65-استكمال مكتبات بريد جاري

مشاري راشد في سورة الأحقاف

Translate

Translate

الأحد، 21 مايو 2023

ج21. التلقيح لفهم قارئ الصحيح لسبط بن العجمي



ج21. التلقيح لفهم قارئ الصحيح 

(التلقيح على الجامع الصحيح)

المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: رأيت رسول الله يأكل الرطب بالقثاء]

5449# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): هو مُحَمَّد بن مقاتل، أبو الحسن المروزيُّ، رُخٌّ؛ بِضَمِّ الراء، وتشديد الخاء المُعْجَمة، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك الإمام، شيخ خراسان.

[باب من أدخل الضيفان عشرةً عشرةً ... ]

 [حديث: أن أم سليم أمه عمدت إلى مدّ من شعير جشته]

5450# قوله: (حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: ابن عبد الرحمن بن أبي المغيرة، أبو همَّام البصريُّ الخاركيُّ، وخارك: جزيرةٌ في البصرة، روى عنه البُخاريُّ، وروى النَّسَائيُّ عن رجلٍ عنه، انتهى.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق؛ فانظر ذلك إنْ أردته، وسيأتي في آواخر هذا التعليق.

قوله: (وَعَنْ هِشَام، ٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ): قائل ذلك هو حمَّاد بن زيد، و (هشام) هذا: هو ابن حسَّان، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، وهذا معطوفٌ على السند قبله.

قوله: (وَعَنْ سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أَنَسٍ): قائل ذلك هو حمَّاد بن زيد.

والحاصل: أنَّ هذا الحديثَ رواه حمَّاد بن زيد عن الجعد أبي عثمان عن أنس، وعن هشام بن حسَّان عن مُحَمَّد بن سيرين عن أنس، وعن سنان أبي ربيعة عن أنس، وليس تعليقًا، فاعلمه، والله أعلم، وكذا رأيت الدِّمْيَاطيَّ قال: (القائل: «وعن هشام _وهو ابن حسَّان_ وعن سنان» هو حمَّاد بن زيد، وسنان بن ربيعة أبو ربيعة الباهليُّ البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ، انتهى، سنان بن ربيعة الباهليُّ أبو ربيعة، عن أنسٍ، وشهر بن حَوْشَب، وغيرِهما، وعنه: الحمَّادان، وعبد الوارث، وعبد الله بن بكر السهميُّ، وَثَّقَهُ بعضُهم، قال أبو حاتم: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: ليس بالقويِّ، أخرج له البُخاريُّ هذا الحديثَ مقرونًا بغيره، فقول الدِّمْيَاطيِّ: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يوهم أنَّه أخرج له في الأصول، وليس كذلك، بل قرنه كما ترى، وروى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، والاختلاف [في] اسمها، رضي الله عنها.

قوله: (عَمَدَتْ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وأنِّي رأيت العكس أيضًا في حاشيةٍ نقلتها عن «شرح الفصيح».

قوله: (إِلَى مُدَّيْنِ [2] مِنْ شَعِيرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (المدَّ) رطلٌ وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّمَ الخلاف في رطل بغداد.

قوله: (خَطِيْفَةً): (الخَطِيْفة): بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الطاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: لبنٌ ودقيقٌ يطحنان، ويُختَطَف بالملاعق بسرعة، انتهى، وهذا لفظ ابن الأثير في «نهايته»، وقال ابن قُرقُول: (فجعلت منه خطيفةً)؛ يعني: عصيدة من دقيق بلبن، وقيل: هو من الكثافة دون العصيدة.

قوله: (وَعَصَرَتْ عُكَّةً): تَقَدَّمَ ما (العُكَّة).

قوله: (فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهل، بدريٌّ نقيب جليل، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ): يعني: قليلًا.

قوله: (حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ): كذا هنا، وفيما مضى أنَّهم كانوا (ثمانين)، ومرَّة: (سبعين أو ثمانين)، فالظاهر تعدُّد الواقعة، والله أعلم، أو يُقال: إنَّ هذا من باب مفهوم العدد، وإنَّ الكلَّ داخلٌ في (ثمانين)، وليس في ذكر القليل ما ينفي الكثير، أو يُقال: إنَّ مَن روى: (ثمانين) عدَّ المجموع، ومن روى: (أربعين) عدَّ الرؤساء، أو نحو ذلك من الأجوبة، والله أعلم.

 [1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مُدٍّ).

 [باب ما يكره من الثوم والبقول]

 [حديث: من أكل من الثوم والبقول فلا يقربن مسجدنا]

5451# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ) بعده: هو ابن صهيب.

 [حديث: من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا.]

5452# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يونس بن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ.

 [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

 [باب الكباث وهو ثمر الأراك]

قوله: (بَابُ الْكَبَاثِ؛ وَهْوَ ثمرُ الأَرَاكِ): (الكَبَاث): بفتح الكاف، وتخفيف الموحَّدة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثة، قال الدِّمْيَاطيُّ: الكَبَاث: النضيج، وما لم يونِع منه: فهو بَرِيرٌ ومَرْدٌ، والأسود منه أشدُّه نضجًا، انتهى، وقال ابن قُرقُول: والكَبَاث: ثمر الأراك، قيل: نَضِيجه، وقيل: بل حصرمه، وقيل: غضُّه، وقيل: متزبِّبه، وهو البرِير أيضًا، انتهى، واقتصر ابن الأثير على القول الأوَّل من كلام ابن قُرقُول، وكذا اقتصر الجوهريُّ وصاحب «القاموس» عليه.

 [حديث: عليكم بالأسود منه فإنه أيطب]

5453# قوله: (بِمَرِّ الظَّهْرَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (مرِّ الظهران) غيرَ مَرَّةٍ، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة: بطن مرو.

قوله: (فَإِنَّهُ أَيْطَبُ): هذه لغةٌ فصيحةٌ في (أطيب)، ولم يذكرها في «الصحاح» الجوهريُّ في مكانها، وذكرها في (طيب)، فقال: (وقولهم: ما أطيبه، وما أيطبه مقلوب منه)، وذكرها شيخنا مجد الدين في «القاموس» في مكانها، والله أعلم.

 [المضمضة بعد الطعام]

 [حديث سويد: خرجنا مع رسول الله إلى خيبر]

5454# 5455# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، و (بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمة، و (يسار): بتقديم المُثَنَّاة تحت، و (سُوَيْد بْن النُّعْمَانِ): أوسيٌّ، ممَّن بايع تحت الشجرة، عنه بُشَير بن يسارٍ فقط، ويُقال: إنَّه شهد أُحُدًا، له عند البُخاريِّ والنَّسَائيِّ وابنِ ماجه حديثٌ، والله أعلم.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت خيبر والاختلاف فيها.

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبط (الصهباء)، وأنَّها على مرحلةٍ من خيبر.

قوله: (فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (السويق): تَقَدَّمَ ما هو، وهو معروف أيضًا.

قوله: (قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ بُشَيْرًا): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) هو ابن سعيد الأنصاريُّ.

قوله: (عَلَى رَوْحَةٍ): تَقَدَّمَ ضبط (الرَّوْحة)، وأنَّها المرحلة والمنقلة.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز فيها ثلاثة ضبوط: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا).

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ: كَأَنَّكَ تَسْمَعُهُ مِنْ يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (سفيان): هو ابن عيينة، والظاهر أنَّ قوله: (كأنَّك تسمعه من يحيى)؛ يعني: أنِّي لم أزد حرفًا، ولم أنقص حرفًا، رويته بلفظه، لا بمعناه فقط، و (يحيى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد الأنصاريُّ، والله أعلم.

 [باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل]

قوله: (قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ): (تُمْسَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

 [حديث: إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها]

5456# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بعد (ابنِ المديني) _عليِّ بن عبد الله_: ابنُ عيينة، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا): (يَلعَق) الأولى: بفتح أوَّله، وفتح العين، والثانية: بضمِّها، وكسر العين، وهذا ظاهِرٌ.

 [باب المنديل]

 [حديث: لا نجد مثل ذلك من الطعام إلا قليلًا]

5457# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح اللام، و (سَعِيد بْن الْحَارِثِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: سعيدٌ اتَّفقا عليه، وأبو الحارث بن أوس ابن المُعَلَّى، انفرد به البُخاريُّ، له صحبةٌ، انتهى، هذا سقط منه هنا الضمير في قوله: (وأبو)، صوابه أنْ يقولَ: (وأبوه)، وقد اختُلِف في والد سعيدٍ؛ فقيل: رافع، وقيل: الحارث، وقيل غير ذلك، وأصحُّ ما قيل فيه: الحارث، والله أعلم.

قوله: (إِلَّا أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا): (أكفَّنا): مَنْصوبٌ على الاستثناء، وما بعده معطوفٌ عليه، ويجوز رفعُه، والباقي معطوفٌ عليه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثَني).

[ج 2 ص 486]

(1/9913)

[باب ما يقول إذا فرغ من طعامه]

(1/9914)

[حديث: الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه]

5458# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وإنْ كان أبو نُعَيم روى عن السفيانَين إلَّا أنَّ هذا رواه أيضًا الضَّحَّاك بن مَخْلَد، ولم يذكر عبدُ الغنيِّ في ترجمة الضَّحَّاك بن مَخْلَد في مشايخه إلَّا الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عيينة، وقد قال المِزِّيُّ في تطريفه: البُخاريُّ في «الأطعمة» عن أبي عاصم الضَّحَّاك بن مَخْلَد وعن أبي نُعَيم، عن سفيان، فـ (سفيان) فيهما واحدٌ، والظاهر أنَّه الثَّوريُّ كما ذكرته عن عبد الغنيِّ، والله أعلم.

تنبيهٌ: رأيت في «مشيخة الفخر ابن البُخاريِّ» تخريجَ الحافظ جمال الدين ابن الظاهريِّ، وقد أخرج هذا الحديثَ فيها، فقال في أثناء السند: حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز: حدَّثَنا أبو نُعَيم: حدَّثنا سفيان بن عيينة ... ؛ فذكر هذا الحديثَ، وقد كتب تجاه: (سفيان بن عيينة) شيخُنا شرف الدين الحسين بن حبيب: إنَّما هو الثَّوريُّ، انتهى؛ فليُعلَم.

و (ثَوْر): هو بالثاء المثلَّثة، وهو ثور بن يزيد، و (أَبُو أُمَامَة): هو صُديُّ بن عجلان بن وهب بن غريب بن وهب، من قيس عيلان، الباهليُّ، ويُقال: إنَّه من بني سهم بن عمرو بن ثعلبة، نزل حمص، وروى أيضًا عن معاذ، وأبي عبيدة، وعمر، وعمَّار، وعمرو بن عبسة، وجماعةٍ، وكان من علماء الصَّحابة، وعنه شهر بن حَوْشَب، وخالد بن معدان، ورجاء بن حَيْوَة، وغيرُهم، تُوُفِّيَ سنة (81 هـ)، ويُقال: سنة (86 هـ)، قال أبو اليمان: مات بقرية دَنْوَة على عشرة أميالٍ من حمص، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ): (رَفع): مَبْنيٌّ للفاعل، و (مائدَتَه): مَنْصوبٌ مفعول.

قوله: (كَثِيرًا): هو بالثاء المثلَّثة.

==========

[ج 2 ص 486]

(1/9915)

[حديث: الحمد لله الذي كفانا وأروانا]

5459# قوله: (غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ): وفي رواية تأتي قريبًا: (وَلَا مُوَدَّعٍ)، قال في «النهاية»: أي: غير مردودٍ ولا مقلوبٍ، والضمير راجعٌ إلى الطعام، وقيل: (مكفي): من الكفاية؛ فيكون من المعتلِّ؛ يعني: أنَّ الله تعالى هو المُطْعِم والكافي، وهو غير مُطْعَم ولا مكفيٍّ، فيكون الضمير راجعًا إلى الله، وقوله: (ولا مودَّع)؛ أي: غير متروكٍ الطلبُ إليه، والرغبةُ فيما عنده، وأمَّا (رَبَّنَا)؛ فيكون على الأوَّل منصوبًا على النداء المضاف بحذف [1] [حرف] النداء، وعلى الثاني؛ مرفوعًا على الابتداء المؤخَّر؛ أي: أنت ربُّنا غير مكفيٍّ ولا مودَّع، ويجوز أنْ يكون الكلام راجعًا إلى الحمد؛ كأنَّه قال: حمدًا كَثِيرًا مباركًا فيه غير مكفيٍّ ولا مودَّع ولا مستغنًى عنه؛ أي: عن الحمد، انتهى.

وقال ابن قُرقُول في (غير مودَّع ولا مكفور): أي: غير متروك ولا مفقود؛ يريد: الطعام، هذا مذهب الحربيِّ، وذكر الخَطَّابيُّ: أنَّ المرادَ الدعاءُ لله، قال: (غير مودِّعٍ)؛ بكسر الدال، وقال: معناه: غير تارك طاعتَك ربَّنا، ويُروى: (غير مودَّع)؛ ومعناه: غير متروك الطلبُ إليه والسؤالُ منه؛ كما قال: «غير مستغنًى عنه»، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الراء والكاف)، كذا قال، وصوابه: في (الكاف والفاء)، قال في (الكاف [و] الفاء): (غير مكفيٍّ ولا مكفور)، قال الحربيُّ: ورُويَ: (غير مُكفًى)، ومراده بهذا كلِّه: الطعام، وإليه يعود الضمير، قال الحربيُّ: والمكفيُّ: الإناء المقلوب للاستغناء عنه،

[ج 2 ص 486]

(1/9916)

كما قال: «غير مستغنًى عنه»، أو لعدمه أيضًا، و «غير مكفور»: غير مجحود نعمةُ الله فيه، بل مشكورة غير مستورة الاعتراف بها، ولا متروك الحمد والشكر عليها، وذهب الخَطَّابيُّ إلى أنَّ المراد بهذا الدعاء كلِّه الباري سبحانه، وأنَّ الضمير يعود إليه، وأنَّ معنى قوله: (غير مكفيٍّ)؛ أي: أنَّه يُطعِم ولا يُطعَم، كأنَّه هنا من الكفاية، وإلى هذا ذهب غيره في تفسير هذا الحرف إلى أنَّه تعالى مستغنٍ عن معين وظهير، وقوله: (ولا مودَّع)؛ أي: غير متروك الطلب إليه والرغبة له، وهو بمعنى المستغنى عنه، وينتصب (ربَّنا) على هذا بالاختصاص والمدح، أو النداء؛ كأنَّه قال: يا ربَّنا؛ اسمع حمدنا ودعاءَنا، ومَن رفع؛ قطعه وجعله خبرًا، وكذا قَيَّدهُ الأصيليُّ؛ كأنَّه قال: ذاك ربُّنا، أو أنت ربُّنا، ويصحُّ فيه الكسرُ على البدل من الاسم في قوله: (الحمد لله) انتهى.

وقال النَّوَويُّ في «أذكاره»: (غير مكفيٍّ ولا مكفور): قلت: (مَكفيٌّ)؛ بفتح الميم، وتشديد الياء، هذه الرواية الصَّحيحة الفصيحة، ورواه أكثر الرواة بالهمز، وهو فاسدٌ من حيث العربيَّةُ، سواء كان من الكفاية، أو من «كفأت الإناء»، كما لا يقال في «مقروٍّ» من القراءة: مقرئٍ، ولا في «مرميٍّ»: مرمِئ، ثُمَّ في (ربَّنا) ثلاثةُ أوجه: النصبُ على النداء أو الاختصاص، والرفعُ على الابتداء، والجرُّ على البدل من قوله: (الحمد لله)، وقال في «روضه» من زياداته على الرافعيِّ كذلك، انتهى، والرفع اختلف فيه ابنُ قُرقُول فقال: إنَّه على الخبر، والشيخُ محي الدين قال: على الابتداء، وهذا قريبٌ، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (بحرف)، والمثبت من مصدره.

(1/9917)

[باب الأكل مع الخادم]

(1/9918)

[حديث: إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله .. ]

5460# قوله: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ): (الخادمُ): مَرْفوعٌ فاعل، و (أحدَكم): مَنْصوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

قوله: (أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ): (الأُكلة)؛ بِضَمِّ الهمزة: اللقمة، وكذلك (الأُكلتان)؛ بالضمِّ: اللُّقمَتَان، وهذا معروفٌ.

(1/9919)

[باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر]

قوله: (بَابٌ: الطَّاعِمُ [1] الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ، فِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عَنْهُ [2] عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا التبويب هو حديثٌ رواه التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (كتاب الزهد)، وابنُ ماجه في «سننه» في (الصوم)، أمَّا التِّرْمِذيُّ؛ فعن إسحاق بن مُحَمَّد الأنصاريِّ، عن مُحَمَّد بن معن الغفاريِّ، عن أبيه، عن سعيد المقبريِّ، عن أبي هريرة، فذكره، وقال: (حسنٌ غريبٌ)، وأمَّا ابن ماجه؛ فعن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن مُحَمَّد بن معن به، وعن يعقوب بن حميد، عن عبد الله بن عبد الله، عن معن بن مُحَمَّد، عن حنظلة بن عليٍّ الأسلميِّ، عن أبي هريرة، فذكره، وأخرجه ابن حِبَّان من حديث أبي هريرة أيضًا، وفي الباب أيضًا: عن سنان بن سَنَّة، أخرجه ابن ماجه في «سننه» في (الصوم) عن إسماعيل بن عبد الله الرَّقِّيِّ، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد العزيز بن مُحَمَّد، عن مُحَمَّد بن عبد الله ابن أبي حُرَّة، عن عمِّه حكيم بن أبي حُرَّة، عنه، فذكره، ولفظه: «الطاعم الشاكر له مثل أجر الصائم الصابر»، وقوله: (فيه عن أبي هريرة): يشير به إلى الحديث الذي بوَّب به، وقد قَدَّمْتُ أنَّه أخرجه التِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وابن حِبَّان، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (رَواه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) في «جامعه»، كذا قاله المزي في «أطرافه»، وقال في؟؟؟: رواه؟؟؟ والتِّرْمِذي، وابن ماجه).

[2] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 487]

(1/9920)

[باب الرجل يدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي]

قوله: (بَابُ الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى الطَّعَامِ [1]): (يُدعَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (طَعَامٍ).

[ج 2 ص 487]

(1/9921)

[حديث: يا أبا شعيب إن رجلًا تبعنا فإن شئت أذنت له]

5461# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه عقبة بن عمرو، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّه لا أعرف اسمه.

قوله: (وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَ غلامه.

قوله: (فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَه.

(1/9922)

[باب: إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه]

قوله في التبويب: (فَلَا يَعْجَلْ): هو بفتح أوَّله وثالثه.

==========

[ج 2 ص 487]

(1/9923)

[حديث: أنه رأى رسول الله يحتز من كتف شاة في يده]

5462# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ): (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، وهذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الطهارة)، لكن من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب به، والله أعلم، وروايته له عن يونس ليست في الكتب إلَّا ما [في] هذا التعليق، ولم أرَها في الكُتُب السِّتَّة، والله أعلم.

قوله: (فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ): (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ فيه ثلاثةُ ضبوطٍ؛ أحدها: (ولم يتوضَّ)، ثانيها: (يتوضَّأ)، ثالثها: (يتوضَّا)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 487]

(1/9924)

[حديث: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء.]

5463# 5464# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الكرابيسيُّ الحافظ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تيمية السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): بكسر القاف، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ): (وُضِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (العَشاءُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ... نَحْوَهُ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، روى هذا البُخاريُّ عن معلَّى، عن وُهَيب، عن أيوب به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

قوله: (وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ تَعَشَّى): هذا معطوفٌ أيضًا على السند الذي قبله، ولم أرَه في «الأطراف» للمِزِّيِّ، ورأيته في «البُخاريِّ» في (باب إذا حضر الطعام وأُقِيمَت الصلاةُ)، لكن من حديث حمَّاد بن أسامة، عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، عن نافع، عن ابن عمر، والله أعلم.

(1/9925)

[حديث: إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء]

5465# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (قَالَ وُهَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ): أمَّا (وُهَيب)؛ فهو ابن خالد، وتعليقه ليس في الكُتُب السِّتَّة، وأمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد القَطَّان، وتعليقُه أخرجه البُخاريُّ فقط في (الصلاة) عن مسدَّد عن يحيى بن سعيد به.

==========

[ج 2 ص 487]

(1/9926)

[باب قول الله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا}]

(1/9927)

[حديث: أنا أعلم الناس بالحجاب كان أبي بن كعب يسألني ... ]

5466# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

[ج 2 ص 487]

قوله: (وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ مِرارًا الاختلافُ متى تزوَّج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب [بنت] جحش؛ فانظره.

قوله: (وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَمَا قَامَ الْقَوْمُ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) وغيرِها أنِّي لا أعرفهم.

قوله: (وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ): تَقَدَّمَ متى أُنزِل، والاختلاف فيمَن أُنزِل بسببها، في (سورة الأحزاب).

(1/9928)

((71)) [كتاب العقيقة]

(1/9929)

[باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه]

قوله: (تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُ لِمَنْ لم يَعُقَّ وَتَحْنِيكِهِ): قال شيخنا: (وتقييد البُخاريِّ أنَّه يسمِّيه غداةَ يُولَد لمَن لم يَعُقَّ غريبٌ، نعم؛ حكاه ابن التين عن مذهب مالك ... ) إلى آخر كلام شيخنا في ذلك، والله أعلم.

(1/9930)

[حديث: ولد لي غلام فأتيت النبي فسماه إبراهيم]

5467# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو بريد بن عبد الله بن أبي بردة الحارثِ _أو عامر_ ابن أبي موسى الأشعريِّ؛ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ ... ) إلى أنَّ قال: (فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ): (إبراهيم) هذا: هو ابن أبي موسى الأشعريِّ، حَمَّر على (إبراهيمَ) الذَّهَبيُّ، فالأصحُّ أنَّه تابعيٌّ عنده، يروي عن أبيه والمغيرة بن شعبة، وعنه: الشَّعْبيُّ وعمارة بن عمير، حنَّكه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ودعا له، أخرج له مسلمٌ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وإنَّما حَمَّر عليه الذَّهَبيُّ؛ لأنَّ شرط الرؤية أنْ تكون مع التمييز؛ كما قدَّمته في شرط الصَّحابيِّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 488]

(1/9931)

[حديث: أتي النبي بصبي يحنكه]

5468# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) بعد (مسدَّد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ الذي قال فيه الإمام أحمد: ما رأت عيناي مثلَ يحيى بن سعيد القَطَّان، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (بِصَبِيٍّ ... )؛ الحديث: قال شيخنا في أوائل «الصَّحيح» في (باب بول الصبيان): (الصبيُّ المذكور في حديث عائشة _يعني هذا_ يحتمل أنْ يكون عبدَ الله بن الزُّبَير، أو الحسن، أو الحسين؛ لرواياتٍ في ذلك سُقتُها في «تخريج أحاديث الرافعيِّ»؛ فليُراجَع منه)، والمراد به: التخريج الكبير المسمَّى: بـ «البدر المنير»، لا «الخلاصة»، وذلك لأنِّي قرأتُ عليه «الخلاصة» وليس هذا فيها، وقد قَدَّمْتُ ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ: (يحتمل أنْ يكون [1] ولدَ أمِّ قيس بنت محصن الأسَديَّة، ويحتمل أنْ يكون غيره) انتهى، وقد قَدَّمْتُ مَن بال من الصغار في حجر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الباب المشار إليه؛ فليُنظَر منه، وهم: الحسن، والحسين، وابن الزُّبَير عبدُ الله، وابنُ أمِّ محصن _ولا أعرف اسمه_، وسليمان بن هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (أ): (أن يكون)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 488]

(1/9932)

[حديث: أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت فخرجت وأنا متم]

5469# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ [1]): كذا في أصلنا، وقد ضُرِبَ على (منصور)، وخُرِّج (نصر) عوضه، وصُحِّحَ عليه، فبقي (إسحاق ابن نصر)، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»، فرأيت هذا الحديث فيها عن إسحاق بن منصور ليس غير، وكذا هو في أصلٍ آخرَ لنا دمشقيٍّ، ولم يذكر هذا المكانَ ابنُ قُرقُول ولا أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ، فالذي يظهر تصويب ما في «الأطراف» وما ضُرِب عليه في أصلنا؛ وهو (ابن منصور)، وكما هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْرٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنها تُوُفِّيَت بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزُّبَير بقليل _رضي الله عنها_ بمكَّة.

قوله: (وَأَنَا مُتِمٌّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: قاربتُ الوضعَ.

قوله: (فَنَزَلْتُ قُبَاءً): تَقَدَّمَ أنَّ فيه المدَّ والقصر، والصرفَ وعدمَه، والتأنيثَ والتذكير.

قوله: (في حجْرِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسرها مرارًا.

قوله: (فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللهِ): (أوَّلَ): مَنْصوبٌ، و (ريقُ): مَرْفوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ في الْإِسْلَامِ): يعني: للمهاجرين القادمين المدينةَ من مكَّة؛ لأنَّه وُلِد قبله أولادٌ بالحبشة للمسلمين، وقولي: (للمهاجرين)؛ احترازًا من الأنصار، فإنَّ النعمان بن بشير وُلِدَ قبله للأنصار، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (نصرٍ).

[ج 2 ص 488]

(1/9933)

[حديث: اللهم بارك لهما]

5470# قوله: (كَانَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي ... )؛ الحديث: هذا الابن هو أبو عُمَير الذي كان يمازحه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويقول له: «يا أبا عمير؛ ما فعل النُّغَير؟»، وأبو عمير: اسمه حفصٌ، و (أبو طلحة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، بدريٌّ نقيبٌ جليل.

قوله: (فَقُبِضَ الصَّبِيُّ): (قُبِض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الصبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها رضي الله عنها، وهي أمُّ أنس بن مالك.

قوله: (فَوَلَدَتْ غُلَامًا): هو عبد الله بن أبي طلحة، وسيجيء في هذا الحديث نفسِه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سمَّاه عبدَ الله، (عبدُ الله) هذا: حمَّر عليه الذَّهَبيُّ؛ لأنَّ الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ، وقد قَدَّمْتُ قريبًا وبعيدًا في (المناقب) أنَّ شرط الرؤية أنْ تكون مع التمييز حتَّى يُعَدَّ صحابيًّا، وإلَّا؛ فهو تابعيٌّ له رؤية، وهو أخو أنسٍ لأمِّه، روى عن أبيه، وعنه: ابناه إسحاقُ وعبدُ الله، وسليمان مولى الحسن بن عليٍّ، وأبو طُوالة، قال ابن سعد: كانت أمُّه حاملًا به يوم حنين، ولم يزل في المدينة في دار أبي طلحة، وكان ثقةً قليلَ الحديث، انتهى، أخرج له مسلمٌ والنَّسَائيُّ، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: تُوُفِّيَ زمن الوليد، قال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ: شهد عبد الله بن أبي طلحة مع عليٍّ صِفِّين، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ السُّلَميُّ مولاهم، البصريُّ القسمليُّ؛ لأنَّه نزل في القساملة، تَقَدَّمَ، والله أعلم، و (ابْن عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابنِ أمير مصر، هذا ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ»، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسَائيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين.

