65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج2.التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط ابن العجمي



ج2. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع

 الصحيح)

المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

قوله: (بِهَذَا): أي: بهذا السَّند، وهو السَّند المتقدِّم؛ يعني: أنَّ ابن أبي فُدَيْك رواه بالسَّند الذي ذكره عنِ ابن أبي ذئب، عنِ المقبريِّ، عن أبي هريرة به، وقال عوض (فغرف بيديه): (فغرف بيده فيه)، وفي رواية عوض هذه: (فحذف بيديه فيه).

(1/389)

[حديث: حفظت من رسول الله وعاءين]

120# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرَّات أنَّ هذا ابن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ اسم أبي أويس عبد الله.

قوله: (حَدَّثَنِي أَخِي): قال الدِّمياطيُّ في «حاشيته»: (عبد الحميد _يعني: أخاه ابن أبي أويس عبد الله_ بن عبد الله بن أويس بن مالك) انتهى، وعبد الحميد هذا هو ابن أخت مالك كأخيه إسماعيل، وتقدَّم نسبه أعلاه، أبو بكر الأصبحيُّ، عن أبيه، وابن عجلان، وابن أبي ذئب، وعنه: أخوه إسماعيل، وأيُّوب بن سليمان، ومحمَّد بن رافع، ثقة، وثَّقه ابن معين وغيره، توفِّي سنة (202 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، ذكر فيها عنِ الأزديِّ كلامًا قبيحًا في حقِّ عبد الحميد، ثمَّ قال الذَّهبيُّ: (وهذه زلَّة قبيحة)؛ يعني: من الأزديِّ.

قوله: (عَنِ ابنِ [1] أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (وِعَاءَيْنِ): الوِعاء؛ بكسر الواو، قال شيخنا الشَّارح: (ويجوز ضمُّها) انتهى.

ويعني بالوعاءين [2] من العلم: على طريق الاستعارة من الوعاء الذي يُجمَع فيه المتاع.

ثمَّ اعلم أنَّه جاء في غير «البخاريِّ»: «ثلاثة جرب، بثثت منها جرابين، ولو بثثت هذا الثَّالث؛ لقطع هذا»؛ يعني: البلعوم، وجاء في رواية: «خمسة»؛ يعني: جرب، وهذه رُوِّيناها في كتاب «المحدِّث الفاصل بين الراوي والواعي» لمحمَّد بن خلَّاد الرَّامهُرمزيُّ الحافظ في (باب كثرة الرِّواية) في الجزء السَّادس تجزئة سبعة أجزاء حديثيَّة، قال فيه: (حدَّثنا عبدان: حدَّثنا داهر بن نوح: حدَّثنا عمر بن عَبْد الله البصريُّ: حدثني أبي: أنَّ أبا هريرة حفظ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خمسة جرب أحاديث، وقال: إنِّي أخرجت منها جرابين، ولو أخرجت الثَّالث؛ لرميتموني بالحجارة) انتهى، وهذا الكتاب رُوِّيته بالقاهرة بقراءتي، وقرأتُ غالبَهُ بالإسكندريَّة عاليًا فيهما، وعندي منه نسخة حسنة في سبعة أجزاء حديثيَّة.

[قوله: (فَبَثَثْتُهُ): أي: أذعته وأشهرته] [3].

[ج 1 ص 66]

(1/390)

قوله: (وَأَمَّا الآخَرُ [4]): قيل: إنَّ الآخر [5]: هو أشراط الساعة، وفساد الدين، وتضييع الحقوق، وتغيير الأحوال؛ كقوله: «يكون فساد الدين على يد أغيلمة من قريش»، وكان أبو هريرة يقول: لو شئت أنْ أسمِّيهم بأسمائهم، لكنَّه خشي على نفسه ولم يصرِّح، وقال أبو العبَّاس ابن تيمية _كما رأيته عنه في فتوى_: (كان فيه ذكر الملاحم، والفتن، ونحوها من الحوادث التي لو أخبر بها قبل وقوعها؛ لأنكرها عليه من العامَّة والولاة من يكره ذلك أو [6] يكذِّبه؛ لاستبعاده ما أخبَر به، وكراهته له، ومثل الفتن التي كانت بين بني أميَّة ومن حاربهم؛ كعبد الله بن الزُّبير وغيره) انتهى.

قوله: (لَقُطِعَ مِنِّي [7] هَذَا الْبُلْعُومُ): هو بضمِّ الموحَّدة، وقد فسَّره البخاريُّ رحمه الله هنا.

==========

[1] (ابن): ليس في (ج).

[2] في (ج): (بالوعاء).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[4] في (ب): (الآخرة).

[5] في (ب): (الأخيرة).

[6] في (ب): (و).

[7] (مني): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/391)

[باب الإنصات للعلماء]

(1/392)

[حديث: أن النبي قال له في حجة الوداع: استنصت الناس]

121# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هذا هو ابن المنهال الأنماطيُّ البصريُّ، عن قرَّة، وشعبة، وعنه: البخاريُّ، وعبد، والكجِّيُّ، وكان دلَّالًا ثقة ورعًا، ذا سنَّة وفضل، توفِّي سنة (217 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد [1] العجليُّ: (ثقة، رجل صالح، وكان سمسارًا يأخذ من كلِّ دينار حبَّة، فجاء خراسانيٌّ موسر [2] من أصحاب الحديث، فاشترى له أنماطًا، وأعطاه ثلاثين دينارًا، وقال: هذه سمسرتك خذها، قال: دنانيرك أهون علينا من هذا التراب، هات من كلِّ دينار حبَّة أو كسرًا).

قوله: (عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ): هو اسم فاعل من (أدرك).

قوله: (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ): هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ هرم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جرير، وقيل: عمرو، تقدَّم الكلام عليه، وبعض ترجمته.

قوله: (عَنْ جَرِيرٍ): هو جَرِير _بفتح الجيم، وكسر الرَّاء_ ابن عبد الله [3] البجليُّ، صحابيٌّ مشهور التَّرجمة رضي الله عنه، وقد تقدَّم.

قوله: (فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ): حجَّة الوداع كانت سنة عشر من الهجرة، وهذا في غاية الظهور والشهرة.

قوله: (لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا): أي: لا تفعلوا فتشبَّهوا بهم في حالة قتل بعضهم بعضًا، ومحاربة بعضهم بعضًا، وهذا أولى في تأويله، وقيل: إنَّه كفر على بابه في حقِّ المستحلِّ لغير [4] الحق، وقيل: المراد: كفر النعمة وحقِّ الإسلام، وقيل: إنَّه يقرب من الكفر ويؤدِّي إليه، وقيل: لا تكفروا حقيقة، بل دوموا مسلمين، وقيل: المراد بالكفَّار: المتكفِّرون في السلاح، يقال: تكفَّرَ الرجلُ بسلاحه؛ إذا لبسه [5]، وقيل: لا يكفِّر بعضكم بعضًا فتستحلُّوا قتال بعضكم بعضًا، والله أعلم بمراد رسوله [6] صلَّى الله عليه وسلَّم.

[قوله: (يَضْرِبُ): هو برفع الباء على الصَّواب، وهو الرِّواية، ومن سكَّن الباء؛ أحال المعنى؛ لأنَّ النَّهي على هذا التَّقدير يكون عنِ الكفر مجرَّدًا، وضرب الرِّقاب جواب النَّهي ومجازاة للكفر، وسياق الخبر يأباه، وجوَّزه أَبُو البقاء وابن مالك على تقدير شرط مضمر؛ أي: إنْ ترجعوا؛ يضربْ] [7].

==========

[1] زيد في (ج): (ابن).

[2] في (ج): (فجاء خراسان موسرًا).

[3] (ابن عبد الله): وضعت في (ب) في غير محلها.

[4] في (ب): (بغير).

[5] في (ج): (لقيه).

(1/393)

[6] في (ب): (والله بمراد رسوله أعلم)، وفي (ج): (رسول الله).

[7] ما بين معقوفين جاء في النسخ سابقًا بعد قوله: (في غاية الظهور والشهرة).

[ج 1 ص 67]

(1/394)

[باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ .. ]

(باب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللهِ عزَّ وَجَلَّ) ... إلى (باب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)

قوله: (فَيَكِلُ الْعِلْمَ): (يكلُ)؛ برفع اللَّام، قال ابن المُنَيِّر: (ظنَّ الشَّارح _ يعني: ابن بطَّال أبا الحسن_: أنَّ المقصود من هذا الحديث _ يعني: حديث أُبيِّ بن كعب المذكور بعد التَّرجمة_ التَّنبيه على أنَّ الصَّواب من موسى كان [1] ترك الجواب، وأن يقول: لا أعلم، وليس كذلك، بل ردُّ العلم إلى الله عزَّ وَجَلَّ متعيَّنٌ أجاب أو لَمْ يجب، فإنْ أجاب؛ قال: الأمر كذا والله أعلم، وإنْ لَمْ يجب؛ قال: الله أعلم، ومن ههنا تأدَّب المُفْتُونَ في أجوبتهم بقولهم: والله أعلم، فلَّعل موسى لو [2] قال: أنا، والله أعلم؛ لكان صوابًا، وإنَّما وقعت المؤاخذة باقتصاره على قوله: أنا أعلم؛ فتأمَّله) انتهى.

وما قاله ابن (المنيِّر أخذ بعضه [3] من) [4] تبويب البخاريِّ، والقاضي عياض في «الشفا» قال ما لفظه: (وعتب الله عليه _فيما قاله العلماء_ إنكار هذا القول عليه؛ لأنَّه لَمْ يَرُدَّ العلم إليه كما قالت الملائكة: {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32]، أو [5] لأنَّه [6] لَمْ يرض قوله شرعًا، وذلك _والله أعلم_لئلَّا يقتدي به فيه من لَمْ يبلغ كمالَهُ في تزكية نفسه، وعلوِّ درجته من أمَّته، فيهلك لما تضمَّنه من مدح الإنسان نفسه، ويورثه ذلك من الكبر، والعجب، والتعاطي، والدعوى، وإن نُزِّه عن هذه الرذائل الأنبياءُ فغيرهم بمدرجة سبيلها، ودرك نيلها إلَّا من عصمه الله، فالتحفُّظ منها أولى لنفسه وليُقتَدَى به، ولهذا قال عليه الصَّلاة والسَّلام تحفُّظًا من مثل هذا ممَّا قد أُعلِم به: «أنا سيَّد وُلْد آدم ولا فخر») انتهى.

==========

[1] في (ب): (الصَّواب كان من موسى).

[2] (لو): ليس في (ج).

[3] (بعضه): سقط من (ج).

[4] ما بين قوسين سقط من (ب).

[5] في (ج): (إلا).

[6] في (ج): (أنَّه).

[ج 1 ص 67]

(1/395)

[حديث: قام موسى النبي خطيبًا في بني إسرائيل]

122# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، وهو بفتح النُّون، وإنَّما قيل له ذلك؛ لأنَّه كان وقت الطلب يتَّبع الأحاديث المسندة، ولا يرغب في المقاطيع والمراسيل، وقال الحاكم: (إنَّه أوَّل من جمع مسند [1] الصَّحابة على التراجم بما وراء النهر)، وكنيته: أَبُو جعفر، وقد تقدَّم، وهو عَبْد الله بن محمَّد بن عَبْد الله بن جعفر بن يمان بن أخنس بن خنيس الجعفيُّ البخاريُّ الحافظ [2].

[وتقدَّم أَنَّ البخاريَّ يروي عن أربعة أشخاص كلٍّ منهم اسمه: عبد الله بن محمَّد في (باب أمور الإيمان)؛ فانظره، والمسنديُّ هذا يروي] [3] عن فضيل، ومعتمر [4]، وعنه: البخاريُّ، ومحمد بن نصر المروزيُّ، توفِّي سنة (229 هـ)، أخرج له البخاريُّ والتِّرمذيُّ، قال أَبُو حاتم: (صدوق).

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، تقدَّم فيما مضى في أوَّل التَّعليق، ويدلُّك على أنَّه هو قوله في آخر الحديث: (قال ابن عيينة)، وهذا أوكد.

قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو): هذا هو ابن دينار أَبُو محمَّد مولى قريش، مكِّيٌّ إمام، عنِ ابن عبَّاس، وابن عمر، وجابر، وعنه: شعبة، والسفيانان، وخلق، مات سنة (126 هـ) في أوَّلها، وله ثمانون سنة، تقدَّم، وأنَّه ما قيل عنه من التشيُّع؛ باطل، وهو عالم حجَّة.

(تنبيه: لهم عمرو بن دينار آخر [5]، كنيته: أَبُو يحيى، وهو قهرمان آل الزبير، أخرج له التِّرمذيُّ وابن ماجه [6]، ضعَّفوه) [7].

قوله: (إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ): (نَوْفٌ)؛ بفتح النُّون، وإسكان الواو، ثمَّ بفاء، مصروف، و (البِكاليُّ)؛ بكسر الموحَّدة وبالكاف المخفَّفة، وفي آخره لام: نسبة إلى بكال؛ بطن من حمير، وهو نوف بن فَضالة، قال ابن الصَّلاح في «علومه»: (إنَّه كما قيَّدته، ونسبه إلى ما نسبته إليه، وغلب على ألسنة أهل الحديث فيه: فتح الباء، وتشديد الكاف) انتهى.

وقال ابن قُرقُول: (أكثر المحدِّثين يفتحون الباء، ويشدِّدون الكاف، وآخره لام، وكذا قيَّدناه عن أبي بحر وابن أبي جعفر عنِ العذريِّ، وقال: قاله أبو ذرٍّ، وقُيِّد عنِ المهلَّب بكسر الباء، وكذلك عنِ الصَّدَفيِّ، وأبي الحسين بن سِراج: بتخفيف الكاف، وهو

[ج 1 ص 67]

الصَّواب؛ نسبة إلى بكال من حمير) انتهى.

(1/396)

وهو ابن امرأة كعب [8]، روى عن كعب، وعليٍّ، وثوبان، وعبد الله بن عمرو، وأبي أيُّوب الأنصاريِّ، وعنه: شهر [9] بن حوشب، وابن جبير، وأبو إسحاق السبيعيُّ، وأبو عمران الجونيُّ، كان أحد العلماء، وقال يحيى بن أبي عمرو السّيبانيُّ: (كان نوفٌ إمامًا لأهل دمشق رحمه الله).

قوله: (يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ... ) إلى آخره: إن قال قائل: من موسى الآخر؟

فالجواب: أنَّ الحاكم ذكر في «مستدركه» في (المناقب) في موسى وهارون صلَّى الله عليهما وسلَّم [10]: (قال ابن إسحاق: ولد موسى بن مَنْشا [11] [بالنُّون والياء صح] بن يوسف بن يعقوب، فتنبَّأ في بني إسرائيل قبل موسى بن عمران فيما يزعمون، ويزعمون _أهل السَّفر بها_ أنَّه هو الذي صَحِبَ الخضر)، كذا نقلتُه من «تلخيص المستدرك» للذهبيِّ، وموسى هذا ذكر ابن الجوزيِّ في أوَّل «تلقيحه» في ترتيب كبار الأنبياء: (من بعد يوسف موسى بن مَنْشا [12] [بالنُّون والياء صح]، ثمَّ من بعده موسى بن عمران) انتهى، وسيأتي من كلام شيخنا الشَّارح حكاية أنَّه هو.

قوله: (مُوسًى [13] آخَرُ): هو منوَّن في أصلنا، ويجوز تنوينه وترك تنوينه، قال أبو عمرو بن العلاء: (إنَّ موسى مصروف في النكرة) انتهى، وقوله: (موسًى آخر): هو نكرة.

قوله: (كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ): هذا قاله على سبيل الإغلاظ على القائل، وكان ذلك في حال غضبه؛ لشدَّة إنكاره، وحالة الغضب تُطلق الألفاظ ولا يُراد بها حقائقها.

فائدة: السَّائل هنا هو سعيد بن جبير، وابن عبَّاس هو المخبر، وفيما مضى ابن عبَّاس تمارى هو والحرُّ بن قيس في صاحب موسى، فقال ابن عبَّاس: هو خضر، فمرَّ بهما أُبيُّ بن كعب فسأله ابن عبَّاس فأخبره، فيحتمل أنَّ سعيدًا سأل ابن عبَّاس بعد الواقعة الأولى المتقدِّمة لابن عبَّاس مع الحرِّ، فأخبره ابن عبَّاس لمَّا سأله عن قول نوف، ولأجل ذلك _والله أعلم_ قدَّم البخاريُّ تلك الواقعة وأخَّر هذه.

قال شيخنا الشَّارح: (وجاء أنَّ السَّائل غير ابن جبير)، روي عن سعيد قال: جلست إلى ابن عبَّاس وعنده قوم من أهل الكتاب، فقال بعضهم: يا أبا عبد الله؛ إنَّ نوفًا ابن امرأة كعب يزعم عن كعب أنَّ موسى الذي طلب العلم إنَّما هو موسى بن منشا، فقال ابن عبَّاس: كذب نوف، حدثني أُبيٌّ ... ؛ وذكر الحديث.

قوله: (أَنَّ عَبْدًا): هو بفتح همزة (أَنَّ)، وكسرها.

(1/397)

قوله: (بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ): هما بحر الروم ممَّا يلي الغرب، وبحر فارس ممَّا يلي الشَّرق، قاله قتادة، وحَكى الثعلبيُّ عن أُبيِّ بن كعب أنَّه بإفريقية، وقيل: بحر الأردنِّ وبحر القلزم، قال السُّهيليُّ: (وقيل: بحر المغرب وبحر الزقاق)، قال ابن عبَّاس: (اجتمع البحران موسى والخضر بمجمع البحرين)، قاله شيخنا الشَّارح، وقال ابن عبد السلام: (عند عين الحياة، وقيل: الروم وفارس [14]، وقيل: طنجة، وقيل: إفريقية، وقيل: بحري العلم موسى والخضر) انتهى.

قوله: (فِي مِكْتَلٍ): هو بكسر الميم، وإسكان الكاف، وفتح المثنَّاة فوق، ثمَّ لام؛ وهو فوق الزِّنبيل [15]، وقيل: القفَّة، وقال ابن وهب: (هو وعاء يسع خمسة عشر صاعًا إلى عشرين)، قال في «المطالع»: (قلت: قاله سعيد في الفَرَق).

قوله: (فَهْوَ ثَمَّ): هو بفتح الثَّاء المثلَّثة، وتشديد الميم، تقدَّم معناها في ذهاب موسى مع الخضر [16].

قوله: (يُوشَعَ بْنِ نُونٍ): تقدَّم أنَّ (نونًا) مصروف، وتقدَّم بقيَّة نسبه في ذهاب موسى مع الخضر.

قوله: (عِنْدَ الصَّخْرَةِ): تقدَّم في الباب المذكور أعلاه أين هي.

[قوله: (فَانْسَلَّ الْحُوتُ): قال صاحبنا الإمام كمال الدين الدميريُّ ثمَّ القاهريُّ الشَّافعيُّ _وهو أحد فضلاء القاهرة اجتمعت به_ ما لفظه: (حوت موسى ويوشع عليهما السلام، قال [17] أبو حامد الأندلسيُّ: رأيت سمكة بقرب مدينة سبتة من نسل الحوت الذي أكل منه موسى [18] وفتاه، وأحيا [19] الله نصفه، فاتَّخذ سبيله في البحر سربًا، ونسلها [20] في البحر إلى الآن في ذلك الموضع، وهي سمكة طولها أكثر [21] من ذراع، وعرضها شبر واحد، أحد جانبيها شوك وعظام، وجلد رقيق على أحشائها وعينيها، ورأسها نصف رأس، من رآها من هذا الجانب؛ استقذرها، ويحسب أنَّها مأكولة ميتة، ونصفها الآخر صحيح، والناس يتبرَّكون بها، ويهدونها إلى الأماكن البعيدة) انتهى ما قاله] [22].

قوله: (سَرَبًا): هو المسلك في خُفية، وانتصب على المفعول، أو على المصدر، كأنَّه قال: سرب الحوت سربًا.

(1/398)

قوله: (بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهِمَا): وفي (الأنبياء) العكس، وهو في «مسلم»، وهو الصَّواب؛ لقوله: (فلمَّا أصبح)، وفي رواية: (حتَّى إذا كان من الغد)، قال النوويُّ: (وضبطوه _[يعني: في «مسلم» _: بنصب «ليلتَهما»، وجرِّها) انتهى، فـ (يوم) في «صحيح البخاريِّ»: منصوب، وكذا هو في أصلنا، وعليه (صح)، وقول النَّوويِّ: (إنَّهم ضبطوه] [23]: بجرِّ «ليلتِهما»)؛ فيه وقفة من حيث المعنى؛ لأنَّهما إنَّما سارا بقيَّة اليوم الذي نسيا فيه الحوت واللَّيلة كلَّها لا بقيَّتها؛ بدليل قوله: (فلمَّا أصبح)، ورواية [24]: (حتَّى إذا كان من الغد)، والذي ظهر لي في توجيه ما قاله النَّوويُّ _والله أعلم_: أنَّه إذا جُمع بين الرِّوايتين؛ صار بقيَّة اليوم مسارًا فيه وبقية اللَّيل لا هذا كلُّه، ولا هذا كلُّه [25]، فلهذا [26] جُوِّز فيه الجرُّ، والله أعلم.

[قوله: (نَصَبًا): أي: تعبًا] [27].

قوله: (الَّذِي أُمِرَ بِهِ): (أُمِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (فَتَاهُ): تقدَّم أعلاه أنَّه يوشع بن نون؛ أي: خادمه، وقيل: إنَّه ابن أخته.

قوله: (مُسَجًّى بِثَوْبٍ): أي: مغطًّى به.

قوله: (وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ؟!): (أَنَّى): تجيء بمعنى: أين، وحيث، وكيف، قال القاضي عياض: (وهذا يدلُّ على أنَّ السلام لَمْ يكن معروفًا عندهم إلَّا في خاصَّة الأنبياء والأولياء، أو كان بلاد كفر ممَّن لا يعرف السلام [28]).

قوله: (فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، [فَعُرِفَ الْخَضِرُ]، فَحَمَلُوهُمَا): هكذا ورد؛ والمعنى: أنَّ موسى والخضر ويوشع قالوا لأصحاب السفينة: هل تحملوننا؟، فعرفوا الخضر فحملوهم، فجمع الضَّمير في (كلَّموهم)، وثنَّى (يحملوهما) [29]؛ لأنَّ يوشع تابع، ومثله: {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117].

[قوله: (فَعُرِفَ الْخَضِرُ): (عُرِف): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الخضرُ): مرفوع نائب مناب الفاعل] [30].

قوله: (نَوْلٍ): هي بفتح النُّون، وإسكان الواو، ثمَّ لام؛ وهي الأجرة والجعل.

قوله: (فَجَاءَ عُصْفُورٌ): عن بعضهم: أنَّه الصرد، انتهى، والصُّرَد: على وزن (الجُعَل)؛ وهو طائر فوق العصفور، قاله اللَّيث، وعن النضر بن شميل: (أنَّه طائر أبقع، ضخم المنقار، له بُرش عظيم؛ يعني: أصابعه عظيمة)، وفي الصرد كلام غير هذا، والله أعلم.

[ج 1 ص 68]

(1/399)

قوله: (فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى ... ) إلى آخره: فائدة: روى الحاكم في «المستدرك» في تفسير (الكهف) بسنده عنِ ابن عبَّاس مرفوعًا: (لمَّا لقي موسى الخضرَ؛ جاء طائر فألقى منقاره في الماء، فقال الخضر لموسى [31]: تدبَّر ما يقول هذا الطائر، قال: وما يقول؟ قال: يقول: مَا علمك وعلم موسى في علم الله إلَّا كما أخذ منقاري من الماء) على شرطهما، ولم يتعقَّبه الذَّهبيُّ في «تلخيصه».

قوله: (مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ): اعلم أنَّ لفظ (النقص) هنا ليس على ظاهره، فإنَّ علم الله عزَّ وَجَلَّ لا يدخله نقص ولا زيادة، قال في «المطالع»: («إلَّا» هنا بمعنى: ولا ... ) إلى أنْ قال: (وقد قيل في قوله تعالى: {أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطئًا} [النساء: 92] نحو هذا؛ ولا خطأ، وهو قول ضعيف، وعند المحقِّقين: استثناء من غير الجنس؛ بمعنى: لكن يقتله خطأ، أو إلَّا أنَّ يقتله خطأ)، قال القاضي: (وهذا التأويل في الحديث لا يُحتاج إليه؛ إذ معناه صحيح على ظاهره، وإنَّما المقصد بالحديث التمثيل لعدم النقص؛ إذ ما نقصه العصفور من البحر؛ لا يظهر لرائيه، فكأنه لَمْ ينقص شيئًا، فكذلك هذا من علم الله سبحانه، أو يكون راجعًا إلى المعلومات لا إلى العلم؛ أي: ما علمت أنا وأنت من جملة معلومات الله التي لَمْ يُطلِع عليها في التَّقدير والتمثيل إلَّا ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، وذكر النقص ههنا مجاز على كلِّ وجه، ومحال في علم الله ومعلوماته في حقِّه سبحانه، وإنَّما يتقدَّر ذلك في حقِّنا، ويدلُّ على هذا قوله في الرِّواية الأخرى: «ما علمي وعلمك في علم الله إلَّا مقدار ما نَقص هذا العصفور بمنقاره في هذا البحر») انتهى.

قوله: (فَعَمَدَ): هو بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، هذا هو المشهور، ورأيت في حاشية [32]: [أنَّ فيها الكسر في الماضي، والفتح في المضارع، وأنَّه عزاه للَّبليِّ في «شرح الفصيح»] [33].

(1/400)

قوله: (فَإِذَا غُلاَمٌ): هذا اسمه حيسور، وقد اختلف الرواة فيه في «صحيح البخاريِّ»؛ فقال بعضهم: إنَّه بالجيم المفتوحة، وقال بعضهم: بالحاء المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ سين مهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ راء، قال ابن قُرقُول: (جيسور)؛ بالجيم كذا للنسفيِّ والجرجانيِّ، وكذا قيَّده الدَّارقطنيُّ، وعند المروزيِّ: (حيسور)؛ بالحاء، وكذا لأبي ذرٍّ وابن السَّكن، وعند القابسيِّ: (حَلْبَتُور [34])، وكذا صحَّحه عبدوس بن محمَّد في أصل كتابه، وقال القابسيُّ: (في حفظي إِنَّمَا هو بالنُّون: حَنْبَتُور) انتهى، وقال بعضهم: خرَّبُوذ.

تنبيه: (فإذا غلامٌ): الظَّاهر _والله أعلم_: أنَّه كان غير بالغ، وزعم قوم أنَّه كان بالغًا، يعمل الفساد، واحتجُّوا بقوله: {بِغَيْرِ نَفْسٍ} [المائدة: 32]، والقصاص إِنَّمَا يكون في حقِّ [35] البالغ، وأجاب الجمهور عن ذلك: بأنَّا لا نعلم كيف كان شرعهم، فلعلَّه كان يجب على الصبيِّ في شرعه كما يجب في شرعنا عليهم غرامة المتلفات، والله أعلم.

[فائدة: نقل البيهقيُّ في كتاب «المعرفة»: (أنَّ الأحكام إِنَّما صارت متعلِّقة بالبلوغ بعد الهجرة) انتهى] [36]

قوله: (فَأَخَذَ [37] [الخَضِرُ] بِرَأْسِهِ): قيل: الباء زائدة، وقيل: على بابها؛ لأنَّه ليس المعنى أنَّه تناول [38] رأسه ابتداء، وإنَّما المعنى: أنَّه جرَّه إليه [39] برأسه، ثمَّ اقتلعه، ولو كانت زائدة؛ لَمْ يكن لقوله: (اقتلعه) معنًى زائد على (أخذ)، وفي رواية: (فوجد غلمانًا يلعبون، فأخذ غلامًا كافرًا ظريفًا وأضجعه، ثمَّ ذبحه بالسكين)؛ فاجمع بينهما.

قوله: (أَهْلَ قَرْيَةٍ): هي أنطاكية، وقيل: الأُبلة، وقال شيخنا الشَّارح: (أيلة)؛ فتحرَّر، وقيل: برقة [40]، وقال ابن خلِّكان في «تاريخه» في ترجمة أبي عبيدة مَعْمَر بن المثنَّى: (إنَّها ماجروان؛ اسم لمدينة بنواحي أرمينية، من عمل شروان، عندها عين الحياة التي وجد بها الخضر، وقيل: هي اسم القرية التي استطعم أهلَها موسى والخضرُ).

قوله: (جِدَارًا): قال الثعلبيُّ: (إنَّ سمك الجدار مئتا ذراع بذلك الذراع الذي لذلك القرن، وطوله على وجه الأرض خمس مئة ذراع، وعرضه خمسون ذراعًا).

قوله: (لَوَدِدْنَا): هو بكسر الدَّال الأولى.

==========

[1] في (ج): (المسند)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

[2] (الحافظ): مثبت من (ج).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[4] في (ب): (ومعمر).

(1/401)

[5] (آخر): ليس في (ب).

[6] (ابن ماجه): ليس في (ب).

[7] ما بين قوسين سقط من (ج).

[8] زيد في (ب): (انتهى).

[9] في (ج): (بهز).

[10] في (ب): (عليهما السَّلام).

[11] في (ب): (منشأ).

[12] في (ج): (ميشا).

[13] في هامش (ق): (ابن إفرائم).

[14] في (ب): (والفارس).

[15] في (ج): (الربيد).

[16] زيد في (ب): (عليه السلام).

[17] في (ب): (وقال).

[18] زيد في (ب): (عليه الصَّلاة والسَّلام).

[19] في (ج): (فأحيا).

[20] في (ج): (ونسلهما).

[21] (أكثر): ليس في (ج).

[22] ما بين معقوفين جاء في (أ) ملحقًا وفي (ب) و (ج) سابقًا بعد قوله: (العلم موسى والخضر انتهى).

[23] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[24] في (ب): (ولرواية).

[25] (ولا هذا كله): ليس في (ج).

[26] في (ب): (ولهذا).

[27] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[28] في (ج): (سلام).

[29] في (ج): (يحملونهما).

[30] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (لا يعرف السلام).

[31] في (ج): (يا موسى)، وليس بصحيح.

[32] زيد في (ج): (لفظها)، وضرب عليها في (أ).

[33] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[34] في (ب) و (ج): (حلشور).

[35] في (ب): (عين).

[36] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[37] في (ب): (وأخذ).

[38] في (ج): (يتناول).

[39] (إليه): ليس في (ب).

[40] في (ج): (سرقة).

(1/402)

[باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا]

قوله: (عَالِمًا جَالِسًا): (عالمًا): هو [1] منصوب [مفعول (سأل)، و (جالسًا): منصوب] [2] صفة للعالم [3]، وفي الحديث: جواز سؤال العالم وهو واقف _كما ترجم له_ لعذر من ضيق مكان ونحوه، ولا يكون ذلك تركًا لتوقير العالم، ألا ترى أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لَمْ ينكر عليه ذلك، ولا أمره [4] بالجلوس، ولا من باب «من أحبَّ أن يَتَمَثَّل له الناس قيامًا؛ فليتبوَّأ مقعده من النار»، فمثل هذه الهيئة مع سلامة النفس مشروعة، والله أعلم.

==========

[1] (هو): ليس في (ب).

[2] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[3] (صفة للعالم): جاء بدلًا منها في (ج): (على الحال)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

[4] في (ج): (أمر).

[ج 1 ص 69]

(1/403)

[حديث: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله]

123# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو عثمان بن محمَّد بن أبي شيبة أَبُو الحسن العبسيُّ مولاهم الكوفيُّ الحافظ، عن شريك، وأبي الأحوص، وجرير، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابنه محمَّد بن عثمان، وأبو يعلى، وأمم، توفِّي في المحرَّم سنة (239 هـ)، سُئل عنه أحمد، فقال: (لا أعلم إلَّا خيرًا)، وأثنى عليه، وقال يحيى: (ثقة مأمون)، أخرج عنه من الأئمَّة من أخذ عنه، وله ترجمة في «الميزان».

(تنبيه: تقدَّم أنَّ ثلاثة من مشايخ البخاريِّ في «الصَّحيح» كلٌّ منهم اسمه: عثمان، هذا أحدهم، والثَّاني: عثمان بن صالح السهميُّ المصريُّ، والثَّالث: عثمان بن الهيثم، مؤذِّن البصرة) [1].

قوله: (أَخْبَرَنَا [2] جَرِير): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، عن منصور، وحُصَين، وعبد الملك بن عمير [3]، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن معين، وله مصنَّفات، مات سنة (188 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر أَبُو عتَّاب السُّلميُّ، من أئمَّة الكوفة، عن أبي وائل، وزيد بن وهب، وعنه: شعبة، والسفيانان، وخلق، قال: (ما كتبت حديثًا قطُّ)، مناقبه جمَّة، مات سنة (132 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، ثقةٌ ثَبْتٌ.

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): هو شقيق بن سلمة، تقدَّم بعض ترجمته، أخرج له الجماعة، وكان من العلماء العاملين.

قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّه عَبْد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ، وتقدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى أنْ قال: (مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟): قال ابن [4] شيخنا البلقينيِّ: (هذا يحتمل تفسيره بلاحق بن ضُميرة الباهليِّ، وسنبسطه فيما بعد ذلك) انتهى.

قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (لاحق بن ضميرة الباهليُّ له وفادة ورواية إنْ صحَّ «س»)؛ يعني: ذكره أَبُو موسى.

[ج 1 ص 69]

==========

[1] ما بين قوسين ليس في (ج).

[2] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في (ب): (عمر).

[4] (ابن): ليس في (ب).

(1/404)

[باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار]

قوله: (عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ): قيل: ليس [1] فيه معنى ما ترجم له؛ لأنَّه ليس فيه إلا السؤال، وهو بموضع الجمرة، وليس فيه أنَّه كان في حال الرمي) انتهى.

وفي هذا الاعتراض نظر؛ لأنَّه لو أراد ذلك؛ لقال: باب سؤال العالم وهو يرمي الجمرة، أو نحو هذا، والله أعلم.

==========

[1] (قيل: ليس): ليس في (ب).

[ج 1 ص 70]

(1/405)

[حديث: رأيت النبي عند الجمرة وهو يُسأل]

124# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه الفضل بن دُكَين، بالدَّال المهملة المضمومة، وفتح الكاف، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه أَبُو بكر محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم شيخ الإسلام.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ): هذا الرجل لا أعلم أحدًا سمَّاه، وقد قدَّمت ذلك.

قوله: (وَلاَ حَرَجَ): أي: لا إثم عليك، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 70]

(1/406)

[باب قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}]

(1/407)

[حديث: بينا أنا أمشي مع النبي في خرب المدينة]

125# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، عن عاصم الأحول، والأعمش، وعنه: ابن مهديٍّ، ومسدَّد، وقتيبة، قال النَّسائيُّ: (ليس به بأس)، مات سنة (176 هـ)، أخرج له الجماعة.

قال الذَّهبيُّ في «الميزان»: (احتجَّا به في «الصَّحيحين»، وتجنَّبا تلك المناكير التي نُقِمت عليه)، ثمَّ ذكر ما قيل فيه، وقد تقدَّم الكلام عليه [1].

قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ): أمَّا (إبراهيم) هذا؛ فهو إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ أبو عمران، عن علقمة، وخاله الأسود [2]، ورأى عائشة، وعنه: الحكم، ومنصور، والأعمش، وخلق، وكان عجبًا في الورع والخير، متوقِّيًا للشهرة [3]، رأسًا [4] في العلم، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه تُوفِّي سنة (96 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ عَلْقَمَةَ): هو ابن قيس النَّخعيُّ أبو شبل الفقيه، عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الله بن مسعود، وخلق، وعنه: ابن أخيه عبد الرَّحمن بن يزيد، وابن أخته إبراهيم النَّخعيُّ، وسلمة بن كهيل، وآخرون، قال أبو معمر: (قوموا بنا إلى أشبه الناس بعبد الله هديًا ودلًّا وسمتًا، فقمنا إلى علقمة)، مات سنة (62 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): هو ابن مسعود الهذليُّ، الصحابيُّ الجليل المشهور، ترجمته معروفة.

قوله: (في خَرَبِ [5] الْمَدِينَةِ): هو بفتح الخاء المعجمة والرَّاء، وبكسرها أيضًا، وبالموحَّدة، كذا في أصلنا الاثنان بالقلم، قال في «المطالع»: (كذا في باب {وَمَا أُوتِيْتُم مِنَ العِلْمِ [6] إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] بجميعهم: «خرب»؛ بالخاء المعجمة)، قال: (وفي غير هذا الموضع: «في حرث المدينة»، وكذا رواه مسلم، قيل: وهو الصَّواب، ومثله رواية مسلم في حديث آخر: «في نخل») انتهى، وقال ابن الأثير: (الخِرَب: يجوز أن يكون بكسر الخاء، وفتح الرَّاء، جمع: خَرِبَة؛ كنَقِمَة ونِقَم، ويجوز أن يكون جمع: خِرْبة؛ بكسر الخاء، وسكون الرَّاء على التخفيف؛ كنِعْمَة ونِعَم، ويجوز أن يكون الخَرِب: بفتح الخاء، وكسر الرَّاء؛ كنَبِقَة ونبِق، وكَلِمَة وكَلِم، وقد روي: بالحاء المهملة، والثَّاء المثلَّثة؛ يريد به: الموضع المحروث للزراعة) انتهى.

قوله: (يَتَوَكَّأُ): هو بهمزة [7] في آخره.

(1/408)

قوله: (عَسِيْبٍ): هو _بفتح العين، وكسر السِّين المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ موحَّدة_ عود قضبان النخل يكشطون خوصها، ويتَّخذونها عصِيًّا.

قوله: (لاَ تَسْأَلُوهُ، لاَ يَجِيءُ): قال الدِّمياطيُّ: (قال أبو القاسم بن الأبرش: يجوز في «يجيءُ» ثلاثة أوجه في العربيَّة: النصب على إرادة: أَنْ لا يجيء؛ والتَّقدير: ألَّا يجيء، و «لا» في نيَّة الزيادة؛ نحو: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]، ويجوز الجزم على الجواب؛ والتَّقدير: إن لا تسألوه؛ لا يجِئْ، فالأوَّل سبب للثاني، ويجوز الرفع على الاستئناف؛ والتَّقدير: إنَّه لا يجيءُ فيه بشيء [8] تكرهونه) انتهى.

قوله: (فَقَامَ إِلَيهِ [9] رَجُلٌ مِنْهُمْ [10]): هذا الرجل اليهوديُّ لا أعرف اسمه.

[تنبيه: سيجيء فيه تنبيه في (التفسير) في سورة (سبحان) إن شاء الله تعالى] [11]، (وكذا الكلام على الروح) [12].

قوله: ({وما أوتوا من العلم إلا قليلًا} [الإسراء: 85] قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا [13]): كذا قرأ عبد الله والأعمش: بِضَمِير الغيبة.

(1/409)

[باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس ... ]

(1/410)

[حديث: يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم لنقضت الكعبة]

126# قوله: (عَنْ إسْرَائيلَ): هو ابن يونس بن أبي [1] إسحاق السبيعيُّ، إسرائيل هذا يروي عن جدِّه أبي إسحاق، وزياد بن علاقة، وآدم بن عليٍّ، وخلق، وعنه: يحيى بن آدم، ومحمد بن [2] كثير، وأمم [3]، وقال: (أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة)، قال أحمد: (ثقة)، وتعجَّب من حفظه، وقال أبو حاتم: (من أتقن أصحاب أبي إسحاق)، وضعَّفه ابن المدينيِّ، توفِّي سنة (162 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي إسْحاقَ): تقدَّم أعلاه أنَّه جدُّه أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمْدانيُّ السَّبِيعيُّ _بفتح السِّين المهملة، وكسر الموحَّدة_ الكوفيُّ، أحد الأعلام، عن جرير، وعديِّ بن حاتم، وزيد بن أرقم، وابن عبَّاس، وعدَّة من الصَّحابة، وأمم من التَّابعين، وعنه: ابنه يونس، وإسرائيل حفيده، وشعبة، والسفيانان، وأبو بكر بن عيَّاش، وخلائق، وله نحو ثلاث مئة شيخ، وهو يشبه الزُّهريَّ في الكثرة، وقد غزا مرَّات، وكان صوَّامًا قوَّامًا تلَّاءً، مات سنة (127 هـ)، وله خمس وتسعين سنة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، يروي عن عمر، وعليٍّ، ومعاذ، وعدَّة، وعنه: ابن أخته إبراهيم، ومحارب بن دثار [4]، وأبو إسحاق، له ثمانون حجَّة وعمرة، وكان يصوم حتَّى يخضرَّ، ويختم في ليلتين، مات سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين والناس.

[ج 1 ص 70]

قوله: (قالَ لْي ابنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزبير بن العوَّام بن خويلد بن أسد، الصحابيُّ المشهور ابن الصحابيِّ، وأمُّه أسماء صحابيَّة، وجدُّه أبو بكرٍ الصِّدِّيق لأمِّه [5]، وجدَّته صفيَّة بنت عبد المطَّلب صحابيَّة رضي الله عنهم، ترجمته مشهورة رحمة الله عليه.

قوله: (حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ): (حديثٌ): مرفوع منوَّن، و (عهدُهم): مرفوع.

قوله: (بِكُفْرٍ): كذا في «الصَّحيح»، وفي حفظي أنَّه جاء: (بإسلام) أو (بإيمان)، الشكُّ منِّي.

قوله: (فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ): سيأتي في (باب بنيان الكعبة)، كم بُنِيت من مرَّة، والخلاف في ذلك وطولها، وكم زادوا فيه إن شاء الله تعالى في مكانه.

==========

[1] (أبي): ليس في (ج).

[2] (آدم، ومحمد بن): ليس في (ب).

[3] (وأمم): وضعت في (ب) في غير موضعها.

[4] في (ب): (زياد)، وهو تصحيف.

(1/411)

[5] (لأمه): ليس في (ج).

(1/412)

[باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا]

قوله: (كَرَاهِيَةَ): هي بتخفيف ياء [1] (كراهيَة)؛ فاعلمه.

==========

[1] في (ب): (الياء في).

[ج 1 ص 71]

(1/413)

[حديث علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن .. ]

127# قوله: (وقالَ عليٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ [1]: حَدِّثُوا النَّاسَ ... ) إلى آخره، ثمَّ قال: (حَدَّثَنَا بِهِ عبيدُ الله بنُ موسَى): اعلم أنَّ الراوي إذا قدَّم الحديث على السَّند كهذا [2]؛ فهذا إسناد متَّصل، لا يمنع (الحكم باتِّصاله، ولا يمنع) [3] ذلك [4] من روى كذلك _ أعني: تحمَّلَه كذلك_ أن يبتدئ بالإسناد جميعه أوَّلًا، ثمَّ يذكر المتن، كما جوَّزه بعض المتقدِّمين من أهل الحديث.

قال أَبُو عمرو بن الصَّلاح في «علومه»: (وينبغي أن يكون فيه خلافٌ نحو الخلاف في تقديم بعض المتن على بعض، فقد حكى الخطيب المنعَ من ذلك على القول بأنَّ الرِّواية على المعنى لا تجوز، والجوازَ على القول بأنَّ الرِّواية على المعنى تجوز، ولا فرق بينهما في ذلك) انتهى [5]

قوله: (عَن معرُوفٍ): وفي نسخة هي على هامش أصلنا: (ابن خَرَّبُوْذ)، أمَّا (معروف)؛ فهو مكِّيٌّ، يروي عن أبي الطفيل، والباقر، وعنه: أَبُو داود الطيالسيُّ، وأبو عاصم، وعدَّة، ضعَّفه ابن معين، وقوَّاه غيره، وقال أَبُو حاتم: (يُكتَب حديثه)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، له في الكتب حديثان، وله ترجمة في «الميزان»، وأمَّا والده (خَرَّبُوْذ)؛ فهو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الرَّاء المفتوحة، ثمَّ موحَّدة مضمومة، بعدها واو ساكنة، ثمَّ ذال معجمة، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة.

(1/414)

قوله: (عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ): اسمه عامر بن واثلة _بالمثلَّثة_ وقيل: عمرو بن عَبْد الله بن جحش الكنانيُّ اللَّيثيُّ، ولد عام أُحد، كان يسكن الكوفة، ثمَّ سكن مكَّة إلى أنْ قضى، وهو آخر من مات من الصَّحابة على الإطلاق، وقال ابن دريد في كتاب «الاشتقاق الكبير»: (إنَّ عكراش بن ذؤيب لقي النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وله حديث، وشهد الجمل مع عائشة، فقال الأحنف: كأنَّكم به، وقد أُتِي به قتيلًا أو به جراحة لا تفارقه حتَّى يموت، فضرب يومئذٍ ضربة على أنفه، فعاش بعدها مئة سنة، وأثر الضَّربة به، فعلى هذا: تكون وفاته سنة خمس وثلاثين ومئة)، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ: (وهذا باطل لا أصل له، والذي أوقع ابن [6] دريد في ذلك ابنُ قتيبة في «المعارف»، وهو إمَّا باطل، أو مؤوَّل بأنَّه استكمل بعد الجمل الجمل مئة سنة، وتوفِّي أَبُو الطفيل سنة مئة، وقيل: بعد المئة، فقيل: سنة اثنتين ومئة، وقيل: سنة سبع ومئة، وقيل: سنة عشر ومئة، وصُحِّح.

تنبيه: من الغريب ما في «ثقات العجليِّ» كما رأيته فيها: (أنَّ أبا الطفيل من كبار التَّابعين) انتهى.

فائدة شاردة: آخر من مات من التَّابعين خلف بن خليفة، توفِّي سنة (181 هـ).

أخرج لأبي الطفيل عامر الجماعة.

قوله: (أن يُكَذَّبَ اللهُ ورَسُولُهُ): (يكذَّب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، (وهو مشدَّد الذَّال المعجمة المفتوحة) [7]، وإعراب الباقي معروف.

==========

[1] الترضية: ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ج): (هكذا).

[3] ما بين قوسين ليس في (ب).

[4] في (ج): (لذلك).

[5] (انتهى): ليس في (ب).

[6] (ابن): ليس في (ب).

[7] ما بين قوسين ليس في (ج).

[ج 1 ص 71]

(1/415)

[حديث: ما مِن أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله]

128# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): فهو ابن راهويه، وجدُّه اسمه مَخْلَد _بإسكان الخاء، وفتح الميم_ الإمام المشهور، أَبُو يعقوب المروزيُّ، عالم خراسان، عنِ الدراورديِّ، وجرير، ومعتمر، وطبقتهم، وعنه: من عدا ابن ماجه، وبقيَّةُ [1] شيخُه، وخلق، من آخرهم السَّرَّاج، أملى مسنده من حفظه، توفِّي وله سبع وسبعون سنة في شعبان سنة (238 هـ)، أخرج له الآخذون عنه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه رحمه الله.

(1/416)

قوله: (وَمُعَاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ): اعلم أنَّ ابن منده الحافظ جمع أرداف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فبلغوا نيِّفًا وثلاثين رديفًا، قاله شيخنا الشَّارح، ولم أقف أنا على هذا التأليف، والذي أستحضر أنَّه عُدَّ من أردافه عليه السَّلام: أسامة بن زيد، أردفه عليه الصَّلاة والسَّلام راجعًا من عرفة، ومرَّة أخرى على إكاف، والصدِّيق في الهجرة، وعثمان بن عفَّان في قدومه عليه الصَّلاة والسَّلام من بدر، وعليُّ بن أبي طالب في حجَّة الوداع، وعبد الله بن جعفر بين يديه، وأحد [2] ابني فاطمة خلفه، وفي رواية: «حملني أنا وغلامين من بني هاشم»، وفي أخرى: جعلني أمامه وقثم خلفه وعبد الله بن عبَّاس وأخوه عبيد الله، وأخوهما الفضل في حجَّة الوداع من مزدلفة إلى منى، والحسن بن عليٍّ وأخوه الحسين هذا قدَّامه وهذا خلفه، ومعاوية بن أبي سفيان، ومعاذ بن جبل مرَّة على حمار يقال له: عفير، ومرَّة ليس بينه وبينه إلَّا مؤخِّرة الرَّحل [3]، وأبو ذرٍّ الغفاريُّ على حمار، وزيد بن حارثة، وثابت بن الضَّحَّاك، والشريد بن سويد، وسلمة ابن الأكوع، وزيد بن سهل أَبُو طلحة الأنصاريُّ، وسهيل بن بيضاء، وعليُّ بن أبي العاصي بن الربيع يوم الفتح، وعبد الله بن الزُّبير، وغلام من بني عبد المطَّلب، وأسامة بن عمير، وصفيَّة بنت حُييٍّ أمُّ المؤمنين لمَّا قدم بالشام كذا فيه، وإنَّما أراد بها قدومه من خيبر كما في «الصَّحيح»، وهي من جهة الشام، وأبو الدرداء، وآمنة [بالنُّون والياء معًا] بنت أبي الصَّلْت الغفاريِّ، وأبو أُناس، وأبو هريرة، وقيس بن سعد بن عبادة، وخُوَّات بن جبير، وجبريل، فإنَّ في بعض السُّنَّن [_وهو في «التِّرمذيِّ» في تفسير (سورة سبحان)، وهو في «النَّسائيِّ» في (التفسير) _] [4]: «فما زايلا ظهر البراق حتَّى رجعا»، ورأيت حديثًا معزوًّا إلى «صحيح ابن حبَّان» من حديث حمَّاد بن زيد عن عاصم بن أبي النجود عن زرِّ بن حبيش: (أنَّه سأل حذيفة هل صلَّى [5] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ببيت المقدس حين أُسرِي به؟ قال: لا، إلا أنه أُتِي بدابَّة فحمله عليها جبريل، أحدهما رديف صاحبه، [فانطلق [6] معه من ليلته حتَّى أتى بيت المقدس] [7]، وأُرِي ما في السَّماوات وما في الأرض، ثمَّ رجعا عودهما على بدئهما، فلم يصلِّ فيه، ولو صلَّى؛ لكانت سنَّة)، وقال شيخنا الشَّارح في (كتاب اللِّباس) من شرح هذا الكتاب: (منهم _يعني من

(1/417)

الأرداف_: أولاد العبَّاس، وعبد الله بن جعفر، وأبو هريرة، وقيس بن سعد بن عبادة، وصفيَّة، وأم صُبَيَّة الجهنيَّة) انتهى، فأولاد العبَّاس ستَّة رجال من أمِّ الفضل، وإنْ أراد أولاده كلَّهم؛ فعشرة بتمَّام، وقد اختُلِف في صحبته، وله رؤية، فيحرَّر ما أراد، انتهى.

وعقبة بن عامر، وقد رأيته [8] في مصنَّف لبعض الشافعيَّة استدركه على الأرداف.

وقوله فيما تقدَّم: (آمنة بنت أبي الصَّلْت الغفاريِّ): هذَه لا أعرفها، بل ولا أعرف

[ج 1 ص 71]

في الصحابيَّات من اسمها آمنة مشهورة بهذا الاسم، إلا أنَّ النَّوويَّ ذكر أنَّ زوج عَبْد الله بن عمر الحائض [9] اسمها: آمنة بنت غفار، وفيهنَّ [10] أميَّة [11] بنت قيس الغفاريَّة ذكرها الحافظ أَبُو موسى المدينيُّ فيهنَّ، وما أدري هل هي هذه أم لا؟ والله أعلم، هذا مجموع من وقفت عليه من الأرداف.

[تنبيه: وقع في «التِّرمذيِّ» في (سورة المنافقين) في (التفسير): عن زيد بن أرقم: (وأنا رديف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، والصَّواب: وأنا ردف عثمان] [12]، [وفي «الشفا» لعياض في (فصل: وأمَّا نظافة جسمه): (قال المزنيُّ عن جابر: أردفني النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم والتقمت خاتم النُّبوذَة، فكان ينمُّ عَلَيَّ مسكًا) انتهى] [13]

قوله: (يَا مُعَاذ بْن جَبَلٍ): أمَّا (بن)؛ فمنصوب، وفي «التسهيل» لابن مالك: جواز رفعه، وأمَّا (معاذ)؛ ففيه النصب والرفع، والله أعلم.

فائدة: إذا نعتَّ بمضاف؛ فلا يخلو إما أنَّ يكون بابن أو ابنة أو غيرهما، فإنْ كان بأحدهما؛ فيشترط له ثلاثة شروط:

أحدها: أنَّ يقع [14] أحدهما بين علمين، أو كنيتين، أو لقبين، أو بين أحدهما مع الآخر؛ نحو: (يا زيد بن عمرو)، أو (يا زيد بن أبي سعيد)، أو (يا زيد بن بطَّة) [15]، وكذا لو عكست.

الثَّاني: أنَّ يكون (ابن) نعتًا لا غير.

الثَّالث: ألَّا يفصل بينه وبين المنادى، ففيه ثلاثة أوجه، أفصحها: أنْ يُترَك المنادى على ضمِّه، و (ابن) على نصبه؛ استصحابًا بحكمهما الأوَّل، وهذا اختيار المبرِّد.

الوجه الثَّاني: أنَّ يفتح آخر المنادى إتباعًا لحركة (ابن)، وهو اختيار جمهور البصريِّين، قال ابن كيسان: (وهذا الوجه أكثر في كلام العرب) انتهى.

وقد اختلف النحويُّون في [16] توجيه آخر المنادى وفتح (ابن) في هذا الوجه، وهذا له موضع آخر.

الوجه الثَّالث: ضمَّة نون (ابن) إتباعًا لضمَّة المنادى، حكاها الأخفش عن بعض العرب.

(1/418)

فإنْ لَمْ تجتمع [17] فيه الشروط الثلاثة؛ فلا يكون في المنادى إلا الضَّمُّ، ولا في (ابن) إلا النصب رجوعًا إلى الأصل، فمثال عدم الشرط الأوَّل (يا رجل ابن عمرو) أو (يا زيد ابن أخينا)، فلم يقع بين علمين، ومثال عدم الشرط الثَّاني: أنْ [18] يعرب ابنًا بدلًا [19] أو منادًى ثانيًا أو مفعولًا بفعل [20] مضمر، ومثال عدم الشرط الثَّالث: قولك: (يا زيد الفاضل ابن عمرو) فقد فصلت بـ (الفاضل) بين المنادى وبين (ابن)، فالمنادى في هذه المواضع لا يكون إلا مضمومًا؛ لتخلُّف بعض الشروط، والمسألة طويلة، وفيها خلاف بين النحويِّين، ويكفي هذا منها، والله أعلم، ومن أراد زيادة؛ فعليه بالمطوَّلات من كتب النحو، وإنْ نعتَّ المنادى المضموم بمضاف غير ابن أو ابنة؛ نحو: (يا زيد صاحب عمرو) أو (يا صفيَّة عمَّة رسول الله [21])؛ فليس فيه إلا النصب على الصَّحيح.

[قوله: (فَيَسْتَبْشِرُون): كذا في أصلنا، وفي الهامش (فيستبشروا)، وهما جائزان، وفي أصلنا الدمشقيِّ (فيستبشروا) ليس غير] [22].

(1/419)

قوله: (تَأَثُّمًا): أي: خوفًا من الإثم، ومعنى تأثُّم معاذ [23]: أنَّه كان يحفظ علمًا فخاف فواته وذهابه بموته، فخشي أن يكون ممَّن كتم علمًا، وممَّن لَمْ يمتثل أمره صلَّى الله عليه وسلَّم في تبليغ سننه [24]، فيكون آثمًا، فاحتاط [25] وأخبر بهذه؛ مخافة من الإثم، وعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لَمْ ينهه عنِ الإخبار بها نهي تحريم، وقال القاضي عياض: (لعلَّ معاذًا لم يفهم من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم النَّهي، لكن كسر عزمه عمَّا عرض له من بُشراهم؛ بدليل حديث أبي هريرة: «من لقيت يشهد أنَّ لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه؛ فبشِّره بالجنَّة»)، قال: (أو يكون معاذ بلغه أمرُه عليه الصَّلاة والسَّلام لأبي هريرة وخاف أن يكتم علمًا علمه فيأثم، أو يكون حمل النَّهي على إذاعته)، قال النوويُّ: (وبهذا [26] الوجه ظاهر، وقد اختاره ابن الصَّلاح فقال: «منعه من التبشير العامِّ؛ خوفًا من أنْ يسمع ذلك مَن لا خبرة له ولا علم فيغترَّ ويتَّكل، وأخبر به صلَّى الله عليه وسلَّم على الخصوص من أمن عليه [27] الاغترار والاتَّكال من أهل المعرفة، فإنَّه أخبر به معاذًا، فسلك به معاذ هذا المسلك، فأخبر به من الخاصَّة من رآه أهلًا لذلك»)، قال: (فأمَّا أمره عليه الصَّلاة والسَّلام في حديث أبي هريرة من التبشير؛ فهو من تغيُّر الاجتهاد، وقد كان الاجتهاد جائزًا له واقعًا منه عند المحقِّقين، وله مزيَّة على سائر المجتهدين بأنَّهُ [28] لا يُقَرُّ على الخطأ في اجتهاده).

==========

[1] في (ب): (وثقه).

[2] في (ج): (وأخذ).

[3] (الرحل): ليس في (ج).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[5] (صلى): سقط من (ج).

[6] في (ب): (انطلق)، وفي (ج): (وانطلق).

[7] ما بين معقوفين تكرر في (ب) سابقًا بعد قوله: (في «النسائي» في «التفسير»).

[8] في: (ج): (رأيت).

[9] (الحائض): ليس في (ب) و (ج).

[10] في (ب): (ومنهن).

[11] في (ج): (آمنة).

[12] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[13] ما بين معقوفين ليس في (ب) و (ج).

[14] زيد في (ج): (بعده).

[15] في (ب): (بطر).

[16] (في): ليس في (ب).

[17] في (ب): (يجمع).

[18] زيد في (ب): (يعلم).

[19] (بدلًا): ليس في (ج).

[20] في (ب): (لفعل).

[21] زيد في (ج): (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).

[22] في ما بين معقوفين ليس في (ج).

[23] (معاذ): ليس في (ج).

[24] في (ب): (لسننه)، وفي (ج): (سنته).

(1/420)

[25] في (ج): (فاحتاج).

[26] في (ب): (وهذا).

[27] زيد في (ج): (من).

[28] في (ب): (بأن).

(1/421)

[حديث: من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة]

129# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي): هذا هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيميُّ البصريُّ، أحد الأعلام، ولم يكن من بني تيم، بل نزل فيهم، وكان مولى لبني مُرَّة، روى عن [1] ابنه [2] سليمان، ومنصور بن المعتمر، ويونس بن عبيد، وليث بن أبي سليم، وخلق، وعنه: ابن المبارك، وابن مهديٍّ، وعفَّان، وعارم، ومسدَّد، وأحمد ابن حنبل، وابن المدينيِّ، وغيرهم، وثَّقه ابن معين وأبو حاتم، توفِّي في [3] المحرَّم سنة سبع وثمانين ومئة، وقيل: في صفر، أخرج له الجماعة، وأمَّا والده؛ فقد تقدَّم أنَّه سليمان بن طِرْخَانُ _وهو بكسر الطاء، كذا قيَّده صاحب الإمام، وفي قاموس شيخنا مجد الدين: بالفتح لا يضمُّ ولا يكسر، وإنْ فعله المحدِّثون اسم للرئيس الشريف، خراسانيَّة، وفي «تقييد المهمل» للغسانيِّ؛ بكسر الطاء، ويقال بِضَمِّها؛ فتحرَّر [4] فيه في الطاء تثليثها_[5] من السادة الأثبات، سمع أنسًا وأبا عثمان النهديَّ، وعنه: أبو عاصم وغيره، ومناقبه جمَّة توفِّي سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة يسيرة [6] في «الميزان» من جهة التدليس، والله أعلم.

قوله: (ذُكِرَ لِي): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، (أبهم أنس الذاكر له، ولا أعرفه، والله أعلم) [7].

==========

[1] في (ج): (عنه).

[2] في (ب): (أبيه).

[3] (في): ليس في (ج).

[4] في (ج): (فيجوز).

[5] زيد في (ب): (وسليمان بن طرخان).

[6] (يسيرة): ليس في (ج).

[7] ما بين قوسين ليس في (ج).

[ج 1 ص 72]

(1/422)

[باب الحياء في العلم]

قوله: (باب الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ): تقدَّم الكلام على الحياء ما هو في (بابٌ: الحياء من الإيمان).

(1/423)

[حديث: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق]

130# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ): تقدَّم مرَّات أنَّ سلامًا والد محمَّد الأصحُّ فيه التخفيف مُطوَّلًا؛ فانظره إنْ أردته.

قوله: (أَخْبَرَنَا [1] أَبُو مُعَاوِيَة [2]): هو محمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة، أبو معاوية الضَّرير، الحافظ، عن هشام بن عروة والأعمش، وعنه: أحمد، وإسحاق، وعليُّ بن المدينيِّ، وابن معين، ثبت في الأعمش، وكان مرجئًا، توفِّي في [3] صفر سنة (195 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وهو أحد الأئمَّة الثِّقات.

قوله: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): هذه أمُّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها هند بنت أبي أميَّة المخزوميَّة، تقدَّم بعض ترجمتها رَضِيَ اللهُ عنها، مناقبها كثيرة، وتقدَّم [4] متى توفِّيت [5]، وأنَّها آخر أمَّهات المؤمنين موتًا، وأنَّها توفِّيت في إمرة يزيد بعد مقتل الحسين رَضِيَ اللهُ عنه، وتقدَّم كلام الواقديِّ في وفاتها، والردُّ عليه.

قوله: (أُمُّ سُلَيْمٍ): هي بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، بنت ملحان الخزرجية، والدة أنس بن مالك الخادم، واسمها سهلة، وقيل: رميلة، أو رميثة، أو أنيسة، أومُليكة، أو الرميصاء، أو الغميصاء، زوج أبي طلحة زيد بن سهل، كانت فاضلة، لبيبة، مناقبها كثيرة، وترجمتها طويلة.

فائدة هي تنبيه [6]: أخرج مسلم منفردًا به من حديث أنس أنَّ أمَّ سليم سألت ذلك بحضرة عائشة رضي الله عنهمَا، وأنَّ عائشة أنكرت، فيحتمل أنَّ عائشة وأمَّ سلمة أنكرتا عليها، فأجاب عليه السَّلام كلَّ واحدة [7] بما أجاب، وإنْ كان أهل الحديث يقولون: إنَّ الصَّحيح هنا أمُّ سلمة لا عائشة، وكون المنكرة أمَّ سلمة هو في «البخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم.

قولها [8]: (إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ): (يستحيي): فيها لغتان معروفتان قرئ بهما في السبع؛ ومعناه: إنَّ الله لا يستحيي أنَّ يبيَّن ما هو الحقُّ.

قوله: (أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟!): هو مُحرَّك الواو، استفهام إنكار، وقد تقدَّم متى تفتح، ومتى تسكَّن، وفي أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ: ساكن الواو، وفيه نظر، والله أعلم، ولكن جاء (وتحتلم المرأةُ؟!) بالواو، [وهذه تقوِّي سكون الواو.

(1/424)

قوله: (تَرِبَتْ يَمِينُكِ): (تربت): أي: افتقرت، يقال: (ترِب الرجل)؛ إذا افتقر، و (أترب)؛ إذا استغنى، هذا هو المشهور] [9]، وهذه الكلمة تجري على ألسنة العرب من غير [10] قصد للدُّعاء، وعليه يحمل كلُّ ما جاء من الأحاديث من هذا وشبهه، وقال في «المطالع»: (قال الدَّاوديُّ: إنَّما هو ثَرِبت؛ أي: استغنت، وهي لغة للقبط جرت على ألسنة العرب، وهي تردُّ الرِّواية الصَّحيحة، ومعروف كلام العرب).

فائدة: قال شيخنا الشَّارح: جاء عن جماعة من الصحابيَّات أنَّهن سألن كسؤال [11] أمِّ سليم؛ منهنَّ: خولة بنت حَكِيم، أخرجه ابن ماجه، كذا قال، وقد رأيته في «النَّسائيِّ»، وقد عزاه شمس الدين ابن القيِّم في «معاليم [12] الموقعين» في أواخره إلى «مسند الإمام أحمد» ولم يذكر رجال إسناده، انتهى، وقد أخرجه المزِّيُّ في «أطرافه» وعزاه إلى النَّسائيِّ، وكلاهما في (الطَّهارة)، ولم أره في أصلنا وَقْفِ الملك المحسن بـ «ابن ماجه»، قال شيخنا: وبسرة بنت صفوان ذكره ابن أبي شيبة [13]، وسهلة بنت سهيل، رواه الطَّبرانيُّ في «الأوسط»، وفي إسناده ابن لهيعة، انتهى.

==========

[1] في (ب) و (ج): (حدثنا).

[2] في هامش (ق): (محمد بن خازم الكوفي).

[3] (في): ليس في (ج).

[4] في (ب) و (ج): (تقدمت).

[5] في (ج): (دفنت).

[6] (هي تنبيه): ليس في (ب).

[7] في (ب): (واحد).

[8] في (ب) و (ج): (قوله).

[9] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[10] (غير): ليس في (ج).

[11] في (ب): (سؤال).

[12] في (ج): (معالم).

[13] في (ب): (ذكره ابن قتيبة).

[ج 1 ص 72]

(1/425)

[حديث: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها.]

131# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرَّات أنَّه ابن أبي أويس ابن أخت مالك الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ اسم أبي أويس عبد الله.

قوله: (مَثَلُ الْمُسْلِمِ): تقدَّم أنَّه يقال: (مثْل ومثَل)؛ بفتح المثلَّثة، وإسكانها، وتقدَّم وجه الشبه والكلام عليه؛ فانظره.

قوله: (أَحَبُّ إِلَيَّ): (أحبُّ): مرفوع غير منوَّن (أفعل) تفضيل [1]، كذا هو مرفوع في أصلنا، وإعرابها ظاهر.

==========

[1] في (ب): (التفضيل).

[ج 1 ص 72]

(1/426)

[باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال]

(1/427)

[حديث علي: كنت رجلًا مذاء فأمرت المقداد أن يسأل النبي]

132# [قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ): هذا هو الخُرَيبِيُّ الإمام، أبو عبد الرَّحمن [1] الهمْدانيُّ الكوفيُّ، ثقة حجَّة صالح، مات سنة (213 هـ)، أخرج له البخاريُّ والأربعة] [2].

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرَّات أنَّه سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ [3]): هو بالثَّاء المثلَّثة؛ كسفيان.

قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ): هو محمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، السيِّد الجليل المشهور، واسم الحنفيَّة خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلم بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل

[ج 1 ص 72]

ابن حنفيَّة، ترجمة محمَّد هذا معروفة، فلا نطوِّل بها، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، توفِّي سنة ثمانين على الأشهر من أقوال في وفاته عن بضع وستين سنة، روى عن أبيه، وعثمان، وعمَّار، وغيرهم [4]، وعنه: بنوه، وعمرو بن دينار، والباقر وآخرون.

قوله: (مَذَّاءً): هو بتشديد الذَّال المعجمة وبالمدِّ (فعَّال) من المذي، والمذي معروف، وهو بإسكان الذَّال على الأفصح، وفيه لغة ثانية: كسر الذَّال مع التشديد في الياء، وثالثة: كسرها مع تخفيف الياء، وهذه الثلاث اللُّغات في المني والوَدْي.

قوله: (فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ): كذا هنا، وجاء في رواية: «أنَّه [5] أمر عمَّارًا»، ورواية [6]: «أنَّه أرسل رجلًا»، فقيل: المقداد، وقيل: عمَّار، وجاء أيضًا «أنَّه سأل بنفسه»، فيحتمل: أنَّه أرسلهما، ثمَّ سأل بنفسه، والله أعلم.

قوله: (وَالْفُتْيَا): اعلم أنَّ الاسم الفتيا [7] والفتوى لغتان مشهورتان.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي الْمَسْجِدِ): هذا الرجل [8] لا أعرف اسمه.

قوله: (أَنْ نُهِلَّ): هو بضمِّ أوَّله رباعيٌّ، والإهلال: رفع الصوت بالتلبية.

قوله: (مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ): هي _بضم الحاء المهملة [9]، وفتح اللَّام، ثمَّ مثنَّاة تحتُ، ثمَّ فاء، ثمَّ تاء التَّأنيث_ ماء من مياه بني جُشَم، على ستَّة أميال من المدينة المشرَّفة، وقيل: أربعة، وقيل: سبعة، ووقع في «الشامل» لابن الصبَّاغ، و «البحر» لأبي المحاسن [10] الرُّويانيِّ، و «الرافعيِّ»: أنَّ بينها وبين المدينة ميلًا، وهو غريب مباين للمشاهدة، ولهم ذو الحليفة أخرى، لكنَّها من تهامة، وليست بهذه، ويأتي ذكر تلك، والله أعلم.

(1/428)

قوله: (الْجُحْفَةِ): هي قرية جامعة بين مكَّة والمدينة، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ السيل أجحفها؛ أي: استأصلها، وهي على ستَّة أميال من البحر، وهي مَهْيَعَة، وعلى ثمانية مراحل من المدينة، وهي بقرب رابغ [11].

قوله: (مِنْ قَرْنٍ): هو بفتح القاف، وإسكان الرَّاء، ثمَّ نون، قال النوويُّ: (لا خلاف في هذا _يعني في سكون الرَّاء_ بين رواة الحديث، وأهل اللُّغة، والفقهاء، وأصحاب الأخبار وغيرهم، وغلَّطوا الجوهريَّ في قوله: إنَّه بفتح الرَّاء، وفي [12] قوله: إنَّ أويسًا القَرَنيَّ منسوب إليها، فإنَّ الصَّواب المشهور لكلِّ أحد: أنَّ هذا ساكن الرَّاء، وأنَّ أويسًا منسوب إلى قرَن؛ بفتح الرَّاء؛ بطن من مراد القبيلة المعروفة) انتهى، قال ابن قُرقُول: (ورواه بعضهم: بفتح الرَّاء، وهو غلط، إِنَّمَا قَرَن قبيلة من اليمن).

قوله: (مِنْ يَلَمْلَمَ): (يلملم)، ويقال: أَلملم؛ بفتح الهمزة بدلًا من الياء، يصرف ولا يصرف؛ جبل من جبال تهامة، على ليلتين من مكَّة، قال شيخنا الشَّارح: (ويقال: يرمرم، قال لي شيخنا: إنَّ ابن السيِّد البَطَلْيَوْسِيَّ نقله) انتهى، وفي «الصِّحاح» في (رمم) ما لفظه: (ويرمرم جبل، وربَّما قالوا: يلملم)، والظَّاهر أنَّه هذا.

قوله: (لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ): أي: لَمْ أفهم هذه، والفقه: الفهم.

==========

[1] في (ب): (عبد الله).

[2] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[3] في هامش (ق): (هو منذر أبو يعلى الثوريُّ الكوفي).

[4] في (ج): (غيره).

[5] (أنه): ليس في (ب).

[6] في (ج): (وروي).

[7] (الفتيا): ليس في (ج).

[8] (هذا الرجل): ليس في (ج).

[9] (المهملة): ليس في (ب).

[10] في (ب): (لابن النحاس)، وهو تصحيف.

[11] (وهي بقرب رابغ): ليس في (ج).

[12] (في): ليس في (ب).

(1/429)

[باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله]

(باب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ)

ذكر في الباب حديث عَبْد الله بن عمر رضي الله عنهما «ما [1] يلبس المحرم؟»، اعلم أنَّ موقع هذه التَّرجمة من الحديث ما قاله ابن المُنَيِّر، قال ابن المُنَيِّر: (لقد أمعن في استنباط جواهر الحديث التي خفيت على كثير، وموقع التَّرجمة من الفوائد التَّنبيهُ على أنَّ مطابقة الجواب للسائل حتَّى لا يكون الجواب عامًّا والسؤال خاصًّا عن لازم، فيوجب ذلك حمل اللفظ على سبب خاصٍّ على عمومه، لا على خصوص السبب؛ لأنَّه جواب وزيادة فائدة: وهو المذهب الصَّحيح في الفائدة، ويؤخذ منه أيضًا أنَّ المفتي إذا سُئل عن واقعة، واحتُمِل عنده أنَّ يكون السَّائل يتذرَّع بجوابه إلى أنْ يعديه إلى غير محلِّ السؤال؛ وجب عليه تفصيل جوابه، وأنْ يزيده بيانًا، وأنْ يذكر مع الواقعة ما يتوقَّع التباسه بها، ولا يُعَدُّ ذلك تعدِّيًا، بل تحرِّيًا، وكثير من القاصرين يدفع بما لا ينفع، ويأتي بالجواب أبتر تسرُّعًا لا تورُّعًا، والزيادة في الحديث بقوله: «فإنْ لم تجدِ النعلين» إلى آخره، والله أعلم) انتهى.

وقد جاء في «أبي داود» وغيره: (ما يترك المُحرِم من الثِّياب؟)، مكان (يلبس)، ولا سؤال على هذه الرِّواية، ولو قيل في الجواب: إنَّه لمَّا حصر ما لا يجوز؛ فُهِم منه [2] ما يجوز الذي سئل عنه؛ لأنَّ ما يجوز كثير، ولا يمكن حصره، فحَصْر ما لا يجوز فُهم منه ما يجوز، والله أعلم، ولو ذكر الحديث الذي فيه السؤال عنِ الوضوء بماء البحر، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «هو الطهور ماؤه الحلُّ [3] ميتته»؛ كان أصرحَ في مقصوده، لكنَّه ليس على شرطه، وهو في «السنن الأربعة»، والذي سأل عنِ الوضوء بماء البحر اسمه عبيد العركيُّ.

==========

[1] (ما): ليس في (ج).

[2] (منه): ليس في (ج).

[3] في (ب): (والحل).

[ج 1 ص 73]

(1/430)

[حديث: لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل]

134# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه ابن أبي إياس، وتقدَّم أنَّه مصروف، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ [1]): تقدَّم أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، العامريُّ المدنيُّ، أحد الأعلام، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ ذيبًا يُهمَز ولا يُهمَز.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: هذا السَّند معطوف على الذي قبله، وليس تعليقًا، وقائل عنِ الزُّهريِّ هو ابن أبي ذئب، وقد روى هذا الحديث الثَّاني [2] البخاريُّ عن آدم عنِ ابن أبي ذئب، عنِ الزُّهريِّ [3]، عن سالم، عنِ ابن عمر، والذي قبله رواه عن آدم، عنِ ابن [4] أبي ذئب، عن نافع، عنِ ابن عمر، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ): هذا الرجل لا أعرف أحدًا سمَّاه.

قوله: (لاَ يَلْبَس الْقَمِيصَ): يجوز كسر السِّين على النَّهي، ويجوز ضمُّها على الخبر.

قوله: (وَلاَ السَّرَاوِيلَ): السراويل: معروف، يذكَّر ويؤنَّث، والجمع السراويلات، قال سيبويه: (سراويل واحدة، أعجميَّة أُعربت فأشبهت من كلامهم ما لا ينصرف في معرفة، ولا نكرة، فهي مصروفة في النكرة)، قال: (وإنْ [5] سمَّيت بها رجلًا؛ لم تصرفها، وكذلك [6] إنْ حقَّرتها اسم رجل؛ لأنَّها مؤنَّثة على أكثر من ثلاثة أحرف؛ مثل: «عناق»، وفي النحويِّين من لا يصرفه أيضًا في النكرة، ويزعم أنَّه جمع سِروال [7] وسِروالة)، وقال شيخنا الشَّارح: (والسراويل فارسيٌّ معرَّب، يذكَّر ويؤنَّث، وبالنُّون بدل اللَّام، وبالشِّين المعجمة بدل المهملة) انتهى.

فائدة شاردة: حديثه صلَّى الله عليه وسلَّم في شراء السراويل في «السُّنن الأربعة»، ورواه الطَّبرانيُّ أيضًا.

تنبيه وهو فائدة: اشتراه النَّبيُّ [8] صلَّى الله عليه وسلَّم بأربعة دراهم، كما رواه البزَّار، وفي كتاب «الإحياء» للإمام الغزاليِّ في (كتاب فضل الفقر والزُّهد) حديث أنَّه اشترى سراويل بثلاثة دراهم، والمعروف ما ذكرته عنِ البزَّار.

ثالثة: لَمْ يصحَّ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام [9]

[ج 1 ص 73]

لبس سراويل فيما أعلم، وسمعت بعض مشايخي الحلبيِّين يقول: (لَمْ يصحَّ ذلك، وصحَّ أنَّه اشتراه) انتهى.

(1/431)

وقد ذكر ابن القيِّم في «الهَدْي»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لبس الجُبَّة، والقباء، والقميص، والسراويل، والإزار)، فجزم على ما في النُّسخة التي وقفت عليها بأنَّه لبسه، وقال قبله بقليل: «واشترى صلَّى الله عليه وسلَّم سراويل»، والظَّاهر أنَّه إنَّما اشتراها ليلبسها، وقد روي في غير حديث أنَّه لبس السراويل، وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه) انتهى لفظه، والله أعلم.

قوله: (وَلاَ الْبُرْنُسَ): هو _بضم الموحَّدة والنُّون_ كلُّ ثوب رأسه ملتزق به دراعة كان أو جبَّة، وقال ابن دريد: البُرنس؛ بضمِّ الباء: نوع من الطيالسة يلبسه العُبَّاد وأهل الخير، وفي «النهاية» لابن الأثير نحو ما تقدَّم غير كلام ابن دريد إلا أنَّه ذكر عوضه كلام الجوهريِّ، فقال: (وقال الجوهريُّ: هو قلنسوة طويلة كان النُّسَّاك [10] يلبسونها في صدر الإسلام، وهو من البِرْس؛ بكسر الباء؛ وهو القطن، والنُّون زائدة، وقيل: إنَّه غير عربيٍّ) انتهى، وقد راجعت كلام الجوهريِّ؛ فرأيته كذلك إلى قوله: (الإسلام)، والباقي لابن الأثير، وهو ظاهر.

==========

[1] في هامش (ق): (محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب هشام بن شعبة).

[2] (الثَّاني): ليس في (ج).

[3] (عن الزُّهري): ليس في (ج).

[4] (ابن): ليس في (ب).

[5] في (ب): (فإن).

[6] في (ب) و (ج): (ولذلك).

[7] في (ب): (سروالة).

[8] (النَّبي): ليس في (أ).

[9] زيد في (ج): (أنه)، وهو تكرار.

[10] في (ج): (النساء).

(1/432)

((4)) (كِتَابُ الوَضَوءِ)

اعلم أنَّ الوضوء أوَّل ما فُرِض مع الصَّلاة، وقال أبو محمَّد ابن حزم الظَّاهريُّ: (إنَّما فُرِض بالمدينة)، ذكره في الردِّ على القائلين بالوضوء بنبيذ التمر [قال: (والوضوء إنَّما فُرِض بالمدينة في سورة المائدة، وقصَّة الجنِّ بمكَّة)، وقال النوويُّ: (قال القاضي: واختلفوا متى فُرِضت الطَّهارة للصلاة] [1]؛ فذهب ابن الجهم: إلى أنَّ الوضوء في أوذَل الإسلام سنَّة، ثمَّ نزل فرضه في آية التيمُّم، وقال الجمهور: بل كان قبل ذلك فرضًا) انتهى، وفي ذكر الوضوء في أول الأمر حديث في «ابن [2] ماجه» في سنده ابن لهيعة، وبمعناه حديث في مسند الحارث بن أبي [3] أسامة، وفيه ابن لهيعة أيضًا، وقد ذكر ابن إسحاق قال: (حدَّثني بعض أهل العلم: أنَّ الصَّلاة حين افتُرِضت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أتاه جبريل وهو بأعلى مكَّة، فهمز [4] بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت منه عين، فتوضذَأ جبريلُ ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ينظر ليريَه كيف الطهور للصلاة، ثمَّ توضأَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كما رأى جبريل يتوضَّأ ... ؛ الحديث مقطوعًا، ووصله الحارث)، (وهو الحديث الذي ذكرته قبيلُ عنه) [5]، ونحوه في «ابن ماجه» الذي ذكرته، وقد رُوي نحوه عنِ البراء بن عازب وابن عبَّاس، وفي حديث ابن عبَّاس، وكان ذلك أوَّلَ من الفريضة، ولا أعلم حال حديث البراء ولا حديث ابن عبَّاس، والله أعلم.

(ولو فرض أنَّ الأحاديث التي ذكرتها كلُّها ضعيفة) [6]، (وقلنا أيضًا بما عليه العمل في تضعيف حديث ابن لهيعة مع أنَّ الإمام أحمد وثَّقه، فإذا انضمَّ ضعيف إلى ضعيف؛ قوي ونهض للدلالة، ويصير حسنًا، اللهمَّ إلَّا أنْ يكون ضعفه لكذب راويه، أو شذوذ، أو ضعف قويٍّ؛ فإنَّه لا ينجبر ولا ينهض للدلالة، والله أعلم) [7].

قوله [8]: (الوُضُوء): في (الوُضُوء) ثلاث لغات؛ أشهرها: أنَّه بضمِّ الواو: اسم الفعل الذي يقال له المصدر، وبفتحها: اسم للماء الذي يتوضَّأ به، هذا قول الأكثرين، ثانيها: فتح الواو فيهما، وهو قول جماعات، ثالثها: أنَّه بالضَّمِّ فيهما، حكاها صاحب «المطالع».

==========

[1] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[2] في (ب): (حديث لابن).

[3] (أبي): ليس في (ب).

[4] (فهمز): ليس في (ج).

[5] ما بين قوسين سقط من (ج).

[6] ما بين قوسين سقط من (ج).

[7] ما بين قوسين سقط من (ب) و (ج).

[8] زيد في (ب) و (ج): (في).

(1/433)

[ج 1 ص 74]

(1/434)

[باب ما جاء في الوضوء]

قَوْلُهُ: (مَرَّةً مرَّةً): هما منصوبان في أصلنا المُشار إليه، وقد رأيت بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر أحمد بن مالك الرعينيِّ الأندلسيِّ الغرناطيِّ في حاشية نسخته بخطِّه بـ «صحيح [1] البخاريِّ»: (أنَّ «مرَّةً مرَّةً» ظرف في موضع الخبر) انتهى [2]، والذي يظهر رفعهما خبر (أنَّ)، أو نصبهما [3] حالًا؛ كقراءة عليِّ بن أبي طالب _ (وقرأ بها ابن محيصن [4]) [5]_: {ونحن عصبةً} [يوسف: 8]، وفي كلام بعضهم في توجيه النصب: أنَّه خبر على لغة، كذا قال، (وهي لغة نصب الجزأين:

~… ............ … ..... إنَّ حراسَنا أسدَا) [6]

قوله: (وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الإِسْرَافَ فِيهِ ... ) إلى آخره: هذا إشارة إلى نقل إجماع على منع الزيادة على الثلاث، وحاصل ما ذكره أصحاب الشافعيِّ في المسألة ثلاثة أوجه؛ أصحُّها: الزيادة على الثلاث مكروهة كراهة تنزيه، وهو معنى قول الشافعيِّ: لا أحبُّ الزيادة عليها، فإنْ زاد؛ لم أكرهه إنْ شاء الله؛ أي لم أُحرِّمه، ثانيها: خلاف الأولى، ثالثها: أنَّه حرام، قال شيخنا الشَّارح: (وأبعدَ بعض الناس فقالوا: إذا زاد على الثلاث؛ يبطل وضوءه، كما لو زاد في الصَّلاة، حكاه الدارميُّ في «استذكاره»، وهو خطأ ظاهر، وخلاف ما عليه العلماء) انتهى، وقال النوويُّ: (وهذا خطأ ظاهر) انتهى [7]

(1/435)

[باب لا تقبل صلاة بغير طهور]

(باب لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ) ... إلى (باب الاستنجاء بالحجارة)

إن قلت: لَمْ ترجم على العموم، وَحديث أبي هريرة في المُحدِث في الصَّلاة، ولهذا قال: «فساء أو ضراط»؛ لأنَّه غالب ما يسبق في الصَّلاة لا (البول والغائط)؟

وجوابه: ما قاله ابن المُنَيِّر: (نبَّه بذلك على التسوية بين الحَدث في الصَّلاة والحدث في غيرها؛ لئلَّا يتخيَّل الفرق، كما فرَّق بعضهم بين أنْ يشكَّ في الحَدث؛ فيتمادى ويلغي الشكَّ، وبين شكِّه في غير الصَّلاة؛ فيتوضَّأ ويعتبر الشكَّ، والله أعلم) انتهى.

قوله: (لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ): (تُقبَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (صلاةٌ): مرفوع [1] قائم مقام الفاعل.

قوله: (طُهُورٍ): هو بضمِّ الطاء، ويجوز فيه الفتح، كما تقدَّم.

(1/436)

[حديث: لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ]

135# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا هو الحافظ ابن همَّام [1] بن نافع أبو بكر الصنعانيُّ، أحد الأعلام الثِّقات، عنِ ابن جريج، ومعمر، وثور، وعنه: أحمد، وإسحاق، والرماديُّ، والدَبَريُّ، صنذَف الكتب، وتوفِّي عن خمس وثمانين سنة، سنة (211 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

[قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم مرَّات أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، وتقدَّم بعض ترجمته] [2].

قوله: (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ): تقدَّم أنَّ منبِّهًا اسم فاعل، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَبَا [3] هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (قَالَ [4] رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه؛ فليطلب، والظَّاهر أنَّه غير الآتي: (فقال رجل أعجميٌّ)، وسيأتي الكلام على الأعجميِّ، وقوله: (من حضرموت): هي من بلاد اليمن، وهذيل: بضمِّ الميم، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: (وحضرموت: اسم بلد وقبيلة أيضًا [5]، وهما اسمان جُعِلا اسمًا واحدًا، وإنْ شئت بنيت الاسم الأوَّل على الفتح، وأعربت الثَّاني بإعراب ما لا ينصرف، فقلت: هذا حضرموتُ، وإنْ شئت أضفت الأوَّل [6] إلى الثَّاني، فقلت: هذا حضرُموتٍ، أعربت: حضرًا، وخفضت: موتًا، وكذلك القول في: سام أبرص، ورام هرمز، والنسبة إليه: حضرميٌّ، والتَّصغير: حُضَيرموت، يصغَّر الصدر منهما، وكذلك الجمع يقال: فلان من الحضارمة) انتهى.

==========

[1] في (ج (: (الهمام).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[3] في (ج (: (أخبرنا أبو).

[4] في النسخ: (فقال)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[5] (أيضًا): ليس في (ج).

[6] في النسخ: (الأولى).

[ج 1 ص 74]

(1/437)

[باب فضل الوضوء والغر المحجلون من آثار الوضوء]

قوله: (باب فَضْلِ الْوُضُوءِ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الواو على الصَّحيح، ويجوز فتحه.

قوله: (وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ): كذا هو مرفوع في أصلينا [1] القاهريِّ والدمشقيِّ، فـ (الغر) [2]: مبتدأ، و (المحجلون): صفة لهم، و (من آثار الوضوء): خبر، وكأنَّه ليس من جملة التَّرجمة، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (وفضل الغرِّ المحجَّلين)، وهذه ظاهر إعرابها.

==========

[1] في (ج): (أصلنا).

[2] في (ب): (والغر).

[ج 1 ص 74]

(1/438)

[حديث: إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء]

136# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام المشهور، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ الشافعيَّ قال: (هو أفقه من مالك، ولكنَّ أصحابه أضاعوه).

قوله: (عَنْ خَالِدٍ): هذا هو ابن يزيد أبو عبد الرحيم المصريُّ الفقيه، عن عطاء، والزُّهريِّ، وعنه: اللَّيث، ومفضَّل بن فضالة، ثقة، توفِّي سنة تسع وثلاثين ومئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ [1]): (نُعيم): مصغًّر، و (المُجْمِر): بضمِّ الميم، وإسكان الجيم، ثمَّ ميم مكسورة مخفَّفة، ويقال بتشديد الميم الثَّانية؛ كان [2] يبخِّر المسجد، وهو صفة لعبد الله _ وجُزم به_ والد نُعيم، وقيل: صفة لنُعيم، وهو نُعيم بن عبد الله المدنيُّ مولى آل عُمر، عن أبي هريرة، وجابر، وعنه: مالك، وفُليح، ثقة، جالس أبا هريرة عشرين سنة، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وثَّقه أبو حاتم وجماعة، ولا أعرف وفاته.

[ج 1 ص 74]

قوله: (رَقِيتُ): هو [3] بكسر القاف، هذه اللُّغة الفصحى، وحَكى صاحب «المطالع»: فتحها من غير همز ومعه، فحصل ثلاث لغات، وكذا قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وكذا قال غيره، والذي رأيته في «المطالع»: («فرَقِي على الصفا»؛ بكسر القاف وفتحها في المستقبل، ومنه: «فرِقي فوجد كلبًا»، وضبطناه عنِ ابن عتَّاب [4] وابن حمدين: «فرقأ»، وكلاهما مقولان [5]، والأوَّل أفصح، والهمز مع فتح القاف لغة طيِّئ قليلة، انتهى.

قوله: (عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ): الظَّاهر أنَّه مسجد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (يُدْعَوْنَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (غُرًّا مُحَجَّلِينَ): منصوبان على الحال من الضَّمير في (يدعون)، أو مفعول لتضمين (يدعون): يسمَّون.

[قوله: (مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ): هي مدلَّسة في أصلنا، وهو بضمِّ الواو، ويجوز فتحها على إرادة الماء المستعمل في الوضوء، وقد تقدَّم اللُّغات في (الوضوء)، وقال بعضهم في قوله: (من آثار الوُضوء): (بضم الواو، وجوَّز ابن دقيق العيد الفتحَ على أنَّه الماء) انتهى، وهذا هو ما ذكرتُه، ولكن وافق ما قلته] [6].

