، وقوله: (لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ): تَقَدَّمَ ما قرابته منه في نفس الحديث، وأنَّ قوله: (فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» في (معجم النِّساء): أنَّه أضعفَ له ما كان يعطيه؛ أي: أعطاه مثلَهُ مرَّتين.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الْحَجَّاجُ).

[ج 2 ص 723]

(1/11916)

[حديث: والله إن شاء الله لا أحلف على يمين]

6680# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (الْقَاسِم): هو ابن عاصم البصريُّ، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ): تَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء النفر لا أعرفهم، وتَقَدَّمَ أنَّ (النَّفَر): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرَّهْط).

==========

[ج 2 ص 723]

(1/11917)

[باب: إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ أو سبح ... ]

قوله: (قالَ أَبُو سُفْيَانَ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا سفيان): صخرُ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس الأمويُّ، والد معاوية، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ متى كتب النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى هرقل، وتَقَدَّمَ أنَّ (هرقل) فيه لُغَتان، وأنَّ هذا اسمُه، وأنَّ (قيصر) لقبٌ له ولكلِّ مَن مَلَكَ الرومَ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة هرقل، وأنَّه هلك سنة عشرين.

[ج 2 ص 723]

(1/11918)

[حديث: قل لا إله إلا الله كلمةً أحاج لك بها عند الله]

6681# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وقوله: (عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّمَ الكلام في رواية سعيدٍ عن أبيه، وأنَّه لم يروِ عنه غير ابنه سعيد.

قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي طالب): عبدُ مَناف على الصحيح، وقيل: اسمه كنيته، وأضعف منه أنَّ اسمه عِمران، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ مُطَوَّلًا في (كتاب الجنائز) في (باب قول المشرك عند الموت: لا إله إلَّا الله)، وغيرِه أيضًا.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11919)

[حديث: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان]

6682# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ عند أهله، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وأنَّه هَرِم.

(1/11920)

[حديث: من مات يجعل لله ندًا أدخل النار]

6683# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ) هذا هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ له ما يُنكَر، وأنَّ أصحابَ «الصحيح» تجنَّبا تلك المناكير، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق): هو ابن سلمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (قَالَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً، وَقُلْتُ أُخْرَى): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك في (الجنائز)، وقدَّمتُ جمعًا بين ما وقع في الروايات مُطَوَّلًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

[ج 2 ص 724]

(1/11921)

[باب من حلف أن لا يدخل على أهله شهرًا وكان الشهر تسعًا وعشرين]

(1/11922)

[حديث: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين.]

6684# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حُمَيدًا) هذا: هو الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه، لا حُمَيد بن هلال، وقد قَدَّمْتُ ما روى ابنُ هلال في «البُخاريِّ»، وهو حديثان فقط، وذكرتُهما غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ): تَقَدَّمَ معنى (آلى)؛ أي: أَقْسَمَ وحلف، وتَقَدَّمَ الكلام على (المَشْرُبَة) بما فيها من اللغات.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11923)

[باب: إن حلف أن لا يشرب نبيذًا فشرب طلاءً أو سكرًا أو عصيرًا ... ]

قوله: (فَشَرِبَ طِلَاءً): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الطاء، ممدودٌ؛ وهو ما طُبِخ من عَصير العِنَب حتَّى ذهب ثلثاه، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

قوله: (أَوْ سَكَرًا): هو بفتح السين والكاف؛ وهو نبيذ التمر، تَقَدَّمَ.

قوله: (فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ): لا شكَّ إن كان الطِّلاء والسَّكَر يُسكِران أنَّه يحنث، و (بعض الناس): هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوْطَا، الإمام المجتهد، رحمه الله، فإنَّه قال: إنَّ الطلاء والعصيرَ ليسا بنبيذٍ في الحقيقة، وإنَّما النَّبيذ: ما نُبِذ في الماء، وأُنقِع فيه، ومنه سُمِّيَ المنبوذُ منبوذًا؛ لأنَّه نُبِذَ؛ أي: طُرِح، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11924)

[حديث: أن أبا أسيد أعرس فدعا النبي لعرسه ... ]

6685# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبِي حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ، واسم (أَبِي حَازِمٍ): سلمة بن دينار، و (أَبُو أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهمزة وفتح السين على الصواب، وقد قَدَّمْتُ اسمَه واسمَ أبيه.

قوله: (فَكَانَتِ الْعَرُوسُ خَادِمَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ (العروس): اسمٌ يقع على الرجل والمرأة ما داما في إعراسهما، وتَقَدَّمَ أنَّ هذه العروس أمُّ أُسَيد سلامةُ بنت وهب في أوائل (النكاح)، صحابيَّةٌ معروفةٌ، رضي الله عنها.

قوله: (فِي تَوْرٍ): تَقَدَّمَ ما (التَّوْر).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).

[ج 2 ص 724]

(1/11925)

[حديث: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيه]

6686# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل.

قوله: (فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا): هو بفتح الميم، وإسكان السين؛ الجلد، تَقَدَّمَ، و (الشِّنُّ): القِربة البالية، تَقَدَّمَ.

فائدةٌ: قال الدِّمْيَاطيُّ: (حديث سودة _يعني: هذا_ انفرد به البُخاريُّ، وحديث ميمونة _: (مرَّ عليه السلام بشاةٍ ميِّتة لها، فقال: «هلَّا انتفعتم بجلدها»)، من رواية ابن عَبَّاس عنها_ انفرد به مسلمٌ)، انتهى، وهو كما قاله، فحديث سودة في «البُخاريِّ» فقط، ويعني بانفراد البُخاريِّ به؛ يعني: عن مسلم، والحديثُ المذكورُ حديثُ سودة في «النَّسائيِّ» أيضًا، وهو في «النَّسائيِّ» أيضًا من رواية ابن عَبَّاس.

وقوله في حديث ميمونة صحيحٌ أيضًا، لم يخرِّجْه البُخاريُّ، إنَّما أخرجه مع مسلمٍ أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والله أعلم، وقد اعترض شيخُنا على الدِّمْيَاطيِّ، فقال: أمَّا حديث ابن عَبَّاس عن ميمونة: (مرَّ عليه السلام بشاةٍ لها، فقال: «هلَّا انتفعتم بجلدها»)؛ فمِنَ المتَّفق عليه، لا كما زعمه خَلَفٌ في «أطرافه»، وتَبِعه عليه الدِّمْيَاطيُّ؛ فاحذره، انتهى، وما قاله شيخُنا لم أرَه في «أطراف المِزِّيِّ»؛ فاعلمه، إنَّما رأيتُ فيه ما قاله الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11926)

[باب: إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز وما يكون من الأدم]

قوله: (إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْتَدِمَ، فَأَكَلَ تَمْرًا بِخُبْزٍ، وَمَا يَكُونُ مِنْهُ [1] الأُدْمُ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته مختصرًا، ثُمَّ قال: (مقصوده الردُّ على مَن زعم أنَّه لا يُقال: «ائتدم» إلَّا إذا اصطبغ، فذلك حديث عائشة رضي الله عنها، والمعلوم أنَّها نفت الإدام مطلقًا في سياق بيان شَظَف العيش، فدخل فيه التمرُ وغيرُه، وحديثُ أنسٍ رضي الله عنه أنَّها عصرت العُكَّة على الأقراص، فلم يكن اصطباغ، وقال: «فآدمته»)، انتهى.

فقوله: (شَظَف العيش): هو بفتح الشين والظاء المشالة المعجمتين، وبالفاء؛ ضِيْقُه، قال أبو زيد: الشَّظَف: الضيق والشِّدَّة؛ مثل الضَّغَف، وكذلك الشَّظَاف، والله أعلم.

(1/11927)

[حديث: ما شبع آل محمد من خبز بر مأدوم]

6687# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، والله أعلم، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَابِسٍ): بالمُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة، وهو ابن ربيعة.

قوله: (آلُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّها تعني: أهلَ بيته، لا آلُه المعروفون؛ بنو هاشم، أو هم وبنو المُطَّلِب، ولا غيرُ ذلك من القولَين الآخَرَين في (الآل).

قوله: (وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، العبديُّ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وإنَّما أتى بهذا وإن كان في علوِّ الأوَّل إلَّا أنَّ سفيانَ عنعن في الأوَّل، وسفيانُ مُدَلِّسٌ، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريحَ سفيان بالتحديث من عبد الرَّحْمَن، والله أعلم، وفي الأوَّل: (قال عابس عن عائشة)، وفي الثاني: (قال لعائشة)، فصرَّح بأنَّه شافهها وإن كان عابسٌ غيرَ مُدَلِّس، إلَّا ليخرج من الخلاف.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11928)

[حديث: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله ... ]

6688# قوله: (قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ): (أبو طلحة): زيد بن سهل، نقيبٌ بدريٌّ، تَقَدَّمَ، و (أمُّ سُلَيم): زوجتُه، أمُّ أنس بن مالك، تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها.

قوله: (آرْسَلَكَ [1]؟): هو بمدِّ الهمزة على الاستفهام، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ): تَقَدَّمَ الكلام (هلمَّ) بِلُغَتَيها، والمذكورةُ هنا لغةُ أهل نجدٍ، ولغة أهل الحجاز: (هلمَّ) _وبها جاء القرآن_ للأنثى والذكر، الواحد والاثنين والجمع.

[ج 2 ص 724]

قوله: (فَأَتَيْتُ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فأتَتْ)، وهو ظاهِرٌ، والله أعلم.

قوله: (فَفُتَّ): هو بضَمِّ الفاء الثانية، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً): (العُكَّة)؛ بضَمِّ العين: آنية السَّمْن، قال ابن السِّكِّيت: يُقال لمثل الشُّكوة ممَّا يكون فيه السَّمْن: عُكَّةٌ، والجمع: عُكَك وعِكاك، وفي «المطالع»: العُكَّة: أصغر من القِربة، قاله الخليلُ.

قوله: (فَآدَمَتْهُ [2]): هو بمدِّ الهمزة، وقد قَدَّمْتُ ما في هذه اللفظة من الرواياتِ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَرْسَلَكَ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَأَدَمَتْهُ).

(1/11929)

[باب النية في الأيمان]

قوله: (بَابُ النِّيَّةِ فِي الأَيْمَانِ): هو بفتح الهمزة، جمع (يمين)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11930)

[حديث: إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى]

6689# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفيُّ، أبو مُحَمَّد الحافظُ، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ.

قوله: (إِلَى دُنْيَا): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق أنَّ (دنيَا) بغير تنوين الروايةُ، وتَقَدَّمَ الكلام على حقيقة الدنيا.

قوله: (أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا): تَقَدَّمَ الكلام على هذه المرأة، وأنَّها أمُّ قيس، وأنَّ ابن دحية قال: إنَّ اسمها قَيلة، وأنَّ الرجلَ الذي هاجر بسببها كانوا يُسَمُّونه مهاجرَ أمِّ قيسٍ، وما يتعلَّق بهما في أوَّل هذا التعليق، وأنَّهما صحابيَّان.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11931)

[باب: إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة]

(1/11932)

[حديث: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.]

6690# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (مِنْ بَنِيهِ): هو جمع (ابن)، وقد تَقَدَّمَ ما فيه، وأنَّ هذا هو الصوابُ في حديث كعبٍ عقيب (غزوة تبوك)، وفي غير مكان.

قوله: ({وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]): تَقَدَّمَ أنَّهم كعب بن مالك، وهلال بن أُمَيَّة الواقفيُّ، ومُرارة بن الربيع العَمريُّ.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11933)

[باب: إذا حرم طعامًا ... ]

(1/11934)

[حديث: لا بل شربت عسلًا عند زينب بنت جحش]

6691# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو ابن الصَّبَّاح، و (الْحَجَّاجُ): هذا هو ابن مُحَمَّد المصيصيُّ الأعور الحافظ، عن ابن جُرَيجٍ، وابن أبي ذئب، وشعبة، وعنه: أحمد، والزعفرانيُّ، وهلال بن العلاء، قال أحمد: ما كان أضبطَه وأشدَّ تعاهده للحروف! ورفع من أمره جدًّا، وقال أبو داود: بلغني أنَّ ابن معين كتب عنه نحوًا من خمسين ألفَ حديثٍ، تُوُفِّيَ سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن المَدينيِّ: ثقة، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ الإمام، تَقَدَّمَ، و (عَطَاءٌ) بعده: هو ابن أبي رَباح.

قوله: (رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟): قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (المغافير: واحدُه: مُغْفُور؛ وهو شيءٌ ينضحه شجر العُرْفُط، كريهُ الرائحة)، انتهى، وقد ضبطتُه وما هو في (سورة المتحرِّم).

قوله: ({وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3]): هو قوله: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا ... وَلَنْ أَعُودَ لَهُ»، وقد سبق، ويأتي هنا: «وَقَدْ حَلَفْتُ، لَا [1] تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَدًا»، وقيل: قصَّة مَارِيَة، والصحيحُ الأوَّلُ، وأَغْرَبَ مَن قال: إنَّه أسرَّ خلافةَ الصِّدِّيق، وأنَّه خليفةٌ بعدَه، وقال ابن عبد السلام الشيخُ عزُّ الدين: الخلافة، وقيل: تحريم مَارِيَة على نفسه، انتهى.

قوله: (وَقَالَ [2] إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ): (إبراهيم) هذا: هو ابن موسى بن يزيد بن زاذان الفرَّاء، أبو إسحاق التميميُّ الرازيُّ الحافظ، أحد بحور الحديث، ويُعرَف بالفرَّاء الصغير، وكان أحمد ابن حنبل ينكر على من يقول: الصغير، ويقول: هو كبيرٌ في العِلم، تَقَدَّمَ ببعضِ ترجمةٍ، روى عنه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والباقون بواسطةٍ، وغيرُهم، وقد تَقَدَّمَ [الكلام] على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أنَّ أخذَه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وقال لي إبراهيمُ بن موسى)، وهذا أصرح من الأوَّل، و (هشام) بعده: هو ابن يوسف الصنعانيُّ القاضي، عن ابن جُرَيجٍ به، وتعليق إبراهيم بن موسى أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) به.

قوله: (بِذَلِكِ أَحَدًا): (ذلكِ): هو بكسر الكاف، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

(1/11935)

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فلا).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) مستدركة مصحَّحًا عليها: (لي).

[ج 2 ص 725]

(1/11936)

[باب الوفاء بالنذر ... ]

قوله: (بَابُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (موضع الاستشهاد قولُه: «فيُستَخْرَج به من البخيل»، وإنَّما يُخرِج البخيلُ ما يجب عليه، لا ما هو متبرِّعٌ به، وإلَّا؛ كان جوادًا)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11937)

[حديث: إن النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخر]

6692# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام.

قوله: (أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟): (أوَ): هو بتحريك الواو على الاستفهام، وهو استفهامُ إنكارٍ، و (يُنهَوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ قريبًا أنَّ في ابتداء النذر أربعةَ آراءٍ للشافعيَّة، وقدَّمتُ ما الحكمة في النهي عنه، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ): (يُستَخرَج): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11938)

[حديث: إنه لا يرد شيئًا ولكنه يستخرج به من البخيل]

6693# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظَ عَبْد الغَنيِّ ذكر في ترجمة خلَّاد أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر في مشايخه ابنَ عُيَيْنَة، وأمَّا الذَّهَبيُّ؛ فلم يتعرَّض لذكرهما ولا لأحدهما في مشايخه، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، وقد سمع منه السفيانان.

قوله: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ الشَّافِعيَّ نصَّ على كراهة النذر، وقدَّمتُ للشافعيَّة في ابتداء النذر أربعةَ آراءٍ، وقدَّمتُ ما الحكمة في النهي عنه، والله أعلم.

قوله: (يُسْتَخْرَجُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11939)

[حديث: لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له]

6694# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وتَقَدَّمَ مِرارًا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَيُؤْتِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ): هو بكسر المُثَنَّاة فوق بعد الواو فيهما، مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: يُعطِي ما لم يكن يُعطِي، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11940)

[باب إثم من لا يفي بالنذر]

(1/11941)

[حديث: خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.]

6695# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالجيم، والراء، وأنَّه نصر بن عِمران الضُّبَعيُّ، و (زَهْدَم): بالدال المُهْمَلَة، و (مُضَرِّبٍ): بتشديد الراء المكسورة، اسمُ فاعلٍ، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ أنَّ الأسماء كذا، وأنَّ الكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ الكلام على حُصَين، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي): تَقَدَّمَ الكلام على (القرن) في أوَّل (مناقب الصَّحَابة)، وذكرتُ فيه أقوالًا، وأنَّ قوله: «خيركم قرني»؛ أي: الصَّحَابة، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التابعون، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التابعين، والله أعلم.

[ج 2 ص 725]

قوله: (يَنْذرُونَ): هو بكسر الذال وضمِّها؛ لُغَتَان تقدَّمتا.

قوله: (وَلَا يَفُونَ): وفي نسخة: (يوفون)، و (يَفُون): ثُلاثيٌّ، وهو صحيحٌ، يقال: وفى بعهده يفي، و (أوفى): لغة القرآن، رُباعيٌّ، وهو الأصحُّ، وفي «الصحاح»: وفى بعهده وأوفى بمعنًى.

قوله: (وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ): تَقَدَّمَ الكلام فيه مُطَوَّلًا مع الجمع بينه وبين «خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسأَلَها».

(1/11942)

[باب النذر في الطاعة ... ]

(1/11943)

[حديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه]

6696# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (الْقَاسِم): هو ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، ابن أخي عائشةَ، وهو أحد الفقهاء السبعة.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11944)

[باب: إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانًا في الجاهلية ثم أسلم]

(1/11945)

[حديث ابن عمر: أوف بنذرك]

6697# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ): هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11946)

[باب من مات وعليه نذر]

قوله: (وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً جَعَلَتْ [أُمُّهَا] عَلَى نَفْسِهَا صَلَاةً بِقُبَاءٍ): هذه المرأة لا أعرفها ولا أمَّها، و (قُباء): تَقَدَّمَت مرارًا بِلُغَاتها؛ وهو المدُّ والقصر، والتأنيث والتذكير، والصرف وعدمه.

تنبيهٌ: ما أفتى به ابنُ عمر وابنُ عَبَّاس؛ فاعلم أنَّ مذهبَ الشَّافِعيِّ وجماهيرِ العلماء _كما قاله الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم» _: أنَّه لا يصل ثوابُها إلى الميِّت، إلَّا إذا كان الصوم واجبًا على الميِّت فقضاه وليُّه أو من أَذِن له الوليُّ؛ فإنَّ فيه قولَين للشافعيِّ؛ أشهرهما عنه: أنَّه لا يصحُّ، وأصحُّهما عند محقِّقي متأخِّري أصحابِه: أنَّه يصحُّ، انتهى، واختار العلَّامة تقيُّ الدين السُّبكيُّ عليُّ بن عبد الكافي: أنَّ الوليَّ يُصلِّي عنه، وقد رأيت في كلام بعض الناس: أنَّ ما أفتى به ابنُ عمر وابنُ عَبَّاس لا يُعرَف لهما مخالفٌ من الصحابة، انتهى.

وقد حكى صاحب «الحاوي الكبير» عن عطاء بن أبي رَباح وابنِ راهويه: أنَّهما قالا بجواز الصلاة عن الميِّت، واختاره أبو سعد عبدُ الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن أبي عصرون في «الانتصار»، وقال البغويُّ في «تهذيبه»: لا يبعد أن يُطعَم عن كلِّ صلاة مدٌّ من طعام، قال النَّوَويُّ: وكلُّ هذه المذاهب ضعيفةٌ، انتهى.

ويصحُّ الحجُّ عنه، وفي الاعتكاف قولٌ للشافعيِّ، وأمَّا قراءة القرآن؛ فالمشهور من مذهب الشَّافِعيِّ أنَّه لا يصل ثوابُها إلى الميِّت، وقال بعض أصحابه: يصل، وذهب جماعةٌ من العلماء إلى أنَّه يصل إلى الميِّت ثوابُ جميع العبادات؛ من الصلاة، والصوم، والقراءة، وغير ذلك، وأمَّا الصدقة؛ فتصل بلا خلاف، وكذا حُكِيَ في الدعاء الإجماعُ أنَّه يصل.

تنبيهٌ: ما حكاه الماورديُّ في «الحاوي» عن بعض أصحاب الكلام من أنَّ الميِّتَ لا يلحقه بعدَ موته ثوابٌ؛ فهذا مذهبٌ باطلٌ قطعًا، وخطأٌ بيِّنٌ مخالِفٌ لنصوص الكتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الأمَّة، فلا التفاتَ إليه، ولا تعريجَ عليه، انتهى، والذي يظهر ما قاله جماعةٌ من العلماء: إنَّ ثواب جميع العبادات يصل إلى الميِّت، والله أعلم.

(1/11947)

[حديث: استفتى النبي في نذر كان على أمه]

6698# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّه صحابيَّةٌ، وهي عَمرة بنت مسعود رضي الله عنها، تُوُفِّيَت سنة خمسٍ من الهجرة.

قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً): هذا الكلام مِن كلام مَن؟ لم أرَ فيه كلامًا لأحدٍ، والذي ظهر لي أنَّه من كلام الزُّهْرِيِّ، وإنَّما قلتُ ذلك؛ لأنَّ هذه عادتُه؛ أنَّه يذكر أمثالَ ذلك في الأحاديث، ويفسِّر الحديثَ، ويذكر فيه غيرَ ذلك، وقد قَدَّمْتُ ما إذا قال التابعيُّ: (من السُّنَّة كذا)، أو: (السُّنَّة كذا)، وأنَّ الصحيحَ [أنَّه] موقوفٌ، والذي يظهر لي أنَّه مرسلٌ، مُطَوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11948)

[حديث: فاقض الله فهو أحق بالقضاء]

6699# قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ [1]: إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ): هذا الرجل وأختُه لا أعرفهما، وقال بعض حفَّاظ المصريِّين: هو عقبة بن عامر الجهنيُّ، واسم أخته أمُّ حبَّان، كما تَقَدَّمَ، وهذا بناءً منه على أنَّ الحديثَ مختصرٌ من ذاك؛ وهو: (إنَّ أختي نذرت أن تحجَّ ماشيةً)، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

[ج 2 ص 726]

(1/11949)

[باب النذر فيما لا يملك وفي معصية]

قوله: (بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَفِي مَعْصِيَةٍ)، وفي نسخةٍ: (بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته مختصرًا، ثُمَّ قال: ألغى الشارح _يعني: ابن بَطَّال_ ترجمته ههنا على النذر فيما لا يملك، وقال: لا تدخل في هذا الحديث، وإنَّما يدخل فيها نذرُ المعصية، والصواب مع البُخاريِّ؛ فإنَّه تلقَّى عدمَ لزوم النذر فيما لا يملك من عدم لزومه في المعصية، أو نذره فيما لا يملك نذر المتصرِّف في ملك الغير، وهو معصيةٌ، فمِن ههنا أدخله في الترجمة، والله أعلم، ولهذا لم يقل: باب النذر فيما لا يملك وفي المعصية، ولكن قال: (النذر فيما لا يملك)، ثُمَّ قال: (والنذر في معصية)، اندرج النذر في ملك [1] الغير في النذر في المعصية الذي نفاه على العموم؛ فتأمَّلْه، انتهى.

وقد ذكرت لك أوَّلًا أنَّ في أصلنا: (باب النذر فيما لا يملك وفي معصية)، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ذلك)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 726]

(1/11950)

[حديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه.]

6700# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (الْقَاسِم): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، ابن أخي عائشةَ رضي الله عنها.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11951)

[حديث: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه]

6701# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (حُمَيْد) [1]: هو ابن أبي حُمَيد الطويل.

قوله: (عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ): (نفسَهُ)؛ بالنصب: مفعولُ المصدر؛ وهو (تعذيب)، وهذا الرجل لا أعرفه، وكذا لا أعرف (ابْنَيْهِ)، وليس هو بأبي إسرائيل، ثُمَّ إنِّي رأيتُ بعد ذلك قد قال ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ عن خطِّ الحافظ مغلطاي: إنَّه أبو إسرائيل، عن «مبهمات الخطيب»، قال: ولم نرَه فيها، ثُمَّ ذكر من عند أحمدَ: أنَّ قصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد، والظاهر من حاله ردُّ كلام مغلطاي، وهو مردودٌ بلا شكٍّ، وقد ذكرت ذلك وردَّه فيما مضى، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ): أمَّا (الفزاريُّ)؛ فهو مروان بن معاوية، ترجمته معروفة، كوفيٌّ حافظٌ واسعُ الرواية جدًّا، وهو من شيوخِ شيوخِ البُخاريِّ، أخرج له الجماعةُ، تُوُفِّيَ فجأةً في ذي الحجَّة سنة (193 هـ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد أخرج هذا التعليقَ البُخاريُّ في (الحجِّ) عن مُحَمَّد بن سلَام عن مروان بن معاوية، وأخرجه مسلمٌ في (النذور) عن ابن أبي عمر عن مروان الفزاريِّ، وإنَّما أتى بهذا؛ لأنَّ في رواية الفزاريِّ هذه تصريحَ حُمَيد بالتحديث من ثابت، وحُمَيدُ الطويل مُدَلِّسٌ، والله أعلم.

(1/11952)

[حديث: أن النبي رأى رجلًا يطوف بالكعبة بزمام فقطعه]

6702# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيلُ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

قوله: (رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ): هذا الرجل المَقُود لا أعرفه، وقد رأيت ابنَ شيخِنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه يحتمل أن يفسَّر ببشرٍ أبي خليفة، وعزاه لـ «أُسْد الغابة»، وقد ذكرت ذلك في (الحجِّ)، والقائدُ لا أعرفه أيضًا.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11953)

[حديث: أن النبي مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان]

6703# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف، القاضي الصنعانيُّ، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (بِإِنْسَانٍ يَقُودُ إِنْسَانًا): تَقَدَّمَ أنَّ المَقُود: قال ابن شيخِنا: يحتمل أن يُفَسَّر ببشرٍ أبي خليفة، وتَقَدَّمَ ذلك في (الحجِّ)، وأمَّا قائدُه؛ فتقدم أنِّي لا أعرفه.

[ج 2 ص 726]

(1/11954)

[حديث: مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه]

6704# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ، ابن خالد، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، وأنَّه لا يُعرَف إلَّا في هذا الحديث، وأنَّه ليس في الصَّحَابة من كنيته (أبو إسرائيل) سواه، وأنَّه ليس في الصَّحَابة مَن اسمه قُشَير سواه، وسمَّاه بعضهم قيصرَ، وكذلك ليس في الصَّحَابة مَن اسمه (قيصر) سواه، والله أعلم.

قوله: (قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ): هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ، تَقَدَّمَ: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ [1]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الحديثُ رُوِيَ بوجهين؛ أحدهما: مسندٌ وقد قدَّمه، ومرسلٌ وقد أخَّره، وقد عُمِل في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الهامش بعد عكرمة: (عن ابن عَبَّاس)، وعُمِل عليه علامةُ نسخة، لكن كُتِب في آخرها: (صح)، وفي ذلك نظرٌ، وقد طرَّف المِزِّيُّ المعلَّقَ مرسلًا، وقد أخرج الحديثَ أبو داود في (الأيمان) عن موسى بن إسماعيل بسند البُخاريِّ في هذا الحديث المسنَد، وأخرجه ابن ماجه في (الكفَّارات) عن الحُسين بن مُحَمَّد بن شيبة الواسطيِّ، عن العلاء بن عبد الجبَّار، عن وُهَيب، عن أيُّوب متَّصِلًا به، والله أعلم.

==========

[1] كتب فوقها في (أ): (ضـ).

[ج 2 ص 727]

(1/11955)

[باب: من نذر أن يصوم أيامًا فوافق النحر أو الفطر]

(1/11956)

[حديث ابن عمر سئل عن رجل نذر أن لا يأتي عليه ... ]

6705# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أن (المُقدَّميَّ) بضَمِّ الميم، وفتح الدال المُشَدَّدة، نسبة إلى جدِّه مُقدَّم؛ اسمُ مفعولٍ، و (فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، و (حَكِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ): بفتح الحاء، وكسر الكاف، مكبَّر، و (حُرَّة): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الراء المُشَدَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ): السائل لابن عمر لا أعرفه.

==========

[ج 2 ص 727]

(1/11957)

[حديث: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت]

6706# قوله: (عَنْ يُونُسَ): هذا هو يونس بن عبيد، أحد أئمَّة البصرة، عن الحسن وأبي بردة، وعنه: عبد الوهَّاب الثقفيُّ وابنُ عُلَيَّة، من العلماء العامِلين الأثبات، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ أحمدُ والجماعة، تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: يونس بن عبيد شخصٌ آخَرُ كوفيٌّ، حدَّث عن البراء بن عازب، لا يُدرى مَن هو، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وحديثه: (ذكر راية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّها سوداء مربَّعة من نَمِرَة)، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وحديثُه حسنٌ، تَقَدَّمَ ذكرُه غير هذه المرَّة.

قوله: (فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلَاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ): هذا السائل لابن عمر لا أعرفه، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم) ما في «ثقات ابن حِبَّانَ»؛ فانظره إن أردته، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن: لم يُسَمَّ، وفي «الأوسط» للطبرانيِّ: أنَّ كريمةَ بنتَ سيرين سألَتِ ابنَ عمر عن ذلك.

قوله: (أَوْ أَرْبِعَاءَ): هو مثلَّث المُوَحَّدة، الأفصحُ الكسرُ، ممدودٌ، وكذا (الثَّلَاثَاء): ممدودٌ أيضًا، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا في (الصوم).

==========

[ج 2 ص 727]

(1/11958)

[باب: هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يَدْخُلُ فِي الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ الأَرْضُ وَالْغَنَمُ وَالزَّرعُ [1] وَالأَمْتِعَةُ؟): قال شيخُنا الشارح: وإنَّما أراد البُخاريُّ _والله أعلم_ الردَّ على أبي حنيفة، فإنَّه يقول: إنَّ مَن حلف أو نذر أن يتصدَّق بماله كلِّه؛ فإنَّه لا تقع يمينُه ونذرُه من الأموال إلَّا على ما فيه الزكاة خاصَّةً، وعند مالكٍ ومَن تبعه: تقع يمينه على جميع ما يقع عليه اسمُ مالٍ، قال ابن بَطَّال: وأحاديث هذا الباب تشهد له، وهو الصحيح، انتهى.

قوله: (قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ): تَقَدَّمَ أن هذا المالَ أرضُه، وأنَّ اسمَها ثَمْغُ.

قوله: (حَبَّسْتَ أَصْلَهَا): (حبَّس): بتشديد المُوَحَّدة وتخفيفها، قاله الخَطَّابيُّ، تَقَدَّمَ؛ ومعناه: وَقَفَ.

قوله: (وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، رضي الله عنه.

قوله: (بَيْرحَاء): تَقَدَّمَت اللغات فيها، وأين هي، وأنَّها وَقْفٌ، وتُعرَف بالنوريَّة في شمالي المدينة المشرَّفة، وأنَّها اشترتها امرأةٌ من النوريِّين، ووَقَفَتْها على الفقراء والمساكين.

قوله: (لِحَائِطٍ لَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحائط): البستان، و (مُسْتَقْبِلَة): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (والزُّروع).

[ج 2 ص 727]

(1/11959)

[حديث: كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها ... ]

6707# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الغَيْث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سالم.

قول أبي هريرة: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى [1] خَيْبَرَ): هذا فيه مجازٌ، وهو لم يخرج معهم، وإنَّما جاء إلى المدينة المشرَّفة، فلم يجد النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها، فصلَّى خلف سباع بن عُرفطة، ثُمَّ إلى خيبر بعد القتال قبل القسمة، وقد تَقَدَّمَ مثله في (غزوة خيبر)، وتَقَدَّمَ ما قيل فيه.

قوله: (فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ [لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] غُلَامًا، يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الجملة في (غزوة خيبر)، وأنَّ ما وقع هنا هو الصواب.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في كلام الذَّهَبيِّ في «المشتبه» ما لفظه: وبمعجمةٍ ثُمَّ مُوَحَّدة: ضَبينة؛ بطنٌ من جذام؛ منهم رفاعة بن زيد الضبينيُّ، وقال بعض المحدِّثين: الضُّبَيبي؛ من الضُّبيب من حزام [2]، له صحبةٌ، انتهى، وقد راجعت كلام ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»؛ فوجدته قال: رفاعة بن زيد بن وهب الجذاميُّ الضُّبَيبيُّ، من بني الضُّبَيب، هكذا يقولُ أهل الحديث، وأمَّا أهل النسب؛ فيقولون: الضِّيني، من بني ضِين من جذام، وذكر قصَّة الأسود، وتجاه هذا الاسم في هامش «الاستيعاب» بخطِّ أبي إسحاق بن الأمين ما لفظه: (صوابه: الضَّبِيني، من بني ضَبِينة)، انتهى.

قوله: (إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر)، وهو الذي لا يُدرى مَن رماه.

قوله: (لَتُشْعِلُ [3] عَلَيْهِ نَارًا): (تُشعِل): بضَمِّ أوَّله، وكسر العين، رُباعيٌّ، كذا في أصلنا بالقلم، و (نارًا): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، والفاعل: (هي) عائدٌ على (الشَّمْلَة)، و (أشعل): رُباعيٌّ متعدٍّ، وثلاثيٌّ قاصرٌ، وقال ابن القَطَّاع في «أفعاله»: وأشعلتُ النارَ والحربَ: أوقدتهما، وقال أبو زيد: شعلتُ النارَ وأشعلتها بمعنًى، انتهى، وفي بعض نسخ «البخاريِّ»: (لتَشْتَعِلُ عليه نارًا).

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ): الرجل لا أعرف اسمَه، و (الشِّرَاك): أحد سُيور النعل التي على ظهر القدم.

(1/11960)

((84)) (كِتَابُ الكَفَّاراتِ) ... إلى (كِتَاب الفَرَائِضِ)

فائدةٌ هي تنبيهٌ: ذكر الزمخشريُّ في «تفسيره» في (سورة التحريم) في قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]: إن قلت: هل كفَّر النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لذلك؟ قلت: عن الحسن أنَّه لم يُكَفِّر؛ لأنَّه كان مغفورًا له ما تَقَدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر، وإنَّما هو تعليمٌ للمؤمنين، وعن مقاتل: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أعتق رقبةً في تحريم مَارِيَة، انتهى.

وفي «التِّرْمِذيِّ» في (تفسير التحريم) حديثُ عمر رضي الله عنه، وفيه: (وكان قد أقسم ألَّا يدخلَ على نسائه شهرًا، فعاتبه الله في ذلك، وجعل له كفَّارة اليمين)، وهو حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، كما قاله التِّرْمِذيُّ، والله أعلم.

وقوله في الحديث: (إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِيْنِي [1]) على القول بأنَّه لا يجب عليه كفَّارةٌ: أنَّه كفَّر للتشريع لأمَّته، والله أعلم.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكأنَّه لم يصحَّ ذلك عنهم على شرطه، و (عطاءٌ): هو _فيما يظهر_ ابن أبي رَباح المَكِّيُّ.

قوله: (أَوْ أَوْ): هو بإسكان الواو فيهما، وهذا في غاية الوضوح، كاد أن يكون عند الطلبة بديهيًّا، وهي للتخيير، وقد قَدَّمْتُ متى تُفتَح الواو، ومتى تُسَكَّن.

قوله: (كَعْبًا فِي الْفِدْيَةِ): هو كعب بن عُجرة، وقد تَقَدَّمَ حديثُه غَيْرَ مَرَّةٍ، صَحَابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّه [2] في الصَّحَابة أحدٌ وثلاثون شخصًا يُسمَّى كلٌّ منهم: كعبًا، وفيهم مَن الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ جماعةٌ.

(1/11961)

[حديث: فدية من صيام أو صدقة أو نسك]

6708# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبة إلى جدِّه، و (أَبُو شِهَابٍ) هذا: هو الأصغر، واسمه عبد ربِّه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ أبا شهاب اثنان؛ أحدهما: هذا الأصغر، والآخر: أبو شهاب الأكبر، واسمه موسى بن نافع الهُذَليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، ذكر لهذا البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (كتاب الحجِّ)، وقد قَدَّمْتُ ذلك، ولكن طال العهد به، و (ابْن عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبدُ الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، تَقَدَّمَ ذلك غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (هَوَامُّكَ): أي: قَمْلُك، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 727]

قوله: (وَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَوْنٍ): قائل ذلك هو أبو شهاب عبدُ ربِّه بن نافع، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، (عَنْ أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ؛ يعني: (عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ).

(1/11962)

[باب قوله تعالى: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ... }]

قوله: (بَابٌ [1]: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصوده التنبيهُ على أنَّ الكفَّارة إنَّما تجب بالحنث؛ كما أنَّ كفَّارة الإفطار إنَّما كانت بعد اقتحام الذنب، وأدرجَ في ذلك إيجابَها على الفقير؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلِم فقرَه، ومع ذلك أعطاه ما يكفِّر به؛ كما لو أُعطِيَ الفقيرُ ما يقضي به دَينَه، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قَوْلِهِ)، ثُمَّ زيد في «اليونينيَّة»: (تَعَالَى).

[ج 2 ص 728]

(1/11963)

[حديث: جاء رجل إلى النبي فقال: هلكت]

6709# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، هذا الثاني ليس له شيءٌ عن أبي هريرة عند البُخاريِّ، إنَّما روى [له] مسلمٌ عنه حديثًا واحدًا: «أفضل الصيام بعد رمضان ... »؛ الحديث، وهذا ليس في «البُخاريِّ».

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا الرجل سلمةُ بن صخر البياضيُّ، وفي «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر؛ فانظره في (كتاب الصوم) من هذا التعليق، فإنَّه مطوَّلٌ هناك، وقال بعضهم هنا حين ذكر القولَين اللَّذَين ذكرتُهما، قال: وقيل: سليمان، انتهى، وهذا ما رأيتُه لغيره، إلَّا أنِّي رأيتُ في بعض النسخ الصحيحة من «المصابيح» ذلك، فما أدري؛ أهو سبق قلمٍ من النُّسَّاخ، أو من المؤلِّف؟

قوله: (وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي): امرأة سلمة بن صخر لا أعرف اسمها.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي جاء به هو فروة بن عمرو البياضيُّ، ذكره التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (كتاب الظهار).

قوله: (بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين والراء، وبالقاف، وقد فسَّره هنا بأنَّه (الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ)، و (المِكْتَل): بكسر الميم، وإسكان الكاف، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ لام، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (النواجذ): الأنياب، ويُقال: الأضراس.

قوله: (أَطْعِمْهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيِّ).