قوله: (وَسَاقَ الْحَدِيثَ): قال بعض حفَّاظ العصر في قوله: (وَسَاقَ الحديث): يُتَوهَّم أنَّ المتن ساوى الذي قبله، وليس كذلك، نبَّه عليه الإسماعيليُّ، وقد أخرجه مسلمٌ عن مُحَمَّد بن المثنَّى شيخِ البُخاريِّ، كما ذكره الإسماعيليُّ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 488]

(1/9934)

[باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة]

(1/9935)

[حديث: مع الغلام عقيقة]

5471# 5472# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عارمٌ، وأنَّه بعيدٌ من العرامة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تيمية السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين، و (سَلْمَان بْن عَامِرٍ الضَّبِّيُّ [1]): هو سلمان بن عامر بن أوس بن حجر بن عمرو بن الحارث بن تيم بن ذهل بن مالك بن سعد بن بكر بن ضبَّة بن أُدِّ بن طابخة بن إلياس بن مضر الضَّبِّيُّ، له صحبةٌ، قال مسلمٌ: لم يكن في الصَّحابة ضبِّيٌّ غيره، وقال ابن أبي خيثمة: قد روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من بني ضبَّة عتَّاب بن شمير، ذكره أبو عمر، ولم يعزُ الأوَّل لمسلم، بل قال: (قال بعض أهل العلم بهذا الشأن)، روى عنه عبد العزيز

[ج 2 ص 488]

بن بُشَير العدويُّ، ومُحَمَّد بن سيرين، وحفصة بنت سيرين، وبنت أخيه أمُّ الرائح الرَّبابُ بنت صُليع بن عامر الضَّبِّيُّ، وله دارٌ بالبصرة بقرب الجامع.

قوله: (مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ): (العقيقة) هنا: الشعر الذي يُولَد به المولود، وسُمِّيَ الذبح عن المولود بها [2]؛ لأنَّه يُحلَق عنه رأسه حينئذ، وهو معنى قوله: «فأميطوا عنه الأذى»؛ أي: أزيلوا عنه أذى الشَّعر، والعقيقة سُنَّة تُذبَح عن المولود يومَ سابعه، واستقبح رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم العقوق، وأصل (العقِّ): الشقُّ، وسُمِّيَ العقوق للآباء عقوقًا؛ لأنَّه شقُّ رَحِمهم وقطعُها، وهذا الحديث هنا موقوفٌ من كلامم سلمان بن عامر، وقد رواه البُخاريُّ هنا عن أبي النُّعمان، عن حمَّاد بن زيد، وقال أصبغ: عن ابن وهب عن جرير بن حازم؛ كلاهما عن أيُّوب، وقال حجَّاج _يعني: ابن منهال_ عن حمَّاد _ يعني: ابن سلمة_ عن أيُّوب وقتادة وحبيب _ يعني: ابن الشهيد_؛ ثلاثتهم عن مُحَمَّد بن سيرين، عن سلمان به، وقفه حمَّاد بن زيد، ورفعه الآخران، وقال غير واحد: عن عاصم وهشام، عن حفصة، عن الرباب، عن سلمان، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ورواه يزيد بن إبراهيم عن مُحَمَّد عن سلمان قولَهُ.

قوله: (وَقَالَ حَجَّاجٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن منهال.

قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن سلمة.

قوله: (وَهِشَامٌ): هذا هو ابن حسَّان.

(1/9936)

قوله: (وَحَبِيبٌ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّمَ أنَّه ابن الشهيد أعلاه.

قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مُحَمَّد بن سيرين.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: عَنْ عَاصِمٍ): هذا هو عاصم بن سليمان، و (هِشَامٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن حسَّان، وأمَّا (غير واحد)؛ قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: ذكرت منهم في «تغليق التعليق» سفيانَ بن عيينة، وعبدَ الرَّزَّاق، وحفصَ بن غياث، وعبدَ الله بن نمير، وعبدَ الله بن بكر السهميَّ، وغيرَهم، انتهى.

قوله: (عَنِ الرَّبَابِ): هي بفتح الراء، وتخفيف الموحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى، وهي أمُّ الرائح بنت صُلَيع الضَّبِّيَّة، عن عمِّها سلمان بن عامر الضَّبِّيِّ، وعنها حفصة بنت سيرين، علَّق لها [3] البُخاريُّ، كما ترى، وأخرج لها الأربعة.

قوله: (وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو التُّسْتريُّ، أبو سعيد، مولى بني تميم، عن الحسن، وابن سيرين، وابن أبي مُلَيْكَة، وعطاء، وقتادة، وجماعةٍ، وعنه: وكيع، وبهز بن أسد، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أحمد، وأبو حاتم، وجماعةٌ، وقال ابن سعد: كان ثقةً ثبتًا، كان عَفَّانَ يرفع أمرَه، قال يحيى القَطَّان: ليس بذاك في قتادة، وقال ابن معين: هو أثبت من جرير بن حازم، قال الفَلَّاس: تُوُفِّيَ سنة اثنين وستِّين ومئة، ويُقال: سنة إحدى، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وما رواه يزيدُ بن إبراهيم لم أرَه في الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لكن شيخُه مُحَمَّدٌ _هو ابن سيرين_ حديثُه أخرجه البُخاريُّ مرفوعًا، ووقفه حمَّاد بن زيد، ورفعه الآخران؛ كما تَقَدَّمَ أعلاه، وأخرجه غير البُخاريِّ أيضًا.

قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): يعني: مُحَمَّدًا.

قوله: (عن سَلْمَانَ): تَقَدَّمَتْ ترجمة (سلمان) _هو ابن عامر الضَّبِّيُّ_ في ظاهرها وأعلاه.

قوله: (قَوْلَهُ): هو مَنْصوبٌ؛ أي: من قوله؛ يعني: موقوفًا عليه.

(1/9937)

قوله: (وَقَالَ أَصْبَغُ): هو أصبغ بن الفرج، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ: كذا)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (جَرِير بْن حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، و (أَيُّوب السَّخْتِيَانِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أيُّوب ابن أبي تيمية كيسان، و (السّخْتِيَانيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث السين.

قوله: (وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى): قيل: حلقُ شَعره، وقيل: الختان، وقيل: لا تقربوه الدمَ كما كانت الجاهليَّة تفعله.

==========

[1] (الضَّبِّيُّ): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها (ق) علامة الزيادة وعلامة أبي ذرٍّ.

[2] كتب فوقها في (أ): (به).

[3] في (أ): (له)، وكذا في الموضع اللاحق، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9938)

[حديث: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن ... ]

5472 م# قوله: (عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (الشَّهِيد): بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر الهاء، الأزديُّ، عن أبي مِجْلَزٍ وابن سيرين، وعنه: شعبة والأنصاريُّ، ثقة ثبت، تُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَمَرَنِي ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد قَدَّمْتُ عدد بني سيرين وبناته في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ: مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ؟ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: مِنْ سَمُرَةَ): اعلم أنَّ في سماع الحسن أبي الحسن البصريِّ من سَمُرة بن جندب خلافًا، ففي هذا «الصَّحيح» ما رأيتَ: أنَّه سمع منه حديثَ العقيقة، وقد روى عن سَمُرة نسخةً كثيرةً غالبها في السنن الأربعة، وعند عليِّ ابن المدينيِّ أنَّ كلَّها سماع، وكذلك حكى التِّرْمِذيُّ عن البُخاريِّ نحوَ هذا، وقال يحيى بن سعيد القَطَّان وجماعةٌ كثيرون: هي كتاب، وذلك لا يقتضي الانقطاع، وفي «مسند أحمد»: أخبرنا هُشَيم عن حميد الطويل قال: جاء رجل إلى الحسن البصريِّ، فقال: إنَّ عبدًا له أبق، وإنَّه نذر إنْ قدر عليه؛ أن يقطعَ يده، فقال الحسن: حدَّثنا سَمُرة قال: قلَّما خطبنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خُطبةً إلَّا أمر [1] فيها بالصدقة، ونهى عن المثلة، وهذا يقتضي سماعه من سَمُرة لغير حديث العقيقة.

(1/9939)

[باب الفرع]

قوله: (بَابُ الْفَرَعِ): هو بفتح الفاء والراء، وبالعين المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: الفَرَع والفرعة: أوَّل ما تُنتج الناقة، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، فنُهِيَ المؤمنون عن ذلك، وقيل: بل كان الرجل من العرب إذا تنامت إبلُه مئة؛ قدَّم بَكْرًا، فنحره لصنمه، فهو الفَرَع، وقد جاء في حديث: «من شاءَ فَرَّع»، وفي حديثٍ آخرَ: «في كلِّ سائمةٍ فَرَعٌ»، وفي حديثٍ: (أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالفَرَع في كلِّ خمسين شاة)، وبعض السلف وأكثر فقهاء الفتوى يقولون بنسخه والنَّهْيِ عنه، انتهى، والقول الأوَّل من كلامه فسَّر به الراوي (الفَرَع).

تنبيهٌ: تفسير (الفَرَع) و (العتيرة) نقل شيخنا عن أبي قرَّة موسى بن طارق في «سننه»: أنَّه من كلام الزُّهريِّ، انتهى، وقال الخَطَّابيُّ في «شرح البُخاريِّ»: (أحسب هذا التفسير من كلام الزُّهريِّ راوي الحديث)، وكذا نقله النَّوَويُّ في «تهذيبه» في (عتر) عن الخَطَّابيِّ في «شرح البُخاريِّ»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 489]

(1/9940)

[حديث: لا فرع ولا عتيرة]

5473# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد، وأنَّ أباه يجوز في يائه الفتحُ والكسرُ، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ.

قوله: (لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ): (الفَرَع): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وأمَّا (العَتِيْرة [1])؛ فهي بفتح العين المُهْمَلة، وكسر المثنَّاة فوق، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة،

[ج 2 ص 489]

ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: قال أبو عبيد: هي الرجبيَّة، كانوا يذبحونها في الجاهليَّة في رجب يتقرَّبون بها، وكانت في أوَّل الإسلام، ثُمَّ نُهِيَ عنها، وقال بعض السلف: يبقى حكمها، والفَرَع: أوَّل النتاج، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، وقيل: إنَّ العتيرة نذرٌ كانوا ينذرونه إذا بلغ مال أحدهم كذا؛ أنْ يذبحَ مِن كلِّ عشرة منها شاةً في رجب، انتهى، وكونُها تُذبَح في رجب كذا قاله الراوي، وكانت تُذبَح في العشر الأوَّل من رجب، قال الشيخ محي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» بعد أنْ ذكر أحاديثَ تتعلَّق بالفَرَع والعَتِيرة تدلُّ على الجواز، وبعضُها ظاهرُه يدلُّ على الاستحباب: (والصَّحيح عند أصحابنا _وهو نصُّ الشَّافِعيِّ_: استحبابُ الفَرَع والعَتِيرة، وأجابوا عن حديث: «لافَرَع ولاعَتِيرَة» بثلاثة أجوبةٍ؛ أحدها جواب الشَّافِعيِّ: أنَّ المرادَ نفيُ الوجوب، والثاني: نفيُ ماكانوا يذبحونه لأصنامهم، والثالث: أنَّهما ليسا كالأضحية في الاستحباب، أو فى ثواب إراقة الدم، فأمَّا تفرقة اللحم على المساكين؛ فبِرٌّ وصدقة، وقد نصَّ الشَّافِعيُّ في «سنن حرملة»: أنَّها إنْ تيسَّرت في كلِّ شهر؛ فكان حَسَنًا، هذا تلخيص حكمها فى مذهبنا، وادَّعى القاضي عياض أنَّ جماهير العلماء على نسخ الأمر بالفَرَع والعَتِيرة، والله أعلم)، وقد ذكر المسألةَ في «الروضة» ورجَّح الاستحبابَ، والله أعلم.

(1/9941)

قوله: (وَالْفَرَعُ: أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لَطِوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ: فِي رَجَبٍ): تَقَدَّمَ في أوَّل الباب أنَّه من كلام الزُّهريِّ، والله أعلم، و (الطواغيت): الأصنام، ويُقال: بيوتها، وقيل: الطاغوت: الشيطان، ويكون الطاغوت واحدًا وجمعًا؛ كـ (الفُلْك)، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (العتيرية)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9942)

[باب العتيرة]

قوله: (بَاب الْعَتِيرَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطها، وما هي.

==========

[ج 2 ص 490]

(1/9943)

[حديث: لا فرع ولا عتيرة.]

5474# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، وقد صرَّح مسلمٌ بأنَّه ابن عيينة في هذا الحديث، وفي «النَّسَائيِّ»: أنَّه سفيان بن حسين، قال شيخنا: (وقد ذكر الحديثَ الإسماعيليُّ كما ذكره النَّسَائيُّ، وخالف الطرقيُّ فذكره كذلك، وأبدل «ابن حسين» بـ «ابن عيينة») انتهى، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ ضبط ياء أبيه أنَّها بالفتح والكسر، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيها إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 490]

(1/9944)

((72)) (كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ والتَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيْدِ) ... إلى (كِتَاب الأَضَاحِي)

كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي الدِّمَشْقيِّ العكسُ، وهذا أمرٌ غريبٌ.

قوله: (والتَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيْدِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب كعادته، ثُمَّ قال: ليس في جميع ما ذكر من الآي والأحاديثِ تعرُّضٌ للتسمية المترجَم عليها إلَّا آخر حديث عَدِيٍّ، فعدَّه بيانًا لما أجمَلَته الأدلَّةُ من التسمية، ولذلك أدخل الجميع تحت الترجمة، والله أعلم، وعند الأصوليِّين نظرٌ في المجمل إذا اقترنت به قرينةٌ لفظيَّةٌ مبيِّنةٌ؛ هل يكونُ الدليلُ المجملَ أو إيَّاها خاصَّة؟ انتهى.

قوله: (مَا أُحِلَّ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَحَرُمَ): هو بفتح الحاء، وضمِّ الراء، كذا في أصلنا، وفي أخرى: (وَحُرِّمَ)؛ بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، وكلاهما جائزٌ.

قوله: ({الْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3]: تُضْرَبُ بِالْخَشَبِ، يُوقِذُهَا فَتَمُوتُ): في هامش أصلنا: الصواب: (تَقِذُها)، والظاهر أنَّه أخذ ذلك من الدِّمْيَاطيِّ ولم يعزُه إليه، وفي «صحاح الجوهريِّ» دليلٌ لما قاله في الهامش ولفظه: (وَقَذَه يَقِذه وَقْذًا: ضربه حتَّى استرخى وأشرف على الموت، وشاةٌ موقوذةٌ: قُتِلَت بالخشب) انتهى، وفي «المطالع»: وقيذ؛ أي: ميتة، وسيأتي قريبًا، وقال شيخنا في «شرحه»: (وقذه وأوقذه، و {المَوْقُوذَة} من «وقذه»)، انتهى.

قوله: (تُنْطَحُ الشَّاةُ): (تُنطَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الشاةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[ج 2 ص 490]

(1/9945)

[حديث: ما أصاب بحده فكله وما أصاب بعرضه فهو وقيذ]

5475# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو ابن أبي زائدة، و (عَامِر): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، و (عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ): هو عديُّ بن حاتم بن سعد الطائيُّ، الجواد ابن الجواد، أسلم سنة سبع، وعنه: الشَّعْبيُّ، وسعيد بن جبير، وأبو إسحاق، نزل قرقيسيا منعزلًا، قال ابن سعد: مات سنة (68 هـ) [1] وهو ابن مئة وعشرين سنةً، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ): هو بكسر الميم، وإسكان العين المُهْمَلة، ثُمَّ راء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ ضاد معجمة، قال ابن قُرقُول: خشبةٌ محدَّدة الطرف، وقيل: بل فيه حديدةٌ يُرمى بها الصيدُ، وقيل: بل هو سهمٌ لا ريش له، انتهى، وفي «النهاية»: (المِعْرَاض)؛ بالكسر: سهم بلا ريشٍ ولا نصلٍ، وإنَّما يصيب بعرضه دون حدِّه، وفي تفسير (المعراض) غيرُ ما ذكرت، تركته اختصارًا، وقد قَدَّمْتُ كلام ابن قُرقُول في أوَّل (البيوع).

قوله: (فَهْوَ وَقِيذٌ): هو بفتح الواو، وكسر القاف، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة، قال في «المطالع»: (وقيذ)؛ أي: ميتة؛ بمعنى «مفعول»، وهي المقتولة بعصًا أو حَجَرٍ لا حدَّ له، يُقال: وقذتُه؛ إذا أثخنتَه ضربًا، قال أبو سعيد: أصل الوَقْذِ: الضرب على فأس القفا، فتصل هدَّتها إلى الدماغ، فيذهب العقل، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (البيوع).

(1/9946)

[باب صيد المعراض]

قوله: (بَابُ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه وضبطه.

قوله: (وَكَرِهَهُ سَالِمٌ): هذا هو سالم بن عبد الله بن عمر، هذا أحد الفقهاء السبعة على قولٍ، وهو مشهور الترجمة.

قوله: (وَالْقَاسِمُ): هذا هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، أحد الفقهاء السبعة.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، مشهور الترجمة.

قوله: (وَعَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْحَسَنُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (وَكَرِهَ الْحَسَنُ ... ) إلى آخره: هو المشار إليه أعلاه، وإنَّما كره الحسنُ ذلك؛ لإمكان وجودِهم للسكاكين وما تقع به الذكاةُ، وأجازها في البراري وفي مواضعَ يتعذَّر وجودُ ذلك فيه، واعلم أنَّ أكثر العلماء على كراهة صيد الحَجَر والبندقة، وهي عندهم وَقِيذ؛ لقول ابن عَبَّاس: (إلَّا أنْ يدرك ذكاتَه)، وبه قال النَّخَعيُّ، وذهب إليه الأربعةُ، والثَّوريُّ، وإسحاق، ورخَّص في صيد البندقة عمَّارُ بن ياسر، وهو قول ابن المُسَيّب وابن أبي ليلى، وبه قال الشَّافِعيُّون، يعنون تخذيله بها، والأصل في ذلك حديثُ عديِّ بن حاتم: أنَّه أباح ما أصاب بحدِّه، ومَنْعُه أكل ما أصاب بعرضه؛ لأنَّه وَقِيذ، ولا حجَّة لمن خالف السُّنَّة، والله أعلم.

[ج 2 ص 490]

(1/9947)

[حديث: إذا أصبت بحده فكل فإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ ... ]

5476# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ): هو سعيد بن يُحمد، و (أبو السَّفَر): بالفتح، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الأسماءَ بالسكون، والكنى بالفتح، ومن المغاربة مَن سكَّن الفاء من هذا (أبي السَّفْر)، قال ابن الصلاح: وذلك خلافُ ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدارقطنيُّ عنهم، و (الشَّعْبِيُّ): بفتح الشين المُعْجَمة، عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (عن الْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ ضبطه وما هو قريبًا، وكذا تَقَدَّمَ (وَقِيذٌ): ضبطه وما معناه.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9948)

[باب ما أصاب المعراض بعرضه]

(1/9949)

[حديث: كل ما خزق وما أصاب بعرضه فلا تأكل]

5477# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، وقَدَّمْتُ أنَّ مدركي في ذلك أنَّ الحافظَ عبدَ الغنيِّ ذكر الثَّوريَّ في مشايخ قبيصة بن عقبة، ولم يذكر فيهم ابنَ عيينة، وأن الذَّهَبيَّ في «تذهيبه» أطلق سفيان، فحملتُ المطلق على المقيَّد، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (كُلْ مَا خَزَقَ): هو بالخاء المُعْجَمة، والزاي، والقاف، المفتوحات، قال الدِّمْيَاطيُّ: خزق وخسق: أصاب الرَّمِيَّة ونفذ فيها، انتهى، وما قاله هو لفظ ابن الأثير في «نهايتة»، وتكملة كلامه: وسهمٌ خازقٌ وخاسقٌ، انتهى، وكذا لغيره بالمعنى، وأمَّا شيخنا؛ فإنَّه ذكره بالزاي، ثُمَّ قال: ورُويَ بالراء، انتهى، ذكره في (كتاب التوحيد)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9950)

[باب صيد القوس]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن يزيدَ النَّخَعيُّ.

قوله: (وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدٍ: اسْتَعْصَى عَلَى آلِ عَبْدِ اللهِ حِمَارٌ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: هذا التعليق أخرجه ابن أبي شيبة عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، ولفظه: (سُئل ابن مسعود عن رجلٍ ضربَ رِجْلَ حمارِ وحشٍ فقطعها، فقال: دعوا ما سقط، وكلوا ما بَقِي)، وإنَّما ذكرت عزوه؛ لما فيه من الفوائد؛ منها: التَّصريح بأنَّه حمارُ وحشٍ، والتصريح بأنَّه ابنُ مسعود وإنْ كان هذا معروفًا، و «زَيْدٌ» أنَّه ابنُ وهب، هو زيد بن وَهْب، أبو سليمان الجهنيُّ، هاجر إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقُبِض عليه السلام وزيدٌ في الطريق، روى عن عمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي ذرٍّ، وابن مسعود، وجماعةٍ، وعنه جماعةٌ، ولم يُصِب يعقوبُ بن سفيان الفسويُّ في الكلام فيه، وقد ردَّه الذَّهَبيُّ في «التذهيب» و «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (96 هـ)، وقال ابن سعد: في ولاية الحَجَّاج، بعد الجماجم، قال الذَّهَبيُّ: هذا أشبه، أخرج له الجماعة، وهو ثقةٌ.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9951)

[حديث: أما ما ذكرت من أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها ... ]

5478# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهو ابن شريح الحضرميُّ الحمصيُّ، لا حَيْوَة بن شريح التُّجِيبيُّ؛ هذا متقدِّم الطبقة على شيخ البُخاريِّ، تُوُفِّيَ شيخُ البُخاريِّ سنة (224 هـ)، وهنا بينه وبينه واحدٌ، والتُّجِيبيُّ سنة (158 هـ)، والله أعلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): اسمه عائذ الله بن عبد الله، وقيل غير ذلك، أحد علماء التابعين بالشام وأعلامِهم، ترجمته معروفةٌ، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ): هو بِضَمِّ الخاء وفتح الشين المعجمتين، ثُمَّ نون، ثُمَّ ياء النسبة، منسوب إلى خُشَين؛ بِضَمِّ الخاء وفتح الشين المعجمتين، وهم بطنٌ من قضاعة، وهو خُشَين بن النمر بن وبرة بن ثعلب بن حلوان، واختلف في اسم أبي ثعلبة واسم أبيه على أقوال كثيرة؛ فقيل: جرهم، وقيل: جرثوم، وقيل: عمرو، وقيل: لاشِر؛ بكسر الشين المُعْجَمة، وقيل غير ذلك، واسم أبيه: ناشِم؛ بالنون أوَّله، وبعد الألف شين معجمة مكسورة، ثُمَّ ميم، وقيل: ناشر، وقيل: ناشب؛ بالموحَّدة في آخره، وقيل: ناشج؛ بالجيم، وقيل: جرهم، وقيل: جرثومة، ترجمته معروفةٌ، من أهل بيعة الرضوان، قاله غير واحد، وقيل: قدم عليه عليه السلام وهو يتجهَّز إلى خيبر، فشهدها معه، تُوُفِّيَ في خلافة معاوية، وقيل: في خلافة عبد الملك، سنة خمسٍ وسبعين، أخرج له أحمد والجماعةُ وبَقِيٌّ، وسيجيء قريبًا بعض ترجمته من كلام الدِّمْيَاطيِّ.

قوله: (أَمَّا مَا ذَكَرْتَ): (أَمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

(1/9952)

[باب الخذف والبندقة]

قوله: (بَابُ الْخَذْفِ): هو بفتح الخاء وإسكان الذال المعجمتين، وبالفاء: الرمي بحصًى أو نوًى بين سبَّابتَيه وبين الإبهام والسَّبَّابة.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9953)

[حديث: إنه لا يصاد به صيد ولا ينكى به عدو]

5479# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابْنُ رَاشِدٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هو يوسف بن موسى بن راشد بن بلال، أبو يعقوب الكوفيُّ القَطَّان، نزيل الريِّ مدَّةً للتِّجارة، وكان عالمًا صاحبَ حديثٍ، عن جرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمرَ، وابن عيينة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبغويُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، وآخرون، وكتب عنه ابن معين مع تقدُّمه، وقال هو وأبو حاتم: صدوق، قال السراج: مات في سنة (253 هـ)، وذكره ابن حِبَّان في «ثقاته» وأرَّخ وفاته شبه [ما] قاله السراج، وقد تَقَدَّمَ في (تفسير البقرة).

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمة، والفاء المُشَدَّدة، و (المغفَّل): صَحَابيٌّ أيضًا، قدَّمته مرارًا.

قوله: (أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، غير أنَّه قريبٌ لعبد الله بن مُغَفَّل، كما جاء في رواية في «الصَّحيح»، وفي «ابن ماجه»: أنَّه ابنُ أخيه.

قوله: (وَلَا يُنْكَأُ [1] بِهِ عَدُوٌّ): قال ابن قُرقُول: بفتح الكاف، مهموزٌ، وهي لغةٌ، والأشهر: «لا يُنكَى»، ومعناه: المبالغة في الإيذاء، انتهى، وفي «النهاية»: يُقال: نَكيت في العدوِّ أَنكي نكايةً، فأنا ناكٍ؛ إذا أكثرتَ فيهم الجراحَ والقتلَ، فوهنوا لذلك، وقد يُهمَز، لغة فيه؛ يقال: نكأت القرحة أنكؤها؛ إذا قشرتَها، انتهى، وكذا قاله غيرُهما.

قوله: (وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ): هو بفتح التاء [2]، مهموزٌ.

قوله: (لَا أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا): في «مسلم»: «لا أكلِّمك أبدًا».

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يُنْكَى).

