65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج8. التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط بن العجمي

 

ج8. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع

 الصحيح)

المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

ثمَّ اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم بالدخول إلى مكَّة ألَّا يقاتلوا إلَّا من قاتلهم إلَّا أنَّه قد عهد في نفر سمَّاهم بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة؛ منهم: عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح _بالسِّين المفتوحة، وإسكان الرَّاء، وبالحاء المهملتين_ العامريُّ، وعبد العزَّى بن خطل وقد قدَّمت اسمه، والاختلاف فيه أعلاه، وعكرمة بن أبي جهل، والحويرث بن نقيد بن وهب بن عبد بن قصيٍّ، ومقيس بن صُبَابَة و (صُبَابَة) [2]: بضمِّ الصَّاد المهملة، وموحَّدتين، بينهما ألف، الثَّانيةِ مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وذكر غير واحد من أهل اللُّغة أنَّه (مقيص) بالصَّاد، وهبَّار بن الأسود، وقيِّنتا ابن خطل كانتا تغنِّيان لابن خطل بهجاء النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وسأذكر تسميتهما، وسارة مولاة لبني عبد المُطَّلب، وقد ذكر هؤلاء المُهدَرين مغلطايُ في «سيرته الصُّغرى [3]»، وزاد: وكعب بن زهير، وهند بنت عتبة أسلمت، ووحشيُّ بن حرب أسلم، انتهى، وفي «تجريد الذَّهبيِّ»: أَسِيد بن أبي أُنَاس بن زُنَيم الكنانيُّ أهدر عليه الصَّلاة والسَّلام دمه فيما يروى، ثمَّ جاء مسلمًا، انتهى، لكن لم أرَ أنا هل أهدره في الفتح، أو في غيره.

فأمَّا ابن أبي سرح؛ فذنبه أنَّه [4] كان أسلم قبل ذلك وهاجر، وكان يكتب الوحي له عليه الصَّلاة والسَّلام، ثمَّ ارتدَّ مُشرِكًا، وصار إلى قريش، فلمَّا كان يوم الفتح؛ فرَّ إلى عثمان، وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمُّه عثمان، فغيَّبه حتَّى أتي به رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بعدما اطمأنَّ النَّاس فاستأمنه له، فصمت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ طويلًا، ثمَّ قال: «نعم»، فلمَّا انصرف عثمان؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام لمن حوله: «ما صمتُّ إلَّا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه، فقال رجل من الأنصار: فهلَّا أومأت إليَّ يا رسول الله، فقال: إنَّ النَّبيَّ لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين»، وكان عبد الله بعد ذلك ممَّن حسن إسلامه، ولم يظهر منه شيء يُنكَر عليه.

(1/3609)

وأمَّا ابن خطل؛ فإنَّما أمر بقتله، فإنَّه كان مسلمًا، فبعثه عليه الصَّلاة والسلام مُصدِّقًا، وبعث معه رجلًا من الأنصار، وكان معه مولًى له يخدمه، وكان مسلمًا، فنزل منزلًا، وأمر المولى أن يذبح له تيسًا، فيصنع له طعامًا، فنام فاستيقظ ابن خطل ولم يصنع له شيئًا، فعدا عليه فقتله، ثمَّ ارتدَّ مُشرِكًا، وكانت له قيِّنتان؛ فرتنى، وقَرِينة، وفَرْتَنى: بفتح الفاء، وإسكان الرَّاء، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ نون مثلها، مقصورة، وقَرِينة: بفتح القاف، وكسر [5] الرَّاء، وكانتا تغنِّيان بهجائه عليه السَّلام، فأمر بقتلهما معه، فقتله سعيد بن حُرَيث المخزوميُّ، وأبو برزة الأسلميُّ، وفي «مناسك المُحبِّ الطَّبريِّ»: قتله الزُّبير بن العوَّام، ورأيت في «مسند أبي يعلى»: أنَّه قتله سعيد بن حُرَيث، وذكر [6] ابن شيخنا البلقينيِّ في «الجهاد» قولًا آخر: أنَّه قتله سعيد بن ذُؤَيب، وعزاه لـ «أُسد الغابة»، وقد رأيته في «تجريد الذَّهبيِّ» مختصر «الأُسد»، وذكر أيضًا قولًا آخر: أنَّه سعيد بن زيد، وعزاه لـ «سنن البيهقيِّ» في أبواب (الرِّدَّة)، فتحصَّلنا على خمسة أقوال في قاتله؛ وهو سعيد بن حريث، أو أبو برزة، أو الزُّبير [7]، أو سعد بن ذؤيب، أو سعيد بن زيد، ولعلَّهم اشتركوا فيه، والله أعلم.

وأمَّا عكرمة بن أبي جهل؛ ففرَّ إلى اليمن، فاتَّبعته امرأته أمُّ حكيم بنت الحارث بن هشام فردَّته، فأسلم وحسُن إسلامه، وكان يعدُّ من فضلاء الصَّحابة.

وأما الحُوَيرث بن نقيد؛ فكان يؤذيه عليه الصَّلاة والسَّلام بمكَّة، فقتله عليٌّ رضي الله عنه يوم الفتح.

وأمَّا مقيس؛ فكان قد أتى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ مسلمًا قبل ذلك، ثمَّ عدا على رجل من الأنصار فقتله بأخيه هشام بن صُبَابة بعد أن أخذ الدِّية، وكان الأنصاريُّ قتل أخاه مسلمًا خطأ في غزوة بني المصطلق، ويقال: في غزوة ذي قرد، وهو يُرى أنَّه من العدوِّ، ثمَّ لحق مقيس بمكَّة، فقتله يوم الفتح نُمَيلة بن عبد الله اللَّيثيُّ، وهو ابن عمِّه، وقال الواحديُّ عن الكلبيِّ، عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس: أنَّ مقيسًا قتل رجلًا من بني فهر كان معه رسولًا إلى بني النَّجَّار من جهة قتل أخيه، وقد قال شيخنا: وذكر مقاتل: أنَّ الفهريَّ اسمه عمرو، انتهى، وقال ابن بشكوال: المقتول زهير بن عياض الفهريُّ، كذا في تفسير ابن عبَّاس رواية خلف بن قاسم، انتهى.

(1/3610)

وأمَّا هبار بن الأسود؛ فهو الذي عرض لزينب بنته صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في سفهاء من قريش حين بعث بها زوجها أبو العاصي بن الربيع إلى المدينة، وأهوى إليها هبَّار هذا، ونخس بها، فسقطت على صخرة، فألقت ذا بطنها، وأهراقت الدِّماء، فلم يزل بها مرضُها ذلك حتى ماتت سنة ثمانٍ، وقد تقدَّم تاريخ وفاتها، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «إن وجدتم هبَّار بن الأسود؛ فأحرقوه بالنَّار، ثمَّ قال: اقتلوه، فإنَّه لا يعذِّب بالنَّار إلَّا ربُّ النَّار»، فلم يوجد، ثمَّ أسلم بعد الفتح، وفي كلام بعضهم: يوم الفتح، وحسن إسلامه، وصحب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم [8].

وأمَّا قيِّنتا ابن خطل فرتنى وقرينة؛ فقُتِلَت إحداهما، واستُؤمِن عليه الصَّلاة والسَّلام للأخرى، فآمنها، فعاشت مدَّة، ثمَّ ماتت في حياته عليه الصَّلاة والسَّلام، وقال السُّهيليُّ: إنَّ فرتنى أسلمت، واستؤمن للأخرى، انتهى.

وأمَّا سارة؛ فاستُؤمِن لها أيضًا، فآمنها عليه الصَّلاة والسَّلام، وعاشت إلى أن أوطأها رجل فرسًا بالأبطح زمن عمر فماتت.

ولا تستطل هذا؛ [فإنَّه مفيد، وقد قدَّمت أنَّ (كعب بن زهير) أسلم، وكذا (هند)، وكذا (وحشي)، والله أعلم] [9].

(1/3611)

[باب: إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص]

[ج 1 ص 474]

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.

(1/3612)

[حديث: اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك]

1847# 1848# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وتقدَّم مرَّةً مُتَرجَمًا [1].

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، تقدَّم بترجمة.

قوله: (حَدَّثَنَا عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.

قوله: (عن [2] صَفْوَانِ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (صفوانُ بن يعلى) بن أميَّة التَّميميُّ؛ فروى عن أبيه، وعنه: عطاء، والزُّهريُّ، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأمَّا (أبوه يعلى بن أميَّة)؛ فهو ابن مُنية تميميٌّ حليف لقريش، شهد حنينًا، عنه: عكرمة، وعطاء رضي الله عنه، وأمَّا أميَّة والد يعلى؛ (فهو أميَّة بن أبي عُبيدة بن همَّام بن الحارث التَّميميُّ الحنظليُّ والد يعلى، لهما صحبة، قال يونس وفليح عن الزُّهريِّ: عن عمرو بن عبد الرَّحمن بن يعلى) [3] عن أبيه، عن جدِّه، قال: جئت بأبي أميَّة يوم الفتح، فقلت: يا رسول الله؛ بايعْ أبي على الهجرة، فقال: «أبايعه على الجهاد، فقد انقطعت الهجرة»، وأمَّا أمُّ يعلى مُنية؛ فلا أعلم ترجمتها، والظَّاهر هلاكهاعلى دينها، والله أعلم.

قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ): تقدَّم أنَّ هذا الرجل ذكر فيه شيخنا ما ذكره عن القاضي، وهو غلط في نُسخ [4] «الشِّفا»، وأنَّ الذي رأيته في نسخة صحيحة أنَّه سواد بن عمرو، وهذه هي الصَّواب، والحديث الذي أُشِير إليه في قصَّته مذكور في ترجمة سواد بن عمرو، وقد قدَّمته في أوَّل (الحجِّ)؛ فانظره.

قوله: (أَوْ نَحْوُهُ): هو بالرَّفع، ورفعه ظاهر.

قوله: (ثمَّ سُرِّيَ عَنْهُ): تقدَّم أنَّه بالتَّخفيف والتشديد؛ أي: كُشِف عنه.

قوله: (وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ): العاضُّ سيأتي الكلام عليه وعلى المعضوض إن شاء الله تعالى.

(1/3613)

[باب المحرم يموت بعرفة]

قوله: (أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الحجِّ): (يُؤدَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (بقيَّةُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

==========

[ج 1 ص 475]

(1/3614)

[حديث: بينا رجل واقف مع النبي بعرفة]

1849# قوله: (بَيْنَما [1] رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): تقدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرفه، وقد تقدَّم أنَّه وقع عند الصخرات؛ موقف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [2].

قوله: (فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ): تقدَّم الكلام على (وقصته)، و (أقعصته) [3]، و (أقصعته) في (الجنائز)، وعلى (وقصته) وكذا (أوقصته) قريبًا.

قوله: (وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ): (التخمير): التَّغطية.

تنبيه: تقدَّم أنَّ في «صحيح مسلم»: (ولا وَجَهَهُ)، وفيها شذوذ.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بَيْنَا).

[2] في (أ) و (ج): (عليه السَّلام).

[3] (وأقعصته): ليس في (ج).

[ج 1 ص 475]

(1/3615)

[حديث: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه طيبًا]

1850# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، وتقدَّم مرَّةً مُتَرجَمًا.

==========

[ج 1 ص 475]

(1/3616)

[باب سنة المحرم إذا مات]

(1/3617)

[حديث: اغسلوه بماء وسدر]

1851# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تقدَّم أنَّه ابن بشير أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، واسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).

[ج 1 ص 475]

(1/3618)

[باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة]

قوله في التَّرجمة: (وَالرَّجُلِ [1] يَحُجُّ عَنِ الْمَرْأَةِ): (الرَّجل): مجرور، وجرُّه ظاهر.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (والرَّجلُ).

[ج 1 ص 475]

(1/3619)

[حديث: نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين]

1852# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نسبته، وكذا تقدَّم (أَبُو عَوَانَةَ): أنَّه الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو بِشْرٍ): أعلاه ضبطه، واسمه أعلاه.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذه المرأة عمَّة سنان بن عبد الله الجهنيِّ، [ثمَّ ذكر مستنده من «مختصر الاستيعاب»، ومن «الأُسْد»، ثمَّ قال: وفي «الأُسْد» في ترجمة سنان بن عبد الله الجهنيِّ] [1] عن ابن عبَّاس قال: «أمرتِ امرأةٌ سنانَ بن عبد الله أن يسأل رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: أنَّ أمَّها ماتت، ولم تحجَّ ... »؛ فذكره، قال: وفي «الأُسْد»: في الغين المعجمة: غايثة، وقيل: غاثية أَتَتِ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فقالت: إنَّ أمِّي ماتت، وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة، فقال: «اقضي عنها»، وفي «النَّسائيِّ»: «أمرت امرأةٌ سنانَ بن سلمة الجهنيَّ أن يسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: أنَّ أمَّها ماتت، ولم تحجَّ ... »؛ فذكره، فهذا مخالف لما تقدَّم من أنَّه سنان بن عبد الله، انتهى.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 475]

(1/3620)

[باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة]

(1/3621)

[حديث: جاءت امرأة من خثعم]

1853# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام، وكذا تقدَّم (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وكذا تقدَّم (سُلَيْمَان بْن يَسَارٍ): أنَّه بفتح المثنَّاة تحت، والسِّين المهملة.

قوله: (أنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ): تقدَّم الكلام عليها في أوَّل (كِتَاب الحجِّ)، وكذا (أبوها) لا أعرفه أيضًا.

==========

[ج 1 ص 475]

(1/3622)

[باب حج الصبيان]

(1/3623)

[حديث: بعثني النبي في الثقل من جمع بليل]

1856# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه [1] مُحَمَّد بن الفضل عارم الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّ العارم: الشِّرِّير أو الشِّرس، وهو بعيد من العرامة.

قوله: (فِي الثَّقَلِ): هو بفتح الثَّاء والقاف، معروف.

قوله: (مِنْ جَمْعٍ): تقدَّم أنَّها المزدلفة مرَّاتٍ.

(1/3624)

[حديث: أقبلت وقد ناهزت الحلم أسير على أتان لي]

1857# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم الكلام على (إسحاق) هذا [2] في (الصَّلاة) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

[ج 1 ص 475]

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، وباقي نسبه معروف، ذكرته مرارًا في نسب الزُّهريِّ عمِّه، وقد تقدَّم هذا مُتَرجَمًا، ولكن بَعُد العهد به، يروي عن عمِّه، وعنه: مَعْنٌ، والقعنبيُّ، وطائفة، ليَّنه ابن مَعِين، ووثَّقه أبو داود وغيره، مات في سنة (157 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ عَمِّهِ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ أحد الأعلام مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ.

قوله: (نَاهَزْتُ الْحُلُمَ)؛ أي: قاربته، وقد تقدَّم.

قوله: (عَلَى أَتَانٍ لِي): تقدَّم ضبطه، وأنَّه الأنثى من الحُمُر.

قوله: (وقالَ يُوْنُسُ، عنِ ابنِ شِهَابٍ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ تقدَّم أعلاه، وقول يونس: قال البخاريُّ في [3] (المغازي): وقال اللَّيث: حدَّثني يونس [خ¦4412]، انتهى، وقد أخرجه مسلم عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس به.

(1/3625)

[حديث: حج بي مع رسول الله وأنا ابن سبع سنين]

1858# قوله: (عنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ): وجدُّه اسمه سعيد، وكنيته أبو يزيد المعروف بابن أخت نمر، قيل: إنَّه ليثيٌّ كنانيٌّ، وقيل: أزديٌّ، وقيل: كنديٌّ، وقيل: هذليٌّ حليف بني أميَّة، ولد [1] في السنة الثانية من الهجرة، وخرج في الصبيان إلى ثنيَّة الوداع يتلقَّى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ مقدمه من تبوك، وشهد حجَّة الوداع، وذهبت به خالته وهو وجع إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فدعا له، ومسح برأسه، وقال: نظرت إلى خاتم النُّبوَّة، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، تُوفِّيَ سنة (91 هـ)، وقيل: سنة (86 هـ).

==========

[1] في (ج): (كذا).

[ج 1 ص 476]

(1/3626)

[حديث: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول للسائب]

1859# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّد [2]): كذا في أصلنا، وصوابه القاسم بن مالك، وكذا أخرجه بعض الفضلاء في الهامش، وعمل على مالك (صح)، وما صحَّح عليه هو الصَّواب، ثمَّ أنا عملت على مُحَمَّد الذي في الأصل ضبَّة، وهذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا أنَّه [3] القاسم بن مالك، وعلى الصَّواب: هو في أصلنا الدِّمشقيِّ بلا تردُّد، والحديث المذكور الذي في سنده هذا أخرجه البخاريُّ، والنَّسائيُّ، أمَّا البخاريُّ؛ ففي (الكفَّارات): عن عثمان ابن أبي شيبة، وهنا، وفي «الاعتصام»: عن عمرو بن زرارة؛ كلاهما عن القاسم بن مالك عن الجُعَيد به، وزاد عمرو في حديثه: (وَكَانَ السَّائِبُ قَدْ حُجَّ بِهِ فِي ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) [خ¦1859]، وأخرجه النَّسائيُّ في «الزَّكاة» عن عمرو بن زرارة، وزياد بن أيُّوب؛ كلاهما عن القاسم بن مالك به [4]، والصَّواب إذن: القاسم بن مالك، وما وقع في الأصل خطأ لا شَكَّ فيه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] في «اليونينيَّة»: (مالك).

[3] في (ج): (أبو)، وهو تحريفٌ.

[4] (به): سقط من (ج).

[ج 1 ص 476]

(1/3627)

[باب حج النساء]

(1/3628)

[حديث: أذن عمر لأزواج النبي في آخر حجة حجها]

1860# قوله: (وَقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ)، قال الجيَّانيُّ: («أحمد بن مُحَمَّد»: هذا هو ابن مُحَمَّد بن الوليد الأزرقيُّ أبو مُحَمَّد المكِّيُّ)، كذا رأيته في «تقييد المهمل»، وكذا نقله شيخنا عنه، انتهى، وهو أحمد بن مُحَمَّد بن الوليد الأزرقيُّ عن مالك، وعمرو بن يحيى بن سعيد، وعنه: البخاريُّ، وحفيده مُؤرِّخ مكَّة مُحَمَّد بن عبد الله، وأبو جعفر التِّرمذيُّ، ثقة، مات سنة (222 هـ)، أخرج له البخاريُّ فقط، وثَّقه أبو حاتم، وقال شيخنا الشَّارح أيضًا قبل هذا: إنَّ البيهقيَّ أسنده من حديث عبدان: حَدَّثَنَا إبراهيم _يعني: ابن سعد_ به [1]، (ثمَّ قال _يعني: البيهقي_: رواه _ يعني: البخاريُّ_ في «الصَّحيح» عن أحمد بن مُحَمَّد عن إبراهيم بن سعد مختصرًا، قال شيخنا: وقال الحميديُّ في «جمعه» عن البرقانيِّ) [2]: إنَّه إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، ثمَّ قال _يعني: الحميدي_: وفيه نظر، انتهى.

وأمَّا (ِإبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ)؛ فهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، كنيته إبراهيم أبو إسحاق، مدنيٌّ نزل بغداد، وهو أحد الأعلام، عن أبيه، والزُّهريِّ، ويزيدَ بن الهادي، وجماعةٍ، وعنه: أبو داود الطَّيالسيُّ، وابن مهديٍّ، وابنُ وهب، والقعنبيُّ، ولُوَين، وأحمد ابن حنبل، وخلقٌ كثيرٌ، وثَّقه أحمد، وابن مَعِين، وغيرُهما، تُوفِّيَ سنة (183 هـ)، ويقال: سنة (184 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

وأمَّا والده (سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف)؛ فهو قاضي المدينة، عن أبي أمامة بن سهل، وعنه: ابنه، وشعبة، وابن عيينة، ثقة إمام، يصوم الدَّهر، ويختم كلَّ يوم، تُوفِّيَ سنة (125 هـ)، أخرج له الجماعة.

وأمَّا جدُّه (إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف)؛ فكنيته أبو إسحاق، ويقال: أبو مُحَمَّد.

(1/3629)

أمُّه أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط من المهاجرات، وهي أخت عثمان للأمِّ، روى عن خاله عثمان، وعمر، وعليٍّ، وعمَّار، وطائفة، وعنه: ابناه سعدٌ وصالحٌ، والزُّهريُّ، وغيرهم، قال يعقوب بن شيبة: كان ثقة من الطَّبقة الأولى من التَّابعين، مات سنة ستٍّ، وقيل: خمس وتسعين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، (وروايته هنا عن عمر فيها مقالٌ، ذكرته مُطَوَّلًا في «مُؤلَّفِي» في رواة الكتب السِّتَّة، فقيل: أدركه، وقيل: لا) [3]، وقد تقدَّم أنَّه إذا قال البخاريُّ: (قال لي فلان)؛ فهو متَّصل، ولكنَّه يكون [4] أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّ المِزِّيَّ والذَّهبيَّ يسمِّيان هذا تعليقًا، وليس بتعليق، ولكنَّه متَّصل مُطَوَّلًا.

قوله: (فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا): هي سنة ثلاث وعشرين.

(1/3630)

[حديث: لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور]

1861# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، المصريُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه ثقة، وله مناكيرُ نُقِمَت عليه، اجتنبها صاحبا «الصَّحيح».

قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (لَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ): (أحسنُ): مرفوع مبتدأ، و (لكُنَّ) بضمِّ الكاف، وتشديد النُّون، وكذا (وأَجْمَلُهُ): بالرَّفع معطوف على (أحسن).

قوله: (حَجٌّ مَبْرُورٌ): تقدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق وغيره، وأنَّ بعضهم قال: هو الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية.

==========

[ج 1 ص 476]

(1/3631)

[حديث: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم]

1862# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن دينار الإمام [1] المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين، وفتح المُوحَّدة، وبعدها دال مهملة، واسمه نافذ؛ بالفاء والذَّال المعجمة، عن مولاه ابن عبَّاس، وعنه: أبو الزُّبير، وسليمان الأحول، مات سنة (104 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته [2]، ولكن طال العهد بها، كان من خيار موالي ابن عبَّاس وأصدقهم.

قوله [3]: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحجَّ): هذا الرَّجل لا أعرفه، وكذا امرأته.

(1/3632)

[حديث: فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي]

1863# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، ومرَّةً مُتَرجَمًا، ولم قيل له: عبدان.

قوله: (أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ): تقدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (المعلِّم): اسم فاعل تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو عطاء بن أبي رباح مفتي أهل مكَّة، تقدَّم.

[ج 1 ص 476]

قوله: (لِأُمِّ سِنَانٍ): تقدَّم الكلام عليها، وعلى زوجها، وابنها سنان بن أبي سنان، وتقدَّم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قاله ذلك لجماعة نسوةٍ غيرِها، وقد ذكرتهنَّ؛ فانظره.

قوله: (تَقْضِي حَجَّةً، أو حَجَّةً [1] مَعِي): تقدَّم أنَّ الحاكم في «المستدرك» روى من حديث ابن عبَّاس حديثًا وفيه قصَّة؛ ومنها: (وأخبرنا أيضًا: «أنَّها تعدل حجَّة مع عمرة في رمضان «على شرط البخاريِّ)، قال الذَّهبيُّ: عامرٌ _يعني: الأحول_ ضعَّفه غيرُ واحد، وبعضهم قوَّاه، ولم يحتجَّ به البخاريُّ، انتهى.

قوله: (رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال [2]: سَمِعْتُ ابْنَ عبَّاس): أمَّا (ابن [3] جريج)؛ فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وأمَّا [4] (عطاء)؛ فهو ابن أبي رباح، وإنَّما أَتى بهذا؛ لأنَّ في السَّند الأوَّل (عطاءٌ عن ابن عبَّاس) بالعنعنة، فأتى بهذا الذي فيه تصريح عطاء بالسَّماع من ابن عبَّاس؛ ليخرج من خلاف العنعنة وإن كانت من غير مُدلِّس، وقد قدَّمت مثل ذلك مرارًا، والله أعلم، ورواية ابن [جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أخرجها البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ.

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (عبيد الله)؛ فالظَّاهر أنَّه عبيد الله بن عمرو أبو وهب الحافظ] [5] الرَّقِّيُّ، عن عبد الملك بن عمير، وزيد بن أبي أنيسة، وخلق، وعنه: أبو نُعَيم الحلبيُّ، وعليُّ بن معبد الرَّقِّيُّ، وخلقٌ، قال ابن سعد: كان أحفظ مَنْ رُئِي عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحد منازعه في الفتوى، مات سنة (180 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين، وجماعة.

(1/3633)

وأمَّا (عبد الكريم)؛ فهو ابن مالك الجزريُّ أبو سعيد، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى وسعيد بن المسيّب، وعنه: مالك، وابن عيينة، وكان حافظًا مُكثِرًا، مات سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة، وله ترجمة في «الميزان»، وأمَّا (عطاءٌ)؛ فهو ابن أبي رباح، وتعليقه هذا أخرجه ابن ماجه بقصَّة العمرة.

==========

[1] (أو حجَّة): ليس في رواية «اليونينيَّة»، وهي من رواية أبي ذرٍّ.

[2] كذا في النُّسخ، و (قال): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] (ابن): سقط من (ب).

[4] في (ب): (وابن)، وهو تحريفٌ.

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3634)

[حديث: أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها]

1864# قوله: (عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ): هو بفتح القاف والزَّاي، ويُسَكَّن، واسم والده يحيى، ويقال: الأسود الغادية، البصريُّ من الموالي، عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وجماعة، وعنه: مجاهد، وقتادة، وربيعة بن يزيد، وعطيَّة بن قيس، وعبد الملك بن عمير، وعاصم الأحول، وآخرون، وثَّقه العجليُّ وغيره، أخرج له الجماعة.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد [1] بن مالك بن سنان الخدريُّ الصحابيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَآنَقْنَنِي): هو بمدِّ الهمزة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ قاف ساكنة، ثمَّ نونان؛ الأولى مفتوحة، والثانية نون الوقاية مكسورة؛ ومعناه: أعجبْنَني إعجابًا بالغًا، ورواه بعضهم: (آيقنني)؛ بالياء، وإنَّما هي صورة ألف المدَّة التي بعد الهمزة، فغلط الرَّاوي، وضبطه الأصيليُّ: (آتقنَنِي) من التَّوق؛ وهو الشَّوق البالغ؛ أي: شوَّقْنَنِي، أو جعلْنَنِي تائقًا، والأوَّل أليق [2] بالمعنى، وقد تقدَّم.

(1/3635)

[باب من نذر المشي إلى الكعبة]

(1/3636)

[حديث: إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني]

1865# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد [1]: حَدَّثَنَا [2] الْفَزَارِيُّ [3]): وفي الهامش في أصلنا نسخة، وهي: (ابن سلام)، وكذا هو منسوب في أصلنا الدِّمشقيِّ في الأصل من غير تردُّد، قال الجيَّانيُّ: (وقال في «كِتَاب الحجِّ»، و «تفسير المائدة»، وغير ذلك: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مروان الفزاريُّ»، نسبه أبو عليٍّ ابن السَّكن، وأبو نصر مُحَمَّد بن سلام، وقد حدَّث البخاريُّ في غير موضع من «الجامع»: عن مُحَمَّد بن سلام منسوبًا عن مروان) انتهى.

ومُحَمَّد بن سلَام _ بالتخفيف_ على الأصحِّ، كما تقدَّم مُطَوَّلًا، وكذا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ومقتضى كلامه أن يكون كذلك في الرِّواية.

وأمَّا (الفزاريُّ)؛ فهو أبو عبد الله الحافظ مروان بن معاوية، عن عاصم الأحول، وحُمَيد، وأمم، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن مَلَاس، تُوفِّيَ سنة (193 هـ) [4]، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وأمَّا كونه مروان بن معاوية؛ فكذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وقال شيخنا الشَّارح: والفزاريُّ هذا هو أبو إسحاق، أو مروان بن معاوية، قاله ابن حزم، وكلاهما ثقة إمام، وأمَّا خلف، وأبو نعيم والطُّرقيُّ في آخرين؛ فذكروا: أنَّه مروان، وأخرجه مسلم عن ابن [5] أبي عُمر عن مروان: (حَدَّثَنَا ... )؛ فذكره.

قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه ابن تير، أو تيرويه، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

(1/3637)

قوله: (رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذا هو أبو إسرائيل، كذا رأيت بخطِّ مغلطاي نقلًا عن الخطيب ما يدلُّ عليه، وذكر النَّوويُّ أنَّ اسمه قيصر، وقيل: قيس، وفي «مختصر الاستيعاب»: أنَّ اسمه يُسَير، وقيل: قُشَير، وفي «تهذيب الأسماء واللُّغات»: أنصاريٌّ مدنيٌّ، قال الخطيب في «مبهماته»: هو عامريٌّ، قال: قيل: اسمه قيسر، قال: ولا أعرف في الصحابة مَن كنيته أبو إسرائيل، ولا مَن اسمه قيسر غيره، ثمَّ راجعت «مبهمات الخطيب»، فلم أجد فيها ما نقله مغلطاي عنه، فالعهدة عليه، انتهى، وكذا قال شيخنا: أنَّه أبو إسرائيل، وتكلَّم عليه مُطَوَّلًا، والذي يظهر لي أنَّ هذا غير أبي إسرائيل، وقصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد، كما في «مسند أحمد»، وهذا رآه في الطَّريق، والذي يظهر لي أنَّه غيره، وأمَّا [6] (أبو إسرائيل)؛ فذكر جماعة اسمه، وأنَّه ليس في الصَّحابة أبو إسرائيل سواه، ولا من اسمه قُشَير، أو قيصر، كلُّ هذا اطَّلعت عليه، ولكن يظهر لي أنَّه غيره، والله أعلم؛ لِمَا في «مسند أحمد»: أنَّ قصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد.

[ج 1 ص 477]

قوله: (يُهَادَى): هو بضمِّ أوَّله وفتح الدَّال؛ أي: ماشيًا بينهما مُتَّكِئًا عليهما، والتَّهادي: المشي المُثقَل [7] مع التمايُل يمينًا وشمالًا، وقد تقدَّم.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة»: (ابْنُ سَلاَمٍ)، وفي هامشها من رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت: (محمد بن سلام)، وفي (ق) كالمثبت، وزيد في هامشها من رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت: (ابن سلام).

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[3] في هامش (ق): (الفزاريُّ: هو مروان، وقيل: أبو إسحاق).

[4] في (ج): (192).

[5] (ابن): ضرب عليها في (ب).

[6] (أما): ضرب عليها في (ج).

[7] (المثقل): ليس في (ب).

(1/3638)

[حديث: لتمش ولتركب]

1866# قوله: (أنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج مرارًا.

قوله: (أخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أبيِ أيُّوب): واسم (أبي أيُّوب) مقلاصٌ، وهذا مصريٌّ، يروي عن جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حبيب، وعنه: ابن وهب والمقرئ، ثقة، تُوفِّيَ في سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة، وروى عنه ابن جريج، وهو أكبر منه، قال ابن معين وغيره: ثقة.

قوله: (أنَّ يَزِيدَ بْنَ أبيِ حَبِيبٍ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر معروف عند أهله.

قوله: (أنَّ أبَا الخَيْرِ): هو بفتح الخاء المعجمة [1]، وإسكان المثنَّاة تحت، واسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ المصريُّ، عن عمرو بن العاصي، وأبي بصرة الغفاريِّ، وعنه: يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن [2] ربيعة، وكان مفتي أهل مصر، مات سنة (90 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيه: لهم آخر يقال له: مرثد بن عبد الله، لكنَّه زِمَّانيٌّ، ويقال: الذماريُّ [3]، يروي عن أبي ذرٍّ، فيه جَهالة، ذكره العقيليُّ، وقال: لا يُتابَع على حديثه، قال الذَّهبيُّ: هكذا وجدت بخطِّي، فلا أذكر من أين نقلْتُه إلَّا أنَّه ليس بمعروف، قال: وقد أفرده شيخنا أبو الحجَّاج عن مرثد بن عبد الله اليزنيِّ، ما روى عنه سوى ولده مالك، انتهى.

قوله: (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي): أخت عقبة بن عامر يقال لها: أمُّ حِبَّان _بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحَّدة_ كذا نصَّ عليه الذَّهبيُّ في «تجريده»، ولم يسمِّها، وكذا ذكر [4] شيخنا أنَّها أمُّ حِبَّان، انتهى، وكذا ذكرها ابن شيخنا البلقينيِّ عن القسطلانيِّ، وضبطها، [قال بعض حُفَّاظ العصر ما لفظه: (هذا غلط من ابن بشكوال، وتبعه القسطلانيُّ في «مختصره»، وغفل مَن أخذ منه عن التحقيق فيه، فإنَّ [5] راويَ الحديث هو عقبة بن عامر الجهنيُّ، وعقبة بن عامر المدنيُّ أخته أمُّ حبَّان أنصاريٌّ صحابيٌّ آخر، ومن أراد تحرير ذلك؛ فليراجع «إكمال ابن ماكولا») انتهى، وقد رأيت ابن ماكولا، ولفظه: (أمُّ حبَّان بنت عامر بن نابي بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاريَّة، وهي أخت عقبة بن عامر بن نابي، أسلمت وتابعت، قال ذلك مُحَمَّد بن سعد) انتهى] [6].

(1/3639)

قوله: (قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُفَارِقُ عُقْبَةَ): ظاهر العبارة أنَّ قائل هذا الكلام يزيدُ بن أبي حبيب، وأتى بهذا الكلام؛ ليُعرَف لُقِيُّ مرثد لعقبةَ؛ لأنَّه عنعن في الحديث، فأتى بهذا؛ ليُعرف لُقِيُّه له.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ [7]): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وكذا (يَزِيد): أنَّه بن أبي حبيب، وكذا تقدَّم (أَبُو الخَيْرِ) عقيب ذلك [8] أعلاه، وكذا (عُقْبَة).

(1/3640)

((29)) (بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ) ... إلى (كِتَاب الصَّومِ)

اعلم أنَّ المدينة المشرَّفة لها أسماء؛ منها: المدينة، وطابة، وطيبة، والدَّار، ويثرب، والأمان، كما قاله الدَّاوديُّ، والقرية التي تأكل القرى، ودار الهجرة والتَّنزيلِ، ومهبط الوحي، ودار النُّصرة، ومثوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حيًّا وميِّتًا، وعن ياقوت في «المُشترَك»: أنَّ (البحرة) على لفظ تأنيث البحر من أسماء المدينة، وذكر لها شيخنا الشَّارح اثنين وعشرين اسمًا في كتاب «الإشارات» له على «المنهاج»، ولم يحضرني الآن، وصيدها حرام، والجديد: لا ضمان، والمُختار: أنَّه يضمن بسلب الصَّائد غير ما يستر عورته، ولا يُنقَل شيءٌ من تراب الحرمين، ولا أحجارها، (وقد ذكرت في خصائص حرم مكَّة أنَّ إخراج الأحجار والتراب منه إلى الحلِّ حَرَامٌ، وإدخالهما إليه مكروه) [1]، واختُصَّت بأنَّها دار الهجرة، ومدفن سيِّد الأوَّلين والآخرين صلَّى الله عليه وعلى سائر النَّبيِّين وسلَّم.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 478]

(1/3641)

[حديث: المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها]

1867# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ [1] عارم، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا)؛ أي: من عَيْر إلى ثَورٍ، وسيأتي الكلام عليهما.

قوله: (لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا): (يُقطَع): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (شجرُها): مرفوع نائب مناب الفاعل، وكذا (ولا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ).

قوله: (مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا) [2]: (الحَدَث): بفتح الحاء والدَّال المهملتين، وهو هنا: الإثم، وقيل: هو عامٌّ في الجنايات، والحدث في الدِّين، وفي «النِّهاية» لابن الأثير: (والحَدَثُ: الأمر الحادث المُنكَر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السُّنَّة، والمحدِث _يعني في قوله: «أو آوى محدثًا» _: يُروَى بكسر الدَّال وفتحها؛ على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: مَن نصر خائنًا، وآواه، وأجاره مِن خصمه، وحال بينه وبين [3] أن يُقتصَّ، والفتح: هو الأمر المُبتدَع نفسُه، ويكون معنى الإيواء فيه: الرِّضا به والصَّبرَ عليه، فإنَّه إذا رضي بالبدعة، وأقرَّ فاعلَها، ولم يُنكِر عليه؛ فقد آواه) انتهى، وقال النَّوويُّ: المحدث: من يأتي بفسادٍ في الأرض، ذكره في «شرح مسلم» والمعنى قريب، أو كلُّه واحد، والله أعلم.

(1/3642)

[حديث: يا بني النجار ثامنوني]

1868# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج أبو معمر المِنْقَريُّ [1] الحافظ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، الضُّبعيُّ أحد الأعلام، تقدَّم بترجمة.

قوله: (وَأمرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ): (أمر): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول.

قوله: (ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ [2]): أي: اذكروا ثمنه وبايعوني، وقد تقدَّم.

قوله: (لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إِلَى اللهِ): تقدَّم أنَّ ظاهره أنَّهم لم يبيعوه، وقد تقدَّم ما في ذلك، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اشتراه بعشرة دنانير، وأمر [3] الصِّدِّيق، فوفاها [4] من ماله؛ أي: من مال الصِّدِّيق.

قوله: (ثمَّ [5] بِالْخِرَبِ، فَسُوِّيَتْ): تقدَّم الكلام عليها.

==========

[1] في (ب): (المنبري)، وهو تحريفٌ.

[2] (بحائطكم): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وجاءت في «الصَّحيح» في حديث آخر [428].

[3] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[4] في (أ): (فوهاها)، وهو تحريفٌ.

[5] (ثم): سقط من (ب).

[ج 1 ص 478]

(1/3643)

[حديث: حرم ما بين لابتي المدينة على لساني]

1869# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام.

قوله: (حَدَّثَنِي أَخِي [1]): تقدَّم أنَّ أخاه اسمه عبد الحميد بن أبي أويس، وتقدَّم بعض [2] ترجمته، وما قاله بعض النَّاس فيه، وردُّه.

قوله: (عَنْ [3] سُلَيْمَانَ): هذا هو ابن بلال أبو مُحَمَّد، تقدَّم بعض ترجمته غير مرَّة.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، تقدَّم مرارًا.

[ج 1 ص 478]

قوله: (مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ): (اللَّابتان): الحرَّتان، و (اللَّابة): بترك الهمز، وقد أخرجها غير واحد في (لوب)؛ منهم: الجوهريُّ وشيخنا مجد الدِّين في «قاموسه»، ولفظ الجوهريِّ: اللُّوبة واللَّابة: الحرَّة، والجمع: اللُّوْبُ، واللَّاب، واللَّابات؛ وهي الحِرَار [4]، وفي الحديث: «حرَّم ما بين لابتي المدينة»؛ وهما حرَّتان تكتنفانها [5]، قال أبو عبيد: لُوبة، ونُوبة للحرَّة؛ وهي الأرض التي تلبسها حجارة سود، ومنه قيل للأسود: لُوبيٌّ ونُوبيٌّ، وأنشد بيتًا، وسمَّى قائله، وكذا أخرجها ابن قرقول، وابن الأثير.

==========

[1] في هامش (ق): (عبد الحميد أبو بكر).

[2] (بعض): سقط من (ب).

[3] في (ج): (من)، وهو تحريفٌ.

[4] في (ج): (الحرارة)، وهو تحريفٌ.

[5] في (أ) و (ج): (مكتنفانها).

(1/3644)

[حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثًا]

1870# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما معنى بندار.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديٍّ أحد الأعلام، المشهور.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) [1]: الثَّوريُّ _وهو سفيان بن سعيد بن مسروق_[وابنُ عيينة رَويا] [2] عن الأعمش، [قاله ابن طاهر والكلاباذيُّ] [3]، ورأيتهم قد ذكروا في ترجمة عبد الرَّحمن بن مهديٍّ: أنَّه روى عن السُّفيانَين، والله أعلم، [فيُنظَر مَن سفيان منهما، والله أعلم] [4].

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران الكاهليُّ القارئ، تقدَّم.

قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ): هو إبراهيم بن يزيد بن شُرَيك التَّيميُّ العابد، عن عائشة مرسلًا، وأنسٍ، وعمرو بن ميمون، وعنه: الأعمش، ومسلم البَطِين [5]، وعدَّةٌ، لم يبلغ الأربعين، قُتِل سنة (192 هـ)، قال المحاربيُّ: حَدَّثَنَا الأعمش قال: قال لي إبراهيم التَّيميُّ: ما أكلت منذ أربعين ليلة إلَّا حبَّة عنب، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): أبوه: هو يزيد بن شريك التَّيميُّ الكوفيُّ، عن عمر وأبي ذرٍّ، وعنه: ابنه إبراهيم والحكم، ثقة، أخرج له الجماعة.

قوله: (إلَّا كِتَاب اللهِ): (كتاب): يجوز فيه الرَّفع والنصب، وإعرابهما ظاهران.

قوله: (وَهَذِهِ الصَّحِيفَة): يجوز في (الصَّحيفة) الرَّفع والنَّصب؛ كالذي قبله.

قوله: (مَا بَيْنَ عَايِرٍ [6] إِلَى كَذَا): كذا وقع في طرقه كلِّها إلَّا في رواية الأصيليِّ في (الجزية والموادعة)، فإنَّه وقع فيها: (من عَيْر إلى ثور)، وقد وقع كذلك في «مسلم»: (حرَّم ما بين عَيْر إلى ثور)، وقد تقدَّم رواية: (من كذا إلى كذا)، وهذه (من عاير إلى كذا)، وفي «مسلم»: (من عَيْر إلى ثور)؛ بإسقاط الألف.

(1/3645)

وقد اختلف النَّاس فيهما هل هما بالمدينة أو بمكَّة؟ ولا شكَّ أنَّهما بالمدينة، وهما معروفان، قال ابن المُنَيِّر [7]: (من عَيْر إلى كذا) سكت عن النِّهاية، وقد جاء في طريق آخر: (ما بين عَيْر إلى ثور)، قال: والظَّاهر أنَّ البخاريَّ أسقطها عمدًا؛ لأنَّ أهل المدينة يُنكِرون أن يكون بها جبلٌ يُسمَّى ثورًا، وإنَّما ثور بمكَّة، فلمَّا تحقَّق عنده أنَّه وَهَمٌ؛ أسقطه، وذكر بقيَّة الحديث، وقد سلف أنَّه ذكرها في (الجزية والموادعة)، وقد أنكر مصعب عيرًا وثورًا، وقال: ليسا بالمدينة، وللنَّاس في ذلك كلام كثير، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ (عن عبد السَّلام بن مزروع: أنَّه رأى ثورًا بقرب أُحُد جبيلًا صغيرًا، سأل عنه الدَّليل، قال: هذا ثور، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ: إنَّه رآه غير مرَّة بالمدينة، وعَيْر: جبل مشهور بالمدينة، وقال في «المناسك» _أعني: المحبَّ الطَّبريَّ_) [8]: (إنَّه أخبره الحافظ العلَّامة المسند أبو مُحَمَّد عبد السَّلام بن مزروع [البصريُّ المجاور بحرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أنَّ حذاء أُحُد عن يساره جبلٌ صغيرٌ يقال له: ثور، وأخبر _يعني: ابن مزروع_] [9] أنَّه تكرَّر سؤاله عنه لطوائف من العرب المجاورين لتلك المواضع، وأنَّ أخبارهم تواردت بذلك، انتهى) [10].

تنبيه: في «معجم الطَّبرانيِّ الكبير»: (ما بين عاير إلى أُحُد): و (عاير)؛ بالعين المهملة، وبعد الألف مثنَّاة تحت، ثمَّ راء، وقال الجوهريُّ: (عير): جبل بالمدينة، قال ابن قرقول: قال الزُّبير: جبل بالمدينة، وقال عمُّه مصعب: لا يُعرَف بالمدينة جبل يقال له: (عير)، ولا (عاير)، ولا (ثور) انتهى، وقد تقدَّم ما ذُكِر في ذلك.

قوله: (مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا): تقدَّم معناه في ظاهرها.

قوله: (أَوْ آوَى): تقدَّم (آوى): بالمدِّ في المتعدِّي كهذا، وفي اللَّازم بالقصر، هذه لغة القرآن، ويجوز في كلٍّ من المتعدِّي المدُّ والقصرُ، وفي اللَّازم القصرُ والمدُّ، ولكنَّ الأفصح التَّفرقة، وهي لغة القرآن.

قوله: (لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ): (يُقبَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، (صرفٌ): نائب مناب الفاعل، والعدل: معطوف عليه، والصَّرف: التَّوبة، أو الحيلة، أو التَّصرُّف في فعل، أو النَّافلة، أو الفريضة، وقيل غير ذلك، والعدل: الفداء، أو الفريضة، أو النَّافلة، وقيل غير ذلك.

(1/3646)

قوله: (فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا): أي: لم يفِ له بعهده وغَدَرَه.

(1/3647)

[باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس]

(1/3648)

[حديث: أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب]

1871# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفاح، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ؛ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ): (الحُبَاب)؛ بضمِّ الحاء المهملة، ومُوحَّدتين، بينهما ألف، و (يسار)؛ بالمثنَّاة تحت، والسِّين المهملة، مشهور.

[ج 1 ص 479]

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى): (أُمِرت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أمرت بقرية)؛ أي: بالهجرة إلى قرية إن كان قاله بمكَّة، أو سكناها إن كان قاله بالمدينة؛ ومعنى (تأكل القرى): أي: تُفتَح منها، ويأكل أهلها غنائم القرى، وقيل: معناه: أنَّها مركز جيوش الإسلام في أوَّل الأمر، وأنَّ أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة منها، وإليها تُساق غنائمها، وقيل غير ذلك.

قوله: (الْكِيرُ): هو بكسر الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت: كير الحدَّاد؛ وهو المبنيُّ من الطِّين، وقيل: الزُّقُّ الذي يُنفَخ به النَّار، والمَبنيُّ: الكور، قاله ابن الأثير في «نهايته».

(1/3649)

[باب: المدينة طابة]

(1/3650)

[حديث: أقبلنا مع النبي من تبوك حتى أشرفنا على المدينة]

1872# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تقدَّم أنَّ مَخْلدًا؛ بإسكان الخاء، وفتح الميم.

قوله: (حَدَّثَنِي [1] سُلَيْمَانُ): هذا هو ابن بلال أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): هو ابن عُمَارة بن أبي حسن، تقدَّم مُتَرجَمًا، روى عن أبيه، وعبَّاد بن تميم، وعدَّة، وعنه: مالك، ووُهيب، وخلق، ثقة، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ عبَّاس بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ [2]): هو بالمُوحَّدة، والسِّين المهملة، وهذا ظاهر جدًّا عند أهله.

قوله: (عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ): هو السَّاعديُّ الأنصاريُّ، قيل: اسمه عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر، وقيل: إنَّه عمُّ [3] سهل بن سعد، تقدَّم مُتَرجَمًا، لكن طال العهد به، روى عنه: عروة، وعمرو بن سُليم، وعدَّة، بقي إلى حدود سنة ستِّين، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] (ابن سعد): سقط من (ج).

[3] (عم): سقط من (ج).

[ج 1 ص 480]

(1/3651)

[باب لابتي المدينة]

قوله: (بَابُ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ): تقدَّم الكلام على (اللَّابة) في [1] أوَّل الصفحة التي قبل هذه.

==========

[1] (في): ليس في (ب).

[ج 1 ص 480]

(1/3652)

[حديث: ما بين لابتيها حرام]

1873# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (سَعِيدِ بنِ المسيّب): أنَّه بفتح الياء وكسرها؛ بخلاف غيره، فلا يقال إلَّا بالفتح.

قوله: (الظِّبَاءَ): هو بكسر الظَّاء المعجمة، وبالمدِّ في آخره، وهو جمع لـ (ظبي) [1]، وهو معروف.

قوله: (مَا ذَعَرْتُهَا): هو بالذَّال المعجمة؛ أي: أفزعتُها.

==========

[1] في (ج): (الظبي).

[ج 1 ص 480]

(1/3653)

[باب من رغب عن المدينة]

(1/3654)

[حديث: يتركون المدينة على خير ما كانت]

1874# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تقدَّم (سَعِيدُ بْنُ المسيّب): وأنَّه بفتح يائه وكسرها؛ بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ): هو بمثنَّاة تحت في أوَّله، كذا هو في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا نحفظه، وكذا كان في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ، ثمَّ أُصلِحت بمثنَّاتَين فوق، وبقيت الياء، ورأيتها في نسخة عتيقة في الأصل بهما مضبوط بالقلم، وقال القرطبيُّ في «تذكرته»: (تَتْركون [1] المدينة): هو بتاء المخاطب، فمراده غير المخاطبين؛ لأنَّ نوعهم من أهل المدينة أو نسلهم.

قوله: (إلَّا العَوَافِيْ [2]): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ واو مخفَّفة، وفي آخره فاء مكسورة [3]، ثمَّ ياء ساكنة، وقد فسَّره: بالطَّير والسِّباع، وهو جامع؛ لطلبها رزقها، وكذلك سائر الدَّوابِّ، وكلُّ من ألمَّ بك وقصدك لرفدك؛ فهو عافٍ ومُعْتَفٍ، والجمع: عُفَاة وعافية، تقول: عفوته واعتفيته؛ أي: أتيته لطلب معروفه.

(1/3655)

قوله: (وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ): هذان لا أعرف اسميهما، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (يعني: أنَّهما بأقصى المدينة، فيكونان في أثر مَنْ يُبعَث منها ليس أنَّ [4] بعض النَّاس يخرج بعد بعض من الأجداث إلَّا [5] بالشَّيء المتقارب، يقول الله تعالى: {إِن كَانَتْ إلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [6] [يس: 53] ... ) إلى أن قال: وقال شيخنا أبو العبَّاس: ويحتمل أن يكون معناه: آخر مَن يُحشر إلى المدينة؛ أي: يُساق إليها كما في «مسلم»، قال القرطبيُّ: وقد ذكر ابن شبَّة [7] خلاف هذا كلِّه، فذكر عن حذيفة بن أَسَيد قال: «آخر النَّاس محشرًا رجلان من مزينة يفقدان النَّاس، فيقول أحدهما لصاحبه: قد فقدنا النَّاس منذ [8] حين، انطلق بنا إلى شخص بني فلان [9]، فينطلقان فلا يجدان بها أَحدًا، ثمَّ يقول: انطلق بنا إلى المدينة، فينطلقان [10] فلا يجدان بها أحدًا، ثمَّ يقول: انطلق بنا إلى منازل قريش ببقيع الغرقد، فينطلقان فلا يجدان إلَّا السِّباع والثَّعالب، فيتوجَّهان نحو البيت الحرام»، وذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «آخر من يحشر رجلان من مزينة، ورجل من جهينة، فيقولان: أين النَّاس؟ فيأتيان المدينة، فلا يريان إلَّا الثعلب، فينزل إليهما مَلَكان فيسحبانهما على وجوههما حتَّى يلحقاهما بالنَّاس») انتهى.

قوله: (يَنْعقَانِ بِغَنَمِهِمَا): (نَعَقَ): بالنُّون والعين المهملة وبالقاف المفتوحات في الماضي، (ينعِق) في المستقبل: بكسرها، وفي «الصِّحاح»: الفتح أيضًا؛ ومعناه: يصيحان بها، والنَّعيق: صوت الرَّاعي بغنمه، انتهى، وفي «التَّذكرة» للقرطبيِّ نقلًا عن الدَّاوديِّ شارح «البخاريِّ» _وهو أبو جعفر أحمد بن نصر_: (ينعقان بغنمهما): يطلبان الكلأ، انتهى.

قوله: (فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا): هو بفتح الواو، وإسكان الحاء المهملة، وبالشِّين المعجمة؛ أي: خلاء، والصَّحيح: ذات وحش، وفي «الصَّحيح» هنا نسخة: (وُحُوشًا)، قال ابن قرقول: كذا في «البخاريِّ»، وكلا المعنيين صحيح، انتهى، وفي «النِّهاية» في حديث فاطمة: (في مكان وحش)؛ أي: خلاءً لا ساكن به، ومنه حديث المدينة: (فيجدانها وحْشًا)، كذا في «مسلم».

==========

[1] في (ج): (تنزلون)، وهو تحريفٌ.

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (العوافِ)، وفي هامشهما من رواية أبي ذرٍّ: (عوافي).

(1/3656)

[3] (مكسورة): ليس في (أ).

[4] زيد في (أ) و (ب): (من)، والمثبت موافق لـ «التَّذكرة».

[5] في (ب): (لا)، وهو تحريفٌ.

[6] في النسخ: (فإذا هم قيام ينظرون)، وكتب فوقها: (كذا)، والمثبت موافق لـ «التَّذكرة» ..

[7] في (ج): (شيبة)، وهو تحريفٌ.

[8] في (ج): (منه)، وهو تحريفٌ.

[9] في (ب): (قال)، وهو تحريفٌ.

[10] (فينطلقان): سقط من (ج).

[ج 1 ص 480]

(1/3657)

[حديث: تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم .. ]

1875# قوله: (عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ): هذا سفيان بن أبي زهير الأزديُّ، من أزد شَنُوءة، له صحبة، وقال فيه بعضهم: النَّمِريُّ، ويقال فيه: النُّميريُّ، والأوَّل أكثر، يُعدُّ في أهل المدينة، روى عنه: ابن الزُّبير وأخوه عروة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه رضي الله عنه.

قوله: (يَبسُّونَ [1]): هو بفتح المثنَّاة تحت في أوَّله، ثمَّ مُوحَّدة مكسورة ثانيه، وضمِّها أيضًا، وبضمِّ أوَّله مع كسر ثانيه، وهذه اللَّفظة

[ج 1 ص 480]

ثلاثيَّة ورباعيَّة، فحصل في ضبطها ثلاثة أوجه: يَبِسُّون، ويَبُسُّون، ويُبِسُّون؛ كلُّه في الأمَّهات؛ ومعناه: يتحمَّلون بأهليهم، وقيل: يدعون النَّاس إلى بلاد الخِصْب، وقيل: معناه: يسوقون، وقيل: يُزيِّنون لهم البلاد، ويُحسِّنونها إليهم، ويدعونهم إلى الرَّحيل إليها، وقال الدَّاوديُّ: (يبسُّون): يزجرون دوابَّهم، فتُفتِّت ما تَطَأ، ومنه: {وَبُسَّتِ الجِبَالُ} [الواقعة: 5]: فُتَّتْ، وهذا ضعيف أو باطل، قاله النَّوويُّ.

قوله: (وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ): تقدَّم الكلام عليها وحدِّها في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (يَأْرِزُ)، وكذا (لَيَأْرِزُ): هو بمثنَّاة تحت في أوَّله، ثمَّ همزة ساكنة، ثمَّ راء مكسورة، ثمَّ زاي، وقولي: (راء مكسورة): كذا [2] لأكثرهم، وقال أبو [3] الحسين بن سراج: بضمِّ الرَّاء، وحكى القابسيُّ عن المروزيِّ: بفتح الرَّاء، فحصل في الرَّاء التَّثليثُ؛ ومعناه: ينضمُّ ويجتمع.

وقوله: (الإِيمَانُ): أي: أهل الإِيمان على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، قاله المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه».

==========

[1] في هامش (ق): (أي: يَسيرون).

[2] (كذا): سقط من (ج).

[3] (أبو): سقط من (ج).

(1/3658)

[باب: الإيمان يأرز إلى المدينة]

(1/3659)

[حديث: إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها]

1876# قوله: (حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمن): قال الدِّمياطيُّ تجاه (عبيد الله) ما لفظه: (ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، عن خاله خُبيب بن عبد الرَّحمن بن خُبيب بن يساف بن عنبة [1]) انتهى.

قوله: (عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمن): تقدَّم أعلاه نسبه، وهو بضمِّ [2] الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، الخزرجيُّ، عن عمَّته أنيسة ولها صحبة، وحفص بن عاصم، وعنه: شعبة ومالك، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين والنَّسائيُّ، تُوفِّيَ في إمرة مروان، كذا في «التَّذهيب»، وفي «ثقات ابن حبَّان»: تُوفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين ومئة.

قوله: (كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ): (تأْرِز): تقدَّم أنَّ الرَّاء مثلَّثة أعلاه [3].

(1/3660)

[باب إثم من كاد أهل المدينة]

(1/3661)

[حديث: لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء]

1877# قوله: (حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ [1] بْنُ حُرَيْثٍ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ): قال الدِّمياطيُّ: ابن موسى _يعني: الفضل_ عن الجُعيد _ويقال: الجعْد بن عبد الرَّحمن المدنيُّ_ عن عائشة بنت سعد بن أبي وقَّاص مالك بن أهيب، عن أبيها، انتهى.

قوله: (لاَ يَكِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ المَدِينَةِ [2]): هو بفتح أوَّله، وكسر ثانيه، من الكيد؛ وهو تدبير فعل السُّوء وإعمال الحيلة فيه.

قوله: (إلَّا انْمَاعَ): أي: سال وجرى، وفي رواية: (امَّاع)، وأصله: انماع، وكذا رواه بعضهم كما تقدَّم، وهو في أصلنا كذلك، فأُدغمت النُّون، كما قال في الرواية الأخرى: ذاب.

(1/3662)

[باب آطام المدينة]

قوله: (بَابُ آطَامِ الْمَدِينَةِ): الآطام؛ بمدِّ الهمزة، وبالطَّاء المهملة، واحدها: أُطُم؛ بضمِّ الهمزة والطَّاء: وهو بناء مرتفع، و (آطام المدينة): أبنيتها المرتفعة؛ كالحصون.

==========

[ج 1 ص 481]

(1/3663)

[حديث: هل ترون ما أرى؟! إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم]

1878# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): كذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا في القاهريِّ، وفي نسخة هي في طُرَّة أصلنا القاهريِّ بعد [1] (علي): (ابن عبد الله)، وهو هو، والله أعلم، وأمَّا (سفيان)؛ فإنَّه ابن عيينة، الإمام، و (ابْنُ شِهَابٍ) بعده: الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سفيان؛ هو ابن عيينة، و (مَعْمَر): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وهو ابن راشد، ومتابعة مَعْمَر أخرجها البخاريُّ في (الفتن) عن محمود، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن الزُّهريِّ.

وأمَّا (سليمان بن كَثِير)؛ فقد تقدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، ومتابعته ليست في شيء من الكتب السِّتَّة، وذكر شيخنا أنَّها في «مسلم»، وليس كذلك، بل إنَّما فيه مَعْمَر، كما ذكرته [2]؛ فاعلمه، (قال بعض حُفَّاظ العصر: أخرج رواية سليمان بن كَثِير موصولة البخاريُّ في كتاب «الوالدين» له) [3].

==========

[1] (بعد): سقط من (ج).

[2] في (ب): (بل الحافظ إنما ذكر معمر كما ذكرته).

[3] ما بين قوسين سقط من (ج).

و (الزُّهريُّ): هو ابن شهاب المذكور في السَّند.

[ج 1 ص 481]

(1/3664)

[باب: لا يدخل الدجال المدينة]

قوله: (باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ): سيأتي في هذا الباب ليس من بلد إلَّا سيطؤه الدَّجَّال إلَّا مكَّة والمدينة، وكذا في «مسلم» أيضًا، وفي حديث فاطمة بنت قيس: (فلا أدع قرية إلَّا هبطتها في أربعين ليلة غير مكَّة وطيبة، هما مُحرَّمتان [1] عليَّ)، أخرجه مسلم، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: وذكر أبو جعفر الطَّبريُّ من حديث عبد الله بن عمرو: (إلَّا الكعبة وبيت المقدس)، زاد أبو جعفر الطَّحَّاويُّ: (ومسجد الطُّور)، رواه من حديث جنادة بن أبي أميَّة عن بعض أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وفي بعض الروايات: (فلا يبقى له موضع إلَّا ويأخذه [2] غير مكَّة، والمدينة، وبيت المقدس، وجبل الطُّور، فإنَّ الملائكة تطرده عن هذه المواضع) انتهى، ثمَّ ذَكَر عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن سَمُرة بن جندب، عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، وذكر الدَّجَّال إلى أن قال: «وسيظهر على البلاد كلِّها إلَّا الحرم وبيت المقدس ... »؛ الحديث، انتهى، ورأيت أنا في «مسند أحمد» من حديث جنادة بن أبي أميَّة عن رجل من الأنصار؛ فذكر حديثًا، وفيه: (يمكث في الأرض أربعين صباحًا، يبلغ سلطانه كلَّ منهل، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة، ومسجد الرَّسول، والمسجد الأقصى، والطُّور)، ثمَّ رأيته فيه بإسناد آخر عن جنادة، قال: ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال حَدِّثْنَا حديثًا سمعتَه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يَذكُر عن الدَّجَّال، فقال: خطَبنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «أنذركم الدَّجَّال ... » إلى أن قال: «لا يقرب أربعة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الطُّور، ومسجد الأقصى»، ثمَّ ذكر بإسناده إلى جنادة نحوه بإسناد آخر، ثمَّ آخر؛ كذلك، والله أعلم.

(1/3665)

[حديث: لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال]

1879# قوله: (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): هو نُفَيع بن الحارث، الصَّحابيُّ، تقدَّم.

(1/3666)

[حديث: على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال]

1880# قوله [1]: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام [2]، أحدِ الأعلام.

قوله: (عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ): هو بضمِّ الميم الأولى، وكسر الثَّانية، وبينهما جيم ساكنة، ويقال: بالتَّشديد، وقد تقدَّم.

[ج 1 ص 481]

قوله: (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ): الأَنْقاب: بفتح الهمزة، وبعدها نون ساكنة، كذا هنا، وسيجيء: (نِقاب المدينة)؛ بكسر النُّون، وهما جمع (نَقْب)؛ بفتح النُّون، وإسكان القاف، وبالمُوحَّدة، ويقال: بضمِّ النُّون، قال ابن وهب: يعني: مداخل المدينة، وقال غيره: هي أبوابها التي يدخل إليها منها، كما جاء في الحديث الآخر: (على كلِّ باب منها مَلَك)، والنَّقب أيضًا: الطَّريق بين الجبلين، وسيجيء في الرِّواية الثانية كلام الدِّمياطيِّ؛ فانظره.

قوله: (لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ): فائدة: سأذكر في (بَاب ما جاء في الطَّاعون) سبب عدم دخوله إليها، قال شيخنا في الباب المشار إليه: (وقد ورد: أنَّ الطَّاعون لا يدخل مكَّة أيضًا [3]، وإسناده ضعيف، قال: وفي «المعارف» لابن قتيبة: أنَّه لم يقع بالمدينة ولا بمكَّة طاعون قطُّ)، ثمَّ قال: (قلتُ: أمَّا المدينة؛ فنعم، وأمَّا مكَّة؛ فدخلها سنة تسع [4] وأربعين وسبع مئة) انتهى، وقد رأيت النَّقل عن ابن قتيبة في «الأذكار» للنَّوويِّ.

(1/3667)

[حديث: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة]

1882# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام الجواد، وتقدَّم أيضًا (عُقَيْل): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم أنَّ (أَبَا سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصَّحابيُّ رضي الله عنه.

قوله: (نِقَابَ الْمَدِينَةِ): قال الدِّمياطيُّ: («نقاب المدينة»: طرق المدينة، ومسالكها، ومنه قوله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي البِلادِ} [ق: 36]؛ أي: جعلوا فيها طرقًا ومسالكَ، فإن قيل: ما الجمع بين قوله: (لا يدخل المدينة رعب الدَّجَّال) وبين قوله: (ترجف المدينة)، والرَّجفة: رعب؟ أُجيب: بأنَّ الرَّجفة: هي خروج المنافقين إلى الدَّجَّال) انتهى.

قوله: (فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ [2] رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاس، أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاس ... )؛ الحديث: هذا شكٌّ من الراوي، وفي آخر «مسلم» في بعض النُّسخ: (قال أبو إسحاق: هذا الرجل هو الخضرُ عليه السَّلام) انتهى، قائل هذا الكلام هو إبراهيم بن مُحَمَّد بن سفيان الفقيه راوي مسلم عنه، وكما قال إبراهيم بن مُحَمَّد بن سفيان، قاله [3] مَعْمَر [4] في «مسنده» إِثْر هذا الحديث، كذا قاله النَّوويُّ، وقال القرطبيُّ في أواخر «تذكرته» بعد ذكرالحديث: (قال أبو إسحاق السَّبيعيُّ [5]: يقال: هذا الرَّجل هو الخضر) انتهى، فيحرَّر هل قالاه؟ أو قاله أحدهما والتبس بالآخر؟ والله أعلم، وهذا على القول بحياته، وقد تقدَّم الخلاف فيها مُطَوَّلًا في (كِتَاب العلم)، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ الحديث، وقال عقيبه: (قال مَعْمَر: يُرَون أنَّ هذا الذي يقتله الدَّجَّال، ثمَّ يحييه هو الخضر عليه الصَّلاة والسَّلام، أخرجه أبو حاتم) انتهى، فالظَّاهر أنَّ أبا حاتم أخرج كلام مَعْمَر عقب الحديث، والله أعلم.

قوله: (هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ): قد يُستشكَل؛ لأنَّ ما أظهره الدَّجَّال لا دلالة فيه لربوبيَّته؛ لظهور النَّقص عليه، ودلائل الحدوث، وتشويه الذَّات، وشهادة كذبه وكفره المكتوبة بين عينيه، وغير ذلك.

(1/3668)

ويجابُ: بأنَّهم لعلَّهم قالوه؛ خوفًا منه وتقيَّةً لا تصديقًا، ويحتمل أنَّهم قصدوا: لا نشكُّ في كذبك وكفرك، فإنَّ مَن شكَّ في كذبه؛ كفر، وخادَعُوه بالتَّورية؛ خوفًا منه، ويحتمل أنَّ الذين قالوا: لا نشكُّ؛ هم مُصدِّقوه من اليهود وغيرهم ممَّن قدَّر الله تعالى شقاوته.

قوله: (فَيَقْتُلُهُ ثمَّ يُحْيِيهِ): قال المازريُّ: إن قيل: إظهار المعجزة على يد الكذَّاب ليس بمُمكِن، فكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة على يديه؟

فالجواب: أنَّه إنَّما يدَّعي الربوبيَّة، وأدلَّة الحدوث تُحيل ما ادَّعاه وتكذِّبُه، وأمَّا النَّبيُّ؛ فإنَّما يدَّعي النُّبوَّة، وليست مستحيلة في البشر، فإذا أتى بدليل لم يعارضه شيءٌ؛ صُدِّق، والله أعلم [6].

قوله: (اُقْتُلْهُ): هو بهمز وصل أمر، وهو ساكن اللَّام، (فإن ابتدأتَ به؛ ضممتَ همزه [7]) [8].

قوله: (فَلاَ يُسَلَّطُ [9] عَلَيهِ): هذا في المرَّة الثَّانية، كما في غيره، وقال ابن تيمية: إنَّه يقتله مرَّتين، ولا يُسلَّط عليه في الثَّالثة، وتقدَّم [10] في [11] «مسند عبد بن حُميد»: أنَّه في الرَّابعة.

[قوله: (فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ): (يُسلَّط): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه] [12]، ظاهر هذا أنَّه يريد أنْ يقتله المرَّة الثَّانية، وقد جاء في «مسند عبد بن حُمَيد»: أنَّه يقتله ثلاث مرَّاتٍ، ويُمنَع [13] في الرَّابعة، وسيأتي أيضًا ذلك في (بَاب الدَّجَّال).

(1/3669)

[حديث: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال]

1881# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو ابن مسلم، الحافظ أبو العبَّاس، عالم أهل الشَّام، تقدَّمت ترجمته، وهو مُدلِّس، فيُتَّقى من حديثه ما قال فيه: (عن [1])، ويُدلِّس أيضًا تدليس التَّسوية، وقد قدَّمته، وتدليس التَّسوية مُسقِط للعَدالة، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو): هذا هو الأوزاعيُّ عبد الرَّحمن بن عمرو، العالم المشهور، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ): هذا هو ابن عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل، وهو ابن أخي أنس بن مالك لأمِّه، مشهور الترجمة، روى عن عمِّه أنس، وأبيه، وعدَّة، وعنه: مالك، وابن عيينة، وجمع، حُجَّة، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (إلَّا مكَّة وَالْمَدِينَةَ): تقدَّم أنَّه لا يطأ أيضًا بيت المقدس، ولا جبل الطُّور، والظَّاهر أنَّ الله عزَّ وجلَّ أطلعه بعد هذا الحديث على أنَّه لا يطأُ أيضًا المكانين الآخرين، والله أعلم.

قوله: (مِنْ نِقَابِهَا): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [2].

(1/3670)

[باب: المدينة تنفي الخبث]

(1/3671)

[حديث: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها]

1883# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بنَ عَيَّاش [1]): كذا في أصلنا بالمثنَّاة تحتُ، وبالشِّين المعجمة، وهو خطأ محضٌ لا شكَّ فيه، وإنَّما هو بالمُوحَّدة، والسِّين المهملة، وهو عمرو بن العبَّاس الباهِليُّ البصريُّ الرَّازيُّ، يروي عن ابن عيينة، وغندر، وابن مهديٍّ، وجماعة، وعنه: البخاريُّ وغيره، قيل: مات في ذي الحجَّة سنة (235 هـ)، انفرد البخاريُّ بالإخراج [2] له عن بقيَّة الأئمَّة السِّتَّة، وليس في الكتب السِّتَّة عمرُو بن عيَّاش؛ بالمثنَّاة تحت، والشِّين المعجمة، والله [3] أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديٍّ، الإمام المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العلم المشهور، (كما ذكر هذا الحديث في مسنده في «الأطراف» [4]) [5].

قوله: (جَاءَ أعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ لا أعلم أحدًا سمَّاه؛ فليُتبَع، (وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين: إنَّه لم يُسَمَّ، قال: وفي «ربيع الأبرار» للزَّمخشريِّ: إنَّه قيس بن أبي حازم، وفيه نظر، انتهى، ولا شكَّ أنَّ هذا فيه نظر، بل هو غير صحيح [6]، والله أعلم [7]) [8].

قوله: (فَقَالَ: أَقِلْنِي): قال النَّوويُّ: قال العلماء: إنَّما لم يقِله بيعته عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لأنَّه لا يجوز لمن أسلم أن يترك الإسلام، ولا لمن هاجر إليه عليه الصَّلاة والسَّلام [9]

[ج 1 ص 482]

للمقام [10] عنده أنْ يترك الهجرة، ويذهب إلى وطنه أو غيره، وهذا الأعرابيُّ كان ممَّن هاجر، وبايع على المقام معه عليه السَّلام، وقال القاضي: ويحتمل أنَّ بيعته هذه كانت بعد الفتح وسقوط الهجرة إليه، وإنَّما بايع على الإسلام، وطلب الإقالة منه فلم يقله، والصَّحيح الأوَّل، انتهى.

قوله: (كَالْكِيرِ): هو بكسر الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت، تقدَّم قُبيل هذا بقليل.

(1/3672)

قوله: (وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا): (يَنْصَع)؛ بفتح المثنَّاة تحت، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ صاد مفتوحة ثمَّ عين مهملتين، و (طيِّبُها): مرفوع؛ ومعناه: يخلُص، وقيل: يبقى ويظهر، وصُوِّب هذا، وفي رواية: (تَنصع)؛ بمثنَّاة فوق مفتوحة، و (طِيبَها): منصوب، والفاعل: (هي) عائد على (المدينة)، قال المُحبُّ الطَّبريُّ: ويُروَى: بالباء الموحَّدة، والضَّاد المعجمة، وكذلك ذكره الزَّمخشريُّ، وقال: فهو من أُبضِعُه بضاعة [11]؛ إذا دفعتُها إليه؛ أي: أنَّ المدينة تُعطي ساكنيها طيبها، والمشهور بالنُّون والصَّاد المهملة، وقد رُوِي: بالضَّاد والخاء المعجمتين، وبالحاء المهملة، وهو من النَّضح؛ وهو رشُّ الماء، والنَّضخ أكثر منه، انتهى ما ذكره الطَّبريُّ المُحبُّ، وما ذكره المُحبُّ ذكره ابن الأثير في «نهايته» بحروفه.

وأمَّا قوله: (طِيبها)؛ فقال ابن قرقول: إنَّه بكسر الطَّاء، عن ابن وضَّاح، وعند غيره: (طَيِّبها) انتهى، وقال شيخنا المؤلِّف: (الرِّواية: طيِّبها؛ بالتَّشديد) انتهى، وما قاله ظاهر، وهو من معنى كلام ابن قرقول والقاضي.

[تنبيه: نفي خبثها: قال ابن عبد البَرِّ: وهذا عندي _والله أعلم_ إنَّما كان في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فلم يخرج عنه إلَّا مَن لا خيرَ فيه، وإلَّا؛ فقد خرج بعد وفاته الأخيار، وكذا قال عياض؛ لأنَّه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه إلَّا مَن ثبت إيمانه، قال النَّوويُّ: وليس بظاهر؛ لما صحَّ: «لا تقوم السَّاعة حتَّى تنفي [12] المدينة شرارها ... »؛ الحديث، وهذا _والله أعلم_ في زمن الدَّجَّال، انتهى، وهوكذلك في زمن الدَّجَّال] [13].

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي هامش (ق): (صوابه: عبَّاس؛ بالموحَّدة والسِّين المهملة في آخره، وليس في رواة الكتب السِّتَّة من اسمه عمرو بن عيَّاش؛ بالمثناة تحت، والشِّين المعجمة؛ فاعلمه)، وفي «اليونينيَّة»: (عبَّاس).

[2] زيد في في (ب): (عنه).

[3] زيد في (ب): (سبحانه).

[4] في (ب): (هذا الحديث في أطرافه).

[5] ما بين قوسين سقط من (ج).

[6] في (ب): (أن هذا غير صحيح بل هو فيه نظر).

[7] (والله أعلم): ليس في (ب).

[8] ما بين قوسين سقط من (ج).

[9] زيد في (ب): (والله أعلم).

[10] في (ج): (للعالم)، وهو تحريفٌ.

[11] في (ج): (دفعها).

[12] في (ب): (يبقى)، وهو تصحيفٌ.

[13] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3673)

[حديث: إنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد]

1884# [قوله: (لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إِلَى أُحُدٍ؛ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ... )؛ الحديث: اعلم أنَّه عليه السَّلام لمَّا خرج إلى أُحُد؛ خرج في ألف من الصَّحابة، قال ابن إسحاق: حتَّى إذا كانوا بالشَّوط بين المدينة وأُحُد؛ انخزل عبد الله بن أُبيٍّ بثلث النَّاس، وقال: أطاعهم وعصاني، وقال موسى بن عقبة: فلمَّا رجع عبد الله بن أُبيٍّ بالثَّلاث مئة؛ سُقط في أيدي الطَّائفتين من المسلمين، وهمَّا أن يَقتتلا؛ وهما بنو حارثة، وبنو سَلِمة.

قوله: (وَقَالَ [1]: إنَّها تَنْفِي الرِّجَالَ ... )؛ الحديث: قال شيخنا: (وهو حديث على حياله، فجَمَعَهما [2] الرَّاوي) انتهى، قاله في (أُحُد)] [3].

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم).

[2] في (ب): (فجمعه).

[3] ما بين معقوفين جاء في النُّسخ سابقًا بعد قوله: (قبيل هذا بقليل)، وقد جاء مستدركًا في هامش (أ)، والمُثبَت موافق لما في «اليونينيَّة».

[ج 1 ص 483]

(1/3674)

[باب حب المدينة والدعاء لها]

(1/3675)

[حديث: اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة]

1885# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنديُّ، الحافظ الذي قدَّمت ترجمته، ومدركي في ذلك أنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة وهب بن جرير في الرُّواة عنه [1]: (عبد الله بن مُحَمَّد المسنديَّ)، ولم يذكر فيها أحدًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد إلَّا هو، والله أعلم.

قوله: (سَمِعْتُ يُونُسَ): هو [2] ابن يزيد الأيليُّ، تقدَّم مرارًا، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يُونُسَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على جرير، [ومتابعة عثمان بن عمر عن يونس ليست في شيء من الكتب السِّتَّة، ولا أخرجها [3] شيخنا] [4].

و (عثمان بن عمر): جدُّه اسمه فارس، عبديٌّ بصريٌّ، عن يونس بن يزيد، وابن جريج، وطائفة، وعنه: أحمد، والرَّماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصَّالحين الثِّقات، مات في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

تنبيه: لهم شخص آخر يقال له: عثمان بن عمر، وجدُّه اسمُه موسى بن عبيد الله بن مَعْمَر التيميُّ المدنيُّ، أرفع طبقة من الذي في «الصَّحيح»، يروي عن أبان بن عثمان، وخارجة بن زيد، والقاسم بن مُحَمَّد، والزُّهريِّ، وعنه: ابنه عمر، وعبد الواحد بن زياد، والزُّبير بن بكَّار، وكان على قضاء المدينة، ثمَّ ولَّاه المنصور (قضاءه، فكان معه حتَّى مات) [5] بالحيرة قبل أن تُبنَى بغداد، علَّق له البخاريُّ، وروى له أبو داود وابن ماجه، ولهم آخر يقال [له]: عثمان بن عمر بن أبي خثمة، سُئل عنه ابن مَعِين، فقال: لا أعرفه، ولهم غيرهما.

(1/3676)

[حديث: أن النبي كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات .. ]

1886# قوله: (إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ): هو جمع (جدار)، وقد تقدَّم الكلام على (دوحات المدينة)، و (جدرات)، و (درجات) قريبًا.

قوله: (أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ): هو بالضَّاد المعجمة؛ أي: حملها على الإسراع في السَّير، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 483]

(1/3677)

[باب كراهية النبي أن تعرى المدينة]

قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ): تقدَّم أنَّها بتخفيف الياء، وفي لغة يقال: كراهي [1]، حكاها ابن قرقول.

قوله: (أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ): (تُعرَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (المدينةُ): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، و (تُعرى)؛ بالعين المهملة والرَّاء؛ ومعناه: تُخلى فتُترَك عراء، والعراء: الفضاء من الأرض الخالي الذي لا يستره شيء، وروى المستملي في (كِتَاب الصَّلاة): (أن تُغزى)؛ بالغين المعجمة والزَّاي، والأوَّل الصَّواب.

==========

[1] كذا في النُّسخ: وفي «المطالع» و «المشارق» (&): (كراهين).

[ج 1 ص 483]

(1/3678)

[حديث: يا بني سلِمة ألا تحتسبون آثاركم]

1887# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن سلَام، وتقدَّم مرارًا أنَّ سلَامًا الأصحُّ فيه التَّخفيفُ مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق، وتقدَّم أنَّ المُشدَّد شخص آخر اشتبه بهذا، وتقدَّم ما قاله بعضهم من أنَّه بالتَّشديد.

قوله: (أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ): تقدَّم أنَّه مروان بن معاوية الفزاريُّ أبو عبد الله، الحافظ.

قوله: (أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ): هو بكسر اللَّام بلا خلاف: قَبيل من الأنصار من الخزرج [1]، وقد تقدَّم ذلك.

قوله: (أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ): تقدَّم أنَّ (تُعرَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وأنَّ (المدينة): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، وتقدَّم معنى (تُعرى) أعلاه [2].

قوله: (أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ؟): تقدَّم معنى الاحتساب، والآثار: مشيهم إلى الصَّلوات، وقد تقدَّم.

==========

[1] (من الخزرج): ليس في (ج).

[2] في (ب): («تعرى» في الورقة التي قبل هذه).

[ج 1 ص 483]

(1/3679)

[باب الترغيب في سكنى المدينة]

(1/3680)

[حديث: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة.]