[ج 2 ص 728]

(1/11964)

[باب من أعان المعسر في الكفارة]

(1/11965)

[حديث أبي هريرة: جاء رجل إلى رسول الله فقال: هلكت]

6710# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه له مناكير تجنَّبَها أهلُ «الصحيح»، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، وتَقَدَّمَ أعلاه بقيَّة الكلام عليه.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ الرجل الذي جاء بالعَرَق فروةُ بن عمرو البياضيُّ، ذكره التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (كتاب الظهار)، وتَقَدَّمَ الكلام على (العَرَق) أعلاه وقبله، وعلى ضبط (المِكْتَل)، وعلى (اللَّابَتَيْنِ) قبل ذلك، وأنَّ (اللابة): الحَرَّة، و (الحَرَّة): أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ، وعلى (أَطْعِمْهُ): أنَّه بفتح الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ، أعلاه.

(1/11966)

[باب: يعطي في الكفارة عشرة مساكين قريبًا كان أو بعيدًا]

قوله: (بَابٌ: يُعْطِي فِي الْكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب _وهو حديث المجامِع في رمضان_ على عادته، ثُمَّ قال: أعاد الحديثَ في هذه الترجمة، وما فيه إلَّا (أَطْعِمْهُ أهلك)، لكن إذا جاز إعطاءُ الأقرباء؛ فالبُعَداء أجوزُ، وقاس البُخاريُّ كفَّارة اليمين على كفَّارة الإفطار في إجازة الصَّرْف إلى الأقرب، انتهى.

==========

[ج 2 ص 728]

(1/11967)

[حديث: خذه فأطعمه أهلك]

6711# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، وقد تَقَدَّمَ بقيَّة الكلام عليه أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر، و (أُتِيَ النَّبيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ منابَ الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّه فروة بن عمرو البياضيُّ، كما في (ظهار التِّرْمِذيِّ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (العَرَق) أعلاه، وعلى (اللَّابَتَيْنِ)، وعلى (فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ)، وأنَّه بقطع الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ.

==========

[ج 2 ص 728]

(1/11968)

[باب صاع المدينة ومد النبي]

قوله: (بَابُ صَاعِ الْمَدِينَةِ وَمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الصاع): أربعة أمداد، و (المُدُّ): رطلٌ وثلثٌ برطل بغداد عند أهل الحجاز، ورطل بغداد: مئةٌ وثمانيةٌ وعشرون درهمًا وأربعةُ أسباعِ درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، فالصاع على الصحيح عند أهل الحجاز: ستُّ مئة وخمسةٌ وثمانون درهمًا وخمسة أسباع درهم، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في (القرن) على أقوال ذكرتها [1] في أوَّل (مناقب الصَّحَابة رضي الله عنهم).

==========

[1] في (أ): (ذكرها)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 728]

(1/11969)

[حديث: كان ابن عمر يعطي زكاة رمضان بمد النبي]

6713# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ؛ وَهْوَ سَلْمٌ): بفتح السين، وإسكان اللام، وهو ابن قُتَيْبَة، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه ربَّما جاء مُغَفَّل يقوله: سالم.

قوله: (عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ الْمُدِّ الأَوَّلِ): قال شيخُنا: (ووصف ابن عمر «الأوَّل»)، كذا قال، وإنَّما وصفَه نافعٌ، قال شيخُنا: (ليفرِّق بينه وبين مُدِّ هشام بن الحارث الذي أخذ به أهلُ المدينة في كفَّارة الظهار؛ ليُغَلِّظَها على المتظاهرين الذين شهد عليهم أنَّهم [1] يقولون مُنكَرًا من القول وزُورًا، فجعلوها بمُدِّ هشام، وهو أكبر مِن مُدِّه عليه السلام بثلثي مُدٍّ، ولم يكن لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا مدٌّ واحدٌ، وهو الذي نقله أهلُ المدينة وعَمِل به الناس إلى اليوم)، انتهى.

قوله: (قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ): هو سَلْم بن قُتَيْبَة الذي تَقَدَّمَ.

قوله: (تُعْطُونَ): هو بضَمِّ الطاء، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (نُعْطِي): هو بكسر الطاء، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] في (أ): (أنَّه)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 728]

(1/11970)

[باب قول الله تعالى: {أو تحرير رقبة} وأي الرقاب أزكى؟]

(1/11971)

[حديث: من أعتق رقبةً مسلمةً أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار]

6715# قوله: (حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الراء، وفتح الشين المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.

[ج 2 ص 728]

قوله: (عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ (مُطَرِّفًا) بكسر الراء [1] المُشَدَّدة، اسمُ فاعلٍ، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زَين العابدين.

==========

[1] في (أ): (الطاء)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11972)

[باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة وعتق ولد الزنا]

قوله: (بَابُ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَعِتْقِ وَلَدِ الزِّنَى): ذكر ابن المُنَيِّر حديثَ الباب على عادته، وهو حديث بيع المُدَبَّر لنعيم بن [1] النَّحَّام، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة لبيع المُدَبَّر أنَّه باعه، وبيعه يدلُّ على ملكه، فهو كالقِنِّ، وقول طاووس بإجازة أمِّ الولد يوجب إجازَة المكاتب بطريقٍ أَولى، ولا أعلمُ مناسبةً بين عِتْق ولد الزنى وبين ما أدخله في الترجمة، إلَّا أن يكون المخالِفُ في عِتْقه خالفَ في عِتْق ما ذكرته، فاستدلَّ عليه البُخاريُّ بطريق لا قائل بالفضل، أو لأنَّ الذي منع عتق المكاتَب ونحوِه في الكفَّارة بنى على نقص قيمته، فلا يُجزِئ في الكفَّارة؛ كعيب العين، فنقض عليه البُخاريُّ بنقص ولد الزنى في القيمة، ومع ذلك جاز عتقه في الكفَّارة، والله أعلم، انتهى.

وقد نقل شيخُنا: أنَّ عتق ولد الزنى في الرقاب الواجبة أجازه الفقهاء، رُويَ ذلك عن عمر، وعليٍّ، وعائشة، وجماعةٍ من الصَّحَابة، وقال عطاءٌ والشَّعْبيُّ والنَّخَعيُّ: لا يجوز عتقه، وهو قول الأوزاعيِّ، وما رُويَ عن أبي هريرة: أنَّه شرُّ الثلاثة؛ فقد رُوِيَ عن عائشة وابنِ عَبَّاس رضي الله عنهم إنكارُ ذلك، قال ابن المنذر: روينا عن فَضالة بن عبيد وأبي هريرة إجزاءه، وبه قال سعيد بن المُسَيّب، والحسن، وطاووس، وإسحاق، والشَّافِعيُّ، وأحمدُ، وأبو عبيد، وبه نقول؛ لدخوله في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92]، والله أعلم.

تنبيهٌ: جاء في الحديث: أنَّه عليه السلام سُئِل عن عِتْق ولد الزنى، فقال: «لا خيرَ فيه، نعلان أجاهد فيهما في سبيل الله أحبُّ إليَّ من أن أُعتِق ولدَ زنى»، ذكره الإمام أحمد.

(1/11973)

[حديث: أن رجلًا من الأنصار دبر مملوكًا له ... ]

6716# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عَارمٌ، وهو بعيدٌ منها؛ لأنَّ العَارِم: الشِّرير أو الشَّرِس، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، أبو مُحَمَّد، مولى قريش، لا عَمرو بن دينار قهرمان آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، وهو ضعيفٌ، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا): هذا الرجل الأنصاريُّ تَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم» أنَّه يُقال له: أبو مذكور، و (المملوك) يقال له: يعقوب، وهو قِبطيٌّ، كما سيأتي في هذا الحديث، رضي الله عنهما، تُوُفِّيَ يعقوبُ أيَّام ابن الزُّبَير.

قوله: (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على نُعَيم هذا، وأنَّه هو النَّحَّام، لا أبوه، وما ذكرتُه هو الصواب، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ في ترجمته.

==========

[ج 2 ص 729]

(1/11974)

[باب: إذا أعتق في الكفارة لمن يكون ولاؤه؟]

قوله: (بابٌ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وبَيْنَ آخَرَ [1] فِي الْكَفَّارَةِ؛ لِمَنْ يَكُونُ وَلَاؤُهُ؟): ساق ابن المُنَيِّرحديثَ الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على العبد المشترَك يُعتِقُه أحدهما، وحديث بريرة لا اشتراك فيه، لكنَّهم لمَّا اشترطوا الولاءَ وكانت الرقبةُ لعائشة؛ صار الحقُّ في الأَمَة مدخولًا فيه على الاشتراك، فأسقط الشرع حقَّ الولاء عن غير المعتِق، وخصَّ به المعتِق، فكذلك أحدُ الشريكين إذا أعتق نصيبَه [2] وكان موسرًا، ويجزئه في الكفَّارة عند مالك رحمه الله تعالى، انتهى.

قوله: (إِذَا أُعْتِقَ [3] فِي الْكَفَّارَةِ): (أُعتِق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي، وزيد فيها: (باب: إذا أعتق)، ورواية «اليونينيَّة» الشطر الثاني من الترجمة فقط.

[2] في (أ): (يريد)، وفي هامشها: (لعله: نصيبه).

[3] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَعْتَقَ).

[ج 2 ص 729]

(1/11975)

[حديث: اشتريها إنما الولاء لمن أعتق]

6717# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، وقد سبق التنبيهُ فيه على وَهَمٍ وَهِم فيه البُخاريُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (فَاشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا [1]): أي: اشترط أهلُها، وقد تَقَدَّمَ مَن أهلُها.

==========

[1] كذا في (أ)، وهو بنحو رواية الحديث (2578)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَيْهَا الْوَلَاءَ).

[ج 2 ص 729]

(1/11976)

[باب الاستثناء في الأيمان]

قوله: (بَابُ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الأَيْمَانِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على الاستثناء في اليمين، وليس في حديث أبي موسى إلَّا قولُه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «وإنِّي إن شاء الله»، وهذه ليست بيمينٍ، وأمَّا حديث سليمان؛ ففيه: «لأطوفنَّ»، وهذا لم يكن فيه يمينٌ، لكنَّ فيه ما يتعيَّن أن يكون جوابَ قَسَمٍ، وكأنَّ البُخاريَّ يقول: إذا استُثنِيَ من الأخبار؛ فكيف لا يُستَثْنَى من الأخبار المؤكَّدة بالقسم؟! وهو أحوج للتفويض إلى المشيئة؛ لأنَّه أدخلُ في التألِّي على الله بالغيب المستقبل، والله أعلم، وفي حديث سليمان لطيفةٌ تدلُّ على أنَّ الفصل اليسير بين اليمين والاستثناء لا يضرُّ؛ لأنَّه قال: «فقال له المَلَك: قل: إن شاء الله، فنَسِيَ»، فمقتضى هذا أنَّه لو قالها؛ لاعتُبِر استثناؤه، وذلك مع الفصل بقول المَلَك بين اليمين والاستثناء، لكنَّ المذهبَ الصحيحَ عند العلماء: اشتراطُ الاتِّصال في الاستثناء، فيُحمَل على أنَّ المَلَك قال له ذلك خلال يمينه [بحيث] لو لم ينسَ؛ لكان الاستثناء متَّصلًا، ففيه دليلٌ على أنَّ حدوثَ نيَّة الاستثناء خلال اليمين كافٍ، وهو الصحيح عند مالكٍ؛ لأنَّا لا نعتبر مقارنة النيَّة لأوَّل اليمين، بل لو حدثت متَّصلة بآخِرِ جزء؛ جاز واعتُبِر، والله أعلم، انتهى.

فقول ابن المُنَيِّر هذا الإمامِ في حديث أبي موسى: (وليس فيه إلَّا قولُه: «وإنِّي إن شاء الله»)، وكأنَّه وقع في نسخته كذلك، وأمَّا في أصل سماعنا على العِرَاقيِّ وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: «وإنِّي والله إن شاء الله»، وأيضًا جاء في غير هذه الطريق، وهو في «مسلم» أيضًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 729]

(1/11977)

[حديث: والله لا أحملكم ما عندي ما أحملكم]

6718# قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ [1]: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو حَمَّاد بن زيد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوْسَى): تَقَدَّمَ أنَّه الحارث أو عامر القاضي، و (أَبُو مْوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط) وعلى (النَّفَر)، وكذا تَقَدَّمَ على (أَسْتَحْمِلُهُ).

قوله: (فَأُتِيَ بِإِبِلٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (بشائل) عوض (بإبل)، و (الشائل)؛ بالشين المُعْجَمَة: قال ابن قُرقُول: وهي ناقةٌ ارتفع لبنُها، وقد يُوصَف بذلك الجماعةُ منها، والمسموع: «شوائل» في الجمع ... إلى آخر كلامه، وفي «الصحاح»: والشَّوْل أيضًا: النوق التي خفَّ لبنها، وارتفع ضرعها، وأتى عليها من نتاجها سبعةُ أشهرٍ أو ثمانية، الواحدة: شائلة، وهو جمعٌ على غير قياسٍ، تقول منه: شوَّلت الناقةُ؛ بالتشديد؛ أي: صارت شائلة، وأنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وأمَّا الشائل؛ بلا هاء؛ فهي الناقة التي تشول بذنبها للِّقاح، ولا لبنَ لها أصلًا، والجمع: شُوَّل؛ مثل: رَاكع ورُكَّعٍ.

[ج 2 ص 729]

قوله: (بِثَلَاثَةِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود) في الإبل.

6719# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ عَارم، و (حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وقد تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (حَمَّادًا) إذا أُطلِق؛ فإن كان الراويَ عنه مُحَمَّد بن الفضل عَارم أو سليمان بن حرب؛ فهو ابن زيد، وإن كان الذي أطلقه _وهو الراوي عنه_ موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانُ أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابن سلمة لم يروِ له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما أخرج له مسلمٌ والأربعة، والله أعلم.

ويعني البخاريُّ بالسند الذي ساقه _وهو حَمَّاد_: عن غيلان بن جَرِير، عن أبي بردة، عن أبي موسى، وهذا ظاهِرٌ، وقد اختصره.

(1/11978)

[حديث: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركًا في حاجته]

6720# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (هِشَام بْن حُجَيْرٍ): هو مثل تصغير (حَجَرٍ)؛ بتقديم الحاء على الجيم، وترجمة هشامٍ معروفةٌ، وله ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام [1]: لأَطُوفَنَّ ... )؛ الحديث: هذا موقوفٌ على أبي هريرة لفظًا، مَرْفُوعٌ معنًى، وقد تَقَدَّمَ مرفوعًا لفظًا، وقد رفع بعضَه هنا في قوله: (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ، قَالَ: «لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ ... »، وَقَالَ مَرَّةً: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوِ اسْتَثْنَى»).

قوله: (عَلَى تِسْعِينَ): تَقَدَّمَ الكلام على روايات هذا الحديث، وأنَّه لا تنافيَ بينها وبين (المئة) في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163]) وغيرِه، وقد ذكرت هناك كَم كان لسليمان عليه السلام من زوجةٍ وسرِّيَّة، وكم كان في ظهره ماءُ رَجُلٍ، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ، قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي: الْمَلَكَ): تَقَدَّمَ الخلاف في صاحبه في الباب المذكور أعلاه، وأنَّ الصحيح: أنَّه المَلَك؛ لأنَّه جاء في رواية في «الصحيح»: (فقال له المَلَك).

قوله: (فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ إِلَّا وَاحِدَةٌ): (واحدةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، كذا في أصلنا، وعليه (صح).

قوله: (بِشِقِّ غُلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا يُقال: إنَّه المذكورُ في قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34].

قوله: (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ قولَه: (يرويه)، أو: (يبلغ به)، أو: (رواية)، أو: (ينميه)، أو: (يرفعه)؛ كلُّه مَرْفُوعٌ.

قوله: في (دَرَكًا لِحَاجَتِهِ [2]): قال ابن قُرقُول: الدَّرَك؛ بالفتح في الراء والدال: اسمٌ من الإدراك؛ كاللَّحَق من اللَّحَاق، وقد ضبطه بعضهم في الحديثَين _يعني: في «دَرَك الشقاء»، وهذا الحديث_ بالإسكان، والأشهرُ ههنا الفتحُ ... إلى آخر كلامه، وقد قدَّمتُه غيرَ هذه المرَّة.

(1/11979)

قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ): قائل (وحدَّثنا أبو الزناد): هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (أبو الزِّناد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] (بْن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي ثابتة في رواية الحديث (2819) بنحوها.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (في حاجته)، وفي رواية أبي ذرٍّ: (له في حاجته).

[ج 2 ص 730]

(1/11980)

[باب الكفارة قبل الحنث وبعده]

قوله: (بَابُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا على عادته، وهو حديث أبي موسى: «إنِّي والله إن شاء الله لا أحلف على يمين، فأرى غيرَها خيرًا منها؛ إلَّا أتيتُ الذي هو خيرٌ، وتحلَّلْتُها»، والحديث الآخر حديثُ عبد الرَّحْمَن بن سَمُرة: «وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرَها خيرًا منها؛ فائتِ الذي هو خيرٌ، وكفِّر عن يمينك»، قال: إن قيل: ترجم على التكفير قبلُ وبعدُ، وساق الحديثَ المجمَل في الترتيب؛ لأنَّ الواو لا تدلُّ إلَّا على الجمع المطلق؟ فالجواب: أنَّه لو كان الترتيبُ بينهما شرعيًّا بحيث لا تُشرَع الكفَّارة إلَّا بعد الحِنْث؛ لنبَّه الشرعُ عليه، فلمَّا لم يلتفت إلى ذلك؛ فُهِمَ التساوي فيه، انتهى.

(1/11981)

[حديث: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم .. ]

6721# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ): هو بضَمِّ الحاء، وإسكان الجيم، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيم): هو ابن عُلَيَّة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (الْقَاسِم التَّمِيمِيُّ): هو القاسم بن عاصم التميميُّ، ويُقال: الكُلَيبيُّ، ستأتي ترجمته قريبًا، وتقدَّمت، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فَقُدِّمَ طَعَامٌ): (قُدِّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مشدَّد الدال، و (طعامٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا قوله: (وَقُدِّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ): مَبْنيٌّ أيضًا، مشدَّد الدال، و (لحمُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ؛ كَأَنَّهُ مَوْلًى): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه، وسيجيء كلامُ ابنِ شيخِنا البُلْقينيِّ: أنَّ زَهدمًا جرت له هذه القضيَّة، وليس المرادَ، بل شخصٌ آخَرُ من بني تيم، والاثنان جرت لهما القصَّة مع أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه.

قوله: (قَذِرْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الماضيَ بكسر الذال المُعْجَمَة، وأنَّ المستقبل بفتح الذال المُعْجَمَة.

قوله: (أُخْبِرْكَ): هو مجزومٌ جوابُ الأمر، وهو (ادْنُ)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ ما (الرَّهْط).

قوله: (قَالَ أَيُّوبُ): هو أيُّوب المذكورُ في السند، أيُّوب بن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح النون، ولا أحفظ غيرَه، وما تَقَدَّمَ في أصلنا من أنَّه بفتح النون وكسرها؛ فلا أعرف الكسرَ، وقد قَدَّمْتُ ذلك قريبًا مُطَوَّلًا، وكلام أهل اللغة الذي وقفتُ على كلامهم، وأنَّ الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ في «شرح مسلم» ضبطه بالفتح ليس إلَّا، كما أحفظه.

قوله: (بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ ما (الذَّود) في الإبل، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (غُرِّ الذُّرَى)؛ أي: بيضِ الأعالي والأسْنِمَة.

قوله: (فَلْنُذَكِّرْهُ): هو بإسكان اللام مجزومٌ، وهذا ظاهِرٌ، وبه مضبوطٌ في أصلنا.

(1/11982)

قوله: (تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على إسماعيل بن إبراهيم؛ وهو ابن عُلَيَّة، ومتابعة حَمَّاد بن زيد أخرجها البُخاريُّ في (التوحيد) عن عبد الله بن عبد الوهَّاب عن حَمَّاد بن زيد به، وأخرجها مسلمٌ في (الأيمان والنذور) عن أبي الربيع الزَّهرانيُّ عن حَمَّاد بن زيد به، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أبو قِلَابَة): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر القاف [1]، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (القاسم بن عاصم الكُلَيبيُّ): هو القاسم بن عاصم البصريُّ، عن رافع بن خديج، وزَهدم الجَرْميِّ، وسعيد بن المُسَيّب، وعنه: أيُّوب، وحُمَيد، وخالد الحَذَّاء، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ.

وقوله: (الكُلَيبي): هو بضَمِّ الكاف، وفتح اللام، نسبة إلى كُلَيب بن يَربوع، من بني تميم، قاله أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، وفي «المطالع»: (القاسم بن عاصم الكلبيُّ)، كذا لابن السكن والقابسيِّ وعُبدوس، وعند الأصيليِّ والنَّسَفيِّ: (الكُلَيبيُّ)؛ مُصَغَّرًا، انتهى، وقد تَقَدَّمَ بزيادة من كلام الغسَّانيِّ ذكرتُها فيما مضى؛ فانظرها، والله أعلم.

[ج 2 ص 730]

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفيُّ، و (أَيُّوب): هو السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (القَاسِم): هو ابن عاصم الكُلَيبيُّ، و (زَهْدَمٍ)؛ كلُّهم تقدَّموا قريبًا جدًّا.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَيُّوبُ)، و (القَاسِم)، و (زَهْدَم).

==========

[1] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11983)

[حديث: لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة ... ]

6722# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ): نظرت ترجمةَ عثمانَ بنِ عمر بن فارس في «الكمال» و «التذهيب»؛ فرأيتهما لم يذكرا فيها أنَّه روى عنه مَن اسمه مُحَمَّد بن عبد الله سوى المُخَرِّميِّ؛ وهو مُحَمَّد بن عبد الله بن المبارك، أبو جعفر المُخَرِّميُّ، و (المُخَرِّم)؛ بضَمِّ الميم، وفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة: محلَّة ببغداد، وقد قَدَّمْتُ ضبطَها، وهذا الرجل قَدَّمْتُ بعضَ ترجمته، وهو حافظٌ قاضي حُلوان، عن يحيى القَطَّان، وأبي معاوية، والناسِ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن خزيمة، والمحامليُّ، وخلقٌ من أئمَّة الأثر، مات سنة (254 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة السِّتَّة مَن أخذ عنه منهم، وَثَّقَهُ جماعةٌ، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ»، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريِّ يَسارٍ.

قوله: (إِنْ أُعْطِيتَهَا): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وكذا (أُعِنْتَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ والثلاثة بفتح تاء الخطاب فيها.

قوله: (تَابَعَهُ أَشْهَلُ بنُ حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ): الضمير في (تابعه) يعود على عثمان بن عمر بن فارس، و (ابن عون): تَقَدَّمَ أعلاه، و (أشهل): بالشين المُعْجَمَة، يروي عن ابن عون وكَهْمَس، روى عنه: ابن مثنًّى والذهليُّ، قال أبو زرعة وغيرُه: ليس بقويٍّ، تُوُفِّيَ سنة (308 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، وحسَّن له التِّرْمِذيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة أشهل لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، ولا أخرجها شيخُنا، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ: هي في «صحيح أبي عوانة»، انتهى.

(1/11984)

قوله: (وَتَابَعَهُ يُونُسُ، وَسِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَحُمَيْدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ، وَالرَّبِيعُ): الضمير في (تابعه) يعود على ابن عون؛ وهو عبد الله، وهؤلاء كلُّهم روَوه عن الحسن بن أبي الحسن البصريِّ، واسم أبي الحسن يسارٌ، أمَّا (يونس)؛ فهو ابن عبيد، أحد أئمَّة البصرة، أخرج له الجماعة، ومتابعته أخرجها البُخاريُّ في (الأحكام) عن أبي مَعْمَر عن عبد الوارث عن يونس، وأخرجها مسلمٌ في (الأيمان والنذور) عن عليِّ بن حُجر عن هُشَيم عن يونس، وعن أبي كامل الجحدريِّ، عن حَمَّاد بن زيد، عن سِماك بن عَطيَّة ويونس بن عبيد وهشام بن حسَّان، في آخرين، وعن يحيى بن يحيى عن خالد بن عبد الله عن يونس به، وأخرجها أبو داود في (الخراج) عن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح البزَّاز الدولابيِّ، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور بقصَّة الإمارة، وأخرجها النَّسائيُّ بقصَّة الإمارة في (القضاء) وفي (السير) عن مجاهد بن موسى، عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن يونس به، وعن زياد بن أيُّوب، عن هُشَيم، عن منصور بن زاذان ويونس به.

و (سِمَاك بن عَطيَّة): ثقةٌ قديمٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، ومتابعة سِمَاك بن عَطيَّة أخرجها مسلمٌ عن أبي كامل الجحدريِّ، عن حَمَّاد بن زيد، عن سِمَاك بن عَطيَّة ويونس بن عبيد وهشام بن حسَّان، في آخرين.

و (سِمَاك بن حرب): هو الذهليُّ، أبو المغيرة، أحد علماء الكوفة، ثقةٌ ساء حفظه، وكان شعبة يضعِّفُه، وضعَّفَه أيضًا عدَّةٌ، له ترجمةٌ في «الميزان»، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعةُ، ومتابعة سماك بن حرب لا أعلم مَن خرَّجها من أصحاب الكُتُب السِّتَّة، ولا خرَّجها شيخُنا، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ في هذه المتابعة: هي في «الطَّبَرانيِّ الكبير»، انتهى.

و (حُمَيد): هو الطويل، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، ومتابعة حُمَيد أخرجها مسلمٌ عن عليِّ بن حُجر، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور وحُمَيد به.

و (قتادة): ثقةٌ مشهورٌ، ومتابعته أخرجها مسلمٌ عن عقبة بن مكرَّم، عن سعيد بن عامر، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن به، وأخرجها أبو داود في (الخراج) عن يحيى بن خلف، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن.

(1/11985)

و (منصور) هذا: هو ابن زاذان الواسطيُّ، أبو المغيرة، ثقةٌ عابدٌ، كبيرُ الشأن، سريعُ القراءة جدًّا، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، قال أبو نُعَيم في «الحِلْيَة»: كان يصلِّي في ركعتين بين المغرب والعشاء يقرأ فيهما القرآنَ مرَّتين، ويقرأ في الثالثة إلى الطواسين، ومتابعته أخرجها مسلمٌ عن عليِّ بن حُجر، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور وحُمَيد به، وأخرجها أبو داود في (الخراج) عن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح البزَّاز الدولابيِّ، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور بقصَّة الإمارة، وأخرجها النَّسائيُّ عن زياد بن أيُّوب، عن هُشَيم، عن منصور بن زاذان ويونس به.

و (هشام): هو ابن حسَّان الأزديُّ مولاهم، الحافظ، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، ومتابعة هشام بن حسَّان أخرجها مسلمٌ عن أبي كامل الجحدريِّ، عن حَمَّاد بن زيد، عن سِمَاك بن عَطيَّة ويونس بن عبيد وهشام بن حسَّان _في آخرين_ عن الحسن به.

و (الرَّبيع): هو ابن صَبِيح، وكذا وقع منسوبًا في نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وهو بفتح الراء، و (صَبِيح): بفتح الصاد، وكسر المُوَحَّدة، السعديُّ، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، صدوقٌ غزَّاءٌ عابدٌ، قال أبو زرعة: صدوقٌ، وضعَّفه النَّسائيُّ، تُوُفِّيَ سنة (160 هـ) بالسِّنْدِ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة الرَّبيع لا أعلمُ مَن خرَّجها مِن أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: وصلها أبو عوانة في «صحيحه»، انتهى.

==========

[ج 2 ص 731]

(1/11986)

((85)) (كِتَابُ الفَرَائِضِ) [1] ... إلى (كِتَاب الحُدُودِ)

(1/11987)

[حديث: مرضت فعادني رسول الله وأبو بكر وهما ماشيان]

6723# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، أحد الأعلام.

قوله: (فَصَبَّ عَلَيَّ وَضُوءَهُ): هو بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (فَنَزَلَتْ [1] آيَةُ الْمَوَارِيثِ): إن قيل: أيُّ آيةٍ نزلت في جابر؟ فالجواب على ما فيه ممَّا سيأتي: أنَّ البُخاريَّ ذكر في (سورة النساء): {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]، وقد سبق أنَّ الحافظَ شرفَ الدين أبا مُحَمَّد عبدَ المؤمن بنَ خلف الدِّمْيَاطيَّ شيخَ شيوخِنا قال: إنَّ ذلك وَهَمٌ من ابن جُرَيجٍ، والتي [2] نزلت في جابر الآيةُ الأخيرة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة} [النساء: 176]، كذلك رواه شعبةُ والثَّوريُّ وابن عُيَيْنَة عن مُحَمَّد بن المنكدر ... إلى آخر كلامه، وهو كلامٌ حسنٌ ذكرتُه حيث ذكره في (سورة النساء)؛ فانظره من هناك، وذكرت هناك تعقُّبًا في بعض كلام الدِّمْيَاطيِّ.

(1/11988)

[باب تعليم الفرائض]

قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ): هذا هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو الجهنيُّ، كان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، مشهورٌ نبيلٌ، أميرٌ شريفٌ، فصيحٌ فَرَضِيٌّ شاعرٌ، وُلِّيَ غزوَ البحر، تُوُفِّيَ سنة (58 هـ) بمصر، أخرج له الجماعةُ وأحمد في «المسند»، وقد زرتُ قبرَه بالقرافة، رضي الله عنه.

قوله: (قَبْلَ الظَّانِّينَ): هو بتشديد النون، جمع (ظانٍّ)؛ وهو الذي يتكلَّم بالظنِّ.

(1/11989)

[حديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا]

6724# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى نسبته هذه، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنه ابن خالد، و (ابْن طَاوُوسٍ): هو عبد الله، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ): (الظَّنَّ): مَنْصُوبٌ على الإغراء؛ أي: احذروا.

قوله: (فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ): (الظنُّ): الشكُّ، ويأتي بمعنى: الشكِّ، والتُّهَمةِ، واعتقادِ ما لا تحقيقَ له، ومنه هذا الحديث، والاسم منه: الظِّنَّة، و (الظَّنَّ) قد جاء بمعنى: العِلْم، وهو من الأضداد، وقد تَقَدَّمَ معنى الحديث.

قوله: (وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا): الأُولى بالحاء، والثانية بالجيم، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وكذا (تَدَابَرُوا)، و (التدابر): المعاداة.

==========

[ج 2 ص 731]

(1/11990)

[باب قول النبي: «لا نورث ما تركنا صدقة»]

قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ (صَدَقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، خلافًا للإماميَّة، في (فرض الخمس).

(1/11991)

[حديث: لا نورث ما تركنا صدقة ... ]

6725# 6726# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ لم قيل له: المسنَديُّ في أوائل هذا التعليق، و (هِشَامٌ): هذا هو ابن يوسف، القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، مرارًا، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (مِنْ فَدَكٍَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وبُعدُها من المدينة، وأنَّ فيها الصرفَ وعدمَه، وأنَّها بفتح الفاء والدال المُهْمَلَة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ)؛ أي: انقبضت عن لقائه، وأنَّ هذا ليس بحَرَامٍ، ذاك أن يلتقيا [1] فيصدَّان أو يصُدُّ أحدُهما، وأيُّهما صدَّ؛ كان مرتكبًا المحذورَ، وكذا تَقَدَّمَ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ)؛ أي: في هذه المسألة، وتَقَدَّمَ الاختلاف في تاريخ وفاتها [2]، وذكرت فيها أقوالًا أصحُّها أنَّه عاشت بعد أبيها عليهما السلام ستَّة أشهرٍ.

[ج 2 ص 731]

==========

[1] في (أ): (يلقيا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] في (أ): (وفتها)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11992)

[حديث عائشة: لا نورث ما تركنا صدقة]

6727# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبانًا) الصحيحُ صرفُه مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، و (ابْنُ الْمُبَارَكِ): هو عبد الله، شيخ خراسان، و (يُونُس): هو ابن يزيد [1]، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّه مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، وتَقَدَّمَ كلام الإماميَّة في (فرض الخمس) والردُّ عليهم.

(1/11993)

[حديث مالك بن أوس: انطلقت حتى أدخل على عمر فأتاه حاجبه ... ]

6728# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأن الصحيحَ أنَّه تابعيٌّ، وإذا كان كذلك؛ فقد قال ابن عَبْدِ البَرِّ: إنَّه سَمِع العشرةَ، ولم يذكر قيسَ بن أبي حازم، وقد تَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، و (الحَدَثان): بفتح الحاء والدال المُهْمَلَتين، وبالثاء المُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (فَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه وضبطُه، وأن الصحيحَ المشهورَ أنَّه غيرُ مهموزٍ، ومنهم مَن همزه.

قوله: (وَسَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص، أحد العشرة.

قوله: (أَنْشُدُكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكم.

قوله: (صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، خلافًا للإماميَّة، وتَقَدَّمَ ردُّه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْطِ)، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ) ما معناه، وتَقَدَّمَ الكلام على (وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا) و (الاستئثار): الانفراد.

(1/11994)

[حديث: لا يقتسم ورثتي دينارًا]

6729# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَاد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَمُؤْنَةِ عَامِلِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه، فقيل: الخليفة بعده، ويُقال: جابي الصدقات، وقيل: حافر قبره، واستُبعِد؛ لأنَّهم كانوا لا يحفرون بالأجرة.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11995)

[حديث: لا نورث ما تركنا صدقة]

6730# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أزواجُه تَقَدَّمَ أنَّهنَّ تسعٌ مشهوراتٌ، وقد قدَّمتُهنَّ _قبل ذلك_ اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ عليه السلام.

قوله: (تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (تُوُفِّيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، وتَقَدَّمَ كلام الإماميَّة فيه وردُّه.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11996)

[باب قول النبي: «من ترك مالًا فلأهله»]

(1/11997)

[حديث: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم.]

6731# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبٌ لعبد الله، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسُ) هو ابن يزيد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11998)

[باب ميراث الولد من أبيه وأمه]

قوله: (بَابُ مِيرَاثِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ): (أَبيه): بفتح الهمزة، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت، وهذا يُعرَف من قوله: (الولد)، ومن قوله: (وأمِّه).

قوله: (وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ): سيأتي قريبًا ببعض ترجمةٍ في الصفحة التي بعد هذه؛ فانظره، رضي الله عنه، وقد تَقَدَّمَ أيضًا.

قوله: (بُدِئَ بِمَنْ شَرِكَهُمْ): (بُدِئَ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وكسر الدال، ثُمَّ همزة مفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شَرِكَهم): بكسر الراء.

قوله: (فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ): (يُؤتَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي نسخة: (فيُعْطَى)؛ مَبْنيٌّ أيضًا، و (فريضتَه)؛ بالنصب: مفعولٌ ثانٍ.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11999)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر]

6732# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] خالد، و (ابْنُ طَاوُوس): عبد الله، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا): (ألحِقوا): بقطع الهمزة، وكسر الحاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَلِأَوْلَى [1]): أي: فَلِأَقْرَب.

قوله: (رَجُلٍ ذَكَرٍ): قال ابن قُرقُول: (فلِأَولى رجلٍ ذَكَرٍ) و (فابن لبون ذَكَرٍ): على التأكيد، وقيل: احترازًا من الخنثى، وقيل: تنبيهًا على نقص الذُّكوريَّة في الزكاة مع ارتفاع السِّنِّ، وعلى معنى اختصاص الرجال بالتعصيب بالذُّكوريَّة التي لها القيام على الإناث، وقيل: في الزكاة؛ لأنَّ «الولد» يقع على الذَّكَر والأنثى، ثُمَّ قد يُوضَع «الابن» موضعَ «الولد»، فعُبِّر به عن الذكر والأنثى، فعيَّنه بـ (ذَكَرًا)؛ ليزول الالتباس، وقيل: لأنَّ «ابن» يقال لذَكَرِ بعض الحيوانات وأنثاه؛ كابن آوى، وابن قِتْرَة، وابن عِرس، فرفع الإشكال بذكر الذُّكوريَّة، انتهى، وقد قَدَّمْتُ هذا في (الزكاة)، ولكن طال العهد به.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فَهُوَ لِأَوْلَى).

[ج 2 ص 732]

(1/12000)

[باب ميراث البنات]

(1/12001)

[حديث: الثلث كبير إنك إن تركت ولدك أغنياء خير من ... ]

6733# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وهو أوَّل شيخٍ روى البُخاريُّ عنه في هذا الكتاب، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (مَرِضْتُ بِمَكَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّه مَرِض في حَجَّة الوداع، كما هو مصرَّح به.

قوله: (وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَتِي [1]): تَقَدَّمَ أن هذه البنتَ اسمُها عائشةُ، وأنَّها تابعيَّةٌ لها رؤيةٌ، وتَقَدَّمَ ما قاله بعضُ حفَّاظ [مصر] من العصريِّين: أنَّ الصوابَ أنَّها أمُّ الحكم الكبرى، وتَقَدَّمَ أن شرطَ اللُّقيِّ في الصحبة التمييزُ مع اللُّقِيِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ سعدًا جاءه عدَّة أولاد بعد ذلك؛ بضعٌ وثلاثون بين ذَكَر وأنثى، ذكرتهم في أوائل (البيع) من هذا التعليق.

قوله: (كَثِيْر): هو بالثاء المُثَلَّثَة في أصلنا هنا.

[ج 2 ص 732]

قوله: (عَالَةً): تَقَدَّمَ ذكره، وأنَّهم الفقراء، وتَقَدَّمَ أنَّه بتخفيف اللام، وتَقَدَّمَ (يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ): أنَّ معناه: يأخذون الصدقات في أكُفِّهم.

قوله: (آأُخَلَّفُ [2]؟): هو بمدِّ الهمزة على الاستفهام.

قوله: (ولَعَلَّ [3] أَنْ تُخَلَّفَ): تَقَدَّمَ أنَّه كان ما ترجَّاه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وخمسين من الهجرة، وقيل غيرُ ذلك، والقصَّة جرت في حَجَّة الوداع، فبينهما خمسٌ وأربعون سنةً.

قوله: (حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)، وعلى قوله: (لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ)، وأنَّه من كلام الزُّهْرِيِّ، وقيل: غيره؛ وهو سعدٌ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ)، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ، والخلاف في ذلك.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَسَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّمَ ما في هذه المسألة من الخلاف، و (سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة المذكورُ في السند.

==========

(1/12002)

[1] في هامش (ق): (هذه الابنة اسمها عائشة، ذكرها غير واحد من الحفَّاظ، ولم يكن له إذ ذاك غيرها، ثُمَّ جاءه أولادٌ سواها، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: هي أمُّ الحكم الكبرى، وليست بعائشة، عائشة بقيت حتَّى أدركها مالكٌ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَأُخَلَّف).