[2] في (أ): (الياء)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 491]

(1/9954)

[باب: من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية]

(1/9955)

[حديث: من اقتنى كلبًا ليس بكلب ماشية أو ضارية]

5480# قوله: (أَوْ ضَارِيَةٍ): هو بالضاد المُعْجَمة، ثُمَّ ألف، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، الكلب الضاري: المعتاد للصيد، ورأيت في حاشيةِ نسخةٍ مكتوب عليها أنَّها من الصاغانيِّ: (كذا وقع: «إلَّا كلب ضارٍ لصيدٍ»، والصواب: كلبًا ضاريًا بِصَيْدٍ) انتهت، قال ابن قُرقُول: («إلَّا

[ج 2 ص 491]

كلبًا ضاريًا» كذا رواية الأكثر، والمعروف في رواية يحيى بن يحيى وغيرِه في «مسلم»: «إلَّا كلبَ ضاريةٍ»، وفي الحديث الآخر: «إلَّا كلبَ ماشيةٍ أو ضاريةٍ»، وعند بعضهم: (أو ضارٍ)، وكذا للعذريِّ، والأوَّل المعروف، ويُخَرَّج الثاني على إضافة الشيء إلى نفسه؛ كماء البارد؛ أي: يرجع ضارٍ وضاريةٍ إلى صاحبِ الصيد؛ أي: كلب صاحبِ كلابِ الصيد)، انتهى، وفي «النهاية»: («إلَّا كلب ماشيةٍ أو ضارٍ»؛ أي: كلبٌ معوَّدٌ بالصيد، يُقال: ضرِيَ الكلبُ، وأضراه صاحبُه؛ أي عوَّده وأغراه به، ويُجمَع على «ضوارٍ»، وقال النَّوَويُّ في قوله: «إلَّا كلبَ ضاريةٍ»: «تقديره: إلَّا كلب ذي كلابٍ ضارية، والضاري: المعلَّم للصيد المعتادُ له») انتهى.

قوله: (نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ [1] قِيْرَاطَانِ): تَقَدَّمَ أنَّ النقص من ماضي عمله أو مستقبلِه، أو قيراطٌ من عمل الليل وآخرُ من عمل النهار، أو واحدٌ من الفرض وآخرُ من النفل؛ فيه إحتمالاتٌ حكاها شيخنا عن «البحر»، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كلَّ يوم من عمله).

(1/9956)

[حديث: من اقتنى كلبًا إلا كلب ضار لصيد أو كلب ماشية]

5481# قوله: (إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، كذا في الهامش نسخة، وفي أصلنا: (إلَّا كلبٌ ضارٍ).

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إلَّا كلبٌ ضارٍ).

[ج 2 ص 492]

(1/9957)

[حديث: من اقتنى كلبًا إلا كلب ماشية أو ضار نقص من عمله كل يوم .. ]

5482# قوله: (أَوْ ضَارٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (ضاريًا)، تَقَدَّمَ ما (الضاري).

(1/9958)

[باب إذا أكل الكلب ... ]

قوله: (بَابٌ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال ما لفظه: ساق الآية والأحاديث بعدها؛ لأنَّها بيَّنت أنَّ الإمساك في الآية شرطٌ فيه أنْ يكون على صاحبه؛ أي: وفَّى بطاعته، لا لشهوة الجارح، فإذا أكل؛ تحقَّق إمساكُه لنفسه، لا لربِّه، انتهى.

قوله: (الصَّوَائِدُ وَالْكَوَاسِبُ): كذا في أصلنا مرفوعان، و (الكَوَاسب): بفتح الكاف وتخفيف الواو، وبعد الألف سين مهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وينبغي أنْ يكون (الصوائدَ) بالنصب؛ لأنَّه مفعول اسم الفاعل؛ وهو قوله: {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]، و (المكلِّب)؛ بكسر اللام: معلِّم الكلابِ الصيدَ، و (الكواسبَ): معطوف عليه، فهو مَنْصوبٌ أيضًا، والله أعلم، ويجوز ما في الأصل.

قوله: (فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما.

قوله: (وقال عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 492]

(1/9959)

[حديث: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله ... ]

5483# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، و (بَيَان): هو بيان بن بشر المؤدِّب، عن أنس وقيس بن أبي حازم، وعنه: شعبة، وزائدة، وعِدَّةٌ، أخرج له الجماعة، قال أحمد وابن معين: ثقة، تُوُفِّيَ في حدود (140 هـ)، لا بيان بن عمرو، الثاني شيخ البُخاريِّ، ومتأخِّرُ الطبقةِ عن الأوَّل، تُوُفِّيَ هذا _على ما قاله البُخاريُّ_ سنة (222 هـ)، أخرج للثاني البُخاريُّ فقط، قال ابن عديٍّ: عالمٌ جليلٌ، له غرائبُ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 492]

(1/9960)

[باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثةً]

(1/9961)

[حديث: إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسك وقتل]

5484# قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو عاصم بن سليمان الأحول، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ): (أَيُّهَا): بالضمِّ:

~…وَبَعْضُهُمْ أَعْرَبَ أَيًّا مُطْلَقًا… ...................

(1/9962)

[معلق عبد الأعلى: يأكل إن شاء]

5485# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيٍّ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وهو صحيحٌ إلى المعلَّق عنه، ومنه إلى فوق قد يكون على شرطه، وقد لا يكون، وهذا ليس على شرطه، وسيجيء بيانه، و (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى، و (داود) هذا: هو ابن أبي هند البصريُّ، أحد الأعلام، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وهذا من التعليق، و (عامرٌ): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، وهذا التعليق أخرجه أبو داود في (الصيد) عن الحسين بن معاذ بن حُلَيف عن عبد الأعلى، وعن ابن المثنَّى عن عبد الوهَّاب؛ كلاهما عن داود نحوه، وحديث ابن المثنَّى في رواية ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم، والله أعلم.

قوله: (يَرْمِي الصَّيْدَ): (يَرْمِي): مَبْنيٌّ للفاعل، و (الصَّيْدَ): مَنْصوبٌ مفعول.

قوله: (فيَقْتَفِي [1] أَثَرَهُ): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (فَنَقْتَفِرُ)، وعليها (صح)، (نَقْتَفِر): هو بفتح النون، ثُمَّ قاف ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ فاء مكسورة، ثُمَّ راء، و (أَثَرَه): مَنْصوبٌ مفعول، و (يقتفي): يتبع، و (أَثَرَه): أيضًا مَنْصوبٌ عليه، ويجوز بناء (يقتفي) و (نقتفر) للفاعل وللمفعول، فإنْ بنيتَه للفاعل؛ نصبتَ (أثرَه)، وإنْ بنيته للمفعول؛ ضَممتَ (أثره)، وهما بمعنًى: (يقتفي) و (نقتفر)، قال ابن قُرقُول: (فنقتفر أثره): كذا عند أبي ذرٍّ والأصيليِّ، وعند القابسيِّ: (نقتفي أثره)، وهما بمعنًى، انتهى، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فنَفْتَقِد أثره)؛ أي: نتطلَّبُ أثرَه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ ورواية ابن عساكر، وفي «اليونينيَّة»: (فَيَقْتَفِرُ)، وفي هامش (ق) مصحَّحًا عليه: (فَنَقتَفِرُ).

[ج 2 ص 492]

(1/9963)

[باب: إذا وجد مع الصيد كلبًا آخر]

(1/9964)

[حديث: إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فأكل فلا تأكل]

5486# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الفاء، وأنَّ الكنى بفتح الفاء، والأسماء بالسكون، وأنَّ مِن المغاربة مَن سكَّن الفاء من (أبي السَّفَر) هذا، واسمه سعيد بن يُحمد، وأنَّ ابن الصلاح قال: وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدارقطنيُّ عنهم [1]، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَهُ): (أيُّ): بِضَمِّ الياء المُشَدَّدة:

~…وَبَعْضُهُمْ أَعْرَبَ أَيًّا مُطْلَقًا… ...................

قوله: (عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ ضبطه وما هو قريبًا، وكذا (وَقِيذٌ) ضبطًا ومعنًى.

(1/9965)

[باب ما جاء في التصيد]

قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّصَيُّدِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: مقصوده بهذه الترجمةِ التنبيهُ على أنَّ الصيد لمن عيشه ذلك، أو لمن عيشه مستقلٌّ بدونه ولكنَّه عرض له ذلك؛ كلُّه جائزٌ مشروعٌ، وفي صيد اللهو خلافٌ، انتهى، قال الشيخ محي الدين في «شرح مسلم»: (قال القاضي عياض ... ؛ فذكر كلامًا وفيه: واختلفوا فيمَن اصطاد للهو ولكن قصد تذكيته والانتفاعَ به، فكرهه مالكٌ، وأجازه الليث وابنُ عبد الحكم، قال: فإنْ فعله بغير نيَّة التذكية؛ فهو حرامٌ؛ لأنَّه فسادٌ في الأرض وإتلافُ نفسٍ عبثًا) انتهى.

==========

[ج 2 ص 492]

(1/9966)

[حديث: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل]

5487# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي ابْنُ فُضَيْلٍ): قال الجَيَّانيُّ: وقال _ يعني البُخاري_ في (الصيد) و (الاعتكاف): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا ابن فضيل)، نسبه ابن السكن في الموضعين (ابن سلَام)، ووافقه الأصيليُّ على الذي في (الاعتكاف)، فنسبه كذلك، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في (كتاب النِّكاح)، فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: حدثنا ابن فضيل) انتهى، وقد ذكرت ذلك أيضًا في (البيوع)، فإنَّ فيه: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدثنا ابن فضيل)، ولم يذكره الجَيَّانيُّ، والظاهر أنَّه لو ظفر به؛ لقال كما قال في المكانَين المذكورَين، وقد قال شيخنا هناك _كما قدَّمتُه_: هو ابن سلَام البيكنديُّ، قاله الدِّمْيَاطيُّ والمِزِّيُّ، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ هنا: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام.

[ج 2 ص 492]

قوله: (عن بَيَانٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن بشر، أبو بشر، و (عَامِر): هو الشَّعْبيُّ ابن شَراحيل.

(1/9967)

[حديث: أما ما ذكرت أنك بأرض قوم أهل الكتاب تأكل في آنيتهم]

5488# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، و (حَيْوَة بْن شُرَيْحٍ): كذا هو منسوب في نسخة، بشين معجمة مضمومة، وفي آخره حاء مهملة.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره أيضًا إنْ شاء الله، و (أَبُو إِدْرِيس): عائذ الله، تَقَدَّمَ، وكذا (أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِيُّ): تَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

قوله: (أَمَّا ما ذَكَرْتَ): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وكذا (وأمَّا) الثانية.

(1/9968)

[حديث: أنفجنا أرنبًا بمر الظهران فسعوا عليها حتى لغبوا]

5489# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا بعد (مسدَّد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا): (أَنْفَجْنا): بفتح الهمزة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ جيم ساكنة، والباقي معروفٌ، ومعناه: أَثَرْنَاها، فنَفَجَتْ هي؛ أي: وَثَبَت.

قوله: (بِمَرِّ الظَّهْرَانِ): [تَقَدَّمَ] ضبطه، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة: بطنَ مروَ.

قوله: (حَتَّى لَغبُوا): هو بفتح الغين وكسرِها، والفتح أشهرُ، وأنكر بعضُهم الكسرَ، ومعناه: أعيَوا وكلُّوا.

==========

[ج 2 ص 493]

(1/9969)

[حديث: إنما هي طعمة أطعمكموها الله.]

5490# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)، (نصر)؛ بالمُهْمَلة: لا يأتي بالألف واللام، بخلاف (النضر) _ بالمُعْجَمة_؛ فإنَّه لا يجيء إلَّا بهما، واسمه سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ، مشهورٌ، (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث بن رِبْعِيٍّ.

قوله: (وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ): تَقَدَّمَ في (الحجِّ) ما سبب تأخُّره عن الإحرام مُطَوَّلًا، وأنَّ هذه السَّفرة كانت عمرةَ الحديبية.

قوله: (فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ فرسه الجرادةُ.

قوله: (إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ): قال ابن قُرقُول: بِضَمِّ الطاء وكسرها، فبالضمِّ: الأُكلَةُ، وبالكسر: وجه الكسب وهيئتُه، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (الأطعمة) مع زيادة، نُقِل ذلك عن ابن الأثير أيضًا، والله أعلم.

5491# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي أويس.

(1/9970)

[باب التصيد على الجبال]

قوله: (بَابُ التَّصَيُّدِ عَلَى الْجِبَالِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، وهو حديث أبي قتادة في عقر الحمار، ثُمَّ قال: نبَّه على جواز ارتكاب المشاقِّ لنفسه ولدابَّته لغرضٍ صحيحٍ؛ وهو الصيد.

(1/9971)

[حديث: كلوا فهو طعم أطعمكموها الله]

5492# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْبٍ، أحد الأعلام، و (عَمْرو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، و (أَبُو النَّضْر): بالضاد المُعْجَمة، سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ، و (نَافِع مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): هو نافع بن عَبَّاس، ويُقال: عياش، أبو مُحَمَّد الأقرع، مولى أبي قتادة، تَقَدَّمَ، و (أَبُو صَالِح مَوْلَى التَّوْءَمَةِ): (أبو صالح) هذا: اسمه نبهان الجمحيُّ المدنيُّ، والد صالحٍ مولى التوءمة، عن أبي قتادة في الحمار الوحشيِّ، وعنه: سالمٌ أبو النَّضر فقط، روى له البُخاريُّ في قصَّة الحمار الوحشيِّ مقرونًا بأبي مُحَمَّد مولى أبي قتادة، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا، ولم يُخَرِّج له غيره من أصحاب الكتب، قال ابن قُرقُول: (و «التُّؤَمة»: بِضَمِّ التاء وفتح الهمزة يقولها المحدِّثون)، وكذا هي في أصلنا بالقلم، قال ابن قُرقُول: وصوابه: بفتح التاء، وإسكان الواو، وهمزة مفتوحة بعدها، كذا سمعناه من الحُذَّاق، ومنهم من ينقل حركة الهمزة، فيفتح بها الواو، وهي مولاة أبي صالح بنت أُمَيَّة بن خلف، وُلِدَت مع أختٍ لها في بطنٍ، فسُمِّيَت بذلك [1]، والذكر: توءَمٌ، انتهى.

قوله: (أَبَا قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه الحارث بن رِبْعِيٍّ.

قوله: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ ذلك كان في عمرة الحديبية.

قوله: (فِي أَثَرِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة والثاء، وبكسرها مع إسكان الثاء، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخُنا في ذلك.

==========

[1] في (أ): (بذكر)، ولعلَّه سبق نظر، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 493]

(1/9972)

[باب قول الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر}]

قوله: (مَا رَمَى بِهِ): (رَمَى): بفتح الراء والميم، مَبْنيٌّ للفاعل، وهو البحر.

قوله: (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ): هو أبو بكر الصِّدِّيق، عبدُ الله بن عثمان الصِّدِّيق، خليفةُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كذا عزاه شيخُنا إلى ابن أبي شيبة أنَّه أخرجه.

قوله: (الطَّافِي حَلَالٌ): هو بالطاء المُهْمَلة، وبعد الألف فاء، ثُمَّ ياء، منقوصٌ؛ كـ (القاضي)، وهو ما مات في البحر فطفا على الماء، يُؤكَل عند أهل الحجاز، ومنعه الكوفيُّون، يُقال: طفا الشيء فوق الماء يطفُو طَفْوًا وطُفُوًّا؛ إذا علا ولم يرسب.

قوله: (إِلَّا مَا قَذِرْتَ مِنْهَا): (قَذِرْتَ): بفتح القاف، وكسر الذال المُعْجَمة في الماضي، مفتوحها في المستقبل، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْجِرِّيُّ لَا تَأْكُلُهُ الْيَهُودُ): وفي نسخة: (والجِرِّيث)، (الجِرِّيُّ): بكسر الجيم، وتشديد الراء المكسورة، ثُمَّ ياء مشدَّدة، قال شيخنا: هو بفتح الجيم، كما ذكر القاضي عياض، وفيه الكسر أيضًا، وبه ضبطه الدِّمْيَاطيُّ بخطِّه، وهو ما لا قِشْر له، انتهى، و (الجِرِّيث): بكسر الجيم، وتشديد الراء المكسورة،

[ج 2 ص 493]

ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، قال ابن قُرقُول: و (الجِرِّيُّ): هو الجِرِّيث؛ ضربٌ من الحيتان، ذكره ابن عَبَّاس، وأنَّ اليهود لا تأكله، قال الخَطَّابيُّ: الأنكليس، نوعٌ من السمك شبه الحيَّات، وذكر غيره: أنَّه نوع عريض الوسط دقيقُ الطرفين، انتهى، وفي «النهاية»: («الجِرِّيث»: نوع من السمك يشبه الحيَّاتِ، ويُقال له بالفارسيَّة: المرماهِي)، وفي «الصحاح»: الجِرِّيث؛ بالتشديد: ضربٌ من السمك، انتهى، وقال ابن القَيِّم الجوزيَّة في «الهدْي»: إنَّه السلور.

(1/9973)

قوله: (شُرَيْحٌ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ): هذا الموقوفُ رواه الدارقطنيُّ مرفوعًا عن أبي شُرَيح عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّ الله ذبح ما في البحر لبني آدم»، عزاه إليه المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه»، وعزاه شيخُنا لأبي نعيم وغيرِه مرفوعًا، وقال غير شيخنا: إنَّ البُخاريَّ أسنده في «تاريخه الكبير» فقال: حدَّثنا مسدَّد: حدَّثنا يحيى عن ابن جُرَيج: أخبرني عمرو بن دينار وأبو الزُّبَير: سمعا شريحًا أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «كُلُّ شَيْءٍ في الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ»، انتهى.

و (شريحٌ) هذا: بالشين المُعْجَمة، وفي آخره حاء مهملة، قال ابن قُرقُول في (الشين المُعْجَمة): (وقال شريحٌ صاحبُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): كذا لكافَّتهم، قال الفربريُّ: وكذا في أصل «البُخاريِّ»، وعند الأصيليِّ في أصله: (وقال أبو شريح الخزاعيُّ)، أخرج عنه مسلم، انتهى، قال الدِّمْيَاطيُّ: شريح بن هانئ، أبو هانئ، وعند الأصيليِّ: (أبو شريح)، وهو وَهَمٌ، انتهى، وكذا قال الجَيَّانيُّ في (شريح)؛ بالشين المُعْجَمة، وفي آخره حاء مهملة: وشريح رجل من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أيضًا، يُروى عنه: «كُلُّ شَيْءٍ في الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ»، أتى ذكره في (الذبائح) من «الجامع»، انتهى، وفي «الاستيعاب» لابن عَبْدِ البَرِّ: شريح رجل من الصَّحابة حجازيٌّ، انتهى، روى عنه أبو الزُّبَير وعمرو بن دينار، سمعاه يحدِّث عن أبي بكر الصِّدِّيق قال: «كلُّ شيءٍ في البحر مذبوحٌ، ذبح الله لكم كلَّ دابَّة خلقها في البحر»، قال أبو الزُّبَير وعمرو بن دينار: وشريح هذا أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال أبو حاتم: له صحبة، انتهى، ولم يذكره الذَّهَبيُّ في (الكنى)، إنَّما ذكره في (الأسماء) في «التذهيب»، وفي «التجريد»: شريح بن أبي شريح، وقال في «التذهيب» ما معناه: أنَّه علَّق عنه البُخاريُّ، فإنَّه رقم عليه (خت)، وكذا في «الكاشف».

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ الإمام، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ): هو ابن أبي رَباح، تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/9974)

قوله: (وَقِلَاتِ السَّيْلِ): (القِلَات): بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف تاء ممدودة، جمع (قَلْت)؛ بفتح القاف، وإسكان اللام، وهو النقرة في الجبل يستنقع فيها الماءُ.

قوله: (وَرَكِبَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الشين، وأنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (بِالسُّلَحْفَاةِ بَأْسًا): (السُّلَحْفاة): بِضَمِّ السين، وفتح اللام، ثُمَّ حاء مهملَتَين ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي تاء الوحدة، قال الجوهريُّ: السُّلَحْفاة؛ بفتح اللام: واحدة السلاحف، قال أبو عبيدة: وحكى الرُّؤاسِيُّ: سُلَحْفِيَة؛ مثل: بُلَهْنِيَة، وهو ملحقٌ بالخماسيِّ بألف، وإنَّما صارت ياء؛ لكسرة ما قبلها، وفي «المطالع»: (السُّلَحْفاة): بالهاء عند الكافَّة، وعند عُبدوس: (السُّلَحْفا)؛ بغير هاء، وكذا ذكره أبو عليٍّ بفتح اللام، وهو قول الأصمعيِّ، وغير الأصمعيِّ يُسَكَّن اللام فيقول: (سُلْحَفاة)، وذلك غير معروفٍ، قال: ويُقال: سُلَحْفِيَة، وتَقَدَّمَ أنَّ في «الصحاح» فتحَ اللام فقط، وقدَّمه في «المحكم»، وحكى الإسكانَ، وحكى إسقاطَ الهاء.

قوله: (كُلْ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ نَصْرَانِيٌّ أَوْ يَهُودِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ [1]): هو برفع (نصراني)، وما بعده معطوفٌ عليه، وهو فاعلٌ مقدَّرٌ، تقديره: وإنْ صاده نصرانيٌّ ... إلى آخره، وكذا هو ثابتٌ في نسخة في هامش أصلنا: (وإن صاده نصرانيٌّ ... ) إلى آخره.

(1/9975)

قوله: (وقال أبو الدَّرْدَاءِ في الْمُرِّيِّ [2]): (أبو الدرداء): هو عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه تأخَّر إسلامه حتَّى أسلم عَقِب بدر، وتَقَدَّمَ مترجمًا، رضي الله عنه، و (المُرِّيُّ): بِضَمِّ الميم، وتشديد الراء المكسورة، وكذا الياء مشدَّدة، والمغاربة رأيتهم ينطقون به بتخفيف الراء والياء، وقد ذكره الجوهريُّ في (مرر) فقال: والمُرِّيُّ: الذي يُؤتَدم به، كأنَّه منسوب إلى المرارة، والعامَّة تخفِّفه، انتهى، ونقل ابن الأثير ذلك عن الجوهريِّ بزيادةٍ، وفيها توضيح، ولفظه: (المُرِّيُّ؛ بالضمِّ وتشديد الراء: الذي يُؤتَدَم به، كأنَّه منسوبٌ إلى المرارة ... ) إلى آخره، وقال الشيخ محي الدين في «تهذيبه»: هو بِضَمِّ الميم، وسكون الراء، وتخفيف الياء، وهو أدم معروفٌ، وليس هو عربيًّا، وهو يشبه الذي يسمِّيه الناسُ الكامخَ، والكامخ ليس عربيًّا، لكنَّه عجميٌّ معرَّبٌ، وذكر الجواليقيُّ في آخر كتابه في «لحن العَوَام» فيما جاء ساكنًا فحرَّكوه: المُرْيَ، ثُمَّ ذكر كلام الجوهريِّ في «صحاحه» الذي ذكرته، انتهى، والمراد هنا بـ (المُرِّيِّ): هو الذي يأتي تفسيره في (ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ)، أمُّا (مري) المغاربة، فإنَّه حلالٌ بالإجماع؛ لأنَّه عقاقيرُ مجموعةٌ.

قوله: (ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال أبو موسى: عبَّر عن قوَّة الملح والشمسِ، وغَلَبَتِهما على الخمر، وإزالَتِهما طعمَها وريحَها بـ «الذبح»، وإنَّما ذكر النِّينانَ دون الملح؛ لأنَّ المقصود من ذلك هي دون الملح، وهي التي حلَّلَته، وذهب البُخاريُّ إلى ظاهر اللفظ، وأورده في طهارة صيد البحر؛ يريد: أنَّ السمك طاهرٌ حلالٌ، وحِلُّه يتعدَّى إلى غيره؛ كالملح حتَّى تصيرَ الخمرُ النجسةُ الحرامُ بإضافته إليها طاهرةً حلالًا [3]؛ وكان أبو الدرداء ممَّن يُفتي بذلك، ومعناه: أنَّ أهلَ الريف بالشام وغيرِها قد يعجنون المُرِّيَّ بالخمر، وربَّما يجعلون فيه أيضًا السمكَ المُرِّيَّ بالملح والإبزار، نحو ما يسمُّونه: الصِّحْنَاء، وكان أبو هريرة وأبو الدرداء وابن عَبَّاس وغيرُهم من التابعين يأكلون هذا المُرِّيَّ المعمولَ بالخمر، ولا يرون به بأسًا، ويقول

[ج 2 ص 494]

(1/9976)

أبو الدرداء: (إنَّما حرَّم الله الخمرَ بعينها وسكرها، وما ذبحته الشمس والملح؛ فنحن نأكلُه، ولا نرى به بأسًا) انتهى.

وفي «المطالع»: (ذبحُ الخمرِ النينانُ والشمسُ)، ويُروى: (ذبحَ الخمرَ النينانُ والشمسُ)؛ أي: طهرُها واستباحةُ استعمالها صنعُها مُرِّيًّا بالحوت المطروح فيها، وطبخُها للشمس [4]، فيكون ذلك كالذَّكاة لما يُستَحلُّ من الحَيَوَان، وفيه اختلافٌ بين العلماء، وهذا على مذهب مَن يجيز تخليلها، انتهى، فاستفدنا من كلامه أنَّه يُقرَأ بوجهين: (ذبحَ): فعلٌ ماضٍ، و (النينانُ): مَرْفوعٌ فاعلُ (ذبح)، و (الشمسُ): معطوفٌ عليه، و (الخمرَ): مَنْصوبٌ مفعول، وبهذا هو مضبوطٌ في أصلنا، والوجه الثاني: (ذبحُ): مَرْفوعٌ مبتدأ، وهو مصدرٌ، و (الخمرِ): مضاف مجرور، و (النينانُ): مَرْفوعٌ خبرُ المبتدأ، و (الشمسُ): معطوف عليه، وذكر ابن قُرقُول في (النون مع الواو): (النينان: جمع «نون»؛ مثل: حِيتان)، وذكر كلامًا قريبًا من الأوَّل.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (نصرانيٍّ أو يهوديٍّ أو مجوسيٍّ).

[2] في هامش (ق): (قال ابن الجواليقي: هو المُرْيُ؛ بسكون الراء لا غير).

[3] في (أ): (حلال)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[4] في مصدره: (بالشمس).