(1/439)

قوله: (فَمَن اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ؛ فَلْيَفْعَلْ): اعلم أنَّ شيخنا الشَّارح قال: (رأيت من شرح هذا الموضع من شيوخنا، وادَّعى أنَّ قوله: «فمن استطاع ... » إلى آخره من قول أبي هريرة، أدرجه في آخر الحديث، قال: وفي هذه الدعوى بعدٌ عندي) انتهى، ومراد شيخنا إمَّا مغلطاي، وإمَّا قطب الدين عبد الكريم [7] الحافظ وهو الظَّاهر، وذلك لأنَّه أعلم بالفنِّ من مغلطاي، والله أعلم، وكلاهما شرحاه، أمَّا مغلطاي؛ فإنَّ شيخنا قرأ عليه وانتفع به، وأمَّا قطب الدين؛ فإنِّي لا أعلمه قرأ عليه، إلا أنَّه أجازه في سنة (304 هـ)، لا عندما عرض عليه «العمدة»، كما أخبرني شيخنا، انتهى، وفيها توفِّي الشيخ قطب الدين، وقد ذكر ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين في كتابه «إغاثة اللَّهفان» ما لفظه حين ذكر هذا الحديث، ثمَّ قال: (راويه عن أبي هريرة نُعيم المجمر، وقال: لا أدري قوله: «فَمَن اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ؛ فَلْيَفْعَلْ» من قوله عليه السَّلام أو من قول أبي هريرة، وروي ذلك عنه الإمام أحمد في «المسند») انتهى.

[فائدة: استدلَّ جماعة من العلماء بهذا الحديث: على أنَّ الوضوء من خصائص هذه الأمَّة زادها الله شرفًا، قال شيخنا الشَّارح: (وبه جزم الحليميُّ في «منهاجه») انتهى، وفي «الصَّحيح» أيضًا: «لكم سيما [8] ليست لأحد من الأمم، تردون عليَّ غرًّا محجَّلين من أثر الوضوء»، وقال آخرون: ليس الوضوء مختصًّا بها، وإنَّما الذي اختُصَّت به الغرَّة والتحجيل، وادَّعى شيخنا أنَّه المشهور من قول العلماء، واحتجُّوا بالحديث الآخر: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي»، وأجاب الأوَّلون عنه بوجهين؛ أحدهما: أنَّه حديث ضعيف، ثانيهما: أنَّه لو صحَّ؛ لاحتمل اختصاص الأنبياء دون أممهم، بخلاف هذه الأمَّة، وفي الثَّاني نظر بحديث جريج: (أنَّه توضَّأ وصلَّى)، وحديث سارة حين أخذها الجبَّار، فقامت توضَّأ وتصلِّي، وكلاهما في هذا «الصَّحيح»، والله أعلم] [9].

قوله: (غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ): (اقتصر فيه على ذكر الغرَّة دون التحجيل وإنْ ذكر معها في رواية أخرى) [10] في «الصَّحيح»؛ للعلم به.

==========

[1] في (ج): (المجمري)، وكذا في المواضع اللاحقة.

[2] (كان): ليس في (ب).

[3] (هو): ليس في (ب).

[4] في (ج): (عباس).

[5] في «المطالع» (&): (فرقى وكلاهما منقولان).

(1/440)

[6] ما بين معقوفين جاء متأخرًا في (ب) بعد قوله: (الإمام أحمد في «المسند» انتهى).

[7] (عبد الكريم): ليس في (ب).

[8] زيد في (ب): (مختصًا بها).

[9] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (فإنَّه مبني للفاعل).

[10] ما بين معقوفين تكرر في (ب) سابقًا بعد قوله: (يطيل غرته فليفعل).

(1/441)

[باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن]

قوله: (لَا يُتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ): (يُتوضَّأ): كانت في أصلنا مبنيًّا لما لَمْ يسمَّ فاعله، ثمَّ غُيِّرت للبناء للفاعل، وكونها للفاعل أحسن؛ لقوله: (حَتَّى يَسْتَيْقِنَ)؛ فإنَّه مبنيٌّ للفاعل.

==========

[ج 1 ص 75]

(1/442)

[حديث: لا ينفتل حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا]

137# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن عبد الله بن جعفر ابن المدينيِّ الحافظ، أبو الحسن، عن أبيه، وحمَّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وأبي حازم، وخلق، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والبغويُّ، وأبو يعلى، قال شيخه عبد الرَّحمن بن مهديٍّ: (عليُّ ابن المدينيِّ أعلم الناس بحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وخاصَّة بحديث ابن عيينة)، وقال ابن عيينة [1]: (تلومونني على حبِّ عليِّ ابن المدينيِّ، والله لأتعلَّم منه أكثر ممَّا تعلَّم منِّي)، وكذا قال يحيى القطَّان فيه، وقال البخاريُّ: (ما استصغرت نفسي إلا بين يدي عليٍّ)، وقال النَّسائيُّ: (كأنَّ الله خلقه لهذا الشأن)، مات في ذي القعدة بسامرَّاء سنة (234 هـ)، وله ثلاث وسبعون سنة، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، والمدينيُّ؛ نسبة إلى مدينة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال ابن الأثير في «الأنساب»: (والأكثر فيمن يُنسَب إلى المدينة: مدنيٌّ، ومن الأقلِّ)، فذكر ابن المدينيِّ هذا، ثمَّ قال: [(وأمَّا المدينيُّ؛ فنسبة إلى أماكن)، وذكر من كلِّ مكان ترجمة شخص من ذلك المكان، وأمَّا الجوهريُّ؛ فقال: (المدنيُّ: نسبة إلى مدينة الرسول] [2]، وأمَّا المدينيُّ؛ فنسبة إلى المدينة التي بناها المنصور)، هذا معنى كلاميهما، وقال ابن الصَّلاح في الكلام على المسلسل بالأوَّليَّة ما لفظه: (والمدينيُّ: إلى مدينة أصبهان المسمَّاة بجيٍّ) انتهى، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام، تقدَّم في أوَّل التَّعليق بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العلم الفرد المشهور.

قوله: (عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ): هو بفتح الياء، هذا هو المشهور، وقد تقدَّم ما قاله ابن قُرقُول: (إنَّ أهل العراق: يفتحون ياءه، وأهل المدينة: يكسرونها)، ثمَّ قال: (قال لنا الصَّدفيُّ: وذكر لنا أنَّ سعيدًا كان يكره أنْ تُفتَح الياء من اسم أبيه)، وأمَّا غير والد سعيد؛ فبفتح الياء من غير خلاف.

(1/443)

قوله: (عن عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عن عَمِّهِ): [صوابه أنْ يقال: وعن عبَّاد بن تميم؛ بالواو، وقد كانت كذلك في أصلنا، ولكن كُشِطت [3] الواو، وهي ثابتة في أصلنا الدمشقيِّ، والصَّواب: إثباتها؛ لأنَّ الزُّهريَّ رواه عن سعيد بن المُسَيّب وعبَّاد بن تميم؛ كلاهما عن عَبْد الله بن زيد، وما أحسن قول الحافظ المزِّيِّ في «أطرافه»: (عشرتهم عن سفيان، عنِ الزُّهريِّ، عن سعيد بن المُسَيّب وعبَّاد بن تميم؛ كلاهما عن عمِّه عَبْد الله بن زيد) انتهى.

قوله: (وعبَّاد بن تميم عن عمِّه)] [4]: قال الدِّمياطيُّ: (أخو أبيه تميم لأمِّه، وهو عَبْد الله بن زيد، أمُّهما أمُّ عمارة نَسِيبة بنت كعب، تزوَّجها ابن عمِّها زيد بن عاصم بن عمرو بن عوف، فولدت له عَبْد الله راوي الحديث) انتهى، و (نَسيبة) في كلام الدِّمياطيِّ: الصَّحيح فيها فتح النُّون، وهي صحابيَّة جليلة، من أهل العقبة.

قوله: (أَنَّهُ شَكَا إلى رَسُولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الرَّجُلَ): كذا في أصلنا (شكا): مبنيٌّ للفاعل، و (الرجلَ): منصوب بالقلم، والفاعل مضمر؛ أي: شكا عمُّ [5] عبَّاد [6] بن تميم _وهو عَبْد الله بن زيد_ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الرجلَ، وفي هامش أصلنا: (شُكِي): مبنيٌّ للمفعول، فعلى هذه: يكون (الرجلُ): مرفوعًا قائمًا [7] مقام الفاعل، وقد قال النوويُّ في «شرح مسلم»: («شُكِي»؛ بضمِّ الشِّين، وكسر الكاف، و «الرجلُ»: مرفوع، ولم يسمَّ الشاكي، وجاء في رواية في «البخاريِّ»: أنَّه عَبْد الله بن زيد الراوي، قال: ولا ينبغي أنْ يُتوهَّم من هذا أنَّ «شَكَا»؛ بفتح الشِّين والكاف، ويجعل الشاكي عمَّه، فإنَّ هذا الوهم غلط) انتهى، وهذا على رواية مسلم، وأمَّا على رواية البخاريِّ التي وقعت في أصلنا؛ فـ (شكا): مبنيٌّ للفاعل، وفاعله (هو) عائد على عمِّ عبَّاد بن تميم، وهو عَبْد الله بن زيد، و (الرجلَ) مفعول، وعلى النُّسخة التي في هامش أصلنا يجيء ما قاله النَّوويُّ، والله أعلم.

==========

[1] (وقال ابن عيينة): ليس في (ج).

[2] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[3] في (ب): (سقطت).

[4] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[5] في (ج): (تميم).

[6] في (ب): (عبادة).

[7] في (ب) و (ج): (قائم).

[ج 1 ص 75]

(1/444)

[باب التخفيف في الوضوء]

(1/445)

[حديث: أن النبي نام حتى نفخ ثم صلى]

138# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله): تقدَّم أنَّ هذا عليُّ ابن المدينيِّ أعلاه، وتقدَّم أيضًا بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، تقدَّم في أوَّل هذا التَّعليق شيء من ترجمته.

قوله: (عن عَمْرٍو): هذا هو ابن دينار المكِّيُّ الأثرم، تقدَّم شيء من ترجمته، لا قهرمان آل الزبير، هذا الثَّاني إِنَّمَا روى له التِّرمذيُّ وابن ماجه.

قوله: (ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ [1] سُفْيَانُ مرَّةً بَعْدَ مرَّةً): قائل هذا الكلام هو عليُّ ابن المدينيِّ، وهذا ظاهر جدًّا، لكن لا يضرُّ التَّنبيه عليه.

قوله: (فَقَامَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ): قال ابن قُرقُول ما لفظه: («فنام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من اللَّيل»: كذا لابن السَّكن، وعند جماعة: «فقام»، والأوَّل الصَّواب؛ لأنَّ بعده: «فلمَّا كان في بعض اللَّيل؛ قام فتوضَّأ»، ويبيِّنُه في الرِّواية الأخرى: «فنام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى انتصف اللَّيل أو قبله بقليل، ثمَّ استيقظ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم» [خ¦1198]) انتهى.

قوله: (مِنْ شَنٍّ): الشَّنُّ؛ بفتح الشِّين المعجمة؛ ثمَّ نون مشددةَّ، والشنَّة مثله: القربة البالية، وضبطه بعضهم: بكسر الشِّين، قال ابن قُرقُول: (وليس بشيء).

قوله: (مُعَلَّقٍ): إن قلت: لم لَمْ يقل: (معلَّقة)؟

قلت: ذكره على إرادة السِّقاء، وجاء في هذا الكتاب في (التفسير): (معلقة) على [2] إرادة القربة، والله أعلم.

قوله: (فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ): تقدَّم أنَّ اليسار؛ بالفتح ويكسر، وتقدَّم أنَّ المحوَّلين من الشمال [3] إلى اليمين أربعة [4] أشخاص: عَبْد الله بن عبَّاس في «البخاريِّ» و «مسلم»، وجابر بن عَبْد الله بن عمرو بن حرام في «مسلم»، وجبَّار بن صخر في «مسند أحمد»، والله أعلم، (وحذيفة بن اليمان أيضًا حُوِّل، وسيأتي دليله) [5].

قوله: (الْمُنَادِي): الظَّاهر أنَّه بلال رضي الله عنه.

[ج 1 ص 75]

قوله: (فَآذَنَهُ): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلمه.

(1/446)

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): قال شيخنا الشَّارح في مكان آخر غير هذا: (يجوز في [6] «من لَمْ يتوضَّأ» روايتان؛ إثبات الهمزة وسكونها علامة الجزم، وهو الأشهر في اللُّغة، وحذف الألف علامة الجزم؛ مثل: لَمْ يخشَ) انتهى، وقال شيخنا الإمام أَبُو جعفر أحمد بن مالك الرعينيُّ الغرناطيُّ الأندلسيُّ في شرح «ألفيَّة ابن عبد المعطي»: (فإنْ كانت الألف والياء والواو في الفعل المضارع ليست بأصل، وإنَّما هي مبدلة من همزة؛ نحو: «يقرا»؛ بسكون الألف، والأصل: «يقرأ»؛ بالهمز، و «يقريْ»؛ بسكون الياء، والأصل: «يُقْرِئُ»؛ بالهمز، و «يَوْضَوْ»؛ بسكون الواو، والأصل: «يوضَأُ»؛ بالهمز، فاختلف النحويُّون في جزم ذلك؛ فذهب ابن عصفور: أنَّ لك في ذلك وجهين؛ أحدهما: إبقاء حروف العلَّة، وعلامة [7] الجزم تسكين هذه الحروف؛ لأنَّها كانت متحرِّكة، الثَّاني: حذف هذه الحروف؛ تشبيهًا لها بالحروف الأصليَّة، وذهب الأستاذ أَبُو الحسن ابن [8] الضَّائع _ يعني: بالضَّاد المعجمة، وهو عالم غرناطة، أَبُو الحسن عليُّ بن محمَّد الكتَّانيُّ ابن الضَّائع الإشبيليُّ، مات عام ثمانين وستِّ مئة_ إلى [9] أنَّه لا يجوز في جزم هذا النوع من الفعل حذف حرف العلَّة، وإنَّما علامة الجزم التسكين؛ لأنَّ تسهيل الهمزة لتخفيفها) انتهى ملخَّصًا، فيجوز في «ولم يتوضَّأ» ثلاثة أوجه: يتوضَّ، ويتوضَّأْ، ويتوضَّا، والله أعلم.

قوله: (قُلْنَا لِعَمْرٍو): قائل هذا هو سفيان بن عيينة، والظَّاهر أنَّ معه غيره؛ لأنَّه جمع، ولو كان القائل وحده [10]؛ لقال: قلت لعمرو، ويحتمل أنْ يكون وحده [11]، وتقدَّم أنَّ عمرًا: هو ابن دينار المكِّيُّ.

قوله: (سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ): (عُمَير): بضمِّ العين، وفتح الميم، ووالد عُمَير: قتادة بن سعد، وعبيد كنيته: أَبُو عاصم الجندعيُّ المكِّيُّ، قاصُّ مكَّة، عن أُبيٍّ، وعمر، وعائشة، وطائفة، وعنه: ابنه، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وآخرون، وثَّقه أَبُو زرعة وجماعة، وذكر ثابت البنانيُّ: (أنَّه قصَّ على عهد عمر)، وهذا بعيد، توفِّي سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (رُؤْيَا): تقدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التَّعليق، أنَّها بغير تنوين على وزن (فُعْلَى)، وجمعها: رُؤًى، على وزن (رُعًى)، قاله الجوهريُّ.

==========

[1] (به): ليس في (ج).

[2] (على): ليس في (ب).

[3] (من الشمال): ليس في (ب).

(1/447)

[4] في (ج): (ثلاثة)، وكذا كانت في (أ) قبل الإصلاح.

[5] ما بين قوسين ليس في (ج).

[6] زيد في النسخ: (في)، ولعلَّ الصواب حذفها.

[7] في (ب): (علامة).

[8] (ابن): ليس في (ب).

[9] (إلى): مثبت من (ب).

[10] في (ج): (واحد).

[11] في (ج): (واحد).

(1/448)

[باب إسباغ الوضوء]

قوله: (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ): الإسباغ: هو الإكمال والإتمام والمبالغة فيه، وقد نقل البخاريُّ [1] رحمه الله عنِ ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّه الإنقاء، وكأنَّ ابن عمر فسَّره بلازمه، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (فيه).

[ج 1 ص 76]

(1/449)

[حديث: دفع رسول الله من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال]

139# قوله: (مِنْ عَرَفَةَ): عرفات وعرفة: اسم لموضع الوقوف، قيل: سمِّيت بذلك؛ لأنَّ آدم عرف حواء عليهما السَّلام هناك، وقيل: لأنَّ جبريل عرَّف إبراهيم عليهما السَّلام المناسك هناك، وجمعت (عرفات) وإنْ كان موضعًا واحدًا؛ لأنَّ كلَّ جزء منه يسمَّى: عرفة، ولهذا كانت (عرفات) مصروفة، قال النحويُّون: (ويجوز ترك صرفه، كما يجوز ترك [1] صرف «أذرعات» على أنَّه اسم مفرد لبقعة)، قال أَبُو الحسن الواحديُّ وغيره: وعلى هذا تتوجَّه قراءة أشهب العُقيليِّ: {فإذا أفضتم من عرفاتَ} [البقرة: 198]؛ بفتح التَّاء، قال الزجَّاج: (والوجه: الصرف بالتنوين [2] عند جميع النحويِّين).

وأمَّا حدُّ عرفات؛ فالموضع الذي يجوز فيه الوقوف، قال الماورديُّ في «الحاوي»: (سمِّي عرفات _فذكر القولين المقدَّمين، قال:_ للجبال التي فيها، والجبال: هي الأعراف، وكلُّ عالٍ ناتئ؛ فهو عرف، ومنه: عرف الفرس والديك)، قال: (قال القاسم بن محمَّد: سمِّيت بذلك؛ لأنَّ الناس يعترفون فيها بذنوبهم، ويسألون غفرانها فتغفر).

وأمَّا حدُّ عرفات؛ فقد قال الشافعيُّ: (هو ما جاوز وادي عرنة إلى الجبال القابلة ممَّا يلي بساتين ابن عامر)، ونقل الأزرقيُّ عنِ ابن عبَّاس قال: (حدُّ عرفات: من الجبل [3] المشرف على بطن عرنة)، وقال بعض أصحاب الشافعيِّ: (لعرفات أربعة حدود؛ أحدها: ينتهي إلى جادَّة طريق المشرق، والثَّاني: إلى حافات الجبل الذي وراء أرض عرفات، والثَّالث: إلى البساتين التي تلي قرية عرفات، والرَّابع: ينتهي إلى وادي عرنة)، قال إمام الحرمين: (ويطيف [4] بمنعرجات عرفات جبال وجوهها المقبلة من عرفات).

[قوله: (بِالشِّعْبِ): هو بكسر الشِّين المعجمة، وإسكان العين المهملة، وبالموحَّدة؛ هو الطَّريق في الجبل] [5].

(1/450)

قوله: (وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ): أي: لَمْ يكمله، بل توضَّأ مرَّةً مرَّةً سابغة [6]، أو خفَّف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عاداته، وتؤيِّده رواية: (فتوضَّأ وضوءًا ليس بالبالغ)، وفي «صحيح مسلم» وغيره: (وضوءًا خفيفًا)، وقد اختُلِف في هذا الوضوء؛ فقيل: إنَّه الشرعيُّ مرَّةًّ مرَّةًّ كما ذكرته، وقيل: اللغويُّ؛ أي: اقتصر على بعض الأعضاء، وهو بعيد؛ لما ذكرته من رواية مسلم وغيره، وأبعد منه أنَّ المراد به الاستنجاء، قاله عيسى بن دينار وجماعة، ويوهنه الرِّواية الآتية: (فقضى حاجته، فجعلت أصبُّ عليه الماء ويتوضَّأ)، ولا يجوز أنْ يصبَّ عليه إلَّا وضوء الصَّلاة، وقال ابن قُرقُول في «ولم يسبغ»: (استنجى ولم يتوضَّأ، وقيل: توضَّأ وضوءًا خفيفًا، وهو أصحُّ؛ لأنَّه قد جاء هكذا في حديث قتيبة ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (فَقُلْتُ: الصَّلاَةَ؟): هو بالنصب، ونصبها معروف، أي: أتريد الصَّلاة؟ وقال القاضي: (على الإغراء)، ويجوز الرفع؛ أي: حانت وحضرت.

قوله: (الصَّلاَةُ أَمَامَكَ): (الصَّلاةُ): بالرفع، وهذا معروف [7].

قوله: (الْمُزْدَلِفَةَ): هي ما بين وادي مُحسِّر ومأزمَي عرفة، وليس الجدار منها، وتسمَّى: جَمْعًا _بفتح الجيم، وإسكان الميم_؛ لاجتماع الناس بها، وقيل: لاجتماع آدم وحواء عليهما السَّلام، وقيل: لمجيء الناس إليها في زلف اللَّيل؛ أي: ساعات، قال الأزرقيُّ: (ذرع مسجدها [8] تسع وخمسون ذراعًا وشبر في مثله) انتهى.

==========

[1] (صرفه، كما يجوز ترك): ليس في (ج).

[2] في (ج): (وبالتنوين).

[3] زيد في (ب): (من الجبل).

[4] في (ب): (ويضيف).

[5] ما بين معقوفين جاء في النسخ سابقًا بعد قوله: (فسره بلازمه والله أعلم).

[6] في (ب): (سابعة)، وفي (ج): (سابقة)، وكلاهما تصحيف.

[7] (معروف): ليس في (ج).

[8] في (ج): (نجدها).

[ج 1 ص 76]

(1/451)

[باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة]

قوله: (مِنْ غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ): قال ابن قُرقُول: (بضم الغين: اسم ما اغتُرِف، والفتح: الفعل، وقيل: هما بمعنًى واحد، قال [1] يعقوب: الغرف مصدر: غرفتُ الماء والمرَق، وقيل: الغرفة: ملء اليد، والغَرفة: المرَّة الواحدة).

==========

[1] في (ب): (وقال).

[ج 1 ص 76]

(1/452)

[حديث وضوء عبد الله ابن عباس]

140# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ): هو بفتح اللَّام.

قوله: (أَخَذَ غرْفَةً): تقدَّم الكلام أعلاه على الغرفة [1].

قوله: (وَاسْتَنْشَقَ): اعلم أنَّ الاستنشاق جذبُ الماء بالنفس إلى داخل المنخر، والاستنثار: إخراجه بالنفس من الأنف، هذا هو الصَّحيح، وقال ابن قتيبة: (هما سواء، مأخوذ من النثرة، وهي الأنف)، ولم يقل شيئًا، وقد فرَّق بينهما في قوله: «فليجعل في أنفه ماء، ثمَّ لينتثر [2]»، فدلَّ على أنَّهما غيران كما ذكرت.

قوله: (فَغَسَلَ [3] بِهَا [4] يَدَهُ اليُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ): قال شيخنا الشَّارح: (لَمْ يذكر في هذا الحديث أخذ للماء للرأس، فقال بعضهم: فيه مسح الرَّأس بفضل الذراع،

[ج 1 ص 76]

وفي «أبي داود»: أنَّه عليه السَّلام مسح رأسه من فضل كان في يده، وهذا قول الأوزاعيِّ، والحسن، وعروة، وقال الشافعيُّ ومالك: لا يجزئه أنْ يمسح بفضل ذراعيه ولا لحيته، وأجازه ابن الماجشون: في بلل اللِّحية إذا نفذ منه الماء، وقال القاضي عبد الوهَّاب: يشبه أن يكون قول مالك: «لا يجزئه» عبارة عن شدَّة الكراهية) انتهى.

==========

[1] زيد في (ب): (أعلاه).

[2] في (ب) و (ج): (لينثر)، وكلاهما مروي.

[3] في (ج): (فيغسل).

[4] (بها): مثبت من (ب).

(1/453)

[باب التسمية على كل حال وعند الوقاع]

قوله: (الْوِقَاعِ): هو بكسر الواو، والمراد: الجماع.

==========

[ج 1 ص 77]

(1/454)

[حديث: لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله]

141# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله): تقدَّم قريبًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، حافظ الإسلام العالم.

قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عبد الحميد، تقدَّم بعض ترجمته، الضَّبيُّ القاضي.

قوله: (عن مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر، تقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (يَبْلُغُ به النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ قَوْلهم عنِ الصحابيِّ: (يرفعُ الحديث)، أو (يبلغُ به)، أو (يُنميه)، أو (روايةً)؛ مرفوعٌ، قال ابن الصَّلاح: (وحكم ذلك عند أهل العلم: حكم المرفوع صريحًا)؛ يعني: أنَّه لا فرق بين [1] قوله: عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أو واحد من هذه الألفاظ)، والله أعلم.

[وأمَّا قوله هنا: (يبلغ به النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ فظاهر الرفع] [2].

قوله: (مَا رَزَقْتَنَا): أي: شيئًا رزقتنا؛ لأنَّ المشهور أنَّ (ما) لما لا يعقل، و (من) لمَن يعقل [3]، فإذا كانت بمعنى شيء؛ وقعت عليهما، والله أعلم.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): يجوز في راء (يضرّ) الضَّم والفتح، قال ابن قُرقُول في قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ»: (المحدِّثون: بفتح الدَّال)؛ يعني: في (نردَّه)، قال: (وأهل العربيَّة يأبَون إلا ضمَّها)، وقال العلَّامة ابن دقيق العيد الشيخ تقيُّ الدين في (نرده): (المشهور عند المحدِّثين: فتح الدَّال، وهو خلاف مذهب المحقِّقين من النحاة ومقتضى مذهب سيبويه، وهو ضمُّ الدَّال، وذلك في كلِّ مضاعف مجزوم ... ) إلى آخر كلامه، فمثله: (لَمْ يضره) سواء، والله أعلم.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): لا [4] يكون عليه سلطان ببركة اسم الله تعالى، بل يكون من عباد الله المحفوظين المذكورين في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]، وأبعدَ من قال: لم يصرعه، وكذا قول من قال: لم يطعن فيه عند ولادته، واختار ابن دقيق العيد الشيخ تقيُّ الدين: أنَّ المراد: لم يضرَّه في بدنه وإن [5] كان يحتمل الدين أيضًا، لكن يبعده انتفاء العصمة، وقال الدَّاوديُّ: (لم يفتنه بالكفر)، وقال النوويُّ: (قال القاضي _يعني عياضًا_: ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضَّرر والوسوسة والإغواء) انتهى.

==========

[1] (بين): ليس في (ج).

(1/455)

[2] ما بين معقوفين ليس في (ج)، وجاء قوله (الرفع): في (ب) في غير محلها.

[3] (و «من»: لمن يعقل): ليس في (ب).

[4] في (ج): (لأن).

[5] في (ج): (في يديه، فإن).

[ج 1 ص 77]

(1/456)

[باب ما يقول عند الخلاء]

قوله: (عِنْدَ الْخَلَاءِ): هو بفتح الخاء المعجمة وبالمدِّ؛ وهو المكان الذي يَختلي فيه [1] للحاجة؛ أي: ينفرد.

(1/457)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث]

142# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تقدَّم أنَّه مصروف وغير مصروف، وتقدَّم أنَّه ابن أبي إياس، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): هذا هو ابن الحجَّاج أبو بسطام العتكيُّ الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث، ولد بواسط، وسكن البصرة، وسمع معاوية بن قرَّة، والحكم، وسلمة بن كهيل، وعنه: غُنْدر، وأبو الوليد، وعليُّ بن الجعد، وله نحو من ألفي حديث، ثبت حجَّة، ويخطئ في الأسماء قليلًا، مات في أوَّل سنة (160 هـ)، أخرج له الجماعة، وليس له ترجمة في «الميزان»، لكن ذكر الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة هشام بن حسَّان: أنَّ هدبة بن خالد رماه بالإرجاء.

قوله: (مِن الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ): (الخُبُث): بضمِّ الخاء المعجمة والباء الموحَّدة، ويجوز إسكانها، وإنْ غلَّط فيه الخطابيُّ المحدِّثين، وهو جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، فكأنَّه استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم، وقيل: الخبْث؛ بإسكان الباء: الشرُّ، وقيل: الكفر، وقيل: الشيطان، والخبائث: المعاصي، وقيل غير ما ذكرتُ في الخبث والخبائث، ومن أغربه: أنَّه استعاذ من البول والغائط، فكأنَّه استعاذ من ضررهما، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَة): الضَّمير في (تابعه) يعود على آدم؛ هو ابن أبي إياس كما قدَّمته، و (ابن عَرْعَرَة): هو محمَّد بن عَرْعَرَة؛ أي: تابعَ ابنُ عَرْعَرَة آدمَ في رواية هذا الحديث عن شعبة، ومحمَّد بن عَرْعَرَة: هو ابن البِرِنْد [1]، يروي عن شعبة، وعمر [2] بن أبي زائدة، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وبُنْدَار، والكجِّيُّ، توفِّي سنة (213 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، قال أبو حاتم: (صدوق)، وقال النَّسائيُّ: (ليس به بأس)، ومتابعة ابن عَرْعَرَة أخرجها البخاريُّ في (الدعوات) عنه عن شعبة به.

قوله: (وَقَالَ غُنْدرٌ): هو محمَّد بن جعفر، و (غُنْدر) تقدَّم ضبطه، ومن لقَّبه بذلك، وهو بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثمَّ راء، وتقدَّم بعض ترجمته، وهو ابن امرأة شعبة، وتعليقه عن شعبة لَمْ أره في شيء من الكتب السِّتَّة إلا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى عن حمَّاد): هو موسى، هو [3] ابن إسماعيل التَّبُوْذَكيُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم أنَّه شيخ البخاريِّ وأبي داود، وقد أخذ عنه البخاريُّ هذا الحديث في حال المذاكرة.

(1/458)

واعلم أنَّ قول الراوي: (قال لنا فلان)، أو (قال لي)، أو (ذكر لنا)، أو (ذكر لي)، وكذا (قال فلان) بغير (لي) ولا (لنا): هو من قبيل قوله: (حدَّثنا) في أنَّه متَّصل، لكنَّهم كثيرًا ما يستعملون هذا فيما سمعوه في حال المذاكرة، قال ابن الصَّلاح: (إنَّه لائق به، وهو به أشبه من «حدَّثنا»)، وخالف أَبُو عبد الله بن منده في ذلك، فقال في جزء له: (إنَّ البخاريَّ حيث قال: «قال لي فلان»؛ فهو إجازة، وحيث قال: «قال فلان»؛ فهو تدليس)، ولم يقبل العلماء كلامه هذا، والبخاريُّ قول ذلك عنه؛ باطل، و (قال فلان) أوضع من (قال لي) و (قال لنا)، ومع ذلك؛ فهي محمولة على السَّماع إذا علم اللقيَّ وسلم الراوي من التدليس، والبخاريُّ سالم من التدليس، لا سيَّما من عرف من حاله أنَّه لا يروي إلا ما سمعه؛ كحجَّاج بن محمَّد الأعور، فروى كتب ابن جريج بلفظ: قال ابن جريج، فحملها الناس عنه واحتجُّوا بها، هذا هو المحفوظ المعروف، وخصَّص الخطيب ذلك بمن عُرِفَ من عادته مثل ذلك، وأمَّا من لا يعرف بذلك؛ فلا نحمله على السَّماع، والله أعلم.

قوله: (عَنْ حَمَّادٍ): هذا هو حمَّاد بن سلمة، كذلك أخرجه المزِّيُّ في ترجمة حمَّاد بن سلمة، عن عبد العزيز، وهو ابن صهيب، عن أنس، وجعله تعليقًا،، وصورة رقمه عليه [4]: (خت)؛ فاعلمه، ولم يخرِّجه [5] غيره من أصحاب الكتب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا، [وقد عزاه بعض حفَّاظ العصر إلى البيهقيِّ في «السُّنن الكبرى [6]»] [7].

تنبيه: روى هذا الحديث أيضًا حمَّادُ بن زيد عن عبد العزيز به [8]، أخرجه مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وقد تقدَّم أنَّه محمول على السَّماع في حال المذاكرة، فالبخاريُّ أخذه عن موسى بن إسماعيل التَّبُوْذَكيِّ، عن حمَّاد، عن عبد العزيز _ يعني: ابن صهيب_ عن أنس، ولكنَّ المزِّيَّ والذَّهبيَّ يرقمان على هذا وأمثاله تعليقًا [9]، والله أعلم.

(1/459)

فائدة: اعلم أنَّه إذا أطلق حمَّاد من غير أنْ يُنسَب _كهذا المكان_ هل هو ابن زيد أو ابن سلمة؟ ويتميَّز ذلك عند أهل الحديث بحسب من أطلق الرِّواية عنه، فإنْ كان المطلق سليمان بن حرب أو محمَّد بن الفضل عارم؛ فالمراد حينئذٍ: ابن زيد، قاله الذهليُّ، وكذا قال محمَّد بن خلَّاد الرامَهُرْمُزِيُّ في «المحدِّث الفاصل»، وكذا المزِّيُّ في «تهذيبه»، وإنْ كان الذي أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوْذَكيُّ _كهذا [10] المكان الذي نحن فيه_؛ فمراده [11]: ابن سلمة، قاله الرامهرمزيُّ، إلا أنَّ ابن الجوزيِّ قال في «تلقيحه»: (إنَّ التَّبُوْذَكيَّ ليس يروي إلا عنِ ابن سلمة خاصَّة)، وكذا إذا أطلقه عفَّان؛ فقد روى الذهليُّ [12] عن عفَّان قال: (إذا قلت لكم: «حدثنا حمَّاد» ولم أنسبه؛ فهو ابن سلمة)، وقال الرامهرمزيُّ: (إذا قال عفَّان: «حدَّثنا حمَّاد»؛ أمكن أنْ يكون أحدهما)، كذا قال [13]، وهو ممكن لولا ما حكاه الذهليُّ عن عفَّان الذي تقدَّم من اصطلاحه، فزال أحد الاحتمالين، وإنْ كان ابن الصَّلاح حكى القولين، وكذا اقتصر المزِّيُّ في «تهذيبه» على أنَّ المراد ابن سلمة، قال شيخنا العراقيُّ: (وهو الصَّواب، والله أعلم)، وكذا إذا أطلق ذلك حجَّاج بن منهال؛ فالمراد: ابن سلمة، قاله الذُّهليُّ، والرامهرمزيُّ، والمزِّيُّ أيضًا، وكذا إذا أطلقه هدبة بن [14] خالد _ويقال له أيضًا: هدَّاب بن خالد_؛ فالمراد: ابن سلمة، قاله المزِّيُّ في «تهذيبه»، قال شيخنا العراقيُّ في «منظومته»:

~…وَمِنْهُ مَا فِي اسْمٍ فَقَطْ وَيُشْكِلُ…كَنَحْوِ حَمَّادٍ إذَا مَا يُهْمَلُ

~…فَإِنْ يَكُ ابْنُ حَرْبٍ اوْ عَارِمُ قَدْ…أَطْلَقَهُ فَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ أَوْ وَرَدْ

~…عَنِ التَّبُوْذَكِيِّ أَوْ عَفَّانِ…أَوِ ابْنِ مِنْهَالٍ فَذَاكَ الثَّانِي

ولم يزِد شيخنا على ذلك فقلت أنا:

~…كذا إذا أطلقه هدَّاب…هو ابن خالد فلا ترتاب

وإنْ شئت قلت:

~…زِيْدَ إذا أطلقه هدَّاب هو ابن خالد فلا ترتاب

والله أعلم.

[ج 1 ص 77]

قوله] [15]: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ [16]): قال المزِّيُّ في «أطرافه»: (إنَّه أخو حمَّاد بن زيد)، ذكر ذلك في [17] ترجمة سعيد بن زيد أخي حمَّاد بن زيد، عن عبد العزيز، عن أنس، ورقم عليه تعليقًا، وهذه صورة ما رقم عليه: (خت)؛ فاعلمه.

(1/460)

و (سعيد بن زيد) هذا: هو أبو الحسن، عن عبد العزيز بن صهيب وابن جدعان، وعنه: عارم ومسلم بن الحجَّاج، وليس بالقوِّي، قاله جماعة، ووثَّقه ابن معين، توفِّي سنة (167 هـ)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، ومسلم في الأصول، وكذا أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان».

وتعليق سعيد هذا لَمْ يخرِّجه أحد من [18] أصحاب الكتب السِّتَّة سوى ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، (وقد أخرجه بعض حفَّاظ العصر عن كتاب «الأدب المفرد» للبخاريِّ) [19].

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): تقدَّم أنَّه ابن صهيب.

==========

[1] في (ب): (البرندي).

[2] في (ج): (وعمرو).

[3] (هو): ليس في (ج).

[4] (عليه): ليس في (ب).

[5] زيد في (ج): (عليه).

[6] في (ب): (الكبير).

[7] ما بين معقوفين جاء في (ب) لا حقًا بعد قوله: (والترمذي)، وسقط من (ج).

[8] (به): ليس في (ب).

[9] زيد في (ب): (وصورة رقمه هكذا: «خت»، كما ذكرنا).

[10] في (ب) و (ج): (لهذا).

[11] في (ج): (فالمراد).

[12] في (ب): (الذَّهبي).

[13] في (ج): (قاله).

[14] (بن): ليس في (ب).

[15] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[16] في هامش (ق): (فائدة: هو أخو حماد بن زيد بن درهم).

[17] (في): ليس في (ج).

[18] (أحد من): ليس في (ب).

[19] ما بين قوسين ليس في (ج).

(1/461)

[باب وضع الماء عند الخلاء]

(1/462)

[حديث: أن النبي دخل الخلاء فوضعت له وضوءًا]

143# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ): تقدَّم أنَّ هذا هو المسنديُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، (وقد تقدَّم أنَّ للبخاريِّ أربعةَ أشياخ، اسم كلٍّ منهم: عَبْد الله بن محمَّد) [1].

قوله: (حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ): هو ورقاء بن عمر اليشكريُّ أبو بشر، عن عمرو بن دينار، وابن المنكدر، وعنه: الفريابيُّ، ويحيى بن آدم، صدوق صالح، [وقد وثَّقه أحمد، فقال: (ثقة، صاحب سنَّة)، ووثَّقه ابن معين، وقال يحيى بن سعيد: (ورقاء عن منصور لا يساوي شيئًا)، وقال أبو داود: (صاحب سنَّة] [2]، فيه إرجاء)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمه: ورقاء سواه، والله أعلم.

قوله: (دَخَلَ الْخَلَاءَ): تقدَّم قريبًا أنَّه بفتح الخاء وبالمدِّ.

قوله: (وَضُوءًا): هو بفتح الواو؛ وهو الماء، ويجيء فيه ما تقدَّم.

==========

[1] ما بين قوسين ليس في (ج).

[2] ما بين قوسين ليس في (ب).

[ج 1 ص 78]

(1/463)

[باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول إلا عند البناء جدار أو نحوه]

قوله: (لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (القبلةُ): مرفوع قائم مقام الفاعل، كذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، ويجوز (لا تستقبلِ)؛ بكسر اللَّام على النَّهي، و (القبلةَ): بالنصب مفعول، والفاعل الإنسان، والله أعلم.

قوله: (جِدَارٍ): هو بالجرِّ بدل من (البناء)، وكذا (نحوِه)؛ بالجرِّ معطوف عليه.

==========

[ج 1 ص 78]

(1/464)

[حديث: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره]

144# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه غير منصرف، وفي قول يُصرَف، وأنَّه ابن أبي إياس، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب الزُّهريُّ.

قوله: (عن أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ): هذا هو خالد بن زيد، وبقيَّة نسبه معروف، صحابيٌّ جليل بدريٌّ، روى عنه: جبير بن نفير، وعروة، وأبو سلمة، وفد على ابن عبَّاس البصرة، فقال له: (إنِّي أخرج من مسكني كما خرجتَ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن مسكنك)، فأعطاه ما أغلق عليه، ولمَّا قفل؛ أعطاه عشرين ألفًا وأربعين عبدًا، مرض أبو أيُّوب في غزوة القسطنطينية، فقال: (إذا متُّ [1]؛ فاحملوني، فإذا صففتم للعدوِّ؛ فارموني تحت أرجلكم)، فقبره [2] مع سور القسطنطينية، توفِّي سنة اثنتين وخمسين، كذا أرَّخه الذَّهبيُّ في «التذهيب» و «وفيات التاريخ»، ووقع في «الكاشف»: سنة (51 هـ)، وكذا رأيته في نسخة أخرى صحيحة مقروءة، أخرج له الجماعة.

قوله: (شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا): هذا خطاب لأهل المدينة ومن في معناهم؛ كأهل الشام، واليمن، وغيرهم ممَّن قبلته على هذا السَّمت، فأمَّا من كانت قبلته من جهة المشرق أو المغرب؛ فإنَّه يتيامن أو يتشاءم، والله أعلم.

(1/465)

[باب من تبرز على لبنتين]

قوله: (على لَبِنَتَيْنِ): اللَّبِنة [1]؛ بفتح اللَّام، وكسر الموحَّدة، ومن العرب من يسكِّنها.

(1/466)

[حديث ابن عمر: لقد ارتقيت يومًا على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله.]

145# قوله: (عن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): (حَبَّان)؛ بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة، ابن منقذ المازنيُّ أبو عبد الله الفقيه، عن أبيه، وعمِّه واسع، وأنس، وعنه: الزُّهريُّ، وربيعة، ومالك، ثقة، صاحب حلقة بالمدينة، توفِّي سنة (121 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (على ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا): سيجيء قريبًا: (فوق بيت حفصة)، فقوله: (بيت لنا) مجاز؛ لأنَّ بيت أخته بيت لهم، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ: لَعَلَّكَ مِن الذينَ يُصَلُّونَ على أَوْرَاكِهِمْ): هذا من كلامه صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد قال شيخنا الشَّارح: (يؤخذ منه اشتراط ارتفاع الأسافل على الأعالي، وهو الأصحُّ عندنا) انتهى [1]، وذكره ابن الأثير في «نهايته» فقال: (ومنه الحديث: «لعلك من الذين يصلُّون على أوراكهم») ففسَّره بأطول من تفسير مالك الآتي هنا، وإنَّما نبَّهت عليه؛ لأنَّي رأيتهم كثيرًا يسألون عنه أهو من كلامه صلَّى الله عليه وسلَّم أم لا؟ وأمَّا الأورراك؛ فجمع وَرِك؛ بفتح الواو، وكسر الرَّاء، ويجوز سكون الرَّاء؛ يعني: لا يقيم وركه، لكنَّه يفرش ركبتيه، كأنَّه اعتمد على وركه، والله أعلم.

==========

[1] (انتهى): ليس في (ج).

[ج 1 ص 78]

(1/467)

[باب خروج النساء إلى البراز]

قوله: (إلى الْبَرَازِ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الباء، كناية عن قضاء الحاجة، وأصل البَراز المتَّسع من الأرض، ثمَّ سُمِّي به الحدث)، قال النوويُّ: (كذا قال الخطابيُّ؛ أي: بالفتح، قال: وأهل الحديث يروونه بالكسر، قال: وهو غلط، وقال غيره: الصَّواب الكسر، وهو الغائط نفسه)، كذا ذكره أهل اللُّغة، وإذا كان بالكسر في اللُّغة، وهو الغائط نفسه، وقد اعترف الخطابيُّ بأنَّ الرواة نقلوه بالكسر تعيَّن المصير إليه؛ فحصل أنَّ المختار كسر الباء مِنْهُ، وقد ذكر هذه اللَّفظة النَّوويُّ في «تهذيبه»، وبسط القول فيها، فإنْ [1] أردت زيادة؛ فانظره.

==========

[1] في (ج): (فإذا).

[ج 1 ص 78]

(1/468)

[حديث: أن أزواج النبي كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع]

146# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): هو بضمِّ الموحَّدة، مصغَّر، مشهور التَّرجمة، وهو يحيى بن عَبْد الله بن بُكير، نُسِب إلى جدِّه، تقدَّم [1].

قوله: (حَدَّثَنَا [2] اللَّيْثُ): تقدَّم مرَّات أنَّه ابن سعد، العالم المشهور.

قوله: (حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد الأيليُّ، وأنَّه ليس في «صحيح البخاريِّ» كذلك غيره، وتقدَّم ما في «مسلم» من أنَّه روى ليحيى بن عُقيل، وفيه ذكر القبيلة عُقيل؛ كلاهما بضمِّ العين كهذا، وتقدَّم بعض ترجمة ابن خالد فيما مضى.

قوله: (عن ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ قريبًا وبعيدًا، وأنَّه محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قولها: (إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أزواجه اللَّاتي توفِّي عنهنَّ مشهورات معروفات تسعٌ، أمَّهاتُ المؤمنين رضي الله عنهنَّ، وسأذكرهنَّ [3] إنْ شاء الله [4].

قولها: (إلى المنَاصِعِ): واحدها مَنْصَع؛ بفتح الميم، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ صاد مفتوحة، ثمَّ عين مهملتين؛ وهي مواضع التبرُّز للحدث [5]،

[ج 1 ص 78]

وكانت خارج المدينة، وهو صعيد أفيح كما قالت عائشة رَضِيَ اللهُ عنها؛ يعني: أنَّه موضع مخصوص.

قوله: (حِرْصًا على أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ): (يُنْزَل): في أصلنا مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الحجابُ): قائم مقام الفاعل، وعلى البناء للفاعل، و (الحجابُ): مرفوع على الحالين [6]، وكذا هو مضبوط في أصلنا على البناء للفاعل وللمفعول.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ الْحِجَاب): اعلم أنَّ الحجاب نزل على الصَّحيح الأكثر في مُبتنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب، واختُلف في أَي سنة ابتنى بها [7]؛ فقيل: سنة أربع، وقيل: ثلاث، وقيل: خمس، وسيأتي مُطوَّلًا في سورة (الأحزاب) إنْ شاء الله تَعَالَى بالاختلاف في سببه، والله أعلم.

(1/469)

[حديث: قد أذن أن تخرجن في حاجتكن]

147# قوله: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ [1]): هو ابن يحيى بن صالح بن سليمان البلخيُّ، عن أبي مطيع البلخيِّ، ووكيع، وغيرهما، وعنه: البخاريُّ، والفريابيُّ، إمام، مصنِّف في السُّنَّة، حافظ، توفِّي سنة (233 هـ)، أخرج له البخاريُّ والتِّرمذيُّ، وذكره ابن حبَّان في «الثِّقات».

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة الكوفيُّ الحافظ، مولى بني هاشم، عن هشام بن عروة، والأعمش، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن معين، وكان حجَّةً عالمًا إخباريًّا، عنده ستُّ مئة حديث عن هشام، عاش ثمانين سنة، توفِّي سنة (201 هـ)، وهو ثقة، وثَّقه أحمد، وكان من العبَّاد، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (أُذِنَ) [2]: (أُذِن): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، أي: أذن الله، [وليس في أصلنا: (لَكُنَّ)] [3].

قوله: (قَالَ هِشَامٌ): هو هشام بن عروة بن الزُّبير، مشهور التَّرجمة، وهو الرَّاوي في السَّند فيه.

قوله: (يَعْنِي: الْبَرَازَ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا، وهو مفتوح في أصلنا بالقلم هنا، وفي الذي قبله في التَّبويب، وقد تقدَّم أنَّهما لغتان، وقال شيخنا الشَّارح هنا: (إنَّه بالفتح).

==========

[1] في هامش (ق): (ابن أبي زكريا يحيى بن صالح بن سليمان بن مطر الفقيه الحافظ).

[2] في (ج): (لكن).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 79]

(1/470)

[باب التبرز في البيوت]

(1/471)

[حديث: ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي]

148# قوله: (عن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): تقدَّم قريبًا أنَّه بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة.

قوله: (عن وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ): هو عمُّ مُحمَّد بنِ يَحيَى بنِ حَبَّان، وعُرِف من الذي تقدَّم أنَّه بالفتح.

==========

[ج 1 ص 79]

(1/472)

[باب الرخصة في ذلك]

(1/473)

[حديث ابن عمر: لقد ظهرت ذات يوم على ظهر بيتنا فرأيت]

149# قوله: (أَخْبَرَنَا يَحْيَى عن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد، الذي ظهر لي: أنَّه الأنصاريُّ، فإنْ كان هو؛ فهو يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة، أبو سعيد الأنصاريُّ النجَّاريُّ، قاضي المدينة، ثمَّ قاضي العراق بالهاشميَّة، يروي عن أنس، وابن المُسَيّب، وعنه: مالك، والقطَّان، حافظ إمام فقيه [1] حجَّة، مات سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

قوله: (عَلَى لَبِنَتَيْنِ): تقدَّم أنَّ اللَّبِنة؛ بفتح اللَّام، وكسر الموحَّدة، وأنَّها تُسَكَّن أيضًا.

==========

[1] زيد في (ب): (محدث).

[ج 1 ص 79]

(1/474)

[باب الاستنجاء بالماء]

قوله: (بَاب الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ): هذا التَّبويب مع الحديث ردٌّ على ما يوهم كلام بعضهم إلى أنَّ الماء لا يجزئ، قال النوويُّ في «شرح مسلم»: (وذهب بعض السلف: إلى أنَّ الأفضل [1] الحجر، وربما أوهم كلام بعضهم أنَّ الماء لا يجزئ، وقال ابن حبيب المالكيُّ: لا يجزئ الحجر إلا لمن عدم الماء، وهذا خلاف ما عليه العلماء من السلف والخلف، وخلاف ظواهر السُّنن المتظاهرة، والله أعلم)، وفي حفظي عن مالك وغيره [2]: (أنَّ الأفضل الحجر [3]، وَأنَّهُ لا يُعرَف أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم اسْتَنْجَى بِالْمَاء) انتهى.

وهذا يردُّه [4] حديث أنس: (فحملت أنا وغلام نحوي إداوة من ماء)، وغيره، وكذا غيره من الأحاديث، ورأيت في كلام شيخنا الشَّارح نقل عن أحمد كما أحفظه عن مالك، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (الأصل).

[2] زيد في (ج): (أنَّه)، وضرب عليها في (أ).

[3] في (ب): (أنَّ الحجر أفضل).

[4] في (ج): (يرد).

[ج 1 ص 79]

(1/475)

[حديث أنس: كان النبي إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام]

150# قوله: (وَغُلَامٌ مَعَنَا): هذا الغلام لا أعرف أحدًا سمَّاه؛ فليُتبَع، [وقال بعض حفَّاظ العصر: (إنَّ في «البخاريِّ» ما يدلُّ على أنَّه أَبُو هريرة) انتهى، وفيه نظر؛ لما في «البخاريِّ» من حديث أنس: (كنت أحمل وغلام منَّا [1])، فهذا ينافي ما ذكره هذا الحافظ؛ لأنَّ أنسًا أنصاريٌّ، والله أعلم] [2].

قوله: (إِدَاوَةٌ): هي _بكسر الهمزة_ إناء صغير من جلد يتَّخذ للماء؛ كالسَّطيحة ونحوها، والجمع الأداوى.

قوله: (يَعْنِي: يَسْتَنْجِي بِهِ): قال الإسماعيليُّ فيما رأيته عنه: (هو من قول أبي [3] الوليد شيخ البخاريِّ).

==========

[1] في (ب) و (ج): (معنا).

[2] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[3] (أبو): ليس في (ج)، وفي (أ): (أبو).

[ج 1 ص 79]

(1/476)

[باب من حمل معه الماء لطهوره]

قوله: (بَاب مَنْ حُمِلَ معهُ الْمَاءُ): (حُمِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الماءُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

قوله: (لِطُهُورِه) [1] في التَّرجمة: هو بضمِّ الطاء، ويجوز فيه الفتح كما تقدَّم في (الوضوء).

قوله: (وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ): هو عويمر، وقيل: عامر بن زيد بن قيس بن عائشة بن أميَّة بن مالك بن عامر بن عديِّ بن كعب بن الخزرج بن الحارث من الخزرج الأنصاريُّ، مناقبه جمَّة، توفِّي في خلافة عثمان رضي الله عنهما سنة إحدى وثلاثين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين بدمشق، وقبره وقبر زوجته أمِّ الدرداء الصُّغرى بباب الصَّغير مشهوران، أخرج له الجماعة، وقد تأخَّر إسلامه، أسلم عقب بدر، وقد فرض له عمر رضي الله عنه، فألحقه [2] بالبدريِّين لجلالته رضي الله عنه.

قوله: (أَلَيْسَ فيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ؟ ... ) إلى آخره: يريد به: عَبْد الله بْن مَسْعُود، (وأراد بذلك الثناء عليه، وكان عَبْد الله بن مسعود) [3] صاحب نعلي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كان إذا قام عليه الصَّلاة والسَّلام؛ ألبسه إيَّاهما، وإذا جلس؛ جعلهما في ذراعيه حتَّى يقوم رضي الله عنه.

قوله: (وَالطَّهُورِ): هو بفتح الطاء، وكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم؛ الماء، ويجوز فيه الضَّم، وقد تقدَّم مثله في (الوضوء).

قوله: (وَالْوِسَادِ) [4]: هو بكسر الواو، وبالسِّين، وفي آخره دال مهملتين، قال ابن قُرقُول: (كذا في «البخاريِّ»)؛ يعني: (الوساد) من غير خلاف في (كتاب الطَّهارة)، وفي رواية مالك بن إسماعيل، وفي رواية: (الوسادة والسِواد [5])، (وكان ابن مسعود يمشي مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حيث ينصرف ويخدمه ويحمل مطهرته وسواكه ونعليه وما يحتاج إليه)، فلعلَّه أيضًا كان يحمل وساده إذا احتاج إليه، وأمَّا عمر؛ فإنَّه يقول [6]: (كان يعرف بصاحب السواد)؛ أي: السرَّ؛ لقوله: (إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ يُرْفَعَ [7] الْحِجَابُ وتَسمَعَ سِوَادِي [8]) انتهى.

==========

[1] في (ب): (لطهور)، وكلاهما مروي.

[2] في (ب): (وألحقه).

[3] ما بين قوسين ليس في (ج).

[4] في (ج): (والوسادة).

[5] في (ج): (والوساد).

[6] (يقول): ليس في (ب).

[7] في (ب): (ترفع).

[8] في (ب): (لسوادي).

[ج 1 ص 79]

(1/477)

[حديث: كان رسول الله إذا خرج لحاجته تبعته أنا وغلام منا]

151# قوله: (أَنَا وَغُلَامٌ مِنَّا): هذا الغلام تقدَّم أعلاه أنِّي لا أعرف اسمه، (وتقدَّم ما قاله بعض الحفَّاظ) [1].

==========

[1] ما بين قوسين ليس في (ج).

قوله: (مَعنا إِدَاوَةٌ): تقدَّم أعلاه ضبطها وما هي.

[ج 1 ص 79]

(1/478)

[باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء]

قوله: (الْعَنَزَةِ): هي بِفَتْحِ العين المهملة، ثمَّ نون مثلها، ثمَّ زاي مثلها، ثمَّ تاء؛ وهي عَصًا في أسفلها زُجٌّ من حديد، وهل هي قَصِيرَة أم طويلة؟

[ج 1 ص 79]

فيه اضطراب لأهل اللُّغة، صحَّح الأول القاضي عياض، والثَّاني النَّوويُّ وقال: (قال [1] أَبُو عبيد: هي مثل نصف الرُّمْح وأطول، فيها سِنَان مثل سنان الرُّمح، قال بعضهم: لكنَّ سنانها في أسفلها بخلاف الرُّمح، فإنَّ سنانه في أعلاه) انتهى.

فائدة: هذه الْعنزَة أَهْدَاهَا النَّجَاشِيُّ لِلنَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال أَبُو الفتح اليعمريُّ في «سيرته» في (ذكر فرض صيام رمضان) عن «طبَقَات ابنِ سَعْد» عنِ الواقديِّ بأسانيد له في ذلك عن عائشة، وابن عمر، وأبي سعيد الخدريِّ ما لفظه: (وكان يحمل العنزَة بين يديه، وكانت للزُّبير بن العوام، قَدِم بها من أرض الحبشة فأخذها منه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، وهذا في هذا «الصَّحيح» في باب بغير ترجمة بعد (باب شهود الملائكة بدرًا) انتهى، قال شيخنا الشَّارح: (وكان عليه الصَّلاة والسَّلام يستصحبها معه ليصلِّي إليها في الفضاء، قيل: وليتَّقي بها كيد المنافقين واليهود، فإنَّهم كانوا يرومون اغتياله، وذكر بعض أهل العلم أنَّ لها [2] فوائدَ: دفعُ العدوِّ، واتِّقاء السبع، ونبش الأرض الصلبة عند قضاء الحاجة؛ خشية الرشاش، وتعليق الأمتعة، والتوكُّؤ عليها، والسترة بها في الصَّلاة)، وقال أيضًا شيخنا: (ويبعد أن يكون يستتر [3] بها في قضاء الحاجة، وإنْ كان في تبويب البخاريِّ ما قد يوهمه، فإنَّ ضابط السترة ما يستر الأسافل) [4] انتهى.

وقد رأيت قطعة من هذه العنزَة في الآثار الشريفة بمصر ومعها آثار من آثاره صلَّى الله عليه وسلَّم غيرها؛ مثل: المِرود الذي كان يكتحل به، والمخصف، وقطعة من القصعة، ومنقاش صغير وهو المنماص، وكأنَّه للشوك إذا دخل في الرِّجل أو غيرها لإخراج ذلك، وقد زرت ذلك مرَّات، واكتحلت بالمِرود، وشربت من ماء وضعت فيه القطعة [5] من العنزَة والقطعة من القصعة، وقد أنشدني الإمام الأديب جلال الدين محمَّد بن خطيب [6] داريَّا الدمشقيُّ بسوق الكتب بالقاهرة في الرحلة الأولى لنفسه في الآثار الشريفة حين زارها:

~…يا عينُ إنْ بَعُدَ الحَبيبُ ودَارُهُ…وَنأَتْ مرَابِعُهُ وشَطَّ مزارُه

~…فلكِ الهناء لقد ظفرتِ بطائلٍ…إنْ لم تريهِ فهذه آثارُهُ.

(1/479)

==========

[1] (قال): ليس في (ج).

[2] في (ج): (له).

[3] في (ب): (يستر).

[4] «التوضيح» (4/&).

[5] في (ج): (القصعة).

[6] في (ب): (الخطيب).

(1/480)

[حديث: كان رسول الله يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوةً من ماء]

152# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (الْخَلَاءَ): تقدَّم أنَّه بفتح الخاء، وبالمدِّ في آخره.

قوله: (أَنَا وَغُلَامٌ [1]): تقدَّم قريبًا أنَّ هذا الغلام لا أعرفه.

قوله: (إِدَاوَةً): تقدَّم [2] قريبًا ما هي وجمعها.

قوله: (تَابَعَهُ النَّضْرُ وَشَاذَانُ عن شُعْبَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على محمَّد بن جعفر، وهو غندر الذي تقدَّم بعض ترجمته فيما مضى، ومتابعة النضر عن شعبة أخرجها النَّسائيُّ في (الطَّهارة): عن إسحاق بن إبراهيم، عنِ النضر بن شميل، عن شعبة به [3].

وأمَّا النضر؛ فهو ابن شميل، وهو بالضَّاد المعجمة، ولا يحتاج هذا إلى تقييد عند أولي المعرفة؛ لأنَّه لا يأتي إلا بالألف واللَّام، بخلاف نصر _ بالمهملة_؛ فإنَّه لا يأتي بهما، ولكن المتقدِّمون من أهل «المؤتلف والمختلف» ذكروه معه، وابن شميل: هو أبو [4] الحسن المازنيُّ البصريُّ النحويُّ، شيخ مروَ ومحدِّثها، عن حميد، وهشام بن [5] عروة، وعنه: ابن معين، وإسحاق، والدارميُّ، ثقة إمام، صاحب سنَّة، توفِّي في سلخِ سنةِ (203 هـ)، وقد أخرج له الجماعة.

وقوله: (وَشَاذَانُ): هو بالشِّين، وبالذَّال المعجمتين، فهو لقب الأسود بن عامر، يروي عن هشام بن حسَّان، وكامل أبي العلاء، وأمم، وعنه: الدارميُّ، والحارث بن أبي أسامة، وأمم، توفِّي سنة (208 هـ)، وقد وثَّقه ابن المدينيِّ وغيرُه، أخرج له الجماعة، ومتابعة شاذان أخرجها البخاريُّ في (الصَّلاة): عن محمَّد بن حاتم بن بزيغ، عن أسود بن عامر شاذان، عن شعبة.

==========

[1] في (ج): (والغلام).

[2] (تقدم): ليس في (ب).

[3] (به): ليس في (ب).

[4] (أبو): ليس في (ج).

[5] في (ج): (عن)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 80]

(1/481)

[باب النهي عن الاستنجاء باليمين]

(1/482)

[حديث: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء]

153# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): هو بفتح الفاء، تقدَّم.

قوله: (هُوَ الدَّسْتَوَائِيُّ): تقدَّم أنَّه _بفتح الدَّال، ثمَّ سين ساكنة مهملتين، ثمَّ مثنَّاة فوقُ_ كان يبيع الثِّياب التي تجلب من دَستوى، فنُسِب إليها هشام [1]، وهشام صاحب الدستوائيِّ؛ أي: صاحب البزِّ الدستوائيِّ، ويقال: الدَّستوانيُّ؛ بالنُّون، وقد ذكره مسلم في أوَّل (كتاب الصَّلاة) بعبارة [2] أخرى أوهمت لبسًا، فقال في (الآذان): (حدَّثني أَبُو غسَّان وإسحاق بن إبراهيم، قال [3] إسحاق: حدَّثنا معاذ بن هشامٍ صاحبِ الدَّستوائيِّ)، فتوهَّم صاحب «المطالع» أنَّ قوله: (صاحب الدستوائيِّ) مرفوع، وأنَّه صفة لـ (معاذ)، فقال: (يقال: صاحب الدَّستوائيِّ)] [4]، وإنَّما هو ابنه، والذي قاله صاحب «المطالع» ليس بشيء، وإنَّما (صاحبِ) في «صحيح مسلم» هناك مجرور صفة لـ (هشام)، كما هو مصرَّح به في حديث الشفاعة في «مسلم»، ودَستوى: قرية بالأهواز، يقال في النِّسبة: دَستوائيٌّ ودستوانيٌّ، كما تقدَّم أعلاه.

قوله: (ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ): هو بالثَّاء المثلَّثة، تقدَّم.

قوله: (عن أَبِيهِ): هو أَبُو قتادة كما هو مصرَّح به هنا، وهو الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النعمان بن ربعيٍّ، وقيل: عمرو، مشهور شهد أُحُدًا والمشاهد، وله أحاديث صالحة، ويقال: كان بدريًّا، ولم يصحَّ، وهو فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، عنه [5]: ابن المُسَيّب، وابنه عبد الله بن أبي قتادة، في موته اختلاف [6]؛ فعن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة: أنَّ جدَّه مات بالمدينة سنة أربع وخمسين، وله سبعون سنة، وكذا قال يحيى ابن بكير وجماعة، وقال الهيثم بن عديٍّ وغيره: مات بالكوفة، وصلَّى عليه عليُّ رضي الله عنه، قال بعضهم: سنة (38 هـ)، وقال الواقديُّ: (لَمْ أرَ بين ولد أبي قتادة وأهل البلد عندنا اختلافًا أنَّ أبا قتادة توفِّي بالمدينة، وروى أهل الكوفة: أنَّه توفِّي بالكوفة، والله أعلم)، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَلَا يَتَنَفَّسْ في الْإِنَاءِ): قد يُسأل؛ فيقال: هذا المعروف والسُّنَّة، فما الجمع بينه وبين حديث أنس في «الصَّحيحين» أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يتنفَّس في الإناء ثلاثًا؟

(1/483)

وجوابه: أنَّ معناه: كان يتنفَّس خارج الإناء، أو فعله بيانًا للجواز، أو [7] النَّهي خاصٌّ بغيره؛ لأنَّ ما يتقذَّر من غيره يستطاب منه عليه الصَّلاة والسَّلام.

(1/484)

[بابٌ: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال]

قوله: (لَا يُمْسِكْ ذَكَرَهُ): هو بضمِّ أوَّله رباعيٌّ، ويقال: (مسك) لغة قليلة، وهو مجزوم بالنَّهي.

==========

[ج 1 ص 80]

(1/485)

[حديث: إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه]

154# [قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، وسأذكر فيما يأتي _وقد تقدَّم [1]_ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ البخاريِّ، فإنَّ كلًّا منهما روى عنه البخاريُّ، والله أعلم] [2].

قوله: (حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو أَبُو عمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، وهو عالم زاهد، أحد الأعلام والحفَّاظ، وشيخ الإسلام، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (ابنِ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بالثَّاء المثلَّثة.

قوله: (عن عَبْدِ الله بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عن أَبِيهِ): تقدَّم أعلاه بعض الكلام على أبي قتادة فارسه عليه الصَّلاة والسَّلام رضي الله عنه.

==========

[1] (وقد تقدم): ليس في (ب).

[2] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 80]

(1/486)

[باب الاستنجاء بالحجارة]

(بَاب الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ) ... إلى (بَاب الْتِمَاسِ النَّاسِ [1] الْوَضُوءِ إِذَا حَانَتِ الصَّلَاةُ)

==========

[1] (الناس): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 80]

(1/487)

[حديث: ابغني أحجارًا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا روث]

155# قوله: (عَنْ جَدِّهِ): جدُّه: هو سعيد بن عمرو، وهذا ظاهر إلا أنَّه ربَّما [1] توهَّم متوهِّم أنَّه منسوب إلى جدٍّ له أعلى، وسعيد بن عمرو، (هذا هو ابن سعيد) [2] بن العاصي بن أبي أُحيحة الأَمويُّ، يروي عن أبي هريرة، وابن عبَّاس، وعنه: ابناه إسحاق وخالد، وحفيده المذكور هنا عمرو بن يحيى، وشعبة، وغيرهم، سكن الكوفة، قال النَّسائيُّ: (ثقة)، وقال أبو حاتم: (صدوق)، قال الذَّهبيُّ: (عاش إلى أنْ وفد على الوليد بن يزيد) انتهى، وقد وُلِّي الوليد المذكور سنة [3] خمس وعشرين ومئة، وكان زنديقًا، وقُتِل لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة بعد مقامه فيها سنة وشهرين واثنتين وعشرين ليلة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

[ج 1 ص 80]

قوله: (عَنْ [4] أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا رضي الله عنه.

قوله: (فَقَالَ: ابْغِنِي أَحْجَارًا): قال ابن قُرقُول: («ابغني»؛ أي: اطلب لي، ويقال: أعنِّي على طلب ذلك، وأصل البغاء: الطلب، ومنه: البغيُّ؛ لأنَّها تطلب الفساد، قال ابن قتيبة: البُغاء والبِغاء: الزِّنى، وابغ _بوصل الهمزة_؛ أي: اطلب لي، وأبغني _يعني: بقطع الهمزة_: أعنِّي على الطلب ... ) إلى آخر كلامه، وفي «النهاية»: (ولفظه: «ابغني»: كذا بهمزة الوصل؛ أي: اطلب لي، [و «أبغني» _بهمزة القطع_؛ أي: أعنِّي على الطلب) انتهى.

وقال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: رُوِّيناه بالوصل)، قال الخطابيُّ: (معناه: اطلب لي] [5]، فإذا قطعت الألف؛ فمعناه: أعنِّي على الطلب)، وقال الخطابيُّ: (معناه: اطلب لي) انتهى، فمقتضى كلام ابن قُرقُول، وكذا صريح كلام ابن الأثير: أنَّه [6] يقال بالوصل والقطع، وعبارة الخطابيِّ تعطي الوصل فقط، وكذا صريح كلام ابن التِّين، وهو في أصلنا: بالوصل بالقلم.

قوله: (أَسْتَنْفِضْ بِهَا): هو بالجزم على جواب الأمر، وهو بالنُّون، والفاء، والضَّاد المعجمة؛ أي [7]: أتمسَّح بها ممَّا هنالك.

قوله: (لَا يُسْتَنْجَى [8]): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، كذا في أصلنا.

(1/488)

[حديث: أتى النبي الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار]

156# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): هو ابن معاوية بن حُدَيْجٍ الحافظ أبو خيثمة الجعفيُّ الكوفيُّ، شيخ الجزيرة، ثقة حجَّة [1] حافظ، توفِّي سنة (173 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وفي حديثه عن أبي إسحاق لين، سمع منه بأخَرَةَ، وقال العُقيليُّ [2]: (ثقة إلَّا أنَّه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط)، وقال الذَّهبيُّ: (قلت: لين روايته عن أبي إسحاق من قِبَلِ أبي إسحاق لا من قِبَلِه) انتهى، وقد قال غير واحد: إنَّ زهيرًا سمع منه بعد الاختلاط، قال صالح بن أحمد ابن حنبل عن أبيه: (في حديثه عن أبي إسحاق لينٌ، سمع منه بأخَرَةَ)، وقال أبو زرعة: (ثقة إلَّا أنَّه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط)، وقال أبو حاتم: (هو أحبُّ إلينا من إسرائيل في كلِّ شيء إلَّا في حديث أبي إسحاق)، وقال أيضًا: (زهير ثقة، مُتقِنٌ، صاحب سنَّة، تأخَّر سماعه من أبي إسحاق)، وقال ابن معين: (زكريَّا وزهير وإسرائيل [3] حديثهم في أبي إسحاق قريب من السواء)، وقال التِّرمذيُّ: (زهير في أبي [4] إسحاق ليس بذاك؛ لأنَّ سماعه منه بأخرة)، وروايته عنه في «البخاريِّ» و «مسلم».

قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تقدَّم أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وضُبِط نسبُه، ولماذا نُسِب، وهو من أئمَّة التَّابعين بالكوفة وأثباتهم، إلا أنَّه شاخ ونسي، قال الذَّهبيُّ: (ولم يختلط) انتهى.

(1/489)

قوله: (لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ، وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ): أمَّا (أبو عُبيدة)؛ فهو بضمِّ العين، واسمه عامر بن عبد الله بن مسعود، وقيل: اسمه كنيته، وفي سماعه من أبيه اختلاف، وروايته عن أبيه في «السُّنن الأربعة»، قال أبو حاتم والجماعة: (إنَّه لَمْ يسمع منه شيئًا)، وقد روى شعبة عن عمرو بن مرَّة قال: (سألت أبا عُبيدة هل تذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: ما أذكر منه شيئًا)، وقد روى عبد الواحد بن زياد، عن أبي مالك الأشجعيِّ، عن أبي عبيدة قال: (خرجت مع أبي لصلاة الصبح)، فضعَّف أبو حاتم هذه الرِّواية، وقد قال بعضهم: إنَّ قول أبي إسحاق ليس أبو عبيدة ذكره، ولكنْ عبدُ الرَّحمن بن الأسود: إنَّه تدليس، وأبو إسحاق مُدلِّس، وقد نقل [5] شيخنا الشَّارح عنِ ابن الشاذكونيِّ قال: (ما سمعت بتدليس قطُّ أعجب من هذا ولا أخفى)، قال أبو عبيدة: (لَمْ يحدِّثني، ولكن: «عبد الرَّحمن عن فلان»، ولم يقل: «حدَّثني»، فجاز الحديث وسار)، وقد تعقَّبه شيخنا المشار إليه بأن قال: (قلت: بل قال: حدَّثني، كما رواه إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عنه كما سلف من عند البخاريِّ) انتهى، ويعني بهذا المكان الآتي في طرف [6] هذا الحديث وهو المعلَّق: قال إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق: حدَّثني عبد الرَّحمن، انتهى، وإبراهيم: هذا هو ابن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السَّبيعيِّ، روى عن أبيه، وجدِّه، وعنه: أبو كريب، وجماعة، لُيِّن، وله ترجمة في «الميزان»، فيها روى [7] عبَّاس عن يحيى: ليس بشيء، وقال الجُوزْجانيُّ: (ضعيف)، وقال النَّسائيُّ: (ليس بالقويِّ)، وقال أبو داود: (ضعيف)، وقال أبو حاتم: (يكتب حديثه)، مات مع سفيان بن عيينة في عامٍ سنةَ (198 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد تقدَّم من كلام ابن المفضَّل [8] المقدسيِّ: (أنَّ من روى له الشيخان أو أحدهما؛ فقد جاز القنطرة) انتهى، لكن إبراهيم هذا قال أبو نعيم: (إنَّه لَمْ يسمع من أبيه شيئًا، وقد علذَق عنه بصيغة الجزم، فمن البخاريِّ إلى إبراهيم؛ صحيح، ويبقى الشأن من إبراهيم إلى عبد الرَّحمن؛ فهذا تارة يكون صحيحًا، وتارة يكون فيه شيء، والله أعلم، وتعليق إبراهيم هذا لَمْ أره في شيء من الكتب السِّتَّة إلا ما هنا، ولم أرَ شيخنا عزاه.

(1/490)

وأمَّا رواية أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود هذا الحديث؛ فرواه التِّرمذيُّ منفردًا به [9] من طريق إسرائيل، عن أبي عبيدة، عن أبيه، والله أعلم.

قوله: (سَمِعَ عَبْدَ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

قوله: (فَأَخَذْتُ رَوْثَةً): قال شيخنا الشَّارح: (إنَّ ابن خزيمة روى في «صحيحه» من حديث زياد بن الحسن، عن أبيه، عن جدِّه، عن عبد الرَّحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله قال: أراد النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يتبرَّز، فقال: «ائتني بثلاثة أحجار»، فوجدت حجرين وروثة حمار ... )؛ الحديث.

قوله: (رِكْسٌ): هو بكسر الرَّاء، ثمَّ كاف ساكنة، ثمَّ سين مهملة، وهو كقوله: (رجيع)؛ يعني: نجسًا؛ لأنَّها رُكِست؛ أي: رُدَّت في النجاسة بعد أنْ كانت طعامًا.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ [10]): تقدَّم الكلام عليه أعلاه وعلى حديثه، وتقدَّم بعض ترجمته؛ فانظره في قوله: (ليس أبو عبيدة ذكره)، وتعليقه هذا تقدَّم الكلام عليه [11].

==========

[1] (حجة): ليس في (ب).

[2] في (ب): (الفضلي).

[3] (وإسرائيل): ليس في (ج).

[4] (أبي): ليس في (ب).

[5] في (ب): (ذكر).

[6] في (ج): (طرق).

[7] زيد في (ب): (ابن)، ولا يصح.

[8] في (ج): (الفضل).

[9] (به): ليس في (ب).

[10] في هامش (ق): (بن إسحاق بن أبي إسحاق السَّبِيعي).

[11] في (ب): (عليها).

[ج 1 ص 81]

(1/491)

[باب الوضوء مرة مرة]

(1/492)

[حديث: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة]

157# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ): (سفيان) هذا: هو فيما ظهر لي أنَّه سفيان بن سعيد الثَّوريُّ؛ لأنَّ محمَّد بن يوسف فيما ظهر لي أنَّه الفريابيُّ شيخ البخاريِّ في هذا الحديث أكثر عنِ الثَّوريِّ، (وله عنِ ابن عيينة قليل) [1]، [وقد تقدَّم الفرق بينه وبين أبي أحمد محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عنِ البيكنديِّ، والله أعلم] [2]، ثمَّ راجعت كلام شيخنا الشَّارح، فقال: (وسفيان: هو الثَّوريُّ، كما صرَّح به أبو نعيم وغيره).

==========

[1] ما بين قوسين وضع في (ب) في غير محله.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب) و (ج).

[ج 1 ص 81]

(1/493)

[باب الوضوء مرتين مرتين]

(1/494)

[حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين]

158# قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ [1] بْنُ عِيسَى): هو أبو عليٍّ الطائيُّ القُوْمُسِيُّ البَسْطاميُّ الدامغانيُّ، عنِ ابن عيينة، ووكيع، وغيرهما، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن خزيمة، ثقةٌ، من أئمَّة العربيَّة، وثَّقه النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: (صدوق)، وقال الحاكم: (هو شيخ العدالة والتزكية)، توفِّي سنة (247 هـ)، أخرج له من أخذ عنه منهم، وليس له في هذا الكتاب سوى هذا الحديث، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): هو ابن محمَّد المؤدِّب البغداديُّ الحافظ، مشهور التَّرجمة، أخرج له الجماعة، توفِّي سنة (208 هـ)، وقيل: سنة (207 هـ) وهو غلط [2]، قال أبو حاتم: صدوقٌ.

[ج 1 ص 81]

قوله: (أَخْبَرَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ): هذا هو ابن زيد بن عاصم المازنيُّ الأنصاريُّ، الصحابيُّ المشهور التَّرجمة، ابن الصحابيِّ رضي الله عنهما، ومن اسمه: عَبْد الله بن زيد في الصَّحابة بهذا خمسة، وقد قيل في صاحب التَّرجمة: إنَّه بدريٌّ، قاله ابن منده، وكذا قال أَبُو أحمد الحاكم، وهو غلط، وكذا روى الحاكم في «المستدرك» في ترجمته، وقال ابن عبد البَرِّ: (بل أُحديٌّ، وهو قاتل مسيلمة بالسيف مشاركًا لغيره)، وسيأتي من قيل: إنَّه شارك في قتل مسيلمة إن شاء الله تَعَالَى وقدَّره في مكانه، قُتل يوم الحرَّة، وهي سنة ثلاث وستين من الهجرة، وهي وقعة معروفة بين أهل الشام والمدينة.

==========

[1] في هامش (ق): (قال ليس لحسين في هذا الكتاب سوى هذا الحديث).

[2] (وهو غلط): ليس في (ب).

(1/495)

[باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا]

(1/496)

[حديث: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين]

159# 160# قوله: (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب.

قوله: (إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ): المِرفَق؛ بكسر الميم، وفتح الفاء، ويقال: بفتح الميم، وكسر الفاء، معروف [1].

قوله: (لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ): اعلم أنَّ حديث النفس قسمان؛ ما يهجم عليها ويتعذَّر دفعه عنها، وما تسترسل معه النفس ويمكن قطعه، ويمكن أنْ يحمل الحديث عليه دون الأوَل؛ لعسر اعتباره، ولفظ الحديث: (لا يحدِّث) يشهد له؛ لأنَّه تكسُّب وتفعُّل؛ لأنَّ الخواطر ليست من جنس مقدور العبد، وهي معفوٌّ عنها، ويمكن حمل الحديث على النوعين معًا، وقال القاضي عياض عن بعضهم: (إنَّ ما كان عن [2] غير قصد يرجى أنْ تقبل معه [3] الصَّلاة، ويكون ذلك صلاة من لَمْ يحدِّث نفسه بشيءٍ؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام إِنَّما ضمن الغفران لمراعي ذلك؛ لأنَّه قلَّ من تسلم صلاته من حديث النفس [4])، وقال النوويُّ: (الصَّواب حصول هذه الفضيلة مع طرآن الخواطر العارضة غير المستقرَّة).

تنبيه: حديث النفس يعمُّ الخواطر الدنيويَّة والأخرويَّة، والحديث محمول على المتعلِّق بالدنيا فقط، وقد جاء في حديث خارج الكتب: «لا يحدِّث نفسه بشيء من أمر الدنيا، ثمَّ دعا إلا استُجيب له»، وعزا شيخنا الشَّارح هذه الرِّواية للحكيم التِّرمذيِّ في (كتاب الصَّلاة) له، انتهى، [وقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (إنِّي لأجهز جيشي وأنا في الصَّلاة)] [5]، وعزا حديث: «من صلَّى ركعتين لم يحدِّث نفسه بشيء من أمر الدنيا؛ غُفِر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» شيخُنا العراقيُّ إلى ابن أبي شيبة في «المصنَّف» من حديث [ ... ] مرسلًا، ذكر ذلك في «تخريج أحاديث الإحياء»، وفي أوَّل «الإحياء»: «من توضَّأ، وأسبغ الوضوء، وصلَّى ركعتين لم يحدِّث نفسه بشيء من الدنيا [6]؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه»، وفي لفظ آخر: «لَمْ يَسْهُ فيهما؛ غُفِر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، قال شيخنا العراقيُّ: ابن المبارك في (كتاب «الزُّهد والرَّقائق»: (باللَّفظين معًا ... ) إلى آخر كلامه.

تنبيه ثانٍ: المراد بالغفران: الصغائر دون الكبائر، فإنَّ الكبائر تكفَّر بالتوبة، وفضل الله واسع، وقد رأيت عن بعضهم: أنَّهما يُغفَران، وفيه نظر، والله أعلم.

(1/497)

قوله: (وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند قبله؛ يعني: وحدَّثني به عبد العزيز بن عَبْد الله الأُويسيُّ: حدثني إبراهيم _يعني: ابن سعد_ عن صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب، عن عروة، عن حمران [7] به، وليس هذا تعليقًا؛ فاعلمه.

==========

[1] (معروف): ليس في (ج).

[2] في (ب): (من).

[3] في (ب): (منه).

[4] زيد في (ب): (يعم الخواطر الدنيوية).

[5] ما بين قوسين ليس في (ب) و (ج).

[6] في (ب): (نفسه من أمر الدنيا).

[7] في (ب): (عمران).

[ج 1 ص 82]

(1/498)

[باب الاستنثار في الوضوء]

قوله: (بَابُ الاسْتِنْثَارِ [1] فِي الْوُضُوءِ): تقدَّم أنَّ الاستنثار غير الاستنشاق، وأنَّه إخراج الماء من الأنف [2] بالنفس، والاستنشاق عكسه، وأنَّ ابن قتيبة قال: (هما سواء، مأخوذ من النثرة؛ وهي الأنف)، ولم يقل شيئًا، وقد فرَّق بينهما في قوله: «فليجعل في أنفه ماء، ثمَّ لينتثر».

==========

[1] في هامش (ق): (نَفْضُ ما في الأنفِ بعد الاستنشاق).

[2] (الأنف): ليس في (ب).

[ج 1 ص 82]

(1/499)

[حديث: من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر]

161# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم أنَّه عَبْد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد العتكيُّ المروزيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولم قيل له: عبدان.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو عَبْد الله بن المبارك، العالم الزَّاهد، المجاهد المشهور، شيخ خراسان.

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ) [1]: هو ابن يزيد الأيليُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أَبُو بكر [2] محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العلم [3]، شيخ الإسلام.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ): هو عائذ الله بن عَبْد الله أَبُو إدريس الخولانيُّ، أحد الأعلام، حديثه عن أبي ذرٍّ عند «مسلم»، وَحديثه عن أبي الدرداء، وحذيفة، وعبادة في «البخاريِّ» و «مسلم»، وعنه: مكحول، والزُّهريُّ، وربيعة بن يزيد [4]، قال سعيد بن عبد العزيز: (كان عالم أهل الشام بعد أبي الدرداء)، قيل: ولد يوم حُنين، ومات سنة (80 هـ)، روى له الجماعة.

قوله: (أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] زيد في (ج): (هذا).

[2] (أبو بكر): ليس في (ب).

[3] في (ج): (العالم).

[4] في (أ) و (ب): (مزيد)، والمثبت من المصادر هو الصواب.

[ج 1 ص 82]

(1/500)

[باب الاستجمار وترًا]

(1/501)

[حديث: إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر]

162# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): هو بالنُّون، واسمه عَبْد الله بن ذكوان الإمام مولى بني أميَّة، وذكوان أخو أبي لؤلؤة الذي قتل عمر رضي الله عنه، روى أَبُو الزناد عن أنس، وعمر بن أبي سلمة ولم يرَه فيما قيل، وابن المُسَيّب، والأعرج، وعدَّة، وعنه: مالك، واللَّيث، والسفيانان، ثقةٌ ثَبْتٌ، توفِّي في رمضان فجاءة سنة (131 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنِ الْأَعْرَجِ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، تقدَّم بعض ترجمته، أخرج له الجماعة.

قوله: (في وَضُوئِهِ): هو بفتح الواو: الماء، تقدَّم، وتقدَّم أنَّه يجوز ضمُّها.

==========

[ج 1 ص 82]

(1/502)

[باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين]

قوله: (وَلَا يَمْسَحْ عَلَى الْقَدَمَيْنِ): (يمسحْ): مجزوم على النَّهي.

(1/503)

[حديث: تخلف النبي عنا في سفرة سافرناها فأدركنا]

163# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوْذَكيُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم الكلام على التَّبُوْذَكيِّ.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم أنَّه الوضَّاح بن عَبْد الله.

قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، وهو جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، عن سعيد بن جبير، والشَّعبيِّ، ولقي من الصَّحابة عبَّاد بن شرحبيل اليشكريَّ وهو من قومه، وعنه: شعبة، وهشيم، صدوق، توفِّي سنة (125 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ [1]): تقدَّم الكلام على (ماهك)، وأنَّه غير مصروف، وأنَّه مفتوح الهاء، وتقدَّم في ذلك كلِّه بزيادة.

قوله: (أَرْهَقَنَا الْعَصْرُ [2]): (أرهقنا): فعل ماض، والضَّمير مفعول، و (العصرُ): مرفوع فاعل، [وفي رواية: (أرهقْنا العصرَ)؛ بإسكان] [3] القاف، والضَّمير في (أرهقنا) فاعل، و (العصرَ) بالنصب مفعول؛ أي: أخَّرناها، والله أعلم.

(1/504)

[باب المضمضة في الوضوء]

[ج 1 ص 82]

==========

[ج 1 ص 82]

(1/505)

[حديث: مَن توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين]

164# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة الحافظ أَبُو بشر.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن شهاب [1] أَبُو بكر محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (دَعَا بِوَضُوءٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الواو، وأنَّه الماء، وأنَّه يجوز ضمُّها على لغة، وكذا قوله بعده: (في الوضوء).

قوله: (وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ): تقدَّم أنَّ هذا يشهد لردِّ قول ابن قتيبة في أنَّهما واحد، وتقدَّم أنَّه غيران، وتقدَّم ما هما.

قوله: (إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ): تقدَّم قريبًا أنَّ المِرفَق فيه [2] لغتان، كسر الميم وفتح الفاء، والثَّانية عكس ذلك.

قوله: (لَا يُحَدِّثُ فِيْهِمَا نَفْسَهُ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا، وأنَّ المراد: بشيء من [3] أمر الدنيا.

(1/506)

[باب غسل الأعقاب]

قوله: (الْأَعْقَابِ): هو جمع عَقِب، بفتح العين وكسر القاف، ويجوز تسكينها، وأنَّه مؤخَّر القدم، وتقدَّم ما في ذلك.

قوله: (وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ): وجه دخول هذا الأثر في هذا الباب: أنَّه يحتمل أنْ يكون أراد بذلك: أنَّه لو أدار الخاتم وهو في إصبعه؛ لكان بمنزلة الممسوح، وفرض [1] الإصبع الغسل، فقاس المسح في الإصبع على مسح الرجلين، قاله شيخنا الشَّارح.

قوله: (الْخَاتمِ): تقدَّم أنَّه بكسر التَّاء وفتحها [2]، وتقدَّم بقيَّة اللُّغات فيه.

==========

[1] في (ج): (موضع).

[2] في (ب) و (ج): (بفتح التَّاء وكسرها).

[ج 1 ص 83]

(1/507)

[حديث أبي هريرة: أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم قال: ويل .. ]

165# قوله: (أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مِن الْمِطْهَرَةِ): هي _بكسر الميم_ الإناء الذي يُتطهَّر به، وقيل: بالكسر: الإناء، وبالفتح: المكان.

==========

[ج 1 ص 83]

(1/508)

[باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين]

قوله: (وَلَا يَمْسَحْ على النَّعْلَيْنِ): (يمسحْ): بإسكان الحاء على النَّهي.

==========

[ج 1 ص 83]

(1/509)

[حديث عبيد بن جريج: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعًا]

166# قوله: (عن سَعِيدٍ الْمَقْبرِيِّ): تقدَّم الكلام على سعيد وعلى نسبته لماذا نُسِب، وأنَّها بضمِّ الباء وفتحها وكسرها مثلَّثة [1].

قوله: (إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ): هو بتخفيف الياء، وحكي: التشديد، وهما الركن الأسود والركن اليماني، وجاء في رواية: (لم يستلم إلا الركن الأسود والذي [2] يليه من نحو دور الجمحيِّين)، وهما سواء، وقيل لهما: اليمانيان؛ تغليبًا؛ كالعمرين.

فإن قلت: لِم لا عبر عنهما بالأسودين؟

وأجيب: بأنَّه لو عبر بذلك؛ لربَّما اشتُبه [3] على بعض العوام أنَّ في كلٍّ منهما الحجر الأسود بخلاف اليمانيين، وإنَّما كان يستلمهما؛ لأنَّهما على قواعد إبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما لَمْ يستلم الآخرَين؛ لأنَّهما ليسا على القواعد، ولمَّا ردَّهما ابنُ الزُّبير عَبْدُ الله إلى القواعد؛ استلمهما، ولو بنيا الآن على القواعد؛ لاستُلِما، والله أعلم.

قوله: (السِّبْتِيَّةَ): قال ابن قُرقُول: (والسِّبت: كلُّ جلد مدبوغ، قاله أَبُو عمرو، وقال أَبُو زيد: السِّبت: جلود البقر خاصَّة، سواء دبغت أو لَمْ تُدبَغ، وقيل: هي جلود البقر المدبوغة بالقرظ)، وقال ابن وهب: هي السود التي لا شعر لها [4]، [وقيل: التي لا شعر عليها] [5] أَيَّ لونٍ كانت، ومن أَيِّ جلد كانت، وبأيِّ دباغ دُبِغت، وهو ظاهر قول ابن عمر رضي الله عنهما في هذه الكتب، وهي مأخوذة من السَّبت؛ وهو الحلق، سَبَتَ: حَلَقَ، فعلى هذا: ينبغي أنْ يقال: بفتح السِّين، ولم تُروَ إلا بالكسر، وقال الأزهريُّ: كانت من سُبِتت [6] بالدباغ؛ أي: لانت، وقال الدَّاوديُّ: هي منسوبة إلى موضع يقال له: سوق السَّبت).