1888# قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا يحيى بن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ.

قوله: (عن [1] خُبَيْبِ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن): تقدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح المُوحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (مَا بَيْنَ [2] بَيْتِي وَمِنْبَرِي): تقدَّم الكلام على هذا، وعلى رواية: (ما بين قبري ومنبري)، وقدر [3] كم ذرع ما بينهما مع زيادة.

قوله: (رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ): تقدَّم في ذلك قولان، وأنَّ الأصحَّ: أنَّ تلك البقعة الشريفة تُنقَل بعينها إلى الجنَّة.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[2] (بين): سقط من (ج).

[3] في (أ) و (ب): (وقد)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 483]

(1/3681)

[حديث: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد]

1889# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، الحافظ المشهور.

قوله: (لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ): تقدَّم متى قدم، وتاريخ ذلك والشَّهر، وهل كان نهارًا _وهو الأصحُّ_ أو ليلًا، كما وقع في آخر «مسلم»، وهو خلاف المحفوظ، كلُّ ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ): (وُعِك): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أبو بكر): مرفوع نائب مناب الفاعل، والوَعْك: بفتح الواو، ثمَّ بالعين المهملة وسكونها، قال أبو حاتم: الوَعْك: الحُمَّى، وقال غيره: ألم التَّعب، وقال يعقوب: وعكةُ الشَّيء: دفعتُه وشدَّتُه، وقال غيره: هو إرعاد الحُمَّى وتحريكها إيَّاه، وقال الأصمعيُّ: الوَعْك: شدَّة الحرِّ مكان حرِّ الحمَّى وشدَّتها.

قوله: (إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهْ ~…وَالْمَوْتُ أَدْنَى [2] مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ [3]): تنبيه: في «الاستعاب» في ترجمة أبي بكر رضي الله عنه ما لفظه: (وروى سفيان بن حُسين عن الزُّهريِّ قال: «سألني عبد الملك بن مروان قال: أرأيت هذه الأبيات التي تُروَى عن [4] أبي بكر؟ فقلت له: لم يقلها [5]، حدَّثني عروة عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ أبا بكر لم يقل بيت شعر في الإسلام حتَّى مات») انتهى، ولم يذكرِ الأبياتَ التي أشار إليها [6].

وسفيان بن حسين صدوق مشهور، وقد اختُلِف فيه، وقد قال ابن مَعِين: ثقة، لكنَّه في الزُّهريِّ ضعيف، فيحتمل _إن كان محفوظًا هذا_ أن يكون الصِّدِّيق تمثَّل بما في «الصَّحيح»، والله أعلم، وقد ذكر الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخي في «سيرته الصُّغرى» في هجرته عليه الصَّلاة والسَّلام هو وأبو بكر، قال: فلمَّا راحوا من قديد [7]؛ تعرَّض له سراقة بن مالك بن جعشم المدلجيُّ [8]، فدعا عليه الصَّلاة والسَّلام عليه، فساخت قوائم فرسه، فطلب الأمان، فأُطلِق، ورَدَّ مَن وراءه، ففي ذلك يقول أبو بكر رضي الله عنه:

~…قَالَ النَّبيُّ ولم يَجْزَعْ: يُوَقِّرنُي…ونحنُ في سُدَفٍ مِنْ ظُلمةِ الغَارِ

(1/3682)

فذكر تتمَّة أربعة عشر بيتًا، وأيضًا رأيت بسوق الكتب بحلب قبل فتنة تَمْرٍ مجلَّدة لطيفة، شعر منسوب [9] إلى الصِّدِّيق، ويُنادى عليه ديوانُ الصِّدِّيق، لكن يحتمل أنَّ هذا الشِّعر الذي في الدِّيوان قاله قبل الإسلام، والله أعلم.

فائدة: قال عمر بن شبَّة في كتاب «المدينة المشرَّفة»: قوله: (كلُّ امرئٍ مُصبَّحٌ في أَهْلِه) ... إلى آخره، تمثَّل بهذا [10] أبو بكر رضي الله عنه، وهما لحنظلة بن سيَّار، قالهما في يوم ذي قار، انتهى.

قوله في الشِّعر: (مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهْ): الشِّراك؛ بكسر الشِّين المعجمة: هو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها.

قوله: (إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، كذا في أصلنا، وفيه نظر؛ لأنَّ (أقلع) لازم لا يُبنَى منه فعل، وفي هامش أصلنا: (أَقلع): مبنيًّا للفاعل،

[ج 1 ص 483]

وعليه علامة راويه، وهذا هو الجادَّة، والله أعلم.

قوله: (يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ): هي بفتح العين المهملة، وكسر القاف: وهي الصَّوت.

قوله: (أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي .. )؛ البيتين: قال الجوهريُّ في «صحاحه»: إنَّه تمثَّل به بلال، وكذا قال شيخنا في «شرحه» عن أسامة بن مرشد [11]: إنَّهما _يعني: البيتين_ لبكر بن غالب بن عامر بن مُضَاض الجُرْهميِّ عندما نفتهم خزاعةُ من مكَّة، انتهى.

قوله: (إِذْخِرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بكسر الهمزة، ثمَّ ذال معجمة ساكنة، ثمَّ خاء مثلها مكسورة، ثمَّ راء [12]، وأنَّه نبتٌ طيِّب الرائحة.

قوله: (وَجَلِيلُ): هو بفتح الجيم، وكسر اللَّام؛ وهو الثُّمام؛ وهو نبت ضعيف يُحشَى منه خُصَاصُ البيوتِ، الواحدة: جَليلة، والجمع: جلائلُ.

قوله: (مِيَاهَ مجَنَّةٍ): هو بالهاء في آخره؛ أعني: (مياه)، وقد رأيت في «تاريخ زين الدِّين» عمر بن الوردي شيخ بعض شيوخي في النَّحو: أنَّ بعض القضاة _ وعيَّنه_ درَّس في مدرسة _ وعيَّنها_ وأظنُّها الأسديَّة بحلب قال في الدَّرس: (كِتَاب الطَّهارة) (بَاب المياةِ)؛ بالتَّاء، قال: فقلت: إنَّما هو باب الألوف؛ يشير بذلك إلى أنَّه أعطى رشوة حتَّى تولَّى المنصب

ألوفًا.

(1/3683)

وقوله: (مجَنَّة): هي بفتح الميم وكسرها، وبفتح الجيم، ثمَّ نون مشدَّدة مفتوحة: سوق بقرب مكَّة، قال الأزرقيُّ: هي بأسفل مكَّة على بريد منها، كان سوقها عشرةَ أيَّام آخر ذي القِعدة، وقد تقدَّم قبل هذا بزيادة، وقد صرَّح بأنَّ هذه هي المرادة الجوهريُّ في «صحاحه» وابنُ الأثير في «نهايته».

قوله: (شَامَةٌ وَطَفِيلُ): (شامة)؛ بالشِّين المعجمة، وبعد الألف ميم، ثمَّ تاء التأنيث، وقال في «النهاية»: وقال بعضهم: إنَّه شابة؛ بالباء: وهو جبل حجازيٌّ، انتهى.

و (طَفِيْل)؛ بفتح الطَّاء المهملة، وكسر الفاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ لام: جبل أيضًا، وهما على نحو ثلاثين ميلًا من مكَّة، قال الخطَّابيُّ: كنت أحسبُهما جبلين حتَّى أُثبِت لي أنَّهما عينان، وفي «الغريب»: (شامة وطَفِيْل): جبلان مشرفان على مَجَنَّة، وعلى بريد من مكَّة، قال أبو عمر: وقيل: أحدهما بجُدَّة، قاله ابن قرقول.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأميَّة بْنَ خَلَفٍ): تقدَّم الكلام على هؤلاء الثَّلاثة مع غيرهم، وأنَّهم [13] قُتِلوا ببدر على كفرهم.

قوله: (إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ): (الوَباء): يُمدُّ ويُقصَر: مرض عامٌّ، وجمع المقصور: أوباء، وجمع الممدود: أوبئة، وسأذكر هل الوباء الطَّاعون، أو بينهما خصوص وعموم في مكانه إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا): تقدَّم الكلام على (الصَّاع) وعلى (المُدِّ) في (الغسل) كم هما؛ فانظره إن أردته.

قوله: (حُمَّاهَا): هو بالقصر، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (إِلَى الْجُحْفَةِ): تقدَّم ضبطها في (المواقيت)، وهي معروفة.

تنبيه: إنَّما دعا عليه الصَّلاة والسَّلام أنْ تنقل حمَّى المدينة إلى الجُحَفْة؛ لأنَّ ذاك الوقت كان ساكنوها يهودَ، قاله الخطَّابيُّ.

قوله: (وَهْيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللهِ): (أوبأ): مقصور مهموز.

قوله: (فَكَانَ بُطْحَانُ): تقدَّم أنَّه بضمِّ المُوحَّدة، وإسكان الطَّاء ثمَّ حاء مهملتين، وفي آخره نون، كذا يرويه المُحدِّثون أجمعون، وحكى أهل اللُّغة فيه (بَطِحانَ)؛ بفتح الباء، وكسر الطَّاء، وكذلك قيَّده أبو عليٍّ في «تاريخه»، وعن أبي عليٍّ قال البكريُّ: لا يجوز غيره: وهو موضع وادٍ بالمدينة.

(1/3684)

قوله: (يَجْرِي نَجْلًا): هو بفتح النُّون، وإسكان الجيم؛ أي: نَزًّا ماء قليلًا حين يظهر وينبُع، وقال الحربيُّ: واسعًا فيه ماء ظاهر، وقال أبو عمرو: النَّجلُ: الغدير الذي لا يزال فيه الماء، وقال يعقوب: النَّجل: النَّزُّ حين يظهر، وضبطه الأصيليُّ؛ بفتح الجيم، وقد فسَّره هنا، فقال: آجِنًا، والآجن؛ بهمزة ممدودة: وهو المُتغيَّر الرِّيح، يقال: أَجِنَ الماء وأجَنَ، قال ابن قرقول: كذا جاء في «البخاريِّ» في تفسير الحديث، وهو غير صحيح، والنَّجل: الماء النَّابع [14] الجاري قليلًا، انتهى، وقد تقدَّم أنَّ الآجن؛ بهمزة ممدودة، ورأيت بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر: (وبقصرها مع كسر الجيم فيهما) انتهى، يقال: أجَن الماء؛ بالفتح، يأجِنُ ويأجُنُ_ بكسر الجيم وضمِّها_ أجْنًا وأجُونًا، وحكى اليزيديُّ: أجِن الماء _ بالكسر_ يأجَنُ أجَنًا، فهو أجِنٌ على (فَعِلٍ).

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

[2] في (ب): (أقرب).

[3] في (ج): (أهله).

[4] في (أ) و (ب): (على).

[5] (لم يقلها): ليس في (ب).

[6] زيد في (ب): (لم يقلها).

[7] في (ب): (فديك)، وهو تحريف.

[8] في (ج): (المدني)، وهو تحريفٌ.

[9] في (ج): (منسوبة).

[10] في (ب): (بهما).

[11] في (ج): (مرثد)،وليس بصحيح.

[12] (راء): سقط من (ج).

[13] في (أ): (وأنه).

[14] في (ج): (المائع).

(1/3685)

[حديث: ارزقني شهادةً في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك]

1890# قوله: (وَقَالَ ابْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أُمِّهِ [1]، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ [2] قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ): أمَّا (ابن زريع)؛ فهو يزيد بن زُريع، وهذا تعليق مجزوم به؛ لأنَّه شيخ شيوخ البخاريِّ، وقوله في أصلنا: (عن زيد بن أسلم عن أمِّه): كذا في أصلنا، وعليها (صح)، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا في أصل آخرَ عتيقٍ جدًّا، وهذا التصحيح فيه نظر، و (أمه) لا أعرفها، ولا رأيت أحدًا ترجمها، ولا ذكروا فيمن روى عنه زيدٌ أمَّه، ولا هي في «أطراف المِزِّيِّ»، والذي فيه [3] في تطريف [4] الحديث: (عن أبيه) لا (عن أمِّه) في الموضعين؛ في مسند أسلم عن عمر وفي مسند حفصة عن عمر [5]، وفي نسخة عندي من «البخاريِّ» عتيقة: (عن أبيه) في الطَّريق الأوَّل، و (عن أمِّه) في الطَّريق الثَّاني، وراجعت «شرح شيخنا»، فرأيته قال: (عن أبيه) في الموضعين؛ الواحدُ بلفظه والآخر بمعناه، والذي ظهر لي _والله أعلم_ أنَّ قوله: (عن أمِّه) تصحيف، وقوَّاني على ذلك أنَّي لم أرَ لها ترجمة [6]، ولا ذكروها (في الرُّواة عن حفصة، ولا ذكروها) [7] في ترجمة زيد بن أسلم أنَّه روى عنها، وراجعت «ثقات ابن حبَّان»؛ فما وجدتها، وأنا أستبعد أن يكون (عن أمِّه) صحيحًا، وراجعت كلام أبي عليٍّ الغسَّانيِّ في «الأوهام الواقعة في البخاريِّ»، وكذا راجعت «المطالع»؛ فلم أرها، والله أعلم.

قال شيخنا: وتعليق ابن زريع وصله أبو نعيم، فقال: (حَدَّثَنَا أبو عليِّ بن الصَّوَّاف: حَدَّثَنَا إبراهيم بن هشام: حَدَّثَنَا أميَّة بن بسطام: حَدَّثَنَا يزيد بن زريع: حَدَّثَنَا رَوح به)، وقال الإسماعيليُّ: (أخبرنا إبراهيم بن هاشم: حَدَّثَنَا أميَّة بن بسطام: حَدَّثَنَا يزيد بن زريع [8]: حَدَّثَنَا روح بن القاسم به).

قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ): (هشام) هذا: هو ابن سعد، يروي عن زيد بن أسلم، ونافع، والمقبريِّ، وعنه: ابن وهب، وابن مهديٍّ، والقعنبيُّ، قال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، وقال أحمد: لم يكن بالحافظ، انتهى، قال الذَّهبيُّ: قلت: حسن الحديث، تُوفِّيَ سنة (160 هـ)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، ومسلم، والأربعة، له ترجمة في «الميزان».

(1/3686)

قال شيخنا: وصله ابن سعد في «طبقاته»: (أخبرنا مُحَمَّد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن حفصة)؛ فذكره [9].

(1/3687)

((30)) (كِتَابُ الصَّوُمِ) [1] ... إلى (باب الوِصَالِ)

فائدة: فُرِض صوم رمضان في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرًا من مهاجره عليه الصَّلاة والسَّلام.

ثانية: صام صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ تسع رمضانات، وفي «مسلم» أكثرهنَّ ناقص.

ثالثة: اختُلِف فيه وفي الصَّلاة أيُّهما أفضلُ؟ أو الصَّلاة بمكَّة أفضل، والصَّوم بالمدينة أفضل، ترجيحًا لكلٍّ بموضع فرضِه، فيه خلاف للسَّلف والأصحاب، والصَّحيح الأوَّل، وهو الصَّلاة، وقد تقدَّم [2].

رابعة: لرمضان ستُّون اسمًا، قال شيخنا في «شرح المنهاج»: ذكرها أبو الفرج الطَّالقانيُّ في «خصائص القدس»، انتهى.

==========

[1] زيد في (ج) قبلها: (بسم الله الرحمن الرحيم، رب يسر وأعن وأتمم بالخير).

[2] (وقد تقدَّم): ليس في (ب).

[ج 1 ص 485]

(1/3688)

[باب وجوب صوم رمضان]

(1/3689)

[حديث: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا]

1891# قوله: (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ): قال الدِّمياطيُّ: (نافع بن مالك بن أبي عامر، وفي سماع أبيه من طلحة نظر) انتهى، وسيأتي نسب أبي سُهيل بأطول من هذا من كلام الدِّمياطيِّ في الورقة التي بعد هذه؛ فانظره، قال شيخنا العراقيُّ الحافظ: ذكر المِزِّيُّ: أنَّه [1] سمع من عمر رضي الله عنه، فكيف [2] يكون في سماعه من طلحة نظر، وقد تأخَّر بعد عمر اثنتي [3] عشرة سنة، وقد تأخَّر طلحة بعد عثمان؟! وكان مالك بن أبي عامر قد قرأ القرآن في زمن عثمان، وفرض له عثمان، انتهى، وقد ذكر المِزِّيُّ الحديث في مسند طلحة من رواية مالك بن أبي عامر جدِّ مالك بن أنس، ولم يُنبِّه على عدم سماعه منه، كما هي عادته فيمن لم يلقَ مَن يُحدِّث عنه، والحديث المذكور في (كِتَاب الإيمان) من «البخاريِّ» قال فيه: (إنَّه سمع طلحة بن عبيد الله)، وكذا هو في (الشَّهادات)، وفيه التَّصريح بالسَّماع كما قدَّمته، فأين النظر؟ وكذا في «مسلم» في (الإيمان)، وقد تقدَّم ذلك، والحاصل: أنَّه صرَّح بالسَّماع منه في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، والله أعلم، وكأنَّ مدرك الدِّمياطيِّ ما حكاه الكلاباذيُّ: أنَّه تُوفِّيَ سنة اثنتي عشرة ومئة، وأنَّه بلغ من العُمر سبعين أو اثنتين وسبعين، فعلى هذا؛ يكون مولده بعد موت طلحة بسنتين، وهذا وهم، وحكى المنذريُّ عن ابن عبد البَرِّ: أنَّه تُوفِّيَ سنة مئة أو نحوها، وعلى هذا يستقيم، وقد روى ابن سعد في «طبقاته»: أنَّه قال: شهدت عمر بن الخطَّاب عند الجمرة أصابه حجر، فرماه، وقد [4] قال ابن سعد فيها: إنَّه روى عن عمر، وعثمان، وطلحة بن عبيد الله، وأبي هريرة، وكان ثقة، ولم يذكر وفاته.

قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا الأعرابيُّ تقدَّم الكلام عليه في (كِتَاب الإيمان)؛ فانظره.

قوله: (ثَائِر الرَّأْسِ): تقدَّم أنَّ (ثائر)؛ بالنَّصب والرَّفع، وتقدَّم تعليلهما، وما معناه.

قوله: (فَقَالَ: الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ): بنصب (الصَّلواتِ)، وعلامة النَّصب فيها الكسرة؛ أي: فرض الله عليك الصَّلواتِ، و (الخمسَ)؛ بالنَّصب صفة لـ (الصَّلوات) الذي هو منصوب.

قوله: (إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ): تقدَّم الكلام على هذا الاستثناء: هل هو متَّصل أو منقطع بمعنى: لكن؟

==========

(1/3690)

[1] في (ب): (المِزِّيّ أنَّ مالك بن أبي عامر).

[2] في (ج): (فيكون).

[3] في النُّسخ: (اثنتا)، ولعلَّ المُثبت هو الصَّواب.

[4] (قد): ليس في (ج).

[ج 1 ص 485]

(1/3691)

[حديث: صام النبي عاشوراء وأمر بصيامه]

1892# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْماعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.

قوله: (فلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ): (فُرِض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رمضانُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

==========

[ج 1 ص 485]

(1/3692)

[باب فضل الصوم]

(1/3693)

[حديث: الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل]

1894# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ): هو بضمِّ الجيم، وتشديد النُّون مفتوحة؛ أي: ستر من النَّار ومانع.

قوله: (فَلاَ يَرْفُثْ [1]): هو بضمِّ الفاء، وكسرها، وفتحها، قال شيخنا مجد الدِّين في «قاموسه»: (وقد رفث _ كـ «نَصَر، وفَرِح، وكَرُم» _ وأَرفث) انتهى، قال الدِّمياطيُّ: (الرَّفث: كلمة لكلِّ ما يريد الرَّجل من المرأة) انتهى، وقد تقدَّم الكلام على الرَّفث؛ فراجعْه.

قوله: (فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ): اختُلِف في ذلك: هل يقوله بلسانه؛ لينكفَّ [2] مُسَابُّه عن شتمه أو بقلبه؟ والأظهر الأوَّل؛ لأنَّه لا ينكفُّ بقوله في قلبه، ووجه الثَّاني خوف الرِّياء، لا جرم فرَّق بعض أصحاب الشَّافعيِّ بين الفرض والنَّفل، قال النَّوويُّ: إنَّه يقوله في قلبه، ثمَّ يتكلَّم به.

قوله: (لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ): الخُلوف؛ بضمِّ الخاء المعجمة، قال ابن قرقول: بضمِّ الخاء قيَّدناه عن المُتقِنين [3]؛ وهو ما يخلف بعد الطَّعام في [4] الفم من ريح كريهة؛ لخلاء [5] المعدة من الطَّعام، وأكثر المُحدِّثين يرويه بفتح الخاء، وهو خطأ عند أهل العربيَّة، وبالوجهين ضبطناه عن القابسيِّ، وفي بعض طرقه: (لخُلفة فم الصَّائم)، والمعنى واحد، انتهى، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: هو بضمِّ الخاء؛ وهو تغيُّر رائحة الفم، هذا هو الصَّواب فيه؛ بضمِّ الخاء، وهو الذي ذكره الخطَّابيُّ وغيره من أهل [6] الغريب، وهو المعروف في كتب اللُّغة، وقال القاضي: الرِّواية الصَّحيحة: بضمِّ الخاء، قال: وكثير من الشُّيوخ يروونه بفتحها، قال الخطَّابيُّ: وهو خطأ، قال: وحُكِي عن القابسيِّ فيه: الفتحُ والضَّمُّ، وقال: أهل المشرق يقولونه بالوجهين، والصَّواب الضَّمُّ، انتهى.

(1/3694)

قوله: (فَمِ الصَّائِمِ): بفتح الفاء في حالة الرَّفع، والنَّصب، والجرِّ، ومنهم: مَن يكسر الفاء على كلِّ حال، ومنهم: من يرفع الفاء [7] على كلِّ حال، ومنهم: مَن يُعربه في مكانين يقول: رأيت فَمًا، وهذا فُم، ومررت بفِم، وأمَّا تشديد الميم، فإنَّه يجوز في الشِّعر، وقد زعم الفارسيُّ أنَّ الميم لا تثبت [8] إلَّا في الشِّعر، وتابعه ابن عصفور وغيره، والصَّحيح جوازه، وقال ابن عصفور: وأقبح من ذلك في الضَّرورة تعويضها مشدَّدة، وليس كما قال، فالتَّشديد لغة محكيَّة.

قوله: (أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ [9] مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ): هل هذا في الدُّنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط؟ جاء في «مسلم»: (يوم القيامة)، وجاء في رواية خارج الكتب السِّتَّة، وهي في «صحيح ابن حبَّان» ما معناه: أنَّ ذلك في الدُّنيا والآخرة، وكذا في غيره، كما سيأتي [10]، وقد وقع في هذه المسألة خلاف بين الإمامين؛ أبي عمرو بن الصَّلاح وأبي مُحَمَّد بن عبد السَّلام، فكان ابن عبد السَّلام يقول: إنَّه في الآخرة فقط على ما [11] في «مسلم»، وكان ابن الصَّلاح يقول بالرِّواية الأخرى، وكتب كلٌّ منهما مُؤلَّفًا في ذلك، والرِّواية التي رواها ابن حبَّان: (لخُلوف فم الصائم حين يخلُف)، هذه الزِّيادة التي ذكرها ابن حبَّان في «صحيحه»، وروى الإمام أبو بكر السَّمعانيُّ من حديث جابر: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «أُعطيتْ أمَّتي في رمضان خمسَ خصال»، ثمَّ قال: «وثانيها: أنَّهم يُمْسُون وخلوف أفواههم عند الله أطيب [12] من ريح المسك»، وهو حديث حسن، وقد عُزِي لغيره أيضًا تخريجه، فإذًا الصَّحيح: أنَّه في الدُّنيا والآخرة، والله أعلم.

قوله: (الصِّيَامُ لِي): أكثرَ النَّاسُ في تأويل هذا الحديث، وأنَّه لِمَ خصَّ الصَّوم والجزاء عليه بنفسه عزَّ وجلَّ وإن كانت العبادات كلُّها له، وجزاؤهما منه، وذكروا فيه وجوهًا مدارها كلُّها على أنَّ الصَّوم سرٌّ بين الله والعبد لا يطَّلع عليه سواه، ولا يكون العبد

[ج 1 ص 485]

(1/3695)

صائمًا حقيقةً إلَّا وهو مُخلِص في الطَّاعة، وهذا وإن كان كما قالوا؛ فإنَّ غير الصَّوم من العبادات تشاركه في سرِّ الطَّاعة؛ كالصَّلاة على غير طهارة، أو في ثوب نجس، ونحو ذلك من الأسرار المقترنة [13] بالعبادات التي لا يعرفها إلَّا الله تعالى وصاحبها، قال ابن الأثير: وأحسن ما سمعتُ في تأويل هذا الحديث: أنَّ جميع العبادات التي يُتقرَّب بها إلى الله عزَّ وجلَّ من صلاةٍ، وحجٍّ، وصدقةٍ، واعتكافٍ، وتبتُّلٍ، ودعاءٍ، وقُربانٍ، وهَدْيٍ، وغير ذلك من أنواع العبادات قد عبد المشركون بها ما كانوا [14] يتَّخذونه من دون الله أندادًا، ولم يُسمَع أنَّ طائفة من طوائف المشركين وأرباب النِّحل في الأزمان المُتقادِمة عبدت آلهتها بالصَّوم، ولا تقرَّبتْ إليها بهِ، ولا عُرِف الصوم في العبادات إلَّا من جهة الشَّرائع؛ فلذلك قال الله تعالى: «الصَّومُ لي، وأنا أجزي به»؛ أي: لم يشاركني فيه أحدٌ، ولا عُبِد به غيري، فأنا حيئنذٍ أجزي به، وأتولَّى الجزاء عليه بنفسي، ولا أكله [15] إلى أحد مِن مَلَك مُقرَّب أو غيره على قدر اختصاصه بي، انتهى لفظه، [قال شيخنا في «شرحه» أوجهًا في معنى ذلك [16]، ثمَّ قال: (وأبعد مَنْ قال: إنَّ معناه: لم يُعبَد به غير الله ... ) إلى أن قال: (فقد حكى المسعوديُّ وغيره: أنَّ جماعة من الملاحدة وغيرهم تعبَّدوا المشتريَ وزُحَلَ [17] والزُّهَرة به)] [18].

وفي «شرح مسلم» النَّوويُّ [19] ذكر عنه أجوبةً: أحدها ما قاله ابن الأثير، الثَّاني: أنَّ الصَّوم يبعدُ من الرِّياء؛ لخفائه بخلاف بقيَّة العبادات الظَّاهرة، الثَّالث: أنَّ الصَّائم ونفسه ليس [لهما] فيه حظٌّ، قاله الخطَّابيُّ، الرابع: أنَّ الاستغناء عن الطَّعام من صفات الله تعالى، فتقرَّب الصَّائم بما يتعلَّق بهذه الصِّفة وإن كانت صفات الله لا يشبهها شيء، الخامس: معناه: أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه، وتضعيف حسناته، وغيره من العبادات أظهر سبحانه بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها، السَّادس: قيل: هي إضافة تشريف، والله أعلم.

(1/3696)

وفي «التَّذكرة» للقرطبيِّ: فصل: ظنَّ بعض العلماء أنَّ الصِّيام مُختصٌّ بعامله مُوفَّرًا له أجره، لا يُؤخَذ منه شيءٌ لمظلمة ظلمها مُتمسِّكًا بقوله: (الصِّيام لي، وأنا أجزي به)، وأحاديث هذا الباب _يعني: الباب المذكور في «تذكرته» _ تردُّ قوله، وأنَّ الحقوق تُؤخَذ من سائر الأعمال صيامًا كان أو غيره، وقيل: إنَّ الصَّوم إذا لم يكن معلومًا لأحد، ولا مكتوبًا في الصُّحف؛ هو الذي يستره الله ويخبَؤُه عليه حتَّى يكون له جُنَّة من العذاب، فيطرحون أولئك عليه سيئاتهم، فتذهب عنهم، ويقيه الصَّوم فلا يضرُّ أصحابها؛ لزوالها عنهم، ولا له؛ لأنَّ الصوم جُنَّة، قاله القاضي أبو بكر بن العربيِّ، وهو تأويل حسن، والحمد لله، انتهى، وهذا ينبني [20] على أنَّ مثل هذا العمل إذا لم يطَّلع عليه إلَّا الله وهو في القلب؛ لا تكتبه الملائكة، وهذا فيه خلافٌ سيأتي في مكانه، والله أعلم.

(1/3697)

[باب الصوم كفارة]

(1/3698)

[حديث: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره]

1895# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الإمام، تقدَّم بعض ترجمته، وبعده (سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، الإمام.

قوله: (حَدَّثَنَا جَامِعٌ): هذا هو ابن أبي راشد الكاهليُّ، عن أبي الطُّفيل وأبي وائل، وعنه: السُّفيانان وشريك، ثقة، وثَّقه أحمد، وقال أحمد العجليُّ: ثقةٌ ثبْتٌ صالحٌ، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، وتقدَّم مُتَرجَمًا [1].

قوله: (عَنْ حُذَيْفَةَ): هو ابن اليماني حَسْلٌ، ويقال: حُسيل العبسيُّ، ثمَّ الأشهليُّ حليفهم، صاحب السِّرِّ، منعه وأباه المشركون شهودَ بدر؛ لأنَّهم استحلفوهم، روى عنه: الأسود، وربعيُّ بن حِراش، وأبو إدريس، وطائفة، تُوفِّيَ سنة (36 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، وتقدَّم أنَّ الصَّحيح في (اليماني) و (العاصي) و (ابن أبي الموالي) و (ابن الهادي) إثباتُ الياء في الكلِّ، قاله النَّوويُّ.

تنبيه: تقدَّم أنَّ جملة مَن يُسمَّى حذيفة مشهورًا بالاسم بهذا [2] من الصَّحابة سبعة [3]، والله أعلم.

قوله: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ): تقدَّم الكلام عليها؛ فراجعْه في (بَاب الصَّلاة كفَّارة).

قوله: (لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهْ [4]): هو بكسر الذَّال المعجمة، وإسكان الهاء؛ ومعناها: ذي، فجاء بالهاء؛ للوقف [5]، أو لبيان اللَّفظ، كما يقال: هذه وهذي، والجميع بمعنًى، وإنَّما أُدخِلت (ها)؛ للإشارة على ذه وذي [6].

قوله: (أَجْدَرُ): أي: أحقُّ.

==========

[1] (وتقدَّم مُتَرجَمًا): ليس في (ج).

[2] (بهذا): ليس في (ج).

[3] في (ب): (مشهورًا بهذا الاسم سبعة من الصحابة)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.

[4] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ذِهِ).

[5] في (ب): (للوقت)، وهو تحريفٌ.

[6] في (أ): (وهذي)، وفي (ج): (وهذه)، والمثبت من (ب)، ولعلَّه هو الصَّواب.

[ج 1 ص 486]

(1/3699)

[باب الريان للصائمين]

(1/3700)

[حديث: إن في الجنة بابًا يقال له الريان]

1896# قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ): سأذكر أبواب الجنَّة إنْ شاء الله تعالى في (بدء الخلق) في (بَاب صفة الجنَّة).

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تقدَّم أنَّ مَخْلدًا؛ بفتح الميم، وإسكان الخاء، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ): هذا أبو حازم سلمة بن دينار، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ حَازمًا بالحاء المهملة وبالزَّاي.

قوله: (عَنْ سَهْلٍ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، وتقدَّم بعض ترجمته، وفي الصَّحابة من اسمه سهل ستَّةٌ وثلاثون شخصًا بالرَّاوي هنا.

قوله: (أُغْلِقَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر جدًّا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 1 ص 486]

(1/3701)

[حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة .. ]

1897# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَعْنٌ): هو معن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز أبو يحيى، أحد الأئمَّة، عن ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وعنه: ابن المَدينيِّ، وابن مَعِين، ومُحَمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوفِّيَ في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ حُميد بن عبد الرَّحمن الحميريَّ ليس له [2] في «البخاريِّ» شيء عن أبي هريرة [3]، وإنَّما روى له عنه مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصِّيام بعد رمضان شهر الله المُحرَّم»، وليس له في «مسلم» عن أبي هريرة سواه؛ فاعلمه، وتقدَّم [4] (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ): قال الحسن: اثنين من شيء من الأشياء؛ كدرهمين، أو دينارين، أو ثوبين، وقال غيره: يريد ستِّين درهمًا ودينارًا، أو درهمًا وثوبًا، وخفًّا ولجامًا، ونحو هذا، وقال الباجيُّ: يحتمل أنْ يريد عملًا من الأعمال؛ كصلاتين وصيام يومين، قاله ابن قرقول، انتهى، قال القرطبيُّ في «تذكرته» بعد ذكر الأقوال التي ذكرتها: والأوَّل من التَّفسير أعلى؛ لأنَّه يُروَى عن المصطفى، ذكر الآجريُّ عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «مَن أنفق زوجين في سبيل الله؛ ابتدرته حجبة الجنَّة»، ثمَّ قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «بعيرين، درهمين، تِرسين، نَعلين» انتهى.

قوله: (فِي سَبِيلِ اللهِ): قيل: هو على العموم في جميع وجوه الخير، وقيل: مخصوص بالجهاد، والأوَّل أصحُّ، قاله عياض القاضي، وأقرَّه عليه النَّوويُّ في «شرح مسلم».

قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): تقدَّم الكلام على التَّفدية بالأب والأمِّ، والأصحُّ جوازه وإن كانا مُسلمَين.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[2] (له): ليس في (ج).

[3] (عن أبي هريرة): سقط من (ب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[4] (تقدَّم): مثبت من (ب).

[ج 1 ص 486]

(1/3702)

[باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ ومن رأى كله واسعًا]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ؟): تقدَّم أنَّه اختلف العلماء في أنَّه هل يكره أن يقال: (رمضان) من غير ذكر الشهر؟ [فذهب بعض المتقدَّمين إلى كراهته، قال أصحابنا: يكره أن يقال: جاء رمضان، من غير ذكر الشَّهر] [1]، وكذلك: دخل رمضان، وحضر رمضان، وما أشبه ذلك ممَّا لا قرينة فيه تدلُّ على أنَّ المراد: الشَّهرُ، فإنْ ذكر معه قرينة تدلُّ على أنَّه الشهر؛ كقولك: صمت رمضان، وجاء رمضان [2] الشهر المبارك، وما أشبه ذلك؛ لم يُكرَه

[ج 1 ص 486]

هكذا، قال أصحابنا: ونقله صحاب «الحاوي الكبير»، وصاحب «البيان»، وجماعة آخرون عن الأصحاب، واحتجَّ الأصحاب في ذلك بما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «لا تقولوا رمضان؛ فإنَّ رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولكن قولوا: شهر رمضان»، وهذا الحديث رواه البيهقيُّ، وضعَّفه، والضَّعف عليه بَيِّنٌ، وروى الكراهة في ذلك عن مجاهد والحسن البصريِّ، قال البيهقيُّ: والطَّريق إليهما في ذلك ضعيف، والصَّحيح في ذلك ما ذهب إليه صاحب هذا «الصَّحيح» البخاريُّ وجماعات من المحقِّقين أنَّه لا كراهة في ذلك مُطلَقًا كيفما قيل؛ لأنَّ الكراهة لا تثبت إلَّا بالشَّرع، ولم يَثبُت فيه شيء، وقد صنَّف جماعات لا يُحصَون في أسماء الله تعالى مُصنَّفات مبسوطة، فلم يثبتوا هذا الاسم، وقد ثبت في الأحاديث الصَّحيحة جوازُ ذلك، فالصَّحيح: جوازه من غير كراهة، والله أعلم.

قوله: (لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ): هو بضمِّ التَّاء، وكسر الدَّال، كذا في أصلنا، وفي الحاشية نسخة: (تَقدَّموا)؛ بفتح التَّاء والدَّال المشدَّدة، محذوف إحدى التَّاءين.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[2] (وجاء رمضان): ليس في (ب).

(1/3703)

[حديث: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة]

1898# قوله: (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ [1]، عَنْ أَبِيْهِ): تقدَّم أنَّ اسم (أبي سُهيل) نافعُ بنُ مالك بن أبي عامر، واسم أبي عامر [2] نافعٌ أيضًا [3]، وقد عُزِي ذلك بخطِّ الدِّمياطيِّ الحافظ، كما مضى ويأتي [4]، الأصبحيُّ، تقدَّم في أوَّل (الصَّوم)، قال الدِّمياطيُّ: أبو سُهيل نافعٌ هو الذي حدَّث عنه الزُّهريُّ في الحديث بعده، فقال: (أخْبَرني ابن أبي أنس مولى التَّيميِّين)، وأبو أنس: هو مالك بن أبي عامر نافع بن عمرو بن الحارث، وكان لمالك أربعةُ أولاد: أبو سُهيل نافع، وأنس، وأويس، والرَّبيع، انتهى [5].

قوله: (فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ): (فُتِحت)؛ بالتَّخفيف والتَّشديد، وهذا ظاهر.

قوله: (أَبْوَابُ الْجَنَّةِ): وسيأتي بعده [خ¦1899]: (فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ): والمراد بـ (أبواب السَّماء): أبوابُ الجنَّة.

==========

[1] في هامش (ق): (أبو سُهَيل نافع هو الذي حدَّث عنه الزهري في الحديث بعده فقال: أخبرني ابن أبي أنس مولى التيميين، وأبو أنس: هو مالك بن أبي عامر نافع بن عمرو بن الحارث، وكان لمالك أربع أولاد: أبو سُهَيل نافع، وأنس، وأويس، والربيع).

[2] (أبي عامر): سقط من (ج).

[3] (أيضًا): ليس في (ج).

[4] زيد في (ب): (إنْ شاء الله).

[5] (انتهى): ليس في (ب).

[ج 1 ص 487]

(1/3704)

[حديث: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء]

1899# [قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ): (ابن أبي أنس): هو أبو سُهيل الذي تقدَّم أعلاه] [1].

قوله: (وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ): وجاء في رواية أخرى: (وصُفِّدتِ الشَّياطينُ).

إنْ قيل: إنَّا نرى الشَّرَّ والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا؟ والجواب: أنَّها تُغلُّ عن الصائمين في الصوم الذي حُوفظ على شروطه بخلاف غيره، وقيل: إنَّ الشَّرَّ الواقع هو من غيرهم؛ كالنفس الخبيثة، والعادات الرَّكيكة، والشَّياطين الإنسيَّة، وقيل: إنَّه إخبار عن غالب الشَّياطين والمردة، وأمَّا مَنْ ليس من المَردة؛ فقد لا يُصَفَّد، والمقصود تقليل الشَّرِّ، وهو موجود في رمضان، وقد يقال: إنَّ الحاصل من تلك الحركة؛ أعني: حركة المغلول وإن قلَّت، والله أعلم.

==========

[1] مابين معقوفين جاء في النُّسخ لاحقًا بعد قوله: (الزهري محمد بن مسلم)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».

[ج 1 ص 487]

(1/3705)

[حديث: إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا]

1900# قوله: (حَدَّثَنَا [1] اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، الإمام، وكذا تقدَّم (عُقَيل): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ): أي: سُتِر بالغمام.

قوله: (فَاقْدُرُوا لَهُ): قال ابن قرقول: هو بالوصل، وكسر الدَّال وضمِّها؛ أي: قدِّروا له عدد ثلاثين حتَّى تكملوه.

تنبيه: قوله: (فأكملوا العدد ثلاثين): هذا قول الجمهور، وذهب ابن سُريج القاضي إلى أنَّ هذا خطابُ من خُصَّ بهذا العلم من حساب القمر والنُّجوم؛ أي: يحتمل على حسابها، والكمال والعدَّة خطاب لعامَّة النَّاس الذين لا يعرفونه، ولم يوافقه النَّاس على هذا، انتهى، ولابن الأثير نحوه، ولم يتعرَّض لتضعيف كلام ابن سُريج.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنِ اللَّيْثِ): أي: غير يحيى ابن بُكَير، ولا أعرفه أنا، وقال شيخنا الشَّارح: لعلَّه يريد به كاتبَ اللَّيث، فقد رواه الإسماعيليُّ: عن إبراهيم بن هانئ: حَدَّثَنَا الزِّياديُّ: حَدَّثَنَا ابن بكير وأبو صالح: أنَّ اللَّيث حدَّثهما: حَدَّثَنَا عُقَيل .. )؛ الحديث، ثمَّ قال: قال ابن ناجية في حديث البخاريِّ، ثمَّ ذكر مثل حديث يونس، وزاد فيه: (وكان أبو هريرة يقول فيه: سمعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ) مثلَه، وقال: «فإنْ غُمَّ عليكم؛ فصوموا ثلاثين»، [وجزم بعض حُفَّاظ المصريِّين بأنَّه كاتب اللَّيث، انتهى] [2].

قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): معنى (إيمانًا): تصديقًا بالثَّواب من الله على صيامه وقيامه، و (احتسابًا): يحتسب ثوابه على الله بصيامه [يريد]: وجهَهُ، وقد تقدَّم، ونزيد هنا أنَّ نصب (إيمانًا) إمَّا أنَّه مصدر موضع الحال، أو مفعول له.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنِي).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 487]

(1/3706)

[باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيةً]

(1/3707)

[حديث: من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]

1901# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هو ابن أبي عبد الله [1] الدَّستوائيُّ، تقدَّم، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله أو إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): تقدَّم الكلام عليه أعلاه وقبله.

==========

[1] لفظ الجلالة: ليس في (أ) و (ج).

[ج 1 ص 487]

(1/3708)

[باب: أجود ما كان النبي يكون في رمضان]

(1/3709)

[حديث: كان النبي أجود الناس بالخير]

1902# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، تقدَّمت ترجمته، ولماذا نُسِب.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد [بن مسلم] بن عبيد الله بن عبد الله [1] بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (كَانَ [النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ] أَجْوَدَ)، وكذا (كَانَ أَجْوَدَ): هما لا شكَّ بالنَّصب.

قوله: (وَكَانَ أَجْوَدُ): تقدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق، والأرجح الضَّمُّ، أو الذي لا يجوز فيه إلَّا الضَّمُّ مُطَوَّلًا؛ فانظره تجدْه، وقال شيخنا المؤلِّف هنا ما لفظه: (وأجود) الأوَّل بالفتح، وقوله: (وكان أجود) كذلك، وجوَّز ابن مالك رفعه أيضًا، انتهى، وفي الأوَّل رجَّح شيخنا رفعه، والله أعلم.

قوله: (يَعْرِضُ عَلَيْهِ): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر، وهذا صريح في أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام هو القارئ على جبريل، وسيأتي في ذلك كلام في (بَاب تأليف القرآن) إنْ شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

==========

[1] في (أ) و (ج): (عبد الله بن عبيد الله)، وليس بصحيحٍ.

[ج 1 ص 487]

(1/3710)

[باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم]

(1/3711)

[حديث: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة]

1903# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وهو أحد الأعلام.

قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ أباه كنيته أبو سعيد، واسمه كيسان، روى كيسان عن عمر، وأبي هريرة، وطائفة، وعنه: ابنه [1] سعيد وجماعةٌ، تُوفِّيَ سنة مئة، أخرج له الجماعة، قال النَّسائيُّ: لا بأس به، وقال الواقديُّ: كان ثقة، وأرَّخ وفاته كما قدَّمتها، وقال ابن سعد: تُوفِّيَ في خلافة الوليد، انتهى.

==========

[1] (وعنه: ابنه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 487]

(1/3712)

[باب: هل يقول: إني صائم إذا شتم؟]

قوله: (إِذَا شُتِمَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[ج 1 ص 487]

(1/3713)

[حديث: قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام]

1904# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَطَاءٌ): أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وقد تقدَّمت ترجمته، وكذا تقدَّم (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، وتقدَّم بعض ترجمته.

[ج 1 ص 487]

قوله: (إلَّا الصِّيَامَ، فَإنَّه لِي): تقدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره.

قوله: (وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ): تقدَّم الكلام عليه ضبطًا ومعنًى، وكذا تقدَّم (يَرْفُثْ) بلُغاتها ومعناها.

قوله: (وَلاَ يَصْخَبْ): هو بفتح الخاء المعجمة، مفتوح الأوَّل، ثلاثيٌّ، ويقال: السَّخب، والصَّخب؛ بالسِّين، والصَّاد: اختلاط الأصوات وارتفاعُها، وقد تقدَّم.

قوله: (إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ): تقدَّم [الكلام] عليه قريبًا: هل يقوله سرًّا أو علانيةً؟ أو يفرق بين الفرض والنَّفل؟ أو يقوله بقلبه ثمَّ بلسانه؟

قوله: (لَخُلُوفُ): تقدَّم قريبًا أنَّه بضمِّ الخاء الصَّواب [1] مُطَوَّلًا.

قوله: (عِنْدَ اللهِ): تقدَّم الكلام عليه: هل هذا في الدُّنيا والآخرة _وهو الرَّاجح_ أو في الآخرة فقط؟ ومن اختلف فيه؟

(1/3714)

[باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة]

(1/3715)

[حديث: من استطاع الباءة فليتزوج]

1905# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولم قيل له: (عبدان).

قوله: (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ): هو بالحاء المهملة، وبالزَّاي: هو مُحَمَّد بن ميمون أبو حمزة السُّكريُّ، مُحدِّث مرو، عن زياد بن علاقة، وعاصم بن أبي النَّجود بهدلة، وعنه: عبدان ونعيم بن حمَّاد، تُوفِّيَ سنة (167 هـ)، أخرج له الجماعة، صدوق إمام، له ترجمة [1] في «الميزان»، وقد تقدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد به، وإنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، وكذا تقدَّم (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (عَلْقَمَة) أنَّه ابن قيس أبو شبل، الفقيه، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ [2] الْبَاءَةَ؛ فَلْيَتَزَوَّجْ): (الباءة): فيها أربع لغات؛ الفصيحة المشهورة: الباءة؛ بالمدِّ، والثَّانية: الباةَ؛ بلا مدٍّ، والثَّالثة: بالمدِّ [3] بلا هاء، والرَّابعة: الباهة؛ بهاءَين بلا مدٍّ، وأصلها في اللُّغة: الجماع، واختُلِف في المراد بـ (الباءة) هنا على قولين يرجعان إلى [4] معنًى واحد؛ أصحُّهما: أنَّ المراد معناها اللُّغويُّ؛ وهو الجماع، والثَّاني: أنَّ المراد بـ (الباءة) [5] مُؤَنُ النِّكاح، وسُمِّيت باسم ما يلازمها، وفي ذلك كلام طُوِّل، وقصدي الاختصار.

قوله: (فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ): هذا إغراء لغائب [6]، وقول النُّحاة فيه معروف، وقال بعضهم: ليس إغراءً لغائب؛ لأنَّ الهاء في (عليه) لمن خصَّه من الحاضرين بعدم [7] الاستطاعة؛ لتعذُّر خطابه بكاف الخطاب.

قوله: (فَإنَّه لَهُ وِجَاءٌ): الوِجاء؛ بكسر الواو، وبالجيم ممدود؛ وهو رضُّ الخصيتين، والمراد هنا: أنَّ الصوم يقطع الشَّهوة، ويقطع شرَّ المني، كما يفعله الوِجاء، والله أعلم.

==========

[1] زيد في النُّسخ: (في ترجمة)، وهو تكرار.

[2] (منكم): ليس في «اليونينيَّة».

[3] (والثالثة: بالمد): سقط من (ج).

[4] في (ب): (على).

[5] (بالباءة): ليس في (ب).

[6] في (ب): (الغائب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[7] في (ب) و (ج): (تقدَّم)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 488]

(1/3716)

[باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا]

قوله: (فَأَفْطِرُوا): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا معروف ظاهر.

قوله: (وَقَالَ صِلَةُ، عَنْ عَمَّارٍ): أمَّا (صلة)؛ فهو ابن زفر العبسيُّ، عن عليٍّ، وعمَّار بن ياسر، وابن مسعود، وعنه: شُتَير بن شَكَل، وأيُّوب، وأبو إسحاق، وُثِّق، قُتِل في زمان مصعب، فعلى هذا؛ لم يدركه أيُّوب، أخرج لصلةَ الأئمَّةُ السِّتَّةُ.

تنبيه: قال شيخنا الشَّارح: ووقع في كتاب ابن حزم: (ابن أشيم)، وهو [1] غلط، انتهى، [وأمَّا ابن أشيم؛ فيكنى أبا الصَّبهاء، وهو عدويٌّ، من عُبَّاد أهل البصرة وزُهَّادهم، روى عنه أهل البصرة، ذكره ابن حبَّان في «ثقاته» في التَّابعين، وقال: قُتِل سنة خمس وسبعين بكابل في أوَّل ولاية الحجَّاج بن يوسف، وقد قيل: إنَّ أبا الصَّبهاء قُتِل في ولاية يزيد بن معاوية، انتهى] [2]

وأمَّا (عمَّار)؛ فهو ابن ياسر أبو اليقظان، تقدَّم مُتَرجَمًا في (كِتَاب الإيمان)، ومَن قَتَله، وتاريخ وفاته.

فائدة: تعليقه هذا رواه الأربعة، وصحَّحه ابن خُزيمة، وابن حبَّان، والتِّرمذيُّ، والحاكم على شرطهما، وحسَّنه الدَّارقطنيُّ، وقيل: إنَّه موقوف، وَوُهِّيَ.

==========

[1] في (ج): (وهذا).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 488]

(1/3717)

[حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال]

1906# قوله: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ): (غُمَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ ومعناه: سُتِر بالغمام، وقد تقدَّم.

قوله: (فَاقْدُرُوا لَهُ): هو بضمِّ الدَّال وكسرها، وبالوصل، وقد تقدَّم معناه قريبًا؛ فانظره.

==========

[ج 1 ص 488]

(1/3718)

[حديث: الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه]

1907# قوله: (فَأَكْمِلُوا): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.

==========

[ج 1 ص 488]

(1/3719)

[حديث: الشهر هكذا وهكذا]

1908# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ): هو بضمِّ السِّين وفتح الحاء المهملتين، مشهور.

قوله: (وَخَنَسَ الإِبْهَامَ): هو بالخاء المعجمة، والنُّون، والسِّين المهملة المفتوحات؛ ومعناه: قبض، وفي نسخة هي على طُرَّة أصلنا: (حبس)؛ بالحاء المهملة، والموحَّدة، وبالسِّين المهملة أيضًا، ولم أر هذه في «المطالع» إلَّا في حديث مُحَمَّد بن رافع، وأمَّا في هذا؛ فلم يتعرَّض له، والله أعلم.

(1/3720)

[حديث: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته]

1909# قوله: (فَإِنْ غُبِيَ عَلَيْكُمْ): قال في «المطالع»: بفتح الغين، وتخفيف الباء، كذا هنا لأبي ذرٍّ، وعند القابسيِّ: (غُبِّي)؛ بضمِّ الغين، وشدِّ الباء المكسورة، كذا قيَّده الأصيليُّ بخطِّه، والأوَّل أبين؛ ومعناه: خفي عليكم، وقال ابن الأنباريِّ: الغباء: شبه الغبرة في السَّماء، والغَباوة: الغفلة، انتهى، وفي أصلنا كما عند القابسيِّ، وفي الطُّرَّة كما لأبي ذرٍّ، وفيها أيضًا: (أُغمي) و (غُمَّ)، وكلُّه متقارب.

==========

[ج 1 ص 488]

(1/3721)

[حديث: إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا]

1910# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النبيل الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.

قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ): (صيفيٌّ): كالمنسوب إلى الصَّيف؛ الفصل المعروف، وهو يحيى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صيفيٍّ، ويقال: يحيى ابن مُحَمَّد، عن أبي مَعْبد وعكرمة، وعنه: ابن جريج وعبد الله بن المُؤمَّل، ثقة، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره.

[ج 1 ص 488]

قوله: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمها هند بنت أبي أميَّة حذيفة، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتقدَّم أنَّها آخر الأزواج موتًا، تُوفِّيَت في دولة يزيد بن معاوية بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، وتقدَّم ما قيل غير ذلك.

قوله: (آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا): أي: حلف ألَّا يدخلنَّ عليهنَّ، وقد تقدَّم، وإنَّما عدَّاه بـ (مِن) حملًا على المعنى، وهو الامتناع من الدُّخول، وهو يتعدَّى بـ (من)، وللإيلاء في الفقه أحكام تخصُّه، فلا يُسمَّى إيلاء دونَها.

(1/3722)

[حديث: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين]

1911# قوله: (في مَشْربةٍ): هي بفتح الميم، وإسكان الشِّين المعجمة، ثمَّ راء مفتوحة ومضمومة، ثمَّ مُوحَّدة، ثمَّ تاء التَّأنيث؛ كالغُرفة، قال الخليل: هي كالغُرفة، قال الطَّبريُّ: كالخزانة فيها الطَّعام والشَّراب، وبه سُمِّيت: مشربة، وقال يحيى بن يحيى الأندلسيُّ: هو العسكر، وهو متقارب، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 489]

(1/3723)

[باب: شهرا عيد لا ينقصان]

قوله: (بَابٌ: شَهْرَا عِيدٍ لاَ يَنْقُصَانِ): للنَّاس في معنى هذا الكلام أقوال، ذكر البخاريُّ كما يقع في بعض النُّسخ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهْوَ تَمَامٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لاَ يَجْتَمِعَانِ كِلاَهُمَا نَاقِصٌ)، قال النَّوويُّ: (والصَّحيح الأوَّل).

أمَّا (إسحاق) الذي نقل عنه البخاريُّ هنا؛ فهو ابن سُوَيد بن هُبَيرة، ويقع في بعض النُّسخ: (إسحاق بن سويد)؛ منسوبًا، قال شيخنا: وهو إسحاق بن سويد بن هُبيرة العدويُّ التَّميميُّ البصريُّ، انتهى، عن أبي قتادة، وتميم بن نذير العدويِّ، ومَعاذة العدويَّة، ويحيى بن يعمر، وعبد الرَّحمن بن أبي بكرة، وجماعة، وقيل: إنَّه روى عن ابن عمر، كذا في كلام الذَّهبيِّ، وفي كلام العلائيِّ: أرسل عن عمر، وعزاه لأبي زُرْعة، فلعلَّ أحدهما غلط من النَّاسخ [1]، ويحتمل أنَّهما صحيحان، وعنه: الحمَّادان، وابن عُليَّة، وعبد الوهَّاب الثَّقفيُّ، وآخرون، وثَّقه أحمد وجماعة، قال ابن سعد: تُوفِّيَ في الطَّاعون سنة (131 هـ)، روى له البخاريُّ مقرونًا بآخر، كما سيأتي قريبًا جدًّا، وقرينه (خَالِد الحَذَّاء) ابنُ مهران، وعلَّق عنه هنا كما ترى، ورأيت [بعضهم قال: إنَّه ابن راهويه، وهذا يردُّه ما في بعض النُّسخ: (إسحاق بن سويد) منسوبًا] [2]، والله أعلم، [وكذا مصرَّح بأنَّه [3] ابن سويد في «صحيح مسلم» في (الصَّوم)] [4]، وكذا يردُّه قول شيخنا فيه، ولكن في «جامع التِّرمذيِّ» نقل هذا الكلام عن إسحاق، ولم ينسبْه، ولكنَّ من عادته أنَّه لا ينقل عن إسحاق إلَّا ابن راهويه، والله أعلم، فهذان قولان في الحديث؛ قول إسحاق، ومُحَمَّد الظَّاهر أنَّه البخاريُّ صاحب «الصَّحيح»، والله أعلم.

وقال التِّرمذيُّ في «جامعه»: قال أحمد: معنى هذا الحديث: لا ينقصان معًا في سنة واحدة؛ شهر رمضان وذو الحجَّة، إن نقص أحدهما؛ تمَّ الآخر، وقال إسحاق: معناه: لا ينقصان بقول وإن كان تسعًا وعشرين، فهو تمام غير نقصان، وعلى مذهب إسحاق يكون بنقص الشَّهران معًا في سنة واحدة، انتهى.

(1/3724)

وقد ذكر المحبُّ الطَّبريُّ هذا الحديث، وذكر في معناه خمسة أقوال؛ (أحدها: أنَّه خرج مخرج الغالب، والغالب أنَّهما لا ينقصان في عام واحد، الثَّاني: لا ينقصان عن أجر [5] الكامل ولو نقص عددهما، وبيَّن ذلك؛ لئلا يقع في النُّفوس إذا صاموا تسعًا وعشرين، أو أخطؤوا العدد، الثَّالث: أنَّه إشارة إلى سنة معلومة، قاله ابن فورك، الرَّابع: لا ينقص أجر ذي الحجَّة عن أجر رمضان، الخامس: لا ينقصان في الحقيقة، وإن نقصا عندنا في رأي العين عند حصول حائل، قاله أبو حاتم) انتهى.

قوله: (وَذُو الحَجَّة): تقدَّم أنَّ فيها لغتين؛ الكسر والفتح.

==========

[1] في (ج): (الناس)، وهو تحريفٌ.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[3] (أنه): ليس في (ب).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[5] في (ج): (أجزاء)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 489]

(1/3725)

[حديث: شهران لا ينقصان شهرا عيد رمضان وذو الحجة]

1912# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سليمان التَّيميُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ سُوَيْدٍ [2]): تقدَّم مُتَرجَمًا أعلاه، وهذا هو مقرون هنا، وما عمله البخاريُّ هنا نوع من القرن؛ لأنَّه قرنه بخالد الحذَّاء.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): هو أبو بكرة نُفيع بن الحارث، تقدَّم ببعض ترجمة.

==========

[1] في (ب): (مَعْمَر)، وهو تحريفٌ.

[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» ليس فيها (ابن سويد).

[ج 1 ص 489]

(1/3726)

[باب قول النبي: لا نكتب ولا نحسب]

قوله: (وَلاَ نَحْسُبُ): هو بضمِّ السِّين، وهذا ظاهر.

==========

[ج 1 ص 489]

(1/3727)

[حديث: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا]

1913# قوله: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّة): [نسبة إلى صفة الأمِّ] [1] لمَّا كان الغالب في أحوالهنَّ ألَّا يكتبن ولا يقرأن مكتوبًا؛ كان الابن بصفتها نُسِب إليها كأنَّه مثلها، وقيل: المراد بالأمِّيِّ: الباقي على أصل ولادة أمِّه، ولم يقرأ، ولم يكتب، وقال شيخنا: (وقيل له: أمِّيٌّ؛ نسبةً إلى أمِّ القرى مكَّة) انتهى.

==========

[1] ما بين معقوفين مستفاد من «المطالع».

[ج 1 ص 489]

(1/3728)

[باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين]

قوله: (بَابٌ: لَا يتَقَدَّمَنَّ رَمَضَان): (يُتقدَّمن): مبنيٌّ للمفعول، فـ (رمضانُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، ومبنيٌّ للفاعل [1]، فـ (رمضان): منصوب مفعول.

==========

[1] في (ج): (للمفعول)، وليس بصحيحٍ.

[ج 1 ص 489]

(1/3729)

[حديث: لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين]

1914# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّه نُسب إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النِّسبة إليه: فُرهوديٌّ وفَراهيديٌّ، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ): أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وتقدَّم الكلام على نسبته، وتقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وتقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 1 ص 489]

(1/3730)

[باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}]

قوله: ({الرَّفَثُ} [البقرة: 187]): تقدَّم في معناه ثلاثةُ أقوال في (الحجِّ)، وهي مقولة في الآية؛ فانظرها.

(1/3731)

[حديث: كان أصحاب محمد إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار]

1915# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ، وكذا تقدَّم فيه وقبله مرارًا جدُّه أبو [1] إسحاق الرَّاوي عنه هنا عمرو بن عبد الله، وتقدَّم (الْبَرَاء): أنَّه ابن عازب، وأنَّ عازبًا صحابيٌّ أيضًا رضي الله عنهما.

قوله: (وَإِنَّ قَيْسَ [2] بْنَ صِرْمَةَ): (إنَّ)؛ بكسر الهمزة على الابتداء، وهو قيس بن صِرْمة؛ بكسر الصَّاد المهملة، وإسكان الرَّاء، وقيل: اسمه صِرْمة بن قيس المازنيُّ، وقيل: قيس بن مالك، اضطربوا فيه، وقد ذكر الذَّهبيُّ: صِرْمة بن أبي أنس بن صِرْمة بن مالك الخزرجيُّ النَّجَّاريُّ، واسم أبيه قيس، قال الذَّهبيُّ: هو الذي قبله _يعني: صِرْمة بن أنس_ وقيل: ابن قيس الأنصاريُّ الخطميُّ أبو قيس، له حديث، قال ابن عبد البَرِّ في «الكنى»: أبو قيس: كان قد ترهَّب، وفارق الأوثان، ولبس المسوح، واغتسل من الجنابة، وهمَّ بالنَّصرانيَّة، ثمَّ جاء الإسلام فأسلم، وهو شيخ كبير، وله شعر كثير، وهو القائل:

~…ثَوَى في قريشٍ بضعَ عشرةَ حِجَّة ...

[ج 1 ص 489]

كان ابن عبَّاس يختلف إليه يأخذ عنه، له ذكر في (الصَّوم)، والشِّعر المشار إليه في «مسلم» في بعض النُّسخ في (المناقب) في أوَّل الرُّبع الرَّابع، ولم يُسَمَّ الشَّاعر، قال عروة: وقد سئل عن إقامته عليه الصَّلاة والسَّلام بمكَّة، فأجاب: بأنَّه أقام عشرًا، فاعترض عليه سائله عمرو بأنَّ ابن عبَّاس يقول: بضعَ عشرةَ، فصغَّره [3]، وقال: إنَّما أخذه من قول الشَّاعر [4]:

ثَوَى في قُريشٍ بضعَ عشرةَ حِجَّةً [5] يُذكِّر لو يَلقَى خَلِيلًا مُوَاتِيَا

(1/3732)

[وقال [6] شيخنا الشَّارح: وتابع _يعني: التِّرمذيُّ_ البخاريَّ على قيس بن صِرْمة _يعني: أنَّ صاحب القصَّة الذي فيه الآية قيس بن صِرْمة_ وابنُ خزيمة، والدَّارميُّ، وجماعاتٌ، وقال أبو نعيم في «الصَّحابة»: صِرْمة بن أنس، وقيل: ابن قيس الخطميُّ الأنصاريُّ الشَّاعر، نزلت فيه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ... }؛ الآية [البقرة: 187]، ثمَّ ساق من حديث صِرْمة بن أنس حديثًا فيه قصَّته، وكذا ذكره أبو داود في «سننه»، ومقاتل في «تفسيره»، ثمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ، ثمَّ قال شيخنا: وقال بعضهم: صِرْمة ابن مالك، نسبة [7] إلى جدِّه، وهو الذي نزل فيه وفي عمر: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: 187]، كذا هو في «أسباب الواحديِّ»، وقال الدَّاوديُّ: ما ذكره البخاريُّ من كونه قيس بن صِرْمة؛ أخشى أنَّه ليس بمحفوظ؛ إنَّما هو صِرْمة بن قيس، وبخطِّ الدِّمياطيِّ: قيل: نزلت في ابنه قيس، والأشبه صِرْمة ترهَّب في الجاهليَّة، ثمَّ أسلم، وشهد أُحُدًا، وفي «كتاب [8] ابن الأثير» من حديث أبي هريرة: (ضمرة بن أنس)، ولعلَّه تصحيف، وقال السُّهيليُّ: (حديث صِرْمة بن أبي أنس قيس بن صِرْمة الذي أَنزل الله فيه وفي عمر: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ ... } إلى قوله: {وَعَفَا عَنكُمْ}، فهذه في عمر، ثمَّ قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} ... إلى آخر الآية، فهذه في صِرْمة بن أبي أنس، بدأ الله بقصَّة عمر؛ لفضله، ثمَّ بقصَّة صِرْمة) انتهى ببعض اختصار] [9].

قوله: (أَتَى [10] امْرَأَتَهُ): امرأة قيس بن صِرْمة لا أعرف اسمها.

قوله: (أَنْطَلِقُ): هو بفتح الهمزة، مرفوع فعل مضارع، وهذا ظاهر، وكذا (فَأَطْلُبُ).

قوله: (خَيْبَة لَكَ): هو منوَّن منصوب ومرفوع، قاله الجوهريُّ [11] في «صحاحه»، قال: (فالنَّصب على إضمار فعل، والرَّفع على الابتداء) انتهى، والخيبة: معروفة، يقال: خابَ؛ إذا لم ينل ما طلبَهُ.

قوله: (فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[1] (أبو): سقط من (ب).

[2] في هامش (ق): (كان ترهب في الجاهلية، ثم أسلم، وشهد أُحُدًا، وكان شاعرًا).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «صحيح مسلم» (&): (فغفره).

[4] زيد في (ب): (قوله).

[5] زيد في (ب) و (ج): (قوله)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[6] في (ب): (قوله قال).

[7] في (ب): (نسب).

[8] (كتاب): ليس في (ب).

(1/3733)

[9] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[10] في (ب): (إلى)، وهو تحريفٌ.

[11] زيد في (ب): (وقال بعضهم).

(1/3734)

[باب قول الله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}]

(1/3735)

[حديث: إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار]

1916# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): هو مُصغَّر، تقدَّم، وهو ابن بَشير السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ)؛ بضمِّ الحاء، وفتح الصَّاد المهملتين، وقدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، وأنَّ الكنى بالفتح، وقدَّمت حضين بن المنذر أنَّه بالمعجمة، أبا ساسان، وأنَّه فرد، وكذا تقدَّم (الشَّعْبِي): أنَّه بفتح الشِّين، وأنَّه عامر بن شراحيل، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَمَدْتُ): هو بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، عكس (صَعِدَ)، هذا الذي أعرفه ورأيته، وقد رأيت في حاشية على [1] نسخة بـ «صحيح البخاريِّ» قال فيها عن بعض كتب اللُّغة، وسمَّاه «شرح الفصيح» للَّبليِّ [2]: (أنَّه يقال: «عمِد» في الماضي بالكسر)، وقد تقدَّم.

قوله: (إِلَى عِقَالٍ): العِقال؛ بكسر العين: الحبل الذي تُشدُّ به ركبة البعير.

==========

[1] زيد في (ب): («شرح الفصيح» للبلي)،ولعلَّه سبق نظرٍ.

[2] («شرح الفصيح» للبلي): ليس في (ب).

[ج 1 ص 490]

(1/3736)

[حديث: أنزلت {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم}]

1917# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم [1] الحكم بن مُحَمَّد بن سالم الجمحيُّ مولاهم، المصريُّ، أبو مُحَمَّد الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة وبالزَّاي، وأنَّه عبد العزيز بن أبي حازم المدينيُّ، وتقدَّم أنَّ أبا حَازم سلمةُ بن دينار، وتقدَّم أنَّ خطيب تونس ابن سيِّد النَّاس ليَّنه، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان».

قوله: (وَلَمْ يُنْزَلْ {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187]): (يُنزَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ويجوز (يَنْزِل): مبنيٌّ للفاعل.

قوله: (رُؤْيَتُهُمَا [2]): كذا في أصلنا، قال ابن قرقول: (رِئْيهما)؛ بكسر الرَّاء، وهمزة ساكنة، قيَّدناه عن متقني شيوخنا؛ أي: منظرُهما، ووقع عند بعض شيوخنا: بفتح الرَّاء، وكسر الهمزة، ولا وجه له هنا، إنَّما الرَّئِيُّ: تابع الكاهن من الجنِّ، انتهى.

تنبيه: وقع في هذه اللَّفظة في «شرح صحيح مسلم» للنَّوويِّ تقييد الرِّواية الأولى: براء مكسورة، ثمَّ ياء ساكنة [3]، ثمَّ همزة؛ ومعناه: منظرهما، وهذا الضَّبط خلاف ضبط ابن قرقول؛ فلْيعلم، وكما قال ابن قرقول ضبطه في «النِّهاية»، وسيأتي في تفسير (البقرة) إنْ شاء الله تعالى، فصار في هذه اللَّفظة ثلاثة ضبوط؛ اثنان في «المطالع»، و (رؤيتهما)، والله أعلم، وفيها رواية أخرى: (زِيُّهما)؛ بزاي مكسورة، ثمَّ ياء مشدَّدة بلا همز؛ ومعناها: لونهما، وقد نسب شيخنا هذه في «المطالع»، ولم أرها في نسختي بـ «المطالع «، ويؤوَّل ما قاله على ما ذكره من الرِّوايات في مجموع «المطالع» وغيره، والله أعلم.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ بَعْدُ): هو بضمِّ الدَّال؛ مقطوعٌ عن الإضافة.

==========

[1] زيد في (ج): (بن)، وليس بصحيحٍ.

[2] في هامش (ق): (رِئْيُهُمَا: ضبطت هذه اللفظة على ثلاثة أوجه؛ الأول: رِئْيُهُما، ومعناه: منظرهما، قال تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: 74]، الثاني: زِيُّهُما، ومعناه: لونُهما، الثالث: رئِهُّمُا، قال القاضي: وهو غلطٌ؛ لأنَّ الرَّئِيَّ: التابع من الجن).

[3] (ثم ياء ساكنة): سقط من (ب).

[ج 1 ص 490]

(1/3737)

[باب قول النبي: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال]

قوله: (لاَ يَمْنَعَنَّكُمْ [1] مِنْ سَحُورِكُمْ): هو بفتح السِّين، وقد قدَّمت أنَّ السَّحور_بالفتح_: اسم لما يُؤكَل في السَّحر، وكذا الفَطُور: اسم لما يُفطَر عليه، وبالضَّمِّ: اسم الفعل، وأجاز بعضهم أنْ يكون اسم الفعل بالوجهين، والأوَّل أكثر وأشهر، وقال في «النِّهاية» _وفيه ذكر السَّحور مكرَّرًا في غير موضع_: (هو بالفتح [2]: اسم لما يُتسحَّر به من الطَّعام والشَّراب، وبالضَّمِّ: المصدر والفعل نفسه، وأكثر ما يُروَى بالفتح، وقيل: الصَّواب بالضَّمِّ؛ لأنَّه بالفتح: الطعام، والبركة والأجر والثَّواب في الفعل، لا في الطعام) انتهى.

==========

[1] كذا في هامش (أ) مُصحَّحًا عليه، وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي النُّسخ: (يمنعكم)، وعليها علامة نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي.

[2] زيد في (ج): (أنْ يكون).

[ج 1 ص 490]

(1/3738)

[حديث: كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم]

1918# 1919# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّد، عَنْ عَائِشَةَ): هو بجرِّ (القاسمِ) عطفًا على (نافع)؛ لأنَّ عبيد الله رواه عن نافع عن ابن عمر، وعن القاسم عن عائشة، وقد ضُبِط بالرَّفع، وهو خطأ، وهذا ظاهر إلَّا أنَّ في هذه الأزمان يَقرَأ «صحيح البخاريِّ» وغيرَه مَن لا يعرف الصَّحابيَّ من التَّابعيِّ، وقد سُئِلت مرَّة عن سفيان، وما أدري [1] أهو ابن عيينة أو الثَّوريُّ، أصحابيٌّ هو أم لا؟ وسألني شخص آخر عن وحشيِّ بن حرب، وهذا الشَّخص يقرأ «البخاريَّ»: هل هو صحابيٌّ أم لا؟ وإذا تأمَّلت النَّاس؛ قلتَ: ليتَ هذا الذي وضع هذا الكتاب ذكر ما هو أوضح فيه منه مع دعواهم العريضة، وقد قال شخص بحضوري وهو من أسافل النَّاس في العلم وغيره: إنَّه يحفظ «صحيح البخاريِّ»، وادَّعى آخرُ بحضوري أنَّه يعرف كلَّ حديث في «صحيح البخاريِّ» في كم مكان ذكره، وَوَاللهِ هذان في أوَّل طبقة المبتدئين.

(1/3739)

[باب تأخير السحور]

[ج 1 ص 490]

قوله: (بُابُ تَعْجِيْلِ [1] السَّحُورِ [2]): (السَّحور) [3]: تقدَّم الكلام عليه في ظاهرها [4] وبعيدًا أيضًا، وهو في أصلنا هنا: بفتح السِّين.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (تأخير).

[2] في هامش (ق): (وقال الدَّارميُّ في «مسنده»: «تسحَّروا ولو بجرعة من ماء»، وفي «مسند أحمد» من حديث أبي سعيد الخدريِّ مرفوعًا: «السَّحور كلُّه بركة، فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ... »؛ الحديث من طريقه، وقال شيخنا ابن الملقِّن: إنَّ ابن حبَّان روى من حديث ابن عمر مرفوعًا: «تسحَّروا ولو بجرعة من ماء»، قال: وروى أبو داود في «مراسيله» من حديث ابن محيريز: أنَّه عليه السَّلام كان يستحبُّ السَّحور ولو على جرعة من ماء، انتهى).

[3] (السَّحور): ليس في (ب).

[4] في (ب): (أعلاه).

(1/3740)

[حديث: كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود]

1920# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ عَنْ [1] أبيِ حازِمٍ [2]): كذا في أصلنا، وصوابه: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أبي حَازم، وما في الأصل خطأ لا شكَّ فيه، وتقدَّم ضبط (أبي حَازم)، وقدَّمت قريبًا اسمه، وكذا بعيدًا.

قوله: (أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (السَّحور)؛ بالحاء والرَّاء، قال ابن قرقول: (بالرَّاء، وللكافَّة: (السُّجود)؛ يعني: الصَّلاة، والأُولى _يعني: بالرَّاء_: رواية النَّسفيِّ والمستملي، وصوابه: (السُّجود)؛ بدليل قوله: (أنْ أدرك صلاة الفجر مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ).

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصوَّبًا: (ابن).

[2] في هامش (ق): (صوابه: ابن، وهو عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، وهذا لا شكَّ فيه، والله أعلم، وكذا هو في النُّسخ).

[ج 1 ص 491]

(1/3741)

[باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر]

قوله: (قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السُّحُورِ [1] وَصَلاَةِ الْفَجْرِ): هو بضمِّ السِّين في أصلنا، وفيه ما قد ذكرته في ظاهرها [2]، وكذا: (بَيْنَ [الأَذَانِ] وَالسُّحُورِ [3]).

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (السَّحور).

[2] في (ب): (ذكرته أعلاه).

[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (السَّحور).

[ج 1 ص 491]

(1/3742)

[حديث: تسحرنا مع النبي ثم قام إلى الصلاة]

1921# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ): أنَّه ابن أبي [1] عبد الله الدَّستوائيُّ مُتَرجَمًا [2].

(1/3743)

[باب بركة السحور من غير إيجاب]

(1/3744)

[حديث: لست كهيئتكم إني أظل أطعم وأسقى]

1922# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكِيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته لماذا، وكذا تقدَّم (جُوَيْرِيَةُ): أنَّه ابن أسماء، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى): (أَظَلُّ): بفتح الهمزة والظَّاء المعجمة [1]، ولا يقال: ظلَّ يفعل كذا إلَّا إذا فعله نهارًا، كما لا يقال: بات يفعل كذا إلَّا إذا فعله ليلًا، وسيأتي معنى هذا الحديث قريبًا، و (أُطْعَم وأُسْقَى): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما.

(1/3745)

[باب: إذا نوى بالنهار صومًا]

قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ ... ) إلى آخره: أمَّا (أمُّ الدرداء) هذه؛ فهي الصُغرى، واسمها هُجَيمة، ويقال: جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة الحميريَّة، تابعيَّة، تقدَّمت، وأمُّ (الدَّرداء الكبرى): اسمها خيرة بنت أبي حدرد الأسلميِّ، صحابيَّة [ليست المراد هنا، نزلت الشَّام، وتُوفِّيَت في إمرة عثمان، لها في «مسند أحمد «الصحابيَّة، وأمَّا التابعيَّة؛ فلها في الكتب السِّتَّة] [1]، وليس للصحابيَّة في الكتب السِّتَّة شيء إلَّا ما قاله شيخنا [2] المؤلِّف فيما يأتي في (كِتَاب المرضى) في قوله: (وعادت أمُّ الدرداء رجلًا من أهل المسجد من الأنصار)، ولم يذكرها المِزِّيُّ في «تهذيبه»، ولا الذَّهبيُّ في «تذهيبه»؛ فاعلمه.

وأمَّا (أبو الدَّرداء)؛ فقد تقدَّم أنَّ اسمه عُويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، الخزرجيُّ، حَكيم هذه الأمَّة، تأخَّر إسلامه، أسلم عقب بدر، عنه: ابنه بلال القاضي، وزوجته أمُّ الدَّرداء، وجُبَير بن نُفَير، وأبو إدريس، وخلق، فرض له عمر فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، مات سنة (32 هـ)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وقد تقدَّمت ترجمته مختصرة، ولكن طال العهد بذلك.

قوله: (وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ): هو زيد بن سهل الأنصاريُّ، بدريٌّ كبير، ترجمته معروفة، وهو نقيب، تقدَّمت ترجمته مختصرة، تُوفِّيَ سنة (34 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وأحمد في «المسند»، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم عبد الرَّحمن بن صخر رضي الله عنه، وكذا (ابْنُ عبَّاس): عبد الله البحر والحبر، مشهور التَّرجمة، وكذا (حُذَيْفَةُ): ابن اليماني، معروفون رضي الله عنهم أجمعين.

(1/3746)

[حديث: أن من أكل فليتم أو فليصم]

1924# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي [1]): وفي بعض طرقه: (رجلًا من أسلم) [خ¦2007]: هذا الرَّجل هو [2] هند بن أسماء الأسلميُّ، وقال ابن طاهر: أسماء بن حارثة، والله أعلم [3]، وقد ذكره ابن بشكوال وابن طاهر من حديث سلمة ابن الأكوع الرَّاوي هنا، وسيأتي في آخر (الصَّوم) بما فيه إنْ شاء الله تعالى.

قوله: (يَوْمَ عَاشُورَاءَ): (يوم عاشوراء): اختُلِف فيه أيُّ يوم هو، والأصحُّ: أنَّه عاشر المحرَّم، وهو بالمدِّ والقصر، مشهور.

==========

[1] في هامش (ق): (حاشية: هذا الرجل: قال ابن بشكوال: هو هند بن أسماء، وصوابه: هند أخو أسماء).

[2] زيد في (ب): (من أسلم)، وهو تكرارٌ.

[3] زيد في (ب): (قوله)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[ج 1 ص 491]

(1/3747)

[باب الصائم يصبح جنبًا]

(1/3748)

[حديث: أن رسول الله كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله]

1925# 1926# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): هو بضمِّ السِّين المهملة [1]، وفتح الميم، وتشديد الياء؛ بوزن (عُلَيٍّ) المُصغَّر، وهو مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، كما هنا، تقدَّم ببعض ترجمة.

قوله: (وَأُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم قريبًا أنَّها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتقدَّمت أيضًا بعيدًا.

قوله: (فَقَالَ [2] مَرْوَانُ): تقدَّم أنَّه ابن الحكم الخليفة، وقدَّمت بعض ترجمته، وأنَّه ليس بصحابيٍّ.

قوله: (لَتَقْرَعَنَّ [3] بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ): قال في «المطالع»: (بفتح التَّاء؛ أي: لتردعنَّه، يقال: قَرِع الرَّجل؛ إذا ارتدع، أو يكون معناه: لتفجأنَّه بذكرها، وهو كالصَّك [4] له، والضَّرب منه، ومنه: قرع الباب والعصا، والأَوجه [5] عندي أن يكون بضمِّ التَّاء، وكسر الرَّاء، رباعيٌّ؛ ومعناه: تغلبه وتظهر عليه بالكلام، يقال منه: أقرعتَه؛ إذا قهرتَه بكلامك) انتهى، ولابن الأثير نحوُه، قال في «المطالع»: قال صاحب «الأفعال»: ويحتمل أنْ يكون (لتُقْرِعَنَّ بها أبا هريرة): من التَّقريع؛ وهو التَّوبيخ) انتهى، وفي طرَّة أصلنا: (لتُفَزِّعنَّ)؛ بالفاء والزَّاي، من التفزيع الذي هو التَّخويف [6].

قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّم ضبطها، وأنَّها الميقات، وكم بينها وبين المدينة من مِيل، وغلط مَن غلط في مسافتها.

قوله: (كَذَلِكَ [7] حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عبَّاس [8]، وَهُوَ أَعْلَمُ): كذا في أصلنا، اعلم أنَّ في «البخاريِّ» و «مسلم» ردَّ ذلك أبو هريرة للفضل بن العبَّاس [9]، وفي «النَّسائيِّ» ردَّ ذلك إلى أسامة بن زيد، فقال: (أخبرنيه أسامة بن زيد)، وفي رواية أخرى: (أخبرنيه [10] مُخبِر)، وفي رواية أخرى: (أخبرنيه فلان وفلان)، فيحتمل أنَّه سمعه من الفضل وأسامة، فتارة صرَّح بذا، وتارة صرَّح بذا، وتارة [كنَّى عنهما، وتارة كنَّى عن أحدهما، والله أعلم] [11].

[ج 1 ص 491]

(1/3749)

قوله: (وَهُوَ أَعْلَمُ): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وقد عُمِل بالحمرة فوقها: (وهما)، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: (وهما أعلم)، ويؤيِّد هذه ما في «مسلم»: (هما قالتا ذلك؟ قال: نعم، قال أبو هريرة: هما أعلم)، ورجع عن قوله، ولا شكَّ أنَّهما أعلم بذلك من غيرهما من الرِّجال، وعائشة أفقه من الفضل وأعلم، وفي نسخة عتيقة في الأصل: (وهو أعلم)، وفي الطُّرَّة: (وهنَّ أعلم) نسخة.

قوله: (وَقَالَ هَمَّامٌ وَابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (همَّام)؛ فالظَّاهر أنَّه ابن مُنبِّه بن كامل اليماني الأبناويُّ؛ وذلك أنِّي لا أعلم أحدًا اسمه همَّام يروي عن أبي هريرة في الكتب السِّتَّة أو بعضها سواه، ولم أرَ حديثه الذي أشار إليه البخاريُّ في شيء من الكتب السِّتَّة، والله أعلم [12].

وأمَّا (ابن عبد الله بن عمر)؛ فالظَّاهر أنَّه عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، كذا في أصلنا من غير تردُّد، ويحتمل أنْ يكون في نفس الأمر عُبيد الله بن عبد الله [13] بن عمر بن الخطَّاب؛ لما سأذكره، روى حديث عبد الله النَّسائيُّ في (الصَّوم): عن مُحَمَّد بن عبد الملك _هو ابن زنجويه_ عن بشر بن شعيب بن [14] أبي حمزة، عن أبيه، عن الزُّهريِّ، عن عبد الله به، ورواه: عُقَيل، عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبي هريرة، أخرجه النَّسائيُّ أيضًا فيمن أصبح جنبًا في رمضان [15] قال: (فلقيت أبا هريرة، فقال [16]: يفطر، إنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كان يأمرنا بالفطر إذا أصبح الرَّجل جنبًا، قال: فجئت عبد الله _يعني: ابن عمر_، فذكرت له [17] الذي أفتاني أبو هريرة ... )؛ الحديث، النَّسائيُّ في (الصَّوم): عن عبد الملك بن شعيب بن اللَّيث بن سعد، عن أبيه [18]، عن جدِّه، عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ به.

قوله: (وَالأوَّل أَسْنَدُ [19]): قال شيخنا في «شرحه»: أي: أظهر إسنادًا وأبينُ في الاتِّصال، نقله ابن التِّين عن أبي الحسن بعد أنْ قال: إسنادُ الحديث رفْعُه إلى قائله، وهذان قد رفعاه إلى قائلهما [20]، والله أعلم، والذي كنت أفهمُه من قوله: (والأوَّل أسند)؛ أي: أصحُّ إسنادًا، أو أقوى إسنادًا، والله أعلم [21]، ولا شكَّ أنَّه أقوى إسنادًا، وقد ذكرت لك إسناد عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة، وإسناد عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة [22] أعلاه، والله أعلم.

(1/3750)

فائدة: قال الدِّمياطيُّ: قال الخطَّابيُّ: كأنَّ أبا [23] هريرة لم يعلم بالنَّسخ، فلمَّا سمع خبر عائشة وأمِّ سلمة؛ صار إليه، انتهى، ويؤيِّد هذا ما ذكرته آنفًا [24] من عند مسلم أنَّه رجع، واعلم [25] أنَّه أجيب عن حديث أبي هريرة بثلاثة أجوبة؛ أحدها: قاله ابن المنذر [26]، كما نقله عنه البيهقيُّ: أنَّ حديث أبي هريرة منسوخ، وكان أوَّلَ الأمر حين كان الجماعُ محرَّمًا في اللَّيل بعد النَّوم [27]، كما كان الطَّعام والشَّراب، ثمَّ نُسِخ، ولم يعلم أبو هريرة، فكان يفتي بما علمه حتَّى بلغه النَّاسخُ، فرجع إليه، قال ابن المنذر: وهذا أحسنُ ما سمعتُ فيه، وهذا قد تقدَّم، والثَّاني: محمول على مَن أدركه الفجر مُجامِعًا، فاستدام عالمًا؛ فإنَّه [28] يفطر، فلا صوم له، الثَّالث: أنَّه أشار إلى الأفضل، فالأفضل أنْ يغتسل قبل الفجر، ولو خالف؛ جاز.

فإنْ قيل: يقولون: إنَّ الاغتسال قبل الفجر أفضل، وقد ثبت عنه عليه الصَّلاة والسَّلام خلافه.

والجواب: أنَّه فعله؛ لبيان الجواز، ويكون في حقِّه أفضل؛ لأنَّه يتضمَّن البيان في حقِّه، وهو مأمور به، وله نظائر، والله أعلم، وعنه أجوبة أخرى غير ما ذكرتُ.

(1/3751)

[باب المباشرة للصائم]

(1/3752)

[حديث: كان النبي يقبل ويباشر وهو صائم]

1927# [قوله: (عَنْ شُعْبَةَ [1]، عَنِ الحَكَمِ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (سعيد) عوض (شعبة)، وهو سعيد بن أبي عَروبة، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»؛ فرأيته ذكر هذا الحديث: عن شعبة، عن الحكم، ليس غير، فالصَّواب إذن: شعبة، لا سعيد، والله أعلم] [2].

قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عُتيبة [3] القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا، وغلطُ البخاريُّ فيه، والله أعلم، [وكذا تقدَّم (إِبْراهيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ] [4]، وكذا تقدَّم (الْأَسَوْد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ): أي: لحاجته؛ يعني: أنَّه كان غالبًا لهواه، أكثر المُحدِّثين كما قاله ابن الأثير: يروونه بفتح الهمزة والرَّاء؛ يعنون: الحاجة، وبعضهم يرويه: بكسر الهمزة، وسكون الرَّاء، وله تأويلان؛ أحدهما: الحاجة يقال فيها: الأرَبُ، والإِرْبة، والمأرُبة، والثَّاني: أنَّها أرادت العضو، وعنت من الأعضاء الذكر خاصَّة، وقد تقدَّم.

قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: {مَآرِبُ} [طه: 18]: حَاجَةٌ): كذا في أصل من أصولنا: بكسر الرَّاء، وفي أصلنا الذي سمعنا [5] على العراقيِّ: (مأرَب)؛ بفتح الرَّاء، وكذا أحفظه أنا، والحاجة يقال لها: مأرُبة: مثلَّثة الرَّاء، والظَّاهر أنَّ (مأرب) مثلها مثلَّثة الرَّاء، قال شيخنا: وبخطِّ الدِّمياطيِّ في حاشية أصله: الصَّواب: (حاجات أو حاج) انتهى، والظَّاهر: أنَّ عند الدِّمياطيِّ: {مَآرِبُ}: حاجات أو حاج؛ جمعان [6]، ويكون ذلك تفسيرًا للقرآن في قوله: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (ابن أبي عروبة).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] في (ب): (عتبة)، وهو تحريفٌ.

[4] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (وكذا تقدَّم «الأسود» ... النخعي).

[5] زيد في (ج): (فيه).

[6] (أو حاج جمعان): سقط من (ج).

[ج 1 ص 492]

(1/3753)

[باب القبلة للصائم]

قوله: (وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ): هذا هو أبو الشَّعثاء الأزديُّ اليحمديُّ الخَوفيُّ البصريُّ، والخَوف: ناحية بعُمان، وقيل: درب الخَوف بالبصرة، من أئمَّة التَّابعين، صحب ابن عبَّاس وأكثر عنه، وعن معاوية، وابن عمر، وابن الزُّبير، وعنه: قتادة، وعمرو بن دينار، ويعلى بن مسلم، وآخرون، تُوفِّيَ سنة (93 هـ)، وقال [ابن سعد: (103 هـ)، والأوَّل أصحُّ، أخرج له الجماعة، أثنى عليه ابن عبَّاس وغيره.] [1]

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 492]

(1/3754)

[حديث: إن كان رسول الله ليقبل بعض أزواجه وهو صائم]

1928# [قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو] [1] ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: («ح»): تقدَّم الكلام على (ح) في أوَّل هذا التَّعليق كتابةً وقراءةً، فأغنى ذلك عن إعادته.

قوله: (لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، ثمَّ ضَحِكَتْ): المقبَّلَة لعلَّها عائشة رضي الله عنها، ولذلك ضحكت، وسيجيء من حديث أمِّ سلمة: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يُقبِّل أمَّ سلمة أيضًا وهو صائم)، فيحتمل أنَّها أخبرت عنها، ويحتمل أنْ يكون عن غيرهما، والله أعلم.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 492]

(1/3755)

[حديث: بينما أنا مع رسول الله في الخميلة إذ حضت فانسللت]

1929# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1]): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ، تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا مرَّة مُتَرجَمًا، ومن جملة ترجمته أنَّ أحمد ابن حنبل قال: ما رأت عيناي مثل يحيى بن [سعيد] القطَّان.

قوله: (عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ): هذا هو الدَّستوائيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُترجَمًا [2]، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي [3] كَثِيرٍ)؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ [4] أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا): أمَّا (زينبُ) هذه؛ فأبوها أبو سلمة، وهي ربيبته عليه الصَّلاة والسَّلام، وأبوها تقدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أمُّه: برَّة بنت عبد المُطَّلب، وهو أخو النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ من الرَّضاعة، روت زينب عن أمِّها وغيرها، وعنها: عروة وأبو سلمة، تُوفِّيَت سنة (73 هـ)، أخرج لها الجماعة رضي الله عنها، وأمُّها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة تقدَّمت، أمُّ المؤمنين.

[ج 1 ص 492]

قوله: (فِي الْخَمِيلَةِ): هي بفتح الخاء المعجمة، وكسر الميم: كساء ذو خمل، وهي كالقطيفة، أو هي هي، وقد تقدَّمت.

قوله: (حِيْضَتِي): قال ابن قرقول: بكسر الحاء قيَّدناه عن أهل الإتقان: وهي الحالة التي [5] هي [6] عليها، وقد تقدَّم ذلك.

قوله: (مَا لَكِ؟ أَنفِسْتِ؟): تقدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ النُّون مفتوحة ومضمومة.

(1/3756)

[باب اغتسال الصائم]

قوله: (فأُلقِيَ [1] عَلَيْهِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (فألقاه).

قوله: (وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ): (الشَّعبيُّ): تقدَّم أنَّه بفتح الشِّين، وهو عامر بن شراحيل، تقدَّم.

قوله: (الْحَمَّامَ): هو مشدَّد، وهو مذكَّر عند العرب، مشتقٌّ من الحميم؛ وهو الماء الحارُّ، وقد قدَّمت أنَّ الحميم من الأضداد عن الصَّغانيِّ، و (الحمَّام): مذكَّر بالاتِّفاق، ورأيت أنَّ بعض النُّحاة ذكر الحمَّام، فقال: دخلتها، فقيل له: إنَّ الحمَّام مُذكَّر، فقال: أردتُ حمَّام النِّساء.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، مشهور التَّرجمة.

قوله: (مُتَرَجِّلًا): أي: متسرِّحًا، وقد تقدَّم.

قوله: (إِنَّ لِي أَبْزَنَ [2]): هو بالموحَّدة، والزَّاي، والنُّون، وهو بفتح الهمزة، وسكون الباء، كذا بخطِّ الدِّمياطيِّ بالقلم، ولا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وهو مصروف في أصلنا الدِّمشقيِّ، وصرفه لغة، وقال شيخنا الشَّارح: وضبطه غيره بالكسر، وعلى أفواه الأطبَّاء الضَّمُّ، انتهى، وقال المحبُّ الطَّبريُّ: (والأَبْزَن؛ بفتح الهمزة وكسرها، وسكون الباء الموحَّدة، وزاي بعدها مفتوحة، ثمَّ نون: شبه الحوض الصغير، وهي كلمة فارسيَّة) انتهى، وقال ابن قرقول: (والأبْزَن: كلمة فارسيَّة، وهو مثل الحوض الصغير، أو القصريَّة الكبيرة من فخار ونحوه، قاله ثابت، وقيل: هو حجر منقور؛ كالحوض الصَّغير، أو كالقِدر يُسخَّن فيه الماء، قال القاضي: وليس هذا بشيء، وفقه الحديث: أنَّه كان يتبرَّدُ فيه وهو صائم يستعين على حرِّ العطش، وهو قول كافَّة العلماء، وكرهه بعضهم حتَّى كره إبراهيم النَّخعيُّ للصائم أنْ يبلَّ ثوبه من الحرِّ) انتهى، وفي أصلنا: بكسر الهمزة، وكسر الزَّاي وفتحها بالقلم، ولم أر كسر الزَّاي؛ فيُحرَّر [3].

قوله: (أَتَقَحَّمُ [4] فِيْهِ): أي: أُلقِي نفسي فيه، والتَّقحُّم [5]: الدُّخول في الشيء من غير رَويَّة.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنِ ازْدَرَدَ): (عطاء) هذا: هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): هذا هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد ذكرت أولاد سيرين؛ الذُّكور والإناث فيما تقدَّم.

(1/3757)

قوله: (وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الميم الثَّانية، رباعيٌّ، وفي نسخة: (تَمَضمَض)؛ بفتح التَّاء، وفتح الميمين، محذوف إحدى التَّاءين.

[قوله: (وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ): أمَّا (أنس)؛ فهو ابن مالك الخادم رضي الله عنه، مشهور، وأمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور] [6].

(1/3758)

[حديث: كان النبي يدركه الفجر جنبًا في رمضان]

1930# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هذا أحمد بن صالح، أبو جعفر ابن الطَّبريِّ، الحافظ المصريُّ، سمع ابن عيينة وابن وهب، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وابن أبي داود، وآخرون، كتب عن ابن وهب خمسين ألف حديث، قال صالح جزرة: كان رجلًا جامعًا يحفظ، ويعرف الفقه، والنَّحو، والحديث، مات سنة (248 هـ)، وهو ثبت في الحديث، أخرج له البخاريُّ وأبو داود، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، قال في ترجمته الذَّهبيُّ [1]: (آذى النَّسائيُّ نفسَهُ بكلامه فيه) انتهى.

تنبيه: اعلم أنَّ الجارح [2] وإن كان إمامًا معتمدًا في ذلك، فربَّما أخطأ فيه، كما جرَّح [3] النَّسائيُّ أحمد بن صالح المصريَّ بقوله: (غير ثقة ولا مأمون)، وهو ثقة إمام حافظ، احتَجَّ به البخاريُّ في «صحيحه»، وقال: (ثقة، ما رأيت أحدًا يتكلَّم فيه بحُجَّة)، وكذا وثَّقه أبو حاتم الرَّازيُّ، والعجليُّ، وآخرون، وقد قال [4] أبو يعلى الخليليُّ: اتَّفق الحُفَّاظ على أنَّ كلام النَّسائيِّ فيه تحامُل [5]، ولا يقدح كلامُ أمثاله فيه، وقد بيَّن ابن عديٍّ سبب كلام النَّسائيِّ فيه، وقد ذكر ابن دقيق العيد أبو الفتح تقيُّ الدِّين القشيريُّ الوجوه التي تدخل الآفَّة منها في ذلك، وهي خمسة: الهوى والغرض، وهو شرُّها، وهو في تواريخ المتأخِّرين [6] كثير، الثاني: المخالفة في العقائد، والثالث: الاختلاف بين المتصوِّفة وأهل علم الظَّاهر، والرَّابع: الكلام بسبب الجهل بمراتب العلوم، وأكثر ذلك في المتأخِّرين؛ لاشتغالهم بعلوم الأوائل، وفيها الحقُّ؛ كالحساب، والهندسة، والطِّبِّ، وفيها الباطل؛ كالطبيعيَّات، وكثير من الإلهيَّات، وأحكام النُّجوم، والخامس: الأخذ بالتوهُّم مع عدم الورع، هذا حاصل كلامه، وقد عقد ابن عبد البَرِّ في (كِتَاب العلم) بابًا لكلام الأقران المتعاصرين بعضهم في بعض، ورأى أنَّ أهل العلم لا يُقبَل جَرحُهم إلَّا ببيان واضح.

سؤال: وهو أنَّه إذا نُسب مثل النَّسائيِّ وهو إمام حجَّة في الجرح والتَّعديل إلى مثل هذا، فكيف يوثق بقوله في ذلك؟

فأجاب أبو عمرو بن الصَّلاح: بأنَّ عين السُّخط تُبدي مساوِئَ لها في الباطن مخارج صحيحة تعمى عنها بحجاب السُّخط، لا أنَّ ذلك يقع من مثله تعمُّدًا لقدح يعلم بطلَانَه، والله أعلم.

(1/3759)

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِي بَكْرٍ): أمَّا (عروة)؛ فهو ابن الزُّبير بن العوَّام بن خويلد بن أسد، أحد الأعلام، وأحد الفقهاء السَّبعة، وأمَّا (أبو بكر)؛ فهو ابن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، أحد الفقهاء السَّبعة على قول، عن أبي هريرة وعائشة، وعنه: أولاده

[ج 1 ص 493]

والزُّهريُّ، وُلِد زمن عمر رضي الله عنه، وكُفَّ بأخرة، وكان من سادات قريش، ويُسمَّى الرَّاهبَ، يقال: اسمه مُحَمَّد، وقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرَّحمن، مات سنة (94 هـ)، أخرج له الجماعة، كان ثقةً فقيهًا عالمًا سخيًّا [7] كثير الحديث.

قوله: (مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ [8]): قال ابن قرقول: (بجزم اللَّام؛ أي: لا من حلم المنام، وهو الاحتلام، وليس فيه إثبات أنَّه كان يحتلم، وقد نفاه عنه بعضُ النَّاس؛ لأنَّه من الشَّيطان، ولأنَّه لم يُروَ عنه أثرٌ في ذلك، وقد يحتمل جوازه عليه، ولا يكون من الشَّيطان، لكن من الطَّبع البشريِّ عند اجتماع الماء، والبُعد من النِّساء، والحلم؛ بضمِّ اللَّام أيضًا وبسكونها: رؤيا النَّوم، والفعل منه: حلَم؛ بفتح اللَّام) انتهى، فقوله: (لم يرو عنه أثرٌ في ذلك): إنْ كان مرادُه: أثرًا صحيحًا؛ فنعم، وإن أراد شيئًا بالكليَّة؛ فيُرَدُّ عليه ما في «الطَّبرانيِّ» من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما رفعه: «ما احتلم نبيٌّ قطُّ، إنَّما الاحتلام من الشَّيطان»، قال شيخنا المؤلِّف في بعض مُؤلَّفاته التي قرأتها عليه: (ضعَّفه ابن دحية في كتابه المُسمَّى بـ «الآيات البيِّنات») انتهى، والمقالتان اللَّتان أحدهما منقولة والثَّانية احتمال هما محكيِّتان عند الشَّافعيَّة أيضًا، قال النَّوويُّ في «الرَّوضة»: (والأشهر امتناع الاحتلام عليهم عليهم الصَّلاة والسَّلام) انتهى.

==========

[1] (الذهبي): سقط من (ج).

[2] في (ب): (الخارج)، وهو تصحيفٌ.

[3] في (ب) و (ج): (خرج)، وهو تصحيفٌ.

[4] في (ب): (فقال).

[5] في (ب): (تحليل)، ولعلَّه تحريفٌ.

[6] في (ج): (المتكلمين).

[7] (سخيًّا): ليس في (ج).

[8] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة»: (حُلُم)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

(1/3760)

[حديث: أشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبًا]

1931# 1932# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن أبي أويس عبد الله، تقدَّم مرارًا، وأنَّه ابن أخت الإمام [1] مالك [2] شيخ الإسلام، وأحد الأعلام.

قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا ضبطه، وأنَّه وزان (عُلَيٍّ) المُصغَّر، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحمن): هو ابن الحارث بن هشام بن المغيرة مولاه، وهو الذي قدَّمته أعلاه مُتَرجَمًا.

قوله: (عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وقدَّمت بعض ترجمتها، وأنَّها [3] تُوفِّيَت بعد السِّتِّين على الصَّحيح، وأنَّها آخر أمَّهات المؤمنين وفاةً رضي الله عنهنَّ.

==========

[1] (الإمام): ليس في (ج).

[2] في (ب): (مالك الإمام).

[3] في النُّسخ: (وأنَّه)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 494]

(1/3761)

[باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا]

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (إِنِ اسْتَنْثَرَ): تقدَّم الكلام في (الوضوء) على الاستنشاق والاستنثار، وأنَّ بعضهم قال: إنَّهما واحد، وهذا مقتضى كلام عطاء هنا، وأنَّ الصَّحيح: أنَّ الاستنشاق: إدخالُ الماء بالنَّفَس في الأنف، والاستنثار: إخراجه من الأنف بالنَّفَس، ولهذا غاير بينهما في حديث مُتقدِّم [1] في «الصَّحيح»، فقال: (استنشق، واستنثر) [خ¦164].

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العَلَم [2] المشهور.

قوله: (وَمُجَاهِدٌ): تقدَّم أنَّه ابن جَبْر أبو الحجَّاج الإمام، تقدَّم بعض ترجمته، وهو أشهر مِنْ أنْ يُذكَر.

(1/3762)

[حديث: إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه]

1933# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن حسَّان القُردوسيُّ _وقُردوس: بطن من الأزد؛ بالقاف_ الأزديُّ [1] مولاهم [2]، الحافظ، عن الحسن وابن سيرين، وعنه: القطَّان، وأبو عاصم، والأنصاريُّ، مات في صفر سنة (148 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد العجليُّ: ثقة حسن الحديث، وقال أبو حاتم [3]: صدوق، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، وقد قدَّمت أولاد سيرين؛ الذُّكور والإناث، ومَنْ روى منهم، والله أعلم.

(1/3763)

[باب سواك الرطب واليابس للصائم]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ): (يُذكَر): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ولم يكن على شرطه في «الصَّحيح»، فلهذا ذكره بصيغة تمريض، وحديثه أخرجه أبو داود والتِّرمذيُّ، وقال: (حسن) انتهى، في سنده فيهما: عاصم بن عُبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العدويُّ، روى عنه: شعبة ومالك، ثمَّ ضعَّفه، وقال يحيى: ضعيف لا يُحتَجُّ به، وقال ابن حبَّان: كثير الوهم فاحش الخطأ فتُرِك [1]، وقال أحمد: قال ابن عيينة: كان الأشياخ يتَّقون حديث عاصم بن عبيد الله، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، ذَكر له في «الميزان» حديثين مُنكَرين، ليس هذا منهما، فلهذا لم يُخرِّجِ البخاريُّ حديثه، أخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه.

و (عامر بن ربيعة): بن كعب بن [2] مالك في نسبه اختلاف، وهو من عنْز بن وائل، ومنهم مَن نسبه إلى مِذْحَج؛ وهو حليف الخطَّاب أبي عمر، أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، وشهد بدرًا، وقد روى عنه: ابنه عبد الله وعبد الله بن عمر، مات قبيل عثمان، وفي «التذهيب»: مات سنة (33 هـ)، وقيل: سنة (32 هـ)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند» رضي الله عنه.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ): أمَّا (عطاء)؛ فهو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأمَّا (قتادة)؛ فهو ابن دِعامة، إمام مشهور التَّرجمة [3].

قوله: (عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ): هو بضمِّ الواو الفعلُ، وقد تقدَّم أنَّ الفعل بالضَّمِّ، وأنَّ الماء بالفتح، وتقدَّم ما فيه من اللُّغات.

قوله: (وَيُرْوَى نَحْوُهُ [4] عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (يُروَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (نحوُه): مرفوع نائب مناب الفاعل، و (جابر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (زيد بن خالد): هو الجُهنيُّ، شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، تُوفِّيَ سنة (78 هـ)، وله (85) سنة، والله أعلم، أخرج لهما الجماعة.

(1/3764)

قوله: (وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ): اعلم أنَّ هذا هو الذي يترجَّح من حيث الدَّليل، ومذهب الشَّافعيِّ: أنَّه لا يُكرَه إلَّا للصائم بعد الزَّوال؛ لقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «لخُلوف فم الصَّائم أطيب عند الله من ريح المسك»، أخرجه البخاريُّ ومسلم، وانفرد مسلم: «يوم القيامة»، وتزول [5] الكراهة بالغروب، كما هو مفهوم كلامهم، قال النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب»: قال أبو عيسى التِّرمذيُّ في (كِتَاب الصِّيام) عن الشَّافعيِّ: إنَّه لم ير بالسِّواك [6] للصَّائم بأسًا أوَّل النَّهار وآخره، وهذا النَّقل غريب وإنْ كان قويًّا من حيث الدَّليل، وبه [7] قال المزنيُّ وأكثر العلماء، وهو المختار، والمشهور فيه الكراهة، وأمَّا كونه مكروهًا بعد الزَّوال؛ ففي «الأمِّ»، وفي (الصَّيام) من «مختصر المزنيِّ» وغيره: (وأطبق عليه أصحابنا) انتهى.

[ج 1 ص 494]

==========

[1] في (ب) و (ج): (فنزل).

[2] زيد في (ب): (أخت)، وليس بصحيحٍ.

[3] (الترجمة): ليس في (ج).

[4] في (ب): (عنه)، وهو تحريفٌ.

[5] في (ب): (ويرون)، وهو تحريفٌ.

[6] (بالسواك): سقط من (ب).

[7] (وبه): سقط من (ج).

(1/3765)

[حديث: من توضأ وضوئي هذا ثم يصلي ركعتين]

1934# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولِمَ لُقِّب (عبدان).

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، أحد الأعلام رحمة الله عليه [1]، وكذا تقدَّم (مَعْمَرٌ): أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة ساكنة، وهو ابن راشد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ حُمْرَانَ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وهو من النَّمِر بن قاسط بن أبان، ويقال غير ذلك، من سبي عين التَّمر، عن مولاه عثمان، وعنه: عروة وزيد بن أسلم، وكان كاتب عثمان وحاجبه، ووُلِّي إمرة سابور زمن [2] الحجَّاج، تُوفِّيَ بعد سنة (75 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد ذكره ابن سعد في «الطبقات»، فقال: لم أرهم يحتجُّون به، وقد أورده البخاريُّ في «الضُّعفاء» لكن ما قال: ما يليِّنه قطُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (إِلَى الْمرْفقِ): تقدَّم أنَّه بكسر الميم، وفتح الفاء، وبالعكس، معروف.

قوله: (وُضُوئِي هَذَا): وكذا الثَّانية [3] تقدَّم أنَّ الوُضوء؛ بالضَّمِّ الفعل _كهذا [4]_، وبالفتح الماء، وقد تقدَّم ما فيه من اللُّغات.

قوله: (لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا [5]): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه جاء في رواية: (بشيء [6] من أمر الدُّنيا)، كما عزوتها هناك؛ فانظرها.

==========

[1] في (ب): (رحمه الله).

[2] في (ج): (من).

[3] (وكذا الثانية): ليس في (ج).

[4] في (ج): (هكذا).

[5] في (ج): (فيهما نفسه)، وعليهما في (أ) علامة تقديم وتأخير.

[6] (بشيء): ليس في (ج).

قوله: (مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): تقدَّم الكلام عليه.

[ج 1 ص 495]

(1/3766)

[باب قول النبي: إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء]

قوله: (بِمَنْخِرِهِ مِنَ [1] الْمَاءَ): المَنخِر: تقدَّم أنَّه بفتح الميم، وكسر الخاء: ثقب الأنف، وقد تُكسَر الميم؛ إتباعًا لكسرة الخاء كـ (مِنتِن)، وهما نادران؛ لأنَّ مِفْعِلًا: ليس من الأبنية، والمنخور: لغةٌ في المَنْخر.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

قوله: (بِالسَّعْوطِ): هو بفتح السِّين، وضمِّ [2] العين، وبالطَّاء المهملات: الدَّواء يُصبُّ في الأنف.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي مكَّة.

قوله: (وَلَا يَمْضغُ): يجوز في (يمضغ) في ضاده الفتح والضَّمُّ؛ لغتان نقلهما الجوهريُّ.

قوله: (وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ): (يُنهَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[1] كذا في النُّسخ، و (من) ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في النُّسخ: (إسكان)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 495]

(1/3767)

[باب: إذا جامع في رمضان]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [1] رَفَعَهُ: مَنْ أَفْطَرَ ... ) إلى آخره: (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذه صيغة تمريض؛ لأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطه، وقد أخرجه الأربعة من حديث يزيد بن المُطَوَّس عن أبيه، قال البخاريُّ في «تاريخه»: (تفرَّد به ابن المُطوَّس، ولا يُعرَف له غيره، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا؟)، قال التِّرمذيُّ بعد أن رواه بلفظ: «من غير رخصة ولا مرض، لم يقضه عنه صيام الدَّهر كلِّه وإن صامه»: هذا حديث لا نعرفه [2] إلَّا من هذا الوجه، وسمعت مُحَمَّدًا يقول: أبو المُطوَّس يزيد بن المُطوَّس، ولا أعرف له غير هذا الحديث، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (أبو المطوَّس عن أبيه اسمه [3] يزيد بن مطوَّس، ضُعِّف، روى عنه: حبيب بن أبي ثابت، تفرَّد عنه بحديثه [4] عن أبيه عن أبي هريرة رفعه: «من أفطر يومًا من رمضان ... »؛ الحديث، ولا يُعرَف لا هو ولا أبوه) انتهى، وللنَّاس كلام في هذا الرجل وأبيه، ويكفي هذا في ردِّه، قال الدِّمياطيُّ: (رواه التِّرمذيُّ، وأبو داود، والدَّارقطنيُّ من حديث يزيد بن المطوَّس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال البخاريُّ في «التاريخ» [5]: تفرَّد به ابن المطوَّس عن أبيه، ولا يُعرَف له غيره، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا؟) انتهى، والذي ظهر لي أنَّ الدِّمياطيَّ قال: (رواه التِّرمذيُّ، وأبو داود، وابن ماجه)؛ فظنَّ النَّاقل أنَّ رمز (ق) للدَّارقطنيِّ، وإنَّما هو لابن ماجه، وهو قزوينيٌّ، وقد وقع للناقل عنه مثل هذا في غير مكان، والله أعلم.

ولمَّا طرَّفه المِزِّيُّ، وعزاه لـ «السُّنن الأربعة»؛ قال: رواه كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن أبي المُطوَّس، عن أبي هريرة، ولم يتابعه أحدٌ على هذا القول، انتهى، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسيّبِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المسيَّب؛ لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وتقدَّم الكلام في (الشَّعْبِي): أنَّه بفتح الشِّين المعجمة، وأنَّه عامر بن شراحيل، و (ابْن جُبَيْرٍ): هو سعيد بن جبير، الإمام الكوفيُّ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيمُ): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ الإمام، وكذا تقدَّم (قَتَادَةُ): أنَّه ابن دِعامة، وكذا (حمَّاد): الظَّاهر أنَّه ابن زيد، وهو مشهور التَّرجمة.

(1/3768)

[حديث: إن رجلًا أتى النبي، فقال: إنه احترق. قال: مالك]

1935# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تقدَّم أنَّ مُنِيْرًا بضمِّ الميم، ثمَّ نون مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... ) إلى آخره: هذا الرجل هو سلمة بن صخر البياضيُّ، وهو المجامع في رمضان، كذا قاله ابن بشكوال فيما ذكر ابن أبي شيبة في «مسنده»، وعند ابن الجارود: سلمان بن صخر، ولعلَّه المظاهر في رمضان، كذا ذكره شيخنا المؤلِّف، والذي في «ابن بشكوال»: (أنَّ رجلًا أفطر في رمضان، فأمره عليه الصَّلاة والسَّلام أن يُكفِّر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستِّين مسكينًا)، وسمَّاه سلمةَ بن صخر البياضيَّ، وساق له حجَّة، وأظنُّها من ابن الجارود، وقد رأيته في [1] «مسند أحمد» من حديثه، وقوله: (ولعلَّه هو المظاهر في رمضان): كذلك ذكره في «المُهذَّب» في (الظِّهار [2] المؤقَّت)، وأقرَّه عليه النَّوويُّ في «تهذيبه» وفي «مبهمات أبي زُرْعة» ابنُ شيخنا الحافظ العراقيِّ ما لفظه: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أنَّ رجلًا جامع في رمضان،

[ج 1 ص 495]

(1/3769)

فأمره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أن يُكفِّر بعتق رقبة ... )؛ الحديث، هو سلمة بن صخر البياضيُّ، «ب» [3]، كذا في «مسند ابن أبي شيبة»، و «منتقى ابن الجارود»، ويقال فيه: سلمان بن صخر، ذكره ابن السَّكن، انتهى، رقم ابن شيخنا عليه: (طب)؛ أي: اتَّفق عليه ابن طاهر وابن بشكوال، وأمَّا رقم (ب)؛ يعني: انفرد به ابن بشكوال، انتهى، وكونه سلمان بن صخر هو في «التِّرمذيِّ» في (الظِّهار)، انتهى، ولمَّا ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ؛ قال: (وهكذا مُتعقَّب، فسلمة إنَّما ظاهر عن زوجته في رمضان، ورأى خلخالها، قال: ولا حجَّة فيما أورده عبد الغنيِّ بما زعم أنَّه يدلُّ على ذلك؛ فليراجع من كلامهِ، ثمَّ ذكر كلام ابن بشكوال: أنَّ رجلًا أفطر في رمضان، قال: هو سلمة بن صخر البياضيُّ، وعزاه إلى «المنتقى» لابن الجارود، و «مسند ابن أبي شيبة» قال: (ويقال فيه أيضًا [4]: سلمان) انتهى، [ورأيت في نسخة صحيحة من «المصابيح» للبغويِّ في (بَاب المُطلَّقة ثلاثًا) في قسم الحسان: (أنَّ اسمه سليمان، وأظنُّ أنَّي رأيته في كلام بعض النَّاس، ولم أعلم أحدًا من الصَّحابة اسمه سليمان بن صخر؛ إنَّما أعرف القولين في اسمه: سلمة بن صخر _وهو الأصحُّ_ أو سلمان؛ بغير ياء)، والله أعلم] [5].

قوله: (أَصَبْتُ أَهْلِي): أهله: امرأته، ولا أعلم اسمها.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّبيُّ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهر، لم يذكر مَن أتاه به، والذي أتاه به في (ظهار) «التِّرمذيِّ» أنَّه فروة بن عمرو.

(1/3770)

قوله: (بِمِكْتَلٍ يُدْعَى الْعَرَقَ): المِكْتَل؛ بكسر الميم، وإسكان الكاف، وفتح المثنَّاة فوق [6]، ثمَّ لام: الزِّنبيل؛ بكسر الزَّاي، وقيل: القفَّة، وقال ابن وهب: هو وعاء يسع خمسةَ عشرَ صاعًا إلى عشرين، قال ابن قرقول: قلت: قاله [7] سعيد في (العرق) انتهى، وأمَّا (العَرق)؛ فهو بفتح العين والرَّاء، وبالقاف، ويجوز إسكان الرَّاء، لكنَّ المشهور الأوَّل، فهو الزِّنبيل، وقد تقدَّم ضبطه، ويقال: الزَّبيل: الثانية [8] بفتح الزَّاي، لكن بحذف النُّون، يسع خمسةَ عشرَ صاعًا إلى عشرين، وهو [9] المِكْتَل، كما قاله، ثمَّ اعلم أنَّ في «سنن أبي داود»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أُتِي بعَرَق فيه تمر قدر [10] خمسةَ عشرَ صاعًا)، قال البيهقيُّ: وهو أصحُّ مِن رواية مَن روى: (فأُتي بعرق فيه عشرون صاعًا) انتهى.

==========

[1] زيد في (ب): (تهذيب)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[2] في (ب): (الطهارة)، وهو تحريفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[3] الرَّمز (ب): ليس في (ج).

[4] في (ب): (ويقال أيضًا فيه)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] (فوق): ليس في (ج).

[7] زيد في (ج): (ابن)، وليس بصحيح.

[8] في (ب): (الثاني).

[9] في (ب): (وهذا هو).

[10] في (ب): (قد)، وهو تحريفٌ.

(1/3771)

[باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر]

قوله: (فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ؛ فَلْيُكَفِّرْ): (تُصدِّق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (يُكفِّر): مبنيٌّ للفاعل، وهو بضمِّ أوَّله، وكسر الفاء.

==========

[ج 1 ص 496]

(1/3772)

[حديث: بينما نحن جلوس عند النبي إذ جاءه رجل]

1936# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم [1] (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [2] بن شهاب، وكذا تقدَّم (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن): أنَّه الزُّهريُّ، لا الحميريُّ، وأنَّ الحميريَّ ليس له شيء في «البخاريِّ» عن أبي هريرة، وإنَّما روى عنه مسلم حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم»، فإذن الحميريُّ ليس له شيء في «البخاريِّ» عن أبي هريرة، والله أعلم.

قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ [3] ... ) إلى آخره: تقدَّم أعلاه [4] الكلام عليه؛ فانظره.

قوله: (وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي): امرأته لا أعلم أحدًا سمَّاها، كما تقدَّم أعلاه [5].

قوله: (فَمَكثَ): هو بفتح الكاف، ويجوز ضمُّها؛ لغتان.

قوله [6]: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّبيُّ): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (بِعَرَقٍ): تقدَّم أعلاه ضبطه، وما هو، وكذا تقدَّم الكلام على (الْمِكْتَل).

قوله: (الْحَرَّتَيْنِ): تقدَّم ضبط الحَرَّة؛ وأنَّها أرض تركبها حجارة سود.

قوله: (أَهْلُ بَيْتٍ): (أهلُ): مرفوع، ورفعه معروف.

قوله: (أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ): (أَطْعِمْه): بفتح الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.

==========

[1] (تقدَّم): ليس في (ج).

[2] (بن عبد الله): مثبت من (ب).

[3] في هامش (ق): (الرجل: هو سلمة بن صخر البياضيُّ، كذا قاله ابن بشكوال، وعند ابن الجارود: سلمان بن صخر، ولعله المظاهر في رمضان؛ يعني: سلمة، كذا ذكره شيخي في «شرحه»).

[4] في (ب): (بظاهرها).

[5] (أعلاه): ليس في (ب).

[6] (قوله): سقط من (ب).

[ج 1 ص 496]

(1/3773)

[باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟]

(1/3774)

[حديث: إن الأخر وقع على امرأته في رمضان]

1937# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، تقدَّم مرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُوْر): أنَّه ابن المُعتمِر، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تقدَّم (حُمَيْد بن عَبْدِ الرَّحمن): أنَّه الزُّهريُّ، لا الحميريُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (إِنَّ الْأَخِرَ): هو بفتح الهمزة مقصورة، وكسر الخاء المعجمة [1]، على وزن (كَبِدٍ)، وقد ذكر ابن قرقول في (إنَّ الأَخِر قد زنى): أنَّها قصيرة الألف، وأنَّ بعض المشايخ مدَّها، قال: وكذلك روي عن الأصيليِّ في «الموطَّأ»، وهو خطأ، وكذلك من فتح الخاء، ومعنى (الأخر)؛ بالقصر: الأبعد؛ على الذمِّ، ويقال: الأرذل الخسيس، انتهى، ورأيت بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر الغرناطيِّ: (إنَّ الآخر)؛ بمدِّ الهمزة، ورأيت في حاشية أنَّ المدَّ ذكره صاحب «المحكم».

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (أُتِي): تقدَّم أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّبيُّ): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (بِعَرَقٍ): تقدَّم أعلاه [2] ضبطه، وكم هو، ومَن أتى به، وكذا تقدَّم (الزَّبِيلُ [3]) ضبطه أعلاه.

قوله: (أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ): (أَطعمْ): بفتح الهمزة، رباعيٌّ، فعل أمر، وكذا (فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).

قوله: (وَالْقَيْءِ): هو بهمزة في آخره، وهذا معروف.

==========

[1] (المعجمة): ليس في (ب).

[2] (أعلاه): ليس في (ب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[3] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: والزَّبيلُ معروفٌ، فإذا كسرته؛ شدَّدت، فقلت: زِبِّيلٌ أو زِنْبيلٌ؛ لأنَّه ليس في كلام العرب: فَعليل؛ بالفتح).

[ج 1 ص 496]

(1/3775)

[باب الحجامة والقيء للصائم]

قوله: (وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ): هذا هو الوُحاظيُّ الحمصيُّ، الحافظ الفقيه، عن سويد بن عبد العزيز وفليح، وعنه: البخاريُّ، وإبراهيم بن ديزيل، وثَّقه ابن مَعِين، قال العُقيليُّ: جهميٌّ، مات سنة (222 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وقد قدَّمت أنَّ هذا شيخ البخاريِّ، وقوله: (قال لي فلان)؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا مُطَوَّلًا؛ فاعلمه، وقد قدَّمت لك غير مرَّة أنَّ هذا وأمثاله [1] يجعله المِزِّيُّ تعليقًا، ويرقم عليه: (خت)، ويرقم على الشَّخص إذا كان بهذه المثابة لم يرو عنه إلَّا كذلك (خت)، والله أعلم.

[ج 1 ص 496]

قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ): (سلَّام)؛ بتشديد اللَّام بلا خلاف، وقد قدَّمت مِن يقال له: سلَام؛ بالتَّخفيف، ومَنْ عدا مَنْ ذكرتُ؛ فهو بالتَّشديد.

قوله: (عَنْ [2] يَحْيَى): هذا هو يحيى هو [3] ابن أبي كَثِير، تقدَّم مرارًا.

قوله: (إِذَا قَاءَ): هو بهمزة مفتوحة ممدودة في آخره، وهذا ظاهر.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّه قال [4]: يُفْطِرُ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّ القاعدة أنَّه إذا ذكر البخاريُّ الحديث، أو الأثر، أو التعليق بصيغة تمريض؛ لم يكن صحيحًا على شرطه؛ مثل هذا، والله أعلم.

[قوله: (وَقَالَ ابْنُ عبَّاس وَعِكْرِمَةُ: الفِطْرُ [5] مِمَّا دَخَلَ [6]): كذا في أصلنا الدِّمشقيِّ لم يذكر مع ابن عبَّاس أحدًا، وقد رأيت في نسخة صحيحة وأخرى مقاربة ثبوتَ عكرمة مع ابن عبَّاس، وكذا عزاه شيخنا المؤلِّف في «شرحه» إلى ابن عبَّاس، وعكرمة، وعزا أثرهما إلى ابن أبي شيبة، فالظَّاهر ثبوته، والله أعلم] [7].

قوله: (وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ رضي الله عنه.

(1/3776)

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد قدَّمت أعلاه أنَّه ليس ما [8] ذكره هنا على شرطه؛ لأنَّه ذكره بصيغة تمريض، و (سعد): هو ابن أبي وقاص، قال شيخنا كما ذكره البيهقيُّ، وأمَّا (زيد بن أرقم)؛ فهو خزرجيٌّ، له سبعَ عشرةَ غزوة، روى عنه: طاووس وأبو إسحاق، وكان من خواصِّ عليٍّ رضي الله عنهما، تُوفِّيَ سنة (68 هـ)، وقيل: سنة (66 هـ)، أخرج له الجماعة.

وأمَّا (أم سلمة)؛ فهي هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتقدَّم أنَّها آخر الأزواج وفاةً، وتقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (وَقَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ ... ) إلى آخره: أمَّا (بُكير) هذا؛ فهو ابن عبد الله بن الأشجِّ، يروي عن أبي أمامة بن سهل، وابن المسيّب، وأممٍ، وعنه: ابنه مخرمة، واللَّيث، وأممٌ، ثبت، تُوفِّيَ سنة [9] (127 هـ)، أخرج له الجماعة.

وأمَّا (أم علقمة)؛ فهي أمُّ ابن أبي علقمة، سمَّاها البخاريُّ في بعض الأصول (مرجانة)، وكذلك ابن حبَّان؛ لما ذكرها في «ثقاته»، وقد ذكر الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (مرجانة عن عائشة رضي الله عنها، تفرَّد عنها ولدها علقمة بن أبي علقمة، وذكرها في «الكنى»، فقال: أمُّ علقمة لا تُعرَف، خرَّج لها البخاريُّ في (أدبه) [10] من طريق بكير بن الأشجِّ عنها: (أنَّ عائشة رضي الله عنها قيل لها: ألا ندعو لبناتِ أخيكِ مَن يلهيهنَّ ... )؛ الأثر إلى آخره.

قوله: (وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ): (يُروَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد قدَّمت [11] أنَّ هذه صيغة تمريض، فلم يصحَّ عنده على شرطه، و (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

(1/3777)

وقوله: (عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ [12] ... أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ): اعلم أنَّ النَّسائيَّ روى في «سننه» بإسناد صحيح إلى أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه [13] قال: (أرخص [14] رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في الحجامة للصَّائم)، والله أعلم، فإذن حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) منسوخ، وما قاله البخاريُّ: (عن غير واحد ... أفطر الحاجم والمحجوم) [15] رواه النَّسائيُّ: عن زكريَّا بن [16] يحيى، عن عمرو بن عليٍّ، عن عبد الرَّحمن، عن [17] أبي حرَّة، عن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «أفطر الحاجم والمحجوم»، قلت: عمَّن؟ قال: عن غير واحد من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ)، وكذا أخرجه مرَّة أخرى: (عن الحسن عن غير واحد من الصَّحابة)، ولم يقل: عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وكذا ذكره مرَّة أخرى عن الحسن كذلك، ومرَّة أخرى عن الحسن قولَه.

[وقال بعض حُفَّاظ [18] المصريِّين: هكذا أبهم شيوخ الحسن سليمان التَّيميَّ، كما بيَّنتُه في «التَّغليق»، وبيَّنت أنَّه رُوِي عنه عن شدَّاد بن أوس، وهذه رواية حميد عنه، وعن أسامة بن زيد، وهذه رواية أشعث عنه، وعن أبي هريرة، وهذه رواية يونس عنه، وعن أسامة بن زيد، وهذه رواية قتادة عنه، وعن معقل [19] بن يسار، وهذه رواية عطاء بن السَّائب عنه، ويحتمل أنْ يكون سمعه منهم كلِّهم، انتهى] [20].

قوله: (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ): اعلم أنَّه قيل: إنَّ المحجوم هو جعفر بن أبي طالب، لكن ساق بعضهم عن «المسند» هذا الحديث، وفيه: عن أوس: (أنَّه مرَّ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ زمن الفتح على رجل يحتجم [21])، وزمن الفتح كان جعفر قد قُتِل، إلَّا أن يريد بزمن الفتح عام الفتح؛ فيجوز أن يكون هو؛ لأنَّه قُتِل بمؤتة، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان، والفتح في رمضان سنة ثمان، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (هو جعفر بن أبي طالب، وقيل: معقل بن سنان الأشجعيُّ) انتهى، وهذان القولان في «ابن بشكوال»، وعزا الأوَّل للدَّارقطنيِّ، والثَّاني لابن أبي شيبة في «مسنده»، و «سنن النَّسائيِّ».

(1/3778)

قوله: (وَقَالَ لِي عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم أنَّ هذا عيَّاش بن الوليد، وأنَّه بالمثنَّاة تحت، والشِّين المعجمة، وهو شيخه، وأنَّ قوله: (قال لي فلان) يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وكذلك (قال فلان) إذا كان شيخه؛ حكمه كذلك، وقد تقدَّم أنَّ مثل الاثنين يرقم عليه المِزِّيُّ والذَّهبيُّ: (خت)؛ يعني: أخرجه البخاريُّ تعليقًا، ويرقمان على الشَّخص الذي لم يذكره إلَّا كذلك ولم يُخرِّج عنه شيئًا بـ (حَدَّثَنَا) ولا (أخبرنا) ونحوها: (خت).

(1/3779)

[حديث: أن النبي احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم]

1938# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه وُهيب بن خالد الباهِليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.

==========

[1] في (ج): (ابن وهب)، وليس بصحيحٍ.

[ج 1 ص 497]

(1/3780)

[حديث: احتجم النبي وهو صائم]

1939# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج أبو مَعْمَر المنقريُّ، الحافظ المُقعَد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَبْدُ الْوَارِثِ) أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ، أبو عُبيدة [1] الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام.

==========

[1] في (ج): (أبو عبيد الله)، وليس بصحيحٍ.

[ج 1 ص 497]

(1/3781)

[حديث: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟]

1940# [قوله: (سَمِعْتُ ثابتًا البُنَانيَّ): هو بضمِّ الموحَّدة، ثمَّ نون مخفَّفة، ونون ثانية بعد الألف، ثمَّ ياء النَّسب، وهذا ظاهر جدًّا] [1].

قوله: (إلَّا مِنْ أَجْلِ الضّعْفِ): هو بفتح الضَّاد وضمِّها؛ لغتان مشهورتان.

قوله: (وَزَادَ شَبَابَةُ): هو ابن سَوَّار الفزاريُّ مولاهم، أبو عمرو المدائنيُّ، تقدَّمت ترجمته، وهذا من شيوخ شيوخ البخاريِّ، وقد قدَّمت أنَّ (زاد) مثل (قال).

==========

[1] بين معقوقين جاء في النُّسخ لاحقًا بعد قوله: (خلط اللَّبن بغيره)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 497]

(1/3782)

[باب الصوم في السفر والإفطار]

(1/3783)

[حديث: إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم]

1941# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، وكذا تقدَّم (أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ) أنَّه سليمان بن فيروز والشَّيبانيُّ؛ بالشِّين المعجمة، الكوفيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (عبد الله [1] بن أَبِي أَوْفَى): وأنَّ اسم أبي أوفى علقمةُ بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أفصى الأسلميُّ رضي الله عنه وعن أبي أوفى، فإنَّهما صحابيَّان.

[قوله: (فَقَالَ لِرَجُلٍ [2]: انْزِلْ فَاجْدَحْ): هذا الرجل هو بلال، كذا جاء في بعض طرقه، وكذا هو في «مسند أحمد»، وكذا هو في «معجم الطَّبرانيِّ الكبير»، و «أبي داود»] [3].

قوله: (فَاجْدَحْ لِي): الجَدْح: هو بفتح الجيم، وإسكان الدَّال المهملة، وبالحاء، كذلك قال ابن قرقول؛ أي: حرِّكِ السَّويق بالماء؛ لنفطر عليه، والمجْدَح: ما يُحرَّك به؛ كالمخوض، وقال الدَّاوديُّ: معنى اجدح لنا: احلب، وليس كما قال، انتهى، والمجدح في كلامه: خشبة طرفها ذو جوانب، وقال النَّوويُّ: الجدح: خلط السَّويق بالماء، وهو معنى كلام ابن قرقول، وقال القرطبيُّ في «مفهمه»: (اجدح): اخلطِ اللَّبن بالماء، والجدح: خلط اللَّبن بغيره.

[ج 1 ص 497]

قوله: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ الشَّمْس): يجوز في (الشَّمس) الرَّفع والنَّصب، وإعرابهما ظاهر.

قوله: (تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى): أمَّا الضَّمير في (تابعه)؛ فيعود على سفيان؛ أي: تابع سفيانَ على روايته هذا الحديث عن الشَّيبانيِّ _وهو سليمان بن فيروز_ جريرُ بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، ومتابعته أخرجها البخاريُّ في (الطَّلاق) عن عليِّ بن عبد الله، عن جرير، عنه، وأخرجها مسلم، و (أبو بكر بن عيَّاش): وعيَّاش؛ بالمثنَّاة تحت، وبالشِّين المعجمة، وقد تقدَّم الكلام عليه، والاختلاف في اسمه، وكذا تقدَّم الكلام على (ابن أبي أوفى) وأنَّه عبد الله، وعلى نسبه، وأنَّ أبا أوفى صحابيٌّ أيضًا.

وأمَّا متابعة أبي بكر بن عيَّاش؛ فأخرجها البخاريُّ في (الصَّوم) عن أحمد ابن يونس، عن أبي بكر بن عيَّاش به.

==========

[1] (عبد الله): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/3784)

[2] في هامش (ق): (الرجل: هو بلال؛ كذا جاء في بعض طرق الحديث).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3785)

[حديث: يا رسول الله إني أسرد الصوم]

1942# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، إمام الحُفَّاظ، تقدَّم.

قوله: (أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ): هو أبو صالح، وقيل: أبو مُحَمَّد، حمزة بن عمرو بن عويمر بن الحارث بن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عديِّ بن سهل، _وقيل: سهم_ بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة الأسلميُّ، روت [1] عنه: عائشة أمُّ المؤمنين، وابنه مُحَمَّد، وعروة بن الزُّبير، وسليمان بن يسار، وغيرهم، تُوفِّيَ سنة إحدى وستِّين، وكان يصوم الدَّهر، روى البخاريُّ في «التَّاريخ» بإسناده عن مُحَمَّد بن حمزة عن أبيه قال: (كنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في سفر، فتفرَّقنا في ليلة ظلماء، فأضاءت أصابعي حتَّى جمعوا عليها ظهرهم، وما هلك منهم، وإنَّ أصابعي لتُنير)، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ رضي الله عنه، وقد قدَّمت أنَّ أسيد بن الحضير وعبَّاد بن بشر أُضِيء لهما، وأنَّها [2] كانت عادة عبَّاد بن [3] بشر، وأنَّ الطُّفيل بن عمرو أُضِيء له، ويقال له: ذو النُّور، ذكرت ذلك في (المساجد)، (وسبق أيضًا أنَّ قتادة بن النُّعمان من أصحاب النُّور) [4].

فائدة: حمزة بن عمرو الأسلميُّ: هو من الذين يسردون الصَّوم، وسأذكرهم قريبًا في (بَاب صوم الدَّهر).

قوله: (فَأَفْطِرْ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر جدًّا.

==========

[1] في (ب): (روى).

[2] في (ب): (وإنَّما).

[3] (عباد بن): سقط من (ب).

[4] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 498]

(1/3786)

[باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر]

[قوله: (باب إِذَا صَامَ أيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ، ثمَّ سَافَرَ): هذه التَّرجمة ردٌّ [1] على عليِّ بن أبي طالب [2] وعَبِيدة السَّلمانيِّ، وسيأتي ذلك مبسوطًا في (الجهاد) إن شاء الله تعالى] [3].

==========

[1] في (ب): (ترد).

[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[3] ما بين معقوفين جاء في (أ) و (ب) سابقًا بعد قوله: (باب صوم الدَّهر)، وقد جاء استدراكًا في (أ)، وسقط من (ج).

[ج 1 ص 498]

(1/3787)

[حديث: أن رسول الله خرج إلى مكة في رمضان فصام]

1944# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (بَلَغَ الْكَدِيدَ): تقدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر الدَّال المهملة، وفي آخره مهملة مثلها، على اثنين وأربعين ميلًا من مكَّة، وهنا (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ)؛ يعني: البخاريُّ: (وَالْكَدِيدُ: مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ)، كذا في بعض النُّسخ.

واعلم أنَّ المُحبَّ الطَّبريَّ ساق الأحاديث وفي بعضها: (حتَّى إذا بلغ الكديد؛ أفطر)، وفي بعضها: (عُسفان)، وفي بعضها: (قديد) قال: وقد رُوِيَ: أنَّ فطره كان بكراع الغميم، وكان ذلك كلُّه في سفرة واحدة، فيجوز أن يكون فطرُه كان في أحد المواضع حقيقة؛ إمَّا الكديد، وإمَّا الكراع، وإمَّا عسفان، وإمَّا قديد، وأُضِيف إلى الآخر، تجوُّزًا لقُربه منه ... إلى أن قال: ويجوز أن يكون وقع منه الفعل [1] في المواضع الأربعة، والفطر في موضع منها، لكن لم يره جميع النَّاس فيه؛ لكثرتهم، فكرَّره؛ ليتساوى النَّاس في رؤية الفعل، فيروي كلٌّ عن رؤية عين، فأخبر كلٌّ عن محلِّ رؤيته، انتهى.

==========

[1] في (ب): (وقع الفعل منه).

[ج 1 ص 498]

(1/3788)

[حديث: خرجنا مع النبي في بعض أسفاره في يوم حار]

1945# قوله: (عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ [1]، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ): تقدَّم أنَّ (أمَّ الدَّرداء) هذه: هي الصُّغرى، وأنَّ اسمها هُجَيمة أو جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، تابعيَّة جليلة، وقد قدَّمتُ أنَّها مِن أفضل التَّابعيَّات، وأنَّ أفضل التَّابعيَّات: عمرة، وحفصة، وأمُّ الدَّرداء، وتقدَّم الكلام عليها وعلى زوجها (أبي الدَّرداء) حكيم الأمَّة قريبًا رضي الله عنه.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ... ) إلى آخره: قال شيخنا الشَّارح: يحتمل أن تكون غزوة بدر؛ لأنَّ التِّرمذيَّ روى عن عمر: (غزونا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في رمضان يوم بدر والفتح، فأفطرنا فيهما) انتهى، وهذا فيه نظر؛ لأنَّ أبا الدَّرداء لم يشهد بدرًا بلا خلاف، وقد تأخَّر إسلامه، فأسلم عقيب [3] بدر، واختُلِف في شهوده أُحُدًا، ولكن قوله: (خرجنا) مجاز؛ أي: خرج الصَّحابة، وهو مثل قول أبي هريرة: (خرجنا إلى خيبر)، والله أعلم.

فإن قيل: يحتمل أن يكون الفتح؟

فالجواب: لا يصحُّ ذلك أيضًا؛ لأنَّ في الحديث: (أنَّ ابن رواحة كان معهم)، وعبد الله بن رواحة قُتِل في مؤتة قُبيل [4] الفتح؛ لأنَّها في جمادى الأولى سنة ثمان، والفتح في رمضان سنة ثمان، والله أعلم.

و (عبد الله بن رَواحة)؛ بفتح الرَّاء، وتخفيف الواو، وبعد الألف حاء مهملة، ثمَّ تاء التأنيث، وجدُّه اسمه ثعلبة، الأنصاريُّ من بني الحارث بن الخزرج أبو مُحَمَّد، نقيب بدريٌّ أمير، استُشهِد بمؤتة من أرض الشَّام، وقد قدَّمت تاريخ الوقعة، أخرج لعبد الله البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند».

(1/3789)

[باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر]

(1/3790)

[حديث جابر: ليس من البر الصوم في السفر]

1946# قوله: (فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ): هذا الرَّجل: قال شيخنا الشَّارح: (يجوز أن يكون هذا المجهول هو أبو إسرائيل، روى الخطيب في «مبهماته» أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام رأى رجلًا يُهادى بين ابنيه، وقد ظُلِّل عليه، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام، فقال: «إنَّ الله لغنيٌّ عن تعذيب هذا نفسَه، مُرُوه؛ فلْيمشِ وليركب»، وفي «مسند أحمد» ما يشعر بأنَّه غيره، فإنَّ فيه: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام دخل المسجد وأبو إسرائيل يصلِّي، فقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: هو ذا يا رسول الله لا يقعد، ولا يتكلَّم، ولا يستظلُّ، ولا يفطر، فقال: «ليقعد، وليتكلَّم، وليستظلَّ، وليفطرْ») انتهى، وقوله: (وفي «مسند أحمد» ما يُشعِر بأنَّه غيره)، بل فيه كالصريح أنَّه غيره، وفي «البخاريِّ» و «مسلم» أنَّ قصَّة هذا كانت في السفر، وفي [1] «المسند»: أنَّ قصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد، فهو غيره، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (في الغزو في).

[ج 1 ص 498]

(1/3791)

[باب من أفطر في السفر ليراه الناس]

(1/3792)

[حديث: خرج رسول الله من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان]

1948# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته [1]، وكذا تقدَّم (أَبُو عَوَانَةَ) أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المُعتمِر، و (مُجَاهِد) هو ابن جَبْر الإمام، و (طَاوُوس): أنَّه ابن كيسان الإمام.

قوله: (حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ): هي قرية جامعة على ستَّةٍ وثلاثين ميلًا من مكَّة، تقدَّمت.

==========

[1] في (ب): (قتيبة)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 498]

(1/3793)

[باب: {وعلى الذين يطيقونه فدية}]

[ج 1 ص 498]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (ابن نمير): هو عبد الله بن نمير الهمْدانيُّ أبو [1] هشام، عن هشام [2] بن عروة [3] والأعمش، وعنه: ابنه مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وأحمد، وابن مَعِين، حجَّة، تُوفِّيَ سنة (199 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا تعليق مجزوم به، وقد صرَّح بأنَّه (عبد الله) المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولفظه: (قال ابن نمير؛ يعني: عبد الله) انتهى، وتعليقه [4] ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، وقد أخرجه شيخنا، وما ذاك إلَّا لأنَّ مُحَمَّد بن عبد الله لم يرو عن الأعمش، فتعيَّن أن يكون والده، و (الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ): (رُخِّص): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

(1/3794)

[حديث: أن ابن عمر قرأ: {فدية طعام مساكين} قال: هي منسوخة]

1949# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ عيَّاشًا هذا؛ بالمثنَّاة [1] تحت، والشِّين المعجمة، وأنَّه ابن الوليد، وقد قدَّمت الفرق بينه وبين عبَّاس [2] بن الوليد النَّرسيِّ، والاثنان من مشايخ البخاريِّ، غير أنَّه لم يذكرِ النَّرسيَّ إلَّا في ثلاثة [3] أماكن ذكرتها؛ فانظرها.

و (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ _ بالمهملة_ البصريُّ، عن الحذَّاء والجُريريِّ، وعنه: إسحاق وبندار، ثقة، لكنَّه قدريٌّ، تُوفِّيَ سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم، ولكن بَعُد العهدُ به.

قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا [4] أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

==========

[1] في (ج): (بفتح المثناة).

[2] في (ب): (عياش)، وهو تصحيفٌ.

[3] في النُّسخ: (ثلاث)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[4] (مرارًا): ليس في (ج).

[ج 1 ص 499]

(1/3795)

[باب: متى يقضى قضاء رمضان؟]

قوله: (بابٌ: مَتَى يَقْضِي قَضَاءَ [1] رَمَضَانَ؟): (يَقضِي): مبنيٌّ للفاعل، و (قضاءَ): منصوب، و (يُقضى): مبنيٌّ للمفعول، و (قضاءُ): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (يُفَرَّقَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسيّبِ): تقدَّم مرارًا أنَّ ياء (المسيّب) بالفتح والكسر، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، العالم المشهور.

قوله: (َيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا وَابْنِ عبَّاس): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقوله: (مُرْسَلًا): هو بفتح السِّين، قال شيخنا: يعني: أنَّه روي عن أبي هريرة مرسلًا، وابن عبَّاس موقوفًا، قال: وذكر الدَّارقطنيُّ حديث أبي هريرة مرفوعًا من طريق مجاهد، ولم يسمع منه فيما ذكره [2] البَرْديجيُّ، ولعلَّ هذا مرادُ البخاريِّ بالإرسال، انتهى، والذي ذكره العلائيُّ شيخ شيوخنا صلاح الدِّين في «المراسيل» ما لفظه: (الذي صحَّ لمجاهد من الصحابة: ابن عبَّاس، وابن عمر، وأبو هريرة على خلاف فيه، قال بعضهم: لم يسمع منه، يدخل بينه وبين أبي هريرة عبد الرَّحمن بن أبي ذئاب) انتهى، والمُرسل: فيه أقوال نحو العشرة ذكر ابن الصَّلاح في «علومه» منها ثلاثة: وهو قول التَّابعيِّ: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، أو قول التَّابعيِّ الكبير: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، أو ما سقط [3] من إسناده واحد، وهذا الذي نحن فيه يُسمَّى [4] مرسلًا على قوله: (إنَّ مجاهدًا لم يسمع من أبي هريرة)، فيكون سقط منه واحد.

قوله: (أنَّه يُطْعِمُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر العين، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.

==========

[1] كذا في النُّسخ وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يُقْضَى قَضَاءُ).

[2] زيد في (ج): (فيما ذكره)، وهو تكرارٌ.

[3] في (ج): (وسقط).

[4] (يسمى): سقط من (ب).

[ج 1 ص 499]

(1/3796)

[حديث: كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع .. ]

1950# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية بن حُدَيج [1] الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (يَحْيَى) أنَّه ابن سعيد الأنصاريُّ مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (قَالَ يَحْيَى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ المذكور في السَّند.

قوله: (الشُّغْلَ [2]): هو منصوب بالقلم في أصلنا، وعليه (صح)، مفعول من أجله، ويجوز رفعه على أنَّه فاعل؛ تقديره: يمنعني الشُّغلُ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (خديج)، وهو تصحيفٌ.

[2] في هامش (ق): (مفعول لأجله).

[ج 1 ص 499]

(1/3797)

[باب: الحائض تترك الصوم والصلاة]

قوله: (وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] في هامش (ق): (عبد الله بن ذكوان).

[ج 1 ص 499]

(1/3798)

[حديث: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟! فذلك نقصان دينها]

1951# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد بن سالم، ابنُ أبي مريم، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا [1] مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ): تقدَّم أنَّ هذا مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير _بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة_ المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقته، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفة، ثقة، أخرج له الجماعة، ولكن بَعُد العهدُ به، وتقدَّم أنَّ (زَيْدًا) بعده: هو ابن أسلم الفقيه العمريُّ، عن أبيه، وابن عمر، وجابر، وعنه: مالك والدَّراورديُّ، قال ابن عجلان: ما هبتُ أحدًا هيبتي زيدَ بن أسلم، تُوفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة حجَّة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بَعُد العهدُ به.

قوله: (عَنْ عِيَاضٍ): هذا هو عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشيُّ العامريُّ المدنيُّ، عن أبي هريرة وصحابة غيره، وعنه: داود بن قيس، وابن عجلان، وعدَّة، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، قال ابن يونس: ولد بمكَّة، ثمَّ قدم مصر فكان مع أبيه، ثمَّ خرج إلى مكَّة، فلم يزل بها حتَّى مات.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فَذَلِكِ نُقْصَانُ دِينِهَا): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث؛ لأنَّ امرأة سألته: ما نقصان العقل والدِّين؟ فأجابها.

(1/3799)

[باب من مات وعليه صوم]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

==========

[ج 1 ص 499]

(1/3800)

[حديث: من مات وعليه صيام صام عنه وليه]

1952# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ خالدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ مُوسَى بنِ أَعْيَنَ): (مُحَمَّد بن خالد) هذا: ذكره الجيَّانيُّ [1] في الباب الثَّالث من (أبواب الذُّهليِّ): فهو مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذُّهليُّ، أبو عبد الله النَّيسابوريُّ الحافظ، عن ابن مهديٍّ وعبد الرَّزَّاق، وعنه: البخاريُّ، والأربعة، وابن خزيمة، وأبو عوانة، فلا يكاد

[ج 1 ص 499]

البخاريُّ يفصح باسمه؛ لما جرى بينهما، قال ابن أبي داود: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى، وكان أمير المؤمنين في الحديث، وقال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه، تُوفِّيَ سنة (258 هـ)، وله ستٌّ وثمانون سنة، أخرج له البخاريُّ والأربعة، وقال شيخنا: (وما ذكرناه _يعني: من أنَّه الذُّهليُّ_ هو ما ذكره الجيَّانيُّ [2] عن أبي نصر والحاكم، واقتصر عليه الدِّمياطيُّ، ولم يصرِّح البخاريُّ باسمه في شيء من [3] «الجامع»؛ يعني: لم ينسبه ويميِّزه كما يفعل بغيره من مشايخه، قال شيخنا: وقال ابن عديٍّ: في شيوخ البخاريِّ مُحَمَّد بن خالد بن جبلة الرَّافعيُّ، وقال ابن عساكر: قيل: إنَّ البخاريَّ روى عنه، وقال أبو نعيم في «مستخرجه»: رواه _يعني: البخاريُّ_ عن مُحَمَّد بن خالد بن خليٍّ، وهو غريب، انتهى، ولا شكَّ أنَّه غريب غريبٌ؛ وذلك لأنَّ مُحَمَّد بن خالد بن خليٍّ الحمصيَّ عن أحمد الوهبيِّ وعدَّة، وعنه: النَّسائيُّ، وأبو عوانة، والأصمُّ، وثَّقه النَّسائيُّ، وقال الدَّارقطنيُّ: ليس به بأس، ولم يخرِّج له سوى النَّسائيُّ؛ فاعلمْه، والله أعلم.

قوله: (أنَّ مُحَمَّد بنَ جَعْفَرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جعفر بن الزُّبير بن العوَّام، عن عمِّه عروة وجماعة، وعنه: ابن جُرَيج وجماعة، قال بعضهم: كان فقيهًا عالمًا، وثَّقه النَّسائيُّ، وأخرج له الجماعة.

(1/3801)

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو): الضَّمير في (تابعه) يعود على موسى بن [4] أعين، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وهب المصريُّ، العالم المشهور، ومتابعته رواها مسلم عن هارون بن سعيد الأيليِّ، وأحمد بن عيسى؛ كلاهما عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث به، ورواها أبو داود في (الصَّوم) عن أحمد بن صالح عن ابن وهب به، انتهى، ورأيت بخطِّ بعض الفضلاء المُحدِّثين من أصحابنا _وهو حافظ_ في حاشية «الأطراف» ما لفظه [5]: أبو داود [6] في (الأَيمان والنُّذور) أيضًا من رواية ابن العبد. انتهت.

قوله: (وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أيُّوب، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ): أمَّا (يحيى بن أيُّوب)؛ فهو الغافقيُّ المصريُّ، أحد العلماء، عن يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة، وعنه: ابن وهب وسعيد بن أبي مريم، صالح الحديث، قال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، تُوفِّيَ سنة (168 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، و (ابن أبي جعفر): هو المذكور في السَّند، عبيد الله بن أبي جعفر، وما رواه يحيى بن أيُّوب ليس في شيء من الكتب السِّتَّة [7]، قال شيخنا: (أخرجه البيهقيُّ من حديث عمرو بن الربيع بن طارق [8] عن يحيى به).

(1/3802)

[حديث: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إن أمي]

1953# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحيم): هذا أبو يحيى الحافظ، المُلقَّب بصاعقة، عن يزيد بن هارون، وروح، وطبقتهما، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، وخلقٌ، وكان بزَّازًا، تُوفِّيَ في شعبان سنة (255 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال الخطيب: كان مُتقِنًا عالمًا حافظًا.

قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هو زائدة بن قدامة أبو الصَّلت الثَّقفيُّ، الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ وأحمد ابن يونس، ثقة حجَّة، صاحب سُنَّة، تُوفِّيَ غازيًا بالرُّوم سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمته، ولكن بَعُد العهدُ به.

قوله: (عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الطَّاء المهملة، وهو مسلم بن عمران البَطِين أبو عبد الله الكوفيُّ، عن أبي وائل، وعليِّ بن الحُسين، وأبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ، وعنه: الأعمش وابن عون، وثَّقه أحمد وغيره، أخرج له الجماعة.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ): هذا الرجل لا أعرفه، (وهذه المرأة أمُّه لا أعرفها [1]) [2].

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ: قال [3] الْحَكَمُ وَسَلَمَةُ: وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ): (سليمان) هذا: هو الأعمش المذكور في السَّند، و (الحكم): هو ابن عتيبة [4]، الإمام المشهور، وقد تقدَّم، وأمَّا (سلمة)؛ فهو ابن كُهَيل أبو يحيى الحضرميُّ، من علماء الكوفة، رأى زيد بن أرقم، وروى عن أبي جُحَيْفَة وعلقمة، وعنه: شعبة وسفيان، ثقة إمام، له مئتا حديث وخمسون حديثًا، مات سنة (121 هـ)، أخرج له الجماعة.

(1/3803)

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّ هذا لم يصحَّ عنده على شرطه، وأمَّا (أبو خالد) هذا؛ فهو الأحمر، وهو سليمان بن حيَّان كوفيٌّ، عن عاصم الأحول ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وهنَّاد، صدوق إمام، قال ابن مَعِين: ليس بحجَّة، تُوفِّيَ سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (الأعمش): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

(وتعليق أبي خالد عن الأعمش أخرجه مسلم، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وتعليق الأعمش عن مسلم عن سعيد أخرجه مسلم؛ نحوَه، وتعليق الأعمش عن سلمة بن كُهَيل أخرجه [5] البخاريُّ والنَّسائيُّ) [6].

قوله: (قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذه المرأة لا أعرفها.

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ [7] الأَعْمَشُ): أمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ، تقدَّم، وتعليقه عن الأعمش أخرجه أبو داود، وأمَّا (أبو معاوية)؛ فهو مُحَمَّد بن خازم الضَّرير؛ بالخاء المعجمة والزَّاي، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (الأعمش): سليمان بن مهران، تقدَّم أعلاه، وتعليقه عن الأعمش أخرجه أبو داود.

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ): هذا هو عبيد الله بن عمرو الرَّقِّيُّ أبو وهب الحافظ، عن عبد الملك بن عمرو، وزيد بن أبي أنيسة، وخلقٍ، وعنه: أبو نعيم الحلبيُّ، وعليُّ بن معبد الرَّقِّيُّ، وخلقٌ، قال ابن سعد: وكان أحفظ مَن روى عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحد ينازعه في الفَتْوى، مات سنة (180 هـ) [8]، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّمت [9] ترجمته، ولكن طال العهد بها، وتعليقه عن زيد أخرجه مسلم.

قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن عتيبة الإمام القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3804)

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ [10]): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الرَّاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ زاي، واسمه عبد الله بن الحسين الأزديُّ أبو حَرِيْز، قاضي سَجِستان، عن قيس بن أبي حازم والشَّعبيِّ، وعنه: فُضَيل بن ميسرة وابن أبي عَروبة، مُختلَف فيه، وقد وُثِّق، وله ترجمة في «الميزان»، قال ابن عديٍّ: عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد، وجاء عنه أنَّه مؤمن بالرَّجعة؛ رجعة عليٍّ، والله أعلم، علَّق له البخاريُّ، وروى له الأربعة.

تنبيه: كلُّ ما في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ»؛ فهو جَرِير؛ بفتح الجيم، وكسر الرَّاء إلَّا اسمين: حَرِيزَ بن عثمان الرَّحَبيَّ الحمصيَّ، روى له البخاريُّ والأربعة، وكذلك هذا الرَّجل الذي ترجمناه أبو حَريز عبد الله بن الحسين، فقد علَّق له البخاريُّ، ومَن عداهما؛ فهو جَرير، وحُدَير لا يشتبه به إلَّا نادرًا، والله أعلم [11].

وتعليقه هذا قال شيخنا: أخرجه البيهقيُّ من حديث الفُضَيل عنه.

==========

[1] (لا أعرفها): سقط من (ب).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[3] كذا في النُّسخ وهامش (ق)، وهي رواية أبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).

[4] في (ب): (عيينة)، وهو تصحيفٌ.

[5] في (ب) و (ج): (أخرجها).

[6] ما بين قوسين جاء في (ب) سابقًا عند قوله: (قوله: ويذكر عن أبي خالد حدثنا الأعمش).

[7] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[8] في (ب): (80 هـ)، وليس بصحيحٍ.

[9] في (ج): (قدمت).

[10] في هامش (ق): (حاشية بخط اليونيني: أبو حَرِيزٍ: أوله حاء مهملة، وراء مكسورة، وزاي معجمة، هو عبد الله بن حسين قاضي سجستان، استشهد به البخاريُّ، عن عكرمة، قال أحمد ابن حنبل: منكر الحديث، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: هو ضعيف، قال ابن عديٍّ: عامة ما يرويه لا يتابع عليه).

[11] (والله أعلم): ليس في (ج).

[ج 1 ص 500]

(1/3805)

[باب: متى يحل فطر الصائم؟]

[ج 1 ص 500]

قوله: (وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] (مرارًا): ليس في (ب).

(1/3806)

[حديث: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا]

1954# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير المكِّيُّ، وتقدَّم الكلام لماذا نسب، وأنَّه أوَّل شيخ روى البخاريُّ [عنه] في هذا «الصَّحيح»، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، أحد الأعلام مُتَرجَمًا.

قوله: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا ... ) إلى آخره: قال العلماء: كلُّ واحد من هذه الثَّلاثة يتضمَّن الآخرَين ويلازمهما، وإنَّما جمع بينها [1]؛ لأنَّه قد يكون في وادٍ ونحوه بحيث لا يشاهد غروب الشَّمس، فيعتمد إقبال الظَّلام [2] وإدبار الضِّياء.

(1/3807)

[حديث: يا فلان، قم فاجدح لنا]

1955# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ): هو إسحاق بن شاهين الواسطيُّ أبو بشر، عن هُشَيم، وخالد بن عبد الله، وابن عيينة، وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وأحمد بن يحيى بن زهير التَّستريُّ، وأبو عَروبة، وخلق، قال النَّسائيُّ: لا بأس به، وقال بحشل [1]: جاوز المئة، قال الذَّهبيُّ: قلت: بقي إلى بعد الخمسين والمئتين، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هو خالد بن عبد الله، تقدَّم أنَّه خالد بن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان [2]، أحد العلماء، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات بزنته [3] فضَّة رحمه الله تعالى، وأمَّا (الشَّيْبَانِي) الذي روى عنه؛ فهو بشين معجمة، وهو سليمان بن فيروز أبو إسحاق، تقدَّم قريبًا مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى) واسم (أبي أوفى) ونسبه، وأنَّه صحابيٌّ؛ كابنه، فعبد الله وأبو أوفى صحابيَّان.

قوله: (قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ): تقدَّم قريبًا أنَّه بلال، وتقدَّم (الجدح) ما هو وضبطه قريبًا.

(1/3808)

[باب: يفطر بما تيسر عليه بالماء وغيره]

(1/3809)

[حديث: إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم]

1956# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[ج 1 ص 501]

(1/3810)

[باب تعجيل الإفطار]

(1/3811)

[حديث: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر]

1957# [قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، والزذَاي، وأنَّه اسمه سلمة بن دينار الأعرج المدنيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا] [1].

قوله: (لاَ يَزَالُ النَّاس بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ): يعني: ما داموا محافظين على هذه السُّنَّة.

(1/3812)

[حديث: إذا رأيت الليل قد أقبل من هاهنا ... ]

1958# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا هو أبو بكر بن عيَّاش؛ بالمثنَّاة والشِّين المعجمة، وقد اختُلِف في اسمه كثيرًا كما تقدَّم؛ فقيل: شعبة، وقيل: مُحَمَّد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل: رؤبة، ومسلم، وخداش، ومُطرِّف، وحمَّاد، وحبيب [1]، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وهو أحد الأعلام.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): وهو الشَّيبانيُّ، تقدَّم [2] أعلاه ابن فيروز، وكذا تقدَّم (ابْن أَبِي [3] أَوْفَى) أنَّه عبد الله، وتقدَّم اسم أبيه، وأنَّه صحابيٌّ أيضًا، وكذا تقدَّم (قَالَ لِرَجُلٍ) وأنَّه بلال، وتقدَّم (الجدح) ما هو وضبطه.