[3] كذا في هامش (أ) و «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وفي (أ) من نسخة و (ق): (ولعلَّك)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

(1/12003)

[حديث: أتانا معاذ بن جبل باليمن معلمًا وأميرًا]

6734# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (أَبُو النَّضْرِ): هو بالضاد المُعْجَمَة، وهو هاشم بن القاسم، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحْو، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ هذا قاله ابن الأثير في «لُبابه»، وأنَّ ابنَ أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى، و (أَشْعَث)؛ بالثاء المُثَلَّثَة: هو ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (الأَسْوَد بْن يَزِيدَ): هو النَّخَعيُّ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفوقها فيهما ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثني).

[ج 2 ص 733]

(1/12004)

[باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن]

قوله: (وَقَالَ زَيْدٌ): هو زيد بن ثابت بن الضَّحَّاك بن زيد بن لوذان النَّجَّاريُّ _بالنون والجيم_ المالكيُّ، كاتب الوحي، استُصغِر يوم بدر، وقيل: إنَّه شهد أحدًا، وقد شهد الخندق، ورُويَ: أنَّ رايةَ بني مالك بن النَّجَّار كانت يومَ تبوك مع عمارة بن حزم، فدفعها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى زيد، وقال: «هو أكثر أخذًا للقرآن منك»، وكان أفرضَ الأمَّة، واستخلفه عمرُ وعثمانُ رضي الله عنهما على المدينة، ووُلِّيَ بيتَ المال لعثمان، وكان من أفكه شيءٍ إذا خلا مع أهله رضي الله عنه، أخرج له الجماعةُ وأحمدُ في «المسند»، تُوُفِّيَ سنة (45 هـ)، وقيل: سنة (48 هـ)، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ): هما بفتح أوَّلهما، وضمِّ ثالثهما، مَبْنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12005)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر]

6735# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو الفراهيديُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وأنَّها نسبة إلى جدِّه فُرهود، والنسبةُ إليه: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (ابْن طَاوُوس): عبد الله، تقدَّموا.

قوله: (أَلْحِقُوا): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الحاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ قريبًا الكلامُ على (لِأَوْلَى) وعلى (رَجُلٍ ذَكَرٍ).

(1/12006)

[باب ميراث ابنة ابن مع ابنة]

(1/12007)

[حديث: للابنة النصف ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين]

6736# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ: سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو قيس: عبد الرَّحْمَن بن ثروان الأوديُّ الكوفيُّ، مات سنة عشرين ومئة، انفرد به وبهُزَيل البُخاريُّ)، انتهى؛ يعني: عن مسلم، و (أبو قيس): عبد الرَّحْمَن بن ثروان، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، قال ابن معين: ثقة، وقال أحمد العِجْليُّ: ثقةٌ ثبتٌ، وقال أبو حاتم: ليس بقويٍّ، ليس بحافظٍ، وقال أحمد: يخالفُ في أحاديثه، وقد خرَّج له البُخاريُّ حديثَه عن هُزَيل هنا _كما ترى_ في ميراث ابنةٍ وابنةِ ابنٍ وأختٍ، وصحَّح له التِّرْمِذيُّ حديثَه عن هُزَيل عن عبد الله في لعن المحلِّل والمحلَّل له، وخرَّج له البُخاريُّ بالإسناد: (إنَّ أهل الجاهليَّة كانوا يُسيِّبُون ... )؛ الحديث [خ¦6753]، له ترجمةٌ في «الميزان».

وأمَّا (هُزَيل)؛ فهو بضَمِّ الهاء، وفتح الزاي، الأوديُّ، عن أخيه أرقمَ بنِ شُرَحبيل، وعليٍّ، وابن مسعود، وطلحة، وأبي موسى، وجماعةٍ، وعنه: السَّبِيعيُّ، وأبو قيس بن عبد الرَّحْمَن بن ثروان المذكورُ أعلاه، وطلحةُ بن مُصَرِّف، وجماعةٌ، وكان ثقةً، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، والله أعلم، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار الأميرُ.

قوله: (لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا): هو بفتح اللام، و (الضلال): ضدُّ الرشاد، يُقال منه: ضلَلت أَضِلُّ، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} [سبأ: 50]، فهذه لغة نجدٍ، وهي الفصيحةُ، وأهل العالية يقولون: ضلِلت _ بالكسر_ أضلُّ.

قوله: (السُّدُسُ تَكْمِلَةُ [1]): (تكملةُ): هو مَرْفُوعٌ.

قوله: (هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ): (الحبر)؛ بفتح الحاء وكسرها: الرجلُ العالم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (تكملةَ).

[ج 2 ص 733]

(1/12008)

[باب ميراث الجد مع الأب والإخوة]

قوله: (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ): هو الصِّدِّيقُ الخليفةُ، عبدُ الله بن عثمان، و (ابْنُ الزُّبَيْرِ): عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خُوَيلد.

قوله: (وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَحَدًا خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِي زَمَانِهِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (يُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أَقَاوِيلُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهو نائبٌ مَنَابَ فاعلِ (يُذكَر).

قوله: (وَزَيْدٍ): هو زيد بن ثابت، تَقَدَّمَ بعض ترجمته أعلاه.

==========

[ج 2 ص 733]

(1/12009)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر]

6737# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (ابْن طَاوُوسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن طاووس.

قوله: (أَلْحِقُوا): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الحاء، وكذا (فَلِأَوْلَى): تَقَدَّمَ، وكذا (رَجُلٍ ذَكَرٍ).

==========

[ج 2 ص 733]

(1/12010)

[حديث: لو كنت متخذًا من هذه الأمة خليلًا لاتخذته.]

6738# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنه عبد الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (أَمَّا الَّذِي): (أَمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخُلَّة)، وعلى قوله: (خُلَّة الإسلام أفضل).

قوله: (فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ أَبًا): (إنَّه): بكسر الهمزة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12011)

[باب ميراث الزوج مع الولد وغيره]

(1/12012)

[حديث: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين .. ]

6739# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (وَرْقَاء): هو بفتح الواو، وإسكان الراء، ممدودُ الآخِر، وهو ابن عمر، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): عبد الله بن أبي نَجِيْح يسارٍ، مولى الأخنس بن شَرِيق الثقفيِّ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح.

[ج 2 ص 733]

(1/12013)

[باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره]

(1/12014)

[حديث: قضى رسول الله في جنين امرأة من بني لحيان سقط ... ]

6740# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْن المُسَيّبِ): سعيد، وتَقَدَّمَ مِرارًا أن ياءَ أبيه بالفتح والكسر، وغير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتحُ.

قوله: (فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لحْيَانَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه المضروبة، وأنَّها مُلَيكة بنت عُوَيمر، والضاربة أمُّ غُطَيف، ويُقال: أمُّ عفيف بنت مسروح، و (لحيان): بفتح اللام وكسرها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الغُرَّة)، وأنَّ قوله: (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ): بتنوينهما؛ الثاني على البدل، وأنَّ بعضَهم قاله بالإضافة، وأنَّ المحدِّثين يروُونه بالإضافة، والصوابُ: البدل، وتَقَدَّمَ أنَّ الإسماعيليَّ قال: إنَّه قرأه العامَّة على الإضافة، قال: ويُقرَأ بالتنوين، انتهى.

قوله: (قَضَى عَلَيْهَا): (قَضَى): بفتح القاف والضاد، مَبْنيٌّ للفاعل.

قوله: (وَأَنَّ الْعَقْلَ): تَقَدَّمَ، وأنَّه الدِّيَة.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12015)

[باب: ميراث الأخوات مع البنات عصبةً]

قوله: (بَابٌ: مِيرَاثُ [1] الأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ [2]): (بابٌ): مُنَوَّن مَرْفُوعٌ، و (عَصَبةٌ) مثلُه.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (باب ميراث) بالقطع والإضافة معًا.

[2] في «اليونينيَّة»: (عصبة) بتنوين الرفع والنصب معًا.

[ج 2 ص 734]

(1/12016)

[حديث: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ... ]

6741# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

تنبيهٌ: لهم آخر اسمه الأسود، ووالده اسمه هلالٌ المحاربيُّ، روى عن معاذ بن جبل في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم، وهذا الحديث للأسود بن يزيد؛ فاعلمه.

قوله: (النِّصْفُ لِلاِبْنَةِ، وَالنِّصْفُ الآخَرُ [1]): (النصفُ) فيهما: مَرْفُوعٌ، ويجوز نصبه.

قوله: (ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الأعمش، والله أعلم.

(1/12017)

[حديث: لأقضين فيها بقضاء النبي]

6742# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، فيما يظهر؛ وذلك لأنَّ الحافظَ عَبْدَ الغَنيِّ ذكر في ترجمة أبي قيس عبد الرَّحْمَن بن ثروان أنَّ الثَّوريَّ روى عنه، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، والذَّهَبيُّ ذكر في ترجمته: أنَّه روى عنه سفيان، فحملت المطلَق على المقيَّد، و (أَبُو قَيْسٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن ثروان، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (هُزَيْل): هو ابن شُرحبيل، تَقَدَّمَ قريبًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

(1/12018)

[باب ميراث الأخوات والإخوة]

(1/12019)

[حديث: دخل علي النبي وأنا مريض فدعا بوضوء فتوضأ]

6743# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ): هذا عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وعبدان لقبٌ لعبدِ الله، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (فَدَعَا بِوَضُوءٍ): هو بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وكذا بعده (مِنْ وَضُوئِهِ): بالفتح، ويجوز الضمُّ.

قوله: (فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ): تَقَدَّمَ في أوَّل (الفرائض) أيُّ آيةٍ، وهي آيةُ الكلالة على الصحيح.

(1/12020)

[باب: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}]

قوله: (فِي الْكَلَالَةِ): تَقَدَّمَ الاختلاف في (الكلالة) في أوَّل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12021)

[حديث: آخر آية نزلت خاتمة سورة النساء]

6744# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، وعازبٌ صَحَابيٌّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق الخلاف في آخر ما نزل من القرآن، وفي أوَّلَ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12022)

[باب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج]

قوله: (وَقَالَ عَلِيٌّ): هو عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي الصَّحَابة مَن اسمه عليٌّ سبعةَ عشرَ شخصًا، لكنَّ منهم مَن الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ ثلاثة.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12023)

[حديث: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات]

6745# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن موسى العبسيُّ؛ بالمُوَحَّدة، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبِدعته، تَقَدَّمَ، وقد روى عنه البُخاريُّ أيضًا نفسِه، و (إِسْرَائِيل): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله، و (أَبُو حَصِيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ، وتَقَدَّمَ أن اسمَ هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان.

قوله: (وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الكاف واللام، وتَقَدَّمَ ما هو، وكذا (ضَيَاعًا)، وأنَّهم العيال.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12024)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر]

6746# قوله: (حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة وفتحها، وأنَّه غير مصروفٍ، وقد صرفه بعضُهم [1]، قال ابن الصلاح: عجميٌّ لا ينصرف، وقال ابن دريد: ليس من كلام العرب، قال: ووجدته في كتاب الجواليقيِّ في «المُعرَّب» مصروفًا، وهو بعيدٌ، وقال النَّوَويُّ: قال الجوهريُّ في «صحاحه»: بسطام ليس من أسماء العرب، انتهى، و (رَوْح): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضَهم حكى في مثله الضمَّ، والمذكور هنا: هو ابن القاسم.

قوله: (أَلْحِقُوا): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الحاء، رُباعيٌّ، وكذا تَقَدَّمَ (فَلِأَوْلَى)، وكذا (رَجُلٍ ذَكَرٍ)؛ كلُّه قريبًا.

(1/12025)

[باب ذوي الأرحام]

(1/12026)

[حديث: كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث ... ]

6747# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه فيما يظهر، و (أَبُو أُسَامَةَ): حَمَّاد بن أسامة، و (إِدْرِيسُ): هو إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو عبد الله الكوفيُّ، عن طلحة بن مُصرِّف، وسِمَاك، وعلقمة بن مرثد، وقيس بن مسلم، وطائفةٍ، وعنه: ابنه عبد الله بن إدريس، ووكيع، ومُحَمَّد ويعلى ابنا عبيد، وضمرة بن ربيعة، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، أخرج له الجماعة، و (طَلْحَةُ) هذا: هو ابن مُصرِّف الياميُّ.

تنبيهٌ: في الرواة طلحة عن سعيد بن جُبَيرٍ عن ابن عَبَّاس، وهو طلحة بن نافع، أبو سفيان الواسطيُّ، له بهذا الإسناد في «ابن ماجه» فقط، والله أعلم.

[ج 2 ص 734]

قوله: (يَرِثُ الأَنْصَارِيُّ الْمُهَاجِرِيَّ): (الأنصاريُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (المهاجريَّ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ [1].

==========

[1] في هامش (أ): (تقرأ الفرجة).

(1/12027)

[باب ميراث الملاعنة]

(1/12028)

[حديث: أن رجلًا لاعن امرأته في زمن النبي وانتفى من ولدها]

6748# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الزاي، ومنهم مَن سكَّنها، وصوَّبه ابنُ مكِّيٍّ، وكذلك وُجِد بخطِّ ابن الأنباريِّ، قاله في «المطالع».

قوله في حديث ابن عمر: (أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ في (سورة النور): أنَّ الظاهر أنَّه عويمر العجلانيُّ، وإذا كان عُوَيمرًا؛ فامرأته لا أعرفها، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ في هذا: يحتمل أن يُفَسَّر بقضيَّة عويمر، ويحتمل أن يُفَسَّر بقضيَّة هلال بن أُمَيَّة، انتهى، وقد تَقَدَّمَ له ذلك أيضًا غير هذه المرَّة، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (سورة النور) ما قاله ابن شيخِنا البُلْقينيِّ، وما قاله بعضُ الحُفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين: من أنَّها خولة بنت قيس.

(1/12029)

[باب: الولد للفراش حرة كانت أو أمة]

[قوله]: (بَابٌ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ): أي: لمالك الفراش؛ مِن زوجٍ أو سَيِّد، وهو كنايةٌ عن وطء المفترَش لها بوجهِ الحقِّ، فذلك من اختصار الكلام، ويُقال: افترش فلانٌ فلانةً؛ إذا تزوَّجها، وسيأتي قريبًا: «الولدُ لصاحب الفراش».

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12030)

[حديث: هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر]

6749# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (عُتْبَةُ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ): هو عتبة بن أبي وقَّاص، أخو سعدٍ أحدِ العشرة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه هل أسلم أم لا، والصواب: أنَّه لم يسلم، وتَقَدَّمَ أنَّه قتله حاطبُ بن أبي بَلْتَعَة يوم أُحُد، كذا في «مستدرك الحاكم».

قوله: (أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن وليدة زمعة: هو عبد الرَّحْمَن بن زَمْعة، وتَقَدَّمَ نسبه، وتَقَدَّمَ أنَّ وليدةَ زَمعة لا أعرف اسمَها، ولكنَّها امرأة يمانِيَة.

قوله: (عَام الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ أنَّ الفتحَ كان في رمضان سنة ثمانٍ، وتَقَدَّمَ الاختلافُ كم كان في الشهر.

قوله: (فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (فَتَسَاوَقَا): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّ حقيقةَ المساوقة: مجيءُ واحدٍ بعد آخَرَ.

قوله: (يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ في مثل هذا أنَّه يجوز فتح (عبد) وضمُّه، وكذا (ابن) فتحه وضمُّه.

قوله: (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ): تَقَدَّمَ معناه.

(1/12031)

[حديث: الولد لصاحب الفراش]

6750# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).

[ج 2 ص 735]

(1/12032)

[باب: الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط]

(1/12033)

[حديث: اشتريها فإن الولاء لمن أعتق]

6751# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (اشْتَرَتْ [1] بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها ولمن كانت مُطَوَّلًا.

قوله: (وَأُهْدِيَ لَهَا شَاةٌ): (أُهدِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شاةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (قَالَ الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عتيبة.

قوله: (كَانَ [2] زَوْجُهَا حُرًّا): تَقَدَّمَ أنَّ زوجَها مغيثٌ، ويُقال: برير، ويُقال: مِقْسم.

قوله: (وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسم زوجها، ثلاثة أقوال ذكرها شيخُنا في «تخريج أحاديث الرافعيِّ» عن أبي موسى، وتَقَدَّمَ الخلافُ في أنَّه حرٌّ أو عبد؛ وهو الصحيح، في (باب الشقاق) في (كتاب النكاح).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (6754)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (اشْتَرَيْتُ).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وكان).

[ج 2 ص 735]

(1/12034)

[حديث: إنما الولاء لمن أعتق.]

6752# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن أبي أويسٍ، وهو ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12035)

[باب ميراث السائبة]

قوله: (بَابُ مِيرَاثِ السَّائِبَةِ): هو بالسين المُهْمَلَة، وهو العبد يُعتَق سائبةً، يقول مالِكُه: أنت سائبةٌ؛ يريد بذلك عتقه، وأنْ لَا ولاءَ عليه، أو: أعتقتك سائبةً، فالعتق على هذا ماضٍ بالإجماع، وإنَّما اختلف الفقهاء في ولايته، وفي كراهة هذا الشرط وإباحته، والجمهور على كراهته، وعلى أنَّ ولاءَه للمسلمين خاصَّةً، كأنَّه قصد عتقه عنهم، قاله في «المطالع»، انتهى.

وقد أخرج فيه حديثَ: «الولاء لمن أعتق»، فولاؤه للذي أعتقه، وهذا خلافُ ما تَقَدَّمَ ذكره، وما تَقَدَّمَ الظاهرُ أنَّه مذهبه، وأمَّا مذهبُ الشَّافِعيِّ: أنَّه لو أعتقه على أن يكون سائبةً؛ يلغو الشرطُ ويثبت الولاء للمعتِق، وكذا لو أعتقه على أنْ لا ولاءَ عليه؛ فولاؤه للمُعتِق، وهو ظاهِرُ استدلال البُخاريِّ.

(1/12036)

[حديث: إن أهل الإسلام لا يسيبون]

6753# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، وكذا (أَبُو قَيْسٍ): عبد الرَّحْمَن بن ثروان، وكذا (هُزَيْل): هو ابن شُرحبيل.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12037)

[حديث: أعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق]

6754# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وكذا على أهلها مَن هم.

قوله: (وَخُيِّرَتْ): مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (لَوْ أُعْطِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم مضمومة.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12038)

[باب إثم من تبرأ من مواليه]

(1/12039)

[حديث: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله]

6755# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان.

قوله: (فِيهَا أَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَأَسْنَانِ الإِبِلِ): (أسنانِ): مجرورٌ بالقلم في أصلنا، والذي أحفظه: (وأسنانُ)؛ بالرفع، والله أعلم.

قوله: (مَا بَيْنَ عَيْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا قوله: (إِلَى كَذَا [1])، في (الحجِّ)، وكذا على (مَنْ [2] أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا).

قوله: (أَوْ آوَى): تَقَدَّمَ أنَّ هذا بالمدِّ؛ لأنَّه متعدٍّ، وأنَّ اللازم بالقصر، ويجوز في كلٍّ المدُّ والقصر، ولكنَّ الفَرقَ لغةُ القرآن.

قوله: (صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ): تقدَّما.

قوله: (بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ): قد احتجَّ به قومٌ على جواز التولِّي بإذن مواليه، قال الشيخ محيي الدين: والصحيح الذي عليه الجمهورُ: أنَّه لا يجوز وإن أَذِنوا؛ كما لا يجوز الانتساب إلى غير أبيه وإن أذن أبوه، وحملوا التقييد في الحديث على الغالب؛ لأنَّ غالبَ ما يقع هذا بغير إذن الموالي، فلا يكون له مفهومٌ يُعمَل به ... إلى آخر كلامه.

قوله: (وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ): (الذِّمَّة): الأمان، وقيل: العهد، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَدْنَاهُمْ): العبد والمرأة، وقد أجاز عمر رضي الله عنه أمانَ عبدٍ على جميع الجيش، وقد قال عليه السلام: «قد أجرنا مَن أجرتِ يا أمَّ هانئ».

قوله: (فَمَنْ أَخْفَرَ): تَقَدَّمَ.

(1/12040)

[حديث: نهى النبي عن بيع الولاء وعن هبته]

6756# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ مرارًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

(1/12041)

[باب: إذا أسلم على يديه]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَفَعَهُ [1]: «هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ»، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ): هذا الخبر أخرجه الأربعةُ أصحابُ «السنن» في (الفرائض)، رواه عن تميم قَبِيصةُ بن ذؤيب، وقد وُلد قَبِيصةُ عامَ الفتح على الصحيح، وقيل: أوَّل سَنَةٍ من الهجرة، قال الميمونيُّ صاحبُ أحمدَ: قال بعضُ أصحابنا: لم يلقَ قَبِيصة تميمًا؛ يعني: الداريَّ، وقال يعقوب الفسويُّ: إنَّ قَبِيصة لم يدرك تميمًا، انتهى، وقد رأيت الخَطَّابيَّ نقل عن أحمد: أنَّه ضعَّف هذا الحديثَ، وقال: عبد العزيز راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان، انتهى، وقد أخرج لعبد العزيز الجماعةُ، وقد عقَّب التِّرْمِذيُّ الحديثَ بأن قال: لا نعرفه إلَّا من حديث عبد الله بن موهب _ويقال: ابن وهب_ عن تميم الداريِّ، وقد أدخل بعضُهم بين عبد الله بن موهب وبين تميم قَبِيصةَ بنَ ذؤيب، وهو عندي ليس بمتَّصلٍ، انتهى، قيل: لو صحَّ هذا الحديثُ؛ لكان معناه: هو أحقُّ به أن يوالِيَه، وينصرَه، ويَبَرَّه، ويَصِلَه، ويُغَسِّلَه، ويصلِّيَ علىه، ويدفِنَه.

(1/12042)

[حديث: لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق.]

6757# قوله: (أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا): تَقَدَّمَ أنَّها بَريرة، وتَقَدَّمَ مَن أهلها.

قوله: (لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكِ): هما بكسر الكاف فيهما؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12043)

[حديث: أعتقيها فإن الولاء لمن أعطى الورق.]

6758# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] جَرِيرٌ): ذكر الجَيَّانيُّ هذا الموضعَ، فقال: هو مُحَمَّد بن سلَام إن شاء الله، فقد روى البُخاريُّ في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلَام عن جَرِير، انتهى، و (جَرِير): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه مغيثٌ، وقيل: برير، وقيل: مِقْسَم.

(1/12044)

[باب ما يرث النساء من الولاء]

(1/12045)

[حديث: اشتريها فإنما الولاء لمن أعتق.]

6759# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12046)

[حديث: الولاء لمن أعطى الورق وولي النعمة]

6760# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن سلَام، وأنَّ الصحيحَ: أنَّه مخفَّف، وتَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، و (سُفْيَان): لا أعرفه بعينه، فيحتمل أنَّه الثَّوريُّ، وأنَّه ابنُ عُيَيْنَة؛ لأنَّ وكيعًا روى عنهما، وهما عن منصور، غير أنَّ الثَّوريَّ أثبتُ الناس في منصور، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

(1/12047)

[باب: مولى القوم من أنفسهم وابن الأخت منهم]

قوله: (بَابٌ: مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَابْنُ الأُخْتِ): قوله في الحديث: («مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»، أَوْ كَمَا قَالَ): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: الذي قال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في حقِّه: «مولى القوم من أنفسهم»: هو رُشَيد الفارسيُّ، مولى بني معاوية بن مالك من الأنصار، ثُمَّ ذكر مستنده، وكذا ذكره بعضُ حفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين، وعزاه لابن سعد.

قال ابن شيخنا وذكر نحو هذه القصَّة لعقبة مولى جبر بن عتيك: (رواها في «الأُسْد»، وقال فيها: إنَّ «مولى القوم من أنفسهم» الذي قال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في حقِّه للأنصار: هو النعمان بن مُقَرِّن، والذي قال ذلك في حقِّه لقريش: هو عتبة بن غزوان، والذي قال ذلك في حقِّه لوفد عبد القيس: هو مشمرج بن خالد، والأوَّل أخرجه أحمد بن منيع في «مسنده» من طريق أنس، والثاني ذكره الحاكمُ في «المستدرك» في ترجمة عتبة بن غزوان، والثالث ذكره ابن الأثير في «الأُسْد» في مشمرج، والذي قال في حقِّه لبني عبد المُطَّلِب: «ابن أخت القوم منهم»: هو جبير بن مُطعِم، كما في «تاريخ دمشق» لابن عساكر في ترجمته، والله أعلم، وكذا قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين، انتهى، و (رُشَيد): له ترجمة في «الاستيعاب» وغيرِه.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12048)

[حديث: ابن أخت القوم منهم]

6762# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12049)

[باب ميراث الأسير]

قوله: (وَكَانَ شُرَيْحٌ): هو بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، ابن الحارث بن قيس بن الجهم الكنديُّ الكوفيُّ التابعيُّ، ويقال: شُريح بن شُرحبيل، ويقال: شَراحيل، ويُقال: إنَّه من أولاد الفُرْسِ الذين كانوا باليمن، والصحيحُ الأوَّلُ، تَقَدَّمَ مترجمًا، ولَّاه عمرُ رضي الله عنه قضاءَ الكوفة، ووُلِّيَ قضاءَ البصرة، قيل: إنَّه تعلَّم من معاذ باليمن، تُوُفِّيَ سنة (78 هـ)، وقيل: سنة (80 هـ)، أخرج له النَّسائيُّ.

(1/12050)

[حديث: من ترك مالًا فلورثته]

6763# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مترجمًا، و (عَدِيٌّ): هو ابن ثابت، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، سلمان مولى عَزَّة الأشجعيَّة، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا): تَقَدَّمَ ما (الكَلُّ)، وأنَّه بفتح الكاف، وتشديد اللام.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12051)

[باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ... ]

قوله: (بَابُ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ): اعلم أنَّهم أجمعوا على أنَّ الكافرَ لا يرثُ المسلمَ، وأمَّا المسلمُ؛ فلا يرث الكافرَ عند جماهير العلماء من الصَّحَابة والتابعين ومَن بعدهم، وذهبت طائفةٌ إلى توريث المسلمِ من الكافر، وهو مذهب معاذ بن جبل، ومعاوية، وسعيد بن المُسَيّب، ومسروق، وغيرِهم، زاد الحافظ الإمام محبُّ الدين الطَّبَريُّ في «مناسكه»: والحسن البصريِّ وإبراهيم النَّخَعيِّ، ورُوِيَ أيضًا عن أبي الدرداء والشَّعْبيِّ والزُّهْرِيِّ والنَّخَعيِّ نحوَه، على خلافٍ بينهم في ذلك، والصحيحُ عنهم كقول الجمهور.

وأمَّا المرتدُّ؛ فلا يرث المسلمَ إجماعًا، وأمَّا العكس؛ فكذا عند الشَّافِعيِّ، ومالكٍ، وربيعةَ، وابنِ أبي ليلى، وغيرِهم، بل يكون فَيئًا للمسلمين، وقال أبو حنيفة، والكوفيُّون، والأوزاعيُّ، وإسحاقُ: وَرَثَتُه المسلمون، ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ وابنِ مسعود وجماعةٍ من السَّلَف، لكن قال الثَّوريُّ وأبو حنيفة: ما كسبه في رِدَّتِه؛ فهو للمسلمين، وقال آخرون: الجميع لوَرَثَتِه من المسلمين.

وأمَّا توريث الكفَّار بعضِهم من بعض؛ كاليهوديِّ من النصرانيِّ، وعكسه، والمجوسيِّ منهما، وهما منه؛ فقال به الشَّافِعيُّ وأبو حنيفة وآخرون، ومنعه مالكٌ، لكن قال الشَّافِعيُّ: لا يرث حربيٌّ مِن ذِميٍّ، ولا العكس، قال أصحابه: وكذا لو كانا حربِيَّين في بلدَين متحارِبَين؛ لم يتوارثا، والله أعلم.

(1/12052)

[حديث: لا يرث المسلم الكافر]

6764# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (عَلِيُّ بْن حُسَيْنٍ): هو زَين العابدين، و (عَمْرُو [1] بْنُ عُثْمَانَ): كذا في أصلنا بفتح العين وزيادة واو، وعليه (صح)، وفي هامش أصلنا: (عُمر)؛ بضَمِّ العين، محذوف الواو، وعلى الآخَرِ أيضًا (صح)، قال في «المطالع»: وفي (باب ميراث أهل المِلَل) في «المُوطَّأ»: (عن عمرو بن عثمان)، كذا ليحيى وابنِ وهب وابنِ القاسم، وكذا قاله الحُفَّاظ من أصحاب مالك، وكذا ذكره أصحاب التاريخ والنَّسَب، ووقف عبدُ الرَّحْمَن بن مهديٍّ مالكًا على ذلك، فأبى أن يرجع، قال: نحن أعلم به، كان لعثمانَ ابنٌ يُقال له: عَمرو، وقال: أنا أعرفُ عَمرًا مِن عُمر، هذه دار عَمرو، وهذه دارُ عُمر، قال ابن أبي أويسٍ وغيرُه: وَهِمَ مالكٌ في ذلك، ولم يقُلْه غيرُه، ولا يُعرَف لعثمانَ ابنٌ يُقال له: عمرو، وقد رواه القعنبيُّ ومعنٌ وغيرُهما عن مالك: (عُمر بن عثمان)؛ بضَمِّ العين، وروى ابن بُكَيْر عن مالك: (عَمرو بن عثمان، أو عُمر)؛ على الشكِّ، وقد وافقَ مالكًا على قوله: «إنَّ لعثمان ولدًا يُقال له: عَمرو، وآخرُ يُقال له: عُمر» مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ كاتبُ الواقديِّ، فذكر عَمرو بن عثمان وولده، وعُمر بن عثمان، وقال: ومِن ولده زيدٌ وعاصم، روى عنه: الزُّهْرِيُّ، وكان قليلَ الحديث، انتهى.

وقال الذَّهَبيُّ في عُمر: عُمر بن عثمان بن عثمان الأمويُّ المدنيُّ، عن أسامة: (لا يرث المسلمُ الكافرَ)، قاله مالكٌ عن الزُّهْرِيِّ، عن عليِّ بن حُسين، عنه، قال الناسُ عن الزُّهْرِيِّ عن عليٍّ: «عن عمرو»، انتهى، وذكر له ترجمةً في عمرو، والظاهر من كلامه أنَّه عَمرو؛ بفتح العين، وزيادة واو، لا عُمر، وقال في «الكاشف»: والصواب: عمرو، انتهى.

وذكره عَبْد الغَنيِّ الحافظُ في «الكمال» في عَمرو؛ بفتح العين، وزيادة واو، ثُمَّ قال: قال أبو زرعة: الرواة يقولون: (عَمرو)، ومالكٌ يقول: (عُمر)، قال البُخاريُّ: وهو وَهَمٌ، وقال إبراهيم بن طهمان عن مالك: عَمرو، وهو أخو أبان وسعيد، وقال يحيى القَطَّان: قلت لمالك: إنَّما هو عمرو بن عثمان، فأبى أن يرجع، وقد كان لعثمانَ ابنٌ يُقال له: عُمر، وهذه داره، انتهى.

(1/12053)

والمِزِّيُّ ذكر في «أطرافه» عُمرَ بن عثمان الأمويَّ عن أسامة في ترجمة عَمرو بن عثمان عن أسامة، ثُمَّ ذكر هذا الحديث، ثُمَّ نقل عن النَّسائيِّ ما لفظه: والصواب من حديث مالك: (عن عمر بن عثمان)، ولا نعلم أحدًا تابع مالكًا على قوله: (عمر بن عثمان)، والله أعلم، انتهى.

فإذن الصواب مع مَن قال: عمرو بن عثمان، والله أعلم.

(1/12054)

[باب ميراث العبد النصراني ومكاتب النصراني ... ]

قوله: (بَابُ مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ): كذا في أصلنا هذه الترجمة، ولم يذكر فيها حديثًا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ هذه الترجمة مع زيادة: (وَإِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ): قال ابن المُنَيِّر: لم يُدخِلِ البُخاريُّ تحت هذا الرسم حديثًا، وكأنَّه أدرجها تحت الحديث المتقدِّم؛ ليُفهَم أنَّ النظر فيها يحتمل أن يُقال: لا يرثه؛ عملًا بعموم الحديث، وأن يُقال: يأخذ المالَ؛ لأنَّ العبدَ مالٌ، وله انتزاعُ مالِه حيًّا، فكيف لا يأخذه ميِّتًا؟! هذا إن قلنا: إنَّه يملك، وإن قلنا: إنَّه لا يملك العبدُ ألبتَّة؛ فأَولى، انتهى.

وقد رأيت حديثًا في «المستدرك» عن جابر، وفيه عنعنة أبي الزُّبَير عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «لا يرث المسلمُ النصرانيَّ إلَّا أن يكون عبدَه أو أَمَتَه»، ثُمَّ قال: صحيحٌ، ولم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، قد رواه النَّسائيُّ، وأعلَّه ابنُ حزم بعنعنة أبي الزُّبَير عن جابر؛ كعادته في ردِّه عنعنةَ أبي الزُّبَير من غير طريق الليث، وأعلَّه ابن القَطَّان بمُحَمَّد بن عمرو اليافعيِّ الذي في سنده، وقال: إنَّه مجهولُ الحال، انتهى.

وقد انفرد عنه ابن وهب، لكن أخرج له مسلمٌ في «صحيحه»، وذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: شيخٌ، وقال الحاكمُ: صدوقُ الحديثِ صحيحٌ، وقال ابن عديٍّ: له مناكيرُ، وقد ذكر الذَّهَبيُّ منها هذا الحديثَ، وقال ابن يونس: روى عنه ابن وهب وحدَه غرائبَ.

أمَّا إذا هلك العبد المعتَق الكافرُ وله معتِقٌ مسلمٌ؛ فإنَّه لا يرثه؛ عملًا بالحديث: «لا يرث المسلمُ الكافرَ ... »؛ الحديث، وعن أحمد: أنَّه يرثه بالولاء، واختلاف الدين لا يمنع الإرث بالولاء، ولحديث «المستدرك»، ونقل هذا القاضي عبدُ الوهَّاب المالكيُّ عن الشَّافِعيِّ، لكنْ في «الأمِّ» خلافُه، والله أعلم، وفي «شرح التنبيه» لشيخنا الشارح: فرع: لو أعتق المسلمُ عبدًا كافرًا ومات؛ ورثه عندنا، خلافًا لمالكٍ، أفاده القاضي عبد الوهَّاب في كتابه «الأشراف بيننا وبين مالك»، انتهى، ولم يتعقَّب شيخُنا هذا الفرع، وقد قَدَّمْتُ أنَّ في «الأمِّ» خلافَه.

(1/12055)

أمَّا إذا مات شخصٌ وليس له وارثٌ وله عبدٌ عتق؛ فإنَّه يرثه عند بعضهم، وقد سُئِل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن رجلٍ مات ولم يَدَعْ وارثًا إلَّا غلامًا له كان أعتقه، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «هل له أحدٌ؟» قالوا: لا، إلَّا غلامًا له كان أعتقه، فجعل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ميراثَه له، رواه أحمدُ وأهل السُّنَن، قال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: وهو حديثٌ حسنٌ، قال: وبهذه الفتوى نأخذ، انتهى، وأخرجه الحاكم وقال: على شرط البُخاريِّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12056)

[باب من ادعى أخًا أو ابن أخ]

[ج 2 ص 735]

قوله: (بَابُ مَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ ابْنَ أَخٍ): كذا في أصلنا هذه الترجمة، ولم يذكر فيها حديثًا، ولم يتكلَّم على ذلك ابن المُنَيِّر، وذكر بعده: (باب إثم من انتفى من ولده)، ولو جعل بعد هذه الترجمة التي لم يذكر فيها حديثًا (باب مَن ادَّعى إلى غير أبيه)؛ لقلنا باندراج الترجمة تحت الحديث الذي ذكره في (باب من ادَّعى إلى غير أبيه)، إلَّا [أنَّه] لم يذكره بعده، لكنَّها داخلةٌ في حديث الترجمة التي بعدها، وهو حديث سعد؛ فإنَّه ادَّعى ابنَ أخٍ؛ بلا فرق، والله أعلم.

(1/12057)

[حديث: هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر]

6765# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام المشهور، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على عبد بن زَمعة رضي الله عنه.

قوله: (فِي غُلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن زَمعة.

قوله: (ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّمَ الكلام على عتبة بن أبي وقَّاص، وأنَّ الصحيح: [أنَّه] لم يُسلِم، وغُلِّط من قال: إنَّه أسلم، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ عتبةَ قتله حاطب بن أبي بَلْتَعَة يوم أُحُد، كما في «المستدرك».

قوله: (مِنْ وَلِيدَتِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه الوليدة لا أعرف اسمَها، وأنَّها [1] امرأةٌ يَمانِيَة.

قوله: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ): أي: لصاحب الفراش، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ).

==========

[1] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 736]

(1/12058)

[باب من ادعى إلى غير أبيه]

(1/12059)

[حديث: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم ... ]

6766# 6767# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو أبو عثمان النهديُّ، عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (مَلًّا) مثلَّثُ الميم، وفيه لغةٌ رابعةٌ.

قوله: (عَنْ سَعْدٍ): هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ): يعني: إن استحلَّ ذلك، والقول الثاني: أنَّه جزاؤه، أو أنَّها محرَّمة عليه أوَّلًا عند دخول الفائزين وأهلِ السلامة، ثُمَّ إنَّه يُجازَى فيُمنَعها عند دخولهم، ثُمَّ يدخلها بعد ذلك، وقد لا يُجازَى، بل يعفو الله عزَّ وجلَّ عنه، ومعنى (حرام): ممنوعة، ومعنى (رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ [1]): ترك الانتساب إليه وجَحَدَه، والله أعلم.

قوله: (فَذَكَرْتُهُ لأَبِي بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

تنبيهٌ: حديث أبي بكرة في ذلك أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (6768) الآتي، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) هنا: (مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ).

[ج 2 ص 736]

(1/12060)

[حديث: لا ترغبوا عن آبائكم]

6768# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو): هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ مولاهم، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (عِرَاك): هو ابن مالك الغِفاريُّ المدنيُّ.

قوله: (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ؛ فَهُوَ كُفْرٌ): قيل: فيه تأويلان؛ أحدهما: أنَّه في حقِّ المستحِلِّ، والثاني: كفر النعمة والإحسان، وحقِّ الله، وحقِّ أبيه، وليس المراد الكفرَ الذي يُخرِجُه من ملَّة الإسلام، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 736]

(1/12061)

[باب: إذا ادعت المرأة ابنًا]

(1/12062)

[حديث: كانت امرأتان معهما ابناهما]

6769# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ، عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج [1]): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (مناقب داود صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).