(1/510)

تنبيه: إِنَّمَا أنكر عبيد بن جريج على ابن عمر رضي الله عنهما هذه النعال؛ لأنَّها نعال أهل النَّعمة والسَّعة، ونقل شيخنا الشَّارح في (كتاب اللِّباس): (أنَّ أكثر أهل الجاهليَّة كانوا يلبسونها غير مدبوغة إلَّا أهل السَّعة منهم)، وقال أيضًا فيه في (باب النعال السبتيَّة) بعد أنْ فسَّرها: (وقد ذهب قوم: إلى أنَّه لا يجوز لبسها في المقابر خاصَّةً؛ لحديث بشر بن الخصاصيَّة قال: «بينما أنا أمشي في المقابر ... »؛ الحديث، [وفيه: «يا صاحب السبتيَّين»)، ثمَّ قال: (فأخذ أحمد بظاهره ووثَّق رجاله، وقال باقي الجماعة: لا بأس بذلك احتجاجًا بلبسه عليه الصَّلاة والسَّلام لها] [7]، وفيه الأسوة الحسنة) انتهى، وحديث بشر المشار إليه أخرجه أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقال الخطابيُّ: (حديث أنس عنه عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عنهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ»، يدلُّ على جواز لبس النعل لزائر القبور والماشي بحضرتها وبين ظهرانيها.

وأمَّا خبر السبتيَّين يشبه أنْ يكون إِنَّمَا كره ذلك؛ لما فيها من الخيلاء، وذلك أنْ يقال: السبت من لباس أهل الرقة والتنعُّم، فأحبَّ عليه الصَّلاة والسَّلام أنْ يكون دخوله المقابر على زيِّ التواضع ولباس أهل الخشوع) انتهى، واعلم أنَّه لا [8] يكره المشي في المقابر [9] بالنعلين، وقال الماورديُّ: يخلعهما.

قوله: (تَصْبغُ بِالصُّفْرَةِ): (تصبغ): مثلَّث الباء.

(1/511)

تنبيه: هل المراد هنا صبغ الثِّياب أو الشعر؟ قال المازريُّ [10]: (الأشبه)، وقال القاضي عياض: (الأظهر الأول)، قال عياض: (لأنَّه أخبر أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام صبغ، ولم ينقل عنه أنَّه صبغ شعره، وإلا؛ فقد جاءت آثار عنِ ابن عمر بيَّن فيها تصفير ابن عمر رضي الله عنه لحيته، واحتجَّ بأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يصفِّر لحيته بالورس والزعفران، أخرجه أبو داود، وذكر في حديث آخر احتجاجه بأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يصبغ بهما ثيابه حتَّى عمامته) انتهى، وقد روى أَبُو يعلى الموصليُّ في «مسنده» من حديث عَبْد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: (رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران؛ رداء وعمامة)، وفي سنده: عَبْد الله بن مصعب الزُّبيريُّ، ضعَّفه ابن معين، وهو في «ثقات ابن حبَّان»، قال شيخنا الشَّارح: (وكان أكثرهم _يعني: الصَّحابة والتَّابعين_ يخضِّب بالصفرة؛ منهم: أَبُو هريرة وآخرون، وروي ذلك عن عليٍّ رضي الله عنه).

قوله: (أَهَلَّ النَّاسُ): تقدَّم أنَّ الإهلال: رفع الصوت بالتلبية.

قوله: (يَوْم التَّرْوِيَةِ): هو بفتح التَّاء المثنَّاة فوقُ، وهو ثامن ذي الحجَّة، ولمَ سُمِّي بذلك، فيه ثلاثة أقوال؛ أحدها [11]: أنَّ الناس يروون فيه من الماء من زمزم؛ لأنَّه لَمْ يكن بعرفة ولا بمنًى ماء، وقال آخرون: هو اليوم الذي رأى فيه آدمُ حواء، وقيل: لأنَّ جبريل أرى فيه إبراهيمَ أوَّل المناسك، وعن ابن عبَّاس: سُمِّي بذلك؛ لأنَّ إبراهيم أتاه الوحي في منامه أنْ يذبح ابنه، فروَّى في نفسه من الله هذا أم من الشيطان؟ فأصبح صائمًا، فلمَّا كان ليلة عرفة؛ أتاه الوحي، فعرف أنَّه

[ج 1 ص 83]

الحقُّ من ربِّه، فسُمِّيت: عرفة.

تنبيه: اعلم أنَّ سابع ذي الحجَّة يقال له: يوم الزينة؛ لأنَّهم كانوا يزيِّنون فيه المحامل والهوادج للخروج، قاله مكِّيُّ بن أبي طالب، وقال النوويُّ في «شرح المهذَّب»: (إنَّه لا اسم له) انتهى.

وللتاسع: عرفة، وللعاشر: يوم النحر، وللحادي عشر: يوم القرِّ، والثَّاني عشر: يوم النفر الأوَّل، وللثالث عشر: يوم النفر الثَّاني.

==========

[1] (وكسرها مثلثة): ليس في (ج).

[2] في (ب): (وهو الذي).

[3] في (ج): (أشبه).

[4] في النسخ: (عليها)، والمثبت موافق لما في «المطالع».

[5] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[6] في (ج): (ستت).

[7] ما بين معقوفين ليس في (ج).

(1/512)

[8] (لا): ليس في (ج).

[9] في (ب): (المقبرة).

[10] في (ب): (الماوردي).

[11] في (ب): (إحداها).

(1/513)

[باب التيمن في الوضوء والغسل]

قوله: (في الوُضُوءِ): هو بضمِّ الواو، ويجوز فتحها، وقد تقدَّم.

قوله: (وَالغَسْلِ): هو بفتح الغين، وهو اسم الفعل، وبالضَّمِّ: اسم للماء، هذا قول أبي زيد، وقيل فيهما معًا: اسم الفعل، وهو قول الأصمعيِّ.

(1/514)

[حديث: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها]

167# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن عليَّة، وهو إِسْمَاعِيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام، أبو بشر، عن أيُّوب، وابن جدعان، وعطاء، وغيرهم، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، وأمَم، إمامٌ حجَّةٌ، توفِّي سنة (193 هـ)، أخرج له الجَماعة، وقد تقدَّم، وتقدَّم أنَّ [1] له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

تنبيه: اعلم أنَّ الشَّخص إذا كان معروفًا بلقب، أو باسم أمِّه، وهو الغالب عليه؛ جاز نسبته إليها؛ مثل: ابن بُحينة، وابن أمِّ مكتوم، ويعلى ابن مُنْيَة [2]، والحارث ابن البرصاء، وغيرهم مِنَ الصَّحابة، ومِنْ بعدهم؛ كمنصور ابن صفيَّة، وإِسْمَاعِيل ابن عُلَيَّة هذا، وقد استثنى أبو عمرو بن الصَّلاح من الجواز ما يكرهه من ذلك، فقال: (إلَّا ما يكرهه الملقَّبُ والمسألة معروضة في اللَّقب، وفي الانتساب إلى الأمِّ [3]؛ كما في إِسْمَاعِيل بن إبراهيم؛ المعروف بابن عُلَيَّة؛ وهي أمُّه، وقيل: أمُّ أمِّه، رُوِّينا عن يحيى بن معين أنَّه كان يقول: «حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ابن عُلَيَّة»، فَنَهَاهُ أحمد ابن حنبل، وقال: قل: إِسْمَاعِيل بن إبراهيم؛ فإنَّه بَلَغَنِي أنَّه كان يكره أنْ يُنسب إلى أمِّه، فقال: قبلنا يَا مُعَلِّم الخير) انتهى، ولَمْ يستثن الخطيب ذلك من الجواز، بل روى هذه الحكاية، قال شيخنا العراقيُّ: (والظَّاهر أنَّ ما قاله أحمد على طريق الأدب، لا اللُّزوم [4]) انتهى، وقال النوويُّ في اللَّقب، والصِّفة وفي النَّسب إلى الأمِّ: (إنَّه يجوز إذا كان يُعرَف بذلك، ويحرم إطلاقه عليه على جهة النَّقْص)؛ ذَكَرَ ذلك في «شرح مسلم»، وفي «الرياض» في (الغِيبة) نَحْوه [5]، وهذا هو الذِي بوَّب عليه البخاريُّ في «صحيحه»، فإنَّه قال: (بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ نَحْوَ قَوْلِهِمْ: الطَّوِيلُ، وَالقَصِيرُ، وَمَا لَا يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ)، وكذا قال ابن المبارك؛ فإنَّه سئل عن: (فلان القصير)، و (فلان الأعرج)، و (فلان الأصفر [6])، و (حميد الطَّويل)، قال: (إذا أرَادَ صفته ولم يُرد عيبه؛ فلا بأس)، [وكلام ابن الصَّلاح صريح [7] في أنَّه إذا كان يكره اللَّقب أو النَّسب] [8] إلى الأمِّ؛ فإنَّه لا يجوز ذلك وإنْ كان يعرف به، والله أعلم.

(1/515)

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ عن حَفْصَةَ): هذا هو خالد بن مهران الحذَّاء، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم الكلام على وصفِه بـ (الحذَّاء)؛ لماذا وُصِفَ به.

قوله: (عن أُمِّ عَطِيَّةَ): هي نُسَيبة؛ بنون مضمومة، وفتح السِّين، ومنهم: من فتح النُّون، وكسر السِّين، ذكره غير واحد؛ منهم الخطيب البغداديُّ، وخالفهم ابن ماكولا، وجماعة، فقالوا: (نُسيبة؛ بالضَّمِّ: أمُّ عطية، وبالفتح: أمُّ عمارة)، واسم والد (أُمِّ [9] عَطِيَّة) كعب، وقيل: الحارث [10]، صحابيَّةٌ، جليلةٌ، فاضلةٌ، أخرج لها الجماعة.

قوله: (غُسْلِ ابْنَتِهِ): هذه البنت المبهمة هي [11] أمُّ كلثوم، زوج عثمان رضي الله عنهما، وفي «مسلم»: أنَّها زينب، وصُوِّب لهذه الرِّواية، وقد يُجمَع بينهما بأنْ غسلت زينبَ، وحضرت غسل أمِّ كلثوم، (وقد توفِّيت أمُّ كلثوم) [12] في السَّنة التَّاسعة، وزينب في الثَّامنة، ورقيَّة في السَّنة الثَّانية؛ والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ببدر، وفاطمة بعده [13] عليه الصَّلاة والسَّلام بستِّة أشهر على الأصحِّ.

فائدة: قال شيخنا الشَّارح: (لمَّا دُفِنت أمُّ كلثوم؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «دفن البنات من المكرمات») انتهى، وروى الطَّبرانيُّ في «الكبير» و «الأوسط» من رواية ابن عَبَّاس: (قال [14]: لمَّا عُزِّي النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بابنته رقيَّة؛ قال: «الحمد لله، دفن البنات من المكرمات»)، ورواه [15] البزَّار إلَّا أنَّه [16] قال: (موت البنات)، وفيه: عثمان بن عطاء الخراسانيُّ، وفيه ضَعف.

تنبيه: ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» في (باب دَفْنُ البَنَاتِ مِنَ المكْرُماتِ) حديث ابن عمر من طريقين، وحديث ابن عَبَّاس، وفيه: (أنَّه لمَّا عُزِّي بابنته رقيَّة؛ قال ذلك)، قال ابن الجوزيِّ: (حديث لا يصحُّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، ثمَّ تكلَّم عليهما _أعني: حديث ابن عمر، وحديث ابن عبَّاس_ ثُمَّ قال: (وسمعت شيخنا عَبْد الوهَّاب بن المبارك الأنماطيَّ الحافظ يحلف بالله عزَّ وَجَلَّ إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما قال شيئًا من هذا قطُّ) انتهى.

==========

[1] (أنَّ): ليس في (ب).

[2] في (ب): (أميَّة)، ولا يصح هنا، فأمية أبوه، انظر «تقريب التهذيب».

[3] زيد في (ب): (من ذلك)، وضرب عليها في (أ).

[4] في (ج): (للزوم).

[5] في (ب): (ونحوه).

[6] في (ب) و (ج): (الأصغر).

[7] (صريح): ليس في (ب).

(1/516)

[8] ما بين معقوفين تكرر في (ب) سابقًا بعد قوله: (وفي «الرياض»).

[9] (أم): ليس في (ج).

[10] في (ب): (الحرب).

[11] (هي): ليس في (ج).

[12] ما بين قوسين ليس في (ج).

[13] (بعده): ليس في (ج).

[14] (قال): ليس في (ب).

[15] في (ج): (وروى).

[16] (أنَّ): ليس في (ج).

[ج 1 ص 84]

(1/517)

[حديث عائشة: كان النبي يعجبه التيمن في تنعله]

168# قوله: (أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): هو بثاء مثلَّثة في آخره، وكلُّ ما جاء من ذلك؛ فهو كذلك إلَّا أشعب الطَّامع؛ فإنَّه بالموحَّدة في آخره، وهو فرد، وهو ابن أمِّ حُميد، روى عن عَبْد الله بن جعفر، وسالم بن عَبْد الله، حدَّث عنه: عثمان بن فائد وغيره.

وقوله: (ابْنُ سُلَيْمٍ): هو بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وليس في «البخاريِّ» و «مسلم» أحدٌ يقال له: سَلِيم؛ بفتح السِّين، وكسر اللَّام إلَّا سَلِيم بن حيَّان، وسيأتي.

قوله: (وَتَرَجُّلِهِ): التَّرجُّل: تسريح الرَّأس بماء، أو دهن، أو شيء يليِّنه، ويرسل ثائره، ويمدُّ منقبضه.

قوله: (وَطُهُورِهِ) [1]: الفعل [2] هو بضمِّ الطاء، ويجوز فتحها.

==========

[1] في (ب): (وطهور).

[2] (الفعل): ليس في (ب).

[ج 1 ص 84]

(1/518)

[باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة]

(باب التِمَاسِ النَّاسِ [1] الوَضُوءِ إِذَا حَانَت الصَّلاة) ... إلى (بَاب الرَّجُلُ يُوَضِّئُ صَاحِبَهُ)

قال ابن المُنَيِّر: (موقع التَّرجمة من الفقه التَّنْبِيه على أنَّ الوضوء لا يجب قبل الوقت) انتهى.

قوله: (الوَضُوء): في التَّرجمة هو بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضَّمُّ، وقد تقدَّم [2] مرَّات.

قوله: (فَالتُمِسَ المَاءُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (المَاءُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

==========

[1] (الناس): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ج): (تقدمت).

[ج 1 ص 84]

(1/519)

[حديث: رأيت رسول الله وحانت صلاة العصر فالتمس]

169# قوله: (الوَضُوءَ): في الحديث هو بفتح الواو: الماء، وقد تقدَّم أعلاه وقبله: (أنَّه يجوز الضَّمُّ).

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رَسُولُ): مرفوع، قائم مقام الفاعل.

قوله: (بِوَضُوءٍ): هو بفتح الواو: وهو الماء، ويجوز الضَّمُّ، وقد تقدَّم أعلاه وقبله مرَّات.

قوله: (يَنْبعُ): هو بضمِّ الموحَّدة، وفتحها، وكسرها، حكاه الجوهريُّ.

قوله: (مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ): اعلم أنَّ في كيفيَّة هذا النَّبْعِ قولين _حكاهما القاضي وغيره_؛ أحدهما _ونقله القاضي عنِ المزنيِّ [1] وأكثر العلماء_: أنَّ معناه: أنَّ الماء كان يخرج مِن نَفس أصابعه الشريفة صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَنبع [2] من ذَاتها، قالوا: وهو أعظم في المعجزة من نبعه من حجر، ويؤيِّد هذا: أنَّه جاء في رواية: (فرأيت الماء ينبع من أصابعه)، والثَّاني: أنَّه يحتمل أنَّ الله تعالى أكثر الماء في ذاته، فصار يفور من بين أصابعه، لا من نفسها، وكِلَاهما معجزة ظاهرة، وآية باهرة، والله أعلم.

فائدة: قال ابن عبد البَرِّ في أوَّل «الاستيعاب» _وقد ساق حديث جَابِرٍ رضي الله عنه: (لو كنَّا مئة ألف؛ لكفانا) _ ما لفظه: (وقد ذكرنا طرق ذلك في «التَّمهيد» بما بان به أنَّ ذلك كان منه صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّات في مَواطِن شتَّى) انتهى.

وقال شيخنا الشَّارح عنِ ابن حِبَّان _يعني: بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة_ في «صحيحه» قال: (وهذا اتفق له صلَّى الله عليه وسلَّم في مواطن متعدِّدة؛ ففي بعضها: «أُتِي بقدح رحراح [3]»، وفي بعضها: «زجاج»، وفي بعضها: «جفنة»، وفي بعضها: «ميضأة»، وفي بعضها: «مزادة»، وفي بعضها: «كانوا خمسَ عشرةَ مئة»، وفي بعضها: «ثمان مئة»، وفي بعضها: «زهاء ثلاث مئة»، وفي بعضها [4]: «ثمانين»، وفي بعضها: «سبعين») انتهى.

وسيجيء في حديث جَابر في هذا

[ج 1 ص 84]

«الصَّحيح» في حديث جَابر في قصَّة نبع الماء من بين أصابعه صلَّى الله عليه وسلَّم: (أنَّهم كانوا ألفًا وأربع مئة)، وفي رواية عنه: (أنَّهم كانوا خمسَ عشرةَ مئة)، وهذه القصَّة كانت بالحُدَيْبِيَة، وفي عِدَّة أصحاب الحُدَيْبِيَة اختلاف، سأذكره في مكانه إنْ شاء الله تَعَالَى وقدَّره.

==========

[1] في (ج): (المزي).

[2] (وتنبع): ليس في (ج).

(1/520)

[3] في (ب): (دحراح)، وفي (ج): (زجاج).

[4] في (أ): (بعض).

(1/521)

[باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان]

قوله: (يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ): (يُغْسَلُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شَعَرُ): مرفوع قائم مقام الفاعل، وهذا ظاهر.

قوله: (وَكَانَ عَطَاءٌ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا): (عَطَاءٌ) هذا: هو ابن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، ومن أئمَّتهم المشهورين (رحمة الله عليه وعليهم) [1]، توفِّي بمكَّة سَنة خمسَ عشرةَ ومئة، وقيل: غير ذلك، تقدَّم، وسيأتي قريبًا.

قوله: (وَسُؤْرِ الكِلَابِ): هو مهموز، ويترك همزه؛ وهو البقيَّة ممَّا تتناوله، وهو مجرور، وهو من بقيَّة التَّرجمة.

قوله: (وَمَمَرِّهَا): هو بالجرِّ معطوف على (سُؤْرِ).

قوله: (وَقَالَ [2] الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (لَيْسَ لَهُ وَضُوءٌ): هو بفتح الواو؛ وهو الماء، ويجوز ضمُّها.

قوله: (غَيْرهُ): يجوز فيه الرفع والنَّصب، وبِهما هو مضبوط في أصلنا.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: هذا الفِقْهُ بِعَيْنِهِ): قال شيخنا الشَّارح: (إنَّه الثَّوريُّ).

قوله: (يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ): هما مبنيَّان للفاعل، وكذا في أصلنا.

==========

[1] ما بين قوسين ليس في (ب).

[2] في (ج): (فقال).

[ج 1 ص 85]

(1/522)

[حديث: عندنا من شعر النبي أصبناه من قبل أنس]

170# قوله: (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس، عن جدِّه أبي إسحاق، وزياد بن عِلاقة، وآدم بن عليٍّ، وجماعة، وعنه: يحيى بن آدم، ومحمَّد بن كثير، وأمم، تقدَّم الكلام عليه، وعلى بعض ترجمته، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ عَاصِمٍ): هذا هو [1] ابن سُلَيْمَان الأحول، البصريُّ الثِّقة الحافظ، روى عن عَبْد الله بن سرجس، وأنس، وغيرهما، وعنه: شُعْبَة، وابن عُليَّة، وخلق، قال أحمد: (ثقةٌ من الحفَّاظ)، مات سنة (142 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): تقدَّم أنَّه محمَّد بن سيرين، العلم المشهور (رحمة الله عليه، مشهور) [2] التَّرجمة، وتقدَّم عدد أولاد سيرين فيما مضى.

قوله: (قُلتُ لِعَبِيدَةَ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، [ومثله: عامر بن عَبِيدة، ذكره البخاريُّ في (كتاب الأحكام)، ومثله: عَبيدة بن حميد؛ روى له البخاريُّ، ومثله: عَبيدة بن سفيان الحضرميُّ، حديثه في «الموطَّأ» و «صحيح مسلم»، وليس لهم في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ» إلَّا هؤلاء، والمذكور في «البخاريُّ» [3] هنا هو (عَبِيدة بن عَمرو)] [4]، وهو عَبِيدة بن عمرو [5]، وقيل: ابن قيس السَّلْمانيُّ؛ بفتح السِّين، وإسكان اللَّام، قال ابن المدينيِّ: (حيٌّ من مراد)، ويقال: سلمان في قضاعة، هكذا قاله محمَّد بن حبيب في نسبه: (سلْمان)؛ بإسكان اللَّام، وأصحاب الحديث يحرِّكون اللَّام، [قال عَبَّاس الدوريُّ عنِ ابن مَعِين قال: (لَمْ يكن عيسى بن يونس يقول: عَبيدة السَّلْماني، كان يقول: السَّلَماني)، قال الغسَّانيُّ وغيره: (والمعروف فيه سكون اللَّام] [6]، بل قد جزم غير واحد به)، وهو أحد الأئمَّة، أسلم في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن عليٍّ، وابن مسعود، وعنه: إبراهيم، وابن سيرين، وأبو إسحاق، قال ابن عيينة: (كان يوازي شريحًا في العلم والقضاء)، توفِّي سنة (72 هـ)، وقيل: سنة (73 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (مِنْ قِبَلِ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وكذا التي بعده؛ أي: من عنده.

==========

[1] (هو): مثبت من (ج).

[2] ما بين قوسين ليس في (ب).

[3] (في «البخاري»): ليس في (ب).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[5] في (ب): (عمر).

[6] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[ج 1 ص 85]

(1/523)

[حديث: أن رسول الله لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول .. ]

171# قوله: (حَدَّثَنَا عَبَّادٌ): هذا هو ابن العَوَّام [1] الواسطيُّ، وهو بفتح العين، وتشديد الموحَّدة، أبو سهل، عن حصين، وعبد الله بن أبي نجيح، وعدَّة، وعنه: أحمد، وابن عرفة، وثَّقه أبو حاتم، قال أحمد: (حَدِيثه عنِ ابن أبي عَروبة مُضطرب)، مات سنة (185 هـ)، أخرج له الجماعة.

[قوله: (عن ابْنِ عَوْنٍ): هو عَبْد الله بن عون أبو عون، مولى عَبْد الله بن مغفل المزنيِّ، أحد الأعلام، لا عَبْد الله بن عون؛ ابن أمير مصر؛ هذا روى له مُسْلِم، والنَّسائيُّ، والأوَّل روى له الجماعة] [2].

قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): تقدَّم أعلاه أنَّه محمَّد بن سيرين المشهور التَّرجمة العلم الفرد.

قوله: (لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ): اعلم أنَّ هذا الحَلق كان بمنًى يوم الأضحى، وكان الحَالِق معمر بن عَبْد الله، وقيل: خراش بن أميَّة بن ربيعة الكلبيُّ، وصحَّح بعضهم: أنَّ خراشًا حلق رأسه المُكَرَّم بالحُدَيْبِيَة، ومعمرًا في حجَّة الوداع، وكذا في «مسند أحمد» من حديث معمر هذا: أنَّه حلق رأسه المكرَّم في حجَّة الوداع، والذي حلق رأسه المكرَّم في عمرة الجعرانة: هو أَبُو هَنْد عَبْد بني بياضة، وقيل: خراش بن أميَّة، وأمَّا الذِي حلق رأسه في القضيَّة؛ فلا أستحضره الآن.

==========

[1] في (ج): (القوام).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 85]

(1/524)

[حديث: إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا]

172# 173# قوله: (عن أَبِي الزِّنَادِ): هو عَبْد الله بن ذكوان، تقدَّم مرَّاتٍ، وأنَّه بالنُّون.

قوله: (عن الأَعْرَجِ): تقدَّم مرَّات أنَّه عَبْد الرَّحمن بن [1] هرمز، مشهور التَّرجمة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [2] قَالَ [3]: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): قال أَبُو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييد المهمل»: (قال البخاريُّ في «الوضوء»، وفي «الصَّلاة» في موضعين في بَاب «هَل يُؤَذِّنُ إِذَا جَمع بَيْنَ المَغْرِب وَالعِشَاء؟»، وفي باب «صلاة القاعد»، وفي «الأوقاف» [4]، و «مناقب سَعْدِ بْنِ عُبَادَة»، و «غَزْوِة خَيْبَر»، و «غَزْوِة الفَتْح»، و «الاستئذان»، و «الاعتصام»، و «الأحكام»: «حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حدثنا [5] عَبْدُ الصَّمَدِ»؛ يعني: ابن عَبْد الوارث، نسب الأصيليُّ الذِي في «الأوقاف»، و «غزوة الفتح»، و «الأحكام»: ابن منصور، وأهمل سائرها، ولم أجده لابن السَّكن ولا لغيره منسوبًا في شيء من هذه المواضع، وقد نسبه البخاريُّ في «باب مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»؛ فقال: «حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن منصور: حدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ ... »؛ فذكره، وذكر أَبُو [6] نصر: أنَّ إسحاق بن منصور، وإسحاق [7] بن إبراهيم يرويان عن عبد الصَّمَد، وقد روى مسلم في «باب تَقْلِيْد الغَنَم»: «عن إسحاق بن منصور، عن عَبْد الصمد بن عَبْد الوارث ... »؛ الحديث) انتهى.

[وقال شيخنا الشَّارح: (واختُلف في إسحاق؛ فقال أَبُو نعيم الأصبهانيُّ: هو ابن منصور الكوسج) انتهى، وقال حافظ مصر متأخِّر: وقع في رواية [8] أبي عليٍّ الشَّيويِّ [9] عنِ الفربريِّ في (باب وقف الأرض): (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ _هو ابن منصور_: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ)، وجزم أَبُو نعيم في «المستخرج»: بأنَّ الذِي في (باب إذا شرب الكلب)، وكذا الذِي في (التَّسليم) و (الاستئذان): هو الكوسج، قال: (وممَّا يدلُّ على أنَّه هو ... )؛ فذكر مكانًا من «البخاريِّ» صرَّح فيه بأنَّه: ابن منصور.

(1/525)

تنبيه: وقع من بعض النَّاس اعتراض على البخاريِّ بسبب إيراده أحاديث عن شيوخ لا يزيد على تسميتهم؛ لما يحصل في ذلك في اللَّبس ولا سيَّما إنْ شاركهم في ذلك ضعيف، وقد تكلَّم [10] [فيه] الحاكم، والكلاباذيُّ، وابن السَّكن، والجيَّانيُّ، وغيرهم، والله أعلم] [11]، فعلى أنَّه ابن منصور؛ فهو ابن منصور الكوسج الحافظ، يروي عنِ ابن عيينة فمن بعده، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وابن أبي داود، وأحمد بن حمدون الأعمشيُّ [12]، وخلق، توفِّي سنة (251 هـ)، أخرج له من الأئمَّة مَن روى عنه.

وأمَّا ابن إبراهيم؛ فالذي ظهر لي أنَّه [13]

[ج 1 ص 85]

ابن راهويه، وهو إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد الإمام أبو يعقوب المروزيُّ، عالم خراسان، مشهور التَّرجمة جدًّا، توفِّي في شعبان سنة (238 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): تقدَّم في كلام أبي عليٍّ الغسَّانيِّ أنَّه ابن عَبْد الوارث، وهو أبو سهل التَّنُّوْرِيُّ، حافظٌ حجَّة، عن هشام الدَّستوائيِّ، وشُعْبَة، وعنه: ابنه عَبْد الوارث، وعبد، وغيرهما، توفِّي سنة (207 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أَبُو حاتم: (صدوقٌ، صالحُ الحديث).

قوله: (عن أَبِي صَالِحٍ): هو ذكوان أَبُو صالح السَّمَّان الزيَّات، تقدَّم الكلام على بعض ترجمته.

قوله: (عن أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم [14] مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

[قوله: (أنَّ رَجُلًا): هذا الرجل لا أعرفه] [15].

قوله: (يَأْكُلُ الثَّرَى): هو التراب النَّدِيُّ.

قوله: (فَشَكَرَ اللهُ لَهُ): (الاسم الجليل): مرفوع فاعل؛ ومعناه: فشكر اللهُ؛ أي: أثابه الله [16]، وزكَّى ثوابه، وضاعفه، وقيل: قَبِلَ عَمَلَهُ، وقيل: أثنى عليه بذلك، وذكره لملائكته.

(1/526)

[حديث: كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد .. ]

174# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ): هو بفتح الشِّين المعجمة، ثُمَّ موحَّدة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحتُ ساكنة، ثُمَّ موحَّدة أخرى، وهو أحمد بن شبيب بن سعيد [1] الحَبَطيُّ_بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ موحَّدة كذلك، ثُمَّ طاء مهملة، والحبطات من تميم_ أبو عَبْد البصريُّ، نزيل [2] مكَّة، عن أبيه، ويزيد بن زُريع، ومروان بن معاوية، وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، وأبو زرعة، والذُّهليُّ، وعليُّ بن عَبْد العزيز البغويُّ، وجماعة، قال أبو حاتم: (صدوق)، وقال [3] ابن أبي عاصم: (مات سنة «229 هـ»)، أخرج له مع البخاريِّ النَّسائيُّ.

واعلم أنَّ ما علَّقه هنا عن شيخه أحمد بن شبيب؛ فهو محمول على السَّماع، غير أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم الكلام على نظيره مُطوَّلًا ضمن (باب لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ)؛ فانظره إنْ أردته.

قال شيخنا الشَّارح: (وقد وصله الإِسْمَاعِيليُّ فقال: «حَدَّثَنَا أبو يعلى: حَدَّثَنَا هارون بن معروف: حَدَّثَنَا ابن وهب: أخبرني يونس عنِ ابن شهاب، عن حمزة»؛ بلفظ: «وكانت الكلاب تبول، وتقبل، وتدبر .. »، ورواه أبو داود: «أحمد [4] بن صالح، عنِ ابن وهب»، ورواه أبو نعيم: «عن أبي إسحاق، عن إسحاق بن محمَّد: حَدَّثَنَا موسى بن سعيد عن أحمد بن شبيب»، وقال: «رواه البخاريُّ بلا سماع»، وقال الإِسماعيليُّ: ليس في حديث البخاريِّ: «تبول»، وهو كما قال وإنْ كان وقع في بعض نسخ «البخاريِّ») انتهى.

قوله: (عن يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تقدَّم الكلام [5] على بعض ترجمته.

قوله: (عن ابْنِ شِهَابٍ): هو أبو بكر محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، تقدَّم مرارًا.

قوله: (كَانَت الكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ .. ) إلى آخره: كذا في أصلنا، ومُخرَّج في الهامش نسخة وعليها علامة رواتها: (تبول و) بعد (الكلاب)، وهي [6] على [7] ثبوتها: تبقى الرِّواية: (كَانَت الكِلَابُ تَبُول وتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ)، وقد تقدَّم الكلام على ثبوتها وعدمه أعلاه؛ فانظره.

==========

[1] في (ج): (سعد)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ج): (نزل).

[3] في (أ): (قال).

[4] في (ج): (وأحمد).

[5] زيد في (ب): (عليه).

[6] في (ب): (وهي بعد الكلاب)، وفي (ج): (ووهي).

[7] في النسخ: (فعلى)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[ج 1 ص 86]

(1/527)

[حديث: إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل]

175# قوله: (عن ابْنِ أَبِي السَّفَرِ): هو بفتح السِّين المهملة والفاء، هو عَبْد الله بن أبي السَّفَر، سعيد بن يُحمِد، ويقال: أحمد الهمْدانيُّ الكوفيُّ، قال أحمد وابن معين: (ثقةٌ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (أَبُو السَّفَر)؛ بتحريك الفاء؛ كما قدَّمت، قال ابن الصَّلاح في «علومه»: (وجدت الكنى من ذلك بالفتح، والباقي بالإسكان)، قال: (ومن المغاربة من سكَّن الفاء من: أبي السَّفْر سعيد بن يحمد)، قال: (وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدَّارقطنيُّ عنهم) انتهى، وكذا قال الذَّهبيُّ في «مشتبه النسبة»، قال لي شيخنا أَبُو [1] الحجَّاج _يعني: المزِّيُّ_: (الأسماء بالسكون، والكنى بالحركة) انتهى.

قوله: (عن الشَّعْبِيِّ) [2]: تقدَّم مرَّات أنَّه عامر بن شراحيل، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه بفتح الشِّين المعجمة.

==========

[1] (أبو): ليس في (ج).

[2] (عن الشَّعبي): ليس في (ج).

[ج 1 ص 86]

(1/528)

[باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين]

قوله: (القُبُلِ وَالدُّبُرِ): (القُبُل) وَ (الدُّبُر): مجروران؛ بدل من (المَخْرَجين).

قوله: (وَقَوْلُ اللهِ): هو مجرور معطوف على (مَن).

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح أَبُو محمَّد القرشيُّ مولاهم المكِّيُّ، أحد الأعلام، عن عائشة، وأبي هريرة، وغيرهما، وعنه: الأوزاعيُّ، وابن جريج، وأبو حنيفة، واللَّيث، وأمم، مات سنة (114 هـ)، وقيل: سنة (115 هـ)، وله ثمانون سنة، تقدَّم، أخرج له الجماعة.

قوله: (دُبُرِهِ): هو بضمِّ الدَّال والباء، ويجوز تسكينها؛ معروف.

قوله: (الوُضُوءَ): هو بضمِّ الواو: الفعل، ويجوز فتح الواو، وقد تقدَّم مرارًا.

قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، الإمام، واسم أبي الحسن: يسار؛ بالمثنَّاة تحتُ في أوَّله، ثُمَّ سين مهملة، وكنية الحسن: أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت، وقيل: مولى جميل بن قطبة، وقيل غير ذلك، وأبوه _يسار_ مِن سبي ميسان، أعتقته الرُّبيِّع بنت [1] النضر، وُلِد الحسن زمن عمر رضي الله عنه، وسمع عثمان رضي الله عنه، وشهد الدار وهو ابن أربعَ عشرةَ سنة، وروى عن عمران بن الحصين، وأبي موسى، وابن عَبَّاس، وخلق، وعنه: ابن عون، ويونس، وأمم، وكان إمامًا كبير الشَّأن، رفيع الذكر، رأسًا في العلم والعمل، مات في رجب سنة عشر ومئة، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، ذكره في «الميزان» لشيءٍ [2] بدا مِنْهُ، لَمْ يَقْصِده في القدر، وقد صحَّح عليه.

قوله: (أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ [3]؛ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ): اعلم أنَّه إذا خلع خفَّيه وهو بطهر المسح؛ ففيه أربعة أقوال للعلماء؛ أحدها: استئناف الوضوء من أوَّله، وبه قال مكحول، وابن أبي ليلى، والزُّهْرِيُّ، والأوزاعيُّ، وأحمد، وإسحاق، والشَّافعيًّ في القديم.

ثانيها: يغسل رجليه مكانه، فإنْ لَمْ يفعل؛ استأنف الوضوء، وبه قال مالك واللَّيث.

ثَالِثها: يغسلهما إذا أراد الوضوء، وبه قال الثَّوريُّ، وأبو حنيفة، والشَّافعيُّ في الجديد، والمزنيُّ، وأبو ثور.

(1/529)

رابعها: أنَّه لا شيء عليه ويصلِّي كما هو، وهو قول الحسن وقتادة، وروي مثله عنِ النَّخعيِّ، وقد اختاره النَّوويُّ في «شرح المهذَّب»، وهو وجه حكاه شيخنا المؤلِّف فيما قرأته عليه في «شرح المنهاج العُجَالة» عن حكاية الأستاذ أبي إسحاق الإسفراينيِّ في «مصنَّف» له في أصول الفقه، قال: (وهو غريب نقلًا، مختار دليلًا) انتهى، وقد رأيتُ أنا حديثًا في «أحكام عَبْد الحق» يشهد لهذا الحكم، عن عَبْد الرزاق في «مصنَّفه»: (حَدَّثَنَا معمر عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي ظبيان الجنبيِّ قال: رأيت عليًّا رضي الله عنه بال قائمًا

[ج 1 ص 86]

حتَّى أرغى، ثُمَّ توضَّأ، ومسح على نعليه، ثُمَّ دخل المسجد فخلع نعليه وجعلهما في كمِّه، ثُمَّ صلَّى، قال معمر: وأخبرني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عنِ ابن عَبَّاس رضي الله عنهمَا، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بمثل صنيع هذا).

قوله: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/530)

قوله: (ويُذْكر عَن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ [4]): (يُذكر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذه صيغة تمريض؛ لأنَّه لَمْ يصحَّ عنده على شرطه، وإذا أتى به مجزومًا به؛ كـ (قال)، أو (روى)، ونحو ذلك؛ فإنَّه يكون صحيحًا عنِ الذي نقله عنه، ويبقى الشأن منه إلى من فوقه، فتارة يكون على شرطه، وتارة لا يكون، وقد قدَّمت مثل ذلك، فإنَّه لا يَجزِم بذلك عنه إلَّا وقد صحَّ عنده عنه ذلك، ثُمَّ صحَّة الحديث أو الأثر مطلقًا تتوقَّف على ثقة رجاله، واتِّصاله من موضع التَّعليق، فإنْ كان فيمن أبرزه من لا يحتج به؛ فليس فيه إلَّا الحكم بصحَّته عمَّن أسند إليه؛ كقول البخاريِّ: وقال بهز، عن أبيه، عن جدِّه، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الله أحقُّ أنْ يُستحيا منه»، قال ابن الصَّلاح: (فليس هذا من شرطه قطعًا، ولذلك [5] لم يورده الحميديُّ في «جمعه بين الصَّحيحين»)، وإنْ ورد ممرَّضًا _كالذي نحن فيه_؛ كقوله: (يروى)، و (يُذكر)، و (ذكر) [6]، و (رُوي)، ونحو ذلك، كما قال فيما يأتي: ويروى عنِ ابن عَبَّاس، وجرهد، ومحمَّد بن جحش عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الفخذ عورة»؛ لأنَّ هذه الألفاظ استعمالها في الضَّعيف أكثر وإن استُعمِلت في الصَّحيح، وكذا قوله: (وفي الباب)؛ فإنَّه يستعمل في الأمرين معًا، قال ابن الصَّلاح: (ومع ذلك فإيراده له في أثناء «الصَّحيح» مُشعِر بصحَّة أصله، إشعارًا يُؤنس به، ويُركن إليه)، وحمل ابن الصَّلاح قول البخاريِّ: (ما أدخلت في كتابي «الجامع» إلَّا ما صحَّ، وقول الأئمَّة في الحكم بصحَّته)، على أنَّ المراد مقاصد الكتاب، وموضوعه، ومتون الأبواب دون التراجم ونحوها، والله أعلم.

وتعليق جَابر هذا أسنده أبو داود، وصحَّحه ابن حبَّان من حديث ابن إسحاق، أخرجه أبو داود في (الطَّهارة): عن أبي توبة، عنِ ابن المبارك، عن محمَّد [7] بن إسحاق، عن صدقة بن يسار، عن عَقيل بن جَابر بن عَبْد الله الأنصاريِّ، عن أبيه به.

(1/531)

قوله: (كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقاع): اعلم أنَّ ذات الرِّقاع كانت في السَّنة الرَّابعة، وقد ذكرها البخاريُّ قبل (خيبر)، وسيأتي في ذلك كلام في مكانه، فإنَّه متعَّقب لا شكَّ في تعقُّبه وإن قاله بعضهم، وسُمِّيت ذات الرِّقاع؛ لأنَّهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال: ذات الرِّقاع [8]: شجرة بذلك الموضع، وقيل: لأنَّ أقدامهم نقبت [9] فكانوا يلفُّون عليها الخرق، وهذا هو الصَّحيح [10]، وقيل: بل الجبل الذي نزلوا عليه، كانت أرضه ذات ألوان تشبه الرِّقاع، وقيل: لأنَّ صلاة الخوف كانت بها [11]، فسُمِّيت بذلك؛ لترقيع الصَّلاة فيها.

قوله: (فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ): (رُمي) [12]: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رجلٌ): مرفوع منوَّن نائب مناب الفاعل، والرجل هو عبَّاد بن بشر؛ بالموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، والحديث في «أبي داود»، وصحَّحه ابن حبَّان، والنائم المذكور في أصل الحديث في «أبي داود» [13]: هو عمَّار بن ياسر، والسورة التي قال فيه: (لَمْ أقطعها): (الكهف)، ذكر ذلك ابن بشكوال في «مبهماته»، وقيل: المرميُّ عمارة بن حزم، والمشهور أنَّه عبَّاد، حكى ذلك المنذريُّ بزيادة المهاجريِّ والسورة عنِ البيهقيِّ.

قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، واسم أبي الحسن: يسار، تقدَّم قريبًا مع بعض ترجمته.

قوله: (وَقَال طَاوُوسٌ): هو ابن كيسان الإمام أبو عَبْد الرَّحمن اليماني، من أبناء الفرس، وقيل: اسمه: ذكوان فلُقِّب، فقال ابن معين: (لأنَّه كان طاووس القرَّاء)، روى عن أبي هريرة، وابن عَبَّاس، وعائشة، وغيرهم، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وسُلَيْمَان التيميُّ، وابنه عَبْد الله بن طاووس، قال عمرو بن دينار: (ما رأيت أحدًا مثله قطُّ) انتهى، كان رأسًا في العلم والعمل، توفِّي بمكَّة سنة (106 هـ)، أخرج له الجماعة.

(1/532)

قوله: (وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ): يحتمل أنْ يكون هذا [14] الباقر، ويحتمل أنْ يكون ابن الحنفيَّة، ولم يتعرَّض شيخنا لعزو أثره، [وقد عزاه بعض حفَّاظ العصر إلى «فوائد سمُّويه» [15]] [16]، فإنْ كان الباقر؛ فهو أبو جعفر محمَّد بن عليِّ بن الحسين بن عليٍّ الباقر، أمُّه أمُّ عَبْد الله بنت السيِّد الحسن رضي الله عنه، يروي عن أبويه، وجَابر، وابن عمر، وغيرهم، وعنه: ابنه جعفر الصَّادق، والزُّهْرِيُّ، وابن جريج، والأوزاعيُّ، وغيرهم، ولد سنة (56 هـ)، ومات سنة (118 هـ) على الأصحِّ، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة [17]، [وهذا أرجح الاحتمالين فيما ظهر لي، وذلك لأنَّ الباقر من فقهاء أهل المدينة وأئمَّتهم، ولأنَّ وفاته [18] قريبة من وفاة طاووس، بخلاف ابن الحنفيَّة، فإنَّه متقدَّم الوفاة عليهما، ولأنَّ [19] البخاريَّ لو أراد ابن الحنفيَّة؛ قدَّمه على طاووس لِقِدَمه، والله أعلم، (وجزم به بعض حفَّاظ العصر) [20]] [21]، وإنْ كان ابن الحنفيَّة؛ فهو ابن عليِّ بن أبي طالب، وقد تقدَّم بعض ترجمته، توفِّي سنة ثمانين، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَعَطَاءٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي رباح، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (بَثرَةً): هي بإسكان الثَّاء المثلَّثة؛ وهي خُراج صغير.

قوله: (فَلَم يَتَوَضَّأْ): تقدَّم أنَّه يجوز فيه: يتوضَّ، ويتوضَّأ، ويتوضَّا، من حيث العربيَّة.

قوله: (وَبَزَقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى): هو عَبْد الله بن أبي أوفى، واسم أبي [22] أوفى: علقمة [23] بن خالد، صحابيّ _عبد الله_ بن صحابيٍّ رضي الله عنهما، الأسلميُّ، عنه: عمرو بن مُرَّة، وابن أبي خالد، توفِّي سنة (86 هـ) بالكوفة، أخرج له الجماعة، وهو مشهور التَّرجمة والمناقب رَضِيَ الله عنه، [وقد عزا أثره بعض حفَّاظ العصر إلى ابن أبي شيبة، قال: (ورواه عبد الرزَّاق)؛ فذكره] [24].

قوله: (وَالحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريِّ يسار، تقدَّم بعض ترجمته قريبًا.

==========

[1] في (ج): (سبي شيبان، أعتقه الربيع بن).

[2] في (ب) و (ج): (بشيء).

[3] في (ج): (خفه).

[4] (بن عبد الله): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وكتب فوقها في (ق): (زائد ... إلى).

[5] في (ب): (وكذلك).

[6] (وذكر): ليس في (ج).

[7] (محمد): ليس في (ب).

[8] زيد في (ج): (الرِّقاع).

[9] في (ج): (تعبت).

[10] زيد في (ج): (إن شاء الله)، وضرب عليها في (أ).

[11] في (ج): (فيها).

(1/533)

[12] في (ب): (فرُمي).

[13] (في «أبي داود»): ليس في (ب).

[14] في (ج): (هو).

[15] في (ب): (طوائف حمويه).

[16] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[17] (السِّتة): ليس في (ب).

[18] في (ج): (وفاتهم).

[19] في (ج): (ولو أنَّ).

[20] ما بين قوسين ليس في (ج).

[21] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: («فرائد سمويه»).

[22] (أبي): ليس في (ب).

[23] في (ب): (علية)، وزيد فيها: (بن أبي أوفى).

[24] ما بين معقوفين ليس في (ب) و (ج).

(1/534)

[حديث: لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة]

176# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه محمَّد بن عَبْد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام.

قوله: (عن سَعِيدٍ المَقْبرِيِّ): تقدَّم الكلام عليه، وعلى نسبه، وأنَّه بضمِّ الموحَّدة وفتحها.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَا لَمْ يُحْدِثْ): قال ابن قُرقُول: (فسَّره أبو هريرة ومالك: بحدث الوضوء، وفسَّره ابن أبي أوفى: بحدث الإثم، وفي رواية النَّسفيِّ في باب «الصَّلاة في السُّوق»: «ما لَمْ يُؤذِ؛ يُحْدِثْ فيه»، وفي بعض الرِّوايات: «ما لَمْ يحدث فيه أو يؤذ فيه»، قال الدَّاوديُّ: «ما لَمْ يحدِّثْ» بالحديث

[ج 1 ص 87]

من غير ذكر الله) انتهى.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ: مَا الحَدَثُ): هو أبو رافع، وذلك لأنَّ في «صحيح مسلم» من طريقه عن أبي هريرة، قلت: ما يُحْدِثُ [1]؟ قال: يفسو أو يضرِط [2]، وأبو رافع هذا: اسمه نُفَيع الصَّائغ المدنيُّ، وهو مولى ابنة عمر بن الخطَّاب، وقيل: مولى ليلى بنت العجماء، وقد ذكر المحبُّ الطَّبريُّ هذا الحديث في «أحكامه»، فقال فيه: (قال أبو رافع لأبي هريرة: ما الحدث؟ قال: يفسو أو يضرِط) انتهى، ويحتمل أنْ يكون غيره.

==========

[1] في (ب) و (ج): (الحدث).

[2] في (ج): (تفسو أو تضرط).

(1/535)

[حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا]

177# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ): تقدَّم مرَّات أنَّه هشام بن عَبْد الملك الطَّيالسيُّ.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ.

قوله: (عَنْ عَمِّهِ): تقدَّم أنَّ عمَّه عَبْد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ؛ مازنُ الأنصار، وتقدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه.

==========

[1] في (ب): (مرات).

[ج 1 ص 88]

(1/536)

[حديث علي: كنت رجلًا مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله]

178# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عَبْد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم [1] بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرَّات أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ، وَتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى الثَّوْرِيِّ): تقدَّم أنَّه بالثَّاء المثلَّثة؛ كسفيان الثَّوريِّ.

قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ ابنِ الحَنَفيَّةِ): تقدَّم أنَّه محمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ الحنفيَّة: اسمها خولة، وتقدَّم نسبها.

قوله: (مَذَّاءً): أي: كثير المذي، وتقدَّم اللُّغات في المذي.

قوله: (وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عنِ الأَعْمَشِ): تعليق شُعْبَة أخرجه مُسْلِم في (الطَّهارة)، والنَّسائيُّ في (الطَّهارة) وفي [1] (العلم).

[قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مهران الكاهليُّ] [2].

==========

[1] في (ب): (وتقدم).

[2] (في): ليس في (ج).

[ج 1 ص 88]

(1/537)

[حديث زيد بن خالد: أرأيت إذا جامع فلم يمن؟]

179# قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كَثير _بفتح الكاف، وبالمثلَّثة_ تقدَّم الكلام على شيء من ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وهو ابن عَبْد الرَّحمن بن عوف، أحد الأئمَّة، وتقدَّم الخلاف في اسمه هل هو عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل.

قوله: (أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ): هو بالمثنَّاة تحتُ، ثُمَّ السِّين [1] المهملة، تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (فَلَمْ يُمْنِ): هو بضمِّ أوَّله، وهو الأفصح وبه جاءت الرِّواية والقرآن في قوله: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ} [الواقعة: 58]، وفيه لغة [2] ثانية: بفتح أوَّله، وثَالِثة: وهي ضمُّها مع فتح الميم، وتشديد النُّون.

قوله: (فقَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ... ) إلى آخر الكلام: تنبيه: قال الدِّمياطيُّ فيه قبيل كتاب [3] (الحيض) ما لفظه: (روى سعيد بن المُسَيّب عن عثمان، بخلاف هذا في «الموطَّأ» و «مصنَّف سعيد بن منصور») انتهى.

تنبيه ثانٍ: قال أَبُو محمَّد ابن حزم الحافظ الظَّاهريُّ: (وممَّن رأى أنْ لا غسل من الإيلاج في الفرج إنْ لَمْ يكن أنزل: عثمان بن عفَّان، وعليُّ بن أبي طالب، والزُّبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقَّاص، وابن مسعود، ورافع بن خديج، وأبو سعيد الخُدْرِيِّ، وأُبيُّ بن كعب، وأبو أيُّوب الأنصاريُّ، وابن عَبَّاس، والنُّعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، وجمهرة [4] الأنصار رضي الله عنهم، وعطاء بن أبي رباح، وأبو سلمة بن عَبْد الرَّحمن، وهشام بن عروة، وبعض أصحاب الظَّاهر، وقد روي عن بعضهم ما يخالفه [5]) انتهى.

وقال [6] النَّووي في «شرح مسلم»: (إنَّ الأمَّة مجمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع وإنْ لَمْ يكن معه إنزال، وعلى وجوبه بالإنزال، وكان جماعة من الصَّحابة على أنَّه لا يجب إلَّا بالإنزال، ثُمَّ رجع بعضهم، وانعقد الإجماع بعد الآخرين)، وذكر بعيد ذلك في الشَّرح المذكور قال: (وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه خلاف لبعض الصَّحابة ومن بعدهم، ثُمَّ انعقد الإجماع على ما ذكرناه [7]) انتهى، واعلم أنَّه منسوخ بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ»، وغيره.

(1/538)

تنبيه ثَالِث: قال ابن قيِّم الجوزيَّة في «معاليم [8] الموقعين» في فصل يتعلَّق بالفتوى ما لفظه: (والنَّسخ الواقع في الأحاديث التي أجمعت عليه الأمَّة [9] لا تبلغ عشرة أحاديث ألبتة، بل ولا شطرها) انتهى.

==========

[1] في (ج): (بالسِّين).

[2] (لغة): ليس في (ج).

[3] في (ج): (باب).

[4] في (ج): (وجمهور).

[5] في (ب): (يخالفهم).

[6] في (ب): (قال).

[7] في (ج): (ذكرنا).

[8] في (ج): (معالم).

[9] في (ب): (الأئمة).

[ج 1 ص 88]

(1/539)

[حديث: إذا أعجلت أو قحطت فعليك الوضوء]

180# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ): كذا في أصلنا، وفي نسخة وهي داخل أصلنا: (ابن منصور بن بهرام [1]، أَخْبَرَنَا النَّضر)، وقد قال أَبُو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _أَي: البخاريُّ_ في «الصَّلاة»، وسورة «البقرة» في موضعين، و «الفضائل»، و «اللِّباس»، و «الأدب»، و «خبر الواحد»: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا النَّضر»، نسبه ابن السَّكن في بعض هذه المواضع: إسحاق بن إبراهيم، وفي نسخة الأصيلي في باب «من لَمْ يرَ الوضوء إلَّا من المخرجين» _يعني: هذا المكان_ قال البخاريُّ: «حَدَّثَنَا إسحاق بن منصور: أَخْبَرَنَا النَّضر»، وقال أَبُو نصر: «النَّضر بن شميل يروي عنه إسحاق بن منصور، وإسحاق بن إبراهيم») انتهى ملخَّصًا.

وقال شيخنا الشَّارح: (رواه أَبُو نعيم الأصبهانيُّ في «المستخرج»: «وقال إسحاق بن إبراهيم: أَخْبَرَنَا النَّضر»، ورواه من طريق إِسْمَاعِيل بن إبراهيم عنِ النَّضر، وقال في آخره: (أخرجه _يعني: البخاريُّ_ عن إسحاق الكوسج، عنِ النَّضر)، فهذا يدلُّ على أنَّ الإسحاقين روياه عنِ النَّضر، وأنَّ إسحاق الذي روى عنه [2] البخاريُّ الكوسجُ، كما صرَّح به أَبُو نعيم، ولم يقل أنَّه الذي رواه من طريقه، ويؤيِّد ذلك ما ذكره الجيَّانيُّ: (أنَّ في نسخة الأصيليِّ في هذا السَّند: «إسحاقَ بن منصور: أَخْبَرَنَا النَّضر»، ثُمَّ ذكر كلام الكلاباذيِّ) انتهى، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»؛ فرأيته لَمْ ينسبْه، بل قال: (إسحاق) فقط.

قوله: (أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن شميل، وكذا قال [3] المِزِّيُّ في «أطرافه»، والنَّضر بن شميل هو أَبُو الحسن المازنيُّ البصريُّ النَّحويُّ، شيخ مروَ ومحدِّثها، ثقة، صاحب سنَّة [4]، تقدَّم بعض ترجمته، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنِ الحَكَمِ): هو ابن عُتَيْبة _بِضَمِّ العين، ثُمَّ بمثنَّاة فوقُ مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحتُ ساكنة، ثُمَّ موحَّدة، ثُمَّ تاء التَّأنيث_ الكنديُّ مولاهم، فقيه الكوفة، ثقة، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ لهم آخر يقال له: الحكم بن عتيبة، ذكره الذَّهبيُّ في «الميزان» مُتكلَّم فيه، وأنَّ البخاريَّ جعلهما واحدًا، فعُدَّ من أوهامه.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيِّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ الخُدْرِيَّ بالدَّال المهملة.

(1/540)

قوله: (أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِن الأَنْصَارِ): هذا الرَّجل هو عتبان بن مالك الأنصاريُّ الخزرجيُّ السَّالميُّ البدريُّ، ولم يذكره ابن إسحاق فيهم، وساق له ابن بشكوال شاهدًا، وقيل: رافع بن خديج، وساق له شاهدًا آخر، وقيل: اسمه صالح، وساق له شاهدًا آخر، وقال الخطيب: (عتبان، وقيل: ابن عتبان)،

[ج 1 ص 88]

قال النوويُّ: (وهو غلط، والصَّواب: عتبان)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وفي «مختصر الاستيعاب»: أَبُو عثمان الأنصاريُّ، ذكره ابن السَّكن، وذكر له قصَّة مثل هذه) انتهى.

قوله: (إِذَا أُعْجِلتَ أَوْ قُحِطْتَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة وهي في أصلنا في الأصل: (أقحطت) [5]؛ بالهمز، (أُعجِلت أو أُقحطت)؛ بضمِّ الهمزة، وكسر الجيم، و (أُقحِطت)؛ بضمِّ الهمزة، وكسر الحاء، كذا قيَّدناه بالهمزة [6] فيهما، وروي: بحذفها، وعُزِي إلى [7] الأمَّهات، وذكر صاحب «الأفعال»: (أنَّه يقال: أقحط الرَّجل؛ إذا كسل في الجماع عنِ الإنزال)، ولم يذكر: قحط، وقال ابن الجوزيِّ: (أصحاب الحديث يقولون: قَحطت؛ بفتح القاف)، وقال لنا عَبْد الله بن أحمد النَّحويُّ: (الصَّواب: ضمُّ القاف)، وفي «مسلم»: (أَقحَطت)؛ بفتح الهمزة والحاء، وعند ابن بشَّار: بضمِّ الهمزة، وكسر الحاء، والرِّوايتان صحيحتان، ومعنى الإقحاط: عدم إنزال المني، وهو استعارة من قحوط المطر؛ وهو انحباسه، وحَكى الفرَّاء: (قحِط المطر؛ بالكسر، وأصله الفتح)، وهذا مختصر من كلام شيخنا الشَّارح، ولابن قُرقُول وغيره فيه كلام، ولكنَّ هذا أجمع.

قوله: (فَعَلَيْكَ الوُضُوءُ): بالنصب على الإغراء، ويجوز رفعه [8] على الابتداء.

قوله: (تَابَعَهُ وَهْبٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): الضَّمير في (تابعه) يعود على النَّضر بن شميل، و (وهب) هذا: هو ابن جرير بن حازم الأزديُّ، الحافظ، عنِ ابن عون وهشام بن حسَّان [9]، وعنه: أحمد والدقيقيُّ [10]، ثقة، مات سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه غير واحد، وله ترجمة في «الميزان»، ومتابعة وهب عن شُعْبَة لَمْ أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولا خرَّجها شيخنا، [وقال بعض حفَّاظ العصر: (أخرجها ابن منده عَبْد الوهَّاب بن أبي عَبْد الله، وأبو القاسم القشيريُّ الأستاذ)، وساق سندهما بذلك] [11].

(1/541)

قوله: (لَمْ يَقُل [12] غُنْدرٌ وَيَحْيَى عن شُعْبَةَ [13]): أمَّا (غُنْدر)؛ فهو محمَّد بن جعفر تقدَّم، وتقدَّم مَن لقَّبه بهذا، وأنَّ غُنْدرًا المُشَغِّب، وأنَّ دالَه بالضِّمِّ والفتح، وحديثه عن شُعْبَة أخرجه مُسلم، وأخرجه ابن ماجه، و (يحيى): هو ابن سعيد القطَّان، حافظ الإسلام [14]، تقدَّم الكلام على بعض ترجمته.

==========

[1] في (ج): (مهرا).

[2] (عنه): ليس في (ج).

[3] في (ج): (قاله).

[4] في (ب): (صاحب حديث وسنة).

[5] في (ج): (قحطت).

[6] في (ج): (بالهمز).

[7] (إلى): ليس في (ج).

[8] في (ب) و (ج): (رفعها).

[9] في (ب): (حيان).

[10] في (ب): (والدقيق).

[11] ما بين معقوفين ليس في (ب) و (ج).

[12] في هامش (ق): (قوله: «ولم يقل ... » إلى آخره: ليس في الأصل).

[13] (عن شعبة): ليس في (ج).

[14] (حافظ الإسلام): ليس في (ج).

(1/542)

[باب الرجل يوضئ صاحبه]

(باب الرَّجُلُ يُوَضِّئُ صَاحِبَهُ) ... إلى (باب اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ)

ذكر في هذا الباب حديث أسامة، وَحديث المغيرة رضي الله عنهما، قال ابن المُنَيِّر في «تراجمه»: (قاس البخاريُّ توضئة الغير له على صبِّه عليه؛ لاجتماعهما في معنى الإعانة على أداء الطَّاعة، والله أعلم).

==========

[ج 1 ص 89]

(1/543)

[حديث: المصلى أمامك]

181# قوله: (حَدَّثَنِي ابنُ سَلَامٍ): وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (محمَّد بن سلام)، وهو هو، وقد [1] تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ والده الأصحُّ فيه التَّخفيف.

قوله: (عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ): غلب على ظنِّي أنَّه يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، فإنْ كان هو؛ فهو يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاريُّ، أبو سعيد قاضي السَّفاح، عن أنس، وابن المُسَيّب، وعنه: مالك، ويحيى بن سعيد القطَّان، وهو حافظ إمام، فقيه [2] حجَّة، مات سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، والله أعلم.

قوله: (الشِّعْبِ): تقدَّم أنَّه بكسر الشِّين المعجمة، وإسكان العين، وأنَّه الطَّريق في الجبل.

==========

[1] (قد): ليس في (ج).

[2] (فقيه): ليس في (ج).

[ج 1 ص 89]

(1/544)

[حديث: كان مع رسول الله في سفر وأنه ذهب لحاجة له]

182# قوله: (في سَفَرٍ [1]): هذه السَّفرة كانت غزوة تبوك، كما في «الصَّحيح»، وهي في سنة تسع من الهجرة.

==========

[1] في (ب): (السفر).

[ج 1 ص 89]

(1/545)

[باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره]

[قوله: (بَاب قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ): ثمَّ أخرج حديث ابن عَبَّاس: (أنَّه بات عند ميمونة ... )؛ الحديث، اعترض الإِسْمَاعِيليُّ على البخاريِّ بأنَّه إذا فرَّق بين نوم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ونوم غيره؛ لَمْ يقع هذا الحديث في هذا الباب، أجاب الإمام تقيُّ الدين السُّبكيُّ: (لعلَّ البخاريَّ احتجَّ بفعل ابن عَبَّاس بحضرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أو تقول: إنَّ هنا [1] زيادةً على النَّوم وهو اضطجاعه مع أهله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّ [2] اللَّمس ينقض الوضوء) انتهى، وقال شيخنا المؤلِّف: (ووجهه قراءته عليه الصَّلاة والسَّلام العشر الآيات من آخر «آل عمران» بعد قيامه من نومه [3] قبل وضوئه) انتهى، وهذا ماشٍ على قول من قال: إنَّه لا فرق بينه عليه الصَّلاة والسَّلام وبين [4] غيره في النَّوم، وهو وجه ضعيف، والله أعلم] [5].

قوله: (مَنْصُورٌ): هذا هو ابن المعتمر، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

[قوله: (لَا بَأْسَ بِالقِرَاءَةِ في الحَمَّام): اعلم أنَّ في قراءة القرآن في الحمَّام للشافعيَّة فيها آراء؛ الكراهة، وخلاف الأدب، والإباحة [6]، والتفرقة بين السِّر والجهر، وبين المكان النَّظيف الخالي عن كشف العورة وغيره، ذكر ذلك تاج الدين السُّبكيُّ في «طبقات الشَّافعيَّة» في ترجمة محمَّد بن منصور ابن السَّمعانيِّ] [7].

قوله: (وَقَالَ حمَّاد عَنْ [8] إِبْرَاهِيمَ): أمَّا (حمَّاد)؛ فهو ابن أبي سُلَيْمَان مُسْلِم الأشعريُّ مولاهم، الكوفيُّ، الفقيه، أبو إِسْمَاعِيل، عن أنس، وابن المُسَيّب، وإبراهيم، وعنه: ابنه إِسْمَاعِيل، ومسعر، وأبو حنيفة، وشُعْبَة، وكان ثقةً إمامًا مجتهدًا كريمًا جوادًا، توفِّي سنة (120 هـ)، أخرج له مسلم والأربعة، له ترجمة في «الميزان» فيها: (تُكلِّم فيه [9] للإرجاء، ولولا ذكر ابن عديٍّ له في «كامله»؛ لما أوردته)، ثُمَّ شرع يتكلَّم عليه، وأمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد النَّخعيُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

==========

[1] في (ب): (هذا).

[2] (أنَّ): ليس في (ب)، وهي سواد في (أ).

[3] في (ب): (النَّوم).

[4] (بين): ليس في (ب).

[5] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[6] في (ب): (والوجه).

[7] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[8] في (ج): (بن)، وهو تحريفٌ.

(1/546)

[9] في النسخ: (فيها)، والمثبت موافق لما في «الميزان».

[ج 1 ص 89]

(1/547)

[حديث ابن عباس: أنه بات ليلة عند ميمونة]

183# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل): تقدَّم غيرمرَّة أنَّه ابن أبي أويس عَبْدِ الله، ابن أخت مالك الإمام المجتهد صاحبِ المذهب.

قوله: (في عَرْضِ الوِسَادَةِ): هو بفتح العين، وكذا في أصلنا بالقلم، قال ابن قُرقُول: (بفتح العين عند أكثر شيوخنا، وهو ضدُّ الطُّول، ووقع عند بعضهم _منهم: الدَّاوديُّ، وحاتم الأطرابُلسيُّ، والأصيليُّ_ في موضع من «البخاريِّ»: بضمِّ العين؛ وهو النَّاحية والجانب، والفتح [1] أظهر).

قوله: (إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ): تقدَّم أنَّ الشَّنَّ _بفتح الشِّين المعجمة، وتشديد النُّون_: القربة البالية.

قوله: (وَأَخَذَ بِأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا): تقدَّم أنَّ الذين حَوَّلهُم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الشَّمال إلى اليمين أربعة [2] من الصَّحابة: ابن عَبَّاس في «البخاريِّ» و «مسلم»، وجَابر بن عَبْد الله في «مُسلم»، وجبَّار بن صخر في «مُسند أحمد»، (وحذيفة بن اليماني في «زوائد المعجمين» [3]) [4].

==========

[1] (والفتح): ليس في (ب).

[2] في (ج): (ثلاثة)، وكذا كانت في (أ) قبل الإصلاح.

[3] في (ب): (رواية المعجم).

[4] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 89]

(1/548)

[باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل]

قوله: (مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ): يجيء فيه ثلاثة أوجه: يتوضَّ، ويتوضَّأ، ويتوضَّا.

قوله: (إِلَّا مِنَ الغَشِيِّ): هو بكسر الشِّين، وتشديد الياء، ويقال: (الغشْي)؛ بإسكان الشِّين، وهما بمعنًى، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 89]

(1/549)

[حديث: ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا]

184# [قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا [1] هو ابن أبي أويس، تقدَّم، ومالك خاله، تقدَّم] [2].

قوله: (عن امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ): تقدَّم أنَّها فاطمة بنت المنذر بن الزُّبير بن العوَّام، زوج هشام، وتقدَّم بعض ترجمتها، وتكلَّمتُ في رواية ابن إسحاق عنها، وأنَّه قد تُكلِّم فيه بسبب ذلك، انتهى [3]، ولا يقدح ذلك فيه، والله أعلم.

قوله: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ): اعلم أنَّه يقال: الكسوف والخسوف جميعًا في الشَّمس والقمر، وفي القرآن: {وَخَسَفَ القَمَرُ} [القيامة: 8]، وقال بعض أهل اللُّغة: لا يقال في الشَّمس إلَّا خُسِفت، وفي القمر إلَّا كُسِف)، وقد انفرد عروة به، والقرآن يردُّه، ولعلَّه [4] خطأ من النَّاقلين عنه، وقال اللَّيث بن سعد: (يقال الخسوف فيهما، والكسوف في الشَّمس فقط)، وقال ابن دريد: (يقال [5]: خسف القمر، وانكسفت الشَّمس)، وقال يعقوب: (لا يقال: انكسفت الشَّمس، وقال بعضهم: لا يقال: انكسف القمر أصلًا، ولا يقال إلَّا: خُسِف القمر، وكُسِفتِ الشَّمس، وكسفها الله؛ فهي مكسوفة، وأكسفها الله إكسافًا، والخسوف: المغيب، والكسوف: التَّغيُّر [6]، والأحاديث تدلُّ على أنَّهما سواء)، وقال الشَّيخ النَّوويُّ: (خسف القمر، وخسفت الشَّمس، وكسفا، وانكسفا، وانخسف، وانخسفتْ، وانكسف، وانكسفتْ، وخسفا، وكُسِفا، كلُّها لغات صحيحة، وثبتت [7] كلُّها في «البخاريِّ» و «مسلم» من لفظ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، وقال الأزهريُّ: (قال أَبُو زيد: يقال: خسفتِ الشَّمس، وكسفت، وخسفت بمعنًى واحد)، وقد عقد لذلك البخاريُّ بابًا يأتي.

فائدة: روى عنه عليه الصَّلاة والسَّلام الكسوف نيِّفٌ وعشرون صحابيًّا، عدَّ منهم التِّرمذيُّ سبعة عشر نفرًا، وسيأتي الكلام على حين كسوفها، وما قاله الأئمَّة في ذلك، وأنَّ الصَّحيح: أنَّ الشَّمس لَمْ تنكسف في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام إلَّا مرَّة، كذا قاله المحقِّقون؛ كالشَّافعيِّ، وأحمد، وغيرهما، وأنَّه لَمْ يُصلِّ لها إلَّا مرَّة إنْ شاء الله تَعَالَى في بابه.

[تنبيه: كسفتِ الشَّمس في السَّنة السَّادسة في رمضان، وسيأتي مُطوَّلًا في بابه وما فيه] [8].

[ج 1 ص 89]

(1/550)

قوله: (حَتَّى تَجَلَّانِي الغَشْيُ [9]): قال ابن قُرقُول: (هكذا هو في «الموطَّأ»، ولم أجد لهذه اللَّفظة في شيء من كتب اللُّغة ولا من كتب الشُّروح بيانًا، ومعناها عندي _والله أعلم_: غشيني وغطَّاني، وأصله: يجَلِّلُنِي، وجُلُّ الشَّيء وجلالُه: ما غُطِّي به، ومنه: جلال السُّتور والحجال وجُلُّ الدابَّة، فيكون تجلَّى وتجلَّل بمعنًى واحد؛ كما يقال: غطَّى ... ) إلى أنْ قال: (وقد يكون «تجلَّاني»: ذهب بقوَّتي وصبري، من الجلاء، وقد قيل في قوله تعالى: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} [الشمس: 3]: جلَّى ظلمتها عنِ الدُّنيا، وقيل: {جَلَّاهَا}: أظهر شمسها، فيكون معنى [10] «تجلَّاني»: ظهر بي، وبان عليَّ، وأصله: الظُّهور، وقد ذكر البخاريُّ في هذا الحديث: «حتَّى علاني الغشي»، فيكون «تجلَّاني» بمعنى: علاني) انتهى.

قوله: (الغَشِيُّ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا بلغتيه، وقال ابن قُرقُول: (بكسر الشِّين، وشدِّ [11] الياء، كذا قيَّده الأصيليُّ، ورواه بعضهم: «الغشْي»، وهما بمعنًى واحد؛ يريد: الغشاوة؛ وهو الغطاء، ورُوِّيناه عنِ الفقيه أبي محمَّد عنِ الطَّبريِّ: «العشي»؛ بعين مهملة، وليس بشيء، وقد ذكرت ذلك في باب «من أجاب الفتيا بإشارة [12] اليد والرَّأس»).

قوله: (حَتَّى الجَنَّة وَالنَّار): يجوز فيهما ثلاثة أوجه: الجرُّ، والنَّصب، والرفع [13]، والله أعلم، وقد تقدَّم في الباب المذكور أعلاه.

قوله: (أُوحِيَ إِليَّ): (أُوحِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (تُفْتَنُونَ في القُبُورِ): تقدَّم الكلام على فتنة القبر، هي شائعة في جميع الخلق مؤمنهم، وكافرهم، ومنافقهم، أو هي مختصَّة بالمؤمنين والمنافقين؟ في الباب المشار إليه أعلاه، وتقدَّم فيه: أنَّ الصِّغار هل يُسألون، وتقدَّم الكلام فيه [14] على الأمم قبلنا أيضًا من كلام ابن قيِّم الجوزيَّة، وكذا تقدَّم كلام في رفيعي الخلق مقامًا، والله أعلم [15].

قوله: (مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ): تقدَّم الكلام على الدَّجال، (وكلام القرطبيِّ في «تذكرته») [16] في الباب المذكور أعلاه، وسيأتي في (الفتن) الكلام عليه أيضًا بزيادات.

قوله: (أَيَّ ذَلِكَ؟): هو بنصب (أيَّ)، ويجوز في لغة ضمُّها مطلقًا.

قوله: (إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا): (إِنْ) _بكسر الهمزة من (إِنْ)، وتخفيف النُّون_: مخفَّفة من الثَّقيلة، تقدَّم الكلام فيه في الباب المذكور أعلاه.

==========

(1/551)

[1] (هذا): ليس في (ب).

[2] ما بين معقوفين سقط في (ج).

[3] (انتهى): ليس في (ج).

[4] في (ب): (ونقله).

[5] (يقال): ليس في (ج).

[6] في (ب): (البعير).

[7] في (ب): (وبينت).

[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[9] في هامش (ق): (أي: تجللني؛ أي: جعله جُلًّا؛ أي: غطَّاني، من باب تقضِّي البازي).

[10] في (ج): (بمعنى).

[11] في (ج): (وتشديد).

[12] (بإشارة): سقط من (ج).

[13] في (ب): (والرفع والنصب).

[14] (فيه): ليس في (ب) و (ج).

[15] (والله أعلم): ليس في (ج).

[16] ما بين معقوفين ليس في (ج).

(1/552)

[باب مسح الرأس كله]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ المُسَيّبِ): هو سعيد بن المُسَيّب، العالم الفرد المشهور، تقدَّم بعض ترجمته، وَتقدَّم الكلام على يائه، وأنَّه بفتحها، وأناس [1] يكسرونها [2]، بخلاف غير أبيه؛ فإنَّه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

قوله: (أَيُجْزِئُ): قال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: قرأناه غير مهموز، وضُبِط في بعض الكتب بالهمز وضمِّ الياء على أنَّه رباعيٌّ من «أجزأ»)، و (جزى) و (أجزأ) لغتان.

(1/553)

[حديث عبد الله بن زيد في مسح الرأس كله]

185# قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ الله بن زَيْدٍ): قال الدِّمياطيُّ: (هذا الرَّجل السَّائل هو عَمرو بن أبي حسن تميم بن عَبْد عَمرو، وأبو حسن له صحبة، وليس بجدٍّ لعمرو بن يحيى بن عُمارة بن أبي حسن، وإنَّما هو عمُّ أبيه يحيى بن عُمارة، وقد جاء مبيَّنًا في الباب بعده، وجاء أيضًا في الباب الثَّامن من هذا الباب، وهو باب «الوضوء من التَّور»: «حَدَّثَنَا خالد عن سُلَيْمَان [1]، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه قال: كان عمِّي يكثر الوضوء ... )، وعُمارة، وعمرو، وعمر أولاد أبي حسن تميم بن عَبْد عَمرو) انتهى.

قوله: (وهو جَدُّ عَمْرِو بنْ يَحيَى): الضَّمير يعود على عَبْد الله بن زيد، و (عبد الله بن زيد): هو جدُّ عَمرو بن يحيى المازنيِّ، أبو أمِّه، ويجوز أنَّ يعود على المبهم _السَّائل الذي قدَّمت اسمه_ ويكون مجازًا، والله أعلم.

قوله: (وَاسْتَنْثَرَ): تقدَّم أنَّه إخراج الماء من الأنف بالنفس، وأنَّه غير الاستنشاق؛ ذاك [2] عكس ما فسَّرته، وقد تقدَّم قول من قال: هما واحد.

قوله: (إلى المِرْفَقَيْنِ): تقدَّم أنَّ المِرفَق؛ بكسر الميم، وفتح الفاء، وبالعكس، لغتان مشهورتان.

قوله: (بَدَأَ): هو بالهمز من الابتداء، وكذا الثَّانية.

==========

[1] في (ج): (سلمان)، وليس بصحيح.

[2] في (ب): (وذاك).

[ج 1 ص 90]

(1/554)

[باب غسل الرجلين إلى الكعبين]

(1/555)

[حديث عبد الله بن زيد في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

186# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): وفي نسخة: (ابن إِسْمَاعِيل التَّبُوْذَكيُّ)، وهو هو، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وعلى النِّسبة إلى تَبُوْذَك، وما هي، وأنَّها بفتح المثنَّاة فوقُ، ثُمَّ موحَّدة مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة مفتوحة، ثُمَّ كاف، ثُمَّ ياء النِّسبة إلى دار له بتبوذك اشتراها، وقيل: نزل داره [1] قومٌ منها، وقيل: إنَّه نُسِب إلى بيع السَّماد، وقيل: إنَّه نُسِب إلى بيع ما في بطون الدَّجاج من الكبد، والقانصة، والقلب، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو تصغير وَهْب، وهو ابن خالد الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ الحافظ، تقدَّم.

قوله: (عن عَمْرٍو): هو عَمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازنيُّ، عن أبيه، وعبَّاد بن تميم، وغيرهما، وعنه: مالك، ووهيب، وخلق، ثقةٌ، وقال ابن معين: (ليس بقويٍّ، صويلح)، توفِّي سنة (140 هـ)، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ أباه: يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازنيُّ، عن عَبْد الله بن زيد بن عاصم، وأبي [2] سعيد، وعنه: الزُّهْرِيُّ، ومحمَّد بن يحيى [بن حَبَّان [3]، ثقةٌ، وثَّقه النَّسائيُّ وابن خِراش، أخرج له الجماعة] [4].

قوله: (شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه في كلام الدِّمياطيِّ، وهو عَمرو بن أبي حسن الأنصاريُّ، ذكره الحافظ أبو موسى في الصَّحابة [5].

قوله: (سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ [6]): تقدَّم أنَّه عَبْد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه قتل يوم الحرَّة سنة (63 هـ).

[قوله: (وُضُوءِ): هو بضمِّ الواو، ويجوز فتحها، وقد تقدَّم، وكذا قوله: (وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ [7] صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ)] [8].

قوله: (بِتَوْرٍ): هو بالمثنَّاة فوق؛ مثل: قدح من حجارة.

قوله: (فَأَكْفَأَ): هو رباعيٌّ مهموز الآخر؛ أي: قلب وأمال، قال الجوهريُّ: (كفأت الإناء: كببته، وزعم ابن الأعرابيِّ أنَّ أكفأته لغة) انتهى، فعلى هذا: الأفصح فيه الثُّلاثي، وهو مهموز أيضًا.

[ج 1 ص 90]

قوله: (وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ): تقدَّم الكلام على الاستنشاق والاستنثار، وأنَّ الصَّحيح: أنَّه غيران؛ كهذا الحديث، لأنَّه غاير بينهما.

(1/556)

قوله: (إلى المِرْفَقَيْنِ): تقدَّم مرَّات أنَّ المِرفَق؛ بكسر الميم، وفتح الفاء، وبالعكس؛ لغتان.

==========

[1] في (ج): (دار).

[2] في (ج): (وابن)، وهو تحريفٌ.

[3] في (أ): (حيان).

[4] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[5] زيد في (ج): (وثقه النَّسائي وابن خراش).

[6] في هامش (ق): (عم أبيه).

[7] كذا في النسخ و (ق)، وفي هامش (ق) مصحَّحة و «اليونينيَّة»: (وضوء النبي).

[8] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (قدح من حجارة).

(1/557)

[باب استعمال فضل وضوء الناس]

(باب اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاس) ... إلى (باب المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ)

قوله: (وَضُوءِ): هو بفتح الواو، ويجوز ضمُّها، تقدَّم مرارًا [1].

سؤال: إن قيل: ترجم البخاريُّ رحمه الله على (استعمال فضل الوَضوء)، ثُمَّ ذكر حديث السِّواك؛ أعني: أثر جرير والمجَّة، فما وجهه؟

والجواب: ذكره ابن المُنَيِّر فقال: (قلت: مقصوده الرَّدُّ على من زعم أنَّ الماء المستعمل في الوضوء لا يُتطهَّر به؛ لأنَّه ماء الخطايا، فبيَّن أنَّ ذلك لو كان صحيحًا وأنَّ الخطايا تحدث في عين الماء شيئًا ينافي الاستعمال؛ لكان نجسًا؛ لأنَّ النَّجس المبعد، والخطايا يجب إبعادُها شرعًا، ومع ذلك فيجوز استعماله لغير الطَّهارة؛ كالتبرُّك، والتعوُّذ، ونحوه، هذا إن احتجُّوا بأنَّه ماء الخطايا، وإن احتجُّوا بأنَّه مضاف؛ فهو مضاف إلى طاهر لم يتغيَّر به؛ لأنَّ الرِّيق الذي يخالطه عند المضمضة مثلًا طاهر؛ بدليل حديث السِّواك والمجَّة، وكذلك ما لعلَّه [2] يخالطه من غبرات الأعضاء بطريق الأولى؛ لأنَّها موهومة لا محقَّقة، والله أعلم) انتهى.

قوله: (وَأَمَرَ جَرِيرُ بن عَبْد الله): هو البجليُّ جرير بن عَبْد الله بن جَابِر بن الشليل بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عوف أبو عَمرو البجليُّ، واختلفوا في بجيلة؛ فمنهم من جعلهم من اليمن، وهو الأكثر، وقيل: هم من نزار بن [3] معدٍّ، قاله مصعب الزُّبيريُّ، وبجيلة: اسم أمِّهم، وكان جَرير مليحًا، بديع الجمال، قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «على وجهه مسحة ملك»، وعن عُمر رضي الله عنه قال: (جَرير يوسف هذه الأمَّة)، وهو سيِّد قومه، ولما دخل على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ أكرمه، وقال: «إذا أتاكم كريم قوم؛ فأكرموه»، أسلم جَرير قبل وفاته عليه الصَّلاة والسَّلام، ووفد عليه قبل موته بأربعين يومًا فيما قيل، وهذا لا يصحُّ؛ لما في «البخاريِّ» وَ «مسلم» عنه: قال لي النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حجَّة الوداع: «استنصتِ النَّاس»، وإنَّما قدم سنة عشر في رمضان فبايعه وأسلم، كما قاله ابن قتيبة، وقد جزم بعض المصنِّفين بأنَّه قدم في رمضان _كما قاله ابن قتيبة_ فأرسله عليه الصَّلاة والسَّلام إلى ذي الخلصة في مئة [4] وخمسين راكبًا فحرقها، وقال: يا رسول الله؛ إنِّي لا أثبت على الخيل، فصكَّه في صدره، وقال: «اللهمَّ؛ اجعله هاديًا مهديًّا».

(1/558)

روى عنه: قيس، والشَّعبيُّ، وهمَّام بن الحارث، وأبو زرعة حفيدُه، وأبو وائل، سكن الكوفة، ثمَّ قرقيسا فمات بها بعد الخمسين، قال [5] النَّوويُّ في «تهذيبه»: (سنة أربع وخمسين)، نقله عنِ ابن قتيبة، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وكذا في «الكاشف» للذهبيِّ.

واعلم أنِّي اجتمعت باثنين في مكَّة من طلبة الحديث، ذكر لي أحدهما أنَّه من بجيلة، وأنَّه خادم قبر جَرير هناك، وسألني عن مندفنه أين هو، فلعلَّه نُقِل بعد دفنه في قرقيسا، أو أنَّه لَمْ يُدفَن بها، بل حُمِل منها ودُفِن ببجيلة، والله أعلم، أخرج له الجماعة.

==========

[1] في (ج): (مرات).

[2] في (ب): (لغسله).

[3] زيد في (ب): (بني).

[4] في (ج): (ثمانية).

[5] في (ب): (وقال).

[ج 1 ص 91]

(1/559)

[حديث أبي جحيفة في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

187# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تقدَّم مرَّات أنَّه ابن أبي إياس، وَتقدَّم الكلام على عدم صرفه، وأنَّ بعضهم صرفه، وَتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا الحَكَمُ): تقدَّم مرَّات أنَّه [1] ابن عُتيبة الإمام، وتقدَّم ضبط عُتيبة، وأنَّ لهم شخصًا آخر يقال له: الحكم بن عتيبة، وأنَّ البخاريَّ جعلهما واحدًا، فعُدَّ من أوهامه.

قوله: (أَبَا جُحَيْفَةَ): هو بجيم مضمُّومة، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التَّأنيث، واسمه وهب بن عَبْد الله السوائيُّ، ويقال فيه: وهب بن وهب من [2] [بني] سُواءة [3] بن عامر بن صعصعة، ويقال: وهب الخير، توفِّي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو مراهق، ووُلِّيَ بيت المال لعليٍّ، روى عنه: ابنه عون، وأبو إسحاق، وابن أبي خالد، وغيرهم، توفِّي سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (بِالهَاجِرَةِ): هي نصف النَّهار، وقال بعضهم: هي شدَّة الحرِّ.

قوله: (فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، والوَضوء؛ بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تقدَّم، وكذا (من فضل وَضوئه)؛ بالفتح.

قوله: (عَنَزَةٌ): تقدَّم الكلام عليها ضمن (باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور) قبيل (باب الاستنجاء بالحجارة)؛ فانظر ذلك إنْ أردته.

188# قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عَبْد الله بن قيس، تقدَّم بعض ترجمته، صحابيٌّ جليل رضي الله عنه، وتعليقه هذا أسنده البخاريُّ في (الطَّهارة) مختصرًا، وفي (المغازي) مُطوَّلًا، ومُسلم في (الفضائل).

قوله: (ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: اشْرَبَا مِنْهُ): الضَّمير المثنَّى لأبي موسى وبلال رضي الله عنهما، كما ساقه البخاريُّ في (غزوة الطَّائف) مُطوَّلًا.

==========

[1] (أنَّه): مثبت من (ج).

[2] في (ب) و (ج): (بن).

[3] في (أ): (سواء).

[ج 1 ص 91]

(1/560)

[حديث: وإذا توضأ النبي كادوا يقتتلون على وضوئه]

189# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا ابن المدينيِّ، حافظ الإسلام، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نُسِب.

قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو ابن كيسان المدنيُّ، تقدَّم أنَّه رأى ابن عُمر، وسمع عروة والزُّهْرِيَّ، وأنَّ الجماعة أخرجوا له، وتقدَّم [1] بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهْرِيُّ محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله العالم المشهور.

قوله: (أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ): هو محمود بن الرَّبيع بن سراقة الخزرجيُّ الأنصاريُّ، من بني عَبْد الأشهل، وقيل: إنَّه من بني الحارث بن الخزرج، وقيل: إنَّه من بني سالم بن عوف، يكنى أبا نعيم، وقيل: أبا محمَّد، معدود في أهل المدينة، قال إبراهيم بن المنذر: (توفِّي سنة «99 هـ»، وهو ابن ثلاث وتسعين)، عقل عنه عليه الصَّلاة والسَّلام المجَّة من بئرهم، وحفظ ذلك وهو ابن أربع سنين أو خمس، روى عنه أنس بن مالك حديث عتبان، وقيل: مات محمود سنة (96 هـ)، روى عنه: ابن شهاب ورجاء بن حيوة أَبُو المقدام رضي الله عنه.

[ج 1 ص 91]

قوله: (مَجَّ): المجُّ: رمي الشَّخص الماء أو غيره من فِيه، وقد تقدَّم.

قوله: (وَقَالَ عُرْوَةُ عنِ المِسْوَرِ وَغَيْرِه)؛ فذكره: اعلم أنَّ هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه مسندًا فيما يأتي، وأراد بقوله: (وغيره): مروان بن الحكم، كما صرَّح به فيما يأتي، وقد أخرجه في عدَّة أماكن، وفي بعض طرقه عن صحابة غير مُسمَّين، وأنَّ ذلك أهمله المِزِّيُّ في «أطرافه» والله أعلم.

ولنتكلَّم هنا على (المِسْوَر): وهو بكسر الميم، وسكون السِّين، وفتح الواو، وهو ابن مخرمة بن نوفل بن أُهيب الزُّهْرِيُّ، صحابيٌّ صغير، وله عن عمر وخاله عَبْد الرَّحمن بن عوف؛ لأنَّ أمَّه عاتكة أخت عَبْد الرَّحمن، وعنه: عروة، وابن أبي مليكة، مات سنة (64 هـ) [2]، أخرج له الجماعة.

(1/561)

وأمَّا (مروان)؛ فهو ابن الحكم بن أبي العاصي بن أميَّة بن عَبْد شمس بن عَبْد مناف القرشيُّ الأمويُّ، يكنى أبا عَبْد الملك، ولد على عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، قيل: سنة ثنتين من الهجرة، وقيل: عام الخندق، وقال مالك: (ولد يوم أُحُد)، وقال غيره: ولد بمكَّة، ويقال: بالطَّائف، فعلى قول مالك توفِّي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ابن ثماني سنين أو نحوها ولم يره؛ لأنَّه خرج إلى الطَّائف طفلًا لا يعقل، وذلك أنَّه [3] عليه الصَّلاة والسَّلام كان قد نفى أباه الحكم إلى الطَّائف، فلم يزل بها حتَّى وُلِّي عثمان؛ فردَّه، فقدم المدينة هو وولده [4] في خلافة عثمان، وهذا قد أنكره أَبُو العَبَّاس ابن تيمية في «الرَّد على ابن [5] المطهَّر الرَّافضيِّ»، انتهى، وتوفِّي أبوه فاستكتبه عثمان وضمَّه إليه، فاستولى عليه إلى أنْ قُتِل عثمان رضي الله عنه، ترجمته معروفة فلا نطوِّل بها، وقد وُلِّيَ الخلافة فكانت خلافته تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر، وتوفِّي في صدر رمضان سنة (65 هـ)، وهو ابن ثلاث وستِّين، وقيل: ابن ثمان وستِّين، وقيل: أربع وستِّين، وهو معدود فيمن قتله النِّساء، روى عنه جماعة من التَّابعين، وروى عنه من الصَّحابة سهل بن سعد، وممَّن روى عنه من التَّابعين: عروة، وعليُّ بن الحسين، قال عروة: (كان مروان لا يُتَّهم في الحديث)، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (قال البخاريُّ: لَمْ ير النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قلت: له أعمال موبقة، نسأل الله السَّلامة، رمى طلحة بسهم وفعل وفعل) انتهى، أخرج له البخاريُّ والأربعة.