==========

[1] في (ب): (وخبيب).

[2] في (ب): (وقد تقدَّم).

[3] (أبي): سقط من (ب).

[ج 1 ص 501]

(1/3813)

[باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس]

(1/3814)

[حديث: قالت أفطرنا على عهد النبي يوم غيم ثم طلعت الشمس]

1959# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم، وكذا تقدَّمت (فَاطِمَة) أنَّها بنت المنذر بن الزُّبير بن العوَّام، زوج هشام بن عروة وبنت عمِّه، وكذا تقدَّمت (أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ [1]) زوج الزُّبير.

==========

[1] زيد في (ج): (أبي)، وهو تكرارٌ.

[ج 1 ص 501]

(1/3815)

[باب صوم الصبيان]

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ [1] لِنَشْوَان): النَّشْوان: يجوز عدم صرفه وصرفُه، وهو السَّكران؛ وهو بفتح النُّون، وإسكان الشِّين المعجمة، [وهذا النَّشْوان لا أعرفه، قال بعض حُفَّاظ مصر [2] في هذا الزَّمان: وفي رواية أبي عبيد: أنَّه كان شيخًا، وفي «أخبار المدينة» لعمر بن شبَّة [3] ما يدلُّ على أنَّه ربيعة بن أميَّة بن خلف، انتهى] [4]

قوله: (وَيْلَكَ): تقدَّم الكلام على (ويل) مُطَوَّلًا، وهي كلمة تقال لمن وقع في هلكة يستحقُّها.

(1/3816)

[حديث: من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه]

1960# قوله: (بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر)؛ بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، و (المفضَّل): اسم مفعول من (فضَّله)؛ المشدَّد [1].

قوله: (عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ): هي بضمِّ الرَّاء، وفتح الموحَّدة، وبعدها مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، ثمَّ عين مهملة، وأمَّا (مُعَوّذ)؛ فبضمِّ الميم، وفتح العين، وتشديد الواو مكسورة ومفتوحة، ثمَّ ذال معجمة، وهي الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ ابن عفراء [2] الأنصاريَّة، بايعت تحت الشجرة، وتأخَّرت وفاتها، روى عنها جماعة؛ منهم: أبو سلمة، وعمرو بن شعيب، أخرج لها الأئمَّة السِّتَّة، وأحمد في «المسند».

قوله: (أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ): سيأتي لمن أرسل [فيما يُحتمل، وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين في هذا العصر: لم أقف على اسم الرَّسول، وليس هو أسماء أو هند ابني حارثة [3]؛ فإنَّهما أسلميَّان، أُرسل أحدهما إلى قومه، انتهى] [4].

قوله: (عَاشُورَاءَ): تقدَّم أنَّ فيه المدَّ والقصر، وسيأتي الخلاف في أيِّ يوم هو، والصَّحيح: أنَّه العاشر من المحرَّم.

قوله: (مِنَ الْعِهْنِ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه الصُّوف مطلقًا، وقيل: الملوَّن منه، وقيل: الأحمر خاصَّة، ويقع في كثير من النُّسخ بعد هذا: (العهن: الصُّوف)، وهو نسخة في أصلنا.

==========

[1] في (ب): (المشدَّدة).

[2] في (ب): (العفراء).

[3] في (ب): (جارية)، وفي (أ) يحتملهما، والمثبت موافق لما في «أسد الغابة».

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 501]

(1/3817)

[باب الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام]

(بَابُ الْوِصَالِ) ... إلى (كتاب صَلَاةِ التَّرَاويحِ)

مسألة: أمَّا حكم الوصال؛ فهو مكروه كراهة تحريم، على الأصحِّ عند الشَّافعيَّة، وهو ظاهر نصِّ الشَّافعيِّ، والثاني: أنَّه كراهة تنزيه.

==========

[ج 1 ص 501]

(1/3818)

[حديث: لست كأحد منكم إني أطعم وأسقى]

1961# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى): و (أُطعَم وأُسقَى): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، [وهذا ظاهر.

قوله: (أَوْ: إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى): هما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما] [1]، وقد قدَّمت الوعدَ بذكر معنى هذا والخلاف فيه؛ الصَّحيح أنَّ معناه: يجعل الله فيَّ قوَّة مَن أكل وشرب، ثانيها: أنَّه يأكل من طعام الجنَّة حقيقة؛ كرامةً من الله، وأنكره بعضهم؛ لانتفاء الوصال، إذًا هذا إن كان أكله ليلًا، وإن كان أكله نهارًا؛ فيردُّه: «أظلُّ يطعمني ربِّي ويسقين»، ولا يقال: ظلَّ يفعل كذا إلَّا إذا فعله نهارًا، ولو أكل نهارًا؛

[ج 1 ص 501]

أفطر، قال شيخنا: إنَّه يأكل حقيقة؛ كرامةً له [2] من الله، وأنكره بعضهم؛ لانتفاء الوصال إذًا وكان مفطرًا، وقد يجاب: بأنَّ طعام الجنَّة لا يُفطِر، كذا قال شيخنا، وفيه نظر، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ لمَّا نقل هذا عن بعضهم، ولم يعيِّن القائل؛ قال: (والأولى أن يقال: إطعامُ الله لا يُفطِر؛ بدليل النَّاسي إذا أكل؛ لا يفطر) انتهى، وهو كلام حسن، أو يخلق الله له مِن الشَّبع والرِّي؛ كالطَّاعم الشَّارب، واستُبعِد، فإنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يجوع أكثر ممَّا يشبع، ولكان لا يجد له [3] روحها الذي هو الجوع والمشقَّة، وثالثها: أنَّ ذلك كان في المنام، وحكى المُحبُّ الطَّبريُّ فيه أربعة أوجه هي مذكورة فيما قدَّمته غير الرَّابع؛ وهو أنَّه عَبَّر بـ (الوصال): عن قوَّة الأنس بالله [4] والسُّرور، ثمَّ أنشد بيتين يقوِّيانه، انتهى، وفي كلام ابن قيِّم الجوزيَّة ترجيح هذا على غيره من الأقوال.

(1/3819)

[حديث: لا تواصلوا فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر]

1963# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِي): اسم (ابن الهادي) يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي اللَّيثيُّ، عن أبي مُرَّة مولى أمِّ هانئ وغيره، وعنه: مالك وأبو ضمرة، ثقة مُكثِر، مات سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وتقدَّم أنَّ (الهَادي) الصَّحيح فيه: إثباتُ الياء، قاله النَّوويُّ مع (ابن أبي الموالي) و (ابن العاصي) و (اليماني).

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، الأنصاريُّ مولاهم، عن أبي سعيد، وعنه: بُكَير ابن الأشجِّ، وابن إسحاق، وعدَّة، وثَّقه أبو حاتم وغيره، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتقدَّم [1] مُتَرجَمًا.

قوله: (حَتَّى السَّحَرِ): هو قبيل الصُّبح، كذا قاله الجوهريُّ، وفي حفظي: أنَّ ابن عبد السَّلام قال في «تفسيره الصَّغير»: (إنَّ السَّحَر: هو السُّدس الأخير من اللَّيل).

قوله: (لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ [2]): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [3]؛ فانظره.

(1/3820)

[حديث: إني لست كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقين]

1964# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّد؛ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): أمَّا (عثمان ابن أبي شيبة)؛ فهو الحافظ أخو الحافظ الكبير أبي بكر ابن أبي شيبة، مشهور التَّرجمة، وله ترجمة في «الميزان»، وأمَّا المقرون به (مُحَمَّد)؛ فهو في أصلنا: (مُحَمَّد بن سلَام)، وقد كُتِب على (ابن سلَام): (زائد)، وقد قال الجيَّانيُّ [1] في «تقييده»، فذكر أبوابًا ليس منها هذا المكان: («مُحَمَّد عن عَبْدة»: هكذا أتى «مُحَمَّد» غير منسوب عن عَبْدة، وفي بعض هذه المواضع، وقد نسبه ابن السَّكن في بعضها: «ابن سلَام»، وكذلك صرَّح البخاريُّ في بعض المواضع باسمه، فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا عَبْدة، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة) انتهى، وقد راجعتُ «الأطراف» للمزِّيِّ؛ فقال: (في «الصَّوم» عن عثمان ابن أبي شيبة، ومُحَمَّد هو ابن سلَام) هذا لفظه، فالتَّوضيح يحتمل أن يكون منه [2]، ويحتمل أن يكون [3] مِن غيره؛ ممَّن [4] تقدَّم؛ كالفربريِّ أو مَن دونه.

و (عَبْدة) هذا: هو ابن أبي لبابة الأسديُّ الغاضريُّ مولاهم، ويقال: مولى قريش، تابعيٌّ جليل، لقي ابن عمر وجماعة، وله في «مسلم» عن عُمر نفسِه، وهذا مُنقطِع، وكذا قال الرَّشيد العطَّار في «الغرر» [5]، وعنه: مُحَمَّد بن جحادة، وشعبة، والأوزاعيُّ، وخلقٌ، وكان فاضلًا إمامًا كبير القدر [6]، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ [7]، والنَّسائيُّ [8]، وابن ماجه.

==========

[1] في (ب): (الجبائي)، وهو تصحيفٌ.

[2] (منه): سقط من (ج).

[3] (ويحتمل أن يكون): سقط من (ب) و (ج).

[4] في (ب): (وقد).

[5] في (ب): (العزيز)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ب): (الفضل).

[7] في (ب): (وأبو داود).

[8] زيد في (ب): (والتِّرمذي)، وهو تكرار.

[ج 1 ص 502]

(1/3821)

[باب التنكيل لمن أكثر الوصال]

(1/3822)

[حديث: وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين]

1965# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن [1]) أنَّه ابن [2] عوف الزُّهريُّ، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ): هذا الرجل لا أعلم أحدًا سمَّاه؛ فليتبعْ.

قوله: (إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ [3]): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.

قوله: (كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ): التَّنكيل: العُقوبة.

==========

[1] زيد في (ب): (بن عوف).

[2] (ابن): سقط من (ب).

[3] في (ب) و (ج): (ويسقيني).

[ج 1 ص 502]

(1/3823)

[حديث: إياكم والوصال]

1966# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: قد [2] قدَّمتُ في (الصَّلاة) أنَّ البخاريَّ ذكر يحيى عن عبد الرَّزَّاق في عدَّة أبواب ذكرتها هناك عن عبد الرَّزَّاق [3]، نسبه ابن السَّكن: يحيى بن موسى خت، وذكر غيره أنَّ يحيى عن عبد الرَّزَّاق في بعض تلك المواضع التي ذكرتها: هو يحيى بن جعفر بن أعين أبو زكريَّا البخاريُّ البيكنديُّ، وذكر أبو نصر أنَّ يحيى بن موسى البلخيَّ ويحيى بن جعفر البخاريَّ روى مُحَمَّد بن إسماعيل عنهما عن عبد الرَّزَّاق في «الجامع»، ووجدنا رواية يحيى بن جعفر عن عبد الرَّزَّاق في أوَّل (كِتَاب الاستئذان)، وقال أبو أحمد بن عديٍّ: يحيى بن جعفر هذا هو الذي قال لمُحَمَّد بن إسماعيل: مات عبد الرَّزَّاق ولم يكن مات في ذلك الوقت، بل كان حيًّا، وكان البخاريُّ [4] مُتوجِّهًا إلى عبد الرَّزَّاق فانصرف، فلمَّا مات عبد الرَّزَّاق [5]؛ سمع البخاريُّ كُتُبَ عبد الرَّزَّاق من يحيى هذا، انتهى ملخَّصًا، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (قيل: إنَّه يحيى بن موسى).

قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (هَمَّام) وأنَّه ابن مُنبِّه بن كامل اليماني الأبناويُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ): (الوِصال): منصوب، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (فَاكْلَفُوا): قال ابن قرقول: (كَلِفْتُ بالشَّيءِ أولعت به، ثلاثيٌّ مفتوح اللَّام في المستقبل، مكسورها في الماضي، ووقع عند بعض شيوخنا بألف القطع، ولام مكسورة، ولا يصحُّ عند أهل العربيَّة) انتهى.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: الملقب بخت).

[2] (قد): ليس في (ب).

[3] زيد في (ج): (في «الجامع»، ووجدنا رواية).

[4] زيد في (ب): (وكان البخاريّ)، وهو تكرارٌ.

[5] زيد في (ب): (سمع البخاريّ عبد الرزاق)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[ج 1 ص 502]

(1/3824)

[باب الوصال إلى السحر]

[ج 1 ص 502]

قوله: (باب الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ): تقدَّم أنَّ (السَّحر): قبيل الصُّبح، وتقدَّم قريبًا ما رأيته في ذلك.

(1/3825)

[حديث: لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر]

1967# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، والزَّاي [1]، وأنَّ اسمه عبد العزيز بن أبي حَازم المدنيُّ [2]، واسم أبيه سلمة بن دينار، تقدَّم.

قوله: (عَنْ يَزِيدَ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تقدَّم قريبًا مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ): تقدَّم في باطنها ضبط والده، وبعض ترجمته هو [3]، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِي) أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

(1/3826)

[باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه .. ]

(1/3827)

[حديث: آخى النبي بين سلمان وأبي الدرداء]

1968# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم لِمَ لُقِّب بندارًا.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ [1]): هو بضمِّ العين، وفتح الميم، وبالسِّين المهملتين، وتقدَّم أيضًا أنَّ اسمه عتبة بن عبد [2] الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذليُّ، أخو عبد الرَّحمن المسعوديِّ، عن الشَّعبيِّ، وابن أبي مُلَيكة، وإياس بن سلمة ابن الأكوع، وعون بن أبي جُحَيْفَة، وجماعة، وعنه: شعبة، وعبد الواحد بن زياد، وأبو معاوية، وآخرون، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، قال الذَّهبيُّ: موته قريب من موت الأعمش، انتهى، والأعمش تُوفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (148 هـ)، وقال شيخنا المؤلِّف في هذا الشرح: تُوفِّيَ سنة (120 هـ)؛ فاعلمه.

قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ (أبا جُحَيْفَة) بضمِّ الجيم، وفتح الحاء المهملة، والباقي معروف، وهب بن عبد [الله] السُّوائيُّ، تقدَّم.

قوله: (بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ): تقدَّم أنَّ أبا الدرداء عُويمر، وقد اختُلِف في اسم أبيه، وقد قدَّمته، حكيم هذه الأمَّة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ): هذه هي الكبرى، قال الدِّمياطيُّ: (واسمها خَيْرة بنت أبي حدرد الأسلميِّ في قول أحمد ويحيى، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى اسمها هجيمة أو جهيمة بنت حُيَيٍّ، وهي أيضًا زوج أبي الدَّرداء، والصُّحبة للكبرى، تُوفِّيَت بالشَّام في خلافة عثمان قبل أبي الدَّرداء، ولم يُروَ عنها شيء في الكتب السِّتَّة، وسيأتي ما ذكره شيخنا الشَّارح في (عيادة المريض)، وروت الصغرى عنه فيها، ومات عنها أبو الدَّرداء، فخطبها معاوية، فلم تتزوَّجه، وحجَّت سنة إحدى وثمانين) انتهى، قال ابن عبد البَرِّ: (تُوفِّيَت _يعني: الكبرى_ قبل أبي الدَّرداء بسنتين) انتهى [3]، وتُوفِّيَ أبو الدَّرداء سنة اثنتين وثلاثين، وقد تقدَّم أنَّه روى لها أحمد في «المسند»، وقد قال شيخنا الشَّارح فيما يأتي في (كِتَاب المرضى) كلامًا معناه: أنَّه علَّق لها البخاريُّ، وسيذكر البخاريُّ في (المرضى) ذلك، وأذكر ما قاله شيخنا، والله أعلم.

(1/3828)

قوله: (مُتَبَذِّلَةً): أي: لابسة ثيابها؛ وهو ما يمتهن فيه من الكسوة؛ أي: غير مُتزيِّنة، ولا مُتصنِّعة للزَّوج، وهو بمثنَّاة فوق ثمَّ موحَّدة مفتوحتين، ثمَّ ذال معجمة مكسورة، قال في «النِّهاية»: وفي رواية: (مبْتَذِلة)؛ يعني: بموحَّدة ساكنة، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ ذال معجمة مكسورة، وهما بمعنًى.

قوله: (لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا): لم أقف على كلام فيه، والذي ظهر لي أنَّ مرادها المرأة؛ أي: ليس له حاجة في الزَّوجة، والله أعلم.

قوله: (فَصَلَّيَا): هو بفتح اللَّام المشدَّدة؛ أي: صلَّى هو وسلمان.

(1/3829)

[باب صوم شعبان]

(1/3830)

[حديث: كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر]

1969# قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): تقدَّم أنَّ النضر [1] بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يشتبه بنصر؛ لأنَّ المهمل لا يأتي بالألف واللَّام؛ بخلاف المعجم؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام، وهو سالم بن أبي أميَّة، مولى عمر بن عبيد الله التَّيميِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف.

(1/3831)

[حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا]

1970# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ (فَضالة) بفتح الفاء، وهذا ظاهر إلَّا أنِّي رأيت مَن يقع فيه ويضمُّ فاءه.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): تقدَّم أنَّ هذا هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وأنَّ (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، وأنَّ (أَبَا سَلَمَةَ) أحد الفقهاء السَّبعة على قول، وتقدَّم اسمه أعلاه.

قوله: (لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا): تقدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التَّعليق، وأنَّ (حتَّى) على بابها من الغاية، وإليه ذهب ابن سِرَاج وأبوه؛ أي: لا يَملَّ لثوابهم مللًا مقابلًا لمللهم، وقيل: خرج الكلام مخرج قولهم: (حتَّى يشيب الغراب)، على نفي القصَّة، لا على وجودها؛ أي: لا يَملُّ، ولا يليق به الملل إن مللتم أنتم، من المقابلة بين الكلامين؛ أي: لا يترك ثوابكم حتَّى تملُّوا، وتتركوا بمللكم عبادته، فسمَّى تركه لثوابهم مللًا، و (الملل) إنَّما هو من صفات المخلوقين: وهو ترك الشيء؛ استثقالًا وكراهيةً [1] بعد حرص عليه ومحبَّة فيه، قاله في «المطالع».

==========

[1] في (ب): (وكراهةً).

[ج 1 ص 503]

(1/3832)

[باب ما يذكر من صوم النبي وإفطاره]

قوله: (باب مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِيِّ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر.

==========

[ج 1 ص 503]

(1/3833)

[حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان]

1971# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (أَبُو عَوَانَةَ) أنَّه الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ الحافظ مُتَرجَمًا، وتقدَّم (أَبُو بِشْرٍ) أنَّه بالموحَّدة المكسورة، وبالشِّين المعجمة، وأنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس.

قوله: (قَطُّ): تقدَّم الكلام في أوَّل هذا التَّعليق على اللُّغات فيها.

(1/3834)

[حديث: كان رسول الله يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه.]

1972# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الميم [1]، وأنَّه الطَّويل ابن تير، وقيل: تيرويه، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم أنَّ كلَّ ما جاء (حُمَيد عن أنس) في هذا «الصَّحيح»؛ فهو الطَّويل إلَّا في حديثين؛ أحدهما: «أخذ الرَّاية زيد فأصيب»، والثَّاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار»؛ فإنَّه حُمَيد بن هلال، والله أعلم.

[ج 1 ص 503]

قوله: (أَنْ لاَ يَصُوم): هو منصوب ومرفوع، وهذا ظاهر، وكذا (أَنْ لاَ يُفْطِر).

قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ): (سليمان) هذا: هو سليمان بن بلال المدنيُّ أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر، عن زيد بن أسلم وعبد الله بن دينار، وعنه: ابنه أيُّوب، والقعنبيُّ، ولُوَين [2]، ثقة إمام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهذا تعليق مجزوم به، فهو [3] شرطه مِن أوَّله إلى آخره، وسليمان من شرطه، أخرج له [4] الجماعة، وتعليق سليمان لم يكن في شيء من الكتب السِّتَّة.

==========

[1] في (ب): (الموحَّدة)، وليس بصحيحٍ.

[2] في (ب): (ولوس)، وهو تحريفٌ.

[3] زيد في (ب): (على).

[4] (له): سقط من (أ) و (ج).

(1/3835)

[حديث: ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائمًا إلا رأيته]

1973# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا أَبُو [2] خَالِدٍ الأَحْمَرُ): كذا في الأصل، وفي نسخة وعليها علامة راويها: (ابن سلَام)، قال الجيَّانيُّ [3]_وقد ذكر هذا المكان فقط في «البخاريِّ» _: (نسبه ابن السَّكن: مُحَمَّد بن سلَام، وإليه أشار أبو نصر في كتابه) انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: البخاريُّ في (الصَّلاة) وفي (الصَّوم)، (عن مُحَمَّد): هو ابن سلَام.

قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ): تقدَّم أنَّه سليمان بن حيَّان الكوفيُّ، عن عاصم الأحول ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وهنَّاد، صدوق إمام، قال ابن مَعِين: ليس بحجَّة، تُوفِّيَ سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد بها، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (وَلاَ مَسِسْتُ): يقال: مسِست الشيء _ بالكسر_ أَمَسُّه مَسًّا، هذه اللُّغة الفصيحة، وحكى أبو عبيدة: مسَستُ الشَّيء _ بالفتح_ أمُسُّه؛ بالضَّمِّ، وربَّما قالوا: مِسْتُ الشَّيء؛ يحذفون منه السِّين الأولى، ويُحوِّلون كسرتها إلى الميم، ومنهم مَن لا يحوِّل، ويترك الميم على حالها مفتوحة، قاله الجوهريُّ، وقد تقدَّم بعض هذا أو كلُّه.

قوله: (وَلاَ شَمِمْتُ): بكسر الميم الأولى، ويجوز فتحها في لغة، وقد تقدَّم بأطولَ مِن هذا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَني).

[2] (أبو): سقط من (ج).

[3] في (ب): (الخطابي)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 504]

(1/3836)

[باب حق الضيف في الصوم]

(1/3837)

[حديث: إن لزورك عليك حقًا وإن لزوجك عليك حقًا]

1974# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحاقُ: أَخْبَرَنَا هارُونُ بنُ إسْماعِيلَ): قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر هذا المكان فقط_: (لم ينسبه أبو نصر ولا غيره من شيوخنا) انتهى، ولا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقال الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: («خ» إسحاق: روى البخاريُّ عنه، عن عبد الله بن بكر، وأبي [1] عاصم، وجماعة، والظَّاهر أنَّه الكوسج، وقيل: إنَّ الذي يروي عن عبد الله بن بكر: هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر) انتهى، وقال شيخنا بعد أن ذكر كلام الجيَّانيِّ بتقديم وتأخير: ورواه أبو نعيم في «مستخرجه» عن أبي أحمد: حَدَّثَنَا ابن شيرويه: حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم: أخْبَرنا هارون: حَدَّثَنَا عليُّ بن المبارك) انتهى، وما قاله شيخنا لم يحصل به التَّمييز؛ لأنَّ في مشايخ البخاريِّ مَن اسمه (إسحاق بن إبراهيم) جماعة؛ منهم مَن روى عنه في «الصَّحيح»؛ وهم [2]: البغويُّ لؤلؤ [3]، والصَّوَّاف [4] الباهِليُّ، وابن راهويه، وابن نصر السَّعديُّ، وابن يزيد [5] أبو النضر الدِّمشقيُّ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، تقدَّم بترجمته، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ [6] عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ [7]): [تقدَّم الكلام على [8] ياء (العاصي)] [9]، قال النَّوويُّ: (إنَّ الصَّحيح: إثبات الياء)، وقدَّمت كلام أبي عمرو بن الصَّلاح.

(1/3838)

قوله: (دَخَلَ عَلَيَّ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ؛ يَعْنِي: إِنَّ [لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ] [10] لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ المُسمِع الشَّيخ الرَّاوي إذا أتى ببعض الحديث، وحذف بقيَّته، وأشار إليه بقوله: (وذكر الحديث)؛ كهذا، أو نحو هذا؛ كقوله: (وذكره)، وكقوله: (الحديث)، ولم يكن تقدَّم كمال الحديث؛ كالصُّورة الأولى؛ فليس لمن سمع كذلك أن يُتمِّم الحديث، بل يقتصر على ما سمع منه إلَّا مع البيان، كما [11] سيأتي، وبالمنع أجاب الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينيُّ، وقال أبو بكر الإسماعيليُّ: إذا عَرَف المُحدِّث والقارئ ذلك الحديث، فأرجو أن يجوز ذلك، والبيان أولى أن يقول: كما قال [12]، وطريق مَن أراد إتمامه [13] أن يقتصَّ ما ذكره الشَّيخ منه، ثمَّ يقول: (قال: وذكر الحديث)، ثمَّ يقول: (وتمامه كذا وكذا)، وقال أبو عمرو بن الصَّلاح بعد حكاية كلام الإسماعيليِّ: إذا جوَّزنا ذلك؛ فالتَّحقيق فيه أنَّه بطريق الإجازة فيما لم يذكر الشَّيخ، قال: لكنَّها إجازة أكيدة، قويَّة من جهات عديدة، فجاز لهذا مع كون أوَّله سماعًا إدراجُ الباقي عليه من غير إفراد [14] بلفظ الإجازة، والله أعلم، والذي فضَّله [15] الإمام البخاريُّ اختيار منه للجواز، والظَّاهر أنَّ المُسمِع والبخاريَّ يعرفان بقيَّة الحديث، والبخاريُّ لا أعلمه روى في هذا «الصَّحيح» بالإجازة إلَّا على ما قاله الحيريُّ، ولم يروِ بالمكاتبة نفسُه إلَّا في مكان واحد، فقال فيه: (كتب إليَّ مُحَمَّد بن بَشَّار) [خ¦6673]، كما سيأتي، وقد تقدَّمت مسألة الإجازة والمكاتبة في (كِتَاب العلم)، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ لِزَوْرِكَ): (إنَّ)؛ بكسر همزتها ابتدائيَّة، والزَّور: الزَّائر، وهو جمع أيضًا، جمع (زَائر)، يقال: أتانا زَور؛ الواحد والاثنان والجميع سواء، ويقال: الزَّور: مصدر سُمِّي به الزَّائر، كما قالوا: رجل صَوم وعَدْل، ورجال صَوم وعَدْل.

قوله: (وَإِنَّ لِزَوْجِكَ): الزَّوج: الزَّوجة، والأفصح طرح التَّاء، وإثباتها لغة.

قوله: (قَالَ: نِصْفُ): هو برفع الفاء، وهذا ظاهر.

(1/3839)

[باب حق الجسم في الصوم]

(1/3840)

[حديث: يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟!]

1975# قوله [1]: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك الإمام، تقدَّم، وكذا تقدَّم (الأَوْزَاعِيُّ) أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو أبو عمر، أحد الأعلام، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثَّاء المثلَّثة، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن) أعلاه وقبله [2] مرارًا، وكذا تقدَّم (العَاصِي) في يائه.

قوله: (أَلَمْ أُخْبَرْ): هو بضمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر [3].

قوله: (وَإِنَّ بِحَسْبِكَ): هو بإسكان السِّين، الحسْب _ بإسكانها_: الكفاية.

قوله: (صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ): (كله): مجرور، تأكيد لـ (الدَّهر) [4]، وهذا ظاهر.

قوله: (فَشُدِّدَ عَلَيَّ): (شُدِّد): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (نِصْفُ الدَّهْرِ): (نصف): مرفوع، ورفعه ظاهر.

(1/3841)

[باب صوم الدهر]

قوله: (باب صَوْمِ الدَّهْرِ): فائدة: الصَّحابة الذين كانوا يسردون الصَّوم جماعة؛ منهم: عمر، وابنه عبد الله، وأبو طلحة، وحمزة بن عمرو الأسلميُّ، وعائشة، وأبو الدَّرداء، وأبو أمامة الباهِليُّ، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وأمُّ سلمة، وأسماء بنت الصِّدِّيق، وعبد الله بن الزُّبير، ومن التَّابعين: عروة بن الزُّبير، وأبو بكر بن عبد الرَّحمن، وأبو سلمة.

==========

[ج 1 ص 504]

(1/3842)

[حديث: فإنك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر وقم ونم]

1976# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (المسيّب) أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أعلاه [1].

قوله: (أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أُخبِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رسولُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهر [2].

قوله: (أَنِّي أَقُولُ): هو بفتح همزة (أنِّي)، وهذا ظاهر أيضًا.

قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): أي: أفديك بأبي وأمِّي، وقد تقدَّم التَّفدية بأحد الأبوين أو بهما، وأنَّه جائز سواء أكانا مؤمنين أم كافرين، أو أحدهما مؤمن، والآخر كافر، والله أعلم.

==========

[1] (أعلاه): ليس في (ب).

[2] (وهذا ظاهر): ليس في (ب).

[ج 1 ص 504]

(1/3843)

[باب حق الأهل في الصوم]

قوله: (رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ): تقدَّم قريبًا أنَّه وهب بن عبد [الله] السُّوائيُّ، وتقدَّم أيضًا فيه ضبط (جُحَيْفة) وقريبًا أيضًا.

==========

[ج 1 ص 504]

(1/3844)

[حديث: ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر]

1977# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): هذا هو الفلَّاس [1] أبو حفص [2]، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو عَاصِمٍ) أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، وكذا تقدَّم (عَطَاء) أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.

[ج 1 ص 504]

قوله: (أَنَّ أَبَا الْعبَّاس الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ): (أبو العبَّاس الشاعر): هو السَّائب بن فَرُّوخَ المكِّيُّ الأعمى، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي وابن عمر، وعنه: عطاء بن أبي رَباح وعمرو بن دينار، ثقة، وثَّقه أحمد وجماعة، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ): (إِمَّا) في الموضعين؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وهذا ظاهر.

قوله: (أَلَمْ أُخْبَرْ): تقدَّم أنَّ (أُخبَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (لَأَقْوَى): هي بفتح لام التَّأكيد.

قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): هذا هو ابن أبي رَباح المذكور في السَّند.

(1/3845)

[باب صوم يوم وإفطار يوم]

(1/3846)

[حديث: صم من الشهر ثلاثة أيام]

1978# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما معنى هذا اللَّقب، وكذا تقدَّم (غندر): أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم أنَّه لَقَّبه به ابنُ جريج، وأنَّ معنى (غندر): المُشغِّب.

قوله: (عَنْ مُغِيرَةَ): هذا هو مغيرة بن مِقْسَم الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفيُّ الفقيه الأعمى أبو هشام، عن أبي وائل، وإبراهيم، والشَّعبيِّ، وعنه: شعبة، وزائدة، وابن فُضَيل، روى جرير عنه قال: ما وقع في مسامعي شيء فنسيته، تُوفِّيَ سنة (133 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو إمام ثقة، لكن ليَّن أحمد حديثه عن إبراهيم النَّخعيِّ فقط، وهي في «البخاريِّ» و «مسلم»، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): قال العلائيُّ في «المراسيل»: واختُلِف في روايته عن عبد الله بن عمرو؛ فقيل: لم يسمع منه، قال العلائيُّ: قلت: أخرج البخاريُّ عنه حديثين، انتهى، إنَّما أخرج البخاريُّ لمجاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ثلاثة أحاديث؛ أحدها: «ليس الواصل بالمُكافِئ»، والثاني: «أنكحني أبي امرأةً ذات حسب»، والثالث: «مَنْ قتل معاهدًا؛ لم يرح رائحة الجنَّة»، ونقل شيخنا عن الدَّارقطنيُّ: أنَّه لم يسمع من عبد الله بن عمرو، وسيجيء ذلك في (الدِّيات) و (الأدب)، والبخاريُّ لا يكتفي بإمكان اللُّقيِّ [1]، إنَّما يكتفي باللُّقيِّ [2]، وقد أخرج له التِّرمذيُّ عنه، وقال: حسن [3] صحيح، وفي بعضها حسن له.

==========

[1] في (ب): (يكتفي في مكان الكقي)، وهو تحريفٌ.

[2] (باللقي): سقط من (ب).

[3] في (ج): (حديث).

[ج 1 ص 505]

(1/3847)

[باب صوم داود عليه السلام]

(1/3848)

[حديث: إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النفس]

1979# قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): هذا بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر معروف عند أهله.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْعبَّاس الْمَكِّيَّ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ لاَ يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ): تقدَّم أعلاه بعض ترجمته، وأنَّه السَّائب بن فَرُّوخ.

قوله: (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ): هو بفتح الهاء والجيم والميم، وبتاء التأنيث الساكنة؛ أي: غارت [1] ودخلت في موضعها، ومنه: الهجوم على القوم: الدُّخول عليهم [2]، وقد تقدَّم.

قوله: (وَنَفِهَتْ [3] لَهُ النَّفْسُ): هو بكسر الفاء؛ ومعناه: أَعيتْ وكَلَّت، وفي أصلنا مضبوط بالقلم: بفتح الفاء وكسرها، والكسر قيَّده به الجوهريُّ، قال في «المطالع»: (نَهَثَتْ [4] له النَّفسُ): كذا لهم، وعند النَّسفيِّ: (نَهَثت أو نَفِهَتْ) على الشَّكِّ، والصَّواب: نَفِهَت؛ أي: أَعْيَت وكلَّت، وذكر شيخنا الشَّارح: (نهتت)؛ بنون، ثمَّ هاء، ثمَّ مثنَّاة فوق [5]، ثمَّ أخرى مثلها؛ ومعناه: ضعفت، ولأبي الهيثم: (نهلت): وليست هذه الكلمة معروفة في كلامهم حتَّى «الصِّحاح»، كذا بخطِّ الدِّمياطيِّ في الحاشية، وقال ابن التِّين: ضُبِط بكسر الهاء [6] في بعض الرِّوايات، وبالفتح في بعضها، وأعجم الثَّاء ثلاثًا [7] أتمَّ، ثمَّ قال: ولم يذكره أحد من أهل اللُّغة، وإنَّما ذكره الهرويُّ وابن فارس: بتاء معجمة باثنتين، قال ابن فارس: النَّهيت دون الزَّئير، قال: وكذلك ذكر صاحب «الصِّحاح»، قال الجوهريُّ: نَهَت يَنْهَتُ؛ أي: صوَّتَ، والنَّهيت: صوت يخرج من الصدر شبيه بالزجر [8]، وقال في رواية أخرى: (نهكت)، ولا وجه له إلَّا أن تُقرَأ بضمِّ النُّون من (نهكته الحمَّى)؛ إذا نقصته، انتهى، وفي بعض أصولنا: (نهثت) في الأصل، وكُتِب تجاهه [9]: صوابه: (لهثت)؛ باللَّام؛ أي: أعيت، وأمَّا بالنُّون؛ فهو مُهمَل عند أهل اللُّغة [10]، انتهت، و (نهثت) المذكورة؛ بمثلَّثة بعد الهاء، ثمَّ مثنَّاة فوق بالقلم، وقد تقدَّم من كلام شيخنا: أنَّ (نهتت)؛ بالمثنَّاة فوق، ثمَّ مثلها، فهذه غير تلك، والله أعلم.

==========

[1] في (ب) و (ج): (عادت).

[2] (عليهم): سقط من (ب).

[3] في (ب): (وتفهمت)، وهو تحريفٌ.

[4] في النُّسخ: (نهبت)، والمُثبَت من مصدره.

[5] في (ج): (مفتوحة).

(1/3849)

[6] في النُّسخ: (الثاء)، وكُتِب فوقها في (أ) كذا، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[7] في النُّسخ: (ثلاثًا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[8] في النسخ: (بالرجز).

[9] زيد في (ج): (في الحاشية).

[10] (أهل): سقط من (ب).

[ج 1 ص 505]

(1/3850)

[حديث: أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام]

1980# قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَلِيحِ): هو بفتح الميم، وكسر اللَّام، واسمه عامر، وقيل: زيد بن أسامة بن عُمير الهذليُّ، عن أبيه وبُريدة، وعنه: أيُّوب وحجَّاج بن أرطاة، ثقة، مات سنة (98 هـ)، وقيل: سنة (112 هـ)، وقيل: سنة (108 هـ)، وُلِّي الأُبلة، أخرج له الجماعة.

قوله: (ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (ثَلاَثَةُ أيَّام): (ثلاثةُ): مرفوع فاعل (يكفي).

قوله: (قَالَ خَمْسًا): وكذا ما بعده: (سبعًا) و (تسعًا)؛ أي: صُمْ خمسًا، فهو مفعول بفعل [1] مُقدَّر، وهذا ظاهر.

قوله: (شَطْر الدَّهْرِ): (شطر): يجوز فيه الجرُّ، ويجوز النَّصب.

==========

[1] في (ب): (لفعل).

[ج 1 ص 505]

(1/3851)

[باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة]

قوله: (بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ: ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ): في أيَّام البيض وجهان لأصحاب الشَّافعيِّ، فما ذكره البخاريُّ هو الصَّحيح من الوجهين عندهم، وفي وجه: أنَّ أوَّلها الثَّاني عشر، ثمَّ اعلم أنَّ لفظ التَّرجمة حديث مرفوع لم يوافق شرطه، أخرجه النَّسائيُّ في رواية، وصحَّحها ابن حِبَّان: (أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أن نصوم من الشَّهر ثلاثة أيَّام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة)، أخرجها النَّسائيُّ من طريقين، وفيهما: يحيى بن سام، لم يخرِّج له البخاريُّ شيئًا، وإنَّما أخرج له التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وذكره ابن حبَّان في «الثِّقات»، وقال أبو عبيد الآجريُّ: سألت أبا داود عنه، فكأنَّه لم يرضَه، وقال: بلغني أنَّه لا بأس به.

==========

[ج 1 ص 505]

(1/3852)

[حديث: أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر]

1981# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين مهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو المُقعَد الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّنُّوريُّ أبو عبيدة الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

[ج 1 ص 505]

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، وبالمثنَّاة تحت المُشدَّدة، وفي آخره حاء مهملة، وتقدَّم أنَّ اسمه يزيد بن حُمَيد [1] الضُّبعيُّ.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْديُّ [2]): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتقدَّم اللُّغات في (مَلٍّ)، وهنَّ أربع، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ): تنبيه: تقدَّم أنَّ الكُرَّاسة التي في أيدي الطرقيَّة وبعضِ النَّاس التي تُسمَّى وصيَّة أبي هريرة مكذوبة [3] إلَّا هذه الثَّلاث؛ فاعلمه، رأيت ذلك في كلام غير واحد من الحُفَّاظ، وإن كانت كلامًا حسنًا، فما كلُّ كلام حسن قاله النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، بل كلُّ ما قاله النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حسنٌ.

(1/3853)

[باب من زار قومًا فلم يفطر عندهم]

(1/3854)

[حديث: أعيدوا سمنكم في سقائه وتمركم في وعائه فإني صائم]

1982# قوله: (عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّها بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وهي أمُّ أنس بن مالك، وقد اختُلِف في اسمها؛ فيُقال: اسمها سهلة، ويقال: رُمَيلة، ويقال: رُمَيثة [1]، ويقال: أُنَيفة، ويقال: مُلَيكة، ويقال: الغُمَيصاء، ويقال: الرُّمَيصاء، وقال أبو داود: الرُّميصاء أخت أمِّ سُلَيم من الرَّضاعة، وقد قدَّمت ترجمتها.

قوله: (إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً): هي تصغير (خاصَّة)، وهي بتشديد الصَّاد: الأمر الذي يختصُّ بالإنسان، وجاء في رواية خارج هذا الكتاب: (خُوَيصَّتُكَ أنسٌ)؛ أي: الذي يختصُّ بخدمتك، وصُغِّر به؛ لصغر سِنِّه، والله أعلم.

قوله: (وَلاَ دُنْيَا): تقدَّم أنَّها غير منوَّنة على اللُّغة الفصيحة، وفي لغة يُنوَّن.

قوله: (ابْنَتِي أُمَيْنَةُ): هي تصغير (آمنة)، و (أُمَيْنَة)؛ بهمزة مضمومة، ثمَّ ميم مفتوحة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: بنت أنس بن مالك، حدَّث عنها أنس، كذا قيَّدها غير واحد، ولا أعرفُ ترجمتها.

قوله: (مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ [2] عِشْرُونَ وَمِئَةٌ): أمَّا الحجَّاج؛ فهو ابن [3] يوسف الثَّقفيُّ، تقدَّم نسبه، والكلام فيه، وأمَّا قدومه البصرةَ؛ فقال شيخنا: وكانت ولاية الحجَّاج سنة خمس وسبعين، انتهى.

وقوله: (عشرون ومئة): كذا هنا، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (بضع وعشرون ومئة)، وقال شيخنا: وفي رواية مُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ عن حُميد: (ثلاثة وعشرون ومئة)، ذكرها الخطيب في الكتاب المذكور؛ يعني: في «رواية الآباء عن الأبناء»، انتهى.

وقد وُلد لأنس بعد ذلك، وتُوفِّيَ سنة (93 هـ)، وقيل غير ذلك، وسيأتي مُطَوَّلًا.

(1/3855)

فائدة في هذا الحديث: فيه [4] رواية الآباء عن الأبناء، وهو من لطائف الإسناد، وقد أفرده الخطيب البغداديُّ بالتَّصنيف، وها أنا أذكر لك مَن حضرني مِن هذا النَّوع: روى العبَّاس عن ابنه الفضل، وروى وائل بن داود عن ابنه بكر، وروى سليمان التَّيميُّ عن ابنه مُعتمِر حديثين، وروى أنس بن مالك عن ابنه غير مُسمًّى، وروى عن ابنته هذه أُمَيْنَة، وروى زكريَّا بن أبي زائدة عن ابنه، وروى يونس بن أبي إسحاق عن ابنه إسرائيل، وروى أبو بكر بن [5] عيَّاش عن إبراهيم ابنه، روى شجاع بن الوليد عن ابنه أبي [6] هشام الوليد، وروى عمر بن يونس اليماميُّ عن ابنه، وروى سعيد بن الحكم المصريُّ عن ابنه مُحَمَّد، وروى [7] إسحاق بن البهلول عن ابنه يعقوب، وروى كثير بن يحيى البصريُّ عن ابنه يحيى، وروى يحيى بن جعفر بن أعين عن ابنه الحسين، وروى عليُّ بن حرب عن ابنه الحسن، وروى مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ عن ابنه يحيى، وروى أبو داود صاحبُ «السُّنن» عن ابنه أبي بكر، وروى أحمد بن شاهين عن ابنه مُحَمَّد، وروى أبو بكر بن أبي عاصم عن ابنه أبي عبد الرَّحمن، وروى عمر بن مُحَمَّد السَّمرقنديُّ عن ابنه مُحَمَّد، وروى مُحَمَّد بن عبد الله الصَّفَّار عن ابنه أبي بكر أبياتًا، وروى أبو الشَّيخ بن حيَّان عن ابنه عبد الرَّزَّاق حكايةً، وروى الحافظ أبو سعد [8] بن السَّمعانيِّ عن ابنه عبد الرَّحيم في «ذيل تاريخ بغداد»، وروى الإمام بدر الدِّين ابن جماعة عن ابنه القاضي عزِّ الدين حكايةً عجيبةً، وقال بعضهم: وروى أبو بكر الصِّدِّيق عن عائشة ابنته في (الحبَّة السَّوداء)، وهذا غلط ممَّن رواه؛ إنَّما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق عن عائشة، وهو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، وكذا رواه البخاريُّ في «صحيحه»، وروت أمُّ رومان دعد _ويقال: زينب_ عن ابنتها عائشة، والله أعلم.

(1/3856)

فائدة: اعلم أنَّ أنسًا أكثر الصَّحابة أولادًا كذا صُرِّح به، وقال ابن قتيبة في «معارفه»: (ثلاثة من أهل البصرة لم يموتوا حتَّى رأى كلُّ واحد منهم مئة ذكر مِن صلبه: أنس بن مالك، وأبو بكرة نُفَيع بن الحارث، وخليفة بن بدر) انتهى، وقد ذكر القاضي العلَّامة شمس الدين ابن خَلَّكان في «تاريخه» في ترجمة تميم بن المعزِّ بن باديس: (أنَّه خلَّف من البنين مئةً، ومن البنات ستِّين) انتهى، والله أعلم، [وذكر أيضًا في «تاريخه» في ترجمة المُهلَّب بن أبي صُفرة: (أنَّه وقع من صلبه إلى الأرض ثلاثُ مئة ولد) انتهى، والله أعلم] [9].

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ... ) إلى آخره: وفي نسخة: (قال ابن أبي مريم)، أمَّا (ابن أبي مريم)؛ فقد [10] تقدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم [11] الحكم بن مُحَمَّد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وهو شيخ البخاريِّ، وهذا يُعرَف مِن قوله: (حَدَّثَنَا ابن أبي مريم)، وأمَّا على تلك النسخة الأخرى: (قال ابن أبي مريم)؛ فيكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة، كما قد تقدَّم في نظرائه غير مرَّة، وقد تقدَّم ما حكم: (قال فلان)؛ إذا كان المُسنَد إليه القولُ شيخَه؛ كهذا، وأصرح منها: (قال لي فلان) ما حكمها.

والحكمة في الإِتيان بالثَّاني سواء كان بصيغة: (قال) أو (حَدَّثَنَا): تصريح حُمَيد بالسَّماع من أنس؛ لأنَّ حُمَيدًا مُدلِّس، فأتى بالثَّاني؛ لتصريح حُمَيد فيه بالسَّماع من أنس، والله أعلم.

و (يَحْيَى بْن أيُّوب): هو الغافقيُّ المصريُّ، أحد العلماء، تقدَّم، روى له الجماعة.

و (حُمَيْدٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه الطَّويل، والله أعلم.

(1/3857)

[باب الصوم آخر الشهر]

(1/3858)

[حديث: يا أبا فلان أما صمت سرر هذا الشهر]

1983# قوله: (حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ): هذا هو مهديُّ بن ميمون المَعْوليُّ، عن أبي رجاء وابن سيرين، وعنه: يحيى، وابن مهديٍّ، ومُسدَّد، ثقة، تُوفِّيَ سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ غَيْلاَنَ): هو بفتح الغين المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت، وهو ابن جَرِير، كما صرَّح به في الطريق الثَّانية، الأزديُّ المَعْوليُّ، عن أنس، ومُطرِّف بن الشِّخِّير،

[ج 1 ص 506]

وعدَّة، وعنه: شعبة، وجرير بن حازم، وحمَّاد بن زيد، مات سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أحمد وجماعة.

قوله: (ح [1]): تقدَّم الكلام عليها كيف كتابتها، والنُّطق بها في أوَّل هذا التعليق مُطَوَّلًا.

قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم معنى عارم، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ مُطَرِّفٍ): هو بضمِّ الميم، وفتح الطَّاء، وتشديد الرَّاء المكسورة [2]، ثمَّ فاء، هو مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير العامريُّ أبو عبد الله، أحد الأعلام، عن أبيه، وأُبيٍّ، وعليٍّ [3]، وعنه: أخوه يزيد، وقتادة، وأبو التَّيَّاح، مات سنة (95 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة.

قوله: (أَوْ سَأَلَ رَجُلًا، وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ، فَقَالَ: يَا فُلاَنٍ [4]): (فلان): هو الرَّجل، ولا أعرفُ اسمه.

قوله: (أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ): كذا للكافَّة، وعند العذريِّ: (من سُرر)؛ بضمِّ السِّين، قال أبو عُبيد: سرار الشَّهر: آخره حيث يستتر الهلال، وأنكرَ غيرُه وقال: لم يأت في صوم آخر الشَّهر حضٌّ، وسرار كلِّ شيء: وسطه وأفضلُه؛ يريدون: الأيَّام الغرُّ في وسط الشَّهر، وقال ابن السِّكِّيت: سِرار الشَّهر وسَراره؛ بالكسر والفتح، قال الفرَّاء: والفتح [5] أجود، وقال الأزهريُّ: سرر الشهر، وسَرارُه، وسِراره؛ ثلاث لغات، وقال الأوزاعيُّ وسعيد بن عبد العزيز: سَرُّه: أوَّله، وقد جاء هكذا في «مُصنَّف أبي داود»، وأثبت بعضهم: سرَّه، ولم يعرفه الأزهريُّ، وقال أبو داود: قيل: سَرُّه: وسطه، وسرُّ كلِّ شيء: جوفه، وأنكر هذا الخطَّابيُّ أنَّ سَرَّه: أوَّله، وذكر قول الأوزاعيِّ: (سِرُّه: آخره، وقال: سُمِّي آخره: سرَّه؛ لاستسرار القمر فيه، وذكر مسلم في [6] حديث عمران بن الحُصَين: «من سُرَّة هذا الشَّهر»، وهذا يدلُّ على أنَّه وسطه، انتهى لفظ «المطالع».

(1/3859)

قوله: (قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ [7]: رَمَضَانَ): كذا هنا، وقد تعقَّبه البخاريُّ بعده بروايةٍ: (شعبان)، وكذا أخرجه مسلم: (من سرر شعبان) عن مُطَرِّف، وهو الصَّواب.

قوله: (وَقَالَ ثَابِثٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ ... ) إلى آخره: أمَّا (ثابت)؛ فهو ابن أسلم البُنانيُّ أبو مُحَمَّد، عن ابن عمر، وابن الزُّبير، وخلقٍ، وعنه: الحمَّادان وأممٌ، وكان رأسًا في العلم والعمل، يلبس الثِّياب الفاخرة، ويقال: لم يكن في وقته أعبدُ منه، تُوفِّيَ سنة (127 هـ)، وعمره: (86)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد به، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/3860)

[باب صوم يوم الجمعة]

(1/3861)

[حديث: نهى النبي عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم]

1984# قوله: (حَدَّثَنَا أبُو عاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابن جُرَيْحٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام.

قوله: (زَادَ غَيْرُ [1] أَبِي عَاصِمٍ؛ يَعْنِي [2]: أنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمِه [3]): قال شيخنا الشَّارح: (غير أبي عاصم: هو يحيى بن سعيد القطَّان)، كما بيَّنه النَّسائيُّ؛ فذكره، قال: (وكذا قال البيهقيُّ: قوله: «زاد [4] غير أبي عاصم» ذكرها يحيى بن سعيد، عن ابن جريج) ... إلى آخر كلامه، انتهى، وقد قدمت أنَّ (زاد) مثل (قال)، وإذا كان كذلك؛ فهو تعليق.

==========

[1] في (ج): (عن)، وهو تحريفٌ، وكذا في المواضع اللَّاحقة.

[2] (يعني): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وفي هامشهما إثباتها مِن رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت.

[3] كذا في النُّسخ و (ق) وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا: (بصومٍ).

[4] زيد في (ج): (قوله).

[ج 1 ص 507]

(1/3862)

[حديث: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده]

1985# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، وكذا تقدَّم (أَبُو صَالِحٍ) أنَّه ذكوان الزَّيَّات، وتقدَّم [1] مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/3863)

[حديث: تريدين أن تصومي غدًا؟]

1986# قوله: (عن [1] يَحْيَى): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان [2]، شيخ الحُفَّاظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد: حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): (مُحَمَّد) هذا: تقدَّم الكلام عليه في (الصِّيام)، قال الجيَّانيُّ [3] في «تقييده»: (وقال في «الصِّيام»، و «تفسير {اقتربت}»، و «الطَّلاق»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا غندر» لم ينسب أحدٌ من شيوخنا في شيء مِن هذه المواضع، ولعلَّه: مُحَمَّد بن بَشَّار وإن كان مُحَمَّد بن المثنَّى يروي عن غندر، وذكر أبو نصر: أنَّ بندارًا ومُحَمَّد بن المثنَّى الزَّمِن ومُحَمَّد بن الوليد التُّستريَّ قد روى عن غندر في «الجامع») انتهى، وذكر شيخنا قال: ذكر أبو نعيم في «مستخرجه» والإسماعيليُّ: أنَّه ابنُ بَشَّار، ثمَّ ذكر ما ذكره الجيَّانيُّ، ثمَّ قال: (وقال عليُّ بن المُفضَّل: الأقرب أنَّه بندار انتهى، وبندار: هو مُحَمَّد بن بَشَّار المذكور) انتهى، والمِزِّيُّ لم يقيِّده، بل قال: (مُحَمَّد) فقط.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم ضبط (غندر)، وتقدَّم مَن لقَّبه به، وهو ابن جريج؛ ومعنى (غندر): المُشغِّب.

قوله: (عَنْ أَبِي أيُّوب): هذا هو أبو أيُّوب المراغيُّ الأزديُّ يحيى بن مالك، وقيل: حبيب بن مالك، له عن جويرية، وأبي هريرة، وسمرة، وابن عبَّاس، وعبد الله بن عمرو، وعنه: أبو عمران الجونيُّ، وقتادة، وثابت، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، ذُكِر في «الميزان» تمييزًا، أخرج له مَن عدا التِّرمذيِّ.

قوله: (عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ): هذه أمُّ المؤمنين، ابن أبي ضرار، الخزاعيَّة المصطلقيَّة، روى عنها: ابن عبَّاس، وعبد الله بن شدَّاد بن الهادي، ومجاهد، وغيرهم، سباها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يوم المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، وكانت سنة خمس، قاله خليفة، وكان اسمها بَرَّة، فسمَّاها عليه الصَّلاة والسَّلام جويريةَ، وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقيِّ، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن الشَّمَّاس،

[ج 1 ص 507]

(1/3864)

أو ابن عمٍّ له، فكاتبته، وكانت جميلة، قالت عائشة: كانت جُويرية عليها حلاوة وملاحة لا يكاد أحد يراها إلَّا وقعت بنفسه، فأتت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ تستعينه على كتابتها، فوالله ما هو إلَّا أن رأيتُها على باب الحجرة، فكرهتها، وعرفت أنَّه سيرى منها ما رأيت، فقالت: يا رسول الله؛ أنا جويرية بنت الحارث سيِّدِ قومه، وقد أصابني من الأمر ما لم يخفَ عليك، وقد كاتبت وجئتك أستعينك، فقال: «هل لك في خير من ذلك؟» قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: «أقضي كتابتك وأتزوجُّك»، قالت: نعم، فقال: قد فعلتُ، وخرج الخبر إلى النَّاس، فقالوا: صهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فأرسلوا ما في أيديهم من السَّبي، قالت عائشة: (فلا نعلم امرأة كانت أعظم بركةً على قومها منها)، تُوفِّيَت سنة (56 هـ) في ربيع الأوَّل، وصلَّى عليها مروان، وقال غيره: سنة (50 هـ)، ولها خمس وستُّون سنة، أخرج لها الجماعة، ووالدها الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن الحارث بن عائذ بن مالك بن المصطلق الخزاعيُّ [4]، استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ وحده، كذا قال الذَّهبيُّ، وأنَّه أسلم هو وابناه، وطائفة، انتهى، وفي «تاريخ دمشق»: (أنَّ أباها أسلم رضي الله عنه).

قوله: (أَمْسِ): هو بكسر السِّين، وهذا ظاهر، و (أمس) حُرِّك آخره؛ لالتقاء السَّاكنين، واختلف العرب فيه؛ فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم مَن يعربه معرفة، وكلُّهم يعربه إذا أدخل عليه الألف واللَّام، أو صيَّره نكرة، أو أضافه، تقول: مضى الأمسُ المبارك، ومضى أمسُنا، وكلُّ غدٍ صائر أمسًا، قال سيبويه: وقد جاء في ضرورة الشِّعر: (مُذْ أمسَ)؛ بالفتح، ولا يُصغَّر (أمسِ)، كما لا يُصغَّر (غدٌ [5])، و (البارحة)، و (كيف)، و (أين)، و (متى)، و (أيٌّ)، و (ما)، وأسماء الشُّهور والأسبوع غير (الجمعة)، والله أعلم.

قوله: (أَنْ تَصُومِينَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (تصومي)، وهذه جارية على الجادَّة.

قوله: (فَأَفْطِرِي): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ.

(1/3865)

قوله: (وَقَالَ حمَّاد بْنُ الْجَعْدِ): ويقال فيه [6]: حمَّاد بن أبي الجعد: (سَمِعَ قَتَادَةَ قال [7]: حَدَّثَنِي أَبُو أيُّوب [8] أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ): أمَّا (حمَّاد بن الجعد)؛ فهو هذليٌّ بصريٌّ، يروي عن قتادة وليث بن أبي سُلَيم، وعنه: أبو داود الطَّيالسيُّ وهدْبة بن [9] خالد، قال ابن مَعِين: ضعيف ليس بثقة، وقال أبو زُرْعة: ليِّن، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأسٌ، وضعَّفه أيضًا أبو داود والنَّسائيُّ، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، ولم يخرِّج له غيرُه، وله ترجمة في «الميزان»، فالتَّعليق صحيح من البخاريِّ إلى حمَّاد، وحمَّاد ليس على شرطه.

والحكمةُ في هذا التعليق؛ لأنَّ السَّند الأوَّل فيه شعبة، وقد عنعن عن قتادة، لكنَّ شعبة مِن أكره النَّاس في التَّدليس، وقد قدَّمت عنه: (أنَّه أخو الكذب)، و (لَأَن أزني أحبُّ إليَّ من أن أدلِّس)، ولكنَّ الخلاف جار فيه وفي غيره، وقتادة مُدلِّس، وقد عنعن في الأوَّل عن أبي أيُّوب، وأبو أيُّوب عنعن عن جُويرية، فصرَّح في هذا التَّعليق بتحديث قتادة من أبي أيُّوب، وأبو أيُّوب صرَّح بالتَّحديث من جُويرية وإن كان أبو أيُّوب غير مُدلِّس؛ فالخلاف في العنعنة مطلقًا، فأتى بهذا؛ لتصريحهم بالتَّحديث، والله أعلم.

وتعليق حمَّاد بن الجعد ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم يعزه شيخنا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] زيد في (ب): (الحافظ).

[3] في (ب): (الجبائي)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[4] في (ج): (الخزادعي)، وهو تحريفٌ.

[5] في (ب): (غدًا)، وليس بصحيح.

[6] (فيه): ليس في (ج).

[7] (قال): ليس في «اليونينيَّة».

[8] في هامش (ق): (يحيى بن مالك الأزديُّ البصريُّ).

[9] (بن): سقط من (ب).

(1/3866)

[باب: هل يخص شيئًا من الأيام؟]

(1/3867)

[حديث: لا كان عمله ديمة]

1987# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، وكذا تقدَّم مرارًا أنَّ (سُفْيَانَ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، ومستندي في ذلك أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكره فيمن أخذ عنه القطَّانُ، ولم يذكر ابن عيينة، والله أعلم، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، ولا يحتمل أن يكون إبراهيم بن سويد النَّخعيَّ وإن كان الاثنان رويا عنه؛ لأنَّ إبراهيم بن سويد لم يخرِّج له البخاريُّ شيئًا بالكليَّة، لا عن علقمة ولا عن غيره [1]، والله أعلم.

قوله: (عَنْ عَلْقَمَةَ قال [2]: قُلْتُ لِعَائِشَةَ [3]: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَخُصُّ [4] مِنَ الأيَّام شَيْئًا؟ ... )؛ الحديث: هذا علقمة بن قيس النَّخعيُّ أبو شبل الكوفيُّ، يروي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الله، وخلق، وعنه: ابن أخيه عبد الرَّحمن بن يزيد، وابن أخته إبراهيم النَّخعيُّ، وسلمة بن كهيل، وآخرون، تقدَّم بعض ترجمته [5].

تنبيه: اثنان كلُّ منهما اسمه علقمةُ يرويان عن عائشة رضي الله عنها في «البخاريِّ»، و «مسلم»، وغيرهما؛ أحدهما: علقمة بن قيس هذا، أخرج له عنها [6] البخاريُّ ومسلم وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وابن ماجه لم يخرِّج له عنها فقط، والثَّاني: علقمة بن وقَّاص اللَّيثيُّ، أخرج له عنها البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

قوله: (دِيمَةً): هو بكسر الدَّال، وإسكان المثنَّاة تحت؛ أي: دائمًا متَّصلًا، والدِّيْمة: المطر الدَّائم في سكون.

(1/3868)

[باب صوم يوم عرفة.]

(1/3869)

[حديث: أن ناسًا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي]

1988# قوله: (عن [1] يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا يحيى بن سعيد القطَّان، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ): تقدَّم أنَّها لبابة بنت الحارث بن حزن الكبرى، أمُّ بني العبَّاس السِّتَّة النُّجباء، وأولاد العبَّاس عشرة [2]، يقال: إنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: بل فاطمة بنت الخطَّاب، تقدَّم بعض ترجمتها.

قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يشتبه بنصر؛ لأنَّ نصرًا لا يُكتَب بالألف واللَّام بخلافه، فإنَّه لا يرد إلَّا بالألف واللَّام، وتقدَّم أنَّ اسمه سالم بن أبي [3] أميَّة المدنيُّ، عن أنس، وكتب إليه ابن أبي أوفى، تقدَّمت ترجمته؛ فانظره.

قوله: (تَمَارَوْا عِنْدَهَا): أي: تجادلوا وتخالفوا.

(1/3870)

[حديث: أن الناس شكوا في صيام النبي يوم عرفة]

1989# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، الإمام المشهور، تقدَّم [1].

قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو): هذا هو ابن الحارث بن يعقوب أبو أميَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ بُكَيْرٍ): هو بُكير بن عبد الله بن الأشجِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ مَيْمُونَةَ): هي أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن، خالة خالد وابن عبَّاس، الهلاليَّة، عنها: ابن أختها ابن عبَّاس، وابن أختها عبد الله بن شدَّاد، وابن أختها يزيد بن الأصمِّ، تُوفِّيَت بسَرِف سنة (51 هـ)، وقد قدَّمت ذلك، ولكن طال به العهد، أخرج لها [2] الجماعة رضي الله عنها.

[ج 1 ص 508]

قوله: (بِحِلاَبٍ): هو بكسر الحاء المهملة، وتخفيف اللَّام، وفي آخره باء موحَّدة، وهو إناء يملأُ قدر حلبة ناقة، ويقال له: المِحْلَبُ [3] أيضًا.

==========

[1] (تقدَّم): ليس في (ب).

[2] في (أ) و (ج): (له).

[3] زيد في (ج): (والله أعلم).

(1/3871)

[باب صوم يوم الفطر]

(1/3872)

[حديث: هذان يومان نهى رسول الله عن صيامه]

1990# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ): تقدَّم أنَّ اسمه سعد بن عبيد أبو عبيد، مولى ابن أزهر، عن عمر وعليٍّ، وعنه: الزُّهريُّ وسعيد بن خالد، تُوفِّيَ سنة [1] (98 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو ثقة، قاله ابن سعد.

قوله: (يَوْمُ فِطْرِكُمْ): (يومُ): مرفوع بدل من (يومين)، وكذا (اليَوْمُ الآخِرُ) مرفوع أيضًا.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ ابْنُ عُيَينَة: مَنْ قَالَ: مَوْلَى ابْنِ أَزْهَر؛ فَقَد أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ: مَوْلَى عَبْدِ الرَّحمن بْنِ عَوْفٍ؛ فَقَد أَصَابَ [2]): هذا الكلام في (أبي عبيد) الذي قدَّمت أعلاه بعضَ ترجمته، وهو كلام صحيح؛ لأنَّ ابن أزهر هو عبد الرَّحمن بن أزهر بن عوف، وهو ابن [3] أخي عبد الرَّحمن بن عوف، وغلط مَن جعله ابن عمِّ عبد الرَّحمن بن عوف، ومولى ابن أخيه مولاه، وكذا مولى العمِّ مولى ابن الأخ، وقد قال شيخنا المؤلِّف: وقول ابن عيينة السَّالف سببه أنَّهما اشتركا في ولائه، والله أعلم.

==========

[1] (سنة): سقط من (ب).

[2] قوله: (قال أبو عبد الله ... ) إلى هنا: ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وإثباته رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وكما في هامش «اليونينيَّة» و (ق).

[3] (ابن): سقط من (ب).

[ج 1 ص 509]

(1/3873)

[حديث: نهى النبي عن صوم يوم الفطر والنحر]

1991# 1992# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم الكلام على نسبته هذه، وكذا تقدَّم الكلام على (وُهَيْب) ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (عمرو)؛ فهو عمرو بن يحيى بن عُمارة بن أبي حسن، عن أبيه وجدِّه، وعنه: أحمد الأزرقيُّ، وسويد، وجماعة، قال ابن مَعِين: صالح، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال بها العهد، وأمَّا (والده)؛ فيحيى بن عُمارة بن أبي حسن المازنيُّ، عن عبد الله بن زيد بن عاصم وأبي سعيد، وعنه: الزُّهريُّ، ومُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان، ثقة، أخرج له الجماعة، وقدَّمت ترجمة الآخر، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصَّحابيُّ مشهور، وقد قدَّمته أيضًا.

قوله: (وَعَنِ الصَّمَّاءِ): تقدَّم الكلام عليها.

==========

[ج 1 ص 509]

(1/3874)

[باب الصوم يوم النحر]

(1/3875)

[حديث: ينهى عن صيامين وبيعتين الفطر والنحر]

1993# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): هذا الرَّازيُّ الفرَّاء الحافظ، عن أبي الأحوص، وعبد الوارث، وخالد الطَّحَّان، وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، ومَن بقي بواسطة، وأبو حاتم، قال أبو زُرْعة: كتبْتُ عنه مئة ألف حديث، وهو أتقن مِن أبي بكر ابن أبي شيبة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، تُوفِّيَ سنة بضع وعشرين ومئتين، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، عن ابن جريج ومَعْمَر، وعنه: ابن مَعِين وإسحاق، مات سنة (197 هـ)، قال ابن مَعِين: ثقة، وقال ابن أبي حاتم: ثقة مُتقِن، وقد قدَّمته، ولكن طال منه العهد، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، و (عَطَاءِ بْنِ مِينَاء): بالمدِّ، تقدَّم، ويُقصَر.

قوله: (عَنْ بَيْعَتَيْنِ [1]): هو بفتح الباء، ورأيت بعضهم قيَّده بالكسر أيضًا على أنَّها الحالة، وقد قدَّمت ذلك.

قوله: (الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ): أمَّا (الملامسة)؛ فهو أن يلمس المتاع مِن وراء ثوب، ولا ينظر إليه، ثمَّ يُوقِع البيع، نُهِي عنه؛ لما فيه من الغَرَر أو لأنه [2] تعليق، أو عدول عن [3] الصِّيغة الشَّرعيَّة، وقيل معناه: أن يجعل اللمس باليد بيعًا قاطعًا للخيار، ويرجع ذلك إلى تعليق اللُّزوم، وهو غير نافذ.

وأمَّا (النِّباذ)؛ فهو أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ إليَّ الثَّوبَ، أو أنبذه إليك؛ ليجب البيع، وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة؛ فقد وجب البيع، فيكون البيع معاطاةً من غير عقد، ولا يصحُّ أن يقال: نبذت الشيء أنبذه نبذًا، فهو منبوذ؛ إذا رميته وأبعدته.

==========

[1] رواية «اليونينيَّة» و (ق): (عن صيامين وبيعتين).

[2] في النُّسخ: (لا)، وعليها في (أ) إشارة بيان، ولم يكتب بيانها في الهامش، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[3] في (ب): (من)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 509]

(1/3876)

[حديث: أمر الله بوفاء النذر ونهى النبي عن صوم هذا اليوم]

1994# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذٌ): هذا هو معاذ بن معاذ التَّميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، عن حُميد والتَّيميِّ، وعنه: ابناه عبيد الله ومثنَّى، وأحمد، وبندار، قال أحمد: إليه المنتهى في الثَّبْت بالبصرة، مات سنة (196 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم أنَّ (ابْن عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون، مولى عبد الله بن مُغفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، عن إبراهيم، وأبي وائل، ومجاهد، وعنه: شعبة، والقطَّان، ومسلم بن إبراهيم، قال هشام بن حسَّان: لم تر عيناي مثل ابن عون، وقال قرَّة [1]: كان يتعجَّب من ورع ابن سيرين، فأنساناه ابنُ عون، وقال الأوزاعيُّ: إذا مات ابن عون وسفيان الثَّوريُّ؛ استوى النَّاس، تُوفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ): هذا الرَّجل لا أعرف أحدًا سمَّاه، وقد ذكر ابن حِبَّان في «ثقاته» في ترجمة كريمة بنت سيرين أخت مُحَمَّد بن سيرين: أنَّها روت عن ابن عمر، ثمَّ ساق بسنده إليها: (أنَّها سألت ابن عمر: قلت: جعلت على نفسي أن أصوم كلَّ يوم أربعاء، واليوم الأربعاء وهو يوم النَّحر، فقال: أمر الله بوفاء النَّذر، ونهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن صوم يوم النَّحر) انتهى، لكنَّ السَّائل في «الصَّحيح» رجلٌ، وهذه امرأة، وذاك سأل عن صوم الاثنين فيما ظنَّ زياد بن جبير، وهذه سألت عن صوم يوم الأربعاء، فهما سائلان؛ كلُّ واحد سأل عمَّا وقع له، وما ذكرته أنا لك عن «ثقات ابن حبَّان» عزاه ابن شيخنا البلقينيِّ إلى «الطَّبرانيِّ الأوسط»، والله أعلم.

قوله: (أَمَرَ [2] اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ): ظاهر هذا توقُّف ابن عمر في ذلك؛ لتجاذُب [3] الأدلَّة، فوقف تورُّعًا، وقال شيخنا العلَّامة البلقينيُّ _الذي لم تر عيناي أحفظ منه في مجموع ما يحفظه من الفقه، والحديث، والتَّفسير، وغيرها من العلوم_: بل لم يتوقَّف [4]،

[ج 1 ص 509]

(1/3877)

بل ذكر للمستفتي الدَّليلين، والقاعدة: إذا تعارض الأمر والنَّهي ولم يُدرَ أيُّهما أسبق؛ قُدِّم النَّهيُ، فكأنَّه أحاله على القاعدة، أو ما هذا معناه، أو قريب منه، ثمَّ رأيت شيخنا الشَّارح ذكر عن الدَّاوديِّ: أنَّ المفهوم من كلامه النَّهيُ؛ لأنَّ مَن نذر ما ليس بطاعة؛ لا يلزم نذره، قد أمر عليه الصَّلاة والسَّلام الذي تهادى بين ابنيه وقد نذر أن يمشي أن يركب ويمشي، انتهى، وقد حكى النَّوويُّ في «شرح مسلم» عن ابن عمر في هذا: أنَّه توقَّف عن الجزم بجوابه؛ لتعارُض الأدلَّة عنده، ثمَّ قال: بُعَيده بقليل، ويحتمل أنَّ ابن عمر عرَّض له بأنَّ الاحتياطَ لك القضاءُ؛ لتجمع بين أمر الله تعالى وأمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، انتهى والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (مرَّة)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (امرأته)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ج): (ليجاذف)، وهو تحريفٌ.

[4] (بل لم يتوقف): سقط من (ج).

(1/3878)

[حديث: لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم]

1995# قوله: (سَمِعْتُ قَزعَةَ): هذا هو قزعة؛ _بفتح الزَّاي وإسكانها كما تقدَّم_ ابن يحيى، ويقال: ابن الأسود، مولى زياد، ويقال: مولى عبد الملك، ويقال: إنَّه حرشيٌّ، عن أبي هريرة وأبي سعيد، وعنه: قتادة، وعاصم الأحول، وعدَّة، أخرج له الجماعة، وليس لقزَعة في «البخاريِّ» سوى هذا الحديث: (سَمِعْتُ أَرْبَعًا [1] مِنْ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْجَبْنَنِي [3] ... )؛ الحديث، وثَّقه العجليُّ وغيره، وقال ابن خراش: صدوق، وقد تقدَّم.

قوله: (سَمِعْتُ أبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

==========

[1] في النُّسخ: (أربعًا سمعتهنَّ): والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبي)، وفي حديث آخر في «البخاري» (ح 1864): (أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[3] في (أ) و (ب): (فأعجبني)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 510]

(1/3879)

[باب صيام أيام التشريق]

(1/3880)

[حديث: كانت عائشة تصوم أيام منى]

1996# قوله: (قَالَ [1] لِي مُحَمَّد بْنُ الْمُثَنَّى): هذا هو مُحَمَّد بن المثنَّى أبو موسى العَنَزيُّ الحافظ الزَّمِنُ، عن ابن عيينة، وعبد العزيز العمِّيِّ، وغندر، وعنه: الجماعة، وأبو عَروبة، والمحامليُّ، ثقة وَرِعٌ، مات سنة (252 هـ) [2]، أخرج له الجماعة، كما تقدَّم هنا، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان الحافظ، سيِّد الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وقال).

[2] في (ج): (52 هـ)، والمثبت موافق لما في كتب التَّراجم.

[ج 1 ص 510]

(1/3881)

[حديث: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن]

1997# 1998# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ بَشَّارًا بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما البندار فيما مضى.

قوله: (حَدَّثَنَا غندر): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وأنَّ غندرًا بضمِّ الغين المعجمة، وإسكان النُّون، وبعدها دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وتقدَّم مَن لقَّبه بذلك، وأنَّه ابن جريج، وتقدَّم ما معنى (غندر) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم [1] المشهور.

قوله: (وَعَنْ سالِمٍ): هذا معناه: أنَّ الزُّهريَّ رواه عن الاثنين؛ عن عروة عن عائشة، وعن سالم عن ابن عمر أنَّهما قالا ... ؛ فذكر الحديث.

قوله: (لَمْ يُرَخَّصْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، [وقد تقدَّم أنَّ مثل هذا مرفوع، وهو مثل: (رُخِّص)، و (أُمِر)، و (نُهِي)، مرفوع على الصَّحيح، وقد تقدَّم بأطول من هذا.

قوله: (أنْ يُصَمْنَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه] [2].

==========

[1] في (ب): (العلم)، وزيد فيها: (الفرد).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 510]

(1/3882)

[حديث: الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج]

1999# قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ [1] مِثْلَهُ [2]): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، والبخاريُّ روى هذا الثَّاني: (عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن الزُّهريِّ، عن عروة، عن عائشة مثله)؛ أي: مثل الحديث المذكور قبله.

وقوله: (مثلُه): هو في أصلنا مرفوع، وكأنَّ الذي ضبطه ظنَّ أنَّه تعليق، فيكون (مثله) مبتدأ، و (عن ابن شهاب)؛ الخبر مُقدَّم، وليس كذلك، بل هو منصوب بفعل؛ وهو (أخْبَرنا مالك عن الزُّهريِّ، عن عروة، عن عائشة مثلَهُ)، وقد ذكرت (مثله) فيما مضى؛ فاعلمه.

قوله: (تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضَّمير في (تابعه) يعود على مالك؛ لأنَّه أقربُ مذكور، وهذا مقتضى كلام المِزِّيِّ، وكذا قال شيخنا: إنَّ إبراهيم تابع مالكًا في روايته عن الزُّهريِّ، ويُلخَّص من كلام شيخنا عن البيهقيِّ: أنَّ الشَّافعيَّ رواه: (عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب)، وفي أصلنا صُرِّح بأنَّ إبراهيم رواه عن ابن شهاب، ولكن رأيت في نسخة عتيقة إثباتَ (ابن شهاب) رواية، وحذفها رواية.

==========

[1] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

[2] في هامش (ق): (صوابه: نصبت «مثلَهُ»؛ لأنَّه معطوف على السند قبله، وليس بتعليق، ولو كان تعليقًا؛ لكان الذي ضبطه الصواب، والله أعلم).

[ج 1 ص 510]

(1/3883)

[باب صيام يوم عاشوراء]

قوله: (بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ): (عاشوراء)؛ بالمدِّ والقصر، وقد قدَّمت ذلك، وقد اختُلِف أيُّ يوم هو عاشوراء؛ فالصَّحيح: أنَّه عاشر المُحرَّم، وقيل: تاسعه، والقولان لابن عبَّاس، وحكى شيخنا الشَّارح عن أبي اللَّيث السَّمرقنديِّ: أنَّه حادي عشر المحرَّم، قال: وحكاه المُحبُّ الطَّبريُّ أيضًا، انتهى، وقد رأيته أنا في كلام المُحبِّ الطَّبريِّ، ولكن قولًا مع القولين قبله من غير أن يتعرَّض لعزوه لكتاب ولا لقائل، وكأنَّه مشهور عنده.

فائدة: قال شيخنا: يوم عاشوراء اتفقت فيه فضائلُ: منها: أنَّه أظفر الله فيه موسى على فرعون، وفلق له البحر، وغرق فيه فرعون وجنوده، واستوت فيه سفينة نوح على الجوديِّ، وأغرق قومه [1]، ونجا يونس من بطن الحوت، وتاب على قومه، وتاب فيه على آدم، قاله عكرمة، وفيه أُخرِج يوسف من الجُبِّ، ووُلد فيه عيسى، سنده [2] واهٍ، وتاب الله فيه على قوم، ويتوب فيه على آخرين، وفيه تُكسَى الكعبة كلَّ عام، قاله ابن حبيب فيما نقله ابن بطَّال عنه، انتهى.

قال الحافظ أبو العبَّاس ابن تيمية: لم يصحَّ فيه شيء غير الصَّوم، انتهى، ويُردُّ عليه: التَّوسعة في النفقة على النفس والأهل، ولم يقف الشَّيخ على حديثها، وإنَّما وقف فيها على كلام مُحَمَّد بن المنتشر، وفيها حديث صحيح على شرط مسلم فيه عنعنة أبي الزُّبير عن جابر: «مَن وسَّع على نفسه وأهله يوم عاشوراء؛ وسَّع الله عليه سائر سَنَتِهِ»، قال جابر: جرَّبناه فوجدناه كذلك، وقال أبو الزُّبير مثله، وقال شعبة مثله، رواه أبو عمر بن عبد البَرِّ [3] في «الاستذكار»، ورجاله رجال «الصَّحيح» غير أنَّه من رواية أبي الزُّبير عن جابر بالعنعنة، وقد أخرج مسلم في «صحيحه» أكثر من مئة وأربعين حديثًا من رواية أبي الزُّبير عن جابر؛ بعضها بالعنعنة، وبعضها بـ (حَدَّثَنَا) أو (أخْبَرنا)، ولم يخرِّجِ البخاريُّ لأبي الزُّبير عن جابر [4] إلَّا حديثين؛ حديث المخابرة، وحديث النَّهي عن بيع الثمرة قبل بُدوِّ الصَّلاح، ولكن الحديثان فيهما أبو الزُّبير مقرون بغيره، وقد ذكر له البخاريُّ حديثًا آخر، لكنَّه ذكره تعليقًا مجزومًا به، وهو حديث بعير جابر، والله أعلم.

وفي التَّوسعة يوم عاشوراء أحاديث، لكنَّ هذا أمثلُها، والله أعلم، وقد ذكرها شيخنا الحافظ العراقيُّ في مُؤلَّف مُفرَد، وقد قرأته عليه.

(1/3884)

[حديث: إن شاء صام]

2000# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

[ج 1 ص 510]

(1/3885)

[حديث: كان رسول الله أمر بصيام يوم عاشوراء]

2001# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ): (فُرِض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رمضانُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وقد تقدَّم متى فُرِضَ [1].

(1/3886)

[حديث: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية]

2002# قوله: (فِي الْجَاهِلِيَّةِ): تقدَّم أنَّها ما قبل مبعث النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، سُمُّوا بذلك؛ لكثرة جهالاتهم، وقد تقدَّم ما في ذلك، وأنَّ الظَّاهر أنَّها ما قبل الفتح، وبالفتح انقطع أمر الجاهليَّة، وسيجيء ذلك في (أيَّام الجاهليَّة).