قوله: (فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا): هذا حديثٌ عظيمٌ، وفيه فوائدُ، وقد ذكره ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة، وذكر أنَّ النَّسائيَّ استنبط منه أحكامًا، ثُمَّ أثنى على النَّسائيِّ، وقال: فهذا فَهمُ مَن عَقِلَ عن الله ورسولِه.

قوله: (وَاللهِ إِنْ سَمِعْتُ): (إِنْ): بكسر الهمزة، وسكون النون؛ أي: ما سمعت، نافية.

قوله: (إِلَّا الْمُدْيَةَ): يجوز فيها الرفع والنصب، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12063)

[باب القائف]

قوله: (بَابُ الْقَائِفِ): (القائف): هو الذي يتتبَّعُ الآثارَ ويعرفها، ويعرف شَبَهَ الرجلِ بأخيه وأبيه، والجمع: القافة، يُقال: فلان يقوف الأثر، ويقتافه قيافةً؛ مثل: قفا الأثر واقتفاه.

==========

[ج 2 ص 736]

(1/12064)

[حديث: ألم تري أن مجززًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة ... ]

6770# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ أنَّه [ابن] سعد، الإمام الجَوَاد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور.

قوله: (تَبْرُقُ [1]): هو بضَمِّ الراء: تتلألأ.

قوله: (أَسَارِيرُ وَجْهِهِ): هو بالسين المُهْمَلَة، وراءين مهملتين، بينهما مُثَنَّاة تحت ساكنة، الأولى مكسورة، وهي خطوط الجبهة وتكسُّرها، واحدها: سِرٌّ وسَرَر، والجمع: أسرار، وجمع الجمع: أسارِيْر.

قوله: (أَنَّ مُجَزِّزًا): هو بضَمِّ الميم، وفتح الجيم، وكسر الزاي الأولى المشدَّدة، ثُمَّ زاي أخرى، هذا هو الصحيح المشهور، وقال بعض الحُفَّاظ: إنَّه الصوابُ المشهورُ في ضبط هذا الاسم، وحكى القاضي عياض عن الدار قطنيِّ وعبد الغنيِّ: أنَّهما حَكَيَا عن ابن جُرَيجٍ: أنَّه بفتح الزاي الأولى، وعن ابن عَبْدِ البَرِّ وأبي عليٍّ الغسَّانيِّ: أنَّ ابنَ جُرَيجٍ قال: إنَّه مُحْرِز؛ بإسكان الحاء، وبعدها راء، وقد راجعتُ كلام [2] أبي عليٍّ الغسَّانيِّ في «تقييده»، فوجدته كما نُقِل عنه رُوِي بإسناده عن سفيان عن ابن جُرَيجٍ يُحَدِّث به عن الزُّهْرِيِّ، فقال فيه: «ألم تَرَي أنَّ مُحْرِزًا ... »، فقلت له: يا أبا الوليد؛ إنَّما هو مُجَزِّز، فأنكر ورجع، انتهى.

وهو مُجَزِّز بن الأعور بن جعدة الكنديُّ المدلِجيُّ القائف، روى عنه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قولَه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (آنِفًا): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّ معناه: الآن والساعة.

قوله: (إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ): قال العلماء: سبب سروره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أنَّ أسامةَ كان

[ج 2 ص 736]

لونُه أسودَ، وكان طويلًا، خرج إلى أمِّه، وكان أبوه زيدٌ قصيرًا أبيضَ، وقيل: بل بين البياض والسواد، وكان بعض المنافقين قصد المغايظة والإيذاء، فدفع الله ذلك، وله الحمد.

==========

[1] في (أ): (يبرق)، ثمَّ فيها: (تتلألأ)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] زيد في (أ): (كلام)، وهو تكرار.

(1/12065)

[حديث: يا عائشة ألم تري أن مجززًا المدلجي]

6771# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (أنَّ مُجَزِّزًا): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا جدًّا، وما وقع فيه.

قوله: (وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ): تَقَدَّمَ ما (القطيفة).

==========

[ج 2 ص 737]

(1/12066)

((86)) (كِتَابُ الحُدُودِ) ... إلى (كِتَاب المُحَارِبِيْن)

قوله: (ومَا يُحْذَرُ مِنَ الْحُدُودِ): (يُحذَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 737]

(1/12067)

[باب: لا يشرب الخمر]

(1/12068)

[حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن .. ]

6772# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو بَكْر بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، أحد الفقهاء السَّبعة على قولٍ، مشهورٌ.

(1/12069)

قوله: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): اعلم أنَّ هذا الحديث ممَّا اختلف العلماء في معناه؛ فالقول الصحيح الذي قاله المحقِّقون: أنَّ معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل، وهذا من الألفاظ التي تُطلَق على نفي الشَّيء ويُراد: نفيُ كماله ومختاره، وكما يقال: لا علمَ إلَّا ما نفع، ولا مالَ إلَّا الإبل، ولا عيشَ إلَّا عيش الآخرة، وإنَّما تأوَّل ما ذُكِر بحديث أبي ذرٍّ: «مَن قال: لا إله إلَّا الله؛ دخل الجنَّة وإن زنى وإن سرق»، وبحديث عبادة: «فمن وفى منكم؛ فأجره على الله، ومَن أصاب مِن ذلك شيئًا فعوقب به الدُّنيا؛ فهو كفَّارة ... »؛ الحديث، فهذان الحديثان ونظائرهما في «الصَّحيح» مع قول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] مع إجماع أهل الحقِّ على أنَّ الزاني والسارق والقاتل وغيرَهم من أصحاب الكبائر غير الشِّرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا؛ سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرِّين على الكبائر؛ كانوا في المشيئة، إن شاء؛ عفا عنهم وأدخلهم الجنَّة، وتأوَّل بعض العلماء على مَن فعل ذلك مُستحلًّا مع علمه بورود الشَّرع بتحريمه، وقال الحسن وابن جَرِير الطَّبَريُّ: معناه ينزع من اسم المدح الذي يُسمَّى به أولياء الله المؤمنين، ويستحقُّ الذَّمَّ، فيقال: سارقٌ، وزانٍ، وفاجرٌ، وحُكِي عن ابن عَبَّاس: أنَّ معناه: أنَّه ينزع منه نور الإيمان، وهذا قد نقله عنه الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ هنا مُعلَّقًا مجزومًا به، وسيأتي مُسنَدًا إليه في (كتاب المحاربين) قريبًا جدًّا، وفي ذلك حديث مَرْفُوعٌ، وقال المُهلَّب: تُنزَع منه بصيرتُه في طاعة الله، وذهب الزُّهْرِيُّ إلى أنَّ هذا الحديث وما أشبهه يُؤمَنُ بها، ويُمَرُّ على ما جاءت، ولا يُخاض في معناها، وأنَّا لا نعلم معناها، وقال: أمرُّوها كما أمرَّها مَن قبلكم، وقيل في معنى الحديث غيرُ ما ذُكِر ممَّا ليس بظاهر، بل بعضُها غلطٌ، والصَّحيح في معناه ما تَقَدَّمَ، والله أعلم، وفي «المطالع»: («وهو مؤمن»: قيل: آمنٌ مِن عذاب الله، وقيل: مُصدِّق حقيقة التَّصديق بما جاء في ذلك مِن النَّهي والوعيد، وقيل: كامل الإيمان، وقيل: هو على المبالغة في التَّغليظ كما جاء: «لا إيمانَ لمَن لا أمانةَ له»؛ ومعناه: النهي عن أن يفعل ذلك وهو مؤمن، وأنَّ هذا لا يليق

(1/12070)

بالمؤمن، وقيل: إذا استحلَّ ذلك ولم يره معصية، وقيل: يُنزَع منه الإيمان فيكون فوقه كالقبَّة، فإذا فارق الذَّنب؛ عاد إليه إيمانُه)، انتهى.

قوله: (وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً): (النُّهبة)؛ بضَمِّ النون، وكذا (النُّهبى): اسم الانتهاب؛ وهو أخذ الجماعة الشيءَ اختطافًا على غير سويَّة، لكن بحسب السَّبق إليه.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ إِلَّا النُّهْبَةَ): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فروى هذا الثاني أيضًا البُخاريُّ عن يحيى ابن بُكَيْر، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن سعيد وأبي سلمة به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

==========

[ج 2 ص 737]

(1/12071)

[باب ما جاء في ضرب شارب الخمر]

(1/12072)

[حديث: أن النبي ضرب في الخمر بالجريد والنعال]

6773# قوله: (ح: وَحَدَّثَنَا [1] حَفْصُ بْنُ عُمَرَ [2]): تَقَدَّمَ الكلام على (ح) كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى، و (هِشَامٌ) بعد (حفص بن عمر): هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

(1/12073)

[باب من أمر بضرب الحد في البيت]

(1/12074)

[حديث: جيء بالنعيمان شاربًا فأمر النبي من كان بالبيت]

6774# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد المجيد الثقفيُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ الإمامُ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَةَ زُهيرٍ _وزُهيرٌ صحابيٌّ_ ابن عبد الله بن جُدعان التَّيميُّ.

قوله: (جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوْ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا): الصوَّاب مِن أحد الشَّكَّين: النُّعيمان، وكان مُكبّرًا صُغِّر، قال الدِّمْيَاطيُّ: («نُعيمان» _تصغير «نعمان» _: ابن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن غنم بن مالك بن النَّجَّار، شهد العقبة مع السبعين)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في عددهم، وسيأتي، قال: (وبدرًا، وأحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد، وأُتِي به في شرب الخمر إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فجلده، ثم أُتِي به فجلده أربعًا أو خمسًا، فقال رجلٌ من القوم: اللَّهمَّ؛ العنه ما أكثرَ ما يشرب وأكثر ما يجلد! فقال عليه السَّلام: «لا تلعنه؛ فإنَّه يحبُّ الله ورسوله»، وكان صاحبَ مزاح)، انتهى، فقول الحافظ الدِّمْيَاطيِّ: (مع السَّبعين): اعلم أنَّه اختُلِف في عددهم؛ فيقال: ثلاثة وسبعون، ويقال: سبعون رجلًا، وقال ابن سعد: يزيدون رجلًا أو رجلين وامرأتان، وقال ابن إسحاق: ثلاثة وسبعون وامرأتان، وقال الحاكم: خمسة وسبعون نفسًا، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ المرأتين: نَسبية بنت كعب أمُّ عمارة، وأسماءُ بنت عمرو بن عديِّ بن نابي أمُّ منيع، والله أعلم، قال الواقديُّ: (بقي نُعيمانُ حتَّى تُوُفِّيَ أيَّام معاوية، كذا نقله ابن عَبْدِ البَرِّ)، انتهى، وكان كثير المزاح يضحكُ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من مزاحه، وهو صاحب سُويبط بن حرملة، وقصَّتهما مشهورة، وأنَّ نُعيمان باع سُويبطًا بالشام، وقال للذين اشتروه: هو ذو لسان، وسيقول: إنَّه حرٌّ، فلا تغترُّوا بقوله، وله أشياءُ كثيرةٌ في المزاح مشهورة.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في أصل سماعنا بـ «سنن ابن ماجه» _وهو أصل عظيم جدًّا دخل فيه حفَّاظٌ كبارٌ_ في (باب المزاح): خرج أبو بكر في تجارة إلى بصرى قبل موت النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعام ومعه نُعَيمان وسُوَيبط بن حرملة، وكانا شهدا [1] بدرًا، وكان نُعيمان على الزَّاد،

[ج 2 ص 737]

(1/12075)

وكان سُوَيبطٌ رجلًا مزَّاحًا، فقال لنُعيمان: أطعمني، فقال: حتَّى يجيء أبو بكر، قال: أَمَا لأغيظنَّك، قال: فمرُّوا بقوم، فقال لهم سُويبط: تشترون منِّي عُبيدًا لي؟ قالوا: نعم ... إلى أن قال: فقال نُعيمان: إنَّ هذا يستهزئ بكم ... )؛ الحديث، كذا في أصلنا: أنَّ سويبطًا باع نُعَيمان، والمعروف العكس، وكذا ذكره الزُّبَير بن بكَّار في كتاب «المزاح»، والواقديُّ في «مغازيه»، وغيرُهما، وكذا ذكره بعض الحُفَّاظ، وقد ذكر ابن عَبْدِ البَرِّ سويبطًا في «استيعابه»، وذكر هذا الحديث من طريق ابن أبي شيبة بإسناده، ثم قال: (هكذا روى هذا الحديث وكيعٌ وخالفه غيرُه، فجعل مكان «سويبطٍ»: «نُعَيمان»)، انتهى، وسويبط بن حرملة، وقيل: ابن سعد بن حرملة القرشيُّ العبدريُّ، هاجر إلى الحبشة، وهو الذي سافر مع أبي بكر ومزح معه نُعَيمان، انتهى، وذكر في نُعيمان بن رفاعة بن عمرو النَّجَّاريِّ: هو نُعمان، فصُغِّر، بدريٌّ، كان يمزح كثيرًا، وذكره النَّوويُّ في «تهذيبه» كما في أصلنا في «ابن ماجه»، فخالف، ويحتمل أنَّ كلًّا منهما صنع ذلك، والثاني عمله؛ مكافأةً لفعل الأوَّل، والله أعلم.

(1/12076)

[باب الضرب بالجريد والنعال]

(1/12077)

[حديث: أن النبي أتي بنعيمان أو بابن نعيمان وهو سكران فشق عليه]

6775# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ أنَّه السَّخْتيَانيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ نسبه قريبًا جدًّا.

قوله: (أُتِيَ بالنُّعَيْمَانِ [1]): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النُّعَيمَان أو ابن النُّعيمان): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّواب مِن أحد الشَّكَّين: أنَّه النُّعيمان، وتَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّه مُكبَّر صُغِّر.

(1/12078)

[حديث: جلد النبي في الخمر بالجريد والنعال]

6776# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

==========

[ج 2 ص 738]

(1/12079)

[حديث: لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان]

6777# قوله: (أَخْبَرَنا [1] أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أنس بن عياض، و (يَزِيد بْن الْهَادِ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وهو في أصلنا: بغير ياء، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الصحيح: إثبات الياء، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو ابن الحارث التيميُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرَّجل): يحتمل أن يكون النُّعيمان، ويحتمل أن يكون عبدَ الله الملقَّب بحمار، على ما فيه، وسيأتي قريبًا ما فيه من كلام الحافظ الدِّمْيَاطيِّ، ثمَّ إنِّي رأيت كلام ابن شيخنا البُلْقينيّ، فقال: (يصحُّ تفسيره بالنُّعيمان وبعبد الله حمارٍ)، قال: (وفي «مختصر الاستيعاب» في ترجمة نُعيمان بن عمرو: قال أبو عمر: كان نُعيمان رجلًا صالحًا على ما كان فيه من الدُّعابة، وكان له ابنٌ قد انهمك في الخمر، فجلده رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها أربعَ مَرَّاتٍ، وقال عليه السَّلام للذي لعنه: «لا تلعنه؛ فإنَّه يحبُّ الله ورسوله»، وقد رُوِي ذلك في النُّعيمان نفسِه، وفيه قال القوم: أخزاك الله)، انتهى.

قوله: (قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللهُ): القائل ذلك لا أعرفه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين في هذا الحديث _وهو حديث أبي هريرة_: (هو عمر بن الخَطَّاب، رواه البيهقيُّ، ثمَّ قال: ويُفسَّر به القائل في حديث عمر في قصَّة عبد الله الملقَّب حمارًا)، انتهى.

(1/12080)

[حديث: ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت]

6778# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، و (أَبُو حَصِينٍ)؛ بفتح الحاء وكسر الصَّاد المُهْمَلَتين، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى: بالفتح، والأسماء: بالضَّمِّ، واسم أبي حَصِين هذا: عثمان بن عاصم، و (عُمَيْر بْن سَعِيدٍ النَّخَعِي): يروي عن ابن مسعود وعليٍّ رضي الله عنهما، وعمَّار، وسعد، وأبي موسى رضي الله عنهم، وطائفة، وعنه: الشَّعْبيُّ، وأبو حَصِين، والأعمش، وحجَّاج بن أرطاة، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين، تُوُفِّيَ في ولاية خالد بن عبد الله سنة خمسَ عشرةَ ومئةٍ، وقال ابن حِبَّانَ: سنة سبع ومئة في ولاية عمر بن هبيرة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه.

تنبيهٌ: يشتبه به عمير بن سعد؛ بغير ياء، وهذا أنصاريٌّ أوسيٌّ، يروي عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعنه: ابنه محمود، وكثير بن مُرَّة، وأبو إدريس الخولانيُّ، وراشد بن سعد، وجماعة، وكان يقال له: نسيج وحده، وُلِّي فلسطين لعمر، وأبوه بدريٌّ، قال مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير: سعد بن عبيد هو أبو زيد الذي جمع القرآن على عهده عليه السَّلام، وهو بدريٌّ، قُتل بالقادسيَّة سنة ستَّ عشرةَ، وابنه عمير هو والي عمر، وأمَّا مصعب الزُّبَيريُّ؛ فروى عبد الله بن مُحَمَّد بن عمارة بن القدَّاح [1] قال: عمير بن سعد بن شهيد بن قيس بن النُّعمان بن عمرو بن أُمَيَّة، صحب النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولم يشهد شيئًا من المشاهد، واستعمله عمر على حمص، ثمَّ ارتحل عنها إلى المدينة، وكانت ولايته بعد سعيد بن عامر، وقال ابن سيرين: كان عمير بن سعد يعجب عمر بن الخَطَّاب، وكان مِن عجبه به يسمِّيه: نسيج وحده، رُوِي: أنَّه مات في زمن عمر، وقيل: زمن عثمان، أخرج لهذا التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ في «عمل اليوم واللَّيلة»، وليس له في الكتابَين شيءٌ، وأبو زيد قد ذكرتُه في مكانه، قال أنس: (وهو أحد عمومتي ونحن ورثناه)، وهذا مِن الخزرج، والله أعلم.

قوله: (فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِي نَفْسِي): هو بنصب (يموت) و (أجد)، ويصحُّ رفعهما أيضًا.

قوله: (إِلَّا صَاحِبَ): هو مَنْصُوبٌ على الاستثناء، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَدَيْتُهُ): أي: أعطيت دِيتَه، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12081)

قوله: (لَمْ يَسُنّهُ): معناه: لم يُقدِّر فيه حدًّا مضبوطًا، قاله النَّوويُّ، وقال في «تهذيبه»: (قيل: لم تسنَّ الزيادة على الأربعين؛ تعزيرًا، فأنا إذا زدتها تعزيرًا فمات؛ وديتُه، والثَّاني معناه: لم يسنَّه بالسَّوط، بل بالنِّعال وأطراف الثِّياب)، انتهى، وقال في «شرح مسلم»: (وقد أجمع العلماء على أنَّ مَن وَجَبَ عليه حدٌّ، فجلده الإمامُ أو جلَّاده الحدَّ الشرعيَّ، فمات؛ فلا دية له ولا كفَّارة، لا على الإمام ولا على جلَّاده ولا في بيت المال، وأمَّا مَن مات مِن التَّعزير؛ فمذهب الشَّافِعيِّ وجوبُ ضمانه بالدِّية والكفَّارة، وفي محلِّ ضمانه قولان للشَّافعيِّ؛ أصحُّهما: تجب دِيتُه على عاقلة الإمام، والكفَّارة في مال الإمام، والثَّاني: تجب الدِّية في بيت المال، وفي الكفَّارة على هذا وجهان لأصحاب الشَّافِعيِّ؛ أحدهما: في بيت المال أيضًا، والثاني: في مال الإمام، وقال جماهير العلماء: لا ضمانَ فيه، لا على الإمام ولا على عاقلته ولا في بيت المال، والله أعلم.

تنبيهٌ: قوله: (وقد أجمع العلماء ... ) إلى آخره: فيه شيء يُعرَف مِن كلام الشَّافِعيَّة فيما إذا مات المحدود في شرب الخمر، وكان قد حُدَّ أربعين فقط، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الفلاح)، والمُثبَت من كتب التَّراجم.

[ج 2 ص 738]

(1/12082)

[باب ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة]

(1/12083)

[حديث: لا تلعنوه فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله]

6780# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ [2] اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هذا وَهَم، واسمه النُّعيمان، كما تَقَدَّمَ) انتهى، واعلم أنَّ عبد الله حمارًا معدود في الصَّحَابة، وقد ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ فيهم وغيرُه، وقد رأيت بخطِّ الحافظ فتح الدين ابن سيِّد الناس: (أنَّه كان يُضحِك رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ذكر حديثه البزَّار)، انتهى، ولا أعرف نسبه، وهو صاحب مزاح، وكان يُهدي إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ويضحكه، والتَّوهيم في كلام الدِّمْيَاطيِّ: الذي ظهر لي أنَّه لم ينكر صحبة عبد الله حمار، ولكنَّه أنكر كونه المعروف بشرب الخمر، وأنَّه جلد فيه، إنَّما يُعرَف بها النُّعيمان، لا أنَّه يُنكِر أن يكون عبدُ الله حمارٌ صحابيًّا، والله أعلم، وحمارٌ لقبُ هذا الرَّجل؛ كالحمار؛ الدَّابَّة المعروفة، ووقع في «الاستيعاب» في آخر (العبادلة): (أنَّه يلقَّب جمازًا)؛ بالجيم والزَّاي بالقلم، وقد كتب تجاه ذلك ابن الأمين أبو إسحاق: (أنَّ صوابه: حمار)، وكذا رأيت بخطِّ أبي الفتح اليعمريِّ، ولفظه: (الصَّوابُ عندهم: حمار؛ بالمُهْمَلَتين)، انتهى، وهذا مَعْرُوفٌ لا شكَّ فيه، وكأنَّه سبق قلم مِن النَّاسخ، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُضحِك)؛ بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ؛ الْعَنْهُ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (هذا الرجل مُسمًّى في رواية البيهقيِّ، وهو عمر بن الخَطَّاب راوي الحديث) _وكذا ذكر بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين كما تَقَدَّمَ قريبًا_ ثمَّ ذكر الحديث، انتهى.

واعلم أنَّ ترجمة البُخاريِّ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ): مراده بالكراهة: التَّحريم، وقد تَقَدَّمَ له أمثالُه، وهذه

[ج 2 ص 738]

(1/12084)

عادة الأقدمين، واعلم أنَّ لعن الإنسان بعينه إذا اتَّصف بشيء من المعاصي؛ كيهوديٍّ أو نصرانيٍّ أو ظالم أو زانٍ أو آكل ربًا؛ فظواهر الأحاديث أنَّه ليس بحرام، وأشار الغزاليُّ إلى تحريمه، وهو مذهب البُخاريِّ، وسيأتي قريبًا: (بَاب لعن السَّارق إذا لم يُسَمَّ) انتهى، قال الغزاليُّ: (إلَّا في حقِّ مَن علمنا أنَّه مات على الكفر؛ كأبي لهب وأبي جهل وفرعون وهامان وأشباههم، قال: ويَقرُب مِن اللَّعن الدُّعاء على الإنسان بالشَّرِّ حتَّى الدُّعاء على الظَّالم؛ كقول الإنسان: لا أصحَّ اللهُ جسمَه، ولا سلَّمه اللهُ، وما جرى مجراه، وكلُّ ذلك مذمومٌ، وكذلك جميع الحيوانات والجماد، فكلُّه مذموم، وفي تبويب «رياض الصَّالحين» منعُ لعن المعيَّن، وما ذكرته أعلاه هو كلامه في «الأذكار»، وعن أحمد روايتان في لعن المعيَّن، حكاهما ابن تيمية في «الرَّد على الرَّافضيِّ» في قضيَّة يزيد بن معاوية، فمرَّةً لعنه، ومرَّةً أمسك، والله أعلم، وأمَّا غير المُعيَّن؛ فيجوز، قال الله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]، وقال عليه السَّلام: «لعن الله الواصلة والمُستوصِلة»، وقال: «لعن الله آكل الرِّبا»، و «لعن المصوِّرين»، و «لعن مَن غيَّر منار الأرض»؛ أي: حدودها، و «لعن السَّارق»، وأمثالُ هذا كثيرٌ.

(1/12085)

قوله: (مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش خُرِّج (إلَّا) بعد (علمتُ)، وعُمِل عليها علامةُ راويها، فيبقى الكلام: ما علمت إلَّا أنَّه يحبُّ الله ورسوله، ولا إشكال في هذه النسخة، وأمَّا الرِّواية التي هي في الأصل: (ما علمتُ أنَّه يحبُّ الله ورسوله)؛ فقال في «المطالع»: (وتاء المُتكلِّم مضمومة، و «أنَّه»؛ بفتح الهمزة؛ ومعناه: فوالله؛ الذي علمته أنَّه يحبُّ الله ورسوله، أو لقد علمت، وليست (ما) بنافية، و (أنَّه) وما بعده بتأويل المفعول بـ «علمتُ»، ووقع عند بعضهم: «فوالله ما علمت إنَّه»؛ بكسر الهمزة من «إنَّه»، وهو وَهم يُحيل المعنى إلى ضدِّه، ويجعل «ما» نافيةً، والتَّاء عند الأصيليِّ: مضمومةٌ، وعند ابن السَّكن: مفتوحة؛ «علمتَ» تاء المخاطب على طريق التَّقرير له، ويصحُّ على هذا كسرُ «إنَّه» وفتحها، والصَّواب: كسر «إنَّ» وضمُّ التَّاء؛ وتقدير الكلام: لا تلعنوه، فوالله إنَّه يحبُّ الله ورسوله ما علمتُ؛ أي: مدَّة علمي، و «ما»: ظرفٌ للمحبَّة، وفتحُ التَّاءخطأ)، انتهى، وقال في (حرف الميم مع الهمزة): (في «باب لعن الشارب»: «لا تلعنه»؛ فوالله ما علمتُ إنَّه يحب الله ورسوله»: «ما» ههنا بمعنى: الذي، و «إنَّ» بعده مكسورةٌ مبتدأٌ، وفي بعض الروايات: «فوالله لقد علمت») انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيِّ).

[2] في (أ): (وكان)، ولعلَّه سبق نظر، والمثبت من «اليونينيَّة» و (ق).

(1/12086)

[حديث: لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم]

6781# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الصَّحيح: إثبات الياء فيه، وفي (العاصي) و (ابن أبي الموالي) و (ابن اليماني)، وتَقَدَّمَ أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن الحارث التَّيميُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَكْرَانَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا (السَّكران): يحتمل أن يكون النُّعيمانَ أو عبد الله حمارًا، على ما قَدَّمْتُ فيه من كلام الدِّمْيَاطيِّ.

قوله: (رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللهُ؟!): تَقَدَّمَ أنَّ هذا لا أعرفه.

==========

[ج 2 ص 739]

(1/12087)

[باب السارق حين يسرق]

(1/12088)

[حديث ابن عباس: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... ]

6782# قوله (حَدَّثَنَا [1] عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس الصيرفيُّ، الحافظ، أحد الأعلام، و (فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ)؛ بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المُعْجَمَة.

قوله: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا في أوَّل (كتاب الحدود).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثني).

[ج 2 ص 739]

(1/12089)

[باب لعن السارق إذا لم يسم]

قوله: (بَابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ): (يُسَمَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (إذا لم يُسَمَّ): تَقَدَّمَ الكلام على لعن المعيَّن مِن أصحاب المعاصي؛ فانظره أعلاه، وأمَّا لعن غير المعيَّن؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه يجوز.

==========

[ج 2 ص 739]

(1/12090)

[حديث: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده]

6783# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاءٌ مُثَلَّثَةٌ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان.

قوله: (يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ): سيأتي عقب هذا في طرف الحديث: (قالَ الأَعْمَشُ: كَانُوا يُرَوْنَ [1] أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ) انتهى، قيل: هي بيضة الطَّائر المعروفة، وهذا يؤيِّد مذهب مَن يقطع في كلِّ قليل وكثير، ولا يَعْتَبِر النِّصَابَ، وقيل: هو مَثَلٌ وإِخْبَار عن مآل مَن اعتاد السَّرقة ولو للشيء التَّافه، فإنَّ ذلك يجرُّه إلى سرقة ما له بالٌ، وقيل: المراد: بيضةُ الحديد _كما تَقَدَّمَ عن الأعمش_ التي لها قدرٌ، قال ابن الأثير في «نهايته»: («يسرق البيضة»؛ يعني: الخوذة، قال ابن قُتَيْبَة: الوجه في الحديث: أنَّ الله لمَّا أنزل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لعن الله السَّارق يسرق البيضة، فتُقطَع يدُه»، على ظاهر ما نزل عليه؛ يعني: بيضة الدَّجاجة ونحوها، ثمَّ أعلمه اللهُ بعدُ أنَّ القطع لا يكون إلَّا في ربع دينار فما فوقه، وأنكر تأويلها بالخوذة؛ لأنَّ هذا ليس موضعَ تكثيرٍ لما يأخذه السارق، وإنَّما موضع تقليل، فإنَّه لا يقال: قبَّح الله فلانًا عرَّض نفسه للضَّرب في عقد جوهر، إنَّما يقال: لعنه الله تعرَّض لقطع يده في خَلِقٍ رثٍّ أو كبَّة شعر)، انتهى.

قوله: (وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ): عقَّبه الأعمش، فقال: (وَالْحَبْلُ كَانُوا يُرَوْنَ [2] أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ): وفي نسخة: (يُسَاوي)، وهذه الفصيحة، و (يَسوي): لُغيَّة، وفي «مسلم» في آخر (كتاب النذر) استعمالُها مِن كلام عبد الله بن عمر، قال الجوهريُّ: (الفرَّاء: هذا الشَّيء لا يساوي كذا، وكذا لا يساويه؛ أي: لا يعادله)، انتهى، وقال المرزوقيُّ في «شرح الفصيح»: (هذا الشيء يساوي ألفًا؛ أي: يستوي معه في القَدْر، قال: والعامَّة تقول: يَسْوِي، وليس بشيء، واعتذر بعضهم عن كلام ابن عمر، فقال: هو تغيير من بعض الرُّواة)، و (الحبل): قيل: هو على ظاهره، وقيل: حبل السَّفينة، والله أعلم، ويأتي فيه ما ذكرته في (البيضة) أعلاه.

==========

(1/12091)

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يَرَوْن).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يَرَوْن).

[ج 2 ص 739]

(1/12092)

[باب: الحدود كفارة]

قوله: (بَابٌ: الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحدود كفَّارة)، وعلى حديث أبي هريرة: (ما أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟) في أوَّل هذا التعليق، وإشكال على حديث عبادة هذا، والجواب عنه مُطَوَّلًا؛ فانظره في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة.

(1/12093)

[حديث: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا.]

6784# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ، والفِرْيَابيُّ قد روى عن السُّفيانَين، ويؤيِّد أنَّه الفِرْيَابيُّ: أنَّ أبا عليٍّ الغسَّانيَّ ذكر الفِرْيَابيَّ ومُحَمَّد بن يوسف أبا أحمد البُخاريَّ البيكنديَّ، فقال: (حدَّث _يعني: الثَّاني_ عن سفيان بن عُيَيْنَة، وعبد الأعلى بن مسهر، وأبي أسامة، وأحمد بن يزيد الحرانيِّ)، ثمَّ ذكر أماكنَ في «صحيح البُخاريِّ» رواها البُخاريُّ عنه، ولم يذكر هذا المكان منها، بل ذكر مكانًا بعد هذا يأتي، وأتت مِن وراء الكشف، ولم يعينه المِزِّيُّ في «أطرافه»، بل قال: (مُحَمَّد بن يوسف)، ولم يتعرَّض له شيخنا بالكليَّة، والله أعلم،

[ج 2 ص 739]

و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو إِدْرِيس الخَوْلَانِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عائذُ الله بن عبد الله.

قوله: (كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان في بيعة العقبة، وقد تَقَدَّمَ متى كانت هذه الثَّانية، وإن شئت؛ قلت الثَّالثة، وكم كانوا، والاختلاف في عددهم، والله أعلم.

(1/12094)

[باب: ظهر المؤمن حمًى إلا في حد أو حق]

(1/12095)

[حديث: ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمةً]

6785# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا فيما يظهر لي مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهليُّ الحافظ، ومستندي في ذلك أنَّ الذَّهَبيَّ قال في «التذهيب» في ترجمة عاصم بن عليٍّ: وعنه فلانٌ وفلانٌ، وقد روى البُخاريُّ وابن ماجه عن مُحَمَّد بن يحيى الذهليِّ عنه، والله أعلم.

و (عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ): هو عاصم بن عليِّ بن عاصم بن صهيب الواسطيُّ، أبو الحسين، ويقال: أبو الحسن، التَّميميُّ، روى عن أبيه، وابن أبي ذئب، والمسعوديِّ، وعكرمة بن عمَّار، وعاصم بن مُحَمَّد بن زيد العمريِّ، وشعبة، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، وعليُّ بن عبد العزيز البغويُّ، وكان مِن ثقات الشيوخ وأعيانهم، قال أحمد: ما أقلَّ خطأه! لقد عرض عليَّ حديثه، وهو أصحُّ حديثًا مِن أبيه، وقال ابن معين: ضعيف، وفي رواية: ليس بشيء، وفي رواية: ليس بثقة، وفي رواية: كذَّاب، قال ابن سعد وغيره: مات في نصف رجب سنة (221 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/12096)

و (عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عاصمٌ وواقدٌ وزيدٌ وعمر وأبو بكر أولاد مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، روى عاصم عن أبيه، وعن أخويه واقدٍ وعمرَ، اتَّفقا على واقدٍ وعاصم وعمر، وانفرد البُخاريُّ لعاصم بن عليٍّ الواسطيِّ)، انتهى، و (وَاقِد)؛ بالقاف، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد تَقَدَّمَ، وقوله: (وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبِي): يعني: مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، عن جدِّه عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، وهذا ظاهِرٌ، وإنَّما كتبته؛ لأنَّ في أصلنا تحت قوله: (سمعت أبي) ما لفظه: (هو زيد)، وهذا خطأ، وإنَّما هو مُحَمَّد بن زيد، وهذا الحديث الذي نحن فيه ذكره المِزِّيُّ في مسند مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب عن جدِّه ابن عمر، لا في مسند زيد بن عبد الله بن عمر، ومُحَمَّد بن زيد له أحاديثُ في «البُخاريِّ»، وروى له أيضًا عن عبد الله بن عمر جدِّه مسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأمَّا زيد بن عبد الله بن عمر؛ فليس له في شيء مِن الكتب عن عبد الله بن عمر إلَّا حديثًا واحدًا: (بينما هو في الدَّار _يعني: عمر_ خائفًا؛ إذ جاءه العاصي بن وائل ... »؛ الحديث في إسلام عمر، وحديثًا آخرَ مُعلَّقًا: «من جرَّ ثوبه مِن مخيلة ... »؛ الحديث، عقيب حديث محارب عن ابن عمر، قال: تابعه زيد بن عبد الله عن أبيه، والله أعلم، وكتب بعض فضلاء الحنفيَّة تحت (عبد الله) ما لفظه: (ابن عمر، وهو جدُّ زيد) انتهى، إنَّما هو والده، والله أعلم.

قوله: (أَلاَ شَهْرُنَا هَذَا)، وكذا (بَلَدُنَا)، وكذا (يَوْمُنَا): كلُّه مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (كُلَّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ): (كلَّ): مَنْصُوبٌ على الظَّرف؛ أي: في كلِّ ذلك يجيبونه، ويصحُّ رفعه.

قوله: (وَيْحَكُمْ، أَوْ وَيْلَكُمْ!): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح) وعلى (وَيْل).

قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع، وأنَّ مَن جزمه أخطأ، وتَقَدَّمَ ما قال فيه أبو البقاء وابن مالك، وتَقَدَّمَ أنَّ الرواية بالرَّفع في أوائل هذا التعليق.

(1/12097)

[باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله]

(1/12098)

[حديث: ما خير النبي بين أمرين إلا اختار أيسرهما]

6786# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيل) مرارًا: أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَأْثَمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (خُيِّر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (يُؤْتَى إِلَيْهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَت بلغاتها.

قوله: (حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللهِ): (تُنتهَكَ): مَبْنيٌّ لما يُسَمَّ فاعله، و (حرماتُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَيَنْتَقِمُ): يجوز نصبه ورفعه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ).

[ج 2 ص 740]

(1/12099)

[باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع]

(1/12100)

[حديث: إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحد ... ]

6787# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ): هذه (المرأة) هي السارقة، وقد قَدَّمْتُ أنَّ اسمها فاطمة بنت أبي الأسد أو أبي الأسود، وقيل: بنت الأسود بن عبد الأسد المخزوميَّة، صحابيَّة رضي الله عنها.

قوله: (أَنَّهُمْ كَانُوا): (أنَّهم)؛ بفتح الهمزة، وهذا ظاهِرٌ معروف.

قوله: (لَوْ فَاطِمَةُ فَعَلَتْ ذَلِكَ): تَقَدَّمَ أنَّ الحكمة في تنظير السَّارقة بفاطمة؛ للاسم، ولأنَّ كلَّ واحدة منهما قرشيَّة، وقد تَقَدَّمَ ما ذكره ابن ماجه عن شيخه مُحَمَّد بن رمح عن اللَّيث بن سعد في أنَّ حقًّا على كلِّ مسلم سمع هذا الحديث أن يقول: قد أعاذها الله مِن أن تسرق، قد أعاذها الله مِن أن تسرق.

(1/12101)

[باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان]

قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ): قوله: (كراهية): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، ويقال من حيث اللُّغةُ: كراهي، وقوله: (باب كراهية ... ) إلى آخره: يريد: تحريم، والقدماء يعبِّرون بالمكروه عن الحرام، وقد تَقَدَّمَ له أمثاله.

قوله: (إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ): (رُفِع): مَبْنيٌّ لما يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 2 ص 740]

(1/12102)

[حديث: يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم ... ]

6788# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (شَأْنُ [1] المَرأةِ [2] الَّتِي سَرَقَتْ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله اسمُها ونسبُها.

قوله: (وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ): (يجترئ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (إِلاَّ أُسَامَةُ): هو مَرْفُوعٌ، استثناء مفرغ.

قوله: (حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حِبُّ)؛ بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة؛ أي: محبوب.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (وايم) وما يتعلَّق بها، وهل همزتها وصل _وهو الصَّحيح_ أو قطع، والله أعلم.

(1/12103)

[باب قول الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} ... ]

[ج 2 ص 740]

قوله: (وَفِي كَمْ تُقْطَعُ [1]): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يُقطَع).