قوله: (على وَضُوئِهِ): هو بفتح الواو: الماء، ويجوز ضمُّها، وقد تقدَّم مرارًا.

==========

[1] في (ب): (وقد تقدَّم).

[2] في (ب): (24 هـ)، وليس بصحيح.

[3] في (ب): (لأنَّه).

[4] في (ب): (ووالده).

[5] (ابن): ليس في (ج).

(1/562)

[حديث السائب: ذهبت بي خالتي إلى النبي فقالت: يا رسول الله]

190# قوله: (عَنِ الجَعْدِ): هو ابن عَبْد الرَّحمن، ويقال له: الجُعَيْد؛ بالتَّصغير، عنِ السَّائب بن يزيد وجماعة، وعنه: يحيى القطَّان ومكِّيٌّ، وهو ثقةٌ، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ): هو السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ بن سعيد أبو يزيد، المعروف بابن أخت نمر، قيل: إنَّه ليثيٌّ كنانيٌّ، وقيل: أزديٌّ، وقيل: كنديٌّ، وقيل: هذليٌّ، حليف بني أميَّة، ولد في السَّنة الثَّانية من الهجرة، وخرج في الصبيان إلى ثنيَّة الوداع يتلقَّى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مقدمه من تبوك، وشهد حجَّة الوداع، وذهبت به خالته _و لا أعرف اسمها، [ورأيت في كلام بعض حفَّاظ العصر: أنَّ اسمها فاطمة، انتهى، قد رأيت في «تجريد» الذَّهبيِّ: (فاطمة بنت شريح)، قال: ذكرها أبو عبيدة في الزوجات، كذا قال ابن [1] بشكوال، انتهى] [2]، وأمُّه اسمها عليَّة بنت شريح_ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فدعا له ومسح برأسه، وقال: (نظرت إلى خاتم النُّبوَّة)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المُسند»، توفِّي سنة (91 هـ)، وقيل: سنة (86 هـ).

قوله: (ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي): تقدَّم أعلاه أنِّي لا أعرف اسمها، [وتقدَّم ما رأيته عن بعض حفَّاظ العصر من أنَّ اسمها فاطمة] [3] وهي مذكورة في الصَّحابيَّات بخالة السَّائب [4]، وتقدَّم أعلاه أنَّ أمَّه اسمها عليَّة بنت شريح، وهي صحابيَّة مشهورة رضي الله عنها وعن خالته وعنه [5].

قوله: (وَجِعٌ): هو بفتح الواو، وكسر الجيم، كذا في النُّسخة التي سمعت منها على شيخنا العراقيِّ، قال ابن قُرقُول: («وجع»: كذا لأكثرهم، وعند ابن السَّكن في باب «استعمال وضوء النَّاس»: «وَقِعٌ»، وهو بمعنى: وجع؛ أي: مشتكٍ مريضٌ)، وقال شيخنا الشَّارح: (كذا رواه ابن السَّكن، وقال الإِسْمَاعِيليُّ: كذا هو في «البخاريِّ»، والأكثرون يقولون: «وجِع»، وفي رواية أبي ذرٍّ: «وقع» على لفظ الماضي، وقال ابن بطَّال: «وقع»: معناه في المرض)، قال: (وإنْ كان روي بكسر القاف؛ فأهل اللُّغة يقولون: وقِعَ الرَّجلُ؛ إذا اشتكى لحم قدمه ... ) إلى أنْ قال: (والمعروف عندنا: «وقَعَ»؛ بفتح القاف والعين، وقوَّاه شيخنا الشَّارح بما هو مذكور في «ابن سيده»؛ فذكره [6]) انتهى.

(1/563)

قوله: (مِثْل زِرِّ الحَجَلَةِ [7]): هو بجرِّ (مثل) صفة لـ (خاتم)، ونصبها على الحال؛ أي: مشبهًا زرَّ الحجلة.

قوله: (زِرِّ الحَجَلَةِ): هو ما يدخل في عراها، قال ابن قُرقُول: (كذا في «مسلم»، وفي «البخاريِّ» مثله في «باب خاتم النُّبوَّة»، وجاء للقابسيِّ في موضع [8] آخر: بسكون الجيم، فقال البخاريُّ في تفسيره: «الحُجْلة: من حُجَل الفرس الذي بين عينيه»، كذا قيَّده بعضهم بضمِّ الحاء وسكون الجيم في الأوَّل، وبضَمِّها وفتح الجيم من الثَّاني، وبعضهم: بكسر الحاء، وبفتح الجيم أيضًا، فإنْ كان البخاريُّ سمَّى البياض بين عيني الفرس: حُجْلة؛ لكونه بياضًا، كما سُمِّي بياض القوائم [تحجيلًا]؛ فما معنى ذكر (الزر) مع هذا؟ لا يتَّجه لي فيه وجه، وفسَّر التِّرمذيُّ في كتابه (الزرَّ) بالبيض، فقال: (زرُّ [9] الحُجْلة: بيضها)، فـ (الحُجْلة) عنده: الطائر الذي يُسمَّى القَبْج، وقال الخطَّابيُّ بتقديم الرَّاء على الزاي، كأنَّه [10] أخذه من رَزِّ الجراد؛ وهو بيضها، فاستعاره للطَّائر، وأمَّا تسمية البيض بـ «زرٍّ»؛ فلا أعرف له وجهًا، وإنَّما الزِّرُّ واحدُ الأزرار التي تدخل في العُرى؛ كأزرار القميص، و «الحَجَلَة»: إحدى الحجال؛ وهي سُتُور، وهذا أولى ما قيل، وكأنَّ من فسَّر الزرَّ بالبيض؛ نظر إلى ما ورد في بعض طرق هذا الحديث: «مثل بيضة الحمامة»، ثُمَّ رأى: «زِرَّ الحجلة»؛ ففسَّره ببيضها؛ اعتمادًا على ما وجد من ذكر بيضة الحمامة) [11] انتهى، وسيأتي الكلام فيه أيضًا إنْ شاء الله تَعَالَى مع زيادة إبراهيم بن حمزة كيف النُّطق بها في (باب خاتم النُّبوَّة) إنْ شاء الله تَعَالَى وقدَّره.

مسألة: سئلت عن خاتم النُّبوَّة: هل هو من خصائصه أو أنَّ كلَّ نبيٍّ مختوم بخاتم النُّبوَّة؟

فأجبت: بأنِّي لا أستحضر في ذلك شيئًا، ولكن الذي يظهر لي أنَّه من خواصِّه؛ لأنَّه خُتِم به لمعانٍ؛ أحدها: أنَّه إشارة إلى أنَّه خاتم النَّبيِّين، وليس كذلك غيره، ولأنَّ باب النُّبوَّة قد خُتِم به، فلا يُفتَح بعده.

وممَّا يسأل عنه أيضًا: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام ولد من بطن أمِّه مختومًا بخاتم النُّبوَّة، أو جُعِل الخاتم بين كتفيه بعدما ولد عندما شُقَّ صدره عند ظئره حليمة أو حين نبِّئ؟

(1/564)

وجوابه: أنَّه روى ابن أبي الدُّنيا وغيره بإسناد يرفعه إلى أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: (قلت: يا نبيَّ الله؛ كيف علمت أنَّك نبيٌّ وبِم علمت حتَّى استيقنت؟ قال: «يا أبا ذرٍّ؛ أتاني مَلَكان وأنا ببطحاء مكَّة، فوقع أحدهما بالأرض»؛ فذكر قصَّة، وأنَّه وُزِن برجل، ثُمَّ بعشرة، ثُمَّ بمئة، ثُمَّ بألف ... إلى أنْ قال: «وجُعِل الخاتم بين كتفيَّ كما هُوَ الآن، ووَلَّيا عنِّي، فكأَنِّي أعاين الأمر معاينة»، وفي «سيرة مغلطاي الصُّغرى»: (وقيل: وُلد وهو به)، وسيأتي في (باب خاتم النُّبوَّة) الرِّوايات في صفة هذا الخاتم والمسألة والسُّؤال [12] إنْ شاء الله تَعَالَى وقدَّره.

(1/565)

[باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة]

[ج 1 ص 92]

قوله: (مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ): اعلم أنَّ الغرفة في أصلنا هنا: بفتح الغين بالقلم، وهي بالضِّمِّ: ما اغتُرِف، وبالفتح: الفعل، وقيل: هما بمعنًى، وقال يعقوب: الغَرف: مصدر غرفتُ الماء والمرق، وقيل: الغُرفة: ملء اليد، والغَرفة: المرَّة الواحدة، وفي «الصِّحاح»: (الغَرفة _يعني: بالفتح_: المرَّة الواحدة، والغُرفة؛ بالضَّمِّ: للمفعول مِنْهُ؛ لأنَّك ما لَمْ تغرفه لا تسمِّيه غُرفة، والجمع غِراف؛ مثل: نُطفة ونِطاف).

(1/566)

[حديث عبد الله بن زيد في وصف وضوء النبي وفيه أنه أفرغ ... ]

191# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله): هذا هو الواسطيُّ الطَّحان، أحد العلماء، عن حصين، وبيان بن بشر، وعنه: مُسَدَّد، وابنه محمَّد، ثقة عابد، يقال: اشترى نفسه من الله ثلاث مرَّات يتصدَّق بزنة نفسه فضَّة، توفِّي سنة (179 هـ)، وقيل: سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): تقدَّم قريبًا في الباب قبله.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم قريبًا في الباب قبله.

قوله: (سَأَلَ [1] عَبْدَ الله بْنَ زَيْدٍ): تقدَّم أنَّه ابن عاصم المازنيُّ قريبًا في الباب قبله.

قوله: (مِنْ كفَّةٍ وَاحِدَةٍ): كذا في أصلنا، وفي طرة النُّسخة التي سمعتُ فيها على شيخنا العراقيِّ ما لفظه: (قال الأصيليُّ: صوابه: من كفٍّ واحد) انتهت، قال ابن [2] قرقول: («من كُفٍّ واحدة»: هو بالضَّمِّ والفتح؛ مثل: غَرفة وغُرفة؛ أي: ملء كفِّه من ماء) انتهى.

واعلم أنَّ الكفَّ مؤنَّثة، ولعلَّ الأصيليَّ أو ما قد جاء في رواية ذكر واحدًا على إرادة العضو، وقال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: هو بفتح الكاف _يعني: كَفًّا_، أي: غرفة، فاشتُقَّ ذلك من اسم الكفِّ، سُمِّي الشَّيء باسم ما كان فيه، قال بعضهم: ولا يُعرَف في كلام العرب إلحاق تاء التَّأنيث في الكفِّ، ولا يبعد أنْ يكون منزَّلًا منزلة الغرفة، فتكون الكفَّة بمعنى: فَعلة؛ أي: كفَّ كَفَّة لما كان يتناولها بكفِّه، ودخلت الهاء، كما تقول: ضربت [3] ضربة)، وكأنَّه أشار بقوله: (وقال بعضهم) إلى ابن بطَّال، فإنَّه قال ذلك، وقال: (أراد غرفة واحدة، أو حفنة واحدة، ثُمَّ ذكر كلام ابن قُرقُول) انتهى.

قوله: (وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (وُضوء)؛ بضمِّ الواو، ويجوز فتحها، تقدَّم مرارًا.

==========

[1] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] (ابن): ليس في (ب).

[3] في (ب): (ضربته).

[ج 1 ص 93]

(1/567)

[باب مسح الرأس مرة]

قوله: (باب مَسْحِ الرَّأْسِ مرَّةً [1] واحدةً): اعلم أنَّ الكلام في مسح الرَّأس هل يُستحبُّ تكراره أم لا؟ معروف، وكذا الأحاديث التي وردت بالتثليث، ولم أرَ فيها حديثًا صحيحًا فيه، بل التَّثليث مأخوذ من عموم قوله: (توضَّأ ثلاثًا ثلاثًا)، وقد روى أَبُو داود حديث عثمان، وفيه: (ومسح برأسه ثلاثًا)، ثُمَّ قال في آخره: (أحاديث عثمان الصِّحاح كلُّها تدلُّ على مسح الرَّأس أنَّه مرَّة، فإنَّهم ذكروا الوضوء ثلاثًا، وقالوا فيها: «ومسح رأسه»، لَم [2] يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره) انتهى، وقد قال التِّرمذيُّ لمَّا ذكر المسح مرَّة: (إنَّ العمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصَّحابة فمن بعدهم، وبه يقول جعفر بن محمَّد، وسفيان، وابن المبارك، والشَّافعيُّ، وأحمد، وإسحاق؛ رأوا مسح الرَّأس مرَّة واحدة)، وقال شيخنا الشَّارح: (وأغرب من أوجب الثَّلاث) انتهى، وقد نقلت من خطِّ شيخنا المشار إليه على هامش أصله بـ «شرح [3] البخاريِّ» له: (حكاه شيخنا في شرحه) انتهى، فيحتمل أنَّه أراد شيخه مغلطاي، ويحتمل أنْ يكون الشَّيخ قطب الدِّين عَبْد الكريم بن عَبْد النور الحلبيَّ، وعبد الكريم لَمْ يقرأ عليه شيخنا فيما أعلم، وإنَّما ذكر لي أنَّه عرض عليه «العمدة» لعبد الغنيِّ، وأنَّه أجازه في سنة (734 هـ)، وأراني خطَّه، وفي تلك السَّنة توفِّي عَبْد الكريم، وشيخنا إلى الآن في الكتَّاب؛ لأنَّه قرأ القرآن، و «العمدة»، و «المنهاج»، والظَّاهر أنَّه كان إذ ذاك في الكتَّاب عند الملقِّن، والله أعلم.

(1/568)

[حديث عبد الله بن زيد في وصف وضوء النبي وفيه: ومسح برأسه]

192# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم في الباب قبله أنَّه ابن خالد؛ فانظره.

قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): تقدَّم الكلام عليه في الباب قبله.

[قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم الكلام على أبيه في الباب قبله] [1].

قوله: (عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ): تقدَّم الكلام عليه في الباب قبله، وأنَّه صحابيٌّ.

قوله: (عَبْدَ الله بْنَ زَيْدٍ): تقدَّم أنَّه ابن عاصم المازنيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه قتل في الحرَّة رضي الله عنه في الباب قبله.

قوله: (عَنْ وُضُوءِ): هو بضمِّ الواو: الفعل، ويجوز فتحها، تقدَّم مرارًا.

قوله: (وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ): تقدَّم الكلام على ذلك، وأنَّ الصَّحيح: أنَّهما متغايران.

قوله: (إِلَى المِرْفَقَيْنِ): تقدَّم أنَّ المِرفَق؛ بكسر الميم، وفتح الفاء، والعكس مرَّات.

قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تقدَّم أنَّه ابن إِسْمَاعِيل التَّبُوْذَكيُّ، وتقدَّم الكلام على تَبُوْذَك ما هي، وبعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ وقَالَ: مَسَحَ برَأْسِهِ مرَّة): تقدَّم أنَّه ابن خالد، وأشار بذلك إلى أنَّه رواه كذلك عن موسى عن وهيب، وهو المذكور في السَّند قبله، عن عَمرو، عن أبيه، عن عَبْد الله بن زيد باللَّفظ، غير أنَّه خالف موسى بنُ إِسْمَاعِيل التَّبُوْذَكيُّ سُلَيْمَانَ بن حرب في قوله: (مَرَّةً واحدةً)، فإنَّ سُلَيْمَان [2] في روايته ذلك: (فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا)، ولم يقل: مرَّة واحدة، فزاد موسى عن وهيب: (مرَّة واحدة)، وهو صريح فيما بوَّب له، وإنْ كان الأوَّل مقتضاه ذلك، والله أعلم.

==========

[1] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[2] (فإنَّ سليمان): ليس في (ب).

[ج 1 ص 93]

(1/569)

[باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة]

قوله: (بَاب وُضُوءِ الرَّجُلِ): هو بضمِّ الواو الفعل، ويجوز فتحها، وقد تقدَّم مرارًا.

قوله: (وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ): هذا بالفتح؛ لأنَّ المراد: الماء، ويجوز ضمُّها، كما تقدَّم مرارًا.

قوله: (وَتَوَضَّأَ عُمَرُ بِالحَمِيمِ): أمَّا (عُمر)؛ فهو ابن الخطَّاب، أحد العشرة رضي الله عنهم، ترجمته معروفة، كيف وقد روي عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «لو كان بعدي نبيٌّ؛ لكان عمر»، ومناقبه جليلة رضي الله عنه.

وأمَّا قوله: (بالحَمِيم)؛ هو _بفتح الحاء، وكسر الميم_ الماء المسخَّن، فعيل بمعنى مفعول، ومنه سمِّي الحمَّام حمَّامًا؛ لإسخانه من دخله، قال ابن المنذر: (أجمع أهل الحجاز جميعًا على الوضوء بالماء المسخَّن غير مجاهد، فإنَّه كرهه [1]).

فائدة: (الحَمِيم): تقدَّم أنَّه الماء الحارُّ، هذا هو المشهور، وحَكى الصَّغانيُّ أَبُو الحسن اللُّغويُّ: (أنَّه من الأضداد)، ذكر ذلك في كتاب له في اللُّغة، فيه لغات زائدة على كتب عدَّة، وفيه أيضًا قراءات شواذٌّ وفوائد.

(1/570)

[باب صب النبي وضوءه على المغمى عليه]

قوله: (وَضُوءَهُ عَلَى المُغْمَى عَلَيْهِ): (وَضوءه)؛ بفتح الواو، تقدَّم [1] مرارًا؛ وهو الماء، وأنَّه يجوز ضمُّها.

==========

[1] في (ج): (وتقدم).

[ج 1 ص 93]

(1/571)

[حديث: جاء رسول الله يعودني فتوضأ وصب علي من وضوئه]

194# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرَّات [1] أنَّه هشام بن عَبْد الملك الطَّيالسيُّ.

[ج 1 ص 93]

قوله: (مِنْ وَضُوئِهِ): هو بفتح الواو، ويجوز ضمُّها، تقدَّم مرارًا.

قوله: (كَلَالَةٌ): فيها أقوال؛ أصحُّها: ما عدا الوالد والولد، وفيه حديث صحيح من طريق البراء بن عازب، وقيل: ما عدا الولد خاصَّة، وقيل: الأخوة للأمِّ، وقيل: بنو العمِّ وما أشبههم، وقيل: العصبات كلُّهم وإنْ بعدوا، ثُمَّ قيل: للورثة، وقيل: للميِّت، وقيل: لهما، وقيل: للمال الموروث.

قوله: (آيَةُ الفَرَائِضِ): هي: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ} [النساء: 176]، وسيأتي إنْ شاء الله تعالى وقدَّره تنبيهٌ على شيء وقع في «صحيح البخاريِّ [2]» في (التَّفسير) في سورة (النِّساء).

==========

[1] في (ج): (مرارًا).

[2] (البخاري): ليس في (ج).

(1/572)

[باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة]

قوله: (بَاب الْغَسْلِ وَالوُضُوءِ): (الغَسل)؛ بفتح الغين: الفعل، وبالضَّمِّ: الماء الذِي يغتسل به، و (الوُضوء)؛ بضمِّ الواو: الفعل، وبالفتح: الماء، ويجوز في كلٍّ منهما الضَّمُّ والفتح في الماء والفعل على قول، و (الغُسل) في أصلنا مضبوط: بالضَّمِّ، والأفصح فيه: الفتح، و (الوُضوء) في أصلنا: بالضَّمِّ، وهذا هو الأفصح [1].

قوله: (في المِخْضَبِ [2]): هو [3] بكسر الميم، وإسكان الخاء، وفتح الضَّاد المعجمتين، ثُمَّ موحَّدة، قال ابن قُرقُول: (وهو شبه الإجانة؛ وهي القصريَّة، تُغسل فيها الثِّياب)، قال أَبُو حاتم: (هو المركن)، وكذا قال غيره، وجاء في بعض الرِّوايات: (ركوة)، قال الخليل: (هو تور من أدم)، وجاء: (بمخضب من حجارة، فصغُر أنْ يبسط يدَه فيه)، فدلَّ على أنَّه يقع على الصَّغير والكبير، كما جاء: (وأجْلِسوني في مِخْضَبٍ).

==========

[1] في (ج): (الأصح).

[2] في (ب): (المخضبة).

[3] في (ب): (هي).

[ج 1 ص 94]

(1/573)

[حديث أنس: حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار]

195# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُنِيْرٍ): (مُنِيْر) بِضَمِّ الميم، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء: المروزي أبو عَبْد الرَّحمن الحافظ الزَّاهد، عنِ النَّضر بن شميل، ويزيد بن هارون، وغيرهما، وعنه: البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وعبدان المروزيُّ، وغيرهم، توفِّي سنة إحدى وأربعين ومئتين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره.

قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عن أَنَسٍ): (حميد): هذا بالتَّصغير، وهو حميد بن أبي حميد الطَّويل أبو عبيدة البصريُّ، وهو حميد بن تير، ويقال: تيرويه، وقيل: ابن عَبْد الرَّحمن، وقيل: داود، قال [1] بعضهم: صوابه: داور، وتقدَّم الكلام عليه وبعض ترجمته.

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مرفوع قائم مقام [3] الفاعل.

قوله: (بِمِخْضَبٍ): تقدَّم ضبطه أعلاه، والمراد به هنا: القدح، ولهذا قال في الحديث: (فصغر المخضب أنْ يبسط فيه كفَّه).

قوله: (ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً): تقدَّم أنَّ نبع الماء اتَّفق له عليه الصَّلاة والسَّلام مرَّات، هذه مرَّة منها، وقد تقدَّم كلام ابن حبَّان كم من مرَّة، وكم كانوا كلَّ مرَّة في (باب التماس النَّاس [4] الوضوء إذا حانت الصَّلاة)؛ فانظره إنْ أردته.

==========

[1] في (ب): (وقال).

[2] في النسخ: (النبي)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في النسخ: (مفاعل)، ولعله تحريف.

[4] (الناس): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 94]

(1/574)

[حديث: أن النبي دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومج فيه]

196# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة الكوفيُّ الحافظ، مولى بني هاشم، حجَّة عالمٌ أخباريٌّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن بُرَيْدٍ): هو بضمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاء، تقدَّم أنَّه بريد بن عَبْد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريِّ، عن جدِّه، صدوق، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): تقدَّم أنَّه الحارث أو عامر، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه من نبلاء العلماء.

قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم مرَّات أنَّه عَبْد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ رضي الله عنه.

قوله: (وَمَجَّ فِيهِ): تقدَّم أنَّ المجَّ دفعُ الماء من الفم والرمي به.

==========

[ج 1 ص 94]

(1/575)

[حديث: أتانا رسول الله فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ]

197# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): تقدَّم الكلام عليه، وتقدَّم بعض ترجمته قريبًا.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ): تقدَّم أنَّه عَبْد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ؛ مازن الأنصار صحابيٌّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (فِي تَوْرٍ): تقدَّم أنَّه بالمثنَّاة فوقُ، وأنَّه مثل قدح من حجارة [1].

قوله: (مِنْ صُفْرٍ): هو _بِضَمِّ الصَّاد المهملة، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء، وأبو عبيدة: بكسر الصَّاد، قاله الجوهريُّ_ النُّحاس، سمِّي بذلك؛ لصفرته، يقال له: الشَّبه؛ لأنَّه يشبه الذَّهب، وقال القزَّاز [2]: (هو النُّحاس الجيِّد).

==========

[1] في (ب): (الحجارة).

[2] في (ب): (الفراء).

[ج 1 ص 94]

(1/576)

[حديث: هريقوا عليَّ من سبع قرب]

198# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَان): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو بكر [1] محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب العالم المشهور.

قوله: (ثقُلَ): هو بفتح الثَّاء المثلَّثة، ثُمَّ قاف مضمومة، ومعناه معروف.

قوله: (اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ): تقدَّم أنَّ أزواجه كنَّ تسعًا رضي الله عنهنَّ، وهنَّ معروفات مشهورات [2]، وهنَّ: عائشة، وسودة، وحفصة، وأمُّ سلمة هند، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وأمُّ حبيبة بنت أبي سفيان رملة، وصفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب من [3] سبط هارون عليه السَّلام، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وأمَّا ريحانة؛ فاختُلِف فيها: هل وطئها بالزوجية أو بملك اليمين، والأوَّل أثبت عند الواقديِّ، وأمَّا ابن عبد البَرِّ؛ فقال: سريَّة، وهي ريحانة بنت زيد بن عَمرو بن خنافة بن سمعون [4] [بالعين والغين معًا] بن زيد، من بني النَّضير، وبعضهم يقول: من بني قريظة.

قوله: (فَخَرَجَ [النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] بَيْنَ رَجُلَيْنِ ... ) إلى قوله: (بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ): وقال في آخره: (إنَّ الرَّجُلُ الآخَر: عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِب): سمَّاه كذلك ابن عَبَّاس، وجاء في «مسلم»: (بين الفضل بن عَبَّاس ورجل آخر)، وفي رواية: (بين رجلين، أحدهما أسامة).

وقال شيخنا الشَّارح في باب [5] (حَدِّ المَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَة): (وفي رواية لابن حبَّان في صحيحه: «أنَّه خرج بين بريرة ونوبة»؛ بالنُّون، وبعد الواو موحَّدة، وهو عَبْد أسود، كما قاله سيف في «الرِّدة»، وفي «مسلم»: «ويده على الفضل [6]، والأخرى على رجل آخر، سمَّاه ابن عَبَّاس: عليًّا»، وفي «الدَّارقطنيِّ»: «بين أسامة والفضل»، فلعلَّ ذلك كان نوبًا؛ مرَّة هذا ومرَّة هذا، أو بُريرة ونُوبة من البيت إلى الباب، والباقي خارج الباب، وإنْ كان مسافة ما بين الحجرة والصَّلاة ليست بعيدة؛ لالتماس البركة وزيادة الإكرام، والعَبَّاس ألزمهم بيده [7]، وغيره يتناوب، فاقتصرت عائشة رضي الله عنها عليه لذلك، وهذا أولى من قول من قال:

[ج 1 ص 94]

إنَّما لَمْ تذكر الآخر _وهو عليٌّ_؛ لشيء كان بينهما، أو كان ذلك ليس حالة واحدة، كما ستعلمهو كان ذلك ليس حالة واحدة كما أو) انتهى.

(1/577)

وقول شيخنا: إنَّ نوبة عبد؛ فاعلم أنَّ الذَّهبيَّ ذكره في الرِّجال وفي النِّساء، وقد ذكره في الرِّجال بعد (نوفل)، ومقتضى التَّرتيب أنْ يكون (نونة)؛ بنون بعد الواو أو [8] بالمثنَّاة [9] تحتُ، وكما قيَّده شيخنا قيَّده ابن ماكولا في «إكماله»، ولفظه: (وأمَّا نُوْبَة _أوَّله نون مضمومة، وبعدها واو ساكنة، وباء مفتوحة معجمة بواحدة_؛ فهو في حديث زائدة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مرض رسول الله واشتدَّ مرضه ... »؛ فذكر الحديث، وقالت في آخره: «فوجد رسول الله من نفسه خفَّة فخرج بين بريرة [10] ونوبة») انتهى لفظه، وظاهر كلام ابن ماكولا أنَّه رجل، وفي «مبهمات» ابن شيخنا أبي زرعة ابن العراقيِّ عنِ الخطَّابيِّ وغيره: (بين عليٍّ وأسامة)، وقد تقدَّم من كلام شيخنا: (بين [11] أسامة والفضل) وعزاها للدَّارقطنيِّ، انتهى.

فالحاصل من الرِّوايات في الآخذ باليد: العَبَّاس، وعليٍّ، والفضل، وأسامة، وبريرة، ونوبة، والله أعلم، وأفاد [12] ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّ في «طبقات ابن سعد»: (أنَّه خرج متوكِّئًا على الفضل بن عَبَّاس وثوبان غلامه حتَّى دخل المسجد).

قوله: (هَرِيقُوا عَلَيَّ): كذا في هذه الرِّواية، قال شيخنا الشَّارح: (وذكره ابن التِّين: «أهريقوا»، ثُمَّ قال: صوابه: «أريقوا أو هريقوا» على أنَّ تبدل من الهمزة هاء، فأمَّا [13] الجمع بينهما؛ ففيه بُعد، وإنَّما يجتمعان في الفعل المستقبل، وقال الجوهريُّ: (هراق الماء يُهريقه هِراقة: صبَّه، وأصله: أراق يُريق إراقةً، وإنَّما قالوا: أنا [14] أهريقُه، ولا يقولون: أنا أُريقُه؛ لاستثقاله الهمزتين، وقد زال ذلك بعد الإبدال، ثُمَّ حكى فيه لغتين أخريين؛ وهما: أهْرَق [15] الماء يُهْرقه إهراقًا، على أفعَلَ يفعِل، وفيه لغة ثَالِثة: أَهْرَاق يُهْريق [16] إهْرِياقًا) انتهى.

(1/578)

قوله: (مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ): قال شيخنا الشَّارح: (إنَّما أمر _والله أعلم_ بأنْ يهراق عليه من سبع قرب على وجه التَّداوي، كما صبَّ عليه الصَّلاة والسَّلام وَضوءه على المغمى عليه، وكما أمر المعين أن يغتسل، وليس كما ظُنَّ وزُعم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اغتسل من إغمائه، نبَّه عليه المهلَّب)، وعن الحسن: (أنَّ الغسل واجب على المغمى عليه)، وعن ابن حبيب: (إنْ طال ذلك)، والعلماء متِّفقون _ غير هؤلاء_ أنَّ من أغمي عليه؛ فلا غسل عليه إلَّا أنَّ يُجنب، وقصده عليه الصَّلاة والسَّلام إلى السَّبع؛ تبرُّكًا بهذا العدد؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ خلق كثيرًا من مخلوقاته سبعًا، وقد أفرد ذلك الشَّيخ الأستاذ صلاح الدِّين خليل بن أيبك الصَّفديُّ، ومراده عليه الصَّلاة والسَّلام بأنَّ أَوكيتهنَّ لَمْ تحلل يحتمل ثلاثة أشياء _كما نبَّه عليه ابن الجوزيِّ_: التَّبرُّك عند ذكر الله عند شدِّها وحلِّها، وطهارة الماء إذا لَمْ تمسَّه يدٌ قبل حلِّ الوكاء فيكون أطيب للنفس، وبرده إذ لَمْ يسخن بحرارة الهواء.

قوله: (أَوْكِيَتُهُنَّ): جمع وِكاء، وقد تقدَّم أنَّه الخيط الذِي يُربَط به الوعاء.

قوله: (وَأُجْلِسَ فِي مِخْضَبٍ [17]): تقدَّم الكلام على ضبط المخضب قريبًا، وما هو، قال شيخنا الشَّارح: (جاء أنَّه من نحاس، رواه عَبْد الرَّزاق، وساق سنده إلى عائشة رضي الله عنها) انتهى [18]، وقد رأيته في «المستدرك» في (الطَّهارة) عن عروة عنها، والله أعلم لكن بغير شكٍّ؛ لأنَّ شيخنا الرِّواية التي ساقها عن عروة أو غيره، عن عائشة رضي الله عنها.

قوله: (فطَفِقْنَا) [19]: أي: جعلنا [20]، طفِق: بكسر الفاء وفتحها، ولا يكاد يقولونها بالنَّفي، لكن في الإيجاب، ولا يقال: ما طفق يفعل.

==========

[1] (أبو بكر): ليس في (ب).

[2] (مشهورات): ليس في (ج).

[3] في (ج): (ابن).

[4] في (ب) و (ج): (سمغون).

[5] (باب): ليس في (ج).

[6] في (ج): (الفضيل)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب) و (ج): (أكرمهم لسيده).

[8] في (ج): (و).

[9] في (ب): (بالياء المثناة).

[10] في (ب): (بريدة)، وهو تحريفٌ.

[11] (بين): ليس في (ج).

[12] في (ب): (وأورد).

[13] في (ب): (وأمَّا).

[14] (أنا): ليس في (ج).

[15] في (ج): (إهراق).

[16] في (ج): (ييريق).

[17] في هامش (ق): (المخضب هنا: الإجانة).

[18] (انتهى): ليس في (ب).

[19] في (ب): (فطفقا).

[20] في (ب): (جعلتا).

(1/579)

[باب الوضوء من التور]

قوله: (باب الوُضُوءِ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الواو: الفعل، وأمَّا الماء؛ فبالفتح، ويجوز في كلٍّ منهما اللغتان: الضَّمُّ والفتح.

قوله: (مِنَ التَّوْرِ): تقدَّم أنَّه بالمثنَّاة فوقُ، وتقدَّم ما هو قريبًا.

==========

[ج 1 ص 95]

(1/580)

[حديث ابن زيد: رأيت النبي يتوضأ فدعا بتور من ماء]

199# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هو ابْنُ بِلَالٍ أبو محمَّد، مولى أبي بكر، عن زيد بن أسلم، وعبد الله بن دينار، وعنه: ابنه أيُّوب، والقعنبيُّ، ولُوين، ثقة إمامٌ تقدَّم، أخرج له الجماعة.

قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): [تقدَّم الكلام عليه، وَتقدَّم شيء من ترجمته قريبًا.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّه يحيى] [1] بن عُمارة بن أبي حسن، وتقدَّم الكلام على شيء من ترجمته قريبًا.

قوله: (كَانَ عَمِّي يُكْثِرُ الوُضُوءِ): تقدَّم أنَّ عمَّه عَمرو بن أبي حسن، تقدَّم مرَّات قريبًا وبعيدًا؛ فانظره.

قوله: (لِعَبْدِ الله بن زَيْدٍ): تقدَّم، ابن [2] عاصم المازنيُّ؛ مازن الأنصار، وتقدَّم الكلام على بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (بِتَوْرٍ): تقدَّم أعلاه الكلام عليه، وأنَّه قد تقدَّم مرَّاتٍ.

قوله: (فَكَفَأَ): هو بهمزة في آخره؛ أي: قلب، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ فيه لغتين، ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، وكلاهما مهموز الآخر، والثُّلاثيُّ [3] أفصح.

قوله: (مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ): هي بفتح الغين في أصلنا، وقد تقدَّم أنَّ الغُرفة؛ بالضَّمِّ: اسم ما اغتُرف، وبالفتح: الفعل، وقيل: هما بمعنًى، وقيل: الغَرفة: المرَّة الواحدة.

قوله: (إِلَى المِرْفَقَيْنِ): تقدَّم أنَّ المِرفَق؛ بكسر الميم، وفتح الفاء، وبالعكس.

قوله: (فَمَسَحَ رَأْسَهُ فَأَدْبَرَ [بِهِ] وَأَقْبَلَ): قال شيخنا الشَّارح: (احتجَّ به الحسن ابن حيٍّ على البداءة بمؤخَّر الرَّأس، وعنها أجوبة؛ أحدها: أنَّ الواو لا تدلُّ على التَّرتيب، ثانيها: أنَّ الإقبال من جهة الشَّعر من جهة القفا، والإدبار إليه، ثَالِثها: أنَّ المراد إقبال الفعل لا غير) انتهى.

==========

[1] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[2] في (ج): (أنَّه)، ولا يصح.

[3] في (ج): (والثاني).

[ج 1 ص 95]

(1/581)

[حديث: أن النبي دعا بإناء من ماء]

200# قوله: (حَدَّثَنَا حمَّادٌ [1]): هو ابن زيد بن درهم الأزديُّ أبو إِسْمَاعِيل البصريُّ، أحد الأعلام، أُضِرَّ، وكان يحفظ حديثه كالماء، عن أبي عمران الجونيِّ، وثابت، وأبي [2] جمرة [3]، وعنه: مُسَدَّد، وابن المدينيِّ، قال ابن مهديٍّ: (ما رأيت أحدًا لم يكتب أحفظ مِنْهُ، وما رأيت بالبصرة أفقه مِنْهُ، ولم أرَ أعلم بالسُّنَّة مِنْهُ)، عاش إحدى وثمانين سنة، توفِّي في رمضان سنة (179 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَأُتِيَ بِقَدَحٍ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (رَحْرَاحٍ) [4]: هو براءين؛ الأولى مفتوحة، وحاءين مهملتين؛ الأولى ساكنة، يقال: قدح رحراح، ورحرح [5] أيضًا، لكنَّ الرِّواية بالألف؛ وهو الواسع، وقيل: القريب القعر، القصير الجوانب.

[قوله: (يَنْبعُ): تقدَّم أنَّه مُثلَّث الباء] [6].

قوله: (مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ): تقدَّم أنَّ نبع الماء اتفق للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّاتٍ، وتقدَّم كلام ابن حبَّان، كم كان عددهم في كلِّ مرَّة؛ فانظره [في (باب التماس النَّاس [7] الوضوء إذا حانت الصَّلاة)] [8].

==========

[1] (حماد): ليس في (ب).

[2] (وأبي): ليس في (ب).

[3] في (ب): (وحمزة).

[4] في هامش (ق): (الرَّحْراح: القصير الواسع الخشن).

[5] في (ج): (أو رحرح).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[7] (الناس): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[8] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[ج 1 ص 95]

(1/582)

[باب الوضوء بالمد]

[ج 1 ص 95]

قوله: (الوُضُوءِ بِالمُدِّ): اعلم أنَّ المُدَّ مختلف فيه؛ فقيل: رطل وثلث بالعراقيِّ، وبه يقول الشَّافعيُّ وفقهاء الحجاز، وقيل: هو رِطْلَان، وبه أخذ أَبُو حَنفية وفقهاء العراق، فيكون الصَّاع على الأصحِّ، وهو قول أهل الحجاز خمسة أرطال وثلثًا، وعلى الثَّاني: ثمانية أرطال، والرطل: مئة وثمانية وعشرون درهمًا، وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: مئة وثلاثون، فعلى الأصحِّ: الصَّاع: ستُّ مئة درهم وخمسة وثمانون درهمًا وخمسة أسباع درهم.

(1/583)

[حديث: كان النبي يغسل بالصاع إلى خمسة أمداد]

201# قوله: (حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه الفضل بن دُكَين، وأنَّ دُكَينًا؛ بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمة أبي نُعيم.

قوله: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ): هو بكسر الميم، ثُمَّ سين ساكنة، ثُمَّ عين مفتوحة مهملتين، ثُمَّ راء، وهو ابن كدام أبو سَلمة الهلاليُّ الكوفيُّ، العَلَم، عن عطاء، وسعيد بن أبي بردة، وقيس بن مسلم، وعنه: القطَّان، ويحيى بن آدم، وله ألف حديث، قال القطَّان: (ما رأيت مثله)، وقال شُعْبَة: (كنا نسمِّيه المصحف من إتقانه) انتهى، وكان من [1] العُبَّاد القانتين [2]، توفِّي سنة (155 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكر في «الميزان» لأجل إرجائه.

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ جَبْرٍ): هو بفتح الجيم، وإسكان الموحَّدة، وقيل: جابر، واسمه: عَبْد الله بن عَبْد الله بن جبر _أو ابن جَابِر_ بن [3] عتيك [4] الأنصاريُّ المدنيُّ، عن أبيه، وجدِّه لأمِّه عتيك بن الحارث، وعبد الله بن عُمر، وأنس، وعنه: شُعْبَة، ومسعر، ومالك، وجماعة، ضعَّفه ابن مَعِين وغيره، قال ابن منجويه [5]: (أهل العراق يقولون في جدِّه: جَبْر، ولا يصحُّ، إنَّما هو جابر)، أخرج له الجماعة، وليس له ترجمة في «الميزان».

قوله: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ، أَوْ كَانَ [6] يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ): قال شيخنا الشَّارح: (الظَّاهر أنَّ هذا الشَّكَّ من البخاريِّ؛ لأنَّ الطُّرق إلى ابن [7] جبر ليس فيها ذلك، وقد رواه مُسْلِم [8] عن قتيبة، عن وكيع، عن مسعر، وعن أبي نعيم _ يعني: شيخ البخاريِّ عَبْدُ الله بن محمَّد الطَّحان_ وغيرُه) انتهى؛ يعني: ورواه عن أبي نعيم عَبْدُ الله بن محمَّد الطَّحَّانُ وغيرُه من غير شكٍّ، قال شيخنا: (ويجوز أنْ يكون أَبُو نعيم رواه للبخاريِّ على الشَّكِّ، ولغيره؛ يعني: كما رواه عَبْد الله بن محمَّد الطَّحَّان عن أبي نعيم بدونه، والله أعلم).

[قوله: (بِالصَّاعِ): تقدَّم الكلام على الصَّاع أعلاه كم هو، وكذا على المدِّ] [9].

(1/584)

قوله: (وَيَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ): اعلم أنَّه روى الحاكم في «مستدركه» كما رأيته في «تلخيص الذَّهبيِّ» عن عَبْد الله بن زيد: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أُتِي بثلثي مُدٍّ من ماء فتوضَّأ، فجعل يدلِّك ذراعيه، ثُمَّ قال: على شرطهما، وأخرجه من حديث عَبْد الله بن زيد ابنُ حبَّان، وأخرجه [10] من حديث أمِّ [11] عمارة أبو داود والنَّسائيُّ.

فائدة: قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: (روى الطَّبرانيُّ في «المعجم الكبير» بإسناده إلى أبي أمامة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم توضَّأ بنصف مُدٍّ) انتهى.

قال شيخنا الشَّارح في «تخريج أحاديث الرَّافعيِّ» وقد ذكر هذا الحديث: (رواه الطَّبرانيُّ والبيهقيُّ من رواية أبي أمامة بإسناد ضعيف) انتهى.

==========

[1] (من): ليس في (ب).

[2] زيد في (ب): (انتهى).

[3] (بن): سقط من (ب).

[4] في (ب): (عبيد)، وفي (ج): (حنبل)، وكلاهما تحريف.

[5] زيد في (ب): (قال).

[6] (كان): ليس في (ج).

[7] (ابن): ليس في (ب).

[8] (مسلم): ليس في (ب).

[9] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (قوله: «حدثني ابن جبر» ... في «الميزان»).

[10] (وأخرجه): ليس في (ب).

[11] في (ج): (ابن).

[ج 1 ص 96]

(1/585)

[باب المسح على الخفين]

(باب المَسْحِ على الخُفَّيْنِ) ... إلى (باب الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ)

==========

[ج 1 ص 96]

(1/586)

[حديث سعد في مسح النبي على الخفين]

202# قوله: (عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): هو عَبْد الله بن وهب أبو محمَّد الفهريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، عنِ ابن جريج، ويونس، وعنه: أحمد بن صالح، والرَّبيع، وحرملة، وأمم، قال يحيى ابن بكير: (هو أفقه من ابن القاسم)، قال ابن يونس: (طُلِب للقضاء، فجنَّن نفسه وانقطع) توفِّي سنة (197 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم الكلام عليه، وهو أحد الأثبات.

قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرٌو): هو ابن الحارث بن يعقوب أَبُو أميَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، عن أبي [1] يونس مولى أبي هريرة، وابن أبي مليكة، والزُّهْرِيِّ، وخلق، وعنه: اللَّيث، ومالك، وابن وهب، وخلق، حجَّة، توفِّي سنة (148 هـ)، وله غرائب، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ): هو بالضَّاد المعجمة، وقد تقدَّم أنَّه لا حاجة إلى تقييده؛ لأنَّه لا يرد إلَّا بالألف واللَّام؛ بخلاف نصر، وهو سالم بن أبي [2] أميَّة المدنيُّ، عن أنس، وكتب إليه ابنُ أبي أوفى، وعنه: مالك، واللَّيث، ثقة نبيل [3]، وثَّقه ابن مَعِين والنَّسائيُّ، توفِّي سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم أنَّ هذا أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل.

قوله: (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ): هو بفتح الهمزة، معطوف على (أنَّه) التي قبلها.

قوله: (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ [4] سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ ... ) إلى آخره: قال شيخنا الشَّارح: (إِنَّمَا أنكر ابن عُمر رضي الله عنهما على سعد رضي الله عنه المسح في الحضر كما هو مبيَّن في بعض الرِّوايات، وأمَّا في السفر؛ فقد كان ابن عُمر يعلِّمه ويرويه مرفوعًا، كما رواه ابن أبي شيبة وغيره).

قوله: (وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ... ) إلى آخره: إِنَّمَا أتى بهذا التَّعليق لفائدة؛ وهي تصريح أبي النَّضر بأنَّ أبا سلمة أخبره بخلاف السَّند الأوَّل، فإنَّه عنعن وإنْ كان أَبُو النَّضر سالم سالمًا من التَّدليس، لكن ليخرج من الخلاف من عنعنة غير المدلِّس، والله أعلم.

(1/587)

وتعليق موسى بن عقبة أخرجه النَّسائيُّ، عن قتيبة، عن إِسْمَاعِيل بن جعفر، عن موسى، عن أبي النَّضر، عن أبي سلمة، عن سعد عنه عليه السَّلام «المسح على الخفَّين لا بأس به»، ولم يذكر ابن عمر.

==========

[1] في (ج): (ابن).

[2] (أبي): ليس في (ج).

[3] في (ب): (يقبل).

[4] زيد في (ب): (هو بفتح الهمزة)، وهو تكرار في غير محله، فقد سبق في سطر فوقه.

[ج 1 ص 96]

(1/588)

[حديث المغيرة في المسح على الخفين]

203# قوله: (فَاتَّبَعَهُ): هو بتشديد التَّاء، ويجوز سكونها؛ لغتان.

قوله: (بِإِدَاوَةٍ): تقدَّم أنَّها إناء صغير من جلد؛ كالسطيحة، وجمعها أداوى، واعلم أنَّ هذه القصَّة كانت في غزوة تبوك، كما في «الصَّحيح».

==========

[ج 1 ص 96]

(1/589)

[حديث عمرو بن أمية: أنه رأى النبي يمسح على الخفين]

204# قوله: (حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدم أنَّ دُكَينًا؛ بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمة أبي نُعيم.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هو ابن عَبْد الرَّحمن، النَّحويُّ المؤدِّب، أبو معاوية مولى بني تميم البصريُّ، سمع الحسن، ويحيى بن أبي كثير، وعنه: ابن مهديٍّ، وعليُّ بن الجعد، وكان صاحب حروف وقراءات، تقدَّم.

وتقدَّم أنَّ النَّحويَّ نسبة إلى قبيلة، وكذلك يزيد بن أبي سعيد، قال ابن الأثير في كتاب «الأنساب» ما معناه: (إنَّه لَمْ يرو الحديث من القبيلة إلَّا اثنان؛ أحدهما هذا، والآخر: يزيد، والباقون إلى العربيَّة)] [1].

[تنبيه: ذكر الذَّهبيُّ في ترجمة شيبان هذا _والظَّاهر أنَّه في أصله_ ما نصُّه: (قال ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحويُّ لا شيبان النَّحويُّ هذا) انتهى] [2].

[قوله: (عن يَحْيَى عن أَبِي سَلَمَةَ): هو يحيى بن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وبالثَّاء المثلَّثة، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته] [3].

[ج 1 ص 96]

قوله: (عَن أَبِي سَلَمَةَ): هو ابن عَبْد الرَّحمن بن عوف، وتقدَّم قريبًا أنَّه أحدُ الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وتقدَّم أنَّ اسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل، وتقدَّم بعض ترجمته بعيدًا.

قوله: (وَتَابَعَهُ حَرْبٌ [4] وَأَبَانُ عن يَحْيَى): أمَّا الضَّمير في (تَابعَهُ)؛ فيعود على شَيْبَانَ _يعني: ابن عَبْد الرَّحمن_؛ أي: تابع هذان [5] شَيْبَانَ في رواية هذا الحديث عن يحيى؛ هو ابن أبي كثير.

وأمَّا (حرب)؛ فهو ابن شدَّاد أبو الخطَّاب، عنِ الحسن، وشهر [6]، وعنه: ابن مهديٍّ، وعمرو بن مرزوق، وثَّقه أحمد، توفِّي سنة (161 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

ومتابعة حرب أخرجها النَّسائيُّ في (الطَّهارة): عن عَبَّاس العنبريِّ، عن عَبْد الرَّحمن بن مهديٍّ، عن حرب بن [7] شدَّاد به.

(1/590)

وأمَّا (أَبانُ)؛ فقد تقدَّم أنَّ الصَّحيح أنَّه مصروف، و (أَبان) هذا: هو ابن يزيد العطَّار البصريُّ، عنِ الحسن، وأبي عمران الجونيِّ [8]، وعدَّة، وعنه: القطَّان، وعفَّان، وهدبة، قال أحمد: (ثَبتٌ في كلِّ المشايخ)، وذكره ابن حبَّان في «الثِّقات»، توفِّي سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود [9]، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، ومتابعته لَمْ أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم، قال شيخنا: (أخرجها الطَّبرانيُّ في «أكبر معاجمه» من حديث موسى [10] بن إِسْمَاعِيل عنه).

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب) و (ج).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[4] في (ب): (حارث)، وهو تحريف.

[5] في (ج): (هذا).

[6] في (ج): (وبهز)، وهو تحريفٌ.

[7] (بن): ليس في (ج).

[8] في (ب): (الجويني)، وهو تحريفٌ.

[9] في (ب): (وابن ماجه)، وليس بصحيح، وانظر «تقريب التهذيب».

[10] (موسى): ليس في (ب).

(1/591)

[حديث عمرو بن أمية: أنه رأى النبي يمسح على عمامته وخفيه]

205# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرَّات أنَّه عَبْد الله بن عثمان، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا لُقِّب (عبدان).

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم الرَّبَّانيُّ الفرد في عدَّة فنون رحمة الله عليه.

قوله: (أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم أنَّه أبو عَمرو عَبْد الرَّحمن بن عَمرو العالم المشهور [1].

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هذا هو ابن أبي [2] كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، تقدَّم.

[قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عَبْد الرَّحمن بن عوف] [3]، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عَبْد الله [4]، وقيل: إِسْمَاعِيل أعلاه.

قوله: (يَمْسَحُ على عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ): فائدة: اختلف العلماء في المسح على العمامة بدلًا عنِ الرَّأس على قولين، وقال بكلٍّ منهما جماعة من الصَّحابة، وممَّن كان يراه: أحمد وأبو ثور، وممَّن كان لا يراه: مالك، وأبو حنيفة، والشَّافعيُّ.

وقال أبو محمَّد ابن حزم الظَّاهريُّ: (ستَّة من الصَّحابة روَوا ذلك عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأسانيد لا معارض لها، ولا مطعن فيها: المغيرة، وبلال، وعمرو بن أميَّة، وسلمان [5]، وكعب بن عجرة، وأبو ذرٍّ، وبهذا يقول جمهور الصَّحابة والتَّابعين، وقد قال الشَّافعيُّ: إنْ صحَّ الخبر؛ فبه أقول، وقد صحَّ؛ فهو قوله [6]) [7] انتهى.

وفي «البحر» عن محمَّد بن نصر المروزيِّ _من كبار الشَّافعيَّة_: أنَّه يكفي المسح على العمامة سواء وضع العمامة على طهر أم لا، وأجاب أصحاب الشَّافعيِّ: بأنَّ هذه الأحاديث وقع فيها اختصار، والمراد مسح النَّاصية والعمامة؛ بدليل رواية المغيرة بن شُعْبَة: (مسح بناصيته وعلى عمامته)، أخرجها مُسْلِم، ورواية بلال: (أنَّه عليه السَّلام مسح على الخفَّين، وبناصيته، وعلى [8] العمامة)، قال البيهقيُّ: (إسنادها حسن) [9]، وقالوا أيضًا: فإنَّ العمامة لا تسمَّى رأسًا، واشترط أحمد وضعها على طهارة، وأنْ يكون محنَّكًا بها، فإنْ لَمْ يكن محنَّكًا بها، وكان لها ذؤابة؛ فوجهان لأصحابه، وفي مسح المرأة على مقنعتها روايتان عندهم، والله أعلم.

(1/592)

قوله: (وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عن يَحْيَى [10]، عن أَبِي سَلَمَة، َ عن عَمْرِو [11] قَالَ: رَأَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الضَّمير في (تَابعَهُ) يعود على الأَوْزَاعِيِّ، وهو بإسكان العين، وهو ابن راشد، وقد تقدَّم بعض ترجمته، ومتابعة معمر لَمْ أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (وأمَّا متابعة معمر [12]؛ فمرسلة، وليس فيها ذكر العمامة، ورواه عَبْد الرزَّاق عن معمر بدونها) انتهى [13]

وحديث أبي سلمة عن عَمرو بن أميَّة أخرجه ابن ماجه في (الطَّهارة)، عن دحيم [14]، عنِ الوَلِيد بن مُسْلِمٍ، عنِ الأَوْزَاعِيِّ، عن يَحْيَى، عن أَبِي سَلَمَةَ، عن عَمْرِو بن أُمَيَّةَ به، زاد المِزِّيُّ في «أطرافه»: (تابعه معمر، عن يحيى، وقال شيبان وغير واحد: عن يَحْيَى، عن أَبِي سَلَمَةَ، عن جعفر بن عمرو بن أُمَيَّةَ، عن أبيه، وكذلك قال عَبْد الله بن المبارك، عنِ الأَوْزَاعِيِّ، وقد مضى) انتهى.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن [15] عَبْد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وتقدَّم بعض ترجمته.

تنبيه: الحاصل من هذه المتابعات: أنَّ الأربعة _وهم: شيبان؛ هو ابن [16] عَبْد الرَّحمن، وحرب؛ هو ابن شدَّاد، وأبان؛ هو ابن يزيد، والأوزاعيُّ_ روَوه عن يحيى هو ابن أبي كَثِير، عن أبي سلمة، عن جعفر بن عَمرو بن أميَّة، (عن عَمرو بن أميَّة) [17]، وأنَّ معمرًا رواه عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عَمرو بن أميَّة، فأسقط جعفرًا، والله أعلم.

==========

[1] (العالم المشهور): ليس في (ب).

[2] (أبي): ليس في (ج).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[4] في (ج): (الرحمن)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

[5] في (ج): (وسليمان).

[6] في النسخ: (قول)، والمثبت موافق لما في «المحلى».

[7] «المحلَّى».

[8] في (ب): (على).

[9] «السنن الصغرى» (107).

[10] (عن يحيى): ليس في (ج).

[11] في (ج): (عمر)، وليس بصحيح.

[12] في (أ) و (ب): (عمرو)، وكذا في «التوضيح» (4/ 355)، والمثبت من (ج) وسائر الشروح، ولعله هو الصواب.

[13] «التوضيح» (4/ 355).

[14] في (ب): (الحكم)، وفي (ج): (دحم)، وكلاهما تحريف.

[15] (ابن): سقط من (ج).

[16] (ابن): ليس في (ج).

(1/593)

[17] ما بين قوسين ليس في (ب) و (ج).

[ج 1 ص 97]

(1/594)

[باب: إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان]

(1/595)

[حديث: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين]

206# قوله: (حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ دُكَينًا؛ بالدَّال المهملة.

قوله: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ): هو بالمدِّ والقصر، ويجوز من حيث اللُّغة: زكريُّ وزكري؛ بتشديد الياء وتخفيفها، حكاهما ابن دريد وآخرون، وخامسة: زَكَر؛ كقَلَمٍ، حكاها أبو البقاء، وزكريَّا هذا هو ابن أبي زائدة الهْمدانيُّ الوادعيُّ الحافظ، عنِ الشَّعبيِّ، وسماك، وعنه: القطَّان، وأبو نعيم، ثقة، يدلِّس عنِ الشَّعبيِّ، توفِّي سنة (149 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أبو زرعة: (صويلح)، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ عَامِرٍ): هو ابن شراحيل الشَّعبيُّ أحد الأعلام، ولد في خلافة عُمر رضي الله عنه، وروايته عن عليٍّ في «البخاريِّ»، ورَوى عن أبي هريرة، والمغيرة، وخلق، وعنه: منصور، وحُصين، وابن عون، وأمم، قال: (أدركت خمس مئة من الصَّحابة)، وقال: (ما كتبت سوادًا في بياض، ولا حُدِّثت بحديث إلَّا حفظته)، وقال مكحول: (ما رأيت أفقه من الشَّعبيِّ)، وقال غيره: الشَّعبيُّ في زمانه كابن عَبَّاس في زمانه، مات سنة ثلاث أو أربع [1] ومئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ): تقدَّم أنَّ هذا السَّفر كان [2] غزوة تبوك، كما في «الصَّحيح»، وكانت في السَّنة التَّاسعة من الهجرة.

[فائدة: قال البزَّار في «مسنده» عن حديث المغيرة في المسح: روي من نحو ستِّين طريقًا] [3].

قوله: (لِأَنْزِعَ): هو بكسر الزَّاي؛ أي: أخلع.

قوله: (دَعْهُمَا): الضَّمير في (دع) يعود على الخفَّين.

قوله: (أَدْخَلتُهُمَا): الضَّمير في (أدخل) يعود على الرِّجلين، فالضَّميران مختلفان.

==========

[1] (أو أربع): ليس في (ب).

[2] زيد في (ب): (في).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 97]

(1/596)

[باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق]

قوله: (لَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم أنَّ فيه ثلاثةَ مذاهب للنحاة: يتوضَّأ، ويتوضَّ، ويتوضَّا، وقد قال شيخنا الشَّارح: (يجوز في «من لَمْ يتوضَّأ» روايتان: إثبات الهمزة وسكونها علامة الجزم، وهو الأشهر في اللُّغة، وحذف الألف علامة [1] الجزم؛ مثل: لَمْ يخشَ) انتهى.

وإنَّ شيخنا الأستاذ الإمام أبا جعفر الأندلسيَّ قال في «شرح الألفيَّة» لابن عَبْد المعطي في النَّحو: (فإنْ كانت الألف والياء والواو في الفعل المضارع ليست بأصل، وإنَّما [2] هي مبدلة من همزة؛ نحو: «يقراْ»؛ بسكون الألف، والأصل: «يقرأ»؛ بالهمز، و «يُقريْ»؛ بسكون الياء، والأصل: «يقرئ»؛ بالهمز، و «يَوْضَوْ»؛ بسكون الواو، والأصل: «يوضَأ»؛ بالهمز؛

[ج 1 ص 97]

فاختلف النَّحويُّون في جزم ذلك؛ فذهب ابن عصفور أنَّ لك في ذلك وجهين: أحدهما: إبقاء حروف العلَّة، وعلامة الجزم بسكون هذه الحروف؛ لأنَّها كانت متحرِّكة، الثَّاني: حذف هذه الحروف تشبيهًا لها بالحروف الأصليَّة، وذهب الأستاذ أبو الحسن ابن [3] الضَّائع _ يعني: بالضَّاد المعجمة، وقد ذكرت أنا فيما مضى اسمه ونسبه_ أنَّه لا [4] يجوز في جزم هذا النَّوع من الفعل حذف حروف العلَّة، وإنَّما علامة الجزم التَّسكين؛ لأنَّ تسهيل الهمزة؛ لتخفيفها [5]) انتهى ملخَّصًا، وقد تقدَّم.

فائدة: حديث ابن عَبَّاس: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ... )؛ الحديث، قال شيخنا الشَّارح: (إنَّ ذلك كان في بيت ضباعة بنت الحارث، كذا في «مسند إِسْمَاعِيل» القاضي، وقال يزيد بن هارون: بنت الزُّبير).

==========

[1] (علامة): ليس في (ج).

[2] في (ب): (إنَّما).

[3] (ابن): سقط من (ج).

[4] (أنَّه لا): سقط من (ج).

[5] في (ج): (كتخفيفها).

(1/597)

[حديث: رأى رسول الله يحتز من كتف شاة]

208# قوله: (عن عُقَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وتقدَّم [1] أنَّه ليس في «البخاريِّ» عُقيل؛ بالضَّمِّ سواه، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم من له ذكر في «مسلم» من هذه المادَّة.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب.

==========

[1] في (ج): (وقد تقدَّم).

[ج 1 ص 98]

(1/598)

[باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ]

قوله: (ولَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

==========

[ج 1 ص 98]

(1/599)

[حديث سويد بن النعمان: أنه خرج مع رسول الله عام خيبر]

209# قوله: (عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ [1]): هذا هو الأنصاريُّ، وهو يحيى بن سَعِيد بن قيس بن عَمرو الأنصاريُّ، أبو سعيد، قاضي السَّفَّاح، عن أنس وابن المُسَيّب، وعنه: مالك، والقطَّان، حافظٌ فقيهٌ، إمامٌ حجَّةٌ، توفِّي سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا [2].

قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): (بُشَيْرِ)؛ بضمِّ الموحَّدة، وفتح الشِّين المعجمة؛ مصغَّر، و (يَسَارٍ): بالمثنَّاة تحتُ، ثُمَّ سين مهملة، روى عن أبي بردة بن نِيَار [3]، ورافع بن خديج، وعدَّة، وعنه: يحيى بن سعيد، وابن إسحاق، وجماعة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين، وقال ابن سعد: كان شيخًا كبيرًا فقيهًا، قد أدرك عامَّة الصَّحابة.

قوله: (عَامَ خَيْبَرَ): كانت خيبر في السَّنة السَّابعة، وقيل: آخر السَّادسة، قال مالك: (في السَّادسة)، وقال الجمهور: في السَّابعة، وقطع ابن حزم: بأنَّها كانت في السَّادسة بلا شكٍّ، انتهى، ولعلَّ الخلاف مبنيٌّ على أوَّل التَّأريخ هل هو من شهر ربيع الأوَّل شهر مقدمه عليه الصَّلاة والسَّلام المدينة، أو من أوَّل المحرَّم من أوَّل السَّنة، وللناس طريقان، والجمهور على أنَّ التَّأريخ وقع من المحرَّم، وابن حزم يرى أنَّه في شهر ربيع الأوَّل حين قدم عليه الصَّلاة والسَّلام، وستأتي المسألة في خيبر والاختلاف في أوَّل التَّأريخ من أيِّ وقت أرَّخوا إن شاء الله تَعَالَى في مكانه.

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): هي _بفتح الصَّاد المهملة، ثُمَّ هاء ساكنة، ثُمَّ موحَّدة، وفي آخره همزة ممدودة_ على روحة من خيبر.

قوله: (بِالسَّوِيقِ): هو قمح أو شعير يقلى، ثُمَّ يطحن فيُتزوَّد به، ويُستفُّ بماء يُثرى به، أو بسمن، أو بعسل [4] وسمن، قال ابن دريد: (بنو العنبر يقولونه بالصَّاد).

قوله: (فَثُرِّيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، مشدَّد، قال الدِّمياطيُّ: (ثرَّيت السَّويق؛ إذا بللته، والموضع أيضًا: رششته) انتهى، وكذا قال غيره ممَّن تقدَّم، ولكنِّي قصدي المحافظة على ذكر حواشيه، والله أعلم، وعن القرطبيِّ أنَّه قال [5]: قيَّدناه بتشديد الرَّاء وتخفيفها.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه، وقبل ذلك أيضًا.

(1/600)

فائدة: مقصود البخاريِّ رحمه الله بالبابين المتقدِّمين ترك الوضوء ممَّا مسَّت النَّار، وقد صحَّت أحاديث بالوضوء مِنْهُ، وهي عند جمهورَي [6] الصَّحابة والتَّابعين منسوخة، وبذلك قال الأئمَّة الأربعة، وعدم الوضوء هو آخر الأمرين، وقد كان فيه خلاف لبعضهم في الصَّدر الأوَّل، ثُمَّ وقع الإجماع على خلافه، وحمل بعضهم الوضوء على اللُّغويِّ؛ وهو غسل الفم والكفَّين دون الشَّرعيِّ.

ثانية: صحَّ الأمر بالوضوء من لحم الإبل من حديث البراء وجَابِر بن سمرة رضي الله عنهم، وقال به أحمد وجماعة أهل الحديث، وهو قول الشَّافعيِّ في القديم، واختاره من أصحابه من المتأخِّرين النَّوويُّ، وهو مختار، وعامَّة الفقهاء على خلافه، وأنَّ المراد به النَّظافة ونفي الزهومة، والله أعلم.

(1/601)

[حديث ميمونة: أن النبي أكل عندها كتفًا ثم صلى ولم يتوضأ]

210# قوله: (وحَدَّثَنَا أَصْبَغُ): هو ابن الفرج المصريُّ الفقيه، قال ابن معين: (كان أعلم خلق الله برأي مالك)، وهو مشهور جدًّا؛ فلا نطوِّل به.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عَبْد الله بن وهب المصريُّ، أبو محمَّد الفهريُّ مولاهم، قال يحيى ابن بكير: (هو أفقه من ابن القاسم)، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو): هذا هو ابْنُ الحَارِثِ بن يعقوب أبو أميَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم.

قوله: (عَنْ بُكَيْرٍ): هو بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف؛ مصغَّر، وهو بُكَيْر بن عَبْد الله بن الأشجِّ، عن أبي أمامة بن سهل، وابن المُسَيّب، وغيرهما، وعنه: ابنه مخْرمة، واللَّيث، وأمم، إمامٌ ثبتٌ، توفِّي في [1] سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ مَيْمُونَةَ): هي بنت الحارث، زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما قيَّدتها؛ لأنَّ في الصَّحابيَّات من اسمها: ميمونة، تسع نسوة منهنَّ من له رواية ثلاث، وهي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، أمُّ المؤمنين، خالة خالدٍ وابنِ عَبَّاس وعبدِ الله بن شداد ويزيدَ بن الأصمِّ، توفِّيت بعد الخمسين في سنة (51 هـ) بسرف، أخرج لها الجماعة، وأحمد في «المسند»، مناقبها كثيرة رَضِيَ اللهُ عنها [2].

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام على النُّطق به أعلاه، وقبله أيضًا.

==========

[1] (في): ليس في (ب).

[2] (مناقبها كثيرة رضي الله عنها): تكرر في (ب) في غير محله.

[ج 1 ص 98]

(1/602)

[باب: هل يمضمض من اللبن]

قوله: (هَل يُمَضْمِضُ مِن اللَّبَنِ): هو مبنيٌّ للفاعل وللمفعول.

==========

[ج 1 ص 98]

(1/603)

[حديث: أن رسول الله شرب لبنًا فمضمض]

211# قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّه ليس في «البخاريِّ» عُقيل؛ بالضَّمِّ غيره، وقد تقدَّم من هو [1] مذكور في «مسلم».

قوله: (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ الإمام الفرد.

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عنِ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على (عقيل) الرَّاوي عنِ ابن شهاب _وهو الزُّهْرِيُّ_ ومتابعة يونس أخرجها مُسْلِم في (الطَّهارة)، [و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، تقدَّم] [2].

و (صالح بن كيسان): هو مدنيٌّ، رأى ابن عُمر، وسمع عروة والزُّهْرِيَّ، وعنه: ابن عيينة، والدراورديُّ، وإبراهيم بن سعد، وكان جامعًا للفقه والحديث والمروءة، قال أحمد: (هو أكبر من الزُّهْرِيِّ بخ بخ)، أخرج له الجماعة، قال الواقديُّ: (توفِّي بعد الأربعين ومئة، رُمي بالقدر، ولم يصحَّ ذلك عنه)، ذكره في «الميزان» كذلك، وصحَّح عليه، وقد تقدَّم، ومتابعة صالح لَمْ أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخنا.

[ج 1 ص 98]

==========

[1] في (ج): (وقد مرَّ هو).

[2] ما بين معقوفين ليس في (ج)، وجاء في (ب) بعد قوله: (وهو الزُّهري).

(1/604)

[باب الوضوء من النوم]

(بَاب الوُضُوءِ مِن النَّوم) قوله: (الوُضُوءِ): هو بضمِّ الواو: الفعل، وأمَّا الماء؛ فبالفتح، ويجوز فيهما [1] الضَّم والفتح، تقدَّم ذلك مرارًا.

سؤال: إن قيل: كيف مخرج هذه التَّرجمة من الحديث، ومضمونها أنَّه لا يتوضَّأ من النُّعاس الخفيف، ومضمون الحديث النَّهي عنِ الصَّلاة مع النُّعاس؟

والجواب: ما قاله ابن المُنَيِّر ولفظه: (قلت: إمَّا أنْ يكون تلقَّاهَا من مفهوم تعليل النَّهي عنِ الصَّلاة حينئذٍ بذهاب العقل المؤدِّي إلى أنْ يعكس الأمر؛ يريد أنْ يَدعوَ، فيسبَّ نفسه، دلَّ أنَّه إنْ لَمْ يبلغ هذا المبلغ؛ صلَّى به، وإمَّا أنْ يكون تلقَّاها من كونه إذا بدأ به النُّعاس وهو في النَّافلة؛ اقتصر على إتمام ما هو فيه، ولَمْ يستأنف أخرى، فتماديه على ما كان فيه يدلُّ على أنَّ النُّعاس اليسير لا ينافي الطَّهارة، وليس بصريح في الحديث، بل يحتمل قطع الصَّلاة التي هو فيها، ويحتمل النَّهي عنِ استئناف شيء آخر، والأوَّل أظهر) انتهى.

قوله: (مِن النَّعْسَةِ): هي _بفتح النُّون_ السِّنَة، بخلاف النَّوم؛ فإنَّه الغلبة على العقل، وسقوط حاسَّة البصر وغيرها من الحواسِّ، والنُّعاس: تغيُّر الحواسِّ من غير سقوطها، وفي بعض كتب اللُّغة: (النُّعاس: النَّوم)، وفيه تجوُّز.

قوله: (أَو الخَفْقَةِ): هي بفتح الخاء المعجمة، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، يقال: خفق الرَّجل؛ إذا حرَّك رأسه وهو ناعس.

قوله: (وُضُوءًا): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الواو: الفعل، وأنَّه يجوز فيه الفتح.

(1/605)

[حديث: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم]

212# قوله: (إِذَا نَعَسَ): هو بفتح العين، ومضارعه بِضَمِّها، وحكي فتحها فيه [1].

قوله: (يَسْتَغْفِرُ): (يستغفر) هنا؛ أي: يدعو، قاله القاضي عياض، انتهى، ويدلُّ لذلك ما جاء في بعض طرقه، لعلَّه يريد أنَّ يستغفر فيدعُو على نفسه.

قوله: (فَيَسُبَّ نَفْسَهُ): هو بنصب (يسبَّ)، ويجوز رفعها، وكذا هو في أصلنا بالقلم.

==========

[1] في (ج): (في المضارع)، وكذا كانت في (أ) قبل الإصلاح.

[ج 1 ص 99]

(1/606)

[حديث: إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقرأ]

213# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): هو بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، واسمه عَبْد الله بن عمرو بن ميسرة، وكنية ميسرة أبو الحجَّاج، الِمنْقَريُّ الحافظ المُقعَد البصريُّ، عن أبي الأشهب العطارديِّ وعبد الوارث، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وأبو حاتم، وغيرهم، حجَّةٌ، مات سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، وليس له في الكتب السِّتَّة عن غير عَبْد الوارث شيء، وهو أثبت النَّاس [1] فيه.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ): هو عَبْد الوَارِث بن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ البصريُّ أبو عُبيدة الحافظ، عن أيُّوب، ويحيى البكَّاء، وعنه: ابنه عَبْد الصَّمد، وأبو معمر المُقعَد _المقدَّم ذكره أعلاه_ ومُسَدَّد، وكان مقرئًا فصيحًا مفوَّهًا [2] ثبتًا صالحًا، رمي بالقدر، مات سنة (180 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» للاعتقاد.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ): قال الدِّمياطيُّ: (عَبْد الله بن زيد بن عَمرو الجرميُّ) انتهى، وهذا ظاهر، وهو من أئمَّة التَّابعين، روى عن عمر، وأبي هريرة، وعائشة، ومعاوية، وسمرة، وذلك في «النَّسائيِّ» وهو مرسل، وعن ثابت بن الضَّحَّاك، ومالك بن الحويرث، وأنس في «الصِّحاح»، وعنه: قتادة، ويحيى بن أبي كثير، وأيُّوب، وخلق، هرب من القضاء فسكن داريَّا، توفِّي سنة (104 هـ)، أو سنة (107 هـ)، وقيل غير ذلك [3]، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان»؛ للتدليس، وهو ليس بقادح، إِنَّمَا القادح منه تدليس التَّسوية، وباقي أنواعه ليست بقدح، والله أعلم.

قال الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: (عن عائشة وذلك في «مسلم» و «النَّسائيِّ»، وعمر في «النَّسائيِّ» ولم يدركه، وعن حذيفة في «أبي داود»، وسمرة في «النَّسائيِّ»، وابن عَبَّاس في «التِّرمذيِّ»، وأبي هريرة، ومعاوية، والنُّعمان بن بشير، وأبي ثعلبة الخشنيِّ، وقيل: روايته عن هؤلاء وعن غيرهم مرسلة، وروايته عن ثابت بن الضَّحَّاك ومالك بن الحويرث وأنس في الكتب السِّتَّة [4]) انتهى، وكذا قال العلائيُّ بعد أنْ ذكر من أرسل عنه، والاختلاف في ذلك، ثُمَّ قال: (نعم؛ روايته عن مالك بن الحويرث وأنس بن مالك وثابت بن الضَّحَّاك متَّصلة، وهي في الكتب السِّتَّة) انتهى.

(1/607)

قوله: (إِذَا نَعَسَ): تقدَّم أعلاه أنَّه بفتح العين في الماضي، وأنَّ المضارع بِضَمِّها، ويفتح أيضًا؛ لغتان.

فائدة: في النَّوم عشرة أقوال للنَّاس:

أحدها: غير ناقض بحال، وهو محكيٌّ عن أبي موسى الأشعريِّ، وابن المُسَيّب، وأبي مَخْلَد، وحميد بن عَبْد الرَّحمن الأعرج، والشِّيعة، قال ابن حزم: (وإليه ذهب الأوزاعيُّ، وهو قول صحيح عن جماعة من الصَّحابة وغيرهم؛ منهم: مكحول، وعَبيدة السَّلْمانيُّ)، قال: (وادُّعي الإجماع [5] على خلافه جهلًا وجرأة)، ثُمَّ ساق من حديث أنس: (كَانَ أَصْحَابُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ينتظرون الصَّلاة فيضعون جنوبهم، فمنهم من ينام، ثُمَّ يقومون إلى الصَّلاة) [6]، وإسناده صحيح، وفي «مسلم» من هذا الوجه: (كَانَ أَصْحَابُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَنَامُونَ، ثُمَّ يصلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّؤونَ)، وعند البزَّار: (يضعون جنوبهم، فمنهم من يتوضَّأ، ومنهم من لا يتوضَّأ)، زاد أحمد بن عبيد في «مسنده»: (على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، وعند البيهقيِّ: (كان الصَّحابة يُوقَظُون للصلاة، وإنِّي لأسمع لأحدهم غطيطًا، ثُمَّ [7] يصلُّون ولا يتوضَّؤون)، قال ابن المبارك: (هذا عندنا وهم جلوس)، قال البيهقيُّ: (وعلى هذا حمله ابن مهديٍّ والشَّافعيُّ) انتهى، وزاد بعضهم: هشيمًا [8]، كما أفاده الطَّبريُّ في «تهذيبه».

الثَّاني: ناقض مطلقًا، وهو مذهب الحسن البصريِّ، والمزنيِّ، وأبي عبيد [9] بن سلام، وابن راهويه، وحكي عن الشَّافعيِّ، وهو غريب، قال ابن المنذر: (وبه أقول).

الثَّالث: لا ينقض إلَّا نوم المضطجع فقط، وبه قال داود، وروي عن عُمر وابن عَبَّاس، ولم يصحَّ عنهما، وعن ابن عُمر، وصحَّ عنه، وعن النَّخعيِّ، واللَّيث، والثَّوريِّ، والحسن ابن حيٍّ، وابن المبارك، وأحمد.

الرَّابع: أنَّ كثيره ينقض مطلقًا دون قليله، وهو مذهب الزُّهْرِيِّ، وربيعة، والأوزاعيِّ، ومالك في إحدى الرِّوايتين، واختُلِف في حدِّ الكثير الذي ينقض، وفي كلام ابن قدامة تحديده.

الخامس: إذا نام على هيئة من هيئات المصلِّين كالراكع والسَّاجد والقائم والقاعد؛ لا ينتقض وضوءه سواء كان في الصَّلاة أم لَمْ يكن، فإنْ نام مضطجعًا أو مستلقيًا على قفاه؛ انتقض، وهو قول أبي حنيفة، وداود، وغيرهما، وحكي عنِ الشَّافعيِّ أيضًا، وهو غريب.

السَّادس: لا ينقض إلَّا نوم الرَّاكع والسَّاجد، رُوِي عن أحمد.

(1/608)

السَّابع: لا ينقض إلَّا نوم السَّاجد، رُوِي أيضًا عن أحمد.

الثَّامن: النَّوم في الصَّلاة غير ناقض، وخارجها ناقض، وحكي عنِ الشَّافعيِّ.

التَّاسع: أنَّه إنْ نام ساجدًا في مصلَّاه؛ فليس عليه وضوء، وإنْ نام ساجدًا في غير صلاة؛ توضَّأ، فإنْ تعمَّد النَّوم ساجدًا في الصَّلاة؛ فعليه الوضوء، وهو قول ابن المبارك، وقد تقدَّم في المذهب الثَّالث ما يخالفه، فلعلَّه عنه قولان.

العاشر: إنْ نام جالسًا مُمكِّنًا مقعدته [10] من الأرض؛ فلا نقض، وإلَّا؛ نقض [11] قلَّ أو كثر، في الصَّلاة أو خارجها، وهو الصَّحيح من مذهب الشَّافعيِّ، قاله شيخنا الشَّارح برمَّته لكنِّي اختصرته.

تنبيه:

[ج 1 ص 99]

ما تقدَّم كلُّه في حقِّنا، فأمَّا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فلا ينتقض وضوءه بالنَّوم مطلقًا.

==========

[1] (النَّاس): ليس في (ب).

[2] (مفوَّهًا): ليس في (ب).

[3] (وقيل غير ذلك): ليس في (ج).

[4] (السِّتة): ليس في (ج).

[5] (الإجماع): ليس في (ج).

[6] «المحلى».

[7] (ثم): ليس في (ب).

[8] في (ج): (هيمًا).

[9] زيد في (ج) اسم الجلالة.

[10] في (ج): (مقعده).

[11] (وإلَّا نقض): ليس في (ج).

(1/609)

[باب الوضوء من غير حدث]

(بَاب الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ) ... إلى (بَاب مَا يَقَعُ مِن النَّجَاسَاتِ في السَّمْنِ وَالمَاءِ)

قال ابن المُنَيِّر: (ساق حديث سُوَيْد _ يعني: ابْنَ النُّعْمَانِ الصَّحابيَّ_ عقيب الحديث الأوَّل؛ لينبِّه على أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يأخذ بالأفضل في تجديد الوضوء من غير حدث، لا أنَّه واجب عليه؛ بدليل حديث سويد) انتهى.

==========

[ج 1 ص 100]

(1/610)

[حديث: كان النبي يتوضأ عند كل صلاة]

214# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن سعيد الثَّوريُّ، العلمُ المشهورُ المعروف التَّرجمة، رحمة الله عليه.

قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا [1]): اعلم أنَّ هذا عمرو بن عامر الأنصاريُّ الكوفيُّ، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (وليس بوالد أسد بن عَمرو) انتهى، يروي صاحب التَّرجمة عن أنس، وعنه: شُعْبَة، ومسعر، وسفيان، وجماعة، وثَّقه أَبُو حاتم، أخرج له الجماعة، وأمَّا الذِي احترز [2] عنه المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ فهو عمرو بن عامر الكوفيُّ، والد القاضي أسد بن [3] عَمرو البجليِّ، صاحب الرَّأي، عنِ الحسن، وعمر بن عَبْد العزيز، ووهب بن مُنَبِّه، وعنه: ابن عيينة، والمحاربيُّ، وأبو نعيم، وجماعة، ذكره في «التهذيب» المِزِّيُّ للتمييز، وكذا ذكره الذَّهبيُّ في «تذهيبه»، ثُمَّ قال: (وأمَّا أَبُو داود وحده؛ فقال: هو الرَّاوي عن أنس، وإنَّما ذاك أنصاريٌّ لا بجليٌّ)؛ يعني: الذي قدَّمت ترجمته، وهذا الثَّاني لَمْ يخرِّج له أحد من أصحاب الكتب شيئًا، والله أعلم.

قوله: («ح» [قال]: وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ): تقدَّم الكلام في أوَّل هذا التَّعليق على (ح) ما معناه، وكيف النُّطق بها؛ فانظره.

قوله: (حَدَّثَنَا [4] يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد، كما نسبه التِّرمذيُّ في «جامعه»، وهو القطَّان.

قوله: (عَنْ [5] سُفْيَانَ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن سعيد الثَّوريُّ.

تنبيه: إن قلت: ما الحكمة في ذكر البخاريِّ هذا السَّند الثَّاني نازلًا بعد أنْ ذكره عاليًا؟

وجوابه: أنَّ السَّند الأوَّل عالٍ بلا شكٍّ، لكن سفيان _ هو [6] الثَّوريُّ_ قد عنعن فيه، وفي السَّند الثَّاني النَّازل صرَّح سفيان فيه بالتحديث من [7] عَمرو بن عامر، وسفيان الثَّوريُّ وكذا ابن عيينة أيضًا مدلِّسان، فأراد بالطَّريق الثَّاني تصريح سفيان الثَّوريِّ فيه بالتحديث؛ لأنَّ عنعنة المدلِّس لا تقبل، والله أعلم.

قوله: (يَجْزِي [8] أَحَدَنَا الوُضُوءُ): أمَّا (يَجْزِي) [9]؛ فثلاثيٌّ غير مهموز، ورباعيٌّ مهموز؛ لغتان، وأمَّا (أَحَدَنَا)؛ فمنصوب، مفعول مقدَّم، و (الوُضُوءُ): مرفوع فاعل [10]، وهو بضمِّ الواو: الفعل، وتفتح واوه أيضًا؛ لغتان، تقدَّم مرارًا.

==========

[1] في النسخ: (عامر عن أنس)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ب): (أخبر).

[3] (بن): سقط من (ب).

(1/611)

[4] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[5] في النسخ: (حدثنا)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[6] (هو): ليس في (ب).

[7] في (ج): (عن).

[8] في حاشية (ق): (أجزأَ الشيءُ؛ بالهمز: كفى، وفلان عنك؛ مثله، وجزأت بالشيء جزأً: اكتفيت به، قاله ابن القوطية في كتاب «الأفعال».

[9] (أمَّا يجزئ): ليس في (ج).

[10] (فاعل): ليس في (ج).

[ج 1 ص 100]

(1/612)

[حديث سويد بن النعمان: خرجنا مع رسول الله عام خيبر]

215# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): (مَخْلَد): بإسكان الخاء مع فتح الميم، القَطَوانيُّ _ (بفتح القاف والطَّاء المهملة) [1]_ الكوفيُّ، أبو الهيثم، عن أبي الغُصن ثابت بن قيس، وسُلَيْمَان بْن بلال، ومالك، وعنه: البخاريُّ، والدوريُّ، وابن كرامة، قال أبو داود: (صدوق فيه تشيُّع)، وقال أحمد وغيره: (له مناكير)، توفِّي سنة (213 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

فائدة [2]: قال ابن قُرقُول: (قال البخاريُّ: القطوانيُّ: معناه: البقَّال، وقال أبو ذرٍّ الهرويُّ: منسوب إلى قرية بباب الكوفة، وفي «تاريخ البخاريِّ»: قطوان: موضع، وكان يغضب من ذلك).

قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو ابْنُ بِلَالٍ أبو محمَّد، مولى أبي بكر، ثقةٌ إمامٌ، تقدَّم مرَّاتٍ.

قوله: (حَدَّثَنِي [3] يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تقدَّم أنَّه الأنصاريُّ، وهو يحيى بن سعيد بن قيس بن عَمرو، قاضي السَّفَّاح، تقدَّم غير مرَّة.

قوله: (بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ): تقدَّم قريبًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الشِّين المعجمة، وأنَّ يسارًا؛ بالياء المثنَّاة تحتُ، ثُمَّ السِّين المهملة.

قوله: (عَامَ خَيْبَرَ): تقدَّم قريبًا متى كانت خيبر في الباب الذي قبل هذا.

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تقدَّم في الباب قبل هذا ضبطه، وأنَّها على مرحلة من خيبر.

قوله: (إِلَّا بِالسَّوِيقِ): تقدَّم الكلام عليه في الباب قبل هذا ما هو.

قوله: (فَأَكَلنَا وَشَرِبْنَا): هذه اللَّفظة قال الدَّاوديُّ: (قوله: «وَشَرِبْنَا»: [ما أُرَاهُ محفوظًا؛ لأنَّه كان يجزئ من المضمضة، ولكن قد لا يبلغ الشَّرب ما بلغه المضمضة عند أكل السَّويق)] [4].

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام عليه مُطوَّلًا قريبًا وبعيدًا.

==========

[1] ما بين قوسين ليس في (ب).

[2] في (ب) و (ج): (قوله).

[3] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 100]

(1/613)

[باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله]

قوله في التَّرجمة: (أَلَّا يَسْتَتِرَ): هو بتاءين فوقُ، من السُّترة، وسيأتي ما في الحديث من اختلاف الرُّواة.

تنبيه: جرى مثل هذه القصَّة في قبرين آخرين بغزوة بواط، كما رواه مُسْلِم في آخر «صحيحه» من حديث جابر، وهذه من حديث ابن عَبَّاس، فهما قضيَّتان [1] لا واحدة، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (قصتان).

[ج 1 ص 100]

(1/614)

[حديث: مر النبي بحائط من حيطان المدينة]

216# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هو ابن أبي شيبة، وهو عثمان بن محمَّد بن أبي شيبة، أخو أبي بكر وأخيه، وكنيته أبو الحسن العبسيُّ _بالموحَّدة_ مولاهم، الكوفيُّ الحافظ، عن شريك، وأبي الأحوص، وجرير، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابنه محمَّد، وأبو يعلى، والبغويُّ، وأمم، مات في المحرَّم سنة (239 هـ)، قال يحيى: (ثقةٌ مأمونٌ)، وسُئل عنه أحمد [1]، فقال: (لا أعلم إلَّا خيرًا)، وأثنى عليه، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم بعيدًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [2] جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عَبْد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، عن منصور، وحُصين، وعبد الملك بن عُمير، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن معين، وله مصنَّفات مات سنة (188 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو صدوقٌ مُحتَجٌّ به في الكتب، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، تقدَّم.

قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر السُّلميُّ الكوفيُّ أبو عتَّاب، من أئمَّة الكوفة، عن أبي وائل، وزيد بن وهب، وعنه: شُعْبَة، والسُّفيانان، وخلق، قال: (ما كتبت حديثًا قطُّ)، مناقبه جمَّةٌ، توفِّي سنة (132 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن مهديٍّ: (أثبتُ أهل الكوفة منصورُ بن المعتمر)، وأثنى عليه غيره رحمه الله، وقد تقدَّم بعيدًا.

قوله: (بِحَائِطٍ): الحائط: البستان من النَّخيل إذا كان عليه حائط، وهو الجدار.

قوله: (مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ أَوْ مكَّة): قال الدِّمياطيُّ: (الصَّحيح [3] المدينة) انتهى، وما قاله ظاهر صحيح، وقد ذكره في كتاب «الأدب» على الصَّواب، فقال: (بالمدينة) من غير شكٍّ [4].

[ج 1 ص 100]

قوله: (فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ في قُبُورِهِمَا): ذُكِر أنَّ صاحبي هذين القبرين من غير أهل القبلة، قال شيخنا الشَّارح: (وفيه بُعد، وقد عيَّن بعضُهم صاحبَ أحد القبرين بما لا أوثر ذكره وإن ذكره القرطبيُّ في «التَّذكرة» حكاه ووهاه، انتهى، وقد رأيتُه في «التَّذكرة» للقرطبيِّ، وقال: (إنَّه باطل) انتهى.

(1/615)

وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (في «الأوسط» للطَّبرانيِّ: عن أنس رضي الله عنه قال: مرَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقبرين لبني النَّجَّار يعذَّبان بالنَّميمة والبول)، قال: (فهذا نوع تعيين) انتهى، ولا شكَّ أنَّ هذا الحديث يبطل قولَ من عيَّن أحد صاحبي القبرين؛ لأنَّ في هذا تصريحًا أنَّهما من بني النَّجَّار، والمعيَّن من الأوس ليس من بني النَّجَّار.

فائدة: تقدَّم قريبًا [5] اتفق مثل هذه القصَّة للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّة أخرى، وهو في غزوة بُوَاطَ، كما رواها مُسْلِم في أواخر «صحيحه» من حديث جابر، وجَابِر قطع الغصنين من النَّخلة، وأرسل واحدًا يمين نفسه، وآخر عن شماله، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي [6] أَنْ يُرَفَّهَ ذاك عنهُمَا مَا دَامَ الغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ»، وهذه القصَّة كانت في غزوة بواط، كما هو مصرَّح به في «مسلم» كما تقدَّم أعلاه، وقد تفقَّه القرطبيُّ في «التَّذكرة» بأنَّهما قضيَّتان، وقد وافق المنقول في ذلك، وقد جعل ابن إسحاق بواط في ربيع الأوَّل بعد الأبواء، والأبواء على رأس اثني عشر شهرًا من الهجرة، والقصَّة الأولى كانت بالمدينة، والله أعلم.