قوله: (فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/3887)

[حديث: هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه]

2003# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُهريُّ أعلاه، وتقدَّم اسمه ونسبُه مرارًا.

قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا هو حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، تقدَّم أنَّ أمَّه أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة، [روى عن أبويه وعمر، وعنه: ابنه عبد الرَّحمن، والزُّهريُّ، وقتادة، وقيل: لم يرَ عمر، تُوفِّيَ سنة (95 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أبو زُرْعة، وقد تقدَّم] [1]، ولكن طال به العهد.

قوله: (عَنْ [2] مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ): أمَّا (معاوية)؛ فهو أبو عبد الرَّحمن الخليفة الأَمويُّ، من مسلمة الفتح، عنه: خالد بن معدان، وعبد الله بن عامر، والأعرج، وعاش ثمانيًا وسبعين سنة، مات في رجب سنة ستِّين، أخرج له الجماعة.

وأمَّا والده (أبو سفيان)؛ صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، رئيس قريش، أسلم ليلة يوم الفتح، عنه: ابنه معاوية وابن عبَّاس [3]، ترجمته معروفة في كتب الصَّحابة؛ منها: «الاستيعاب» وغيره، تُوفِّيَ سنة (32 هـ) [4]، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، رضي الله عنه.

قوله: (عَامَ حَجَّ): قال بعض حُفَّاظ العصر في هذا المكان: صوابه [5]: أنَّه قاله سنة أربع وأربعين أوَّل حجَّة حجَّها بعد أن استُخلِف، ذكر ذلك أبو جعفر الطَّبريُّ في «تاريخه الكبير»، انتهى.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أنَّه سَمِعَ).

[3] في (ج): (عياش)، وهو تصحيفٌ.

[4] في (ب): (132 هـ)، وليس بصحيح.

[5] (صوابه): ليس في (ب).

[ج 1 ص 511]

(1/3888)

[حديث: فأنا أحق بموسى منكم]

2004# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين [1] ساكنة، وأنَّه عبد الله بن عمرو المِنْقَريُّ المُقعَد الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَبْدُ الْوَارِثِ) أنَّه عبد الوارث [2] بن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ أبو عبيدة الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ): قد تقدَّم متى قَدِم المدينة، وأنَّه في شهر ربيع الأوَّل يوم الاثنين على الصَّحيح نهارًا على الصَّحيح أيضًا، وقد وقع في «مسلم» أنَّه قدمها ليلًا، والمعروف أنَّه قدمها نهارًا، وقد تقدَّم كم كان في الشَّهر، كلُّ ذلك مضى، والذي يظهر أنَّه لعلَّ هذه القدمة ليستِ الأُولى، ولكن قدمة من القدمات، لا أنَّها الأُولى، والله أعلم، وذلك لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام إنَّما قدم المدينة في ربيع الأوَّل كما تقدَّم، فكيف يقول: إنَّه لمَّا قدم المدينة؛ وجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء؟ فلهذا قلت: لعلَّه من بعض القدمات، وذلك أيضًا: لأنَّ مسلمًا روى في «صحيحه» عن ابن عبَّاس [3]: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام حين صام عاشوراء، وأمر بصيامه؛ قالوا: يا رسول الله؛ إنَّه يوم يعظِّمه اليهود والنَّصارى، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «إذا كان العام المُقبِل إن شاء الله؛ صمنا اليوم التَّاسع»، فلم يأتِ العامُ المُقبِلُ حتَّى تُوفِّيَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ)، فهذا فيه أنَّ صومه والأمر بصيامه كان قبل وفاته بعام، وفي الأحاديث التي في صوم عاشوراء إشكالات غير ما ذكرت ذكرها ابن القيِّم في «الهَدْي»، وأجاب عنها، ووفَّق بين الأحاديث؛ فانظر ذلك إن أردته، فإنَّه جمع بينها جمعًا حسنًا.

==========

[1] زيد في (ج): (مهملة).

[2] زيد في (ب): (أنَّه عبد الوارث)،وهو تكرارٌ، وسقط من (ج).

[3] في (ج): (عياش)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 511]

(1/3889)

[حديث: فصوموه أنتم]

2005# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تقدَّم (أَبُو عُمَيْس [1]) أنَّه بضمِّ العين، وفتح الميم، ثمَّ مثنَّاة ساكنة، ثمَّ سين مهملتين، وأنَّ اسمه عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، وهو أخو عبد الرَّحمن المسعوديِّ، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو مُوسَى) أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ مُتَرجَمًا رضي الله عنه.

==========

[1] في هامش (ق): (عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، أخو عبد الرحمن المسعوديُّ).

[ج 1 ص 511]

(1/3890)

[حديث: أن من كان أكل فليصم بقية يومه]

2007# قوله: (رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ): هذا الرَّجل تقدَّم الوعد بذكره، وهو هند بن أسماء، كذا قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق له شاهدًا، وأظنُّه من «مسند ابن رِشْدين»، وصواب هذا الاسم: هند أخو أسماء بن حارثة، ويقال: جارية؛ بالحاء المهملة، والمثلَّثة، وبالجيم، والمثنَّاة تحت، وقال ابن طاهر في «مبهماته»: (أسماء بن حارثة) انتهى، وفي «مسند أحمد» من حديث يحيى بن هند بن حارثة: (وكان هند من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... )؛ الحديث، وأخوه الذي بعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يأمر قومه بصوم عاشوراء، وهو أسماء بن حارثة، وفي «المسند» أيضًا من حديث هند بن أسماء الأسلميِّ قال: (بعثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى قومي مِن أسلم، فقال: «مُرْ قومك، فليصوموا ... »)؛ الحديث.

(1/3891)

((31)) (كِتَابُ صَلَاةِ التَّرَاوِيْحِ) ... إلى (أَبواب الاِعْتِكَاف)

[فائدة: روى ابن أبي شيبة في «مصنَّفه»، والطَّبرانيُّ وعنه البيهقيُّ من حديث إبراهيم بن عثمان أبي [2] شيبة، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عبَّاس: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يصلِّي في رمضان عشرين ركعة سوى الوتر)، ورواه سُليم بن أيُّوب الرَّازيُّ في كتاب «التَّرغيب» قال: (ويوتر بثلاثٍ)، وهذا ضعيفٌ، إبراهيم بن عثمان جدُّ الإمام أبي بكر بن أبي شيبة مُتَّفَق على ضعفه، وليَّنه ابن عديٍّ، ثمَّ إنَّه يخالف للحديث الصَّحيح حديثُ عائشة: (ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة)] [3].

==========

[1] (صلاة): سقط من (ب).

[2] في النُّسخ: (بن)، والمُثبت موافق لما في المصادر.

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 511]

(1/3892)

[حديث: من قامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]

2008# قوله: (حَدَّثَنِي [1] اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه اللَّيث بن سعد، الإمام الجواد، الذي قال فيه الشَّافعيُّ: اللَّيث أفقه من مالك إلَّا أنَّ أصحابه أضاعوه، وكذا تقدَّم (عُقَيْل) أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح القاف، وتقدَّم مَن يقال له [2]: عُقَيل؛ بالضَّمِّ [3] في الكتب الثلاثة [4]، والباقي: عَقِيل؛ بالفتح، وهذا هو ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابن شِهابٍ) أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العلم الفرد، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): وهو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وتقدَّم أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (لِرَمَضَانَ [5]): قال الدِّمياطيُّ: (يعني: لأجل رمضان؛ كقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا} [الأنفال: 38]؛ أي: قل لأجلهم) انتهى.

قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): تقدَّم الكلام عليهما فيما مضى.

قوله: (مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): يعني: الصَّغائر؛ بدليل حديث آخر وهو: «ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات لما بينهنَّ ما اجتُنِبَت الكبائرُ»، والله أعلم.

[ج 1 ص 511]

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[2] (له): سقط من (أ) و (ج).

[3] في (ج): (بضمِّ).

[4] (في الكتب الثلاثة): سقط من (ج).

[5] في هامش (ق): (يعني يقول: لأجل رمضان؛ كقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا} [الأنفال: 38]؛ أي: قل لأجلهم).

(1/3893)

[حديث: من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]

2009# 2010# قوله: (عنِ ابنِ شِهابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (حُمَيْد بن عَبْدِ الرَّحمن، عنْ أبي هُرَيْرَةَ) أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ حُمَيد بن عبد الرَّحمن الحميريَّ ليس له عن أبي هريرة شيء في «البخاريِّ»، إنَّما روى عنه مسلم حديثًا واحدًا وهو: «أفضل الصِّيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم»، وهذا الحديث ليس هو في «البخاريِّ»، فحُمَيد الحميريُّ عن أبي هريرة ليس في «البخاريِّ»، والله أعلم.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ... ) إلى آخره: هذا مُرسَلٌ، ابن شهاب الزُّهريُّ لم يسنده وهو تابعيٌّ صغير [1]؛ لأنَّه وُلِد سنة خمسين فيما يقولون، وقال الواقديُّ: سنة ثمان وخمسين، وعمر تُوفِّيَ سنة ثلاث وعشرين.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند قبله، وليس تعليقًا، وقد رواه البخاريُّ عن عبد الله بن يوسف: أخْبَرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عبد الرَّحمن بن عبدٍ القاريِّ أنَّه قال: خرجت مع عمر بن الخطَّاب، والذي قبله رواه ابن شهاب، عن حُمَيد بن عبد الرَّحمن، عن أبي هريرة، وكذا عمله المِزِّيُّ، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ): هو بتشديد الياء، منسوب إلى القارة؛ القبيلة المعروفة _وهم: بنو الهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مُضَر_ لا إلى القراءة، و (عبد)؛ بغير إضافة، وعبد الرَّحمن هذا رأى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وهو طفل، قاله أبو داود، وسمع عمر وأبا طلحة، وعنه: عروة والزُّهريُّ، وقد وثَّقه ابن مَعِين، تُوفِّيَ سنة ثمانين، أخرج [له] الجماعة، وقد حمَّر عليه الذَّهبيُّ؛ وذلك لأنَّ الرؤية المعتبرة في الصُّحبة [2] أن يكون مُميِّزًا، وسيأتي ذلك في (مناقب الصَّحابة) إن شاء الله تعالى، وشرطه أنَّ كلَّ مَن حمَّر عليه؛ فالصَّحيح أنَّه تابعيٌّ.

قوله: (فَإِذَا النَّاس أَوْزَاعٌ [3])؛ أي: جماعات مُتفرِّقة، وضروبٌ وأقسام مجتمعة بعضها دون بعض للصلاة، وأصله: من التَّوزيع؛ وهو الانقسام.

(1/3894)

قوله: (الرَّهْطُ): (الرَّهط) [4]: ما دون العشرة من النَّاس، وكذلك النَّفر، وقيل: من العشرة إلى الثلاثة، وقيل غير ذلك، وقد تقدَّم.

قوله: (إِنِّي أُرَى): هو بضمِّ الهمزة في أصلنا، وصحَّح عليه، ويجوز فيه فتح الهمزة.

قوله: (عَلَى قَارِئٍ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهر جدًّا، ولكن لا يضرُّ التَّنبيهُ عليه، وكذا (بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ): بالهمز أيضًا.

قوله: (نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ): سمَّاها: بدعة؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يسنَّها لهم، ولا فعلها الصِّدِّيق، وقد فعلها الفاروق، وقد روى ابن ماجه والتِّرمذيُّ من حديث حذيفة رضي الله عنه، قال التِّرمذيُّ: حسن، وصحَّحه ابن حبَّان، وأخرجه الحاكم في «مستدركه»: «اقتدُوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر»، وأمَّا ابن حزم؛ فوهَّاه، ووصفها عمر رضي الله عنه بـ (نِعْم)؛ لما فيها من وجوه المصالح، قال الدِّمياطيُّ: يقال (نِعْمَ): كلمة تجمع المحاسن كلَّها، و (بِئْسَ): تجمع المساوئ كلَّها، وقيام رمضان في حقِّ التَّسمية سُنَّة غير بدعة: «اقتدُوا باللَّذين من بعدي ... »، «وعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء مِن بعدي»، انتهى، أمَّا حديث: «اقتدُوا باللَّذين مِن بعدي»؛ فقد عزوته أعلاه، وأمَّا حديث: «عليكم بسنَّتي ... »؛ الحديث؛ فقد رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ وصحَّحه، وابن ماجه من رواية العرباض بن سارية السُّلميِّ، ورواه الحاكم أيضًا، وقال: صحيح على شرطهما، وليس له علَّة، وأمَّا ابن القطَّان أبو الحسن الكُتَاميُّ؛ فأعلَّه بجهالة مَن بان توثيقه.

2011# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ.

==========

[1] زيد في (ج): (فهو مرسل).

[2] (في الصُّحبة): سقط من (ج).

[3] في هامش (ق): (جماعات).

[4] (الرَّهط): ليس في (ب).

[ج 1 ص 512]

(1/3895)

[حديث: أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت .. ]

2012# قوله: (عَجَزَ الْمَسْجِدُ): هو بفتح الجيم في الماضي، ومكسورها في المستقبل، هذه لغة القرآن، ويجوز العكس في لغة.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تقدَّم الكلام على الأوجه في إعرابها، والخلاف في أوَّل مَن تكلَّم بها في أوَّل هذا التَّعليق.

(1/3896)

[حديث: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي]

2013# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي أويس، وتقدَّم (سَعِيد الْمَقْبرِي) والكلام على نسبته، وأنَّه يجوز ضمُّ بائه وفتحها، وكذا تقدَّم الكلام على (أَبِي سَلَمَةَ): وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي): تقدَّم الكلام عليه في نومه عن الصَّلاة بالوادي صلاة الفجر، وأنَّ القضاعيَّ قال: إنَّ هذه من خصوصيَّاته دون سائر الأنبياء، [وليس كذلك، ويردُّه ما في «البخاريِّ» في قصَّة الإسراء: «وكذلك الأنبياء] [1] تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم» [خ¦3570].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[ج 1 ص 512]

(1/3897)

[باب فضل ليلة القدر]

قوله: (بَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ): سأذكر قريبًا الاختلاف فيها، قال العلماء: سُمِّيت (ليلة القدر)؛ لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار، والأرزاق، والآجال التي تكون في تلك السَّنة؛ لقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]، وقوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4]؛ ومعناه: تُظهِر الملائكةُ ما سيكون فيها، ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم، وكلُّ ذلك ممَّا سبق في علم الله تعالى وتقديره له، وقيل: سُمِّيت (ليلة القدر)؛ لِعِظَم قدرها وشرفها.

(1/3898)

واعلم أنَّه يُستحبُّ لمَن رأى ليلة القدر أن يكتمَها، نقله النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب» عن صاحب «الحاوي»، والحكمة في كتمانها: أنَّ رؤيتها كرامة، والكرامات كلُّها ينبغي كتمانها، أمَّا كونها كرامة؛ فلأنَّها أمر خارق للعادة، اختصَّ الله به بعض عباده من غير صنيع منه، وأمَّا في أنَّ الكرامات ينبغي كتمانها؛ فذلك ممَّا لا خلاف فيه بين أهل الطَّريق، بل لا يجوز إظهارها إلَّا لحاجة أو قصد صحيح؛ لما في إظهارها من الخطر؛ منها: رؤية النَّفس، ومنها: أنَّه قد يداخله في الإخبار بها رياء أو حظُّ نفس؛ فيُسلَب ما أنعم الله به عليه، وغير ذلك، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (ولا ينال فضلها إلَّا مَن أطلعه الله عليها، فلو قامها إنسان ولم يشعر بها؛ لم ينل فضلها) انتهى، كذا نقله بعض العصريِّين عنه، ولفظه في «شرح مسلم» في (بَاب التَّرغيب في قيام رمضان؛ وهو التَّراويح): (قوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه» هذا مع الحديث المتقدَّم: «من قام رمضان»، قد يقال: إنَّ أحدهما يغني عن الآخر؟ وجوابه: أن يقال: قيام رمضان من غير موافقة ليلة القدر ومعرفتها سبب لغفران الذُّنوب، وقيام ليلة القدر لمن وافقها وعرفها سبب للغفران وإن لم يَقُم غيرها، انتهى، وهو الذي نقله عنه بعض العصريِّين، ولكنْ أَوْضَحَ العبارةَ في المسألة، والله أعلم، لكن لفظ المُتولِّي: يُستحبُّ التَّعبُّد في كلِّ ليالي العشر حتَّى يحوز [1] الفضيلة بيقين، وكذا قول ابن مسعود: إنَّها في جميع السَّنة، فإنَّه أراد: ألَّا يتَّكل النَّاس؛ يردُّ ما قاله النَّوويُّ، نَعَم؛ قولُ عائشة رضي الله عنها له عليه الصَّلاة والسَّلام: (أرأيتَ إن علمتُ أيَّ [2] ليلة [3] ليلة القدرِ ما أقول؟) يشهد له، والله أعلم.

(1/3899)

[حديث: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]

2014# قوله: (حَدَّثَنَا عليُّ بنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهبذ، وتقدَّم أنَّ (سُفْيان) هو ابن عيينة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العَلَم [1] المشهور، وتقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أعلاه [2]، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): تقدَّم الكلام عليه، وعلى (غَفَرَ اللهُ لَهُ [3] مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): وأنَّه الصَّغائر؛ لحديث [4] آخر.

قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سفيان، وقد قدَّمت أنَّه ابن عيينة، و (كَثِير)؛ بفتح الكاف، وكسر الثَّاء المثلَّثة، ومتابعته هذه ليست في شيء من الكتب [5] إلَّا ما هنا، وشيخنا لم يخرِّجه، وتقدَّم (الزُّهْرِي) أعلاه.

==========

[1] في (ب): (العالم).

[2] (أعلاه): ليس في (ب).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (غُفِر له).

[4] في (ب) و (ج): (بحديث).

[5] زيد في (ج): (السِّتَّة).

[ج 1 ص 512]

(1/3900)

[باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر]

(1/3901)

[حديث: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر]

2015# قوله: (قَدْ تَوَاطَأَتْ): قال ابن قرقول: (أي: قد توافقت، وجاء في عامَّة نسخ «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ» بغير همز، وعند ابن الحذاء: بالهمز، وكذا للقابسيِّ، وكذا قيَّدناه عن شيخنا أبي إسحاق، ولعلَّهم لم يكتبوا الهمزة ألفًا، فترك بعضهم همزها جهلًا، انتهى، وقد تقدَّم.

قوله: (فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا): التَّحرِّي: التَّعمُّد والتَّقصُّد.

(1/3902)

[حديث: إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها أو نسيتها]

2016# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الفاء، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ) أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وتقدَّم الكلام على نسبته لماذا، وكذا تقدَّم (يَحْيَى) أنَّه ابن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وتقدَّم أيضًا (أَبُو سَلَمَةَ) عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف.

[ج 1 ص 512]

قوله: (سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.

قوله: (أَوْ نُسِّيتُهَا): هو بضمِّ النُّون، وتشديد السِّين مكسورة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر.

قوله: (قَزعَةً): القزعة؛ بفتح الزَّاي وسكونها: قطعة من السَّحاب رقيقة، والجمع: قَزَع، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.

(1/3903)

[باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر]

(1/3904)

[حديث: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان]

2017# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ [1]): أمَّا (أبو سُهيل)؛ فاسمه نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحيُّ المدنيُّ، عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس، وأبيه، وسعيد بن المسيّب، والقاسم، وجماعة، وعنه: ابن أخيه مالك بن أنس الإمام، والزُّهريُّ مع تَقدُّمه، وعبد العزيز الدَّراورديُّ، وآخرون، وثَّقه أحمد وأبو حاتم، قال الواقديُّ: كان تُؤخَذ عنه القراءة بالمدينة وعن أبي جعفر، تُوفِّيَ في إمارة أبي العبَّاس السَّفَّاح، أخرج له الجماعة.

وأمَّا (أبوه) مالك بن أبي عامر؛ فهو جدُّ مالك الإمام، روى عن عمر، وعثمان، (وطلحة، وعائشة، وأبي هريرة، وكعب الأحبار، وعنه: بنوه؛ أنس وأبو سهيل نافع والزُّبير، ومُحَمَّد بن إبراهيم التيميُّ، وسالم أبو النَّضر، وغيرهم، وقد فرض له عثمان) [2]، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، قيل: تُوفِّيَ سنة أربع وسبعين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد تقدَّما، ولكن طال العهد بهما.

(1/3905)

[حديث: كنت أجاور هذه العشر ثم قد بدا لي أن أجاور .. ]

2018# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ): أمَّا (ابن أبي حَازم)؛ فهو بالحاء المهملة، والزَّاي، واسمه عبد العزيز بن أبي حازم، تقدَّم، وأنَّه أخرج له الجماعة.

وأمَّا (الدَّراورديُّ)؛ فاسمه أيضًا عبد العزيز بن مُحَمَّد بن عبيد الدَّراورديُّ أبو مُحَمَّد المدنيُّ، مولى جُهينة، وقيل: مولى قضاعة، ودراورد: قرية بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها، وقال أحمد بن صالح المصريُّ: كان من أهل أصبهان نزل المدينة، ويقال [1] للرجل إذا أراد أن يدخل: أندرون؛ فلقَّبه أهلُ المدينة الدَّراورديَّ، عن صفوان بن سُلَيم وزيد بن أسلم، وعنه: عليُّ بن حُجْر ويعقوب الدَّورقيُّ، قال ابن مَعِين: هو أحبُّ إليَّ من فُلَيح، وقال أبو زُرعة: سيِّئ الحفظ، تُوفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، لكن البخاريُّ مقرونًا بغيره كهذا، وقد تقدَّم، ولكنَّ طولَ العهد به أوجبَ ذكرَه ثانيًا.

قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ [2]): تقدَّم أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي اللَّيثيُّ، وأنَّ (الهادي) الصَّحيح فيه: إِثبات الياء، وهو في أصلنا بغيرها، تقدَّم.

قوله [3]: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ إِبْرَاهِيمَ) هذا: هو التَّيميُّ، وهو مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر التَّيميُّ المدنيُّ، أبو عبد الله، أحد العلماء المشاهير، وكان جدُّه الحارثُ من المهاجرين الأوَّلين، روى عن أسامة بن زيد، وأُسَيد بن الحُضَير مُرسَلًا، وعن أنس، وجابر، وأبي سعيد، وعائشة في «التِّرمذيِّ» و «النَّسائيِّ»، فما يُدرَى [4] سمع منها أم لا؟ وقال أبو حاتم: لم يسمع منها، وعن علقمة بن وقَّاص، وأبي سلمة، وعروة، وجماعة، وعنه: ابنه موسى، ويزيد بن الهادي، ويحيى بن أبي كَثِير، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وجماعة، قال ابن سعد: كان فقيهًا مُحدِّثًا، وقال أحمد ابن حنبل: في حديثه شيء، يروي أحاديثَ مُنكَرةً، أو قال: أحاديثُه مُنكَرةٌ، ووثَّقه ابن مَعِين والنَّاس، قال الواقديُّ وغيره: مات سنة عشرين ومئةٍ، وقال أبو عبيد: سنة تسعَ عشرةَ، وقال خليفة: سنة إحدى وعشرين، والأوَّل الصَّحيح، وكان عريف [5] قومه، له ترجمة في «الميزان»، واحتجَّ به الشَّيخان، وقال فيه: قفز القَنْطرة، انتهى [6]، وقد أرسل عن جماعة ذكرتُهم في «غاية السُّول في رواة السِّتَّة الأصول» مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.

(1/3906)

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وتقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

قوله: (الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ)، وكذا قوله بُعَيده فيه: (أَنْ أُجَاوِرَ [7] هَذِهِ العَشْرَ)، وكذا المكان الثاني: اعلم أنَّ العشر من الشَّهر فيه لغتان: التَّأنيث والتَّذكير، والتَّأنيث أكثر في الأحاديث وكلام العرب، وهذا جاء على اللُّغة الكثيرة، والله أعلم.

قوله: (قَدْ بَدَا لِي): (بدا): بغير همز، معتلٌّ؛ ومعناه: ظهرَ، وهذا ظاهر.

قوله: (فَابْتَغُوها): الابتغاء: الطَّلب، وكذا المكان الثَّاني: (وابْتَغُوها في كُلِّ وِتْرٍ).

قوله: (وقَدْ رَأيْتُنِي): هو بضمِّ التَّاء، وهذا ظاهر؛ ومعناه: رأيتُ نفسي.

قوله: (فَوَكَفَ): هو بفتح الكاف.

قوله: (فَبَصُرَتْ عَيْنِي): هو بضمِّ الصَّاد، وفي آخره تاء التَّأنيث.

2019# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «تهذيب الكمال» (18/ 188): (وكان يقول).

[2] في (ب) و (ج): (الهادي).

[3] (قوله): مثبت من (ب).

[4] في (ب): (ندري).

[5] في (ج): (عريب)، وهو تحريفٌ.

[6] (انتهى): ليس في (ب).

[7] في (ج): (أجاوز)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 513]

(1/3907)

[حديث: تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان]

2020# قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): قال الجيَّانيُّ: (وقع في «الاعتكاف»، و «الجهاد»، و «صفة إبليس»، و «الأنبياء»، و «مناقب الأنصار»، و «تفسير البقرة»، و «يوسف»، و «النِّكاح»، و «اللِّباس»، و «الأدب»، و «الأيمان والنُّذور»، و «الأحكام»، و «التَّمنِّي» _وأهمل «الصَّلاة»، وقد تقدَّم ذكر هذا في «الصَّلاة»، ولكن طال العهد به_: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أخْبَرنا عَبْدة»: هكذا أتى «مُحَمَّد» غير منسوب عن عَبْدة وفي بعض هذه المواضع، وقد نسبه ابن السَّكن في بعضها: (ابن سلَام)، وكذلك صرَّح البخاريُّ في بعض المواضع باسمه، فقال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا عَبْدة»، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة) انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا المكان: (مُحَمَّد: هو ابن سلَام).

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان أبو مُحَمَّد الكلابيُّ المقرئ، اسمه عبد الرَّحمن، عن عاصم الأحول، والأعمش، والطبقة، وعنه: أحمد، وهنَّادٌ، والطَّبقةُ، قال أحمد: ثقة وزيادة مع صلاحه وشدَّة فقرِه، مات سنة (188 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بَعُدَ العهد به.

==========

[ج 1 ص 513]

(1/3908)

[حديث: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان]

2021# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته، وكذا تقدَّم (وُهَيْبٌ) أنَّه ابن خالد الباهِليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ الحافظ مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور.

قوله: (فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى ... ) إلى آخره: التَّاسعة: هي ليلة إحدى وعشرين، و (سَابِعَةٍ تَبْقَى): ليلة ثلاث وعشرين، و (خَامِسَةٍ تَبْقَى): ليلة خمس وعشرين، قال شيخنا: وإنَّما يصحُّ معناه، وتوافق ليلة القدر وترًا من اللَّيالي على ما ذُكِر في الحديث إذا كان الشَّهر ناقصًا، فأمَّا إذا كان تامًّا؛ فإنَّها لا تكون إلَّا في شفع، فتكون التَّاسعة الباقية ليلةَ ثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة ستٍّ وعشرين، والسَّابعة الباقية ليلة أربعٍ وعشرين على ما ذكره البخاريُّ عن ابن عبَّاس، فلا تصادف واحدة منهنَّ وترًا، وهذا دالٌّ على الانتقال من وتر إلى شفع، وعكسه؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يأمر أمَّته بالتماسها في كلِّ شهر كامل دون ناقص؛ بل أطلق طلبها في جميعه التي قد رتَّبها الله تعالى على التمام مرَّة، وعكسه؛ فثبت

[ج 1 ص 513]

انتقالُها في العشر الأواخر، قيل: وإنَّما خاطبهم بالنقص؛ لأنَّه ليس على تمام الشهر على يقين، انتهى [1]

==========

[1] (انتهى): ليس في (ب).

(1/3909)

[حديث: هي في العشر هي في تسع يمضين أو في سبع يبقين]

2022# [قوله: (تَابَعَهُ [1] عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أيُّوب): (عبد الوهَّاب) هذا: هو ابن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ أبو مُحَمَّد الحافظ، تقدَّمت ترجمته، والضَّمير في (تابعه) يعود على وُهَيب، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، تقدَّم، يعني: ورواه أيُّوب عن عكرمة، ومتابعة عبد الوهَّاب ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أخرجها البيهقيُّ.

قوله: (وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ): هذا هو خالد بن مِهران الحذَّاء أبو المُنازِل، تقدَّم بعض ترجمته، يعني: ورواه عبد الوهَّاب الثَّقفيُّ _الذي تقدَّم أعلاه_ عن خالد، عن عكرمة.

فإن قيل: لِمَ لم يجمعِ البخاريُّ بينهما، فيقول: تابعه عبد الوهَّاب عن أيُّوب، وخالد عن عكرمة؟

وجوابه: أنَّ رواية: خالد، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس موقوفة؛ بخلاف رواية أيُّوب الأولى؛ فإنَّها مرفوعة، وهذا ظاهر لمن تأمَّله] [2].

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): هو عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الأسود أبو بكر البصريُّ الحافظ، عن خاله عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، ومالك، ودَيْلَم بن غزوان، وعبد الواحد بن زياد، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وإبراهيم الحربيُّ، وجماعة، قال ابن مَعِين: لا بأس به، لكنَّه سمع من أبي عوانة وهو صغير، وقال الخطيب: كان حافظًا مُتقِنًا، سكن بغداد، قال أبو حسَّان الزِّياديُّ: مات في جمادى الآخرة سنة (223 هـ)، وكذا ورَّخه غيره، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ.

[قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم، له مناكير نُقِمت عليه اجتنبها [3] صاحبا «الصَّحيح»، تقدَّم مُتَرجَمًا] [4].

قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو عاصم بن سليمان الأحول البصريُّ أبو عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سرجس، وأنس، وعمرو بن سَلِمة، وخلق، وعنه: شعبة، وابن عُلَيَّة، ويزيد، وخلق، قال أحمد: ثقة من الحُفَّاظ، مات سنة (142 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/3910)

قوله: (عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ): هو بكسر الميم، ثمَّ جيم ساكنة، ثمَّ لام مفتوحة، ثمَّ زاي، واسمه لاحق بن حُمَيد السَّدوسيُّ، بصريٌّ، نزل مروَ، عن جندب وابن عبَّاس، وعنه: سليمان التَّيميُّ وعاصم الأحول، ثقة إمام من العلماء، مات سنة (106 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (وَعِكْرِمَةَ): هو مجرور معطوف على (أبي مِجْلَز [5])؛ لأنَّهما روياه عن ابن عبَّاس [6]، وعلامة الجرِّ فيه الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف.

قوله في حديث ابن عبَّاس: (هِيَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ، أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ): هذا شكٌّ من الرَّاوي هو أو غيره، ودلَّ قوله عليه الصَّلاة والسَّلام في الحديث الآخر في «سابعة تبقى»: أنَّ الصَّحيح من لفظي الشَّكِّ قولُه: (في سبع يبقين) على طريقة العرب في التَّأريخ إذا جاوزوا نصف الشهر؛ إنَّما يؤرِّخون بالباقي، لا بالماضي، ولهذا عدُّوا (تاسعة تبقى) ليلة إحدى وعشرين، (ولم يعدُّوها ليلة تسع وعشرين) [7]، وعدُّوا (سابعة تبقى) ليلةَ أربع وعشرين، ولم يعدُّوها ليلة سبع وعشرين، كما [8] لم يأخذوا العدد من أوَّل الشَّهر.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) بعد الإصلاح: (قال).

[2] ما بين معقوفين جاء في (ج) سابقًا بعد قوله: (على يقين، انتهى)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير وهي موافقة لرواية ابن عساكر، وفي رواية «اليونينيَّة» و (ق) تقدَّم حديث عبد الله بن الأسود على قول عبد الوهَّاب.

[3] (اجتنبها): سقط من (ب).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[5] في (ب): (محبر)، وهو تحريفٌ.

[6] زيد في (ب): (ورواية).

[7] ما بين قوسين سقط من (ب).

[8] في (ب) و (ج): (لما).

[ج 1 ص 514]

(1/3911)

[حديث: خرجت لأخبركم بليلة القدر]

2023# [قوله: (لِتَلَاحِي النَّاسِ) [1]: سيأتي معناه قريبًا] [2].

قوله: (فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ): أمَّا (تلاحى) [3]؛ أي: تسابَّا، والاسم: اللِّحاء، وقيل فيه غير ذلك، وقد تقدَّم في (الإيمان).

وأمَّا الرجلان؛ فقد تقدَّم اسمهما في (كِتَاب الإيمان) من كلام شيخنا، وأنَّه مكث مدَّة، فلم يعثر عليهما إلى أن رأى ابن دِحية في كتابه [4] «العلم» المشهور قال: (هما كعب بن مالك، وعبد الله بن [5] أبي حدرد)، [وزاد بعض حُفَّاظ المصريِّين بعد النَّقل عن ابن دِحية قال: (وفي رواية مُحَمَّد بن نصر المروزيِّ في «قيام الليل»: أنَّهما من الأنصار) انتهى] [6].

قوله: (فَرُفِعَتْ): اعلم [7] أنَّه أجمع مَن يُعتدُّ به في الإجماع على بقائها إلى يوم القيامة، وشذَّت الرَّوافض، فقالوا: رُفِعت، ويردُّ قولهم «التمسوها»، ولو رُفِعت؛ لم تُلتمَس.

(1/3912)

واختُلِف في محلِّها؛ فقيل: بانتقالها في ليالي العشر، وبه قال مالك، وأحمد، وابن خزيمة، والمزنيُّ، وقد [8] قُوِي لجمع [9] بين أحاديث الباب، وإنَّما تنتقل في العشر الأواخر، وقيل: في كلِّ الشَّهر، وقيل: يلزم ليلة بعينها، وقيل: هي في [10] السَّنة كلِّها، وهو قول ابن مسعود، وأبي حنيفة، وصاحبيه، وقيل: بل في كلِّ رمضان، وهو قول ابن عمر، وجماعة من الصَّحابة، وقيل: أوَّل ليلة منه، وقيل: في العشر الأوسط والآخر، وقيل: في العشر الأواخر، وقيل: يختصُّ بأوتار العشر الأواخر، وقيل: بأشفاعه، وقيل: بل في ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين، وهو قول ابن عبَّاس [11]، وقيل: بل تُطلَب في ليلة [12] سبعَ عشرةَ أو إحدى وعشرين، وهو مَحكيٌّ عن عليٍّ وابن مسعود، وقيل: ليلة ثلاث وعشرين، وهو قول كثير من الصَّحابة وغيرهم، وقيل: ليلة إحدى وعشرين، وقيل: ليلة أربع وعشرين ليلة يوم بدر، وقيل: ليلة خمس وعشرين، وقيل: ليلة سبع وعشرين، وهو قول جماعة من الصَّحابة، وادَّعى الرُّويانيُّ في «الحلية» أنَّه قول أكثر العلماء، وقيل: ليلة سبعَ عشرةَ، وقيل: ثماني عشرةَ، وقيل: ليلة تسعَ عشرةَ، وقيل: آخر ليلة من الشَّهر، حكى هذه الأقوال القاضي عياض في «شرحه»، وادَّعى الماورديُّ أنَّه لا خلاف أنَّها في العشر الأواخر، قال القاضي: ما في ليلة من ليالي العشر إلَّا وقد رُوِي أنَّها هي، لكن ليالي الوتر أرجاها، وفي «شرح الهداية»: ذهب أبو حنيفة إلى أنَّها في رمضان تتقدَّم وتتأخَّر، وعندهما: لا تتقدَّم ولا تتأخَّر لكن غير معيَّنة، وقيل: هي [13] عندهما في النِّصف الأخير من رمضان، وقال أبو بكر الرَّازيُّ: هي غير مخصوصة بشهر من الشُّهور، وبه قال الحنفيُّون، وفي «قاضي خان» المشهور عن أبي حنيفة: أنَّها تدور في السَّنة كلِّها، وقد تكون في رمضان، وقد تكون في غيره، وصحَّ ذلك عن ابن مسعود، قال ابن عبَّاس: (السُّورة ثلاثون كلمة، فإذا وصلتَ إلى قوله: {هِيَ} [القدر: 5]؛ فهي سابعة وعشرون منها)، وأُجيب: بأنَّ قوله: {لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1] نصٌّ على عينها، وهي الكلمة الخامسة، و {هي}: كناية، فإذا لم يدلَّ الصريح؛ فالكناية أولى، وقيل: إنَّها ليلة النِّصف من شعبان، وقال ابن حزم: إن كان الشَّهر ناقصًا؛ فهي أوَّل العشر الآخر من غير شكٍّ، فهي إمَّا في ليلة عشرين، أو ثانيه، أو أربع، أو ستٍّ [14]، أو ثمان، وإن كان كاملًا؛ فأوَّل العشر الأواخر بلا شكَّ؛

(1/3913)

إمَّا ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع في وترها، وعند جميع الصُّوفيَّة: أنَّه إذا وافق الوتر ليلة جمعة من العشر الأخير؛ كانت هي ليلة القدر، وهذا كلُّه نقلته من كلام شيخنا المؤلِّف، والله أعلم.

(1/3914)

[باب العمل في العشر الأواخر من رمضان]

(1/3915)

[حديث: كان النبي إذا دخل العشر شد مئزره]

2024# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا تقدَّم [1] أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، الإمام المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ [2]): اسمه عبد الرَّحمن بن عبيد بن نِسْطَاس الكوفيُّ الصَّغير، عن السَّائب بن يزيد وأبي الضُّحى، وعنه: ابن المبارك وابن فُضَيل، وثَّقوه، أخرج له الجماعة، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، وقال أبو حاتم: لا بأس به.

[ج 1 ص 514]

قوله: (عَنْ أَبِي الضُّحَى): هو مسلم بن صُبَيح، وصُبَيحٌ بضمِّ الصَّاد المهملة، وفتح الموحَّدة، الهمْدانيُّ العطَّار، عن ابن عبَّاس وعلقمة، وعنه: منصور، والأعمش، وفطر، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين وأبو زُرْعة.

قوله: (شَدَّ مِئْزَرَهُ): معناه: اجتهد في العبادة، وقيل: كناية عن اعتزال النِّساء، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (تقدَّم هذا).

[2] في هامش (ق): (اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس).

(1/3916)

((33)) (أَبْوَابُ الاِعْتِكَافِ) ... إلى (كِتَاب البُيُوعِ)

(1/3917)

[حديث: كان رسول الله يعتكف العشر الأواخر من رمضان]

2025# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا ابن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، العالم المشهور، تقدَّم، وكذا تقدَّم (يُونُسَ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ.

==========

[ج 1 ص 515]

(1/3918)

[حديث: كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله]

2026# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وكذا تقدَّم (عُقَيْل) أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

==========

[ج 1 ص 515]

(1/3919)

[حديث: أن النبي كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان]

2027# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك.

قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ): تقدَّم أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وأنَّ (الهادي) إثبات الياء فيه [1] الصَّحيح، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحمن) أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل، وهو أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِي): أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (وَقَدْ رَأَيْتُنِي): تقدَّم أنَّه بضمِّ التَّاء؛ أي: رأيت نفسي، وقد تقدَّم.

قوله: (فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ): (بصُرت): بضمِّ الصَّاد، وقد تقدَّم قريبًا.

==========

[1] (فيه): سقط من (ج).

[ج 1 ص 515]

(1/3920)

[باب الحائض ترجل المعتكف]

قوله: (تُرَجِّلُ الْمُعْتَكِفَ): تقدَّم أنَّ التَّرجيل: التَّسريحُ بما يليِّنه ويُرسل ثائره.

==========

[ج 1 ص 515]

(1/3921)

[حديث: كان النبي يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد]

2028# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ؛ أي: يُميل.

==========

[ج 1 ص 515]

(1/3922)

[باب غسل المعتكف]

قوله: (باب غسْلِ الْمُعْتَكِفِ): يجوز في (غَسل) فتح العين وضمُّها.

==========

[ج 1 ص 515]

(1/3923)

[حديث: كان النبي يباشرني وأنا حائض]

2030# 2031# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريُّ البيكنديُّ، وقد قدَّمت الأبواب التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو سفيان [1] بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم) تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

==========

[1] (هو سفيان): سقط من (ب).

[ج 1 ص 515]

(1/3924)

[باب الاعتكاف ليلًا]

(1/3925)

[حديث: أن عمر سأل النبي قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف]

2032# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان الحافظ سيِّد الحُفَّاظ.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم مرارًا.

قوله: (فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ): هو بقطع الهمزة، وكسر الفاء؛ لأنَّه رباعيٌّ معتلٌّ.

(1/3926)

[باب اعتكاف النساء]

(1/3927)

[حديث: كان النبي يعتكف في العشر الأواخر من رمضان]

2033# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم أنَّ العارم: الشِّرير أو الشَّرس، وهذا بعيد منها.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّمت (عَمْرَةَ) أنَّها بنت عبد الرَّحمن، وأنَّها من أجلِّ التَّابعيَّات.

قوله: (فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً): الخِبَاء؛ بكسر الخاء المعجمة، وبالمُوحَّدة المُخفَّفة، ممدود الآخر، وهو بيت من بيوت الأعراب، قال أبو عبيد: الخِبَاء: من وبر وصوف، ولا يكون مِن شعر.

قوله: (فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ): (حفصةُ): مرفوعة فاعل (استأذنت)، و (عائشة): منصوبة مفعوله.

قوله: (آلْبِرّ تُرَوْنَ): هو بألف الاستفهام في أوَّله، وهو استفهام إنكار، و (آلبر): منصوب، ويجوز رفعه، وبهما ضُبِط في أصلنا.

قوله: (تُرَوْنَ بِهِنَّ): هو بضمِّ أوَّله؛ أي: تظنُّون، ويجوز فتح التَّاء.

==========

[ج 1 ص 515]

(1/3928)

[باب الأخبية في المسجد]

قوله: (بَابُ الأَخْبِيَةِ فِي الْمَسْجِدِ): (الأَخبية): جمع (خِبَاء)، وقد تقدَّم أعلاه ما الخِبَاء ضبطًا ومعنًى.

(1/3929)

[حديث: آلبر تقولون بهن؟]

2034# قوله: (عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحمن، عَنْ عَائِشَةَ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدمشقيِّ، قال المِزِّيُّ في «أطرافه» لمَّا طرَّفه من عند أبي داود قال فيه: أبو داود عن عثمان ابن أبي شيبة، عن أبي معاوية، ويعلى بن عبيد؛ عشرتهم: عن يحيى بن سعيد به، وفي حديث مالك عن يحيى عن عمرة: (أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أراد أن يعتكف، فلمَّا انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه؛ إذا أخبية؛ خِباء عائشة، وخِباء حفصة، وخِباء زينب)، ثمَّ طرَّفه من عند التِّرمذيِّ، فقال: (التِّرمذيُّ فيه عن هنَّاد، عن أبي معاوية، وقال: رواه الأوزاعيُّ وسفيان الثَّوريُّّ عن يحيى هكذا، ورواه مالك وغير واحد عن يحيى مُرْسَلًا)، ثمَّ ذكر بقيَّة تطريفه.

فالحاصل: إنَّما رواه مالك وغير واحدٍ مُرسَلًا، فإثباتُ (عن عائشة) في أصلَينا هنا فيه نظر؛ لأنَّه من رواية مالك، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 515]

(1/3930)

[باب: هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟]

(1/3931)

[حديث: على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي]

2035# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

[ج 1 ص 515]

قوله: (أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم أنَّها صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب، أمُّ المؤمنين، وتقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (ثمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ): أي: تنصرفُ.

قوله: (يَقْلِبُهَا): أي: يصرفها، يقال: قلبه وانقلب هو؛ إذا انصرف، قال الله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} [العنكبوت: 21]، ولا يقال: أقلبَه.

قوله: (أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها زوجه عليه الصَّلاة والسَّلام، وأنَّ اسمها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، وأنَّها آخرهنَّ وفاةً، وتقدَّم بعض ترجمتها.

قوله: (مَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ): هذان الرَّجلان لا أعرفهُما، وكذا قال شيخنا، قال [1]: (لكن رأيتُ مَن قال: إنَّهما أُسَيد بن الحُضَير وعبَّاد بن بِشْر صاحبا المصباحَين) انتهى، وسألتُه عن قائل ذلك، فقال لي: ابن العطَّار تلميذ الشَّيخ محيي الدِّين، والظَّاهر أنَّه نُقِلَ لي ذلك عن «شرح العمدة» لابن العطَّار، انتهى، ولعلَّ ذلك انتقالُ حفظ مِن صاحبَي المصباحين إلى هذين، والله أعلم، وأخْبَرني مَن أُخبِر عن شيخنا العلَّامة سراج الدين البلقينيِّ إنكار ذلك، والله أعلم، (ونقل بعض حُفَّاظ المصريِّين ذلك عن «شرح العمدة» لابن العطَّار، وأقرَّه ولم يتعقَّبْه) [2].

قوله: (عَلَى رسْلِكُمَا): هو بفتح الرَّاء وكسرها، فمعنى الكسر: التَّؤدة، والفتح: اللِّين والرِّفق، وأصله: السَّير اللَّيِّن.

قوله: (وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا): هو بفتح الكاف، وضمِّ الموحَّدة، وهذا معروف.

(1/3932)

[باب الاعتكاف]

(1/3933)

[حديث: إني أريت ليلة القدر وإني نسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر]

2036# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تقدَّم مرَّات أنَّ مُنِيرًا بضمِّ الميم، وكسر النُّون، ثمَّ مثنَّاة ساكنة، ثمَّ راء، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذان مشهوران عند أهل الحديث، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ) عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، وكذا (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِي) سعد بن مالك بن سنان، صحابيٌّ مشهور.

قوله: (وَإِنِّي نُسِّيتُهَا): هو بضمِّ النُّون، وكسر السِّين المهملة، وفي نسخة: (نَسِيتها)؛ بإسناد الفعل إليه.

قوله: (قَزعَةً): تقدَّم مرارًا أنَّها بفتح القاف والزَّاي، وسكونها، ومرَّةً قريبًا.

قوله: (في أَرْنَبَتِهِ): هي بفتح الهمزة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ مُوحَّدة مثلها، ثمَّ تاء التأنيث، ثمَّ هاء الضَّمير، والأَرْنَبة: طَرَف الأنف، وقد تقدَّمت.

==========

[ج 1 ص 516]

(1/3934)

[باب اعتكاف المستحاضة]

(1/3935)

[حديث: اعتكفت مع رسول الله امرأة من أزواجه مستحاضة]

2037# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): هذا هو خالد بن مِهران أبو المُنازِل الحذَّاء، تقدَّم مرارًا.

قوله: (امْرَأَةٌ مُسْتَحَاضَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ [1]): هذه المرأة من أزواجه عليه الصَّلاة والسَّلام قال شيخنا: المعتكفة: سودة، وفي «الموطَّأ»: (إنَّ زينب بنت جحش استُحيضت، وكانت تحت ابن عوف)، وهو وَهم؛ إنَّما كانت تحت ابن حارثة، والمُستحاضة أختها حمنة وأمُّ حبيبة، لا هي، نبَّه عليها المنذريُّ، وذكر بعضهم أنَّ بنات جحش الثَّلاث اسمهنَّ زينب، وأنَّهنَّ استحضن كلُّهنَّ، واستُبعِد، وقال ابن الجوزيِّ: ما نعلم في زوجاته مُستحاضة، وكأنَّ عائشة أرادت بقولها: (من نسائه)؛ أي: من النِّساء المتعلِّقات به بسبب صهارة وشبهها، وردَّه شيخنا المؤلِّف، وكذلك أنا ذكرتُ ردَّه في (الطَّهارة)، وفي «مسلم» من حديث عائشة: (أنَّ زينب بنت جحش كانت تُستحاض سبع سنين)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ الإمام جلال الدِّين: (هي سودة بنت زمعة، وقيل: إنَّ زينب بنت جحش استُحيضت، وهو غير صحيح، وإنَّما المُستحاضة أختاها حمنة وأمُّ حبيبة) انتهى.

قوله: (فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا): (الطَّسْت): تقدَّم الكلام عليه بلغاته.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (من أزواجه مستحاضة).

[ج 1 ص 516]

(1/3936)

[باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه]

قوله: (بَابُ زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا): (زوجَها): منصوب مفعول المصدر، وهي (زيارة).

==========

[ج 1 ص 516]

(1/3937)

[حديث: لا تعجلي حتى أنصرف معك]

2038# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، والباقي معروف، وكذا تقدَّم (اللَّيْثُ) أنَّه ابن سعد الإمام الجواد، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (عَلِي بْن الْحُسَيْنِ): أنَّه زين العابدين، والحسين: ابن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ، و (صَفِيَّة): تقدَّمت أعلاه وقبله [1] مترجمة.

قوله: (وحَدَّثَنِي [2] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنديُّ الحافظ، وقد قدَّمت [3] ترجمته، ولِم قيل له: المسنديُّ، وكذا تقدَّم (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ [4]): أنَّه الصَّنعانيُّ الأبناويُّ، قاضي صنعاء، وكذا تقدَّم (مَعْمَرٌ) ضبطًا وترجمةً، وأنَّه بإسكان العين، وفتح الميمين، وأنَّه ابن راشد، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تقدَّم (عَلِي بْن الْحُسَيْنِ): أنَّه زين العابدين، و (الحسين): ابن عليِّ بن أبي طالب، وهذا الثَّاني مُرسَل؛ لأنَّه حكى قصَّة لم يدركها، وسيأتي مُرسَلًا، ومُسنَدًا متَّصلًا، والله أعلم.

قوله: (فَلَقِيَهُ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ): تقدَّم الكلام عليهما أعلاه.

قوله: (ثمَّ أَجَازَا): أي: نفذا، وهذا ظاهر.

قوله: (تَعَالَيَا): هو بفتح اللَّام، وهذا ظاهر أيضًا.

قوله: (هَلْ يَدْرَأُ): هو بفتح أوَّله، وإسكان الدَّال المهملة، وفي آخره همزة، والدَّرءُ: الدَّفع، وهذا ظاهر.

(1/3938)

[باب: هل يدرأ المعتكف عن نفسه؟]

(1/3939)

[حديث: تعال، هي صفية، فإن الشيطان يجري من ابن آدم ... ]

2039# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْماعِيلُ بنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، [ابن أخت الإمام مالك.

قوله: (حَدَّثَنِي [1] أَخِي): تقدَّم أنَّ أخاه اسمه عبد الحميد بن عبد الله أبي أويس] [2]، وتقدَّم بعض ترجمته، وما قاله الأزديُّ فيه وردُّه.

قوله: (عنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن بلال أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر [3]، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عنْ مُحَمَّد بنِ أبي عَتِيقٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق التَّيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافع، والزُّهريِّ، وعنه: عبد العزيز الماجِشون، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسليمان بن بلال، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، روى له البخاريُّ مقرونًا بغيره، وهذا المكان أيضًا هو مقرون بمَعْمَر المذكور في الطريق قبله؛ كلاهما عن الزهريِّ، وهذا نوع من القرن؛ فاعلمه.

[ج 1 ص 516]

قوله: (وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَّدينيِّ، الحافظ المشهور الجِهبذ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال شيخنا: ولعلَّه وَهم؛ لأنَّ أكثر الرُّواة: أنَّهما اثنان، ويحتمل أنَّ هذا كان مرَّتين، أو أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أقبل على أحدهما بالقول بحضرة الآخر، فيصحُّ على هذا نسبة القصَّة إليهما جميعًا وانفرادًا، نبَّه عليه القرطبيُّ، انتهى.

قوله: (وَهَلْ هُوَ إلَّا لَيِلًا): كذا في الأصل، وفي الهامش: (ليلٌ)؛ بالرفع، وعليه (صح)، أمَّا الرفع؛ فظاهر، وأمَّا النَّصب؛ فعلى الظرف؛ (أي: في ليلٍ، والله أعلم) [4].

==========

[1] كذا في النُّسخ وهامش (ق)، وهي رواية ابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرني).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[3] زيد في (ج): (وقد).

[4] ما بين قوسين سقط من (ب).

(1/3940)

[باب من خرج من اعتكافه عند الصبح]

(1/3941)

[حديث: من كان اعتكف فليرجع إلى معتكفه فإني رأيت هذه الليلة]

2040# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحمن بْنِ بِشْرٍ [1]): هو بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، معروف.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام المشهور، تقدَّم، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتقدَّم (سُلَيْمَان الأَحْوَل): أنَّه ابن أبي مسلم المكِّيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو خال ابن أبي نجيح كما هنا، ويقال: ابن خالته، والظَّاهر أنَّ المراد بـ (ابن أبي نجيح): عبد الله بن أبي نجيح يسار، مولى الأخنس بن شريق الثَّقفيِّ المكِّيِّ، أبو يسار، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وتقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد [2] بن مالك بن سنان الخدريُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَمْرٍو): قائل ذلك هو سفيان بن عيينة، وفي نسخة في هامش أصلنا وعليها علامة راويها: (قال سفيان)، وكذا قال المِزِّيُّ في تطريفه، ولفظه: (قال سفيان: وحدَّثنا مُحَمَّد بن عمرو عن أبي سلمة) انتهى.

و (مُحَمَّد بن عمرو) هذا: هو ابن علقمة بن وقَّاص اللَّيثيُّ، عن أبيه، وأبي سلمة، وطائفة، وعنه: شعبة، وسفيان بن عيينة، ومالك، ومُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ، وخلق، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، مات سنة (144 هـ)، روى له أصحاب «السنن الأربعة»، والبخاريُّ مقرونًا بغيره كهذا؛ لأنَّه مقرون بابن جريج، فسفيان رواه عن ابن جريج، وعن مُحَمَّد بن عمرو، وهذا نوع من القرن، وروى له مسلم في المتابعات، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): قائل هذا هو سفيان بن عيينة، و (ابن أبي لَبيد): اسمه عبد الله بن أبي لَبيد المدنيُّ [3] أبو المغيرة، العبد الصَّالح، مولى الأخنس بن شريق الثَّقفيِّ، عن أبي سلمة بن [4] عبد الرَّحمن، والمُطَّلب بن عبد الله بن حنطب، وغيرهما، وعنه: ابن إسحاق، والسفيانان، وجماعة، وثَّقه ابن مَعِين، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/3942)

تنبيه: عبد الله بن أبي لَبيد الكوفيُّ يروي عن عائشة، وأبي سعيد، والبراء، وأبي جُحَيفة السُّوائيِّ، هو [5] أقدم من المدنيِّ، يروي عنه: الزُّبير بن عديٍّ؛ ذكرته للتَّمييز.

قوله: (وَرَأَيْتُنِي): تقدَّم أنَّه بضمِّ التَّاء.

قوله: (وَأَرْنَبَتِهِ): تقدَّم [الكلام] عليها ضبطًا، وما هي في ظاهرها.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وليس في رواية «اليونينيَّة»: (ابن بشر)، وكُتِب عليها في (ق): زائد، مع الإشارة إلى علامة رواتها.

[2] في (ب): (سعيد)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ج): (المزني)، وهو تحريفٌ.

[4] (بن): سقط من (ب).

[5] (هو): سقط من (ب).

[ج 1 ص 517]

(1/3943)

[باب الاعتكاف في شوال]

(1/3944)

[حديث: ما حملهن على هذا آلبر؟ انزعوها فلا أراها]

2041# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ): قال الجيَّانيُّ: (وقال البخاريُّ في «الصيد» و «الاعتكاف»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فُضيل»، نسبه ابن السكن في الموضعين: ابن سلَام، ووافقه الأصيليُّ على الذي في «الاعتكاف»، فنسبه كذلك، وقد صرَّح البخاريُّ باسمه في «كِتَاب النكاح»، فقال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا ابن فُضيل») انتهى، ولمَّا طرَّفه المِزِّيُّ؛ قال عن هذا المكان: (وعن مُحَمَّد بن سلَام، عن مُحَمَّد بن فُضيل)، فصريح كلامه أنَّه كذلك في الرِّواية، وكأنَّه وقع له هكذا، انتهى، وأهمل الجيَّانيُّ مكانًا في (البيع) فيه: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا [1] ابن فُضَيل).

قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ): أمَّا (فُضَيل)؛ فبضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المعجمة، و (غَزْوان): بالغين المعجمة المفتوحة، وإسكان الزَّاي، و (مُحَمَّد) هذا ضبِّيٌّ مولاهم، حافظ، وكنيته أبو عبد الرَّحمن، يروي عن أبيه، ومغيرة، وحُصين، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، ثقة شيعيٌّ، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فِي كُلِّ رَمَضَانَ): يجوز صرف (رمضان) على أنَّه نكرة، ويجوز عدم صرفه على أنَّه معرفة.

قوله: (فِيهِ قُبَّةً): القُبَّة من الخيام: بيت صغير مُستدير، وهو من بيوت العرب.

قوله [2]: (أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبابٍ): ثلاث قِبَاب لأزواجه، وقُبَّة له، وقد تقدَّم ما يوضِّحه من حديث عائشة: (فكنت أضرب له خِباء)، و (قِبَاب): بكسر القاف، وتخفيف الموحَّدة، وفي آخره موحَّدة ثانية.

قوله: (فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ): (أُخبِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (خبرَهنَّ): بالنصب مفعول ثانٍ لـ (أُخبِرَ).

قوله: (آلْبِرُّ): هو بهمزة الاستفهام، و (البرُّ): مرفوع، ورفعه ظاهر على أنَّه فاعلُ فعلٍ [3] مُقدَّرٍ يدلُّ عليه قبله قوله: (ما حملهُنَّ).

قوله: (لَا أَرَهَا [4]): بفتح الهمزة، من رؤية العين، وهذا ظاهر.

قوله: (فَنُزِعَتْ): هو بضمِّ النُّون، وكسر الزَّاي، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة.

==========

(1/3945)

[1] (حدثنا): سقط من (ج).

[2] (قوله): سقط من (ب).

[3] في (ب): (لفعل).

[4] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَلاَ أَرَاهَا).

[ج 1 ص 517]

(1/3946)

[باب من لم ير عليه صومًا إذا اعتكف]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ إِذَا اعْتَكَفَ صَوْمًا [1]): هذا مذهب الشَّافعيِّ، والحسن، وأبي ثور، ورُوِي عن عليٍّ أيضًا، وابن مسعود، وطاووس، وعمر بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك، وأبو حنيفة، والأوزاعيُّ: لا اعتكاف إلَّا بصوم، وقاله ابن عمر، وابن عبَّاس، وعائشة، وعروة، والزُّهريُّ، وقيل: إنَّه مذهب عليٍّ، والشَّعبيِّ، ومجاهد، والقاسم بن مُحَمَّد، وابن المسيّب، ونافع، والثَّوريِّ، واللَّيث، والحسن بن حيٍّ، والشَّافعيِّ في القديم، وقول لأحمد، ورواه عطاء، ومِقْسَم، وأبو فاختة عن ابن عبَّاس، واستدلَّ لذلك بقول عائشة مرفوعًا: «لا اعتكاف إلَّا بصوم»، رواه البيهقيُّ، ووَهم راويه، وهو عند أبي داود عنها: (السُّنَّة على المعتكف ألَّا يعود مريضًا)، وفيه: (ولا اعتكاف إلَّا بصوم، ولا اعتكاف إلَّا في مسجد جامع)، قال الدَّارقطنيُّ: يقال قوله: (السُّنَّة ... ) إلى آخره: إنَّما هو من قول ابن شهاب، ومَن أدرجه في الحديث؛ فقد وَهم، وقال: الأشبه أن يكون مِن قول مَن دون عائشة، ولأصحاب المذهب الأوَّل أحاديث شاهدة لهم، والمسألة طويلة لكنْ قد قال القاضي عياض: لم يأت عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أنَّه اعتكف بغير صوم، ولو كان جائزًا؛ لفعله [2] تعليمًا للجواز، وهو عمل أهل المدينة، وقد أجابوا عن ذلك أجوبة، والله أعلم، منها: اعتكافه عليه الصَّلاة والسَّلام العشر الأوَّل من شوَّال، ويوم الفطر لا يصلح للصَّوم، ونذر عمر: نذرت اعتكاف ليلة.

(1/3947)

[حديث: أوف نذرك]

2042# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَخِيهِ): أمَّا (إسماعيل)؛ فقد تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام، وأنَّ أخاه اسمه عبد الحميد بن أبي أويس عبد الله، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وما قاله الأزديُّ عنه؛ فإنَّه باطل، والله أعلم.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه ابن بلال في ظاهرها [1]، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا قبل ذلك.

قوله: (أَوْفِ): هو بقطع الهمزة، وكسر الفاء؛ لأنَّه رباعيٌّ معتلٌّ، وقد تقدَّم، وهو ظاهر.

(1/3948)

[باب: إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم]

(1/3949)

[حديث: أوف بنذرك]

2043# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تقدَّم (عُبَيْد اللهِ) أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر [1] بن الخطَّاب.

==========

[1] (بن عمر): سقط من (ج).

[ج 1 ص 517]

(1/3950)

[باب الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان]

(1/3951)

[حديث: كان النبي يعتكف في كل رمضان عشرة أيام]

2044# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا هو ابن عيَّاش الإمام، تقدَّم الكلام على بعض ترجمته، والاختلاف في اسمه.

قوله: (عَنْ أَبِي حَصِينٍ [1]): هو بفتح الحاء، وكسر الصَّاد المهملتين، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ إلَّا حضين بن المنذر [2] أبا ساسان؛ فإنَّه بالضَّاد المعجمة، فرد، وتقدَّم أنَّ (أبا حَصِين) المذكور هنا: عثمان بن عاصم الأسديُّ.

[ج 1 ص 517]

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان [3]، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فِي كُلِّ رَمَضَانٍ): (رمضان) [4]: يجوز صرفه على أنَّه نكرة، ويجوز عدم صرفه على أنَّه معرفة، وقد قدَّمت قريبًا مثله.

==========

[1] في هامش (ق): (عثمان بن عاصم بن حَصِين).

[2] زيد في (ب): (بن)، وليس بصحيحٍ.

[3] في (ب): (اليماني)، وهو تحريفٌ.

[4] (رمضان): سقط من (ج).

(1/3952)

[باب من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج]

قوله: (ثمَّ بَدَا لَهُ): (بَدا): بغير همز معتلٌّ؛ أي: ظهر، وهذا ظاهر.

==========

[ج 1 ص 518]

(1/3953)

[حديث: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف]

2045# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المبارك، أحد الأعلام، وشيخ خراسان، وكذا تقدَّم (الأَوْزَاعِيُّ) بعده: أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو أبوعمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، وبعض ترجمته، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: تقدَّم أنَّه الأَنصاريُّ قاضي السَّفَّاح، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّمت (عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) وأنَّها من أجلِّ التابعيَّات، وأنَّ أَجلَّهن: عَمرة، وحفصة بنت سيرين، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى.

قوله: (وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ): (حفصةُ): مرفوعة فاعلة، و (عائشةَ): منصوبة مفعولة.

قوله: (أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ): البناء هنا: القُبَّة، وأصله: من ضرب أوتاد الأبنية، وهي: الأخبية عند إقامتها.

قوله: (آلْبِرَّ أَرَدْنَ): بمدِّ ألف الاستفهام، وهو منصوب ونصبه ظاهر، ويجوز رفعه، وقد تقدَّم قريبًا [1].

(1/3954)

[باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل]

قوله: (لِلْغسْلِ): هو بفتح الغين، ويجوز ضمُّها، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.

==========

[ج 1 ص 518]

(1/3955)

[حديث: أنها كانت ترجل النبي وهي حائض وهو معتكف .. ]

2046# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنديُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، وتقدَّم أيضًا (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): أنَّه الصَّنعانيُّ الأبناويُّ قاضي صنعاء، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (مَعْمَرٌ) ضبطًا، وأنَّه ابن راشد ومُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (تُرَجِّلُ): تقدَّم أنَّه التَّسريح بما يُليِّن الشَّعر، ويُرسِل ثائره.

(1/3956)

((34)) (كِتَاب البُيُوع) ... إلى (باب السُّهُولَة والسَّمَاحَة ... ) إلى آخر الترجمة

تنبيه: لمَّا فرغ البخاريُّ [1] من العبادات المقصود بها التَّحصيل الأخرويُّ؛ شرع في بيان المعاملات المقصود بها التَّحصيل الدُّنيويُّ، فقدَّم العبادات؛ للاهتمام بها، ثمَّ ثنَّى بالمعاملات؛ لأنَّها ضروريَّة، وأخَّر النِّكاح؛ لأنَّ شهوته متأخِّرة عن الأكل ونحوه، وأخَّر الجنايات والمخاصمات؛ لأنَّ وقوع ذلك في الغالب إنَّما هو بعد الفراغ من شهوة الفرج والبطن، وجمع (البيوع) باعتبار أنواعه، وغيره أفرده؛ تبرُّكًا بلفظ القرآن.

قال ابن المُنَيِّر بعد أن سرد ما ذكره في الباب: (جميعُ ما ذكره [2] ظاهر في إباحة التِّجارة إلَّا قوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً ... }؛ الآية [الجمعة: 11]، فإنَّها عتب على التِّجارة، وهي أدخل في النَّهي منها في الإباحة لها، لكنَّ مفهومَ النَّهي عن تركه قائمًا [اهتمامًا] [3] بها [4] يشعر أنَّها لو خلت من المُعارِض الرَّاجح؛ لم تدخل في [5] العتب؛ بل كانت حينئذٍ مباحة) انتهى.

(1/3957)

[باب ما جاء في قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في.}]

(1/3958)

[حديث: إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه]

2047# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه ابن شهاب مُحَمَّد بن مسلم، وكذا (سَعِيدُ بْنُ المسيّب): أنَّه يجوز في يائه الفتح والكسر، وأنَّ مَن سواه ممَّن اسمه المسيّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (يَشْغَلُهُمْ): هو بفتح أوَّله وثالثه، وهذا معروف، وكذا قوله: (يَشْغَلُ) الثانية، يقال: شغلت فلانًا، ولا تقل: أشغلته؛ لأنَّها لغة رديئة، قاله الجوهريُّ.

قوله: (صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ)؛ أي: تصرُّف، والصَّفق أيضًا: عقد البيع، وقد تقدَّم.

قوله: (عَلَى مِلْءِ بَطْنِي): هو بهمزة في آخره، وبكسر الميم.

قوله: (مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ): تقدَّم الكلام على (الصُّفَّة)، وأنَّ في «البخاريِّ» و «مسلم»: (لقد رأيت سبعين من أهل الصُّفَّة) من حديث أبي هريرة، وأنَّ أبا نعيم ذكرهم جريدة مئة ونيِّفًا، وإنَّ السَّهرورديَّ شهاب الدَّين في «عوارفه» قال: إنَّهم كانوا نحو أربع مئة.

(1/3959)

[قوله: (حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي): المقالة المشار إليها: قال بعض حُفَّاظ المصريِّين العصريِّين [1]: المقالة المشار إليها رواها أبو نعيم في «الحلية» من طريق الحسن عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «ما من رجل يعلم كلمة، أو كلمتين، أو ثلاثًا، أو أربعًا، أو خمسًا ممَّا فرض الله، فيتعلَّمهنَّ ويعلمهنَّ إلَّا دخل الجنَّة ... »؛ الحديث، انتهى، والحسن مُدلِّس، وفي سماعه من أبي هريرة خلاف، والأكثر: عدم سماعه منه، وفي (كِتَاب الزُّهد) في «التِّرمذيِّ» من حديث الحسن عن أبي هريرة [2]: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «من يأخذ عنِّي هؤلاء الكلمات، فيعمل بهنَّ، ثمَّ يعلِّم مَن يعمل بهنَّ؟»، فقال أبو هريرة: قلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي، فعدَّ خمسًا قال: «اتَّق المحارم؛ تكن أعبد النَّاس، وارض بما قسم الله؛ تكن أغنى النَّاس، وأحسن إلى جارك؛ تكن مُؤمِنًا، وأحِبَّ للنَّاس ما تحبُّ لنفسك؛ تكن مسلمًا، ولا تكثرِ الضَّحك، فإنَّ كثرة الضَّحك تميت القلب»، انتهى، وهذه تحتمل أن تكون الكلمات التي أشار إليها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، والله أعلم] [3].

قوله: (نَمِرَةً): هي بفتح النُّون، وكسر الميم؛ وهي شملة مُخطَّطة من صوف، قيل: فيها أمثال الأهلَّة، قاله ابن قرقول.

(1/3960)

[حديث: أولم ولو بشاة]

2048# قوله: (آخَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ [1] سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ): اعلم أنَّ المؤاخاة كانت مرَّتين؛ الأولى: بين المهاجرين بعضِهم في بعض بمكَّة، وهذه أنكرها أبو العبَّاس ابن تيمية، وسيأتي ذلك في بابه، والثَّانية [2] مُتَّفق عليها: بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، وذلك بعد بناء المسجد، وقيل: إنَّ ذلك كان والمسجد يُبنَى، وقال ابن عبد البَرِّ: بعد قدومه المدينةَ بخمسة أشهر، ويقال: كانت عدَّتهم في المدينة مئة؛ خمسون من كلِّ صنف، وقيل: تسعون [3]؛ خمسة وأربعون من كلِّ صنف.

قوله: (فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي): (أَقسمُ): بفتح الهمزة مرفوع، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (وَانْظُرْ) [4]: هو أمر، وهذا ظاهر.

[قوله: (أَيَّ [5] زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ): زوجتا سعد بن الربيع: عَمرة بنت حزم أخت عمرو بن حزم، سمَّاها إسماعيل القاضي في «أحكام القرآن»، والأخرى لم تُسَمَّ، انتهى، وعَمرة بنت حزم صحابيَّة، وهي _كما ذكر_ زوجة سعد بن الرَّبيع، روى عنها: جابر] [6].

قوله: (هَوِيتَ): هو بكسر الواو، وفي آخره تاء المخاطب المفتوحة.

قوله: (سُوقُ قَيْنُقَاع [7]): قال الدِّمياطيُّ: (قينُقاع): بضمِّ النُّون، وفتحها، وكسرها: شعب من يهود المدينة، أضيف إليهم السُّوق، انتهى، وما قاله هو لفظ ابن قرقول بحروفه، ويجوز ترك صرف (قينُقاع) وصرفه.

قوله: (فأَتَى [8] بِأَقِطٍ): (أَتَى): بفتح الهمزة والتَّاء، مبنيٌّ للفاعل، والأَقِط: معروف، وهو لبن مجفَّف، وهو بفتح الهمزة، وكسر القاف [9]، وربَّما سُكِّن في الشِّعر، وتُنقَل حركة القاف إلى ما قبلها.

قوله: (قَالَ [10]: امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة: قال شيخنا المؤلِّف: المرأة التي تزوَّجها عبد الرَّحمن ابنة أبي الحيسر أنيس [11] بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل [12]، قال الزُّبير: ولدت له القاسم وأبا عثمان عبد الله بن عبد الرَّحمن بن عوف، انتهى، وذكر أيضًا شيخنا في (النِّكاح): فائدة [13]: ذكر الزبُّير أنَّ المرأة التي تزوَّجها عبد الرَّحمن ابنة أبي الحيسر [14]، واسمه أنس بن رافع، انتهى، وكذا قال في «تخريج أحاديث الوسيط»: عن الزَّبير أنَّها ابنة أنس

[ج 1 ص 518]

(1/3961)

بن رافع بن امرئ القيس، ولدت له القاسم وأبا عثمان عبد الله، انتهى، وقد نقل ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّها بنت أبي الحيسر أنس بن رافع، قال: ويقال: بشر بن رافع، ذكر ذلك الحافظ مغلطاي، كما رأيته بخطِّه على حواشي «أُسد الغابة» نقلًا عن الزُّبير بن بكَّار، انتهى.

وما وقع في كلام شيخنا من أنَّه أنيس خطأ، والصَّواب: أنس كما ذكره في مكانين مُكبَّرًا، قال الذَّهبيُّ: أنس بن رافع، يقال: قدم في فتية مِن بني عبد الأشهل (مكَّة، فأسلموا قبل الهجرة، انتهى كلامه في «تجريده».

وفي «سيرة أبي الفتح اليعمريُّ» ما لفظه: (وقدم مكَّة أبو الحيسر أنس بن رافع في فتية مِن قومه بني عبد الأشهل) [15] يطلبون الحلف، فدعاهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى الإسلام [16]، فقال رجل منهم _اسمه إياس بن معاذ، وكان شابًّا_: يا قوم؛ والله هذا خير ممَّا قدمنا له، فضربه أبو الحيسر، وانتهره، فسكت، ثمَّ لم يتمَّ لهم الحلف، فانصرفوا إلى بلادهم، ومات إياس بن معاذ، فقيل: إنَّه مات مسلمًا، انتهى، فهذا يخالف [17] ما نقله الذَّهبيُّ، لكنَّ الذَّهبيَّ [18] في كلامه زيادة على هذا، فتُقبَل، [وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين في (مناقب الأنصار): هي بنت أبي الحيسر بن رافع، أو سهلة بنت عاصم بن الجدِّ بن العجلان، كما تقدَّم في (البيوع) انتهى، وقد راجعت (البيوع) من كتابه من نسخة سقيمة؛ فلم أرَ فيها القول الثاني، والله أعلم، وقد راجعت «التجريد» للذَّهبيِّ؛ فرأيت فيه سهلة [19] بنت عاصم بن عديٍّ وُلِدت يوم خيبر عن قولها، والحديث واهي السَّند، انتهى، وهذه لا تصلح أن تكون المذكورة هنا، والله أعلم، وقد أعاد الكلام الحافظ المصريُّ بنحو [20] كلامه هنا [21] في الشَّرح؛ فانظره] [22].

قوله: (قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): هي خمسة دراهم، وقيل: اسم لما زنته خمسة دراهم، يقال له: نواة، كما يقال للعشرين: نشٌّ، وللأربعين: أوقية، وقيل: كانت قدر نواة من ذهب قيمتها خمسة دراهم، قاله ابن قرقول، وقد ذكر شيخنا في (النِّكاح) أقوالًا؛ منها: أنَّ زنة النَّواة ثلاثة مثاقيل ونصف، انتهى، وثلاثة مثاقيل ونصف هو القول بأنَّها خمسة دراهم، ونقل التِّرمذيُّ في «جامعه» في (النِّكاح) عن أحمد ابن حنبل: أنَّها وزن ثلاثة دراهم وثلث، انتهى، ونقل شيخنا في (الدَّعوات) أقوالًا؛ منها: أنَّ أبا عبيد قال: النَّواة خمسة قراريط، وقال إسحاق: وزن خمسة دراهم ونصف.

(1/3962)

[حديث: ما سقت إليها؟]

2049# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): هو أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله اليربوعيُّ الحافظ، عن ابن أبي ليلى، وابن أبي ذئب، وعاصم بن مُحَمَّد، والثَّوريِّ، وأمم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود [1]، وعبد، وخلق، قال أحمد لرجل: اخرج إلى أحمد ابن يونس فإنَّه شيخ الإسلام، مات سنة (227 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أبو حاتم: كان ثقةً مُتقِنًا.

قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو زهير بن معاوية بن حُدَيج الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ): تقدَّم أنَّه الطَّويل ابن تير، وقيل: تيرويه، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ): (الوَضَر): بفتح الواو والضَّاد المعجمة، وبالرَّاء؛ أي: لطخًا من طيب.

قوله: (مَهْيَمْ) [2]: هو بفتح الميم الأولى، وإسكان الهاء، وبالمثنَّاة تحت المفتوحة، ثمَّ ميم ساكنة: كلمة يمانية؛ معناها: مَا هذا؟ أو مَا شأنك؟ وجاء للقابسيِّ في بعض نسخ النَّسفيِّ وأبي ذرٍّ في هذا الحرف في حديث سارة: (مهيا)، والأوَّل هو المعروف، ولابن السَّكن والنَّسفيِّ أيضًا: (مهين)؛ بالنُّون [3]، وفي بعض النُّسخ: (مهيًا)؛ بالتَّنوين، وكلُّه يُعتبَر، ووقع في «الاستملاء» إلَّا الأوَّل.

==========

[1] (وأبو داود): ليس في (ج).

[2] في (ب): (تميم)، وهو تحريفٌ.

[3] (بالنَّون): ليس في (ج).

[ج 1 ص 519]

(1/3963)

[حديث: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية]

2050# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظَّاهر أنَّه [المسنديُّ كما تقدَّم في [1] (الجمعة)] [2].

[قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام] [3].

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار أبو مُحَمَّد المكِّيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (كَانَتْ عُكَاظٌ وَمجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ): تقدَّم الكلام عليها في (الحجِّ)، ونزيد هنا: قال الأزهريُّ: مجنَّة: بأسفل مكَّة على بريد منها، وكان سوقه عشرة أيَّام آخر ذي القِعدة، والعشرون [4] قبلها سوق عُكاظ، وبعده (مجنَّة وثمانية أيَّام مِن أوَّل ذي الحجَّة، ثمَّ يخرجون في التَّاسع إلى عرفة) [5]، وذو المجاز عند عرفة من أسواق الجاهليَّة [6].

قوله: ({فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ} [البقرة: 198] قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ): هذه شاذَّة ليست متواترة.

==========

[1] في (ب): (الظَّاهر كما تقدَّم أنَّه المسند كما في).

[2] في (ج) بدل مما بين معقوفين: (أبو بكر بن أبي شيبة الحافظ الكبير المصنف، وقد تقدَّم)، وضرب عليها في (أ).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] في (ج): (والعدول)، وهو تحريفٌ.

[5] ما بين قوسين سقط من (ج).

[6] هذه الفقرة جاءت مضطربة في (ج).

[ج 1 ص 519]

(1/3964)

[باب: الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات]

قوله: (وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ [1]): تقدَّم الكلام على المشتبهات في (كِتَاب الإيمان).

==========

[1] كذا في النُّسخ وهي في هامش (ق) نسخة، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مُشبَّهات).

[ج 1 ص 519]

(1/3965)

[حديث: الحلال بيِّن والحرام بين وبينهما أمور مشتبهة]

2051# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ السُّلميُّ مولاهم، البصريُّ القسمليُّ؛ لأنَّه نزل في القساملة، أبو عمرو، عن حُمَيد الطَّويل، وحسين المُعلِّم، وابن عون، والحذَّاء، وخلق، وعنه: أحمد، وابن مَعِين، والفلَّاس، وخلق، وثَّقه أبو حاتم، والنَّسائيُّ، وغيرهما، قال ابن سعد: مات بالبصرة سنة أربع وتسعين ومئة، زاد غيره: في ربيع الآخر، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن بعُد [1] العهدُ به.

قوله: (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون، مولى عبد الله بن المُغفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، تقدَّم، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له في «البخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل الشَّعبيُّ؛ بفتح الشِّين، وهذا ظاهر.

قوله: (سَمِعْتُ النُّعمان بْنَ بَشِيرٍ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الشِّين المعجمة، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ الحافظ المشهور الجهبذ.

قوله: (عَنِ [2] ابْنِ عُيَيْنَةَ [3]، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ): هو بالفاء، قال الدِّمياطيُّ: عروة بن الحارث بن فروة الهمْدانيُّ الكوفيُّ، انتهى، وهو كما قال، يروي عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، والشَّعبيِّ، وأبي زرعة البجليِّ، وطائفة، وعنه: أبو إسحاق وهو أكبر منه، ومسعر، وسفيان، وشعبة، وجَرِير بن عبد الحميد، وعَبِيدة بن حُمَيد، وآخرون، وثَّقه ابن مَعِين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وفي «تذهيب الذَّهبيُّ»: (أخرج له البخاريُّ مقرونًا بآخر)، وهو هذا المكان؛ لأنَّه قرنه بعبد الله بن عون الذي روى عن الشَّعبيِّ في الطريق التي قبلها، وهذا نوع قرن؛ فاعلمه، [وقد قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: وفي (البيوع): عن عليِّ بن عبد الله، وعبد الله بن مُحَمَّد؛ كلاهما عن سفيان بن عيينة، وعن مُحَمَّد بن كثير، عن سفيان الثَّوريِّ؛ كلاهما عن أبي فروة الهمدانيِّ، انتهى، فوصفه بالهمْدانيِّ.