(1/12104)

[حديث: تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا]

6789# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَمْرَة): بنت عبد الرَّحمن، تَقَدَّمَت، وأنَّها مِن أجلِّ التابعيَّات، وأجلُّ التابعيَّات: عمرةُ، وحفصةُ بنت سيرين، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى، و (عمرة): هي بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرارة الأنصاريَّة المدنيَّة الفقيهة، كانت في حجر عائشة، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على إبراهيم بن سعد، و (عبد الرَّحْمَن بن خالد): هو ابن مسافر أمير مصر، تَقَدَّمَت ترجمته، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابن أخي الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، أخرج له الجماعة، ومتابعته لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (رواها مُحَمَّد بن خالد الذهليُّ في كتاب «علل أحاديث الزُّهْرِيِّ» عن رَوح بن عُبَادة ومُحَمَّد بن أبي بكر عنهما)؛ أي: عن عبد الرَّحْمَن بن خالد وابن أخي الزُّهْرِيِّ، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومتابعة مَعْمَر أخرجها مسلم عن عَبْد بن حُمَيدٍ وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن مَعْمَر عن الزُّهْرِيِّ، وأخرجها النَّسائيُّ عن الحسن بن مُحَمَّد الزَّعفرانيِّ، عن عبد الوهَّاب _وهو ابن عطاء الخفَّاف_ عن سعيد بن أبي عَروبة، عن مَعْمَر به.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12105)

[حديث: تقطع يد السارق في ربع دينار]

6790# قوله: (عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12106)

[حديث: يقطع في ربع دينار]

6791# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد، أبو عُبَيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الْحُسَيْنُ): هو ابن ذكوان المُعلِّم، وقوله فيه: (عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي الدِّمَشْقيِّ: (عن يحيى بن آدم، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عن عمرة)، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (البُخاريُّ في «الحدود» عن عمران بن ميسرة، عن عبد الوارث، عن الحُسين المُعلِّم، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عن عمرة به، والنَّسائيُّ في «القطع» عن إبراهيم بن يعقوب، عن عبد الله بن يوسف، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي الرِّجال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عن أبيه نحوه: تُقطَع يد السَّارق في ثمن المجنِّ ربع دينار، وعن يحيى بن دُرستَ، عن أبي إسماعيل القنَّاد، عن يحيى بن أبي كَثِير به، وعن حُمَيد بن مسعدة عن عبد الوارث به، أخرجه أبو مسعود في هذه الترجمة، وأخرجه خلف في ترجمة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابن أخي عمرة عن عمرة، ورواه لوين، عن أبي إسماعيل القنَّاد، عن يحيى، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ثوبان، عن عمرة)، انتهى، والظَّاهر أنَّ نسختي بـ «الأطراف» سقط منها (يحيى)، والظَّاهر أنَّه ابن أبي كَثِير؛ لقول المِزِّيِّ: (عن يحيى بن أبي كَثِير به)، ويحيى بن آدم، ليس في هذه الطَّبقة، والله أعلم، ورأيت في نسختين؛ إحداهما: (يحيى بن أبي كَثِير)، والثَّانية: (يحيى: هو ابن أبي كَثِير)، والله أعلم.

(1/12107)

[حديث: أن يد السارق لم تقطع على عهد النبي إلا في ثمن مجن]

6792# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو ابن سليمان.

قوله: (إِلَّا فِي ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ): (المِجَنُّ)؛ بكسر الميم، وفتح الجيم، وتشديد النون؛ وهو التُّرس، وميمه أصليَّة عند سيبويه، وقيل: زائدة، وفي (جنن) أخرجه الجوهريُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو ابن أبي شيبة، أخو الحافظ أبي بكر، وهو أسنُّ من أبي بكر ابن أبي شيبة، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو الرؤاسيُّ، أخرج له الجماعة، مشهورٌ.

(1/12108)

[حديث: لم تكن تقطع يد السارق في أدنى من حجفة أو ترس]

6793# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ): (تُقطع): مَبْنيٌّ لما يسمَّ فاعله، و (يدُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12109)

[حديث: لم تقطع يد سارق على عهد النبي]

6794# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ): (تُقطَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يدُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، مُرْسَلًا) [1]: أمَّا (وكيع)؛ فهو ابن الجرَّاح الرؤاسيُّ، أحد الأعلام، و (ابن إدريس): هو عبد الله بن إدريس الأوديُّ، أحد الأعلام، و (المُرسَل) فيه أقوالٌ؛ الأصحُّ فيه: أنَّه قول التابعيِّ: (قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وهو الذي أراده البُخاريُّ هنا، أو قول التابعيِّ الكبير، أو ما سقط مِن رجالِ إسنادِه واحدٌ، وفيه غير ذلك من الأقوال، وهذا المُرسَل لم أره في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا في رواية وكيع: (أخرجها عبد الرزَّاق في «مُصنَّفه» عنه فيما ذكره الطَّبَرانيُّ في «أوسطه»)، انتهى، وسكت عن رواية ابن إدريس، انتهى، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه هذا المكان على كلامي ما لفظه: (هذا العزوُ _أنَّ رواية وكيع ليس بشيء_ وقد وصل البيهقيُّ روايتَي وكيعٍ وعبدِ الله بن إدريس، وأخرج ابن أبي شيبة روايةَ وكيع في «مُصنَّفه»، وليس لشيء من ذلك ذِكْرٌ في «الأوسط» للطَّبرانيِّ).

(1/12110)

[حديث: أن رسول الله قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم]

6795# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (فِي مِجَنٍّ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وما هو.

(1/12111)

[حديث: قطع النبي في مجن ثمنه ثلاثة دراهم]

6797# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (فِي مِجَنٍّ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وما هو.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12112)

[حديث: قطع النبي يد سارق في مجن ثمنه ثلاثة دراهم]

6798# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أنس بن عياض.

قوله: (يَدَ سَارِقٍ): هذا (السَّارق) لا أعرف اسمه.

قوله: (تابعه مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ): الضَّمير في (تابعة) يعود على موسى بن عقبة، وهذه المتابعة رأيتها في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أراجع أصلنا القاهريَّ، ثمَّ إنِّي رأيتها في أصلنا، وعليها بالحمرة: (ز)؛ يعني: زائدة، وعليها أيضًا علامة راويها بالحمرة، وفي آخره: (صح)؛ بالحمرة، ثمَّ ذَكَر في أصلنا هذه المتابعة بعينها قبلَ حديث موسى بن إسماعيل: «لعن الله السَّارق ... »؛ الحديث، وقد كتب عليها: (لا، ه)، وفي آخرها: (إلى) و (صح)، وفي ثبوتها في الموضعَين نظرٌ، والله أعلم، وقد كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: (ومتابعة ابن إسحاق وصلها الإسماعيليُّ في «مستخرجه»)، انتهى، ورأيت المِزِّيَّ ذكرها في «الأطراف»، لكن ذكرها شيخنا في طرف الحديث ولم يخرِّجها، ولا أعلم من خرَّجها، وليست في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: قِيمَتُهُ): كذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أراجع أصلنا القاهريَّ، وتعليق اللَّيث أخرجه مسلم عن قُتَيْبَة ومُحَمَّد بن رمح؛ كلاهما عن اللَّيث به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن قُتَيْبَة به، وقال: حسن صحيح.

(1/12113)

[حديث: لعن الله السارق يسرق البيضة، فتقطع يده]

6799# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وقد قَدَّمْتُ بعضَ ترجمته، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيح» تجنَّبا ما أُنكِر عليه مِن تلك الأحاديث، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان.

قوله: (لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12114)

[باب توبة السارق]

(1/12115)

[حديث: أن النبي قطع يد امرأة ... ]

6800# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (قَطَعَ يَدَ امْرَأَةٍ): الظاهر، بل البتُّ أنَّها المخزوميَّة التي سرقت في الفتح، وتكلَّم فيها أسامة، وقد تَقَدَّمَ اسمها قريبًا وبعيدًا؛ فانظرها.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 741]

(1/12116)

[حديث: أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا]

6801# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، ولمَ قيل له: المسنديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو الصنعانيُّ، قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين بينهما، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيس): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عائذ الله بن عبد الله، أبو إدريس الخولانيُّ.

[ج 2 ص 741]

قوله: (بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه البيعة كانت في العقبة الثانية، وإن شئت؛ قلت: الثَّالثة، وتَقَدَّمَ كم كانت الأنصار المبايعون فيها، مع الخلاف في ذلك في أوائل هذا التعليق وغيره، وهم معروفون، فإن أردتَهم؛ فانظر «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ»، وإن شئت؛ غيرها مِن السِّير.

قوله: (فَهْوَ كَفَّارَةٌ [1] وَطَهُورٌ): هو بضَمِّ الطَّاء وتُفتَح، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

(1/12117)

((86 م)) (كِتَابُ المُحارِبِينَ) ... إلى (بَاب رَجْمِ المُحْصَنِ)

ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (ترجم على المحاربين الكفَّار، وأدخل الآية؛ يعني: قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... }؛ الآية [المائدة: 33]، وهي عامَّة لا تخصُّ الكافر، وبها استدلَّ الفقهاء على أحكام المحاربين من المسلمين، ولكن _والله أعلم_ بنى على قول مَن قال: إنَّها نزلت في هؤلاء النَّفر المرتدِّين، وهو قول قتادة)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12118)

[حديث: قدم على النبي نفر من عكل فأسلموا فاجتووا المدينة]

6802# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، تَقَدَّمَ، و (الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ): أحد الأعلام الدِّمَشْقيُّ، و (الأَوْزَاعِيُّ): أبو عَمرو عبد الرَّحْمَن بن عَمرو، تَقَدَّمَ أنَّه منسوب إلى الأوزاع؛ وهو بطن من حِمْيَر، وقيل: مِن هَمْدان؛ بإسكان الميم، وبالدَّال المُهْمَلَة، وقيل: إنَّ الأوزاع: قرية كانت عند باب الفراديس مِن دمشق، وهي نسبة إلى الأوزاع؛ القبائل؛ أي: فرقها وبقايا مجتمعة من قبائل شتَّى، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه أفتى في سبعين ألف مسألة، وهو شيخ الإسلام رحمه الله، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو قِلاَبَةَ): تَقَدَّمَ ضبطُه مرارًا، و (الْجَرْمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بالجيم المفتوحة، وإسكان الرَّاء، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّهم كانوا ثمانية، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقيل: سبعة، وتَقَدَّمَ أنَّ في رواية: (أنَّهم مِن عكل)، وفي رواية: (مِن عرينة)، وفي رواية بالشَّكِّ، وفي رواية: (من عكل وعرينة)، و (أنَّ نفرًا)؛ ولم يذكر من أيِّ قبيلة هم، وأنَّ الكلَّ في «الصَّحيح» من حديث أنس.

(1/12119)

قوله: (فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ): تَقَدَّمَ معناه في (الوضوء)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على: (فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا)، وكذا وقع في «مسلم»: (ومالوا على الرُّعاة)، وفي بعض النُّسخ: (الرعاءِ)، وهما لغتان، ولا أعرف منهم إلَّا واحدًا، وكذا في بعض طرقه: (وقتلوا الرَّاعي)، فالظاهر أنَّ الجمع مجاز، وقد قَدَّمْتُ أنَّ اسمه يسار، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الإِبِل) التي أخذوا، وأنَّها كانت خمسَ عشرةَ غِزارًا، وأنَّهم ردُّوها إلى المدينة، ففقدوا منها واحدة تُدعى: الحَنَّاء، فسأل عنها، فقيل: نحروها، والذي أحفظه فيها أنَّها بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد النُّون، ممدودة، وتَقَدَّمَ مَن (بَعَثَ فِي آثَارِهِمْ)، وأنَّه أرسل أمير السَّريَّة سعيد بن زيد عند ابن عقبة، قال بعضهم: أحد العشرة، ويقال: الأشهليُّ سعيد بن زيد الأنصاريُّ، وأنَّ السَّريَّة كانت في شوَّال سنة عشر عند ابن سعد، قال ابن سعد: بلغ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الخبرُ، فبعث في إثرهم عشرين فارسًا، واستعمل عليهم كُرْز بن جابر الفهريَّ، وقد تَقَدَّمَ تغليط مَن قال: إنَّ أميرهم جَرِير بن عبد الله البَجَليُّ، وهو ظاهِرٌ التغليط، وكذا (سَمَلَ): تَقَدَّمَ معناه، وكذا (لَمْ يَحْسِمْهُمْ)، و (الحسم): قطع سيلان الدَّم بالكيِّ، كلُّ ذلك في (الوضوء)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12120)

[باب لم يحسم النبي المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا]

قوله: (بَابٌ: لَمْ يَحْسِمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَارِبِينَ): هو بكسر السِّين، وقد تَقَدَّمَ أعلاه ما (الحسم).

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12121)

[حديث: أن النبي قطع العرنيين ولم يحسمهم حتى ماتوا]

6803# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هو ابن مسلم، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الأَوْزَاعِيُّ) أعلاه، و (يَحْيَى): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ كم كان (العُرَنِيُّون).

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12122)

[باب: لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا]

قوله: (بَابٌ: لَمْ يُسْقَ الْمُرْتَدُّونَ): (يُسْقَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المرتدُّون): نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (الْمُحَارِبُونَ): صفة له.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12123)

[حديث: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله]

6804# قوله: (عَنْ وُهَيْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (رَهْطٌ): تَقَدَّمَ ما (الرَّهط) من العدد، وتَقَدَّمَ الكلام على: (عُكْلٍ)، وكم كانوا، وعلى: (فَاجْتَوَوُا).

قوله: (أبْغِنَا رِسْلًا): قال ابن قُرقُول: («أبغني أحجارًا وأبغنا رسلًا»، والرِّسل: اللَّبن، وأبغني حبيبًا؛ أي: أطلب، ويقال: أعنِّي على الطَّلب ذلك، وأصل البغاء: الطَّلب، ومنه البَغيُّ؛ لأنَّها تطلب الفساد، قال ابن قُتَيْبَة: البُغاء والبِغاء: الزِّنى، وابغ؛ أي: اطلُب لي، وأبغني: أعنِّي على الطَّلب ... ) إلى آخر كلامه، وقال ابن الأثير: يقال: ابغني؛ بهمزة الوصل؛ أي: اطلب لي، وأبغني؛ بهمزة القطع؛ أي: أعنِّي على الطَّلب، وقد تَقَدَّمَ ذلك، و (الرِّسْل)؛ بكسر الرَّاء، وإسكان السين المُهْمَلَة لا غير: اللَّبن، قال في «المطالع»: (وكذلك ابغنا رسلًا؛ أي: هبْه لنا واطلبْه، وقال ابن دريد: الرَّسَل؛ بفتح الرَّاء والسِّين: المال من الإبل والغنم، وقال غيره: الإبل تُرسَل إلى الماء)، انتهى.

قوله: (فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الوُضوء)، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّاعِي) اسمه يسار، وتَقَدَّمَ (الذَّوْدَ)، وأنَّه كان خمسة عشر غِزارًا.

قوله: (الصَّرِيخُ): مَرْفُوعٌ فاعل (أتى)؛ ومعناه: المُستغِيث، وقد يأتي بمعنى: المغيث، والأوَّل: هو المراد هنا، وأصله: رفع الصَّوت، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (بَعَثَ الطَّلَبَ)، وكم كانوا فارسًا، ومَن أميرهم، وتاريخ البَعث.

قوله: (فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ): معناه: ارتفع، وقد تَقَدَّمَ، وكذا (حَسَمَهُمْ): تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (ثُمَّ أُلْقُوا): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (سَرَقُوا): هذه ليست بسَرِقة، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12124)

[باب سمر النبي أعين المحاربين]

[ج 2 ص 742]

قوله: (بَابٌ: سَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ الْمُحَارِبِينَ): (بابٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، و (سَمَرَ): فعل ماضٍ؛ بالتَّخفيف، ويقال: بالتَّشديد، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعل، و (أعينَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وفي رواية: (بابُ): مَرْفُوعٌ؛ من غير تنوين، و (سَمْرِ [1])؛ بفتح السين، وإسكان الميم: مجرور مُضافٌ، و (أعينَ): مَنْصُوبٌ مفعول المصدر، وهو (سَمْرِ).

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة»، ويُنظَر هامشها.

(1/12125)

[حديث: أن رهطًا من عكل قدموا المدينة فأمر لهم ... ]

6805# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، الإمام، و (أَيُّوب): هو السَّخْتيَانيُّ ابن أبي تميمة، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، تقدَّموا.

قوله: (أَنَّ رَهْطًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهط) كم هو، وتَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء في «البُخاريِّ» و «مسلم» كانوا ثمانية، وأنَّ النَّوويَّ عزا ذلك لخارج الكُتُب السِّتَّة، وأنَّ عددهم ثمانيةٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقيل: كانوا سبعة، وتَقَدَّمَ الكلام على (عُكْلٍ)، وعلى (عُرَيْنَةَ)، وتَقَدَّمَ (اللِّقَاح): جمع (لقحة)، وتَقَدَّمَ أنَّها كانت خمسةَ عشرَ غِزارًا، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا)، وشربهم البول، وعلى (الرَّاعِي)، وأنَّ اسمه يسار، وعلى قوله: (فَبَعَثَ الطَّلَبَ): تَقَدَّمَ متى بعثهم، وكم كانوا فارسًا، ومن أميرهم قريبًا، وفي (الطَّهارة) وغيرِها، وعلى (سَمَرَ): أنَّه بالتَّخفيف، وضبطه بعضهم بالتَّشديد، وعلى (الحَرَّةِ) وأنَّها أرض تركبها حجارة سود.

قوله: (فَلاَ يُسْقَوْنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 743]

(1/12126)

[باب فضل من ترك الفواحش]

(1/12127)

[حديث: سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله]

6806# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصَّحيح: تخفيف لام (سلَام) في أوائل هذا التَّعليق، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (عُبَيْد اللهِ بْن عُمَرَ): هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيه، و (خُبَيْب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ، و (حَفْص بْن عَاصِمٍ): هو ابن عمر بن الخَطَّاب، و (أَبُو هُرَيْرَة): هو عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ [1] فِي ظِلِّهِ): تَقَدَّمَ أنِّي زدت هؤلاء السَّبعة جماعةُ آخرين، وقد ذكرتهم جملةً في هذا التعليق، وهم الذين يستظلُّون بظلِّه تعالى، وتَقَدَّمَ الكلام على (ظلِّه) عزَّ وجلَّ، وما المراد به، أو هو ظلُّ عرشه كما جاء في رواية، وما الظِّلُّ، وما الفَيء.

قوله: (نَشَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

قوله: (ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المَنصِب)؛ أي: ذات قَدْرٍ وشرفٍ.

قوله: (حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى الرواية التي وقعت في «مسلم» على العكس في (الزَّكاة)، وأنَّها وهم مِن بعض الرواة دون مسلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

[ج 2 ص 743]

(1/12128)

[حديث: من توكَّل لي ما بين رجليه وما بين لحييه]

6807# قوله: (وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خيَّاط شَبَاب العصفريُّ، الحافظ، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (تَوَكَّلَ): كذا هنا، وهو بمعنى: (تكفَّل) في الرِّواية الأخرى، وفي «النِّهاية»: («توكَّل»: ضمن القيام به، وقيل: بمعنى: تكفَّل له).

قوله: (مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ): أي: لسانه، وقيل: بطنه، تَقَدَّمَ، و (مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ): فرجه.

==========

[ج 2 ص 743]

(1/12129)

[باب إثم الزناة]

(1/12130)

[حديث: من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل]

6808# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (وَإِمَّا قَالَ): (إِمَّا)؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ): (يُرفَعَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العلمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (يُشْرَبَ الْخَمْرُ) مثله.

قوله: (حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ [1] امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، والذي فهمه البُخاريُّ رحمه الله هو أحد الاحتمالَين؛ وهو التَّزوُّج، فالزَّيادة على أربعٍ زنًى، أو أنَّه يَطؤُهُنَّ بغير عقد؛ فالكلُّ زنى بهنَّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (للخمسين).

[ج 2 ص 743]

(1/12131)

[حديث: لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن]

6809# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُصغَّر، وأنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد.

قوله: (لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.

(1/12132)

[حديث أبي هريرة: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن]

6810# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (ذَكْوَان): هو أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.

==========

[ج 2 ص 743]

(1/12133)

[حديث: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك.]

6811# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحد الأعلام الصَّيرفيُّ الفلَّاس، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان شيخُ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ): وهو ابن المُعتمِر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَيْسَرَةَ): اسمه عمرو بن شرحبيل الهَمْدانيُّ، مشهور جدًّا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (نِدًّا): تَقَدَّمَ ما (الندُّ) تعالى الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام [على] (أيُّ) هل هي [1] مرفوعة مُنَوَّنة [أو] مرفوعةٌ مِن غير تنوينٍ في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (أَجْلَ [2] أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ): (أَجْلَ)؛ بفتح الهمزة، وإسكان الجيم، مفتوح اللَّام، تَقَدَّمَ، و (يَطعَم)؛ بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا معطوف على السند الذي قبله الذي يرويه عَمرو بن عليٍّ عن يحيى، و (يحيى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد القَطَّان، و (سفيان): هو الثَّوريُّ، و (وَاصِلٌ): هو واصل بن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت، الأحدب الأسديُّ، بيَّاع السَّابريِّ، مولى أبي بكر بن عيَّاش من فوق، عن شريح القاضي، والمعرور بن سويد، وأبو وائل، وإبراهيم النَّخَعيِّ، وجماعة، وعنه: مغيرة بن مِقْسَم، ومِسْعَر، وشعبة، والثَّوريُّ، ومهديُّ بن ميمون، وطائفة، وَثَّقَهُ ابن مَعِين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة عشرين ومئة، أخرج له الجماعة، تَقَدَّمَ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

[ج 2 ص 743]

قوله: (قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ): أمَّا (عَمرو)؛ فهو ابن عليٍّ الفلَّاس الصَّيرفيُّ، شيخ البُخاريِّ، وأمَّا (عبد الرَّحْمَن)؛ فهو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام.

قوله: (وَكَانَ حَدَّثَنَا عَنْ سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ، و (حَدَّثَنَا): فعل ماضٍ ومفعول، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12134)

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ وَوَاصِلٍ): (الأعمش): هو سليمان بن مِهْرَان، و (منصور): هو ابن المُعتمِر، و (واصل): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن حيَّان، و (منصور) و (واصل): مجروران بالعطف على (الأعمش)، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَيْسَرَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا، عَمرو بن شُرَحبيل.

(1/12135)

قوله: (قَالَ: دَعْهُ دَعْهُ): أي: قال عبد الرَّحْمَن بن مهديٍّ: دعه دعه، قال شيخنا: (أي: دع حديث أبي وائل عن عبد الله، فإنَّه لم يروه عنه وإن كان قد روى عنه الحديث الكثير)، انتهى؛ يعني: أنَّه إنَّما روى هذا الحديث أبو وائل شقيق بن سلمة عن أبي ميسرة عَمرو بن شُرحْبيل عن عبد الله، ولم يأخذه عن عبد الله نفسِه، وقد ذكر شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ في «المُدرَج من شرح الألفيَّة» له في علوم الحديث فيما قرأته عليه وسمعته أيضًا بقراءة غيري، قال: رواه التِّرْمِذيُّ عن بُنْدَار، عن عبد الرَّحْمَن بن مهديٍّ، عن سفيان الثَّوريِّ، عن واصل ومنصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عَمرو بن شُرَحْبيل، عن عبد الله، قال: وهكذا رواه مُحَمَّد بن كَثِير العبديُّ عن سفيان فيما رواه الخطيب، فرواية واصل هذه مدرجة على رواية منصور والأعمش؛ لأنَّ واصلًا لا يذكر فيه عمْرًا، بل جعله عن أبي وائل عن عبد الله، هكذا رواه شعبة ومهديُّ بن ميمون ومالك بن مغول وسعيد بن مرزوق عن واصل كما رواه الخطيب، وقد بيَّن الإسنادَين معًا يحيى بن سعيد القَطَّان في روايته عن سفيان، وفصلَ أحدَهما من الآخر، رواه البُخاريُّ في «صحيحه» في (كتاب المحاربين) عن عَمرو بن عليٍّ، عن يحيى، عن سفيان، عن منصور والأعمش؛ كلاهما عن أبي وائل، عن عَمرو، عن عبد الله، وعن سفيان، عن واصل، عن أبي وائل، عن عبد الله من غير ذكر عَمرو بن شُرَحْبيل، قال عمرو: فذكرتُه لعبد الرَّحْمَن، وكان حَدَّثَنَا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة _يعني: عَمرًا_ فقال: دعْه دعْه، قال شيخنا: (ولكن رواه النَّسائيُّ في (المحاربة) عن بُنْدَار، عن ابن مهديٍّ، عن سفيان، عن واصل وحده، عن أبي وائل، عن عَمرو بن شُرَحْبيل، فزاد في السَّند عَمْرًا من غير ذكر أحد أدرج عليه رواية واصل، وكأنَّ ابنَ مهديٍّ لمَّا حدَّث به عن سفيان عن منصور والأعمش وواصل بإسنادٍ واحدٍ؛ ظنَّ الرواة عن ابن مهديٍّ اتِّفاق طرقهم، فربَّما اقتصر أحدهم على بعض شيوخ سفيان)، انتهى.

(1/12136)

[باب رجم المحصن]

(بَابُ رَجْمِ الْمُحْصَنِ) ... إلى (كِتَاب الدِّيَاتِ)

وفي بعض النُّسخ: (كِتَابُ رَجْمِ المُحْصَنِ).

قوله: (بَابُ رَجْمِ الْمُحْصَنِ): اعلم أنَّ (الإحصان) أصلُه: المنعُ، والمرأة مُحصَنة بالإسلام وبالعفاف والحريَّة وبالتَّزويج، وهو المراد هنا، يقال: أحصنت المرأةُ؛ فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكذلك الرَّجل، فـ (المُحْصَن) في كلام البُخاريِّ يُقرَأ بالكسر وبالفتح أيضًا، والله أعلم.

فائدةٌ: شرط المُحصَن الذي يُرجَم في الزِّنى أن يكون بالغًا عاقلًا حرًّا، وَطِئ في نكاح صحيح في حال تكليفه وحريَّته، أمَّا إذا وَطِئ في نكاح شبهة أو فاسد؛ فإنَّه ليس بمُحصَن على القول الصحيح، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام المشهورين، وفي نسخة في هامش أصلنا القاهريِّ عوضُ (الحسن): (منصور)، وفيه نظرٌ، وقد عزا شيخنا أَثَرَ الحسن إلى «ابن أبي شيبة»، ولم يذكر منصورًا بالكليَّة، والله أعلم.

قوله: (مَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ حَدُّهُ حَدُّ الزَّانِي): (أخته)؛ بالمُثَنَّاة فوق، والحكم فيمَن زنى بأحد مِن مَحارِمه كذا حدُّه عند الشَّافِعيِّ، وبه قال مالك، ويعقوب، ومُحَمَّد، وأبو ثور، وقالت طائفة: إذا زنى بالمَحْرَم منه؛ قُتِل، رُوِيَ عن جابر بن زيد وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجُّوا بحديث البَراء الذي أخرجه البزَّار عن البَراء قال: (لقيت خالي ومعه الرَّاية، فقلت له، فقال: بعثني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى رجل تزوَّج امرأةَ أبيه أن أقتلَه أو أضربَ عنقَه)، وللدَّارقطنيِّ مِن حديث معاوية بن قرَّة عن أبيه: (أنَّه عليه السَّلام بعث إلى رجل عَرَّسَ بامرأة أبيه أن يُضْرَبَ عنقُه)، زاد ابن ماجه: (وأَصْفِي مالَه)، وللطَّحَّاويِّ: (ويُخمِّس مالَهُ [1])، وروى ابن أبي شيبة عن جابر بن زيد فيمَن أتى ذات مَحْرَم منه قال: ضرب عنقه، وقال ابن عَبَّاس مرفوعًا: «من وقع على ذات مَحْرَم؛ فاقتلوه»، قال الطَّحَّاويُّ في «مشكله»: (هذا الحديث يدور على إبراهيم بن إسماعيل، وهو متروك الحديث، وفي الباب غير ذلك؛ فانظر المُطوَّلات إن أردت الوقوف على ذلك.

(1/12137)

فائدةٌ: في «إكمال ابن ماكولا» في (عُقَيل) ما لفظه: (وزبَّان بن سيَّار بن عمرو العشر [2] بن جابر بن عُقَيل بن هلال بن سُمَيٍّ رئيسٌ شاعرٌ، وابنه منظور بن زبَّان بن سيَّار، هو منافر عُيَيْنَة بن حصن، وهو الذي تزوَّج امرأة أبيه، فأنفذ إليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالَ البَراء؛ ليقتله)، انتهى، ومنظور بن زبَّان الفزاريُّ المُتزوِّج بامرأة [أبيه] أنفذ إليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من يقتله، ذكره ابن ماكولا، وقال: (لو لم يكن مسلمًا؛ لما أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقتله؛ لنكاح امرأة أبيه)، انتهى، وقد رأيت الذَّهَبيَّ ذكره في «تجريده»، وحمَّر عليه، فهو عنده تابعيٌّ، وخال البَراء: هو أبو بردة ابن نِيَار، والله أعلم.

(1/12138)

[حديث: رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

6812# قوله: (حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء، و (الشَّعْبِي): عامر بن شراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا، وقوله: (عَنْ عَامرٍ الشَّعْبيِّ عن عليٍّ): في «التَّذهيب»: (روى عن عليٍّ في «البُخاريِّ»، وفلان وفلان ... ) إلى [أن] قال: (ولم يسمع منهم) انتهى.

قوله: (حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ [1]: رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه (المرأة) اسمها شُرَاحَة؛ بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف حاءٌ مهملة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وسأذكر شاهدًا لذلك، والحديث في «النَّسائيِّ» عن عليٍّ كرَّم الله وجهه: (أنَّه جلد شُرَاحَة الهَمْدانيَّة، ثمَّ رجمها، وقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتُها بسنَّة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ورواه أيضًا الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وقد عزاه غير واحد إلى البُخاريِّ، وتوقَّف في ذلك الضِّياء المقدسيُّ، والذي في «البُخاريِّ» ما قد رأيتَه، وقد قال المِزِّيُّ في «أطرافه» ما لفظه: (حديثٌ: البُخاريُّ والنسائيُّ: (أنَّ عليًّا حين رجم المرأة وضربها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنَّة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وفي حديث بهز: (أنَّ عليًّا جلد شُرَاحَة يوم الخميس)، والباقي مثله، ثم طرَّفه من عند البُخاريِّ والنَّسائيِّ، وقد راجعت «تلخيص المستدرك» للذَّهبيِّ؛ فرأيته قد ساقه من طريقين؛ الثانية عن الشَّعْبيِّ، وسُئِل: هل رأيت مِن عليٍّ شيئًا؟ قال: نعم؛ أذكر أنَّه جلد شُرَاحَة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، قال: (جلدتُها بكتاب الله، ورجمتُها بسنَّة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ثمَّ قال: صحيح، وفي الطَّريق الأولى أُتِيَ بامرأة من هَمْدان، يقال لها: شُرَاحَة، فجلدها مئة، ثمَّ رجمها ... ) إلى آخره.

(1/12139)

فائدةٌ: اختلفوا في جلد الثَّيِّب مع الرَّجم؛ فقالت طائفة: يجب الجمع بينهما؛ فتُجلَد، ثمَّ تُرجَم، وبه قال عليٌّ رضي الله عنه، والحسن البصريُّ، وابن راهويه، وداود، وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشَّافِعيِّ، وقال جماهير العلماء: الواجب الرَّجم وحده، وحكى القاضي عياض عن طائفة من أهل الحديث: أنَّه يجب الجمع بينهما إن كان الزاني شيخًا ثَيِّبًا، فإن كان شابًّا؛ اقتُصِر على الرَّجم، قال النَّوويُّ: وهذا مذهب باطل لا أصل له، وحجَّة الجمهور: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اقتصر على رجم الثَّيِّب في أحاديثَ كثيرةٍ؛ منها: قصَّة ماعز، وفي قصَّة الغامديَّة، وفي قوله: «يا أنيس؛ اغدُ على امرأة هذا، فإن اعترفتْ؛ فارجمْها»، قالوا: وحديث الجمع بين الجلد والرَّجم منسوخٌ، فإنَّه كان في أوَّل الأمر، وقال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة الحافظ شمس الدين في «الهدي»: إنَّه منسوخ، قال: هذا كان في أوَّل الأمر عند نزول حدِّ الزاني، ثمَّ رجم ماعزًا والغامديَّة ولم يجلدهما، وهذا بعد حديث عبادة بلا شكٍّ، وأمَّا حديث جابر في «السُّنن»: (أنَّ رجلًا زنى، فأمر به النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فجُلِد الحدَّ، ثمَّ أقرَّ أنَّه مُحصَن، فأَمَرَ به، فَرُجِم)، قال جابر في الحديث نفسِه: (لم يعلم بإحصانه، فجُلِد، ثمَّ علم بإحصانه، فَرُجِمَ)، رواه أبو داود، انتهى.

(1/12140)

[حديث: هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم]

6813# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: ذكر الجَيَّانيُّ أماكن في «البُخاريِّ» قد ذكرتُها قبل هذا، ليس هذا المكان منها، فيها: (حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا خالد)، ثمَّ قال: (فإسحاق في هذه المواضع كلِّها: هو إسحاق بن شاهين أبو بِشْر الواسطيُّ عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، قال: وكذلك نسبه أبو عليٍّ

[ج 2 ص 744]

ابنُ السَّكن في أكثر هذه المواضعِ من «الجامع»، وقال أبو نصر الكلاباذيُّ في «كتابه»: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالدَ بن عبد الله، روى البُخاريُّ في «الصَّلاة» وفي غير موضع، فلم يزد _يعني: البُخاري_ على أن قال: «حَدَّثَنَا إسحاق الواسطيُّ»، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في «المدخل»)، انتهى، والظاهر أنَّ الغسَّانيَّ لو رأى هذا المكان؛ لقال فيه كما قال فيما وقع كذلك، والله أعلم.

و (خالد): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عبد الله الطَّحَّان، وقد تَقَدَّمَ مُترجَمًا، ومن جملةِ ترجمتِه: أنَّه اشترى نفسه من الله عزَّ وجلَّ ثلاث مَرَّاتٍ، كلَّ مرَّة بزنته فضَّة تصدَّق بها، وأمَّا (الشَّيْبَانِيُّ)؛ فهو بالشِّين المُعْجَمَة، وهو سليمان فيروز، أبو إسحاق الشَّيبانيُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، وكذا (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى)، وتَقَدَّمَ أنَّ (أبا أوفى): علقمة بن خالد، صحابيٌّ أيضًا رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله.

(1/12141)

[حديث: أن رجلًا من أسلم أتى رسول الله ... ]

6814# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخُ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ): هذا (الرَّجل) هو ماعز بن مالك الأسلميُّ، وقد تَقَدَّمَ، وقدَّمت أنَّ بعضهم سمَّاه: عَرِيبًا؛ بالعين المُهْمَلَة المفتوحة، وكسر الرَّاء.

قوله: (فَرُجِمَ): هو بضَمِّ الرَّاء، وكسر الجيم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَكَانَ قَدْ أحْصنَ): هو بفتح الهمزة والصَّاد، وبضمِّ الهمزة وكسر الصَّاد، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 745]

(1/12142)

[باب: لا يرجم المجنون والمجنونة]

قوله: (بَابٌ: لَا يُرْجَمُ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ): (يُرجَم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المجنونُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (المجنونةُ): معطوفة عليه.

قوله: (وَقَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1]: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنِ الْمَجْنُونِ ... ) إلى آخره: هذا مُعلَّق بصيغة جزم موقوفٌ على عليٍّ رضي الله عنه، وقد رواه الأربعة والحاكم من رواية عليٍّ مُسنَدًا، قال التِّرْمِذيُّ: حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخَين، وصحَّحه ابن حِبَّانَ، ورواه الحاكم أيضًا مِن رواية أبي قتادة، وقال: صحيح الإسناد، ورواه أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وابن حِبَّانَ، والحاكم مِن رواية عائشة رضي الله عنها، قال الحاكم: على شرط مسلم، قال صاحبُ الإمام: هو أقوى إِسنادًا مِن رواية عليٍّ رضي الله عنه.

==========

[1] (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 745]

(1/12143)

[حديث: اذهبوا به فارجموه.]

6815# 6816# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»، ويحيى بن عُقَيل: روى له مسلم، والقبيلة بنو عُقَيل: لهم ذكر عند مسلم، والباقي في «البُخاريِّ» و «مسلم»: عَقِيل؛ بفتح العين، وكسر القاف، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام المشهورين، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (سَعِيْد بْن المُسَيّب)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرَّجل هو ماعز بن مالك الأسلميُّ، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ اسمه عَرِيب.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: (الظَّاهر أنَّ المُحدِّث لابن شهاب أبو سلمة كما أخرجه بعد في «بَاب الرَّجم بالمُصَّلى») انتهى، وجزم به بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين.

قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ): (أذْلقتْه)؛ بالذال المُعْجَمَة السَّاكنة وبالقاف؛ أي: أصابته بحدِّها، وسنان منذلق: حادٌّ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (بِالْحَرَّةِ): تَقَدَّمَ ما هي، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

==========

[ج 2 ص 745]

(1/12144)

[باب: للعاهر الحجر]

قوله: (بَابٌ: لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ): تَقَدَّمَ أنَّ (العاهر) الزَّاني، و (الحجر)؛ يعني: الخيبة والحرمان وعدم الانتساب، وقيل: للزَّاني الرَّجم [1]، وليس كذلك؛ لأنَّ كلَّ زانٍ لا رجمَ عليه، إنَّما الرَّجم على مَن أحصن مِن الزُّناة، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (للرَّجم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 745]

(1/12145)

[حديث: هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش.]

6817# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (ابْن شِهَابٍ).

قوله: (اخْتَصَمَ سَعْدٌ وَابْنُ زَمْعَةَ): أمَّا (سعد)؛ فهو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة، و (ابن زمعة): هو عبد بن زمعة، تقدَّما، وزمعة: هو ابن قيس بن عبد شمس بن عبد ودِّ بن نصر بن مالك، وقد قَدَّمْتُ في نسبه وهمًا لأبي نعيم أحمدَ بن عبد الله بن إسحاق الحافظ الأصبهانيِّ، والله أعلم.