(1/9977)

[حديث: غزونا جيش الخبط وأمر أبو عبيدة فجعنا جوعًا شديدًا]

5493# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان الحافظ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ): تَقَدَّمَ أن هذه السريَّة كانت سنة ثمانٍ في رجب، بعثهم إلى حيٍّ من جُهَينة ممَّا يلي ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمسُ ليالٍ، وقد قدَّمته، وقَدَّمْتُ ما فيه، وذكرت أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم جرى له مثلُ ذلك من حديث جابر بن عبد الله الحديثِ الطويلِ في أواخر «مسلم»، وفي آخر الحديث: (وشكى الناس لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الجوعَ فقال: «عسى الله أن يطعمكم»، فأتينا سيفَ البحر، فزخر البحر زخرةً، فألقى دابَّةً، فأورينا على شقِّها النَّارَ، فأطبخنا واشتوينا، فأكلنا وشبعنا، قال جابرٌ: فدخلتُ أنا وفلانٌ وفلانٌ _حتَّى عدَّ خمسةً_ في حجاج عينها، حتَّى ما يرانا أحدٌ، حتَّى خرجنا فأخذنا ضلعًا من أضلاعه، فقوَّسناه، ثُمَّ دعَونا بأعظم رجلٍ في الرَّكب، وأعظمِ جَمَلٍ في الرَّكب، وأعظمِ كفلٍ في الرَّكب، فدخل تحته ما يُطأطئ رأسَه)، انتهى الحديث، وفي أوائل هذا الحديث أنَّهم كانوا في غزوة بُواط.

قوله: (وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (وأميرنا أبو عبيدة)، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أبا عبيدة هو أحد العشرة، وأنَّ اسمه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح الفهريُّ، أمين الأمة، تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، وقوله: (وأميرنا أبو عبيدة)، كذا في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، قال شيخنا: (ووقع في كتاب «الأطعمة» لابن أبي عاصم من حديث جابر: أنَّ الأميرَ عليهم يومئذ قيسُ بن سعد بن عبادة، وهو عجيبٌ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك في مكانه.

قوله: (لَمْ يُرَ مِثْلُهُ): (يُرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (مثلُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وفي ضبطٍ آخرَ: (لم نَرَ)؛ بفتح النون، مَبْنيٌّ للفاعل، و (مثلَه): مَنْصوبٌ مفعول.

(1/9978)

[حديث: بعثنا النبي ثلاثمائة راكب وأميرنا أبو عبيدة]

5494# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، قاله بعض الحُفَّاظ، وقد تَقَدَّمَ كلامه في (الجمعة)، والله أعلم.

قوله: (نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ): تَقَدَّمَ ما (العير)، وقد تُعُقِّب هذا الكلام في (غزوة سيف البحر)؛ فانظره.

قوله: (حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ): هو بفتح الخاء المُعْجَمة والباء الموحَّدة، وبالطاء المُهْمَلة، ورق الشجر، وقال بعضهم: ورق السَّمُر، و (الخَبْطُ): ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق المتساقط: خَبَطٌ؛ بالتحريك، (فَعَلٌ) بمعنى: (مفعول)، وهو من علف الإبل، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (حَتَّى صَلَحَتْ): هو بفتح اللام، ويُقال بضمِّها.

قوله: (فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا): هو بفتح اللام وتُسَكَّن، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْجُوعُ؛ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ): تَقَدَّمَ في (غزوة سيف البحر) أنَّ هذا الرجلَ قيسُ بن سعد بن عبادة، كذا قال الشيخ محي الدين النَّوَويُّ، وكذا قاله غيره، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في الغزوة المذكورة في «الصَّحيح» ما يرشد إلى أنَّه قيسٌ المشار إليه، وترجمة قيسٍ معروفةٌ، رضي الله عنه وعن أبيه.

قوله: (ثَلَاثَ جَزَائِرَ): هو جمع (جزور)، ويُجمَع أيضًا (الجزور) على (جُزُر)، و (الجزور): البعير ذكرًا كان أو أنثى، إلَّا أنَّ اللفظةَ مؤنثَّةٌ، تقول: هذه الجزور وإنْ أردت ذَكَرًا، والله أعلم.

(1/9979)

[باب أكل الجراد]

(1/9980)

[حديث: غزونا مع النبي سبع غزوات أو ستًا]

5495# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو يَعْفُورٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: وقدان، واسمه واقد، سمع ابنَ أبي أوفى ومصعبَ بن سعد، وأبو يعفورٍ الصغيرُ: عبد الرحمن بن عبيد [بن] نسطاس البكَّاء، سمع أبا الضحى، متَّفقٌ عليهما، انتهى.

تنبيهٌ: وقع للشيخ محي الدين النَّوَويِّ رحمه الله في «شرح مسلم»: أنَّ هذا هو عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، انتهى، والصواب ما قاله الدِّمْيَاطيُّ، ولم يذكر المِزِّيُّ الحديثَ المذكورَ عن عبد الله بن أبي أوفى إلَّا في مسند وقدان أبي يعفور الأكبرِ عنه، ولم يذكر في مسند عبد الله بن أبي أوفى حديثًا لأبي يعفور الأصغرِ عبدِ الرحمن عنه، والله أعلم.

و (عَبْدُ اللهِ [1] بْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأبو أوفى تَقَدَّمَ أنَّه صَحَابيٌّ، رضي الله عنهما، وقَدَّمْتُ نسب أبي أوفى غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: سَبْعَ غَزَوَاتٍ): إنَّما جاء بهذا؛ لأن الأوَّل فيه شكٌّ، وهذا

[ج 2 ص 495]

فيه جزمٌ بالسَّبْعِ، وقد روى هذا الحديثَ البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ: (ستَّ أو سبعَ)؛ لفظ حديث أبي الوليد والحوضيِّ وابن أبي عمر، وفي حديث إسحاقَ بن إبراهيم وأحمدَ بن منيع وقتيبةَ: (ستَّ)، وفي حديث الباقين: (سبعَ)، والله أعلم.

وما قاله الثَّوريُّ؛ رواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر؛ ثلاثتهم عن ابن عيينة عن أبي يعفور به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن أحمدَ بن منيع، عن سفيان بن عيينة به، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسَائيُّ في (الصيد) عن قتيبة عن ابن عيينة به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن محمود بن غيلان عن أبي أحمد الزبيديِّ والمؤمَّل بن إسماعيل؛ كلاهما عن الثَّوريِّ عن أبي يعفورٍ به.

وما قاله أبو عوانة؛ فقد أخرجه مسلم عن أبي كامل الجحدريِّ، عن أبي عوانة، عن أبي يعفور.

وما قاله إسرائيل؛ فلم أره في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/9981)

و (سفيان) هذا: هو الثَّوريُّ، كما نصَّ عليه ابن طاهر، وروى ابنُ عيينة عن أبي يعفور عند مسلم، و (أبو عوانة): الوضَّاح بن عبد الله، و (إسرائيل): هو [ ... ] [2]، و (أبو يعفور): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه وقدان؛ فانظره، و (ابن أبي أوفى): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الله بن أبي أوفى، وتَقَدَّمَ نسب أبي أوفى، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا.

==========

[1] (عبد الله): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] أخلى في (أ) بياضًا.

(1/9982)

[باب آنية المجوس والميتة]

قوله: (بَابُ آنِيَةِ الْمَجُوسِ وَالْمَيْتَةِ): ساق ابن المُنَيِّر حديثَي الباب على قاعدته، ثُمَّ قال: ترجم على آنية المجوس والأحاديثُ في أهل الكتاب؛ لأنَّه بنى [1] على أنَّ المحذور منها واحدٌ؛ وهو عدم توقِّيهم النجاسات، ونبَّه بقوله في الترجمة: (والميتة) على أن الحُمُرَ لمَّا كانت محرَّمةً؛ لم تُؤَثِّر فيها الذكاة، انتهى، وقد يُقال: لعلَّ البُخاريَّ يرى أنَّ المجوسَ من أهل الكتاب، وهذه المسألة فيها خلافٌ للناس، والظاهر من حاله أنَّه يرى أنَّهم منهم؛ بدليل إخراجه حديثَ عبد الرحمن بن عوف: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخذ الجزيةَ من مجوس هجر)، والأشبه أنَّهم كان لهم كتابٌ فبدَّلوه، فأصبحوا وقد أُسرِيَ به، وهو أحد القولين عند الشَّافِعيَّة _أعني: أنَّهم كان لهم كتاب_ وكذا عند المالكيَّة، ومشهور مذهب مالكٍ: أنَّهم لا كتابَ لهم، وقد روى عبد بن حميد في «تفسيره»: أنَّهم كان لهم كتابٌ، قال ابن حزم: وصحَّ أنَّه عليه السلام أخذ منهم الجزيةَ، ولا تُؤخَذ إلَّا من كتابيٍّ؛ لقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ... }؛ الآية [التوبة: 29]، وحديث: «لا تُؤكَل لهم ذبيحةٌ» مُرْسَل، وقد سُئِل ابن المُسَيّب عن مريض أمر مجوسيًّا أنْ يذبح ويُسمِّيَ، فقال سعيدٌ: لا بأس بذلك، وهو قول أبي قتادة وأبي ثور وأصحابِنا، انتهى.

==========

[1] في (أ): (لا بنى)، وفي هامشها: (لعلَّه: لينبئ، أو لينبه)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 496]

(1/9983)

[حديث: أما ما ذكرت أنك بأرض أهل كتاب فلا تأكلوا في آنيتهم]

5496# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، و (حَيْوَة بْن شُرَيْحٍ): تَقَدَّمَ ضبط (حَيْوَة)، و (شريح): تَقَدَّمَ أنَّه بالشين المُعْجَمة، والحاء المُهْمَلة، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عائذ الله الخولانيُّ، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أيضًا أنَّه جرثوم، أو جرهم، ويُقال غير ذلك، وتَقَدَّمَ ضبط (الخُشَنِيِّ).

(1/9984)

[حديث: أهريقوا ما فيها واكسروا قدورها]

5497# قوله: (يَوْمَ فَتَحُوا خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر والاختلاف فيها في أماكنَ؛ منها: في غزوتها.

قوله: (عَلَى مَا): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (عَلَامَ)، وهذه الفصيحة، وتلك لُغَةٌ.

قوله: (الإِنْسِيَّةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وهو مشهورٌ معروفٌ.

قوله: (فَقَالَ [1] رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) قول بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: لم يُسَمَّ، ويحتمل أنْ يكون عمرَ، انتهى.

قوله: (نُهَرِيقُ): هو بفتح الهاء، ويجوز إسكانها، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَوْ ذَاكَ): (أوْ): بإسكان الواو، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فقام).

[ج 2 ص 496]

(1/9985)

[باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمدًا]

(1/9986)

[حديث: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم ... ]

5498# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ بْنِ خَدِيجٍ [1] قَالَ: كُنَّا): كذا في أصلنا، وصوابه: (عن رفاعة عن رافع بن خديج)، ولا بدَّ من هذا، وقد ضبَّبت عليه، وصوَّبت تجاهها: (عن)، ثُمَّ غُيِّرَت وأُصلحَت في أصلنا.

قوله: (ابْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأنَّها بتهامة، وليست الميقاتَ، وكذا جاء في بعض طرقه: (بذي الحليفة من تهامة)، قال الداوديُّ: («ذو الحليفة» هذه ليست المُهَلَّ التي بقرب المدينة، انتهى، وقال القاضي في «شرح مسلم»: و «ذو الحليفة»: ماء لبني جشم، وربَّما اشتبه هذا بالحليفة على لفظ الميقات، وهي موضعٌ بين جادة وذات عرق من تهامة، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: أنَّها المُهَلُّ، قال: وهو عجييبٌ؛ فاجتنبه، انتهى.

قوله: (فَدُفِعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ): (دُفِعَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (الدَّفع): الانبعاث.

قوله: (فَأُكْفِئَتْ): أي: قُلِبت، وهو [2] مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ): (نَدَّ): بفتح النون، وتشديد الدال المُهْمَلة؛ أي: شَرَدَ ونَفَر.

قوله: (فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ): هذا الرجل: في هذا الحديثِ ما يرشد إلى أنَّه راوي الحديث نفسُه، وهو رافع بن خديج، ويشهد لذلك مكانان من الحديث نفسِه، انتهى، وفي «مسلم» في (الصَّحابة [3]) من حديث رافع بن خَدِيج: (فرميناه بالنَّبل حتَّى وهصناه)، فمقتضى هذا أن يكون رافعٌ ممَّن رماه، والله أعلم.

قوله: (أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ): (أَوابِد): بفتح الهمزة، وكسر الموحَّدة بعد الألف، ثُمَّ دال مهملة؛ أي: نوافر، يقال: أَبَدَتْ تَأْبِدُ وتأْبُدُ، فهي آبدةٌ؛ إذا توحَّشَتْ.

قوله: (وَقَالَ جَدِّي): القائل: (وقال جدِّي): هو عباية بن رفاعة، وجدُّه رافع بن خَدِيج، الصَّحابيُّ راوي هذا الحديثِ.

(1/9987)

قوله: (مُدًى): تَقَدَّمَ أنَّها السكاكين.

قوله: (ما أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أَسَالَه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْهُ): هذا مدرجٌ في الحديث، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في (كتاب الشركة)؛ فانظره.

(1/9988)

[باب ما ذبح على النصب والأصنام]

قوله: (بَابُ ما ذُبِحَ على النُّصُبِ وَالْأَصْنَامِ): ساق ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ من حديث ابن عمر: (أنَّه عليه السلام لقي زيدَ بن عمرو بن نُفيل بأسفل بلدح .. )؛ الحديث، ثُمَّ قال: قلت: النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قُدِّم إليه هذا الطعام فأباه، وقدَّمه لزيدٍ فأباه زيدٌ، وأقبل على أصحاب الطعام فقال قوله هذا، والله أعلم، انتهى، ويعني بـ (قوله هذا): (إنِّي لا آكل ممَّا تذبحون على أنصابكم ... )؛ الحديث، وما قاله ابن المُنَيِّر هذا الإمامُ يحتاج إلى أن يكون منقولًا، وقد ذكر ابن الأثير في (نصب) حديثًا من عند أبي موسى المدينيِّ، وهو ينافي ما قاله ابن المُنَيِّر، وأجاب عنه الحربيُّ بوجهين؛ فانظر ذلك من «النهاية» لابن الأثير،

[ج 2 ص 496]

وقد قَدَّمْتُ المسألةَ، وذكرتُ فيها حديثًا من «مسند أحمدَ»، وذكرت كلام السُّهَيليِّ وجوابَه عنه بوجهين، وذكرت هناك كلام ابن المُنَيِّر مُطَوَّلًا؛ كلُّ ذلك في (باب حديث زيد بن عمرو [1] بن نفيل)، وذكرتُ وفاة زيدٍ وبعض ترجمته رحمه الله تعالى.

قوله: (على النُّصُبِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ النون والصاد وتُسَكَّن، وهو حَجَرٌ كانوا ينصبونه في الجاهليَّة، ويتَّخذونه صنمًا، فيعبدونه، والجمع: أنصاب، وقيل: هو حَجَرٌ كانوا ينصبونه ويذبحون عليه.

==========

[1] في (أ): (عمر)، وليس بصحيح.

(1/9989)

[حديث: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم]

5499# قوله: (أَنَّهُ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب حديثه)، كما قدَّمته أعلاه.

قوله: (بِأَسْفَلِ بَلْدَح): تَقَدَّمَ ضبطه، وضبط (بلدح) في المكان المشار إليه أعلاه، وأنَّ (بلدح): وادٍ قبل مكَّة من جهة الغرب، كذا قاله ابن قُرقُول، ولابن الأثير نحوُه، وفي «القاموس»: وادٍ قبل مكة، أو جبل بطريق جدَّة، وفي «الصحاح»: (بلدح: موضعٌ، وهو غير مصروفٍ؛ للعلميَّة ووزن الفعل)، وكذا هو غير مصروفٍ في أصلنا في المكان المذكور، وهنا صرفه ومنع صرفه بالقلم أيضًا، و (أسفلِ) هنا: مجرورٌ.

قوله: (قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَى النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةً): تَقَدَّمَ ما (السُّفْرَة).

قوله: (ثُمَّ قَالَ: إنِّي لا آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أنْصَابِكُمْ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ كلام ابن المُنَيِّر، وما ذكره ابنُ الأثير في (نُصُب) أشرت إليه، وتَقَدَّمَ كلام السهيليِّ وجواباه؛ كلُّ ذلك في (باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل)، مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/9990)

[باب قول النبي: «فليذبح على اسم الله»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ»): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب _وفيه: فلمَّا رآهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبحوا قبل الصلاة؛ فقال: «مَن ذبح قبل الصلاة؛ فليذبح مكانها أخرى، ومَن لم يذبح حتَّى صلَّينا؛ فليذبح على اسم الله» _ بلا إسناد على قاعدته، ثُمَّ قال: فائدة هذه الترجمة بعد تَقَدُّمَ الترجمة على التسمية: التنبيه على أنَّ الناسيَ ذبح على اسم الله؛ لأنَّه لم يقل في هذا الحديث: (فَلْيُسَمِّ)، وإنَّما جعل أصل ذبح المسلم على اسم الله من صفة فعله ولوازمه؛ كما ورد: «ذِكْرُ اللهِ على قلبِ كُلِّ مسلمٍ سمَّى أو لم يُسَمِّ»، أمَّا التعمُّد للتَّرك؛ فملتحق بالمتهاون باسم الله، وذلك كالضدِّ الخاصِّ للتسمية، والله أعلم، انتهى.

==========

[ج 2 ص 497]

(1/9991)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى]

5500# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (جُنْدبُ ابْنُ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ): بِضَمِّ الدال وفتحها؛ لُغَتان، صَحَابيٌّ، وهو جندب بن عبد الله بن سفيان، منسوب إلى جدِّه، صَحَابيٌّ مشهورٌ، روى عنه الحسن، وأبو عمران الجونيُّ، وعبد الملك بن عمير، تُوُفِّيَ سنة (64 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (أَضْحَاةً): (الأضحية): فيها أربعُ لُغَات: أُضْحِيَةً؛ بِضَمِّ الهمزة وكسرها، والجمع: أضاحيٌّ، وضحيَّة، والجمع: ضحايا، وأَضحاة؛ والجمع: أضحًى، وهي معروفةٌ.

(1/9992)

[باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد]

قوله: (بَابُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أساله.

قوله في التبويب: (وَالْمَرْوَةِ): (المَرْوَة): الحجارة المحدَّدة، ومنه سُمِّيَت مروة الطواف.

==========

[ج 2 ص 497]

(1/9993)

[حديث: أن جارية لهم كانت ترعى غنمًا بسلع ... ]

5501# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح القاف، وفتح الدال المُهْمَلة المُشَدَّدة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ ياء النسبة، تَقَدَّمَ أنَّ هذه نسبة إلى جدِّه مُقَدَّم؛ اسم مفعول، وهو مُحَمَّد بن أبي بكر بن عليِّ بن عطاء بن مُقَدَّم، مولى ثقيف، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مُعْتَمِرٌ) بعده: هو ابن سليمان، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب الفقيه، أحد الفقهاء السبعة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): هو عبد الله بن كعب بن مالك، كما أخرجه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمته عن أبيه كعب بن مالك.

قوله: (أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ): جارية كعب بن مالك لا أعرف اسمها.

قوله: (بِسَلْعٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح السين، وإسكان اللام، وبالعين، المُهْمَلتين، جُبَيل بسوق المدينة، قال ابن قُرقُول بعد أنْ ضَبَطَه بإسكان اللام: ووقع عند ابن سهل بفتح اللام وسكونِها، وذكر أنَّه رواه بعضُهم بغين معجمة، قال ابن قُرقُول: وكلُّه خطأ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9994)

[حديث: ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل]

5503# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) [1]: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه.

قوله: (لَيْسَ لَنَا مُدًى): أي سكاكِين، تَقَدَّمَ، وكذا (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أساله، وكذا (نَدَّ): أي: شرد، وكذا (أَوَابِدَ).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بتقديم قوله: (حَدَّثَنَا عبدان ... ) على قوله: (حَدَّثَنَا موسى ... )، وهي رواية أبي ذرٍّ، بخلاف رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 497]

(1/9995)

[حديث: أن جاريةً لكعب بن مالك ترعى غنمًا له بالجبيل ... ]

5502# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، و (جُوَيْرِيَةُ): هو ابن أسماء، و (نَافِع): مولى ابن عمر، و (الرَّجُلُ مِنْ بَنِي سَلِمَة): هو عبد الله بن كعب بن مالك، و (سَلِمَة)؛ بكسر اللام: قَبيلٌ من الأنصار، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ) المخبَر: هو ابن عمر، كما تَقَدَّمَ قبله، و (الجَارِيَة): تَقَدَّمَ أعلاه أنِّي لا أعرف اسمها، و (الْجُبَيْلِ الَّذِي بِالسُّوقِ): تَقَدَّمَ أنَّه سَلْع، وكذا صُرِّح به هنا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 497]

(1/9996)

[باب ذبيحة المرأة والأمة]

(1/9997)

[حديث: أنَّ امرأة ذبحت شاة بحجر]

5504# قوله: (حَدَثَنَا صَدَقَةُ): هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، حافظٌ ثقةٌ ثبتٌ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان الموحَّدة، هو ابن سليمان، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب الفقيه، و (نَافِع): مولى ابن عمر، و (ابْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن كعب، و (المَرْأَة الَّتِي ذَبَحَتْ): تَقَدَّمَ أنَّها جارية كعب، وأنِّي لا أعرف اسمها، والحديثُ مُرْسَلٌ؛ لأنَّ ابنَ كعب بن مالك أخبرَ عن قصَّة لم يُدرِكْها، والمعتمَدُ الحديثُ المذكورُ قبل قبله الذي فيه: (ابن كعب بن مالك عن أبيه)، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ [1]: سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ: يُخْبِرُ عَبْدَ اللهِ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، وتعليقه هذا ليس في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أسنده الإسماعيليُّ فقال: أخبرنا ابن شريك: حدَّثنا أحمد _يعني: ابن يونس_: حدَّثنا الليث بن سعد به، و (نافع): مولى ابن عمر، كما تَقَدَّمَ، و (الرَّجُلُ مِنَ الأَنْصَارِ): هو عبد الله بن كعب بن مالك، و (عبد الله) المخبَر: هو ابن عمر بن الخطَّاب، وكلُّه ظاهرٌ، والله أعلم.

[ج 2 ص 497]

قوله: (أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبٍ بِهَذَا): تَقَدَّمَ أنَّ الجارية لا أعرف اسمها.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أنَّه).

(1/9998)

[حديث: أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنمًا بسلع ... ]

5505# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (نَافِع): مولى ابن عمر، و (الرَّجُلُ مِنَ الأَنْصَارِ): هو عبد الله بن كعب بن مالك، و (مُعَاذ بْن سَعْدٍ، أَوْ سَعْد بْن مُعَاذٍ): كذا بالشكِّ في «الصَّحيح»، قال الذَّهَبيُّ: معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الذَّكاة بحَجَر، قاله مالكٌ عن نافعٍ عن رجلٍ عنه، انتهى، ولم يزد على هذا، ورقم عليه (خ)، وكذا قاله نحوَه في «تجريد الصَّحابة» ونحوَه في «الكاشف»، ولا أعلم معاذًا هذا بأكثرَ مِن هذا، وقد أخرجه المِزِّيُّ في «أطرافه» في سعد بن معاذ فقال: (في «مسند كعب بن مالك»)؛ يعني: الحديث مذكورًا في (مسند كعب بن مالك)، وقد راجعت (مسند كعب)، فرأيته فيه، ولم يَزِد على قوله: (عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ)، وقد ذكره في (معاذ بن سعد)، فأشار إلى أنَّه تَقَدَّمَ في (سعد)، وكذا هو، والله أعلم، و (سعد بن معاذ): سيِّد الأوس، بدريٌّ مشهورٌ، تُوُفِّيَ عقيب بني قريظة مِن رمية رُمِيَها بالخندق، وقد اهتزَّ لموته عرشُ الرحمن، وهو فردٌ مشهورٌ، و (جَارِيَة لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفها، وتَقَدَّمَ (سَلْع): أنَّه جُبَيل بسوق المدينة، وضبطُه.

==========

[ج 2 ص 498]

(1/9999)

[باب: لا يذكى بالسن والعظم والظفر]

(1/10000)

[حديث: كل ما أنهر الدم إلا السن والظفر]

5506# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (أَبُوهُ) سعيدٌ: تَقَدَّمَ، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (مَا أَنْهَرَ): أي: أسال، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 498]

(1/10001)

[باب ذبيحة الأعراب ونحوهم]

قوله: (بَابُ ذَبِيحَةِ الأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (ونحرهم)، قال ابن قُرقُول: (ونحرهم) كذا للقابسيِّ، ولغيره: (ونحوِهم)، والأوَّل أشبه، انتهى.

==========

[ج 2 ص 498]

(1/10002)

[حديث: سموا عليه أنتم وكلوه]

5507# قوله: (أَنَّ قَوْمًا): لا أعرف هؤلاء القوم مسمَّين.

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيٌّ عن الدَّرَاوَرْدِيِّ): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو إنْ كان ابن خشرم المروزيَّ الحافظ؛ فهذا لا أعلم روى عنه البُخاريُّ شيئًا، إنَّما روى له مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وأيضًا لم يعلِّق له شيئًا، وإنَّما هو عليُّ بن حُجْر؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة وإسكان الجيم، السعديُّ، حافظ مرو، وهو شيخ البُخاريِّ، فالظاهر أنَّ (عليًّا) هو ابن حُجْر، وكلاهما روى عن الدراورديِّ [1]، وهو عبد العزيز بن مُحَمَّد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (دراورد) قريةٌ بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها، وهو روى هذا الحديثَ عن هشام بن عروة، والضمير في (تابعه) يعود على أسامة بن حفص الذي رواه عن هشام، وأسامة بن حفص: صدوقٌ، ضعَّفه أبو الفتح الأزديُّ بلا حجَّة، وقال اللالكائيُّ: مجهول، قال الذَّهَبيُّ: قلت: روى عنه أربعة، انتهى، روى له البُخاريُّ حديثًا بمتابعة جماعةٍ له، فتابعه عليه _كما هنا_ الطُّفَاوِيُّ وأبو خالد الأحمرُ والدراورديُّ؛ فاعلمه.

قوله: (وَتَابَعَهُ أبو خَالِدٍ وَالطُّفَاوِيُّ): أمَّا (أبو خالد)؛ فهو الأحمر، واسمه سليمان بن حَيَّانَ؛ بالمُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة، الأزديُّ الكوفيُّ، صدوقٌ إمامٌ، قال ابن معين: ليس بحجَّة، وهو من رجال السِّتَّة، مكثرٌ يَهِمُ؛ كغيره، تَقَدَّمَ الكلام عليه، ومتابعته أخرجها البُخاريُّ في (التوحيد) عن يوسف بن موسى عن أبي خالد عن هشام به، وأخرجها أبو داود في (الذبائح) عن يوسف بن موسى.

تنبيهٌ: قد رُويَ هذا الحديثُ عن هشام بن عروة عن أبيه مُرْسَلًا.