(1/3966)

وقال بعض حُفَّاظ مصر ما لفظه: («ابن عيينة عن أبي فروة»: هو مسلم بن سالم الجهنيُّ [4]، وغلط مَن زعم أنَّه يزيد بن سنان أبو فروة الجزريُّ) انتهى، و (مسلم بن سالم): نهديٌّ كوفيٌّ، وهو أبو فروة الأصغر الجهنيُّ، نزل فيهم [5]، لا همدانيٌّ كما نسبه المِزِّيُّ، وقوله: (يزيد بن سنان أبو فروة الجزريُّ): هذا الذي قاله هذا الحافظ صوابه: الجزريُّ، الجزريُّ لم يُخرِّج له البخاريُّ، إنَّما أخرج له التِّرمذيُّ وابن ماجه، والله أعلم] [6].

قوله: (وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظَّاهر أنَّه [المسنديُّ، كما تقدَّم في (الجمعة)] [7].

قوله: (عَنْ أَبِي فَرْوَةَ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [8]، وكذا تقدَّم (الشَّعْبِي) أعلاه، وكذا والد النُّعمان ضبطًا.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ؛ فاعلمه، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام.

[ج 1 ص 519]

قوله: (عَنْ أَبِي فَرْوَةَ): تقدَّم قبيله الكلام عليه، وكذا (الشَّعْبِي)، وكذا ضبط (بَشِير) والد النُّعمان.

قوله: (وَمَنِ اجْتَرَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهر.

قوله: (عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ): هو مبنيٌّ للفاعل.

قوله: (أَوْشَكَ): هو بفتح الهمزة في الماضي؛ ومعناه عند الخليل: أسرع أن يكون كذا وقَرُب، وقال أبو عليٍّ: جعلوا له الفعل؛ كأنَّهم قالوا: (يوشك) الفعل، وقال أبو عليٍّ: مثل: (عسى) الفعل، قال: ولا يقال: (يوشَك)؛ بفتح الشِّين، المستقبل، ولا (أوشك) في الماضي، وأنكر الأصمعيُّ (أوشك) أيضًا، إنَّما يأتي عنده مستقبلًا، الوشك: السُّرعة، انتهى كلام «المطالع»، قال الجوهريُّ: والعامَّة تقول: (يوشَك)؛ بفتح الشِّين، وهي لغة رديئة، وقد تقدَّم.

قوله: (مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى؛ يُوشِكْ): هما مجزومان؛ شرط وجزاء، و (يوشِك)؛ بكسر الشِّين، وتُفتَح على لغة تقدَّمت أعلاه.

(1/3967)

تنبيه: إنَّما كرَّر البخاريُّ أسانيد حديث النُّعمان بن بَشِير: «الحلال بَيِّن»؛ لأجل قول ابن مَعِين [9]: إنَّه [10] لا يصحُّ له سماع من النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، والله أعلم [11]، وقد صرَّح في أحد الطرق هنا بسماعه منه عليه الصَّلاة والسَّلام، قال ابن مَعِين: أهل المدينة يقولون: لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وأهل العراق يصحِّحون سماعه منه، وليس يقول: (سمعت) إلَّا في حديث الشَّعبيِّ: «إنَّ في الجسد مضغةً»، والباقي يقول (عن)، والله أعلم.

وفي هذا الكلام نظر؛ إذ في كتاب «ابن سعد»: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «أفضل العبادة الدُّعاء»، وفي كتاب «العسكريِّ» عنه: سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «مَن [12] لم يشكرِ القليل؛ لم يشكرِ الكثير»، وفي كتاب «الطَّبرانيِّ»: سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إذا كتب أحدكم إلى أحد؛ فليبدأ بنفسه»، وحديث: (ذهب بي [13] أبي إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: إنِّي نحلت ابني هذا غلامًا [14])، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «مثل المدهن [15] في حدود الله مثل قوم ركبوا [16] سفينة»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «ينبغي للمؤمنين أن يكونوا [17] فيما بينهم؛ كمنزلة [18] رجل واحد، إذا اشتكى عضوًا من جسده ... »، وسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إنَّ من العنب خمرًا»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «خذوا على أيدي سفهائكم»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «لتُسوُّنَّ صفوفكم»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول [19]: «أُنذِركم النَّار»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «مثل الأمراء»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إنَّ أهون أهل النَّار عذابًا»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إنَّ ثلاثة كانوا في الجبل»، وغير ذلك من الأحاديث التي صرَّح فيها بالسَّماع، والله أعلم.

(1/3968)

ذكر هذه الأحاديث الحافظ مغلطاي في كتابه [20] «التقريب» في الرَّد على الحافظ المِزِّيِّ في سكوته على [21] كلام ابن مَعِين في «تهذيبه»، ولكنَّ هذه الأحاديث إنَّما ترد إذا كانت الأسانيد إلى النُّعمان صحيحة إليه، والله أعلم، وقد أخرج له البخاريُّ في «صحيحه» غير هذا الحديث المذكور هنا «الحلال بَيِّن» ستَّة أحاديث أُخَر، وله [22] في بقيَّة الكتب [23]_ «مسلم» أو غيره_ عدَّةُ [24] أحاديث غير ما ذكرته أنا، والله أعلم غير أنَّ الحافظ مغلطاي ذكر ما صرَّح فيه بالسَّماع منه عليه الصَّلاة والسَّلام.

==========

[1] في (ج): (طال).

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[3] (عن ابن عيينة): سقط من (ج).

[4] في (ب): (الخبر)، وهو تحريفٌ.

[5] في (ب): (جهم).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[7] في (ج) بدل مما بين معقوفين: (ابن أبي شيبة الحافظ الكبير المصنف، والله أعلم)، وضرب عليها في (أ).

[8] (أعلاه): ليس في (ج).

[9] في (ب): (مسعون)، وفي (ج): (معاوية)، وهو تحريفٌ.

[10] (إنَّه): ليس في (ج).

[11] (والله أعلم): ليس في (ج).

[12] (من): سقط من (ج).

[13] (بي): ليس في (ج).

[14] في (ب): (غدينًا)، وهو تحريفٌ.

[15] في (ب): (المؤمن)، وهو تحريفٌ.

[16] في (ب): (بكوا)، وهو تحريفٌ.

[17] زيد في (ب): (أمنًا).

[18] في (ب): (بمنزلة)، وهو تحريفٌ.

[19] (يقول): ليس في (ج).

[20] في (ب): (كتاب).

[21] في (ب): (عن).

[22] زيد في (ب): (صح).

[23] زيد في (ب): (السِّتَّة).

[24] (عدَّة): ليس في (ج).

(1/3969)

[باب تفسير المشبهات]

قوله: (وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ): (حسَّان) هذا: بصريٌّ، أحد العبَّاد، عن الحسن، وعنه: جعفر بن أبي سليمان وعبد الله بن شوذب [1]، قال عمارة بن زاذان: كان حسَّان يفتح باب حانوته، فيضع الدَّواة، وينشر حسابه، ويرخي ستره، ثمَّ يصلِّي، فإذا أحسَّ بإنسان قد جاء؛ يقبل على الحساب يريه أنَّه كان في الحساب، وقال سلام بن أبي مطيع: قال حسَّان بن أبي سنان: لولا المساكين؛ ما اتَّجرتُ، وقال جعفر بن [2] سليمان: سمعت جليسًا لوهب بن مُنبِّه يقول: رأيت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فيما يرى النَّائم، فقلت: يا رسول الله؛ أين الأبدال مِن أمَّتك؟ فأومأ إلى الشَّام، قلت: أَمَا بالعراق منهم أحد؟ قال: «بلى؛ مُحَمَّد بن واسع، وحسَّان بن أبي سنان، ومالك بن دينار»، ويروى: أنَّ رجلًا رأى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في المنام، فقال: «لو أنَّ حسَّان بن أبي سنان دعا أن يُحوَّل جبل؛ تحوَّل»، وقال البرجلانيُّ عن النَّضر بن عبد الجبَّار السُّلميِّ، قال: مرَّ حسَّان بن أبي سنان بغرفة، فقال: مذ كم بُنيَت؟ ثمَّ رجع إلى نفسه، فقال: وما عليكِ تسألين عمَّا لا يعنيك، فعاقبها بصوم سنة، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وليس له في بقيَّة الكتب شيء، والله أعلم.

قوله: (مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الْوَرَعِ): (الورع) في الأصل: الكفُّ عن المحارم، والتَّحرُّج منه، يقال: ورِع الرَّجل يَرِع _بالكسر فيهما [3]_ ورعًا ورِعةً، فهو وَرِع، وتورَّع من كذا: استُعِير للكفِّ عن المباح والحلال [4]، وقال ابن قرقول: (الكفُّ عن الشُّبهات تحرُّجًا تخوُّفًا من الله)، وقال النَّوويُّ: (الورع: اجتناب الشُّبهات، والاشتهار بالعبادة) انتهى كلامه في «التَّحقيق»، أو حسن الطَّريقة والعفَّة [5]، لا مجرَّد العدالة المسوغة [6] لقبول الشهادة، بل ما يزيده عليه من العفَّة وحسن السِّيرة، كما قاله الرَّافعيُّ، وابن الرفعة، والنَّوويُّ في «التحرير».

قوله: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ): (يريب): ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، روايةً ولغةً؛ ومعناه: دع ما تشكُّ فيه إلى ما لا تشكُّ فيه.

==========

[1] في (ب): (سودة)، وهو تحريفٌ.

[2] زيد في (ج): (أبي)، وليس بصحيحٍ.

[3] (فيهما): سقط من (ج).

[4] زيد في النُّسخ: (وينقسم الورع)، ولم يذكر أقسامه؛ فلا مكان له.

[5] (والعفة): سقط من (ب).

(1/3970)

[6] في (ب): (المتبوعة)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 520]

(1/3971)

[حديث: أن امرأة سوداء جاءت فزعمت أنها أرضعتهما]

2052# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ كثيرًا بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.

قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الظَّاهر أنَّه الثَّوريُّ، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ المقدسيَّ في «الكمال» ذكر في مشايخه: الثَّوريَّ فقط، وفي «التَّذهيب» أطلق فقال: روى عن سفيان، وفي «الكاشف» قال: والثَّوريُّ، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ): تقدَّم أنِّي لا أعرفها، وتقدَّم أنَّها أمَةٌ، ولا أعرف هل هي مسلمة أم لا، والله أعلم.

قوله: (فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (ذَكر): مبنيٌّ للفاعل؛ أي: عقبة ذكر.

قوله: (وَكَانَتْ [1] تَحْتَهُ [2] بْنتُ أَبِي إِهَابٍ التَّمِيمِيِّ): تقدَّم أنَّها بنت أبي إهاب بن عَزِيز [3]؛ بعين مهملة مفتوحة [4]، وزايين [5]؛ الأولى مكسورة، وأبو إهاب صحابيٌّ ولا يُعرَف اسمه، وإنَّ له حديثًا في النَّهي عن الأكل مُتَّكئًا، وأمَّا بنته؛ فاسمها غَنِيَّة _بفتح الغين المعجمة، وكسر النُّون، وتشديد المثنَّاة تحت المفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث_ صحابيَّة، وقد جاء في بعض الطُّرق: أنَّ اسمها زينب، وأبو إهاب والدها: ابن عَزِيز بن قيس بن سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم [6]، حكاه الدَّارقطنيُّ عن الزُّبير، قاله ابن بشكوال وابن ماكولا في «إكماله» في (عتبة)، كنيتها أمُّ يحيى، وقد قدَّمت كلَّ ذلك في (بَاب الرحلة في المسألة النَّازلة [7]) في (كِتَاب العلم).

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية ابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) مصحَّحًا: (وقد كانت).

[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة»: (ابنة).

[3] زيد في (ب): (يعني).

[4] (مفتوحة): ليس في (ج).

[5] في (ب): (وراءين)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ج): (كارم)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب): (التاركة)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 520]

(1/3972)

[حديث: الولد للفراش وللعاهر الحجر]

2053# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزعَةَ): تقدَّم أنَّه بفتح الزَّاي وسكونها، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزهريُّ [1] مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ [2]): هذا هو أخو سعد بن أبي وقَّاص مالك بن أهيب، أحد العشرة، ذكروا عتبة في الصَّحابة، وممَّن ذكره ابن منده، واحتجَّ بوصيَّته إلى أخيه سعد بابن وليدة زمعة، وأنكر أبو نعيم ذلك على ابن منده، قال أبو نعيم: وعتبة هو الذي شجَّ وجه النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يوم أحُد، وكسر رباعيته، وما علمت له إسلامًا، ولم يذكره أَحد مِن المتقدَّمين في الصَّحابة، قيل: إنَّه مات كافرًا، انتهى معناه، وسأذكر (مَن قتله على كفره في أحُد، وسأذكر أيضًا) [3] الذين رمَوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يوم أحُد في مكانه من (أحُد) وغيره، وقد قال الدِّمياطيُّ في «حاشيته» هنا ما لفظه: عتبة بن أبي وقَّاص هو الذي كسر يوم أحُد رباعية النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ اليمنى السُّفلى، وجرح شفته السُّفلى، مات كافرًا بمكَّة، وابن قمئة جرح يومئذٍ وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المِغْفَر في وجنته، فنزعهما أبو عبيدة فسقطت ثنيِّتاه، وشجَّه عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ في جبهته [4]، انتهى، وسأذكر ذلك في (أحُد) مُطَوَّلًا، وأذكر من قيل: إنَّه أخرج الحلقتين، فقيل: أبو عبيدة، ويقال: عقبة بن وهب بن كلدة، وأذكر مَن فعل به ما فعل مُطَوَّلًا في (أحُد).

قوله: (أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمعَةَ): (ابن وليدة زمْعة): اسمه عبد الرَّحمن بن زمْعة بن قيس القرشيُّ العامريُّ، معدود في الصَّحابة، وهو أخو عبد، ومالك، وسودة أولاد زمْعة.

وقوله: (ابن وليدة زمْعة): هذه الوليدة لا أعرفها، والوليدة: الجارية الصَّبيَّة، وقال شيخنا، (ومِن قَبْله ابنُ عبد البَرِّ في «الاستيعاب») [5]: وأمُّه امرأة يمانيَّة، انتهى.

و (زمْعة): بإسكان الميم، ويقال بفتحها، وعن الوقشيِّ: أنَّه الصَّواب.

قوله: (فَاقْبِضْهُ): هو بهمزة وصل، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر.

قوله: (فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ): تقدَّم أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمان، وقد اختُلِف متى هو من الشهر، وقد قدَّمته، وسأذكره أيضًا في (الفتح).

(1/3973)

قوله: (فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمعَةَ): هو عبد بن زمْعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودِّ بن نصر، صحابيٌّ مشهور، أخو سودة أمِّ المؤمنين، وقال أبو نعيم: عبد بن زمْعة بن الأسود العامريُّ، أخو سودة أمِّ المؤمنين، كان من سادة الصَّحابة، وهو الذي اختصم هو وسعد بن أبي وقَّاص في ابن وليدةِ زمْعةَ، كذا نسبه؛ فوهم، وإنَّما هو مَن ذكرته لك، والله أعلم.

[ج 1 ص 520]

قوله: (فَتَسَاوَقَا): الظَّاهر أنَّ معناه: أنَّ كلَّ واحد منهما ساق الآخر، وحقيقة المساوقة: مجيء واحد بعد آخر، وهي المتابعة، والله أعلم.

قوله: (يَا عَبْد بْن زَمعَةَ): يجوز في (عبد) الفتح، وكذا (ابن)، ويجوز في (عبد) الضَّمُّ، فهذان [6] وجهان معروفان، وحكى ابن مالك في «التَّسهيل»: جواز الضَّمِّ في (ابن).

قوله: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ): أي: لصاحب الفراش.

قوله: (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ [7]): قال الدِّمياطيُّ: يعني: الخيبة والحرمان؛ لأنَّه لا يلحق به الولد، ولم يُرِدِ الحجارة، إذ ليس كلُّ زان [8] يُرجَم؛ إنَّما يُرجَم المُحصَن، انتهى، وكذا قال غيره، وسأذكر شروط الإحصان إن شاء الله تعالى.

==========

[1] (الزهري): ليس في (ب).

[2] في هامش (ق): (عتبة بن أبي وقاص هو الذي كسر يوم أُحُد رباعية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم اليُمنى السُّفلى، وجرح شفته السُّفلى، مات كافرًا بمكة، وابن قمئة جرح يومئذٍ وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، فنزعهما أبو عُبيدة فكسرت ثنيته، وشجه عبد الله بن شهاب الزهري في جبهته).

[3] ما بين قوسين سقط من (ج).

[4] في (ج): (وجنته).

[5] ما بين قوسين سقط من (ج).

[6] في النُّسخ: (فهذا).

[7] في هامش (ق): (يعني: الخيبة والحرمان؛ لأنَّه لا يلحق به الولد ولم يرد الحجارة، إذ ليس كل زان يُرجم إنَّما يرجم المحصن).

[8] زيد في النُّسخ: (لا)، وليس بصحيح.

(1/3974)

[حديث: إذا أصاب بحده فكل وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل]

2054# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ): تقدَّم أنَّه بفتح الفاء، وأنَّ بعض المغاربة سكَّن الفاء، وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدَّارقطنيُّ عنهم، وقد قدَّمت أنَّ الأسماء بالسكون، والكنى بالفتح، وكذا تقدَّم أنَّ (الشَّعْبِي) عامر بن شراحيل.

قوله: (عَنِ الْمِعْرَاضِ): هو بكسر الميم، وإسكان العين المهملة، وفي آخره ضاد معجمة؛ وهو خشبة مُحدَّدة [1] الطَّرف، وقيل: بل فيه حديدة يُرمَى بها الصَّيد، وقيل: بل هو سهم لا ريش له.

قوله: (وَقِيْذٌ): هو بفتح الواو، وكسر القاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالذَّال المعجمة، قال ابن قرقول: أي: ميتة؛ بمعنى: موقوذة، وهي المقتولة بعصًا أو حجر، أو بما لا حدَّ له، يقال: وقذتَه؛ إذا أثخنتَه ضربًا، قال أبو سعيد: أصل الوَقذ: الضرب على فأس القفا، فتصل هدَّتها إلى الدِّماغ، فيُذهِب العقل.

قوله: (ولا أدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَ): (أيُّ): مضمومة الياء، وبعضهم أعرب (أيًّا) مطلقًا.

==========

[1] في (ج): (محدودة).

[ج 1 ص 521]

(1/3975)

[باب ما يتنزه من الشبهات]

قوله: (بَابُ مَا يُتَنَزَّهُ): (يُتنزَّه): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[ج 1 ص 521]

(1/3976)

[حديث: لولا أن تكون صدقةً لأكلتها]

2055# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تقدَّم مرَّات أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ صاد مهملة، ثمَّ تاء التأنيث، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ أبو عامر، عن فطر بن خليفة، ومسعر، والطبقة، وعنه: البخاريُّ، وأحمد، وعبد، والحارث بن أبي أسامة، وأمم، وكان من العابدين الحُفَّاظ، مات سنة (215 هـ)، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بعُد العهدُ به.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الثَّوريُّ فيما ظهر لي، ومستندي أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ فيمَن روى عنه قَبِيْصة بن عقبة، ولم يذكر فيهم ابن عيينة، والله أعلم، والذَّهبيُّ في «التذهيب» أطلق، فقال: وسفيان.

قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المُعتمِر.

قوله: (عَنْ طَلْحَةَ): هو طلحة بن مُصرِّف الياميُّ أبو عبد الله الكوفيُّ، أحد أئمَّة الكوفة، عن عبد الله بن أبي أوفى، وأنس، ومرَّة الطيب، وعدَّة، وعنه: ابنه مُحَمَّد، وشعبة، وخلق، وثَّقوه، وقال ابن إدريس: كانوا يسمُّونه: سيِّد القرَّاء، مات سنة (112 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين وأبو حاتم.

قوله: (بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ [1]): قال الدِّمياطيُّ: (مسقوطة)؛ بمعنى: ساقطة، وقد يأتي (مفعول) بمعنى (فاعل)؛ كقوله [2] تعالى: {إنَّه كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًا} [مريم: 61]: أي: آتيًا، و {حِجَابًا مَّسْتُورًا} [الإسراء: 45]: أي: ساترًا، انتهى، وكذا {يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101]: أي: ساحرًا.

قوله: (وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): (همَّام) هذا: هو ابن مُنبِّه بن كامل اليمانيُّ الأبناويُّ، وهذا تعليق مجزوم به، ولهذا أخرجه مسندًا متَّصلًا في (اللُّقطة) عن مُحَمَّد بن مقاتل، عن ابن المبارك، عن مَعْمَر بن راشد، عن همَّام به [خ¦2432]، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: مسقوطة بمعنى: ساقطة، وقد يأتي المفعول بمعنى فاعل؛ كقوله تعالى: {إنَّه كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: 61]؛ أي: آتيًا، و {حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45]؛ أي: ساترًا).

[2] في (ب): (قال الله).

[ج 1 ص 521]

(1/3977)

[باب من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات]

(1/3978)

[حديث: لا حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا]

2056# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم ضبط دُكَين، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (عَنْ عَمِّهِ): تقدَّم الكلام على عبَّاد بن تميم، وأنَّه عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ مُتَرجَمًا؛ فانظره في أوائل هذا التعليق.

قوله: (شُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الرَّجُلُ): (شُكِي): بضمِّ الشِّين، وكسر الكاف، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا، و (الرَّجلُ): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): (ابن أبي حفصة): اسمه مُحَمَّد بن أبي حفصة ميسرة أبو سلمة البصريُّ، عن الزهريِّ، وأبي جمرة الضُّبعيِّ، وجماعة، وعنه: الثَّوريُّ، وإبراهيم بن طهمان، وابن المبارك، ورَوح بن عُبَادة، وجماعة، وثَّقه أبو داود، وقال عبَّاس عن ابن مَعِين: ثقة، وقال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن مَعِين: صالح [2]، وليَّنه يحيى القطَّان، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان».

و (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، ولم يخرِّج شيخنا هذا الأثر، ذكره ولم يعزه.

(1/3979)

[حديث: سموا الله عليه وكلوه]

2057# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحمن الطُّفَاوِيُّ): هو بضمِّ الطَّاء المهملة، وبالفاء؛ نسبة إلى طُفاوة؛ حَيٌّ، وفي أصلنا: مضموم الطَّاء ومفتوحها بالقلم.

==========

[ج 1 ص 521]

(1/3980)

[باب قول الله تعالى: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضوا إليها}]

قوله: (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11]): قال ابن المُنَيِّر: إنَّما ذكر الآية في هذه التَّرجمة؛ لمنطوقها؛ وهو الذَّمُّ، وتقدَّم ذكرها في باب الإباحة لمفهومها؛ وهو تخصيص ذمِّها بحالة اشتُغِل بها عن الصَّلاة والخطبة، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 521]

(1/3981)

[حديث: بينما نحن نصلي مع النبي إذ أقبلت من الشأم عير]

2058# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ): هو بفتح الغين المعجمة، وتشديد النُّون، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هذا هو زائدة بن قدامة أبو الصَّلت الثَّقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ وأحمد ابن يونس، ثقة حجَّة صاحب سُنَّة، تُوفِّيَ غازيًا بالرُّوم [1] سنة ستِّين ومئة، أو سنة إحدى وستِّين ومئة، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال به العهد [2].

[ج 1 ص 521]

قوله: (عَنْ حُصَيْنٍ [3]): هو بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، تقدَّم، وأنَّ الأسماء كلَّها بالضَّمِّ كذلك إلَّا حُضين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّ الكنى بالفتح أبو حَصِين، وهذا هو حُصَين بن عبد الرَّحمن السُّلميُّ أبو الهذيل الكوفيُّ، ابن عمِّ منصور، عن جابر بن سَمُرة وأبي وائل، وعنه: شعبة، وهشيم، وعليُّ بن عاصم، ثقة حجَّة، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد منه.

قوله: (عَنْ سَالِمٍ): هو سالم بن أبي الجعْد الأشجعيُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن عمر وعائشة مُرسَلًا، وعن ابن عبَّاس، وابن عمر، وعنه: منصور والأعمش، تُوفِّيَ سنة (100 هـ)، ثقة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

تنبيه: في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ: (حُصَين بن سالم)، وهذا غلط صرح، وإنَّما هو: (عن سالم)، وقد ضبَّبت أنا على (بن)، وكتبت صوابه في الحاشية [4]: (عن)، والله أعلم.

قوله: (إِذْ أَقْبَلَتْ مِنَ الشَّأْمِ عِيرٌ ... ) إلى آخره: تقدَّم الكلام على الشَّام، وعلى العير، ولمن كانت، والاثنا عشر رجلًا ذكرتهم، وذكرت مَن بقي غير اثني عشر رجلًا، وذكرت مجموعهم، فبلغوا خمسةَ عشرَ رجلًا وامرأتين، والله أعلم.

==========

[1] في (أ) و (ج): (لروم).

[2] في (ج): (العهد به).

[3] في هامش (ق): (صوابه: عن).

[4] في (ب): (الحواشي).

(1/3982)

[باب من لم يبال من حيث كسب المال]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يُبَالِ): هو بكسر اللَّام مجزوم؛ لأنَّه معتلٌّ، فبقيت الكسرة؛ لتدلَّ على أنَّ المحذوف ياءٌ، وهذا ظاهر.

قوله: (كَسَبَ): هو بفتح السِّين، وهذا ظاهر.

(1/3983)

[حديث: يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه]

2059# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا [1] مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (المَقْبرِي) أنَّه بضمِّ الباء، وفتحها، وكسرها، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/3984)

[باب التجارة في البر]

قوله: (بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْبَرِّ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الرَّاء، [وفي نسخة: (البَزِّ): بفتح الموحَّدة، وبالزاي، وفي نسخة: (البُرِّ): بضمِّ الموحَّدة [1]، وتشديد الرَّاء] [2]، قال شيخنا: قال بعض شيوخنا: اختُلِف في هذا التَّبويب هل هو (البَر) بفتح الباء، أو ضمِّها، أو بالزَّاي؟ وبكلِّها جاءت النُّسخ، ولم أر مُتقِنًا ضبطها، وقال ابن بطَّال: أي: في البز [3] وغيره، انتهى، وقد نقل شيخنا قبل هذا عن نسخة الدِّمياطيِّ: بفتح الباء والرَّاء المشدَّدة، انتهى، ويَشُدُّ هذا ما ترجم بعده: (باب التِّجارة في البحر)، والله أعلم، ورأيت بعضهم قال: إنَّه بتشديد الزَّاي؛ أي: أمتعة البزَّاز، قال: وعند بعضهم بالرَّاء، وهو تصحيف، انتهى.

قوله: (وَقَالَ قَتَادَةُ): هذا [4] هو [5] ابن دِعامة المُفسِّر العالم [6] الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] من قوله: (وبالزاي ... ) إلى قوله: (بضمِّ الموحَّدة): سقط من (ب).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] في (ب) و (ج): (البر)، وهو تصحيفٌ.

[4] (هذا): ليس في (ج).

[5] زيد في (ج): (قتادة).

[6] زيد في (ب): (الفاضل).

[ج 1 ص 522]

(1/3985)

[حديث: إن كان يدًا بيد فلا بأس وإن كان نساءً فلا يصلح]

2060# 2061# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم [1] مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل الحافظ، وتقدَّم بترجمة، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام [2].

قوله: (عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ [3]): هذا اسمه عبد الرَّحمن بن مطعم، سمع البراء، وزيد بن أرقم، وابن عبَّاس، روى عنه: عمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت، وعبد الله بن كَثِير، وسليمان الأحول، وثَّقه أبو زرعة، تُوفِّيَ سنة (106 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيه: لهم: أبو المنهال الرِّياحيُّ؛ بكسر الرَّاء، وبالمثنَّاة تحت، واسمه سيَّار بن سلَامة البصريُّ، يروي عن أبيه وأبي برزة، وعنه: شعبة وحمَّاد بن سلمة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين والنَّسائيُّ.

قوله: (وَإِنْ كَانَ نَسَاءً): هو بفتح النُّون والسِّين، والمدِّ، والهمز في آخره، كذا في أصلنا، على وزان (فَعَال)، قال ابن قرقول: قوله في الصَّرف: (وإن كان نسِيئًا؛ فلا يصلح)، كذا لهم وزن (فعيل)، وعند الأصيليِّ: (نَسَاء)؛ مثال: (فَعَال)، وكلاهما صحيح؛ بمعنى (التَّأخير)، انتهى، وفي «القاموس»: (نسأه؛ كمنعه: أخَّره، كأنسأه) انتهى، فحصل فيه ثلاثة أوجه: (نَساء)، و (نسيئًا)، والرُّباعيُّ، وجهان في كلام ابن قرقول تقدَّما، والثَّالث والرباعيُّ في كلام «القاموس»، وها هي: نَسَاءً، ونَسِيئًا، ونَسْئًا، وإنساءً؛ كلُّها بمعنى (التَّأخير).

(1/3986)

[باب الخروج في التجارة]

(1/3987)

[حديث عمر: أخفي علي من أمر رسول الله؟! ألهاني الصفق .. ]

2062# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (ابن سلَام)، وعليها علامة راويها، قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال البخاريُّ في «الجمعة»، و «البيوع»، و «بدء الخلق»، وفي «ذكر الملائكة»، و «المرضى»، و «اللِّباس»، و «الوصايا»، وفي «بَاب ما يُنهَى عنه من دعوة الجاهليَّة»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مخلد بن يزيد [1] الحرَّانيُّ»، نسبه شيوخنا: مُحَمَّد بن سلَام، وقد نسبه البخاريُّ أيضًا كذلك في مواضع من آخر الكتاب) انتهى، وفي «الأطراف» للمزِّيِّ لم ينسبه.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام المكِّيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (عَطَاء) وهو ابن أبي رَباح المكِّيُّ مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ): هذا ليثيٌّ قاصُّ مكَّة، عن أُبيٍّ، وعمر، وعائشة، وعنه: ابنه، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وآخرون، وذكر ثابت البُنانيُّ: أنَّه قصَّ على عهد عمر [2]، قال الذَّهبيُّ: وهذا بعيد، مات سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيه: لهم آخر يقال له: عبيد بن عمير، مولى ابن عبَّاس، عن مولاه، وعنه: ابن أبي ذئب، والصَّحيح أنَّه بيَّنه عطاء، له ترجمة في «الميزان»: أنَّه لا يُعرَف، أخرج له أبو داود، انفرد عنه ابن أبي ذئب.

قوله: (أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، أمير النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وتقدَّم ببعض ترجمة.

قوله: (فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ): هو بكسر الذَّال في أصلنا الآن، والظَّاهر أنَّه يجوز الفتح.

قوله: (فَفَزِعَ [3] عُمَرُ): هو بالزاي، والعين المهملة؛ أي: انتبه ممَّا هو فيه.

قوله: (إلَّا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وهذا هنا، وفي «مسلم»: أنَّ الشاهد أُبيُّ بن كعب، وقال له: (يا بن الخطَّاب؛ لا تكن عذابًا على أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... )؛ الحديث [4]، والظَّاهر أنَّهما شهدا، والله أعلم، وزاد أُبيٌّ ما زاد.

[ج 1 ص 522]

قوله: (أَخَفِيَ عَلَيَّ؟): هو بهمزة الاستفهام، و (خَفِي): فعل ماض، وهذا ظاهر.

(1/3988)

قوله: (أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تقدَّم تفسيره، وهنا في «الصَّحيح» في بعض النُّسخ: (يعني: الخروج إلى التِّجارة).

==========

[1] في (ب): (مزيد)، وهو تحريفٌ.

[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي هامشها من نسخة: (فتفرَّغ)، وفي «اليونينيَّة»: (فَفَرَغَ).

[4] (الحديث): سقط من (ج).

(1/3989)

[باب التجارة في البحر]

قوله: (وَقَالَ مَطَرٌ): هذا هو مطر بن طهمان أبو رجاء الخراسانيُّ الورَّاق، مولى عِلباء السُّلميِّ، وكان يكتب المصاحف، عن أنس [1]، فقيل: مُرسَلًا، وعن شهر بن حوشب، ورجاء بن حيوة، والحسن، وعطاء بن أبي رَباح، وعمرو بن شعيب، وخلق، وعنه: ابن أبي عروبة، ومَعْمَر، والحمَّادان، وخلق، وكان يحيى القطَّان يُشبِّهه بابن أبي ليلى في سوء الحفظ، وقال أحمد: هو في عطاء ضعيف الحديث، وقال ابن مَعِين: صالح، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: مات سنة خمس وعشرين _وقال الفلَّاس: سنة تسع وعشرين_ ومئة، علَّق له البخاريُّ كما ترى هنا، وفي غير هذا المكان، وأخرج له مسلم والأربعة، وهو حسن الحديث، له ترجمة في «الميزان».

قوله: ({الفُلْكِ}: السُّفُنُ): الواحد والجميع سواء، انتهى، وقال تعالى: {فِي الفُلْكِ المَشْحُونِ} [الشعراء: 119]: هذا مفرد، وقال: {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} [يونس: 22]: هذا جمع، ويُؤنَّث ويُذكَّر، {الفُلْكِ المَشْحُونِ}: مذكَّر، وقال تعالى: {وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي البَحْرِ} [الحجّ: 65]، فأنَّث، ويحتمل واحدًا وجمعًا، قال الجوهريُّ: كأنَّه يُذهَب بها إذا كانت واحدة إلى المركب؛ فتُذكَّر، وإلى السفينة؛ فتُؤنَّث.

قوله: (وَقَالَ [2] مُجَاهِدٌ): هذا هو ابن جَبْر الإمام المُفسِّر، وقد قدَّمت بعض ترجمته.

قوله: (تَمْخرُ السُّفنُ الرِّيحَ [3] وَلاَ تَمْخَرُ الرِّيحَ مِنَ السُّفنِ إلَّا الْفُلْكُ الْعِظَامُ): (تَمْخَر): بفتح المثنَّاة فوق، وإسكان الميم، وفتح الخاء المعجمة وضمِّها، وبالرَّاء، قال ابن قرقول: (تمخر السُّفَنَ الرَّيحُ، ولا تمخَرُ الرِّيحُ من السُّفن إلَّا الفُلكَ العِظام): كذا لهم، وعند الأصيليِّ: (تمخر السُّفنُ الريحَ)؛ بضمِّ (السُّفن)، ونصب (الرِّيح)، وقال بعضهم: صوابه فتح (السفن)، وضمُّ (الريح)؛ كأنَّها جعلها المُصرِّفة لها في الإقبال والإدبار، قال القاضي أبو الفضل: صوابه إن شاء الله ما ضبطه الأصيليُّ، وهو دليل القرآن؛ إذ [4] جعل الفعلَ للسفن، فقال: {مَوَاخِرَ فِيهِ} [النحل: 14]، وقال الخليل: مخرت السفينةُ؛ إذا استقبلت الرِّيح، وقال أبو عبيد: هو شقُّها، فعلى هذا؛ (السفينة): فاعلة مرفوعة، وقال الكسائيُّ: مخرت تمخر؛ إذا جرت، وقال غيره: {مَوَاخِرَ}: جواري، انتهى.

==========

(1/3990)

[1] (عن أنس): سقط من (ب).

[2] في (أ) و (ب): (قال)، والمثبت موافق لما في «اليونينية» و (ق).

[3] في هامش (ق): (إذا جرت تشق الماء مع صوت، قال بعضهم: صوابه فتح «السفن»، وضم «الريح» الفعل للريح كأنَّه جعلها المصرفة لها في الإقبال والإدبار، قال القاضي: والصواب إن شاء الله ما ضبطه الأصيلي، وهو دليل القرآن إذ جعل الفعل للسفن، فقال: {مَوَاخِرَ فِيهِ} [النحل: 14]).

[4] في النسخ: (إذا)، ولعل المثبت هو الصواب.

[ج 1 ص 523]

(1/3991)

[معلق الليث: أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل]

2063# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ ... ) إلى آخره [1]: تقدَّم في (الزَّكاة) أنَّ هذا التعليق أخرجه البخاريُّ في سبعة أماكن غير مُسَند، وأنَّه يقع هنا عقيبه: (حدَّثني عبد الله بن صالح: حدَّثني اللَّيث بهذا، وأنَّه ثابت في عدَّة أصول، وهو أيضًا ثابت في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ هنا، ولكن فيه: (عبد الرَّحمن)، وكان قبل ذلك (عبد الله)، فأصلح، وضرب على الجلالة، وخرَّج (الرَّحمن)، وصحَّح عليه، وهو خطأ محض، وصوابه: عبد الله، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في (الزَّكاة)، وتكلَّمت على عبد الله بن صالح؛ فانظره، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ أيضًا [2] هنا لم يسنده.

قوله: (أنَّه ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقد قدَّمت من عند ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّ الذي أقرض الألف الدِّينار هو النَّجاشيُّ.

==========

[1] في هامش (ق): (صوابه: عبد الله لا عبد الرحمن، وهو كاتب الليث، وكذا ذكر البخاريّ هذا المكان عنه، وليس في رواة الكتب السِّتَّة بل ولا في مصنفات أصحاب الكتب السِّتَّة أحد روى له عبد الرحمن بن صالح غير واحد، روى له النَّسائيّ في «بدء الخلق»، وهو شيعيٌّ، وكان يدخل على أحمد ابن حنبل، ولم يخرج له ولا غيره من أصحاب الكتب السِّتَّة شيئًا).

[2] (أيضًا): ليس في (ج).

[ج 1 ص 523]

(1/3992)

[باب: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضوا إليها}]

قوله: (وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْقَوْمُ يَتَّجِرُونَ): هذا الأثر قدَّمه قريبًا [1] بزيادة: (يتبايعون).

(1/3993)

[حديث: أقبلت عير ونحن نصلي مع النبي الجمعة]

2064# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد [1]: حَدَّثَنَا [2] مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلٍ): قال الجيَّانيُّ في «تقييده» ما لفظه: (وقال في «الصيد» و «الاعتكاف»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مُحَمَّد [3] بن فُضيل»، نسبه ابن السَّكن في الموضعين: ابن سلَام، ووافقه الأصيليُّ على الذي في «الاعتكاف»، فنسبه كذلك، وقد صرَّح البخاريُّ [4] باسمه في «كِتَاب النكاح»، فقال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا ابن فُضيل») انتهى، فلم يذكر هذا المكان، والظَّاهر أنَّه مثلهما، وقال شيخنا هنا: (وشيخ البخاريِّ هو ابن سلَام البيكنديُّ، قاله الدِّمياطيُّ والمِزِّيُّ) انتهى، ثمَّ إنِّي راجعت «أطراف المِزِّيِّ» فوجدته كذلك، ولفظه: (وعن مُحَمَّد: هو ابن سلَام).

و (مُحَمَّد بن فُضَيل): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد.

قوله: (عَنْ حُصَيْنٍ): تقدَّم في ظاهرها أنَّه بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، ومن هو.

قوله: (عِيرٌ): تقدَّم ما العِير، ولمن كانت في (الجمعة)، وكذا (إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا)، تقدَّم مَن الاثنا عشر رجلًا، وتقدَّم أنِّي بلغتهم خمسةَ عشرَ رجلًا وامرأتين.

(1/3994)

[باب قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم}]

(1/3995)

[حديث: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها]

2065# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وتقدَّم أنَّ (مَنْصُورًا): هو ابن المعتمر، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (أَبُو وَائِل) أنَّه شقيق بن سلمة مُتَرجَمًا.

قوله: (كَسَبَ): تقدَّم أنَّه بفتح السِّين، وهذا ظاهر.

==========

[ج 1 ص 523]

(1/3996)

[حديث: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره]

2066# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو يحيى بن جعفر بن أعين الأزديُّ البيكنديُّ الحافظ، عن ابن عيينة ووكيع، وعنه: البخاريُّ وعبيد الله بن واصل، صدوق، مات سنة (243 هـ)، أخرج له البخاريُّ فقط، وقد قدَّمته.

قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذلك تقدَّم (هَمَّام) أنَّه [1] ابن مُنبِّه بن كامل اليمانيُّ الأبناويُّ، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/3997)

[باب من أحب البسط في الرزق]

(1/3998)

[حديث: من سره أن يبسط له رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه]

2067# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ [1] الْكِرْمَانِيُّ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن منصور أبو عبد الله، نزيل البصرة، عن حسَّان بن إبراهيم الكرمانيِّ، وابن عيينة، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمِّيِّ، وغندر، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ وغيره، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وقال البخاريُّ: مات سنة (244 هـ) انتهى.

و (الكرماني): قال ابن قرقول: (قيَّده الأصيليُّ: بكسر الكاف) انتهى، وقال في (الأماكن): بفتح الكاف، وسكون الرَّاء، وضبطه الأصيليُّ: بكسر الكاف [2]، وكذلك

[ج 1 ص 523]

عبدوس، والصَّواب: فتح الكاف، وإسكان الرَّاء في المدينة وفي النَّسب إليها، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا حَسَّانُ): هذا هو حسَّان بن إبراهيم الكرمانيُّ العَنَزيُّ، قاضي كرمان، عن إبراهيم الصائغ، وسعيد بن مسروق، وعاصم الأحول، وعنه: عليُّ بن حُجْر وابن الَمدينيِّ، ثقة، قال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، تُوفِّيَ سنة (183 هـ)، وله مئة سنة [3]، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): تقدَّم أنَّه يونس بن يزيد الأيليُّ.

قوله: (يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ): (يُبسَط): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رزقُه): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (أَوْ يُنْسَأَ): (يُنسَأ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي آخره همزة مفتوحة معطوف على ما قبله؛ ومعناه: يُؤخَّر، و (أَثَرِهِ): أجله، وقد يراد به: بقاء الذكر بعده، و (أَثَره): بفتح الهمزة والثَّاء المثلَّثة.

فائدة [4]: إن قلت: أليس قد فُرِغ من الرِّزق والأجل، فما هذا الحديث؟

والجواب عن ذلك من خمسة أوجه:

أحدها: أن يكون المراد بالزيادة: توسعة الرزق، وصحَّة البدن، فإنَّ الغنى يُسمَّى حياةً، والفقر موتًا.

ثانيها: أن يُكتَب أجل العبد مئة سنة، ويجعل بركيَّته تعميَر [5] ثمانين سنة، فإن وصل رحمه؛ زاد الله في بركيَّته، فعاش عشرين أخرى [6]، قالهما [7] ابن قتيبة.

ثالثها: أنَّ هذا التأخير في الأجل ممَّا قد فُرِغ منه، لكنَّه علَّق الإنعام به بصلة الرَّحم؛ فكأنَّه كتب أنَّ فلانًا يبقى [8] خمسين سنة، فإن وصل رحمه؛ بقي ستِّين.

(1/3999)

رابعها: أن تكون هذه الزِّيادة في المكتوب، والمكتوب غير المعلوم، فما علمه الله من نهاية العمر لا يتغيَّر، وما كُتِب قد يُمحَى ويُثبَت، وقد كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يقول: (إن كنتَ كتبتَني شقيًّا؛ فامحُني) كما سلف، وما قال: إن كنتَ علمتني؛ لأنَّ ما علم وقوعه؛ لا بدَّ أن يقع، ويبقى عليه إشكال، وهو أنَّه إذا كان المحتوم واقعًا، فما الذي أفاده زيادة المكتوب ونقصانه؟

وجوابه: أنَّ المعاملاتِ على الظواهر، والمعلوم الباطن خفيٌّ لا يتعلَّق عليه حكم، فيجوز أن يكون المكتوب يزيد، وينقص، ويُمحَى، ويُثبَت، ليبلغ ذلك على لسان الشَّرع إلى [9] الآدميِّ، فيعلم فضيلة البِرِّ وشؤم العقوق، ويجوز أن يكون هذا ممَّا يتعلَّق بالملائكة، فتُؤمَر بالإثبات والمَحو، والعلم الحتم لا يطَّلعون عليه، ومِن هذا إرسال الرُّسل إلى مَن لا يؤمن [10].

الخامس: أنَّ زيادة الأجل تكون بالبركة فيه، وتوفيق صاحبه بفعل الخير، وبلوغ الأغراض، فينال في نصف عمره ما يناله غيره في طويله، وادَّعى التِّرمذيُّ الحكيم: أنَّ المراد بذلك: قلَّة المقام بالبرزخ، ولا أدري ما هذا، انتهى ما قاله شيخا بنحوه، وما قاله شيخنا: (ولا أدري ما هذا) غريبٌ، فهو معروف منقول، وقد ذكره غير واحد.

==========

[1] في هامش (ق): (إسحاق بن منصور).

[2] زيد في (ب): (انتهى وقال: في الأماكن: بفتح الكاف)، وهو تكرارٌ.

[3] (سنة): سقط من (ب) و (ج).

[4] في (ب): (باب)، وكتب في هامش (أ) بلا تصحيح: (انظر أليس الله فرغ من الرزق والأجل فما هذا الحديث؟).

[5] في (ج): (بعمر).

[6] زيد في (ج): (أخرى)، وهو تكرارٌ.

[7] في (ج): (قاله).

[8] (يبقى): سقط من (ب).

[9] في النُّسخ: (إلَّا)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[10] في (ج): (يؤمر)، وهو تحريفٌ.

(1/4000)

[باب شراء النبي بالنسيئة]

قوله: (بَابُ شِرَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِالنَّسِيئَةِ): أمَّا الشراء؛ فيُمدُّ ويُقصَر، وأمَّا (النَّسيئة)؛ فبهمزة في آخره؛ أي: إلى أجل، وقد تقدَّم معناها.

==========

[ج 1 ص 524]

(1/4001)

[حديث: أن النبي اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل]

2068# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة بترجمة، وقد قدَّمت أنَّ له مناكير تجنَّبها صاحبا «الصَّحيحين»، وتقدَّم أنَّ (الأعْمَش) سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (إِبْراهِيم): تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَدُ): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ): قوله: (طعامًا): هذا الطَّعام كان ثلاثين صاعًا، كذا في هذا «الصَّحيح»، وفي رواية: (عشرين)، وفي «مُصنَّف عبد الرزَّاق»: (بوسق شعير)، والوَسق: ستُّون صاعًا [كما تقدَّم، وللبزَّار من طريق ابن عبَّاس: (أربعين صاعًا)] [1]، فإن صحَّت هذه الرِّواية؛ فالثَّلاثون داخلة فيها، وتبقى روايتان؛ رواية [2]: (وسق)، ورواية «الصَّحيح»: (ثلاثون صاعًا)، فإن صحَّ الوسق؛ فرواية «الصَّحيح» داخلة فيه، وإلَّا؛ فالاعتبار برواية «الصَّحيح»، والله أعلم.

[وهذا اليهودي يقال له: أبو الشحم، قاله غير واحد، وهو رجل من بني ظفر، ووقع في «نهاية» الإمام تسميته بأبي شحمة، والمعروف الأوَّل] [3]، والأجل كان سنة.

وأمَّا قوله: (وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ)؛ فهذه الدِّرع: هي ذات الفضول، قاله غير واحد من الحُفَّاظ.

فائدة: كان له عليه الصَّلاة والسَّلام سبعُ أدراع: ذات الفضول هذه، وذات الوشاح، وذات الحواشي، والسُّغدية؛ بالإعجام في الغين، وضمِّ السِّين المهملة، قال شيخنا: نسبة إلى سغد سمرقند فيما أحسب، انتهى، ويقال فيها: السَّعْديَّة؛ بالسِّين المفتوحة والعين الساكنة المهملتين [4]، ويقال: إنَّها كانت درع داود [5] التي لبسها لقتال جالوت، كما أفاده النَّيسابوريُّ في «شرف المصطفى»، كذا قاله أبو الفتح بن سيِّد النَّاس اليعمريُّ في «سيرته»، والبتراء، والخِرْنِق؛ بكسر الخاء المعجمة، وإسكان الرَّاء، وبالنُّون المكسورة، وبالقاف، وفضَّة.

==========

[1] ما بين معقوفين تكرَّر في (ب).

[2] في (ب): (روايتان وإنَّه).

[3] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (اشترى طعامًا من يهودي)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.

[4] في (ج): (المهملة).

[5] زيد في (ب): (عليه الصَّلاة والسَّلام).

[ج 1 ص 524]

(1/4002)

[حديث: ما أمسى عند آل محمد صاع بر ولا صاع حب]

2069# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هذا هو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم الكلام على نسبته، وأنَّها إلى جدِّه، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ) أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته لماذا.

قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تقدَّم أنَّ حَوْشبًا؛ بفتح الحاء المهملة، وإسكان الواو، وفتح الشِّين المعجمة، وبالموحَّدة.

قوله: (حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعِ الْبَصْرِيُّ): هذا يروي عن هشام الدَّستوائيُّ وشعبة، وعنه: مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب، قال أبو حاتم: مجهول، وقال ابن حِبَّان: كان يخالف الثِّقات، ويروي عن شعبة أشياء، كأنَّه شعبة آخر، روى له البخاريُّ مقرونًا في هذا المكان، وهو مقرون بمسلم بن إبراهيم الفراهيديِّ المذكور في السَّند قبله، وهذا قرن أيضًا، وما شرط القرن أن يقول: عن فلان وفلان.

تنبيه: لهم شخص آخر يقال له: أسباط أبو اليسع الذُّهليُّ بصريٌّ، نزل بُخارى، عن الوليد بن مُحَمَّد السلميِّ صاحب شعبة، وعن مُحَمَّد بن سلَام البيكنديِّ، وجماعة، وعنه: حامد بن بلال ومُحَمَّد بن عمرو بن عمرويه النَّيسابوريُّ، مات سنة (263 هـ).

قوله: (وَإِهَالَةٍ): هي بكسر الهمزة: كلُّ ما يُؤتَدم به من الأدهان، قاله أبو ذرٍّ، وقال الخليل: الإِهالة: الإلية تُقطَع، ثمَّ تُذَاب.

قوله: (سَنِخَةٍ): هي بفتح السِّين المهملة، وكسر النُّون، ثمَّ خاء معجمة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث؛ أي: مُتغيِّرة.

قوله: (دِرْعًا لَهُ): تقدَّم أعلاه أنَّها ذات الفضول، وكذا تقدَّم (اليَهُودِيُّ) أنَّه أبو الشحم، وتقدَّم أنَّ (الشَّعِير) المأخوذ ما هو، وكذا تقدَّم (الصَّاع) كم مقداره.

[ج 1 ص 524]

(1/4003)

[باب كسب الرجل وعمله بيده]

(1/4004)

[حديث: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مئونة أهلي]

2070# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّه إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ [(ابْن وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، وتقدَّم أنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم] [1] (ابْن شِهَابٍ): أنَّه [2] مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (لَمَّا اسْتُخْلِفَ [3] أَبُو بَكْرٍ): (استُخلِف): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أبو بكر): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (أَنَّ حِرْفَتِي)؛ أي: كسبي، وهي بكسر الحاء المهملة.

قوله: (تَعْجِزُ): تقدَّم أنَّه بكسر الجيم في المستقبل، وفتحها في الماضي، وأنَّ هذه لغة القرآن، وأنَّه يجوز العكس.

قوله: (وَيَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ): أي: يكتسب لهم ما ينفعهم، أو يكون بمعنى (يجازيهم)، يقال: أحرف الرجل؛ إذا جازى على خير أو شرٍّ، وقال ابن الأثير: الحِرفة: الصناعة وجهة الكسب، وحريف الرجل: مُعامِلُه في حرفته، وأراد باحترافه للمسلمين: نظره في أمورهم، وتثمير مكاسبهم وأرزاقهم، يقال: هو يحرف لعياله ويحترف؛ أي: يكتسب، انتهى، وفي أصلنا كانت: (ويُحترَف): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ثمَّ إنَّها أُصلِحت الآن على البناء للفاعل، وهذه هي الصَّحيحة.

(1/4005)

[حديث: كان أصحاب رسول الله عمال أنفسهم]

2071# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ): (مُحَمَّد) [1] هذا: قال الجيَّانيُّ في (أبواب مُحَمَّد بن خالد الذُّهليِّ) وقد ذكر هذا الموضع: (لم ينسبه أحد من الرُّواة، ولا ذكر أبو نصر شيئًا) انتهى، وظاهر كلامه من التَّبويب: أنَّه الذُّهليُّ، وكذا جزم به شيخنا عن الجيَّانيِّ، ولم ينسبه المِزِّيُّ.

قوله: (أَخْبَرَنَا [2] سَعِيدٌ): قال الدِّمياطيُّ: ابن أبي أيُّوب مقلاص، انتهى، وهو سعيد بن أبي أيُّوب مقلاص أبو [3] يحيى الخزاعيُّ مولاهم، المصريُّ [4]، عن جعفر بن ربيعة، وأبي عَقِيل زهرة بن معبد، وكعب بن علقمة، ويزيد بن أبي حبيب، وخلق، وعنه: ابن جريج وهو أكبر منه، وابن المبارك، وابن وهب، وجماعة، قال أحمد: لا بأس به، وقال ابن مَعِين وغيره: ثقة، قال ابن يونس: وُلد [5] سنة مئة، وتُوفِّيَ سنة (161 هـ) على الصَّحيح، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ): هذا اسمه _كما [6] قال الدِّمياطيُّ_ مُحَمَّدُ بن عبد الرَّحمن [7]، يتيم عروة، انتهى، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَرْوَاحٌ): هو جمع (ريح).

قوله: (رَوَاهُ هَمَّامٌ [8]): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ أبو عبد الله، ويقال: أبو بكر، أحد أئمَّة الحديث، أخرج له الجماعة، ثبت في كلِّ المشايخ، تقدَّم [9] مُتَرجَمًا، وهذا التعليق مجزوم به، فهو على شرطه، والله أعلم، ولم يُخرِّجه أحد من أصحاب الكتب السِّتَّة، وقال شيخنا: أسنده أبو نعيم من حديث هدبة عنه [10].

(1/4006)

[حديث: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده]

2072# قوله: (أَخْبَرَنَا عِيسَى): هذا هو ابن يونس بن أبي إسحاق، أحد الأعلام في الحفظ والعبادة، عن أبيه، وهشام بن عروة، والأعمش، وخلق، وعنه [1]: حمَّاد بن سلمة مع تقدُّمه، وابن المَدينيِّ، وإسحاق، وابن عرفة، وأممٌ، وكان يحجُّ سنة، ويغزو سنة، مات سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ ثَوْرٍ [2]): هذا هو ابن يزيد الحمصيُّ الحافظ، عن خالد بن معدان وعطاء، وعنه: القطَّان، وأبو عاصم، وخلق، وكان ثبتًا قدريًّا، أخرجوه من حمص، وأحرقوا داره، تُوفِّيَ سنة (153 هـ)، أخرج له البخاريُّ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

[قوله: (عَنْ خَالِدِ): تقدَّم من هو خالد أعلاه] [3].

قوله: (عَنِ الْمِقْدَامِ): هذا [4] هو المقدام بن معديكرب أبو كريمة الكنديُّ الصَّحابيُّ، نزل حمص، وله عن معاذ، وعنه: حفيده صالح بن يحيى، وخالد بن معدان، ويحيى بن جابر، مات سنة (87 هـ) [5]، أخرج له البخاريُّ والأربعة رضي الله عنه.

تنبيه: قال شيخنا: زعم الإسماعيليُّ أنَّ سنده منقطع بين خالد والمقدام جبير بن نفير، انتهى، وفيه نظر؛ لأنَّ خالدًا قال: أدركت سبعين من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وتُوفِّيَ خالد سنة ثلاث ومئة، ويقال: سنة أربع ومئة، وقيل: سنة ثمان ومئة، والمقدام قال ابن سعد وجماعة: مات سنة سبع وثمانين، وله إحدى وتسعون سنة، وقال عليُّ بن عبد الله التَّميميُّ [6]: سنة ثمان وثمانين، والأوَّل أصحُّ، نعم؛ أرسل خالد بن معدان عن أبي عبيدة ابن الجرَّاح، ولم يسمع من أبي الدرداء، ولم يصحَّ سماعه من عبادة بن الصَّامت، ولا من معاذ، وقال ابن أبي حاتم: سألت _ يعني: أباه_: خالد بن معدان عن أبي هريرة متَّصل؟ فقال: قد أدرك أبا هريرة، ولا يُدرَك له سماع، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّ [7] دَاوُدَ [8] كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ): إن قيل: ما كانت صنعة داود؟

فالجواب: أنَّه كان زرَّادًا.

(1/4007)

فائدة [9]: كان آدم حرَّاثًا، ونوح نجَّارًا وكذلك زكريَّاء، وإدريس خيَّاطًا وكذا أيُّوب، وداود تقدَّم أعلاه زرَّادًا، وإبراهيم زرَّاعًا وكذا لوط، وصالح تاجرًا، ولقمان خيَّاطًا، وقيل: نجَّارًا، وموسى وشعيب ومُحَمَّد صلَّى الله عليهم [10] وسلَّم رعاة للغنم، وكذلك الأنبياء كلُّهم رعَوا الغنم، وفي «المستدرك» [11] في ترجمة ابن [12] مريم ذكر حديثًا عن ابن عبَّاس مرفوعًا: «إنَّ آدم كان حرَّاثًا، ونوح نجَّارًا، وإدريس خيَّاطًا، وداود زرادًا، وموسى راعيًا، وإبراهيم زرَّاعًا، وشعيب راعيًا، ولوط زرَّاعًا، وصالح تاجرًا، وسليمان مَلِكًا»، في سنده عبد المنعم بن إدريس ساقط.

ثانية: كان أبو بكر الصِّدِّيق، وعثمان، وعبد الرَّحمن بن عوف، وطلحة، وابن سيرين، وميمون بن مهران بزَّازين، والزُّبير، وعمرو [13] بن العاصي، وعامر بن كُريز خزَّازين، وسعد بن أبي وقَّاص يُبري النُّبل، وعثمان بن طلحة الحجبيُّ خيَّاطًا، ومثله قيس بن مخرمة، وأيُّوب السَّختيانيُّ يبيع جلود السَّختيان، ومالك بن دينار ورَّاقًا يكتب المصاحف، ومُجمِّع الزَّاهد حائكًا.

(1/4008)

[حديث: أن داود كان لا يأكل إلا من عمل يده]

2073# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُوسَى): هذا بلخيُّ سختيانيٌّ، يقال له: خت، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وهو ابن راشد، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 1 ص 525]

(1/4009)

[حديث: لأن يحتطب أحدكم حزمةً على ظهره خير من أن يسأل أحدًا]

2074# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام الجواد، وتقدَّم (عُقَيْل) أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم (ابْنِ شِهَابٍ) أنَّه الزهريُّ، [وكذا تقدَّم (أَبُو عُبَيْد) أنَّه سعد بن عبيد أبو عبيد الزهريُّ، مولى ابن أزهر، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو ثقة] [1].

قوله: (فَيُعْطِيَهُ) وكذا (أَوْ يَمْنَعَهُ): هما منصوبان، ونصبهما معروف.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[ج 1 ص 525]

(1/4010)

[حديث: لأن يأخذ أحدكم أحبله خير له من أن يسأل الناس]

2075# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى): تقدَّم أعلاه أنَّه خت.

[ج 1 ص 525]

قوله: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا هو وكيع بن الجرَّاح أبو سفيان الرؤاسيُّ، أحد الأعلام، عن الأعمش وهشام بن عروة، وعنه: أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الله القصَّار، وُلد سنة (128 هـ)، قال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم منه، ولا أحفظ، كان أحفظ من ابن مهديٍّ، وقال حمَّاد بن زيد: لو شئت؛ لقلت: إنَّه أرجح من سفيان، وقال أحمد: لمَّا وُلِّي حفص بن غياث القضاء؛ هجره وكيع، تُوفِّيَ بفيد يوم عاشوراء سنة (197 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَحْبُلَهُ): هو جمع (حَبْل)، جمع قلَّة، وجاء في بعض الطرق مفردًا.

(1/4011)

[باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ومن طلب حقًا]

(بَابُ السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ ... ) إلى آخر التَّرجمة ... وإلى (بَاب ما ذُكِرَ فِي الأَسْوَاقِ)

قوله: (فِي الشِّرَاءِ): تقدَّم أنَّه يُمدُّ ويُقصَر.

قوله: (فِي عَفَافٍ): هو بفتح العين، وهو العفَّة، وهو الكفُّ عمَّا لا يحلُّ، ورجل عِفٌّ: بيِّنُ [1] العَفاف والعَفافة، والعِفَّة؛ بالكسر، قاله ابن قرقول، وفي «الصِّحاح»: عفَّ عن الحرام يعِفَّ عَفًّا، (وعِفَّةً، وعَفافًا، وعَفافةً؛ أي: كفَّ، فهو عَفٌّ وعَفِيف، والمرأة عَفَّة) [2] وعفيفة، وأعفَّه الله سبحانه، وقال النَّوويُّ في حديث هرقل: العَفاف: الكفُّ عن المحارم وخوارم المروءة، قال صاحب «المحكم»: العِفَّة: الكفُّ عمَّا لا يحلُّ ولا يجمُل.

==========

[1] في (ب): (من)، وهو تحريفٌ.

[2] ما بين قوسين سقط من (ب).

[ج 1 ص 526]

(1/4012)

[حديث: رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع]

2076# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): هو بالمثنَّاة تحت، وبالشِّين المعجمة الألهانيُّ البكَّاء، عن جَرير، وشعيب بن أبي حمزة، وعدَّة، وعنه: البخاريُّ، والذُّهليُّ، والنَّاس، وثَّقوه، وُلِد سنة (143 هـ)، ومات سنة (219 هـ)، قال يحيى بن أكثم: أدخلته [1] على المأمون، فتبسَّم، ثمَّ بكى، فقال: أدخلت عليَّ مجنونًا؟! قلت: هذا خير أهل الشام، وأعلمهم بالحديث ما خلا أبا المغيرة، أخرج له البخاريُّ والأربعة.

قوله: (سَمْحًا): هو بفتح السِّين المهملة، وإسكان الميم، وصفه بالمصدر؛ للمبالغة، والسَّماح: السُّهولة.

قوله: (وَإِذَا اقْتَضَى): أي: استوفى.

(1/4013)

[باب من أنظر موسرًا]

قوله: (بَابُ مَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا): كذا في أصلنا، وصحَّح عليه، وفي أصلنا الدمشقيِّ كذلك، وفي الهامش نسخة: (مُعسِرًا).

==========

[ج 1 ص 526]

(1/4014)

[حديث: تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم]

2077# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية بن حُدَيج [1]، تقدَّم، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُورٌ) أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (رِبْعِي بْن حِرَاشٍ) أنَّه بكسر الرَّاء، وإسكان الموحَّدة؛ كالمنسوب إلى الربيع، وأنَّ حِرَاشًا بكسر الحاء المهملة، وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف شين معجمة، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حُذَيْفَة) أنَّه [2] ابن اليماني رضي الله عنه، وعن اليماني والده، وتقدَّم حذيفة مُتَرجَمًا.

قوله: (فِتْيَانِي): أي: عبيدي، والفتى: العبد، والفتاة: الأَمَة، والفتوَّة: لفظة مشتركة، والفتى: الشَّابُّ، والفتاة: الشَّابَّة، و (قال لفِتْيته): لعبيده.

قوله [3]: (أَنْ يُنْظِرُوا): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ؛ أي: يُؤخِّروا.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ): (أبو مالك) هذا: هو سعد بن طارق بن أشيم الأشجعيُّ الكوفيُّ، عن أبيه وابن أبي أوفى، وعنه: شعبة وأبو معاوية، وثَّقه [4] أحمد وغيره، بقي إلى حدود الأربعين والمئة، له ترجمة في «الميزان»، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم والأربعة، وقول أبي مالك أخرجه مسلم عن أبي سعيد [5] الأشجِّ، عن أبي خالد (الأحمر، عن أبي مالك، عن رِبْعيٍّ موقوفًا، وفي آخره: قال عقبة بن عامر الجهنيُّ وأبو مسعود الأنصاريُّ: هكذا سمعناه مِن فِي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ) [6].

قوله: (وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ)؛ أي: تابع شعبة أبا مالك سعدًا، فرواه عن رِبْعيٍّ عن حذيفة، كما رواه أبو مالك عن حذيفة، فالضمير يعود على أبي [7] مالك، والله أعلم.

و (عبد الملك): هو ابن عمير كوفيٌّ، رأى عليًّا، وسمع جَريرًا، والمغيرة، والنُّعمان بن بَشِير، وعنه: شعبة والسفيانان، قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس بالحافظ، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، ومتابعة شعبة عنه أخرجها البخاريُّ في (الاستقراض) عن مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، عن عبد الملك، وأخرجها ابن ماجه.

(1/4015)

قوله: (وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ): (أبو عوانة): تقدَّم أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم أعلاه (عبد الملك) أنَّه ابن عمير، وتقدَّم (ربعي) أنَّه ابن حِراش، وهذا تعليق مجزوم به، وقول أبي عوانة أخرجه البخاريُّ في (ذكر بني إسرائيل) عن موسى بن إسماعيل عنه به [8].

قوله: (وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ): (نعيم) هذا: أشجعيٌّ، عن أبيه، وله صحبة، وله عن سويد بن غَفَلة، وعنه: شعبة وسفيان، ثقة، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وروى له مسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وهذا تعليق مجزوم به، وهو صحيح على شرطه إلى نعيم، ونعيم لم يكن على شرطه، وتعليقه هذا أخرجه مسلم في (البيوع) عن عليِّ بن حُجْر، وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن جرير، عن مغيرة، عن نعيم بن أبي هند عنه به.

قوله: (فَأَقْبَلُ): هو بفتح الهمزة؛ همزة المتكلِّم [9]، مرفوع، وهذا معروف.

==========

[1] في (ب): (خديج)، وهو تصحيفٌ.

[2] (أنَّه): سقط من (ج).

[3] (قوله): سقط من (ج).

[4] زيد في (ب): (أبو)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[5] في (ب): (معبد)، وهو تحريفٌ.

[6] ما بين قوسين سقط من (ج).

[7] (أبي): سقط من (ب).

[8] (به): ليس في (ج).

[9] في (ب): (بفتح الهمزة للمتكلم).

[ج 1 ص 526]

(1/4016)

[باب من أنظر معسرًا]

قوله: (بَابُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا): قد تقدَّم أعلاه معنى الإنظار.

==========

[ج 1 ص 526]

(1/4017)

[حديث: كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه]

2078# قوله: (حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّ اسمه مُحَمَّد بن الوليد أبو الهذيل القاضي الحمصيُّ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (قَالَ لِفِتْيَانِهِ): أي: لعبيده، وقد تقدَّم أعلاه [1].

==========

[1] في (ب): (بظاهرها).

[ج 1 ص 526]

(1/4018)

[باب: إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: كَتَبَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... )؛ فذكره: (العَدَّاء): بفتح العين وتشديد الدَّال المهملتين، وهمزة ممدودة في آخره، وهو العَدَّاء بن خالد بن هوذة العامريُّ، من بني عامر بن صعصعة، أسلم بعد حنين، وعنه: عبد المجيد بن وهب، وأبو رجاء العطارديُّ، وعبد الكريم العُقيليُّ، وغيرهم، قال عبد المجيد: دخلنا عليه زمن يزيد بن المهلَّب، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له الأربعة، وأحمد في «المسند».

[ج 1 ص 526]

قال الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدِّمياطيُّ: (حديث العَدَّاء بن خالد بن هوذة العامريُّ _أسلم هو وأبوه وعمُّه_ رواه التِّرمذيُّ وابن ماجه بإسنادهما إلى عبد الحميد)، كذا بخطِّ الدِّمياطيِّ، وصوابه: المجيد بن وهب، قال: قال لي العَدَّاء بن خالد: ألا أقرئك كتابًا كتبه لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؟ قال: قلت: بلى، فأخرج إليَّ كتابًا: (هذا ما اشترى العَدَّاء بن خالد بن هوذة من مُحَمَّد رسول الله، اشترى منه عبدًا أو أمة لا داء، ولا غائلة، ولا خبثة، بيع المسلم المسلم)، وهذا أشبه من لفظ البخاريِّ في قوله: (اشترى مُحَمَّد رسول الله)؛ لأنَّ العهدة إنَّما تُكتَب للمشتري، لا للبائع، وكذلك رواه جماعة كرواية التِّرمذيِّ، وهو الصَّحيح، انتهى، وكذا أخرجه النَّسائيُّ في (الشروط)، وقال التِّرمذيُّ: حسن غريب، لا نعرفه إلَّا من حديث عبَّاد؛ يعني: عبَّاد بن ليث صاحب الكرابيس [1]، وقد ذكر ابن عبد البَرِّ العَدَّاء، ولم يذكر إلَّا أنَّه اشترى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ غلامًا، وكتب له عُهدة، قال: وهي عند أهل الحديث محفوظة، ولم يذكر ما وقع في «البخاريِّ» قطعًا غير أنَّه شكَّ بعض الرواة هل هو عبد أو أمة، وقد جزم أبو عُمر أوَّلًا بأنَّه غلام.

قوله: (لا دَاءَ): الدَّاء؛ بفتح الدَّال وبالمدِّ: العيب كلُّه.

(1/4019)

قوله: (وَلاَ خِبْثَةَ): هي بكسر الخاء المعجمة، ثمَّ موحَّدة ساكنة، ثمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وهو ما كان عن غير طيِّب الكسب والأصلِ، وكلُّ حرام خبيث، قال تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وقيل: الخبثة: بيع أهل العهد، وقيل: هي ههنا الريبة من الفجور، وقال شيخنا في (الحيل) عن ابن التِّين: أنَّه حكى الضَّمَّ؛ يعني: في خاء (خِبثة).

قوله: (وَلاَ غَائِلَةَ): هو بالغين المعجمة، وقد فسَّره قتادة _هو ابن دِعامة الإمام_ في الأصل: بالربا، وفي «المطالع»: (ولا غائلة)؛ أي: لا خديعة ولا حيلة، وقال الخطَّابيُّ: الغائلة في البيع: كلُّ ما أدَّى إلى تلف الحقِّ، وذكره بعضهم في ذوات الواو، وفسَّره قتادة: بالزِّنى، والسرقة، والإباق، والأشبه عندي أن يكون هذا التفسير راجعًا إلى الخبثة والغائلة جميعًا، انتهى.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ [2]): الظَّاهر أنَّه إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، وقد تقدَّم.

قوله: (إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ): هو جمع (نَخَّاس)؛ بفتح النُّون، وتشديد الخاء المعجمة، وفي آخره سين مهملة، والنَخَّاس: دلَّال الدَّوابِّ، يقال: نخَسه بعود [3]، ينخُسه وينخِسه؛ بضمِّ الخاء وكسرها، ومنه سُمِّي النَّخَّاس.

قوله: (يُسَمِّي آرِيَّ خُرَاسَانَ [4]): قال الدِّمياطيُّ: (آريَّ): هو مربط الدَّابة، وقيل: معْلَفُها، قاله الخليل، وقال الأصمعيُّ: هو حبل يُدفَن في الأرض، ويُبرَز طرفُه تُشَدُّ به الدَّابَّة، وأصله: من الحبس والإقامة، من قولهم: تأرَّى الرجل بالمكان؛ إذا أقام به؛ والمعنى: أنَّ بعض النَّخَّاسين يسمِّي موضع الدَّابَّة ومَربَطها في الدار: خراسان وسَجِستان، فيقولون: جاء من خراسان وسجستان؛ يعنون: مَرابطها فيحرِّضون على المشتري [5]، ويظنُّها طريَّة الجلب، قال عياض: وأظنُّ أنَّه نقص من الأصل بعد (آريَّ) لفظة: (دوابِّهم)؛ أي [6]: يسمِّي آريَّ دوابِّهم خراسان، انتهى، وفي «المطالع»: (أرِيَّ خراسانَ): كذا قيَّده جلُّ الرواة، ووقع للمروزيِّ: (أَرَى)؛ بفتح الهمزة والرَّاء، على مثال: (دَعَا)، وليس بشيء، ووقع لأبي ذرٍّ: بضمِّ الهمزة، وهو أيضًا تصحيف، ثمَّ ذكر نحو ما ذكره الدِّمياطيُّ، وابن قرقول والدِّمياطيُّ أخذاه من القاضي عياض، والله أعلم.

(1/4020)

وقوله: (خراسان): هو الإقليم المعروف موطن الكثير أو الأكثر من علماء المسلمين رضي الله عنهم، قال أبو الفتح الهمذانيُّ: ويقال له أيضًا: خُرْسان؛ بحذف الألف، وسكون الرَّاء.

وأمَّا (سَجِسْتَانَ [7]): اسمها زرنج، وسجستان اسم لتلك الدِّيار، فلمَّا كانت زرنج قصبة ذلك الإقليم، ودار مملكتها؛ غلب عليها الاسم، وهي خلف كرمان مسيرة مئة فرسخ، منها أربعون فرسخًا مفازة، ليس بها ماء، وهي التي بناحية الهند على حدِّ غزنة، وكرمان: اسم لتلك البلاد ... إلى آخر كلام عبد القادر الرَّهاويِّ، وقال أبو بكر الحازميُّ في «المؤتلِف والمختلِف» في (الأماكن): سَجْز؛ بالسِّين المهملة، وبالجيم الساكنة، وآخره زاي: اسم لسجستان، ويقال في النِّسبة: سَجْزيٌّ، انتهى.

وسَجِستان [8]: بفتح السِّين، وفي «الذيل والصِّلة» للصغانيِّ: سجستان: بلد، وهو معرَّب سِيستان، وسين (سِجستان) و (سِيستان) مكسورة بالقلم، وهذه النسخة التي نقلت عمدة، وكأنَّها كانت ملك الصغانيِّ؛ لأنَّ عليها في هوامشها تخاريجَ كثيرةً، وغالبها بخطِّه، والله أعلم، [ورأيت في حاشية على نسخة «علوم ابن الصَّلاح» _وقد قرئت النسخة عليه مرَّتين_ لفظها: السِّين والجيم مفتوحتان معًا، ومكسوران معًا ضبطناها عن الشَّيخ، انتهى، يعني: عن [9] ابن الصلاح [10]، وفي «تهذيب الأسماء واللُّغات» للنَّوويِّ: بفتح السِّين وكسرها، الكسر أشهر، والجيم مكسورة فيهما، انتهى وهذا الذي أحفظه أنا] [11].

قوله: (فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً): أي: حرَّمه تحريمًا شديدًا؛ لأنَّ الكراهة في لسان الأقدمين عبارة عن الحرام، وهو دليل القرآن، قوله: {كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38]، و (كراهيَة): تقدَّم مرَّات أنَّها بتخفيف الياء، ويقال من حيث اللُّغة: كراهي.

قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ): هذا هو الصحابيُّ الجهنيُّ، وهو صحابيٌّ كبير شريف، فصيح مقرئ، فرضيٌّ شاعر، وُلِّيَ غزو البحر، وعنه: عُليُّ بن رباح، وأبو عُشَانة، وخلق، تُوفِّيَ بمصر _وقد زرت قبره بالقرافة_ سنة (58 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

(1/4021)

[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا]

2079# قوله: (عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ): هو ابن أبي مريم، عن أبي موسى مُرسَلًا، وعن أبي سعيد كذلك، وسفينة، وعنه: منصور وأيُّوب، ثقة [1]، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، أخرج له الجماعة.

قوله: (إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ): تقدَّم أنَّ [2] حاء (حَكِيم) مفتوحة، وكافه مكسورة، وأنَّ حِزامًا؛ بكسر الحاء وبالزاي، وقد تقدَّم بعض ترجمة حَكِيم.

(1/4022)

[باب بيع الخلط من التمر]

قوله: (بَيْعِ الْخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ): (الخِلْط): بكسر الخاء المعجمة، وإسكان اللَّام، وبالطَّاء المهملة، وكذا في الحديث: وهو ألوان مجتمعة، وقيل غير ذلك.

==========

[ج 1 ص 527]

(1/4023)

[حديث: لا صاعين بصاع ولا درهمين بدرهم]

2080# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

[ج 1 ص 527]

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان [1] بن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، كذا قال ابن الأثير، وتقدَّم غيرَ مرَّةٍ ما قاله ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان هذا، انتهى.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن أبي كَثِير، وأنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.

قوله: (كُنَّا نُرْزَقُ): هو بضمِّ النُّون، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (تَمْرَ): منصوب مفعول ثانٍ، وهذا ظاهر، وكذا تقدَّم (وَهْوَ الْخِلْطُ) قريبًا، وكذا تقدَّم (الصَّاع): أنَّه أربعة أمداد، وأنَّ المدَّ: رطل وثلث برطل بغداد، وأنَّ رطل بغداد مئةٌ وثمانيةٌ وعشرون درهمًا (وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: مئة وثلاثون، وأنَّ الصاع زنة ستِّ مئة وخمسة وثمانين [2] درهمًا) [3] وخمسة أسباع درهم على مذهب أهل الحجاز، والله أعلم.

(1/4024)

[باب ما قيل في اللحام والجزار]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي اللَّحَّامِ وَالْجَزَّارِ): قال شيخنا: قال القرطبيُّ: اللَّحَّام: هو الجزَّار والقصَّاب على قياس قولهم: عطَّار وتمَّار [1] للذي يبيع ذلك، انتهى، والذي أعرفه أنا أنَّ (اللَّحَّامَ) بائعه، و (الجزَّار) الذي يجزره، فبينهما خصوص وعموم [2]، والله أعلم.

==========

[1] في (أ) و (ج): (وتمام)، وفي هامشهما: (لعله: وتمار).

[2] في (ب): (وبينهما عموم وخصوص).

[ج 1 ص 528]

(1/4025)

[حديث: إن هذا قد تبعنا فإن شئت أن تأذن له فأذن له]

2081# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه سليمان بن مِهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، وكذا تقدَّم (شَقِيقٌ) أنَّه أبو وائل شقيق بن سلمة الأسديُّ الكوفيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو مَسْعُود [1]) أنَّه عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاريُّ البدريُّ، وأنَّه كان ينزل ماء ببدر، فنُسِب إليها، ولم يشهدها على الصَّحيح وإن عدَّه البخاريُّ فيهم، وسيأتي التنبيه على ذلك، وقد قدَّمت شيئًا من ترجمته رضي الله عنه، وقال الدِّمياطيُّ: عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أُسيرة [2] بن عُسيرة بن عطيَّة بن خدارة أخي خدرة ابني عوف بن الخزرج الأنصاريِّ، انتهى.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ): ليس في الصحابة مَن اشتُهِر بأبي شعيب غير هذا، ولا أعلم ترجمته إلَّا أنَّه أنصاريٌّ حكى عنه أبو مسعود هذا.

قوله: (فَقَالَ لِغُلاَمٍ لَهُ قَصَّابٍ): هذا الغلام لا أعرف [3] اسمه.

قوله: (خَامِسَ خَمْسَةٍ): أي: أحد خمسة.

قوله: (فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[1] في هامش (ق): (عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أُسيرة بن عُسيرة بن عطية بن خُدارة أخي خدرة ابني عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاريُّ).

[2] (بن أسيرة): سقط من (ب).

[3] زيد في (ب): (له).