قوله: (يَا عَبْد بْن زَمْعَةَ): يجوز في (عبد) وجهان: الفتح والضَّمُّ، وكذا في (ابن)، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 745]

(1/12146)

[باب الرجم في البلاط]

قوله: (بَابُ الرَّجْمِ بالْبَلَاطِ [1]): الباء: بمعنى (عند)؛ بدليل الحديث، وكذا هي في نسخة في أصلنا، أو بمعنى (في)، وكذا هو في أصلنا: (باب الرَّجم في البَلاط)، ذكر ابن المنيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (استشكل ابن بَطَّال ترجمته هذه، وقال: البَلاط وغيره سواءٌ؛ أي: فلا فائدةَ للاحتجاج على صورة غير مقصودة)، قال ابن المنيِّر: (ويحتمل عندي فائدتين تُقصَدان؛ إحداهما: أن نبَّه على أنَّ الرَّجم لا يختصُّ بمكان مخصوص؛ لأنَّه مرَّةً رجم بالبَلاط، ومرَّةً بالمصلَّى، وهو الذي ترجم عليه بعد [2] هذه التَّرجمة، ويحتمل على أن نبَّه على أنَّه لا يُحفَر للمرأة؛ لأنَّ البَلاط لا يُحفَر فيه عادةً، كما استدلَّ على عدم الحفر بكون اليهوديِّ أكبَّ عليها يقيها بنفسه، على أنَّ منهم مَن قال: إنَّ البَلاط: هو الأرض الملساء الصُّلْبة، والظَّاهر أنَّ البَلاط مكانٌ معروفٌ عندهم بالمدينة، باقٍ على العرف المعهود في إطلاقه كما قدَّمناه)، انتهى، ولا شكَّ أنَّ (البَلاط) _بفتح المُوَحَّدة_: مكانٌ معروفٌ، وسيأتي قريبًا، قال ابن قُرقُول: (موضع مُبلَّط بالحجارة بين المسجد والسُّوق بالمدينة)، انتهى، ويحتمل ما قاله ابن المُنيِّر أنَّ البُخاريَّ قصده؛ أعني: عدم الحفر، وكأنَّ البُخاريَّ أراد ردَّ رواية بشير بن المهاجر التي رواها مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حفر لماعز بن مالك حفرةً، ثمَّ أمر به، فَرُجِم، وهذه الرواية قال ابن إمام الجوزيَّة: غلط، فالثِّقة قد يغلط، على أنَّ أحمد وأبا حاتم الرازيَّ قد تكلَّما فيه، وإنَّما حصل الوهم مِن حفره للغامديَّة، فسرى إلى ماعز، والله أعلم، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (في البلاط).

[2] في (أ): (قبل)، والمُثْبَت موافق لمصدره.

[ج 2 ص 745]

(1/12147)

[حديث: ما تجدون في كتابكم؟]

6819# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن بلال المدنيُّ.

قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أَحْدَثَا): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (اليهوديُّ) لا أعرف أحدًا سمَّاه، وأمَّا (اليهوديَّة) الزَّانية؛ فسمَّاها السُّهَيليُّ: بُسرةَ، وقد تَقَدَّمَ.

فائدةٌ: رجم اليهوديَّين كان في السَّنة الرَّابعة من الهجرة، ذكره أبو الفتح اليعمريُّ في «سيرته» في (الحوادث)، والله أعلم.

[ج 2 ص 745]

قوله: (تَحْمِيمَ الْوَجْهِ): أي: تسويده، مِن الحُمَم؛ وهو الفحم.

قوله: (وَالتَّجْبِيْهَ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، ثمَّ جيم ساكنة، ثمَّ مُوَحَّدة مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ هاء، لا تاء، قال ابن قُرقُول: (جاء تفسيره في الحديث: أنَّهما يُجلَدان وتُحمَم وجوههما، ويُحمَلان على دابَّة ويُخالَف بين وجوههما، قال الحربيُّ: معناه: التَّعيير والتَّوبيخ، يقال: جَبَهتُه؛ إذا قابلتَه بما يكره)، انتهى، وفي «النِّهاية» بعد أن ذكر ما جاء تفسيره في الحديث: (أصل التَّجْبِيْه: أن يُحمَل اثنان على دابَّة، ويُجعَلَ قفا أحدهما إلى قفا الآخر، والقياس: أن يُقابَل بين وجوهِهما؛ لأنَّه مأخوذ مِن الجبهة، والتَّجْبِيْه أيضًا: أن ينكس رأسه، فيحتمل أن يكون المحمول على الدابَّة إذا فُعِل به ذلك؛ نَكَسَ رأسه، فسُمِّي الفعل تجبيهًا، ويحتمل أن يكون من الجَبْهِ؛ وهو الاستقبال بالمكروه، وأصله من إصابة الجَبْهة، يقال: جبهتُه؛ إذا أصبتَ جبهتَه)، انتهى، وفي «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه وذكر قصَّة التَّجْبِيْهِ ما لفظه: (و «التَّجْبِيْه»: الجلد بحبل مِن ليف مَطليٍّ بقَارٍ، ثمَّ تُسوَّدُ وجوههُما، ثمَّ يُحمَلان على حمار، وتُجعَل وجوهُهما مِن قِبَل أدبار الحمارَين)، انتهى، فما أدري: هل هذا كلُّه تفسير التَّجْبِيْه أم إلى قوله: (بقار)، والباقي زيادة عليه؟ ولا أدري مِن تفيسر مَن مِن الرُّواة؟ والله أعلم.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وبعض ترجمته في (المناقب) الذي للصَّحابة رضي الله عنه.

قاله: (فَأُتِيَ بِهَا): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12148)

قوله: (فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ): هذا الذي وضع يده على آية الرَّجم هو عبد الله بن صوري الأعور الحبر، وسيجيء في آخر «البُخاريِّ»: (ارفع يدك يا أعور)، قال الإمام السُّهَيليُّ: (عن النَّقَّاش: إنَّه أسلم)، انتهى، ويقال في أبيه: صوريا.

قوله: (أَجْنَأَ عَلَيْهَا) [1]: هو بفتح الهمزة في أوَّله وفتحها في آخره، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الروايات التي فيها؛ فانظرها إن أردتَها.

قوله: (فَرُجِمَا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله بعده: (فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلاَطِ).

قوله: (عِنْدَ الْبَلاَطِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وأين هو في المدينة المُشرَّفة.

قوله: (فَرَأَيْتُ الْيَهُودِيَّ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسم اليهوديِّ الزَّاني.

قوله: (أَجْنَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وقد تَقَدَّمَ أعلاه وقبلَه.

(1/12149)

[باب الرجم بالمصلى]

(1/12150)

[حديث: أن رجلًا من أسلم جاء النبي فاعترف بالزنا فأعرض .. ]

6820# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، المُحدِّث الحافظ الكبير المُصنِّف، الصَّنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام _بالرَّاء_ الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ في الصَّحَابة جماعةً، كلٌّ منهم: جابر، وأنَّ فيهم أربعةً، كلٌّ منهم: جابر بن عبد الله، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ): تَقَدَّمَ أنَّه ماعز بن مالك الأسلميُّ، وأنَّ اسمه عَرِيب.

فائدةٌ: المرأة التي زنى بها ماعز هي أمةٌ لهزَّال الأسلميِّ، اسمُها فاطمة، قال الشيخ محيي الدين بعد أن ذكر هذا القول في «مبهماته» في (حرف الميم): (وقيل: اسمها منيرة)، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (وفي «طبقات ابن سعد»: اسمها مهيرة، والذي صرعه لمَّا هرب هو عبد الله بن أنيس، وكان أبو بكر مبعوثًا من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على رجمه، ذكر ذلك ابنُ سعد في «طبقاته»، وروى الحاكم أيضًا قصَّة عبد الله بن أُنَيس، ثمَّ قال: وروى عبد الوارث عن ابن جُرَيجٍ: أنَّه عمر بن الخَطَّاب)، انتهى، وقد رأيت في «تلخيص المستدرك» في (كتاب الحدود) هذا الحديث، ولفظه: (فخرج عبد الله بن أنيس من باديته، فرماه بوظيف حمار فصرعه، ورماه الناس حتَّى قتلوه) انتهى.

قوله: (فَرُجِمَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ (أَذْلَقَتْهُ) ضبطه ومعناه.

قوله: (فَأُدْرِكَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَرُجِمَ): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/12151)

قوله: (وَصَلَّى عَلَيْهِ، لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَصَلَّى عَلَيْهِ): وفي بعض النُّسخ بعد هذا: (سُئِلَ أبُو عَبْدِ اللهِ: فَصَلَّى عَلَيْهِ يَصِحُّ؟ قال: رَواهُ مَعْمَرٌ، قِيلَ لَهُ: رَواه غيرُ مَعْمَرٍ؟ قال: لَا)، انتهى، اعلم أنَّه اختُلِف على الزُّهْرِيِّ في ذكر الصَّلاة على ماعز؛ فأثبتها محمود بن غيلان عن عبد الرَّزَّاق، وطائفة ثمانية من أصحاب عبد الرَّزَّاق؛ فلم يذكروها؛ وهم: ابن راهويه، ومُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، ونوح بن حبيب، والحسن بن عليٍّ، ومُحَمَّد بن المُتوكِّل، وحُمَيد بن زنجويه، وأحمد بن منصور الرَّماديُّ، وهؤلاء سبعةٌ، وكأنَّه سقط واحد، فإنَّ ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة قال: ثمانية، قال البيهقيُّ: وقول محمود بن غيلان: إنَّه صلَّى عليه؛ خطأ؛ لإجماع أصحاب عبد الرَّزَّاق على خلافه، ثمَّ إجماع أصحاب الزُّهْرِيِّ على خلافه، وقد اختُلِف في قصَّة ماعز؛ فقال أبو سعيد الخدريُّ: ما استغفر له ولا سبَّه، وقال بريدة بن الحُصَيب: إنَّه قال: استغفروا لماعز بن مالك، فقال: غفر الله لماعز بن مالك، ذكرهما مسلم، وقال جابر كما هنا: (فصلَّى عليه) ذكره البُخاريُّ، وهو حديث عبد الرَّزَّاق المُعلَّل، وقال أبو برزة الأسلميُّ: لم يصلِّ عليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولم ينه عن الصَّلاة عليه، ذكره أبو داود، انتهى، وقول البيهقي: (ثمَّ إجماع أصحاب الزُّهْرِيِّ على خلافه): تَقَدَّمَ أن مَعْمَرًا روى الصَّلاة عليه عن الزُّهْرِيِّ، فلم يجمعوا، بل رواية مَعْمَر شاذَّة، والشَّاذُّ قال الشَّافِعيُّ: ليس الشَّاذُّ من الحديث أن يروي الثِّقة ما لا يروي غيره، إنَّما الشَّاذُّ: أن يروي الثِّقة مخالفًا رواية النَّاس، وهذا الحديث قد عقَّبه البُخاريُّ بأنَّه قد خالفه في الصَّلاة عليه عن الزُّهْرِيِّ مَعْمَرٌ وابن جُرَيجٍ، وقال ما قال في بعض النُّسخ الذي سقتُه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

[ج 2 ص 746]

(1/12152)

[باب: من أصاب ذنبًا دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه ... ]

قوله: (قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عطاء): هو ابن أبي رَباح، وكأنَّ مرادَه حديثُ المُجامِع في رمضان، وهو كقول ابن جُرَيجٍ، والظاهر أنَّه لم يُرِدْه؛ لأنَّه يأتي قريبًا، ولم يعاقبِ الذي جامع في رمضان، ويحتمل أن يريد حديث أبي مسعود أيضًا، قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: لعلَّه يريد الذي قال: أتيت امرأة فعلت بها كلَّ شيء إلَّا اللِّواط، وحديث أبي عثمان عن ابن مسعود المشار إليه، فهو أبين شيء في الباب، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.

[ج 2 ص 746]

قوله: (وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذِي جَامَعَ فِي رَمَضَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ، وفي «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر.

(1/12153)

قوله: (وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْيِ): اعلم أنَّه روى مالك عن مُحَمَّد بن سيرين: أنَّ رجلًا أتى عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، فقال: إنِّي أجريت أنا وصاحبٌ لي فرسين إلى ثغرة ثنيَّة، فأصبنا ظبيًا ونحن مُحرِمان، فما ترى؟ قال عمر رضي الله عنه لرجلٍ إلى جنبه: تعالَ حتَّى أحكم أنا وأنت، قال: فحكما عليه بعنز، فولَّى الرجل، وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتَّى دعا رجلًا، فحكم معه، فسمع عمر قولَ الرَّجل، فدُعِي له فسأله: هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، قال: تعرف هذا الرَّجل الذي حكم معي؟ قال: لا، قال عمر: لو أخبرتني أنَّك تقرأ سورة المائدة؛ لأوجعتُك ضربًا، ثمَّ قال: إنَّ الله تعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]، وهذا عبد الرَّحْمَن بن عوف، فالظَّاهر أنَّ مراد الإمام شيخ الإسلام البُخاريِّ هذا، والله أعلم، والرَّجل: هو قَبِيصة بن جابر الأسَديُّ، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، والثَّغرة: الثَّلمة، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (صاحب الظَّبي الظاهر أنَّه قَبِيصة بن جابر، ثمَّ ذكر قصَّته مِن «سنن البيهقيِّ الكبرى»)، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (يعني: حيث حكم على قَبِيصة بن جابر في الظَّبي بشاة هو وعبد الرَّحْمَن بن عوف، فقال قَبِيصة: فقلت: يا أمير المؤمنين؛ إنَّ أمره أهون من أن تدعوَ أحدًا يحكم معك، قال: فضربني بالدُّرَّة حتَّى سابقته عَدْوًا، ثمَّ قال: قتلت الصَّيد وأنت مُحرِم، ثمَّ تغمض الفتوى؟! والقصَّة أخرجها مالك عن عبد الملك بن قُرَير [1] عن ابن سيرين)، ثمَّ ذكر القصَّة كما ذكرتُها من عند ابن بشكوال، ثمَّ إنِّي رأيت في «تلخيص المستدرك» للذَّهبيِّ في ترجمة عبد الرَّحْمَن بن عوف، وذكر القصَّة بنحو ما ذكرتها، لكنَّها أطول، وسمَّاه أيضًا: قَبِيصة بن جابر الأسَديَّ، وقال: (خ، م)؛ يعني: على شرطِهما، وسكتَ عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم، ونقل بعضهم: أنَّه قَبِيصة بن جابر عن الثَّعلبيِّ وابن عَطيَّة.

(1/12154)

قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ): أمَّا (أبو عثمان)؛ فهو النَّهديُّ عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغات في (مَلٍّ)، وحديث أبي عثمان عن ابن مسعود: (أنَّ رجلًا أصاب من امرأة قبلة ... »؛ الحديث في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، وقوله: (عن ابن مسعود): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (أبي) عوض: (ابن)، وفيها نظرٌ، وليس في الكُتُب السِّتَّة روايةٌ لأبي عثمان عن أبي مسعود، فضلًا عن «البُخاريِّ»، فالصواب: ابن، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (ابن)؛ بلا خلاف.

==========

[1] في (أ): (قريب)، وفي هامشها: (لعلَّه: قُرَير)، والمثبت موافق لمصدره.

(1/12155)

[حديث: أن رجلًا وقع بامرأته في رمضان فاستفتى]

6821# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، وأنَّ الحِمْيريَّ ليس له في «البُخاريِّ» شيء عن أبي هريرة، إنَّما روى له عنه مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصِّيام بعد رمضان»، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذا (الرَّجلَ) هو سلمة بن صخر البياضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: (سلمان بن صخر)، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضهم قال: سليمان أيضًا، (امرأته): لا أعرفها.

(1/12156)

[معلق الليث في كفارة من جامع امرأته في رمضان]

6822# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الصَّوم) عن عبد الله بن مُنِير، عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، وفي (المحاربين): وقال اللَّيث: عن عمرو بن الحارث؛ كلاهما عن عبد الرَّحْمَن بن القاسم، عن مُحَمَّد بن جعفر بن الزُّبَير به، وتعليق اللَّيث أخرجه مسلم في (الصَّوم) عن مُحَمَّد بن رمح، عن اللَّيث، عن يحيى بن سعيد، ولم أرَ تعليق اللَّيث عن عمرو بن الحارث، إنَّما رأيته فيما وصفتُ لك عن يحيى بن سعيد، ولكن في «مسلم» أخرجه عن أبي الطَّاهر بن السَّرح، عن ابن وهب، عن عَمرو بن الحارث به، والله أعلم، وكتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه ذلك: (رواية اللَّيث عن عَمرو بن الحارث وصلها البُخاريُّ في «تاريخه»، والإسماعيليُّ في «مستخرجه»، والطَّبَرانيُّ في «الأوسط»).

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ): هذا (الرَّجل) هو المُجامِع في رمضان، وقد تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ أنَّ (امْرَأَته) لا أعرفها.

قوله: (فَأَتَاهُ [1] إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الظِّهار) مِن «التِّرْمِذيِّ»: أنَّه فروة بن عمرٍو البياضيُّ.

(1/12157)

[باب: إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه؟]

(1/12158)

[حديث: فإن الله قد غفر لك ذنبك]

6823# قوله: (فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ [1]، وَلَمْ يَسْأَلْهُ [2]: وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ... )؛ الحديث: الظَّاهر أنَّه غير المذكور في حديث ابن مسعود: (أنَّ رجلًا أصاب من امرأة قبلة ... »؛ الحديث، ذاك اختُلِف فيه على أقوالٍ ذكرتُها في (سورة هود) في (التَّفسير)، وهنَّ قبله في (باب الصَّلاة كفَّارة)، ويحتمل أن يكون هو، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (هذا تَقَدَّمَ أنَّه أبو اليسر كعب بن عمرٍو، وقيل: نبهان التَّمَّار، وقد حكينا الخلاف فيه مُطَوَّلًا)، انتهى، فظهر له أنَّ القصَّتين واحدةٌ، والله أعلم، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: إنَّه أبو اليسر كعب بن عمرو، فجعل القصَّتين واحدةً.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (قال).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْهُ، قال).

[ج 2 ص 747]

(1/12159)

[باب: هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت؟]

(1/12160)

[حديث: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت]

6824# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه المسنديُّ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

[ج 2 ص 747]

(1/12161)

[باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت؟]

(1/12162)

[حديث: أتى رسول الله رجل من الناس وهو في المسجد ... ]

6825# 6826# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهْرِيُّ، و (ابْن المُسَيّب): سعيدٌ، و (المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ ... )؛ الحديث: هذا (الرجل) هو مالك بن مالك الأسلميُّ.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا قَالَ: كُنْتُ [1] فِيمَنْ رَجَمَهُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ شيخنا قال: (الظاهر أنَّ المُحدِّث لابن شهاب أبو سلمة، كما أخرجه بعدُ في «بَاب الرَّجم بالمصلَّى») انتهى، والله أعلم، وهذا بالسند الذي قبله: سعيد ابن عُفَير عن اللَّيث، عن عبد الرَّحْمَن بن خالد، عن ابن شهاب، فلا تظنَّه تعليقًا، والله أعلم.

قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ): تَقَدَّمَ معنى (أذْلقته) وضبطُه، وكذا تَقَدَّمَت (الحَرَّة) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَكُنْتُ).

[ج 2 ص 747]

(1/12163)

[باب الاعتراف بالزنا]

(1/12164)

[حديث: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره]

6827# 6828# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ): هذا (الرَّجل) و (امْرَأَته)، و (الرَّجُل) الآخر و (ابنه)؛ الكلُّ تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفهم.

قوله: (أَنْشُدُكَ اللهَ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أسألك.

قوله: (إِلَّا قَضَيْتَ لِي [1] بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب: إذا اصطلحوا على جور؛ فهو مردود).

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ ضبط (العَسِيف)، وأنَّ مالكًا قال في بعض طرقه: الأجير.

[ج 2 ص 747]

قوله: (ثُمَّ سألت [2] أَهْلَ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ أسماء الذين كانوا يفتون في عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ عدد مَن حُفِظَتْ عنهم الفتوى مِن الصَّحَابة رضي الله عنهم.

قوله: (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ): تَقَدَّمَ الكلام على (أنيس) هذا، وهو أسلميٌّ، واسمُ والده الضَّحَّاكُ.

قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل له ذلك هو عليُّ بن عبد الله بن جعفر ابن المَدينيِّ الراوي عنه في السَّند.

قوله: (فَرُبَّمَا قُلْتُهَا، وَرُبَّمَا سَكَتُّ): (قلتُ) و (سكتُّ)؛ بضَمِّ تاء المُتكلِّم فيهما، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بَيْنَنَا).

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (رِجَالًا مِنْ)، وضُرِب عليها في (ق).

(1/12165)

[حديث: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل ... ]

6829# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن عُيَيْنَة بعد (ابن المَدينيِّ)، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

قوله: (أَوْ كَانَ الْحَمْلُ): تَقَدَّمَ الكلام على مَن قال بأنَّ الحمل مُوجِبٌ للحدِّ، قيل: هذا إذا لم يكن لها زوج ولا سيِّد، وهو مذهب عمر، وبه أخذ بعضُ العلماء، كما قدَّمته.

==========

[ج 2 ص 748]

(1/12166)

[باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت]

قوله: (بَابُ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَى إِذَا أَحْصَنَتْ): اعلم أنَّه لا تُرجَم الحُبْلى ما كان حملها من زنًى أو غيرِه حتَّى تضع، وهذا مُجمَعٌ عليه؛ لئلَّا يُقتَل جنينُها، وكذا لو كان حدُّها الجلدَ وهي حامل؛ لم تُجلَد بالإجماع حتَّى تضع، وكأنَّ الإمام البُخاريَّ لمَّا كان هذا إجماعًا؛ لم يقيِّد التَّرجمة؛ للعلم به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 748]

(1/12167)

[حديث: لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم]

6830# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ؛ مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ): (أُقرِئ): بهمزة في آخره؛ من القراءة، لا مُعتلٌّ مِن القِرى، وفي «سيرة ابن هشام»: كنت أُقرِؤُهم القرآنَ، وإنَّما ذكرت هذا [1] حتَّى تتَّضح لك؛ لئلَّا تستنكر عليه قراءةَ ابن عوف عليه وغيره مَن المهاجرين وهو حَدَثٌ.

قوله: (فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا): هذه (الحجَّة) كانت في سنة ثلاث وعشرين، فقَدِمَ في ذي الحجَّة في أواخرها، فقُتِل في أواخرها، طُعِن يوم الأربعاء لأربعٍ بقين من ذي الحجَّة، وقد تَقَدَّمَ في (مناقبه)، انتهى.

قوله: (إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ): (إليَّ)؛ بالتشديد: جارٌّ ومجرور، و (عبدُ الرَّحْمَن): مَرْفُوعٌ فاعل (رجع)، والله أعلم.

قوله: (لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ): هذا (الرَّجل) لا أعرفه، قال بعض حفَّاظ مصر مِن المُتَأخِّرين _ولم يُسمِّ القائل ولا النَّاقل، ثمَّ وجدته في «الأنساب» للبلاذريِّ مِن رواية هشام بن يوسف عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ بالإسناد المذكور في الأصل، ولفظه: (قال عمر: بلغني أنَّ الزُّبَير قال: لو مات عمر؛ بايعنا عليًّا ... )؛ الحديث، فهذا أصحُّ؛ يعني: مِن الذي يأتي من «مسند البزَّار» و «الجعديَّات» _ قال بعض حفَّاظ مصر الآن: (إنَّ في «مسند البزَّار» و «الجعديَّات» بإسنادٍ ضعيفٍ أنَّ المبايع له طلحة بن عبيد الله)، انتهى، وقال بعد ذلك في مكان آخر: (ويمكن أن يكون كلٌّ مِن طلحة والزُّبَير قال ألفاظه، فلا تتضادُّ الرِّوايتان)، انتهى.

قوله: (لَقَدْ بَايَعْتُ فُلاَنًا): (بايعتُ)؛ بضَمِّ تاء المُتكلِّم، والقائل لا أعرفه، كما تَقَدَّمَ أعلاه، والمقول عنه قال الإمام الحافظ وليُّ الدين ابن شيخنا العراقيِّ: (حديث عمر رضي الله عنه في قصَّة السقيفة وبيعة أبي بكر ... ) إلى أن قال: («بايعت فلانًا»: فلانٌّ المشار إليه هو طلحة بن عبيد الله كما في «فوائد البغويِّ» عن عليِّ بن الجعد)، انتهى، نقل ذلك عن ابن بشكوال، وقد اختصرت أنا «مبهمات ابن بشكوال»، ولم أر هذا فيها، وكأنِّي أغفلتُه أو سقط من النُّسخة التي اختصرتُ منها، والله أعلم.

(1/12168)

قوله: (مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلاَّ فَلْتَةً فَتَمَّتْ): قال ابن قُرقُول: («الفلتة»: كلُّ شيء عُمِل على غير رويَّة، وبودر به انتشار خبره، هذا قول أبي عبيدة، وأنكره بعضهم، وقال: بل كانت بيعة أبي بكر عن مشورة واتِّفاق مِن الأنصار والمهاجرين، وإنَّما معناه: ما رُوِي عن سالم بن عبد الله وقد سُئِل عنه، فقال: كانت الجاهليَّة تتحاجز في الأشهر الحُرُم، فلا يعدو بعضها على بعض، فإذا كانت ليلة ثلاثين مِن الشهر الأخير منها أدغلت فيها فأغارت، وكان يسمُّون تلك اللَّيلة: فلتة، ثمَّ يحتجُّون بأنَّها مِن أوَّل الشَّهر الحلال، وأنَّ الشهر الحرَام كان ناقصًا؛ إدغالًا منهم وتطرُّقًا إلى ما يحبُّون، قال سالم: فكذلك لمَّا كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أدغل النَّاس بموته بين مُدَّعٍ إمارةً، وجاحدٍ زكاةً، ومُرتَدٍّ إلى غير الإسلام، فلولا بيعةُ أبي بكر التي اعترضت دون هذه الأمور؛ كانت [2] الفضيحة، وإلى هذا ذهب الخَطَّابيُّ؛ إذ كان موته بعد الأمن في حياته شبهَ الفلتةِ آخرَ شهور الحرم التي كانت [3] أمنًا، وتلك اللَّيلة فلتةٌ كما كان موت النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبيعة أبي بكر بعده فلتةً بعد أمان، وبفتح الفاء؛ هو الضبط المشهور والرواية المعروفة، قال القاضي أبو الفضل: ووجدت بخطِ الجَيَّانيِّ فيما قيَّدته [4] عن أبي مروان: بضَمِّ الفاء)، انتهى.

قوله: (الْعَشِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

قوله: (رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ): (الرَّعاع)؛ بفتح الراء، وعينَين مهملتَين، بينهما ألفٌ، و (الغَوْغَاء)؛ بفتح الغين المُعْجَمَة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ غين أخرى معجمة، ممدود، وهما سواء؛ أي: سُقَّاطهم، واحدهم: رعرع.

قوله: (عَلَى قُرْبِكَ): هو بضَمِّ القاف، وبالموحَّدة، كذا لهم، وعند المروزيِّ: (على قرنك)؛ بالنُّون، قال في «المطالع»: (والأوَّل هو الصحيح).

(1/12169)

قوله: (يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ): (يُطيِّر)؛ بتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة بعد الطَّاء المُهْمَلَة، و (مُطيِّر): اسم فاعل مِن المُضعَّف، كذا في أصلنا، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ فاعل (يُطيِّر)، وفي «المطالع»: («فيُطَيِّر بها النَّاسُ كلَّ مُطيَّر»؛ أي: يشيِّعونها ويذهبون بها كلَّ مذهب)، انتهى؛ يعني: بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة، و (النَّاسُ): مَرْفُوعٌ فاعل، و (كلَّ): مَنْصُوبٌ، ونصبُه معروف، و (مُطَيَّر)؛ بفتح الطَّاء، وتشديد الياء مفتوحة، قال ابن قُرقُول: (وضبطه بعضهم في «كتاب الرَّجم»: «يُطِيْرها كلُّ مُطِيْر»؛ برفع «كلُّ» على أنَّه فاعل، و «مُطِير»: اسم فاعل من «أطار»)، انتهى، و (يُطِيْرها)؛ بكسر الطَّاء، وسكون الياء، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ فاعل (يُطِيْر)، و (مُطِيْر)؛ بإسكان الياء، والحاصل أنَّه يَجتمع في هذه اللَّفظة ثلاثةُ ضبوط، والله أعلم.

قوله: (فَأَمْهِلْ): هو بفتح الهمزة، فعل أمر من الرُّباعيِّ.

قوله: (فَتَخْلُصَ): هو مَنْصُوبٌ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (فَتَقُولَ): معطوف عليه.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): هو بفتح الهمزة، وتخفيف الميم؛ مثل: (أَلَا)؛ للاستفتاح.

[ج 2 ص 748]

قوله: (فِي عُقْبِ ذِي الْحِجَّةِ): هو بضَمِّ العين، وإسكان القاف، كذا هو مضبوط في أصلنا، قال الجوهريُّ: (تقول أيضًا: جئت في عُقْبِ شهر رمضان، وفي عُقباته؛ إذا جئت بعدما يمضي كلُّه، وجئت في عَقِبه؛ بكسر القاف؛ إذا جئتَ وقد بقيت منه بقيَّةٌ، حكاه ابن السِّكِّيت)، انتهى، وقد طرأ على أصلنا فتحُ العين، وكسرُ القاف، والحال: أنَّه إنَّما جاء المدينةَ وقد بقيت من الشهر بقيَّةٌ، وقد تَقَدَّمَ متى طُعِنَ، والله أعلم.

قوله: (ذِي الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ فيه لغتين: الفتحَ والكسرَ، والكسر أرجح.

قوله: (عَجَّلْتُ [5] الرَّوَاحَ): تَقَدَّمَ متى يكون الرَّواح، ولهذا قال هنا: (حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ).

قوله: (حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا): (أجدُ): مَرْفُوعٌ في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّ مثله مَرْفُوعٌ على الحال، ومثله: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214]؛ بالرَّفع على قراءة مَن قرأه كذلك، و (سعيد): هو أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، تَقَدَّمَ.

(1/12170)

قوله: (فَلَمْ أَنْشَبْ): هو بفتح الهمزة، وسكون النُّون، وفتح الشين، ثمَّ مُوَحَّدة؛ أي: ألبث، ولم أُحدِثْ شيئًا حتَّى خرج.

قوله: (لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ): تَقَدَّمَ ما (العشيَّة).

قوله: (مُنْذُ اسْتُخْلِفَ): هو بضَمِّ التَّاء، وكسر اللَّام، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها.

قوله: (قَدْ قُدِّرَ لِي): (قُدِّر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مُشدَّد الدَّال.

قوله: (فَلاَ أُحِلُّ لأَحَدٍ): (أُحِلُّ)؛ بضَمِّ الهمزة، وكسر الحاء، مُشدَّد اللَّام، رُباعيٌّ.

قوله: (فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ [6] آيَةُ الرَّجْمِ): (آية): مَرْفُوعٌ اسم (كان)، و (آية الرجم) المراد بها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا؛ فارجموهما ألبتَّة)، وسيأتي الكلام عليها، وفي أيِّ سورة كانت، وقد كانت في (الأحزاب) كما في «مسند أحمد» وغيره، وهي في أصلنا: (آيةَ)؛ بالنَّصب، وفيه نظرٌ، فقد كُتِبَ بعد قراءتنا نسخةٌ، وهي مرفوعة، وهذا الصَّواب، والله أعلم.

قوله: (إِذَا أُحْصِنَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الصَّاد، ويجوز فتحهما، وقد تَقَدَّمَ ما (الإحصان).

قوله: (أَوْ كَانَ الْحَبَلُ): تَقَدَّمَ مذهب مَن هذا.

قوله: (فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ): تَقَدَّمَ ما المراد بـ (الكفر) في هذا وأمثاله.

قوله: (لَا تُطْرُونِي): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وقد تَقَدَّمَ ما (الإطراء).

قوله: (كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ): (أُطرِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (ثُمَّ [7] بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ: وَاللهِ لَوْ مَاتَ عُمَرُ): هذا (القائل) تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما ذكرته عن بعض الحُفَّاظ مِن أنَّ القائل هو الزُّبَير.

قوله: (بَايَعْتُ فُلاَنًا): تَقَدَّمَ أنَّ (فلانًا) هو طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة رضي الله عنهم، وتَقَدَّمَ ما هو أصحُّ منه، وهو أنَّه عليٌّ رضي الله عنه، وأنَّ الجمعَ مُمْكِنٌ.

قوله: (إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا.

(1/12171)

قوله: (وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ): معناه: ليس فيكم سابق للخيرات مثله حتَّى لا يُلحَق، يقال للفرس: تقطَّعت أعناق الخيل عليه، فلا تلحقه، ويقال: الجواد يقطع الخيل إذا خَلَّفَها ومضى، وطيرٌ قَطَعَ: إذا أسرعت في طيرانها، وقال بعضهم في قول عمر رضي الله عنه: إنَّه مِن قولهم: فلان مُنقَطِع الفرس؛ أي: ليس له مَن يقارنه.

قوله: (منْ [8] غَيْرِ مَشْورَةٍ [9]): هي بفتح الميم، وإسكان الشين: الشُّورى، وكذلك (المَشُورة)؛ بضَمِّ الشين.

قوله: (فَلَا يُتَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي تَايَعَهَ [10]): (يتايَع): هو بفتح المُثَنَّاة تحت قبل العين، كذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، ومكتوب قبالته: (التتايع: التَّهافُت في الشَّرِّ واللَّجاجُ)، انتهى، وهذا صريح فيما ضبطه به، والتفسير بذلك هو لفظ الجوهريِّ، وفي هذا الضبط نظرٌ، ولعلَّه: (يُتَابَع)؛ بموحَّدة بعد الألف وقبل العين؛ مِن المتابعة، ثمَّ إنَّها أُصلِحت في أصلنا على هذا، فبقيت الحاشية مُسيَّبة، وضبطه بعضهم: (يُبايَع)؛ من البيعة، قال: ورُوِي: (يُتَابَع)؛ بمُثَنَّاة، وفتح المُوَحَّدة، انتهى.

(1/12172)

قوله: (تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا): (تَغِرَّة)؛ بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر الغين، ثمَّ راء مُشَدَّدة، ثمَّ تاء، قال ابن قُرقُول: (أي: حذارًا وتغريرًا؛ أي: مخاطرة؛ لئلَّا يُقتَلا، وهي مصدر منصوبة على المفعول من أجله أو له، قال الأزهريُّ: وقال الخليل: غرَّر فلان بنفسه: عرَّضها للمكروه وهو لا يدري تغريرًا وتغرَّة، وقال بعضهم: معنى قوله: «تَغِرَّة أن يُقتَلا»؛ أي: عقوبتهما، وهذا بعيد من جهة اللُّغة والمعنى)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («التَّغرَّة»: مصدر «غرَّرته»، إذا ألقيتَه في الغُرَر، وهي من التَّغرير؛ كالتَّعلَّة مِن التَّعليل، وفي الكلام مضافٌ محذوفٌ؛ تقديره: خوف تغرَّة أن يُقتَلَا؛ أي: خوف وقوعهما في القتل، فحَذَفَ المضافَ الذي هو الخوف، وأقام المضاف إليه الذي هو «تغرَّة» مقامَه، وانتصب على أنَّه مفعولٌ له، ويجوز أن يكون قوله: «أن يُقتَلا» بدلًا من «تغرَّة»، ويكون المضاف محذوفًا؛ كالأوَّل، ومَن أضاف «تغرَّة» إلى «أن يقتلا»؛ فمعناه خوف تَغْرِيةِ قتلهما؛ ومعنى الحديث: أنَّ البيعة حقُّها أن تقعَ صادرةً عن المشورة والاتِّفاق، فإذا استبدَّ رجلان دون الجماعة فبايع أحدُهما الآخر؛ فذلك تظاهُر بينهما بشقِّ العصا وإطراح الجماعة، فإن عُقِد لأحد بيعةٌ؛ فلا يكون المعقود له واحدًا منهما، وليكونا معزولين من الطَّائفة التي تتَّفق على تمييز الإمام منها؛ لأنَّه إن عُقِد لواحد منهما وقد [11] ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي أخطأت [12] الجماعة مِن التَّهاون بهم والاستغناء عن رأيهم؛ لم يُؤْمَن أن يُقتَلا)، انتهى.

قوله: (وَإِنَّهُ [13] كَانَ مِنْ خَيْرِنَا [14]): هو بالمُثَنَّاة تحت، كذا في هامش أصلنا، وفي الأصل: بالموحَّدة، قال ابن قُرقُول: (بالموحَّدة، كذا للكافَّة، وعند المستملي وعُبدوس: «من خيرنا»: بالمُثَنَّاة تحت؛ يعني: أبا بكر؛ لأنَّه مذكور من قبل)، انتهى.

قوله: (فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ): (بنو ساعدة): قوم مِن الخزرج، وسقيفتهم بالمدينة بمنزلة دار لهم، والله أعلم، و (السَّقيفة): الصُّفَّة، و (ساعدة): هو ابن كعب بن الخزرج، ولساعدة ولدٌ اسمه الخزرج.

قوله: (لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أحدهما: معن بن عديِّ بن الجدِّ بن العجلان أخو عاصم، والآخر: عويم بن ساعدة)، انتهى، وكذا قال غيره ممَّن تقدَّمه، وقد صَرَّحَ بهما البُخاريُّ في (غزوة بدر).

(1/12173)

تنبيهٌ: كون عُوَيم بن ساعدة مذكورًا في هذه القصَّة هو على القول بأنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عمر رضي الله عنهما، وقد بدأ في «الاستيعاب» بأنَّه تُوُفِّيَ في حياته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فاعلمه.

قوله: (ما تَمَالَأَ [15] عَلَيْهِ الْقَوْمُ): هو بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: اجتمع.

قوله: (اقْضُوا أَمْرَكُمْ): هو بهمزة وصل، فإنِ ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

قوله: (مُزَمَّلٌ): أي: مُلفَّف في أثوابه.

قوله: (بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ): هو بفتح النُّون؛ أي: بينهم، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 749]

قوله: (يُوعَكُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ أي: بالحمَّى والرِّعدة _والله أعلم_؛ لهول ذلك المقام، وقد تَقَدَّمَ ما (الوَعْكُ).

قوله: (تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ): خطيب الأنصار المعروف المشهور: هو ثابت بن قيس بن شمَّاس الصَّحَابيُّ المشهور، فإن أُرِيد غيرُه؛ فلا أعرفه، ثمَّ رأيت ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: (الظاهر أنَّه ثابت بن قيس بن شمَّاس)، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (قيل: هو ثابت بن قيس بن شمَّاسٍ).

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق إعرابُها، والاختلافُ في أوَّل مَن قالها.

قوله: (وَكَتِيبَةُ الإِسْلاَمِ): أي: جيشه، وهو بالمُثَنَّاة فوقُ، لا المُثَلَّثَة؛ فاحذَرْ.