و (الطُّفَاويُّ): بِضَمِّ الطاء المُهْمَلة، وتخفيف الفاء، و (طفاوة): حيٌّ من قيس عَيلان، و (الطُّفَاوة) أيضًا: دارة الشمس، والظاهر نسبته إلى الأوَّل، واسمه مُحَمَّد بن عبد الرحمن، أبو المنذر البصريُّ، رواه أيضاًعن هشام بن عروة به، ومتابعته رواها البُخاريُّ في (البيوع) عن أبي الأشعث أحمدَ بنِ المقدام، عن الطُّفَاويِّ، عن هشام به، والضمير في (تَابَعَهُ) يعود على أسامة بن حفص، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الدراودي)، وهو تحريف.

[ج 2 ص 498]

(1/10003)

[باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم]

قوله: (وقال الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (نحوُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذه صيغةُ تضعيفٍ، فكأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطه، قال شيخنا: وذكر الطبريُّ عن عليٍّ في نصارى بني تغلبَ خلافَ ما ذكره البُخاريُّ: روى ابن سيرين عن عَبِيدة عن عليٍّ سأله عن ذبائح نصارى العرب، فقال: (لا نأكل ذبائحهم؛ فإنِّهم لم يتمسَّكوا من دينهم إلَّا بشرب الخمر)، قال: وهو قول ابن سيرين والنَّخَعيِّ، وقال مكحولٌ: لا تأكلوا ذبائحَ بني تَغْلِبَ، وكلوا ذبائحَ تنوخ وبهراء وسَلِيح، فنهى عن أكل ذبائحهم، فيجب على مذهبه أن يُنهَى عن نكاح نسائهم، انتهى، سَلِيح: قبيلةٌ من اليمن، ولم يعزُ شيخُنا أَثَرَ عليٍّ الذي ذكره البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

قوله: (وقال الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ المشهور، وأمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد النَّخَعيُّ المشهور.

قوله: (لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الْأَقْلَفِ): هو بفتح الهمزة، وسكون القاف، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ فاء، قال ابن قُرقُول: ورواه بعضهم: (الأغلف)، وهما بمعنى مَن لم يختَتِن، وقال في (الغين): (وفي ذبيحة الأغلف)، كذا رواه ابن السكن، ولغيره: (الأقلف)؛ وهما بمعنًى؛ وهو الذي لم يختتن.

(1/10004)

[حديث: كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم ... ]

5508# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّمَ ضبط والده مرارًا، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا، وهذا الحديثُ تَقَدَّمَ سندًا ومتنًا في (الخمس)، وقلَّ أنْ يجيءَ مثلُه، وقد ذكرت شيئًا من ذلك قبل هذا؛ أحاديث كرَّرها سندًا ومتنًا، ذكرتُها في (كتاب الحجِّ)، والله أعلم.

قوله: (فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فيه شَحْمٌ): هذا الإنسان لا أعرف اسمه، و (الجراب): فيه لغتان: الكسرُ؛ وهو أعرفهما، والفتح؛ وهو غريبٌ.

قوله: (فَنَزَوْتُ): هو بالنون والزاي؛ أي: وَثَبْتُ.

قوله: (فَإِذَا رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) ماذا جرى له حين استحيا في غزوة خيبر.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ).

[ج 2 ص 498]

(1/10005)

[باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش]

قوله: (مَا نَدَّ مِنَ الْبَهَائِمِ؛ فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: فهم البُخاريُّ من الحديث _ يعني: حديث رافع: (إنَّا لاقو العدوِّ غدًا ... )؛ الحديث_ الاقتصارَ في إباحة البعير على السهم الذي حبسه، والأمر محتملٌ لأنْ يكون احتبس ولم ينفذ مقاتله حتَّى ذُكِّيَ، وهي واقعة عينٍ، وتشبيه النعم الشاردة بالوحش ليس في الحكم، ولكن في صفة الوجود؛ إذ قد تنفر كالوحش، انتهى.

قوله في التبويب: (ما نَدَّ): تَقَدَّمَ معنى (ندَّ)، وأنَّه شَرَدَ ونَفَرَ.

[ج 2 ص 498]

قوله: (فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ): كذا في أصلنا، وكذا أحفظه، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (الوَكْرِ) في الأصل، وفي الهامش: (الوحش)، وعلى (الوحش) علامة نسخة، و (الوَكْر): له معنًى، وهو بفتح الواو، ووَكْر الطائر: عشُّه، وجمعه: وكور وأوكار، قال أبو يوسف: سمعت أبا عمرو الشيبانيَّ يقول: الوَكر: العشُّ حيثما كان في جبل أو شجر، وقد وَكر الطائر يكرُ وَكرًا؛ أي: دخل وَكْرَه، والله أعلم.

قوله: (وَفِي بَعِيرٍ تَرَدَّى): أي: سقط، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (قَدَرْتَ عَلَيْهِ): هو بفتح الدال، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

(1/10006)

[حديث: اعجل أو أرن ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل]

5509# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفَلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (أَبُوهُ): سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، تَقَدَّمَ، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة.

قوله: (مُدًى): أي سكاكِين، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (اعْجَلْ أَوْ أَرِنْ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (قال الخَطَّابيُّ: صوابه: «ائْرَنْ»؛ على وزن «اعْجَلْ» وبمعناها، وهو من النشاط؛ أي: خِفَّ لئلَّا تموتَ الذبيحةُ خنقًا؛ لأنَّ الذبح إذا كان بغير حديد؛ خُشِيَ عليها الخنقُ، وقال غيره: وقد يكون (أَرِنْ) على وزن (أَطِعْ)؛ أي: أهلِكْها ذبحًا، ويكون (أَرْنِ) على وزن (أعْطِ)، و (أَرْنِي)؛ بمعنى: هاتِ، وفي هذه اللفظة أوجهٌ أُخَرُ، والصواب ما قدَّمناه)، انتهى، وقد ذكر المحبُّ الطبريُّ هذه اللفظةَ من عند ابن الأثير ثُمَّ قال: قوله: (اعْجَلْ)؛ بفتح الجيم، وسكون اللام على الأمر، ومعنى (أو) في الحديث: الشكُّ من الراوي، ويجوز أنْ تكون (أو) من لفظه عليه السلام بمعنى الواو، فإنْ جعلنا (أَرِنْ) بمعنى: (اعجل)؛ كان التكرار للتوكيد، وإنْ جعلناه بمعنًى آخرَ؛ كان مأمورًا بهما، انتهى ملخَّصًا، وقد قال غير واحد: إنَّ (أو) شكّ من الراوي، وقد قَدَّمْتُ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا في (الشركة)؛ فانظره.

قوله: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أساله، تَقَدَّمَ مِرارًا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ إسالةَ الدم ليس بشرطٍ على الصَّحيح، بل الشرط الحركة الشديدة وحدها، ولا يُشتَرَط خروج دم الذبيحة، والله أعلم.

قوله: (وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ): (النَّهْب): بفتح النون بلا خلاف، وكذا قَيَّدهُ جماعةٌ؛ منهم: النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، ورأيت بعض الطَّلبة بالقاهرة يقولها بالكسر، وهذا شيءٌ لا أعرفه، وقد ذكرت ذلك مُطَوَّلًا في أواخر «الصَّحيح».

قوله: (فَنَدَّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: شَرَدَ، و (الرَّجُلُ الَّذِي رَمَاهُ بالسَّهْمِ): تَقَدَّمَ، وكذا الكلام على (الأَوَابِد)؛ وهي النوافر.

(1/10007)

[باب النحر والذبح]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (أَيَجْزِي؟): هو ثُلاثيٌّ معتلٌّ، ويجوز رُبَاعيٌّ مهموزٌ، وقد تَقَدَّمَ في (العيدين).

قوله: (مَا يُذْبَحُ أَنْ يُنْحَرَ [1]): (يُذبَح) و (يُنحَر): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (يُنْحَرُ) الثانية.

قوله: (وَالذَّبْحُ: قَطْعُ الأَوْدَاجِ): هذا ممَّا استُنكِر؛ لأنَّهما وَدَجَان فقط، وأُجيب: بأنَّ كلَّ قِطْعَة منهما وَدَجَ، والله أعلم.

قوله: (فَيُخَلَّفُ الأَوْدَاجُ [2]): (يُخَلَّف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأوداجُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (حَتَّى يُقْطَعَ النِّخَاعُ [3]): (يُقطَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النخاعُ): مَرْفوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، و (النِّخاع): مثلَّث النون، قال الجوهريُّ: قال الكِسائيُّ: مِن العرب من يقول: قطعتُ نخاعه ونخاعه، وناسٌ من أهل الحجاز يقولون: هو مقطوع النُّخاع؛ وهو الخيط الأبيض الذي في جوف الفقار، انتهى.

قوله: (لَا إخَالُ): تَقَدَّمَ الكلام [عليها] بلُغَتَيها، ومعناه: أظنُّ.

قوله: (وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَهَى عَنِ النَّخْعِ): قائل ذلك: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج عن نافع، والله أعلم.

قوله: (نَهَى عَنِ النَّخْعِ): هو بفتح النون، وإسكان الخاء المُعْجَمة، وبالعين المُهْمَلة، وهو قطع النخاع، وقطع النخاع مقتلٌ، و (النَّخْع) أيضًا: القتل الشديد، ونخْعُ البهيمة: هو قطع عنقها قبل زهوق نفسها.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (سعيد) هذا: هو ابن جبير، كما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم يذكر المِزِّيُّ في «أطرافه» هذا التعليقَ، والله أعلم.

قوله: (إِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ [4]): (قُطِعَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الرأسُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

(1/10008)

[حديث: نحرنا على عهد النبي فرسًا فأكلناه]

5510# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق؛ و (فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ): ابن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد، زوج هشام، تَقَدَّمَتْ، و (أَسْمَاء): جدَّتها، بنت أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَتْ أيضًا، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتهما.

==========

[ج 2 ص 499]

(1/10009)

[حديث: ذبحنا على عهد رسول الله فرسًا ونحن بالمدينة فأكلناه]

5511# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: سَمِعَ عَبْدَةَ): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الذبائح): (حدَّثنا إسحاق: سمع عبْدة)، نسبه أبو عليِّ ابن السكن: (إسحاق ابن راهويه)، وذكر أبو نصر (عبْدة بن سليمان)، وقال: روى عنه إسحاق غير منسوب، ولعلَّه ابن راهويه، انتهى، وقال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث: عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبْدة بن سليمان، انتهى، فظاهر اللفظ أنَّه وقع له كذلك، وليس من توضيحه، انتهى، و (عبْدة) هذا: هو بإسكان الموحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله.

==========

[ج 2 ص 499]

(1/10010)

[حديث: نحرنا على عهد رسول الله فرسًا فأكلناه]

5512# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو جرير بن عبد الحَميد.

[ج 2 ص 499]

قوله: (تَابَعَهُ وَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي النَّحْرِ): الضمير في (تابعه) يعود على عبْدة؛ هو ابن سليمان، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح الإمام، أحدُ الأعلام، ومتابعة وكيع أخرجها مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، وحفص بن غياث، ووكيع، عن هشام به، وأخرجها ابن ماجه في (الذبائح) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن وكيع به، ومتابعة ابن عيينة أخرجها البُخاريُّ عن الحُمَيديِّ، عن هشام به، وأخرجها النَّسَائيُّ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن يزيدَ، وفي (الوليمة) عن قتيبة؛ كلاهما عن ابن عيينة، عن هشام به.

(1/10011)

[باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُثْلَةِ): (يُكرَه) مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ومراده بالكراهة: التحريم، وهذا جارٍ على طريق الأقدمين؛ يريدون بالكراهةِ التحريمَ، وهو دليل القرآن: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَةً عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38]، ولم يرد الكراهة التي يذكرها الأصوليُّون من أنَّها راجحةُ التَّرك.

قوله: (مِنَ الْمُثْلَةِ): يقال: مَثَلْتُ بالحَيَوَان؛ إذا قطعتَ أطرافه، وشوَّهت به، ومَثَلْتُ بالقتيل؛ إذا جدعتَ أنفه، أو أذنه، أو مذاكيره، أو شيئًا من أطرافه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْمَصْبُورَةِ): هي بفتح الميم، وإسكان الصاد المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء، و (الصبر): أن يُمسَك شيءٌ من ذوات الروح حيًّا، ثُمَّ يُرمَى بشيءٍ حتَّى يموتَ.

قوله: (والمُجَثَّمَةِ): هي بِضَمِّ الميم، وفتح الجيم، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي كلُّ حَيَوَان يُحْبَس فيُرمَى، وهي المصْبُورة، و (الجثوم): الانتصاب على الرُّكَب، وفي «النهاية» لابن الأثير: (هي كلُّ حَيَوَان يُنصَب ويُرمَى ليقتل، إلَّا أنَّها تكثر في الطير، والأرانب، وأشباه ذلك ممَّا يجثم بالأرض؛ أي: يلزمها ويلصق بها، وجثم الطائر جثومًا، وهو بمنزلة البروك للإبل).

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10012)

[حديث: نهى النَّبيُّ أن تصبر البهائم]

5513# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ.

قوله: (عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ): هذا هو الحكم بن أيُّوب ابن عمِّ الحَجَّاج، وقد روى الحكمُ بن أيُّوب عن أبي هريرة، وعنه الجُريريُّ، وهو مجهولٌ، قاله الذَّهَبيُّ، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وما ذَكر عنه راويًا إلَّا الجُريريَّ، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» فقال: روى عن أبي هريرة: (لا صلاة إلَّا بقراءة)، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هو مجهولٌ، لا يُدرى مَن هو، انتهى، وقال شيخنا: (ابن عمِّ الحَجَّاج بن يوسف الثقفيِّ، وزوج أخته زينبَ التي كان يشبِّبُ بها النُّمَيريُّ، وكان الحَجَّاج استعمله على البصرة، انتهى.

قوله: (نَصَبُوا دَجَاجَةً): (الدّجاجة): للذكر وللأنثى، وهي مُثَلَّثة الدال، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ): (تُصْبَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (البهائمُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ معنى (الصَّبر) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10013)

[حديث: ازجروا غلامكم عن أن يصبر هذا الطير ... ]

5514# قوله: (أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغُلَامٌ مِنْ بَنِي يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً): لم أرَ مَن نصَّ على (يحيى بن سعيد) هذا، ويحتمل أن يكون يحيى بن سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة الأَمويَّ، أخو عمرٍو الأشدقِ، وعنبسةَ، وأبان، وعبدِ الله، فإنَّه في هذه الطبقة، وقد روى عن أبيه، وعثمان، وعائشة، وعنه: الزُّهريُّ وغيرُه، وقد لحق بعد قتل أخيه الأشدقِ بابن الزُّبَير، ثُمَّ خرج بالأمان، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، وقد قدَّمته، أخرج له مسلمٌ، والله أعلم، وأمَّا (الغلام)؛ فسمَّاه بعض حفَّاظ العصر من المصريِّين سعيدًا.

قوله: (أَنْ يَصْبُرَ [1] هَذَا الطَّيْرَ): تَقَدَّمَ ما (الصبر) أعلاه.

قوله: (أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ): (تُصْبَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (بهيمةٌ): مَرْفوعٌ منوَّنٌ نائبٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ معنى (الصبر) أعلاه.

قوله: (أَوْ غَيْرُهَا): هو مَرْفوعٌ معطوفٌ على (بهيمةٌ) القائمِ مقامَ الفاعل.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (يصبِر).

[ج 2 ص 500]

(1/10014)

[حديث: كنت عند ابن عمر فمروا بفتية نصبوا دجاجة يرمونها ... ]

5515# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ): (سليمان) هذا: هو ابن داود بن الجارود، أبو داود الطيالسيُّ، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه علَّق له البُخاريُّ كهذا، وروى [له] مسلمٌ والأربعة، وهو إمامٌ كبيرٌ، قال: أسردُ ثلاثين ألفَ حديثٍ ولا فخر، ومع ثِقَتِه فقال إبراهيم بن سعيد الجوهريُّ: أخطأ في ألف حديثٍ، كذا قال، تَقَدَّمَتْ ترجمته، وله ترجمةٌ في «الميزان».

ومتابعته عن شعبة عن المنهال عن سعيد به لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أسندها أبو نعيم الحافظ، فقال: حدَّثنا إسحاق بن حمزة وأبو أحمد قالا: حدَّثنا أبو خليفة: حدَّثنا أبو داود الطيالسيُّ سليمان بن داود: حدَّثنا شعبة، قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: هذا غلطٌ من شيخِنا _يعني: ابن الملقِّن_؛ فإنَّ أبا خليفة لم يلحق أبا داود الطيالسيَّ، وسليمان المذكور ما أظنُّه إلَّا ابن حرب، وقد وصل البَيْهَقيُّ في «السنن الكبرى» هذا الحديثَ من طريق سليمان بن حرب عن شعبة به، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ): ابن جُبَيْرٍ، وهذا هو المنهال بن عمرو الأسَديُّ، تَقَدَّمَتْ ترجمته، وأنَّ شعبة تركه؛ لأنَّه سمع من داره صوت قراءةٍ بالتطريب، كذا قال ابن أبي حاتم، وقال وَهْبُ بن جرير عن شعبة: إنَّه سمع من داره صوت الطُّنبور، قال: فرجعت ولم أسألْه، قلت: فهل سألتَه؟ عسى كان لا يعلم، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته، أخرج له البُخاريُّ والأربعةُ، والله أعلم.

قوله: (مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ): (مثَّل): بتشديد الثاء في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّه يُقال: مثَلْتُ بالحَيَوَان أمثل به مَثْلًا؛ إذا قطعتَ أطرافه، وشوَّهت به، ومثَلْتُ بالقتيل؛ إذا جدعتَ أنفه، أو أذنه، أو مذاكيره، أو شيئًا من أطرافه، والاسم: المُثْلَة، فأمَّا (مثَّل) _بتشديد الثاء_؛ فهو للمبالغة، والله أعلم.

(1/10015)

قوله: (وَقَالَ عَدِيٌّ) [1]: هو عديُّ بن ثابت المذكورُ قبله، (عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)، وتعليق عديٍّ أخرجه مسلم عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن عديٍّ به، وأخرجه النَّسَائيُّ عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن شعبة، عن عديٍّ، وعن مُحَمَّد بن عبيد الكوفيِّ، عن عليِّ بن هاشم، عن العلاء بن صالح، عن عديٍّ به.

==========

[1] قول عديٍّ جاء في «اليونينيَّة» متقدِّمًا على حديث الحجَّاج (5516)، وعليه في (ق) علامة تقديمٍ وتأخير، وتأخيره رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 500]

(1/10016)

[حديث: نهى النبي عن النهبة والمثلة]

5516# قوله: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو عبد الله بن يزيد بن زيد بن حُصين بن عمرو، أبو موسى الأوسيُّ الخطميُّ، شهد الحديبية وهو ابن سبعَ عشرةَ سنةً، وشهد مع عليٍّ حروبه، ووُلِّيَ إمرة الكوفة، وبعضُهم ينكر صحبةَ عبد الله هذا، قال ابن معين: له رؤية، وقال مصعب الزُّبَيريُّ: ليس له صحبةٌ، وقال أبو حاتم: (كان صغيرًا، فإن صحَّت روايته؛ فله)؛ يعني: صحبة، انتهى، ترجمته معروفةٌ، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: تُوُفِّيَ قبل ابن الزُّبَير، وفي «الكاشف»: مات بُعَيد السبعين.

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10017)

[باب الدجاج]

قوله: (باب الدَّجَاجِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدّجاج) مثلَّث الدال؛ كالمفرد.

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10018)

[حديث: رأيت النبي يأكل دجاجًا]

5517# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (يحيى) هذا في (سورة الأعراف)، وقال شيخنا بعد ذكر القولين فيه: وذكر أبو نعيم أنَّه ابن جعفر، انتهى، وهو أحد القولين فيه، والله أعلم، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (زَهْدَم): بالدال المُهْمَلة، و (الْجَرْمِيُّ): بفتح الجيم، وإسكان الراء، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، تقدَّموا.

[ج 2 ص 500]

(1/10019)

[حديث: إن الله هو حملكم إني والله لا أحلف على يمين ... ]

5518# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمَين، بينهما عين ساكنة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ): هو السَّخْتيَانيُّ، و (القَاسِم [1]): هو ابن عاصم الكلينيُّ، يروي عن رافع بن خَدِيج، وزَهْدَم، وابن المُسَيّب، وعنه: أيُّوب، وحُمَيد، وخالدٌ الحَذَّاء، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسَائيُّ، و (زَهْدَم): تَقَدَّمَ، وأنَّه بالدال المُهْمَلة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (فَأُتِيَ بِطَعَامٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث الدال في الجمع والإفراد.

قوله: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ أَحْمَرُ): هذا الرجل تَقَدَّمَ، لا أعرف اسمه.

قوله: (فَقَذِرْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الماضي بالكسر، والمستقبل بالفتح.

قوله: (فَاسْتَحْمَلْنَاهُ): أي: طلبنا منه ما نركب عليه.

قوله: (ثُمَّ أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائبُ مناب الفاعل.

قوله: (بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ): هو بفتح النون، ولا يجوز كسرها، وقد نصَّ على الفتح جماعةٌ سأذكرهم في آخر «الصَّحيح»؛ ومنهم النَّوَويُّ في «شرح مسلم».

(1/10020)

قوله: (خَمْسَ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّوْد)، و (ذَوْد) مضافٌ إلى (خمس)، كذا نحفظه ونقرؤه، وقال بعضهم عن أبي البقاء: والصواب: تنوين (خمس)، ولو أُضِيفَت؛ لتغيَّر المعنى؛ لأنَّ المضاف يجرُّ المضاف إليه، فيلزم أن يكون (خمسَ ذودٍ) خمسةَ عشرَ بعيرًا؛ لأنَّ إبلَ الذود ثلاثةُ أَبْعِرَةٍ، انتهى، وهو كلامٌ حسنٌ، عن ابن قُرقُول قال: والذود من الثلاث إلى التسع في الإبل، وإنَّ ذلك يختصُّ بالإناث، قاله أبو عبيد، وقال الأصمعيُّ: ما بين الثلاث إلى العشر، وقال غيرُ واحد: ومقتضى لفظ الأحاديث انطلاقُه على الواحد، وليس فيه دليلٌ على ما قالوه، وإنَّما هو لفظٌ للجميع؛ كما قالوا: ثلاثةُ رَهْطٍ ونَفَرٍ ونسوةٍ، ولم يقولوه لواحدٍ منها، وذكر ابن عَبْدِ البَرِّ أنَّ بعض الشيوخ رواه: (في خمسٍ ذَوْدٍ)؛ على البدل، لا على الإضافة، وهذا إن تُصُوِّر له ههنا، فلا يُتصَوَّر له في قوله: (أعطانا خمس ذود) في (باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ كلام أبي البقاء في (الزكاة)، وكلام ابن قُرقُول.

قوله: (غُرّ الذُّرَى): يجوز في (غُرّ) الجرُّ والنصب؛ أي: بيض الأعالي، وأراد أنَّها بيضٌ، فعبَّر ببياض أعاليها عن جملتها.

قوله: (لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ): أي: تحيَّنا غفلته، و (يمينَه): بدل اشتمال، أو مفعولٌ ثانٍ؛ وهذا أقرب.

(1/10021)

[باب لحوم الخيل]

(1/10022)

[حديث: نحرنا فرسًا على عهد رسول الله فأكلناه]

5519# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا هي، وتَقَدَّمَ أنَّه أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، و (سُفْيَانُ): بعده تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة، و (فَاطِمَة): هي بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد [1]، زوجة هشامٍ المشارِ إليه، و (أَسْمَاء): هي بنت أبي بكرٍ عبدِ الله بن عثمان الصِّدِّيق، جدَّة فاطمة، تقدَّموا كلُّهم.

==========

[1] في (أ): (خولد)، ولعلَّه تحريف.

[ج 2 ص 501]

(1/10023)

[حديث: نهى النبي يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص ... ]

5520# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ): هو مُحَمَّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ، أبو جعفر الباقر تَقَدَّمَ.

قوله: (يَوْمَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر غيرَ مَرَّةٍ، فقيل: في آخر سنة ستٍّ، ويُقال: في أوَّل سنة سبع، وتَقَدَّمَ مدرك القولَين.

(1/10024)

[باب لحوم الحمر الإنسية]

قوله: (بَابُ لُحُومِ الْحُمُرِ الإنسِيَّةِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ذكر البُخاريُّ طريقَين في الحديث؛ إحداهما: النَّهْي عنها مطلقًا وإلقاء القُدُور، والأخرى: أنَّه سمع أنَّهم أكلوها، ولم يبادر النَّهْي في الأُولى والثانية، فلمَّا قيل في الثالث: (أُفْنِيَت الحُمُر)؛ نهى، فأفهم أنَّ النَّهْيَ خوف فناء الظهر، وإلَّا؛ كانت المسارعة للنهي متعيِّنة، فمِن ههنا نشأ الخلاف المذكور بين الصَّحابة فيها، والله أعلم، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الخلاف في علَّة التحريم في (خيبر)، وأنَّ الصَّحيحَ العلةُ التي علَّل بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ وهي أنَّها رِجْسٌ.

قوله: (الإنسِيَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ فيها لُغَتَين غيرَ مَرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 501]

(1/10025)

[حديث: نهى النبي عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر]

5521# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه صدقة بن الفضل المروزيُّ، و (عَبْدَةُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان الموحَّدة، وأنَّه ابن سليمان، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، الفقيه، أحد الفقهاء السبعة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سَالِم): هو ابن عبد الله بن عمر، و (نَافِع): مولى ابن عمر.

(1/10026)

[حديث: نهى النبي عن لحوم الحمر الأهلية]

5522# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، و (عَبْد اللهِ): هو ابن عمر، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): الضمير في (تابعه) يعود على يحيى بن سعيد القَطَّان، و (ابن المبارك): هو عبد الله، شيخ خراسان، ومتابعة ابن المبارك عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أخرجها البُخاريُّ في (المغازي) عن مُحَمَّد بن مقاتل عنه به.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ): (أبو أسامة): هو حمَّاد بن أسامة، ومتابعة حمَّاد بن أسامة أخرجها البُخاريُّ في (المغازي) عن عُبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة به، والله أعلم.

(1/10027)

[حديث: نهى رسول الله عن المتعة عام خيبر ولحوم حمر الإنسية]

5523# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ.

قوله: (عَنِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ ما في ذلك في (غزوة خيبر).

==========

[ج 2 ص 501]

(1/10028)

[حديث: نهى النبي يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص.]