قوله: (وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ): هو بالموحَّدة، هذا ممَّا لا أعرف فيه خلافًا، وقد رأيت الآن في أصلنا عُمِل بالوجهين؛ (كبير وكثير)؛ بالموحَّدة _كما أحفظه_ وبالمثلَّثة [7]، وما أظنُّ المثلَّثة إلَّا طارئة على ما كنت أعرف، والله أعلم، وحَلُّ النَّاسِ الحديثَ يأبى ذلك، و (في) هنا: لِلسبب، وكذا في قوله: «أُدخِلت امرأة النَّار في هرَّة [8]»، وهما حجَّة على من أنكر مجيئها له، والله أعلم.

وقوله: «في كبير»؛ أي: في كبير في زعمهما، وقيل: كبيرٌ تركُه عليهما؛ بدليل قوله: (بلى؛ إنَّه كبير)، وقال شيخنا الشَّارح في (الأدب): (أي: هو شيء حقير لِيَسارِة التَّحرُّز مِنْهُ، وقوله: «وإنَّه لكبير»؛ لورود الشَّرع بالوعيد فيها إذا لَمْ يعفُ الله) انتهى، وحَكى القاضي عياض تأويلًا ثَالِثًا: (أي: ليس بأكبر الكبائر)، قال النوويُّ: (فعلى هذا: يكون المراد بهذا: الزَّجْر وَالتَّحْذِير لغيرهما [9]؛ أي: لا يتوهَّم أحد أنَّ التَّعذيب لا يكون إلَّا في أكبر [10] الكبائر الموبقات فإنَّه يكون في غيرها) انتهى.

(1/616)

قوله: (لَا يَسْتَتِرُ [11] مِنْ بَوْلِهِ): قال ابن قُرقُول: (لاَيَسْتَبْرِئ؛ أي: لا يستقصي نفسه أو ما عنده، ويروى: «يَسْتَتِر»: من السُّترة، وفي كتاب «مسلم» من حديث أحمد بن يوسف: «لا يَسْتَنْزِه»؛ أي: لا يَبعد ويتحفَّظ، وهو بمعنى: يستتر؛ أي: لا يجعل بينه وبينه سترة، وقيل: معناه: لَمْ يستر عورته عنِ النَّاس عند بوله) انتهى، وقد روي: (يستنتر)، وعن الإِسْمَاعِيليِّ: (أنَّ أشبه الرِّوايات: «يَسْتَبْرِئ») انتهى، وإنَّما كان عدم التنزُّه من البول كبيرة؛ لأنَّه يلزم منه بطلانُ الصَّلاة، وتركها كبيرة.

قوله: (بِالنَّمِيمَةِ): هي نقل الكلام بين النَّاس على جهة الإفساد، قاله العلماء، وقال الإمام أبو حامد الغزاليُّ في «الإحياء»: (واعلم أنَّ النَّمِيمَة تُطلق في الأكثر على مَنْ ينمُّ قول الغير إلى المَقول فيه، وليست النَّمِيمَة مخصوصة بهذا، بل حَدُّ النَّمِيمَة كشف ما يُكرَه كشفه، سواء كرهه المقول عنه أو المنقول إليه أو ثَالِث، وسواء كان الكشف بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، فحقيقة النَّميمة إفشاء السِّرِّ وهتك السِّتر عمَّا يُكرَه كشفُه، فلو رآه يُخفي مالًا لنفسه فذكره؛ فهو نميمة) قال: (وكلُّ من حُمِلت إليه نميمة؛ فعليه ستَّة أمور: لا تصدِّقه؛ لأنَّ النَّمام فاسق، الثَّاني: أنْ تنهاه، الثَّالث: أنْ تُبغضه في الله، الرَّابع: ألَّا تظنَّ بأخيك الغائب السُّوء، الخامس: ألَّا يحمله ما حُكي له على التَّجسُّس والبحث عن ذلك، السَّادس: ألَّا يرضى لنفسه ما نهى عنه النَّمَّام؛ فلا يحكي نميمة عنه) انتهى ملخَّصًا، كلُّ ذلك إذا لَمْ يكن فيها مصلحة شرَّعَيَّة، فإنْ دعت حاجة إليها؛ فلا منع منها، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ [12]): رأيت بخطِّ بعض الفُّضلاء: (أنَّ الآتي بها أبو بكرة [13] رضي الله عنه، رواه الطَّبرانيُّ في «الأوسط»، وهو في «مسند أحمد» أيضًا) انتهت، وأمَّا الآتي في غزوة بواط بالغصنين؛ فهو جابر، كما هو مُصرَّح به في آواخر «مسلم».

[قوله: (كِسْرَتَيْنِ): هي بكسر الكاف؛ أي: قطعتين] [14].

قوله: (لَعَلَّهُ .. ) إلى آخره: قال شيخنا الشَّارح: (قد حصل مَا ترجَّاه، فأورقا من ساعتهما، ففرح [15] بذلك، وقال: «رُفِع عنهما العذابُ بشفاعتي [16]») انتهى.

(1/617)

وقال النوويُّ في «شرح مسلم»: (وأَمَّا وَضْعه صلَّى الله عليه وسلَّم الجَريد على القَبْرين؛ فقال العلماء: هو محمول على أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم سأل الشَّفاعة لهما، فأجيبت شفاعته صلَّى الله عليه وسلَّم بالتخفيف عنهما إلى أنْ يَبِسَا، وذكر مُسْلِم في آخر الكتاب في الحَدِيث الطَّويل في صاحبي القبرين: «فَأُجِيبَتْ [17] شَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ [18] عنهُمَا ذَلِكَ مَا دَامَ القَضِيبَانِ رَطْبَيْنِ»، وقيل: يحتمل أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يدعو لهما تلك [19] المدَّة، وقيل: لكونهما يسبِّحان ما داما رَطْبَين، وليس لليابس تسبيح، وهذا مذهب كثيرين أو الأكثرين من المفسِّرين في قوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]، قالوا: معناه: وإنْ مِنْ شيءٍ حيٍّ، ثُمَّ قالوا: وحياة كلِّ شيء بحسبه، والمحقِّقون من المفسِّرين وغيرهم أنَّه على عمومه، وتسبيحه حقيقة لا مجاز، قاله المحقِّقون) انتهى ملخَّصًا ببعض تلخيص.

قوله: (مَا لَمْ يَيْبَسَا أَوْ إلى أَنْ يَيْبَسَا): ظاهره شكٌّ من الرَّاوي، (يَيْبِسَا)؛ بمثنَّاتين تحتُ، ثمَّ موحَّدة، مفتوح الأوَّل، ساكن الثَّاني، مفتوح الثَّالث، ويجوز كسره، وفي أصلنا الآن: بمثنَّاة فوقُ، ثُمَّ مثنَّاة تحتُ، ثُمَّ موحَّدة، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (ابن حنبل).

[2] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في (ب): (على).

[4] زيد في (أ) و (ب): (وقد تقدَّم ذلك أعلاه)، والصواب حذفها؛ إذ قد كُتِب ذلك سابقًا في (أ)، ثمَّ جعل عليها علامة الزيادة.

[5] (تقدم قريبًا): ليس في (ج).

[6] (بشفاعتي): ليس في (ج).

[7] (وبالمثلَّثة): ليس في (ج).

[8] في (ج): (امرأة)، وليس بصحيح.

[9] في (ج): (بغيرهما).

[10] في (ب): (كبير).

[11] في هامش (ق): (أي: لا يتوارى، وفي موضعٍ: يستر).

[12] في (ج): (جريدة).

[13] في (ج): (بكر).

[14] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[15] زيد في (ب): (من ساعتهما).

[16] في (ب): (لشفاعتي).

[17] في (ج): (فأجيب)، وفي «مسلم»: (فأحببت).

[18] في (ب): (يرقد)، وفي (ج): (ترقد)، وكلاهما تحريف.

[19] في (ج): (بذلك).

(1/618)

[باب ما جاء في غسل البول]

قوله: (سِوَى بَوْلِ النَّاسِ): أراد البخاريُّ رحمه الله أنْ يبيِّن أنَّ معنى روايته في هذا الباب: «أمَّا أحدهما؛ فكان لا يستتر من البول»: أنَّ المراد بَوْلُ النَّاس لا بَوْل سائر الحيوانات؛ لأنَّه قد روى الحديث في الباب قبل هذا وغيره: «لَا يَسْتَتِرُ من بَوْلِهِ»، فلا تعلُّق في حديث هذا (الباب لمن احتجَّ على نجاسة بول الحيوان، كذا قاله ابن بطَّال في «شرحه»، قاله شيخنا الشَّارح) [1].

==========

[1] ما بين قوسين ليس في (ب).

[ج 1 ص 101]

(1/619)

[حديث: كان النبي إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به]

217# قوله: (إذا تَبَرَّزَ): أي: خرج إلى البَراز؛ وهو الفضاء الواسع.

[ج 1 ص 101]

قوله: (فَيَغْسِلُ [1] بِهِ): هذا صريح في الاستنجاء بالماء، وعن [2] مالك: أنَّه لَمْ يصحَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم استنجى بالماء عمره كلَّه، وكأنَّه لَمْ يقف عليه، وكذا رأيته في كلام شيخنا الشَّارح عن أحمد، وقد تقدَّم في (باب الاستنجاء بالماء)، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (فيغتسل)، وكلاهما مرويٌّ.

[2] في (ب): (عن).

(1/620)

[حديث: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين]

218# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِم): هو _بالخاء المعجمة_ أبو معاوية الضَّرير الحافظ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (قَالَ ابْنُ المُثَنَّى): هو محمَّد بن المثنَّى المذكور في الأوَّل أبو موسى العنزيُّ، الحافظ، عنِ ابن عيينة، وعبد العزيز العمِّيِّ، وغُنْدر، وعنه: الجماعة، وأبو عروبة، والمحامليُّ، ثقة ورع، مات سنة (252 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وإنَّما ذكره هنا يقال: لأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم نظيره، وتكلَّمت عليه وعلى قول البخاريِّ: (قال فلان) وفلان شيخه، أو (قال لنا) أو (قال لي)، وإنَّما أتى بهذا الطَّريق؛ لأنَّ الطَّريق الأولى عنعن فيها الأعمش، وهو مدلِّس، فلا تُقبَل [1]، فأتى بهذه الطَّريق الثَّانية؛ لأنَّ فيها تصريح الأعمش بالسَّماع من مجاهد، والله أعلم.

وحكمة أخرى: وهو أنَّ شيخه ابن المثنَّى له في الحديث شيخان؛ وكيع وأبو معاوية الضَّرير محمَّد بن خازم، فقُوِّي، وتعليقه هذا أخرجه البخاريُّ في (الطَّهارة).

==========

[1] في (ب): (يقبل).

[ج 1 ص 102]

(1/621)

[باب ترك النبيِّ والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله فِي المسجد]

قوله: (وَالنَّاسِ الأَعْرَابِيَّ): (النَّاسِ): مجرور معطوف على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، و (الأعرابيَّ): منصوب مفعول المصدر وهو (ترك)، والله أعلم، وهذا الأعرابيُّ هو المذكور في الحديث المبوَّب عليه (رأى أعرابيًّا)، قال شيخنا الشَّارح: (هو ذو الخويصرة اليماني، كما ساقه أَبُو موسى المدنيُّ [1] في «معرفة الصَّحابة»؛ فاستفده) انتهى، وكذا ذكره في أماكن من مؤلَّفاته، انتهى، قال الذَّهبيُّ في «تجريده» في الصَّحابة ما لفظه: (ذو الخويصرة اليماني يُروى في حديث مرسل أنَّه هو الذي بال في المسجد) انتهى، وصدق؛ لأنَّه عن سُلَيْمَان بْن يسار.

تنبيه: لهم آخر يقال له: ذو الخويصرة، وهو الذي قال لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «اعدل»، قتل في الخوارج يوم النَّهروان [2]، اسمه حُرقوص بن زهير، رأس الخوارج، ورأيت بخطِّ بعض الفضلاء أنَّ في بعض «أمالي أحمد بن فارس اللُّغويِّ» بسنده أنَّه عيينة بن حصن؛ يعني: البائل في المسجد، ورأيت بخطِّه تجاه قوله: (الأعرابيَّ) مَا لفظه: (واسمه عيينة بن حصن، وقيل: ذو الخويصرة) انتهى.

==========

[1] في (ب): (المديني)، وزيد فيها: (في مرسل أنَّه هو الذي بال في المسجد).

[2] في (ج): (السروان)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 102]

(1/622)

[حديث: أن النبي رأى أعرابيًا يبول في المسجد]

219# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): كذا في أصلنا، وعلى (ابن إِسْمَاعِيل) علامة نسخة، وهو التَّبُوْذَكيُّ الحافظ، تقدَّم عليه بعض الكلام، وعلى نسبته لماذا نُسِب.

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو ابن يحيى العَوْذيُّ البصريُّ، وهو بفتح العين المهملة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة، ثُمَّ ياء النِّسبة إلى [2] عوذ بن سُوَد بطن من الأزد، الحافظ، عنِ الحسن، وعطاء، وقتادة، وعنه: ابن مهديٍّ، وهدبة، وشيبان، قال أحمد: (ثبت في كلِّ المشايخ)، مات سنة (163 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ): هو إسحاق بن عَبْد الله بن أبي طلحة، وهو ابن أخي أنس بن مالك لأمِّه أمِّ سليم، روى إسحاق عن عمِّه أنس، وأبيه عبد الله، وعدِّة، وعنه: مالك، وابن عيينة، وجمع، حجَّة، توفِّي سنة (132 هـ)، أو سنة (134 هـ)، أخرج له الجماعة.

(1/623)

[باب صب الماء على البول في المسجد]

قوله: (في المَسْجِدِ): بكسر الجيم، ويجوز فتحها.

==========

[ج 1 ص 102]

(1/624)

[حديث: دعوه وهريقوا على بوله سجلًا من ماء أو ذنوبًا من ماء]

220# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وَتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو بكر محمَّد بن مُسْلِم [1] بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب العالم المشهور.

قوله: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (قَامَ أَعْرَابِيٌّ في المَسْجِدِ فَبَالَ): تقدَّم اسم هذا الأعرابيِّ أعلاه؛ فانظره [2].

قوله: (وَهَرِيقُوا): قَالَ الجوهريُّ: (وهَراق الماء يُهريقه _بفتح الهاء_ هِراقة؛ أي: صبَّه، وأصله: أراق يُريق إراقة ... ) إلى أنْ قال: (وفيه لغة أُخرى: أَهْرَقَ [3] الماء يُهْرِقُه إهْراقًا على أَفْعَلَ يُفْعِلُ ... ) إلى أنْ قال: (وفيه لغة ثَالِثة: أَهْرَاقُ يُهْرِيق إهْرِياقًا؛ فهو مُهْريق، والشَّيء مُهْراق ومُهَراق أَيضًا بالتحريك، وهذا شاذٌّ)، وقد قدَّمت أنا ذلك.

قوله: (سَجْلًا): هو بفتح السِّين المهملة، ثُمَّ جيم ساكنة، قال الدِّمياطيُّ: (السَّجل: الدَّلو الممتلئ، وكذا الذَّنوب) انتهى، وكذا قال غيره، ثُمَّ قال: (وفيه من الفقه: أنَّ الماء إذا غلب على النَّجاسة ولم يظهر فيه شيء منها؛ فقد طهَّرها، ولا يضرُّه [4] ممازجة الماء لها إذا غلب عليها، سواء كان الماء قليلًا أو كثيرًا، وقال بعض المالكيَّة: هذا الحديث يردُّ حديث القلَّتين) انتهى.

قوله: (أَوْ ذَنُوبًا): هو بفتح الذَّال المعجمة، ثُمَّ نون، وبعد الواو موحَّدة، وقد تقدَّم تفسيره أعلاه في كلام الدِّمياطيِّ، وكذا قاله غيره، وهي تؤنَّث وتذكَّر، ويحتمل أنْ تكون (أو) للشَّكِّ من الرَّاوي، ولا يحتمل أنْ تكون للتخيير، قلتُه ولم أر ذلك لأحد، والله أعلم.

قوله: (فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ): هما مبنيَّان لما لَمْ يسمَّ فاعلهما [5].

(1/625)

[حديث أنس في قصة الأعرابي]

221# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الله بن عثمان بن جبلة [1] بن أبي روَّاد، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا قيل له: عبدان.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله): هذا هو ابن المبارك، العالم الرَّبانيُّ مشهور التَّرجمة، رحمة الله عليه.

قوله: (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تقدَّم أنَّه الأنصاريُّ قاضي السَّفَّاح، وهو يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاريُّ، وتقدَّم بعض ترجمته [2].

==========

[1] (بن جبلة): ليس في (ب).

[2] زيد في (ب): (ولماذا نسب)، وهو سبق نظر من ترجمة خالد بعده.

[ج 1 ص 102]

(1/626)

[باب يهريق الماء على البول]

(1/627)

[حديث أنس: جاء أعرابي فبال]

221 م# قوله: (وحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تقدَّم أنَّ مَخْلَدًا؛ بإسكان الخاء، وأنَّ خالدًا: هذا هو القطوانيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نُسِب.

قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن بلال، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه الأنصاريُّ، وتقدَّم أيضًا أعلاه نسبه، وتقدَّم قبله بعض ترجمته.

[ج 1 ص 102]

قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ): تقدَّم قبيله [1] اسمه، والاختلاف فيه.

قوله: (في طَائِفَةِ المَسْجِدِ): الطَّائفة: القطعة من الشَّيء.

قوله: (فَزَجَرَهُ النَّاسُ): أي: منعوه ونهَوه.

قوله: (فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ): قال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: هذا إِنَّمَا يصحُّ على ما قاله سيبويه؛ لأنَّه فعل ماض، وهاؤه ساكنة، وأمَّا على الأصل؛ فلا تجتمع الهمزة والهاء في الماضي، قال: ورُوِّيناه بفتح الهاء، ولا أعلم له وجهًا) انتهى.

وقد تقدَّم الكلام عليه في (باب الغسل والوضوء من المخضب) وبظاهرها أيضًا.

(1/628)

[باب بول الصبيان]

قوله: (الصّبْيَانِ): هو بكسر الصَّاد وضمِّها.

==========

[ج 1 ص 103]

(1/629)

[حديث: أتي رسول الله بصبي فبال على ثوبه، فدعا بماء فأتبعه إياه]

222# قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رَسُولُ [1]): مرفوع قائم مقام الفاعل.

قوله: (بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ): قال شيخنا الشَّارح: (الصَّبيُّ المذكور في حديث عائشة _ يعني: هذا _ يحتمل أنْ يكون عَبْد الله بن الزُّبير، أو الحسن، أو الحسين؛ لروايات في ذلك سقتها في «تخريجي لأحاديث الرَّافعيِّ»؛ فلتراجع منه) انتهى، والمراد بهذا التَّخريج التخريج [2] الكبير، واسمه «البدر المنير»، وأمَّا مختصره _وهو «الخلاصة» _؛ فقد قرأته عَلَيه، وليس فيه هذا، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ ما ذكره شيخنا الشَّارح، ثُمَّ قال: (وفي «الدَّارقطنيِّ» أنَّه عَبْد الله بن الزُّبير، وفي «أُسْد الغابة» في ترجمة مخارق الشَّيباني أنَّه الحسين، وفي «أسد الغابة» في ترجمة سُلَيْمَان بن هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عَبْد شمس عنِ ابن إسحاق عن إِسْمَاعِيل بن محمَّد: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أتي بسُلَيْمَان _ونسبه_ فوضعه في حجره، فبال عليه) انتهى ملخَّصًا.

(تنبيه: وابن أمِّ قيس بنت محصن بال عليه عليه الصَّلاة والسَّلام، ولا أعرف له ترجمة) [3].

(1/630)

[حديث أم قيس: أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل]

223# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، وهو محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب.

قوله: (عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ): (أمُّ قيس): هذه أسَديَّة _بفتح السِّين_ وهي أخت عكاشة بن محصن، قال السُّهيليُّ: (اسمها آمنة بنت وهب بن محصن) انتهى، وقد رأيت ذلك في «الرَّوض»، قال شيخنا: (وقال ابن عبد البَرِّ: اسمها جدامة) انتهى، كذا قال شيخنا الشَّارح، ولم أره في «الاستيعاب»، فلعلَّه ذكره في غيره، ولأمِّ قيس بنت محصن [1] ترجمة في «الاستيعاب»، ولم يسمِّها، وفي الأسماء ذكر: (جدامة بنت وهب الأسديَّة، أسلمت بمكَّة، وبايعتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهاجرت مع قومها إلى المدينة، وكانت تحت ابن قتادة بن ربيعة من بني عَمرو بن عوف، روت عنها: عائشة حديث الغيلة) انتهى، وجدامة هذه المذكورة في حديث الغيلة روى لها مُسْلِم، والأربعة، وأحمد في «المسند»، واختُلف في ضبطها، فيقال: إنَّها بالجيم المضمومة، وبالدَّال المهملة، وقيل: بالمعجمة، والأوَّل الصَّحيح، قاله الزكيُّ المنذريُّ، وكذا قال غيره من المتقدِّمين، والصَّواب: الضَّبط الأوَّل، وأمُّ قيس بنت محصن من المهاجرات الأول، روى عنها: مولياها عديُّ بن دينار وأبو الحسن، ووابصة بن معبد، وعبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة [2]، وغيرهم، معمَّرة رَضِيَ اللهُ عنها، أخرج لها الجماعة.

قوله: (بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ): هذا الابن لا أعرف أحدًا سمَّاه، ولا أعرفه.

تنبيه: مجموع الصِّغار الذين حصل منهم بول عليه عليه الصَّلاة والسَّلام: الحسن، والحسين، وعبد الله بن الزُّبير، وابن أمِّ قيس بنت [3] محصن، وَسُلَيْمَانُ بْنُ هاشم المذكور قبله، قال الذَّهبيُّ: (سُلَيْمَانُ بْنُ هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عَبْد شمس وضعه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حجره) انتهى، ذكره في «تجريد الصَّحابة»، [وفي «زوائد معجمي الطَّبرانيِّ الصَّغير والأصغر» من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه: (أنَّ رسول الله أتي بصبيٍّ، فبال عليه فنضحه، وأتي بجارية فبالت عليه فغسله)، وهؤلاء خمسة أشخاص [4]، والله أعلم] [5].

قوله: (في حَجْرِهِ): هو بفتح الحاء، وتكسر، ذكرهما الجوهريُّ.

قوله: (فَنَضَحَهُ): هو _بالحاء المهملة_ الرَّش.

==========

[1] (قيس بنت): سقط من (ج)، وكذا في الموضع اللاحق.

(1/631)

[2] في (ب): (عقبة)، وهو تحريفٌ.

[3] (قيس بنت): ليس في (ج).

[4] (وهؤلاء خمسة أشخاص): ليس في (ب).

[5] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 103]

(1/632)

[باب البول قائِمًا وقاعدًا]

قوله: (بَاب البَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا): إن قيل: إنَّ الحديث الذي ذكره ليس فيه البول قاعدًا، وإنَّما فيه [1] البول قائمًا، وكأنَّه _والله أعلم_ أخذ القعود من المعنى؛ لأنَّه إذا جاز قائمًا؛ فقاعدًا أجوز؛ لأنَّه أمكن.

(1/633)

[حديث: أتى النبي سباطة قوم فبال قائِمًا]

224# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه ابن أبي إياس، وتقدَّم الكلام على [1] صرف (آدم) وعدم صرفه فيما مضى.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أنَّه سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ، الحافظ أحد الأعلام.

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): هو شقيق بن سلَمة _بفتح اللَّام_ الأسديُّ، مخضرم، سمع عمر ومعاذًا، وعنه: منصور، والأعمش، قال: (أدركت سبع سنين [2] من سني الجاهليَّة)، توفِّي سنة (82 هـ)، وكان من العلماء العاملين، أخرج له الجماعة، وقد ذكرت المخضرمين في مؤلَّف مفرد، فإنْ أردتهم؛ فانظر المؤلَّف المشار إليه.

قوله: (عَنْ حُذَيْفَةَ): هذا هو ابن اليماني حِسْل _ويقال: حُسيل_ ابن جَابِر بن عمرو بن ربيعة بن [3] جروة، وجروة حالفَ بني عَبْد الأشهل حين أصاب دمًا في قومه، فقيل: اليماني؛ لأنَّ الأنصار من اليمن، وياء (اليماني) وكذا [4] (العاصي) وكذا (ابن أبي الموالي) وكذا (ابن الهادي)، قال النوويُّ: (الصَّحيح إثباتها)، شهد حذيفة وأخوه صفوان وأبوهما أحُدًا، فقتل المسلمون أباه خطأ، وسيأتي من قتل أباه خطأ إنْ شاء الله تعالى وقدَّره، وقد منع حذيفةَ وأباه شهودَ بدر استحلافُ الجاهليَّة لهما، روى عنه: الأسود، وربعيُّ بن حراش، وأبو إدريس، وطائفة، وهو صاحب السِّرِّ الذي لا يعلمه غيره، توفِّي سنة (36 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

قوله: (سُبَاطَةَ قوم): هي بضمِّ السِّين، ثُمَّ موحَّدة مخفَّفة، وبعد الألف طاء مهملتين، ثُمَّ تاء التَّأنيث؛ وهي المزبلة، وأصلها الكناسة التي يُلقى فيها، وكانت هذه السُّباطة بالمدينة، كما ذكره محمَّد بن طلحة بن مُصرِّف عنِ الأعمش.

فائدة: في سبب بوله صلَّى الله عليه وسلَّم قائمًا اختلاف:

فقيل: إنَّ العرب كانت تستشفي لوجع الصُّلب به [5]، فلعلَّ ذلك كان به.

ثانيها: أنَّه فعل ذلك لجرح بمأبضه، وهو باطن الرُّكبة، ورواه [6] الحاكم في «مستدركه»، وقال: (رواته [7] كلُّهم ثقات)، وقد ضعَّفه البيهقيُّ وغيره، وقد تعقَّب الذَّهبيُّ الحديث في «تلخيصه» بأنْ قال: (حمَّاد _يعني: ابن غسَّان المذكور في سنده_ ضعَّفه الدَّارقطنيُّ) انتهى.

ثَالِثها: أنَّه لم يجد مكانًا للقعود فاضطر إلى القيام؛ لكون الطَّرف الذي يليه من السُّباطة كان عاليًا مرتفعًا.

(1/634)

رابعها: أنَّه فعل ذلك؛ لأنَّها حالة يؤمن فيها [8] خروج الحدث من السَّبيل الآخر بخلاف القعود، ومنه قول عمر رضي الله عنه:

[ج 1 ص 103]

(البول قائمًا أحصن للدُّبر).

قال النوويُّ: (ويجوز [9] وجه خامس: أنَّه فعله بيانًا للجواز، وعادته المستمرَّة القعود، دليله حديث عائشة رضي الله عنها: «من حدَّثكم أنَّه عليه السَّلام كان يبول قائمًا؛ فلا تصدِّقوه، ما كان يبول إلَّا قاعدًا»، رواه أحمد، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه بإسناد جيِّد، لا جرم صحَّحه ابن حبَّان والحاكم).

سادسها: لعلَّه كان في السُّباطة نجاسات رطبة، وهي رخوة، فخشي أنْ يتطاير عليه، أبداه المنذريُّ، وقد يقال: القائم أجدر بهذه الخشية من القاعد.

==========

[1] (على): مثبت من (ج).

[2] في (ج): (وستين)، وهو تحريفٌ.

[3] (ربيعة بن): ليس في (ب) و (ج).

[4] (كذا): ليس في (ج).

[5] (به): ليس في (ب).

[6] في (ب): (رواه).

[7] في (ج): (رواتهم).

[8] (فيها): ليس في (ج).

[9] (ويجوز): ليس في (ب).

(1/635)

[باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط]

(1/636)

[حديث حذيفة: رأيتني أنا والنبي نتماشى فأتى سباطة قوم .. ]

225# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عَبْد الحميد، تقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ) [1]: هو ابن المعتمر، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم قريبًا أنَّه شقيق بن سلمة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضمِّ التَّاء؛ ومعناه: أخبرك، وهذا ظاهر.

قوله: (أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيُّ): بالرفع والنَّصب، وإعرابهما ظاهران، فأمَّا النصب؛ فعلى أنَّ الواو بمعنى (مع).

قوله: (فَأَتَى سُبَاطَةَ): تقدَّم الكلام عليها قريبًا.

قوله: (فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ [2]): أي: بعدت عنه ناحية.

(1/637)

[باب البول عند سباطة قوم]

(1/638)

[حديث حذيفة: ليته أمسك أتى الرسول سباطة]

226# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): هو _بعينين مهملتين مفتوحتين، وراءين؛ الأولى ساكنة_ ابن البِرِنْد، عن شُعْبَة، وعمر [1] بن أبي زائدة، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وبندار، والكجِّيُّ، توفِّي في سنة (213 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، تقدَّم بعيدًا، قال أَبُو حاتم: (صدوق)، وقال النَّسائيُّ: (ليس به بأس).

قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن المعتمر، وتقدَّم بعيدًا بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه شقيق بن سلمة.

قوله: (كَانَ أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عَبْد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار، الصَّحابيُّ، تقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ): هو بالضَّاد المعجمة؛ أي: قطعه، وفي «مسلم»: «إِذَا أَصَابَ جِلدَ أَحَدِهِمْ بَوْلٌ؛ قَرَضَهُ»، ويعني بالجلد: التي كانوا يلبسونها، كما قاله القرطبيُّ، قال: (وحمله بعض مشايخنا على ظاهره، وأنَّ ذلك من الإصر الذي حُمِّلوه).

قوله: (سُبَاطَةَ): تقدَّم الكلام على ضبطها، وما هي قريبًا.

==========

[1] في (ب): (وعمرو)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 104]

(1/639)

[باب غسل الدم]

(1/640)

[حديث: تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه]

227# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان حافظ الإسلام، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ): هذه هي زوج هشام بن عروة الرَّاوي عنها، وهي بنت المنذر بن الزُّبير بن العوَّام، روت عن جدِّتها أسماء بنت أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنها، وأمِّ سلمة، وعنها: زوجها هشام، وابن سوقة، وابن إسحاق، قال زوجها: (كانت أكبر منِّي بثلاثَ عشرةَ سنة)، قال العجليُّ: (مدينيَّة ثقة)، أخرج لها [1] الجماعة، وقد تقدَّمت.

قوله: (عَنْ أَسْمَاءَ): تقدَّم أعلاه أنَّها بنت أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنهما، مشهورة التَّرجمة.

قوله: (جَاءَت امْرَأَةٌ إِلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال شيخنا الشَّارح: (إنَّ هذه المرأة السَّائلة هي أسماء نفسها، وضعَّفه النَّوويُّ، وليس كما ذكر، كما أوضحته في «تخريج أحاديث الرَّافعيِّ») انتهى.

قال شيخنا المؤلِّف فيما قرأته عليه في «الخلاصة» مختصر «البدر تخريج أحاديث الرَّافعيِّ»: (رواه الشَّافعيُّ في «الأمِّ» و «المسند» عن سفيان بن عيينة، عن هشام، عن فاطمة)، قال: (وهذا إسناد على شرط أهل العلم كلِّهم ... ) إلى أنْ قال: (وفي «الصَّحيحين» من حديث أسماء: «أنَّ امرأة سألت»، والعجب من النَّوويِّ كيف يقول: إنَّ الشَّافعيَّ قال في «الأمِّ»: «إنَّ أسماء هي السَّائلة بسند ضعيف»، وهو كما مرَّ، لكنَّه تبع ابن الصَّلاح في ذلك) انتهى.

قوله: (تَحُتُّهُ): الحتُّ؛ بالحاء المهملة، وبالتَّاء المثنَّاة فوق المشدَّدة: القشر والإزالة بالحكِّ والتَّقليع.

قوله: (ثُمَّ يَقْرُصُهُ): هو بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وضمِّ ثَالِثه، ويجوز ضمُّ أوَّله، وفتح ثانيه، وكسر ثَالِثه مشدَّدًا، وقد ضبطه ابن قُرقُول بالوجهين، وقال الدِّمياطيُّ في (باب غسل المحيض): (قرصته أقرصه قرصًا؛ إذا غسلتَه بأطراف أصابعك، وقرَّصته تقريصًا؛ إذا قطَّعته تقطيعًا) انتهى.

قوله: (وَتَنْضحُهُ): هو بكسر الضَّاد المعجمة، وهو الذي ذكره الجمهور، ويجوز فيه الفتح، حكاه بعضهم، وقد نظم شيخنا حافظ العصر العراقيُّ هذا الفعل في جملة (أفعال ذكرها صاحب «المحكم»، وقد أنشدني ذلك في الرِّحلة الثَّانية إلى القاهرة) [2]، فقال:

وليس في كلامهم من (فَعَلَا، يَفْعِل) ممَّا لامُه حاءٌ خلا

~…ينكِحه ينطِحه ويمنِحهْ…ويملِح القَدْرَ كذاك ينضِحهْ

(1/641)

~…ينبِح مع يرجِح وهو يأْنِح [3] …فكسروا العين كذاك يأْزِح

وفي بعض ما ذكره الفتحُ [4]، فرأيته في ينكِح، وينطَح، ويمنَح، وينضَح، وينبَح، ويرجَح، بل في [5] يرجح ثلاث لغات.

==========

[1] في النسخ: (له).

[2] ما بين قوسين ليس في (ب).

[3] في (ب): (يألخ).

[4] (الفتح): ليس في (ب).

[5] (في): ليس في (ج).

[ج 1 ص 104]

(1/642)

[حديث: جاءت فاطمة ابنة أبي حبيش إلى النبي]

228# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ): وفي نسخة هي في أصلنا: (هو ابن سلَام)، وقد تقدَّم أنَّ سلَامًا الأصحُّ فيه: التَّخفيف، ولأبي عليٍّ الغسَّانيِّ كلام في «تقييده» فيما إذا قال البخاريُّ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) من غير أنْ ينسبه، وسأذكره قريبًا في الحديث الآخر: «إِذَا أَقْبَلَت الحَيْضَة» إنْ شاء الله تَعَالَى، وقوله: (هو ابن سلَام): هو من توضيح مَن بعد البخاريِّ، إمَّا الفربريُّ وإمَّا غيره، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ الضَّرير، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ): (حُبَيْشٍ): بحاء مهملة مضمومة، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ شين معجمة، قال الدِّمياطيُّ: (أبو حبيش قيس بن المطَّلب بن أسد بن عَبْد العزَّى بن قصيٍّ، وليست بفاطمة بنت قيس بن خالد الفهريِّ، التي طلَّقها زوجها) انتهى، وما قاله معروف مشهور، وإنَّما أريد أنَّ آتي على حواشيه إنْ شاء الله تَعَالَى، كانت فاطمة بنت أبي حبيش من المهاجرات، روى حديثها عروةُ عن عائشة، قال ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»: (وروى اللَّيث عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن الأشجِّ، عنِ المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزُّبير: أنَّ فاطمة حدَّثته، ورواه مالك، وجماعة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ فاطمة ... ، وهو الصَّواب) انتهى.

وقد [1] أخرجه النَّسائيُّ وأبو داود من حديث عروة عنها نفسها، ذكر إبراهيم الحربيُّ: (أنَّها [2] تزوَّجت بعبد الله بن جحش، فولدت له محمَّدًا) انتهى، ولمحمَّد هذا صحبة.

قوله: (إِنَّمَا ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.

قوله: (عِرْقٌ): هو بكسر العين، وإسكان الرَّاء؛ ومعناه: إنَّ الاستحاضة تخرج من عرق يسمَّى: العاذِل؛ بكسر الذَّال المعجمة، (وحكى شيخنا إهمالها [3]، وبدل اللَّام راء، وسيجيء الكلام عليه [4]) [5]، بخلاف الحيض، فإنَّه يخرج من قعر الرَّحم.

قوله: (فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ): قال شيخنا: (يجوز فيه فتح الحاء وكسرها، وهو بالفتح: الحيض، وبالكسر: الحالة) انتهى، وقال النوويُّ في «تهذيبه» في قوله: «إذا أقبلت الحيضة»:

[ج 1 ص 104]

(1/643)

(قال الخطَّابيُّ: المحدِّثون يقولونها بالفتح، وهو خطأ، والصَّواب: الكسر؛ لأنَّ المراد الحالة، وردَّ القاضي عياض وغيره قول الخطَّابيِّ، وقالوا: الأظهر الفتح؛ لأنَّ المراد إذا أقبل الحيض) انتهى.

قوله: (عَنْكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.

قوله: (وَقَالَ أَبِي): قائل ذلك هو هشام، وأبوه: هو عروة بن الزُّبير.

قوله: (ذَلِكِ الوَقْتُ): تقدَّم أنَّ الخطاب إذا كان لمؤنَّث؛ فإنَّ الكاف تُكسَر أعلاه.

==========

[1] (وقد): ليس في (ج).

[2] في النسخ: (أنه)، ولعل المثبت هو الصواب.

[3] في (ب): (إهمال الدَّال).

[4] في (ب): (عليها).

[5] ما بين قوسين جاء في (ب) بعد قوله: (من قعر الرحم).

(1/644)

[باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة]

قوله: (وَفَرْكِهِ): إن قلت: ترجم هنا (باب غَسْلِ المَنِيِّ وَفَرْكِهِ)، وَلَمْ يذكر في الحَدِيث الذي أخرجه الفرك.

وجوابه: أنَّه قد [1] أخرجه مُسْلِم من حَدِيث الأسود وهمَّام عن عائشة رضي الله عنها: (كُنْتُ أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم) قال أبو عمر: (وَحَديث همَّام والأسود في الفرك أثبت من جهة الإسناد) انتهى

قوله في التَّرجمة: (وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِن المَرْأَةِ): وجه استنباطه ممَّا ذكره أنَّ منيه صلَّى الله عليه وسلَّم إِنَّمَا كان من جماع؛ لأنَّ الاحتلام ممتنع في حقِّه، وستأتي المسألة في احتلامه عليه الصَّلاة والسَّلام، وإذا [2] كان كذلك؛ فلا بدَّ أنْ يكون قد خالط الذَّكر الذي خرج منه المنيُّ شيئًا من رطوبة فرج المرأة، والله أعلم.

==========

[1] (قد): ليس في (ب).

[2] في (ج): (وإنَّما)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 105]

(1/645)

[حديث: كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي فيخرج إلى الصلاة]

229# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه عَبْد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد.

قوله: (عن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ): تقدَّم أنَّ (يسار) بالمثنَّاة تحتُ وبالسِّين المهملة، وتقدَّم الكلام على (سُلَيْمَان).

==========

[ج 1 ص 105]

(1/646)

[حديث: كنت أغسله من ثوب رسول الله]

230# قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ [1]): قال الدِّمياطيُّ: (قال أَبُو مسعود: هو ابن هارون، وليس بابن زريع، وجميعًا قد روياه) انتهى.

وقال شيخنا: (وقد رواه الإِسْمَاعِيليُّ من طريق جماعة عن يزيد بن هارون، وكذا رواه أَبُو نعيم، وأبو نصر السَّجزيُّ في «فوائده»، وقال: (خرًّجه البخاريُّ من حديثه، والحديث محفوظ لابن هارون)، وكذا ساقه الجيَّانيُّ من حديثه أيضًا، وقال المِزِّيُّ: (الصَّحيح: أنَّه يزيد بن زُرَيع، فإنَّ قتيبة مشهور بالرِّواية عنِ ابن زريع دون ابن هارون، قلت: وكذا نسبه ابن السَّكن، فقال: يزيد؛ يعني: ابن هارون، وأشار إليه الكلاباذيُّ) انتهى، فقوله: (فقال: يزيد؛ يعني: ابن هارون): كذا قرأته عليه في الشَّرح، وهو سبق قلم؛ لأنَّ مقتضى التَّصنيف أنْ يكون ابن زريع، وكذا ذكره الجيَّانيُّ منسوبًا إلى ابن السَّكن، وأنَّه أشار إليه أبو نصر الكلاباذيُّ، فالصَّواب [2] في هذا الموضع المنسوب لابن السَّكن: ابن زريع لا ابن هارون، وعنى شيخنا بأبي نصر السَّجزيِّ عبيد الله بن سعيد في «فوائد أبي الحسن بن صخر»، وقد راجعت كلام المِزِّيِّ، فرأيته ذكر ما لفظه: (قال أَبُو مسعود في كتاب الفربريِّ وحمَّاد _ يعني: ابن [3] شاكر أيضًا_: «يزيد» مطلق _يعني: شيخ قتيبة_ يقال: إنَّه ابن هارون وليس بابن زريع، وجميعًا قد روياه، زاد المِزِّيُّ: (الصَّحيح: أنَّه يزيد بن زريع، فإنَّ قتيبة مشهور بالرِّواية عنهُ دون ابن هارون) انتهى.

قوله: («ح»: وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ): تقدَّم الكلام على (ح)، وعلى النُّطق بها وكتابتها في أوَّل هذا التَّعليق؛ فانظره إنْ أردته.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِد): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، عن عاصم الأحول، والأعمش، وعنه: ابن مهديٍّ، ومُسَدَّد، وقتيبة، قال النَّسائيُّ: (ليس به بأس)، وقال أحمد وغيره: (ثقة، وله مناكير نُقِمت عليه، اجتنبها صاحبا «الصَّحيح»)، أخرج له الجماعة، توفِّي سنة (176 هـ)، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم.

قوله: (بُقَعُ): هو بالرَّفع، وهذا ظاهر، وهو جمع بقعة.

==========

[1] في (ب): (بريد)، وكذا في المواضع اللاحقة، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (والصواب).

[3] (ابن): ليس في (ج).

[ج 1 ص 105]

(1/647)

[باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره]

قوله: (أَوْ غَيْرَهَا): قال شيخنا الشَّارح: (يعني بذلك: رطوبة الفرج).

قوله: (أَثَرُهُ): قال شيخنا الشَّارح: (ظاهر إيراده أنَّ المراد أثر المنيِّ، ولهذا أورد عقبه الحَدِيث: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَغْسِلُ [المنيَّ] مِنْ ثَوْبِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثُمَّ أَرَاهُ فيه بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا»، ورجَّحه ابن بطَّال؛ إذ قال: قوله: «وأثر الغسل»: يحتمل أنْ يكون معناه: بلل الماء غسل به الثَّوب، والضَّمير راجع فيه إلى أثر الماء، فكأنَّه قال: وأثر الغسل بالماء بقع الماء فيه؛ يعني: لا بقع الجنابة، ويحتمل أنَّ يكون معناه: وأثر الغسل؛ يعني: أثر الجنابة التي غُسِلت بالماء فيه بقع الماء الذِي غُسِلت به الجنابة، والضَّمير فيه راجع إلى أثر الجنابة لا إلى أثر الماء، وكلا الوجهين جائز، لكنَّ قوله في الحديث الآخر: «أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ المَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثُمَّ أَرَاهُ فيه بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا»؛ يدلُّ أنَّ تلك البقع كانت بقع المنيِّ وطبعه لا محالة؛ لأنَّ العرب أبدًا تردُّ الضَّمير إلى أقرب مذكور، وضمير المنيِّ في الحَدِيث أقرب من ضمير الغسل) انتهى.

(1/648)

[حديث: كنت أغسله من ثوب رسول الله ثم يخرج إلى الصلاة]

231# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن زياد، وتقدَّم بعض ترجمته أعلاه، وقبله أيضًا.

==========

[ج 1 ص 105]

(1/649)

[حديث عائشة: أنها كانت تغسل المني من ثوب النبي ثم أراه .. ]

232# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو ابن معاوية، فيما ظهر لي وهو زهير بن معاوية بن حُديج، الحافظ، أبو خيثمة الجعفيُّ، كوفيٌّ شيخ الجزيرة، ثقة حجَّة حافظ، عن زياد بن عِلاقة، ومنصور، وعنه: القطَّان، وعليُّ بن الجعد، ويحيى بن يحيى، توفِّي سنة (173 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (ثُمَّ أَرَاهُ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه من رؤية العين.

==========

[ج 1 ص 105]

(1/650)

[باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها]

قوله في التَّرجمة: (وَمَرَابِضِهَا): المرابض للغنم؛ كالمعاطن للإبل، واحدها: مَرْبِض؛ مثل مَجلِس، قَالَه الجوهريُّ.

والمَعطِن _بالكسر أيضًا_ والعَطَن _بفتحهما_ واحد الأعطان والمعاطن؛ وهي مبارك [1] الإبل عند الماء لتشرب عللًا بعد نهل، فإذا استوفت؛ رُدَّت إلى المرعَى.

قوله: (وَصَلَّى أَبُو مُوسَى): تقدَّم أنَّه الأشعريُّ عَبْد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار، الصَّحابيُّ رضي الله عنه.

قوله: (فِي دَارِ البَرِيدِ [2]): هو الموضع الذِي ينزل فيه البريد، ومواضعها يكون فيه روث الدَّوابِّ غالبًا.

قوله: (وَالسِّرْقِينِ): هو _بكسر السِّين المهملة، وحَكى شيخنا الشَّارح [3] فتحها أيضًا عنِ ابن سيده، وإسكان الرَّاء، وكسر القاف_ زبل الدَّوابِّ،

[ج 1 ص 105]

وهو بالفارسيَّة: (سِرجين)، وكذا قال ابن قتيبة، وهذه الكلمات العجميَّة فيها حروف ليست بمحضة خالصة كألفاظ العربيَّة فتُنطَق بها، وتُكتَب بالحروف التي تقرُبُ منها، و (السِّرقين): مجرور معطوف على (دار).

قوله: (وَالبَرِّيَّةُ إِلَى جَنْبِهِ): (البَرِّيَّةُ): بالرَّفع على الابتداء، وهذا ظاهر، و (إلى جنْبه): الخبر.

قوله: (وَثَمَّ سَوَاءٌ): (ثَمَّ)؛ بفتح الثَّاء؛ أي: هناك، وقد تقدَّم.

(1/651)

[حديث: قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمرهم]

233# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ فيما يظهر، واسم أبي تميمة كيسان، وأيُّوب كنيته أبو بكر الإمام، روى عن عَمرو بن سلمة الجرميِّ، ومعاذة، ومحمَّد بن سيرين، وخلق، وعنه: شُعْبَة، وابن عليَّة، وأمم، قال ابن عُليَّة: (كنَّا نقول عنده ألفا حديث)، وقال شُعْبَة: (ما رأيت مثله كان سيِّد الفقهاء)، توفِّي سنة (131 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو ثقةٌ حجَّةٌ ثبت، وقد تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): هو بكسر القاف، وبعد اللَّام ألف موحَّدة، واسمه عَبْد الله بن زيد الجَرْمِيُّ، تقدَّم.

قوله: (قَدِمَ نَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ): (عُكْلٍ)؛ بضمِّ العين المهملة، وإسكان الكاف، ثُمَّ لام: قبيلة معروفة، و (عُرَيْنَةَ)؛ بضمِّ العين المهملة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحتُ ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث: بطن من بَجِيلَةَ، وعن السَّفاقسيِّ _وهو ابن التِّين_: (أنَّ عكلًا وعرينة واحد)، وقال شيخنا المؤلِّف في «تخريج أحاديث الوسيط»: (وقع في «مصنَّف عَبْد الرَّزَّاق»: أنَّهم من بني فزارة، قد ماتوا هزلًا)، وفي «أحكام ابن الطلَّاع»: (من بني سليم) انتهى.

واعلم أنَّه جاء: (أنَّ نفرًا من عرينة)، وروي: (من عكل أو عرينة) _كما هنا_ على الشَّكِّ، ورُوِي: (من عكل وعرينة) بغير شكٍّ، ورُوِي: (أنَّ نفرًا قدموا)، ولم يذكر من أيِّ قبيلة هم، والكلُّ في «الصَّحيح» من حديث أنس.

فائدة: عددهم ثمانية، كما في هذا «الصَّحيح» في (باب إذا أحرق المشركُ المسلم)، وفي «مسلم» في (الحدود)، فقول النَّوويِّ في «مبهماته»: (إنَّهم كانوا [1] ثمانية) وعزاه لأبي يعلى لا يُحتَاج إليه، والله أعلم، وقيل: كانوا سبعة؛ أربعة من عرينة، وثلاثة من عكل، فقيل [2]: العُرنيُّون؛ لأنَّ أكثرهم من عُرينة.

قوله: (فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ): بالجيم السَّاكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة؛ أي: استوبلوها، ومعناه: استوخموها؛ وَمعناه: كرهوا لمرض أصابهم بها، وفرَّق بعضهم بين الاجتواء والاستوبال، فجعل الاجتواء: كراهة الموضع وإنْ وافق، والاستوبال: إذا لَمْ يوافق وإنْ أحبَّه، ونحوه في «غريب [3] المصنَّف»، قاله ابن قُرقُول.

(1/652)

قوله: (بِلِقَاحٍ): في بعض طرقه أنَّها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وفي «مسلم»: «أنْ تخرجوا إلى إبل الصَّدقة»، وكلاهما صحيح، وكأنَّ بعض الإبل للصَّدقة، وبعضها للنَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قاله النَّوويُّ، واللِّقاح _بكسر اللَّام_: ليس غير، جمعُ لقحة؛ بكسرها وفتحها، واللَّقاح: ذوات الدُّر من الإبل، يقال لها ذلك بعد الولادة بشهر وشهرين وثلاثة، ثُمَّ هي لبون، واللَّقحة اسم لها في تلك الحال لا صفة، فلا يقال: ناقة لقحة، ولكن يقال: هذه لقحة، وقد جاء في الحديث: (اللَّقحة) في البقر والغنم كما جاءت في الإبل، قاله ابن قُرقُول.

فائدة: عدد هذه اللَّقاح خمسَ عشرةَ، وقد أخذوها أجمع، ثُمَّ رُدَّت إلى المدينة غير لقحة تدعى: الحَنَّاء، فسأل عنها، فقيل: نحروها.

قوله: (وأَبْوَالِهَا): في هذا الحديث: طهارة بول ما يُؤكَل لحمه، وهو مذهب مالك، وأحمد، وقول الإصطخريِّ، وابن خزيمة، والرُّويَانِيِّ، وقيَّد ذلك المالكيَّة بما إذا كانت لا تستعمل النَّجاسة، فإنْ كانت تستعملها؛ فإنَّه نجس على المشهور.

وأجاب المخالفون لهم _وهم [4] الحنفيَّة وجمهور الشَّافعيَّة_ القائلون بالنجاسة: بأنَّ شربهم للأبوال كان للتداوي، وهو جائز بكلِّ النَّجاسات سوى الخمر والمسكرات، وعند الشَّافعيَّة بشرطين؛ أحدهما: خبر طبيب مسلم، أو معرفة المتداوي إنْ عرف، ويشترط [5] ألَّا يجد ما يقوم مقامها من الطَّاهرات، ومسألة (التداوي بالأشياء النَّجسة) عقد لها ابن القيِّم بابًا في «الهَدْي» في المنع منها، واعتُرض على الشَّافعيَّة: بأنَّها لو كانت نجسة محرَّمة الشُّرب ما جاز التَّداوي بها؛ لحديث: «إنَّ الله لَمْ يجعل شفاءكم [6] فيما حرَّم عليكم»، رواه البيهقيُّ من رواية أمِّ سلمة، وصحَّحه ابن حبَّان، وهو في «البخاريِّ» موقوفًا على ابن مسعود، وقد يجاب عنه بأنَّ الضَّرورة جوَّزته.

وفي المسألة قول ثَالِث: أنَّ بول [7] كلِّ حيوان وإنْ كان لا يؤكل لحمه طاهرٌ غير بول ابن آدم، وهو قول ابن عليَّة وأهل الظَّاهر، وروي مثله عنِ الشَّعبيِّ، ورواية عنِ الحسن، وظاهر [8] إيراد البخاريِّ يوافقه حيث ذكر الدَّوابَّ مع الإبل والغنم.

تنبيه: حديثا جَابِر والبراء مرفوعان: «ما أُكِل لحمه؛ فلا بأس ببوله»: ضعيفان، كما بيَّنه الدَّارقطنيُّ وغيره.

(1/653)

قوله: (قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اسم هذا الرَّاعي يسار؛ بمثنَّاة تحت، ثُمَّ سين مهملة، وكان نوبيًّا، فأعتقه عليه الصَّلاة والسَّلام.

قوله: (فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ): بعث عليه الصَّلاة والسَّلام سعيد بن زيد، قاله [9] ابن عقبة، وقيَّده بعضهم عنِ ابن عقبة بأنَّه أحد العشرة، وقال ابن سعد: (وبلغ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الخبر، فبعث في إثرهم عشرين فارسًا، واستعمل كرز بن جَابِر الفهريَّ) انتهى، وكان ذلك سنة ستٍّ في شوَّال، ولعلَّ سعيدًا وابن [10] جَابِر كانا في السريَّة.

تنبيه: وقع عند محمَّد بن جرير الطَّبريِّ هذه القصَّة من حديث جرير، وفيه أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بعثه في إثرهم، وفيه نظر؛ لأنَّ إسلامه كان في العاشرة على المشهور، وقد قال بعضهم: إنَّه أسلم قديمًا، فعلى هذا: يزول الإشكال، ووقع عند ابن عَبْد [11] البَرِّ عن جرير نفسه أنَّه أسلم قبل موته عليه الصَّلاة والسَّلام بأربعين يومًا، [وهذا لا يصحُّ، وفي «الصَّحيحين»: (في حجَّةِ الوَدَاعِ: «اسْتَنْصِت النَّاس»)، وهذا يردُّ قول من قال: (إسلامه قبل وفاته عليه السَّلام بأربعين يومًا)] [12]، وقد ذكرته فيما سلف.

تنبيه: المعروف عَزْو ما تقدَّم لمحمَّد بن جرير الطَّبريِّ، وكذا عزاه شيخنا إليه فيما قرأته عليه، ووقع في «تخريج أحاديث الوسيط» له عزوه لمحمَّد بن الفضل الطَّبرانيِّ [13]، وفيه نظر، ويُحتمَل أنَّه منقول عنهما، ومحمَّد بن جرير الطبريُّ ليس في آبائه من اسمه الفضل ولا هو طبرانيٌّ؛ بزيادة ألف ونون، ومحمَّد بن الفضل الطَّبرانيُّ لا أستحضر من هو الآن، والله أعلم.

قوله: (وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ): هو بتخفيف الميم، وقد تشدَّد؛ أي: كحلت بمسامير، وفي «البخاريِّ» في موضع آخر: (فأمر بمسامير فأحميت، فكحلهم بها)، وفعل ذلك بهم؛ لأنَّهم سملوا أعين الرُّعاة كما ثبت في «صحيح مُسْلِم»، وقد غفل أبو الفتح اليعمريًّ في «سيرته» عن عزوه لمسلم، فعزاه لغيره.

قوله: (وَأُلقُوا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (في الحَرَّةِ): هي بفتح الحاء المهملة، وتشديد الرَّاء، ثُمَّ تاء؛ وهي خارج المدينة، وللمدينة حرَّتان؛ شرقيَّة وغربيَّة، والحرّضة: أرض تركبها حجارة سود.

قوله: (فَلَا يُسْقَوْنَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/654)

إن قيل: قام الإجماع على أنَّ من وجب عليه القتل فاستسقى؛ فإنَّه لا يمنع مِنْهُ؛ لئلَّا يجتمع عليه عذابان؟!

وجوابه: أنَّهم [14] إنَّمَا لَمْ يسقوهم هنا معاقبة بجنايتهم وكفرهم سقيَهم ألبان تلك الإبل، فعوقبوا بذلك [15] فلم يُسقَوا، ولأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام

[ج 1 ص 106]

دعا عليهم، فقال: «عطَّش الله من عطَّش آل محمَّد اللَّيلة» أخرجه النَّسائيُّ، وأجيب دعاؤه، وأيضًا فهؤلاء ارتدُّوا، فلا حرمة لهم.

قوله: (سَرَقُوا): هذا لا يُسمَّى سرقة، وإنَّما هي حرابة، ولكن لما أخذوا الإبل من حِرز مثلها، وهو وجود الرَّاعي معها ويراها أجمعَ [16]؛ أطلق أبو قلابة عليها: سرقة، والله أعلم.

==========

[1] (كانوا): ليس في (ب).

[2] في (ب): (وقيل).

[3] في (ج): (تجريد)، وهو تحريف.

[4] في النسخ: (وهي).

[5] في (ج): (وبشرط).

[6] في (ج): (شفاء).

[7] في (ب): (يؤكل)، وهو سبق نظر.

[8] في (ب): (ورواية الظَّاهر).

[9] في (ب): (قال).

[10] (ابن): ليس في (ج).

[11] (عبد): ليس في (ج).

[12] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[13] في (ج): (الطبري).

[14] في (ب): (أنَّه).

[15] (بذلك): ليس في (ب).

[16] (أجمع): ليس في (ب).

(1/655)

[حديث: كان النبي يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم]

234# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): هو بالمثنَّاة فوق المفتوحة [1]، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة، واسمه يزيد بن حميد _ (كذا في نسخة تسميته ونسبه لأبيه) [2]_ الضَّبعيُّ، أحد الأعلام، عن أنس، ومطرِّف، وعنه: عَبْد الوارث، وابن عليَّة، ثقةٌ عابدٌ، مات سنة (128 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.

قوله: (يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يُبْنَى المَسْجِدُ): (يُبنى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (المسجدُ): مرفوع قائم مقام الفاعل، واعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أقام بالمدينة، إذ قدمها شهر ربيع الأوَّل إلى صفر من السَّنة الدَّاخلة يُبنى له فيها مسجده ومساكنه.

قوله: (في مَرَابِضِ الغَنَمِ): تقدَّم الكلام على المرابض قريبًا ما [3] هي.

==========

[1] (المفتوحة): ليس في (ب).

[2] ما بين قوسين ليس في (ب).

[3] في (ج): (وما).

[ج 1 ص 107]

(1/656)

[باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء]

(بَاب مَا يَقَعُ مِن النَّجَاسَاتِ في السَّمْنِ وَالمَاءِ) ... إلى (بَاب السِّوَاكِ)

ذكر ابن المُنَيِّر الآثار والأحاديث التي ذكرها البخاريُّ، ثُمَّ قال: (مقصود التَّرجمة أنَّ المعتبر في النَّجاسات الصِّفات، فلمَّا كان ريش الميتة لا يتغيَّر بتغيرها؛ لأنَّه لا تحُلُّه الحياة، وكذلك العظام، وكذلك الماء؛ إذا خالطته [1] نجاسة ولم تغيِّره [2]، وكذلك السَّمن البعيد عن موقع الفأرة إذا لم يتغيَّر، ووجه الاستدلال بحديث دم الشَّهداء: أنَّه لمَّا تغيَّرت صفته إلى صفة طاهر وهو المسك بطل حكم النَّجاسة فيه، على أنَّ القيامة ليست دار أعمال ولا أحكام، وإنَّما لما عُظِّم الدَّمُ بحيلولة صفته إلى صفة ما هو مستطاب معظَّم في العادة؛ علمنا أنَّ المعتبر الصِّفات لا الذَّوات) انتهى.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه [3] العالم الفرد محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن [4] شهاب.

قوله: (وَقَالَ حمَّاد [5]): هو ابن أبي سُلَيْمَان مسلم مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعريِّ، الكوفيُّ الفقيه أبو إِسْمَاعِيل، عن أنس، وابن المُسَيّب، وإبراهيم، وعنه: ابنه [6] إِسْمَاعِيل، ومسعر، وأبو حنيفة، وشُعْبَة، وكان ثقة إمامًا مجتهدًا كريمًا جوادًا، قال أبو إسحاق الشَّيبانيُّ: (هو أفقه من الشَّعبيِّ) انتهى، لكن الشَّعبيَّ أثبتُ مِنْهُ، توفِّي سنة (120 هـ)، أخرج له مُسْلِم والأربعة، وقد تقدَّم مرَّة قبل هذه، وأنَّ له ترجمة في «الميزان».

قوله: (نَحْوِ الفيلِ): هو بجرِّ (نحوِ)، ويجوز نصبه.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): هو محمَّد بن سيرين، الإمام أحد الأعلام، أبو بكر، عن أبي هريرة، وعمران بن حصين، وطائفة، وعنه: ابن عون، وهشام بن حسَّان، وداود بن أبي هند، وجرير، وقرَّة، وخلائق، وكان ثقةً حجةً كثير العلم ورعًا بعيد الصِّيت، توفِّي في شوَّال سنة (110 هـ)، وكان يصوم يومًا ويومًا، وله سبعة أوراد في اللَّيلة، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مرَّة قبل هذه أو أكثر.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): الظَّاهر أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ الفقيه الكوفيُّ، أحد الأعلام، تقدَّم.

(1/657)

قوله: (بِتِجَارَةِ العَاج): قال الجوهريُّ: (والعاج: عظم الفيل، الواحدة: عاجة)، وفي «النهاية»: (العاج: الذَّبْل، وقيل: شيء يُتَّخذ من ظَهْر السُّلَحْفاة البَحْرِيَّة، فأمَّا العاجُ الذّي هو عَظْم الفيل؛ فنَجِس عند الشَّافعيِّ، وطاهِرٌ عند أبي حنيفة)، وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدِّين: (والعاج: الذَّبل ... ) إلى أنْ قال: (وعظم الفيل، وفي العاج الذي هُوَ عظم الفيل مذاهب؛ النَّجاسة مذهب الشَّافعيِّ، الطَّهارة مذهب أبي حنيفة، إنْ أُخِذ من مذكًّى؛ كان طاهرًا، وإلَّا؛ فلا، وهذا مذهب مالك، وهو بناء على أنَّه مأكول، والرَّابع: إنْ خرط؛ طهر)، وفي حفظي: أنَّ النَّوويَّ حكاه في «شرح المهذَّب» عنِ النَّخعيِّ [7]، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (خالطه).

[2] في (ب) و (ج): (يغيره).

[3] (أنَّه): مثبت من (ج).

[4] زيد في (ب): (محمد بن)، وليس بصحيح.

[5] في هامش (ق): (شيخ أبي حنيفة رضي الله عنهما).

[6] (ابنه): ليس في (ج).

[7] في (ب): (النَّووي)، وهو سبق نظر.

[ج 1 ص 107]

(1/658)

[حديث: ألقوها وما حولها فاطرحوه]

235# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرَّات أنَّه ابن أبي أويس ابن أخت الإمام مالك صاحب المذهب.

قوله: (عن ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الزُّهْرِيُّ.

قوله: (عن فَأْرَةٍ): هي مهموزة، بخلاف فارة المسك، فإنَّها ليست مهموزة، قَالَه الجوهريُّ، انتهى، والصَّحيح: الهمز فيهما والتسهيل، قاله النَّوويُّ في «تهذيبه».

قوله: (أَلقُوهَا): هو بهمزة [1] القطع؛ لأنَّه رباعيٌّ.

==========

[1] في (ب): (بضم الهمزة)، ولا يصح.

[ج 1 ص 107]

(1/659)

[حديث: خذوها وما حولها فاطرحوه]

236# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): هو ابن عيسى القزَّاز أبو يحيى، أحد الأئمَّة، عنِ ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن [1] صالح، وعنه: ابن المدينيِّ، واِبْن مَعِين، ومحمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: (هو أثبت أصحاب مالك)، توفِّي في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة.

==========

[1] زيد في (ب): (أبي)، ولا يصح.

[ج 1 ص 107]

(1/660)

[حديث: كل كلْم يكلمه المسلم في سبيل الله]

237# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ [قَالَ]: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله): هذا اختُلف فيه؛ قال أَبُو عَبْد الله النَّيسابوريُّ: (هو أحمد بن محمَّد بن موسى المروزيُّ، يكنى أبا العَبَّاس، يُلقَّب مردويه)، وقال الدَّارقطنيُّ: (أحمد بن محمَّد عن عَبْد الله بن المبارك هو أحمد بن محمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن [1] شبُّويه)، قاله أَبُو عليٍّ الغسَّانيُّ.

ونقل فيه شيخنا في شرحه ثلاثة أقوال؛ القولين اللَّذين ذكرتهما، والثَّالث: أنَّه لا يُعرَف، نقله عن أبي أحمد بن عديٍّ أحمد بن محمَّد، عن عَبْد الله، عن معمر لا يُعرف) انتهى.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله): هذا هو ابن المبارك، العالم الرَّبَّانيُّ، مشهور التَّرجمة، تقدَّم.

[قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): هو بإسكان العين، وفتح الميم قبلها، هو ابن راشد أبو عروة الأزديُّ مولاهم،، عالم اليمن، تقدَّم] [2].

قوله: (عن أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن [3] صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (كَلْمٍ): هو _بفتح الكاف، وإسكان اللَّام_ الجرح.

قوله: (يُكْلَمُهُ المُسْلِمُ): (يُكلم): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (المسلمُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

قوله: (تَفَجَّرُ): هو بفتح التَّاء، وتشديد الجيم، مرفوع، وهو محذوف إحدى التَّاءين.

قوله: (وَالعَرْفُ عَرْفُ): (العَرْف)؛ بفتح العين المهملة، وإسكان الرَّاء، وبالفاء: ريح الطِّيب.

==========

[1] (بابن): ليس في (ج).

[2] ما بين معقوفين جاء في (ب) و (ج) بعد قوله: (أخرج له الجماعة).

[3] (بن): سقطت من (ب).

[ج 1 ص 107]

(1/661)

[باب الماء الدائم]

(1/662)

[حديث: نحن الآخرون السابقون]

238# 239# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته.

[ج 1 ص 107]

قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ): هو بالنُّون، واسمه عَبْد الله بن ذكوان أَبُو عَبْد الرَّحمن، الإمام، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ): قال العلماء: معناه: الآخرون في الزمان، السَّابقون بالفضل ودخول الجنَّة، فتدخل هذه الأمَّة قبل الأمم الجنَّةَ، وقال شيخنا المؤلِّف في أواخر شرحه: (السَّابقون يوم القيامة في الحساب ودخول الجنَّة) انتهى، ورأيت أنا [1] في جواز الصراط أيضًا، والله أعلم، وكون [2] هذه الأمَّة أوَّل من يُحاسَب؛ فكذلك هو في «مسند أبي داود الطيالسيِّ» من حديث ابن عَبَّاس، وكذا جواز الصراط، فهو [3] في «الصَّحيح».

قوله: (وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: لَا يَبُولَنَّ .. ) إلى آخره: قال شيخنا: (وجه إدخال البخاريِّ الحديث الأوَّل في هذا الباب، وهو حديث: «نحن الآخرون ... » إلى آخره: أنَّ أبا هريرة رواه كذلك، وذكر مثل هذا في كتاب «الجهاد»، و «المغازي»، و «الأيمان والنُّذور»، و «قصص الأنبياء»، و «الاعتصام» ذكر في أوائلها كلِّها: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ»، قال ابن بطَّال في «شرحه»: يمكن أنْ يكون همَّام فعل ذلك؛ لأنَّه سمع من أبي هريرة [أحاديث ليست بكثيرة، وفي أوائلها: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ»، فذكرها على الرُّتبة التي سمعها من أبي هريرة، ويمكن _والله أعلم_ أنَّ يكون سمع أَبُو هريرة] [4] ذلك في نسق واحد، فحدَّث بهما جميعًا كما سمعهما).

(1/663)

قال شيخنا: (قلت: ساق البخاريُّ الحديث من طريق الأعرج عن أبي هريرة _كما ذكرته لك_ لا من حديث همَّام عنه، وتلك تعرف بصحيفة همَّام، وعادة مُسْلِم يقول فيها: فذكر أحاديث ومنها كذا، وهذه أيضًا صحيفة رواها بشر بن شعيب بن أبي حمزة، عن أبيه [5]، عن أبي الزِّناد عنه، عن أبي هريرة، وأحاديثها تقرب من صحيفة همَّام، وأوَّلها: «نحن الآخرون السَّابقون»، وفيها حديث البول في الماء الدَّائم)، ثُمَّ أخذ يعترض على ابن بطَّال في قوله: (إنَّ همَّامًا سمع من أبي هريرة أحاديث ليست [6] بكثيرة)؛ ليس بجيِّد؛ لأنَّ الدَّارقطنيَّ جمعها في جزء مفرد، فبلغت فوق المئة، ثُمَّ اعترض عليه في قوله: (ويمكن أنَّ يكون سمعه من رَسُول اللِّه صلَّى الله عليه وسلَّم في نسق واحد)؛ فيه بعدٌ، قال [7] شيخنا [8]: (وقد وقع لمالك في «موطَّأيه» مثل هذا في موضعين)؛ فذكرهما، والله أعلم.

قوله: (في المَاءِ الدَّائِمِ الذِي لَا يَجْرِي): اعلم أنَّ الدَّائم هو الرَّاكد، كما جاء في روايةٍ أخرى، وقوله: (الذي لا يجري) تأكيد لمعناه وتفسير له، وقيل: للاحتراز عن راكد يجري بعضه؛ كالبرك ونحوها.

قوله: (ثُمَّ يَغْتَسِلُ فيه): الرِّواية بالرَّفع [9]، وجوَّز ابن مالك جزمه على النَّهي، ورفعُه بتقدير: ثُمَّ هو يغتسل، ونصبه على إعطاء (ثمَّ) حكم واو الجمع، وقد منعه القرطبيُّ والنَّوويُّ، قال النوويُّ: (لا يجوز النَّصب؛ لأنَّه يقتضي أنَّ المنهيَّ عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما، وهذا لَمْ يقله أحد، بل البول منهيٌّ عنه سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا) انتهى.

وقال [10] ابن هشام الأستاذ النحويُّ المصريُّ في «مغنيه»: (وإنَّما أراد ابن مالك إعطاءها حكمها في النصب، لا في المعيَّة أيضًا ... ) إلى آخر كلامه.

(1/664)

[باب إذا ألقى على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته]

قوله: (إِذَا أُلْقِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (قَذَرٌ): مرفوع قائم مقام الفاعل، وكذا (أو جيفة).

قوله: (وَقَالَ ابْنُ المُسَيّبِ): هو سعيد، وقد تقدَّم الكلام عليه، وعلى ياء أبيه [1] أنَّها مفتوحة ومكسورة، وأنَّ غيره لا يجوز فيه غير الفتح، وهو عالم فرد.

قوله: (وَالشَّعْبِيُّ): هو _بفتح الشِّين المعجمة_ عامر بن شراحيل، الإمام، تقدَّم الكلام عليه.

==========

[1] في (ج): (وعلى يائه)، ولا يصح.

[ج 1 ص 108]

(1/665)

[حديث: أن النبي كان يصلي عند البيت وأبو جهل]

240# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبِي): تقدَّم أعلاه أنَّه عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وهو عتكيٌّ مروزيٌّ، يروي عن قرَّة، وشُعْبَة، وعنه: ابناه عبدان، وعبد العزيز شاذان، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وثَّقه أبو حاتم.

قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): هذا هو السَّبيعيُّ، وهو المذكور في الطَّريق الثَّاني من رواية ابن ابن ابنه إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن أبيه [1] يوسف، عن أبي إسحاق، وهو عَمرو بن عَبْد الله أبو إسحاق الهمْدانيُّ السَّبيعيُّ الكوفيُّ، أحد الأعلام، عن جرير، وعديٍّ بن حاتم، وزيد بن أرقم، وابن عَبَّاس، وعدَّة من الصَّحابة، وأمم من التَّابعين، وعنه: ابنه يونس، وإسرائيل حفيده، وشُعْبَة، والسُّفيانان، وأبو بكر بن عيَّاش، وخلائق، وله نحو ثلاث مئة شيخ، وهو يشبه الزُّهْرِيَّ في الكثرة، وقد غزا عشر مرَّاتٍ، وكان صوَّامًا قوَّامًا، مات سنة (127 هـ) وله خمس وتسعون سنة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم الكلام عليه قبل هذا، لكن طال الفصل، والله أعلم.

قوله: (عن عَبْدِ الله): هذا هو ابن مسعود الهذليُّ رضي الله عنه.

قوله: («ح»: [قَالَ]: وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ): أمَّا (ح)؛ فقد تقدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التَّعليق.

وأمَّا (أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ)؛ فهو أحمد بن عثمان بن حَكيم بن ذُبيان الأوديُّ، أبو عَبْد الله الكوفيُّ، عن أبيه، وجعفر بن عون، وأبي نعيم، وعبيد [2] الله بن موسى، وخالد بن مَخْلَد، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعبد الرَّحمن بن يوسف بن خراش، ومطين، وأبو عوانة، وخلق، وثَّقه النَّسائيُّ، وابن خراش، مات يوم عاشوراء سنة (261 هـ) [3]، أخرج له من الأئمَّة مَن أخذ عنه.

قوله: (حَدَّثَنَا [4] شُرَيْحُ): هو بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة.

قوله: (وَأَبُو جَهْلٍ): اسم أبي جهل: عَمرو بن هشام بن المغيرة، ترجمته معروفة، فرعون هذه الأمَّة، قُتِل ببدر كافرًا.

قوله: (وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ): الظَّاهر [5]_والله أعلم_ أنَّهم المذكورون في آخر الحديث المدعوُّ عليهم، وسيأتي الكلام عليهم.

(1/666)

قوله: (إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ): القائل هو أبو جهل، كما هو مصرَّح به في «مسلم» في (كتاب الجهاد) بعد (غزوة أحُد).

قوله: (بِسَلَى): هو _بفتح السِّين المهملة، مقصور_ الجلدة الرَّقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي، إنْ نُزعت عن وجه الفصيل ساعة يولد، وإلَّا؛ قتلته، وكذلك إذا انقطع السَّلَى في البطن، فإذا خرج السَّلى؛ سلمت النَّاقة، وإن انقطع في بطنها؛ هلكت وهلك الولد، قاله في «الصِّحاح»، وقال الدِّمياطيُّ في «حواشيه»: (السَّلى: الجلدة التي يكون فيها الولد، وقيل: السَّلى: في الماشية، والمشيمة: في النَّاس، وهي ههنا نجسة؛ لأنَّ ذبح المشركين كالميتة، ولو ذبحها مُسْلِم أو كتابيٌّ؛ لكانت لا تخلو من دم أو فرث، قال بعض المالكيَّة: وفيه من الفقه: أنَّ غسل النجاسة في الصَّلاة سُنَّة، ولو كان واجبًا؛ لقطع الصَّلاة) انتهى، فقوله: (إنَّ ذبح المشركين ميتة): أمَّا الآن؛ فنعم، وأمَّا إذ ذاك؛ فكان [6] قبل تحريم ذبائح أهل الأوثان كما كانت تجوز مناكحتهم، وهذا ظاهر لا خفاء به، وأمَّا مسألة (غسل النجاسة في الصَّلاة سنَّة)؛ فمحلُّه كتب الفقه، وكذا [7] الرَّدُّ عليهم.

قوله: (فَيَضَعَهُ): هو بنصب (يَضَعَ)، ويجوز رفعه.

قوله: (فَانْبَعَثَ أَشْقَى القَوْمِ): أمَّا (انْبَعَثَ)؛ فقام بسرعة، وأمَّا (أَشْقَاهم)؛ فهو عقبة بن أبي معيط، كما صرَّح به في «مسلم»، وكذا هو في «صحيح البخاريِّ» في (باب ما لقي النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه من المشركين بمكَّة)، وقال شيخنا الشَّارح عنِ الدَّاوديِّ: (إنَّه أبو جهل).

[ج 1 ص 108]

قوله: (لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (لَا أُغْنِي) نسخة، أمَّا [8] (أغني)؛ فكذا للنسفيِّ [9] والحمُّوي، وعند غيرهم: (لا أغيِّر)، قال ابن قُرقُول: (قال القاضي: والأوَّل أوجه وإنْ كان معناهما يصحُّ).

قوله: (لَوْ كَانَت لِي مَنَعَةٌ): قال ابن قُرقُول: («مَنَعة»؛ بفتح الميم والنُّون؛ أي: جماعة يمنعونه، وهو جمع مانع، وهو أكثر الضَّبط فيه، ويقال: بسكون النُّون أيضًا، عزَّة امتناع يمتنع بها، اسم الفعلة من منع، أو الحال بتلك الصِّفة، أو مكان تلك الصِّفة، وبفتح النُّون ضبطه الأصيليُّ، وكذا «في عزٍّ ومنعة»، وأنكر أَبُو حاتم الإسكان) [10].

وقال شيخنا الشَّارح: (في «المحكم» [11]: فيها ثلاث لغات، منَعة ومنْعة ومِنعة).

(1/667)

قوله: (وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ): قال الدِّمياطيُّ: (أَيْ: يميل، وكذا جاء في «مسلم» يُميل بعضُهم إلى بعض من كثرة الضَّحك) انتهى.

وقال شيخنا الشَّارح: (كذا هو بالحاء في نسخ «البخاريِّ»، قال ابن بطَّال: ينسب ذلك بعضُهم إلى بعض من قولكَ: أحلتُ الغريم؛ إذا جعلتَ له أنْ يتقاضى ماله عليك من غيرك)، قال: (ويُحتمل أنْ يكون من قول العرب: حال الرَّجل على ظهر الدابَّة حولًا وأحال: وثب).

وقال ابن الأثير: («ويحيل بعضهم على بعض»؛ أي: يقبل عليه ويحيل إليه، وجاء في بعض الرِّوايات: «وجعل بعضُهم يميل إلى بعض»، وكذا أورده شيخنا في كتاب «الصَّلاة» في باب «المَرْأَةِ تَطْرَحُ عنِ المُصَلِّي شَيْئًا مِن الأَذَى»، ولفظه: «حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ») انتهى، وقد راجعت كلام ابن الأثير؛ فوجدته كما ذكره عنه.

قوله: (وَكَانُوا يُرَوْنَ): (يُرون)؛ بضمِّ أوَّله؛ بمعنى: يظنُّون ويعتقدون [12]، وبفتح أوَّله أيضًا، ومعناه معروف.

قوله: (اللهمَّ؛ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ): تقدَّم بظاهرها.

قوله: (وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ): هذا كافر معروف، قُتِل ببدر كافرًا.

قوله: (وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ): هذا كان [13] من سادات قريش، قُتِل يوم بدر كافرًا.

قوله: (وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ): هو بالمثنَّاة فوق، ووقع في بعض نسخ «مُسْلِم»: بالقاف، وهو خطأ، والصَّواب ما هنا، والوليد قُتِل يوم بدر كافرًا.

قوله: (وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ): هذا كافر معروف، قُتِل ببدر على كفره، وفي «صحيح البخاريِّ» من حديث ابن مسعود: أنَّ سعد بن معاذ قال [14] له: (إنِّي سمعت محمَّدًا يزعم أنَّه قاتلك) وذكر الخبر ... إلى أنْ ذكر: أنَّه قُتِل ببدر، وعن ابن الجوزيِّ: (أنَّ ظاهر الحديث أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام هو الذي قتله، وفيه أيضًا في [15] «الوكالة»، وفي «السِّير» من حديث عَبْد الرَّحمن بن عوف: «أنَّ بلالًا خرج إليه ومعه نفر من الأنصار فقتلوه»، وقيل: قتله غير من ذُكِر، فقيل: معاذ بن عفراء، وخارجة بن زيد، وحبيب بن إساف اشتركوا فيه، وقيل: قتله بلال، وقيل: رجل من الأنصار من بني مازن) انتهى، وسيأتي في (الوكالة) الاختلاف في قاتله، وأذكر فيها خمسة أقوال، ولعلَّهم اشتركوا فيه، والله أعلم.

(1/668)

قوله: (وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ): هو بالقاف [16]، واسم أبي معيط أبان بن أبي عَمرو ذكوانَ بن أميَّة بن عَبْد شمس، قتل كافرًا، وسيأتي في أيِّ مكان قتله عليه الصَّلاة والسَّلام، وذكر شيخنا في (باب طرح جيف المشركين في البئر): (قال الدَّاوديُّ: إنَّه لَمْ يكن من أنفس قريش، وإنَّما كان ملصقًا فيهم، وتعقَّبه ابن التِّين، فقال: ظاهر قوله: «اللَّهمَّ؛ عليك الملأَ من قريش» أنَّه من أشرافهم؛ لأنَّ الملأ: الأشرافُ إلَّا أنْ يريد أكثر من ذكر) انتهى، (وللنَّاس كلام في نسب ذكوان لا أحبُّ أن أذكره، وفي حفظي: أنَّ السهيليَّ وغيره ذكره أيضًا وأنَّ ذكوان عبد أميَّة أو ابنه، وظهر لي من كلامه الآن في حفظي أنَّه عبده لا ابنه) [17]، والله أعلم.

قوله: (وَعَدَّ السَّابِعَ [18]، فَلَمْ يَحْفَظْه): هذا من قول أبي إسحاق، وهو عمرو بن عَبْد الله السَّبيعيُّ، كما في «مسلم»، وقد ذكره البخاريُّ في (باب المَرْأَةِ تَطْرَحُ عنِ المُصَلِّي شَيْئًا مِن الأَذَى) في (كتاب الصَّلاة) أنَّه عُمارة بن الوليد، وسيأتي بُعيد هذا ما جرى لعمارة [19].

قوله: (فَوَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَقَدْ رَأَيْتُ الذِينَ عَدَّ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى [20] فِي القَلِيبِ): أي: رأيت أكثرهم، وذلك لأنَّ عقبة بن أبي معيط لَمْ يُقتَل ببدر، بل حمل منها أسيرًا، وقُتِل بعرق الظُّبية.

وأمَّا عُمارة؛ فقصَّته مع النَّجاشيِّ مشهورة، وأنَّه سحر فصار متوحِّشًا، وهلك بأرض الحبشة زمن عُمر.

(1/669)

وأمَّا أميَّة بن خلف؛ فإنَّه لَمْ يُلقَ في البئر، وسيأتي في هذا «الصَّحيح»: (وأميَّة بن خلف أو أُبيُّ بن [21] خلف _شُعْبَة الشَّاكُّ_؛ فرأيتهم قُتِلوا يوم بدر، فأُلقوا في البئر غير أميَّة أو أُبيٍّ، تقطَّعت أوصاله، فلم يُلق في البئر)، ذكر ذلك في (باب مَا لَقِيَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وَأَصْحَابُهُ مِن المُشْرِكِينَ بِمكَّة في المبعث)، والصَّواب: من أحد الشَّكَّين أنَّه أميَّة، وأمَّا أُبَيٌّ؛ فإنَّه هلك بعد ذلك عقيب أحُد بسبب ضربة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له بأحُد، فحمل وهلك بسرف في رجوعهم إلى مكَّة، وقال ابن إسحاق عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا أمر بالقتلى أنْ يُطرَحوا في القليب؛ طُرِحوا فيه إلَّا ما كان من أميَّة بن خلف، فإنَّه انتفخ في درعه فملأها، فذهبوا ليحرِّكوه [22] فتزايل، فأقرُّوه، وألقوا عليه ما غيَّبه من التُّراب والحجارة)، وهذا موافق لما في «البخاريِّ»، وفي أواخر [23] «مسلم»، وقد بوَّب عليه مبوَّب (باب كلام النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لقتلى بدر بعد موتهم) ما ظاهره أنَّ أميَّة أُلقي في القليب، ولكنَّ تأويله ممكن؛ بأنَّه [24] كان ذلك بقرب القليب جدًّا بحيث إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا وقف على القليب؛ بقي أميَّة بقربه جمعًا بين الرِّوايتين، والله أعلم، أو أنَّه بعد أنْ رضخوه بالحجارة والتُّراب؛ أُخرج وأُلقي في البئر، والله أعلم.

قوله: (في القَلِيبِ): هو _بفتح القاف، وكسر اللَّام، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ موحَّدة_ بئر غير مطويَّة.

==========

[1] (عن أبيه): سقطت من (ج).

[2] في (ج): (وعبد)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (161 هـ)، وليس بصحيح.

[4] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[5] زيد في (ب): (وسيأتي).

[6] (فكان): سقطت من (ب).

[7] (كذا): ليس في (ب).

[8] في (ب): (وأمَّا).

[9] في (ب): (الدمشقي).

[10] «المطالع».

[11] في (ج): (العلم).

[12] (ويعتقدون): ليس في (ج).

[13] في (ج): (كافر).

[14] في (ج): (قاله).

[15] في (ج): (وفي).

[16] (هو بالقاف): ليس في (ب).

[17] ما بين قوسين ليس في (ج).

[18] في هامش (ق): (أي: الراوي الأول، السابع: هو عُمارة بن الوليد).

[19] في (ب): (بعمارة).

[20] (صرعى): سقطت من (ج).

[21] (بن): سقطت من (ب).

(1/670)

[22] في (ب): (ليحربوه)، وفي (ج): (ليجردوه).

[23] في (ب): (آخر).

[24] في (ج): (بأن).

(1/671)

[باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب]

قوله: (بَاب البُزَاقِ): يقال فيه: بالزاي، وبالسِّين، وبالصَّاد، وهو معروف، والسِّين أضعفها.

اعلم أنَّ هذا التَّبويب والحديث يردَّان قول سُلَمَان والنَّخعيِّ؛ فإنَّهما قالا بنجاسة البزاق.

قوله: (وقَالَ عُرْوَةُ عنِ المِسْوَرِ وَمَرْوَانَ .. ) إلى آخِرِه: هذا قطعة من حديث طويل في «صلح الحديبية»، وقد تقدَّم أنَّ (المِسْوَر)؛ بكسر الميم، ثُمَّ سين ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ راء، صحابيٌّ صغير، وأنَّ (مروان) ليس بصحابيٍّ، وسيأتي التَّنبيه في وهم وقع في سنِّ [1] المسور في «الصَّحيحين»، وسيأتي أيضًا، وتقدَّم أيضًا أنَّهما روياه عن بعض الصَّحابة، وهذه الطَّريق التي فيها أنَّهما روياه عن بعض الصَّحابة أهملها المِزِّيُّ في «أطرافه»، والله أعلم.

[ج 1 ص 109]

قوله: (زَمَنَ الحُدَيْبِيَةَ): هي بتخفيف الياء ضبطها المتقنون، وعامَّة الفقهاء والمحدِّثين يشدِّدونها؛ وهي قرية ليست بالكبيرة سمِّيت ببئر هناك عند مسجد الشَّجرة، وبين الحُدَيْبِيَة والمدينة تسع مراحل، وبينها وبين مكَّة مرحلة، وكان خروجه عليه الصَّلاة والسَّلام إليها في السَّنة السَّادسة في ذي القعدة، كما قاله ابن إسحاق، وعند ابن سعد: لهلال ذي القعدة يوم الاثنين.

قوله: (نُخَامَةً): قال الدِّمياطيُّ: (النُّخامة والنُّخاعة: ما يطرحه الفم من الصَّدر أو الرَّأس من رطوبة لزجة، ومنهم من فرَّق بينهما، فجعله من الصَّدر بالعين، ومن الرَّأس بالميم).

==========

[1] في (ج): (سين).

(1/672)

[حديث: بزق النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبه]

241# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هُوَ الفِرْيَابِيُّ لا البخاريُّ البيكنديُّ، وقد ذكرت الفرق بينهما في أوائل هذا التَّعليق، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عنِ البيكنديِّ وعدَّتها، [وقد قال شيخنا في هذا: (إنَّه الفريابيُّ، فإنَّ أبا نعيم رواه عنِ الطَّبرانيِّ، عنِ ابن أبي مريم: حَدَّثَنَا الفريابي: حَدَّثَنَا سفيان، قال: ورواه _يعني: البخاريُّ_ عن [1] الفريابيِّ، وكذا صرَّح به خلف في «أطرافه») انتهى] [2]

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن سعيد الثَّوريُّ، العالم المشهور، تقدَّم، وكذا قال شيخنا: وسفيان هو ابن سعيد الثَّوريِّ؛ كما صرَّح به الدَّارقطنيُّ.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْد الله): هو البخاريُّ، ولكن لا يضرُّ التَّنبيه عليه؛ لأنَّ في بلدنا أناسًا لا يعرفون هذا القدر، ويعزون [3] البخاريَّ في الأماكن.

قوله: (طَوَّلَهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): هو سعيد بن الحكم بن محمَّد مولى بني جمُح، أبو محمَّد المصريُّ الحافظ، عن مالك، ونافع [4] بن عُمر، وعنه: البخاريُّ، وأحمد بن حمَّاد، قال أبو حاتم: (ثقة)، وكذا وثَّقه غيره، توفِّي سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد رقم عليه المِزِّيُّ تعليقًا، والظَّاهر أنَّ البخاريَّ أخذه عنِ ابن أبي [5] مريم هذا مذاكرة؛ كما تقدَّم، والله أعلم، وما طوَّله ابن أبي مريم؛ انفرد البخاريُّ بتعليقه فيما أعلم من بين أصحاب الكتب السِّتَّة.

قوله: (يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ): هذا هو الغافقيُّ، أبو العَبَّاس المصريُّ، أحد العلماء، عن يزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة، وعنه: ابن وهب، وسعيد بن أبي مريم، وهو صالح الحديث، وقال أبو حاتم: (لا يُحتجُّ به)، وقال النَّسائيُّ: (ليس بالقويِّ)، توفِّي سنة (168 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

وأتى بهذه الطَّريق؛ لأنَّ سفيان تقدَّم أنَّه الثَّوريُّ، وتقدَّم فيما مضى أنَّه وابن عيينة أيضًا مدلِّسان، وقد عنعن عن حميد، ويحيى بنُ أيُّوب صرَّح بالتحديث، وكذا حميد في الطَّريق الأولى عنعن، وهنا صرَّح بالتحديث، وحميد أيضًا مدلِّس، فأتى بهذه الطَّريق؛ لما فيها من الفائدة.