قوله: (مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ): (معشرَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف.

قوله: (رَهْطٌ): تَقَدَّمَ ما (الرهط)؛ وأنَّه ما دون العشرة من الرِّجال؛ كالنفر، ويريد هنا: جماعة قليلة.

قوله: (دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ): (الدَّافَّة)؛ بالدال المُهْمَلَة، وتشديد الفاء؛ من الدَّف؛ وهو سير ليس بالشديد في جماعة، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («الدَّافَّة»: قوم يسيرون سيرًا ليس بالشديد؛ لضعفهم وحاجتهم)، انتهى.

قوله: (أَنْ يَخْتَزِلُونَا): هو بالخاء المُعْجَمَة، والزَّاي المكسورة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: يقتطعونا ويذهبوا بنا مُتفرِّقين)، انتهى، وما قاله هو عبارة «النِّهاية» لابن الأثير، غير أنَّ في «النهاية»: (منفردين)، لا (مُتفرِّقين)، وهو قريب، وفي «المطالع»: (أي: يُنحُّونا ويختزلونا عن الأمر في حديث السقيفة؛ أي: يقطعونا ويزيلوه عنَّا).

(1/12174)

قوله: (وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ): هو بحاء مهملة ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة مضمومة، قال في «المطالع»: («يحضنونا»؛ أي: يخرجونا في ناحية عنه، ويستبدُّون به علينا، ويختزلونا منه، كذا للكافَّة، وعند ابن السَّكن: «يحتضونا»؛ بحاء مهملة، وفي رواية أبي الهيثم: «يحصُّوننا»؛ بصاد مهملة، ولا وجهَ له، وقد جاء مُفسَّرًا فيما قبله: يريدون أن يختزلوا الأمر ويحضُّوننا عنه، قال ابن دريد: يقال: أحضنت الرَّجل عن كذا؛ إذا نحَّيته عنه، واستبددت به دونه، ومنه قول الأنصار، وذكره فيه، قال الهرويُّ فيه: حضنته: ثُلاثيٌّ، ورُوِي الحديث كذلك؛ بفتح الياء، وأمَّا «يحتصُّونا»؛ فمعناه: يقطعوننا عنه ويستأصلوننا، من «حَصَّتِ البيضةُ رأسَه»)، وفي «النِّهاية»: («أن يحضنونا»؛ أي: يخرجونا، يقال: حضنت الرَّجل عن الأمر حضنًا وحضانةً؛ إذا نحَّيته عنه، وانفردتَ به دونه، كأنَّه جعله في حضن منه؛ أي: جانب، قال الأزهريُّ: قال اللَّيث: يقال: أحضنني مِن هذا الأمر؛ أي: أخرجني منه، قال: والصَّواب: حضنني)، انتهى.

قوله: (فَلَمَّا سَكَتَ): أي: الخطيب.

قوله: (زَوَّرْتُ مَقَالَةً): أي: هيَّأتها وأصلحتها، وقيل: صوَّبتُها وشددتُها، ومعناهما قريب، أي: زَوَّرَ ما يقول وأعدَّه، قال بعضهم عن الزُّهْرِيِّ: وأراد عمر بالمقالة قولَه: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يمُت.

قوله: (وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ): كذا في أصلنا، هو معتلٌّ ومهموزٌ؛ لغتان، ومدارأة النَّاس؛ بهمزة، ولا تُهمَز: الملاينة، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12175)

قوله: (بَعْضَ الجَدِّ [16]): هو بفتح الجيم، وتشديد الدَّال المُهْمَلَة، كذا في أصلنا، وعليه (صح)، وفي الهامش: (الحَدِّ)؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة وتحتها علامةُ إهمال، وتشديد الدَّال المُهْمَلَة، قال في «المطالع» في (الحاء والدَّال)؛ يعني: المُهْمَلَتين ذكر هذه اللَّفظة وغيرها، ثمَّ قال: (كلُّها مِن سرعة الغضب وحدَّة الخُلُق)، ولم يذكر فيها شيئًا غير ذلك، وقال ابن الأثير في «نهايته» في (الحاء والدال)؛ يعني: المُهْمَلَتين: (وفيه: «الحدَّة تعتري خيار النَّاس»، «الحدَّة»؛ كالنَّشاط والسُّرعة، والمضاء فيها مأخوذٌ من حدِّ السَّيف، والمراد بالحدَّة هنا: المضاء في الدين والصلابة والقصد إلى الخير)، ثمَّ ذكر حديثًا آخر من هذه المادَّة، ثمَّ قال: (ومنه حديث عمر رضي الله عنه: «كنت أداري من أبي بكر بعض الحَدِّ»، والحَدُّ والحِدَّةُ سواءٌ؛ من الغضب، يقال: حَدَّ يحِدُّ حَدًّا وحِدَّةً؛ إذا غضب، وبعضهم يرويه بالجيم؛ من الجدِّ: ضدُّ «الهزل»، ويجوز أن يكون بالفتح، من الحظِّ)، انتهى، وقال أبو ذرٍّ في «حواشيه على السِّيرة الهشاميَّة» _وذكر هذا_ قال: («وكنت أداري منه بعض الحدِّ»؛ يعني: أنَّه كان في خُلُقه حدَّة، وكان عمر يداريه)، انتهى.

والحاصل: أنَّه يجوز فيه ثلاثةُ ضبوطٍ: (الحَدُّ)، و (الجِدُّ)، و (الجَدُّ)، والله أعلم.

قوله: (عَلَى رسْلِكَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الرَّاء وكسرها؛ باختلاف المعنى.

قوله: (أَنْ أُغْضِبَهُ): كذا في أصلنا، من الغضب، وفي هامش أصلنا: (أعصيه)؛ من العصيان، وعليه علامة راويها، ولم أرَ هذه اللَّفظة في «المطالع»، ومعناها صحيح، والذي أحفظه: (أُغضِبه)؛ من الغضب، والله أعلم.

قوله: (وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ): (يُعرَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأمرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، ويعني بـ (الأمر): الخلافة.

(1/12176)

تنبيهٌ: لم يُستحضَر في ذلك المجلس الأئمَّة مِن قريش، رواه النَّسائيُّ عن أنس والبيهقيِّ مِن رواية عليٍّ، وفي «الرَّافعيِّ»: أنَّ أبا بكر احتجَّ على الأنصار يوم السقيفة بهذا الحديث، وهذا لا أعرفه فيها مرفوعًا، نعم؛ في «البيهقيِّ» نحوُ ذلك عن مُحَمَّد بن بَشَّار، وفي سند حديث أنسٍ بكيرُ بنُ وهب، قال ابن القَطَّان أبو الحسن: لا يُعرَف، وقال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: يُجهَل، وعنه أبو الأسد فقط، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: وهو الجزريُّ [17] الذي قال فيه الأزديُّ: ليس بالقويِّ، انتهى، وقد رأيته في «ثقات ابن حِبَّانَ»، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه ذلك: (هو باللَّفظ المذكور _يعني: الذي لم أره أنا_ هو في «مسند أحمد» في أثناء حديث السقيفة، لكن مِن وجه آخر عن أبي بكرٍ)، انتهى.

قوله: (هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا): أي: أشرفهم.

قوله: (وَدَارًا): أي: خيرهم دارًا، والمراد بالدَّار: مكَّة؛ لأنَّها أشرف البقاع بعد البقعة التي ضمَّت أعضاءه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (كأنَّ وَاللهِ أَنْ أُقَدَّمَ، فَتُضْرَبَ عُنُقِي): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ)، كذا في أصلنا، وفيه وقفةٌ، وقد أُصلِحَت على (كان) [18] التي هي فعل ماضٍ، وهذه ظاهرة.

قوله: (كَانَ وَاللهِ لَأَنْ تُضْرَبَ [19] عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ؛ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ): معنى هذا الكلام _والله أعلم_:

[ج 2 ص 750]

أنَّي لو قُدِّمْتُ؛ لتُضرَبَ عنقي ولا يكون ضرب عنقي يُقرِّبني مِن إثم.

(1/12177)

قوله: (فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ ... ) إلى آخره: هذا (القائل) هو الحُبَاب بن المنذر، قاله غيرُ واحد؛ منهم: مالك روايةً حتَّى الجوهريُّ في «صحاحه» في (رجَّب)، وفي (عذَّق)، وفي (حكَّك)، وفي (جذَّل)، وقال بعضهم بعد أن ذكر أنَّه الحُبَاب: وقيل: سعد بن عبادة، والصَّحيح الأوَّل، انتهى، و (الحُبَاب)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف المُوَحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدةٌ أخرى، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وهو الحُبَاب بن المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سَلِمة الخزرجيُّ السَّلَميُّ أبو عُمَر، وقيل: أبو عمرٍو، شهد بدرًا، وكان يقال له: ذو الرَّأي؛ لأنَّه أشار على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم بدر أن ينزل، روى عنه: أبو الطُّفيل، وتُوُفِّيَ في خلافة عمر.

تنبيهٌ: لهم: حُبَاب _كهو_ في الصَّحَابة جماعةٌ غيرُه.

و (الجِذْل)؛ بكسر الجيم، وبالذال المُعْجَمَة، قال ابن قُرقُول: («أنا جُذَيلُهَا المُحكَّك»: تصغير «جِذْل»؛ وهو عود يُنصَب للجرباء مِن الإبل تَستحِكُّ به في مَرابِدها، فتَطرحُ ما عليها من قُرَاد وغيرِه ممَّا يؤذيها عند الاحتكاك، فتَستشفي بذلك؛ كالتمرُّغ للدَّابَّة؛ يعني: أنَّه ممَّن يُستشفَى برأيه، وتصغيرُه تصغيرُ تعظيمٍ، وقيل: معناه: أنا صاحب رِهان، و «المُحكَّك»: المعاود له، كما قيل:

~…جذل رِهان في ذراعيه جرب [20] … .....

يريد: الميسرَ، ضربه مثلًا؛ لفخره، وصغَّره؛ للمدح أو للتقريب، كما قيل: أُخيَّ وبُنيَّ)، انتهى.

و (المُحكَّك)؛ بالحاء المُهْمَلَة، وتشديد الكاف الأولى المفتوحة؛ وهو الذي كثر الاحتكاك به، وقيل: إنَّه أراد أنَّه شديد البأس، صلب المكْسَرِ؛ كالجذل المُحكَّك، وقيل: معناه: أنا دون الأنصار جذل حكَّاك، فبي تُقْرن الصعبة.

(1/12178)

قوله: (وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ): قال ابن قُرقُول: («العَذق»؛ بفتح العين: النخلة، وبالكسر: العرجون، واختُلِف في هذا: هل هو تصغير النَّخلة أو العُرجون؟)، وقال في (المُرجَّب): («وعذيقُها المرجَّبُ»: تصغير: عِذق؛ بكسر العين؛ وهو العُرجون، أو عَذق؛ وهو النَّخلة)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (و «العذيق»: تصغير «العَذق»؛ بالفتح؛ وهي النخلة)، انتهى، وكذا قال أيضًا في (عذق) في هذا الحديث، قال ابن قُرقُول: (تصغير تعظيم أو تصغير مدح، كما قيل: قُرَيش، أو تصغير تقريب؛ كبُنيَّ وأُخيَّ، و «المُرجَّب»: المعمَّد يبنى مِن حجارة؛ خوف سقوطه؛ لكثرة حمله، وقد يعمَّدُ ويرفد بخشب ذوات شُعَب، وقد يُفعَل ذلك بالعُرجون إذا خُشِي إنكساره بالحمل، وفعل [ذلك]: التَّرجيب، واسمه: الرَّجْبَةُ والرَّجمة)، انتهى، وفي «النهاية» بعد أن ذكر نحو ما ذكره ابن قُرقُول في تفسير (المرجَّب)، قال: (وقيل: أراد بالترجيب: التَّعظيم، يقال: رجَّب فلانٌ مولاه؛ أي: عظَّمه، ومنه سُمِّي: شهر رجب؛ لأنَّه كان يُعظَّم)، انتهى.

قوله: (مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ): أي: مِن الأنصار أميرٌ، فإذا مات أمير الأنصار؛ أُقِيم أمير قريش، كذا رأيته في كلامٍ لا أستحضر قائلَه، وقال بعضهم: وإنَّما قال ذلك؛ لأنَّ العرب لم تكن تعرف الإمارة، إنَّما كانت تعرف السِّيادة، لكلِّ قبيلةٍ سيِّد، فلا تطيع إلَّا سيِّدَ قومِها، فجرى هذا القول معه على العادة المألوفة لهم، فلمَّا بلغه قول النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الخلافة في قريش»؛ أمسَكَ عن ذلك.

قوله: (فَكَثُرَ اللَّغَطُ): تَقَدَّمَ ما هو.

قوله: (فَرِقْتُ مِنَ الاِخْتِلاَفِ): هو بكسر الرَّاء؛ أي: فَزِعتُ.

قوله: (وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ): (نَزَوْنا): هو بفتح النُّون، ثمَّ زاي مفتوحة، ثمَّ واو ساكنة، قال ابن الأثير: («فنزونا»؛ أي: وقعوا عليه ووَطِئُوه).

قوله: (فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ): هذا القائل مِن الأنصار لا أعرف اسمه.

(1/12179)

قوله: (قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ): الذي يظهر أنَّ عمر قاله من باب التغليظ عليه؛ حيث أراد القيام في فتنة، قال شيخنا: (فيه الدعاء على مَن تُخشَى منه الفتنة، وقال الخَطَّابيُّ: «قتل الله سعد بن عُبَادة»: أي: اجعلوه كمن قَتَلَه، واحسبوه في عدد الأموات، ولا تعتدُّوا لمشهده؛ وذلك أنَّ سعدًا أراد في ذلك المقام أن يُبعَث أميرًا على قومه على مذهب العرب في الجاهليَّة؛ ألَّا يسود القبيلةَ إلَّا رجلٌ منها، وكان حكم الإسلام خلافَ ذلك، فرأى عمر رضي الله عنه إبَطَّالَه بما غلظ مِن القول وأشنعه ... إلى آخر كلامه.

قوله: (إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ): هو بإسكان القاف، والضَّمير فاعل، و (القومَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ): (إمَّا)؛ بكسر الهمزة وتشديد الميم، وكذا الثَّانية، وفي نسخة: (تابعناهم).

قوله: (مَشُورَةٍ): تَقَدَّمَ قريبًا فيها لغتان: مَشْورة، ومَشُورة، وهي الشُّورى.

قوله: (فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا ... ) إلى أن قال: (فَلاَ يُتَابَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وكذا قوله: (تَغِرَّةً).

==========

[1] في (أ): (هنا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[2] في (أ): (كان)، والمثبت من مصدره.

[3] في (أ): (كان)، والمثبت من مصدره.

[4] في مصدره: (قيَّده).

[5] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (عجلنا).

[6] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَنْزَلَ اللهُ).

[7] زيد في «اليونينيَّة» (ق): (أنَّه).

[8] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة»: (عن).

[9] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (مَشُورَة).

[10] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (يُبَايَعُ ... بَايَعَهُ).

[11] في (أ): (فقد)، والمثبت من مصدره.

[12] كذا في (أ)، وفي مصدره: (أحفظت).

[13] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق): (قد).

[14] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (مِن خَبَرِنا).

[15] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (تَمَالَى).

[16] كذا في (أ) و (ق) مُصحَّحًا عليه، وفي «اليونينيَّة» مُصحَّحًا عليه وهامش (ق): (الْحَدِّ).

[17] في (أ): (الخرزي)، وهو تصحيفٌ.

[18] كذا في «اليونينيَّة».

(1/12180)

[19] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» كالفقرة السَّابقة.

[20] في مصدره: (حدب).

(1/12181)

[باب: البكران يجلدان وينفيان ... ]

قوله: (بُابٌ: الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ): (يُجلَد) و (يُنفَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُما، والمراد بالبكر هنا مِن الرِّجال والنِّساء: مَن لم يجامع في نكاح صحيح، وهو حرٌّ بالغٌ عاقلٌ، ولو جامع في نكاح شبهة أو نكاح فاسد؛ ففيه قولان للشافعيِّ؛ الصَّحيح: أنَّه لا يُعتدُّ بذلك الوطء، والثَّيِّب إذا ورد في هذا المقام؛ فالمراد به: مَن جامع في دهره ولو مرَّةً في نكاح صحيح وهو بالغٌ حرٌّ عاقلٌ، والرَّجل والمرأة في هذا سواءٌ، وسواءٌ في هذا المسلمُ والكافرُ، والرَّشيد والمحجور عليه لسفهٍ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 751]

(1/12182)

[حديث: سمعت النبي يأمر من زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام]

6831# 6832# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلَمة الماجِشُون أبو عبد الله، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (جَلْدَ مِئَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ): (جلدَ): مَنْصُوبٌ على نزع الخافض؛ أي: بِجَلْد، وكذا (تغريبَ).

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن مالك بن إسماعيل عن عبد العزيز _هو ابن عبد الله بن أبي سلمة_ عن ابن شهاب، عن عروة به، واعلم أنَّ عروة بن الزُّبَير لم يدرك عمر بن الخَطَّاب، وذلك أنَّ عمر تُوُفِّيَ سنة ثلاث وعشرين، كما تَقَدَّمَ مِرارًا، وقد وُلِد عروة تلك السَّنة، وقال مصعب الزُّبيريُّ: وُلِد لستِّ سنين مِن خلافة عثمان، وُلِد سنة تسع وعشرين، وليس لعروةَ عن عمر في «البُخاريِّ» غيرُه، ولا له في بقيَّة الكُتُب السِّتَّة عنه شيءٌ، والله أعلم.

قوله: (تِلْكَ السُّنَّةَ): (السُّنَّة): مَنْصُوبٌ خبر (تَزَلْ)، و (تلك): هو الاسم، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 751]

(1/12183)

[حديث: أن رسول الله قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام]

6833# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 751]

(1/12184)

[باب نفي أهل المعاصي والمخنثين]

[ج 2 ص 751]

قوله: (بَابُ نَفْيِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْمُخَنَّثِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ (المخنّث)؛ بكسر النُّون وفتحها، وتَقَدَّمَ ما صفتُه.

(1/12185)

[حديث: أخرجوهم من بيوتكم.]

6834# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير.

قوله: (أَخْرِجُوهُمْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَأَخْرَجَ فُلاَنًا، وَأَخْرَجَ فُلاَنًا): كذا في أصلنا، وفي الطُّرَّة بعد (وأخرج) الثَّانية: (عمر)؛ فالظاهر أنَّ الضمير في قوله: (وأخرج) الأولى عائد إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وإذا كان كذلك؛ فالذي أخرجه هيتَ، وأمَّا المُخنَّث الذي أخرجه عمر؛ سيأتي الكلام عليه، وفي بعض أصولنا الدِّمشقيَّة: (وأخرج عمرُ فلانًا وفلانًا)، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ في قوله: (لعن النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المُخنّثين، وأخرج فلانًا وفلانًا) ما لفظه: (تَقَدَّمَ أنَّه أُخرِج هيتُ، وهرمٌ، وماتعٌ، وأنةُ) انتهى.

(1/12186)

[باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبًا عنه]

(1/12187)

[حديث: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله]

6835# 6836# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... )؛ الحديث: (الأعراب): سُكَّان البوادي، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا الرَّجل لا أعرفه، ولا (امْرَأَته)، ولا (الرَّجَل) الآخر، ولا (ابْنه)، وتَقَدَّم الكلامُ على (اقْضِ بَيْنَنَا [1] بِكِتَابِ اللهِ)، وتَقَدَّمَ أنَّ (العَسِيف): الأجير، وكذا جاء تفسيره في بعض طرقه من كلام مالك، وتَقَدَّمَ أنَّ (الوَلِيْدَة): الجارية الصَّبيَّة، وتَقَدَّمَ أسماء الذين كانوا يُفتُون في عهده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ عدد مَن حُفِظَتْ عنه الفتوى من الصَّحَابة، وتَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيْسُ)؛ وهو ابن الضَّحَّاك الأسلميُّ.

==========

[1] (بيننا): ليس «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 752]

(1/12188)

[باب إذا زنت الأمة]

(1/12189)

[حديث: إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها]

6837# 6838# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرةً أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ: إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟): قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (قال الطَّحاويُّ: لم يذكر أحدٌ من الرُّواة: «ولم تُحصَن» غيرُ مالك، وأشار بذلك إلى تضعيفها، وأنكر الحُفَّاظ هذا على الطَّحاويِّ، قالوا: بل روى هذه اللَّفظةَ أيضًا ابنُ عُيَيْنَة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب، كما قال مالكٌ، فحصل أنَّ هذه اللَّفظة صحيحةٌ، وليس فيها حكم مخالف ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ): فيه ردٌّ لما قاله ابن عَبَّاس، وطاووس، وعطاء، وابن جُرَيجٍ، وأبو عُبَيد مِن أنَّ الأَمة إن كانت مزوَّجةً؛ كان عليها نصفُ حدِّ الحرَّة من الجلد؛ استدلالًا بالآية، وإن كانت غير مُزوَّجة؛ فلا حدَّ عليها، وقد تكلَّم العلماء على هذه؛ ومنهم: النَّوويُّ في «شرح مسلم»، فإن أردتَ ذلك؛ فانظرْه، والحكم فيها: أنَّ عليها نصفَ الحدِّ، ولا تُرجَم اتِّفاقًا، أمَّا وجوبُ نصف الحدِّ على المُزوَّجة؛ فبالقرآن، وأمَّا على غير المُزوَّجة؛ فبالأحاديث الصَّحيحة؛ ومنها: حديث مالك هذا، وما في الرِّوايات المُطلَقة: «إذا زنت أَمةُ أحدِكم؛ فلْيجلدْها»، وهذا يتناول المُزوَّجة وغيرَها، وهذا مذهبُ الشَّافِعيِّ، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد، والجماهير.

قوله: (وَلَوْ بِضَفِيرٍ): قال مالك: الحبل، أراد: التَّقليل للثَّمن، وقد جاء مُفسَّرًا: (ولو بحبل)، وفي «النِّهاية»: (أي: حبل مفتول مِن شعر، «فعيل» بمعنى «مفعول»)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12190)

[باب: لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى]

قوله: (بَابٌ: لَا يُثَرّبُ عَلَى الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ): (التَّثريب): التَّعيير والتَّوبيخ بالذَّنب.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12191)

[حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب]

6839# قوله: (عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبرِيِّ): تَقَدَّمَ أنَّه سعيد بن أبي سعيد، واسم أبي سعيد كيسانُ، وأنَّ (المقبري)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.

قوله: (تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على اللَّيث، وقد تابعه في رواية الحديث، ولكن خالفه في أنَّ اللَّيث رواه عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهذا رواه عن سعيد عن أبي هريرة؛ بإسقاط (أبيه)، فقد تابعه مِن وجهٍ، وخالفه في آخرَ، وكما رواه إسماعيل بن أُمَيَّة رواه غيرُ واحدٍ كذلك عن سعيد عن أبي هريرة، والله أعلم، ومتابعة إسماعيل أخرجها النَّسائيُّ في (الرَّجم) عن إسماعيل بن مسعود، عن بِشْر بن المفضَّل، عن إسماعيل بن أُمَيَّة به.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12192)

[باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام]

قوله: (وَرُفِعُوا إِلَى الإِمَامِ): (رُفِعوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12193)

[حديث: رجم النبي صلى الله عليه وسلم]

6840# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد العبديُّ، وتَقَدَّمَ في ترجمته أنَّ له ما يُنكَر تجنَّبه أهلُ «الصَّحيح»، و (الشَّيْبَانِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بالشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه سليمان بن فَيْروز، أبو إسحاق، الشَّيبانيُّ الكوفيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى): علقمة بن خالد بن الحارث، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أبا أوفى صحابيٌّ؛ كابنه عبد الله.

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ): أمَّا الضمير في (تابعه)؛ فيعود على عبد الواحد؛ وهو ابن زياد العبديُّ، و (خالد بن عبد الله): هو الطَّحَّان، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (المحاربيُّ): هو عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن زياد المحاربيُّ، أبو مُحَمَّد، الكوفيُّ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: صدوقٌ إذا حدَّث عن الثِّقات، ويروي عن المجهولين أحاديثَ مُنكَرةً، فيفسد حديثه بذلك، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (195 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، و (عَبِيدة بن حُمَيد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَبِيدة بن حُمَيد انفرد به البُخاريُّ، وعَبِيدة بن سفيان انفرد به مسلم، وعَبِيدة بن عمرو السلمانيُّ اتَّفقا عليه)، ومتابعة عليِّ بن مسهر أخرجها مسلم في (الحدود) عن أبي كامل، عن عبد الواحد، عن أبي إسحاق الشَّيبانيّ به، وباقي المُتابَعات لم أرها ولا واحدةً منها في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم، قال شيخنا: (ومتابعة عَبِيدة أخرجها أحمد بن منيع في «مسنده» عنه، عن أبي بكر إسحاقَ، عن ابن أبي أوفى)، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ على هذا المكان ما لفظه: (متابعة عليِّ بن مسهر وصلها مسلم من طريقه، ومتابعة خالد وصلها المُؤلِّف _أعني: البُخاري_، ومتابعة عَبِيدة وصلها الإسماعيليُّ من طريقه بالسند الذي هنا، ومتابعة المُحارِبيِّ لم أجدها بعد طول البحث والتَّنقيب)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَائِدَة، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ): (بعضهم): لم أعرفه.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12194)

[حديث: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟]

6841# قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا): تَقَدَّمَ أنَّ الرَّجل الزاني اليهوديَّ لا أعرف اسمه، وأنَّ اليهوديَّة الزَّانية اسمها بُسْرة، كذا سمَّاها السُّهَيليُّ في «روضه»، كما رأيتُه فيه.

قوله: (فَقَالَ [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) والدَ عبد الله بتخفيف اللَّام، وتقدَّمت ترجمة عبد الله بن سلَام رضي الله عنه.

[ج 2 ص 752]

قوله: (فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ): (أتَوا): فعلٌ ماضٍ.

قوله: (فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الذي وضع يده هو الأعور، كما يأتي في آخر هذا «الصحيح»: (ارفع يدك يا أعور)، وهو عبد الله بن صوري، ويُقال في والده: صوريا، ذكر السُّهَيليُّ عن النَّقَّاش: أنَّه أسلم.

قوله: (يَجْنَأُ [2]): هو بالجيم، مهموزٌ، كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ: (يحني)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الروايات في ذلك؛ فانظره.

(1/12195)

[باب: إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس]

(1/12196)

[حديث: أما والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله]

6842# 6843# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذين الرجلين لا أعرفُهما، ولا (ابن) أحدهما، ولا (زَوْجَة) الآخر، والله أعلم.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ معناه: نعم.

قوله: (فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح العين وكسر السين المُهْمَلَتين، وبالفاء، وقال مالكٌ هنا: (والعَسِيفُ: الأَجِيرُ).

قوله: (ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ أسماء الجماعة الذين كانوا يُفتون في عهده عليه السَّلام، وتَقَدَّمَ عدد مَن حُفِظَت عنه الفتوى من الصَّحَابة رضي الله عنهم، وأنَّه مئة ونيِّفٌ وثلاثون شخصًا.

قوله: (أَمَا وَالَّذِي): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِيَّ): تَقَدَّمَ أنَّه أنيس بن الضَّحَّاك الأسلميُّ.

قوله: (امْرَأَةَ الآخَرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة الممددة، وفتح الخاء، وتَقَدَّمَ ما نقل فيه شيخُنا من أنَّه بقصر الهمزة، وكسر الخاء.

==========

[ج 2 ص 753]

(1/12197)

[باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان]

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

==========

[ج 2 ص 753]

(1/12198)

[حديث: جاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه ... ]

6844# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ أحدِ الأعلام.

قوله: (وَجَعَلَ يَطْعنُ بِيَدِهِ): هو بضَمِّ العين وفتحها، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (مكانُ): مَرْفُوعٌ، استثناء مفرَّغ.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ): تَقَدَّمَ في (التيمُّم) وغيرِه أيُّ آيةٍ نزلت في ذاك، والاختلاف فيها.

==========

[ج 2 ص 753]

(1/12199)

[حديث: أقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة ... ]

6845# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ، أحد الأعلام.

قوله: (فِي قِلاَدَةٍ): (في): سببيَّة هنا، وفيه ردٌّ على من أنكر مجيئها سببيَّة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 753]

(1/12200)

[باب من رأى مع امرأته رجلًا فقتله]

(1/12201)

[حديث: أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني]

6846# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمير.

قوله: (مَعَ امْرَأَتِي): امرأة سعد بن عُبَادة هي أمُّ [ ... ] [1].

قوله: (غَيْرَ مُصْفَحٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (النكاح) في (باب الغيرة)، وهو بالصاد، والفاء، والحاء، المهلتين، قال في «المطالع»: بكسر الفاء وفتحها، مع ضمِّ الميم، وسكون الصاد؛ أي: بحدِّه لا بعرضه؛ تأكيدًا لبيان ضربه ليقتله، فمَن فتحه؛ كان وصفًا للسيف، ومَن كسره؛ جعله حالًا من الضارب، وصفحا السيف: وجهاه العريضان، وغراراه: حدَّاه، انتهى، ورأيته في بعض النسخ مشدَّد الفاء ومفتوحها، قال شيخُنا عن ابن التين: والتشديد هو ما في سائر الأمَّهاتِ، انتهى.

(1/12202)

[باب ما جاء في التعريض]

(1/12203)

[حديث: هل لك من إبل؟]

6847# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال إلَّا بالفتح [1].

قوله: (جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ): هذا الأعرابيُّ تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه ضمضمُ بن قتادة، قاله عَبْد الغَنيِّ بن سعيد الأزديُّ المصريُّ في «مبهماته» _وقد رويتها بالسماع بالقاهرة_ وساقَ له شاهدًا، وفي الشاهد: (فقدمْنَ عجائزُ من بني عجل، فأخبرْنَ أنَّ للمولود جدَّةً سوداءَ)، وكذا سمَّاه الذَّهَبيُّ في «تجريده».

قوله: (وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ): هذا الولد لا أعرف اسمه.

قوله: (مِنْ أَوْرَقَ): تَقَدَّمَ ما (الأورق).

قوله: (أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ): (أُراه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

==========

[1] في (أ): (بالكسر)، والمثبت موافق للمواضع السابقة.

[ج 2 ص 753]

(1/12204)

[باب كم التعزير والأدب؟]

(1/12205)

[حديث: لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله]

6848# قوله: (حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة.

قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): هو هانئُ بن نِيَار، وهو أبو بُردة بن نيار بن عَمرو بن عُبيد بن عَمرو الأوسيُّ، وقيل غيرُ ذلك في نسبه، وهو خالُ البَراء بن عازب، عَقَبيٌّ بدريٌّ جليلٌ، تُوُفِّيَ عام الجماعة، أخرج له الجماعةُ، رضي الله عنه.

قوله: (لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَة [1]): (يُجلَد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (جَلَدَاتٍ): بفتح اللام.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَشْرِ).

[ج 2 ص 753]

(1/12206)

[حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله]

6849# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحد الأعلام، الفَلَّاس الصيرفيُّ، و (فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة.

[ج 2 ص 753]

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ الجهل بعين الصَّحَابيِّ _وسيجيء مَن هو_ لا يضرُّ؛ لأنَّهم كلَّهم عدولٌ، وهذا هو الصحيح، وقد قَدَّمْتُ فيه خلافًا، وهذا الحديثُ ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة عبد الرَّحْمَن بن جابر بن عبد الله عمَّن سمع النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ الحديث، فقال: البُخاريُّ في (المحاربين)، وطرَّفه عن صحابيٍّ منهم كما هنا، ثم قال: رُوِيَ عن سليمان بن يسار، عن عبد الرَّحْمَن بن جابر، عن أبي بُردة بن نيار، وقيل: عنه عن عبد الرَّحْمَن بن جابر، عن أبيه، عن أبي بُردة بن نيار، وقد مضى، انتهى؛ يعني: في مسند أبي بُردة هانئ بن نيار، والله أعلم.

(1/12207)

[حديث: لا تجلدوا فوق عشرة أسواط إلا في حد]

6850# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ): (سليمانَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وفاعل (حدَّث): (هو) عائد على عبد الرَّحْمَن بن جابر، و (أَبُو بُرْدَةَ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه هانئ بن نيار قريبًا، [و] أنَّه عَقَبيٌّ بدريٌّ جليلٌ.

==========

[ج 2 ص 754]

(1/12208)

[حديث: أيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين]

6851# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحدُ الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ): تَقَدَّمَ أنَّه صومُ يومَين فما زاد من غير أن يتناول بينهما مفطرًا، وقدَّمتُ حُكْمَهُ.

قوله: (فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ): هؤلاء الرجال لا أعرفُهم.

قوله: (إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ): تَقَدَّمَ الكلام مُطَوَّلًا، وذكرت فيه أقوالًا في (الصوم)، وأنَّ الصحيحَ: أنَّ الله عزَّ وجلَّ يجعل فيه قوَّةً مِن أكلٍ وشربٍ.

قوله: (تَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على عُقَيل، و (شعيب): هو ابن أبي حمزة، ومتابعة شعيب أخرجها البُخاريُّ في (الصوم) عن أبي اليمان عن شعيب به، وأخرجها النَّسائيُّ فيه عن عمرو بن عثمان، عن أبيه، عن شعيب به، و (يحيى بن سعيد): هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ، ومتابعة يحيى بن سعيد لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة سوى ما هنا، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، ومتابعة يونس أخرجها مسلم في (الصوم) عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس به.

(1/12209)

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ): هو عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافرٍ أمير مصر، عن الزُّهْرِيِّ، وعنه: مولاه الليث بن سعد، ويحيى بن أيُّوب، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا: قال المِزِّيُّ: (قال أبو مسعود: هكذا رواه البُخاريُّ، ولم يقل شعيب عمَّن؟ وإنَّما هو شعيب عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سلمة، وقال في حديث ابن مسافر: عن سعيدٍ وحده، وإنَّما هو عن سعيد وأبي سلمة، زاد المِزِّيُّ: كذلك هو في نسخة أبي اليمان من رواية عليِّ بن مُحَمَّد الحكانيِّ عنه، عن شعيب، عن الزُّهْرِيِّ عن أبي [1] سلمة، وكذلك أخرجه البُخاريُّ في «الصوم» عن أبي اليمان بإسناده، وقال: عن أبي سلمة)، انتهى، وقد ذكرت هذا الكلام أنا في (الصوم) أيضًا، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد): هو ابن المُسَيّب.

==========

[1] في (أ): (الزهري وأبي)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 754]

(1/12210)

[حديث: أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله إذا اشتروا ... ]

6852# قوله: (حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمَة، وقدَّمت الكلام عليه مرارًا، وعلى عَبَّاس بن الوليد؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وعيَّنتُ الأماكنَ التي له _أي: لهذا الثاني_ في «البُخاريِّ»، وهي ثلاثة [1] أماكن، وفي الأخير منها عيَّنه: (النرسي)، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (يُضْرَبُونَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (جزَافًا): هو مثلَّث الجيم.

(1/12211)

[حديث: ما انتقم رسول الله لنفسه في شيء]

6853# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدان لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يُؤْتَى إِلَيْهِ): (يُؤتَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (حَتَّى يُنْتَهَكَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 754]

(1/12212)

[باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة]

قوله: (وَاللَّطْخَ): هو بفتح اللام، وإسكان الطاء المُهْمَلَة، وبالخاء المُعْجَمَة، قال في «المطالع»: هو التُّهمة، وإلصاقُ الشرِّ إلى الملطوخ، انتهى، ومقتضى عطفِ البُخاريِّ (التُّهَمة) عليه: أنَّه غيرُه، وفي «الصحاح»: (لطخه لطخًا، فتلطَّخ به؛ أي: لوَّثه به فتلوَّث، ولُطِخَ فلانٌ بشرٍّ: رُمِيَ به، ومثله في «القاموس»، والحاصل: أنَّ (اللَّطخ): الرَّميُ بالقبيح.

قوله: (وَالتُّهَمَةَ): هو بفتح الهاء، وفي «النهاية» لابن الأثير: وقد تُفتَح الهاء، وسأذكر لفظه إن شاء الله تعالى.

(1/12213)

[حديث: شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة ... ]

6854# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله بن جعفر بن نَجِيْح ابن المَدينيِّ، الحافظ الكبير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (شَهِدْتُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ): هذان المتلاعنان هما: عويمر العجلانيُّ وامرأتُه، كما صَرَّحَ به في (اللعان)، وتَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ في (سورة النور) ما قاله ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ، وما قاله ابنُ الملقِّن شيخُنا الشارحُ.

قوله: (فَرَّقَ بَيْنَهُمَا): هو مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: فرَّق بينهما رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويجوز بناؤه للمفعول، والله أعلم.

قوله: (قَالَ [1] زَوْجُهَا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ زوجَها عويمر العجلانيُّ.

قوله: (كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ): هو بفتح الواو والحاء المُهْمَلَة والراء، ثمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (يُكْرَهُ): مَبْنيٌّ للمفعول.

(1/12214)

[حديث: لو كنت راجمًا امرأةً عن غير بينة]

6855# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظُ الجِهْبِذُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان.

قوله: (تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ): هذه المرأة المعلنةُ لا أعرف اسمَها.

(1/12215)

[حديث: لو رجمت أحدًا بغير بينة رجمت هذه.]

6856# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح.

[ج 2 ص 754]

قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): كذا في أصلنا، وعلى (القاسم بن مُحَمَّد) علامة أبي ذرٍّ، وهذه الرواية _أعني: إثبات (القاسم بن مُحَمَّد) _ قال في هامش أصلنا ما لفظه: الصواب: إثبات (القاسم بن مُحَمَّد) التي هي رواية أبي ذرٍّ؛ لأنَّ عبد الرَّحْمَن بنَ القاسم لم يسمع من ابن عَبَّاس، انتهت، ولم يذكر المِزِّيُّ في «أطرافه» الحديثَ إلَّا في ترجمة القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق عن ابن عَبَّاس، ولم يذكر في «أطرافه» رواية: عن عبد الرَّحْمَن بن القاسم عن ابن عَبَّاس بالكُلِّيَّة، فالصواب: إثبات (القاسم بن مُحَمَّد)، والله أعلم، وكذا هو ثابتٌ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بلا خلافٍ، والله أعلم.

قوله: (ذُكِرَ التَّلاَعُنُ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (التَّلاعنُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَجَاءَهُ [1] رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ): هذا الرجل هو عويمر العجلانيُّ، كما صَرَّحَ به في (كتاب اللعان)، والله أعلم.