5524# قوله (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ حمَّادًا إذا لم يُنسَب؛ فإن كان قد أطلقه سليمان بن حرب كهذا، أو عارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وإنْ أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، أو عَفَّانُ، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حمَّاد بن سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار، و (مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ): هو أبو جعفرٍ الباقرُ.

==========

[ج 2 ص 501]

(1/10029)

[حديث البراء وابن أبي أوفى: نهى النبي عن لحوم الحمر]

5525# 5526# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عَدِيٌّ) بعد (شعبة): هو عديُّ بن ثابت الأنصاريُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، صَحَابيٌّ ابن صَحَابيٍّ، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): عبد الله بن أبي أوفى، صَحَابيٌّ ابن صَحَابيٍّ، تقدَّموا.

(1/10030)

[حديث: حرم رسول الله لحوم الحمر الأهلية]

5527# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في آخر (كتاب الأنبياء) قُبَيل (باب ما ذُكِر في بني إسرائيل)، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ أنَّه الخولانيُّ عائذ الله بن عبد الله، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ): جرثوم بن ناشر، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه مُطَوَّلًا.

قوله: (تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ عَن الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على صالح؛ هو ابن كيسان، و (الزُّبَيديُّ): بِضَمِّ الزاي، وفتح الموحَّدة، قال

[ج 2 ص 501]

الدِّمْيَاطيُّ: الزُّبَيديُّ: مُحَمَّد بن الوليد الشاميُّ، من بني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، انتهى، كذا قال الناقل من حواشي الدِّمْيَاطيِّ، وقد خلط الناقل من حواشيه ترجمةً بترجمةٍ، وصوابه: الزبيديُّ: مُحَمَّد بن الوليد الشاميُّ، وقوله: (من بني عبد العزيز) ليس بصحيحٍ، بل هو غلطٌ، وهذا لا يقع للدِّمياطيِّ، ولكنَّ بعدَه ذِكْرٌ للماجشون، وهذا الكلام في الماجشون، (وَالْمَاجِشُونُ): هو يوسف، كما صرَّح به مسلمٌ في «صحيحه»، وكذا المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الماجشون) ما هو، وأمَّا (عُقَيل)؛ فهو بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (الزُّهريُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَالْمَاجِشُونُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (مالك)؛ فلا يُسأَل عنه، ذاك النَّجم المجتهدُ أحدُ الأعلام، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الماجشون): تَقَدَّمَ أعلاه مَن هو، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن إسحاق): مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، إمامُ أهل المغازي، و (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم، والله أعلم، ومتابعة (الزُّبيديِّ) لم أرها في الكُتُب السِّتَّة إلَّا في «النَّسَائيِّ» أخرجها عن عمرو بن عثمان، عن بقيَّة، عن الزُّبيديِّ، عن الزُّهريِّ، ومتابعة عقيل لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/10031)

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَالْمَاجِشُونُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ): وتعليق مالك عن الزُّهريِّ أخرجه البُخاريُّ في (الذَّبائح) عن عبد الله بن يوسف عن مالك، وأخرجه مسلم عن أبي الطَّاهر، عن ابن وهب، عن مالك، وأخرجه أبو داود في (الأطعمة) عن القعنبيِّ عن مالك، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن أحمد بن الحسن التِّرمذيِّ، عن القعنبيِّ به، وأمَّا تعليق مَعْمَر؛ فأخرجه مسلم عن مُحَمَّد بن رافع وعبد بن حميد؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن معمر به، وأمَّا تعليق الماجشون؛ فأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن يوسف بن الماجشون، وأمَّا تعليق يونس؛ فأخرجه مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس به، وأخرجه أيضًا عن أبي الطَّاهر، عن ابن وهب، عن مالك، وابن أبي ذئب، وعمرو بن الحارث، ويونس، وغيرهم؛ يعني: عن الزُّهريِّ، وأمَّا تعليق ابن إسحاق؛ فلم أره في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم، وذكر بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين، فقال: التعليق عن مُحَمَّد بن إسحاق وصله إسحاق ابن راهويه في «مسنده».

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

(1/10032)

[حديث: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية ... ]

5528# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [بنُ] سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلامًا) الأصحُّ فيه: التَّخفيف، مُطَوَّلًا، وتَقَدَّمَ ما هو فاصل للنِّزاع، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

قوله: (جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ): هذا (الجائي) لا أعرف اسمه.

قوله: (أُكِلَتِ الْحُمُرُ): (أُكِلَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحُمُرُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وكذا الثانية.

قوله: (ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ): هذا (الجائي) الآخر لا أعرف اسمه.

قوله: (ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ): هذا (الجائي) الثَّالث لا أعرف اسمه.

قوله: (أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ): (أُفنِيَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحُمُرُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ): هذا (المنادي): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) أنَّه عبد الرحمن بن عوف، كما في «النَّسَائيِّ» وفي «مسلم» وغيره أنَّه أبو طلحة، ولعلَّ عليه السلام أمرهما، فناديا، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الإمام الرَّافعيَّ قال في «الشرح الكبير»: إنَّ المنادي خالد بن الوليد، وهذا غلط، خالد لم يكن أسلم إذ ذاك، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ): (إنَّ): في نسختنا كانت مُدلَّسة، وقد عُمِل تحتها كسرةٌ، وتَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) أنَّها بالفتح في أصلنا، وقد ذكرت هناك أنَّها بالكسر؛ لأنَّها ابتدائيَّة، ومن حيث العربيَّةُ يجوز فيها الوجهان؛ مثل: {فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران: 39]، ففيها في السَّبع الكسرُ والفتحُ.

قوله: (فَإِنَّهَا رِجْسٌ): تَقَدَّمَ الكلام على العلَّة في تحريمها، وأنَّ هذه العلَّة هي الصواب التي علَّل بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، مُطَوَّلًا في (خيبر).

قوله: (فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ): (أُكفِئَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو بهمزة [1] مفتوحة بعد الفاء، وفي نسخة في هامش أصلنا: (فكُفِئَت)، وهما لغتان، كفأتُ القدور وأكفأتُها: قلبتها.

==========

[1] في (أ): (بهمز)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 502]

(1/10033)

[حديث: أن رسول الله نهى عن حمر الأهلية؟]

5529# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المدينيِّ): هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو) هو ابن دينار، و (جَابِر بْن زَيْد): هو أبو الشَّعثاء الأزديُّ، الإمام، صاحب ابن عَبَّاس، وعنه: قتادة، وأيُّوب، وخلقٌ، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ): (الحكم) هذا: هو الحكم بن عمرو بن مُجدَّع، وقيل: مُجدَّح، ويقال له: الحكم بن الأقرع الغفاريُّ، أخو رافع، لهما صحبة، نزل البصرة، وعنه: سوادة بن عاصم، وأبو الشَّعثاء، والحسن، ووُلِّي خراسان، مات بمرو سنة (45 هـ)، وقيل: سنة (50 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة رضي الله عنه.

قوله: (الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل مَن سمَّاه (البحر)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 502]

(1/10034)

[باب أكل كل ذى ناب من السباع]

(1/10035)

[حديث: أن رسول الله نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع]

5530# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيْس الْخَوْلَانِيُّ): عائذ الله، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ): جرثوم بن ناشر، وقد تَقَدَّمَ الاختلافُ في اسمِه واسمِ أبيه.

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالْمَاجِشُونُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه): راجع على مالك، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (ابن عيينة): سفيانُ، مشهورٌ، و (الماجشون): هو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، أبو سلمة، تَقَدَّمَ، أمَّا متابعة (يونس)؛ فأخرجها مسلم عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ، وكذا متابعة مَعْمَر، أخرجها مسلم عن مُحَمَّد بن رافع وعبد بن حميد؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن معمر)، ومتابعة (ابن عيينة): أخرجها مسلم: عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر؛ ثلاثتهم عن ابن عيينة عن الزُّهريِّ، وأمَّا متابعة (الماجشون)؛ فأخرجها مسلم عن يحيى بن يحيى، عن يوسف بن الماجشون، عن الزُّهريِّ به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 502]

(1/10036)

[باب جلود الميتة]

(1/10037)

[حديث: هل لا استمتعتم بإهابها؟!]

5531# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد الله بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا) (حَرُم)؛ بفتح الحاء، وضمِّ الرَّاء [1]، و (أكلُها): مَرْفوعٌ فاعل.

(1/10038)

[حديث: ما على أهلها لو انتفعوا بإهابها؟!]

5532# قوله: (حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عمرو الفوزيُّ الحمصيُّ، روى عنه البُخاريُّ، وروى النَّسَائيُّ عن رجل عنه)، انتهى، هو خطَّاب بن عثمان الطَّائيُّ الفوزيُّ_وفوزُ مِن قرى حمص_ الحمصيُّ، أبو عُمر، ويقال: أبو عمرٍو، عن إسماعيل بن عيَّاش، وعيسى بن يونس، وبقيَّة، ومُحَمَّد بن حِمْيَر، ووكيع، وجماعة، وعنه: البُخاريُّ، وابن ابن أخيه سلمة بن أحمد الفوزيُّ، وعمران بن بكَّار، وجماعة، يُعدُّ مِن الأبدال، أخرج له البُخاريُّ والنَّسَائيُّ.

[ج 2 ص 502]

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ): هو بكسر الحاء المُهْمَلة، وإسكان الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ راء، مصروفٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله الحمصي انفرد به البُخاريُّ)، انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ) يعني: عن مسلم.

قوله: (عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله الأنصاريُّ الحمصيُّ انفرد به البُخاريُّ)، انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ) يعني: عن مسلم.

قوله: (مَرَّ [1] بِعَنْزٍ مَيْتَةٍ): وقد تَقَدَّمَ (مرَّ بشاة ميتة)، اختُلِف في صاحبة الشَّاة؛ فقيل: ميمونة، وقيل: سودة، وفي رواية في مسلم: (أنَّها لمولاة لميمونة)، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

(1/10039)

[باب المسك]

قوله: (بَابُ الْمِسْكِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجْه الاستدلال مِن الحديث الأوَّل _يعني: حديث أبي هريرة «ما مِن مكلوم يُكلَم في سبيل الله ... »؛ الحديث_ على طهارة المِسكِ، وأنَّه مِن الطَّيِّبات شرعًا: تشبيهُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم دمَ الشَّهيدِ به في سياق التَّعظيم، فلو كان ميتة نجسًا؛ لكان مِن الخبيثات، وكذلك الحديث الثاني)، انتهى، والحديث الثاني: «مَثَلُ الجليس الصالح .. »؛ الحديث.

تنبيهٌ: المسك فارسيٌّ مُعرَّب، وكانتِ العرب تسمِّيه المشموم، قاله الجوهريُّ، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10040)

[حديث: ما من مكلوم يكلم في الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى]

5533# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد، قد تجنَّب أصحابُ «الصَّحيح» ما يُنكَر مِن حديثه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وتخفيف الميم، و (أَبُو زُرْعَةَ) تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هرم، وقبل ذلك (ابْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ): هو بن عبد الله البجليُّ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ مِن نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيْلِ اللهِ) (المكلوم): المجروح، و (يُكلَم): يُجرَح.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10041)

[حديث: مثل جليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير]

5534# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، أو عامر القاضي، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار.

قوله: (وَنَافِخِ الْكِيرِ): هو بكسر الكاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت، قال ابن الأثير: (كيرُ الحدَّاد، وهو المَبْنيُّ من الطِّين، وقيل: الزِّقُّ الذي يُنفَخ فيه النَّار، والمَبْنيُّ: الكور، وقد تَقَدَّمَ في (الحجِّ).

قوله: (إِمَّا أَنْ): (إمَّا): هو بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (يُحْذِيَكَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وإسكان الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ ذال معجمة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت؛ أي: يعطيك، يقال: أحذيتُه أُحذيه إحذاءً.

قوله: (وَنَافِخُ الْكِيرِ): تَقَدَّمَ ما (الكيرُ) أعلاه، وفي (الحجِّ) أيضًا.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10042)

[باب الأرنب]

(1/10043)

[حديث: أنفجنا أرنبًا ونحن بمر الظهران]

5535# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ.

قوله: (أَنْفَجْنَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (بِمَرِّ الظَّهْرَانِ): تَقَدَّمَ، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة بطنَ مروَ، وكذا (فَلَغبُوا): وأنَّه بفتح الغين والكسر؛ أي: أعيوا، وكلُّوا، وأنَّ بعضهم أنكر الكسرَ.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10044)

[باب الضب]

قوله: (بَابُ الضَّبِّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الضَّاد، وتشديد الموحَّدة، دُوَيبَّة معروفةٌ مُختَلفٌ في أكلها بين العلماء، وقد جوَّزت السُّنَّةُ أكلَها.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10045)

[حديث: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ... ]

5537# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، أحد الأعلام وحفَّاظ الإسلام، و (أَبُو أُمَامَةَ بْن سَهْل): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه أسعد بن سهل بن حُنَيف، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، وأنَّه وُلِد زمن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (بَيْتَ مَيْمُونَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها ميمونة بنت الحارث بن حَزن الهلاليَّة، أمُّ المؤمنين، خالة ابن عَبَّاس وخالد بن الوليد رضي الله عنهم.

قوله: (فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الضَّبُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ (محنوذ).

قوله: (فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ): تَقَدَّمَ [أنَّ] القائلة هي ميمونةُ؛ كما رواه مسلم وغيرُه.

قوله: (أَعَافُهُ): أي: أكرهه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَاجْتَرَرْتُهُ): هو بالجيم والراء، كذا أحفظه، وكذا رأيتُه مضبوطًا، وقال بعضهم: ويروى: بالحاء المُهْمَلة، والزَّاي، انتهى.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10046)

[باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب]

قوله: (بَابٌ إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ أَوِ الذَّائِبِ): اعلم أنَّ البُخاريُّ عنده لا فرق بين أن يكون الذي وقعت فيه الفأرة جامدًا أو ذائبًا، والحديث الذي ساقه هو الصَّحيح الذي أخرجه البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، قال التِّرْمِذيُّ: (حسن صحيح، قال: ورُوِي عن الزُّهريِّ، عن عُبيد الله، عن ابن عَبَّاس، ولم يذكروا ميمونة، والصَّحيح: حديث ابن عَبَّاس عن ميمونة، قال: وروى معمرٌ عن الزُّهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة نحوه، وهو غير محفوظ، سمعت مُحَمَّدًا يقول: حديث معمر في هذا خطأ، والصَّحيح: حديث الزُّهريِّ، عن عبيد الله، عن ابن عَبَّاس، عن ميمونة)، انتهى، وأمَّا حديث التَّفصيل؛ فهو الذي رواه مَعمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المُسَيّب، عن أبي هريرة، وسيأتي أنَّ أبا داود أخرجه، قال ابن القَيِّم في «معاليم الموقِّعين» في (فصل: وسُئِل عنِ الوضوء بماء البحر) ما لفظه: (وسُئِل عن فأرة سقطت في سمن، فقال: «ألقوها وما حولها، وكلوا سمنكم»؛ ذكره البُخاريُّ، ولم يصحَّ عنده التَّفصيل بين الجامد والمائع)، انتهى،

[ج 2 ص 503]

وأمَّا حديث التَّفصيل؛ فأخرجه أبو داود في (الأطعمة) عن أحمد بن صالح والحسن بن عليٍّ؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عن الزُّهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، قال عبد الرَّزَّاق: (ربَّما حدَّث به معمر عن الزُّهريِّ، عن عُبيد الله، عن ابن عَبَّاس، عن ميمونة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، قال التِّرْمِذيُّ لمَّا أخرج حديث ميمونة وقال: حسن صحيح؛ قال: (وقد روى عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله، عن ابن عَبَّاس، ولم يذكروا ميمونة، والصَّحيح حديث ابن عَبَّاس عن ميمونة)، قال: (وروى معمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة نحوه، وهو غير محفوظ، سمعت مُحَمَّدًا يقول: حديث معمر في هذا خطأ، والصَّحيح: حديث الزُّهريُّ عن عبيد الله، عن ابن عَبَّاس، عن ميمونة)، انتهى، وقد أخرجه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» من رواية ابن عمر مرفوعًا؛ أعني: التَّفصيل، وقد ذكره بنحوه الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة عبد الجبَّار بن عمر المذكور في سند الطَّبَرانيِّ.

(1/10047)

[حديث: ألقوها وما حولها وكلوه]

5538# [قوله]: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (أَنَّ فَأْرَةً): تَقَدَّمَ أنَّها تُهمَز ولا تُهمَز.

قوله: (أَلْقُوهَا): هو بفتح الهمزة، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (قَيلَ لِسُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة في أوَّل السَّند، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 504]

(1/10048)

[حديث: بلغنا أن رسول الله أمر بفأرة ماتت في سمن ... ]

5539# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك شيخ خراسان، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (الْفَأْرَةِ): تَقَدَّمَ أعلاه، وقبله أنَّها تُهمَز ولا تُهمَز.

قوله: (فَطُرِحَ، ثُمَّ أُكِلَ): (طُرِح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُكِل)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 504]

(1/10049)

[باب الوسم والعلم في الصورة]

(1/10050)

[حديث: نهى النبي أن تضرب الصورة]

5541# قوله: (عَنْ حَنْظَلَةَ): هو ابن أبي سفيان القرشيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا في (غزوة أُحُد) وغيرها.

قوله: (أَنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الصُّورة): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (أَنْ تُضْرَبَ): هو مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا الْعَنْقَزِيُّ عَنْ حَنْظَلَةَ وَقَالَ: تُضْرَبُ الصُّورَةُ): (قتيبة): هو ابن سعيد، تَقَدَّمَ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد أخذ ذلك عنه فيما يظهر، و (العَنْقَزيُّ) بفتح العين المُهْمَلة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ زاي، ثُمَّ ياء النِّسبة، قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: (إنَّه نُسِب إلى العنقز المرزنجوش، ويقال له: الرَّيحان، وأنشد بيتًا للأخطل)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (منسوب إلى العنقز؛ نوع من الرَّياحين يقال: هو المرزنجوش)، انتهى، واسمه: عمرو بن مُحَمَّد العنقزيُّ، أبو سعيد، القرشيُّ مولاهم، الكوفيُّ، كان يبيع العنقز المرزنجوش، قال بعضُهم: ويزرعُه، عن أبي حنيفة، وعيسى بن طهمان، وحنظلة بن أبي سفيان، ويونس بن أبي إسحاق، وأسباط بن نَصْر، وطائفة، وعنه: ابن راهويه، وقتيبة، وآخرون، وَثَّقَهُ أحمد والنَّسَائيُّ، تُوُفِّيَ سنة تسع وتسعين ومئة، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، والأربعة، و (حنظلة): هو ابن أبي سفيان القرشيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا في (أُحُد) وغيرها، وتعليق (حنظلة) لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (تُضْرَبُ الصُّورَةُ): (تُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو مَنْصوبٌ، فإنَّ المذكور في الحديث المُختَصر هذا منه، وكذا ذكر المِزِّيُّ هذه المتابعة بلفظ: (أن تضرب)، والله أعلم.

(1/10051)

[حديث: دخلت على النبي بأخ لي يحنكه]

5542# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ.

قوله: (بِأَخٍ لِي يُحَنِّكُهُ): (أخو أنس) هذا: هو لأمِّه، وهو عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل، كما صُرِّح به في مكان غير هذا في هذا «الصَّحيح»، وهو مِن أمِّه أمِّ سُلَيم.

قوله: (وَهْوَ فِي مِرْبَدٍ): هو بكسر الميم، وإسكان الرَّاء، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، وهو الموضع الذي تُحبَس فيه الإبل والغنم، من (ربد بالمكان)؛ إذا أقام به، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (حَسِبْتُهُ قَالَ: فِي آذَانِهَا): هذا الحسبان: الظاهر أنَّه من قول شعبة؛ إذ في هذا الصَّحيح أيضًا: (قال شعبة: وأكبر علمي أنَّه قال: في آذانها).

==========

[ج 2 ص 504]

(1/10052)

[باب: إذا أصاب قوم غنيمةً فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر ... ]

قوله: (بَابٌ: إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً، فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَمًا أَوْ إِبِلًا بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ؛ لَمْ تُؤْكَلْ): هذا التَّبويب والاستدلال صريحٌ في أنَّ البُخاريَّ رحمه الله يختار ذلك، وقد اختلف العلماء في ذبح المغصوب؛ فنصَّ أحمد على أنَّه ذكيٌّ، وكذا مذهب الشَّافِعيِّ، وفيه حديث رافع بن خديج في ذبح الغنم المنهوبة، والحديث الآخر في المرأة التي أضافت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فذبحتْ له شاة أخذتَها بغير إذن أهلها، قال: أطعموها الأسارى، وفيه دليل على أنَّ المذبوح بدون إذن أهله يُمنَع مِن أكله المذبوحُ له دون غيره؛ كالصَّيد إذا ذبحه الحلالُ لحرام؛ حرم على الحرام دون الحلال، وقد نقل صالح عن أبيه فيمن سرق شاة فذبحها: لا يحلُّ أكلها؛ يعني: له، قلت لأبي: فإن ردَّها على صاحبها؟ قال: تُؤكَل، فهذه الرواية قد يُؤخَذ منها أنَّها حرام على الذَّابح مطلقًا؛ لأنَّ أحمد لو قصد التَّحريم مِن جهة أنَّ المالك لم يأذن في الأكل؛ لم يخصَّ الذَّابح بالتحريم، ومسألة المحرم: إذا أصاب الصيد فقتله؛ فهو ميتة، على الصَّحيح عنه الشَّافِعيَّة، وقد نقل البُخاريُّ في هذا الباب عن طاووس وعكرمة في ذبيحة السارق: اطرحوه، فيجتمع في المسألة ثلاثةُ أقوال؛ الحلُّ مطلقًا، التَّحريم مطلقًا، التَّفصيل بين السَّارق والغاصب وغيرهما، وقد نقل شيخنا عن ابن بَطَّال أنَّه قال: (لا أعلم مَن تابع طاووسًا وعكرمة على كراهة أكلها غير إسحاق ابن راهويه، وجماعة الفقهاء على إجازتها) انتهى، وقد اختُلِف في الذَّابح بآلة مغصوبة، وفيه عن أحمد روايتان.

[ج 2 ص 504]

(1/10053)

[حديث: ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكلوا]

5543# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الهمزة، ثُمَّ حاء ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ صاد مهملتين، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللَّام_ ابنُ سُلَيم؛ بِضَمِّ السين وفتح اللَّام، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة.

قوله: (وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى): تَقَدَّمَ أنَّها السَّكاكين، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَنْهَرَ): أسال، وأنَّ قوله: (وَسَأُحَدِّثُكُمْ [1]) من قول رافع مدرجٌ.

قوله: (سَرَعَانُ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّهم المُستعجِلون منهم، وأنَّه بفتح السِّين والرَّاء، وهو قول الكِسائيِّ، وهو الوجه، وضبطه بعضُهم بسكون الرَّاء، وله وجه، [وضبَطَه الأصيليُّ وبعضُهم: «سُرْعان»] [2]، والأوَّل أوجه، لكن يكون جمع (سريع) مثل: (قَفِيز وقُفْزَان)، وحكى الخَطَّابيُّ أنَّ بعضهم يقول: سِرْعان، قال: (وهو خطأ)، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: (السَّرَعان؛ بفتح السين والرَّاء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشَّيء ويُقبِلون عليه، ويجوز تسكين الرَّاء)، انتهى.

قوله: (فَأُكْفِئَتْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو بهمزة مفتوحة بعد الفاء المكسورة، ويقال: كفأْتُ الإناء وأكفأْته؛ إذا قَلَبْتَه، وكذا تَقَدَّمَ (فَنَدَّ [3])، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجلَ الذِي رَمَاهُ) لا أعرف اسمه، وكذا (أَوَابِد).

(1/10054)

[باب: إذا ند بعير لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله فأراد إصلاحهم ... ]

قوله في التَّبويب: (فَأَرَادَ إِصْلَاحَهُمْ): قال شيخنا: (قال المُهلَّب: يعني: إذا علم مرادَهم، فأراد حبسه على أربابه، ولم يُرِد إفسادَه عليهم.

==========

[ج 2 ص 505]

(1/10055)

[حديث: إن لها أوابد كأوابد الوحش]

5544# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّد بْن سَلَام): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلامًا) بتخفيف اللَّام، على الصَّحيح، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق، وما يفصل النِّزاع.

قوله: (فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّهم كانوا بذي الحليفة مِن تهامة، وكذا تَقَدَّمَ (فَنَدَّ)، وكذا (الرَّجُل الذي رَمَاهُ)، وكذا (الأَوَابِدُ)، وكذا (المُدَى): السَّكاكين، وكذا (أَرِنْ [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا ومُختَصرًا، وكذا (أَنْهَرَ): أي: أسال، ووقع هنا: (ما أنهر أو نهر)، ولمَّا ذكر ابن قُرقُول: أَنهَرَ الدَّم؛ قال: (أساله، كذا في الأمَّهات، ووقع للأصيليِّ: «نهر الدمَ»، وليس بشيء، والصَّواب: ما ندَّ لغيره، وجاء في «باب إذا ندَّ بعيرٌ»: «نَهَر أو أنهر»؛ على الشكِّ)، انتهى، وأنَّ قوله: (فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ ... ) إلى آخره: مدرج في الحديث.

قوله: ({فِي مَخْمَصَةٍ}) [المائدة: 3]: أي: مجاعة.

قوله: (مُهراقًا): يجوز في الهاء الفتح والسكون.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثنا).