==========

[1] في (ج): (يعني).

[2] ما بين معقوفين جاء في (ج) بعد قوله: (كما صرح به الدارقطني).

[3] في (ب): (ويقرون).

[4] زيد في (ب): (عن).

(1/673)

[5] في (ج): (يحيى)، وكذا في الموضع اللاحق، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 110]

(1/674)

[باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر]

قوله: (بَاب لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ [بِالنَّبيذِ وَلَا المُسْكِرِ): وجه إيراد البخاريِّ هذا الحديث هنا مع هذه التَّرجمة قيل: وجهه هنا أنَّ المسكر واجب الاجتناب؛ لنجاسته، حرام استعماله في كلِّ حال، ومن جملة ذلك الوُضوء، وما يحرم شربه؛ يحرم الوضوء به؛ لخروجه عنِ اسم الماء لغة وشرعًا، وكذلك النَّبيذ أيضًا غير المسكر في معنى المسكر من جهة أنَّه لا يقع عليه اسم الماء، ولو جاز أنْ يسمَّى النَّبيذ ماء؛ لأنَّ فيه ماء [1]؛ لجاز أنْ يسمَّى الخلُّ ماء؛ لأنَّ فيه ماء، والله أعلم.

قوله: (الوُضُوءُ)] [2] في التَّرجمة: هو بضمِّ الواو؛ لأنَّه الفعل، وتقدَّم مرارًا أنَّه يجوز فتحها.

قوله: (وَكَرِهَهُ الحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، تقدَّم مرَّاتٍ.

قوله: (وَأَبُو العَالِيَةِ): هذا هو رُفَيع بن مهران، وهو من أئمَّة التَّابعين، وقد تقدَّم أنَّ أبا العالية اثنان؛ هذا، وزياد بن فيروز، وهذا أعلمهما وأكبرهما، أدرك الجاهليَّة، ودخل على أبي بكر، وصلَّى خلف عُمر، وحفظ القرآن في خلافته، أسلم بعد موته عليه السَّلام [3] بعامين، وهذا كان ابن عَبَّاس يرفعه على السَّرير، وقريش أسفل من السَّرير، قال: (فتغامزني قريش، وقالوا: يرفع هذا العبد علينا، ففطن لهم، فقال: إنَّ هذا العِلم يزيد الشَّريف شرفًا، ويُجلس الملوك على الأسرة)، وثناء النَّاس عليه كَثِير، وترجمته معروفة، توفِّي سنة (90 هـ)، وقال البخاريُّ: (سنة «93 هـ»)، وقيل: سنة (111 هـ)، والأوَّل أصحُّ، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم الكلام عليه ولكن طال الفصل، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هذا هو ابن أبي رباح، قال شيخنا الشَّارح: (صرَّح به ابن حزم)، ثُمَّ ذكر مستنده في ذلك، وقد تقدَّم الكلام عليه.

==========

[1] (لأنَّ فيه ماء): سقط من (ج).

[2] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[3] في (ب): (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).

[ج 1 ص 110]

(1/675)

[حديث: كل شراب أسكر فهو حرام]

242# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، كما صرَّح به مُسْلِم في «صحيحه».

قوله: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 110]

(1/676)

[باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه]

قوله: (بَابُ غَسْلِ المَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ عن وَجْهِهِ): (الدَّمَ): منصوب؛ لأنَّه مفعول المصدر الذِي هو (غَسْل)، و (أَبَاهَا): منصوب بنزع الخافض؛ أي: عن أبيها، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ): هو العالم المشهور، رُفَيع بن مهران الذِي تقدَّم أعلاه، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 110]

(1/677)

[حديث سهل: ما بقي أحد أعلم به مني]

243# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ): (محمَّد) هذا: هو ابن سلَام _بالتخفيف_ على الأصحِّ، كذا جاء منسوبًا في بعض النُّسخ، قال شيخنا الشَّارح: (ورواه ابن ماجه عن محمَّد بن الصَّبَّاح، وهشام بن عمَّار، عن سفيان)، وقال الإِسْمَاعِيليُّ أيضًا: (عن محمَّد بن الصَّبَّاح عن سفيان به) انتهى، وقال الجيَّانيُّ في «تقييده» _وقد ذكر هذا المكان، فقال_: (وذكر أبو نصر محمَّد بن سلام فيمن روى عنِ ابن عيينة) انتهى.

قوله: (عن أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، واسمه سلمة بن دينار.

قوله: (دُووِيَ جُرْحُ): هو بضمِّ الدَّال، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ واو أخرى مكسورة، ثُمَّ ياء مفتوحة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (جُرْحُ): مرفوع، قائم مقام الفاعل.

قوله: (مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَم): (أعلم): بضمِّ الميم وفتحها، إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ بين الواقعة _وهي في أحُد، وأحُد في الثَّالثة_ ووفاة سهل نحو خمس وثمانين سنة؛ لأنَّه توفِّي سنة ثمان وثمانين، وهو ابن بضع وتسعين سنة، وقال الواقديُّ وجماعة: (توفِّي سنة إحدى وتسعين)، فعلى هذا: يكون بين الواقعة ووفاته نحوُ ثمان وثمانين سنة.

تنبيه: قال ابن هشام في «السِّيرة»: (ذكر لي رُبَيح بن عَبْد الرَّحمن بن أبي سعيد الخُدْرِيِّ عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ: أنَّ عتبة بن أبي وقَّاص رمى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومئذ فكسر رُباعيته اليمنى السُّفلى، وجرح شفته السُّفلى، وأنَّ عَبْد الله بن شهاب الزُّهْرِيَّ شجَّه في وجهه، وأنَّ ابن قمئة [1] جرح وجنته، فدخلَ من المغفر حلقتان في وجنته)، وسيأتي الكلام في ذلك بأبسط من هذا إن شاء الله تعالى وقدَّره في (أُحُد)، وأتكلَّم هناك على من أسلم من هؤلاء الثَّلاثة، وأذكر غير ذلك.

قوله: (وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ عن وَجْهِهِ الدَّمَ): تنبيه: تقدَّم أنَّ هذه القصَّة كانت يوم أحُد، وزعم ابن سعد أنَّ عتبة بن أبي وقَّاص شجَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في وجهه وأصاب رباعيته، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الدَّم، وكذا هو في «تفسير الزمخشري»

[ج 1 ص 110]

في (آل عمران) أنَّ الذي غسل الدَّم سالم، فلعلَّهما غسلا معًا، أو واحدًا [2] بعد واحد، وقصَّة «الصَّحيح» صحيحة لا شكَّ فيها.

(1/678)

قوله: (فَأُخِذَ [3] حَصِيرٌ): (أُخِذَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (حَصِيرٌ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

تنبيه: قال ابن قيِّم الجوزيَّة في أوائل «الطِّبِّ» (فصل في علاج الجُرح) بعد ذكر هذا الحديث ما لفظه: (برماد [4] الحصير المعمول من البرديِّ، [وله] فعلٌ قويٌّ في حبس الدَّم؛ لأنَّ فيه تجفيفًا قويًّا وقلَّةَ لذع ... ) إلى آخر كلامه، ففيه: أنَّ الحصير التي أُحرقت كانت من برديٍّ، وهذا لا يقال في تعيينها إلَّا بالنقل، والله أعلم [5].

==========

[1] في (ج): (حميد)، وليس بصحيح.

[2] زيد في (ب): (منهما).

[3] في النسخ: (وأخذ)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] في النسخ: (كرماد)، والمثبت موافق لما في «الطب النبوي» لابن القيم.

[5] زيد في (ب): (بالصواب).

(1/679)

[باب السواك]

(باب السِّوَاكِ) ... إلى (كتاب الغُسْل)

[تنبيه: روى أبو نعيم من حديث الحميديِّ عن سفيان، عن منصور، عنِ الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك»، وهذا إسنادٌ كلُّ رجاله ثقات] [1].

فائدة: في السِّواك فوائد؛ منها: أنَّه يطهِّر الفم، ويرضي الرَّبَّ عزَّ وَجَلَّ، ويبيِّض الأسنان، ويطيِّب النَّكهة، ويشدُّ اللِّثة، ويصفِّي الحلق، ويُجري اللِّسان، ويذكي الفطنة، ويقطع الرُّطوبة، ويحدُّ البصر، ويبطئ الشَّيب، ويسوِّي الظَّهر، ويُضاعف به [2] الأجر، وقد ذكر له شيخنا العلامة البلقينيُّ في «منار المهتدي في شرح التِّرمذيِّ» فوائد كثيرة؛ منها: أنَّه يسهِّل النَّزع، ويذكِّر الشَّهادة عند الموت.

قوله: (فَاسْتَنَّ)، وكذا قوله في الحديث الآتي: (يَسْتَنُّ): الاستنان: الاستياك؛ وهو دلك الأسنان وحكُّها بما يجلوها.

==========

[1] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[2] (به): سقطت من (ج).

[ج 1 ص 111]

(1/680)

[حديث: أتيت النبي فوجدته يستن بسواك بيده]

244# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ، عارم الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم معنى عارم، وأنَّه بعيد منها.

قوله: (عن أَبِي بُرْدَةَ): تقدَّم مرَّات أنَّه قاضي الكوفة، الحارث أو عامر، وأنَّه أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ أباه أبو موسى الأشعريُّ عَبْد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار، وتقدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (وهو يَقُولُ: أُعْ أُعْ): هما بضمِّ الهمزة في أصلنا، وسكون العين المهملة، قال الدِّمياطيُّ: (لفظ أبي داود: «وهو يقول: أُهْ أُهْ»، ولفظ النَّسائيِّ: «وهو يقول: عَا عَا»، وكلُّهم روَوه من حديث غيلان) انتهى، و (أع أع): حكاية صوت المتهوِّع؛ وهو الذي يتقيَّأ، وقال بعضهم: بفتح الهمزة، وسكون العين، وعن أبي ذرٍّ: بِضَمِّها، قاله السَّفاقسيُّ _وهو ابن التِّين_، وذكره [1] بضمِّ الهمزة وسكون العين وهي مهملة، وفي أصل الحافظ ابن عساكر: بالمعجمة، والضَّمير للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [2]؛ فيكون حقيقة، أو للسِّواك؛ فيكون مجازًا.

قوله: (يَتَهَوَّعُ): هو بمثنَّاة تحت، ثُمَّ مثنَّاة فوق أيضًا، ثُمَّ واو مشدَّدة مفتوحات، ثُمَّ عين مهملة؛ أي: يتقيَّأ، وقد تقدَّم أعلاه.

==========

[1] في (ب): (وذكر).

[2] في (ب): (عليه الصَّلاة والسَّلام).

[ج 1 ص 111]

(1/681)

[حديث: كان النبي إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك]

245# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وقد تقدَّم مرَّات أنَّه ابن عَبْد الحميد الضَّبِّيُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر، تقدَّم مرَّاتٍ [1]، وتقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، وتقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (عَنْ حُذَيْفَةَ): تقدَّم أنَّه ابن اليماني حِسْل، ويقال: حُسَيل رضي الله عنه، تقدَّم بعض ترجمته، وإنَّما عيَّنته؛ لأنَّ في الصَّحابة من اسمه حذيفة به [2] سبعة أشخاص؛ الرُّواة منهم ثلاثة هو أحدهم، والآخر: حذيفة الأزديُّ، أخرج له النسائيُّ [3]، روى عن جنادة الأزديِّ في (صوم الجمعة)؛ وذلك غلط، والثَّاني: حذيفة بن أَسِيد بن خالد أبو سَرِيحة، روى له مُسْلِم والأربعة.

قوله: (يَشُوصُ فَاهُ): قال الدِّمياطيُّ: (الشَّوص _يعني: بالشِّين المعجمة، وبالصَّاد المهملة_: الغسل والتنظيف، وقيل: يشوص: يستاك عرضًا) انتهى، وقال ابن قُرقُول: («يشوص»: قال الحربيُّ: يستاك عرضًا، وهو قول أكثر أهل اللُّغة، قال غيره: «يشوص»: يغسل، قال أبو عبيد: شُصت الشَّيء: نقيَّته، قال القاضي: أصله: التَّنظيف، والشَّوص: الغسل، وقال وكيع: الشَّوص بالطُّول، والسِّواك بالعرض، وعرض الفم: من الأضراس إلى الأضراس، وقال ابن حبيب: الشَّوص: الحكُّ، وقال ابن الأعرابيِّ: هو الدَّلك، والموص [4]: الغسل) [5] انتهى.

(1/682)

[باب دفع السواك إلى الأكبر]

(1/683)

[معلق ابن عمر: أراني أتسوك بسواك]

246# قوله: (وَقَالَ عفَّان): هو عفَّان بن مُسْلِم الصَّفَّار أبو عثمان الحافظ، عن هشام الدَّستوائيِّ، وهمَّام، والطَّبقة، وعنه: البخاريُّ، وإبراهيم الحربيُّ، وأبو زرعة، وأمم، وكان ثبتًا، من حكَّام الجرح والتعديل، مات سنة (220 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان» [1]؛ منها الذي يقول فيه يحيى القطَّان _وما أدراك ما يحيى القطَّان_: إذا وافقني عفَّان؛ لا أبالي من خالفني، فآذى ابن عديٍّ نفسه بذكره له في «كامله»، وأجاد ابن الجوزيِّ في حذفه ... إلى آخر كلامه فيه [2].

تنبيه: قد تقدَّم نظيره إذا قال البخاريُّ: (قال فلان) وذاك شيخه، وكذا (قال لي) أو (لنا)، تقدَّم محمول على السَّماع بشرط سلامة قائل ذلك من التَّدليس، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ سالم مِنْهُ، وأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد قدَّمت ذلك مُطوَّلًا؛ فراجعه.

قوله: (أَرَانِي أَتَسَوَّكُ [3]): قال ابن قُرقُول: (رآني أتسوَّك [4])، كذا للمستملي، وهو خطأ، إنَّمَا هو (أَراني) كما للكافَّة بهمزة مقدَّمة مفتوحة؛ لأنَّه إنَّمَا أخبر عمَّا [5] رآه في النوم، انتهى.

قوله: (فَجَاءَنِي رَجُلَانِ): لا أعلم أنَّه جاء في رواية تسميتهما، والله أعلم من هما، [وقال بعض حفَّاظ العصر: القائل له هو جبريل، كما بيَّناه في رواية نعيم بن حمَّاد التي علَّقها، انتهى وقال في تعليق نعيم عنِ ابن المبارك: وصلها الطَّبرانيُّ في «الأوسط»، ورُوِّيناها في «الغيلانيَّات» باختصار، انتهى] [6]

(1/684)

قوله: (اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ): هو ابن حمَّاد الخزاعيُّ، الحافظ الأعور، ذو التَّصانيف، عن أبي حمزة السُّكريِّ، وإبراهيم بن سعد، وعنه: البخاريُّ مقرونًا، والدارميُّ، وحمزة الكاتب، مُختلَف فيه، امتُحن وقُيِّد فمات بسامرَّاء محبوسًا سنة (229 هـ)، أخرج له البخاريُّ مقرونًا كما ذكرت، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وأشدُّ [7] ما قيل فيه ما قاله الأزديُّ: كان ممَّن يضع الحديث في تقوية السُّنَّة وحكايات مزوَّرة في ثلب النُّعمان كلُّها كذب، وقال الذَّهبيُّ في «تلخيص المستدرك» في (الفتن والملاحم) _عقب حديث ذكره [8] له الحاكم وقال: صحيح_ قال الذَّهبيُّ: هو من أوابد نعيم، وقد ذكرت ذلك غير هذه المرَّة، والله أعلم، والذي اختصره نعيم انفرد البخاريُّ به، ولم يخرِّجه غيره، وإنَّما أخرجه البخاريُّ هنا وقال: عفَّان عن صخر، وأخرجه مُسْلِم في (الرؤيا) في آخر الكتاب: عن نصر [9] بن عليٍّ، عن أبيه، عن صخر بن جويرية به، والله أعلم.

قوله: (عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الله، العلم الفرد الرَّبَّانيُّ شيخ خراسان.

قوله: (عَنْ أُسَامَةَ): هو أسامة بن زيد اللَّيثيُّ، أبو زيد المدنيُّ، عن إبراهيم بن عَبْد الله بن حنين، وبعجة بن عَبْد الله الجهنيِّ، والمقبريِّ، وابن المُسَيّب، وغيرهم،

[ج 1 ص 111]

وعنه: أبو ضمرة، وأيُّوب بن سُوَيْد، وخلق، قال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: كان يحيى القطَّان يضعِّفه، ثُمَّ قال ابن معين: هو ثقة، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن عديٍّ: ليس به بأس، وفيه كلام غير ما ذكرت، توفِّي سنة (153 هـ)، علَّق له البخاريُّ كما ترى، ورَوى له مُسْلِم، وَالأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

==========

[1] (في «الميزان»): سقطت من (ب).

[2] (فيه): ليس في (ج).

[3] في (ج): (السِّواك).

[4] في (ج): (السِّواك).

[5] في (ب): (بما).

[6] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[7] في (ج): (وأشذ).

[8] في (ب) و (ج): (ذكر).

[9] في (ب): (صخر)، وكذا فوقها في (أ) من غير تصحيح، والمثبت هو الصواب.

(1/685)

[باب فضل من بات على الوضوء]

قوله: (عَلَى وُضُوءِ): هو بضمِّ الواو: الفعل، وبالفتح: الماء، ويجوز في كلٍّ منهما الفتح والضَّم، وقد تقدَّم مرارًا.

==========

[ج 1 ص 112]

(1/686)

[حديث: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة]

247# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله): هو ابن المبارك، العلم الفرد، مشهور التَّرجمة رحمة الله عليه.

قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): قال شيخنا الشَّارح: هو الثَّوريُّ كما صرَّح به أبو العَبَّاس أحمد بن ثابت الطرقيُّ وإنْ كان ابن عيينة روى عن منصور، وعنه ابن المبارك؛ لاشتهار الثَّوريِّ بمنصور، وهو أثبت النَّاس فيه، انتهى.

قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته مرَّة.

قوله: (عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ): هو بضمِّ العين، وهو سعد بن عُبيدة السُّلميُّ الكوفيُّ، عنِ ابن عُمر، والبراء، وعنه: الأعمش، وفطر، ثبتٌ، أخرج له الجماعة، توفِّي في ولاية عمر بن هُبيرة.

قوله: (مَضْجَعَكَ [1]): هو بفتح الجيم، ورأيت في كلام شيخنا في هذا الشَّرح في (الجنائز) أنَّه ذكرها بالكسر أيضًا، قال الدِّمياطيُّ: ضجَع يضجَعُ على وزن (نفَع ينفَعُ نفْعًا)، وكذا قال غيره ممَّن تقدَّمه.

قوله: (فَتَوَضَّأْ): تقدَّم ما في ذلك من اللُّغات الثَّلاث التي ذكرها شيخنا أبو جعفر في المجزوم؛ مثل: لَمْ يتوضَّأ، ولم يقرأ، والله أعلم.

قوله: (وُضُوءَكَ): هو بضمِّ الواو: الفعل، وبالفتح: الماء، وهذا الفعل، وتقدَّم أنَّه يجوز في كلٍّ منهما الضَّم والفتح.

قوله: (رَغْبَةً): الرَّغبة: المسألة، وهي تتعدَّى بـ (إلى).

قوله: (وَرَهْبَةً إِلَيْكَ): الرَّهبة: الخوف، وهي تتعدَّى بـ (مِن)، والأصل: رغبة إليك، ورهبة منك، والله أعلم.

قوله: (لَا مَلجَأَ): هو مهموز الآخر، والملجأ: المعاذ.

قوله: (وَلَا مَنْجَى): هو غير مهموز، من النَّجاة.

قوله: (وَبِنَبِيِّكَ الذِي أَرْسَلتَ): هو محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (على الفِطْرَةِ): هي دين الإسلام.

قوله: (قَالَ: لَا [2] وَنَبِيِّكَ الذي أَرْسَلتَ): سأذكر الكلام على هذا إنْ شاء الله تعالى وقدَّره [3] في (الدعاء) [4].

==========

[1] في هامش (ق): (ضجع يضَّجع ضجعًا على وزن: نفع ينتفع نفعًا).

[2] (قال: لا): ليس في (ج).

[3] (وقدره): ليس في (ب).

[4] زيد في (ب): (مستقبلًا).

[ج 1 ص 112]

(1/687)

((5)) (كِتَاب الغَسْلِ) ... إلى (بَابٌ: هَل يُدْخِلُ الجُنُبُ [1] يَدَهُ في الإِنَاءِ ... إلى آخره)

قوله: (كِتَاب الغَسْلِ): الأفصح فيه فتح الغين، ويجوز ضمُّها، ويأتي الكلام في ذلك قريبًا جدًّا.

==========

[1] (الجنب): سقطت من (ج).

[ج 1 ص 112]

(1/688)

[باب الوضوء قبل الغسل]

قوله: (بَاب الوُضُوءِ): هو بضمِّ الواو: الفعل، ويجوز فتحها، وقد تقدَّم أنَّ الأفصح أنَّ الفعل: بالضَّمِّ، والماء: بالفتح، وأنَّ في كلٍّ منهما لغتين.

قوله: (قَبْلَ الغَسْلِ): قال الدِّمياطيُّ: (الغسل)؛ بالفتح: اسم الفعل، وبالضَّمِّ: اسم الماء، وهو قول أبي زيد، وقيل: فيهما معًا: اسم الفعل؛ وهو قول الأصمعيِّ، و (الوَضُوء)؛ بالفتح؛ إذا أردت الماء، وبالضَّمِّ؛ إذا أردت الفعل، وقال الخليل: الفتح في الوجهين، ولم يعرف الضَّمُّ، وكذلك: الطُّهور والطَّهور، والغُسل والغَسل، انتهى، وقد قدَّمت الكلام في (الوَضوء) و (الطَّهور) بزيادة، وقصدي [1] أنْ أذكر في (الغسل) شيئًا، ولكن اقتصرت على كلام الدِّمياطيِّ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب) و (ج): (وكان قصدي)، وضرب على (كان) في (أ).

[ج 1 ص 112]

(1/689)

[حديث: أن النبي كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه]

248# قوله: (بَدَأَ): هو مهموز الآخر؛ أي: ابتدأ.

قوله: (ثَلَاثَ غُرَفٍ): وفي نسخة: (غَرَفات)، قال الدِّمياطيُّ: قال أبو عليٍّ: الغُرفة؛ بالضَّمِّ: اسم ما يُغرَف، والجمع: غُرُفات في القليل، وغُرَف في الكثير، وقال الجوهريُّ: غُرْفة وغِراف؛ كنُطفة ونِطاف، وأمَّا بفتح الغين _وهو المصدر_؛ فجمعه: غرفات في القليل، وفي الكثير: غِراف؛ كقصْعة وقِصاع، انتهى.

قوله: (ثُمَّ يُفيضُ المَاءَ): هو بضمِّ أوَّله رباعيٌّ، وهذا ظاهر جدًّا.

==========

[ج 1 ص 112]

(1/690)

[حديث: توضأ رسول الله وضوءه للصلاة غير رجليه وغسل فرجه]

249# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفريابيُّ لا البيكنديُّ، وقدَّمت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عنِ البيكنديِّ مُحَمَّدِ بن يُوسُفَ، والله أعلم، وكذا قال شيخنا: هو الفريابيُّ؛ كما صرَّح به أبو نعيم، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ، العالم المشهور، تقدَّم، وكذا قال شيخنا: إنَّه الثَّوريُّ.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ، العلم المشهور.

قوله: (وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الواو: الفعل، وأنَّه يجوز فيه الفتح.

[قوله: (هَذا غَسْلُهُ مِن الجَنَابَةِ): (غَسْلُهُ): بفتح الغين: الفعل، وقد تقدَّم أعلاه أنَّه يجوز فيه الفتح والضَّمُّ] [1]، والله أعلم.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 112]

(1/691)

[باب غسل الرجل مع امرأته]

قوله: (بابُ غَسْلِ الرَّجُلِ): هو بفتح الغين أيضًا، ويجوز الضَّمُّ، وقد تقدَّم أعلاه.

==========

[ج 1 ص 112]

(1/692)

[حديث: كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد]

250# قوله: (حدَّثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه محمَّد بن عَبْد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب العامريُّ، أحد الأعلام رحمه الله تَعَالَى.

قوله: (عن الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العلم المشهور، شيخ الإسلام.

قوله: (أَنَا وَالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيُّ) [1]: مرفوع، ويجوز نصبه على أنَّ الواو بمعنى (مع)، والله أعلم.

قوله: (الفَرَقُ): هو بفتح الفاء والرَّاء، وفي «مسلم»: (قال سفيان _يعني: ابن عيينة_: والفرق: ثلاثة آصع) انتهى، قال الدِّمياطيُّ: (الفرق): بفتح الرَّاء وإسكانها، قال أبو عبيد: (الفرق): ثلاثة آصع، ستَّةَ عشرَ رطلًا، انتهى، وفي «النِّهاية» لابن الأثير: (الفرق؛ بالتحريك: مكيال يسع ستَّةَ عشرَ رطلًا، [وهي اثنا عشر مدًّا، وثلاثة آصع عند أهل الحجاز، وقيل: الفرق: خمسة أقساط، والقِسط: نصف صاع، وأمَّا [2] الفرْق _بالسُّكون_؛ فمئة

[ج 1 ص 112]

وعشرون رطلًا) انتهى، ولفظ «الصِّحاح»: (والفَرْق: مكيال معروف بالمدينة، وهو ستَّةَ عشرَ رطلًا] [3]، وقد يحرَّك) انتهى.

==========

[1] (النَّبيُّ): سقطت من (ب).

[2] في (ج): (فأمَّا).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ب).

(1/693)

[باب الغسل بالصاع ونحوه]

قوله: (باب الغَسْلِ بِالصَّاعِ): أمَّا (الغسل)؛ فبالفتح: الفعل، وبالضَّمِّ: الماء، ويجوز العكس، تقدَّم، وهو مضموم في أصلنا بالقلم.

==========

[ج 1 ص 113]

(1/694)

[حديث أبي سلمة: دخلت أنا وأخو عائشة]

251# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ [قَالَ]: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ): [الظَّاهر أنَّه عَبْد الله بن محمَّد المسنديُّ، وذلك لأنَّ من روى عنه البخاريُّ واسمه [1] عَبْد الله بن محمَّد أربعة أشخاص تقدَّموا؛ أحدهم المسنديُّ، وقد رأيت عَبْد الغنيِّ في «الكمال» قال: إنَّه يروي عن عَبْد الصَّمد [2] بن عَبْد الوارث، والله أعلم] [3].

و (عبد الصَّمد): هو ابن عبد الوارث أبو سهل التَّنُّوريُّ، حافظ حجَّة، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنِي [4] أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ): قال الدِّمياطيُّ: (هو عَبْد الله بن حفص بن عُمر بن سعد بن أبي وقَّاص) انتهى، الزُّهْرِيُّ المدنيُّ، مشهور بكنيته، عن أبيه، وأنس، وابن عمر، وسُلمان الأغرِّ، وجماعة، ورَوى عنِ الزُّهْرِيِّ، وعبد الله بن حسن بن حسن، وعنه: زيد بن أبي أنيسة، ومحمَّد بن سوقة، وشُعْبَة، والمسعوديُّ، وأبو غسَّان محمَّد بن مطرِّف، وجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، أخرج له الجماعة، له ذكر في «الميزان»؛ للتمييز.

قوله: (أَبَا سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، ابن عَبْد الرَّحمن بن عوف، واسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل.

قوله: (دَخَلتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها [5]): أخوها هو من الرَّضاعة، كما صُرِّح به في «مسلم» و «النَّسائيِّ»، واسمه فيما قيل: عَبْد الله بن يزيد، قاله النَّوويُّ، وكذا قال مُسْلِم في «الطبقات»: عَبْد الله بن يزيد رضيع عائشة، وقال الدَّاوديُّ في «شرحه» على ما نقله شيخنا: إنَّه أخوها عَبْد الرَّحمن، قال شيخنا: وَهذا وهم مِنْهُ، وما قاله شيخنا ظاهر.

قوله: (عن غَسْلِ): هو بفتح [6] الغين؛ لأنَّه الفعل، ويجوز الضَّمُّ، وقد تقدَّم، وهو في أصلنا: مضموم الغين بالقلم.

قوله: (فَدَعَتْ بِإِنَاء نَحْوٍ مِنْ صَاعٍ): هو بجرِّ (نحوٍ) مع التَّنوين على النَّعت، وروي: بالنصب، وكان في أصلنا مجرورًا، فأُصلِح على النَّصب، وعُمِل في الطُّرَّة نسخة (نحوٍ)؛ بالجرِّ؛ لأنَّ الباء دخلت على المفعول؛ نحو: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [الحج: 25].

(1/695)

قوله: (مِنْ صَاعٍ): الصَّاع: مكيال يسع أربعة أمداد، ويقال: صوع وصُواع، ويجمع على أصؤُع وصيعان، وهو خمسة أرطال، وثلث برطل بغداد [7]، هذا قول أهل الحجاز، وهو الصَّحيح، وجاء في كَثِير من الرِّوايات: (آصع)، والصَّواب: أصؤع، قاله ابن قُرقُول، وقد تقدَّم في (باب الوضوء بالمدِّ) كم المدُّ؟ وكم الصَّاع؟ وكم رطل بغداد؟ فأغنى عن ذكره هنا.

قوله: (قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَبَهْزٌ وَالجُدِّيُّ [8] عن شُعْبَةَ): أمَّا (يزيد بن هارون)؛ فهو مشهور التَّرجمة، وهو يزيد بن هارون أبو خالد السُّلميُّ الواسطيُّ، أحد الأعلام، قال أحمد: حافظ متقن، وقال ابن المدينيِّ: ما رأيت أحفظ مِنْهُ، وقال العجليُّ: ثبت، متعبِّد، حسن الصَّلاة جدًّا، يصلِّي الضُّحى ستَّ عشرةَ ركعة، وقد عُمي، مات سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة.

وأمَّا (بهز)؛ فهو ابن أسد العمِّيُّ أبو الأسود النَّصريُّ، عن شُعْبَة، وأبي بكر النَّهشليِّ، وحمَّاد بن سلمة، وطبقتهم، وعنه: أحمد، وبندار، ويعقوب الدَّورقيُّ، قال أحمد: إليه المنتهى في الثبت، وقال أبو حاتم: إمام ثقة، وقال: ما رأيت رجلًا خيرًا من بهز، توفِّي قبل يحيى القطَّان، وتوفِّي القطَّان سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

وأمَّا (الجُدِّيُّ)؛ فهو بضمِّ الجيم، وتشديد الدَّال المهملة، واسمه عَبْد الملك بن إبراهيم أبو عَبْد الله المكِّيُّ، من أهل جُدَّة، أخرج له البخاريُّ مقرونًا، وأخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، قال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، قال البخاريُّ: مات سنة أربع أو خمس ومئتين.

وما قاله يزيد وبهز والجُدِّيُّ عن شُعْبَة؛ ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: وطريق بهز رواها الإِسْمَاعِيليُّ، عنِ المنيعيِّ، عن يعقوب وأحمد ابني إبراهيم؛ قالا: حَدَّثَنَا بهز بن أسد به، ولم يتعرَّض لتعليق يزيد، ولا لتعليق الجُدِّيِّ، والله أعلم.

قوله: (قَدْرِ صَاعٍ): هو بجرِّ (قدرٍ)، وجرُّه معروف.

==========

[1] في (ب): (وأنَّه).

[2] في (ب): (عبد الله)، وليس بصحيح.

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] (حدثني): ليس في (ب).

[5] الترضية: ليست في «اليونينيَّة»، وجاءت في (ق) لاحقًا بعد قوله: (على عائشة).

[6] في (ج): (بضم).

[7] في (ب): (البغدادي).

(1/696)

[8] في هامش (ق): (منسوب إلى جده، والجدي اسمه عبد الله بن إبراهيم أبو عبد الله المكي من أهل جدة، مات سنة (254 هـ)، قال البخاريُّ: توفي سنة أربع أو خمس ومئتين؛ فتحرر ما كتب أعلاه، وكذا أرخه سنة خمس الذهبي أيضًا).

[ج 1 ص 113]

(1/697)

[حديث: كان يكفي من هو أوفى منك]

252# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ): [هذا هو المسنديُّ وإنْ كان المسنديُّ وابن أبي شيبة رويا عن يحيى بن آدم؛ لأنَّ المسنديَّ روى عن يحيى بن آدم عند البخاريِّ، وابن أبي شيبة روى عنه عند مُسْلِم، كما قاله ابن طاهر في كتابه] [1].

قوله: (أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ): هو زهير بن معاوية بن حُدَيج الحافظ أبو خيثمة، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن أَبِي إِسْحَاقَ): هو عَمرو بن عَبْد الله أبو إسحاق السَّبيعيُّ، تقدَّم غير مرَّة.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ): هو محمَّد بن عليِّ بن الحسين الباقر، قاله الدِّمياطيُّ، انتهى، وهذا ظاهر.

قوله: (هُوَ وَأَبُوهُ): أمَّا هو؛ فقد تقدَّم أنَّه الباقر، وأمَّا والده؛ فهو زين العابدين عليُّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ، يروي عن أبيه، وعائشة، وأبي هريرة، وجمع، وعنه: بنوه محمَّد وزيد وعمر، والزُّهْرِيُّ، وأبو الزناد، وخلق، قال الزُّهْرِيُّ: ما رأيت قرشيًّا أفضل مِنْهُ، مات سنة (94 هـ)، أخرج له الجماعة، رحمة الله عليه وعلى آبائه.

قوله [2]: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفينِي): الرَّجل: هو الحسن بن محمَّد ابن الحنفيَّة، وكذا يجيء مسمًّى في هذا «الصَّحيح» قريبًا، وتقدَّم أنَّ الحنفيَّة اسمها خولة بنت جعفر، وتقدَّم نسبها.

فائدة: الحسن هذا هو أوَّل المرجئة، وله فيه مصنَّف، وقد قدَّمت ذلك في (كتاب الإيمان) [خ¦48] بما فيه.

قوله: (يَكْفينِي): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ.

قوله: (وَخَيْرًا مِنْكَ): هو بالنصب في طرَّة أصلنا، وفي الأصل: (وخيرٌ)، أمَّا الرَّفع؛ فظاهر، وسيأتي توجيهه، وأمَّا النَّصب؛ فبالعطف على مفعول (يكفي) أو على (شعرًا)، والرفع على أنَّه معطوف على (أَوْفَى)، أو أنَّه خبر مبتدأ محذوف، والله أعلم.

(1/698)

[حديث: أن النبي وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد]

253# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 113]

(1/699)

[باب من أفاض على رأسه ثلاثًا]

(1/700)

[حديث: أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا]

254# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو ابن معاوية بن حُدَيج، كما تقدَّم أعلاه، وتقدَّم قبل ذلك بعض ترجمته.

قوله: (عن أَبِي إِسْحَاقَ): تقدَّم أعلاه أنَّه عَمرو بن عَبْد الله أبو إسحاق السَّبيعيُّ، وتقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ): هو بضمِّ الصَّاد، وفتح الرَّاء، وبالدَّال المهملتين، وإنْ شئت؛ قلت: المهملات، مصروف، صحابيٌّ، ستأتي ترجمته

[ج 1 ص 113]

رضي الله عنه في (الأذان).

قوله: (كِلتَيْهِمَا): كذا في أصلنا، وإعرابها ظاهر، وفي بعض النُّسخ: (كلتاهما) على لغة بلحارثِ.

(1/701)

[حديث: كان النبي يفرغ على رأسه ثلاثًا]

255# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): هو بفتح الموحَّدة، ثُمَّ شين معجمة مشدَّدة، وهو بندار الحافظ، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم أنَّه بالغين المعجمة المضمومة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، واسمه محمَّد بن جعفر، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ ابن جريج لقَّبه بذلك؛ لأنَّه شغب عليه، والغندر في لغة أهل الحجاز: المشغِّب.

قوله: (مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ): هو بضمِّ الميم، ثُمَّ خاء معجمة مفتوحة، ثُمَّ واو مشددة مثلها، ثُمَّ لام، كذا للكافَّة، وكذا ذكره الباجيُّ والحاكم، وضبطه الأصيليُّ: بكسر الميم، وسكون الخاء، النَّهديُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن أبي جعفر الباقر، ومسلم البطين، وعنه: شُعْبَة، وأبو عوانة، ثقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه اِبْن مَعِين والنَّسائيُّ.

تنبيه شارد: ابن ابنِ هذا الرَّجل اسمه مخوَّل بن إبراهيم بن مخوَّل بن راشد النَّهديُّ، الكوفيُّ رافضيٌّ بغيض، صدوق في نفسه، روى عنه إسرائيل، قال أبو نعيم: سمعته، ورَأى رجلًا من المسوِّدة، فقال [1]: هذا عندي أفضل من أبي بكر وعمر، وقد ذكره ابن حبَّان في «ثقاته».

قوله: (يُفْرِغُ): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ.

==========

[1] في (ج): (يقال).

[ج 1 ص 114]

(1/702)

[حديث: كان النبي يأخذ ثلاثة أكف ويفيضها على رأسه]

256# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَامٍ): هذا الرَّجل في أصلنا: بفتح الميم، وسكون العين، انتهى، وقد اختلف فيه؛ فقيَّده البخاريُّ في «تاريخه»، وكذا غير البخاريِّ: بإسكان العين، وقيل: معمَّر؛ بالتشديد، وعن الحاكم أنَّه قيَّده به، وقد ذكره ابن ماكولا في المختلف فيه بعد (المُشَدَّد)، فقال: (ومُعمَّر بن يحيى بن سام، وله أخ يقال له: أبان، حدَّث عنه، كذاك يقوله غير واحد، وجعله البخاريُّ في باب مَعمر؛ بفتح العين) انتهى، وأمَّا أبو عليٍّ الغسانيُّ؛ فإنَّه ذكره، وقال: (يقال فيه: معْمر ومعمَّر؛ بالتخفيف والتشديد، وكذا فعل [1] بعض الحفَّاظ؛ ذكره بالتخفيف، ثُمَّ قال: وقيل: معمَّر) انتهى، وهو معمَّر بن يحيى بن سام الضَّبِّيُّ، عن فاطمة بنت عليٍّ، والباقر، وعنه: وكيع، وأبو نعيم، وأبو أسامة، وثَّقه أبو زرعة، انفرد [2] البخاريُّ بالإخراج له، قال الدِّمياطيُّ: وليس له في كتابه غيره، انتهى، وصدق، لَم [3] نَذْكُر أنَّه ذكره إلَّا هنا، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ): قال الدِّمياطيُّ: محمَّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، انتهى، هذا الباقر، يروي عن أبويه، وجَابِر، وابن عُمر، وطائفة، وعنه: ابنه جعفر الصَّادق، والزُّهْرِيُّ، وابن جريج، والأوزاعيُّ، وآخرون، ولد سنة ستٍّ وخمسين، ومات سنة (118 هـ) على الأصحِّ، أخرج له الجماعة، قال ابن سعد: ثقةٌ كَثِير الحديث، وقد تقدَّم، قال سالم بن أبي حفصة: سألت أبا جعفر محمَّد بن عليٍّ عن أبي بكر وعمر، فقال: (أتولَّاهما، وأبرأ إلى الله من عدوِّهما، فإنَّهما كانا إمامي هدًى)، وقال بسَّام الصَّيرفيُّ: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر، فقال: (والله إنِّي لأتولَّاهما، وأستغفر لهما)، كان سيِّد بني هاشم [4] في زمانه علمًا وفضلًا وسؤددًا ونبلًا، والباقر من قولهم: (بقر العِلم)؛ أي: شقَّه، فعرف أصله وخفيَّه، توفَّانا الله على حبِّ أهل البيت وجميع الصَّحابة.

قوله: (كَيْفَ الغَسْلُ): تقدَّم أنَّه بالفتح، والمراد به: الفعل، وأنَّ الماء: بالضَّمِّ، وهو هنا في أصلنا مضموم الغين.

قوله: (وَيُفيضُهَا): تقدَّم قريبًا أنَّه مضموم الأوَّل، رباعيٌّ.

(1/703)

[باب الغسل مرةً واحدةً]

قوله: (بَاب الغَسْلِ مرَّة وَاحِدَةً): إن قلت: ما موضع التَّرجمة من الحديث؟

فالجواب: أنَّه في [1] قوله: (ثمَّ أفاض على جسده)، ولم يذكر مرَّة ولا مرَّتين، فحمل على أقل ما يسمَّى غسلًا، وهو مرَّة واحدة، وتقدَّم أنَّه بالفتح، وفي أصلنا مضموم الغين بالقلم، وهو لغة، وقد قُدِّمت.

(1/704)

[حديث: وضعت للنبي ماءً للغسل فغسل يديه مرتين]

257# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرَّات أنَّ هذا هو التَّبُوْذَكيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبته.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن الأَعْمَشِ): تقدَّم أنَّه سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليٌّ الإمام.

قوله: (لِلغَسْلِ): هو بفتح الغين: الفعل، وهو في أصلنا مضمومها، وهي لغة، تقدَّمت.

قوله: (مَذَاكِيرَهُ): هو جمع ذكر على غير قياس، وقد جمعه مع أنَّه ليس في الجسد منه إلَّا واحد، وذلك باعتبار ما يتَّصل به، وقيل: إنَّه من الجمع الذي لا واحد له؛ كعباديد، وشماطيط [1].

(1/705)

[باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل]

قوله: (بَاب مَنْ بَدَأَ): هو بالهمز في آخره، من الابتداء.

قوله: (بِالحِلَابِ [1] أَو الطِّيبِ): (الحِلَاب)؛ بكسر الحاء المهملة، وتخفيف اللَّام، وفي آخره باء بواحدة [2]؛ وهو إناء يُملأُ قدر حلبة ناقة، ويقال له: المِحلب أيضًا، وفي هذا الحديث: (فأُتِيَ [3] بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلَابِ)؛ يعني: بإناء، وهو المِحْلَب، قال في «المطالع»: ترجم البخاريُّ عليه بـ (باب الطِّيب عند الغسل) يدل على أنَّه عنده ضربٌ من الطِّيب، وهذا لا يعرف، وإنَّما المعروف حَبُّ المَحْلَب _بفتح الميم واللَّام_: نوع من العقاقير الهنديَّة يقع في الطِّيب، وقد رواه بعضهم في غير «الصَّحيحين»: (بشيء نحو الجُلَّاب)، قال الأزهريُّ: الجُلَّاب؛ بالجيم: ماء الورد، وهو فارسيٌّ معرَّب، [والصَّواب ما بدأنا به، انتهى، وفي «النهاية»: في (الجيم): («دعا بشيء مثل الجُلَّاب وأخذ بكفِّه»: قال الأزهريُّ: أُراه أراد بالجُلَّاب: ماء الورد، وهو فارسيٌّ معرَّب] [4]، والله أعلم) [5]، ثُمَّ ذكره في (الحاء)، فقال: (مثل الحلاب، وقد رويت بالجيم، وتقدَّم ذكرها، قال الأزهريُّ: قال أصحاب المعاني: الحلاب: هو ما تحلب فيه الغنم؛ كالمحلب سواء، فصُحِّف؛ يعْنُون: أنَّه كان يغتسل في ذلك الحلاب؛ أي: يضع فيه الماء الذي يغتسل منه [6]، واختار الجُلَّاب بالجيم، وفسَّره بماء الورد [7]، [وفي هذا الحديث في كتاب «البخاريِّ» إشكال، وربَّما ظُنَّ أنَّه تأوَّله على الطِّيب، فقال: «باب من بدأ بالحلاب والطِّيب عند الغسل»، وفي بعض النُّسخ: «أو الطِّيب»، ولم يذكر في الباب غير هذا الحديث: «أنَّه كان إذا اغتسل دعا بشيء نحو الحلاب»، وأمَّا مُسْلِم؛ فجمع الأحاديث الواردة في] [8] هذا المعنى في موضع واحد، وهذا الحديث منها، وذلك [من فعْله يَدُلُّك على أنَّه أراد الآنِية والمقادير، والله أعلم، ويحتمل أن يكون البخاريُّ ما أراد إلَّا الجُلَّاب بالجيم؛ ولهذا تَرْجَم] [9] الباب به، وبالطِّيب، ولكن الذي يُروى في كتابه إنَّمَا هو بالحاء، وهو بها أشبه؛ لأنَّ الطِّيب لمن يغتسل بعد الغسل أليق به قبله وأولى؛ لأنَّه إذا بدأ به ثُمَّ اغتسل؛ أذهبه الماء) [10] انتهى.

وللنَّاس كلام كَثِير في ذلك، ويكفي هذا مع أنَّه طويل، والله أعلم.

[ج 1 ص 114]

قوله: (عِنْدَ الغَسْلِ): هو بفتح الغين: الفعل، ويجوز ضمُّها [11]، وقد تقدَّم.

==========

(1/706)

[1] في هامش (ق): (ظن البخاري أنَّ الحلاب هو الطيب؛ فلهذا جعله ترجمة، الحلاب والمحلب الذي يحلبه فيه الألبان).

[2] في (ب): (موحدة).

[3] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فدعا).

[4] ما بين معوفين سقط من (ب).

[5] «النهاية» مادَّة (جلب).

[6] في النسخ: (فيه)، والمثبت موافق لما في «النهاية».

[7] في (ج): (وفسرها الورد).

[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[9] ما بين معقوفين سقط من النسخ، واستُفيد من «النهاية» مادَّة (حلب).

[10] «النهاية» مادَّة (جلب).

[11] في (أ) و (ب): (فتحها)، والتصحيح من (ج).

(1/707)

[حديث: كان النبي إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب]

258# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): هو الضَّحَّاك بن مَخْلَد الشَّيبانيُّ النَّبيل، بصريٌّ حافظ، عن يزيد بن أبي عبيد، وابن عجلان، وبهز، والكبار، وعنه: البخاريُّ، وعبد، وعَبَّاس الدُّوريُّ، وخلق، قال عمر بن شبَّة: والله ما رأيت مثله قطُّ، وقال أبو عاصم: ما دلَّست قطُّ، ولا اغتبت أحدًا منذ عقلت تحريم الغيبة، مات في ذي الحجَّة سنة (212 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ حَنْظَلَةَ): هذا هو ابن أبي سفيان بن عَبْد الرَّحمن بن صفوان بن أميَّة الجمحيُّ المكِّيُّ، من الأثبات، عن طاووس، والقاسم، وعنه: القطَّان، وأبو عاصم، توفِّي سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (فَقَالَ بِهِمَا): أُجري (قَال) مُجرى (فَعل)، وهو من باب إطلاق القول على الفعل مجازًا.

قوله: (على وَسَطِ [1] رَأْسِهِ): هو بتحريك السِّين، وربَّما سكِّن، وليس بالوجه، قَالَ الجوهريُّ: جلست وسْط القوم؛ بالتسكين؛ لأنَّه ظرف، وجلست وسَط الدَّار؛ بالتحريك؛ لأنَّه اسم، وكلُّ موضع صلح فيه (بين)؛ فهو وسْط، وإن لم يصلح فيه (بين)؛ فهو وسَط؛ بالتحريك، وربَّما سكِّن، وليس بالوجه، انتهى.

==========

[1] في هامش (ق): (الوسْط؛ بالسكون: يقال فيما كان متفرق الأجزاء، غير متصل؛ كالناس، والدواب، وغير ذلك، تقول: قعدتُ وسْط الناس؛ بالسكون، فإذا كان متصل الأجزاء؛ كالدار والرأس؛ فهو بالفتح، وقيل: كل منهما يقع موقع الآخر، وبأنَّه الأشبه، وقيل غير ذلك).

[ج 1 ص 115]

(1/708)

[باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة]

(1/709)

[حديث: صببت للنبي غسلًا فأفرغ بيمينه]

259# قوله [1]: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): هو بالغين المعجمة المكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، مشهور التَّرجمة، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا [2] الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ، الإمام، مشهور التَّرجمة، وقد تقدَّم بعضها.

قوله: (حَدَّثَنِي سَالِمٌ): هو ابن أبي الجعد الأشجعيُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن عمر وعائشة مرسلًا، وعن ابن عبَّاس، وابن عمر، وعنه: منصور، والأعمش، توفِّي سنة (100 هـ)، ثقةٌ، أخرج له الجماعة، لكنَّه له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (غُسْلًا): هو بضمِّ الغين: الماء، وكذا هو مضبوط في أصلنا، ويجوز الفتح، وهو لغة في الماء، كما أنَّ الضَّم لغة في الفعل.

قوله: (على يَسَارِهِ): هو بفتح الياء، وتكسر على لغة، قال ابن عزيز في «غريبه»: (ليس في العربيَّة كلمة أوَّلها ياء مكسورة إلَّا «يِسار» لغة في اليد) انتهى، واستُدرك عليه: يِساف.

قوله: (ثُمَّ أُتِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، الذي أتى به هو ميمونة، وسيأتي من حديثها: (فَنَاوَلْتُه خُرْقَةً) [خ¦266].

قوله: (بِمِنْدِيلٍ): هو بكسر الميم، معروف.

قوله: (فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا): أنَّث على إرادة الخرقة، وكان الأصل (به)، كما في رواية مُسْلِم: (فردَّه)، ولكن أتى به مؤنَّثا على إرادة الخرقة؛ كما ذكرنا.

==========

[1] (قوله): سقطت من (أ).

[2] (حدثنا): ليس في (ب).

[ج 1 ص 115]

(1/710)

[باب مسح اليد بالتراب ليكون أنقى]

(1/711)

[حديث: أن النبي اغتسل من الجنابة فغسل فرجه بيده]

260# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام المشهور، العلم الفرد، الذي قال فيه الشَّافعيُّ: لولا مالك وسفيان؛ لذهب علم الحجاز.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ): هو بضمِّ الواو: الفعل، ويجوز فيه الفتح على لغة [1]، تقدَّم مرارًا.

قوله: (مِنْ غَسْلِهِ): هو بفتح الغين: الفعل، ويجوز فيه الضَّمُّ على لغة، وقد تقدَّم مرارًا، وهو في أصلنا: مضموم الغين بالقلم.

==========

[1] زيد في (ب): (وقد).

[ج 1 ص 115]

(1/712)

[باب: هل يدخل الجنب يده في الإناء]

(بابٌ: هَل يُدْخلُ الجُنُبُ يَدَهُ في الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا ... ) إلى آخر التَّبويب ... إلى (بَاب مَنْ تَوَضَّأَ في الجنابة، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ... ) إلى آخرها

سؤال: إن قلت: أين موضع التَّرجمة التي ذكرها البخاريُّ من الأحَادِيْث، وأكثرها لا ذكر فيه لغسل اليد، وإنَّما جاء ذكر اليد في حديث هشام عن أبيه عن عائشة؟

والجواب من وجوه؛ أحدها: أنَّ حديث هشام مفسِّر لمعنى [1] الباب، وذلك أنَّه حمل غسل اليد قبل إدخالها الإناء _الذي رواه هشام_ إذا خشي أنْ يكون قد علق بها شيء من أذى الجنابة أو غيرها، وما لا ذكر فيه لغسلها من الأحاديث؛ حملها على تعيُّن طهارة اليد، فاستعمل من اختلاف الأحاديث فائدتين جمع بينهما بين [2] معانيها، وانتفى بذلك التَّعارض عنها، وقد روي هذا المعنى عنِ ابن عُمر.

وجواب آخر أجاب به ابن المُنَيِّر: لمَّا علم أنَّ الغسل إمَّا لحدث حكميٍّ أو لحادث عينيٍّ، وقد فرض الكلام فيمن ليس في يده حادث نجاسة ولا قذر؛ بقي [3] أنْ يكون بيده حدث حكميٌّ يمنع إدخالها الإناء [4]، لكنَّ الحدث ليس بمانع؛ لأنَّ الجنابة لو كانت تتَّصل بالماء؛ لما جاز للجنب أنْ يُدخل يده في الإناء حتَّى يكمِّل طهارته ويزول حدث الجنابة عنه، فلمَّا تحقَّق جواز إدخالها في الإناء في ابتداء الغسل؛ عُلِم أنَّ الجنابة ليست تؤثِّر في منع مباشرة الماء باليد، فلا مانع إذًا في إدخالها أوَّلًا؛ كإدخالها وسطًا، وحقَّق [5] ذلك أنَّ الذِي ينتضح من بدن الجنابة طاهر لا تضرُّ [6] مخالطته لماء الغسل؛ فتفهَّمه، واعلم أن الشَّارح _يعني: ابن بطَّال_ أبعد عن مقصوده، والله أعلم.

الثَّالث: أنَّ الحديث الثَّاني ظاهر فيه، وأمَّا الأول؛ فقولها: (تختلف أيدينا فيه)؛ إذ لو غسلا أيديهما قبل إدخالها [7] الإناء؛ لقالت: (تختلف أيدينا منه)، أو [8] بيَّنت أنَّ في البعض: (تختلف أيدينا فيه)، والبعض: (تختلف أيدينا مِنْهُ)، وباقي الباب مستطرد لبقيَّة أسانيد الحديث.

الرَّابع: أنَّه يحتمل أنَّه لمَّا ذكر جلَّ الأحاديث بدون غسل اليد؛ علم أنَّ تركه كافٍ في الغسل؛ إذ لو لَمْ يكن كافيًا؛ لذكره في كلِّها.

(1/713)

ويحتمل خامسًا: وهو أنَّ البخاريَّ لمَّا ذكر في بعض طرق حديث عائشة غسل اليد ولم يذكرها [9] في الباقي؛ جريًا على عادته في ذكر أصل الحديث، وترك اللَّفظ المستنبَط منه المعنى المحتاج إليه فيه، ويكون مراده تبحُّر [10] المستنبِط مِنْ طرق الأحاديث واستخراج المقصود مِنْهُ، وقد روى مُسْلِم من حديث أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا اغتسل؛ بدأ بيمينه، فصبَّ عليها الماء فغسلها)، وفي آخره: (وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد)، ذكر ذلك شيخنا الشَّارح برمَّته، غير أنَّ كلام ابن المُنَيِّر لَمْ أنقله من الشَّرح وهو فيه، وإنَّما ذكرته من «تراجم ابن المُنَيِّر» رحمهما الله تَعَالَى.

قوله في التَّبويب: (غَيْرُ الجَنَابَةِ): (غيرُ): بالرفع، وهذا ظاهر.

قوله: (وَأَدْخَلَ ابْنُ عُمَرَ وَالبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَدَهُ): أي: أدخل كلُّ واحد منهما يده.

قوله: (مِنْ غُسْلِ الجَنَابَةِ): هو بضمِّ الغين: الماء، ويجوز فتحها، وبهما ضُبِط في أصلنا.

(1/714)

[حديث: كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد تختلف]

261# قوله: (حَدَّثَنَا أَفْلَحُ): هذا لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، وهو ابن حُمَيد _بِضَمِّ الحاء، وفتح الميم_ الأنصاريُّ، عنِ القاسم، وجماعة، وعنه: أبو نعيم والقعنبيُّ، صدوق، توفِّي سنة (158 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عن القَاسِمِ): هو ابن محمَّد بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه، ابن أخي عائشة رضي الله عنها، التَّيميُّ الفقيه [1]، أحد الفقهاء السَّبعة، عن عمِّته [2]، وأبي هريرة، وفاطمة بنت قيس، وغيرهم، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وأبو الزناد، وعدَّة، وله نحوُ مئتي حديث، مات سنة (107 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَنَا وَالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيُّ): بالرفع، ويجوز نصبه على أنَّ الواو بمعنى (مع).

==========

[1] (الفقيه): ليس في (ج).

[2] في (ج): (عميه)، وهو تصحيف.

[ج 1 ص 115]

(1/715)

[حديث: كان رسول الله إذا اغتسل من الجنابة غسل يده]

262# قوله: (حَدَّثَنَا حمَّادٌ): هذا هو ابن زيد بن درهم، الإمام، أبو إِسْمَاعِيل الأزديُّ الأزرق، أحد الأعلام، أضرُّ، وكان يحفظ حديثه كالماء، عن أبي عمران الجونيِّ [1]، وثابت، وأبي جمرة، وعنه: مُسَدَّد، وابن المدينيِّ، قال ابن مهديٍّ: ما رأيت أحدًا لم يكتب أحفظ منه، وما رأيت بالبصرة أفقه مِنْهُ، ولم أر أعلم بالسُّنَّة مِنْهُ، عاش إحدى وثمانين سنة، توفِّي في رمضان سنة (179 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، لكن طال العهد به.

==========

[1] في (ب): (الجويني)، وكلاهما صحيح.

[ج 1 ص 115]

(1/716)

[حديث: كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد من جنابة]

263# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عَبْد الملك الطَّيالسيُّ.

قوله: (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ): هذا معطوف على السَّند الذِي قبله، وليس تعليقًا، وإيَّاك أنْ تظنَّه تعليقًا كما قد غلط في نظيره بعضهم، ويحتمل أنَّه غلط في هذا أيضًا، وقد روى هذا الثَّاني [1] البخاريُّ عن أبي الوليد _وقد قدَّمت تسميته_: حَدَّثَنَا شُعْبَة عن عَبْد الرَّحمن بن القاسم به؛ فاعلمه، واجتنب قولك أنْ يكون تعليقًا، وقد تقدَّم له غيره، وقد ذكرته، والله أعلم.

قوله: (مِثْلَهُ): هو مرفوع في أصلنا، والصَّواب: نصبه على أنَّه مفعول لـ (حدَّثنا)، قد ذكرناه أنَّه معطوف على السَّند الذي قبله؛ فتقدير الكلام: حَدَّثَنَا أبو الوليد: حَدَّثَنَا شُعْبَة عن عَبْد الرَّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة مثلَه، ولو كان تعليقًا؛ لكان (مثلُه) مرفوعًا، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (الباب)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 115]

(1/717)

[حديث: كان النبي والمرأة من نسائه يغتسلان من إناء واحد]

264# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ): تقدَّم أعلاه تسميته.

[ج 1 ص 115]

قوله: (ابْنِ جَبْرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الجيم، ثُمَّ موحَّدة ساكنة، وقد تقدَّم أنَّ ابن منجويه قال: أهل العراق يقولون في جدِّه: جَبْر، ولا يصحُّ، إنَّمَا هو جابر، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وقد روى عن أبيه عن جدِّه لأمه عتيك بن الحارث، وعبد الله بن عَمرو، وأنس، وعنه: شُعْبَة، ومسعر، ومالك، وجماعة، أخرج له الجماعة، ضعَّفه ابن مَعِين وغيره، ليس له ترجمة في «الميزان»، وينبغي أنْ يُستدرَك عليه، وقد استدركتُه [1] في ذيل عليه.

قوله: (زَادَ مُسْلِمٌ وَوَهْبٌ عن شُعْبَةَ): أمَّا (مُسْلِم)؛ فهو ابن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ، (نسبة إلى جدِّه فُرْهُود، والنِّسبة إليه: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ) [2]، الحافظ أبو عمرو، عنِ ابن عون، وعن قرَّة، وهشام الدَّستوائيِّ، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والدارميُّ، وعبد، ومحمَّد بن الضُّريس، وأبو خليفة، ولم يسمع بغير البصرة، قال ابن معين: ثقة، مأمون، مات في صفر سنة (222 هـ)، أخرج له الجماعة.

و (زاد): هي مثل: (قال)، وإذا كان كذلك؛ فهي كـ (حَدَّثَنَا)؛ لأنَّه شيخه، ويكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

وأمَّا (وهب)؛ فهو ابن جرير، (كذا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو وهب بن جرير) [3] بن حازم الأزديُّ الحافظ، عنِ ابن عون، وهشام بن حسَّان، وعنه: أحمد، والدقيقيُّ، ثقةٌ، مات سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، [وزيادته لا أعرف من خرَّجها، ولا عرفه شيخنا] [4].

==========

[1] في (ج): (استدركه).

[2] في (ب) جاء ما بين قوسين بعد قوله: («222 هـ»، أخرج له الجماعة)، وزيد قبلها: (له ترجمة في «الميزان»).

[3] ما بين قوسين ليس في (ج).

[4] ما بين معقوفين ليس في (ب) و (ج).

(1/718)

[باب تفريق الغسل والوضوء]

قوله: (بَاب تَفْرِيقِ الغَسْلِ وَالوُضُوءِ): أمَّا (الغَسل)؛ فهو بفتح الغين: الفعل، وبالضَّمِّ: الماء، هذا الأصحُّ، ويجوز العكس، وهو في أصلنا: مضموم الغين، و (الوُضوء)؛ بالضَّمِّ في الواو: الفعل، ويجوز الفتح، وفي أصلنا: مضموم الواو.

قوله: (وَيُذْكَرُ عنِ ابْنِ عُمَرَ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ليس من شرطه، لأنَّه [1] علَّقه بصيغة تمريض، وكذا إذا قال: (يُروى) أو (رُوي)، وكذا (يُقال) و (يُنقل)؛ أي: ونُقِل، ونحوها؛ لأنَّ هذه الألفاظ استعمالها في الضَّعيف أكثر وإن استعملت في الصَّحيح، وكذا قوله: (وفي الباب)، قال ابن الصَّلاح: (ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصَّحيح مُشعِر بصحَّة أصله إشعارًا يُؤنَس به ويُركَن إليه، وقد قدَّمت ذلك قبل ذلك).

==========

[1] في النسخ: (لأن)، والمثبت هو الصواب.

[ج 1 ص 116]

(1/719)

[حديث: وضعت لرسول الله ماءً يغتسل به فأفرغ على .. ]

265# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ الإمام.

قوله: (مَذَاكِيرَهُ): تقدَّم في الورقة التي قبل هذه الكلام عليه.

قوله: (ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ): هذا موضع استدلال البخاريِّ على عدم الموالاة، لكنَّه إلى موضع قريب، ولا يخالف فيه أحد فيما أعلم، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 116]

(1/720)

[باب من أفرغ بيمينه على شماله في الغسل]

قوله: (في الغَسْل): هو بفتح الغين: الفعل، ويجوز ضمُّها، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 116]

(1/721)

[حديث: وضعت لرسول الله غسلًا وسترته فصب على يده]

266# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عَبْد الله الحافظ اليشكريُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه مُتقِن لكتابه.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ، الإمام مرارًا قريبًا وبعيدًا.

قوله: (غُسْلًا): هذا [1] بضمِّ الغين: الماء، ويجوز فتحها، وقد تقدَّم مرارًا.

قوله: (قال سُلَيْمَانُ): هذا هو الأعمش المذكور في السَّند بلقبه.

(1/722)

[باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد]

قوله في التَّرجمة: (في غَسْلٍ وَاحِدٍ): هو بالفتح: الفعل، ويجوز ضمُّها على أنَّه الماء، فإنَّه يحتمل، وعلى كلِّ تقدير؛ ففي كلٍّ منهما اللُّغتان، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 116]

(1/723)

[حديث: يرحم الله أبا عبد الرحمن كنت أطيب رسول الله فيطوف]

267# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه بالموحَّدة المفتوحة، ثُمَّ شين معجمة مشدَّدة، بندار الحافظ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو محمَّد بن إبراهيم [1] بن أبي عديٍّ السُّلميُّ البصريُّ القَسمليُّ؛ لأنَّه نزل في القساملة، أبو عَمرو، عن حميد الطَّويل، وحسين المعلِّم، وابن عون، وحبيب بن الشَّهيد، وخالد الحذَّاء، وخلق، وعنه: أحمد، وابن مَعِين، والفلَّاس، وأحمد بن سنان [2] القطَّان، وخلق، وثَّقه أبو حاتم، والنَّسائيُّ، وغيرهما، قال ابن سعد: مات بالبصرة سنة (194 هـ)، زاد غيره: في ربيع الآخر، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، تقدَّم مرارًا، حافظ العصر الذي قال فيه أحمد ابن حنبل: ما رأت عيناي مثل يحيى بن سعيد القطَّان.

قوله: (أَبَا عَبْدِ الرَّحمن): هذا المشار إليه هو عَبْد الله بن عُمر بن الخطَّاب أبو عَبْد الرَّحمن، وسيأتي في (باب من تطيَّب، ثُمَّ اغتسل وبقي أثر الطِّيب) ما يوضِّحه لك.

(1/724)

قوله: (يَنْضَخُ [3] طِيبًا): هو بالضَّاد المعجمة المفتوحة والمكسورة، وكذا إِذَا قلنا: إنَّه بالحاء المهملة؛ ففي ضاده الفتح والكسر، وهو بالخاء المعجمة في أصلنا، قال ابن الأثير: في نضح _يعني: بالحاء المهملة_ ينضح طيبًا؛ أي: يفوح، والنَّضوح؛ بالفتح: ضرب من الطِّيب تفوح رائحته، وأصل النَّضح: الرَّشح، فشبَّه كثرة ما يفوح من لحيته بالرَّشح، قال: ورُوِي: بالخاء المعجمة ... إلى آخر كلامه، وقال في «المطالع»: («ينضخ طيبًا»: النَّضخ؛ بالخاء المعجمة: كاللَّطخ يبقى له أثر، قال ابن قتيبة: وهو أكثر من النَّضح؛ بالحاء المهملة، ولا يقال مِنْهُ: نضخت، وقد يكون معنى الحديث على هذا: يقطر ويسيل منه الطِّيب، كما جاء في حديث محمَّد بن عروة: وقد لطخ لحيته بالغالية، وجعل أبوه يقول له: قطرتْ قطرتْ، وقد ذكرنا قول من قال: إنَّه فيما ثخن بالخاء؛ كالطِّيب، وبالحاء: فيما رقَّ؛ كالماء، وقيل: النَّضخ والنَّضح سواء، وقيل في قوله تعالى: {نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66]: فوَّارتان بكلِّ خير، وحَكى ابن دريد والهرويُّ أنَّ «النَّضخ»؛ بالخاء أقلُّ من «النَّضح»؛ بالحاء؛ خلافًا لابن قتيبة، قال ابن سِراج: وأكثر أهل العلم باللُّغة على خلاف هذا، وقال ابن الأعرابيِّ: النَّضح: ما تعمَّده الإنسان، والنَّضخ: ما لَمْ يتعمَّده؛ مثل: أنَّ تطأ ماء فينتضخ عليك أو بولًا، وقال ابن كيسان: بالمهملة؛ لما رقَّ؛ كالماء، وبالمعجمة؛ لما ثخن؛ كالطيب، قال ابن سِراج: بالمعجمة لما يبقى له أثر؛ كاللطخ) انتهى لفظه.

==========

[1] (بن إبراهيم): سقطت من (ب).

[2] في (ب): (شيبان)، وهو تحريفٌ.

[3] في هامش (ق): (قال الجوهري: نضح؛ بالحاء المهملة، ينضح؛ بالكسر، وينضخ؛ بالخاء المعجمة بالفتح).

[ج 1 ص 116]

(1/725)

[حديث أنس: كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة]

268# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بالموحَّدة المفتوحة، وبالشِّين المعجمة المشدَّدة [1]، الملقَّب بندارًا، مشهور التَّرجمة، وقد تقدَّم بعضها.

قوله: (وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ): قال شيخنا الشَّارح: قال ابن خزيمة: لَمْ يقل أحد من أصحاب قتادة: (إحدى عشرة) إلا معاذ بن هشام عن أبيه، وقد ذكر البخاريُّ الرِّواية الأخرى عن أنس: (تسع نسوة)، وجُمع بينهما بأنَّ أزواجه كنَّ تسعًا في هذا الوقت، كما في رواية سعيد وسريَّتاه مارية وريحانة

[ج 1 ص 116]

على رواية من روى أنَّ ريحانة كانت أمة، ورَوى بعضهم: أنَّها كانت زوجة، ورَوى أبو عبيدة [2]: أنَّه كان مع ريحانة فاطمةُ بنت شريح، قال ابن حبَّان: حكى أنس هذا الفعل منه في أوَّل قدومه المدينة حيث كان تحته تسع نسوة؛ لأنَّ هذا الفعل كان مرارًا لا مرَّة واحدة، ولا يُعلَم أنَّه تزوَّج نساءه كلَّهنَّ في وقت واحد، ولا يستقيم هذا إلَّا في آخر أمره حيث اجتمع عنده تسع نسوة وجاريتان، ولا يُعلَم [3] أنَّه اجتمع عنده إحدى عشرةَ امرأة بالتزويج [4]، فإنَّه تزوَّج بإحدى [5] عشرةَ أوَّلهنَّ خديجة، ولم يتزوَّج عليها حتَّى ماتت، انتهى، وقوله: (فإنَّه تزوَّج بإحدى عشرةَ): أشار إلى أزواجه اللَّاتي توفِّي عنهنَّ وخديجة وزينب بنت خزيمة، وتُوفِّيا [6] في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم.

فائدة: أزواجه المدخول [7] بهنَّ خديجة، ثُمَّ سودة، ثُمَّ عائشة، وقيل: بالعكس، والأصحُّ: أنَّه عقد على عائشة قبل، ودخل بسودة قبل، ثُمَّ حفصة، ثُمَّ زينب بنت خزيمة، ثُمَّ أمِّ سلمة، ثُمَّ زينب بنت جحش، ثُمَّ جويرية، ثُمَّ ريحانة _وقيل: هي سريَّة كما تقدَّم_ ثُمَّ أمِّ حبيبة، ثُمَّ صفيَّة، ثُمَّ ميمونة، فهؤلاء نساؤه المدخول بهنَّ اثنا عشرة امرأة، منهنَّ ريحانة، وقد أشرت إلى الخلاف فيها، وتوفِّي عليه الصَّلاة والسَّلام عن تسع منهنَّ، وهنَّ من عدا خديجة وزينب بنت خزيمة وريحانة.

(1/726)

قال الإمام الحافظ شرف الدِّين أبو محمَّد عَبْد المؤمن بن خلف الدِّمياطيُّ شيخ شيوخي: (وأمَّا من لَمْ يدخل بها، ومن وهبت نفسها له، ومن خطبها ولم يتَّفق له تزويجها؛ فثلاثون امرأة على اختلاف في بعضهنَّ، والله أعلم) انتهى، وقد ذكر أبو عَبْد الله الحافظ ابن قيِّم الجوزيَّة في أول «الهدي» ما لفظه: (وأمَّا من خطبها ولم يتزوَّجها، ومن وهبت نفسها له فلم [8] يتزوَّجها؛ فنحو أربع أو خمس، وقال [9] بعضهم: هنَّ ثلاثون امرأة، وأهل العلم بالسِّيرة وأحواله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يعرفون هذا، بل ينكرونه، والمعروف عندهم: أنَّه بعث في الجونيَّة ليتزوجها، فدخل عليها ليخطبها، فاستعاذت منه، فأعاذها ولم يتزوَّجها، وكذلك الكلبيَّة، وكذلك التي رأى بكشحها بياضًا، فلم يدخل بها، والتي وهبت نفسها له، فزوَّجها [10] غيره على سور من القرآن، هذا هو المحفوظ، والله أعلم) انتهى، ويؤيِّد ما قاله ابن إمام الجوزيَّة ما في «الأحاديث المختارة» للحافظ ضياء الدِّين محمَّد بن عَبْد الواحد المقدسيِّ من حديث أنس رَضِيَ اللهُ عنه قال: (تزوَّج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خمس عشرة امرأة، ودخل منهنَّ بإحدى عشرة، ومات عن تسع)، والله أعلم.

(1/727)

وإذ قد قال الحافظ الدِّمياطيُّ ما قال؛ فأذكر من حضرني ممَّن قيل فيها ذلك _أعني: من الثَّلاثين_: أسماءَ بنت الصَّلت السُّلميَّة، أسماء بنت النُّعمان بن الجون، وقيل في نسبها غير ذلك، أسماء بنت كعب الجونيَّة، وقيل: هي والتي قبلها واحدة، جمرة بنت الحارث الغطفانيِّ؛ بالجيم، أميمة بنت شراحيل، حبيبة بنت سهل الأنصاريَّة، خولة بنت الهذيل بن هبيرة، خولة أو خويلة بنت حكيم السُّلميَّة، سناء بنت الصَّلت، وهي عند أبي عُمر: أسماء بنت الصَّلت، سودة القرشيَّة، شراف، صفيَّة بنت بشَّامة، العالية بنت ظبيان، عمرة بنت يزيد بن الجون الكلابيَّة، عمرة بنت معاوية، أمَّ شريك العامريَّة؛ واسمها غزية، أمَّ شريك بنت جَابِر الغفاريَّة، فاختة بنت أبي طالب، فاطمة بنت الضَّحَّاك، فاطمة بنت شريح، قُتَيْلَة بنت قيس، ليلى بنت الخطِيم، مليكة بنت داود، مليكة بنت كعب، هند بنت يزيد بن البرصاء [11]، وعمرة بنت معاوية الكنديَّة، قال الشَّعبيُّ: تزوَّجها عليه الصَّلاة والسَّلام فجيء بها بعدما مات، وابنة جندب بن ضمرة الجندعيَّة، وقال بعضهم: تزوَّجها عليه الصَّلاة والسَّلام، وأنكر بعضهم وجود ذلك، والغفاريَّة، قال بعضهم: تزوَّج عليه الصَّلاة والسَّلام امرأة من غفار، فأمرها فنزعت ثيابها، فرأى بياضًا، فقال: «الحقي بأهلك»، ويقال: إِنَّمَا رأى البياض بالكلابيَّة، وضُباعة بنت عامر بن قرط، خطبها عليه الصَّلاة والسَّلام إلى ابنها سلمة بن هشام، فقال: حتَّى أستأمرها، وقيل له عليه السَّلام: إنَّها كبرت، فلمَّا جاء ابنها إِلَيها؛ قالت: ارجع إليه فزوِّجه، فرجع إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسكت عنها عليه الصَّلاة والسَّلام، وهي القائلة: (اليومَ يبدو بعضُه أو كلُّه)، وامرأة لَمْ يُذكَر اسمها، قال مجاهد: خطب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم امرأة، فقالت: أستأمر أبي، فلقيت أباها، فأذن لها، فلقيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: قد التحفنا لحافًا غيرك، وبقي غير من ذكرت، ولكن لَمْ أنبسط لذكرهنَّ.

(1/728)

وأمَّا من عرضت عليه نفسها [12]؛ فأباها: أمامة بنت حمزة ويقال اسمها عمارة، والصَّواب: أنَّ عمارة [13] ولدٌ ذكر لحمزة، فقال: «تلك ابنة أخي من الرَّضاعة»، وعرض عليه الضَّحَّاك بن سفيان ابنته، ووصف جمالها، وأنَّها لَمْ تُصدَع قطُّ، فقال: «لا حاجة لي بها»، وقيل: إنَّ هذه هي الكلابيَّة، قال أبوها: هذا فطلَّقها ولم يبنِ بها، وقد ذكرهنَّ الحافظ مغلطاي شيخ شيوخي في «سيرته الصُّغرى» وزاد ونقص؛ فانظر ذلك إنْ أحببت من «سيرته»، والله أعلم، وكذا ذكرهنَّ ابن سيد النَّاس في «سيرته»؛ فانظر ذلك، فإنَّه ذكر بعض من ذكرته.

وأمَّا سراريه؛ فكنَّ أربعًا: مارية، وريحانة على خلاف في ذلك تقدَّم أعلاه، وأخرى جميلة أصابها في السَّبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش، وقيل غير من ذَكرتُ، والله أعلم.

قوله: (أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاَثِينَ): كذا هنا، وفي «صحيح الإِسْمَاعِيليِّ» من حديث معاذ: (قوَّة أربعين)، وفي «الحلية» لأبي نعيم عن مجاهد: (أعطي قوَّة أربعين من رجال أهل الجنَّة)، قاله شيخنا الشَّارح، فنقلته ملخَّصًا، انتهى، وفي «الطَّبرانيِّ الأوسط» بسند ضعيف من حديث عَبْد الله بن عَمرو: «أُعطِيتُ قوَّة أربعين في البطش والجماع»، واعلم أنَّ في «التِّرمذيِّ» في رجال الجنَّة: كلُّ رجل بقوَّة سبعين، وصحَّحه، [ولابن حبَّان «مئة رجل»، ولفظه: «يعطى المؤمن في الجنَّة قوَّة كذا وكذا من الجماع»، فقيل: أوَيطيق ذلك؟ قال: «يعطى قوَّة مئة»، وهذا في «التِّرمذيِّ»] [14] عن أنس رَضِيَ اللهُ عنه، وفي «سنن الدَّارميِّ» المشهور بـ «مسند الدَّاراميِّ» عن زيد بن أرقم مرفوعًا: «إنَّ الرَّجل من أهل الجنَّة ليعطى قوَّة مئة رجل في الأكل والشَّرب والجماع والشَّهوة»، وهو في «المسند» و «النَّسائيِّ»، ورواه الحاكم.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ: تِسْعُ نِسْوَةٍ): أمَّا (سعيدٌ)؛ فهو ابن أبي عروبة، وتعليقه هذا أخرجه البخاريُّ في (الطَّهارة)، كما سيأتي قريبًا، وفي (النِّكاح): عن عَبْد الأعلى بن حمَّاد وعن مُسَدَّد قال: وقال لي خليفة، وأخرجه النَّسائيُّ فيهما: عن إِسْمَاعِيل بن مسعود؛ أربعتهم عن يزيد بن زُرَيع، عن سعيد بن أبي عَروبة به [15].

==========

[1] زيد في (ب): (المفتوحة).

[2] في (أ) و (ج): (عبيد)، وكذا في «التوضيح»، وصححها المصنف في الهامش.

[3] في (ب): (نعلم).

(1/729)

[4] في (ب): (بالتَّزوج).

[5] في (ج): (إحدى).

[6] في (ب) و (ج): (توفيا).

[7] في (ج): (اللَّاتي دخل).

[8] في (ج): (ولم).

[9] في (ج): (قال).

[10] في (ج): (فتزوجها).

[11] في (ب) و (ج): (الرضا)، وهو تحريفٌ.

[12] في (ج): (نفسها عليه).

[13] (والصواب: أنَّ عمارة): ليس في (ج).

[14] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[15] (به): سقط من (ج).

(1/730)

[باب غسل المذي والوضوء منه]

قوله: (بَاب غَسْلِ المَذْيِ): تقدَّمت لغات (المذْيِ)، وهو بإسكان الذَّال، وتخفيف الياء، و (المذِيِّ)؛ بكسر الذَّال، وتشديد الياء، و (المذِي)؛ بالكسر والتخفيف، والفعل منه: مذى، ومذَّى _بتخفيف الذَّال وتشديدها_ وأمذى؛ ثلاث لغات، الأولى أفصح، وكذلك يقال في الودي، وكذا في المني، والأوَّل أفصح في كلِّ ذلك.

[ج 1 ص 117]

قوله: (وَالوُضُوءِ مِنْهُ): هو بضمِّ الواو: الفعل، ويجوز الفتح على لغة، تقدَّمت مرارًا.

(1/731)

[حديث علي: كنت رجلًا مذاء فأمرت رجلًا]

269# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عَبْد الملك الطَّيالسيُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هو ابن قدامة أبو الصَّلت، الثَّقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن عِلاقة، وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ، وأحمد ابن يونس، ثقة حجَّة صاحب سنَّة، توفِّي غازيًا بالرُّوم سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عن أَبِي حَصِينٍ): هو بفتح الحاء، وكسر الصَّاد المهملتين، واسمه عثمان بن عاصم الأسَديُّ، عنِ ابن عَبَّاس، وشريح، وطائفة، وعنه: شُعْبَة، والسُّفيانان، وخلق، وكان ثقة ثبتًا، صاحب سنَّة، تُوفِّي سنة (121 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم.

قوله: (عن أبي عَبْد الرَّحمن): هو السُّلميُّ؛ بِضَمِّ السِّين وفتح اللام، واسمه عَبْد الله بن حبيب بن رُبيِّعة، ورُبيِّعة بضمِّ الرَّاء: تصغير رَبيعة، الإمام مقرئ الكوفة، عن عمر [1]، وعثمان، وعنه: عاصم بن أبي النَّجود وأبو إسحاق، وأقرأ دهرًا، توفِّي سنة (73 هـ) تقريبًا مع ابن الزُّبير، أخرج له الجماعة، مشهور التَّرجمة جدًّا.

قوله: (فَأَمَرْتُ رَجُلًا): تقدَّم مسمًّى أنَّه المقداد، وجاء في رواية عمَّار، وتقدَّمت الرِّوايات في ذلك، والجمع بينها في (باب من استحيا فأمر [2] غيره بالسُّؤال).

قوله: (تَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام على نظيره فيما مضى فيما إذا دخل على الفعل المضارع المهموز جازم، وأنَّ فيه ثلاثةَ أوجه.

==========

[1] في (ج): (عمرو)، وليس بصحيح.

[2] في (أ): (فأمره).

[ج 1 ص 118]

(1/732)

[باب من تطيب ثم اغتسل وبقى أثر الطيب]

(1/733)

[حديث عائشة: أنا طيبت رسول الله ثم طاف في نسائه]

270# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم بعض ترجمته، وما هو العارم، وأنَّه كان بعيدًا من العرامة.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم قريبًا أنَّه الوضَّاح بن عَبْد الله اليشكريُّ.

قوله: (أَنْضَخُ طِيبًا): هو بالخاء المعجمة في أصلنا، وتقدَّم الكلام عليه مُطوَّلًا في الورقة التي قبل هذه.

==========

[ج 1 ص 118]

(1/734)

[حديث: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق النبي وهو محرم]

271# قوله: (حَدَّثَنَا الحَكَمُ): تقدَّم أنَّه ابن عتيبة الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم أنَّه [1] إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): تقدَّم أنَّه الأسود بن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ، وتقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (وَبِيصِ الطِّيبِ [2]): هو _بفتح الواو، ثُمَّ موحَّدة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة_ البريق واللَّمعان.

قوله: (فِي مَفْرقِ): هو _بفتح الميم والرَّاء، وبفتح الميم، وكسر الرَّاء_ وسط الرَّأس، وهو الذي يفرق فيه الشَّعر.

==========

[1] (أنَّه): سقطت من (ب).

[2] في (ج): (طيب)، ولم تُروَ هكذا في «اليونينيَّة».

[ج 1 ص 118]

(1/735)

[باب تخليل الشعر حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه]

(1/736)

[حديث: كان رسول الله إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ]

272# 273# [قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): هو عَبْد الله بن عثمان أبو عَبْد الرَّحمن، تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله): هذا هو ابن المبارك، تقدَّم] [1].

==========

[1] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 118]

(1/737)

[باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده]

(بَاب مَنْ تَوَضَّأَ في الجَنَابَةِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ... ) إلى آخر الترجمة ... إلى (بَاب نَفْضِ اليَدَيْنِ مِن غُسْلِ الجَنَابَةِ)

قال ابن المُنَيِّر: (إن قلت: كيف تستفاد التَّرجمة من الحديث وإنَّما قالت: «ثُمَّ توضَّأ»، «ثُمَّ أفاض على رأسه»، «ثُمَّ غسل جسده»، فدخل في قولها: «ثمَّ غسل جسده» الأعضاءُ التي تقدَّم غسلها؛ لأنَّها من جملة الجسد؟)

ثمَّ قال: (قلت: استخراجها منه بعيدٌ لغةً، ومحتملٌ عرفًا؛ إذ لم تذكر إعادة غسلها، وذكر الجسد بغير ذكر الأعضاء المعيَّنة يفهم عرفًا بقيَّة الجسد لا جملته؛ لأنَّ الأصل عدم التِّكرار، والله أعلم)، ثُمَّ ذكر كلامًا آخر متعلِّقًا بابن بطَّال.

قوله: (الوُضُوءِ): يحتمل أنَّ يكون بالفتح، وأنْ يكون بالضَّمِّ، وهو في أصلنا: مضموم، وكلاهما جائز، كما تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 118]

(1/738)

[حديث ميمونة: وضع رسول الله وضوءًا لجنابة فأكفأ بيمينه]

274# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (وَضُوء الجنَابَة): هو بفتح الواو: الماء، وتقدَّم أنَّه يجوز الضَّمُّ، [وفي نسخة: (وُضِع لرسول [2] الله صلَّى الله عليه وسلَّم وضوءه للجنابة)، قال شيخنا: قال الإِسْمَاعِيليُّ: بيَّن زائدة أنَّ قوله: (للجنابة) من قول سالم الرَّاوي عن كريب لا من قول ابن عَبَّاس ولا من قول ميمونة، وفي حديث زائدة ذكرُ سترته حتَّى اغتسل، انتهى] [3]

قوله: (فَأَكْفَأَ): تقدَّم أنَّه مهموز الآخر، وهو هنا رباعيٌّ، وتقدَّم أنَّ الثُّلاثيَّ [4] أفصح، وقال الدِّمياطيُّ: قال الجوهريُّ: كفأت الإناء: كببته وقلبته؛ فهو مكفوء، وزعم ابن الأعرابيِّ أنَّ أكفأته لغة، وحَكى عنِ الكسائيِّ: كفأت الإناء: قلبته، وأكفأته: أملته، انتهى، وقد رأيت ما نقله الدِّمياطيُّ في «الصِّحاح».

==========

[1] في النسخ: (ثنا)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ب): (رسول).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[4] في (ب): (الثاني).

[ج 1 ص 118]

(1/739)

[باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب خرج كما هو ولا يتيمم]

(1/740)

[حديث: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قيامًا]

275# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، قاله شيخنا، وهو [1] الحافظ المشهور [2]، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): هذا هو عثمان بن عمر بن فارس العبديُّ البصريُّ، عن يونس بن يزيد، وابن جريج، وطائفة، وعنه: أحمد، والرماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلق، وكان من الصَّالحين الثِّقات، مات في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، أحد الأثبات.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه أبو بكر [3] محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه [4] أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، ابن عَبْد الرَّحمن [بن عوف، واسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن] [5] بن صخر على الأصحِّ من نحو [6] ثلاثين قولًا.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى): الضَّمير في (تابعه) يعود على عثمان بن عُمر؛ أي: تابع عَبْدُ الأعلى عثمانَ بن عُمر، فرواه عثمان عن يونس عنِ الزُّهْرِيِّ،

[ج 1 ص 118]

كما تقدَّم، ورواه عَبْد الأعلى عن معمر عنِ الزُّهْرِيِّ.

و (عبد الأعلى) المتابع: هو عَبْد الأعلى بن عَبْد الأعلى السَّاميُّ؛ بالسِّين المهملة، إلى سامة بن لؤيٍّ، عنِ الحذَّاء، والجُريريِّ، وعنه: إسحاق، وبندار، ثقة لكنَّه قدريٌّ، توفِّي سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم ببعض ترجمته، ومتابعته لَمْ أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ومتابعة معمر تأتي قريبًا.

قوله: (عن مَعْمَرٍ): هو بفتح الميمين [7]، وإسكان العين بينهما [8]، وهو ابن راشد، تقدَّم مرارًا، ومتابعة معمر أخرجها أبو داود في (الطَّهارة) عن مَخْلَد بن خالد، عن إبراهيم بن خالد، عن رباح بن زيد، عن معمر به.

قوله: (عن الزُّهْرِيِّ): تقدَّم قريبًا جدًّا وبعيدًا [9].

(1/741)

قوله: (وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم أنَّه أبو عَمرو عَبْد الرَّحمن بن عَمرو الأوزاعيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نسب، رحمة الله عليه [10]، ورواية الأوزاعيِّ عنِ الزُّهْرِيِّ أخرجها البخاريُّ [11] في (الصَّلاة)، ومسلم فيها، وأبو داود والنَّسائيُّ في (الطَّهارة).

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا.

==========

[1] (قاله شيخنا، وهو): ليس في (ب) و (ج).

[2] (المشهور): سقط من (ج).

[3] (أبو بكر): ليس في (ب).

[4] (أنَّه): ليس في (أ).

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] (نحو): مثبت من (ب).

[7] في (ج): (الميم).

[8] (بينهما): سقطت من (ج).

[9] (وبعيدًا): ليس في (ج).

[10] (رحمة الله عليه): ليس في (ج).

[11] (البخاري): سقطت من (ب).

(1/742)

[باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة]

(بَاب نَفْضِ اليَدَيْنِ مِن الغُسْلِ عنِ الجَنَابَةِ) ... إلى (كِتَابُ الحَيْضِ)

قال ابن المُنَيِّر: (إن قلت: ما وجه دخول هذه التَّرجمة في الفقة؟).

ثُمَّ قال: (قلت: مقصوده هنا ألَّا يُتخيَّل أنَّ مثل هذا الفعل اطِّراح لأثر العبادة ونقضٌ له، فبيَّن أنَّ هذا جائز، ونبَّه أيضًا على بطلان قول من زعم أنَّ تركه للمنديل من قبيل إيثار آثار العبادة عليه ألَّا يمسحها، وقد ظنَّ الشَّارح _يعني: ابن بطَّال_ هذا، وترجمة البخاريِّ تأباه، وتبيِّن أنَّ هذا ليس مغزاه، وإنَّما ترك المنديل _والله أعلم_ خوفًا من الدَّخول في أحوال المترفِّهين، والله أعلم) انتهى.

قوله: (مِن الغُسْلِ عنِ الجَنَابَةِ): (الغُسل)؛ بضمِّ الغين؛ لأنَّه الماء، وكذا: (وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا)، ويجوز الفتح، وهما لغتان، وقد تقدَّمتا مرارًا.

(1/743)

[حديث ميمونة: وضعت للنبي غسلًا]

276# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): قال الدِّمياطيُّ: (هو عَبْد الله بن عثمان بن جَبَلَة) انتهى، وهذا ظاهر معروف، وقد تقدَّم مرارًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو [1] حَمْزَةَ): هو بالحاء المهملة وبالزاي، قَالَ الدِّمياطيُّ: (محمَّد بن ميمون السُّكريُّ) انتهى، وهذا مثل ما قبله ظاهر، وتقدَّم.