[ج 1 ص 528]

(1/4026)

[باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع]

(1/4027)

[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ... ]

2082# قوله: (حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ [1] المُحَبَّرِ): (بَدَل): بفتح الموحَّدة والدَّال المهملة، وباللَّام [2]، و (المُحَبَّر)؛ بضمِّ الميم، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة مفتوحة، ثمَّ راء: اسم مفعول.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْخَلِيلِ [3]): تقدَّم قريبًا [4] أنَّه صالح بن أبي مريم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حَكِيم بْن حِزَامٍ).

==========

[1] في (ب): (من)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ج): (واللَّام).

[3] في هامش (ق): (صالح بن أبي مريم).

[4] (قريبًا): ليس في (ب).

[ج 1 ص 528]

(1/4028)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا}]

(1/4029)

[حديث: ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال]

2083# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، وكذا تقدَّم (الْمَقْبُرِيُّ) أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتحها، وكسرها، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] في هامش (ق): (محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب).

[ج 1 ص 528]

(1/4030)

[باب آكل الربا وشاهده وكاتبه]

قوله: (بَابُ آكِلِ الرِّبَا): هو بمدِّ الهمز، وكسر الكاف: اسم فاعل، وهذا ظاهر.

قوله: ({مِنَ المَسِّ} [البقرة: 275]): (المس): الجنون.

(1/4031)

[حديث: لما نزلت آخر البقرة قرأهن النبي عليهم في المسجد]

2084# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُندار، وتقدَّم بعض ترجمته، وما هو البُندار، وكذا تقدَّم (غندر) أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، وإسكان النُّون، وبالدَّال المهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم له ترجمة، وما معنى الغندر، وأنَّه لقَّبه به ابن جريج، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (أَبُو الضُّحَى) أنَّه مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصَّاد المهملة، وفتح الموحَّدة مُتَرجَمًا.

قوله: (لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ سُوْرَةِ [1] الْبَقَرَةِ ... ) إلى أن قال: (ثمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ): تقدَّم الكلام على هذا في (بَاب تحريم تجارة الخمر في المسجد).

==========

[1] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة» و (ق): (سورة).

[ج 1 ص 528]

(1/4032)

[حديث: رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة]

2085# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكِيُّ، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (جَرِيرُ) أنَّه ابن حازم الأزديُّ، حضر جنازة أبي الطُّفيل بمكَّة، وسمع أبا رجاء العطارديَّ والحسن، وعنه: ابن وهب، وابن مهديٍّ، وشيبان، وهدبة، ثقة، لمَّا اختلط؛ حجبه ولده، تُوفِّيَ سنة (170 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد ذكرته في مؤلَّفي في كتاب [1] «الاغتباط [2] فيمن رُمِي بالاختلاط»، والله أعلم، وكذا تقدَّم (أَبُو رَجَاءٍ) وأنَّه عمران بن تيم، ويقال: ابن ملحان، وتقدَّم أنَّ (جُنْدب) يقال فيه: بفتح الدَّال وضمِّها.

قوله: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ): هما جبريل وميكائيل، جاءا مسمَّين في هذا «الصَّحيح».

قوله: (وَسطِ النَّهَرِ): تقدَّم أنَّه يقال: بإسكان السِّين وفتحها، كذا عندهم: (وسط)، وعند ابن السكن: (شط النهر)، وصوَّبه القاضي.

قوله: (رَمَى الرَّجُلُ): هو مرفوع فاعل.

(1/4033)

[باب موكل الربا]

قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ)؛ يعني: آية الرِّبا، تقدَّم في أوَّل هذا التعليق الاختلافُ في أوَّل ما أُنزِل، وفي آخر ما أُنزِل مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/4034)

[حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب وثمن الدم]

2086# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، ومُتَرجَمًا مرَّة، وكذا تقدَّم ضبط (أَبِي جُحَيْفَةَ).

قوله: (عَبْدًا حَجَّامًا): عبد أبي جُحَيْفَة لا أعرف اسمه.

قوله: (وَآكِلِ الرِّبَا): هو بمدِّ الهمزة اسم فاعل، وهذا يُعرَف مِن الذي بعده؛ وهو (وَمُوكِلِهِ)، و (آكِلِ) و (موكِلِ) في أصلنا: مجروران بالقلم.

(1/4035)

[باب: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم}]

(1/4036)

[حديث: الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة]

2087# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام الجواد، وكذا تقدَّم (يُونُس) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (ابْنُ المسيّب) أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، وهو سعيد بن المسيّب بن حزن، والمسيّب وحزن صحابيَّان، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

[ج 1 ص 528]

قوله: (مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمَحِّقَةٌ [1] لِلْبَرَكَةِ): (مُنَفِّقة): بضمِّ الميم، وفتح النُّون، وكسر الفاء المشدَّدة، ثمَّ قاف، ثمَّ تاء التأنيث، ومثله: (مُمَحِّقة)، كذا في أصلنا، وقال ابن قرقول: («مَمْحِقة»: بفتح الميم، وكسر الحاء، ويصحُّ بفتحهما، كذا قيَّده القاضي أبو الفضل، والذي أعرف بفتحها؛ أي: مُذهِبة [2] بركته مهلكة لها) انتهى، وقال غيره: (مَنْفَقة) و (مَمْحَقة)؛ بفتح أوَّلهما، وسكون ثانيهما، وفتح ثالثهما، ومقتضى تفسير ابن الأثير في [3] اللَّفظين أن يكون كهذا الضبط؛ ومعنى (منفقة للسلعة): أي: سبب لسرعة بيعها، وكثرة الرغبة والحرص عليها بسبب اليمين، وقال المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (مَنفقة): بفتح الميم على وزن (مَفعلة)، وهذا البناء موضوع؛ للمبالغة، كما يقال: الولد مبخلة [4] مجبنة، والمُحدِّثون يقولون: (منفِّقة) (ممحِّقة)؛ بالتَّشديد فيهما، والوجه الأوَّل ذكره صاحب «المفهم»، ثمَّ فسَّر (منفقة) انتهى.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مُمْحِقَة).

[2] في النُّسخ: (مذهبة)، والمثبت موافق لما في مصدره.

[3] في (ب): (بقي)، وهو تحريفٌ، وسقط من (ج).

[4] في (ج): (مخببة)، وهو تحريفٌ.

(1/4037)

[باب ما يكره من الحلف في البيع]

(1/4038)

[حديث: أن رجلًا أقام سلعة وهو في السوق فحلف بالله لقد أعطى بها]

2088# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّد): هذا هو الناقد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وله ترجمة في «الميزان» يسيرة، وكذا تقدَّم (هُشَيْمٌ): أنَّه ابن بَشِير أبو معاوية السُّلميُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو فرد في الكتب السِّتَّة ليس فيها راوٍ اسمه هشيمٌ سواه.

قوله: (أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ): هذا هو العوَّام بن حَوْشَب الواسطيُّ، أحد الأعلام، عن إبراهيم، ومجاهد، والطبقة، وعنه: شعبة، ويزيد بن هارون، وخلق، وثَّقوه، وله نحو مئتي حديث، مات سنة (148 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن طال به العهد، وكذا تقدَّم (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى)، واسم أبي أوفى ونسبه، وأنَّ أبا أوفى صحابيٌّ أيضًا رضي الله عنه.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً): هذا الرجل لا أعرفه.

قوله [1]: (أَقَامَ سِلْعَةً): أي: عرضها للبيع.

قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا): هو بفتح الهمزة [2]، وفتح الطَّاء، كذا في أصلنا؛ أي: اشتراها بكذا، وسيأتي فيما يليه بقيَّة الكلام عليه.

قوله: (مَا لَمْ يُعْطِ): هو بضمِّ أوَّله، وبكسر الطَّاء، وفي نسخة: (أُعطِي بها): بضمِّ الهمزة، وكسر الطَّاء، و (ما لم يُعطَ): بضمِّ أوَّله، وفتح الطَّاء؛ أي: دُفِع [3] له فيها كذا ولم يكن ذاك.

(1/4039)

[باب ما قيل في الصواغ]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ): هو بفتح الصَّاد المهملة، وتشديد الواو، وفي آخره غين معجمة، وهو صائغ الحليِّ، يقال: صاغ يصوغ، فهو صائغ، وصوَّاغ، وصيَّاغ أيضًا في لغة أهل الحجاز، وعمله الصِّياغة.

فائدة [1]: رأيت في «تاريخ المدينة المشرَّفة» للإمام زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي من مراغة مصر الشَّافعيُّ _وقد رأيت هذا المؤلِّفَ مرارًا بالقاهرة، وهو من طلبة الإمام الفقيه جمال الدين الإسنويِّ شيخ شيوخنا، واجتمعت به [2] في المدينة المشرَّفة في منزله بها في سنة (813 هـ) _: قال فيه ابن [3] المطريَّ _يعني به: جمال الدين مُحَمَّد بن أحمد بن المطريِّ، وله «اختصار [4] تاريخ ابن النجَّار للمدينة» _: إنَّه كان بالمدينة المشرَّفة ثلاث مئة صائغ من اليهود، نقل ذلك عن ابن زَبالة، قال ابن حسين: وفيه نظر؛ لأنَّ الثلاث مئة إنَّما كانت بزهرة، وكانت من أعظم قرى المدينة، كذا حكاه ابن زَبالة، انتهى.

قوله: (لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا): (يُختلى): يُقتطَع، وتقدَّم أيضًا أنَّ الخلى _ بالقصر_ الحشيشُ الرطب، وقيل: اليابس، وأنَّ بعض الرواة مدَّه، وهو خطأ.

قوله: (إلَّا الْإِذْخِرَ): تقدَّم ما هو، وأنَّه بكسر الهمزة.

قوله: (فَإنَّه لِقَيْنِهِمْ): هو بفتح القاف، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون مكسورة، والقَيْن: الحدَّاد، ثمَّ استُعمِل في الصَّائغ، وقد تقدَّم.

(1/4040)

[حديث: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم]

2089# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وتقدَّم لِمَ لُقِّب (عَبْدان)، وتقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (عَبْدُ اللهِ) بعده: أنَّه ابن المبارك، وتقدَّم (يُونُسُ) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا (عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْن): أنَّه ابن عليِّ بن أبي طالب زين العابدين.

قوله: (كَانَتْ له [1] شَارِفٌ): الشَّارِف؛ بالشِّين المعجمة، وبعد الألف راء مكسورة، ثمَّ فاء: المسنُّ من النُّوق، وفُسِّر في «مسلم»: بأنَّه [2] المسنُّ الكبير، والمعروف في ذلك أنَّه من النُّوق خاصَّة، لا من الذكور، وحكى الحربيُّ عن الأصمعيِّ: أنَّه يقال: (شارف)؛ للذكر والأنثى، ويجمع على (شُرُف)، قاله ابن قرقول.

(1/4041)

قوله: (وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [3] شَارِفًا [4] مِنَ الْخُمْسِ): قال شيخنا: ولم يختلف أهل السِّير كما قاله ابن بطَّال في غير هذا الباب: أنَّ الخمس لم يكن يوم بدر، وذكر إسماعيل القاضي: أنَّه كان في غزوة بني النضير حين حكم سعدًا، وقال: وأحسب أنَّ بعضهم قال: نزل أمر الخمس بعد ذلك، وقيل [5]: إنَّما كان الخمس يقينًا في غنائم حنين، وهي آخر غنيمة حضرها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، قال: وإذا كان كذلك؛ فيحتاج قول عليٍّ إلى تأويل، قال شيخنا: قلت: ذكر ابن إسحاق: أنَّ عبد الله بن جحش لمَّا بعثه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في السنة الثانية إلى نخلة في رجب، وقتل عمرو بن الحضرميِّ وغيره، واستاقوا الغنيمة، وهي أوَّل غنيمة؛ قسم ابن جحش الغنيمة، وعزل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الخمس، وذلك قبل أن يُفرَض الخمس، فأخَّر عليه الصَّلاة والسَّلام أمر الأسيرين، ثمَّ ذكر خروج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى بدر في رمضان، فقسم غنائمها مع الغنيمة الأولى، وعزل الخمس، فيكون قول عليٍّ: (شارفي من نصيبي) من المغنم يوم بدر، ويكون قوله: (كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أعطاني شارفًا من الخمس) قبله من غنيمة ابن جحش، وقال الدَّاوديُّ: (فيه دليل أنَّ آية الخمس نزلت يوم بدر؛ لأنَّه لم يكن قبل بنائه بفاطمة مغنم غيره، وذلك سنة اثنتين من الهجرة في رمضان، وكان بناؤه بفاطمة بعد ذلك ... ) إلى آخر كلامه، لكن في هذا «الصَّحيح» في الباب الذي بعد (بَاب شهود الملائكة بدرًا) ما لفظه: (وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أعطاني ممَّا أفاء الله عليه من الخمس يومئذٍ _أي: يوم بدر_ شارفًا)، وكذلك في (غزوة بدر) في هذا «الصَّحيح»، والتأويل مع هذا فيه صعوبة، وقد يؤوَّل، وقول شيخنا عن إسماعيل

[ج 1 ص 529]

القاضي: (إنَّ ذلك كان في غزوة بني النضير حين حكم سعدًا) فيه نظرٌ، والمعروف المشهور: إنَّما حكم سعدًا في قُريظة.

(1/4042)

ثمَّ إنِّي رأيت في كلام ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين: قال ابن إسحاق: كانت الخيل يوم بني قُريظة ستَّة وثلاثين فرسًا، وكان أوَّل ما وقعت فيه السَّهمان، وأخرج منه الخمس، ومضت به السُّنَّة، ووافقه على ذلك القاضي إسماعيل بن إسحاق، قال إسماعيل: وأحسب أنَّ بعضهم قال: نزل أمر الخمس بعد ذلك، ولم يأت في ذلك من الحديث ما فيه بيانٌ شافٍ، وإنَّما جاء ذكر الخمس يقينًا في غنائم حنين، وقال الواقديُّ: إنَّ أوَّل خمس خُمِّس في غزوة بني قينقاع [6] بعد بدر بشهر وثلاثة أيَّام، نزلوا على حكمه، فصالحهم على أنَّ له أموالهم، ولهم النِّساء، والذريَّة، وخمس أموالهم، وقال عبادة بن الصَّامت: (خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى بدر، فلمَّا هزم الله العدوَّ؛ تبعتهم طائفة يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وطائفة استولت على العسكر [7] والغنيمة، فلمَّا رجع الذين طلبوهم؛ قالوا: لنا النَّفل عن طلبنا العدوَّ ... ) إلى أن قال: (فقسمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن بواء قبل أن تنزل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41])، وقال القاضي إسماعيل: إنَّما قسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أموال بني النضير بين المهاجرين، وثلاثة من الأنصار: سهل بن حنيف، وأبي دجانة، والحارث بن الصِّمَّة ... إلى آخر كلامه.

قوله: (وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا): هذا الرجل لا أعرفه.

قوله: (صَوَّاغًا)؛ أي: صائغًا، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ (قَيْنُقاعَ): مثلث النُّون، وكذا تقدَّم (الإِذْخِر)، وتقدَّم (الصَّوَّاغِينَ).

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (لي).

[2] في (ج): (أنَّه).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي).

[4] في هامش (ق): (الشارف: المسن من النوق، وفسر في «مسلم» بأنَّه المسن الكبير، والمعروف في ذلك أنَّه من النوق خاصة لا من الذكور، وحكى الحربي عن الأصمعيِّ أنَّه يقال: شارف للذكر والأنثى، ويجمع على شرف، ولم يأت فعل جمع فاعل إلَّا قليلًا، قاله عياض).

[5] (قيل): ليس في (ج).

[6] في (أ) و (ج): (قيقناع)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب): (العساكر).

(1/4043)

[حديث: إن الله حرم مكة ولم تحل لأحد قبلي]

2090# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: (وقال في «الحيض»، و «المغازي» في موضعين في «بعث أبي موسى»، وفي «غزوة ذات السلاسل»، وفي «اقتربت»، و «المرضى»، و «الأدب»، و «الاستئذان»، و «التعبير»، ولم يذكر هذا المكان، ولا مكانًا آخر في «المحاربين» في «بَاب رجم المحصن» [1]: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا خالد»، و «إسحاق» في هذه المواضع كلِّها: هو إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، وكذلك نسبه أبو عليٍّ ابن السَّكن في أكثر هذه المواضع من «الجامع»، وقال الكلاباذيُّ: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالد بن عبد الله، روى عنه البخاريُّ في «الصَّلاة»، وفي غير موضع، فلم يزد _يعني: البخاريُّ_ على أن قال: «حَدَّثَنَا إسحاق الواسطيُّ»، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب «المدخل») انتهى، وقال شيخنا: هو ابن شاهين الواسطيُّ، قاله ابن ماكولا، وابن البَيِّع، وصرَّح به الإسماعيليُّ وأبو نعيم، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه الطَّحَّان، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ومن جملة ترجمته: أنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات يتصدَّق بزنة نفسه فضَّة رحمه الله، و (خَالِد) الثاني: هو الحذَّاء خالد بن مهران أبو المُنازِل، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَإنَّما أُحِلَّت لِي سَاعَةٌ مِن نَهَارٍ): تقدَّم أنَّها من بكرة إلى العصر، قاله أبو عبيد في «الأموال» له، (وأخبرني بعض حُفَّاظ العصر: أنَّه كذلك في «مسند أحمد») [2].

قوله: (لا يُخْتَلَيَنَّ [3] خَلاَهَا): تقدَّم قريبًا وبعيدًا ما هو، وتقدَّم (يُختلينَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (وَلاَ يُعْضَدُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (شَجَرُهَا) [4]: مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا): هو كالذي قبله، وقبل قبله، وكذا: (ولا تُلْتَقَطُ [5] لُقَطَتُهَا).

قوله: (إلَّا لِمُعَرِّفٍ)؛ يعني: إلَّا لمنشد؛ أي: لا تُلتقَط للتملُّك، إنَّما تُلتقَط للحفظ.

(1/4044)

قوله: (وَقَالَ [6] عَبْدُ الوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا، و (خالد) هذا: هو الحذَّاء خالد بن مهران أبو المُنازِل، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتعليق عبد الوهَّاب أخرجه البخاريُّ في (الجنائز) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب، وفي (الحجِّ) عن أبي موسى؛ كلاهما عن عبد الوهَّاب.

==========

[1] (في باب «رجم المحصن»): سقط من (ج).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لا يُخْتَلَى).

[4] في (ب): (ونحرها)، وهو تحريفٌ.

[5] في (ب): (يلتقط).

[6] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 1 ص 530]

(1/4045)

[باب ذكر القين والحداد]

قوله: (بَابُ ذِكْرِ الْقَيْنِ [1] وَالحَدَّادِ): قال الدِّمياطيُّ: القَيْن: الحدَّاد، ثمَّ استُعمِل في الصائغ، والقين: العبد، والقينة: المغنِّية، والقينة: الأَمَة أيضًا والماشطة، والتَّقيُّن: التَّزيُّن، انتهى، وقول البخاريِّ: (القَيْن والحدَّاد) العطف يقتضي التغايُر، وكأنَّهما لمَّا كانا مختلفي اللَّفظ؛ جاز عطف الأوَّل على نفسه، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (القينُ: الحداد، ثم استعمل في الصانع، والقين: العبد، والقينة: المغنية، والقينة: الأمة أيضًا والماشطة، والتقينُ: التزينُ).

[ج 1 ص 530]

(1/4046)

[حديث: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد]

2091# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُندار، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ أبو عمرو البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ الأعمش، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو الضُّحَى) أنَّه مسلم بن صُبَيح، وكذا تقدَّم (خَبَّاب) أنَّه بخاء معجمة مفتوحة، ثمَّ موحَّدة مشدَّدة، وفي آخره موحَّدة: ابن الأرتِّ؛ بمثنَّاة فوق في آخره مشدَّدة، وهذا ظاهر عند أهل الشَّام التَّميميُّ، حليف بني زُهرة، بدريٌّ، عنه: قيس بن أبي حازم وعلقمة، تُوفِّيَ سنة (37 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم رضي الله عنه.

قوله: (قَيْنًا): تقدَّم أنَّه الحدَّاد.

قوله: (فِي الْجَاهِلِيَّةِ): تقدَّم أنَّها ما قبل مبعث النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ سُمُّوا بذلك؛ لكثرة جهالاتهم، وسيأتي تعقُّب في ذلك في (أيَّام الجاهليَّة).

قوله: (وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ): تقدَّم الكلام على يائه: ابن هاشم بن سُعَيد _بضمِّ السِّين وفتح العين المهملتين_ ابن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤيِّ بن غالب أبو عمرو قرشيٌّ سهميٌّ، هلك العاصي عاصيًا وهو على دين قومه، عرض لرجله شوكة فهلك منها في الحال، وقصَّته معروفة.

قوله: (فَقُلْتُ: لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللهُ ثمَّ تُبْعَثَ): مسألة: وهو أنَّ الشَّخص إذا علَّق كفره؛ فإنَّه يكفر في الحال، ولكن خَبَّاب علَّق كفره على مستحيل في اعتقاد المخاطب، فلا يكون كفرًا، وذلك لأنَّ العاصي ما كان يعتقد البعث بعد الموت، والله أعلم.

(1/4047)

[باب ذكر الخياط]

(1/4048)

[حديث: إن خياطًا دعا رسول الله لطعام صنعه]

2092# [قوله: (إِنَّ خَيَّاطًا): هذا الخيَّاط لا أعرف اسمه] [1].

قوله: (فِيهِ دُبَّاءٌ): هو بضمِّ الدَّال، مشدَّد الموحَّدة، ممدود: القرع، على وزن (المُكَّاء)، والواحدة: دُبَّاءة، وحُكي في الدُّباء القصرُ، وحُكي أيضًا في المفرد.

[ج 1 ص 530]

قوله: (الْقَصْعَةِ): هي بفتح القاف، ولا تُكسَر.

==========

[1] ما بين معقوفين جاء في النُّسخ لاحقًا بعد قوله: (في المفرد)، وجاء في (أ) استدراكًا، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/4049)

[باب ذكر النساج]

(1/4050)

[حديث: جاءت امرأة ببردة أتدرون ما البردة؟]

2093# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، وبالزاي، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ): هذه المرأة تقدَّم أنِّي لا أعرف اسمها.

قوله: (نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي): لا أعرف في الصَّحابة حائكًا ولا حائكةً إلَّا هذه، وقد تقدَّم أنِّي لا أعرف اسمها.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن عوف معزوًّا في (الجنائز)، وذكرت هناك ما قاله المؤلِّف في «شرح التنبيه» من أنَّه سهل بن سعد، وهو غريب، [وتقدَّم أنَّ بعض حُفَّاظ هذا العصر قال [1]: إنَّه سعد بن أبي وقَّاص، ذكرته مُطَوَّلًا في (الجنائز)] [2].

==========

[1] (قال): سقط من (أ).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 531]

(1/4051)

[باب النجار]

(1/4052)

[حديث: أن مري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن]

2094# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ): (عبد العزيز) هذا: هو ابن أبي حازم سلمة بن دينار، وقد تقدَّما [1] مُترجَمين.

تنبيه: مَن يقال له: عبد العزيز، وقد روى عن أبي حازم عن سهل اثنان؛ أحدهما: ولده، والثاني: عبد العزيز بن مُحَمَّد الدَّراورديُّ، أخرج له عنه مسلم حديثًا عن سهل.

قوله: (أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمِنْبَرِ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم.

قوله: (إِلَى فُلاَنَةَ): تقدَّم أنَّ بعضهم قال: (علاثة) [2]، وهذا تصحيف من (فلانة)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «الطَّبرانيِّ الأوسط»: عن جابر: (أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... ) إلى أن قال: (فأمرت عائشة، [فصنعت له منبره ... )؛ الحديث، ثمَّ قال: عائشة هذه لم يصرَّح فيها بأنَّها زوج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فيحتمل أن تكون المرأة [3] الأنصاريَّة عائشة] [4]، وفي الصحابيَّات [5] من الأنصار عوائش.

قوله: (أَنْ مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ): تقدَّم الاختلاف في اسم الذي صنع المنبر، وكم كان من درجة، وفي أيِّ سنة عُمِل [6]، وطوله، وعرضه، وماذا جرى فيه في آخر الأمر، والله أعلم.

قوله: (مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ): تقدَّم الكلام على (الطَّرفاء)، وعلى (الغابة).

(1/4053)

[حديث: بكت على ما كانت تسمع من الذكر]

2095# قوله: (الَّذِي صُنِعَ): هو بضمِّ أوَّله مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ ... ) إلى آخره: تقدَّم الكلام على حنين الجذع، وماذا قال له [1] عليه الصَّلاة والسَّلام وما ردَّ عليه، وماذا جرى فيه بعد ذلك؛ فانظره في (المساجد).

قوله: (قَالَ: بَكَتْ عَلَى مَا [2] كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ): قائل هذا الكلام: [قال ابن سيِّد النَّاس في «سيرته الكبرى» في (ذكر [3] المنبر) ما لفظه: زاد غيره _أي: غير المُطَّلب_: فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «إنَّ هذا بكى لما فَقَد من الذكر»، انتهى] [4].

(1/4054)

[باب شراء الحوائج بنفسه]

قوله: (شِرَاءِ الْحَوَائِجِ): هو بجرِّ (الحوائج) مضاف، وتقدَّم أنَّ (شِرَى) يُمدُّ ويُقصَر.

فائدة [1]: اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام باع واشترى، وكان اشتراؤه بعد أن أكرمه الله تعالى برسالته أكثر من بيعه، وكذلك بعد الهجرة لا يكاد يحفظ عنه البيع إلَّا في قضايا يسيرة، وأكثرها لغيره؛ كبيعه القدح والحلس فيمن يزيد، وبيعه يعقوب المُدبَّر غلام أَبي مذكور، وبيعه عبدًا أسود بعبدين، وأمَّا شراؤه؛ فكثير، والله أعلم.

قوله: (جَاءَ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ): هذا المشرك لا أعلم اسمه.

(1/4055)

[حديث: اشترى رسول الله من يهودي طعامًا بنسيئة ورهنه درعه]

2096# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): هذا هو مُحَمَّد بن خازم الضَّرير، وخازم؛ بالخاء المعجمة، والزاي، تقدَّم، وتقدَّم (الأَعْمَشُ) أنَّه سليمان بن مهران، و (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا): تقدَّم [1] أنَّ اليهوديَّ أبو الشحم، وأنَّ الطعام كان ثلاثين صاعًا من شعير، وتقدَّم الاختلاف فيه، وتقدَّم أنَّ الأجل كان سنة، وأنَّ الدرع المرهونة ذات الفضول.

==========

[1] (تقدَّم): مثبت من (ج).

[ج 1 ص 531]

(1/4056)

[باب شراء الدواب والحمير]

(1/4057)

[حديث: أما إنك قادم فإذا قدمت فالكيس الكيس]

2097# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّ بَشَّارًا بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُندار، وتقدَّم (عَبْدُ الْوَهَّابِ) أنَّه ابن عبد المجيد الثقفيُّ، وتقدَّم (عُبَيْدُ اللهِ) أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

قوله: (فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي وَأَعْيَا): هذه الغزاة التي وقع فيها بيع جمل جابر سيجيء مُعلَّقًا أنَّه كان في طريق تبوك، ويأتي الاختلاف في مقدار الثمن مُطَوَّلًا من عند البخاريِّ في (بَاب إذا اشترط البائع ظهر الدَّابَّة إلى مكان مُسمًّى؛ جاز)، وذكر الاشتراط أيضًا، وترجيحه لمقدار الثمن والاشتراط، وقد ذكر ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» في (غزوة ذات الرقاع): أنَّ بيع الجمل كان بها، ولفظه: وفي انصرافه من هذه الغزوة أبطأ جمل جابر بن عبد الله، فنخسه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فانطلق متقدَّما بين يدي الركاب، ثمَّ قال: «بِعْنيه»، فابتاعه منه، وفي «مسلم»: (أقبلتُ من مكَّة إلى المدينة)، وذكر قصَّة الجمل، وسيأتي قبل (فرض الخمس): (فلمَّا قدم صرارًا)؛ فذكر قصَّة الجمل، وصرار على ثلاثة أميال من المدينة من ناحية العراق، والله أعلم.

قوله: (يَحْجُنُهُ): هو بضمِّ الجيم، والمِحْجَن: بكسر الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثمَّ جيم مفتوحة، ثمَّ نون، تقدَّم أنَّها عصًا مُعقَّفة الرأس؛ كالصَّولجان، والميم زائدة.

قوله: (أَكُفُّهُ): أي: أضمُّه.

قوله: (بَلْ ثَيِّبًا): امرأة جابر الثَّيِّب [1] التي تزوَّج بها معدودة في الصَّحابيَّات، ولا أعرف اسمها، [وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين: اسم زوجته سُهَيمة بنت مسعود الأوسيَّة، انتهى، وسهيمة بنت مسعود بن أوس الظفريَّة بايعت، وولدت لجابر بن عبد الله عبد الرَّحمن فيما ورد، والله أعلم] [2].

قوله: (إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ): هنَّ تسع، وفي رواية: سبع، وفي رواية بالشَّكِّ بين تسع وسبع، وفي رواية: (وترك خمس أخوات)، وكلُّ هذا لا ينافي التِّسع، والله أعلم.

[ج 1 ص 531]

قوله: (وَتَمْشُطُهُنَّ): هو بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وضمِّ ثالثه، وهذا معروف.

قوله: (أَمَا [3] إِنَّكَ): هو بتخفيف الميم، وكسر همزة (إنَّ) على الابتداء، و (أَمَا) كـ (أَلا) التي للاستفتاح.

(1/4058)

قوله: (فَالْكَيْسَ الكَيْسَ): هو بفتح الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالسِّين المهملة؛ يريد: الولد وطلب النَّسل، يقال: كاس الرَّجل في عمله: حذق، وكاس: وَلَدَ كيسًا، وقال الكسائيُّ [4]: أكاس: وُلد له كيس.

قوله: (بِأُوقِيَّةٍ): تقدَّم الكلام على الأوقية، وعلى ما فيها، وأنَّها أربعون درهمًا، وأنَّ النَّشَّ: عشرون، وسيجيء الاختلاف في ثمن الجمل حيث ذكره البخاريُّ، وقد ذكرت مكانه قريبًا.

قوله: (خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ): سأذكر إن شاء الله تعالى ما الحكمة في اشترائه عليه الصَّلاة والسَّلام الجمل، وإعطائه جابرًا بعد ذلك مع الثَّمن حكمة لطيفة مِن عند [5] السُّهيليِّ.

==========

[1] في (ب): (البنت)، وهو تصحيفٌ.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أمَّا)، وينظر هامشها.

[4] في (ج): (الكتاني)، وهو تحريفٌ.

[5] (عند): ليس في (ب).

(1/4059)

[باب الأسواق التي كانت في الجاهلية فتبايع بها الناس في الإسلام]

(1/4060)

[حديث: فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها]

2098# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ الجهبذ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة الإمام.

قوله: (كَانَتْ عُكَاظٌ [1]،وَمَجنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ): تقدَّم الكلام عليها كلِّها؛ فراجعه.

قوله: ({فِي مَوَاسِمِ الحجِّ} [البقرة: 198] قَرَأَ ابْنُ عبَّاس كَذَا): هذه شاذَّة، وقد سبق ذلك، وهذا ظاهر معروف.

(1/4061)

[باب شراء الإبل الهيم أو الأجرب]

قوله: (بَابُ شِرَاءِ الإِبِلِ الْهِيمِ): هو بكسر الهاء، وإسكان المثنَّاة تحت، قال البخاريُّ: (الهائم: المخالف للقصد في كلِّ شيء) انتهى، والهِيْم [1]: التي أصابها الهُيَام؛ وهو داء عطش لا يُروَى من الماء، وهو بضمِّ الهاء، وبالكسر، اسم الفعل، ومنه قوله تعالى: {شُرْبَ الهِيمِ} [الواقعة: 55]، وقيل في الآية غير هذا، قيل: هو داء يكون معه الجرب، ولهذا ترجم البخاريُّ عليه: (شراء الإبل الهِيْم والأجرب [2])، ويدلُّ عليه قول ابن عمر حين تبرَّأ إليه بائعها من عيبها: (رضيت بقضاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لا عدوى)، قاله ابن قرقول.

==========

[1] في (ب): (والهيثم)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (والأدب)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 532]

(1/4062)

[حديث: إن شريكي باعك إبلًا هيمًا ولم يعرفك]

2099# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ [1]): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن المَدينيِّ، وأنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، و (عَمْرو): هو ابن دينار.

قوله: (كَانَ هَهُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ): هو بفتح النُّون، وتشديد الواو، وبالسِّين المهملة، هذا لا أعرفه، قال ابن قرقول: (رجل اسمه نَوَّاس): كذا للأصيليِّ وكافِّتهم، وعند [2] القابسيِّ: (نِوَاس)؛ بكسر النُّون، وتخفيف الواو، وعند بعضهم: (نواسيٌّ) [3]، انتهى.

قوله: (مِنْ شَرِيكٍ لَهُ): شريك نَوَّاس لا أعرفه.

قوله: (مِنْ شَيْخِ كَذَا وَكَذَا): (شيخٍ) [4]: مجرور منوَّن؛ أي: من شيخ صفتُه كذا وكذا.

قوله: (وَيْحَكَ): تقدَّم الكلام على (ويح) و (ويل) مُطَوَّلًا، وأنَّ (ويح): كلمة تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقُّها، وقيل غير ذلك.

قوله: (سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرًا): إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ سفيان بن عيينة وكذا الثَّوريُّ [5] مدلِّسٌ، وقد قال: (قال) في السند، فعقَّبه [6] بأنَّه سمع منه؛ لأنَّ (قال) كـ (عن) و (أنَّ)، والله أعلم، (وقد قدَّمت أنَّ الخلاف في عنعنة المدلِّس في [7] غير ابن عيينة) [8].

(1/4063)

[باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها]

قوله: (فِي الْفِتْنَةِ): أي: قتال المسلمين مع المسلمين، (قال الإسماعيليُّ: ليس في هذا الحديث من [1] ترجمة الباب في شيء، وسأذكر كلامه قريبًا جدًّا) [2].

قوله: (وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ): تقدَّم أنَّ حُصَينًا بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، وهذا ظاهر، وحُصَين صحابيٌّ أيضًا كابنه عمران، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (في).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 532]

(1/4064)

[حديث: خرجنا مع رسول الله عام حنين]

2100# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ قاضي السَّفَّاح، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عُمَر بْن كَثِير بْنِ أَفْلَحَ) أنَّ كَثِيرًا؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وتقدَّم أنَّ (أَبَا مُحَمَّد مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): اسمه نافع بن عبَّاس، وقيل: عيَّاش، وتقدَّم (أَبُو قَتَادَةَ) أنَّه الحارث بن ربْعيٍّ، وقد نُسِب إليه أبو مُحَمَّد، وولاؤه لعقيلة الغفاريَّة، وهو حليف أبي قتادة، عن أبي قتادة وأبي هريرة، وعنه: الزهريُّ، وعمر بن كَثِير بن أفلح، وسالم أبو النَّضر، وجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ، وقد تقدَّم، ولكن طال به العهد، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَامَ حُنَيْنٍ): (حنين): في السَّنة الثَّامنة، وهي بعد الفتح، وكانت في شوَّال سنة ثمان، والطَّائف بعدها.

قوله: (فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرِفًا) [1]: قال ابن قرقول: (إنَّ مخرافًا) و (ابتعت به مَخرِفًا): بكسر الرَّاء، وفتح الميم: وهو حائط النَّخل، وكذلك البستان يكون فيه الفاكهة تُخترَف وهي الخرفة، ومنهم من يقول: مَخرِف؛ كمسجد: اسم لموضع السُّجود، ومنهم مَن يكسر الميم جعله كالمِرْبَد، وقال الخطَّابيُّ: المَخرَف: الفاكهة بعينها [2]، والمِخرف: وعاء يُجمَع فيه، وأنكر ابن قتيبة على أبي عبيد أن يكون المَخْرِف [3]: الثَّمر، قال: وإنَّما هي النَّخل، والثَّمر مخروف، وفي حديث آخر: (خرافًا)؛ وهو اسم لما يُخترَف منه ثمارٌ، أو يكون جمع (خريف)؛ وهي النَّخلة، جمع (كريم)، وقيل: المِخرَف: القطعة من النَّخل، انتهى، وفي «النِّهاية»: (حديث أبي طلحة: «إنَّ لي مَخْرَفًا، وإنِّي قد جعلته صدقة»؛ أي: بستانًا من نخل، والمَخْرَف؛ بالفتح: يقع على النَّخل وعلى الرُّطب، ومنه حديث أبي قتادة: «فابتعت به مخرَفًا [4]»؛ أي حائط نخل يُخرَف منه الرُّطَب) انتهى، وقال شيخنا: (المَخرف): بفتح الميم وكسر الرَّاء، وعكسه، وفتحهما: البستان، وقيل: الحائط من النَّخل يُخترَف منه الرُّطب؛ أي: تُجتنَى فيه الثَّمرة، وإمَّا [5] ما يُقطَع به، وبالفتح: الحائط من النَّخل، (وقال ابن سيده: المخرف: القطعة الصَّغيرة من النَّخل) [6] ستٌّ أو سبع يشتريها [7] الرَّجل للخرفة، انتهى.

قوله: (فِي بَنِي سَلِمَةَ): هو بكسر اللَّام [8]، وهذا ظاهر، وقد تقدَّم أنَّهم قبيل من الأنصار من الخزرج [9].

(1/4065)

قوله: (تَأَثَّلْتُهُ): هو بالمثنَّاة فوق في أوَّله، وبعد الألف مثلَّثة مفتوحة، ثمَّ لام ساكنة، ثمَّ تاء المُتكلِّم المضمومة؛ ومعناه: اتَّخذته أصلًا، وأَثْلة الشَّيء؛ بفتح الهمزة، وسكون الثَّاء: أصله، ومنه: (غير مُتأثِّل مالًا)،

فائدة [10]: قال الإسماعيليُّ: ليس هذا الحديث من ترجمة الباب في شيء، فإنَّه لم يبعِ [11] السِّلاح في الفتنة، انتهى، وما قاله حسنٌ غير [12] أنَّه قال البخاريُّ في التَّبويب: (وغيرها)، أمَّا بيعه في الفتنة؛ فإنَّما كُرِه؛ لأنَّه من باب التَّعاوُن على الإثم، وذلك منهيٌّ عنه، وأمَّا بيعه في غيرها؛ فمُباح، وداخل في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ} [البقرة: 275]، وقال ابن التِّين: لعلَّه في فتنة لا يُعرَف الظَّالم من المظلوم فيها، وإلَّا؛ فلو علمنا؛ بِيْع من المظلوم، ولم يُبَعْ من الظَّالم، انتهى.

==========

[1] في (ب): (فانبعث به مخرقًا)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[2] في (ج): (نفسها).

[3] في (ب) و (ج): (المحرف)، وهو تصحيفٌ.

[4] في (ج): (محرفًا)، وهو تصحيفٌ.

[5] كذا في النُّسخ، وفي «التَّوضيح» (14/&): (أو).

[6] ما بين قوسين سقط من (ج).

[7] في (ب): (يستر بها)، وهو تصحيفٌ.

[8] في النُّسخ: (الميم)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[9] (من الخزرج): سقط من (ج).

[10] (فائدة): سقط من (ب) و (ج).

[11] في (ج): (ينفي)، وهو تحريفٌ.

[12] في (ج): (قال)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[ج 1 ص 532]

(1/4066)

[باب: في العطار وبيع المسك]

قوله: (بَابٌ: فِي الْعَطَّارِ وَبَيْعِ الْمِسْكِ): (العطَّار): هو بيَّاع الطِّيب، والعطر: الطِّيب، وأطيب الطِّيب: المسك، كما قاله عليه الصَّلاة والسَّلام في «مسلم».

==========

[ج 1 ص 532]

(1/4067)

[حديث: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك]

2101# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب.

قوله: (عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّ له مناكير اجتنبها صاحبا «الصَّحيح»، وكذا تقدَّم (أَبُو بُرْدَةَ) أنَّه بُرَيد _بضمِّ الموحَّدة_ ابن عبد الله بن أبي بُردة، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (أَبُو بُرْدَةَ بْن أَبِي مُوسَى)، وأنَّ اسمه الحارث أو عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعريُّ.

[ج 1 ص 532]

قوله: (وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ): هو بفتح السِّين، مهموز الآخر.

قوله: (وَكِيرِ الْحَدَّادِ): (الكِير): بكسر الكاف، تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (لا يُعْدِمُكَ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الدَّال، وهو في أصلنا: بفتح أوَّله وضمِّه بالقلم؛ يعني: إذا فُتِح أوَّله؛ فُتِحتِ الدَّالُ.

قوله: (إِمَّا تَشْتَرِيهِ): (إمَّا): بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

(1/4068)

[باب ذكر الحجام]

(1/4069)

[حديث: حجم أبو طيبة رسول الله فأمر له بصاع من تمر]

2102# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ): تقدَّم أنَّه حُمَيد الطَّويل ابن تير، ويقال [1]: تيرويه، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وقد تقدَّم أنَّ كلَّ ما في الكتب: (حميد عن أنس)؛ فهو الطَّويل إلَّا في حديثين؛ أحدهما في «البخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، وهو «أخذ الرَّاية زيد، فأصيب»، والثاني في «البخاريِّ» فقط: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم ... »؛ الحديث، فإنَّه حُمَيد بن هلال بن هبيرة العدويُّ [2] أبو نصر البصريُّ، والله أعلم.

قوله: (أَبُو طَيْبَةَ): (أبو طيبة): كمدينة النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ طيبة، واسمه نافع، وقيل: ميسرة، وقيل: دينار، قال شيخنا: قال ابن الحذَّاء: عاش مئة وثلاثًا وأربعين سنة، انتهى، وهو عبد لبني بياضة، وسيأتي الكلام في أهله الذين وضعوا مِن خراجه قريبًا، روى عنه: ابن عبَّاس، وأنس، وجابر، روى حديثًا في النَّفقة في الحنَّاء.

قوله: (فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ): تقدَّم الكلام على الصَّاع كم مقداره، والاختلاف فيه.

قوله: (وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ): كان خراجه ثلاثة آصع، فوُضِع عنه صاع بشفاعته، و (أهله): هو [3] مُحَيِّصة بن مسعود [4]، وقال ابن الأثير: مولى بني حارثة، ثمَّ مولى مُحَيِّصة بن مسعود، انتهى.

==========

[1] (يقال): سقط من (ب).

[2] في (ب): (الغنوي)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ج): (هم)، وهو تحريفٌ.

[4] في (ب): (معود)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 533]

(1/4070)

[حديث: احتجم النبي وأعطى الذي حجمه]

2103# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا الطَّحَّان الواسطيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه اشترى نفسه من الله ثلاث مرَّات يتصدَّق بزنته فضَّة، وتقدَّم (خَالِدٌ) الثاني: أنَّه الحذَّاء خالد بن مِهران أبو المُنازِل.

قوله: (وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ): الظَّاهر أنَّ الذي حجمه هو [1] أبو طيبة الذي تقدَّم أعلاه، وأنَّه أعطاه صاعًا من تمر.

==========

[1] (هو): ليس في (ج).

[ج 1 ص 533]

(1/4071)

[باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء]

قوله: (بَابُ التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ): ذكر في الباب حديث ابن عمر: (أرسل النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى عمر بحلَّة حرير ... )؛ الحديث، قال المُحبُّ الطَّبريّ: لمَّا ذكر هذا [1] الحديث؛ ترجم عليه البخاريُّ: (ذكر التِّجارة فيما يُكرَه لبسه للرِّجال والنِّساء)، وفي الترجمة نظر، انتهى، ولم يبيِّن وجهه، وقال شيخنا: واعلم أنَّ الإسماعيليَّ قال: جعل ترجمة الباب: (التجارة فيما يُكرَه لبسه للرِّجال والنِّساء)، وقد قال عليه الصَّلاة والسَّلام في نصيب عليٍّ: «شقِّقْها خُمرًا بين نسائك»، وكان على زينب بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حلَّة سيراء، وإنَّما المعنى: مَن لا خلاقَ له من الرِّجال، فأمَّا النِّساء؛ فلا، فإن أراد شراء ما فيه تصاوير؛ فحديث عمر لا يدخل في التَّرجمة، وكذا أسلفنا الجواب عن هذا، وكذا قال ابن المُنَيِّر: في الترجمة إشعار بحمل قوله: «مَن لا خلاق له» على العموم للرِّجال والنِّساء، والحقُّ أنَّ النهي خاصٌّ بالرِّجال، والنمرقة المُصوَّرة يستوي فيها الرِّجال والنِّساء في المنع، انتهى ما قاله شيخنا، والذي ظهر لي أنا أنَّ مجموع ما في الباب يدلُّ للترجمة، لا أنَّ كلَّ حديث منهما، نعم؛ الحديث الثاني يدلُّ لها، ومجموعهما يدلُّ لها، والله أعلم، وقد رأيت كلام ابن المُنَيِّر في «تراجمه»، وها أنا أسوق لفظه لك، قال: في ترجمة البخاريِّ إشعار بحمل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «إنَّما يلبسها مَن لا خلاق له» على العموم للرِّجال والنِّساء، والحقُّ أنَّ النهي خاصٌّ بالرِّجال، وأمَّا النمرقة المُصوَّرة المكروهة؛ يستوي فيها الرِّجال والنِّساء في المنع، انتهى.

(1/4072)

[حديث: إني لم أرسل بها إليك لتلبسها إنما يلبسها من لا خلاق له]

2104# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ): هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقَّاص، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَوْ سِيرَاءَ): تقدَّم الكلام على السِّيراء مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ): أي: لا نصيب؛ يعني: في الآخرة.

(1/4073)

[حديث: إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون]

2105# قوله: (اشْتَرَتْ [1] نُمْرُقَةً): هي بضمِّ النُّون والرَّاء، وكسرهما، ويقال: بفتح النُّون، وضمِّ الرَّاء؛ ثلاث لغات، ويقال: نمرق؛ بغير تاء، فهذه أربع لغات، ويقال: نُمروق، قال الدِّمياطيُّ: النُّمرقة: وسادة صغيرة، وربَّما سمُّوا الطُّنفسة [2] التي فوق الرَّحل طنفسة [3]، انتهى، ولفظ «المطالع»: (النُّمرقة: الوسادة؛ بضمِّ أوِّلها وكسره، ويقال: نُمروق أيضًا، وقيل: المرافِق، وقيل: المجالس، لعلَّه يعني: الطَّنافس) انتهى، وفي «النِّهاية»: (نُمرُقة: أي: وسادة، وهي بضمِّ النُّون والرَّاء، وكسرهما، وبغير هاء، وجمعها: نمارق) انتهى.

قوله: (الْكَرَاهِيَةَ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغةُ: كراهي.

قوله: (لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ): سيأتي الكلام على هؤلاء الملائكة، وأنَّهم غير الحفظة، وأنَّ الحفظة لا يفارقون الإنسان إلَّا عند الخلاء والجماع، كذا جاء في «التِّرمذيِّ»، وسأذكره مُطَوَّلًا وكلام النَّاس فيه إن شاء الله تعالى.

==========

[1] في (ج): (اشتريت)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ج): (الطبقة).

[3] كتب فوقها في (أ) و (ج): كذا، وكذا هي في حواشي الدِّمياطيِّ التي في هامش (ق)، ولعلَّ الصَّواب: نمرقة.

[ج 1 ص 533]

(1/4074)

[باب: صاحب السلعة أحق بالسوم]

(1/4075)

[حديث: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم]

2106# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وكذا تقدَّم [1] (عَبْدُ الْوَارِثِ) أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّنُّوريُّ أبو عبيدة الحافظ، وكذا تقدَّم (أَبُو التَّيَّاح) أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، ثمَّ بمثنَّاة تحت مشدَّدة، وفي آخره حاء مهملة، وأنَّ اسمه يزيد بن حُمَيد.

قوله: (ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ): تقدَّم معنى (ثامنوني)، وتقدَّم ما هو الحائط، وكذا تقدَّم الكلام [على]: (وفيه خِرَب [2])، وكذا في أصلنا هنا، (وتقدَّم اختلاف الرُّواة فيه) [3].

[ج 1 ص 533]

(1/4076)

[باب: كم يجوز الخيار؟]

(1/4077)

[حديث: إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا]

2107# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): هذا هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، عن معتمر وابن عيينة، وعنه: البخاريُّ، ومُحَمَّد بن نصر المروزيُّ، وكان حافظًا رحَّالًا ثبتًا، قال النَّسائيّ: ثقة، وقال ابن حبَّان: كان صاحب حديث وسُنَّة، مات سنة نيِّف وعشرين ومئتين، ويقال: سنة ثلاث وعشرين ومئتين، ويقال: سنة ستٍّ وعشرين ومئتين، أخرج له البخاريُّ فقط.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو الثقفيُّ عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت أبو مُحَمَّد الحافظ الثقفيُّ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): الأنصاريُّ قاضي السَّفَّاح.

قوله: (أَوْ يَكُونَ): هو منصوب.

==========

[ج 1 ص 534]

(1/4078)

[حديث: البيعان بالخيار ما لم يفترقا]

2108# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ): قال الدِّمياطيُّ: (هو صالح بن أبي مريم الضَّبعيُّ البصريُّ) انتهى، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم [1] (حَكِيم) أنَّه بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ (حِزامًا)؛ بالحاء المكسورة وبالزَّاي.

قوله: (وَزَادَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزٌ): قال شيخنا الشَّارح: و (أحمد) قيل: إنَّه ابن حنبل الإمام، وكذا ذُكِر عن أبي المعالي أحمد بن يحيى ابن هبة الله ابن البَيِّع، و (بهز): هو ابن أسد، انتهى، وكذا رأيت الدِّمياطيَّ قال [2]: (قيل [3]: إنَّه أحمد ابن حنبل)؛ بلفظ (قيل)، وإذا كان كذلك؛ فقد تقدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، وأحمد شيخه حدَّث عنه، وعن واحد عنه أيضًا، فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كما تقدَّم في نظرائه، والله أعلم، ورأيت [4] بعضهم قال: إنَّه أحمد ابن حنبل، قال: وهو أحد الموضعين اللَّذين ذكره البخاريُّ فيهما، انتهى، (قال حافظٌ مصريٌّ مُتأخِّر في زيادة أحمد ما لفظه: وصلها أبو عوانة عن أبي جعفر الدَّارميِّ، وهو أحمد بن سعيد، قال: حَدَّثَنَا بهز بسنده، انتهى، وهو أحمد بن سعيد بن صخر أبو جعفر الدَّارميُّ الحافظ النَّيسابوريُّ، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وقد أخذوا عنه) [5].

(1/4079)

[باب: إذا لم يوقت في الخيار هل يجوز البيع؟]

(1/4080)

[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما]

2109# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عارم، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام.

قوله: (أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا): (يقول): منصوب، ونصبه معلوم.

(1/4081)

[باب: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا]

قوله: (وَشُرَيْحٌ): هو بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، قال الدِّمياطيُّ: شريح بن الحارث بن قيس، كان قاضيًا شاعرًا قائفًا [1] كوسجًا، مات سنة ستٍّ _وقيل: سبع، وقيل: ثمان أو تسع_ وسبعين، وقيل: سنة: ثمانين، كان يكنى أبا أميَّة، وكان بلغ مئة وثمان سنين، وقيل: مئة وعشرين سنة، وُلِّي القضاء من زمن عمر إلى زمن الحجَّاج ستِّين سنة، ثمَّ استعفى فأعفاه الحجَّاج، انتهى، وقول الدِّمياطيِّ: (وُلِّي القضاء من زمن عمر): اعلم أنَّه ذكر البيهقيُّ في كتابه «مناقب الشَّافعيِّ» في (بَاب الجرح والتعديل): أنَّ الشَّافعيَّ قال: لم يكن شريح قاضيًا لعمر، قال البيهقيُّ: وقد اختلفوا فيه، وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وأنكر آخرون قول الشَّافعيِّ، قالوا: وتوليته القضاء لعمر فمَن بعده مشهور، نقله النَّوويُّ في «تهذيبه»، والله أعلم.

قوله: (وَالشَّعْبِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل الشَّعبيُّ؛ بفتح الشِّين، وهذا ظاهر جدًّا، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَعَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وكذا تقدَّم (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ) أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُليكة التَّيميُّ، مؤذن ابن الزُّبير وقاضيه، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] في (ج): (فائقًا)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 534]

(1/4082)

[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما .. ]

2110# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] حَبَّانُ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاريُّ_: في «البيوع» في موضعين منه، وفي «حديث بني النضير»، و «الطبِّ»، و «اللِّباس»، و «الأدب»، و «الدُّعاء»، و «الأيمان والنذور»، و «الدِّيات»: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا حبَّان»؛ يعني: ابن هلال، لم أجد «إسحاق» هذا منسوبًا [2] عند أحد مِن رواة الكتاب، ولعلَّه إسحاق بن منصور، فقد روى مسلم في «الصَّحيح» عن إسحاق بن منصور عن حبَّان بن هلال) انتهى، وكذا عزاه شيخنا للجيَّانيِّ، ولم يزد، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة: ابن هلال كما تقدَّم، وكذا هو في نسخة في أصلنا، وكذا تقدَّم (صَالِح أَبُو الخَلِيلِ) أنَّه صالح بن أبي مريم، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حَكِيم بْن حِزَامٍ) ضبطًا ومُتَرجَمًا بعيدًا.

(1/4083)

[باب: إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع]

(1/4084)

[حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار]

2112# قوله: (أَوْ يُخَيِّرُ): هو مجزوم معطوفًا على [1] (يَتَفَرَّقَا) المجزوم.

==========

[1] (على): سقط من (ج).

[ج 1 ص 534]

(1/4085)

[باب: إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع؟]

(1/4086)

[حديث: كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار]

2113# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو مُحدِّث قيساريَّة، وتقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ [1]، وتقدَّم تعيين الأبواب التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ.

قوله: (إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ): هذا الاستثناء من الجملة الأخيرة؛ والمعنى: إلَّا بيعًا شُرِط فيه الخيار، فإنَّهما وإن تفرَّقا؛ فلا بيع [2] بينهما حتَّى تتمَّ مدَّة الخِيار، أو يكون المستثنى بيعًا تخايرا فيه، فيجب البيع وإن لم يتفرَّقا، وهو أقرب الاحتمالين، وأظهر التَّأويلين، قاله المحبُّ الطَّبريُّ.

==========

[1] في (ب): (البيكندي البخاري).

[2] في (ج): (يقع).

[ج 1 ص 534]

(1/4087)

[حديث حكيم بن حزام: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا]

2114# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [1]؛ فانظره، وكذا تقدَّم (حبَّان): أنَّه _ بالفتح_ ابن هلال، وكذا تقدَّم (هَمَّامٌ) أنَّه ابن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، وكذا تقدَّم (أَبُو الخَلِيلِ): أنَّه صالح بن أبي مريم أعلاه، وكذا (حَكِيم بْن حِزَامٍ) أعلاه، وقبله [2] مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.

قوله: (قَالَ هَمَّامٌ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي: يَخْتَارُ ثَلاَثَ مِرَارٍ): قال شيخنا [3]: وقول همَّام ... إلى آخره: ليس بمحفوظ، والرِّواية على خلافه، وإذا خالف واحدٌ الرُّواةَ جميعًا؛ لم يُقبَل قوله سيَّما إذا وجده في كتابه، وربَّما أُدخِل على الرَّجل في كتبه إذا لم يكن شديد الضَّبط، انتهى [4]

قوله: (وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ): قائل ذلك هو حبَّان؛ يعني: ابن هلال، وهو معطوف على السَّند قبله، فرواه البخاريُّ عن إسحاق، عن [5] حبَّان، عن همَّام به، وهذا ظاهر، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ في السند الأوَّل قتادة، وقد عنعن، وفيه أبو الخليل، وقد عنعن عن عبد الله بن الحارث، وفي الثاني: أبو التَّيَّاح صرَّح بالتَّحديث من عبد الله بن الحارث، فزال ما يُخشَى من عنعنة قتادة، وأبو الخليل وإن لم يكن مدلِّسًا، لكن ليخرج مِن خلاف مَن خالف في العنعنة، وإن لم تكن مِن مُدلِّس، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، وأنَّ اسمه يزيد بن حُمَيد.

(1/4088)

[باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا ولم ينكر]

قوله: (بابٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر قال: (أراد البخاريُّ إثبات خيار المجلس بحديث ابن عمر مع عثمان، ولمَّا علم أنَّ الحديث الأوَّل يعارضه؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ تصرَّف في البَكْر تصرُّف المالك قبل تمام العقد لفظًا؛ استأنف الجواب عن ذلك بقوله في الترجمة: ولم ينكرِ البائع على المشتري، بقي أنَّ هذه الهبة إنَّما مضت بإمضاء البائع، وهو سكوته النَّازل منزلة قوله [1]: أمضيت العقد، لا بلفظ العقد الأوَّل خاصَّة) انتهى.

==========

[1] (قوله): سقط من (ب).

[ج 1 ص 534]

(1/4089)

[معلق الحميدي: هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت]

2115# [قوله: (وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير المكِّيُّ، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، وتقدَّم أنَّ مثل هذا يكون قد أخذه عن شيخه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم] [1].

[ج 1 ص 534]

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن عيينة الإمام، وكذا قوله: (عَنْ [2] عَمْرٍو) أنَّه ابن دينار المكِّيُّ.

قوله: (فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ): هو بفتح الموحَّدة، وإسكان الكاف: وهو الفتيُّ من الإبل، وقد تقدَّم.

(1/4090)

[معلق الليث: بعت من أمير المؤمنين عثمان مالًا بالوادي ... ]

2116# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحمن بْنُ خَالِدٍ بْنِ مُسَافِرٍ [1] ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، فهو على شرطه، و (عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر) الفهميُّ، أمير مصر، عن الزُّهريِّ، وعنه: مولاه اللَّيث بن سعد ويحيى بن أيُّوب، تُوفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، ورأيت بخطِّي: (لم يرو له مسلم [2] في الأصول، وإنَّما أخرج له في الشَّواهد، فقال في «الحدود»: «وروى اللَّيث بن سعد عن ابن مسافر»، وكونه لم يرو له في الأصول قاله المِزِّيُّ في «التَّهذيب») انتهى، قال يحيى بن مَعِين: كان عنده عن الزِّهريِّ كتاب فيه مئتا حديث، أو ثلاث مئة حديث كان اللَّيث يحدِّث بها عنه، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وتعليق اللَّيث هذا ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: (رواه الإسماعيليُّ من حديث أبي صالح عنه، ورواه أيضًا من حديث أيُّوب بن سويد عن يونس بن يزيد، عن الزُّهريِّ به ... ) إلى آخر كلامه عليه.

و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ.

قوله: (عَلَى عَقِبَيَّ [3]): هو مثنًّى [4]، كذا هو في أصلنا: مشدَّد بالقلم.

قوله: (أَنْ يُرَادَّنِي): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الدَّال المهملة المشدَّدة، وهذا ظاهر.

قوله: (وَكَانَتِ السُّنَّةُ): تقدَّم أنَّ مثل هذا إذا قاله الصَّحابيُّ _ كهذا_؛ يكون مرفوعًا مسندًا؛ لأنَّ الظَّاهر أنَّه لا يريد به إلَّا سُنَّة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وما يجب اتَّباعه، وقد قدَّمت الخلاف في ذلك.

(1/4091)

[باب ما يكره من الخداع في البيع]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ): تقدَّم أنَّ المراد بالكراهة: التحريم، والخداع في البيع حرام، لا خلاف فيه.

==========

[ج 1 ص 535]

(1/4092)

[حديث: إذا بايعت فقل: لا خلابة]

2117# قوله: (أَنَّ رَجُلًا [1] ذَكَرَ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنَّه يُخْدَعُ فِي البُيُوعِ): قال الدِّمياطيُّ: الرجل هو حَبَّان بن منقذ بن عمرو من بني [2] النَّجَّار، شهد أحُدًا، وروى له الجماعة، ولعمِّه [3] واسع بن حَبَّان، ولابنه حِبَّان بن واسع بن حَبَّان، روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، انتهى، كذا قال هذا الحافظ، وهو قول في المسألة، والصَّحيح أنَّ والده منقِذ هو الرجل الذي [4] يُخدَع، وهو بكسر القاف، وبالذَّال المعجمة: ابن عمرو بن عطيَّة بن خنساء بن مبذول بن غنم بن مازن بن النَّجَّار الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ المازنيُّ الصَّحابيُّ المدنيُّ، ذكره ابن ماجه [5]، والبخاريُّ في «تاريخه» وبسط، قال البخاريُّ: قال عيَّاش بن الوليد: حَدَّثَنَا عبد الأعلى: حَدَّثَنَا ابن إسحاق: حدَّثني مُحَمَّد بن يحيى بن حبَّان قال: (كان جدِّي منقِذ بن عمرو أصابته آمَّة في رأسه، فكسرت لسانه، ونازعت عقله، وكان لا يدع التِّجارة، ولا يزال يُغبَن، فذكر ذلك للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «إذا بايعت؛ فقل: لا خِلَابة، وأنت في كلِّ سلعة تبيعها بالخيار ثلاث ليال»، وعاش ثلاثين ومئة سنة، وكان في زمن عثمان ... )؛ الحديث، لكن مُحَمَّد بن يحيى لم يدرك منقِذًا، ففيه إرسال، وحَبَّان: بفتح الحاء لا خلاف في ذلك، وقول الدِّمياطيِّ: (روى له الجماعة): لا أدري ما هذا الكلام، بل لا أذكر روى له أحد ولا [6] أحمد ابن حنبل، ولا بقيُّ بن مَخْلَد [7]، ولا روى له أصحاب الكتب السِّتَّة، وقوله: (ولعمِّه واسع بن حبَّان)، نعم؛ هذا روى له الجماعة أصحاب الكتب السِّتَّة، وقوله: (ولابنه حبَّان بن واسع روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ) هذا أيضًا صحيح، والله أعلم.

قوله: (لا خِلابَةَ): هي بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث؛ أي: لا خداع، وجاء في رواية: (فقل [8]: لا خيابة)؛ بالياء، وهي لثغة من الرَّاوي إبدال اللَّام ياء، والله أعلم.

==========

(1/4093)

[1] في هامش (ق): (الرجل: هو حبان بن منقذ بن عمرو من بني النجار، شهد أُحُدًا، وروى له الجماعة، ولعمه واسع بن حبان ولابنه حبان بن واسع بن حبان، روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيّ، لا أدري معنى قوله: وروى له الجماعة، فإنِّي لا أذكر أنَّ أحدًا من أصحاب الكتب السِّتَّة أخرج لحبان بن منقذ، بل ولا أحمد، ولا بقي بن مَخْلد؛ فلْيحرَّر ما هذا الكلام).

[2] في (ج): (عمرو بن أبي)، وهو تحريفٌ.

[3] قوله: (روى له الجماعة، ولعمه) فيه نظر، وعلى في حواشي الدِّمياطيِّ التي في هامش (ق) علامة نظر، فالذي روى له الجماعة مُحَمَّد بن يحيى بن حبَّان، ولعمه واسع بن حبَّان، وينظر تعليق المؤلِّف الآتي.

[4] (الذي): سقط من (ب).

[5] (ابن ماجه): سقط من (ج).

[6] في النُّسخ: (إلا)، والمثبت موافق لما في هامش (ق).

[7] (ولا بقي بن مخلد): سقط من (ج).

[8] في (ج): (فقيل)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 535]

(1/4094)

[باب ما ذكر في الأسواق]

(بَابُ مَا ذُكِرَ [1] فِي الأَسْوَاقِ) ... إلى (بَاب بَيْعِ المُلَامَسَة)

قال ابن المُنَيِّر: بعد أن سرد ما في الباب إنَّما أراد بذكر الأسواق إباحة المتاجر، ودخول السُّوق، والشراء منه للعلماء والفضلاء، وكأنَّه لم يصحَّ عنده الحديث الذي رُوِي: «شرُّ البقاع الأسواق، وخيرها المساجد»، وهذا خرج على الأغلب؛ لأنَّ المساجد يُذكَر فيها اسم الله، والأسواق قد غلب على أهلها اللَّغط، واللَّهو، والاشتغال بجمع المال، والكبُّ على الدُّنيا من الوجه المباح وغيره، وإنَّه إذا ذُكِر الله في السوق؛ فهو من أفضل الأعمال، روى مُحَمَّد بن واسع أنَّه قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: مَن دخل السوق، فقال: لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كلِّ شيء قدير؛ كُتِبت له ألف ألف حسنة، ومحي عنه ألف ألف سيِّئة، وبُنِي له بيت في الجنَّة»، وكذلك إذا لغا في المسجد، أو لغط فيه، أو عصى ربَّه؛ لم يضرَّ المسجد، ولا نقص فضله، وإنَّما أضرَّ نفسه، وبالغ في إثمه، وقد رُوِي عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (من عصى الله في المسجد؛ فكأنما عصى الله في الجنَّة، ومن عصاه في الحمَّام؛ فكأنَّما عصاه في النار، ومن عصاه في المقبرة؛ فكأنَّما عصاه في عرصات القيامة، ومن عصاه في البحر؛ فكأنَّما عصاه على أكفِّ الملائكة)، وذهب المُهلَّب في حديث عائشة رضي الله عنها _يعني: «يغزو جيش [2] الكعبة» _ إلى أنَّ مَن كثَّر سواد العصاة؛ لزمته العقوبة معهم، وإنَّ مالكًا استنبط من الحديث: معاقبة جليس شارب الخمر وإن لم يشرب، وهذا عندي مردود، فإنَّ العقوبة في الحديث هي المحنة السَّماويَّة، والمحن السَّماويَّات لا تُقاس بها العقوبات الشَّرعيَّة، ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «ويُبعَثون على نيَّاتهم» دلَّ على أنَّ المُقاتِلة [3] عوقبوا، والسُّوقة امتُحنوا معهم في الدُّنيا خاصَّة، ثمَّ وراء ذلك نظر في مصاحبة أهل الفتنة للتِّجارة معهم، هل هي من قبيل إعانتهم على ما هم عليه؟ ويقال: إنَّ ضرورة الوجود تُوجِب معاملتهم، وكلٌّ يعمل على شاكلته، والمُفتِن [4] يبوء بإثمه، وهذا ظاهر الحديث) انتهى.

(1/4095)

فقوله: في حديث الذِّكر في السوق؛ فقد رواه التِّرمذيُّ وابن ماجه [5] من حديث سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جدِّه، قال التِّرمذيُّ: غريب، أخرجه في (الدعوات)، وأخرجه ابن ماجه [6] في (التجارات) وفي (الدعاء)، ولكن لم يذكر عمر في هذه الطريق، ولفظ التِّرمذيِّ: (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له [7] الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت بيده الخير، وهوعلى كلِّ شيء قدير)، وأمَّا حديث: «شرُّ البقاع الأسواق»؛ فرواه مسلم، ولفظه من حديث أبي هريرة: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «أحبُّ البلاد إلى الله عزَّ وجلَّ مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها»، وأمَّا أبو نعيم؛ فقد أخرج هذه القطعة منه مع قوله: «وشرُّ أهلها أوُّلهم دخولًا، وآخرهم خروجًا» في (كِتَاب حرمة المساجد) من حديث ابن عبَّاس: «أبغض البقاع إلى الله الأسواق، وأبغض أهلها إلى الله أوَّلهم دخولًا، وآخرهم خروجًا»، وأمَّا حديث: سُئِل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن خير البقاع وشرِّها؛ فقال: «لا أدري حتَّى نزل جبريل ... »؛ الحديث، رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزَّار، والحاكم وصحَّح إسناده، والطَّبرانيُّ من حديث جبير بن مطعم، ولابن حِبَّان والحاكم نحوه من حديث ابن عمر، وفي «صحيح مسلم» من قول سلمان رضي الله عنه في مناقب أمِّ سلمة زوج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: (لا تكوننَّ إن استطعتَ أوَّل مَن يدخل السوق، ولا آخر مَن يخرج منها، فإنَّ بها [8] معركة الشَّيطان، وبها ينصب رايته)، قال المحبُّ الطَّبريُّ في هذا الموقوف على سلمان: أخرجه البزَّار هكذا مرفوعًا، وأخرجه مسلم موقوفًا [9] على سلمان، انتهى، وقال النَّوويُّ في «رياضه» عقب الموقوف على سلمان: رواه البرقانيُّ في «صحيحه» عن سلمان: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «لا تكن أوَّل مَن يدخل السوق، ولا آخر مَن يخرج منها فبها باض الشيطان وفرَّخ»، انتهى.

[قوله: (سُوقُ بَنِي [10] قَيْنُقَاع): تقدَّم أنَّ نونه مثلَّثة، وأنَّه يُصرَف ولا يُصرَف] [11].

قوله: (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه الخروج إلى التِّجارة.

==========

[1] في (ج): (يكره).

[2] في (ج): (حبش)، وهو تصحيفٌ.

[3] في (ب) و (ج): (المقابلة)، وهو تصحيفٌ.

[4] في النُّسخ: (المفتر)، والمثبت من مصدره.

[5] (وابن ماجه): سقط من (ج).

(1/4096)

[6] (ابن ماجه): سقط من (ج).

[7] (له): سقط من (ج).

[8] في (ج): (لها)، وهو تحريفٌ.

[9] (وأخرجه مسلم موقوفًا): سقط من (ب).

[10] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة»: (بني)، وضرب عليها في (ق).

[11] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[ج 1 ص 535]

(1/4097)

[حديث: يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف .. ]

2118# قوله: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ سُوقَةَ): هو بضمِّ السِّين المهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ قاف مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث.

قوله: (يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ): هذا الجيش قال شيخنا [1]: قال ابن التِّين: ولعلَّ هذا الجيش الذين يُخسَف بهم هم الذين يهدمون الكعبة،

[ج 1 ص 535]

فينتقم منهم، وتعقَّبه شيخنا الشَّارح فقال: قد يقال: الجيش يهدمون [2] الكعبة ليسوا من هذه الأمَّة [3]، والشارع قال في «صحيح مسلم»: «إنَّ أناسًا من أمَّتي يؤمُّون [4] هذا البيت لرجل من قريش قد لجأ إلى البيت»؛ فذكر الحديث.

تنبيه: الأمَّة تُطلَق على مَن بُعِث إليهم (النَّبيُّ وإن لم يجيبوه، ودليله في «صحيح مسلم»: «لا يسمع بي من هذه الأمَّة يهوديٌّ، ولا نصرانيٌّ، ولم يؤمن ... »؛ الحديث، فالأمَّة تُطلَق على القوم المبعوث إليهم) [5] الرسول، فإن أجابوه؛ كانت أمَّة الإجابة، وإن لم يجيبوه؛ كانت أمَّة الدعوة، فالمسلمون أمَّة الإجابة، واليهود، والنَّصارى، وجميع الأديان الموجودون بعد مبعثه عليه الصَّلاة والسَّلام إذا لم يجيبوه؛ فهم أمَّة الدَّعوة؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بُعِث إلى الخلق كلِّهم، والله أعلم [6].

قوله: (فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ): البيداء: المفازة لا شيء بها.

==========

[1] (قال شيخنا): ليس في (ب).

[2] في (ب): (يقدمون).

[3] في (ب): (الأئمَّة)، وهو تحريفٌ.

[4] في (ب): (يؤمنون)، وهو تحريفٌ.

[5] ما بين قوسين سقط من (ج).

[6] (والله أعلم): ليس في (ج).

(1/4098)

[حديث: صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته]

2119# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (الأَعْمَشِ) أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (أَبُو صَالِح) تقدَّم أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَسُوقِهِ [1]): يعني: إذا صلَّى فيهما منفردًا.

قوله: (بِضْعًا): البِضع في العدد: بكسر الباء وفتحها، تقدَّم كم هو في أوائل هذا التَّعليق مُطَوَّلًا.

قوله: (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ): هو بضمِّ الواو الفعل، وأمَّا الماء؛ فبفتح الواو، ويجوز في كلٍّ منهما الضَّمُّ والفتح، وقد تقدَّم مرارًا.

قوله: (لاَ يَنْهَزُهُ [1]): هو بفتح [2] أوَّله وثالثه، وضبطه بعضهم: بضمِّه [3] على أنَّه رباعيٌّ، وخُطِّئ، وليس بخطأ، بل هو لغة؛ ومعناه: يحرِّكه ويُنهِضه.

قوله: (إلَّا رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً): (درجةً): منصوب منوَّن؛ أي: رُفِع هو؛ يعني: الجائي إلى الصَّلاة درجةً.

قوله: (وَحُطَّتْ عَنْهُ [4] خَطِيئَةٌ): (حُطَّت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (خطيئةٌ): مرفوع منوَّن نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَالْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ): تقدَّم أنَّ العلماء قالوا: الصَّلاة من الله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن الآدميِّ تضرُّع ودعاء.

قوله: (مَا لَمْ يُحْدِثْ): تقدَّم الكلام عليه، ومن فسَّره بحدث الإثم، ومن فسَّره بحدث الوضوء.

(1/4099)

[حديث أنس: سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي]

2120# قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكتنوا [1] بِكُنْيَتِي): سيأتي الكلام على هذا، وأذكر فيه أربعة مذاهب للعلماء، والله أعلم، وأظنُّ أنِّي قدَّمتها.

==========

[1] كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج) و «اليونينيَّة» و (ق): (تكنَّوا).

[ج 1 ص 536]

(1/4100)

[حديث: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي]

2121# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو زهير بن معاوية الجُعْفيُّ أبو خيثمة الكوفيُّ، تقدَّم.

قوله: (دَعَا رَجُلٌ بِالْبَقِيعِ): هذا الرجل لا أعرفه.

قوله: (بِالْبَقِيعِ): هو بفتح الموحَّدة: مدفن أهل المدينة معروف.

==========

[ج 1 ص 536]

(1/4101)

[حديث: اللهم أحببه وأحب من يحبه]

2122# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن عيينة الإمام.

قوله: (فِي طَائِفَةِ النَّهَارِ)؛ أي: في قطعة منه.

قوله: (قَيْنُقَاعَ): تقدَّم مرَّات أنَّه مثلَّث النُّون، وأنَّه يُصرَف ولا يُصرَف.

قوله: (بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ): الفِناء؛ بكسر الفاء، وبالمدِّ [1]: ما بين يدي المنازل والدُّور.

قوله: (أَثَمَّ لُكَعُ [2]؟): (أثَمَّ): بهمزة الاستفهام، و (ثَمَّ): بفتح الثَّاء، وتشديد الميم؛ أي: أهناك [3].

قوله: (لُكَعٌ): هو مصروف في أصلنا بالقلم مُنوَّن، وفيه نظر، قال ابن قرقول: (يعني الحسنَ رضي الله عنه، وهو الصغير في لغة تميم، قال الهرويُّ: وعندي على بابه في الاستصغار والاستحقار على طريق التقليل، والرحمة به [4]، كما قال [5]: يا حُمَيْراء، وقال عمر رضي الله عنه: (أخشى على هذا العُرَيب)، وهي كلمة تقال: لمن يُستحقَر، وللعبد، والأمة، والوغد، والخامل، والقليل العقل [6]، وهي مأخوذة من الملاكِع؛ وهي التي تخرج مع السَّلى على الولد، قاله الأصمعيُّ، وهو معدول عن ألكع، ويقال: الرَّجل يلكع لكعًا، ولُكَعُ [7]، كلُّ ذلك إذا خسَّ؛ أي: صار خسيسًا، ويقال: اللَّكع: الوغد، لكنَّه للذكر، وللأنثى: لَكَاعِ (مبنيَّة [8] ... إلى آخر كلامه، وقال في «النِّهاية»: (اللَّكع عند العرب: العبد، ثمَّ استُعمِل في الحمق والذَّمِّ، يقال للرجل: لُكَع، وللمرأة: لَكَاعِ) [9]، وقد لكِع يلكِع لكعًا، فهو ألكع، وأكثر ما يقع في النداء: هو اللئيم، وقيل: الوسخ، وقد يُطلَق على الصغير، وذكر حديث الأصل، ثمَّ قال: فإن أُطلِق على الكبير؛ أريد به الصَّغيرُ العلمِ والعقل، انتهى، وفي «الصِّحاح»: ولا يُصرَف (لُكَع) في المعرفة؛ لأنَّه معدول من (ألكع)، وقال أبو عبيد: يُقال للفرس الذكر: لكعٌ، والأنثى: لكعةٌ، هذا ينصرف في المعرفة؛ لأنَّه ليس ذلك من المعدول الذي يقال للمؤنَّث منه: لَكَاعِ، وإنَّما هو مثل: صُردٍ ونُغَرٍ، ويقال للجحش: لُكَعٌ، وللصغير أيضًا، وفي الحديث: «أثَمَّ لُكعٌ؟»؛ يعني: الحسن أو الحسين، انتهى، وإنَّما هو الحسن كما في الحديث، وهذا كلام «الصِّحاح».

(1/4102)

قوله: (سِخَابًا): هو بكسر السِّين المهملة، وخاء معجمة، وبعد الألف مُوحَّدة، قال الدِّمياطيُّ: قلادة خرزها من الطيب من غير ذهب ولا فضَّة، انتهى،

[ج 1 ص 536]

وقال ابن قرقول: (السِّخَاب [10]: قلادة من طيب أو سكٍّ، قال ابن الأنباريِّ: هو خيط يُنظَم فيه خرز، ويلبسه الصبيان والجواري، وقال غيره: هو من المعاذات، وقال ابن دريد: هي قلادة من قرنفل أو غيره، والجمع: سُخب، وقال غيره: هي قلادة من قرنفل، وسكٍّ، ومَحْلَب، ليس فيها من الجوهر شيء.

قوله: (أَوْ تُغَسِّلُهُ): هو بتشديد السِّين المكسورة، كذا في أصلنا، ويجوز [11]: تَغْسِله؛ بإسكان الغين، وفتح أوَّله.

قوله: (فَجَاءَ يَشْتَدُّ)؛ أي: يعدو ويُحضِر.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَحِبَّه): هو بفتح الهمزة، فعل أمر، وكذا: (وأحِبَّ).

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): هو المذكور في السند، وهو ابن عيينة [12]، كما تقدَّم.

قوله: (قَالَ: عُبَيْدُ اللهِ أَخْبَرَنِي: أنَّه رَأَى نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ): هذا جاء به؛ لأجل عنعنة عبيد الله عن نافع بن جبير، فصرَّح هنا بذلك؛ ليرتفع عنه التدليس، ولينبِّه على اللُّقيِّ به وإن كان عبيد الله بن أبي يزيد ليس مُدلِّسًا، ولكن لأجل الخلاف في العنعنة مطلقًا التي قدَّمتها، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (قال).

[2] في هامش (ق): (يريد: الحسن بن علي).

[3] في (ب) و (ج): (هناك).

[4] (به): سقط من (ج).

[5] في (ج): (يقال).

[6] في (ج): (العقد)، وهو تحريفٌ.

[7] في «المطالع»: (&): (معدولٌ عن اللُّكَعِ، ويقال: لَكِعَ الرجلُ يَلْكَعُ لَكْعاً، فهو ألْكَع).

[8] في (ب): (منيته)، وهو تصحيفٌ.

[9] ما بين قوسين سقط من (ج).

[10] في (ج): (سخاب).

[11] في (أ) و (ب): (ونحو)، ولعلَّه تحريفٌ.

[12] زيد في (ب): (الإمام).

(1/4103)

[حديث: أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي]

2123# 2124# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تقدَّم أنَّه أنس بن عياض.

قوله: (وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ ... ) إلى آخره: قائله هو نافع، وقد حدَّث بالحديثين جميعًا بهذا السند الذي تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 537]

(1/4104)

[باب كراهية السخب في السوق]

قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ): (كراهيَة): تقدَّم أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغة: كراهي.