[2] في (أ) من نسخة: (أَرِنِي)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 505]

(1/10056)

((73)) (كِتَابُ الأَضَاحِي) ... إلى (كِتَاب الأَشْرِبَة)

(1/10057)

[باب سنة الأضحية]

في (الأضحية) أربعُ لغات: أُضحية وإِضحية؛ بِضَمِّ الهمزة وكسرها، والجمع: أضاحِيُّ، وضَحِيَّة على (فعيلة)، والجمع: ضحايا، وأضحاة، والجمع: أضحًى؛ كما يقال: أَرطاة، وأرطًى، وقد تَقَدَّمَ، وقد ذكر شيخنا فيها عن اللِّحيانيِّ في «نوادره» بكسر الضَّاد قال: وجمعها: ضحايا، فجمَع «ضَحيَّة»؛ بفتحها، زاد ابن التيانيِّ: «وإِضحًى؛ بكسر الهمزة»، وقال صاحب «الدَّلائل»: «أُضْحِيَة؛ بِضَمِّ الهمزة، وتخفيف الياء»)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ): تنبيهٌ: قال أبو مُحَمَّد ابن حزم الحافظ: (لا يصحُّ عن أحد من الصَّحابة أنَّ الأضحية واجبةٌ، وصحَّ أنَّها ليست واجبةً عن ابن المُسَيّب، والشَّعْبيِّ، وابن جُبَير، وعطاء، والحسن، وطاووس، وأبي الشَّعثاء، ورُوي أيضًا عن علقمة، وهو قول الثَّوريِّ، وعبيد بن الحسن، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي سُليمان) انتهى، وهذا (ابن عمر) من الصَّحابة قد نقل عنه البُخاريُّ: أنَّها سنَّة ومعروف بصيغة جزم، فهو صحيح عنه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 505]

(1/10058)

[حديث: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر]

5545# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (زُبَيْد): هو أنَّه بِضَمِّ الزَّاء، وفتح المُوحَّدة، وتَقَدَّمَ الكلام على (الإِيَامِي)، و (الشَّعْبِي): عامر بن شراحيل، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، تَقَدَّمَ، وأنَّ (عازبًا) صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّه هانئ، ويقال: الحارث، وقيل: مالك، عقبيٌّ بدريٌّ، روى عنه ابن أخته البراء بن عازب وجابرٌ، مات عام الجماعة سنة إحدى وأربعين، ويقال: سنة اثنتين وأربعين، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً): يعني: مِن المعز، كما في طريق أخرى يأتي قريبًا، وأصل الجذع من أسنان الدَّوابِّ: وهو ما كان منها شابًّا قويًّا فتيًّا، وهو مِن الإبل: ما دخل في السَّنة الخامسة، ومن البقر والمعز: ما دخل في السَّنة الثانية، وقيل: في البقر في الثالثة، ومِن الضأن: ما تمَّت له سنةٌ، وقيل: أقلُّ منها، ومنهم مَن يخالف بعض هذا التقدير، قاله في «النهاية»، وفي «المطالع»: (و «الجذع»: ما لم يُثنِّ، وقبل ذلك بسنة، ومنه: «الجذع من الضأن»، و «عندي جذعة من المعز»، و «لن تجزيَ جذعةٌ»، و «أصابني جذع»، وقد قيل: إنَّ الجذع مِن الغنم ابن سنة، وقيل: ابن ثمانية أشهر، وقيل: ابن سنة، وقيل: ابن عشرة، وهو لا يجزئ إلَّا من الضأن، لا من المعز، قال الحربيُّ: لأنَّه [1] ينزو من الضَّأن ويلقح، ولا ينزو إذا [2] كان من المعز؛ فلا يجزئ حتَّى يكون ثنيًّا) انتهى، وعند الشَّافِعيَّة: أنَّه يشترط في الإبل أن يكون طعن في السَّنة السَّادسة ولو لحظة، والبقر والمعز أن يطعن في السنة الثالثة ولو لحظة، وفي الضأن أن يطعن في الثانية ولو لحظة، على الصَّحيح في الكلِّ، والله أعلم.

(1/10059)

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ): ثُلاثيٌّ؛ أي: تقضي، ويجوز فيه الرُّبَاعيُّ، نَقل اللُّغتَين في هذا الحديث الجوهريُّ في «صحاحه»، وكذا غيره نقل اللُّغتين، والظاهر أنَّ أبا بردة بن نيار هو آخر الثلاثة الذين رُخِّص لهم في ذلك، وقد قدَّمتهم في (العيدين)، وعقبة بن عامر في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وزيد بن خالد في «أبي داود»، والله أعلم.

قوله: (قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْبَرَاءِ): (مُطرِّف) هذا: هو ابن طريف الحارثيُّ، وقيل: الخارفيُّ، الكوفيُّ، أبو بكر، عن عبد الرَّحمن ابن أبي ليلى، والشَّعْبيِّ، والحكم، وحبيب بن أبي ثابت، وجماعة، وعنه: السُّفيانان، وجرير بن عبد الحميد، وداود ابن عُلَيَّةَ، وخلق كثير، وَثَّقَهُ أحمد

[ج 2 ص 505]

وأبو حاتم، وغيرهما، قال الفَلَّاس وغيره: تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وأربعين ومئة، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين [وأربعين] ومئة، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا يأتي قريبًا مسندًا، و (عامر): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، وأخرجه أيضًا مسلم عن يحيى بن يحيى، عن خالد، عن مُطرِّف به.

==========

[1] في (أ): (لا)، والمثبت من مصدره.

[2] في (أ): (وإذا)، والمثبت من مصدره.

(1/10060)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه]

5546# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم، أحد الأعلام، ابن عُلَيَّةَ، تَقَدَّمَ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10061)

[باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس]

قوله: (بَابُ قِسْمَةِ الإِمَامِ الأَضَاحِيَّ بَيْنَ النَّاسِ): (الأضاحيُّ)؛ بتشديد الياء وتخفيفٍ، تَقَدَّمَ أوَّل الباب الكلام عليها وقبله، وهو مَنْصوبٌ؛ لأنَّه مفعول المصدر، وهو (قسمة).

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10062)

[حديث: قسم النبي بين أصحابه ضحايا]

5547# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا لا خلاف فيه، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى) بعده: هو يحيى بن أبي كثير، و (بَعْجَةَ الْجُهَنِي): هو بعجة بن عبد الله بن بدر الجهنيُّ، عن أبيه وأبي هريرة، وعنه: ابناه، ويحيى بن أبي كثير، وعِدَّة، ثقة أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، مات قبل القاسم بن مُحَمَّد، ومات القاسم سنة (107 هـ).

قوله: (فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الجذعة).

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10063)

[باب الأضحية للمسافر والنساء]

قوله: (بَابُ الأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ): في هذا التبويب ردٌّ على مَن قال: لا تُشرَع الأضحية للمسافر، وقد قال النَّخعيُّ: هي واجبة على الموسر إلَّا الحاجِّ بمنًى، وقال مُحَمَّد بن الحسن: واجبة على المقيم بالأمصار، والمشهور عن أبي حنيفة أنَّه أوجبها على مُقيمٍ يملك نصابًا، والله أعلم، قيل: ليس هو من الأضحية، وإنَّما المراد: ذبحها ضحًى، ولذلك سُمِّيت أضحية؛ لأنَّ الحاجَّ لا أضحية عليه، وإنَّما منًى موضع هدايا، ومذهب الشَّافِعيِّ أنَّها سُنَّةٌ على جميع الناس، وعلى الحاجِّ بمنًى، وبه قال أبو ثور، و (الأضحية): تَقَدَّمَ في أوَّل الباب أنَّه يقال فيها بِضَمِّ الهمزة وكسرها.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10064)

[حديث: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم]

5548# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة.

قوله: (بِسَرِفَ): تَقَدَّمَ ضبط (سرف)، وكم هي على ميل من مكَّة.

قوله: (أَنفِسْتِ؟): تَقَدَّمَ أنَّ النُّون مفتوحةٌ ومضمومة أيضًا، يُقال بهما في الحيض والنِّفاس، نقله غير واحدٍ.

قوله: (أُتِيتُ بِلَحْمِ): (أُتِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاء المُتكلِّم المضمومة.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10065)

[باب ما يشتهى من اللحم يوم النحر]

قوله: (بَابُ مَا يُشْتَهَى مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (غرض الترجمة أنَّ شهوة اللَّحم في الأضحى عادةٌ مشروعةٌ، وليس مِن قبيل ما نُقِل عن عمر رضي الله عنه أنَّه قال لجابر وقد رأى معه حمَّالًا ولحمًا بدرهم، فقال عمر: ما هذا؟ قال: قَرِمْنَا إلى اللَّحم، فقال عمر رضي الله عنه: أين تذهب عن قوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ}؛ الآية [الأحقاف: 20]) انتهى.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10066)

[حديث: من كان ذبح قبل الصلاة فليعد]

5549# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا صدقة بن الفضل، و (ابْنُ عُلَيَّةَ): إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن سِيرِين): هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد قَدَّمْتُ عدد بني سيرين في أوَّل هذا التعليق وبناته.

قوله: (فَلْيُعِدْ): هو بِضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ ... )؛ الحديث: هذا (الرَّجل): هو أبو بردة بن نيار، وقد قَدَّمْتُ قريبًا الاختلافَ في اسمه، عقبيٌّ بدريٌّ رضي الله عنه.

قوله: (وَعِنْدِي جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الجذعة).

قوله: (ثُمَّ انْكَفَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: انقلب.

قوله: (إِلَى غُنَيْمَةٍ): هي مُصغَّرة؛ لأنَّه أراد جماعة الغنم، أو قطعةً منها.

قوله: (فَتَجَزَّعُوهَا): هو بالجيم والزَّاي؛ أي: اقتسموها، وأصله: من الجزع؛ وهو القطع.

(1/10067)

[باب من قال الأضحى يوم النحر]

قوله: (بَابُ مَنْ قَالَ: الأَضْحَى يَوْمُ [1] النَّحْرِ): اعلم أنَّ العلماء اختلفوا في أيَّام الأضحى بعد اتِّفاقهم _كما قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «استذكاره» _ أَنْ لا أضحى بعد انسلاخ الحجَّة على أقوال؛ أحدها: يوم النَّحر ويومان بعده، وهو قول جماعة، الثاني: كذلك وزيادة يومٍ آخرَ، فصارت أربعة، وهو قول جماعة أيضًا، ثالثها: يوم واحد، وهو يوم النَّحر، وهو قول ابن سيرين، وعليه ترجم شيخ الإسلام البُخاريُّ، وحكى ابنُ حزم عن حميد بن عبد الرَّحمن أنَّه كان لا يرى النَّحر إلَّا يوم النحر، وهو قول أبي سليمان، انتهى؛ يعني: داود بن عليِّ بن خلف إمام أهل الظاهر، ونقل الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (أنَّ داود قال: تجوز الأضحية يوم العيد وثلاثة بعده، ولم يُحكَ عنه غيره)، انتهى، رابعُها: يوم واحد في الأمصار، وفي منًى ثلاثة أيَّام، وهو قول ابن جبير، وجابر بن زيد، الخامس: يوم النَّحر وستَّة أيَّام بعده، وهو قول قتادة، سادسها: عشرة أيَّام؛ حكاه ابن التِّين، كما قاله شيخنا، سابعها: وهو أغربها أنَّه إلى آخر يوم من ذي الحجَّة رُوي عن الحسن البصريِّ، قال شيخنا: قال ابن التِّين: ويُؤثَر عن عمر بن عبد العزيز أيضًا، ونقله ابن حزم عن سليمان بن يسار، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وكلُّ هذه الأقوال غير القولين الأوَّلين شاذَّةٌ، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: أنَّها لا أصل لها في السُّنَّة، ولا في أقوال العلماء، ثُمَّ نقل شيخنا بعد ذلك عن ابن حزم: (أنَّ الضَّحيَّة جائزة مِن طلوع الشمس يوم النحر إلى أن يهلَّ هلال المحرَّم ليلًا ونهارًا، ثُمَّ نقل ابن حزم عن مالك أنَّ الأضحى إلى آخر يوم من ذي الحجَّة) انتهى، غالبه من كلام شيخنا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يومَ)؛ بالنَّصب.

[ج 2 ص 506]

(1/10068)

[حديث: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض]

5550# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللَّام على الصَّحيح مُطَوَّلًا، وذكرتُ فيه ما يَفصل النِّزاع، وأنَّه بالتخفيف، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، الثَّقفيُّ، الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، و (ابْن أَبِي بَكْرَةَ): هو عبد الرَّحمن بن أبي بكرة، و (أَبُو بَكْرَةَ): نفيع بن الحارث، تقدَّموا.

[ج 2 ص 506]

قوله: (الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ): يقال: دار يدور، واستدار يستدير؛ بمعنى: إذا طاف حول الشيء، وإذا عاد إلى الموضع الذي ابتدأَ منه، ومعنى الحديث: أنَّ العرب كانوا يُؤخِّرون المحرَّمَ إلى صفر، وهو النَّسيء؛ ليقاتلوا فيه، ويفعلون ذلك سنة بعد سنة، فينتقل المُحرَّم مِن شهر إلى شهر حتَّى يجعلوه في جميع شهور السَّنة، فلمَّا كانت تلك السَّنة؛ كان قد عاد إلى زمنه المخصوص به قبل النَّقل، ودارت السَّنة كهيئتها الأولى، قاله في «النِّهاية»، وقال ابن قُرقُول: («استدار الزَّمان»: دار حتَّى وافقَ وقت الحجَّة في ذي الحجَّة مِن أجل ما كانت العرب تغيِّره في تنقُّل أسماء الشُّهور، تزيد شهرًا في كلِّ أربعة أشهر؛ ليتَّفق [1] الأزمان) انتهى.

قوله: (السَّنَةُ اثْنَي [2] عَشَرَ شَهْرًا): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (اثنا)، وهذه الجادَّة، والذي في الأصل على تقدير: أعني أو نحوها.

قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (القعدة) لغتين؛ الفتح والكسر، وكذا (الحجَّة).

قوله: (وَرَجَبُ مُضَرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين، كما قدَّمته في السَّند.

قوله: (وَأَعْرَاضَكُمْ): (الأعراض): جمع (عِرْض)؛ وهو موضع المدح والذَّمِّ مِن الإنسان سواء أكان في نفسه، أو في سلفه، أو من يلزمه أمره، وقيل: هو جانبه الذي يصونه مِن نفسه وحسبه، ويحامي عنه أن يُنتقَص، أو يُثلَب، وقال ابن قتيبة: (عرض الرجل: نفسه وبدنه لا غير).

قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مَرْفوعٌ في أوائل هذا التعليق.

(1/10069)

قوله: (أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ): (أوعى)؛ بالواو، قال ابن قُرقُول: في (الراء مع العين): («أرعى»؛ كذا للأصيليِّ _أي: أحفظ له_ وأقوم، وللمستملي مثله، ولغيرهما: «أوعى»؛ أي: أكثر تحصيلًا، وتقييدًا، وحفظًا، وهو الأكثر والأشهر، وقال في (الواو مع العين): («أوعى له من بعضٍ»، وهو وَهَمٌ، ومَساقُ الحديث يدلُّ على الرِّواية الأولى)، انتهى، وقال شيخنا: («أوعى» في رواية، وفي رواية: «أرعى»، قيل: وهو الأشبه؛ لأنَّ المقصود الرِّعايةُ له والامتثال، ويحتمل أن يريد بـ «أوعى»: أحفظ للقيام بحدوده عاملًا به)، انتهى.

قوله: (وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، وهو ظاهِرٌ عند أهله.

(1/10070)

[باب الأضحى والمنحر بالمصلى]

قوله: (بَابُ الأَضْحَى وَالْمَنْحَرِ بِالْمُصَلَّى): كذا في أصلنا، وفي غيره: (والنَّحر) عوض (المنحر)، قال شيخنا: (إنَّما هذا مِن سنَّة الإمام خاصَّة أن تُذبَح أضحيته، أو تُنحَر بالمصلَّى، وعلى ذلك: جرى العملُ في أمصار المسلمين، فكان ابن عمر يذبح أضحيته بالمصلَّى، ولم ير ذلك مالك لغير الإمام) انتهى.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10071)

[حديث: كان عبد الله ينحر في المنحر]

5551# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ ضبط (المقدَّميِّ)، وأنَّه منسوب إلى جدِّه مُقدَّم؛ اسم مفعول، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ الفقيه، أحد الفقهاء السبعة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10072)

[حديث: كان رسول الله يذبح وينحر بالمصلى]

5552# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، نُسِب إلى جدِّه، و (بُكَيْر)؛ بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (كَثِير بْن فَرْقَدٍ): بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، معروفٌ عند أهله.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10073)

[باب في أضحية النبي بكبشين أقرنين ويذكر سمينين]

قوله: (بَابٌ: فِي أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الأضحية) في أوَّل (كتاب الأضاحي) وغيره.

قوله: (وَيُذْكَرُ سَمِينَيْنِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذه صيغة تمريض، قال بعض حفَّاظ العصر: (وصله أبو عوانة في «صحيحه» من حديث أنسٍ، وأحمد من حديث أبي رافع) انتهى.

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ): (يحيى بن سعيد) هذا: هو الأنصاريُّ القاضي، و (أبو أمامة [1]): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه أسعدُ بن سهل بن حُنَيف، وُلِد في حياته عليه السَّلام، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

==========

[1] في (أ): (أسامة)، وليس بصحيح.

[ج 2 ص 507]

(1/10074)

[حديث: أن رسول الله انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده]

5554# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت بن عبيد الله بن الحكم، الثقفيُّ، الحافظ، و (أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (انْكَفَأَ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: انقلب، وتَقَدَّمَ ما (الأَمْلَح).

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ): أمَّا (إسماعيل)؛ فهو ابن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أيُّوب): هو السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن سِيرِين): مُحَمَّد بن سيرين، أمَّا تعليق (إسماعيل)؛ فأخرجه البُخاريُّ في (صلاة العيد)، وفي (الأضاحي): عن مُسدَّد، وفي (الأضاحي) أيضًا: عن عليِّ بن عبد الله، وصدقة بن الفضل فرَّقهم؛ ثلاثتهم عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، وأخرجه مسلم في (الذَّبائح) عن يحيى بن أيُّوب، وزهير بن حرب، وعمرو الناقد؛ ثلاثتهم عن ابن عُلَيَّةَ، وأخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) وفي (الأضاحي) عن يعقوب بن إبراهيم الدَّورقيِّ، عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، وأخرجه ابن ماجه في (الأضاحي) عن عثمان ابن أبي شيبة عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ مختصرًا: (أنَّ رجلًا ذبح يوم النَّحر قبل الصلاة، فأمره النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُعِيد)، وتعليق (حاتم) أخرجه مسلم عن زياد بن يحيى الحسَّانيِّ عن حاتم بن وردان به، وأخرجه النَّسَائيُّ عن إسماعيل بن مسعود، عن حاتم بن وردان.

قوله: (تَابَعَهُ وُهيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ): الضَّمير في (تابعه): يعود على (عبد الوهَّاب) الثَّقفيُّ، ومتابعة (وهيب) قال شيخنا: أخرجها الإسماعيليُّ، وساق سنده به إلى أيُّوب، عن أبي قلابة، و (وهيب): هو ابن خالد الحافظ.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10075)

[حديث: أن النبي أعطاه غنمًا يقسمها على صحابته ضحايا]

5555# قوله: (عَنْ يَزِيدَ): هذا هو يَزيدُ بن أبي حبيب، و (أَبُو الخَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (فَبَقِيَ عَتُودٌ): هو بفتح العين المُهْمَلة، وضمِّ المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، هو الصَّغير مِن أولاد المعز؛ إذا قوي ورعى وأتى عليه حولٌ، والجمع: أعتدة، وعدَّان، وعتدان، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الشَّافِعيَّة يشترطون في المعز أن يكون طعن في الثَّالثة ولو لحظة على الصَّحيح؛ فهذا لأبي بردة، وقد جاء ذلك لغيره، وجملتهم ثلاثة، تقدَّموا قريبًا وفي (العيدين)؛ أبو بردة، وعقبة بن عامر في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وزيد بن خالد في «أبي داود»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10076)

[باب قول النبي لأبى بردة: ضح بالجذع ... ]

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ): تَقَدَّمَ أنَّ (تجزي) ثُلاثيٌّ، ورُبَاعيٌّ؛ ذكرهما غير واحد، وذكره الجوهريُّ في هذا الحديث نفسه.

[ج 2 ص 507]

(1/10077)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه]

5556# قوله: (حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُطرِّف بن طريف، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (عَامِر): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا.

قوله: (دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعَزِ): تَقَدَّمَ ما (الدَّاجن)، وكذا (الجذعة).

قوله: (تَابَعَهُ عُبَيْدَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ): أمَّا الضمير في (تابعه)؛ يعود على مُطرِّف؛ هو بن طريف، و (عُبَيدة)؛ بِضَمِّ العين، وفتح الموحَّدة، وهو عبيدة بن مُعتِّب _بكسر التَّاء فوق المُشَدَّدة_ أبو عبد الكريم، الضَّبِّيُّ، الكوفيُّ، عن إبراهيم بن يزيد النَّخعيِّ، والشَّعْبيِّ، وأبي وائل، وجماعة، وعنه: شعبة، وهُشَيم، ووكيع، وطائفة، قال شعبة: أخبرني عبيدة قبل أن يتغيَّر، وقال أحمد: ترك النَّاسُ حديثَه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عديٍّ: مع ضعفه يُكتَب حديثه، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، والتِّرْمِذيُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وقد حسَّن التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (قضاء الحائض الصِّيام دون الصلاة) حديثًا في سنده: عُبيدة بن معتِّب، ومتابعة عبيدة لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شراحيل، و (إبراهيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ وَكِيعٌ عَنْ حُرَيْثٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على مُطرِّف، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (حُرَيث): هو حريث بن أبي مطر عمرٍو، الفزاريُّ الكوفيُّ الحنَّاط _بالنون_ أبو عمرٍو، عن الشَّعْبيِّ، وسلمة بن كهيل، وجماعة، وعنه: شريك، ووكيع، وطائفة، ضعَّفه غير واحد، وتركه النَّسَائيُّ، علَّق له البُخاريُّ، كما ترى، وروى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، قال فيها البُخاريُّ: (ليس بالقويِّ عندهم)، وقال مرَّة: (فيه نظر)، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شراحيل، ومتابعة وكيع، عن حريث، عن الشَّعْبيِّ لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة، ولم يُخرِّجه شيخنا، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (أخرجها أبو الشيخ بن حيَّان في كتاب «الأضاحي» له من طريقه)، انتهى.

(1/10078)

قوله: (وَقَالَ عَاصِمٌ وَدَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ): أمَّا (عاصم)؛ فهو ابن سليمان الأحول، و (داود): هو ابن أبي هند، و (الشَّعْبي): عامر بن شراحيل، وتعليق (عاصم) أخرجه مسلم عن أبي النُّعمان مُحَمَّد بن الفضل، عن عبد الواحد بن زياد، عن عاصم عنه به، وأمَّا تعليق (داود)؛ فأخرجه مسلم في (الذبائح) عن يحيى بن يحيى عن هشيم، وعن مُحَمَّد بن الُمثنَّى، عن ابن أبي عديٍّ؛ كلاهما عن داود بن أبي هند، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن عليِّ بن حُجْر، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن داود، قال التِّرْمِذيُّ: (حسن صحيح)، وأخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) عن عثمان بن عبد الله، عن عَفَّانَ، عن شعبة، عن منصور وداود وابنِ عون ومجالد وزبيد؛ خمستهم عن الشَّعبيِّ به.

قوله: (وَقَالَ زُبَيْدٌ وَفِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ): أمَّا (زُبَيد)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزَّاي، وبالموحَّدة، وهو ابن الحارث الياميُّ، وأمَّا (فراس)؛ فهو ابن يحيى الهمدانيُّ الكوفيُّ، المكتب عن الشَّعْبيِّ وأبي صالح، وعنه: شعبة وأبو عوانة، مات سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، والنَّسَائيُّ، قال القَطَّان: ما أنكرت مِن حديثه إلَّا حديث الاستبراء، ذكره [1] الذَّهَبيِّ في «ميزانه» شبه التَّمييز، وقد وَثَّقَهُ ابن حِبَّان أيضًا، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شراحيل، وتعليق (زُبَيد عن الشَّعْبيِّ) أخرجه النَّسَائيُّ عن مُحَمَّد بن عثمان بن أبي صفوان، عن بهز بن أسد، عن شعبة، عن زُبَيد، وأمَّا تعليق (فراس عن الشَّعْبيِّ)؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الأضاحي) عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن فراس عنه به، وأخرجه مسلم عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن فراس بن يحيى، وأخرجه النَّسَائيُّ عن هنَّاد، عن يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن أبيه، عن فراس، عن عامر.

قوله: (وَقَالَ أَبُو الأَحْوَصِ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ: عَنَاقٌ جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء والصاد المُهْمَلتين، وأنَّ اسمه: سلَّام _بتشديد اللَّام_ ابن سُلَيم؛ بِضَمِّ السين وفتح اللَّام، و (منصور): هو ابن المُعتمِر، وتعليق (أبي الأحوص، عن منصور) أخرجه البُخاريُّ عن مُسدَّد، عن أبي الأحوص، عن منصور، وأخرجه مسلم عن هنَّاد وقتيبة؛ كلاهما عن أبي الأحوص به.

(1/10079)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ): يعني: عن الشَّعْبيِّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن عون ابنِ أمير مصر، وتعليق ابن عون، عن الشَّعْبيِّ أخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) عن عثمان بن عبد الله، عن عفَّان، عن شعبة، عن منصور، وداود، وابن عون، ومجالد، وزُبَيد؛ خمستهم عن الشَّعْبيِّ به.

==========

[1] زيد في (أ): (في)، ولا يستقيم.

[ج 2 ص 508]

(1/10080)

[حديث: اجعلها مكانها ولن تجزي عن أحد بعدك]

5557# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (سَلَمَة) بعده: هو ابن كُهَيل، و (أَبُو جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ الصَّحابيُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، و (أَبُو بُرْدَةَ): هو ابن نيار، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَبْدِلْهَا): هو بقطع الهمزة وكسر الدَّال، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ مَرَّاتٍ.

قوله: (وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ): وتعليق (حاتم) هذا: أخرجه مسلم عن زياد بن يحيى الحسَّانيِّ، عن حاتم بن وردان، عن أيُّوب به، وأخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) و (الأضاحي) عن إسماعيل بن مسعود، عن حاتم به.

قوله: (وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين.

==========

[ج 2 ص 508]

(1/10081)

[باب من ذبح الأضاحي بيده]

(1/10082)

[حديث: ضحى النبي بكبشين أملحين]

5558# قوله: (أَمْلَحَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (الأملح)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الصَّفَائِح)، وهي جمع (صفحة)؛ وهي جانب العُنُق.

==========

[ج 2 ص 508]

(1/10083)

[باب من ذبح ضحية غيره]

قوله: (بَابُ مَنْ ذَبَحَ ضَحِيَّةَ غَيْرِهِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (التَّرجمة غير مُطابقةٍ لحديث ابن عُمر)؛ يعني: قوله: (وأعان رجل ابن عمر في بدنته)، قال ابن المُنَيِّر: (لأنَّه ذكر الإعانة، فلعلَّه عقلها، وذبح ابنُ عمرَ، ولكنَّه رأى أنَّ الاستعانة إذا شُرِعت؛ التحقتْ بها الاستنابة، وأمَّا حديث أزواجه صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ يعني: قوله: (وضحَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن نسائه بالبقر)، قال: (فيحتمل أن يكون صلَّى الله عليه وسلَّم هو المُضحِّي مِن ماله عن أهل بيته، فهنَّ فيها تبع، ويحتمل أن يكون مِن أموالهنَّ، فيطابق الترجمة)، انتهى.