قوله: (سَمِعْتُ الأَعْمَشَ): هو سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَان، وهذا أظهر منهما، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عن سَالِمِ): هو سالم بن أبي الجعد الأشجعيُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن عمر وعائشة مرسلًا، وعن ابن عَبَّاس، وابن عُمر، وعنه: منصور والأعمش، توفِّي سنة (100 هـ)، وهو ثقة، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان»؛ لكونه يدلِّس ويرسل، وهذا سهل، وقد صحَّح عليه.

قوله: (غُسْلًا): هو بضمِّ الغين؛ لأنَّه الماء، وتقدَّم أنَّه يجوز الفتح في الماء.

==========

[1] في النسخ: (عن أبي)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 119]

(1/744)

[باب من بدأ بشق رأسه الأيمن في الغسل]

قوله: (مَنْ بَدَأَ): هو مهموز الآخر، من الابتداء.

قوله: (في الغَسْلِ): هو بفتح الغين، وتضمُّ أيضًا، وقد تقدَّم، وهو في أصلنا: مضموم.

==========

[ج 1 ص 119]

(1/745)

[حديث: كنا إذا أصابت إحدانا جنابة أخذت بيديها ثلاثًا.]

277# قوله: (عن صَفيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ): هي بنت شيبة الحاجب، ابن عثمان بن أبي طلحة عَبْد الله [1] بن عَبْد العزَّى بن عثمان بن عَبْد الدَّار بن قصيٍّ العبدريَّة، يقال: لها رؤية، وحديثها عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، قال الذَّهبيُّ: وأُراه مرسلًا، انتهى، وروت عن عائشة، وأمِّ حبيبة، وأسماء بنت أبي بكر، وأمِّ سلمة، وجماعة، وعنها: ابنها منصور بن عَبْد الرَّحمن، وابن أختها عَبْد الحميد، وإبراهيم بن مهاجر، والحسن بن مُسْلِم بن يَنَّاق، وآخرون، ذكرها ابن حبَّان في «الثِّقات»، وقد أخرج أبو داود وابن ماجه من طريق ابن إسحاق: أنَّها رأتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الفتح دخل الكعبة وبها حمامة [2] من عَيْدان فكسرها، وقد تأخَّرت حتَّى أدركها ابن جريج، لكنَّه لَمْ يسمع منها، قال الذَّهبيُّ: وأظنُّها عاشت إلى قريب سَنَة تسعين، انتهى.

(1/746)

فائدة هي تنبيه: في «صحيح البخاريِّ» في (باب الإِذْخِرِ وَالحَشِيشِ في القَبْرِ) ما لفظه: (وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عنِ الحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عن صَفيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِثْلَهُ)؛ فانظر هذه العبارة، فإنَّها صريحة في أنَّها صحابيَّة، وقد ضعَّف المِزِّيُّ الحافظ أبو الحجَّاج شيخ شيوخنا في «أطرافه» أبانَ بن صالح في ترجمتها، وانفرد بتضعيفه فيما أعلم، ولها في «البخاريُّ»: (أَوْلَمَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ)، وفي حديث ابن مهديٍّ: (بصاعين)، أخرجه النَّسائيُّ أيضًا، ولكن اختلف فيه على الثَّوريِّ، فقال أبو أحمد الزُّبيريُّ ومؤمَّل بن إِسْمَاعِيل ويحيى بن يمان [3]: عنِ الثَّوريِّ، عن منصور ابن صفيَّة، عن أمِّه، عن عائشة، وقال وكيع وابن مهديٍّ والفريابيُّ وروح بن عبادة: عنِ الثَّوريِّ، عن منصور، عن أمِّه: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... ، ليس فيه: عن عائشة، قال البرقانيُّ: وهذا القول أصحُّ؛ لأنَّ البخاريِّ أخرجه من حديث الفريابيِّ، عنِ الثَّوريِّ، عن منصور، عن أمِّه) [4]، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يخرِّج خلافه، ومن الرُّواة من غلط فيه، فقال: عن منصور ابن صفيَّة، عن صفيَّة بنت حييٍّ، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال البرقانيُّ [5]: (وصفيَّة بنت شيبة ليست بصحابيَّة، وحديثها مرسل، وإنْ كان البخاريُّ أخرجه)، قال: (ورأيت في «كتاب النَّسائي» قد نصر قول من لَمْ يقل: عن عائشة، فأورده من حديث بندار عنِ ابن مهديٍّ، وقال: إنَّه مرسل) انتهى.

(1/747)

وقد أخرج لها أيضًا البخاريُّ تعليقًا: «إنَّ الله حرم مكَّة ... »؛ الحديث في (الحجِّ) عقيب [6] حديث ابن عَبَّاس وأبي هريرة، وقال: (أبان بن صالح عنِ الحسن بن مُسْلِم عن صفيَّة بنت شيبة قالت: سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثله)، وابن ماجه أيضًا، قال المِزِّيُّ: لو صحَّ هذا الحديث؛ لكان صريحًا في سماعها من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، لكن في إسناده أبان بن صالح، وهو ضعيف، وقد أخرج له أبو داود وابن ماجه الحديث الذي فيه الحمامة، وقد ذكرته، قال المِزِّيُّ عقيبه [7]: (هذا الحديث يضعِّف قول من أنكر أنَّ لها رؤية، فإنَّه إسناد حسن) انتهى، وقد ذكر في «الأطراف» أنَّ لها رؤية، قال: (وقيل: لا رؤية لها) انتهى، وقد أطلت فيها الكلام، ولكن لما فيه من الفائدة.

(1/748)

[باب من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل]

قوله في التَّبويب: (والسَّتْرُ أَفْضَلُ): هو بفتح السِّين، المصدر، وهو المراد هنا، وبالكسر: هو السِّتر نفسه، واحد السُّتور.

قوله: (وَقَالَ بَهْزٌ عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ ... ) إلى آخره: قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: (روى ابن أبي شيبة في «مسنده» عن يزيد، عن بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جدِّه قال: قلت: يا رسول الله؛ عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك»، قلت: أرأيت القوم يكون بعضهم في بعض؟ قال: «إن استطعت ألَّا يراها أحد؛ فلا تريها»، قلت: أحدنا إذا كان خاليًا؟ قال: «فالله أحقُّ أنْ يستحى [1] منه من النَّاس»،

[ج 1 ص 119]

ورواه أيضًا عن أبي أمامة عن بهز، ورواه ابن ماجه [2] عنهما [3] بسندهما، ورواه التِّرمذيُّ من حديث يحيى بن سعيد عن بهز، وقال: حديث حسن) انتهى، وحديث بهز هذا رواه أصحاب السُّنن الأربعة، والله أعلم.

وأمَّا بهز بن حكيم؛ فهو ابن معاوية بن حَيْدة أبو عَبْد الملك، عن أبيه، وزُرارة بن أوفى، وعنه: القطَّان، ومكِّيٌّ، وثَّقه جماعة، وقال ابن عديٍّ: لم أر له حديثًا منكرًا، انتهى، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له الأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

وأمَّا والده حَكِيم؛ فهو _بفتح الحاء، وكسر الكاف_ القشيريُّ، عن أبيه، وعنه: ابنه بهز، والجُريري [4]، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وذكره ابن حبَّان في «الثِّقات»، أخرج له الأربعة، وعلَّق له البخاريُّ [5].

وأمَّا معاوية بن حَيْدة جدُّ بهز؛ فبصريٌّ روى عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعنه: ابنه أبو بهز حكيم، وحميد [6] المِزِّنيُّ، مات غازيًا، أخرج له البخاريُّ تعليقًا، والأربعة في الأصول.

==========

[1] في (ج): (تستحيي).

[2] في (ج): (ورواه عثمان).

[3] (عنهما): سقطت من (ج).

[4] في (ب): (والجرير).

[5] زيد في (ب): (تعليقًا، والأربعة في الأصول).

[6] في (ج): (وحزام)، وليس بصحيح.

(1/749)

[حديث: كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض]

278# 279# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): هو بفتح الميم، وإسكان العين، تقدَّم أنَّه ابن راشد، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ): هو اسم فاعل، مشهور التَّرجمة.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً): يحتمل أنَّ هذا كان جائزًا في شرعهم، وكان موسى صلَّى الله عليه وسلَّم يتركه تنزُّهًا وحياءً واستحبابًا، ويحتمل أنَّه كان حرامًا كما هو حرام عندنا، وكانوا يتساهلون فيه كما يتساهل فيه بعض النَّاس اليوم، والله أعلم.

قوله: (إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ): هو بفتح الهمزة الممدودة، وبالدَّال المهملة المفتوحة أيضًا، وبالرَّاء على وزن: آدم، والأُدرة؛ بالضَّمِّ: نفخة في الخصية، يقال: رجل آدر بيِّن الأَدَر، وهي التي يسمِّيها النَّاس: القيلة.

قوله: (فَخَرَجَ مُوسَى في إِثْرِهِ): وفي نسخة: (فجمح)، ومعنى جمح: ذهب يجري.

قوله: (في إِثْرِهِ): حكى شيخنا الشَّارح تثليث [1] الهمزة، وقال غيره: بفتح الهمزة والثَّاء، وكسر الهمزة وسكون الثَّاء.

قوله: (يَا حَجَرُ): ناداه مناداة من يعقل؛ لفعله فعلَهم.

قوله: (فَطَفِقَ): هو بكسر الفاء، ويجوز فتحها؛ أي: جعل، وقد تقدَّم.

فائدة: يحتمل أنْ يكون موسى أراد بضرب الحجر إظهار معجزة لقومه بأثر الضَّرب في الحجر، ويحتمل أنَّه [2] أوحي إليه بأنْ يضربه؛ لإظهار المعجزة، والله أعلم، قاله النَّوويُّ.

قوله: (لَنَدَبٌ): قال ابن قُرقُول: (لندْب): كذا رُوِّيناه بسكون الدَّال، وكذا يقوله المحدِّثون، ورُوِّيناه عنِ الأسدي والصَّدَفَيِّ وغيرهما: بفتحها [3]، وهو الصَّواب، انتهى، ولم يذكر ابن الأثير وكذا النَّوويُّ في «شرح مسلم» سواه، قال ابن قُرقُول: (وهو الأثر من الجرح والضَّرب إِذَا لَمْ يرتفع عن [4] الجلد، والجمع ندوب [5] وأنداب، وقيل: النَّدَب: جمع ندَبة؛ مفتوح الدَّال، فأمَّا إِذَا سكِّنت؛ فهو الحضُّ والدعاء إلى الشيء) انتهى، وقال النوويُّ: (الندَب: الأثر).

قوله: (سِتَّة أَوْ سَبْعَة): هما مرفوعان منوَّنان، ويجوز نصبهما، ورأيته [6] في بعض النُّسخ الصَّحيحة مضبوط بهما، وكذا هو في أصلنا الآن.

(1/750)

قوله: (وَعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه [7] عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا ... )؛ الحديث إلى أنْ قال: (وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عن صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَا أَيُّوبُ ... )؛ الحديث: اعلم أنَّ المِزِّيَّ قد علَّم عليه (خت)؛ يعني: أنَّ البخاريَّ أخرجه تعليقًا، ثُمَّ قال: (البخاريُّ [8] في «الطَّهارة» رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بن طهمان، عن مُوسَى بْنِ عُقْبَة، عن صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ به، وأخرجه النَّسائيُّ فيه، عن أحمد بن حفص، عن أبيه، عن إبراهيم به؛ يعني: عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عن صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ؛ يعني: عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) انتهى.

وإبراهيم بن طهمان ليس هو من مشايخه، فالحديث معلَّق كما رقم عليه المِزِّيُّ، وقال شيخنا الشَّارح: حديث أبي هريرة هذا معطوف على سند حديث أبي هريرة الأوَّل، وقد صرَّح به أبو مسعود الدِّمشقيُّ وخلف، فقالا: إنَّ البخاري رواه هنا عن إسحاق ابن نصر، وفي (أحاديث الأنبياء): عن عَبْد الله بن محمَّد الجعفيِّ؛ كلاهما عن عَبْد الرَّزَّاق، وذكر عن أبي نعيم أنَّ البخاريَّ لَمْ يذكر اسم شيخه وأرسله، ثُمَّ ذكر وصله من عند الإِسْمَاعيليِّ.

فحاصل كلام شيخنا: أنَّه ذكر فيه قولين؛ أحدهما: أنَّه معطوف على السَّند قبله، والثَّاني: أنَّه تعليق، ولا شكَّ أنَّه تعليق، لكن عكَّر [9] عليَّ قولُه فيه: (ورواه)؛ بالواو، وعلى: (ورواه) بجملتها علامة نسخة، ولو حُذِفتِ الواو؛ كان ظاهرًا في التَّعليق، والله أعلم، ولكنَّ إبقاء الواو دليل على أنَّه [10] معطوف على الحديث قبله، ومن قوله: (وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ ... ) إلى (عُرْيَانًا): هو مُخرَّج في أصلنا الدِّمشقيِّ في الهامش، وعليه ما صورته (هـ).

و (إبراهيم): تقدَّم أنَّه ابن طهمان، و (صَفْوَان بْنِ سُلَيْم)؛ بضمِّ السِّين وفتح اللَّام، و (عَطَاء بْن يَسَار)؛ بالمثنَّاة تحتُ والسِّين المهملة، وكلُّ هذا ظاهر، والله أعلم.

(1/751)

[باب التستر في الغسل عند الناس]

قوله: (فِي الغَسْلِ): هو بفتح الغين؛ لأنَّه الفعل، وبالضَّمِّ [1]: الماء، والمراد الأوَّل، ولكن قد ضُبِط في أصلنا: بِضَمِّها، وقد تقدَّم أنَّها لغة.

==========

[1] في (أ) و (ب): (وبالفتح)، وهو سبق نظر.

[ج 1 ص 120]

(1/752)

[حديث: ذهبت إلى رسول الله عام الفتح فوجدته يغتسل]

280# قوله: (عن أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله): (أبو النَّضر)؛ بالضَّاد المعجمة، وهذا [1] لا يُحتَاج تقييدٌ كما قدَّمته؛ لأنَّه لَمْ يأت بالألف واللَّام إلَّا المعجم بالضَّاد، ونصر؛ بالصَّاد المهملة لا يأتي بالألف واللَّام، و (أبو النَّضر) هذا: هو سالم بن أبي أميَّة، أخرج له الجماعة، ووثَّقه اِبْن مَعِين والنَّسائيُّ، توفِّي سنة (129 هـ)، ثقة نبيل، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَنَّ أَبَا مَرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ): اسم (أبي مرَّة): يزيد مولى عَقِيل أو مولى أمِّ هانئ، روى عنهما، وعن أبي الدرداء، وعنه: زيد بن أسلم، وأبو حازم، ثقة، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم.

قوله: (مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ): (أم هانئ)؛ بهمزة في آخرها، اختُلف في اسمها؛ فقيل: فاختة، أو هند، أو فاطمة، أو عاتكة، أو جمانة، أو رملة أقوال؛ أشهرها أوَّلها، أسلمت يوم الفتح، ترجمتها معروفة رَضِيَ اللهُ عنها، أخرج لها الجماعة، قال الذَّهبيُّ: ولعلَّها توفِّيت بعد الخمسين، انتهى [2]، كنيت بابنها هانئ بن هبيرة، ولها من هبيرة ابنٌ آخر، يقال له: جعدة، وآخر يقال له: يوسف.

تنبيه: رأيت في كلام شيخنا الشَّارح في (باب ما جاء في «زعموا»): أنَّ أمَّ هانئ قيل: كانت أخت النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الرَّضاعة) انتهى، وهذا غريب جدًّا، فإنَّها ذُكرت فيمن خطبها عليه الصلاة والسَّلام، ولم يتَّفق له زواجها، كما تقدَّم، وفي «صحيح مُسْلِم» في (الفضائل)

[ج 1 ص 120]

بوَّب عليه مبوَّب: (باب ما ذُكِر في نساء قريش): أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام خطب بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله؛ إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَلِي عِيَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإبل».

==========

[1] في (ب): (هذا).

[2] (انتهى): ليس في (ب).

(1/753)

[حديث: سترت النبي وهو يغتسل من الجنابة]

281# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي روَّاد، وتقدَّم بعض ترجمته في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك _تقدَّم مرارًا [1]_ شيخ الإسلام، العالم الرَّبَّانيُّ، تقدَّم، وأنَّه شيخ خراسان.

قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد العالم الفرد.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ أبو محمَّد الكاهليُّ الإمام القارئ.

قوله: (وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ): هو [2] بضمِّ الواو الفعل، وأمَّا بالفتح؛ فإنَّه الماء، وتقدَّم أنَّه يجوز في كلٍّ منهما الفتح والضَّمُّ مرارًا.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ في التَّستُّرِ): أمَّا الضَّمير في (تابعه)؛ فإنَّه يعود على سفيان _ يعني: الثَّوريَّ_ قال المِزِّيُّ في «الأطراف»: (تابعه أبو عوانة وابن فضيل؛ يعني: عنِ الأعمش) انتهى، و (أبو عوانة): تقدَّم أنَّه الوضَّاح بن عَبْد الله.

وأمَّا (ابن فضيل)؛ فهو محمَّد بن فُضَيل؛ بالتَّصغير، وهو ابن غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ مولاهم، الحافظ، أبو عَبْد الرَّحمن، عن أبيه، ومغيرة، وحصين، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، ثقة شيعيٌّ، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

والحكمة في هذه المتابعة: أنَّ سفيان الثَّوريَّ عنعن في السَّند الأوِّل، وهو مدلِّس، فتابعاه على روايته عنِ الأعمش؛ لتقوية الحديث، والله أعلم، ومتابعة أبي عوانة عنِ الأعمش أخرجها البخاريُّ في (الطَّهارة): عن موسى، عن أبي عوانة، ومتابعة ابن فُضَيل لَمْ أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولَم [3] يخرِّجها ولا التي قبلها [4] شيخُنا.

==========

[1] في (ب): (مرات).

[2] في (ب): (وهو)، وسقطت (هو) من (ج).

[3] في (أ): (لم).

[4] (ولا التي قبلها): ليس في (ب).

[ج 1 ص 121]

(1/754)

[باب إذا احتلمت المرأة]

(1/755)

[حديث: نعم إذا رأت الماء]

282# قوله: (عَن أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها أمُّ المؤمنين، وأنَّ اسمها هند بنت أبي أميَّة رَضِيَ اللهُ عنها، وتقدَّم شيء من ترجمتها، وأنَّها آخر أمَّهات المؤمنين وفاة.

قوله: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّها بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، في اسمها أقوال: سهلة، وقيل: رميلة، أو رميثة [1]، أو مليكة، أو أنيفة، أو الرُّمَيصاء، أو الغُمَيْصَاء، زوج أبي طلحة، تقدَّم بعض ترجمتها، وهي أمُّ أنس رَضِيَ اللهُ عنهما.

فائدة: تقدَّم أنَّ جماعة من الصَّحابيَّات سألن [2] كسؤال [3] أمِّ سليم، وقد تقدَّم ما في ذلك؛ فانظره في (باب الحياء في العلم).

==========

[1] في (ج): (رمية).

[2] في (ج): (سألت).

[3] في (ج): (بسؤال).

[ج 1 ص 121]

(1/756)

[باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس]

قوله: (وَأنَّ المُؤْمِنَ [1]): (أنَّ)؛ بفتح الهمزة، كذا هو في أصلنا بالقلم، وظهر لي أنَّه يجوز الكسر، أو يُترجَّح؛ لحكاية: «إنَّ المؤمن لا ينجس» في الحديث.

[قوله: (لَا يَنْجَسُ): هو بفتح الجيم _وكذا في متن الحديث_ في المضارع، وكسر الجيم في الماضي، كذا اقتصر عليه الجوهريُّ، وفي «أفعال ابن القطَّاع»] [2]: (نَجِس الشَّيء ونجُس نجسًا ونجاسة، ضدُّ «طهر»)، فقوله: (نجِس) الأولى مكسورة بالقلم، وهذه ذكرها الجوهريُّ، واللُّغة الثَّانية: (نجُس)؛ بضمِّ الجيم بالقلم، فعلى هذه: يقال في المستقبل: ينجُس؛ بضمِّ الجيم، فتحرَّر [3] فيه لغتان، ينجَس؛ بفتح الجيم، وهي التي ذكرها الجوهريُّ، والثَّانية: ينجُس؛ بضمِّ الجيم، وهي التي ذكرها مع ما قبلها ابنُ القطَّاع، وقد صرَّح النَّوويُّ في «شرح مسلم» في حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه: بأنَّ في [4] الماضي لغتين؛ كسر الجيم وضمِّها، قال: فمن كسرها في الماضي؛ فتحها في المضارع، ومن ضمَّها في الماضي؛ ضمَّها في المضارع أيضًا، قال: وهذا قياس مُطَّرد معروف عند أهل اللُّغة إلا أحرفًا مستثناة من المكسور، والله أعلم، انتهى.

(1/757)

[حديث: سبحان الله إن المؤمن لا ينجس]

283# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، حافظ الإسلام، تقدَّم بعض ترجمته رحمه الله [2].

قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ): هو بضمِّ الحاء وفتح الميم، وهو ابن تير أو تيرويه الطَّويل، وقد تقدَّم الخلاف في اسم أبيه، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا [3] بَكْرٌ): هو مُكبَّر، وهو بكر بن عَبْد الله المزنيُّ، يروي عنِ ابن عَبَّاس، وابن عُمر، وعنه: سُلَيْمَان التَّيميُّ، ومبارك، وخلق، ثقة إمَام، توفِّي سنة (108 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عن أَبِي رَافِعٍ [4]): اسمه نُفَيع، مدنيٌّ نزل البصرة، عن عمر، وعثمان، وأُبيٍّ، وعنه: قتادة، وبكر المزنيُّ، ثقة نبيل، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَانْخَنَسْتُ [5] مِنْهُ): هو بالخاء المعجمة، ثُمَّ نون، ثُمَّ سين مهملة؛ أي: تأخَّرت، ورجعت، وَانقبضت، وفي هذه الكلمة سبع روايات: انبجست، انتجست، انبخست، اختنست، انبجشت، انبحشت، اختنست، وكلُّها راجعة إلى الانفصال والمزايلة على وجه التَّعظيم له، ولفظ ابن قُرقُول في الباء مع الجيم ذكره: كذا لابن السَّكن والحمُّوي، ولابن الهيثم [6] وعند الأصيليِّ: (فانبخست)؛ بخاء معجمة بعد الباء، وكذا لسائرهم، قال بعضهم: صوابه: فانخنست؛ ومعناه: انقبصت عنه وتأخَّرت، وأمَّا انبجست؛ فمعناه: اندفعت عنه وزايلته، ومثله في الحديث الآخر: (فانسللت مِنْهُ)، وأمَّا انبخست؛ من البخس: وهو النَّقص والظُّلم، وهو بعيد من هذا، قال ابن قُرقُول: (إِذَا صحت الرِّواية؛ فله وجه، وهو أنَّه ظهر له نقصانه عن مماشاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لما اعتقده في نفسه من النَّجاسة في حال جنابته [7] فرأى أنَّه لا يقاومه ما دام في تلك الحال، ألا تراه كيف قال له: «إنَّ المؤمن لا ينجس»، وقد روي: (فانتجست منه)؛ أي: اعتقدت النَّجاسة بجسمي حكمًا شرعيًّا، انتهى وقد [8] ذكر الرشيد العطَّار من هذه الرِّوايات خمس روايات، وضبطها بالحروف في «الغرر المجموعة على صحيح مسلم»، وهي: انبجست، انخنست، اختنست، انتجست، انتجشت، والله أعلم.

قَوْلِهِ: (سُبْحَانَ اللهِ!): المراد بها التَّعجب من أنَّ أبا هريرة اعتقد نجاسة نفسه بسبب الجنابة.

(1/758)

فائدة: الذي جرى له [9] مثل هذه القصَّة مجموعهم ثلاثة أشخاص؛ وهم: أبو هريرة في «البخاريِّ» و «مسلم»، وحذيفة أخرجه مسلم، وابن مسعود أخرجه النَّسائيُّ من حَدِيث أبي وائل عنِ ابن مسعود، ذكر شيخنا في مكان (أنَّه [10] أخرجه النَّسائيُّ) انتهى، ولم أره أنا في «أطراف المِزِّيِّ» في ترجمة أبي وائل شقيق بن سلمة عنهُ، والله أعلم.

قوله: (لَا يَنْجسُ): تقدَّم أنَّ فيها لغتين؛ فتح الجيم وضمِّها أعلاه؛ فانظره.

(1/759)

[باب الجنب يخرج ويمشى في السوق وغيره]

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هذا هو عطاء بن أبي رَباح مفتي أهل مكَّة، تقدَّم.

[ج 1 ص 121]

قوله: (وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم أنَّه يجوز فيه يتوضَّ ويتوضَّأ يتوضَّا [1]؛ فانظره، فإنَّه مفيد.

==========

[1] في (ب): (يتوضا، ويتوضأ، يتوض).

(1/760)

[حديث: أن النبي كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة]

284# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ): هو ابن أبي عَروبة مهران أبو النَّضر اليشكريُّ مولاهم، البصريُّ، أحد الأعلام، عنِ الحسن، ومحمَّد، وأبي رجاء العطارديِّ، وقتادة، وعنه: شُعْبَة، والقطَّان، وغُنْدر، قال أحمد: كان يحفظ لم يكن له كتاب، وقال ابن معين: هو من أثبتهم، وقال أبو حاتم: هو قبل أنْ يختلط ثقة، توفِّي سنة (156 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

[تنبيه: قال شيخنا في «القاموس»: (وابن أبي العروبة؛ باللَّام، وتركُها لحنٌ أو قليل) انتهى] [1]

قوله: (وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ): تقدَّم عدد التِّسع قبل هذا بيسير، وتقدَّم الكلام على أزواجه وسراريه، وعلى الوهم الذِي وقع: (وهنَّ إحدى [2] عشرة) [خ¦268]؛ فانظره.

(1/761)

[حديث: سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس]

285# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): (عيَّاش): هذا بالمثنَّاة تحت، وبالشِّين المعجمة، وهو عيَّاش بن الوليد الرَّقام [1] أبو الوليد البصريُّ، عن معتمر، وابن فضيل، والوليد بن مُسْلِم، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، قال أبو داود: صدوق، قالوا: توفِّي سنة ستٍّ وعشرين ومئتين، أخرج له البخاريُّ وأبو داود، والنَّسائيُّ في «عمل اليوم واللَّيلة».

تنبيه هو فائدة: قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (عيَّاش بن الوليد وعَبَّاس بن الوليد كلاهما من شيوخ البخاريِّ [2]، فالأوَّل: عيَّاش بن الوليد الرَّقام أبو الوليد البصريُّ؛ بياء معجمة باثنتين من تحت، وشين معجمة، تفرَّد به البخاريُّ روى عنه فأكثر عن عَبْد الأعلى، ووكيع، وابن فضيل، والوليد بن مسلم، والثَّاني: عَبَّاس بن الوليد بباء معجمة بواحدة وسين مهملة، روى عنه البخاريُّ في موضعين في باب «علامات النُّبوَّة»، والثَّاني في «المغازي» في باب «بعث النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم معاذًا وأبا موسى إلى اليمن»، عن معتمر بن سُلَيْمَان وعبد الواحد بن غياث، وقال في «الفتن» بعد حديث خرَّجه من طريق هِشَام الدَّستوائيِّ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ [3] قال: سَأَلُوا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى أَحْفَوْهُ بِالمَسْأَلَةِ، ثُمَّ قال: وقال عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حديث: من أبي يا رسول الله؟ قال: «حذافة»)، قال: (وما أعلم له في «الصَّحيح» أكثر من هذا، وقد روى عنه مُسْلِم في «كتابه» ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ): هو تصغير أحمد، وهو ابن تير أو تيرويه الطَّويل، تقدَّم.

قوله: (بَكْرٍ): هو بكر بن عَبْد الله المزنيُّ، تقدَّم.

قوله: (عن أَبِي رَافِعٍ): تقدَّم أنَّه نُفَيع الصَّائغ البصريُّ.

قوله: (عن أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا مرارًا.

قوله: (الرَّحْلَ): هو _بالحاء المهملة_ المنزل والمأوى.

قوله: (يَا أَبَا هِرٍّ): هو ترخيم هريرة، وهو مضبوط في النُّسخة التي سمعت فيها على العراقيِّ شيخنا الحافظ بتشديد الرَّاء بالقلم، وسيأتي في (الأدب) ضبطه مُطوَّلًا.

(1/762)

قوله: (سُبْحَانَ الله!): تقدَّم قريبًا الكلام عليه.

قوله: (لَا يَنْجسُ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا، وأنَّ فيه لغتين؛ فتح الجيم وضمَّها.

(1/763)

[باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ قبل أن يغتسل]

قوله: (بَاب كَيْنُونَةِ): هي مصدر: كان يكون كونًا وكينونة أيضًا، شبهوه بالحَيْدُوْدَة والطَّيْرُوْرَة، وحيدودة: مصدر حاد عنِ الطَّريق؛ إِذَا مال عنِ الطَّريق [1]، والطَّيرورة: مصدر طار يطير طيرورة وطَيَرَانًا، وهما من ذوات الياء، ولم يجئ من الواو هذا إلَّا أحرفٌ: كينونة، وكَيْعُوعة، ودَيْمُوْمَة، وقَيْدُوْدَة، وأصله: كيِّنونةٌ؛ بتشديد الياء، فحذفوا كما حذفوا من هيِّن وميِّت، ولولا ذلك؛ لقالوا: كونونة ... إلى آخر كلام الجوهريِّ؛ فانظره إنْ أردته.

==========

[1] (عن الطريق): سقطت من (ب).

[ج 1 ص 122]

(1/764)

[حديث: أكان النبي يرقد وهو جنب؟]

286# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم أنَّه الفضل بن دُكَين مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشَيْبَانُ): أمَّا (هشام)؛ فهو [1] هشام بن أبي [2] عَبْد الله الدَّستوائيُّ، الحافظ، ودستوى: من كور الأهواز، هذا الذِي ظهر لي أنَّه هو، فإنْ كان هو _وهو الظَّاهر_؛ فقد تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

وأمَّا (شيبان)؛ فهو ابن عَبْد الرَّحمن النَّحويُّ، (وتقدَّم أنَّه منسوب إلى قبيلة لا إلى العربيَّة، قاله ابن الأثير، وتقدَّم ما قال فيه ابن أبي داود) [3]، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن يَحْيَى): هو ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، واسمه عَبْد الله بن عَبْد الرَّحمن بن عوف، وقيل: اسمه إِسْمَاعِيل، تقدَّم بعض ترجمته.

==========

[1] في (ج): (وهو).

[2] (أبي): سقطت من (ج).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 122]

(1/765)

[باب الجنب يتوضأ ثم ينام]

(1/766)

[حديث: كان النبي إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ]

288# قوله: (عن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمن): هذا هو محمَّد [1] بن عَبْد الرَّحمن بن نوفل بن الأسود أبو الأسود، يتيم عروة الأسَديِّ، عن عروة، وطبقته، وعنه: شعبة، ومالك، واللَّيث، وخلق، وثَّقه أبو حاتم والنَّسائيُّ، مات بعد الثَّلاثين ومئة، أخرج له الجماعة.

==========

[1] (محمد): سقطت من (ب).

[ج 1 ص 122]

(1/767)

[حديث: استفتى عمر النبي أينام أحدنا وهو جنب]

289# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): هذا هو ابن أسماء بن عبيد بن مخارق الضَّبعيُّ البصريُّ، عن نافع، والزُّهْرِيِّ، وعنه: ابن أخيه عَبْد الله بن محمَّد بن أسماء، وابن أخته سعيد بن عامر، ومُسَدَّد، ثقة، توفِّي سنة (173 هـ)، وكان محدِّثًا عالمًا أخباريًّا، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

==========

[ج 1 ص 122]

(1/768)

[حديث: توضأ واغسل ذكرك ثم نم]

290# قوله: (تَوَضَّأَ): تقدَّم الكلام عليه فيما مضى في النُّطق به.

==========

[ج 1 ص 122]

(1/769)

[باب إذا التقى الختانان]

(1/770)

[حديث: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل]

291# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ [1] بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم أنَّه بفتح الفاء، وهذا ظاهر، إلَّا أنِّي رأيت من ينطق بها مضمومة ممَّن يقرأ هذا «الصَّحيح» على النَّاس.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هو ابن أبي عَبْد الله الدَّستوائيُّ، وقد تقدَّم أعلاه.

قوله: («ح»: وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): أمَّا (ح)؛ فقد تقدَّم الكلام عليها أوَّل هذا التَّعليق.

وأمَّا (أبو نعيم)؛ فهو الفضل بن دُكَين، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنِ الحَسَنِ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ العالم المشهور، وقد [2] تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي رَافِعٍ): تقدَّم أنَّه نُفَيع الصَّائغ قريبًا، وتقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا [3] أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من [4] ثلاثين قولًا.

قوله: (شُعَبِهَا الأَرْبَعِ): قال الدِّمياطيُّ: (أي: بين يديها ورجليها، وقيل: بين رجليها [5] وشفريها) انتهى، وكذا ذكره غير واحد، ويتحصَّل من الأقوال في [6] ذلك خمسة، وقيل: إنَّ المراد نواحي الفرج الأربع، والشَّعب: النَّواحي، وقيل: المراد الرِّجلان والفخذان، وبقي قول آخر لا أستحضره الآن، قال ابن دقيق العيد العلامة أبو الفتح بعد أنْ ذكر فيه أربعة أقوال: (والأقرب عندي أنْ يكون المراد اليدين والرِّجلين، أو الرِّجلين والفخذين، ويكون الجماع مكنًيا عنه بذلك

[ج 1 ص 122]

يكتفى بما ذكر عنِ التَّصريح، وإنَّما رجَّحنا هذا؛ لأنَّه أقرب إلى الحقيقة، وهو حقيقة في الجلوس بينهما ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (ثُمَّ جَهَدَهَا): هو بفتح الهاء، قال الدِّمياطيُّ: (وجهدها: بالغ في معاناة [7] ذلك العمل فيه كناية عن بلوغ الغاية في ذلك، قال الخطَّابيُّ: الجهد: اسم من أسماء النِّكاح، فمعنى (جَهدها): وطئها، انتهى.

قال ابن دقيق العيد العلامة أبو الفتح بعد عزو هذا إلى الخطَّابيِّ: (وعلى هذا؛ فلا يحتاج أنْ يجعل قوله: «ثمَّ جلس بين شعبها الأربع» كناية عنِ الجماع، فإنَّه صرَّح به بعد ذلك) انتهى.

(1/771)

قوله: (تَابَعَهُ عَمْرٌو): الضَّمير في (تابعه) يعود على هشام؛ أي: تابع عَمرو _هو [8] ابن مرزوق_ هشامًا فرواه عن شُعْبَة؛ يعني: عن قتادة مثله، و (عَمرو): هو ابن مرزوق الباهليُّ، روى عن شُعْبَة، ومالك بن مغول، وعكرمة بن عمَّار، وغيرهما [9]، وعنه: البخاريُّ مقرونًا بغيره، وأبو داود، وإِسْمَاعِيل القاضي، وأبو خليفة، وخلق، ثقة فيه بعض الشَّيء، مات سنة (224 هـ) [10]، أخرج له البخاريُّ [11] مقرونًا _كما تقدَّم_ وأبو داود.

والحكمة في هذه المتابعة: أنَّ هشامًا عنعن _وقد تقدَّم أنَّه [12] هشام بن أبي عَبْد الله الدَّستوائيُّ_ عن قتادة، فأتى بمتابعة شُعْبَة عن قتادة، وإنْ كان شُعْبَة عنعن عن قتادة، فإنَّ المِزِّيَّ قال في «أطرافه»: (وتابعه عَمرو _يعني: ابن مرزوق_ عن) [13] شُعْبَة عن قتادة إلَّا أنَّ شُعْبَة من أشدِّ النَّاس قولًا في التَّدليس، فإنَّه قال: (لأنْ أزني أحبُّ إليَّ من أنْ أدلِّس)، وهذا قاله على سبيل المبالغة، وقال أيضًا: (التَّدليس أخو الكذب)، فلا فرق بين أنْ يعنعن، أو يصرِّح بالتحديث أو الإخبار أو السَّماع، ومتابعة شُعْبَة أخرجها مُسْلِم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى): الذي ظهر لي أنَّه موسى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوْذَكيُّ، شيخه، وقد تقدَّم الكلام على بعض ترجمته ونسبته، ويكون قد [14] أخذه عنه في حال المذاكرة؛ فلهذا أتى به على صورة التَّعليق، وقد قدَّمت أنَّ هذا وأمثاله محمول على السَّماع؛ لأنَّه شيخه، والبخاريُّ غير مدلِّس، وقد أطلت الكلام عليه فيما مضى؛ فانظره إنْ أردته، وتعليق موسى قال شيخنا: (أخرجه البيهقيُّ من حديث عفَّان بن مُسْلِم وهمَّام بن يحيى عنه بلفظ: «ثمَّ أجهد نفسه؛ فقد وجب الغسل أنزل أو لَمْ ينزل») [15].

قوله: (حَدَّثَنَا أَبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ مِثْلَهُ): الذي ظهر لي أنَّه أبان بن يزيد العطَّار البصريُّ، عنِ الحسن، وأبي [16] عمران الجونيِّ، وعِدَّة، وعنه: يحيى بن سعيد القطَّان، وعفَّان، وهدبة، قال أحمد: (ثبتٌ في كلِّ المشايخ)، وقد قدَّمت الكلام في ترجمته، أخرج له البخاريُّ، ومُسْلِم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

(1/772)

والحكمة في مجيئه بهذا الذي صورته صورة التَّعليق الذي أخذه عن موسى في المذاكرة: أنَّ أبانًا قد صرَّح فيه بالتحديث من قتادة، وأنَّ قتادة صرَّح بالإخبار من الحسن، وفي السَّند الأوَّل عنعن هشام _هو الدَّستوائيُّ_ وإنْ لَمْ يكن مدلِّسًا إلَّا أنَّ في العنعنة مطلقًا خلافًا، فصرَّح أبان بالتحديث من قتادة، وقتادة مدلِّس، وعنعنة المدلِّس لا تُقبَل، فأتى بهذا؛ لتصريح [17] قتادة بالإخبار من الحسن، والله أعلم.

(1/773)

[باب غسل ما يصيب من فرج المرأة]

(1/774)

[حديث زيد: أنه سأل عثمان: أرأيت إذا جامع امرأته فلم يمن]

292# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين، واسمه عَبْد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج ميسرة المقعد المنقريُّ البصريُّ، عن أبي الأشهب العطارديِّ، وعبد الوارث، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وأبو حاتم، والبِرتيُّ [1]، حجَّة، مات [2] سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد طال العهد به، فلهذا ترجمْتُه بعض الشَّيء، وقد قدَّمت أنَّه ليس له في الكتب السِّتَّة عن غير عَبْد الوارث، وهو أثبت النَّاس فيه [3].

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ): تقدَّم أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّميميُّ العنبريُّ مولاهم، التَّنوريُّ البصريُّ أبو عبيدة الحافظ، عن أيُّوب، وأبي التَّيَّاح، ويحيى البكَّاء، وعنه: ابنه عَبْد الصَّمد، وأبو معمر المقعد، ومُسَدَّد، وكان مقرئًا فصيحًا مفوَّهًا ثبْتًا صالحًا، رُمِي بالقدر، مات سنة (180 هـ)، وقد أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»؛ للاعتقاد، وقدَّمت ذلك، ولكن طال العهد به.

قوله: (عن الحُسَيْنِ: قَالَ يَحْيَى): (الحسين) هذا: هو ابن ذكوان، المعلِّم البصريُّ الثِّقة، عنِ ابن بريدة، وعطاء، وعمرو بن شعيب، وعنه: القطَّان، وغُنْدر، ويزيد، توفِّي سنة (145 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

وقوله: (قَالَ [4]: قَالَ يَحْيَى): اعلم أنَّ الحسين يرويه عن يحيى _هو ابن أبي كثير_ كما سيأتي تحته، وقال شيخنا الشَّارح: (قال يحيى: كذا [وقع هنا، ووقع في «مسلم» بدل «قال»: «عن»، وقال أبو مسعود وخلف: رُوِّيناه من طريق حسين عن يحيى] [5]، وقوله: «قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي ... » إلى آخره: هو معطوف على الإسناد الأوَّل)، وما أدري ما أراد بالإسناد الأوَّل إلَّا أنْ يكون أراد حديثين أو أكثر رواها البخاريُّ بهذا الطَّريق إلى يحيى، ويحيى رواهما أو رواها عن أبي سلمة، أو أنَّ يحيى روى حديثين أو أكثر عن أبي سلمة، هذا واحد منها، وليس هو الأوَّل، فأتى به معطوفًا على ما هو عنده، والله أعلم.

(1/775)

قال شيخنا: (وقال الدَّارقطنيُّ: فيه وهم؛ لأنَّ أبا أيُّوب لَمْ يسمعه من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما سمعه من أُبيِّ بن كعب عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، قال ذلك هشام عن أبيه، عن أبي أيُّوب، عن أُبيٍّ، وأعلَّه ابن العربيِّ فقال: «حديث ضعيف؛ لأنَّ مرجعه إلى الحسين [6] بن ذكوان المعلِّم، والحسين لَمْ يسمعه من يحيى، وإنَّما نقله له يحيى، ولذلك أدخله البخاريُّ عنه بصيغة المقطوع، قال: وهذه علَّةٌ، وقد خولف حسين فيه عن يحيى، فرواه عنه غيره [7] موقوفًا على عثمان، ولم يذكر فيه رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذه علَّة ثانية، وقد خولف فيه أيضًا أبو سلمة، فرواه زيد بن أسلم عن عطاء عن زيد بن خالد: أنَّه سأل خمسة أو أربعة من الصَّحابة، فأمروه بذلك، ولم يرفعه، فهذه ثَالِثة، وكم من حديث ترك البخاريُّ ذِكْرَه بواحدة من هذه العلل الثَّلاث، فكيف بحديث اجتمعت فيه؟!» هذا كلامه)، قال شيخنا: (وقد أخرج البخاريُّ حديث عثمان من غير طريق الحسين بن ذكوان، رواه عن سعد بن حفص، عن شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عطاء، عن زيد، كما سلف في «باب مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِن المَخْرَجَيْنِ»، وقال الدَّارقطنيُّ: حدَّث به عن يحيى حسينُ المعلِّم وشيبانُ، وهو صحيح عنهما، ورواه ابن شاهين من حديث معاوية بن سلَّام عن يحيى به، فقد تابعه [اثنان ... ) إلى آخر كلامه [8]، وهو مفيد؛ فانظره إنْ أردته] [9].

قوله: (قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ): [(يحيى) هذا: هو ابن أبي كثير، الإمَام أبو نصر اليمامي مولى طيِّئ، أحد الأعلام، تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ)] [10]: هذا تقدَّم مرارًا [11]، أبو سلمة بن [12] عَبْد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، واسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل، وهذا مَعطوف على السَّند الذِي قبله الذِي قال فيه: حَدَّثَنَا أبو معمر: حَدَّثَنَا عَبْد الوارث عنِ الحسين، عن يحيى، عن أبي سلمة، فالأوَّل رواه عن أبي سلمة عن عطاء، والثَّاني أبو سلمة عن عروة بن الزُّبير، والله أعلم، وليس تعليقًا، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (فَلَمْ يُمْنِ): هو بضمِّ أوَّله، وقد تقدَّم أنَّه يقال: أمنى ومَنَى ومَنَّى، والأولى أفصح.

(1/776)

قوله: (يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاة ... ) إلى آخره: قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: (روى سعيد بن المُسَيّب عن عثمان بخلاف هذا في «الموطَّأ» و «مصنَّف سعيد بن منصور») انتهى.

قد [13] قدَّمت الكلام في هذه المسألة، ومن وافق هذا من الصَّحابة والتَّابعين، وأنَّه انعقد الإجماع على الغسل وإنْ لم ينزل في (باب مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِن المَخْرَجَيْنِ؛ القُبُلِ وَالدُّبُرِ)، وهو في هذا التَّعليق ضمن (باب التِمَاسِ النَّاس [14] الوَضُوءِ إِذَا حَانَت الصَّلاة)، فأغنى عن ذكره هنا.

==========

[1] في (ب): (والبرقي)، وفي (ج): (والبرني)، وكلاهما تحريف.

[2] في (ب): (توفي).

[3] (فيه): سقطت من (ج).

[4] (قال): ليس في (ب) و «اليونينية» و (ق)، وهي في (أ) ملحقة مصحَّح عليها.

[5] ما بين معقوفين غير ظاهر في (أ).

[6] في (ج): (الحسن)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب): (فرواه غيره عنه).

[8] (إلى آخر كلامه): ليس في (ب).

[9] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[10] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[11] زيد في (ج): (أنَّه).

[12] (بن): سقط من (ب).

[13] في (ج): (وقد).

[14] (الناس): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 123]

(1/777)

[حديث: يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي]

293# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان محدِّث الإسلام، تقدَّم مرارًا [2].

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ): هو خالد بن زيد [أبو] أيُّوب الأنصاريُّ رَضِيَ اللهُ عنه، تقدَّم.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْد الله رَحِمَهُ اللهُ [3]: الغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ [4] إِنَّمَا بَيَّنَّاه [5]؛ لِاخْتِلَافِهِمْ): أمَّا (أبو عَبْد الله)؛ فهو البخاريُّ صاحب «الصَّحيح» محمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إبراهيم، حافظ الإسلام.

وأمَّا قوله: (الغَسْلُ أَحْوَطُ)؛ فـ (الغَسل)؛ بفتح الغين: الفعل، وقد تقدَّم أنَّ الفعل بالفتح، والماء بالضَّمِّ، وأنَّ في كل منهما لغتين [6].

وأمَّا قوله: (وَذَاكَ الآخِرُ)؛ فهو بكسر الخاء في أصلنا الذِي سمعنا منه على الحافظ العراقيِّ؛ أي [7]: الآخر من فعله [8]، فهو ناسخ لما قبله، وقال شيخنا: (بفتح الخاء كما قال ابن التِّين رُوِّيناه به، قال [9]: وضُبِط في بعض الكتب بكسرها، كأنَّه يقول: هذا الآخر من فعله عليه الصَّلاة والسَّلام، فهو ناسخ لما قبله) انتهى.

وقوله: (إِنَّمَا بَيَّنَّاه؛ لاِخْتِلاَفِهِمْ): هذا منه ميلٌ لمذهب داود ومن نقلنا عنه ذلك فيما تقدَّم، والجمهور على أنَّه منسوخ، بل قد حكى النَّوويُّ الإجماع على أنَّه منسوخ، كما تقدَّم، وفي حفظي أنَّ التِّرمذيَّ في «جامعه» حكى [10] (أنَّ العمل عند أكثر أهل العلم على أنَّه إذا جامع امرأته في الفرج؛ وجب عليهما الغسل وإن لم ينزلا) [11]، والله أعلم.

==========

[1] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ج): (مرات).

[3] (رحمه الله): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في النسخ و (ق).

[4] في هامش (ق): (قيل: الوجه: وذلك الآخَر؛ بفتح الخاء كما قاله ابن التِّين).

[5] في (ب) و (ج): (بيَّنا).

[6] في (ب): (تعيين).

[7] في (ب) و (ج): (إن).

[8] زيد في (ج): (عليه السلام).

[9] (قال): ليس في (ج).

[10] في (ب): (حكى في «جامعه»)، وزيد في (ج): (الإجماع على نسخه)، وضرب عليها في (أ).

[11] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 123]

(1/778)

((6)) (كِتَاب الحَيْضِ) ... إلى (بَاب تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالبَيْتِ)

فائدة: الحيض له عدَّة أسماء: الحيض، والطَّمث، والضَّحك، والإعصار، والإكبار، والأكدار، والدَّرْس، والنفاس، والعراك _بالعين_ والفراك _بالفاء_[1] والطمس، ذكرهما ابن العربيِّ في «الأَحوذيِّ شرح التِّرمذيِّ»، وهو يختصُّ بالأرنب، والخفَّاش، والضَّبع، والنِّساء، ورأيت عن كتاب «الحيوان» للجاحظ أنَّ الكلبة تحيض.

==========

[1] زيد في (ب): (بالعين، والقذال؛ بالقاف).

[ج 1 ص 123]

(1/779)

[باب كيف كان بدء الحيض]

قوله: (بَدْءُ الحَيْضِ): هو بهمز [1] (بدء) [2]؛ أي: ابتداء، كذا هو في أصلنا: مهموز، والظَّاهر أنَّه يجوز فيه: بدوُّ؛ كـ (قعودٍ)؛ أي: ظهور، لكنَّ الذِي في أصلنا: مهموز.

[ج 1 ص 123]

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوَّلُ): (بعضهم) لا أعرفه، وقد سمعت بعض الفضلاء في درسه فسَّره، ولكن الآن [3] لا يحضرني من هو، وقد ذكر النَّوويُّ في «تهذيبه» قول البخاريِّ، ولم يبيِّن من أراد، وكذا شيخنا الشَّارح، [وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: إنَّه ابن مسعود، كذا في «الطَّبرانيِّ» وغيره، انتهى ما كتبه على نسخة من هذا التَّعليق] [4].

قوله: (كَانَ أَوَّلُ): هو برفع (أوَّل)، وكذا في أصلنا، ورأيت بخطِّ شيخنا الإمَام العلَّامة الأستاذ أبي جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرُّعينيِّ الأندلسيِّ الغرناطيِّ ما لفظه: (كان) هنا يحتمل أنْ تكون ناقصة، فيكون (أوَّلُ): الاسم، و (ما): مصدريَّة، و (عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ): الخبر؛ التَّقدير: كان أوَّل إرسال الحيض كائنًا على بني إسرائيل، ويحتمل أن تكون تامَّة، و (عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ): متعلِّق بـ (كان)؛ التَّقدير: وقع على بني إسرائيل [5] أوَّلُ إرسال الحيض، انتهى.

قوله: (وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ): قال الدَّاوديُّ: (ليس في الحديث مخالفة لهذا القول، فإنَّ نساء بني إسرائيل من بنات آدم).

فائدة: روى محرز بن عَبْد الله عنِ ابن المُسَيّب قال: سمعت عُمر بن الخطَّاب يقول: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «أخبرني جبريل: أنَّ الله تَعَالَى بعثه إلى أمِّنا حواء حين دميت، فنادت ربَّها: جاء منِّي دم لا أعرفه، فناداها: لأُدمينَّك وذريَّتك، ولأجعلنَّه لكنَّ كفَّارةً وطهورًا»، قال الدَّارقطنيُّ: (حديث غريب) انتهى، ذكره النَّوويُّ في «تهذيبه» في (حوَّاء)، انتهى.

وفي «مستدرك الحاكم» في (تفسير طه): (عن ابن عَبَّاس قال: «لما أكل آدم من الشَّجرة التي نُهِي عنها؛ قال الله تعالى: ما حملك على أنْ عصيتني؟ قال: يا ربِّ؛ زيَّنته لي حوَّاء، قال: فإنِّي أعقبتها [6] ألَّا تحمل إلا كرهًا، ولا تضع إلا كرهًا، ودميتها في الشَّهر مرَّتين، فلمَّا سمعت بذلك حواء؛ رنَّت، فقال: لها عليك الرَّنَّة وعلى بناتك»، صحيح) انتهى، لَمْ يتعقَّبه [7] الذَّهبيُّ في «تلخيصه».

==========

[1] في (ب): (بهمزة).

(1/780)

[2] (بدء): سقط من (ب).

[3] (الآن): ليس في (ج).

[4] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[5] زيد في (ب): (بل)، ثم زيد في النسخ: (كان)، ولعل حذفها هو الصواب.

[6] في النسخ: (أعقبها)، وكُتِب فوقها في (أ): (كذا)، والمثبت موافق لما في «المستدرك».

[7] في (ب): (ثم تعقبه).

(1/781)

[حديث: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج]

294# [قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة لا الثَّوريُّ، وكذا جعله المِزِّيُّ في (مسند سفيان بن عيينة) عن عَبْد الرَّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة] [1].

قوله: (لَا نَرَى إِلَّا الحَجَّ): هو بفتح أوَّله؛ أي: لا نعتقد، وكذا هو في أصلنا، ورأيته في بعض النُّسخ بِضَمِّها أيضًا، وهما صحيحان.

قوله: (بِسَرِفَ): هي [2]_بفتح السِّين المهملة، وكسر الرَّاء، وبالفاء، غير مصروف، وحُكِي صرفه_ موضع قريب من مكَّة على أميال منها، قيل: ستَّة، أو سبعة، أو تسعة، أو عشرة، أو اثني عشرَ.

قوله: (أَنفِسْتِ [3]؟): هو بفتح النُّون، وكسر الفاء، وبضمِّ النُّون مع كسر الفاء أيضًا، لغتان مشهورتان، أفصحهما: فتح النُّون؛ أي: أحضتِ؟

==========

[1] ما بين معقوفين جاء في (ب) سابقًا بعد قوله: (من بنات آدم).

[2] في (ج): (هو).

[3] في هامش (ق): (نفست المرأة ونفست؛ إذا ولدت؛ بفتح النون وضمها، وأمَّا إذا حاضت؛ فبفتح النون لا غير).

[ج 1 ص 124]

(1/782)

[باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله]

قوله: (وَتَرْجِيلِهِ): ترجيل الشَّعر: تسريحه، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 124]

(1/783)

[حديث عروة: أخبرتني عائشة أنها كانت ترجل رأس رسول الله]

296# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): هو عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جُرَيج أبو الوليد وأبو خالد، القرشيُّ مولاهم، المكِّيُّ الفقيه أحد الأعلام، عن مجاهد، وابن أبي مليكة، وعطاء، وعنه: القطَّان، وروح، وحجَّاج بن محمَّد، قال ابن عيينة: (سمعته يقول: ما دوَّن العلمَ تدويني أحدٌ)، توفِّي سنة (150 هـ)، وكان يبيح المتعة ويفعلها، وقد تزوَّج نحوًا من سبعين امرأة نكاح المتعة، أخرج له الجماعة، وهو أحد الثِّقات، ذكره في «الميزان»، وقد تقدَّم.

قوله: (كُلُّ ذَلِكَ عَلَيَّ هَيِّنٌ): (كلُّ) مرفوعة، ورفعها إعرابه ظاهر على الابتداء.

[قوله: (هَيِّنٌ): بالتشديد والتخفيف؛ لغتان معروفتان] [1].

قوله: (وَكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِي): (كلُّ) هذه: بالرفع، ويجوز نصبها على الظَّرف [2]، أو [3] يكون مفعولًا لـ (تخدمني)، كذا قيل، وفي هذا الإعراب أنَّه مفعول لـ (تخدمني) نظر، والله أعلم.

قوله: (تُرَجِّلُ): تقدَّم أعلاه أنَّ التَّرجيل: تسريح الشَّعر.

قوله: (مُجَاوِرٌ): أي: معتكف.

قوله: (وَهِيَ حَائِضٌ): بالهمز.

(1/784)

[باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض.]

قوله: (بَاب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ في حَجْرِ امْرَأَتِهِ): قال الدِّمياطيُّ: (قال ابن بطَّال: غرض البخاريِّ في هذا الباب الدَّلالةُ على جواز حمل الحائض المصحف وقراءتها القرآن؛ لأنَّ المؤمن الحافظ له [1] أكبر أوعيته، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل المؤمنين بنبوَّته وحرمة ما أودعه الله من طيب كلامه في حجر [2] حائض تاليًا للقرآن) انتهى، وفي [قوله: (وقراءتها القرآن): أخذُه من هذا فيه نظرٌ] [3].

قوله: (في حجْرِ امْرَأَتِهِ): هو بفتح الحاء وكسرها، وكذا قوله في المتن: (فِي حجْرِي)، وقوله في المتن: (في حجْرِي): كذا الصَّحيح، ووقع للعذريِّ في «مُسْلِم»: (في حجرتي)، قال ابن قُرقُول: (وليس بشيء).

قوله: (وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ): هذا هو شقيق بن سلمة، تابعيٌّ، تقدَّم.

قوله: (خَادِمَهُ): خادم أبي وائل لا أعرف اسمها، والخادم الذَّكر والأنثى، قَالَه الجوهريُّ، والمراد هنا الأنثى؛ لقوله: (وهي [4] حائض).

قوله: (إِلَى أَبِي رَزِينٍ): هو بتقديم الرَّاء المفتوحة على الزاي [5]، واسمه مسعود بن مالك، مولى أبي وائل شقيق بن سلمة، كوفيٌّ، يروي عن عليٍّ، وابن مسعود، ومعاذ، وعمرو بن أمِّ مكتوم، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وجماعة، وعنه: ابنه عَبْد الله، وعاصم بن أبي النَّجود، وعطاء بن السَّائب، والأعمش، وآخرون، وثَّقه أبو زُرعة، ترجمته معروفة، فلا نطوِّل بها، أخرج له البخاريُّ في كتاب «الأدب»، ومسلم، والأربعة.

==========

[1] (له): سقطت من (ب).

[2] زيد في (ج): (حجر امرأته)، وضرب عليها في (أ).

[3] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[4] في (ج): (وآخر).

[5] زيد في (ب): (المكسورة).

[ج 1 ص 124]

(1/785)

[حديث: أن النبي كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن]

297# قوله: (سَمِعَ زُهَيْرًا): هو زهير بن معاوية بن حُدَيْج، تقدَّم أنَّه شيخ الجزيرة، حافظ، وأنَّه أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفيَّةَ): تقدَّم أنَّه منصور بن عَبْد الرَّحمن بن طلحة بن الحارث العبدريُّ الحجبيُّ المكِّيُّ، ابن صفيَّة بنت شيبة، عنها، وعن سعيد بن جبير، وعنه: السُّفيانان، ووهيب، وغيرهم، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وكان خاشعًا بكَّاءً عابدًا، توفِّي سنة (137 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقد تقدَّم، ولكن [1] طال العهد به، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان».

قوله: (أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ): تقدَّم أنَّ أمَّه هي صفيَّة بنت شيبة الحاجب بالبيت ابن عثمان بن أبي طلحة، يقال: لها رؤية، وقد تقدَّم الكلام عليها مُطوَّلًا، وعلى أنَّها هل [2] صحابيَّة أو تابعيَّة، وعلى ما وقع لها في «صحيح البخاريِّ» ممَّا يقتضي أنَّ لها صحبة قبل هذا؛ فانظره، فإنَّه مفيد، وهو غير بعيد من هنا.

قوله: (يَتَّكِئُ): هو بهمزٍ في آخره، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (في حجْرِي): تقدَّم أعلاه على ما وقع فيه أعلاه وعلى لغتيه.

قوله: (وَأَنَا حَائِضٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه بالهمز.

==========

[1] في (ب) و (ج): (لكن).

[2] زيد في (ج): (هي).

[ج 1 ص 124]

(1/786)

[باب من سمى النفاس حيضًا]

قوله: (بَاب مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا [1]): قال الدِّمياطيُّ رحمه الله: (كان حقُّ التَّرجمة أن يقول: باب من [2] سمَّى الحيض نفاسًا، فلمَّا لَمْ يجد نصًّا في النُّفساء وسُمِّي الحيض نفاسًا؛ فُهِمَ منه أنَّ حكمَ النَّفاس حكمُ الحيض في ترك الصَّلاة؛ لأنَّه إِذَا كان الحيض نفاسًا؛ وجب أنْ يكون النَّفاس حيضًا من حيث اللُّغة؛

[ج 1 ص 124]

لأنَّ الدَّم هو النَّفاس) انتهى [3]

وأمَّا ابن المُنَيِّر؛ فإنَّه قال: (فإن قلت: ما فقه التَّرجمة، وكيف تطابق [4] الحديث، وإنَّما فيه تسمية الحيض نفاسًا لا تسمية النَّفاس حيضًا؟)، ثُمَّ قال: (قلت: أمَّا فقهها؛ فالتَّنبيه على أنَّ حكم النَّفاس والحيض في منافاة الصَّلاة ونحوها واحد، وألجأه إلى ذلك أنَّه لم يجد حديثًا على شرطه في حكم النَّفاس، فاستنبط من هذا الحديث أنَّ حكمهما واحد، وظنَّ الشَّارح _ يعني: ابن بطَّال_أنَّه يلزم من تسمية الحيض نفاسًا تسمية النَّفاس حيضًا، وليس كذلك؛ لجواز أنْ يكون بينهما عموم وخصوص [5]؛ كالإنسان والحيوان، والعَرَض واللَّون، وإنَّما أخذه البخاريُّ من غير هذا وهو أنَّ الموجب لتسمية الحيض نفاسًا أنَّه دم والنَّفس الدَّم، فلمَّا اشتركا في المعنى الذِي سُمِّي لأجله النَّفاس نفاسًا؛ وجب تسمية الحيض نفاسًا، وفُهِم أنَّه دم واحد، وهو الحقُّ، فإنَّ الحمل يمنع خروج الدَّم المعتاد، فإن وضعتْ؛ خرج دفعة، وهذا تبيين على أنَّ تسمية النَّفاس لَمْ يكن لخروج النَّفْس التي هي النَّسمة [6]، وإنَّما كان لخروج الدَّم، والله أعلم) [7] انتهى، وقد رأيت أنا في نسخة: (باب من سمَّى الحيض نفاسًا)، كذا في هامشها، وفي الأصل كما في بقيَّة الأصول.

تنبيه: مذهب الشَّافعيِّ الصَّحيح من القولين: أنَّ الحامل تحيض، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (كان حق الترجمة أن يقول: باب من سمى الحيض نفاسًا، فلما لم يجد نصًا في النفساء وسمى الحائض نفاسًا؛ فهم منه أنَّ حكم النفاس حكم الحائض في ترك الصلاة؛ لأنَّه إذا كان الحيض نفاسًا؛ وجب أن يكون النفاس حيض من جهة اللغة؛ لأنَّ الدم هو النفاس).

[2] (من): سقطت من (ج).

[3] (انتهى): ليس في (ج).

[4] في (ب) و (ج): (يطابق).

[5] (وخصوص): استدركها المصنِّف في الهامش، وسقطت من «المتواري»، وزيد في (ب): (من وجه).

[6] في (ب) و (ج): (التسمية).

[7] «المتواري».

(1/787)

[حديث أم سلمة: بينا أنا مع النبي مضطجعة في خميصة إذ حضت]

298# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هو ابن أبي عَبْد الله الدَّستوائيُّ، وقد تقدَّم، ولماذا نُسِب.

قوله: (عن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم أنَّه بالثَّاء المثلَّثة غير مرَّة.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عَبْد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وتقدَّم أنَّ اسمه عَبْد الله أو إِسْمَاعِيل؛ قولان.

قوله: (أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ): وهي بنت أبي سلمة عَبْد الله بن عَبْد الأسد المخزوميَّة، وأمُّها أمُّ سلمة إحدى زوجاته صلَّى الله عليه وسلَّم، تقدَّم الكلام على أمِّها [1]، وزينب هذه ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، وعن أمِّها، وعنها: عروة وأبو سلمة، توفِّيت سنة (73 هـ)، أخرج لها الجماعة.

قوله: (مُضْطَجِعَة): يجوز رفعها منوَّنة ونصبها كذلك، وكذا هما مضبوطان في أصلنا.

قوله: (فِي خَمِيصَةٍ): هي بفتح الخاء وكسر الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحتُ ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، قال ابن قُرقُول: (كساء من صوف أو خزٍّ معلَّمة، كانت من لباس النَّاس)، قال غيره: هو البَرْنَكَان الأسود، وقال أبو عبيد: هو كساء مربَّع له علمان، وقال الجوهريُّ: هو كساء رقيق أصفر، أو أحمر، أو أسود، انتهى، وهذا ليس بالجوهريِّ [2] صاحب «الصِّحاح»، والذي في «الصِّحاح»: (كساء أسود مربَّع، له علمان، فإنْ لَمْ يكن معلَّمًا؛ فليس بخميصة)، ثُمَّ أنشد بيتًا للأعشى، ثُمَّ قال: (قال الأصمعيُّ: شبَّه شعرَها بالخميصة، والخميصة سوداء) انتهى.

قوله: (ثِيَابَ حِيضَتِي): قال ابن قُرقُول: (بكسر الحاء قيَّدناه عن أهل الإتقان، وهي الحالة التي هي عليها)، وقال النوويُّ في «تهذيبه»: (وفي الحديث: «خذي ثياب حِيضتك»: هذا بالكسر) انتهى، وقال في «شرح مسلم» في هذا الحديث: (هي بكسر الحاء؛ وهي حالة الحيض)، هذا هو الصَّحيح المشهور المعروف في (حيضتي) في هذا الموضع، قال القاضي عياض: ويحتمل فتح الحاء هنا أيضًا؛ أي: الثِّياب التي ألبسها في حال حيضتي، فإنَّ (الحَيضة) بالفتح: هي الحيض، انتهى، وقال بعد ذلك بقليل [3] في حديث آخر [4] عنِ القاضي ما لفظه: (هذا بخلاف حديث أمِّ سلمة: «فأخذت ثياب حِيضتي»، فإن الصَّواب فيه: الكسر) انتهى.

(1/788)

قوله: (فقَالَ أَنُفِسْتِ): تقدَّم أنَّ فيها لغتين قبل هذا بقليل.

قوله: (في الخَمِيْلَةِ [5]): هي _بفتح الخاء، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة_ كساء ذو خمل، وهي كالقطيفة أو هي القطيفة، قاله ابن قُرقُول، وقال النوويُّ: (الخميلة والخميل؛ بحذف الهاء: هي القطيفة، وكلُّ ثوب له خمل من أيِّ شيء كان، وقيل: هي الأسود من الثِّياب).

==========

[1] في (ب): (أنها).

[2] في (ج): (في الجوهري).

[3] في (ب): (تعليل).

[4] في (ب): (أخبر).

[5] في هامش (ق): (كساء له خملة).

[ج 1 ص 125]

(1/789)

[باب مباشرة الحائض]

(1/790)

[حديث: كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد.]

299# 300# 301# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): هو بفتح القاف، ثُمَّ موحَّدة مكسورة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ أبو عامر، عن قطر بن خليفة، ومسعر، والطَّبقة، وعنه: البخاريُّ، وأحمد، وعبد، والحارث بن أبي أسامة، وأمم، وكان من العابدين الحفَّاظ، مات سنة (215 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد فيما ظهر لي، والله أعلم، فإنْ كان؛ فقد تقدَّم رحمه الله، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا قال: إنَّه الثَّوريُّ أيضًا.

قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر السُّلَميُّ، من أئمَّة الكوفة، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن يزيد النَّخعيُّ أبو عمران الكوفيُّ، الفقيه، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ، عن عمر، وعليٍّ، ومعاذ، وعدد، وعنه: ابن أخته إبراهيم، ومحارب بن دِثار، وأبو إسحاق، وله ثمانون حجَّة وعمرة، وكان يصوم حتَّى يخضرَّ، ويختم في ليلتين، مات سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم غير هذه المرَّة رحمة الله عليه، وثَّقه ابن مَعِين والنَّاس.

قوله: (كِلَانَا جُنُبٌ): هذه هي اللُّغة الفصيحة أنْ يقال في الواحد والاثنين والجمع: جنب، والأنثى: جنب، وكذلك الأنثيان، والجميع بلفظ واحد، وبهذا جاء القرآن، وفي لغة مشهورة يثنَّى ويجمع، فيقال: جُنُبان، وجُنُبون، وجُنُبات، والله أعلم.

(1/791)

قوله: (وَكَانَ [1] يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ): كذا اشتُهر في الرِّواية، وعن المطرِّزيِّ: أنَّه عامِّيٌّ، والصَّواب: (ائتزر)؛ بهمزتين؛ الأولى للوصل، والثَّانية فاء الفعل، وعن الزمخشريِّ: أنَّه نصَّ على خطأ من قال: (اتَّزر)؛ بالإدغام، وأمَّا ابن مالك؛ فحاول تخريجه على وجه يصحُّ، وقال: (إنَّه مقصور على السَّماع)، ونظَّره بقراءة ابن محيصن [2]: {اتُّمن} [البقرة: 283]؛ بألف وصل وتاء مشدَّدة، وقال بعض أصحابنا: (فأَأْتزر): فاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة، فإنْ شئتَ؛ حقَّقتَ، فقلت: (أَأْتَزِر)، وإنْ شئت؛ خفَّفتها، فقلتها [3] ألفًا وقلت: (أاتزر)، وهي التي نصَّ عليها ابن هشام في «التوضيح» وجزم به؛ لأنَّ الأولى إِذَا كانت متحرِّكة والثَّانية ساكنة؛ أبدلت الثَّانية حرف علَّة من جنس حركة الأولى، وهذا هو الرَّاجح، وهو من الأزر، فأمَّا (فأتَّزِر) بتشديد التَّاء؛ فخطأ؛ لأنَّه (أفتعل) من الوزر؛ فافهم، انتهى.

==========

[1] في (ب): (فكان).

[2] في (ج): (محيص)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ج): (فقلت).

[ج 1 ص 125]

(1/792)

[حديث عائشة: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد .. ]

302# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الشَّيْبَانِيُّ): (أبو إسحاق) هذا: هو سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان فيروز الشَّيبانيُّ؛ بالشِّين المعجمة، وقِيلَ في اسم والد أبي إسحاق: خاقان الشَّيبانيُّ مولاهم، الكوفيُّ، ثقة، أخرج له الجماعة، توفِّي سنة تسع وثلاثين ومئة، وقيل: سنة ثمانٍ وثلاثين ومئة، وغلط في وفاته الواقديُّ وابن بكير، فقالا: سنة تسع وعشرين، أخرج له الجماعة.

قوله: (في فَوْرِ حَيْضَتِهَا): هو بفتح الفاء، وإسكان الواو، وبالرَّاء؛ أي: ابتدائها ومعظمها.

[ج 1 ص 125]

قوله: (يَمْلِكُ إِرْبَهُ): قال النوويُّ ما ملخَّصه [1]: (أكثر الرِّوايات فيه بكسر الهمزة وسكون الرَّاء؛ ومعناه: عضوه الذي يستمتع به؛ أي: الفرج، ورواه جماعة: بفتح الهمزة والرَّاء؛ ومعناه: حاجته؛ وهو شهوة الجماع، واختارها الخطَّابيُّ، وأنكر الأولى وعابها على المحدِّثين) انتهى، وقال غيره: أكثر المحدِّثين يروونه بفتح الهمزة والرَّاء، وعن النَّحَّاس والخطَّابيِّ تصويبه: يعنون الحاجة، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الرَّاء، وله تأويلان؛ أحدهما: الحاجة، يقال فيها: الأرب والأربة والمأربة، والثَّاني: أرادت به العضو، وعنت [2] به من الأعضاء الذَّكر خاصَّة، انتهى.

قوله: (تَابَعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عنِ الشَّيْبَانِيِّ): الضَّمير في [3] (تابعه) يعود على عليِّ بن مُسْهِر.

وأمَّا (خالد)؛ فالذي ظهر لي أنَّه ابن [4] عَبْد الله الواسطيُّ [5] الطَّحَّان، أحد العلماء، عن حصين، وبيان بن بشر، وعنه: مُسَدَّد، وابنه محمَّد، ثقة عابد، تقدَّم، وتقدَّم أنَّه اشترى نفسه من الله ثلاث [6] مرَّات يتصدَّق بزنة نفسه فضَّة، توفِّي سنة (179 هـ)، أخرج له الجماعة، طال العهد به، فلهذا ترجمته بعض الشَّيء رحمه الله [7]، ومتابعة [8] خالد ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولا أخرجها شيخنا.

وأمَّا (جَرِير)؛ فإنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عَبْد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، عن منصور، وحُصين، وعبد الملك بن عمير، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن معين، وله مصنَّفات، مات سنة (188 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ومتابعته أخرجها أبو داود في (الطَّهارة): عن عثمان ابن أبي شيبة، عن جرير، عنِ الشَّيبانيِّ به، ولم يخرِّجها ابن ماجه، لا كما قاله شيخنا.

(1/793)

وأمَّا (الشَّيبانيُّ)؛ فإنَّه أبو إسحاق الذِي تقدَّم قريبًا، وذكرت له بعض ترجمة.

==========

[1] في (ب): (يلخصه)، وفي (ج): (تلخيصه).

[2] في (ب): (وعنيت).

[3] (في): سقط من (أ).

[4] (ابن): سقط من (ب).

[5] في (ج): (الوسطي)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ب): (ثمان).

[7] (رحمه الله): ليس في (ب).

[8] في (ب): (أمَّا متابعة).

(1/794)

[حديث ميمونة: كان رسول الله إذا أراد أن يباشر امرأةً من نسائه]

303# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم ما معنى عارم، وأنَّه بعيد منها.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): الذِي ظهر لي أنَّه عَبْد الواحد بن زياد، فإنْ كان هو _وهو الظَّاهر_؛ فهو عبديٌّ مولاهم، البصريُّ، عن عاصم الأحول، والأعمش، وعنه: ابن مهديٍّ، ومُسَدَّد، وقتيبة، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، مات سنة (176 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم أنَّ له مناكيرَ نُقِمت عليه اجتنبها صاحبا «الصَّحيح»، وأن له ترجمةً في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أعلاه أنَّه أبو إسحاق سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان [1] فيروز، وقِيلَ: خاقان؛ فانظره، فإنَّه قريب جدًّا.

قوله: (وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عنِ الشَّيْبَانِيِّ): أمَّا (سفيان) هذا؛ فلا أعرفه بعينه، وقد روى السُّفيانان عن أبي إسحاق هذا، وهو الشَّيبانيُّ أبو إسحاق، وقد تقدَّم قريبًا وأعلاه [2]، وما رواه سفيان عنِ الشَّيبانيِّ لَمْ أره _إلَّا ما هنا_ في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا.

==========

[1] في (ج): (سليمان بن مهران)،وليس بصحيح، وسقطت (سليمان بن أبي سليمان) من (ب).

[2] زيد في (ب): (سليمان بن أبي سليمان).

[ج 1 ص 126]

(1/795)

[باب ترك الحائض الصوم]

(1/796)

[حديث: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار]

304# قوله: (أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، ويأتي عليه سؤال وجوابه في (باب صلاة الكسوف جماعة) إنْ شاء الله تَعَالَى؛ فانظره، وفي رواية: (رأيتكنَّ أكثر أهل النَّار)، قال النَّوويُّ: (أكثرَ): منصوب إمَّا على الحال على [مذهب ابن السَّرَّاج والفارسيِّ وغيرهما ممَّن قال: إنَّ (أفعل) لا يتعرَّف بالإضافة، وقيل: هو بدل من الكاف في (رأيتكنَّ)] [1] انتهى، وإمَّا على أنَّ رؤية العين تتعدَّى إلى مفعولين.

قوله: (وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ): أي: تجحدن إحسان الزَّوج، وكذا فسَّره البخاريُّ في (النِّكاح)، فقال: (باب كفران العشير وهو الزَّوج، وهو الخليط من المعاشرة) انتهى، وقيل: كلُّ مخالط.

قوله: (لِلُبِّ): اللُّبُّ: العقل.

قوله: (الحَازِمِ): هو _بالحاء المهملة وبالزاي_ المحترز في الأمور المستظهر فيها.

قوله: (وَعَقْلِنَا): العَقْل معروف، واختلف في محلِّه على قولين؛ القلب أو الرَّأس، وقيل: أراد الدِّية، فإنَّها على نصف الرَّجل، وهذا خلاف الظَّاهر، والله أعلم.

قوله: (فَذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وكذا الثَّانية.

(1/797)

[باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت]

أ/152 (بَاب تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالبَيْتِ) ... إلى (بَاب إِقْبَالِ المَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ)

[قال ابن المُنَيِّر: (المقصود الذي يشتمل على جميع ما ذكره في التَّرجمة أنَّ هذا الحدث الأكبر وما في معناه من الجنابة لا ينافي كلَّ عبادة، بل صحَّت معه عبادات بدنيَّة من [1] أذكار وتلاوة وغيرهما، فمناسك الحجِّ من جملة ما لا ينافيه الحدث الأكبر إلا الطَّواف، فمن ههنا طابقت الآثار التَّرجمة) انتهى] [2]

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هذا [3] هو ابن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ، الفقيه، تقدَّم بعض الشَّيء من ترجمته.

قوله: (وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالقِرَاءَةِ لِلجُنُبِ بَأْسًا): اعلم أنَّ قراءة الجنب والحائض مذهب الشَّافعيِّ: أنَّها حرام عليهما قليلها وكثيرها حتَّى بعض آية، وبه قال أكثر العلماء، كما حكاه الخطَّابيُّ وغيره عنِ الأكثرين، وحكاه أصحاب الشَّافعيِّ عن عُمر بن الخطَّاب، وعليٍّ، وجَابِر، والحسن، والزُّهْرِيِّ، والنَّخعيِّ، وقتادة، وأحمد، وإسحاق، وقال داود: يجوز للجنب والحائض قراءة كلِّ القرآن، ورُوِي هذا عنِ ابن عَبَّاس كما جزم به البخاريُّ عنه وابن المُسَيّب، قال القاضي أبو الطَّيِّب وابن الصَّبَّاغ وغيرهما: واختاره ابن المنذر، وقال مالك: يقرأ الجنب الآيات اليسيرة للتَّعوُّذ، وفي الحائض روايتان عنه [4]؛ إحداهما: تقرأ، والثَّانية: لا تقرأ، وقال أبو حنيفة: يقرأ الجنب بعض آية، ولا يقرأ آية، وله رواية كمذهب الشَّافعيِّ، والله أعلم.

قوله: (أَحْيَانِهِ): الأحيان: الأوقات.

قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ): هذه هي نُسَيبة _بِضَمِّ النُّون، وفتح السِّين على الأصحِّ فيها_ بنت كعب، وقيل: بنت الحارث، صحابيَّة جليلة، عنها: محمَّد وحفصة ابنا سيرين، وعبد الملك بن عمير، تعدُّ في أهل البصرة، كانت من كبار نساء الصَّحابة، (وكانت تغزو كثيرًا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، تُمرِّض المرضى، وتُداوي الجرحى، وكان جماعة من الصَّحابة) [5] وعلماء التَّابعين يأخذون عنها رَضِيَ اللهُ عنها.

(1/798)

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ): تقدَّم في أوَّل هذا التَّعليق [أنَّه صخر بن حرب بن أميَّة بن عَبْد شمس، وتقدَّم شيء من ترجمته رَضِيَ اللهُ عنه، وهو والد معاوية، وحمو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ابنته أمُّ حبيبة رَضِيَ اللهُ عنها، وتقدَّم متى توفِّي؛ فانظره إنْ أردته.

قوله: (أَنَّ هِرَقْلَ): تقدَّم ضبطه وما فيه ومتى هلك في أوَّل هذا التَّعليق] [6]، [وشيء من ترجمته.

قوله: (و {يَا أَهْلَ الكِتَابِ}) [آل عمران: 64]: تقدَّم الكلام على هذه الواو في أوَّل التَّعليق] [7]؛ فانظر ذلك إنْ شئت.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ عن جَابِرٍ): هذا هو عطاء بن أبي رَباح المكِّيُّ أبو محمَّد، الفقيه، تقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (وَقَالَ الحَكَمُ): هذا هو ابن عتيبة، الإمام، تقدَّم [8] بعض ترجمته [9]، وأنَّ لهم حكمًا آخر، يقال له: ابن عتيبة، وهو متكلَّم فيه، وأنَّ البخاريَّ جعلهما واحدًا، فعُدَّ من أوهامه.

(1/799)

[حديث: خرجنا مع النبي لا نذكر إلا الحج فلما جئنا]

305# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، وتقدَّم بعض الشَّيء من ترجمته.

[ج 1 ص 126]

قوله: (فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ): تقدَّم قريبًا ضبطها وبُعْدُها من مكَّة.

قوله: (طَمِثْتُ): تقدَّم أنَّها بكسر الميم وفتحها؛ لغتان، وضمُّ التَّاء على المتكلِّم، أي: حضتُ.

[فائدة: لا خلاف أنَّ حيض عائشة رَضِيَ اللهُ عنها كان بسرف، وأمَّا موضع طهرها؛ فقد اختُلف فيه؛ فقيل: بعرفة، كذا رواه عنها مجاهد، وفي سماع مجاهد منها اختلاف، والصَّحيح سماعه منها، ويقال: يوم النَّحر، ذكر هذا القاسم، وحديثه في «مسلم»، وقد اتَّفق القاسم وعروة أنَّها كانت يوم عرفة حائضًا، وهما أقرب النَّاس منها، وقد روى أبو داود في «سننه» بإسناده عنها قالت: (خَرَجْنَا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مُوَافينَ [1] لهِلَالَ ذِي الحِجَّةِ) ... ؛ فذكرتِ الحديث، وفيه: (فلمَّا كانت لَيْلَةُ البَطْحَاءِ؛ طَهُرَتْ عَائِشَةُ)، وهذا إسناد صحيح، لكن قال أبو محمَّد ابن حزم: إنَّه حديث منكر، وهو قوله: (إنَّها طَهُرَتْ لَيْلَةَ البَطْحَاءِ)، وليلة البطحاء كانت بعد يوم النَّحر بأربع ليال، وهذا محال، لكنَّ هذه اللَّفظة ليست من كلام عائشة، فهي غلط ممَّن دون عائشة، وهي أعلم بنفسها، وقد روى حديث حمَّاد هذا وهيب بن خالد وحمَّاد بن زيد، فلم يذكرا هذه اللَّفظة، والظَّاهر ما اتَّفق عليه القاسم وعروة، والله أعلم، وكذا قال ابن حزم في حجَّةِ الوداع، ولفظه: (وطافت أيضًا عائشة [2] ذلك اليوم؛ يعني: يوم النَّحر، قال: وفيه طهرت، وكانت رَضِيَ اللهُ عنها حَائضًا يوم عرفة) انتهى] [3]

قوله: (لَوَدِدْتُ): تقدَّم أنَّه بكسر الدَّال الأولى.

قوله: (نفِسْتِ؟): تقدَّم قريبًا أنَّه بفتح النُّون وضمِّها؛ لغتان، الأولى [4] أفصح، والفاء مكسورة فيهما؛ أي: أحضتِ؟

قوله: (فَإِنَّ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف، خطاب لمؤنَّث، وتقدَّم مرَّات قريبًا وبعيدًا.

(1/800)

[باب الاستحاضة]

(1/801)

[حديث: إنما ذلك عرق وليس بالحيضة]

306# قوله: (قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ): تقدَّم أنَّ حبيشًا؛ بضمِّ الحاء المهملة، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ شين معجمة، وتقدَّم بعض ترجمتها في (باب غسل الدَّم) رَضِيَ اللهُ عنها.

قوله: (إِنَّمَا ذَلِكِ [1]): تقدَّم أنَّه بكسر الكاف، خطاب لمؤنَّث.

قوله: (عِرْقٌ): تقدَّم أنَّه يقال له: العاذل؛ بالذَّال المعجمة، تقدَّم، وسيأتي مُطوَّلًا قريبًا في بابه.

قوله: (وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ) وكذا: (فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ): هما بكسر الحاء في أصلنا، وقد طرأ عليهما الفتح أيضًا، والفتح فيهما أظهر، وقد [2] قال النوويُّ كما تقدَّم في «تهذيبه»: (قال الخطَّابيُّ: المحدِّثون يقولونها بالفتح، وهو خطأ [3]، والصَّواب الكسر؛ لأنَّ المراد الحالة، وردَّ القاضي عياض وغيره قوله، وقال: الأظهر الفتح؛ لأنَّ المراد: إذا أقبل الحيض) انتهى.

==========

[1] زيد في (ج): (هو)، وليس بصحيح.

[2] في (ج): (وبه).

[3] (وهو خطأ): في (ب).

[ج 1 ص 127]

(1/802)

[باب غسل دم المحيض]

(1/803)

[حديث: إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه]

307# قوله: (عَنْ هِشَامٍ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه ابن عروة بن الزُّبير بن العوَّام بن خويلد، وتقدَّم شيء من ترجمته، وهو مشهور ثقة.

قوله: (عن فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ): تقدَّم أنَّها بنت عمِّه، وهو المنذر بن الزُّبير بن العوَّام بن خويلد، وتقدَّم بعض ترجمتها، وهي زوج هشام، وأسنُّ مِنْهُ.

قوله: (سَأَلَتِ امْرَأَةٌ): تقدَّم الكلام على هذه المرأة من هي في (باب غسل الدَّم).

قوله: (مِن الحَيْضَةِ): تقدَّم في الباب المذكور أعلاه، وكذا الثَّانية.

قوله: (فَلْتَقْرُصْهُ): تقدَّم ضبطه في الباب المذكور أعلاه، وقال الدِّمياطيُّ هنا: (قرصتُه أقرُصُه قرصًا؛ إِذَا غسلته بأطراف أصابعك، وقرَّصته تقريصًا؛ إذا قطَّعته تقطيعًا).

قوله: (ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ): تقدَّم الكلام عليه في الباب المذكور أعلاه.

==========

[1] في (ج): (قريبًا).

[ج 1 ص 127]

(1/804)

[حديث: كانت إحدانا تحيض ثم تقترص الدم من ثوبها]

308# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تقدَّم أنَّه ابن الفرج المصريُّ، الفقيه، وتقدَّم أنَّ ابن مَعِين قال: كان أعلمَ خلق الله برأي مالك رحمه الله.

قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم أنَّه عَبْد الله بن وهب أبو محمَّد الفهريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، وتقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ): تقدَّم أنَّه عَمرو بن الحارث بن يعقوب أبو أميَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام.

قوله: (عن عَبْدِ الرَّحمن بْنِ القَاسِمِ): هو عَبْد الرَّحمن بن القاسم بن محمَّد بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق التَّيميُّ أبو محمَّد، الفقيه بن الفقيه [1]، ولد في زمان عائشة، وسمع أباه، وابن المُسَيّب [2]، وأسلم العمريَّ، وعنه: شُعْبَة، ومالك، وابن عيينة، ثقة مُكثِر، ورِعٌ إمَام، قال ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، وكذلك أبوه، توفِّي سنة (126 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَتَنْضَحُ على سَائِرِهِ): هو بكسر الضَّاد المعجمة، وبالحاء المهملة، ويجوز فتح الضَّاد، وقليل من تعرَّض لحكايته، وقد تقدَّم.

==========

[1] (ابن الفقيه): ليس في (ب).

[2] في (ب): (المسلم).

[ج 1 ص 127]

(1/805)

[باب الاعتكاف للمستحاضة]

(1/806)

[حديث: أن النبي اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم]

309# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله): كذا في أصلنا، وبعد (إسحاق): (ابن شاهين)، وعليه مكتوب: (زائد)، قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (قال البخاريُّ في «الحيض»، وفي «المغازي» في موضعين في «بعث معاذ إلى اليمن»، و «غزوة ذات السَّلاسل»، وفي «{اقتربت}»، و «المرضى»، و «الأدب»، و «الاستئذان»، و «التَّعبير»: حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا خالد، فإسحاق هذا في المواضع كلِّها هو ابن شاهين أبو بشر الواسطيُّ عن [1] خالد بن عَبْد الله الطَّحان، وكذلك نسبه ابن السكن في أكثر هذه المواضع، وقال الكلاباذيُّ: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالد بن عَبْد الله، روى عنه: البخاريُّ في «الصَّلاة»، وفي غير موضع، فلم يزد على أنْ قال: «حَدَّثَنَا إسحاق الواسطيُّ»، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذا قال الحاكم في «المدخل») انتهى.

وقد قدَّمت أنَّه كذا هو منسوب في أصلنا، لكن كُتِب عليه: (زائد)، وكذا قال شيخنا الشَّارح: (إنَّه ابن شاهين) انتهى، وكذا قال المزِّيُّ: إنَّه الواسطيُّ، ولفظه: (إسحاق الواسطيُّ)، ولم يذكر توضيحه من عنده، وكأنَّه وقع له منسوبًا إلى واسط، والله أعلم، وهو هو [2].

وابن [3] شاهين كنيته أبو بشر، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، وهشيم، وعنه: البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وأحمد بن يحيى التَّستريُّ، وخلق، صدوق، جاوز المئة، توفِّي بعد الخمسين ومئتين، (قاله ابن عساكر في «النَّيل»، وكذا في «التَّذهيب») [4].

وأمَّا الدِّمياطيُّ؛ فقال في (سورة {اقتربت}): (مات [5] سَنَة إحدى أو اثنتين ومئة)، كذا قال النَّاقل عن خطِّه، وهو غلط من الدِّمياطيِّ أو [6] من النَّاقل، وهو الظَّاهر [7]؛ لأنَّ الدِّمياطيَّ لَمْ يقل [8] في شخص روى عنه البخاريُّ: إنَّه توفِّي سَنَة إحدى ومئة، بل ولا يقول: ومئتين؛ لعلمه بمولد البخاريِّ وطلبه، لكن كيف أرَّخه على تقدير ثبوت (ومئتين)؟! هو [9] غلط محض، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله): تقدَّم أعلاه أنَّه الطَّحَّان، وهو واسطيٌّ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه اشترى نفسه من الله ثلاث مرَّات بزنته فضَّة، تصدَّق [10] بها.

قوله: (عَنْ خَالِدٍ): خالد الثَّاني هو ابن مهران الحذَّاء، الحافظ البصريُّ، تقدَّم بعض ترجمته، ولماذا عرف بالحذَّاء رحمه الله.