قوله: (السَّخَبِ): قال الدِّمياطيُّ: قيل: الفصيح بالصَّاد، وهي بالسِّين لغة قبيحة لربيعة، انتهى، وذكر غيره أنَّه لغة ربيعة، ولم يقبِّحها، والصَّخب: ارتفاع الأصوات، وقد تقدَّم، قال القاضي: يقال بالسِّين والصَّاد، والصَّاد أشهر.

==========

[ج 1 ص 537]

(1/4105)

[حديث: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا]

2125# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وأنَّه ابن سليمان، وأنَّه فرد، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمه فُلَيح سواه.

قوله: (حَدَّثَنَا هِلاَلٌ): هذا هو هلال بن عليٍّ، وهو هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال، يروي عن أنس، وعطاء بن [1] يسار، وأبي سلمة، وعنه: مالك، وفُلَيح، وهو هلال ابن أسامة منسوب إلى جدِّه، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قال الواقديُّ: تُوفِّيَ في آخر خلافة هشام، أخرج له الجماعة.

قوله: (لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي): هذا صحابيٌّ مشهور كأبيه، وتقدَّم الكلام على ياء (العاصي)، وكلام النَّوويِّ أنَّ الصَّحيح إثباتها، وكلام ابن الصلاح أبي عَمرو.

قوله [2]: (قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ... )؛ فذكره: إنَّما سأل عطاء بن يسار عبدَ الله بن عمرو بن العاصي بن وائل القرشيَّ السَّهميَّ عن صفته عليه الصَّلاة والسَّلام في التَّوراة؛ وذلك لأنَّ عبد الله كان يحفظ التَّوراة، وقد روى الإمام أحمد في «المسند» عن قتيبة: حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: (رأيت فيما يرى النَّائم لكأنَّ في إحدى إصبعيَّ سمنًا، وفي الأخرى عسلًا، فأنا ألعقها [3]، فلمَّا أصبحت؛ ذكرت ذلك [4] للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «تقرأ الكتابين، التَّوراةَ والفرقان»)، فكان يقرؤهما، قال شيخنا: وقد روى البزَّار من حديث ابن لهيعة عن واهب عنه، فذكر حديث «المسند» غير أنَّ فيه: (يلعقهما)، ولم يقع شيخنا على ما في «المسند».

ثمَّ اعلم أنَّ هذا الكلام في حقِّ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الظَّاهر أنَّهم أوَّلوه لغيره [5]، ويحتمل أنَّهم حذفوه من التَّوراة، والله أعلم.

(1/4106)

ثمَّ اعلم أنَّ الأقوال اختلفت في التَّوراة التي بأيديهم، هل هي مُبدلَة أم التبديل والتحريف وقع في التأويل دون التنزيل؟ على ثلاثة أقوال: طرفين، ووسط، فأفرطت طائفة، وزعمت أنَّ كلَّها أو أكثرها مُبدلَة مُغيَّرة، وليست التَّوراة التي أنزلها الله على موسى، ويعرُض هؤلاء لتناقضها، وتكذيب بعضها بعضًا، وغلا بعضهم فجوَّز الاستنجاء بها من البول، وسأذكر ذلك في آخر «الصَّحيح» عند قول البخاريِّ: ({يُحَرِّفُونَ} [النساء: 46]: يزيلون ... ) إلى آخره، وقابلهم طائفة أخرى من أئمَّة الحديث، والفقه، والكلام، وقالوا: بل [6] التبديل وقع في التأويل، لا في التنزيل، وهذا مذهب صاحب هذا الكتاب، وسيجيء في آخر «الصَّحيح»: ({يُحَرِّفُونَ} [النساء: 46]: يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ، وَلَكِن يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ)، وقال بعضهم: وقد اغترَّ بعض المتأخِّرين بهذا، وقال: إنَّ في تحريف التوراة والإنجيل خلافًا، هل هو في اللَّفظ والمعنى [7]، أو في المعنى [8] فقط؟ ومال إلى الثاني، ورأى جواز مطالعتهما، وهو قول باطل، ولا خلاف أنَّهم بدَّلوا وغيَّروا، والاشتغال [9] بكتابتهما، والنَّظر فيهما لا يجوز بالإجماع، يدلُّ عليه غضبه عليه الصَّلاة والسَّلام حين رأى بيد عمر قطعة من التوراة، وقال: «لو كان موسى حيًّا؛ لما وسعه إلَّا اتِّباعي»، انتهى، وهذا مذهب فخر الدين الرازيِّ في «تفسيره»؛ أعني: أنَّ التحريف وقع في التأويل فقط.

(1/4107)

قال الحافظ العلامة أبو العبَّاس ابن تيمية: وقع النزاع في هذه المسألة بين بعض الفضلاء وبين غيره، فاختار هذا المذهب، فأُنكِر عليه، فأحضر لهم خمسة عشر نقلًا، ومن حجَّة هؤلاء: أنَّ التوراة قد طبَّقت مشارق الأرض ومغاربَها، وانتشرت جنوبًا وشمالًا، ولا يعلم عدد نسخها إلَّا الله، ومن الممتنع أن يقع التواطؤُ على التبديل والتغيير في جميع تلك النُّسخ، لا يبقى في الأرض نسخة إلَّا مُبدلَة مغيَّرة، والتبديل والتغيير على منهاج واحد، وهذا ممَّا يحيله العقل ويشهد ببطلانه، وقد قال الله تعالى لنبيِّه مُحتجًّا على اليهود: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]، قالوا: وقد اتَّفقوا على ترك فريضة الرَّجم، ولم يمكنهم تغييرُها من التوراة، ولهذا لمَّا قرؤوها على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؛ وضع القارئ يده على آية الرَّجم، فقال له عبد الله بن سلَام: ارفع يدك عن آية الرجم، فرفعها؛ فإذا هي تلوح تحتها، فلو كانوا قد بدَّلوا ألفاظ التوراة؛ لكان هذا من أهمِّ ما يبدِّلونه، قالوا: وكذلك صفات النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، ومخرجه هو في التوراة بيِّن، ولم يمكنهم إزالتُه وتغييرُه، وإنَّما ذمَّهم

[ج 1 ص 537]

الله بكتمانه، وكانوا إذا احتُجَّ عليهم بما في التوراة مِن نعته وصفته؛ يقولون: ليس هو ونحن ننتظره، قالوا: وقد روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أتى اليهود فدعوا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى القُفِّ، وأتاهم في بيت المِدْراس، فقالوا [10]: يا أبا القاسم؛ إنَّ رجلًا منَّا زنى بامرأة، فاحكم، فوضعوا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وسادة، فجلس عليها، فقال: ائتوني بالتوراة، فأُتِي بها، فنزع الوسادة مِن تحته، ووضع التوراة عليها)، فلو كانت مبدلة مغيَّرة؛ لم يضعها على الوسادة، ولم يقل: «آمنتُ بكِ»، قالوا [11]: وقد قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [الأنعام: 115]، والتوراة من كلماته، قالوا: والآثار الذي في كتمان اليهود صفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في التوراة، ومنعهم أولادَهم من الاطِّلاع عليها مشهورة، ومَن اطَّلع عليها منهم؛ قالوا له [12]: ليس به، فهذا بعض ما احتجَّت به هذه الفرقة.

(1/4108)

وتوسَّطت طائفة ثالثة، وقالوا: قد زيد فيها وغُيِّر ألفاظٌ يسيرة، ولكنَّ أكثرَها باقٍ على ما أنزل الله، والتبديل في يسير منها جدًّا، وممَّن اختار هذا القول أبو العبَّاس ابن تيمية الحافظ في كتابه «الجواب الصَّحيح لمن بدَّل دين المسيح»، وسيأتي في (الشهادات) من حديث ابن عبَّاس: أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللهِ، تَقْرَؤُونَهُ مَحْضًا [13] لَمْ يُشَبْ» [خ¦2685]، والله أعلم.

قوله: (وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ)؛ أي: حافظُهم وحافظ دِينهم، والله أعلم، والأُمِّيُّون: هم العرب؛ لأنَّ الكتابة عندهم قليلة.

قوله: (لَيْسَ بِفَظٍّ): يعني: سيِّئ الخلق.

قوله: (وَلاَ غَلِيظٍ): أي: شديد القول، وهما حالتان مكروهتان، وأمَّا قول النسوة لعمر رضي الله عنه: أنت أفظُّ وأغلظ من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؛ فليست (أفعل) التفضيل على بابها، بل معناه: أنت فظٌّ غليظٌ، وسأذكر عنه جوابًا آخر حيث يأتي ذاك الحديث.

قوله: (وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ): تقدَّم قريبًا ما السَّخب والصَّخب.

قوله: (الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ): يعني: ملَّة إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ [14] التي غيَّرتها العرب عن [15] استقامتها، وأمالَتْها بعد قوامها.

قوله: (وَقُلُوبًا غُلْفًا): هو مثل قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]؛ معناه: كأنَّه من قلَّة فطنته وانشراحه لا يصل إليه شيء ممَّا يُسمَع، فكأنَّه في غلاف؛ وهو صِوان الشيء؛ وهو الأكنَّة، وقد فسَّره البخاريُّ كما وقع في بعض النُّسخ، فقال: (كلُّ شيء في غلاف، سيف أغلف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف؛ إذا لم يكن مختونًا).

فائدة: قد روى الواقديُّ هذا الحديث عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو [16] بن العاصي؛ فذكره، ثمَّ قال: ثمَّ لقيت كعب الأحبار، فسألته فما اختلفا في [17] حرف، انتهى.

(1/4109)

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلاَلٍ): الضمير في (تابعه) يعود على فُلَيح؛ هو ابن سليمان، و (عبد العزيز بن أبي سلمة) هذا: هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجِشون أبو عبد الله، ويقال: أبو الأصبغ التَّيميُّ مولاهم، الفقيه، أحد الأعلام، عن أبيه، والزُّهريِّ، وخلق، وعنه: إبراهيم بن طهمان، واللَّيث، وعبد الرَّحمن بن مهديٍّ، وأبو داود الطَّيالسيُّ، وكان قد تعلَّق بكلمة من الفارسيَّة؛ إذا لقي رجلًا يقول: شوني شوني، فلُقِّب الماجِشون، وقال إبراهيم الحربيُّ: الماجشون فارسيٌّ، وإنَّما سُمِّي الماجشون؛ لأنَّ وجنتيه كانتا حمراوين، وقال ابن سعد: يعقوب بن أبي سلمة، وهو الماجِشون سُمِّي بذلك هو ووِلْده، فيعرفون جميعًا بالماجشون، قال أبو حاتم وجماعة: ثقة، تُوفِّيَ سنة (164 هـ)، كذا أرَّخه جماعة، وقال ابن حِبَّان: سنة (166 هـ)، أخرج له الجماعة، ومتابعته هذه أخرجها البخاريُّ في (التفسير) عن عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي: أنَّ هذه الآية التي في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، قال في التَّوراة: (يا أيُّها النَّبيُّ إنَّا أرسلناك)؛ فذكر نحوه.

و (هلال): تقدَّم قريبًا ترجمته، وأنَّه ابن عليٍّ.

(1/4110)

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ سَلاَمٍ): أمَّا (سعيد)؛ فهو سعيد بن أبي هلال اللَّيثيُّ مولاهم، أبو العلاء المدنيُّ مصريٌّ، عن نافع، ونُعَيم المُجْمِر، والطبقة، وعنه: شيخه سعيد المقبريُّ واللَّيث بن سعد، ثقة، له ترجمة في «الميزان»؛ لقول ابن حزم وحده: ليس بالقويِّ، تُوفِّيَ سنة (135 هـ)، أخرج له الجماعة، وقال شيخنا في «شرحه» حين خرَّج تعليقه: أخجه الطَّبرانيُّ في «معجمه» عن المُطَّلب بن شعيب: حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح: حدَّثني اللَّيث عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أسامة، عن هلال، عن عطاء، عن عبد الله بن سلَام؛ فذكره، وأخرج التِّرمذيُّ في (المناقب) بإسناده إلى مُحَمَّد بن يوسف بن عبد الله بن سلَام عن أبيه عن جدِّه قال: (مكتوب في التوراة صفةُ مُحَمَّد وعيسى ابن مريم يُدفَن معه)، قال أبو مودود: قد بقي في البيت موضع قبر، هذا حديث حسن غريب، قد ذكر شيخنا أنَّ والد هلال اسمه أسامة، وأمَّا أنا؛ فلم أعلم اسم أبيه، ولكنَّ الذي ذكرت لك ترجمةُ سعيد بن أبي هلال، والظَّاهر أنَّ اسم أبي هلال أسامة، والله أعلم، و (هلال) و (عطاء): تقدَّما قريبًا جدًّا في الصفحة قبل هذه [18].

(1/4111)

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ [19] بنِ سَلاَمٍ): بتخفيف اللَّام بلا خلاف، واسم والد سلَام الحارثُ، إسرائيليٌّ، ثمَّ أنصاريٌّ خزرجيٌّ صحابيٌّ، كان حليفًا لبني الخزرج، كنيته أبو يوسف، كني بابنه [20] يوسف، وهو من بني قينُقاع؛ مثلث النُّون، يُصرَف ولا يُصرَف، تقدَّم، وهو من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلَّى الله عليهم وسلَّم [21]، كان اسمه في الجاهليَّة: الحُصَيْن _بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين_ فسمَّاه عليه الصَّلاة والسَّلام: عبدَ الله، أسلم في أوَّل قدومه عليه الصَّلاة والسَّلام المدينة، ونزل في فضله قولُه تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ... }؛ الآية [الأحقاف: 10]، ثمَّ قوله: {قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} [الرعد: 43]، روى عنه: ابناه مُحَمَّد ويوسف، وأبو هريرة، وأنس، وعبد الله بن مُغفَّل، وجماعات من التَّابعين، وشهد مع عمر رضي الله عنهما بيت المقدس والجابية، تُوفِّيَ سنة (43 هـ) بالمدينة، مناقبه مشهورة؛ منها: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام شَهِد له بالجنَّة، ولم أر له ذكرًا في الغزوات، ولا في البعوث والسَّرايا، وكأنَّه كان معذورًا، ولا أعرف له مشهدًا إلَّا فتح بيت المقدس مع عمر، وهذا غريب جدًّا أنَّ شخصًا من كبار الصحابة في المدينة يقيم بها معه عشر سنين لم يغز غزوةً، ولم يحضر سريَّةً ولا بَعثًا، هذا فيما أعلم أنا، ولم أر أنا ذلك في كلام أَحد، وحديثه هذا في صفته عليه الصَّلاة والسَّلام أخرجه التِّرمذيُّ في (المناقب)، وقال: حسن غريب.

==========

[1] زيد في (ب): (أبي)، وليس بصحيحٍ.

[2] في هامش (أ) بخطٍّ مغاير: (بحث: تبديل التوراة).

[3] كتب فوقها في (أ) و (ج): كذا.

[4] (ذلك): ليس في (ج).

[5] في (ج): (كغيره).

[6] (بل): سقط من (ج).

[7] (والمعنى): سقط من (ج).

[8] في (أ) و (ج): (اللفظ)، وفي هامشهما: (لعله: المعنى).

[9] زيد في (ب): (بهما).

[10] في (ج): (قالوا).

[11] في (ب): (قال).

[12] في (ب): (إنَّه).

[13] (محضًا): ليس في رواية ابن عباس في (الشَّهادات) [خ¦2685].

[14] في (ب): (عليه السلام).

[15] في (ج): (على).

[16] زيد في (ب): (بن عمرو)، وهو تكرارٌ.

[17] (في): سقط من (ج).

[18] (في الصفحة قبل هذه): سقط من (ب).

(1/4112)

[19] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة» و (ق): (عبد الله).

[20] في (ب): (بأبيه)، وهو تصحيفٌ.

[21] في (ب): (عليهم السلام).

(1/4113)

[باب الكيل على البائع والمعطي]

قوله: (عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِي): هو بكسر الطَّاء، اسم فاعل، فلا تقله: اسم مفعول.

[ج 1 ص 538]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ): (يُذكَر): هو [1] مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّ هذه صيغة تمريض، فليس على شرط الكتاب، وهذا التعليق [2] أسنده الدَّارقطنيُّ بإسناد ضعيف.

==========

[1] (هو): ليس في (ج).

[2] زيد في (ب): (صوابه).

(1/4114)

[حديث: اذهب فصنف تمرك أصنافًا العجوة على حدة]

2127# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] جَرِيرٌ): هو جَرِير بن عبد الحُمَيد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مرارًا ومرَّةً مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ مُغِيرَةَ): هذا هو المغيرة بن مِقْسم أبو هشام الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفيُّ الفقيه الأعمى، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل الشَّعبيُّ؛ بفتح الشِّين.

قوله: (تُوفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ): هذا هو والد [2] جابر، وتقدَّم أنَّه قُتِل في وقعة أحُد، وتقدَّم متى كانت الوقعة، وتقدَّم أنَّ دَينه كان ثلاثين وسقًا من تمر، وسيجيء ذلك.

قوله: (وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الذَّال المعجمة، وبالقاف؛ وهو نوع من تمر المدينة، قال شيخنا: رديء، وكونه بفتح العين هو المشهور، ونقل شيخنا في هذا الشرح قبيل [3] (كِتَاب الخصومات) عن ابن التِّين: أنَّه في النسخ بهما؛ يعني: الفتح والكسر، قال النَّوويُّ في «تهذيبه» في (تمر): قال الشَّيخ أبو مُحَمَّد الجوينيُّ في (كِتَاب الزَّكاة) من كتابه «الفروق»: (كنت بالمدينة فدخل عليَّ بعض أصدقائي، فقال: كنَّا عند الأمير، فذكروا أنواع تمر المدينة، فبلغت أنواع الأسود [4] ستِّين نوعًا، قالوا: وأنواع الأحمر، فبلغت هذا المبلغ، قد ذكر النَّوويُّ ذلك في غير هذا المؤلَّف أيضًا، وقد ذكرت كلام النَّوويِّ لبعض أهل المدينة المشرَّفة، فقال: إنَّه أكثر من ذلك، ثمَّ ذهب هو وشخص آخر من أهل المدينة وكتبوا تمرها على حروف المعجم، فبلغت أكثر من ذلك، والله أعلم، وذلك قبل كائنة تمر.

قوله: (ثمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ): (أَرسلْ): فعل أمر بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهر.

قوله: (فِي وَسطِهِ): تقدَّم أنَّه بالسكون وبالفتح [5].

(1/4115)

قوله: (وَقَالَ فِرَاسٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ): قال الدِّمياطيُّ: (هو فراس [6] بن يحيى أبو يحيى [7] الهمْدانيُّ، كان مُعلِّم كتَّاب لا يأخذ أجرًا على التَّعليم) انتهى، وهو كما قال، عن أبي صالح السَّمَّان، والشَّعبيِّ، وعطيَّة العَوْفيِّ، وغيرهم، وعنه: شعبة، وسفيان، وشيبان، ومَعْمَر، وأبو عوانة، وآخرون، وثَّقه ابن مَعِين وجماعة، تُوفِّيَ سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، مذكور في «الميزان»؛ للتَّمييز.

و (الشَّعبي): عامر بن شراحيل، تقدَّم، وأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ فيه تصريحَ الشَّعبيِّ بالتَّحديث [8] من جابر، وهو في الأوَّل بالعنعنة، وإن كان الشَّعبيُّ غير مُدلِّس إلَّا ليخرج من الخلاف، والله أعلم، وتعليق فراس [9] أخرجه [10] البخاريُّ [11] في (الوصايا)، والنَّسائيُّ فيها أيضًا.

قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ): (هشام) هذا: هو ابن عروة، و (وهب): هو ابن كيسان أبو نُعيم الأسديُّ، مولى ابن الزُّبير، وهذا تعليق مجزوم به، فهو على شرطه، ولهذا أخرجه في (الاستقراض)، وأخرجه أبو داود، وابن ماجه، والله أعلم.

قوله: (فَأَوْفِ لَهُ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهو فعل أمر، والفاء مكسورة؛ لأنَّه معتلٌّ حُذِف منه حرف العلَّة؛ للأمر، والله أعلم.

(1/4116)

[باب ما يستحب من الكيل]

(1/4117)

[حديث: كيلوا طعامكم يبارك لكم]

2128# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): هذا هو الرَّازيُّ الفرَّاء الحافظ، عن أبي الأحوص، وعبد الوارث، وخالد الطَّحَّان، وأمم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والباقون بواسطة، وأبو حاتم، قال أبو زُرْعة: كتبت عنه مئة ألف حديث، وهو أتقن مِن أبي بكر ابن أبي شيبة، وأصحُّ حديثًا، لا يحدِّث [1] إلَّا من كتابه، وثناء النَّاس عليه كثير، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، تُوفِّيَ سنة بضع وعشرين ومئتين، أخرج له _كما تقدَّم_ الجماعةُ، تقدَّم، ولكن طال العهد منه.

قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو ابن مسلم الدمشقيُّ، صاحب الأوزاعيِّ، أحد الأعلام، تقدَّم، وكذا تقدَّم (ثور): ابن يزيد.

==========

[1] (لا يحدِّث): سقط من (ب).

[ج 1 ص 539]

(1/4118)

[باب بركة صاع النبي ومدهم]

قوله: (بَابُ [1] صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وَمُدِّهِ [2]): تقدَّم الكلام على صاعه عليه الصَّلاة والسَّلام ومدِّه، وكم مقدار كلِّ واحد منهما، والاختلاف فيه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (بركة).

[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) مُصحَّحًا: (ومدِّهم).

[ج 1 ص 539]

(1/4119)

[حديث: أن إبراهيم حرم مكة ودعا لها]

2129# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (وُهَيْبٌ) أنَّه ابن خالد الباهِليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (عَمْرُو بْنُ يَحْيَى) أنَّه ابن عمارة بن أبي حسن المازنيُّ، وكذا تقدَّم (عَبَّاد بْن تَمِيمٍ)، وتقدَّم (عَبْد الله بْنِ زَيْدٍ): ابن عاصم المازنيُّ الصحابيُّ رضي الله عنه.

قوله: (أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مكَّة): تقدَّم الجمع بينه وبين: «إنَّ الله حرَّم مكَّة».

(1/4120)

[باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة]

قوله [1]: (وَالْحُكْرَةِ): هي بضمِّ الحاء المهملة، وإسكان الكاف: وهي إمساك الطعام عن البيع مع الاستغناء عنه عند حاجة النَّاس إليه؛ انتظارًا لغلاء ثمنه، قاله ابن قرقول، وقال الجوهريُّ: الاحتكار: حبس الطعام يُتربَّص به الغلاء، قال: وهو الحُكرة؛ بالضَّمِّ، انتهى، وأمَّا الاحتكار عند الشَّافعيَّة؛ فهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء، ولا يدعه للضعفاء، ويحبسه؛ ليبيعه بأكثر عند اشتداد الحاجة، ولا بأس بالشراء في وقت الرخص؛ ليبيعه في وقت الغلاء، وكذا لو دخل عليه من أرضه ونحو ذلك، والمسألة بفروعها في كتب الشَّافعيَّة.

==========

[1] في هامش (أ): (تعريف الاحتكار) بخط مغاير.

[ج 1 ص 539]

(1/4121)

[حديث: رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على .. ]

2131# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظَّاهر أنَّه ابن راهويه، الإمام المشهور، وقد تقدَّم، وكذا تقدَّم [1] (الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) عالم أهل الشَّام، وكذا تقدَّم (الأَوْزَاعِي) أنَّه عبد الرَّحمن بن عَمرو أبو عَمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [2] بن شهاب.

قوله: (يُضْرَبُونَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[1] (وكذا تقدَّم): ليس في (ب).

[2] في (ج): (بن عبد الله بن عبيد الله)، والمثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 539]

(1/4122)

[حديث: أن رسول الله نهى أن يبيع الرجل طعامًا حتى يستوفيه]

2132# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ أعلاه، وتقدَّم أنَّ [1] (وُهَيبًا) أنَّه ابن خالد، و (ابْن عبَّاس): عبد الله، تقدَّم.

[ج 1 ص 539]

قوله: (ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ): تأوَّله [2] أن يشتري منه طعامًا بمئة إلى أَجَل، ويبيعه منه قبل قبضه بمئة وعشرين، وهو غير جائز؛ لأنَّه في التقدير: بيع دراهم بدراهم، والطعام مرجأ غائب، وليس هذا تأويله عند أكثر العلماء، وقيل: معناه: أن يبيعه من آخر ويحيله [3] به.

قوله: (وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ): هو مهموز وغير مهموز؛ لغتان مشهورتان قرئ بهما في السَّبع؛ ومعناه: مُؤخَّر، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البخاريُّ عقيبه: ({مُرْجَوْنَ} [التوبة: 106]: مُؤخَّرُون) [4].

(1/4123)

[حديث: من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه]

2133# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو الوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 1 ص 540]

(1/4124)

[حديث: الذهب بالذهب ربًا إلا هاء وهاء]

2134# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو ابن المَدينيِّ عليُّ بن عبد الله [1]، وكذا في «أطراف المِزِّيِّ» في تطريف هذا الحديث: (قال عليُّ بن عبد الله)، وكأنَّه كذا وقع في نسخته منسوبًا، أو في نسخة أبي مسعود، أو خلف، أو الكلِّ، وترجمته مشهورة، وقد تقدَّمت، و (سُفْيَانُ) هذا: هو ابن عيينة، وقد ذكرت لك مستندي في ذلك في غير حديث، فيها: عليُّ بن المَدينيِّ عن سفيان، وذلك لأنَّي رأيت عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكره في مشايخ ابن المَدينيِّ، ولم يذكرِ الثَّوريَّ فيهم، والله أعلم.

قوله: (عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ): هذا مالك بن أوس بن الحَدَثان النَّصريُّ، والحَدَثان: بفتح الحاء والدَّال المهملتين، وبالثَّاء المثلَّثة، وفي آخره نون، والنَّصريُّ: بالنُّون، وبالصَّاد المهملة، كنيته أبو سعيد، اختلف النَّاس فيه؛ فقال بعضهم: إنَّه صحابيٌّ، والصَّحيح: أنَّه تابعيٌّ.

واعلم أنَّ التَّابعين طبقات [2]؛ أوَّلهم: مَن روى عن العشرة المشهود لهم بالجنَّة، قالوا: وليس في التَّابعين أحد روى عن العشرة إلَّا قيس بن أبي حازم، ذكره عبد الرَّحمن بن يوسف بن خِراش، وقال أبو عبيد الآجريُّ عن أبي داود: روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبد الرَّحمن بن عوف، وأمَّا قول الحاكم في «علوم الحديث»: وقد أدرك سعيد بن المسيّب أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليًّا ... إلى آخر العشرة، قال: وليس في جماعة التَّابعين مَن أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم؛ فهو غلط صريح، وكذا قوله في النَّوع الرابعَ عشرَ: فمن الطبقة الأولى قوم لحقوا العشرة؛ منهم: سعيد بن المسيّب، وقيس بن أبي حازم، وأبو عثمان النَّهديُّ، وقيس بن عُبَاد، وأبو ساسان حُضَيْن بن المنذر، وأبو وائل، وأبو رجاء العطارديُّ، انتهى، فقد أُنكِر على الحاكم؛ لأنَّ سعيدًا وُلِد في خلافة عمر بلا خلاف، فكيف يسمع من أبي بكر؟ والصَّحيح أيضًا: أنَّه لم يسمع من عمر، نعم؛ أثبت أحمد سماعه منه، وبالجملة فلم يسمع من أكثر الصحابة العشرة فيما حكاه ابن الصلاح، لا يصحُّ له رواية عن أحد من العشرة (إلَّا سعد بن أبي وقَّاص) [3].

(1/4125)

تنبيه: مالك بن أوس بن الحَدَثان على القول بأنَّه ليس بصحابيٍّ، وهو الصَّحيح، قال ابن عبد البَرِّ: إنَّه سمع من العشرة المهاجرين، [وذكر أيضًا في ترجمة قيس بن أبي حازم: أنَّه لم يسمع من عبد الرَّحمن بن عوف، وإذا كان كذلك؛ فمالك بن أوس فرد في أنَّه سمع من العشرة] [4]، أو أنَّه ثانٍ لقيس على قول جماعة، والله أعلم، تُوفِّيَ مالك بن أوس [5] هذا سنة (92 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وفي كلام الذَّهبيِّ: قيل: رأى أبا بكر، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا): الظَّاهر أنَّه طلحة بن عبيد الله أحد العشرة، ترجمته معروفة، وفي الصَّحابة مَن اسمه طلحة خمسةَ عشرَ، وثلاثة الصَّحيح فيهم أنَّهم [6] تابعون.

قوله: (خَازِنُنَا) [7]: خازنه [8] لا أعرف اسمه.

قوله: (مِنَ الْغَابَةِ): هي بالغين المعجمة، وبعد الألف موحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: مال من أموال عوالي المدينة، وقد صحَّفها بعض النَّاس، فقال: الغاية، (وكذلك غلط بعض الشَّارحين في تفسيرها، فقال: الغابة: موضع الشجر التي ليست بمربوبة [9] لاحتطاب النَّاس ومنافعهم، فغلط فيها من وجهين، وإنَّما) [10] الغابة: هي الشَّجر الملتفُّ والأجم من الغابة وشبهها، قاله ابن قرقول، وسيأتي قريبًا بأطولَ من [11] هذا.

(1/4126)

قوله: (إلَّا هَاءَ وَهَاءَ [12]): قال ابن قرقول: كذا رُوِّيناه _يعني: بالمدِّ_ قال: وهو قول أكثر أهل اللُّغة، ومن أهل الحديث مَن يرويه: (هَا وهَا)؛ مقصورين، وأهل العربيَّة أكثرهم ينكره، وحكى بعضهم القصر، ومعنى الكلمة: هاكَ، أبدلت الكاف همزة، وأُلقِيت حركتها [13] عليها عند [مَن مدَّ، أو (ها) عند] [14] مَن قصر؛ أي: خذ؛ كأنَّ كلَّ واحد يقول [15] لصاحبه، وقيل: معناه: هاكَ وهاتِ؛ أي: خذ وأعطِ، وقال الخليل: هي كلمة تُستعمَل عند المُنازَلة، ويقال للمؤنَّث على هذا: هاءِ؛ بكسر الهمزة [16]، كما يقال: هاكِ، وفيه لغة ثالثة: (ها) مقصور غير مهموز؛ مثل (خَفْ)، وللأنثى: هاتي، [كأنَّها صُرِفت تصريف فعلٍ معتلِّ العين رباعيٍّ؛ مثل (خاف)، ولغة رابعة: بالكسر للذَّكر والأنثى سواء، إلَّا أنَّك تزيد للأنثى ياءً، فتقول: هائي] [17]؛ مثل: هاتِ، وهاتي للمؤنَّث؛ كأنَّها صرفت تصريف فعلٍ معتلِّ اللَّام؛ مثل (راعي)، ولغة خامسة: هاءك؛ ممدود، بعد الهمزة كاف، وتُكسَر للمؤنَّث، ولغة سادسة: أن تصرفها [18] تصريفَ فعلٍ محذوفٍ؛ مثل (وهْب [19])، فتقول: هأْ؛ مقصور، مهموز، ساكن الهمزة، وللمرأة: هائي، ويُثنَّى ويُجمَع، ولغة سابعة: لكنَّها للذَّكر وللأنثى [20]، والواحد [21] وغيره سواء، قال السيرافيُّ: كأنَّهم جعلوه صوتًا؛ مثل: صَه، انتهى، وهذا الكلام أجمع كلام رأيت في هذه اللَّفظة، ولابن الأثير فيها كلام مختصر، وقال في آخره: وفيها لغات أخرى.

==========

[1] (علي بن عبد الله): سقط من (ب).

[2] في (ج): (طباق)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب) بدل مما بين قوسين: (المهاجرين، وذكر أيضًا في ترجمة قيس بن أبي حازم)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[4] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[5] في (ب): (أويس)، وهو تحريفٌ.

[6] في (أ) و (ب): (أنَّه).

[7] في (ب): (جارية)، وهو تحريفٌ.

[8] في (ب) و (ج): (خازله)، وهو تحريفٌ.

[9] في (ب): (بربوية).

[10] ما بين قوسين سقط من (ج).

[11] (من): سقط من (أ).

[12] في هامش (ق): (بالمد هكذا الرواية، وهو قول أكثر أهل اللغة، ومن أهل الحديث من يرويه بالقصر، وأهل العربية أكثرهم ينكره).

[13] في (ب): (حرفها)، وهو تحريفٌ.

[14] ما بين معقوفين مُستفاد من مصدره، ولايستقيم الكلام إلا به.

[15] في «المطالع» (&): (يقوله).

[16] في النُّسخ: (الهاء)، وكتب فوقها: كذا، والمثبت من مصدره.

[17] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/4127)

[18] في (ب): (يصرفها).

[19] لعلَّها (وهَب) كما في مصدره.

[20] في (ب): (والأنثى).

[21] في (ج): (وللواحد).

[ج 1 ص 540]

(1/4128)

[باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك]

قوله: (قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[ج 1 ص 540]

(1/4129)

[حديث: أما الذي نهى عنه النبي فهو الطعام]

2135# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة.

قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: وَلاَ أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ): قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: يجوز أن يكون ابن عبَّاس قاس ما عدا الطعام عليه بعلَّة أنَّه عين مَبِيعة لم تُقبَض، ويجوز أن يكون قاله؛ لنهي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن ربح ما لم يضمن، والشيء المبيع ضمانه قبل القبض على البائع، فلم يَطِب [1] للمشتري ربحه، انتهى.

(1/4130)

[حديث: من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه]

2136# قوله: (زَادَ إِسْمَاعِيلُ: مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا ... ) إلى آخره: قال الدِّمياطيُّ: كان ينبغي أن يقول: وقال إسماعيل: حتَّى يقبضه، ولا معنى لقوله: (زاد إسماعيل) انتهى، وما قاله ظاهر جدًّا، وذلك لأنَّ إسماعيل: هو ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك، روى هذا الحديث عن خاله [1] مالك، فخالف عبدَ الله بن مسلمة في روايته عن مالك، فقال عبد الله: حتَّى يستوفيَه، وقال إسماعيل: حتَّى يقبضَه، والله أعلم.

قوله: (طَعَامًا جزَافًا)، وكذا قوله: (يِتَبَايَعُونَ [2] جزَافًا): مثلَّث الجيم.

قوله: (إِلَى رَحْلِهِ): الرَّحل: المنزل والمأوى.

(1/4131)

[باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا أن لا يبيعه حتى يؤويه]

قوله: (وَالأَدَبِ فِي ذَلِكَ): (الأدب): مجرور معطوف على [1] (مَنْ) في أوَّل الباب؛ لأنَّها بمعنى (الذي).

==========

[1] (على): سقط من (أ) و (ب).

[ج 1 ص 540]

(1/4132)

[حديث: لقد رأيت الناس في عهد رسول الله يبتاعون جزافًا]

2137# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه اللَّيث بن سعد، الإمام الجواد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (يُونُس) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ مُتَرجَمًا، وكذا (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ الإمام مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ.

قوله: (يُضْرَبُونَ) [1]: هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[1] في (ج): (يصرمون)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 540]

(1/4133)

[باب: إذا اشترى متاعًا أو دابة فوضعه عند البائع أو مات قبل أن .. ]

[ج 1 ص 540]

قوله: (قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

(1/4134)

[حديث: أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج]

2138# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو المَغْراء: معديكرب أبو القاسم، وقيل: أبو مُحَمَّد الكنديُّ الكوفيُّ، تُوفِّيَ سنة خمس وعشرين ومئتين) انتهى، (فروة) هذا: يروي عن الوليد بن أبي ثور، وشريك، وأبي الأحوص، وعَبيدة بن حُمَيد، وعليِّ بن مُسهِر، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وعبَّاس الدُّوريُّ، والدَّارميُّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومُحَمَّد بن عثمان ابن أبي شيبة، وآخرون، صدَّقه أبو حاتم، وقال البخاريُّ: مات سنة خمس وعشرين ومئتين، أخرج له البخاريُّ والتِّرمذيُّ، و (المَغْراء): بفتح الميم، وإسكان الغين [1] المعجمة [2]، وبالمدِّ في آخره.

قوله: (فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ): (أُذِن): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (لَمْ يَرُعْنَا): أي: لم يَفْجأْنا.

قوله: (فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ): (خُبِّر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، مُضعَّف، (قال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: عامر بن فُهَيرة) [3].

قوله: (أَشَعَرْتَ): أي: أَعلِمتَ، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (الصُّحْبَةَ): هي منصوبة، (كذا هي في أصلنا: منصوبة) [4] بفعل مقدَّر، ويجوز رفعها على: مسألتي أو مطلوبي، وكذا الثَّانية: (قال: الصُّحْبَةَ).

قوله: (إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ ... ) إلى قوله: (قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ): النَّاقة التي هاجر عليها [5] عليه الصَّلاة والسَّلام: القَصواء؛ بفتح القاف وبالمدِّ، وقال السُّهيليُّ: إنَّها الجدعاء، انتهى، وكذا هو في «صحيح البخاريِّ» في (غزوة الرَّجيع)، وقال بعضهم: القَصواء، انتهى [6]، وسيأتي ذلك مُطَوَّلًا في (الإجارات)، وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى [7]، وأذكر الاختلاف في الجدعاء، والقَصواء، والعضباء، هل هنَّ واحدة، أو اثنتان، أو ثلاث.

سؤال هو فائدة: إن قيل: ما الحكمة في أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لم يأخذ منه الناقة إلَّا بالثَّمن، وأبو بكر أنفق عليه من ماله ما هو أكثر من هذا فقبله، وقد قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «ليس من أحد أمَنَّ عليَّ في صحبته وماله من أبي بكر؟».

(1/4135)

وأجيب: إنَّما ذلك؛ لتكون هجرته بنفسه وماله رغبةً منه عليه الصَّلاة والسَّلام في استكمال فضل الهجرة إلى الله عزَّ وجلَّ، وأن تكون الهجرة والجهاد على أتمِّ أحوالهما، قال السُّهيليُّ: وهو قول حسن، حدَّثني بهذا بعض أصحابنا عن الفقيه الزَّاهد ابن [8] اللَّوَّان، انتهى، وبعض أصحابه: هو أبو إسحاق إبراهيم ابن قرقول صاحب «المطالع» الحمزيُّ، قاله الحافظ أبو الحسن بن دِحية، كما رأيته عنه في حاشية نسخة بـ «الرَّوض» عليها حواشٍ من كلام ابن دِحية؛ فاعلمه.

فائدة: في «صحيح أبي حاتم بن حبَّان» _بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة_: أنَّ أبا بكر أنفق عليه عليه الصَّلاة والسَّلام أربعين ألفًا، كذا عزاه المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» في (الزَّكاة) إليه، وفي «تذهيب الذَّهبيِّ» عن عروة في ترجمة أبي بكر رضي الله عنه، _وعروة: هو ابن ابنته أسماء_: أنَّه أسلم وله أربعون ألف دينار، انتهى.

ثانية: ثمن النَّاقتين _في «طبقات ابن سعد» كما عزاه بعضهم إليها_: ثمان مئة، اشتراهما من نعم بني قُشَير، انتهى.

==========

[1] (الغين): ليس في (ب).

[2] زيد في (ج): (الساكنة)، وضرب عليها في (أ).

[3] ما بين قوسين سقط من (ج).

[4] ما بين قوسين سقط من (ج).

[5] (عليها): سقط من (ب).

[6] (انتهى): ليس في (ب) و (ج).

[7] (وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى): ليس في (ب).

[8] في (ج): (أبي)، وليس بصحيحٍ.

[ج 1 ص 541]

(1/4136)

[باب: لا يبيع على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه حتى يأذن له]

قوله: (بَابٌ لَا يَبِعْ [1]): وفي نسخة: (يبيع) على أنَّه خبر؛ ومعناه: النَّهي (عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَسُومُ)، وفي نسخة: (يسمْ) [2] (عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ): إن قيل: بوَّب على السَّوم، ولم يذكره في الحديثين اللَّذين ذكرهما؟ وجوابه _كما قاله [3] شيخنا الشَّارح_: كأنَّ البيع هنا: هو السَّوم، وبه صرَّح مالك في «الموطَّأ»، وقال أبو عبيد: قال [4] أبو عبيدة، وأبو زيد، وغيرهما: البيع هنا: الشَّراء، والنَّهي وقع عليه، لا على البيع؛ لأنَّ العرب تقول: بعت الشيء؛ بمعنى (اشتريته)، قال أبو عبيد: وليس للحديث عندي وجهٌ غيرُه، كما أنَّ الخاطب هو الطَّالب.

فإن قيل: ذكر في الترجمة: (حتَّى يأذن له أو يترك [5])، ولم يذكره.

والجواب _كما قاله شيخنا_: أنَّه ذكره في الباب المذكور في (الخِطبة على الخِطبة [6])، فكأنَّه أشار إليه من باب: لا فارق.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) من نسخة: (لا يبيع).

[2] في (ب): (ثم)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ج): (قال).

[4] (أبو عبيد قال): سقط من (ب).

[5] في (ب): (ينزل)، وهو تصحيفٌ.

[6] (على الخِطبة): سقط من (ج).

[ج 1 ص 541]

(1/4137)

[حديث: لا يبيع بعضكم على بيع أخيه]

2139# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام المجتهد، شيخ الإسلام.

==========

[ج 1 ص 541]

(1/4138)

[حديث أبي هريرة: نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد]

2140# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، فإنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، وتقدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم [1]، وتقدَّم (سَعِيد بْن المسيّب) أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره من المُسيَّبين لا يقال فيه إلَّا بالفتح، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ): بيع الحاضر للبادي: هو أن يقدم غريب بمتاع تعمُّ الحاجة إليه؛ ليبيعه بسعر يومه، فيقول بلديٌّ [2]: اتركه عندي؛ لأبيعه لك على التَّدريج بأغلى.

قوله: (وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ): (يخطبُ): مرفوع خبر [3]؛ معناه: النَّهي، و (خِطبة): بكسر الخاء معروفة، وكذا (وَلاَ تَسْأَلُ): مرفوع في أصلنا على ما قلنا في (يخطبُ).

قوله: (طَلاَقَ أُخْتِهَا)؛ أي: طلاق ضرَّتها.

قوله: (لِتَكْفَأَ): كفأت الإناء _ثلاثيٌّ ورباعيٌّ_ كفأته وأكفأته؛ إذا كببتَه وإذا أملتَه، وهذا تمثيل [4] لإمالة الضَّرَّة حقَّ صاحبتها [5] مِن زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها.

==========

[1] زيد في (ب): (وتقدَّم محمد بن مسلم).

[2] في (ب): (بكذا)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (خبر مرفوع).

[4] في (ج): (يميل)، وهو تحريفٌ.

[5] في (ب) و (ج): (صاحبها)، ولعلَّه تحريفٌ.

[ج 1 ص 541]

(1/4139)

[باب بيع المزايدة]

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح الإمام، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا.

==========

[ج 1 ص 541]

(1/4140)

[حديث: أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي]

2141# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّد [1]): تقدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، وهذا ظاهر عند أهله.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك الإمام، شيخ الإسلام، تقدَّم، وكذا تقدَّم [2] (حسَيْن [3] المُكْتِب [4])، وأنَّه بضمِّ الميم، وإسكان الكاف، وأنَّه يقال فيه: المكتِّب؛ بكسر التَّاء [5] المشدَّدة، وأنَّ والده اسمه ذكوان، وتقدَّم (عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ) مُتَرجَمًا، وأنَّه مفتي أهل مكَّة، وأنَّ رَباحًا بفتح الرَّاء، وبالموحَّدة، وهذا ظاهر لا خَفاء به.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا [6] أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ [7]): تقدَّم أنَّ الرَّجل المُعتِق يقال له: أبو مذكور، وفي «مسلم»: أنَّه من بني عذرة، وجاء أنَّه من [8] الأنصار، فيحتمل أنَّه عذريٌّ حليف الأنصار، وتقدَّم أنَّ الغلام المُعتَق عن دُبر يقال له: يعقوب، وقد صرَّح بهما مسلم في «صحيحه» في (الزَّكاة).

قوله: (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ [9]): قال الدِّمياطيُّ: نعيم بن عبد الله بن أُسيد بن عبد عوف بن عَبيد بن عَويج بن عديِّ بن كعب، أسلم قديمًا بعد عشرة أنفس، وكان يكتم إسلامه، ومنعه قومه من الهجرة؛ لشرفه فيهم، وكانت هجرته عام خيبر، وقيل: أقام بمكَّة حتَّى الفتح، قُتِل بأجنادين، وقيل: باليرموك، وكان يُسمَّى نُعيمٌ النَّحَّامَ؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «سمعت لنُعيم نحمة في الجنَّة»، والنَّحمة: السَّعلة، وقيل: التَّنحنُح، انتهى [10].

[ج 1 ص 541]

قوله: (بِكَذَا وَكَذَا): هو ثمان مئة درهم، كما جاء في «صحيح مسلم»، وفي «أبي داود»: (بسبع مئة أو تسع مئة).

==========

[1] في (ب): (مقدم)، وهو تحريفٌ.

[2] (وكذا تقدَّم): سقط من (ب).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الْحُسَيْن).

[4] في هامش (ق): (ابن ذكوان).

[5] في النُّسخ: (الكاف)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[6] في هامش (ق): (اسمه أبو مذكور).

[7] في هامش (ق): (حاشية: معناه: مدبر).

[8] زيد في (ب): (بني).

(1/4141)

[9] في هامش (ق): (نعيم بن عبد الله بن أسيد بن عبد عوف بن عبيد بن عولج بن عدي بن كعب، أسلم قديمًا بعد عشرة أنفس، وكان يكتم إسلامه، ومنعه قومه من الهجرة؛ لشرفه فيهم، وكانت هجرته عام خيبر، وقيل: أقام بمكة حتى الفتح، قُتل بأجنادين، وقيل: باليرموك، وكان يسمى: نعيم النحام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «سمعت لنعيم نحمة في الجنة»، والنحمة: السعلة، وقيل: التنحنح).

[10] (التَّنحنح، انتهى): سقط من (ب).

(1/4142)

[باب النجش]

قوله: (بَابُ النَّجْشِ): هو بفتح النُّون، وإسكان الجيم _وقال بعضهم عن المطرِّزيِّ: إنَّه قيَّده بتحريكها، ثمَّ قال: ويروى بالسكون، انتهى، وسيأتي في (غزوة بني المصطلق) في حديث الإفك: (النَّجَش) و (النَّجْش) مُطَوَّلًا، (وهل هو بالشِّين المعجمة، أو بالسِّين المهملة) [1]_، وبالشِّين المعجمة؛ وهو أن يزيد في سلعة، لا لرغبةٍ إلَّا ليخدع غيره.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى): قال الدِّمياطيُّ: عبد الله بن أبي أوفى: علقمة بن خالد بن الحارث بن أَسِيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أفصى، سكن الكوفة، ومات بها سنة (86 هـ)، وهو آخر مَن مات بها مِن الصَّحابة، له ولأبيه ولأخيه زيد صحبةٌ، انتهى، وقوله: (وهو آخر ... ) إلى آخر المسألة: هذا هو القول الأصحُّ، وذكر ابن المَدينيِّ: أنَّ آخر الصحابة موتًا بالكوفة: أبو جُحَيْفَة، والأوَّل أصحُّ، لكن بقي النظر بين ابن أبي أوفى وعَمرو بن حريث، فإنَّه أيضًا [2] مات بالكوفة، وإن كان عمرو بن حُرَيث تُوفِّيَ سنة خمس وثمانين؛ فقد تأخَّر ابن أبي أوفى بعده، وإن كان تُوفِّيَ سنة ثمان وتسعين _كما رواه الخطيب في «المتَّفِق والمفترِق» عن مُحَمَّد بن الحسن الزعفرانيِّ [3]_؛ فيكون عَمرو آخرهم [4] موتًا بها، والله أعلم.

(1/4143)

[باب بيع الغرر وحبل الحبلة]

قوله: (وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ): هو بالحاء المهملة المفتوحة فيهما، وقيل: في الأوَّل بسكون الموحَّدة، والفتح أبين فيهما، وهو مصدر: حبِلت تحبَل حبْلًا، وهو اسم للجنين أيضًا، وقد فسَّره ابن عمر في الحديث؛ فانظره.

==========

[ج 1 ص 542]

(1/4144)

[حديث: أن رسول الله نهى عن بيع حبل الحبلة]

2143# قوله: (إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ): (تُنتَج الناَّقة): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّاقةُ): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، وكذا (تُنْتَجُ) الثانية، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 542]

(1/4145)

[باب بيع الملامسة]

(بَابُ بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ) ... إلى (بَاب مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الأَمْصَار [1]) ... إلى آخر الترجمة

قوله: (باب بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ): يأتي [2] تفسيره [3] في الحديث نفسه.

==========

[1] في (ج): (الأنصار)، وهي مروية كما سيذكره في بابه.

[2] في (ب) و (ج): (بان).

[3] في (ب): (يسرة)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 542]

(1/4146)

[حديث: أن رسول الله نهى عن المنابذة]

2144# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ عُفَيرًا بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وهو سعيد بن كَثِير بن عُفَير، وكذا تقدَّم (اللَّيْثُ) أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، وكذا تقدَّم (عُقَيْلٌ) أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ [1]): قال الدِّمياطيُّ: عامر بن سعد بن أبي وقَّاص مالك، أخو إبراهيم، وإسحاق، وعمر، ومصعب، وموسى، ومُحَمَّد، وإسماعيل، وإسحاق [الأصغر]، وعبد الله الأكبر والأصغر، وعمير الأكبر والأصغر، وعبد الرَّحمن، وستَّ عشرةَ أختًا، مات سنة أربع ومئة [2]، وقيل: ثلاث، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: وعامر بن سعد: هو ابن أبي وقَّاص، له أربعة عشر أخًا، وستَّ عشرة أختًا؛ منهنَّ: عائشة، انتهى، والذين عدَّدهم [3] الدِّمياطيُّ ثلاثةَ [4] عشرَ، فما أدري شيخنا أخذ من الدِّمياطيِّ _وهو الظَّاهر_ فغلط في العدد، أو اطَّلع على زيادة، والله أعلم، وقد عدَّدهم الرَّشيد العطَّار في «غرره» سبعة، ونُقِل عن أبي زرعة السبعة الذين ذكرهم الرَّشيد، قال: وزاد واحدًا؛ فذكره، انتهى، وقد عدَّدهم ابن الجوزيِّ في «تلقيحه» في أوَّله ستَّةً وثلاثين ولدًا [5] من بين ذكر وأنثى، وسمَّاهم فيه، والله أعلم، وقد تقدَّم (أَبُو سَعِيد الخدريُّ [6]) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الصَّحابيُّ رضي الله عنه مُتَرجَمًا.

(1/4147)

[حديث: نهي عن لبستين: أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد]

2145# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وكذا تقدَّم (مُحَمَّد) أنَّه ابن سيرين الإمام، وتقدَّم الكلام على بني سيرين كم هم [1]، وكذا (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (نُهِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّه مرفوع على الصَّحيح، وتقدَّم ما فيه، وقول مَن قال: إنَّ الخلاف مختصٌّ بغير الصِّدِّيق، أمَّا إذا قال الصِّدِّيق: أُمرنا بكذا أو نُهينا عن كذا؛ فإنَّه يكون مرفوعًا بلا خلاف، وهذا حسن [2]، والله أعلم.

قوله: (ثمَّ يَرْفَعهُ): يجوز نصب (يرفع)، ورفعه [3]، وإعرابهما ظاهر.

قوله: (وعنْ بَيْعَتَيْنِ): تقدَّم أنَّ البَيعة؛ بالفتح، وأنَّ بعضهم ضبطها بالكسر، وقال: إنَّها الهيئة، وقال هنا: الوجه الكسر.

قوله: (اللِّماسِ وَالنِّبَاذِ)؛ أمَّا (اللِّماس)؛ فهو بيع الملامسة، وقد فُسِّر [4] في الحديث قبله، وأمَّا (النِّبَاذ)؛ فهو بكسر النُّون، وهو المنابذة، وقد تقدَّم تفسيرها في الحديث الذي قبل هذا، وهما معروفان.

==========

[1] في النُّسخ: (هو)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] في (ب): (أحسن).

[3] في (ب): (ونصبه)، وليس بصحيحٍ.

[4] في (ج): (فسرها).

[ج 1 ص 542]

(1/4148)

[باب بيع المنابذة]

(1/4149)

[حديث: أن رسول الله نهى عن الملامسة والمنابذة]

2146# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك، وكذا تقدَّم أنَّ (مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ) بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة، وكذا تقدَّم (أَبُو الزِّنَادِ) أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان.

وقوله فيه: (وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ): هذه الواو لا بدَّ منها، وذلك لأنَّ مالكًا رواه عن مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان وعن أبي الزِّناد؛ كلاهما عن الأعرج، فإن حُذِفتِ الواو؛ بقي مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان يرويه عن أبي الزِّناد، وإنَّما هو رفيقه في روايته عن الأعرج، لكن قد يقال: لو حَذَف (عن) وأبقى الواو؛ بقي الكلام مُنتظَمًا صحيحًا، وقد ظهر لي في الجواب عنه أنَّه لو فعل ذلك؛ لكان يكون مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان وأبو الزِّناد روياه جملة عن الأعرج، وليس كذلك؛ بل روياه مُتفرِّقَين عن الأعرج، والله أعلم، وقد تقدَّم أنَّ (الأَعْرَج) عبد الرَّحمن بن هرمز مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أبو هريرة) عبد الرَّحمن بن صخر مرارًا.

==========

[ج 1 ص 542]

(1/4150)

[حديث: نهى النبي عن لبستين وعن بيعتين الملامسة والمنابذة]

2147# قوله: (حَدَّثَنِي عَيَّاشُ [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم أنَّ هذا (عيَّاش)؛ بالمثنَّاة تحت، والشِّين المعجمة، وهو ابن الوليد، وكذا هو منسوب في نسخة في هامش أصلنا، وقد تقدَّم مرَّات أنَّ عياش بن الوليد الرَّقام هذا كلَّما جاء عيَّاش يُحدِّث عنه البخاريُّ؛ فهو هذا إلَّا في ثلاثة أمكنة [2] ذكرتها، فإنَّه عبَّاس _بالموحَّدة، والسِّين المهملة_ ابن الوليد النَّرسيُّ [3].

قال الدِّمياطيُّ في الرَّقام: البصريُّ مات سنة (226 هـ)، ومثله: عيَّاش بن عبَّاس القِتْبانيُّ [4]، [اتَّفقا عليه، ومَن عداهما: عبَّاس بالمهملة؛ منهم: عبَّاس بن الوليد النَّرسيُّ، انتهى، فقوله: (اتَّفقا عليه): لا يصحُّ في القِتبانيِّ، ولا في ابن الوليد الرَّقام، وعبارته تتناول القِتبانيَّ] [5] ولا تتناول الأوَّل؛ لأنَّ الرَّقام المُحدَّث عنه في «البخاريِّ» الذي حدَّث عن عبد الأعلى، روى له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ في «اليوم والليلة» فقط، وأمَّا القِتبانيُّ؛ فإنَّ مسلمًا والأربعة أخرجوا له، ولم يُخرِّج له البخاريُّ شيئًا في «الصَّحيح»، وإنَّما أخرج له في كتاب «القراءة خلف الإمام»، ولم يُردِ الدِّمياطيُّ هذا بالكليَّة؛ لأنَّ هذه الكتب إنَّما أضافها إلى الكتب السِّتَّة المِزِّيُّ الحافظ جمال [6] الدين بعد الدِّمياطيِّ، ورقم عليها؛ فاعلمه، ويُصحِّح ذلك أنَّه يأتي قريبًا في الهامش الذي لأصلنا من كلام الدِّمياطيِّ: أنَّ مسلمًا انفرد بعبد الوهَّاب بن عطاء العجليِّ، وقد روى له البخاريُّ في «أفعال العباد»، وهذا يجيء كثيرًا في كلام الدِّمياطيِّ، وتقدَّم أيضًا، وإنَّما ذكرت هذا؛ لأنَّه قد يجيء مَن لا يعرف ذلك فيستفيده، والله أعلم، وتقدَّم أنَّ (عَبْد الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ؛ بالسِّين المهملة، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

[ج 1 ص 542]

قوله: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، وتقدَّم أنَّ (الزُّهْرِي): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتقدَّم (أَبُو سَعِيْد) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.

قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): هو بكسر اللَّام، وهما اشتمال [7] الصَّمَّاء والاحتباء في ثوب واحد، وقد تقدَّمتا [8].

==========

(1/4151)

[1] في هامش (ق): (البصريُّ، مات سنة «226 هـ»، ومثله: عيَّاش بن عبَّاس القِتْباني، اتفقا عليه، ومن عدا عياش: عبَّاس؛ بالسِّين المهملة؛ منهم: عبَّاس بن الوليد النرسي).

[2] في (ب): (أمثلة).

[3] في (ب): (البرسي)، وهو تصحيفٌ، وسقط من (ج).

[4] في (ب): (القتياني)، وهو تصحيفٌ، وكذا في المواضع اللَّاحقة.

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] في (ب): (كمال)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب): (استحال)، وهو تحريفٌ.

[8] في (ب): (تقدَّما)، وفي (ج): (تقدَّم).

(1/4152)

[باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة]

قوله: (أَلَّا يُحَفِّلَ الإِبِلَ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح ثانيه، وكسر الفاء المشدَّدة، و (الإبلَ): منصوب مفعول، والفاعل: الشَّخص، (وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ): منصوبان بالعطف، وكذا (كُل) بالنَّصب عطفًا على ما قبله.

قوله: (مُحَفَّلَةٍ): هو بتشديد الفاء المفتوحة: اسم مفعول.

قوله: (وَالْمُصَرَّاةُ): هي بضمِّ الميم، وفتح الصَّاد المهملة، وتشديد الرَّاء، ثمَّ تاء التأنيث، مرفوع، ورفعه معروف [1].

قوله: (صُرِّيَ لَبَنُهَا [2]،وَحُقِنَ [3] وَجُمِعَ): (صُرِّي)؛ بضمِّ الصَّاد، وكسر الرَّاء المشدَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (حُقن) و (جُمع): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، و (لبنُها): مرفوع نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَلَم [4] تُحْلَبْ [5]): (تُحلب) [6]: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (صَرَّيْتُ الْمَاءَ [7]؛ إِذْا حَبَسْتَه): هو بتشديد الرَّاء، والتَّاء: مضمومة؛ تاء المتكلِّم، و (حبستَه): بفتح التَّاء على الخطاب، وهذا ظاهر، قال ابن قرقول: («صرَيت الماء»؛ إذا جمعته، وذكر البخاريُّ: «صرَّيتُ» _يعني الأوَّل بالتَّخفيف، والثاني_ بالتَّشديد، قال ابن قرقول: وهو صحيح أيضًا)، فصريح كلامه أنَّ التَّخفيف أولى.

==========

[1] في (ج): (مرفوع)، ولعلَّه تكرارٌ.

[2] في هامش (ق): (من صري: إذا جمع؛ نظيره: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]، فإنَّه من زكى، وبعضهم يضبطه بفتح التَّاء، من صرَّ، وبعض الرواة يحذف واو الجمع، وتضم لام (الإبل) على ما لم يسم فاعله).

[3] كذا في النُّسخ، وزيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فِيهِ).

[4] في (ب): (فيما)، وليس بصحيح.

[5] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يحلب).

[6] (تحلب): سقط من (ج).

[7] في هامش (ق): (هذا الكلام فيه نظر، وقد ذكرته في غير هذا الموضع).

[ج 1 ص 543]

(1/4153)

[حديث: لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين]

2148# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وتقدَّم (الأَعْرَج) أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ): هذه اللَّفظة ذكرها جماعة؛ فمنهم من أطال، ومنهم من اختصر [1]، قال ابن قرقول: («لا تُصَرُّوا الإبل»: من صَرَّى يُصَرِّي؛ إذا جمع، وهو تفسير مالكٍ، والكافَّةِ من الفقهاء وأهلِ اللُغة، وبعضُ الرُّواة تقول: «تَصُرُّوا [2] الإبل»، وهو خطأ على هذا التَّفسير، لكنَّه يخرج على مَن فسَّره بالرَّبط والشَّدِّ من «صرَّ يصُرُّ»، ويقال فيها: المصرورة، وهو تفسير الشَّافعيِّ لهذه اللَّفظة [3]؛ كأنَّه بحبسه فيها ربطَ [4] أخلافها [5]، وبعضهم يقول: «تَصَرُّوا الإبل»، وهذا أيضًا لا يصحُّ على التَّفسير الآخر من الصَّرِّ، وكان أبو مُحَمَّد بن عتَّاب يقول لنا عند السَّماع: إنَّ أباه كان يقول: اجعلوا أصلكم في هذا الحرف: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]، انتهى، وأصله: «تُصْرِيُوا»، استُثقِلت الضمَّة على الياء، فنُقِلت إلى الرَّاء [6]، ثمَّ حُذِفت؛ لالتقاء السَّاكن، وذكرهما [7] ابن الأثير في «صرى»، وقال في آخر كلامه: فإن كان من الصَّرِّ؛ فهو بفتح التَّاء، وضمِّ الصَّاد، وإن كان من الصَّرْيِ؛ فيكون بضمِّ التَّاء، وفتح الصَّاد، وإنَّما نُهِي عنه؛ لأنَّه غشٌّ وخداع) انتهى، قال شيخنا: وما بعده _أي: بعد (تُصَرُّوا) _ منصوب على أنَّه مفعول، ورُوِيَ رفعه، انتهى.

قوله: (بَعْدَ [8]): أي: بعد التَّصرية، وقيل: بعد العلم بهذا النَّصِّ، وقال الدِّمياطيُّ: روى ابن لهيعة: (بعد أن يحلبها)، قال الدِّمياطيُّ: وبه يصحُّ المعنى، ونقل بعضهم عن الدِّمياطيِّ: كذا رواه ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج، وبه يصحُّ المعنى، وهذا أوضح، والبخاريُّ رواه من جهة اللَّيث [9] عن جعفر بإسقاطها، فأشكل المعنى، لكنَّه رواه آخر الباب عن أبي الزِّناد عن الأعرج، فقال: (بعد أن يحتلبَها [10])، فلا معنًى لاستدراك الحافظ له من جهة ابن لهيعة، فإنَّه ليس من شرط البخاريِّ مع الاستغناء عنه بوجوده [11] في «الصَّحيح»، والله أعلم، انتهى.

(1/4154)

والحاصل: أنَّه اختُلِف عن الأعرج؛ فرواها عنه أبو الزِّناد، ورواه بإسقاطها عنه جعفر بن ربيعة، واختُلِف أيضًا على جعفر بن ربيعة؛ فرواه بإسقاطها اللَّيث، وبإثباتها ابن لهيعة، وما ذكرته في التقدير بعد (بعدُ) أنا؛ أسلمُ وأفهمُ للمعنى، وما قاله الدِّمياطيُّ في فهمه من هذه العبارة نظر، والله أعلم.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ [12] وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): قوله: (ويُذكَر): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهي صيغة تمريض، وذلك لأنَّه لم يثبُت عنده على شرطه، فلهذا مرَّضه، و (أبو صالح): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (مجاهد): هو ابن جبر، تقدَّما، و (الوليد بن رَباح): هو بفتح الرَّاء، وبالموحَّدة، وهو مدنيٌّ، يروي عن أبي هريرة وسهل بن حنيف، وعنه: ابنه مُحَمَّد، ومسلم، وكثير بن زيد، صدوق، أخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البخاريُّ كما ترى، وقال الدِّمياطيُّ: الوليد بن رَباح دوسيٌّ، روى له أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وموسى بن يسار عمُّ مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، روى له الجماعة إلَّا البخاريَّ، انتهى، ويسار: بالمثنَّاة تحت، وبالسِّين المهملة.

تنبيه: وقع في أصل لنا دمشقيٍّ في الأصل كما ضبطتُه، وفي الهامش بخطِّ ابن المقريزيِّ: (رِياح)، وعليه (نسخة) و (صح)، ولم يذكر ابن ماكولا فيه خلافًا، ولا رأيت أحدًا ذكره بمثنَّاة تحت وكسر الرَّاء، فما في الهامش غريب أو خطأ، والله أعلم.

وتعليق أبي صالح أخرجه مسلم منفردًا [13] به بإسناده إلى يعقوب بن عبد الرَّحمن القارئ عن سُهيل، عن أبيه _وهو أبو صالح_ عن أبي هريرة؛ فذكره.

وتعليق مجاهد قال شيخنا: أخرجه البزَّار، انتهى.

وأمَّا تعليق الوليد بن رَباح [14]؛ فلا أعلم مَن خرَّجه، ولا خرَّجه شيخنا.

وأمَّا تعليق موسى بن يسار؛ فأخرجه مسلم والنَّسائيُّ.

قوله: (صَاعَ تَمْرٍ): (صاع): منصوب على أنَّه مفعول؛ أي: ردَّها وصاع تمر.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) [15]: (بعضُهم): لعلَّه أراد: قُرَّة؛ هو ابن خالد، وذلك لأنَّ مسلمًا روى مِن طريقه عن مُحَمَّد بن سيرين عن أبي هريرة: (ردَّ معها صاعًا من طعام، لا سمراء)، وفيه أيضًا: (وهو بالخيار ثلاثًا)، وهو أيضًا في «التِّرمذيِّ»، والله أعلم.

(1/4155)

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ): هذا في «مسلم» و «النَّسائيِّ»، ولعلَّ (بعضهم): أيُّوب، فإنَّهما روياه بإسنادهما إلى ابن عيينة [16]، عن أيُّوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، والله أعلم، ويحتمل أن يكون هشام بن حسَّان، فإنَّ ابن ماجه أخرجه من طريقه عن ابن سيرين، والأوَّل لعلَّه المراد؛ إذ في «ابن ماجه» الذي ذكرته: (ثلاثة أيَّام)، وقد قال البخاريُّ: (ولم يذكر ثلاثًا).

==========

[1] في (ب): (أخصر).

[2] في مصدره: (تُصَرُّ).

[3] في (ب): (اللَّفظ)، والمثبت هو الصَّواب.

[4] في (ب): (ربطًا)، وهو تحريفٌ.

[5] في (ب) و (ج): (خلافها)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ب) و (ج): (الواو)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ج): (وذكرها).

[8] في هامش (ق): (وروى ابن لهيعة: بعد أن يحلبها، قال الدِّمياطيّ: وبه يصح المعنى).

[9] في (ب): (الكتب)، وهو تحريفٌ.

[10] في (ب): (نحلتها)، وهو تحريفٌ، وفي (ج): (يحلبها).

[11] في (أ) و (ب): (موجودة).

[12] في هامش (ق): (الوليد بن رَباح دوسيٌّ، روى له أبو داود، والتِّرمذيّ، وابن ماجه، وموسى بن يسار عم محمد بن إسحاق بن يسار، روى له الجماعة إلَّا البخاريّ).

[13] زيد في (ج): (منفردًا)، وهو تكرارٌ.

[14] في (ب): (رياح)، وهو تصحيفٌ.

[15] زيد في هامش (أ): (حاشية: هذا الباقي من تعليقي ابن سيرين)، وبدون علامة تصحيح.

[16] في (ج): (عبيد)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 543]

(1/4156)

[حديث: من اشترى شاة محفلة فردها فليرد معها صاعًا]

2149# قوله: (عَنْ [1] مُعْتَمِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي): (معتمر) هذا: هو معتمر بن سليمان، وقد تقدَّمت ترجمة معتمر، وكذا ترجمة أبيه سليمان بن طرخان، وذكرت أنَّ طرخان مُثلَّث الطَّاء، يكنَّى أبا المعتمر التَّيميَّ نزل فيهم بالبصرة، من السَّادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، ومناقبه جمَّة، تُوفِّيَ سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، وكذا تقدَّم (أَبُو عُثْمَانَ) النَّهديُّ، واسمه عبد الرَّحمن بن ملٍّ، بلغات (مل).

قوله: (أَنْ [2] تُلَقَّى [3] البُيُوعُ): (تُلقَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهو مشدَّد القاف مفتوحة، و (البيوع): مرفوع نائب مناب الفاعل.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] (أن): ليس في (ج).

[3] في (ب): (تتلقى).

[ج 1 ص 543]

(1/4157)

[حديث: لا تلقوا الركبان ولا يبيع بعضكم على بيع بعض .. ]

2150# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وكذا تقدَّم (الأَعْرَجِ) أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَلاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ)، وكذا (حَاضِرٌ لِبَادٍ): هذا خبر؛ ومعناه: النهي، وفي نسخة في المكانين: (يبع) على النَّهي، وقد تقدَّم تفسير (النَّجَشِ)، وكذا تقدَّم معنى (بيع الحاضر للبادي).

قوله: (وَفِي حَلْبَتِهَا)، وكذا قوله في الحديث: (فَفِي حَلْبَتِهَا): هما بفتح اللَّام، و (الحلْب والحلَب)؛ بفتح اللَّام وسكونها: استخراج [1] ما في الضِّرع من اللَّبن، قاله في «القاموس»، وفي «الصِّحاح»: الحلَب؛ بالتحريك: اللَّبن، والحلَب أيضًا: مصدر حلَب النَّاقة يحلبها حلبًا واحتلبها، وفي أصلنا: (حلَبتها) في الموضعين؛ بفتح اللَّام بالقلم.

==========

[1] في (ج): (إسراح)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 543]

(1/4158)

[باب: إن شاء رد المصراة وفى حلبتها صاع من تمر]

(1/4159)

[حديث: من اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها]

2151# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَمْرٍو [1]): قال الدِّمياطيُّ: (مُحَمَّد بن عَمرو أبو عبد الله البلخيُّ) انتهى، يقال له: السَّوَّاق والسُّويقيُّ، عن الدَّراورديِّ،

[ج 1 ص 543]

وحاتم بن إسماعيل، وهُشَيم، وابن وهب، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وأبو زرعة، وغيرهما، تُوفِّيَ في ربيع الآخر سنة (236 هـ)، قال أبو زرعة: شيخ صالح، قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: روى البخاريُّ في (بَاب المُصرَّاة): عن مُحَمَّد بن عَمرو عن مكِّيِّ بن إبراهيم؛ فذكر هذا الحديث، فقال الحاكم والكلاباذيُّ: هو السَّوَّاق، وقال ابن عديٍّ: مُحَمَّد بن عَمرو: يشبه أن يكون مروزيًّا، وأهل العراق يقولونه: مُحَمَّد بن عمرويه، وقال أبو أحمد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يوسف الجرجانيُّ صاحب الفربريِّ: هو مُحَمَّد بن عَمرو بن جَبَلة، وقال الدَّارقطنيُّ: مُحَمَّد بن عَمرو زُنَيج [2]، انتهى، وقال الجيَّانيُّ: (قال أبو نصر والحاكم: هو مُحَمَّد بن عمرو السُّويقيُّ، ونسبه الأصيليُّ: عن أبي أحمد مُحَمَّد بن عمرو بن جبلة، وهو ابن أبي روَّاد، وذكر [3] الدَّارقطنيُّ: مُحَمَّد بن عمرو أبا غسَّان زُنَيج) انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ): قال الدِّمياطيُّ: والمكِّيُّ: أبو السَّكن، ابن إبراهيم بن [4] بشير بن فرقد، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، و (زِيَادٌ): ابن سعد البلخيُّ، و (ثَابِت): بن عياض الأحنف الأعرج، مولى عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّاب القرشيِّ العدويِّ، انتهى.

قوله: (فَفِي حَلْبَتِهَا): تقدَّم أنَّه بفتح اللَّام [5] وإسكانها.

==========

[1] في هامش (ق): (محمد بن عَمرو أبو عبد الله البلخيُّ، والمكيُّ: أبو السكن ابن إبراهيم بن بَشير بن فرقد، وابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وزياد بن سعد البلخي، وثابت بن عياض الأحنف الأعرج، مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب القرشي العدوي).

[2] في (ب): (زنيخ)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[3] في (ب): (وكذا).

[4] في (ب): (و)، وليس بصحيحٍ.

[5] في (ج): (الحاء)، وليس بصحيحٍ.

(1/4160)

[باب بيع العبد الزاني]

قوله: (وَقَالَ شُرَيْحٌ): هو بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، هو ابن الحارث القاضي أبو أميَّة الكنديُّ، ولَّاه عمر قضاء الكوفة، تقدَّم بعض ترجمته، أخرج له النَّسائيُّ.

(1/4161)

[حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها]

2152# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام الجواد، وتقدَّم (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ)، وأنَّه بضمِّ الموحَّدة وفتحها.

قوله: (وَلاَ يُثَرِّبْ): التَّثريب: التوبيخ والتَّعيير بالذنب.

==========

[ج 1 ص 544]

(1/4162)

[حديث: إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فبيعوها]

2153# 2154# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله [1]، ابن أخت الإمام مالك شيخ الإسلام، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ، أحد الأعلام، شيخ الحجاز، وتقدَّم (عُبَيْد اللهِ بن عَبْدِ اللهِ) أنَّه ابن عتبة بن مسعود الفقيه الأعمى، عن عائشة، وأبي هريرة، وابن عبَّاس، وعنه: الزُّهريُّ، وأبو الزِّناد، وصالح بن كيسان، وخلق، وهو معلِّم عمر بن عبد العزيز، كان من بحور العلم، مات سنة (98 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو أحد الفقهاء السبعة، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بَعُدَ العهدُ به.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ): قال الدِّمياطيُّ: (الجهنيُّ، مات سنة ثمان وسبعين بالمدينة) انتهى، وله خمس وثمانون سنة، صحابيٌّ مشهور رضي الله عنه.

قوله: (وَلَمْ تُحْصِنْ): هو بكسر الصَّاد وفتحها، قال الخطَّابيُّ: ذكر الإحصان فيه غريب مُشكِل جدًّا، وله وجهان؛ أحدهما: أن يكون معناه: العتق، والآخر: أن يريد به النِّكاح، وظاهره [2] يُوجِب الرَّجم عليها إذا أحصنت، والإجماع على خلافه؛ بدليل: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25]، ونقل البغويُّ عن الأكثرين تفسير الإحصان بالإسلام.

قوله: (وَلَوْ بِضَفِيرٍ): قال مالك: الحبل، أراد التقليل للثَّمن، وقد جاء [3] مُفسَّرًا: (ولو بحبل [4]).

==========

[1] (عبد الله): سقط من (ج).

[2] زيد في (ج): (وظاهره)، وهو تكرارٌ.

[3] زيد في (ج): (وقد جاء)، وهو تكرارٌ.

[4] في (ب): (حبل).

[ج 1 ص 544]

(1/4163)

[باب البيع والشراء مع النساء]

قوله: (باب الشِّرَاءِ): تقدَّم أنَّه يُمدُّ ويُقصَر، وهو في أصلنا هنا: ممدود [1].

==========

[1] في (ب): (ممدودة).

[ج 1 ص 544]

(1/4164)

[حديث: اشتري وأعتقي فإن الولاء لمن أعتق]

2155# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَأَعْتِقِي): هو بفتح الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.

قوله: (أمَّا بَعْد): تقدَّم الكلام على إعرابها وأوَّلِ مَن [1] قالها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ): اختلفوا ما المراد به؛ فقيل: قوله: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7]، وقال القاضي عياض رحمه الله: وعندي أنَّه [2] قوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «الولاء لمن أعتق»، والله أعلم.

==========

[1] (من): سقط من (ج).

[2] في (ج): (أنَّ)، والمثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 544]

(1/4165)

[حديث: إنما الولاء لمن أعتق]

2156# قوله: (حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ): قال الدِّمياطيُّ: اسم أبي عبَّاد حسَّانُ، فهو حسَّان بن حسَّان البصريُّ، سكن مكَّة، ومات سنة (213 هـ)، قاله الكلاباذيُّ وغيره، وقال غيره: حسَّان بن حسَّان بن أبي عبَّاد، وانفرد به البخاريُّ، وقال فيه أبو حاتم: مُنكَر الحديث، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام [1] بن يحيى العَوْذيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (بَرِيرَةَ): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها [2] بنت صفوان، وكانت قبطيَّة، كذا قال بعض مشايخي، وقال الذَّهبيُّ: حبشيَّة [3] اشترتها عائشة من بني ذُهْل، وفي كلام غيره أنَّها كانت لعتبة بن أبي لهب، فاشترتها عائشة؛ كالمِزِّيِّ، والذَّهبيِّ، (وسأذكر لمن كانت مُطَوَّلًا في باطنها؛ فانظره) [4]، يقال: إنَّ عبد الملك بن مروان سمع منها كما في ترجمته، روى لها النَّسائيُّ: روى يزيد بن رومان، عن عروة، عن بريرة، قالت: (كان فيَّ ثلاث سُنَن ... )؛ الحديث، قال النَّسائيُّ: هذا خطأ.

قوله: (قُلْتُ لِنَافِعٍ: حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا؟ فَقَالَ: مَا يُدْرِينِي؟): سيأتي الكلام في زوجها، وأنَّ اسمه مغيث، وقيل: برير، وقيل: مِقْسَم، وقد جزم ابن عبَّاس بأنَّ زوجها: عبد، وسيأتي [5] مُطَوَّلًا إن شاء الله تعالى.

==========

[1] زيد في (أ): (هو همَّام)، وهو تكرارٌ.

[2] في (أ) و (ب): (وأنَّه).

[3] في (ب): (حبيبة)، وهو تحريفٌ.

[4] ما بين قوسين ضرب عليه في (ب).

[5] في (ب): (زوجها غندر، سيأتي).

[ج 1 ص 544]

(1/4166)

[باب: هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟]

قوله: (بَابٌ هَلْ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟): تقدَّم تفسيره قبل هذا بيسير؛ فانظره.

قوله: (وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.

(1/4167)

[حديث: بايعت رسول الله على شهادة أن لا إله إلا الله]

2157# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا [1]، وتقدَّم أنَّ (سُفْيَان) ابن عيينة، وذكرت مستندي في ذلك فيما مضى قريبًا وبعيدًا، وكذا تقدَّم (إِسْمَاعِيل) أنَّه ابن أبي خالد، وكذا (قَيْس) أنَّه ابن أبي حازم، وكذا (جَرِير) أنَّه ابن عبد الله البَجليُّ الصَّحابيُّ.

(1/4168)

[حديث: لا تلقوا الركبان ولا يبيع حاضر لباد]

2158# قوله: (حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّد): قال الدِّمياطيُّ: (الصَّلت بن مُحَمَّد: انفرد به البخاريُّ، والصَّلت بن مسعود انفرد به مسلم) انتهى؛ يعني: أنَّ كلَّ واحد منهما انفرد به عن رفيقه، لا عن رفقته، وذلك لأنَّ الصَّلت بن مُحَمَّد أخرج له النَّسائيُّ أيضًا، نعم؛ ابن مسعود انفرد به مسلم عن الجماعة كلِّهم.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا تقدَّم مرارًا أنَّه ابن زياد، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (مَعْمَرٌ) تقدَّم أنَّه بفتح الميمين ساكن العين، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ): تقدَّم أنَّ هذا خبر؛ ومعناه: النَّهي، وهو أبلغ من النهي فقط، وتقدَّم معنى (بيع الحاضر للبادي).

قوله: (لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا): بسينين مهملتين، هذا ممَّا لا خلاف فيه في الشام، وأمَّا أهل القاهرة ومصر؛ يقولونه بشين معجمة، ثمَّ مهملة، ولقد جادلني فيه بعض الطَّلبة الفضلاء من القاهريِّين، وكشفنا عنه، والسِّمسار: الدَّلال، وأصله: القيِّم بالأمر الحافظُ له [1]، ثمَّ استُعمِل في مُتولِّي البيوع والشراء لغيره، والله أعلم.

[ج 1 ص 544]

==========

[1] (له): سقط من (ج). 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...