قوله: (مَا ابْتُلِيتُ): هو بضَمِّ التاءين؛ الأُولى؛ لأنَّه لم يُسَمَّ فاعلُه، والثانيةُ؛ لأنَّها تاء المتكلِّم، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ): امرأة عويمر العجلانيِّ تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة النور)، وأنِّي لا أعرفها، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخُنا الشارح وابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ.

قوله: (سَبطَ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (آدَمَ)، وكذا (خَدِْلًا).

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ هو عبد الله بن شدَّاد، مشهورُ الترجمة.

قوله: (تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلاَمِ السُّوءَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنِّي لا أعرف هذه المرأة.

(1/12216)

[باب رمي المحصنات]

قوله: (بَابُ رَمْيِ الْمُحْصنَاتِ): هو بفتح الصاد وكسرها، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12217)

[حديث: اجتنبوا السبع الموبقات ... ]

6857# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هو ابن بلال، و (أَبُو الْغَيْثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سالم مولى عبد الله بن مطيع.

قوله: (الْمُوبِقَاتِ): هو بكسر المُوَحَّدة، اسمُ فاعلٍ، وهذا ظاهِرٌ، وتَقَدَّمَ تفسيرها بـ (المُهْلِكَات).

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12218)

[باب قذف العبيد]

(1/12219)

[حديث: من قذف مملوكه وهو بريء مما قال]

6858# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بن سعيد) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ): بضَمِّ النون، وهو عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعمٍ البَجَليُّ، أبو الحكم العابد، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): (جُلِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12220)

[باب: هل يأمر الإمام رجلًا فيضرب الحد غائبًا عنه]

قوله: (فَيَضْرِبَ الْحَدَّ): (يضربَ): مَنْصُوبٌ جواب الاستفهام؛ وهو (هل) في أوَّل الترجمة، وفي أصلنا رُفِعَ بالقلم، والظاهر أنَّ الرَّفعَ طارئٌ عليها.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12221)

[حديث: والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله]

6859# 6860# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ): هذا هو مُحَمَّد بن يوسف، أبو أحمد البيكنديُّ البُخاريُّ، تَقَدَّمَ في (العلم) و (بدء الخلق) و (علامات النبوَّة في الإسلام) وغير ذلك، وذكرتُ بعضَ ترجمته، وأنَّه واسع الرحلة، ولا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا، إلَّا أنَّ البُخاريَّ روى عنه محتجًّا به غَيْرَ مَرَّةٍ، والله أعلم.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، أحدُ الأعلامِ المشاهيرِ.

قوله: (رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ وامرأتَه، والزانيَ بها وأباه [2]، لا أعرفهم.

قوله: (أَنْشُدُكَ اللهَ): (أَنشُدك): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألك.

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ مالكًا فسَّره في بعض الطرق بـ (الأجير)، وكذا (الرِّجَال مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ): قَدَّمْتُ أسماءَ الذين كانوا يُفتون في عهده عليه السَّلام، والاختلافَ في عَددهم، وقدَّمت عددَ مَن حُفِظَت عنه الفتوى من الصَّحَابة، وأنَّهم مئةٌ ونيِّفٌ وثلاثون شخصًا من بين رجلٍ وامرأةٍ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيْس)، وأنَّه ابن الضَّحَّاك الأسلميُّ، وما قال فيه بعضُهم، ولا يصحُّ.

(1/12222)

((87)) (كِتَابُ الدِّيَاتِ) ... إلى (بَاب القَسَامَةِ)

قوله: (كِتَابُ الدِّياتِ): هي جمع (دِيَة)، والهاء عوضٌ من الواو، تقول: وَدَيْتُ القتيلَ أَديه دِيَةً؛ إذا أعطيتَ دِيَتَه، واتَّدَيْتُ؛ أي: أخذتُ دِيَتَه، وإذا أمرتَ منه؛ قلتَ: دِ فلانًا، وللاثنين: دِيَا، وللجماعة: دُوا فلانًا، قاله الجوهريُّ.

واعلم أنَّ أوَّل مَن قضى بها مئةً من الإبل أبو سيارة، وسمَّاه السُّهَيليُّ: عُميلة بن الأعزل، عن ابن إسحاق، وعن الخَطَّابيِّ: أنَّ اسمَه العاصي، وقيل: أوَّل من قضى بها عبدُ المُطَّلِب، قاله ابن قُتَيْبَة، ونقل بعضُ شيوخِ شيوخِنا ثلاثةَ أقوالٍ في أوَّل مَن قضى بها مئةً؛ القولَين اللَّذَين ذكرتُهما، والثالث: القلمس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12223)

[قول الله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم}]

(1/12224)

[حديث: ثم أن تقتل ولدك أن يطعم معك]

6861# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ [1]؟): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: هو ابن مسعودٍ راوي الحديث، كما وقع عند المصنِّف من وجهٍ آخَرَ، انتهى.

قوله: (أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا): تَقَدَّمَ ما (النِّدُّ)، وأنَّه بكسر النون، تعالى الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَيٌّ) هل هي مُنَوَّنة، أو مرفوعة من غير تنوين، وتَقَدَّمَ (يَطْعَمَ): أنَّه بفتح الياء والعين؛ أي: يأكل، وتَقَدَّمَ الكلام على (الحَلِيْلَة).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَكْبَرُ).

[ج 2 ص 755]

(1/12225)

[حديث: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه]

6862# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي): أمَّا (عليٌّ)؛ فقد قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: (عليٌّ عن إسحاق بن سعيد القرشيِّ وخلفِ بن خليفة، فقيل: هو عليُّ بن الجعْد، وعن مالك بن سُعير وعنه: البُخاريُّ، فقيل: هو عليُّ بن سلمة الليثيُّ)، انتهى؛ فتَحرَّرَ أنَّه عليُّ بن الجعْد؛ لأنَّه هنا يروي عن إسحاق بن سعيد، وعليُّ بن الجَعْد: هو ابن عُبيد، أبو الحسن الهاشميُّ مولاهم، البغداديُّ الجوهريُّ، أحدُ الأعلام الحُفَّاظ، عن حَريز بن عثمان، وابن أبي ذئب، وسعيد، وعبد الحميد بن بهرام، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابنُ معين، وأبو زرعة، وأحمدُ ابن حنبل، وابن أبي الدنيا، وأبو يعلى المَوْصِليُّ، وأبو القاسم البغويُّ، وخلقٌ كثيرٌ، ثَبْتٌ، تَقَدَّمَ، ومسلمٌ أعرض عنه، وقد سمع منه جملةً، لكن لم يخرِّج له شيئًا في «كتابه»، وهو أكبرُ شيخٍ لقيه مسلمٌ، وقد وَثَّقَهُ، لكنَّه قال: جهميٌّ، انتهى، وقد قال: مَن قال: القرآنُ مخلوقٌ؛ لم أعنِّفْه، له ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ وأبو داود، تُوُفِّيَ في رجب سنة (230 هـ)، وله ستٌّ وتسعون سنةً.

قوله: (فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ): (الفُسحة)؛ بضَمِّ الفاء: السَّعَة.

قوله: (مِنْ دِينِهِ): هو بكسر الدال المُهْمَلَة، ثم مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثم نون، قال ابن قُرقُول: (من دِينه): كذا للأصيليِّ، وأبي ذرٍّ، وابنِ السكن، وعند غيرهم: (ذنبه)، وكلاهما له وجهٌ، والأوَّل أوجهُ عندي، انتهى، وقد تَقَدَّمَ، والأُولى في أصلنا، والثانيةُ نسخةٌ في الطُّرَّة.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12226)

[حديث: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها]

6863# قوله: (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ): هذا هو المسعوديُّ الكوفيُّ، عن عبد الرَّحْمَن ابن الغَسِيل، وإسحاق بن سعيد بن عمرو الأمويِّ، ويزيد بن المقدام، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابن نُمَيْر، وأبو سعيد الأشجُّ، وأبو مُحَمَّد الدارميُّ، وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة بضعَ عشرةَ ومئتين، فإنَّ أبا زرعة أدركه ولم يكتب عنه.

[ج 2 ص 755]

قوله: (إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ): قال في «المطالع»: («ورْطات الأمور»؛ بإسكان الراء؛ أي: شدائدها، وما لا يُتخلَّص منه، قال الخليل: الورْطة: البليَّة يقع الإنسان فيها)، انتهى، والمفرد بإسكان الرَّاء، بلا خلاف في ذلك أعلمُه، وفي أصلنا: (ورَطات)؛ بفتح الرَّاء، وعليه (صح)، وكتب بعض علماء الحنفيَّة تجاهه: (قال ابن مالك: صواب: «ورَطات» أن يكون مُحرَّكًا؛ مثل: ثمَرة وثَمَرات، ورُطَبة ورَطَبات)، انتهى، كذا قال، والله أعلم، وكذا نقله بعضُهم عن ابن مالك، ومثَّلَ المثال الأوَّل فقط عنه.

(1/12227)

[حديث: أول ما يقضى بين الناس في الدماء]

6864# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أوَّل ما يُحاسَب به العبدُ من عمله صلاتُه»، في (الرَّقائق).

(1/12228)

[حديث المقداد: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله]

6865# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (الْمِقْدَاد بْن عَمْرٍو الْكِنْدِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو ابن عَمرٍو، كما نسبه هنا، والأسود بن عبد يغوث تبنَّاه، وليس بابنه، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا في (النِّكاح) في أوائله.

قوله: (إِنْ لَقِيتُ كَافِرًا ... )؛ الحديث: تنبيهٌ: هذا لم يقع، وإنَّما هو فَرَضٌ؛ أي: لو وقع؛ ما حكمه؟

قوله: (ثُمَّ لاَذَ): هو بالذَّال المُعْجَمَة؛ أي: تستَّر واختفى، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (آقْتُلُهُ): هو بمدِّ الهمزة على الاستفهام، وكذا الثَّانية.

قوله: (فَإِنْ قَتَلْتَهُ؛ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ): اعلم أنَّه اختُلِف في معنى هذا الحديث؛ فأحسنُ ما قيل فيه وأظهرُه ما قاله الإمام الشَّافِعيُّ وابن القصَّار المالكيُّ وغيرُهما: أنَّ معناه: فإنَّه معصوم الدَّم مُحرَّمٌ قتلُه بعد قوله: (لا إله إلَّا الله)، كما كنتَ أنتَ قبل أن تقتله، وإنَّك بعد قتله غيرُ معصوم الدَّم، ولا مُحرَّم القتلِ كما كان هو قبل قوله: (لا إله إلَّا الله)، قال ابن القصَّار: يعني: لولا عذرُك بالتَّأويل المُسقِط للقصاص عنك، قال القاضي عياض: وقيل معناه: إنَّك مثله في مخالفة الحقِّ، وارتكابك الإثم وإن اختلفت أنواع المخالفة والإثم، فيُسمَّى إثمُه: كُفرًا، وإثمُك: معصيةً وفسقًا، انتهى ما قاله الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»، وقد تَقَدَّمَ أيضًا.

6866# قوله: (وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، القصَّاب الكوفيُّ، عن أمِّ الدَّرداء وسعيد بن جُبَيرٍ، وعنه: شعبة وابن فُضَيل، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (142 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال أحمد وابن معين: ثقة، وهذا تعليق مجزوم به، و (سَعِيد): هو ابن جُبَيرٍ، قال شيخنا في تعليق حَبِيب: أخرجه ابن سعْد في «طبقاته»: عن عُبيد الله بن موسى: حَدَّثَنَا إسرائيل عنه، عن سعيد بن جُبَيرٍ به.

(1/12229)

==========

[ج 2 ص 756]

(1/12230)

[باب قول الله تعالى: {ومن أحياها}]

(1/12231)

[حديث: لا تقتل نفس إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها]

6867# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ): تَقَدَّمَ الكلام [على] ابني آدم: هل هما لصلبه، أو من بني إسرائيل في (الجنائز)، وإذا كانا لصلبه؛ فالقاتلُ: قابيلُ.

قوله: (كِفْلٌ مِنْهَا): (الكفل): أي: نصيب، وقال الخليل: ضعْف، ويقال: يُستعمَلُ في الأجر والوِزر، قال تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} [الحديد: 28]، وقال: {شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النِّساء: 85]، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 756]

(1/12232)

[حديث: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض .. ]

6868# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، و (وَاقِد ابْنُ عَبْدِ اللهِ): هو بالقاف، وهو واقد بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر العُمريُّ المدنيُّ، نُسِب هنا إلى جدِّه.

قوله: (يَضْربُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ الكلام في أوائل هذا التعليق في (كتاب العلم) على (يضرب)، وأنَّه مَرْفُوعٌ، ومَن جوَّز فيه الجزمَ مُطَوَّلًا.

(1/12233)

[حديث: استنصت الناس لا ترجعوا بعدي كفارًا ... ]

6869# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ): هو بضَمِّ الميم، وإسكان الدَّال المُهْمَلَة، وكسر الرَّاء، اسم فاعل من (أدرك)، وهذا ظاهِرٌ معروف عند أهلِه، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مرَّةً الاختلافُ في اسمه، وهو هَرِم _وقيل غير ذلك_ ابن عَمرو بن جَرِير بن عبد الله البَجَليُّ، و (جَرِير): هو ابن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (يَضرِب): مَرْفُوعٌ، وتَقَدَّمَ كلام مَن أجاز فيه الجزم على تقدير شرطٍ، وأنَّ الرواية بالرفع.

قوله: (رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

(1/12234)

[حديث: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين.]

6870# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه وقبله مرارًا، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدر، و (فِرَاس): هو بكسر الفاء، وتخفيف الرَّاء [2]، وهو ابن يحيى الهَمْدانيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (الشَّعْبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الشَّعْبيُّ)؛ بفتح الشين المُعْجَمَة، وهذا مشهور معروف.

قوله: (الْكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ الذَّهَبيَّ أفردها بمُؤلَّف بلَّغها ستَّةً وسبعين كبيرةً، وذكر في بعض نسخ «الكبائر» أعمالًا يتردَّد النَّظر في أنَّها كبيرة أم لا؟ وأنَّ ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة ذكر جملةً مِن الكبائر في آخر «إعلام الموقِّعين».

قوله: (وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (العقوق).

[ج 2 ص 756]

قوله: (أَوْ قَالَ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ): تَقَدَّمَ لِمَ سُمِّيت غموسًا في (الأيمان)؛ بفتح الهمزة.

قوله: (مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): هو معاذ بن معاذ، أبو المثنَّى، التَّميميُّ العنبريُّ البصريُّ، الحافظ، قاضي البصرة، تَقَدَّمَ، وهذا تعليق مجزوم به، وقد أخرج لمعاذٍ هذا الجماعةُ، وعنه: أحمد، وعبد الله بن المثنَّى، وأحمد، وابن المَدينيِّ.

(1/12235)

[حديث: أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس]

6871# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عبد الصَّمد بن عبد الوارث، أبو سهل، حافظ حجَّة، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا [1] عَمْرٌو): هذا هو ابن مرزوق، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ في «أطرافه»، روى عنه: البُخاريُّ مقرونًا، وهنا قد قرنه بإسحاق بن منصور، لا بعبد الصَّمد بن عبد الوارث، وهذا نوع مِن القرن، وقد تَقَدَّمَ، وإنَّما أتى به؛ لعلوِّه؛ لأنَّه يعلو على المُتقدِّم بواحدٍ، وله ترجمة في «الميزان».

تنبيهٌ: عَمرو بن مرزوق هذا باهليٌّ مولاهم، كنيته أبو عثمان، بصريٌّ، ولهم آخرُ يقال له: عَمرو بن مرزوق واشحيٌّ بصريٌّ، يروي عن غير واحد، وعنه: أبو داود وأبو الوليد الطَّيالسيَّان، ومسلم بن إبراهيم، وجماعة، قال ابن معين: ليس به بأس، ذكره في «الميزان» تمييزًا من الراوي هنا، فقال فيه: شيخ صدوق، روى عنه: الحوضيُّ ومسلم، انتهى.

و (ابْن أَبِي بَكْرٍ): اسمه عُبَيد الله _بالتَّصغير_ ابن أبي بكر بن أنس بن مالك المذكور في السند الذي قبله، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو داود، قال أبو حاتم: صالح، أخرج له الجماعة.

(1/12236)

[حديث: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله]

6872# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشيم بن بَشِير، حافظ بغداد، و (حُصَيْنٌ) بعده: بضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المُهْمَلَتين، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، وهذا هو كما قال الدِّمْيَاطيُّ: (حُصَين بن عبد الرَّحْمَن السُّلميُّ عن أبي ظبيانَ حُصَين بن جندب الكوفيِّ، اتَّفقا عليهما)، انتهى، و (أَبُو ظَبْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ أهل اللُّغة: يفتحون الظاء المُعْجَمَة، ويُلَحِّنُون مَن يكسرها، وأنَّ أهل الحديث: يكسرونها، وكذا قَيَّدهُ بالكسر غيرُ واحد من الحُفَّاظ، والله أعلم.

قوله: (بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح الثاء، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ): (الحُرَقَة)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الراء، وبالقاف، ثمَّ تاء التأنيث؛ وهي بطن من جُهَينة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ): أمَّا (الرَّجل الأنصاريُّ)؛ فلا أعرفُه، وأمَّا الرَّجل المقتول الذي طعنه أسامة بن زيد بالرمح؛ فاسمه مرداس بن نَهِيك، قاله ابن بشكوال وغيره، ويقال: اسمه مرداس بن عَمرو بن نَهِيك الفدكيُّ، قال الذَّهَبيُّ: هو الذي قتله أسامة وهو شهيد، وقد تَقَدَّمَ، وقد ذكره الذَّهَبيُّ في «تجريده»، ولم يحمِّره، وينبغي أن يُحمَّر؛ لأنَّه إنَّما رأى الصَّحَابة بعد إسلامه، ولم يرَ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ): معناه: لم يكن تَقَدَّمَ إسلامي، بل ابتدأتُ الآن الإسلام؛ ليمحوَ عنِّي ما تَقَدَّمَ، وقال هذا الكلام مِن عِظَمِ ما وقع فيه، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وقدَّمتُ فرعًا ذكره بعض الشَّافِعيَّة في كتبهم مثلَ هذا؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 757]

(1/12237)

[حديث: بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئًا]

6873# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجوادُ، و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن أبي حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): قال الدِّمْيَاطيُّ: (مَرْثد بن عبد الله اليزنيُّ) انتهى، وهذا تَقَدَّمَ، و (الصُّنَابِحِي): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الرَّحْمَن بن عُسَيلة بن عِسْل بن عسَّال الصُّنَابحيُّ، أبو عبد الله، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن سعد وغيره، تُوُفِّيَ في خلافة عبد الملك، وكان جليلَ القدر.

قوله: (إِنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ (النُّقباء) كانوا اثني عشر؛ تسعةً مِن الخزرج، وثلاثةً من الأوس، وقد قدَّمتُهم في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_ في أوَّل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 757]

(1/12238)

[حديث: من حمل علينا السلاح فليس منا]

6874# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا): اعلم أنَّ من قاعدة أهل السُّنَّة والفقهاء: أنَّ من حمل السَّلام على المسلمين بغير حقٍّ ولا تأويل ولم يستحلَّه؛ فهو عاصٍ، ولا يكفر بذلك، فإنِ استحلَّه؛ كفر، وأمَّا تأويل الحديث؛ فقيل: هو محمول على المُستحِلِّ بغير تأويل؛ فيكفر، ويخرج عن الملَّة، وقيل: ليس على سيرتنا الكاملة، وكان سفيان بن عُيَيْنَة يكره قول مَن يفسِّر بـ (ليس على هدينا)، ويقول: ليس هذا القول؛ يعني: بل يُمسِك عن تأويله؛ ليكون أوقعَ في النفوس وأبلغَ في الزَّجر، والله أعلم.

قوله: (رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أبو موسى): هو الأشعريُّ عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/12239)

[حديث: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه]

6875# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، واسم أبي تميمة: كيسان، أحد الأعلام أيُّوب، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، و (الأَحْنَف بْن قَيْسٍ)؛ بفتح الهمزة، ثمَّ حاء مهملة ساكنة، ثمَّ نون، ثمَّ فاء، واسمه الضَّحَّاك، ويقال: الحارث بن قيس، ويقال: صخر، والأصحُّ: أنَّه تابعيٌّ مخضرمٌ سيِّدٌ نبيل، تُوُفِّيَ سنة (67 هـ)، وقيل: سنة (72 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: ووقع في «المُستَوفى» لابن دحية: أنَّ اسمه قيس، وإنَّما قيسٌ اسمُ أبيه، والله أعلم.

قوله: (ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ): الرَّجل المشار إليه: هو عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

قوله: (فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة؛ فانظره.

(1/12240)

[باب سؤال القاتل حتى يقر والإقرار في الحدود]

(1/12241)

[حديث: أنَّ يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين ... ]

6876# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ): (اليهوديُّ) و (الجارية) لا أعرف اسمَيهما.

قوله: (أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ): هذان [1] لا أعرفُهما.

قوله: (حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ): (سُمِّي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اليهوديُّ)؛ بالرَّفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

[ج 2 ص 757]

قوله: (فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ): (رُضَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رأسُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[1] في (أ): (هذا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/12242)

[باب: إذا قتل بحجر أو بعصًا]

(1/12243)

[حديث: خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة ... ]

6877# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ لمَّا ذكر هذا الموضع: (نسبه ابن السَّكن: مُحَمَّد بن سلَام، وقال أبو نصر: مُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَيْر، سمع أباه، وعبد الله بن إدريس)، انتهى، وقال المِزِّيُّ فيه ما لفظه: (عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام) انتهى، و (عبد الله بن إدريس): هو ابن يزيد الأوديُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (خَرَجَتْ جَارِيَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه (الجارية) لا أعرف اسمها، وكذا (اليَهُودِيُّ) الذي ضربَها.

قوله: (عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ): تَقَدَّمَ ما (الأوضاح)، وأنَّه الحلي من الفضَّة على قولٍ، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

قوله: (فُلاَنٌ قَتَلَكِ؟): هذا (فلانٌ) لا أعرفه، وكذا (فُلاَنٌ) الذي بعده، وقد قَدَّمْتُ ذلك.

==========

[ج 2 ص 758]

(1/12244)

[باب قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف}]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]): {أَنَّ}؛ بفتح الهمزة، وتشديد النون، كذا التلاوة؛ فلا تكسرها، فتقول: إنَّها بعد القول، وافتحها على الحكاية.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (تعالى).

[ج 2 ص 758]

(1/12245)

[حديث: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله]

6878# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غَيِاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (النَّفْسُ بِالنَّفْسِ): (النَّفسُ): مَرْفُوعٌ، وكذا ما بعده من (الثَّيِّب) و (المُفَارِق [1])، ويجوز جرُّ الكلِّ على البدل، وهما ظاهران.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (والمارق).

[ج 2 ص 758]

(1/12246)

[باب من أقاد بالحجر]

(1/12247)

[حديث: أن يهوديًا قتل جاريةً على أوضاح لها]

6879# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدُر المشهورُ.

قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (اليهوديَّ) و (الجارية) لا أعرف اسميهما.

قوله: (عَلَى أَوْضَاحٍ): تَقَدَّمَ (الأوضاح) ما هو؛ وهو الحليُّ من الفضَّة على قول، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (أَقَتَلَكِ فُلاَنٌ؟): هذا لا أعرفه، وكذا الثاني.

==========

[ج 2 ص 758]

(1/12248)

[باب: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين]

قوله: (بَابُ مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ): (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قَتِيلٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ): يعني: القصاص والدِّية، أيُّهما اختار؛ كان له، وكذا قال في الحديث الذي في الباب: «فهو بخير النَّظرَين؛ إمَّا أن يُودِي، وإمَّا أن يُقاد».

==========

[ج 2 ص 758]

(1/12249)

[حديث: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين]

6880# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ) بعده: هو شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحْو، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ كلام ابن أبي داود وغيرِه: أنَّ المنسوب إلى القبيلة: يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان هذا، انتهى، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا): هذا (الرجل) الذي قتله خزاعة عام الفتح تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب العلم) في (باب كتابة العلم)، وفي (الحجِّ) أيضًا.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ): هذا أبو عَمرو الغُدَانيُّ البصريُّ، عن شعبة، وعكرمة، وحرب بن شدَّاد، وخلق، وعنه: البُخاريُّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو حاتم، وعثمان الدَّارميُّ، وأبو مسلم الكجِّيُّ، وخلائقُ، قال الفلَّاس: صدوق كثير الغلط والتَّصحيف، ليس بحجَّة، وقال أبو حاتم: ثقة رضيٌّ، وقال ابن المَدينيِّ: اجتمع أهل البصرة على عدالة رجلين؛ أبي عمر الحوضيِّ، وعبد الله بن رجاء، تُوُفِّيَ في سلخ ذي الحجَّة سنة تسعَ عشرةَ ومئتين، وقيل: في أوَّل سنة عشرين، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ، لكن طال به العهد، وقد قَدَّمْتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه_ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالب أنَّ أَخْذَهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وإنَّما أتى بهذا؛ لأنَّ يحيى _هو ابن أبي كَثِير_ مُدَلِّس، فأتى بهذا الثَّاني؛ لأنَّ فيه تصريحَ يحيى بالتحديث من أبي سلَمة، وفي الأوَّل عنعن، والله أعلم، و (حَرْبٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن شدَّاد، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير.

تنبيهٌ: مَن يقال له: يحيى، ويروي عن أبي سلمة عن أبي هريرة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها؛ هذا يحيى الذي ذكرناه، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ روى له بهذا السَّند البُخاريُّ والنَّسائيُّ.

(1/12250)

و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ).

قوله: (أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّها فُتِحَت في رمضان سنة ثمانٍ، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف متى كان مِن شهر رمضان، وكان يوم الجمعة، والله أعلم.

قوله: (رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الرَّجل) في (كتاب العلم) وفي (الحجِّ)، وكذا (القَتِيل الذي لَهُم فِي الجَاهِلَيَّة).

قوله: (إِنَّ اللهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ): كذا هو في أصلنا: (الفيل)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الفيل المحبوس عن مكَّة اسمه محمود.

قوله: (أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ): (أُحِلَّتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ هذه (الساعة) كم كانت، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا)، وعلى (وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا)، وتَقَدَّمَ الكلام على (المُنْشِد)، وعلى (خَيْر النَّظَرَين)، وعلى (أَبِي شَاهٍ)، وعلى كتابة العلم، وأنَّ الإجماع انعقد بعد الاختلاف على الجواز، وعلى (الرَّجُل مِنْ قُرَيش) القائل: (إِلَّا الإِذْخِر)، وأنَّه العَبَّاس، وهذا مشهور معروف، وقد وقع التَّصريح به في «الصَّحيح»، وقال بعض حفَّاظ مصر من المُعاصِرين بعد أن قال: إنَّه العَبَّاس: (وفي «مُصنَّف ابن أبي شيبة»: (فقام رجل من قريش يقال له: أبو شاهٍ) انتهى، ولا أعرف أحدًا مِن قريش يقال له: أبو شاه، وإنَّما أبو شاه المذكور من أهل اليمن، والله أعلم، وعلى (الإِذْخِرَ).

قوله: (تَابَعَهُ [1] عُبَيْدُ اللهِ عَنْ شَيْبَانَ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي نعيم، و (عُبيد الله): هو ابن موسى العبسيُّ الكوفيُّ أبو مُحَمَّد، أحد الحُفَّاظ المشاهير، عن أبيه، وهشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وشيبان، ومِسْعَر، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابن راهويه، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وعبد بن حُمَيد، ومُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، والدَّارميُّ، وخلقٌ كثيرٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره، انتهى، تُوُفِّيَ سنة ثلاثَ عشرةَ ومئتين في ذي القعدة، وكان مع تشيُّعه كاملًا في الزُّهد والعبادة والتَّألُّه، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به، و (شيبان): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، ومتابعة عُبَيد الله عن شيبان أخرجها مسلم في (الحجِّ) عن إسحاق بن منصور عن عُبيد الله بن موسى به.

(1/12251)

[ج 2 ص 758]

قوله: (فِي الْفِيلِ): هو بالفاء، وهذا يُعرَف مِن ضبطي ذلك قُبَيلَهُ.

قوله: (وَقَالَ [2] بَعْضُهُمْ: عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ: الْقَتْلَ): يعني: بالقاف، والمُثَنَّاة فوق، و (بعضهم): هو الإمام مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ النَّيسابوريُّ، كذا في هامش أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة، والله أعلم، وكذا رأيت بعضَهم قاله، وكذا قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ في مكانٍ آخرَ _أعني: بعض حُفَّاظ العَصْرِ_ إلى الجوزقيِّ في «المُتَّفِق» من طريق الذُّهليِّ كذلك، انتهى.

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن موسى، وقدَّمتُه مُترجَمًا، وكذا قبل هذا المكان.

(1/12252)

[حديث: كان في بني إسرائيل القصاص ... ]

6881# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة فيما ظهر لي، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الأثرم.

قوله: (فَالْعَفْوَ [1] أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ): هو بالنَّصب في أصلنا، وعليه (صح) بالقلم، ولا شكَّ أنَّه يجوز أيضًا من حيث العربيَّةُ الرَّفعُ، وهذان ظاهران.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (العفوُ)؛ بالرَّفع، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

[ج 2 ص 759]

(1/12253)

[باب: من طلب دم امرئ بغير حق]

(1/12254)

[حديث: أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم]

6882# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ): هو عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَين، مُكبَّر، ووقع في بعض أصولنا؛ وهو أصلنا الدِّمَشْقيُّ: (عبيد الله)؛ مُصغَّرًا، وهو خطأ، وقد ضبَّبتُ عليه، وصوَّبتُ في الهامش.

قوله: (مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ): أصله: الميل، والمُلحِد: المائلُ عن الحقِّ، يقال: لَحَد ولَحُد، ومُلحَدٌ ومُلحِدٌ، ومنه: (مُلحِد في الحرم)، والله أعلم، ومثله لابن الأثير، ولفظه: (احتكارُ الطَّعام في الحرم إلحادٌ فيه؛ أي: ظلمٌ وعدوانٌ، وأصل الإلحاد: الميل والعدول عن الشَّيءِ).

قوله: (وَمُبْتَغِي [1] فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ): كذا في أصلنا: (ومُبتغِي)؛ بالياء، والجادَّةُ حذف الياء؛ لأنَّه منقوص، ولكن إثباتها لغة، وهو مِن الابتغاء؛ وهو الطَّلبُ.

قوله: (لِيُهَْرِيقَ): هو بضَمِّ الياء، وفتح الهاء، ويجوز سكونها، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (وَمُبْتَغٍ)، وهي في (ق) بعد الإصلاح: (ومُبْتَغٍي).

[ج 2 ص 759]

(1/12255)

[باب العفو في الخطأ بعد الموت]

(1/12256)

[حديث: صرخ إبليس يوم أحد في الناس]

6883# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بنُ أَبِي المَغْرَاءِ [1]): تَقَدَّمَ ضبط (المَغْرَاء) مرارًا، وهو أنَّه بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، ممدود الآخر.

قوله: (أُخْرَاكُمْ): تَقَدَّمَ إعرابُه.

قوله: (حَتَّى قَتَلُوا الْيَمَانَ): هو بكسر النُّون في أصلنا، وصُحِّح عليه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الشيخ محيي الدين النَّوويَّ قال: (إنَّ الصحيح أنَّ «اليماني» و «ابن أبي العاصي» و «ابن أبي الموالي» و «ابن الهادي»: بإثبات الياء)، وقُدِّم أنَّ اسم (اليماني) حُسيل _ويقال: حسل، وقُدِّم كلٌّ من القولين على الآخر_ ابن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جِروة؛ بكسر الجيم، وقد تَقَدَّمَ لقبه [و] نسبه، و (اليماني): لقب حُسَيل، كذا قالوا، وقال الكلبيُّ وابن سعد: هو لقب جِروة، قالوا: ولُقِّب بـ (اليماني)؛ لأنَّه أصاب دمًا في قومه؛ فهرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل مِن الأنصار، فسمَّاه قومُه: اليماني؛ لأنَّه حالف الأنصار وهو مِن اليمن، وحُسَيل صحابيٌّ، قُتِل شهيدًا في أُحُد، وقد تَقَدَّمَ، وقدَّمتُ أنَّ الذي قتله خطأً هو عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ): قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: يعني: من المشركين، وكان الله أَدَال المسلمين، وقال رسولُهُ لهم: لا تبرحوا حتَّى يُؤذَن لكم، فهُزِمَ المشركون، فمال القوم للغنيمة، فصرف الله وجوههم، وهُزِموا، وقُتِل مِن المسلمين يومئذٍ سبعون)، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في قتلى أُحُد في (أُحُد)، والله أعلم.

(1/12257)

[باب: إذا أقر بالقتل مرةً قتل به]

قوله: (قُتِلَ بِهِ): (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 759]

(1/12258)

[حديث: أن يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين ... ]

6884# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: (لم أجد «إسحاق» هذا منسوبًا عند أحد مِن رواة «الكتاب»، ولعلَّه: إسحاق بن منصور، وقد روى مسلم عن إسحاق بن منصور عن حَبَّان بن هلال)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «الأطراف»، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، وهو ابن هلال، كما تَقَدَّمَ أعلاه، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (اليهوديَّ) و (الجارية) لا أعرف اسميهما.

قوله: (أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ؟): تَقَدَّمَ أنَّ (فلانًا) و (فلانًا) لا أعرفهما.

قوله: (حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ): (سُمِّي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اليهوديُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَرُضَّ رَأْسُهُ): (رُضَّ)؛ بضَمِّ الراء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رأسُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَقَالَ [1] هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

(1/12259)

[باب قتل الرجل بالمرأة]

(1/12260)

[حديث: أن النبي قتل يهوديًا بجارية قتلها على أوضاح لها]

6885# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا (سعيد): هو ابن أبي عَرُوْبة، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخنا صاحب «القاموس» في (عَرُوبة) غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (قَتَلَ يَهُودِيًّا بِجَارِيَةٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّ (اليهوديَّ) و (الجارية) لا أعرفهما.

==========

[ج 2 ص 759]

(1/12261)

[باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات]

قوله: (يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ): (يُقتَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرَّجل): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكأنَّ هذا الأثر لم يصحَّ عند البُخاريِّ على شرطه، فلهذا مرَّضه، قال شيخنا: وأثر عمرَ أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح: حَدَّثَنَا جَرِير عن مُغيرة، عن إبراهيم، عن شريح قال: (أتاني عروة البارقيُّ من عند عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه: أنَّ جراحات الرِّجال والنِّساء ... )؛ الحديث.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان.

قوله: (وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا): كذا في أصلنا: (أخت الرُّبَيِّع)، وقد تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) إنَّما هي الرُّبَيِّع _بضَمِّ الرَّاء، وفتح المُوَحَّدة، وكسر المُثَنَّاة تحت_ بنت النَّضْر، عمَّة أنس بن مالك، تَقَدَّمَت، وقد تَقَدَّمَ الكلام على رواية: (كَسَرتْ ثنيَّة جارية)، وعلى الذي هنا: (جرحت إنسانًا [1])، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ هنا: قال البيهقيُّ:

[ج 2 ص 759]

(1/12262)

ظاهر الخبرين يدلُّ على كونهما قضيَّتَين، وإلَّا؛ فثابتٌ أحفظُ، يشير بذلك إلى أنَّ رواية ثابت عن أنس: (أنَّ أخت الرُّبَيِّع جرحت إنسانًا)، ورواية حُمَيد عن أنس: (أنَّ الرُّبَيِّع بنت النَّضْر كسرت ثنيَّة جارية)، وعكس هذا النَّوويُّ، فقال: إنَّ العلماء قالوا: المعروف في الروايات روايةُ البُخاريِّ، قال: ويحتمل أنَّهما قضيَّتان، فعلى كلِّ تقدير كونهما قضيَّتين؛ يحتاج إلى بيان المُبهَم، وهي أخت الرُّبَيِّع، ووقع في «السُّنَن الكبير» للبيهقيِّ في (أبواب الجنايات) أَنْ ذكر التعليق المذكور، ثمَّ قال: أمَّا حديث الرُّبَيِّع؛ فأخبرنا به أبو مُحَمَّد يوسفُ، فساقه إلى حَمَّاد عن أنس، ثمَّ قال: وخالفه حُمَيد عن أنس، فقال: لطمت الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ جاريةً، فكسرت ثنيَّتها، وثابتٌ أحفظُ، ويحتمل أنَّهما قضيَّتان، وهو الأظهر، انتهى، قال ابن شيخنا: (وهذا مُتعقَّبٌ، فإنَّ القصَّة التي فيها مخالفةُ حُمَيد لثابتٍ إنَّما هي في الرُّبَيِّع بنت النَّضْر عمَّة أنس بن مالك، لا في الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ ابن عفراء، وقد ذكر ذلك البيهقيُّ في جماع «أبواب القصاص فيما دون النَّفس» على الصَّواب، فنسب القصَّة الأولى إلى مسلم، وهي التي فيها جراحة أخت الرُّبَيِّع، ونسب الثَّانية إلى البُخاريِّ التي فيها كسر السِّنِّ أيضًا كذلك في الرُّبَيِّع بنت النَّضْر، وقال ما تَقَدَّمَ عنه من احتمال الاختلاف والتَّرجيح؛ فلْيُتأمَّل، فإنَّه موضع مُهمٌّ)، انتهى،÷ وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: (كونها أخت الرُّبَيِّع هذه رواية حَمَّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس، والمحفوظ قصَّة الرُّبَيِّع، لكنَّ الخبر يحتمل التَّعدُّد؛ لأنَّ هذه جرحت، وتلك كسرت)، انتهى.

(1/12263)

[حديث: لا يبقى أحد منكم إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم]

6886# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفلَّاس الصَّيرفيُّ، أحد الأعلام، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: يحتمل أن يكون سفيانَ الثَّوريَّ، ويحتمل أن يكون ابن عُيَيْنَة؛ لأنَّهما رويا عن موسى بن أبي عائشة، والله أعلم، والقطَّان روى عنهما، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عُتْبَة بن مسعود.

قوله: (لَدَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ (اللَّدَّ): جعل اللَّدود في جانب الفم، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام لُدَّ يوم الأحد، وكانت وفاته يوم الاثنين عند الزَّوال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (كراهية)؛ بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغةُ: كراهي، وتَقَدَّمَ أنَّ (الدَّواء) فيه لغتان؛ فتح الدَّال وكسرها، وكلاهما مع المدِّ.

قوله: (غَيْر الْعَبَّاسِ): يجوز في (غير) النَّصبُ والرَّفعُ، وبهما ضُبِطَ في أصلنا، وعلى الرَّفع علامةُ راويها، وتَقَدَّمَ روايةُ أنَّ العَبَّاس لُدَّ أيضًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...