(1/807)

قوله: (عن عِكْرِمَةَ، عن عَائِشَةَ): (عكرمة) هذا: هو عكرمة مولى ابن عبَّاس، وهو عكرمة بن عَبْد الله المفسِّر، عن مولاه، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة، وعنه: أيُّوب، وخالد الحذَّاء، وعبد الرَّحمن ابن الغسيل، ثبْتٌ، لكنَّه إباضيٌّ يرى السَّيف، وتحايده مالك إلَّا في حديث أو حديثين، وقد وثَّقه جماعة، واعتمده البخاريُّ، وأمَّا مُسْلِم؛ فتجنَّبه، ورَوى له قليلًا مقرونًا بغيره [11]، مات سنة ستٍّ أو سبع ومئة، روى له مُسْلِم مقرونًا، وقد تُكلِّم فيه لرأيه، له ترجمة في «الميزان»، وأخرج [12] له الجماعة، غير أنَّ مسلمًا كما تقدَّم قرنه.

فائدة هي تنبيه: قال ابن المدينيِّ: عكرمة مولى ابن عَبَّاس لا أعلمه سمع من أحد من أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال العلائيُّ شيخ شيوخي: وقال أبو حاتم: لَمْ يسمع من سعد بن أبي وقَّاص ولا من عائشة، وقد أخرج له البخاريُّ عنها في «الصَّحيح» هذا الحديث وحديثين آخرين؛

[ج 1 ص 127]

الجملة ثلاثة أحاديث، وقد تقدَّم الأوَّل، والثَّاني: (لمَّا فتحت خيبر؛ قلنا: الآن نشبع من التَّمر)، أخرجه في (المغازي)، والثَّالث: (أنَّ رفاعة طلَّق امرأته، فتزوَّجها عَبْد الرَّحمن بن الزَّبير ... )؛ الحديث، أخرجه [13] البخاريُّ في (اللِّباس)، والظَّاهر أنَّ البخاريَّ ثبت عنده سماعُه منها، والله أعلم، ولا يكتفي بوجود المعاصرة، وعكرمة ليس مدلِّسًا، والله أعلم، وقد راجعت «التَّجريح والتَّعديل» لابن [14] أبي [15] حاتم؛ فرأيت فيه: (سمع ابن عَبَّاس، وابن عُمر، وأبا سعيد الخدريَّ، وأبا هريرة، وعائشة، قيل لأبي: سمع من عائشة؟ فقال: نعم) انتهى، وهذا يخالف ما نقله العلائيُّ عنه، والله أعلم.

قوله: (بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ): هي سودة، وسيأتي بزيادة في (باب اعتكاف المستحاضة) إنْ شاء الله تَعَالَى وقدَّره، وقيل: إنَّها زينب بنت جحش، وفي هذه الرِّواية والتي بعدها ردٌّ على ابن الجوزيِّ فيما [16] حكاه شيخنا الشَّارح عنه؛ حيث قال: (ما نعلم في زوجاته عليه الصَّلاة والسَّلام مستحاضة، وكأنَّ عائشة أرادت من (نسائه)؛ أي: من النِّساء [17] المتعلِّقات به بسبب صهارة وشبهها)، والرِّواية الآتية: (امرأة من نسائه) صريحة في ردِّه، وكذا الرِّواية التي بعدها: (أنَّ بعض أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اعتكفت معه وهي مستحاضة).

(1/808)

فائدة: المستحاضات على عهده صلَّى الله عليه وسلَّم من الصَّحابيَّات: بنات جحش؛ زينب، وحمنة، وأمُّ حبيبة أو أمُّ حبيب على الخلاف في ذلك، وسيأتي في الورقة بعد هذا، وأسماء بنت عميس، وفاطمة بنت أبي حُبيش قيس بن المطَّلب بن أسَد، وزينب بنت أمِّ سلمة، وسودة أمُّ المؤمنين، وبادية بنت غيلان، وسهلة بنت سهيل، فهؤلاء تسع نسوة، وقد ذكرهنَّ بعض الحفَّاظ _وهو المحبُّ الطَّبريُّ_ ستًّا فأسقط ثلاثًا، وقد سمَّى السِّتَّ: (زينب، وحمنة، وأمُّ حبيبة، وسودة، وبنت أبي حبيش، وسهلة بنت سهيل) انتهى.

قوله: (الطّسْتَ): هو بفتح الطَّاء وكسرها، وإسكان السِّين، ويقال: طسٌّ _بتشديد السِّين وحذف التَّاء_ وطِسَّةٌ، وجمعها: طساس وطُسوس وطسَّات، وهي مؤنَّثة، وقال بعض المحدِّثين: قد يؤنَّث؛ لأنَّه يقال في تصغيره [18]: طُسَيسة.

قوله: (كأنَّ هذا شَيْءٌ كَانَتْ [19] تَجِدُهُ فُلَانَةُ): (كأنَّ): التي للتَّشبيه، و (شيءٌ): خبره مرفوع منوَّن، والإشارة اسمها منصوبة، و (فلانة): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (فلانة هذه [20] رملة أمُّ بيبة بنت أبي سفيان)، قال: (ويظهر أنَّ هذا انتقال من أمِّ حبيبة بنت جحش إلى هذه) انتهى.

==========

[1] في (ج): (على).

[2] (وهو هو): ليس في (ب).

[3] في (ب): (وهو ابن).

[4] ما بين قوسين ليس في (ب).

[5] زيد في (ج): (في).

[6] في (ج): (و).

[7] (وهو الظاهر): ليس في (ب).

[8] (يقل): سقطت من (ج).

[9] (هو): ليس في (ب).

[10] في (ج): (يتصدق).

[11] (بغيره): ليس في (ب).

[12] في (ب): (أخرج).

[13] في (ب): (أخرج له).

[14] (لابن): سقطت من (ج).

[15] في (ج): (لأبي).

[16] في (ب): (على ما).

[17] في (ب): (أي: أزواج النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).

[18] في (ج): (التَّصغير).

[19] (كانت): سقطت من (ج).

[20] (هذه): ليس في (ج).

(1/809)

[حديث: اعتكفت مع رسول الله امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم]

310# قوله: (عن خَالِدٍ، عن عِكْرِمَةَ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن مهران الحذَّاء، وقد تقدَّم قبل ذلك بعض ترجمته.

قوله: (عن عِكْرِمَةَ، عن عَائِشَةَ): تقدَّم بعض ترجمة عكرمة، وهو مولى ابن عَبَّاس، وتقدَّم الكلام في سماعه من [1] عائشة قريبًا جدًّا.

قوله: (امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ): تقدَّم الكلام عليها أعلاه.

قوله: (وَالطّسْتُ): تقدَّم أعلاه ما فيها من اللُّغات، وأنَّها مؤنَّثة.

==========

[1] في (ب): (عن).

[ج 1 ص 128]

(1/810)

[حديث: أن بعض أمهات المؤمنين اعتكفت وهي مستحاضة]

311# قوله: (عن خَالِدٍ): تقدَّم أنَّه ابن مهران الحذَّاء، وَتقدَّم بعض شيء من ترجمته.

قوله: (عن عِكْرِمَةَ): تقدَّم قبيله [1] أنَّه مولى ابن عَبَّاس، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن عَائِشَةَ): تقدَّم قريبًا الكلام في سماعه منها ومن أنكره.

قوله: (أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ): تقدَّم الكلام عليها أعلاه.

==========

[1] في (ب) و (ج): (قبله).

[ج 1 ص 128]

(1/811)

[باب: هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه؟]

(1/812)

[حديث: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه]

312# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم شيء من ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ [1] أَبِي نَجِيحٍ): عَبْد الله بن يسار؛ بالمثنَّاة تحتُ وبالسين المهملة، مولى الأخنس [2] بن شريق، الثَّقفيُّ أبو يسار؛ كاسم أبيه ضبطًا، عن طاووس، ومجاهد، وعطاء، وأبيه أبي نجيح، وعبد الله بن كثير القارئ، وسالم بن عَبْد الله، وجماعة، وعنه: عمرو بن شعيب وهو أكبر منه، وهشام الدَّستوائيُّ، وابن إسحاق، والسُّفيانان، وابن عليَّة، وطائفة، وثَّقه أحمد وابن مَعِين وجماعة، قال ابن عيينة: مات سنة إحدى وثلاثين ومئة، وقال ابن المدينيِّ: سنة اثنتين، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»؛ من جهة الاعتقاد.

قوله [3]: (عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ): (مجاهد) هذا: هو ابن جبر، وجَبْر؛ بالجيم المفتوحة، ثُمَّ موحَّدة ساكنة، كنية مجاهد أبو الحجَّاج، وهو مولى السَّائب بن أبي السَّائب المخزوميِّ، عن أبي هريرة، وابن عَبَّاس، وسعد، وعنه: قتادة، وابن عون، وسيف بن سُلَيْمَان، وحديثه عن عائشة رضي الله عنها في «البخاريِّ» و «مسلم»، وابن مَعِين يقول: لم يسمع منها، وفي «البخاريِّ» و «مسلم» ما يدلُّ على سماعه منها من رواية منصور عنه قال: (دَخَلتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبير المَسْجِدَ؛ فَإِذَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ جَالِسٌ إلى حُجْرَةِ عَائِشَةَ والنَّاسُ يُصَلُّونَ الضُّحَى ... )؛ الحديث [4]، وفيه: (وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ [5] عَائِشَةَ، فَقَالَ عُرْوَةُ: أَلَا تَسْمَعِينَ؟)، ولهذا أخرجه البخاريُّ، ولو لَمْ يكن عنده دالًّا على السَّماع؛ لما أخرجه، وذلك لما عُرِف من شرطه، وقد أخرج النَّسائيُّ في «سننه» من رواية موسى الجُهنيِّ عن مجاهد قال: (أُتِيَ مُجَاهِدٌ بِقَدَحٍ حَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ، فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ الله عنهَا: أَنَّ النَّبيَّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كَانَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هذا)، وهذا صريح في سماعه منها، وقال العلائيُّ في «المراسيل»: (وقد صرَّح _يعني: مجاهدًا_ في غير حديث بسماعه منها).

(1/813)

واعلم أنَّ الذي أنكر سماعه منها يحيى بن سعيد، قال: لَمْ يسمع منها، قال: وسمعت شُعْبَة ينكر أنْ يكون سمع منها، وتبعهما على ذلك ابن مَعِين كما قدَّمت نقله عنه وأبو حاتم الرَّازيُّ، قال شيخنا حافظ الوقت العراقيُّ: (في «العلل» لابن المدينيِّ: أنَّه سمع من عائشة، وابن عُمر، وابن عَبَّاس، وأبي هريرة، وابن عَمرو، وعبد الله بن السَّائب، وفي «الصَّحيحين» ما يدلُّ على سماعه منها)، فذكر ما ذكرتُه، قال: (وفي «النَّسائيِّ» صرَّح بالتَّحديث منها)، فذكر ما ذكرتُه، والله أعلم.

قوله: (فَقَصَعَتْه [6] بِظُفْرِهَا): قال ابن قُرقُول: (أي: فركته وقطعته، ومنه: قصعت القملة؛ إِذَا قطعتها وقتلتها، والقصع: فضخ الشَّيء بين الظُّفرين) انتهى، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (فمصعته) [7]، قال ابن قُرقُول: («فمصعته بظفرها»؛ أي: أذهبته، وأصل المصع: التَّحريك في الأرض، وأمصَع: ذهب، ومصَع بالشَّيء: رمى به، ورواه الحميديُّ: «فقصعته»، وهو قريب، قصعت الشَّيء: فضختَه بين ظفريك) انتهى [8]

قوله: (بِظُفْرِهَا): هو واحد الأظفار، وجماعة الأظفار: أظافير، ويقال للظفر: أظفور، وجمعه: أظافير، ويقال: ظفْر وظفُر، وأمَّا قراءة من قرأ: {كلَّ ذي ظِفر} [الأنعام: 146] بالكسر؛ فشاذٌّ غير مأنوس، قاله في «المحكم»؛ إذ لا يعرف (ظِفر)؛ بالكسر، انتهى، وقد قرأ الحسن: {ظِفْر}؛ بكسر الظَّاء، ساكن الفاء، وقرأ أبو السَّمَّال _وهو بالسِّين المهملة المفتوحة [9]، وتشديد الميم، وباللَّام في آخره العدويُّ، واسمه قعْنب، روى عنه: أبو زيد النَّحويُّ حروفًا، قال الذَّهبيُّ في «الميزان»: (أبو السَّمال العدويُّ المقرئ، بصريٌّ له حروف شاذَّة، لا يُعتمَد على نقله، ولا يُوثَق به، اسمه قعْنب بن هلال) انتهى_ بكسر الظَّاء والفاء، وهي لغة، قال أبو البقاء في إعرابه: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ}: الجمهور على ضمِّ الظَّاء والفاء، ويُقرَأ بإسكان الفاء، ويُقرَأ بكسر الظَّاء والإسكان، انتهى، وقَالَ الجوهريُّ: الظُّفر جمعه: أظفار، وأظفور، وأظافير.

==========

[1] (ابن): سقطت من (ب).

[2] زيد في (ج): (ابن قيس).

[3] (قوله): سقطت من (أ).

[4] (الحديث): ليس في (ب).

[5] في (ج): (استئذان)، وليس بصحيح.

[6] في هامش (ق): (حكته وأذهبته، وأقصع لبن الناقة: ذهب).

[7] في (ج): (فمسعته)، وتحريف.

[8] في (ب): (والله أعلم).

[9] (المفتوحة): ليس في (ب).

[ج 1 ص 128]

(1/814)

[باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض]

قوله: (عِنْدَ غَسْلِهَا): هو بفتح الغين؛ لأنَّه الفعل، ويجوز الضَّمُّ، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 128]

(1/815)

[حديث: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث]

313# قوله: (عن أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ [1]، واسم أبي تميمة كيسان، وكنية أيُّوب أبو بكر، الإمَام، تقدَّم، قال شُعْبَة: ما رأيت مثله كان سيِّد الفقهاء.

قوله: (عن حَفْصَةَ): هي بنت سيرين، أخت محمَّد بن سيرين وإخوته، كنيتها أمُّ الهذيل، بصريَّة فقيهة، روت عن مولاها أنس بن مالك، وأمِّ عطية، وعنها: أيُّوب، وخالد الحذَّاء، قال إياس بن معاوية: ما أدركت أحدًا أفضِّله عليها، توفِّيت في حدود المئة.

فائدة: اعلم أنَّ أفضل التَّابعيَّات كما روى ابن أبي داود بإسناد [2] إلى إياس بن معاوية قال: (ما أدركت أحدًا أفضِّله على حفصة _يعني: بنت سيرين_ فقيل له: الحسن وابن سيرين؟ فقال: أمَّا أنا؛ فما أفضِّل عليها أحدًا)، وقال أبو بكر بن أبي داود: (سيِّدتا التَّابعين من النِّساء: حفصة بنت سيرين، وعمرة بنت عَبْد الرَّحمن، وثَالِثتهما وليست كهما: أمُّ الدَّرداء _يريد الصُّغرى_ هُجَيمة أو جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، فأمَّا أم الدَّرداء الكبرى؛ فهي صحابيَّة، واسمها خَيْرَة، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تقدَّم أنَّ اسمها [3] نُسيبة؛ بضمِّ النُّون على الأصحِّ، وتقدَّم بعض ترجمتها رَضِيَ اللهُ عنها.

(1/816)

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْد الله أَوْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عن حَفْصَةَ): (هشام): بالجرِّ معطوفًا على (أيُّوب)، وهو مجرور، كذا في أصلنا القاهريِّ والدمشقيِّ، ولم أر أحدًا تكلَّم على هذا، والذي ظهر لي أنَّ البخاريَّ شكَّ: هل هذا الحديث عن أيُّوب عن حفصة أو عن هشام بن حسَّان عنها، وترجَّح عنده أنَّه أيُّوب، وقد أخرجه البخاريُّ في (الجنائز): عن محمَّد بن عَبْد الله الوهاب الثَّقفيِّ، وعن حامد بن عُمر عن حمَّاد بن زيد؛ كلاهما عن أيُّوب، عن حفصة، عن أمِّ عطيَّة، وحديث الثَّقفيِّ أتمُّ، وأخرجه مُسْلِم والنَّسائيُّ عن قتيبة عن حمَّاد بن زيد به، وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر ابن أبي شيبة عنِ الثَّقفيِّ به، وأخرج البخاريُّ أيضًا هذا الحديث من طريق هشام بن حسَّان عن حفصة في (الطَّلاق)، عن أبي نعيم، عن عَبْد السَّلام بن حرب قال: وقال الأنصاريُّ، وأخرجه مُسْلِم فيه عنِ الحسن بن الرَّبيع عن عَبْد الله بن إدريس، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة عن عَبْد الله بن [4] نمير، وعن عَمرو النَّاقد عن يزيد بن هارون، وأخرجه أبو داود فيه عن هارون بن عَبْد الله ومالك بن عَبْد الواحد المسمعيِّ؛ كلاهما عن يزيد بن هارون، وعن عَبْد الله بن الجراح عن عَبْد الله بن بكر، وعن يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن أبي بكير، عن إبراهيم بن طهمان، وأخرجه النَّسائيُّ فيه عنِ الحسين بن محمَّد، عن خالد _وهو ابن الحارث_؛ ثمانيتهم عن هشام بن حسَّان به، وأخرجه ابن ماجه فيه [5] عن أبي بكر ابن أبي شيبة به [6].

فالحاصل: أنَّ الحديث رواه أيُّوب وهشام بن حسَّان؛ كلاهما عن حفصة، فرواية أيُّوب أخرجها البخاريُّ ومسلم، ورواية هشام أخرجها البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأنَّ ثمانية أشخاص روَوه عن هشام عن حفصة، وأنَّ واحدًا _وهو حمَّاد بن زيد_ رواه عن أيُّوب، فبقي الشأن مَن أحفظُ الرَّجلين أحمَّادُ بن زيد أو أيُّوب؟ والله أعلم.

(1/817)

ورأيت في هامش أصلنا نسخة بعد الفراغ من الحديث صورتها: (رواه هشام بن حسَّان عن حفصة، عن أمِّ عطيَّة، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، (وكذا هي في أصلنا الدِّمشقيِّ في الأصل عقيب [7] الحديث) [8]، وهذه حسنة لا كلام عليها، وفيها فائدة أخرى، وهو [9] أنَّ أمَّ عطيَّة صرَّحت برفعه، وإنْ كان قول الصَّحابيِّ: (أُمِرْنا بكذا) و (نُهِينا [10] عن كذا) مرفوعًا على الصَّحيح عند أكثر أهل العلم، قاله ابن الصَّلاح؛ لأنَّ مطلق ذلك ينصرف بظاهره [11] إلى مَن إليه الأمر والنَّهي، وقد خالف في ذلك فريق؛ منهم: أبو بكر الإِسْمَاعِيليُّ، وعن أبي بكر الصَّيرفيِّ الجزم به في «الدلائل»، وقد رأيت بعض العلماء قال: إنَّ الخلاف [12] في غير الصِّدِّيق، أمَّا إذا قال أبو بكرٍ الصِّدِّيق ذلك؛ فإنَّه يكون مرفوعًا بلا خِلاف، ومَا قاله حسنٌ صحيح متعيَّن، والله أعلم.

ومَا رواه هشام بن حسَّان به أخرجه البخاريُّ، ومُسلم، والتِّرمذيُّ [13]، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال المِزِّيُّ [14] عقيب تطريف [15] حديث هِشام هذا: (وقد ذكرنا أنَّه وقع في بعض النُّسخ مِن كتاب أبي مسعود: «عن عيسى بن يونس عن عاصم» بدل «هشام»، وهو [16] وهم) انتهى، وقال في ترجمة عاصم بن سُلَيْمَان عن حفصة، عن أمِّ عطيَّة: («خ م د»، البخاريُّ في «العيدين» عن عُمَر بْنِ حَفْصٍ بْنِ غِيَاثٍ [17]، عن أَبِيهِ، ومسلم فيه [18] عن يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عن أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ؛ كِلَاهُمَا عن عَاصِمٍ الأَحْوَلِ به؛ يعني: عن حفصة، عن أمِّ عطيَّة، وأبو داود في «الصلاة» عنِ النفيليِّ [19]، عن زهير به، زاد المِزِّيُّ في بعض النُّسخ [من كتاب أبي مسعود: عن محمَّد بن عَمرو بن حفص، وكذلك في بعض النُّسخ من «البخاريِّ»، وفي بعض النُّسخ] [20] من كتابه في طرق هذا الحَدِيْث: «وعن عَمرو النَّاقد، عن عيسى بن يونس، عن عاصم»، وهو وهم، وفي بعض النُّسخ: «عن النَّاقد، عن عيسى، عن هشام»، وهو الصَّواب، وسيأتي) انتهى، وقد ذكرتُه قبل هذا.

(1/818)

قوله: (أَنْ نُحِدَّ على مَيِّتٍ): (نُحِدَّ): هو بضمِّ أوَّله وكسر ثانيه، رباعيٌّ، ويجوز فتح النُّون وضمُّ الحاء، ثلاثيٌ، يقال: حِدتُ وأحدتُ حِدادًا وإحدادًا؛ إِذَا امتنعت من الطِّيب والزينة، وأصله المنع، قال شيخنا الشَّارح: (وأغرَبَ بعضهم، فحكاه بالجيم، من جددت الشَّيءَ؛ إِذَا قطعته، وكأنَّها قد انقطعت عنِ الزينة وعمَّا كانت عليه قبل ذلك).

قوله: (إِلَّا على زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا): (أربعةَ): منصوب على الظَّرف، والعامل فيه (نُحِدَّ)، و (عشرًا): معطوف عليه، وخصَّ بهذا؛ لأنَّ الغالبَ تَبَيُّنُ [21] حركةِ الحملِ تلك المدَّة، وأنَّثتِ العشر؛ لأنَّه أراد الأيَّام بلياليها، والله أعلم.

قوله: (إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ [22]): هو بفتح العين، وإسكان الصَّاد المهملتين، ثُمَّ موحَّدة، قال الدِّمياطيُّ: (العَصْب: الذِي صُبِغ غزلُه قبل نسجه) انتهى، وفي «النِّهاية»: (العَصْب: برود يمنيَّة يُعصَب غزلُها؛ أي: يُجمَع ويُشَدُّ، ثُمَّ يُصبَغ ويُنسَج، فيأتي مُوشَيًا؛ لبقاء ما عُصِب أبيض لم يأخذه صبغٌ، يقال: بُردٌ عَصْبٌ، وبُرُودُ عَصْبٍ؛ بالتَّنوين والإضافة، وقيل: هي برود مُخطَّطة، والعَصْب: [الفتل] [23]، والعَصَّاب: الغَزَّال، فيكون [النهي] [24] للمعتدَّة عمَّا صُبِغ بعد النَّسج) [25] انتهى، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي»: (وأمَّا العصب؛ فالصَّحيح أنَّه نَبْتٌ تُصبَغ به الثِّياب، قال السُّهيليُّ: الورس والعصب نبتان باليمن لا ينبتان إلَّا به) انتهى.

تنبيه: وقع في رواية البيهقيِّ: (ولا ثوب عصب)، لكن قال: (إنَّها غير محفوظة) انتهى، وقد رأيتها في «النَّسائيِّ الصَّغير» في (الإحداد).

قوله: (وَقَدْ رُخِّصَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/819)

قوله: (في نُبْذَةٍ): بضمِّ النُّون، ثُمَّ موحَّدة ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة مفتوحة، ثُمَّ تاء؛ وهي القطعة والشَّيء اليسير، وفي بعض النُّسخ: بفتح النُّون بالقلم، وعليه تصحيح، قَالَ الجوهريُّ: (ذهب ماله وبقي نبذ منه، وبأرض كذا نبذٌ من مال ومن كلأ، وفي رأسه نبذٌ من شيب، وأصاب الأرض نبذٌ من مطر؛ أي: شيء يسير) انتهى، وفي «النِّهاية» لما ذكر [26] حديث أنس: (إنَّما كان البياض في عنفقته وفي الرَّأس نبذٌ؛ أي: يسير من شيب)، فذكر نحو كلام الجوهريِّ، ثُمَّ قال: (وذهب ماله وبقي منه نبذٌ ونبذةٌ؛ أي: شيء يسير)، و (نبذةٌ) في كلامه ما أدري هل هي بضمِّ النُّون أو فتحها؟ والله أعلم.

قوله: (مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ): الكست: بَخُور معروف، وكذا القُسْط مثله، و (كُسْط) حكاها البخاريُّ في هذا «الصَّحيح» وابن الأثير في «نهايته»، وقال: (والكاف والقاف يُبدَل أحدهما من الآخر)، فهذه ثلاث لغات: كُست، وقُسط، وكُسط، وحَكى شيخنا الشَّارح رابعة، ولفظه: (وحكاها _يعني: قسطًا_ ابن الجوزيِّ في «غريبه»)، قال: ومن خطِّه نقلت، لكنَّه قال بدل (كُست): (كُشط)، وأعجم الشِّين، وصحَّح على الطَّاء، انتهى، فتحصل [27] أربع لغات، وفي ثبوت الأخيرة وقفة، والله أعلم، فإنَّه يحتمل أنَّها سبق قلم إلى الإعجام.

قوله: (أَظْفَارٍ): كذا في أصل سماعنا على العراقيِّ بالألف مضافًا إليه، والآن أُصلِحت على (كستٍ أظفارٍ)؛ بتنوينهما، وكذا رأيتهما منوَّنتين [28] بخطِّ شيخنا أبي جعفر الأندلسيِّ، ووقع في غيرها: (ظفارِ)؛ بحذفها مكسور [29] الرَّاء، و (ظفار): مكان من سواحل عدن، وعن ابن بطَّال أنَّه الصَّواب، وقال ابن قُرقُول: («من قسط وأظفار»، وكذا في رواية بعضهم، وكذا في حديث الحادَّة عند جميعهم، وعند بعض الرُّواة: «أو أظفار»: على التَّخيير أو الشَّكِّ، ورواه أكثر رواة «الصَّحيح» في أكثر الأبواب: «من قسط أظفار»، والأوَّل هو الصَّحيح، وهما نوعان من البَخُور) انتهى.

قوله: (وَكُنَّا نُنْهَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[1] في (ج): (السجستاني)، وليس بصحيح.

[2] في (ج): (بإسناده).

[3] (اسمها): مثبت من (ج).

[4] (بن): سقط من (ب).

[5] (فيه): سقط من (ب).

[6] (به): ليس في (ب).

[7] في (ب): (عقب).

[8] ما بين قوسين ليس في (ب).

[9] في (ب): (وهي).

[10] في (ج): (أو نهينا).

[11] في (ج): (لظاهره).

[12] في (ب): (المشهور).

(1/820)

[13] (والترمذي): ليس في (ب).

[14] في (ج): (وقال المزني)، وهو تحريفٌ.

[15] (تطريف): ليس في (ب).

[16] في (ب): (وقد).

[17] في (ب): (عتاب)، وهو تصحيف.

[18] في (ج): (منه).

[19] في (ب): (المتيع)، وليس بصحيح.

[20] ما بين معقوفين ليس في (ب).

[21] في (ج): (يتبين).

[22] في هامش (ق): (العصب: برود اليمن يعصب غزلها).

[23] (الفتل): مثبت من مصدره.

[24] (النهي): مثبت من مصدره.

[25] «النهاية» مادة (عصب).

[26] في (ج): (دخل).

[27] في (ب): (فيحصل).

[28] في (ج): (بتنوينين).

[29] في (ب): (مكسورة).

(1/821)

[باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض]

[ج 1 ص 129]

قوله: (وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً): أمَّا الفرْصة؛ فهي مثلَّثة الفاء، ساكنة الرَّاء، وبالصَّاد المهملة، كذا حكاه شيخنا المؤلِّف عنِ ابن سيده، ولم يذكر ابن الأثير وكذا النَّوويُّ إلَّا الكسر، والله أعلم، ة وقال الدِّمياطيُّ: الفرصة: القطعة من الصُّوف أو القطن، وفرصت الشَّيء: قطعته، والمَسك؛ بفتح الميم: الجلد؛ أي: من جلد فيه شعر، ومن رواه بكسر الميم؛ أراد به: الطِّيب، وأمَّا قوله: (ممسَّكةً)؛ أي: مطيَّبةً بالمسك، وقيل: ذات مَسك؛ أي: جلد؛ قطعة صوف بجلدها؛ لأنَّه أضبط لها، ولم يذكره تجاه هذا المكان، لكن نقلته أنا إلى هنا، وللناس كلام كثير في ذلك، وقد اقتصرت أنا على كلام من ذكرت [1] وكلام النَّوويِّ، قال النوويُّ في «شرح مسلم»: (الفِرْصة؛ بكسر الفاء، وإسكان الرَّاء، وبالصَّاد المهملة؛ وهي القطعة، والمِسك؛ بكسر الميم، هو الصَّحيح المختار الذي قاله ورواه المحقِّقون، وعليه الفقهاء وغيرهم من أهل العلوم، وقيل: مَسك؛ بفتح الميم؛ وهو الجلد؛ أي: قطعة من جلد فيه شعر، وذكر القاضي عياض: أنَّ فتح الميم هي رواية الأكثرين، وقال أبو عبيد وابن قتيبة: إنَّها قُرضة من مَسك؛ بقاف مضمومة، وضاد معجمة، ومَسك؛ بفتح الميم؛ أي: قطعة من جلد، وهذا كلُّه ضعيف، والصَّواب ما قدَّمناه، ويدلُّ عليه الرِّواية الأخرى المذكورة في الكتاب: «فرصة مُمَسَّكة»، وهي بضمِّ الميم الأولى، وفتح الثَّانية، وفتح السِّين المشدَّدة؛ أي: قطعة من قطن أو صوف أو خرقة مطيَّبة بالمسك، كما قدَّمنا بيانه، والله أعلم) انتهى، وقد ذكر هذه اللَّفظة ابن الأثير وابن قُرقُول قبله بما فيها من الاختلاف، وما قاله النَّوويُّ ملخَّص حسن.

==========

[1] في (ج): (نقلت).

(1/822)

[حديث: خذي فرصة من مسك فتطهري بها]

314# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [قَالَ]: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ): كذا هو في أصلنا غير منسوب، بل (يحيى) فقط، قال [1] أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاريُّ_ في [2] «الحيض» و «الاعتصام»: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، [نَسَب ابنُ السَّكن الذي في «الحيض»: يحيى بن موسى، وأهمل الذي في «الاعتصام»، وذكر أبو نصر: أنَّ يحيى بن جعفر يروي عنِ ابن عيينة] [3]، فالله أعلم) انتهى.

قال شيخنا الشَّارح بعد أنْ ذكر كلام الجيَّانيِّ: (ووقع في شرح بعض شيوخنا: حَدَّثَنَا يحيى؛ يعني: ابن معاوية بن أعين، ولا أعلم في «البخاريِّ» من اسمه كذلك) انتهى، وقد نظرت أنا «الأطراف» للمزِّيِّ؛ فلم أره قيَّده بشيء، بل [4] قال: (يحيى عن سفيان)، ولم أر أحدًا في الكتب السِّتَّة ولا في مصنَّفاتهم يقال له: يحيى بن معاوية بن أعين، ولا يحيى بن معاوية، لكن روى مُسْلِم ليحيى بن محمَّد بن معاوية المروزيِّ اللُّؤلؤيِّ، نزيل بُخارى، عنِ النَّضر بن شميل وغيره، وعنه: مُسْلِم، وعبيد [5] الله بن واصل، وعمر بن محمَّد بن بجير، وجماعة، قال مهديُّ بن سليم: رأيت محمَّد بن إِسْمَاعِيل كلَّما جاء في «كتابه»: حَدَّثَنَا يحيى: حَدَّثَنَا النَّضر؛ يقول: اضرب عليه، وهو يحيى بن محمَّد اللُّؤلؤيُّ المروزيًّ، كان يروي عنِ النَّضر أربعة آلاف حديث، قِيلَ: مات في رجب سنة (257 هـ)، انفرد بالإخراج له مسلم، له ترجمة في «الميزان»، وليس في «ثقات ابن حبَّان» يحيى بن معاوية بن أعين [6]، ولا في «الجرح والتَّعديل» لابن أبي حاتم، ولا في «رجال مسند أحمد»، ولا في «ثقات العجليِّ»، ولا في «الميزان»، والله أعلم.

قوله: (عن مَنْصُورِ ابنِ صَفيَّةَ): تقدَّم أنَّه منصور بن عَبْد الرَّحمن، وتقدَّم بعض ترجمته، [قال الدِّمياطيُّ في منصور: (ابن عَبْد الرَّحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة عَبْد الله بن عَبْد العزَّى بن عثمان بن عَبْد الدَّار بن قصيٍّ، وأمُّه: صفيَّة بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة المذكور) انتهى] [7]

قوله: (عَنْ أُمِّهِ): تقدَّم أنَّها صفيَّة بنت شيبة، وتقدَّم الكلام [8] في أنَّها [9] تابعيَّة أو صحابيَّة، وتقدَّم شيء من ترجمتها، وتقدَّم نسبها.

(1/823)

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَت النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ): هذه المرأة السَّائلة هي أسماء بنت يزيد بن السَّكن، خطيبة الأنصار، قاله الخطيب البغداديُّ، وكذا قال غيره، وفي رواية في «مُسْلِم» [10]: (أسماء بنت شَكَل)، وشَكَل؛ بفتح الشِّين المعجمة، وبالكاف المفتوحة أيضًا، ويقال بإسكانها، فيجوز أنْ تكون القصَّة جرت للمرأتين في مجلس أو مجلسين، قاله النَّوويُّ، وقال ابن بشكوال: (هي أسماء بنت شكل)، وعن العلَّامة تقيِّ الدِّين عليِّ بن عَبْد الكافي السُّبكيِّ في «شرح المنهاج» عن شيخه الدِّمياطيِّ: أنَّ أسماء بنت شكل نسبة إلى جدِّها، وتُصحِّف في اسمه، والله أعلم، ورأيت في «حواشيه على مُسْلِم»: (قوله: «بنت شكل» وهم، ولعلَّها نُسِبت إلى جدِّها سكن، فصُحِّف؛ لأنَّها أسماء بنت يزيد بن سكن بن رافع، وليس في نسب الأنصار «شكل»؛ بالشِّين المعجمة واللام؛ فلتعلم ذلك) انتهى.

قوله: (عن غَسْلِهَا): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الغين الفعل، وأنَّه بالضَّمِّ الماء، والمراد هنا: الفعل، وأنَّه يجوز في كلٍّ منهما الضَّمُّ والفتح.

قوله: (فِرْصَةً [11]): تقدَّم الكلام عليها أعلاه.

قوله: (مِنْ مَسْكٍ [12]): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

==========

[1] في (ج): (وقال).

[2] (في): سقطت من (ج).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] (بل): ليس في (ج).

[5] في (ب): (وعبد).

[6] في (ب): (الحسين).

[7] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[8] (الكلام): ليس في (ج).

[9] في (أ): (أنَّه).

[10] في (ب): (لمسلم).

[11] في هامش (ق): (الفرصة: القطعة من الصوف أو القطن، وفرصت الشيء: قطعته).

[12] في هامش (ق): (والمَسك؛ بفتح الميم: الجلد من جلد فيه شعر، وبالكسر: قطعة من مسك، وأمَّا ممسَكة؛ فبفتح السين: قيل: مطيَّبة بالمسك، وقيل: ذات مسك؛ أي: جلد؛ أي: قطعة صوف بجلدها؛ لأنَّه أضبط لها).

[ج 1 ص 130]

(1/824)

[باب غسل المحيض]

(1/825)

[حديث: خذي فرصةً ممسكةً، فتوضئي ثلاثًا]

315# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم الأزديُّ الفَراهيديُّ؛ نسبة إلى جدِّه فُرْهُود، والنِّسبة إليه: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ، الحافظ أبو عمرو، تقدَّم فيما مضى شيء من ترجمته، أخرج له الجماعة، وقد روى البخاريُّ عنه، وكذا أبو داود والباقون بواسطة، قال ابن معين: ثقة مأمون.

قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو ابن خالد الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ، الحافظ، تقدَّم بعض ترجمته، قال ابن مهديٍّ: كان أبصرهم بالحديث والرِّجال، وقال أبو حاتم: ثقة، يقال [1]: لم يكن بعد شُعْبَة أعلم بالرِّجال مِنْهُ، أخرج له الجماعة.

قوله: (حَدَّثَنَا [2] مَنْصُورٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه [3] ابن [4] عَبْد الرَّحمن، وتقدَّم فيما مضى نسبه والكلام عليه، وقال الدِّمياطيُّ هنا في منصور: (ابن عَبْد الرَّحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة عَبْد الله بن عَبْد العزَّى بن عثمان بن عَبْد الدَّار بن قصيٍّ، وأمُّه صفيَّة بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة المذكور) انتهى.

قوله: (عن أُمِّهِ): تقدَّم أنَّها صفيَّة بنت شيبة، وتقدَّم الكلام عليها [5] هل تابعيَّة أو صحابيَّة مُطوَّلًا.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِن الأَنْصَارِ): تقدَّم الكلام أعلاه على هذه المرأة، وما وقع فيها؛ فانظره.

قوله: (فِرْصَةً): تقدَّم الكلام عليها أعلاه.

قوله: (مُمَسَّكَةً): تقدَّم الكلام عليها أعلاه.

==========

[1] في (ب): (قال).

[2] في النسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] (تقدم أعلاه أنَّه): سقط من (ج).

[4] (ابن): سقطت من (أ) و (ب).

[5] (عليها): ليس في (ج).

[ج 1 ص 130]

(1/826)

[باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض]

قوله: (عِنْدَ غَسْلِهَا): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الغين؛ لأنَّه الفعل، وأنَّه يجوز الضَّمُّ، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 130]

(1/827)

[حديث: انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك]

316# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هذا هو ابن سعد بن إبراهيم بن عَبْد الرَّحمن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أبو إسحاق المدنيُّ، عن أبيه، والزُّهْرِيِّ، وطائفة، وعنه: ابن مهديٍّ، وأحمد، ولُوين، وخلق، توفِّي سنة (183 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أحمد، وابن مَعِين، وغيرهما، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عَبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، أحد الأعلام.

قوله: (وَأَمْسِكِي): هو بقطع الهمزة من الرُّباعيِّ، ويجوز فيه الثُّلاثيُّ على لغة، وقد تقدَّمت.

قوله: (أَمَرَ عَبْدَ الرَّحمن): هذا هو أخوها شقيقها، يكنى أبا عَبْد الله، وقيل: يكنى أبا محمَّد بابنه محمَّد الذي يقال له: أبو عتيق والد عَبْد الله بن أبي عتيق،

[ج 1 ص 130]

وأدرك أبو عتيق محمَّد بن عَبْد الرَّحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة هذا وأبوه وجدُّه وأبو جدِّه النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وسيأتي الكلام في محمَّد بن عَبْد الرَّحمن وما يتعلَّق به، هل هو [1] صحابيٌّ أم لا في مكانه؟ شهد عَبْد الرَّحمن هذا [2] بدرًا وأحُدًا مع قومه كافرًا، ودعا إلى البراز، فقام إليه أبوه ليبارزه، فذكر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال له: «متِّعني بنفسك»، ثُمَّ أسلم وحسن إسلامه، وصحب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هدنة الحديبية، هذا قول أكثر أهل السِّير، قالوا: وكان اسمه عَبْد الكعبة، فغيَّره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وسمَّاه: عَبْد الرَّحمن، شهد الجمل مع عائشة، وكان أخوه محمَّد يومئذ مع عليٍّ، مناقبه مشهورة، يقولون: مات فجأة بموضع يقال له: الحُبْشيُّ على نحو عشرة أميال من مكَّة، وحُمِل إلى مكَّة، ودُفِن بها، ويقال: إنَّه تُوفِّي في نومة نامها، وكانت وفاته سنة (53 هـ)، وقيل: سنة (55 هـ) بمكَّة، والأوَّل أكثر، أخرج له أحمد في «المسند» والجماعةُ رَضِيَ اللهُ عنه.

قوله: (لَيْلَةَ الحَصْبَةِ): هي بفتح الحاء، وإسكان الصَّاد المهملتين، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث؛ أي: ليلة نزول المُحصَّب، وهو الشِّعب الذِي مخرجه إلى الأبطح بين مكَّة ومنًى، وهو خيف بني كنانة، وربما سُمِّي الأبطح والبطحاء؛ لقربه مِنْهُ، وليلة الحصبة: هي اللَّيلة التي بعد أيام التَّشريق.

(1/828)

قوله: (مِن التَّنْعِيمِ): هو بفتح التَّاء، هو عند طرف مكَّة من جهة [3] المدينة الشَّام [4] على ثلاثة أميال من مكَّة، وقيل: أربع، سُمِّي بذلك؛ لأنَّ عن يمينه جبلًا يقال له: نعيم، وعن شماله جبل يقال له: ناعم، والوادي: نعمان.

تنبيه شارد: قول صاحب «التَّنبيه» من الشَّافعيَّة: (الأفضل [5] أنْ يُحرِم من التَّنعيم) ممَّا أُنكِر عليه، والصَّواب أنْ يقال: من الجعرانة، فإنْ لَمْ يكن؛ فمن التَّنعيم، وكذا [6] قاله في «المهذَّب»، وأمَّا الأصحاب؛ فإنَّهم قالوا: وبعد التَّنعيم الحديبية، وسيأتي أيضًا، واعلم أنَّ أقرب الثَّلاثة من مكَّة: التَّنعيم؛ فإنَّها على ثلاثة أميال، وقيل: أربعة، ثُمَّ الجعرانة؛ فإنَّها على ستَّة فراسخ، وكذا الحديبية على ما قاله الرَّافعيُّ) انتهى، وهي على نحو مرحلة من مكَّة، وقال الرُّويانيُّ والبندنيجيُّ: الجعرانة أبعدها، وقال ابن يونس وابن الرِّفعة: الحُدَيْبِيَة أبعدها.

فائدة: اعتبر بعض العلماء ما [7] بين باب المسجد ومحلِّ الإحرام من التَّنعيم؛ فوجده ستَّة عشر ألف خطوة، فيكون الذَّهاب والإياب اثنين وثلاثين ألف خطوة.

فائدة: أفضل بقاع الحلِّ لمن أراد العمرة: الجعرانة، ثُمَّ التَّنعيم، ثُمَّ الحديبية، وقدَّم الشَّيخ أبو حامد والغزالي على ما نقله ابن يونس عنه الحُدَيْبِيَة على التَّنعيم، وهو غريب.

قوله: (مَكَانَ عُمْرَتِي التي نَسَكْتُ): كذا هو في أصلنا، قال شيخنا الشَّارح: ووقع عند الشَّيخ أبي الحسن كما نقله ابن التِّين: (شكيت)، قال: وإنَّما وجه الكلام شكوت، قال شيخنا: والياء لغة، قال _يعني: ابن التِّين_: والذي رُوِّيناه: (سكنت)؛ من السُّكون؛ أي: سكنت عنها وتركت التَّمادي عليها، قال: وروي أنَّها: شكت بسرف، وروي: بعرفة، وروي: بمكَّة، قال: والمعنى: أنَّها أعادت الكلام وكرَّرته في كلِّ موضع) انتهى، ورأيت في نسخة ذكر في هذه اللَّفظة روايات؛ الأولى: (نسكت)، الثَّانية: (شكت)؛ من الشَّكوى، الثَّالثة: (سكت)؛ من السُّكوت، وعُلِّمَ عليها (فـ حـ)؛ يعني: أنَّ الفربريَّ والحمُّوي روياها كذلك، وقد تعقَّب شخص هذه الرِّواية بأنْ قال: الظَّاهر أنَّها تصحَّفت [8] على الصَّغانيِّ، فكتبها بالمهملة، يدلُّ عليه: (كذا وكذا)، فذكره [9]؛ يعني: الرِّواية التي قبلها، والله أعلم.

==========

[1] (هو): سقطت من (ب).

[2] (هذا): ليس في (ب).

[3] (من جهة): سقطت من (ج).

(1/829)

[4] في (ب): (جهة الشام والمدينة).

[5] في (ج): (والأفضل).

[6] في (ب) و (ج): (فكذا).

[7] (ما): سقطت من (ب).

[8] في (ج): (تصحيف).

[9] في (ج): (وذكره).

(1/830)

[باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض]

قوله: (عِنْدَ غَسْلِ المَحِيضِ): هو بفتح الغين الفعل، وفي أصلنا بالقلم مضمومة، وقد تقدَّم أنَّها لغة.

==========

[ج 1 ص 131]

(1/831)

[حديث: دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي]

317# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة الكوفيُّ، الحافظ، مولى بني هاشم، عن [1] هشام بن عروة، والأعمش، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن معين، وكان حجَّة عالمًا أخباريًّا، عنده ستُّ مئة حديث عن هشام، وعاش ثمانين سنة، توفِّي سنة (201 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تقدَّم.

قوله: (خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الحِجَّةِ): فيه نظر، وقال أبو محمَّد بن حزم: (إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام خرج يوم الخميس لستٍّ بقين من ذي القعدة)، ووهمه بعض العلماء _وهو ابن القيِّم_ في ذلك، وقال: (الظَّاهر أنَّ خروجه كان يوم السَّبت لخمس بقين)، ثُمَّ برهن على ذلك، وكذا قال مغلطاي في «سيرته»: إنَّه خرج يوم السَّبت [لخمس ليال بقين من ذي القعدة، وقال ابن حزم: (لست بقين) انتهى، (موافين [لهلال] ذي [2] الحجَّة): كذا في «البخاريِّ» و «مسلم» من حديثها أرادت المقاربة؛ بدليل حديثها الآخر المؤرَّخ الذِي يجيء: (خرجنا] [3] لخمس بقين من ذي القعدة)، روته [4] عمرة عنها، أخرجه البخاريُّ ومسلم.

قوله: (فَلْيُهلَّ): هو رباعيٌّ وثلاثيٌّ، والإهلال: رفع الصَّوت بالتَّلبية.

[قوله: (وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ): سيجيء في (كتاب الحجِّ) اختلاف العلماء فيما أهلَّت به عائشة رَضِيَ اللهُ عنها] [5].

قوله: (لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ): تقدَّم أعلاه الكلام عليها.

قوله: (أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحمن بْنَ أَبِي بَكْرٍ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

[قوله: (فَخَرَجْتُ إلى التَّنْعِيمِ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه] [6].

قوله: (قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يَكُنْ في شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا صَدَقَةٌ): قال شيخنا الشَّارح: (ظاهره [7] مُشكِل، فإنَّها إنْ كانت قارنة؛ فعليها هدي للقران عند كافَّة العلماء إلَّا داود، وإنْ كانت متمتِّعة؛ فكذلك، لكنَّها كانت فاسخة؛ لأنَّها حين خرجت؛ أحرمت بالحجِّ، ثُمَّ نوت فسخه في عمرة، فلمَّا حاضت ولم يتمَّ لها ذلك؛ رجعت إلى حجِّها [8]، فلمَّا أكملته؛ اعتمرت عمرة متبدأة، نبَّه عليه القاضي، لكن يعكِّر عليه قولها: «وكنت فيمن أهلَّ بعمرة»، وقولها: «ولم أُهلَّ إلَّا بعمرة».

(1/832)

وأجيب عنه: بأنَّ هشامًا لمَّا لم يبلغه شيء من ذلك؛ أخبر بنفسه، ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر، ويحتمل أنْ يكون لم يأمر به، بل نوى أنْ يقوم به عنها، بل [9] روى جَابِرٌ: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أهدى عن عائشة بقرةً) انتهى.

وقول هشام هو موقوف عليه لَمْ يسنده، والله أعلم، [وسيجيء أيضًا في (كتاب الحجِّ) الخلافُ بما أحرمت به عائشة، وكذا الكلام على قول هشام، وأنَّه من كلامه كما رواه مسلم، (وكما جاء هنا ويجيء) [10]، وأنَّه وهم] [11].

(1/833)

[باب: {مخلقة وغير مخلقة}]

قوله: (بَاب مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ [1]): قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: (لعلَّ البخاريَّ أراد بهذا التَّبويب ما روى علقمة في تأويل هذه الآية: «إذا وقعت النُّطفة في الرَّحم؛ قال الملَك: مخلَّقة أو غير مخلَّقة؟ فإن قال: غير مخلَّقة؛ مجَّتِ الرَّحم دمًا، وإن قال: مخلَّقة؛ قال: أذكر أم أنثى»؟ فغرضه في هذا الباب _والله أعلم_ أنَّ الحامل لا تحيض، على ما ذهب إليه أهل الكوفة والأوزاعيُّ، وهو أحد قولي الشَّافعيِّ، وفي الآية تأويل آخر؛ تقديم وتأخير؛ لأنَّها في الحالة الأولى غير مخلَّقة، ثُمَّ تخلق بعد ذلك، والواو لا توجب التَّرتيب) انتهى، وأظهر قولي الشَّافعيِّ: أنَّ الحامل تحيض، وقد قدَّمت ذلك.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: نطفة وما بعده، لعل البخاري أراد بهذا ما روى علقمة في تأويل هذه الآية: تمت إذا وقعت النطفة في الرحم، قال الملك: مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن قال: غير مخلقة؛ مجت الرحم دمًا، وإن قال: مخلقة؛ قال: أذكر أو أنثى؟ فغرضه في هذا الباب: أنَّ الحامل لا تحيض على ما ذهب إليه أهل الكوفة والأوزاعي، وهو أحد قولي الشافعي، وفي الآية تقديم وتأخير؛ لأنَّها في الحالة غير مخلقة، ثم تخلق بعد ذلك، والواو لا توجب الترتيب).

[ج 1 ص 131]

(1/834)

[حديث: إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكًا يقول: يا رب نطفة]

318# قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): هذا هو ابن زيد بن درهم، أبو إِسْمَاعِيل الأزديُّ الأزرق، أحد الأعلام، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ): كلُّها مرفوعة منوَّنة على أنَّه خبر مبتدأ مُضمَر، وعند القابسيِّ: منصوب على إضمار فعل.

[ج 1 ص 131]

قوله: (مُضْغَةٌ): هي قطعة لحم تملأ الفم بقدر ما يُمضَغ.

قوله: (فَيُكْتَبُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/835)

[باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة]

[قوله: (كَيْفَ تُهِلُّ الحَائِضُ بِالحَجِّ): (تُهلُ): رباعيٌّ، والإهلال: رفع الصَّوت بالتَّلبية] [1].

==========

[1] ما بين معقوفين ليس في (ج).

[ج 1 ص 132]

(1/836)

[حديث: من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل]

319# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، العالم المشهور، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عن عُقَيْلٍ) [1]: تقدَّم مرارًا [2] ابنُ خالد، وأنَّه بضمِّ العين، وأنَّه ليس في «البخاريِّ» بضمِّ العين سواه، وتقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم أنَّ في «مُسْلِم» يحيى بن عقيل، وعُقيل: القبيلة المعروفة.

قوله: (عن ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ محمَّد بن مُسْلِم بن عَبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (فَليُحْلِلْ): وكذا بعده: (فَلَا يُحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ [3] هَدْيَهُ): هما بضمِّ الأوَّل في أصلنا، يُقَال: حلَّ وأحلَّ من إحرامه؛ لغتان ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، وأنكر الأصمعيُّ (أَحلَّ) الرُّباعيَّ، وقد جاءت الأحاديث بالوجهين، وكذا إذا خرج من الحرم، فدخل الحلَّ.

قوله: (مِن التَّنْعِيمِ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.

(1/837)

[باب إقبال المحيض وإدباره]

(باب إِقْبَالِ المَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ) ... إلى (بَاب الصَّلاة على النُّفَسَاءِ)

قوله: (وَكُنَّ نِسَاءٌ): (نساءٌ): مرفوع منوَّن، وكذا في أصلنا، ورأيت في نسخة صحيحة: منصوبًا منوَّنًا بالقلم، ولم يتعرَّض للرفع بالكليَّة.

قوله: (بِالدُّرَجَةِ): قال ابن قُرقُول: بكسر الدَّال _ يعني: المهملة_، وفتح الرَّاء؛ يعني: وبالجيم، جمع دُرْج؛ وهي كالسَّفط الصَّغير، تضع فيه المرأة طيبها، وحُلِّيها، وخِفَّ متاعها، ورواه أبو عُمر: «بالدُّرْجة»، قال: وهو تأنيث دُرْج، وقال أبو عبيد: الدُّرْجة: الخرقة التي تلفُّ وتُدخَل في حَياء النَّاقة إِذَا [1] عطفت على ولد ناقة أخرى، وإذا كان هذا مع هذه الرِّواية؛ فهي أشبه، كما ضبط أبو عُمر، وشبَّهوا الخرق التي تحشي بها المرأة أيَّام حيضها محشوَّة بالكرسف [2] بتلك الدُّرْجة، ورواه الباجيُّ: بفتح الدَّال والرَّاء، وهي بعيدة من الصَّواب، انتهى.

قوله: (الكُرْسُفُ): هو _بِضَمِّ الكاف، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ سين مهملة مضمومة، ثُمَّ فاء_ القطن، وهو العُطبُ والبِرْس؛ أعني [3]: من أسمائه.

قوله: (القَصَّةَ البَيْضَاءَ): (القَصَّة)؛ بفتح القاف، وحُكِي كسرها، وتشديد الصَّاد المهملة، كناية عنِ النَّقاء؛ وهو ماء أبيض يرخيه الرَّحم آخر الحيض عند ارتفاعه؛ كالخيط الأبيض، قال الحربيُّ: القَصَّة: القطعة من القطن؛ لأنَّها بيضاء، يقول: تخرج نقيَّة بيضاء غير مغيَّرة، ويدلُّ عليه قوله في الحديث الآخر: «حَتَّى تَرَيْنَ القَصَّة البَيْضَاء»، وقيل: هو خروج ما تحشي به أبيض؛ كالقصة؛ وهو الجِيْر.

تنبيه: ممَّا ينبغي أنْ يعتنى به معرفة علامة انقطاع الحيض، وقلَّ [4] من أوضحه، وحاصله: أنَّ علامة انقطاع الحيض، والحصول في الطُّهر: أنْ ينقطع خروج الدَّم والصُّفرة والكدرة، وسواء خرجت رطوبة بيضاء أم لَمْ تخرج أصلًا، والله أعلم.

قوله: (وَبَلَغَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ): قال شيخنا المؤلِّف: (يشبه أن تكون أمَّ سعد، وهي صحابيَّة)، قال الدِّمياطيُّ: (إنَّ له من البنات: أمَّ إسحاق، وحسنة، وعمرة، وأمَّ كلثوم، وأمَّ حسن، وقريبة، وأمَّ محمَّد)، وهذا رأيته في كلام شيخنا المؤلف، ولم أره في الحواشي التي للدمياطيِّ، وفي «التَّذهيب»: (بنت زيد بن ثابت، استشهد بها البخاريُّ في «الحيض») انتهى، ولم يزِد، ونحوُه في «الكاشف».

==========

[1] في (ب): (وإذا).

(1/838)

[2] في (ج): (بأكرفس)، وليس بصحيح.

[3] في (ج): (يعني).

[4] في (ب) و (ج): (وقيل).

[ج 1 ص 132]

(1/839)

[حديث: ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة]

320# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ): الذِي ظهر لي _والله أعلم_ أنَّه الحافظ المسنديُّ [1] عَبْد الله بن محمَّد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خُوَاسْتَى، العبسيُّ الكوفيُّ، صاحب التَّصانيف، عن شريك، وابن المبارك، وهشيم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والفريابيُّ، وأبو يعلى، والباغنديُّ، قال الفلَّاس: ما رأيت أحفظ مِنْهُ، وقال صالح [2] جزرة: أحفظ من أدركت عند المذاكرة أبو بكر ابن أبي شيبة، توفِّي سنة (235 هـ)، أخرج له من روى عنه من الأئمَّة السِّتَّة، والنَّسائيُّ أيضًا له، وهو حجَّة كبير الشَّأن، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام العلَّامة، الذي قال فيه الشَّافعيُّ: لولا سفيان ومالك؛ لذهب علم الحجاز، تقدَّم في أوَّل التَّعليق وبعده مرارًا.

قوله: (أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ): تقدَّم الكلام على نسبها، وضبط (حُبيش)، وأنَّها من جملة المستحاضات التِّسع قبل هذا؛ فانظره في (الحيض).

قوله: (ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، تقدَّم.

قوله: (عِرْقٌ): تقدَّم، ويأتي.

قوله: (وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ): تقدَّم الكلام عليها [3]، وأنَّ [4] الفتح فيها أظهر فيما مضى؛ فانظره، فإنَّه مطوَّل هناك في هذا الباب، وهو هنا مفتوح في أصلنا بالقلم ومكسورٌ.

قوله: (فَإِذَا أَقْبَلَت الحَيْضَةُ): تقدَّم أنَّ الفتح فيها أظهر، وقد تقدَّم مُطوَّلًا، وهو هنا في أصلنا مفتوحًا بالقلم.

==========

[1] في (ج): (أبو بكر)، و (المسندي): ليس في (ب).

[2] (صالح): سقطت من (ب).

[3] (الكلام عليها): ليس في (ج).

[4] في (ج): (أنَّ).

[ج 1 ص 132]

(1/840)

[باب لا تقضي الحائض الصلاة]

قوله: (وَأَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ صحابيُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه بالدَّال المهملة رَضِيَ اللهُ عنه.

==========

[ج 1 ص 132]

(1/841)

[حديث: كنا نحيض مع النبي فلا يأمرنا به]

321# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه التَّبُوْذَكيُّ الحافظ غير مرَّة، وتقدَّم الكلام على نسبته.

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو ابن يحيى فيما ظهر لي العَوْذيُّ، وعَوْذ؛ بفتح العين المهملة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة، ابن سُوْد؛ بطن من [1] الأزد، (وقد تقدَّم الكلام عليه؛ فانظره، وهو حافظ كبير، أخرج له الجماعة) [2]، (وكذا قال بعض حفَّاظ العصر أنَّه العَوْذيُّ أيضًا، وبرهن عليه) [3].

قوله: (عن قَتَادَةُ قَالَ: حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ): اعلم أنَّ الحافظ أبا سعيد العلائيَّ شيخ شيوخي قال في «مراسيله» ما لفظه: (قال أبو بكر بن خلَّاد: وسمعت يحيى _يعني: القطَّان_ يقول: قتادة عن معاذة _ يعني: العدويَّة_ لم يصحَّ)، ولم يتعقَّب ذلك العلائيُّ، ورأيت بخطِّي تجاه ذلك ما لفظه: (ووافق القطَّان على ذلك شُعْبَة، وأحمد، واِبْن مَعِين، وغيرهم، وفي ذلك نظر؛ إذ في «البخاريِّ» في «باب لا تقضي الحائض الصَّلاة»)، فذكرت هذا المكان، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ): تقدَّم أعلاه أنَّها العدويَّة، وهي أمُّ الصَّهباء البصريَّة الزَّاهدة، زوج صلة بن أشيم، عن عليٍّ، وعائشة، وعنها: قتادة، وأيُّوب،

[ج 1 ص 132]

وعمر بن ذرٍّ، قيل: كانت تحيي اللَّيل، توفِّيت سنة (83 هـ)، أخرج لها الجماعة.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلاَتَهَا [4]): هذه المرأة السَّائلة لعائشة [5] هي معاذة العدويَّة نفسُها راويةُ الحديث، وذلك لأنَّ في «صحيح مسلم» عن معاذة قالت: (سألتُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ما بال الحائض تقضي الصَّوم .... )؛ الحديث، قوله: (أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلَاتَهَا): (تَجزي)؛ بفتح أوَّله؛ أي: أتقضي؟ و (إحدانا): فاعل (تجزي)، و (صلاتَها): منصوبة مفعول، و (تجزي)؛ بمعنى: تقضي، كما تقدَّم، وجاء في رواية: (أتقضي [6] إحدانا صلاتها)، وليس (تُجزِي) هنا [7] بمعنى: تكفي الرُّباعيِّ، ولا يصحُّ أنْ تكون الصَّلاة فاعلًا؛ بمعنى: تقضي عنها؛ فإنَّها لَمْ تُصَلَّ [8] بعدُ، وإنَّما سألت عن قضائها.

قوله: (إِذَا طَهرَتْ): هو بفتح الهاء وضمِّها؛ لغتان في «الصِّحاح».

(1/842)

قوله: (أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟): الحرورويَّة: منسوبون إلى خوارج حروراء؛ بالمدِّ والقصر؛ وهي قرية تعاقدوا بها على رأيهم، وهي بقرب الكوفة على ميلين منها، ومعنى قولها: (أحروريَّة أنت؟): أنَّ [9] طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصَّلاة الفائتة في زمن الحيض، وهو مخالف للإجماع [10].

مسألة: لو قالت الحائض بعد طهرها: أنا أتبرَّع بقضاء الصَّلاة، فهل لها ذلك؟

قال الرُّويانيُّ من الشَّافعيَّة: يُكرَه، وقال أبو بكر محمَّد بن أحمد بن العَبَّاس البيضاويُّ الفارسيُّ الشَّافعيُّ أحد أصحاب الوجوه: لا يجوز، قال ذَلِكَ في كتاب «الأدلَّة في تعليل مسائل التَّبصرة»، واحتجَّ بهذا الحَدِيث: (أحروريَّة أنت؟).

==========

[1] (من): سقطت من (ب).

[2] ما بين قوسين جاء في (ب) بعد قوله: (وبرهن عليه).

[3] ما بين قوسين ليس في (ج).

[4] في هامش (ق): («صلاتها»: منصوب مفعول نقض؛ لأنَّ تجزئ معناه: نقض، و «إحدانا»: فاعل؛ فاعلمه).

[5] (لعائشة): ليس في (ج).

[6] في (ج): (تقضي).

[7] (هنا): سقطت من (ج).

[8] في (ب) و (ج): (تقبل).

[9] في (ج): (أي).

[10] في (ب): (وهو يخالف الإجماع).

(1/843)

[باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها]

(1/844)

[حديث: حضت وأنا مع النبي في الخميلة فانسللت]

322# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ): هذا طلحيٌّ كوفيٌّ، يقال له: الضَّخم، روى عن شيبان النَّحويِّ فقط، وعنه: البخاريُّ، والدارميُّ، وسنجة [1] ألف _كذا لقبه [2]، واسمه حفص بن عُمر، مشهور_ الرَّقِّيُّ [3]، توفِّي سنة (215 هـ)، انفرد به البخاريُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تقدَّم أعلاه أنَّه النَّحويُّ، وتقدَّم قبله أنَّه شيبان بن عَبْد الرَّحمن النَّحويُّ المؤدِّب، وتقدَّم أنَّه منسوب إلى قبيلة غير مرَّة، (وتقدَّم ما قال فيه ابن أبي داود) [4]، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عن يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، بكسر الثَّاء المثلَّثة، وفتح الكاف، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو سلمة بن عَبْد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، واسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل، مشهور جدًّا.

قوله: (عن زَيْنَبَ بِنْتِ أمِّ [5] سَلَمَةَ): تقدَّم بعض ترجمتها رَضِيَ اللهُ عنها، ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (أَنَّ [6] أُمَّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، واسمها هند، وتقدَّم بعض ترجمتها، وهي آخر أمَّهات المؤمنين موتًا رَضِيَ اللهُ عنها.

قوله: (في الخَمِيلَةِ): هي _بفتح الخاء، وكسر الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ لام، ثُمَّ تاء [7] التَّأنيث_ كساء ذو خمل، وهي كالقطيفة، أو هي هي، تقدَّمت.

قوله: (فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي): تقدَّم في أوائل (الحيض) [8] الكلامُ عليه مُطوَّلًا، وأنَّه بالكسر، قيَّده ابن قُرقُول عن أهل الإتقان.

قوله: (أَنفِسْتِ): تقدَّم أنَّ فيه لغتين؛ فتح النُّون وضمِّها، الفتح أفصح، ذكر ذلك في أوائل (الحيض).

(1/845)

[باب من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر]

(1/846)

[حديث أم سلمة: بينا أنا مع النبي مضطجعة في خميلة]

323# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم أنَّه بفتح الفاء غير مرَّة.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عَبْد الله الدَّستوائيُّ، تقدَّم غير مرَّة، ولماذا نسب.

قوله: (عن يَحْيَى): تقدَّم مرارًا [1]، هو ابن أبي كَثِير.

قوله: (عن أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (عن زَيْنَبَ بِنْتِ أمِّ [2] سَلَمَةَ): تقدَّمت أعلاه وقبله مرَّاتٍ.

قوله: (عَن أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّمت أنَّها هند، وتقدَّم بعض ترجمتها، رَضِيَ اللهُ عنها.

قوله: (مُضْطَجِعَة): هي بالرَّفع مع التَّنوين، وبالنَّصب معه، وهما ظاهران.

قوله: (في خَمِيلَةٍ): تقدَّم أعلاه ما هي، وضبطُها.

قوله: (ثِيَابَ حِيضَتِي): تقدَّم الكلام عليه أعلاه وقبله مُطوَّلًا في أوَّل (الحيض).

قوله: (أَنفِسْتِ): تقدَّم أعلاه.

==========

[1] زيد في (ج): (أنَّه).

[2] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أبي).

[ج 1 ص 133]

(1/847)

[باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى]

(1/848)

[حديث حفصة: كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين]

324# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ [قَالَ]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ): كذا في أصلنا، وفيه أيضًا: (ابن سلَام)، ولكن عليه علامة نسخة، قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _يعني: البخاريُّ_ في «الصَّلاة»، و «الجنائز»، و «المناقب»، و «الطَّلاق»، و «التَّوحيد»، وغير ذلك: «حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ»، نسبه ابن السَّكن في بعضها: «ابن سلَام»، وقد صرَّح البخاريُّ باسمه في «الأضاحي»، وفي غير موضع، فقال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بن سلَام: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ»، وذكر أبو نصر أنَّ البخاريَّ يروي في «الجامع» عن محمَّد بن سلَام، وبندار محمَّد بن بشار، وأبي موسى محمَّد بن المثنَّى، ومحمَّد بن عَبْد الله بن حوشب الطَّائفيِّ، عن عَبْد الوهاب الثَّقفيِّ) انتهى، وقد تقدَّم أنَّه منسوب في نسخة في [1] أصلنا داخلها، وليس في الهامش، وفي النُّسخة التي شرح شيخنا منها، وهي نسخة الدِّمياطيِّ، فيها: (محمَّد بن سلَام)، وكذا قال المِزِّيُّ في «تطريفه»: عن محمَّد بن سلَام عنِ الثَّقفيِّ، وتقدَّم أنَّ سلَامًا الأصحُّ فيه: التَّخفيف مُطوَّلًا.

قوله: (عَوَاتِقَنَا): العواتق: الجواري اللَّاتي أدركن، وفي «البارع»: العاتق: التي لم تبن عن أهلها، وقال أبو زيد: هي التي أدركت ما لَمْ تَعنَس، والعاتق: التي لم تتزوَّج، قال ثعلب [2]: سُمِّيت به؛ لأنَّها عتقت من ضرِّ [3] أبويها ولم تُملَك بعدُ بنكاح، وقال الأصمعيُّ: هي فوق المُعصِر، وقال ثابت: هي البكر التي لم تَبِن إلى زوج، وقال الخليل: جارية عتيق؛ أي: شابَّة، وقال الخطَّابيُّ: هي التي أدركت، وقال غيره: هي التي أشرفت على البلوغ، انتهى كلام «المطالع».

قوله: (فَقَدِمَت امْرَأَةٌ): هذه المرأة لا أعرفها، ولا أعرف اسمها، وكذا لا أعرف أختها، ولا زوج أختها [4]، وسيأتي كلام شيخنا الشَّارح في ذلك وأتعقَّبه [5].

قوله: (قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ): بالبصرة، يُنسَب إلى خلف جدِّ طلحة الطَّلحات بن عَبْد الله بن خلف الخزاعيِّ، قاله شيخنا الشَّارح.

قوله: (عن أُخْتِهَا): قال شيخنا الشَّارح: أختها هي أمُّ عطيَّة الأنصاريَّة، ثُمَّ قال بعيده: أورده الإِسْمَاعِيليُّ من حديث حفصة عن أمِّ عطيَّة وعن امرأة أخرى) انتهى.

(1/849)

قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وقِيلَ: إنَّ لأمِّ عطيَّة أختًا [6] اسمها ضباعة، روى حديثها الطَّبرانيُّ في «الأوسط» فيمن اسمه: عليُّ بن عَبْد العزيز، لكنَّ كونَها أختَها وهمٌ، وضباعة هي بنت الزُّبير) انتهى، وكذا فعل الذَّهبيُّ، فإنَّه ذكر ضباعة بنت الحارث أخت أمِّ عطيَّة، روت عن أختها في (الوضوء)، كذا ذكرها اِبْن عبد البَرِّ مختصرًا، وأمَّا ابْن منده وأبو نعيم فلم يفرداها، بل ذكرا حديثها لضباعة بنت الزُّبير مع حديث الأشراط في (الحجِّ)، ثُمَّ صحَّح أنَّ الحديث لضباعة بنت الزُّبير، وأنَّ [7] تلك وهم، وقد راجعت «الاستيعاب»؛ فوجدته كما ذكره الذَّهبيُّ عنه، والله أعلم، وقد قدَّمت أنِّي لا أعرف أختها ولا زوجها.

قوله: (وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً): تقدَّم أنِّي لا أعرفه بعينه، ولا أعرف اسمه، ولا المرأة،

[ج 1 ص 133]

ولا زوج أختها بعينه، والذي قاله شيخنا الشَّارح من أنَّ الأخت أمُّ عطية فيه نظر؛ فيُحرَّر [8]. وقد تقدَّم كلام الإِسْمَاعِيليِّ، وكذا كلام ابن شيخنا البلقينيِّ، واِبْن عبد البَرِّ، والذَّهبيِّ، وزوج أمِّ عطيَّة لا أعرفه أيضًا، والمرأة التي قدمت فحدَّثت لا حجَّة فيها؛ لأنَّها مجهولة، وأختها صحابيَّة لا يضرُّ الجهل بعينها، وقد قالوا في مثل هذه الرِّواية: إنَّها منقطعة، وفي الأصول نعت ذلك بالمرسل، والصَّحيح: أنَّه موصول في سنده [9] مجهول، والحجَّة في رواية حفصة _وهي بنت سيرين_ عن أمِّ عطيَّة، والله أعلم، (لا في المرأة التي حدَّثت عن أختها؛ لأنَّها مجهولة وليست بصحابيَّة، والله أعلم) [10].

قوله: (وَكَانَتْ أُخْتِي معهُ فِي سِتٍّ): كذا هنا، قال شيخنا: (وفي «الطَّبرانيِّ»: أنَّها غزت معه سبعًا) انتهى.

قوله: (الْكَلْمَى): أي: الجرحى.

قوله: (فَسَأَلَتْ أُخْتِي): تقدَّم أنَّ شيخنا قال: إنَّ أختها أمُّ عطيَّة، وأنِّي قلت: إنِّي لا أعرفها؛ فيُحرَّر.

(1/850)

قوله: (جِلْبَابٌ): هو بكسر الجيم، وإسكان اللَّام، ثُمَّ باءين موحَّدتين، بينهما ألفٌ، قال ابن شميل: هو ثوب أقصر من الخمار وأعرض، وهي المقنعة [11] تغطِّي بها المرأةُ رأسَها، وقال غيره: هو ثوب واسع دون الرِّداء تغطِّي به المرأة ظهرها وصدرها، قال ابن الأعرابيِّ: هو الإزار، وقال غيره: هو الخمار، وقيل: هو كالمُلاءة والملحفة، وحَكى النَّوويُّ في «شرح المهذَّب» وغيره أقوالًا؛ أصحَّها: أنَّها الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها.

قوله: (مِنْ جِلبَابِهَا): حمله بعضهم على المواساة فيه، وأنَّه واحد، وقيل: المراد به الجنس؛ أي: لتُعِرْها من جلبابها، أو يكون على طريق المبالغة في الحضِّ على أنْ تخرج ولو اثنتان في جلباب، وقد رواه أبو داود: (من جلابيبها)، فهذا يدلُّ أنَّه الجنس، والله أعلم.

قوله: (بِأَبِي): قال ابن قُرقُول: (كذا للقابسيِّ والأصيليِّ، ولغيرهما: «بِيَبِي»، وقد ضبطه الأصيليُّ مرَّة هكذا، وضبطه أبو ذرٍّ في «كتاب العيدين»، و «كتاب الحيض»: «بأبي»، وعنه: أيضًا: «بِيَبَى»، وضبطه بعض الرُّواة عنِ الأصيليِّ: «بابا»؛ بألف ساكنة بينهما، ووقع عند القابسيِّ في «باب خروج الحُيَّض إلى المصلَّى»: «أمرنا نبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم»)، قال في «المطالع»: (وكلُّ ذلك صحيح في اللُّغة، قال ابن الأنباريِّ: «معناه: بأبي هو، ثُمَّ حذف؛ لكثرة الاستعمال، قال: وهي ثلاث لغات: بأبي، وبِيَبِي _وهو تسهيل الهمزة_ وبَيْبى، كأنَّه جعله اسمًا واحدًا، وجعله مثل: غَضْبَى وسَكْرَى ... ) إلى آخر كلامه، وفي «النِّهاية»: (وذكر الحديث: (قالت: بأباه): أصله: بأبي هو، يقال: بأبأت الصَّبيَّ؛ إِذَا قلت له: بأبي أنت وأمِّي، فلمَّا سُكِّنت الياء؛ قلبت ألفًا؛ كما قِيلَ: يا ويلتى! وفيها ثلاث لغات: بهمزة مفتوحة بين الباءين، وبقلب الهمزة ياء مفتوحة، وبإبدال الياء الآخرة ألفًا، وهي هذه، والباء الأولى في (بأبي أنت وأمِّي): متعلِّقة بمحذوف، قيل: هو اسم، فيكون ما بعده مرفوعًا؛ تقديره: أنت مُفدًّى بأبي وأمِّي، وقيل: هو فعل، وما بعده منصوب؛ أي: فديتك بأبي وأمِّي، وحذف هذا المقدَّر تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال وعلم المخاطب به، انتهى.

قوله: (الحُيَّضُ): هو بهمزة ممدودة، وهي همزة الاستفهام، و (الحُيَّضُ)؛ بضمِّ الحاء، ثُمَّ ياء مشدَّدة مفتوحة، جمع (حائض).

==========

[1] في (ب): (من).

[2] في (ج): (تغلب).

(1/851)

[3] في «المطالع» (&): (عن خدمة).

[4] (ولا زوج أختها): ليس في (ج).

[5] في (ب): (والعقبة).

[6] في النسخ: (أخت)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[7] في (ج): (فإنَّ).

[8] (فتحرر): ليس في (ج).

[9] زيد في (ج): (هو).

[10] ما بين قوسين ليس في (ج).

[11] في (ج): (المقنعنة)، وهو تحريفٌ.

(1/852)

[باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض]

قوله: (وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ): (يُصدَّق)؛ بضمِّ أوَّله، وتشديد الدَّال، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النِّساءُ): قائم مقام الفاعل.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو ابن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عنه، مشهور التَّرجمة، وأمَّا (شريح)؛ فهو بالشِّين المعجمة المضمومة وفي [1] آخره حاء مهملة، وهو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية، القاضي أبو أميَّة الكنديُّ، ولَّاه عُمر رَضِيَ اللهُ عنه القضاء بالكوفة، ووُلِّيَ قضاء البصرة وقتًا، سمع عمر وعليًّا، وعنه: إبراهيم، وأبو حَصِين، وقيل: إنَّه تعلَّم من معاذ باليمن، تُوفِّي سنة (78 هـ)، وقيل: سنة (80 هـ)، أخرج له من أصحاب الكتب النَّسائيُّ، قال ابن معين: كان في زمنه عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يسمع منه، وهو مشهور التَّرجمة، فلا نطوِّل بها رحمه الله تَعَالَى.

قوله: (وَيُذْكَرُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو صيغة تمريض.

قوله: (مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا): البطانة: دخلاء الشَّخص ومن يختصُّ به، والبطانة أيضًا: السَّريرة، فسُمِّي من يطَّلع على السَّريرة: بطانة.

قوله: (مِمَّنْ يُرْضَى [2] دِينُهُ): (يُرضَى) [3]: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (دينُه): مرفوع قائم مقام الفاعل.

قوله: (صُدِّقَتْ): هو بضمِّ الصَّاد، وكسر الدَّال المشدَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم أنَّه عطاء [4] بن أبي رَباح، مُفتِي أهل مكَّة، وهو مشهور جدًّا، وكذا في قوله بعده: (وَقَالَ عَطَاءٌ: الْحَيْضُ): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ الفقيه، تقدَّم.

(1/853)

قوله: (وَقَالَ مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (مُعتمِرٌ)؛ فهو ابن سُلَيْمَان بن طرخان، يروي المعتمر عن أبيه، ومنصور، وعبد الملك بن عمير، وعنه: ابن مهديٍّ، وعفَّان، ومُسَدَّد، وابن عرفة، وُلِد سنة (106 هـ)، وتُوفِّي سنة (187 هـ)، وكان رأسًا في العلم والعبادة؛ كأبيه، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، قال ابن حِراش: صدوق يُخطِئ من حفظه، وإذا حدَّث من كتابه؛ فهو ثقة، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (قلت: هو ثقة مطلقًا، ونقل ابن دحية عنِ ابن معين: ليس بحجَّة) انتهى لفظ «الميزان»، ووالده سُلَيْمَان بن طرخان التَّيميُّ، نزل فيهم بالبصرة، من السَّادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النَّهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، ومناقبه جمَّة، تُوفِّي سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، قال في «الميزان»: (الإمام، أحد الأثبات، قيل: كان يدلِّس عنِ الحسن وغيره ما لَمْ يسمعه) انتهى لفظه.

وهذا ليس بجرح، إِنَّمَا الجرح تدليس التَّسوية، وأمَّا هذا؛ فلا، والله أعلم.

قوله: (بَعْدَ قرْئِهَا): القرْء؛ بِفتح القاف وضمِّها؛ لغتان، حكاهما القاضي عياض، وأبو البقاء، وغيرهما، أشهرهما الفتح، وهو الذي قاله جمهور أهل اللُّغة، واقتصروا عليه، وممَّن حكى اللُّغتين الخطَّابيُّ في «معالمه» في (الحيض)، وجمعه في القلَّة: أَقْرُءٌ، وفي الكثرة: قُرُوءٌ، قال الواحديُّ: هذا الحرف من الأضداد، يقال للحيض والطُّهر [5]، والعرب تقول: أقرأت المرأة، في الأمرين جميعًا، وعلى هذا: يونس، وأبو عمرو بن العلاء، وأبو عبيد،

[ج 1 ص 134]

وأبو عبيدة: أنَّها من الأضداد، وهي في لغة العرب مُستعمَلة في المعنيين جميعًا، وكذلك في الشَّرع، ومن هذا الاختلاف [6] في اللُّغة؛ وقع الخلاف في (الأقراء) بين الصَّحابة وفقهاء الأمَّة؛ فعند عليٍّ، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعريِّ، ومجاهد، ومقاتل، وفقهاء الكوفة: أنَّها الحيض، وعند زيد بن ثابت، وابن عُمر، وعائشة، ومالك، والشَّافعيِّ، وأهل المدينة: أنَّها الأطهار، وهذا الخلاف فيما ذكر منها في العدَّة، فأمَّا كونها حيضًا وطهرًا، وأنَّ اللَّفظ صالح لهما جميعًا؛ فممَّا لم يختلف فيه أحدٌ، وأصل هذا اللَّفظ واشتقاقه مختلفٌ فيه أيضًا، والله أعلم.

(1/854)

[حديث: لا إن ذلك عرق]

325# قوله: (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة _تقدَّم مرارًا_ الكوفيُّ الحافظ، رحمه الله.

قوله: (أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ): تقدَّم الكلام عَلَيها رَضِيَ اللهُ عنها، وأنَّها إحدى المستحاضات، وتقدَّم قريبًا ضبط (أَبِي حُبَيْشٍ)، واسمه ونسبه.

قوله: (إِنَّ ذَلِكِ): تقدَّم أنَّه بكسر الكاف، خطاب لمؤنَّث.

قوله: (عِرْقٌ): تقدَّم أنَّه العاذل، وأنَّه يأتي الكلام عليه [1] مُطوَّلًا قريبًا.

==========

[1] (عليه): مثبت من (ج).

[ج 1 ص 135]

(1/855)

[باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض]

قوله: (بَاب الصُّفْرَةِ وَالكُدْرَةِ في غَيْرِ أَيَّامِ الحَيْضِ [1]): ذكر فيه كلام أُمِّ [2] عَطِيَّةَ: (كُنَّا لَا نَعُدُّ ... ) إلى آخره، كذا [3] هو في «الصَّحيح»، وفي رواية لأبي داود والحاكم على شرطهما: (بعد الطُّهر شيئًا)، والذي صنعه البخاريُّ صنيع حَسَنٌ لَطِيف.

==========

[1] في هامش (ق): (وفي كتاب ابن داود: كُنَّا لا نعد الصُّفرة والكُدرة بعد الطهر شيئًا).

[2] في (ج): (ابن)، وليس بصحيح.

[3] في (ج): (وكذا).

[ج 1 ص 135]

(1/856)

[باب عرق الاستحاضة]

قوله: (بَاب عِرْقِ الاسْتِحَاضَةِ): تقدَّم أنَّ العِرْق: بكسر العين، وإسكان الرَّاء، وبالقاف، وأنَّه يقال له: العاذل؛ بالذَّال المعجمة مكسورة، وباللَّام، وتُبدَل اللَّامُ راء، حكاها الجوهريُّ، وقال: أو هي لثغة، وهذا العرق فمه في أدنى الرَّحم.

==========

[ج 1 ص 135]

(1/857)

[حديث: أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين]

327# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا [1]، محمَّد بن عَبْد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، العالم المشهور.

قوله: (عن ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهْرِيُّ محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العَلَمُ المَشْهُور.

قوله: (عن عُرْوَةَ وَعن عَمْرَةَ، عن عَائِشَةَ): اعلم أنَّ الزُّهْرِيَّ روى هذا الحديث عنِ الاثنين: عروة بن الزُّبير، وعمرة بنت عَبْد الرَّحمن؛ كلاهما عن عائشة، ولكن ظهر لي في كَونه [2] أَتَى بالواو وحرف الجر؛ لفائدة؛ وهي أنَّه سَمِعَهُ مِنْ كُلِّ واحد في مَجْلس، ولَمْ يَسْمعه مِنْهُمَا في مَجلسٍ وَاحد؛ فَلهذا أَتَى به كذلك، وأنَّه لو كان سمعه منهما في مجلس؛ لقال: عن عروة وعمرة، أو أنَّه حدَّث به مرَّة: عن عروة عن عائشة، ومرَّة: عن عمرة عن عائشة، فجاء البخاريُّ أو من قبله، فجمع بينهما، فصار كذلك، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ [3] اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ): (أُمُّ حَبِيبَةَ): هذه [4] هي بنت جحش، إحدى [5] المستحاضات التِّسع المذكورات فيما تقدَّم، ويقال لها: أمُّ حبيب؛ بلا هاء، قال شيخنا الشَّارح: (وصحَّحه الحربيُّ والدَّارقطنيُّ، وصحَّح إثباتها الغسَّانيُّ، ونقله الحميديُّ عن سفيان، وابن الأثير عنِ الأكثر، قال أبو عُمر: والصَّحيح: أنَّها وأختها زينب مستحاضتان، ووهَّاه ابن العربيِّ، وحَكى القاضي عن بعضهم: أنَّ بنات جحش الثَّلاث كلٌّ منهنَّ اسمها زينب، ولقب إحداهنَّ: حمنة، وكنية الأخرى: أمُّ حبيبة، وإذا كان هكذا؛ فقد سلم مالكٌ من الخطأ في تسمية أمِّ حبيبة: زينب، انتهى، وللناس كلام في بنات جحش وفي هذه هل هي «أمُّ حبيبة» أو محذوفة التَّاء؟ أكثرُ من هذا، ويكفي هذا القدر، والله أعلم، واعلم أنَّ في الصَّحابيَّات من يكنى بأمِّ حبيبة؛ بالتَّاء: زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بنت أبي سفيان، وهذه المستحاضة على الصَّحيح، وقيل فيها [6]: أمُّ حبيب؛ بغير تاء، وأمُّ حبيبة [7] بنت نباتة الأسَديَّة، أسلمت بمكَّة وهاجرت، قاله ابن سعد.

(1/858)

وأمَّا من يقال لها: أمُّ حبيب؛ بغير تاء؛ فبنت العاصي بن أميَّة بن عَبْد شمس، قال الذَّهبيُّ: في إدراكها الإسلامَ بُعْدٌ، وأمُّ حبيب بنت العَبَّاس: لها ذكر في حديث لأخيها عَبْد الله بن عَبَّاس، لها رؤية [8]، وقد حَمَّرَ عَلَيْها الذَّهبيُّ؛ فالصَّحيح [9] عنده: أنَّها تابعيَّة، وذلك لأنَّ شرط الرُّؤية التي يُعَدُّ بها الشَّخص صحابيًّا مع الإسلام: التَّمييزُ، وهذه لَمْ تكن مميِّزة، فلهذا قال: (لها رؤية)؛ وحَمَّرَ عَلَيْها، وأمُّ حبيب مولاة لأمِّ عطيَّة، روى لها الطَّبرانيُّ حديثًا، وأمُّ حبيب بنت جحش على قول، والصَّحيح خلافه، كما تقدَّم، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ج): (أنَّه).

[2] في (ج): (أنَّه).

[3] في هامش (ق): (صوابه: أنَّ أم حبيبٍ بنت جحش أخت زينب، وعبد الله، وعبيد الله، قال أحمد: عبد أو عبيد بن جحش و بنته حبيبة أخته، قوله: (أنَّ أم حبيبة): قال ابن سيد الناس في «سيرته»: بنات جحش وكان اسمها برة، فسماها رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زينب التي كانت عند زيد بن حارثة، ونزل فيها: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]، وكان زيد بن حارثة مولى النَّبيِّ؛ طلقها، فلما حلت؛ زوجها إياها من السماء سنة أربع، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: سنة خمس، وهي يومئذٍ بنت خمس وثلاثين سنة، وحمنة التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وأم حبيبة قال السهيليُّ: وأم حبيب، وكذا قال ابن عبد البَرِّ قال: وهو قول الأكثر، وأمَّا الحافظ أبو القاسم بن عساكر؛ فعنده أم حبيبة، واسمها حمنة إيهامًا على هذا فقط، والسهيلي يقول: كانت زينب تحت زيد بن حارثة، وأم حبيبة تحت عبد الرحمن بن عوف، وحمنة تحت مصعب بن عُمير).

[4] (هذه): ليس في (ج).

[5] زيد في (ب): (الصَّحابيات).

[6] في (ج): (إنَّها).

[7] (وأم حبيبة): سقطت من (ج).

[8] في (ج): (رواية).

[9] في (ج): (والصَّحيح).

[ج 1 ص 135]

(1/859)

[باب المرأة تحيض بعد الإفاضة]

قوله: (بَعْدَ الإِفَاضَةِ): يعني: بعد طواف الإفاضة، واعلم أنَّ طواف الإفاضة يقال له ذلك، ويقال له أيضًا: طواف الزيارة، وطواف الرُّكن، وقد يُسمَّى أيضًا: بطواف الصَّدَر، والأشهر: أنَّ طواف الصَّدَر طوافُ الوداع، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 135]

(1/860)

[حديث: لعلها تحبسنا؟! ألم تكن أفاضت معكن]

328# قوله: (إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ): هذه زوجه [1] عليه الصَّلاة والسَّلام رَضِيَ اللهُ عنها، وأبوها (حُيَيٌّ)؛ بضمِّ الحاء المهملة وتكسر [2]، ثُمَّ ياء باثنتين من تحت مفتوحة، ثُمَّ أخرى مشدَّدة، وزانُ (عُلَيٍّ) المصغَّر، و (حُيَيٌّ): هو ابن أَخْطَب؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة، ثُمَّ موحَّدة، وهي نَضَرِيَّة من بني النَّضِير، من ولد هارون بن عمران أخي موسى بن عمران صلَّى الله علَيْهِما وَسَلَّم، وأمُّها: برَّة بنت سموءل [3]، ترجمتها معروفة، تُوفِّيت سنة (50 هـ)، وقيل: سنة (52 هـ)، وقيل: سنة (36 هـ)، وهذا غريب ضعيف، وهي مدفونة بالبقيع بالاتِّفاق، تزوَّجها عليه الصَّلاة والسَّلام وهي بنت سبعَ عشرةَ سنة، سَبَاهَا في رمضان من خيبر، في آخر السَّادسة أو في أوَّل السَّابعة، على ما تقدَّم من القولين في فتحها، وتقدَّم مدركهما، ثُمَّ أعتقها وتزوَّجها رَضِيَ اللهُ عنها.

==========

[1] في (ب): (زوجته).

[2] (وتكسر): ليس في (ج).

[3] في (ج): (شموال).

[ج 1 ص 135]

(1/861)

[حديث ابن عباس: رخص للحائض أن تنفر إذا حاضت]

329# 330# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو تصغير: وَهْب، وقد تقدَّم أنَّه ابن خالد الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ [1]، الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (رُخِّصَ لِلحَائِضِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وأمَّا الثَّانية؛ فإنَّها بالفتح، مبنيَّة للفاعل، وهذا ظاهر جدًّا.

قوله: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2]): (إنَّ): بكسر الهمزة، وكذا هي في أصلنا.

==========

[1] في (ج): (الكرابيشي).

[2] (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): مثبت من (ب).

[ج 1 ص 135]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...