قوله: (وَأَعَانَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فِي بَدَنَتِهِ): هذا (الرَّجل) لا أعرفه.

قوله: (وَأَمَرَ أَبُو مُوسَى بَنَاتِهِ): (بناتُ أبي موسى) لا أعرف أسماءهنَّ.

(1/10084)

[حديث: هذا أمر كتبه الله على بنات آدم اقضي ما يقضي الحاج ... ]

5559# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، تَقَدَّمَ.

قوله: (بِسَرِفَ): تَقَدَّمَ ضبطها، وكم هي على ميل مِن مكَّة، وكذا تَقَدَّمَ (أَنفِسْتِ): وأنَّه بِضَمِّ النون وفتحها في الحيض والنِّفاس، ذكرهما غير واحد.

قوله: (مَا يَقْضِ [1] الحَاجُّ): كذا في أصلنا بغير ياء، وهذا اجتزاء بكسر ما قبلها منها، مثل ما كُتِبت في المصحف: {يقضِ الحقَّ} [الأنعام: 57] على قراءة الضَّاد المُعْجَمة، وفي نسخة خارج الأصل: (اقضي)، وهذا على الجادَّة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (يقضي).

[ج 2 ص 508]

(1/10085)

[باب الذبح بعد الصلاة]

(1/10086)

[حديث: إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي]

5560# قوله: (أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الزاي وبالموحَّدة، وهو ابن الحارث الإياميُّ، و (الشَّعْبِي): عامر بن شَرَاحيل، و (الْبَرَاء): ابن عازب.

قوله: (فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن نيار خال البراء، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وأنَّه بدريٌّ، واسمه: هانئ، وقيل: الحارث، وقيل: مالك.

قوله: (وَعِنْدِي جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا، وبعيدًا ما (الجذعة)، وأنَّها كانت مِن المعز؛ بدليل الرواية السابقة قريبًا.

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ غيرَ مَرَّةٍ.

(1/10087)

[باب من ذبح قبل الصلاة أعاد]

(1/10088)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد فقال رجل]

5561# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

قوله: (فَلْيُعِدْ): هو بِضَمِّ أوَّله وكسر ثانيه، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ): تَقَدَّمَ أنَّه أبو بردة بن نِيار، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في اسمه أعلاه وقبله.

قوله: (وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا بعد (جيرانه): (هَنَة) [1]: وهي بفتح الهاء، وتخفيف النُّون المفتوحة، ثُمَّ تاء، قال ابن قُرقُول: (أي: حاجة وفاقة)، وقال الخليل: هَنٌ [2]: كلمة يكنى بها عن الشيء، والأنثى: هَنَةٌ، وحكى الهرويُّ عن بعضهم شدَّ النون، وفي «النهاية»: (ذكر هَنَة من جيرانه)؛ أي: حاجة، ويُعَبَّر بها عن كلِّ شيء، انتهى.

قوله: (وَعِنْدِي جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ ما (الجذعة) قريبًا وبعيدًا.

[ج 2 ص 508]

قوله: (ثُمَّ انْكَفَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (غُنَيْمَةٍ) قريبًا.

==========

[1] جاءت النسخة في (ق) قبل: (من جيرانه).

[2] في (أ): (هي)، والمثبت من مصدره.

(1/10089)

[حديث: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فلا يذبح حتى ينصرف]

5563# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتَقَدَّمَ (فِرَاس): أنَّه ابن يحيى الهمْدانيُّ، وتَقَدَّمَ قريبًا مترجمًا، و (عَامِر): هو الشَّعْبيُّ عامر بن شَراحيل، و (أَبُو بُرْدَة بْنُ نِيَارٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه رضي الله عنه، وأنَّه خال البراء بن عازب.

قوله: (جَذَعَةً): تَقَدَّمَ ما (الجَذَعة).

قوله: (خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ): قال الداوديُّ: هي التي بدَّلت أسنانها، وهي الثنيَّة، واختُلِف في سنِّها في البقر؛ فقيل: ابنة ثلاث ودخلت في رابعة، وقيل: التي دخلت في الثالثة، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (آذْبَحُهَا؟): هو بمدِّ الهمزة همزةِ الاستفهام، و (تَجْزِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ.

قوله: (قَالَ عَامِرٌ): هو عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ المذكورُ في السند.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10090)

[باب وضع القدم على صفح الذبيحة]

قوله: (عَلَى صَفْحِ الذَّبِيحَةِ): (الصَّفْح)؛ بفتح الصاد، وإسكان الفاء، وبالحاء، المُهْمَلَتَين: جانب العنق، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10091)

[حديث: أن النبي كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين]

5564# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومرَّة مترجمًا.

قوله: (أَمْلَحَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (الأملح)، و (صَفْحَتِهِمَا): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّ (الصَّفْحَة): جانب العُنق.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10092)

[باب التكبير عند الذبح]

(1/10093)

[حديث: ضحى النبي بكبشين أملحين أقرنين]

5565# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10094)

[باب: إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء]

قوله: (بَابٌ: إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ لِيُذْبَحَ؛ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ): في الحديث الذي ذكره ردٌّ على ابن عُمر وابن عَبَّاس رضي الله عنهم، وهو قول عطاء بن أبي رَباح، وأئمَّة الفتوى على خلافِ هذا القول، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10095)

[حديث: إن رجلًا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر]

5566# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في مواضعَ من الكتاب: (حدَّثنا أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك)، قال أبو عبد الله النيسابوريُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يُكنَى أبا العَبَّاس، ويُلقَّب مردويه، وقال الدارقطنيُّ: أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك: هو أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شبويه) انتهى، والمِزِّيُّ لم يزد على (أحمد بن مُحَمَّد) في «أطرافه»، و (عبد الله): هو ابن المبارك، كما تَقَدَّمَ، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ ... ) إلى آخره: الرجل في حفظي أنَّه ابن عَبَّاس، وقد ذكرته عنه أعلاه وعن غيره، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين في هذا المكان: (هو زياد بن أبيه، وذكر أنَّه أخذ ذلك عن ابن عَبَّاس) انتهى، وفي «صحيح مسلم»: أنَّ ابن زياد كتب إلى عائشة أنَّ ابن عَبَّاس قال: (مَن أهدى هديًا؛ حرم عليه ما يحرم على الحاجِّ حتَّى يُنحَرَ الهديُ ... )؛ الحديث، صوابه ما قاله أبو عليٍّ الغسَّانيُّ وجميع المتكلِّمِين على مسلمٍ: إنَّ هذا غلطٌ _أعني: قوله: (ابن زياد) _، وإنَّ صوابه: أنَّ زياد بن أبي سفيان، وهو المعروف بزياد بن أبيه، وكذا وقع على الصواب في «البُخاريِّ»، و «المُوطَّأ»، و «أبي داود»، وغيرِها من الكتب المعتمدة، ولأنَّ ابنَ زياد عبيدَ الله لم يلقَ عائشةَ، والله أعلم، ففيما ذكرته ردٌّ على بعض حفَّاظ المصريِّين، وفيه تنبيهٌ على وَهَمٍ وَقَع في «مسلم»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10096)

[باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها]

قوله: (مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ): هو بتشديد الياء وتخفيفها.

قوله: (وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا): (يُتزَوَّد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ويُعرَف ذلك من قوله: (مَا يُؤْكَلُ)، والله أعلم.

(1/10097)

[حديث: كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي ... ]

5567# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المدينيِّ): هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام.

(1/10098)

[حديث أبي سعيد أنه كان غائبًا فقدم فقدم إليه لحم ... ]

5568# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (سُلَيْمَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن بلال، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (الْقَاسِم): هو ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، و (ابْن خَبَّابٍ): بفتح الخاء المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، واسمه عبد الله بن خَبَّاب الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ مولاهم، المدنيُّ، عن أبي سعيد، وعنه: القاسم بن مُحَمَّد مع تقدُّمه، وبُكَيْر بن الأشجِّ، ويزيد بن الهادي، وابن إسحاق، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وهو غير عبد الله بن خبَّاب بن الأرتِّ، ابن الأرتِّ ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، إنَّما له في «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسَائيِّ»، والله أعلم، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (فَقُدِّمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ): (قُدِّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (لحمٌ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (حَتَّى آتِيَ أَخِي [1] قَتَادَةَ): هو قتادة بن النعمان الظَّفَرِيُّ، بدريٌّ، عنه أخوة لأمِّه أبو سعيدٍ الخُدْريُّ ومحمود بن لَبيد، مات سنة (23 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، رضي الله عنه، أمُّ أبي سعيد أو أمُّه أنيسةُ بنتُ أبي حارثة لم أرَ لها ذكرًا في الصَّحابيَّات، وقد قَدَّمْتُ ذلك أيضًا.

(1/10099)

[حديث: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء]

5569# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10100)

[حديث: لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام]

5570# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ، ابن أخت مالكٍ، و (أَخُوهُ): هو عبد الحميد بن عبد الله أبي أويسٍ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، ولا عبرة بما قال الأزديُّ فيه، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (يَحْيَى بْن سَعِيْدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، و (عَمْرَة بِنْت عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَتْ، وأنَّ أفضلَ النساء التابعيَّات ثلاثٌ: عَمْرة هذه، وحفصة بنت سيرين، وأمُّ الدرداء هجيمة بنت حييٍّ الأوصابيَّة.

قوله: (أَرَادَ أَنْ يُطْعَمَ [1] مِنْهُ): (يُطعَم)؛ بِضَمِّ أوَّله، وفتح العين: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (يُطعِم)؛ مبنيًّا للفاعل.

[ج 2 ص 509]

(1/10101)

[حديث: يا أيها الناس إن رسول الله قد نهاكم عن صيام .. ]

5571# 5572# 5573# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة، ومثله: حِبَّان بن عَطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقَة، وابن عَطيَّة له ذكرٌ في «البُخاريِّ»، وابن العَرِقَة كافرٌ هلك على كفره، له ذكرٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، و (ابن موسى): روى عنه البُخاريُّ ومسلمٌ في «صحيحَيهما»، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ): اسمه سعد بن عبيد، أبو عبيد الزُّهريُّ المدنيُّ، مولى عبد الرحمن بن أزهر، عن عمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي هريرة، وعنه: الزُّهريُّ وسعيد بن خالد، قال ابن سعد: كان من القرَّاء وأهلِ

[ج 2 ص 509]

الفقه، ثقةٌ، مات سنة ثمانٍ وتسعين، أخرج له الجماعة.

قوله: (قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبله فيما يليه، وكذا قوله: (قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ).

قوله: (وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [1] نَحْوَهُ): الذي ظهر لي أنَّ قوله: (وعن معمر) معطوفٌ على السند الذي قبله، فيكون رواه البُخاريُّ عن حِبَّان بن موسى، عن عبد الله _هو ابن المبارك_ عن معمر، والأوَّل رواه ابن المبارك عن يونس، والمِزِّيُّ في «أطرافه» لم يوضِّح هذا المقصودَ، بل كلامه في قوَّة أنَّه يكون تعليقًا، ولكن راجعتُ كلام شيخنا في (الصوم)، فقال ما لفظه: قال الطرقيُّ: طريق معمر هذه معطوفٌ على طريق يونس، انتهى، قال شيخنا: فتكون على هذا القول متَّصلةً غيرَ معلَّقة، انتهى، وهذا الذي قلته أنا، وفي قوَّة كلام شيخنا متابعة المِزِّيِّ، والله أعلم، فإنَّ عبارته كعبارة المِزِّيِّ، فيكون على ما فهمت من كلام المِزِّيِّ وشيخِنا (نحوُه) بالرفع، وعلى ما قاله الطرقيُّ وأنا؛ فيكون منصوبًا، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ).

(1/10102)

[حديث: كلوا من الأضاحي ثلاثًا]

5574# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): هذا أبو يحيى الحافظ صاعقة، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَخِي ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي الزُّهريِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَمُّه ابْنُ شِهَابٍ): هو الزهريُّ مُحَمَّد مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهريُّ، أحدُ الأعلامِ وحفَّاظِ الإسلام.

قوله: (كُلُوا مِنَ الأَضَاحِيِّ): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال بتخفيف الياء وتشديدها؛ لُغَتَان.

قوله: (وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ): هو عبد الله بن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنهما، راوي الحديث.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10103)

((74)) (كِتَابُ الأَشْرِبَة) ... إلى (كِتَاب المَرْضَى)

فائدةٌ: قال الجوهريُّ بعد أن ذكر (المِزر _ بالكسر_: ضربٌ من الأشربة)، ما لفظه: وذكر أبو عبيد أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما قد فسَّر الأنبذة، فقال: البِتْع: نبيذُ العسلِ، والجِعَةُ: نيبذُ الشَّعِير، والمِزْرُ: من الذُّرَة، والسَّكَر: من التمر، والخَمْرُ: من العِنَب، وأمَّا السُّكُرْكَة _بتسكينٍ_؛ فخمر الحبش، قال أبو موسى الأشعريُّ: هي من الذُّرَة، ويُقال لها: السُّقُرْقُعُ أيضًا، كأنَّه معرَّب سُكُرْكَة، وهي بالحبشيَّة، انتهى.

فائدةٌ ثانيةٌ: الخمر حُرِّمَت في غزوة بني النضير، كما ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته»، وغزوة بني النضير عند ابن إسحاقَ في ربيع الأوَّل على رأس خمسةِ أشهرٍ من وقعة أُحُد، وقال البُخاريُّ عن الزُّهريِّ: كانت على رأس ستَّة أشهرٍ من وقعة بدر قبل أُحُد، انتهى، وكلام الزُّهريِّ فيه نظرٌ، وقد تَقَدَّمَ، وفي كلام ابن سَيِّد النَّاسِ أيضًا في «سيرته» في (الحوادث): أنَّها حُرِّمَت سنةَ أربعٍ، انتهى، وقال بعض العلماء عن أبي مُحَمَّد ابن حزم الظاهريِّ: في ربيع الأوَّل، وفي «سيرة الحافظ علاء الدين مغلطاي» عقب غزوة أُحُد في حمراء الأسد ما لفظه: وحُرِّمَت الخمر في شوَّال؛ يعني: من الثالثة، قال: ويُقال: سنة أربع، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10104)

[وقول الله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس}]

قوله في الآية التي تلاها: ({وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: 90]): هو القمار.

قوله: ({وَالأَنصَابُ}): تقدَّم الكلام عليها، وهي التي كانوا يذبحون عندها.

قوله: ({وَالأَزْلامُ}): تقدَّم الكلام عليها، وتَقَدَّمَ الكلام على واحدها ولُغَتَيه [خ¦1601]، وهي التي كانوا يستقسمون بها.

قوله: ({رِجْسٌ}): أي: نجسٌ خبيثٌ.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10105)

[حديث: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة]

5575# قوله: (حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ): هو بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، سأذكر فيه كلامًا في (اللباس) في قوله: (لن يلبسه في الآخرة)، والجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23] إن شاء الله تعالى.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10106)

[حديث: الحمد لله الذي هداك للفطرة ... ]

5576# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُسْرِيَ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (ليلةَ): مَنْصوبٌ على الظرف.

قوله: (بِإِيلِيَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها قيل: إنَّ معناها بالسُّريانيَّة: بيتُ الله، وهي بيت المقدس.

قوله: (بِقَدَحَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية مع رواية: «أُتِيتُ بِثَلَاثة أَقْدَاحٍ»، والله أعلم.

قوله: (لِلْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها الاستقامة هنا.

قوله: (غَوَتْ أُمَّتُكَ): أي: انهمكت في الشرِّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَابْنُ الهَادِي، والزُّبَيْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ [1]، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على شعيب؛ هو ابن أبي حمزة، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد، ومتابعة معمر عن الزُّهريِّ أخرجها البُخاريُّ في موضعين من (أحاديث الأنبياء) عن إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، وعن محمود بن غيلان، عن عبد الرَّزَّاق؛ كلاهما عن معمر به، وأخرجها مسلم في (الإيمان) عن مُحَمَّد بن رافع، وعبد بن حُمَيد؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن معمر به، وأخرجها التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن محمود بن غيلان به، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

(1/10107)

وأمَّا (ابن الهادي)؛ فقد تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ الصَّحيحَ إثباتُ الياء في آخره، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه يزيدُ بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّمَ مترجمًا، ومتابعتُه لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: قال الحاكم: أراد حديث ابن الهادي عن عبد الوهَّاب بن بُخت، عن الزُّهريِّ، قال شيخنا: قلتُ: وهي في «النَّسَائيِّ» كذا قال، وأنا لم أرَها في «أطراف المِزِّيِّ»، لكن رأيته ذكر ذلك في عبد الوهَّاب بن أبي بكر عن الزُّهريِّ، لا في ترجمة عبد الوهَّاب بن بخت؛ فاعلمه، وشيخُنا انتقل نظرُه حال الكتابة من ترجمةٍ إلى ترجمةٍ لابن عبد الوهَّاب بن بُخت في «أطراف المِزِّيِّ» قبل ترجمة عبد الوهَّاب بن أبي بكر عن الزُّهريِّ، والله أعلم.

وقوله: (وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): قال المِزِّيُّ عطفًا على قول الحاكم قبله: وعثمان بن عمر عن يونس، عن الزُّهريِّ، انتهى، وهذه بهذا الطريق: عثمان بن عمر، عن يونس، عن الزُّهريِّ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وشيخُنا لم يخرِّجها، وقال بعض الحُفَّاظ من المصريِّين: وعثمان بن عمر: هو ابن موسى بن عبيد بن معمر التيميُّ، ووَهِمَ مَن قال: هو عثمان بن عمر بن فارس، انتهى، وأمَّا حديث (يونس بن يزيد عن الزُّهري)؛ فأخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن أحمد بن صالح، عن عنبسة بن صالح، وفيه وفي (الأشربة) عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك، وأخرجها مسلم في (الأشربة) عن زهير بن حرب ومُحَمَّد بن عباد؛ كلاهما عن أبي صفوان الأمويِّ، والنَّسَائيُّ عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك؛ ثلاثتهم عن يونس بن يزيد به، قال المِزِّيُّ: وقال البُخاريُّ في (الأشربة) عقيب حديث شعيب بن أبي حمزة _يعني: هذا المكان_: تابعه عثمان بن عمر؛ يعني: عن يونس، انتهى، والله أعلم.

وأمَّا متابعة الزُّبيديِّ، عن الزُّهريِّ؛ فأخرجها النَّسَائيُّ في (الرُّؤيا) عن كثير بن عبيد المذحجيِّ ومُحَمَّد بن صدقة الجيلانيِّ؛ كلاهما عن مُحَمَّد بن حرب، عن الزبيديِّ به، والله أعلم.

[ج 2 ص 510]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، والزُّبَيْدِيُّ).

(1/10108)

[حديث: من أشراط الساعة أن يظهر الجهل]

5577# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

قوله: (يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/10109)

[حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.]

5578# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحدُ الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (ابْن المُسَيّب): هو سعيدٌ، و (المُسَيّب): بفتح الياء وكسرها، وأمَّا غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب الإيمان).

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ): هذا بالسند الذي ساقه قبله (عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب)، و (عبد الملك) هذا: يروي عن أبيه وخارجة بن زيد، وعنه: الزُّهريُّ وابن جُرَيج، ثقة شريف، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ وغيرُه، قال ابن سعد: كان سخيًّا سريًّا، مات في أوَّل خلافة هشام.

قوله: (ذَاتَ شَرَفٍ): هو بفتح الشين المُعْجَمة والراء، وبالفاء، قال في «المطالع»: ذات قَدْرٍ كبير، وقيل: يستشرف لها الناس؛ كما جاء في الرواية: «يرفع الناسُ إليه فيها أبصارَهم»، وقد رُوِيَ بالسين المُهْمَلة، وفُسِّر بذات القدر الكبير، وقال في (السين المُهْمَلة): («ذات سَرَف»: أمَّا روايتينا في «الصَّحيح»؛ فبالشين المُعْجَمة، وغيرهما [1] بالمُهْمَلة؛ ذكرها الحربيُّ وفسَّرها بذات قَدْرٍ كبير، وقد قيَّده بعضُهم في «مسلم» بالمُهْمَلة، وبها فسَّر أيضًا المُعْجَمة، وكلاهما بمعنًى، وقيل: ذات شرف؛ أي: تستشرف الناس؛ كما قال: «يرفع الناسُ إليها أبصارَهم»، وهذا يحتمل الوجهين، انتهى، ولم يذكر ابنُ الأثير فيها إلَّا الإعجامَ، والله أعلم.

==========

[1] في مصدره: (وغيرها).

[ج 2 ص 511]

(1/10110)

[باب الخمر من العنب]

قوله: (بَابٌ: الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: غرضُه الردُّ على الكوفيِّين؛ إذ فرَّقوا بين ماء العِنَب وغيرِه، فلم يُحَرِّموا من غيره إلَّا القَدْرَ المُسْكِر خاصَّةً، وزعموا أنَّ الخمرَ ماءُ العِنَب خاصَّةً، انتهى، و (الخمر): هل هو حقيقةٌ في عصير العِنَبِ مجازٌ في غيره؟ أو حقيقةٌ في جميع الأنبذة؟ قولان مشهوران شهرةً كبيرةً، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10111)

[حديث: لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء]

5579# قوله: (حَدَّثَنَا مَالِكٌ هُوَ ابنُ مِغْوَلٍ): (مِغْوَل)؛ بكسر الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، وفتح الواو، وباللَّام، وهو معروفٌ عند أهله، وتَقَدَّمَ.

قوله: (حُرِّمَتِ الْخَمْرُ): هو بِضَمِّ الحاء، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10112)

[حديث: حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد خمر الأعناب ... ]

5580# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، و (يُونُس) قبل (ثابت البنانيِّ) الرَّواي عنه: هو يونس بن عُبيد، أبو عبد الله، البصريُّ، عن الحسن، وابن سيرين، وإبراهيم التَّيميِّ، وعطاء بن أبي رَباح، وعكرمة، وطائفة، وعنه: شعبة، والحمَّادان، وسفيان، ووهيب، وهشيم، وخلق، وَثَّقَهُ أحمد والجماعة، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، وقال ابن سعد: سنة (140 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: صاحب التَّرجمة غيرُ يونس بن عُبَيد الكوفيِّ، هذا الثاني حدَّث عن البراء بن عازب لا يُدرَى مَن هو، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وحديثه: (كانت راية النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سوداء مُربَّعة مِن نمرة)، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، تَقَدَّمَ، والله أعلم.

قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ): (حُرِّمت): بِضَمِّ الحاء، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، و (الخمر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10113)

[حديث: أما بعد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة العنب والتمر ... ]

5581# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا بعد (مُسَدَّد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، و (أَبُو حَيَّان) بعده: بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، واسمه: يحيى بن سعيد بن حَيَّانَ التَّيميُّ، إمامٌ ثبْتٌ، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، و (عَامِرٌ) بعده: هو الشَّعْبيُّ عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها والاختلاف في أوَّل مَن قالها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (مَا خَامَرَ الْعَقْلَ): أي: خالطه، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10114)

[باب: نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر]

قوله: (وَهْيَ مِنَ الْبُسْرِ): (البُسْر)، بِضَمِّ الموحَّدة، وأوَّله: طَلْعٌ، ثُمَّ خَلالٌ، ثُمَّ بَلَح، ثُمَّ بُسْر، ثُمَّ رُطَبٌ، ثُمَّ تمر، الواحدة: بُسْرة وبُسَرة، وبُسرات، وبُسْر، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10115)

[حديث: كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة]

5582# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا ابن أبي أويس [1] ابن أخت مالك المجتهدِ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) أنَّه اجتمع من روايات حديث أنس هذا جماعةٌ ذكرتُهم هناك، وذكرتُ أيضًا أنَّ عند أحمد ابن حنبل في «المسند»: أنَّهم كانوا أحد عشر رجلًا، والله أعلم.

قوله: (مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ): (الفَضِيْخ): بفتح الفاء، وكسر الضاد المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة أيضًا تَقَدَّمَ الكلام عليه في (المائدة).

قوله: (زَهْوٍ): هو بفتح الزَّاي وتُضمُّ، وسكون الهاء، قال الجوهريُّ: البُسر الملوَّن، يقال: إذا ظهرت الحمرة والصُّفرة في النَّخل؛ فقد ظهر فيه الزَّهْوُ، وأهل الحجاز يقولون: الزُّهو؛ بالضَّمِّ، وقد زها النَّخل زهوًا، وأزهَى أيضًا لغة حكاها أبو زيد، ولم يعرفها الأصمعيُّ.

قوله: (فَجَاءَهُمْ آتٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الآتي الذي جاءهم بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.

[ج 2 ص 511]

قوله: (فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل زوج أمِّ سُلَيم أمِّ أنس، بدريٌّ نقيبٌ، تقدَّم مُتَرجَمًا رضي الله عنه.

(1/10116)

[حديث: حرمت الخمر فقالوا: أكفئها]

5583# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ): هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التَّيميُّ، نزل فيهم، تقدَّما.

قوله: (أَسْقِيهِمْ عُمُومَتِي): تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) مَن كانوا، وفيهم مَن ليس أنصاريًّا، ولكنَّ غالبهم أنصاريٌّ، فلهذا قال: (عمومتي).

قوله: (الْفَضِيخَ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وتَقَدَّمَ في (المائدة) ما هو.

قوله: (حُرِّمَتِ الْخَمْرُ): تَقَدَّمَ أنَّ (حُرِّمت): بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، و (الخمر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (أَكْفِئْهَا): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: كَفَأَ وأكفأَ، ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ، مهموز الآخر فيهما، فصرِّفْ أنت الأمرَ عليهما.

قوله: (قَلْتُ لأَنَسٍ): قائل ذلك هو ابن أخيه لأمِّه إسحاقُ بن عبد الله بن أبي طلحة الرَّاوي عنه هنا، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ [1] أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ): هو أبو بكر بن أنس بن مالك الأنصاريُّ، يروي عن أبيه، وزيد بن أرقم، وعتبان بن مالك، وغيرهم، وعنه: ابنه عبيد الله، وقتادة، وابن جدعان، ويونس بن عبيد، وَثَّقَهُ العِجْليُّ، أخرج له مسلمٌ فقط.

قوله: (وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْن مَالِكٍ): قائل ذلك هو سليمان بن طرخان التيميُّ الرَّاوي في هذا الحديث عن أنس، وقد بيَّن ذلك مسلمٌ في روايته، فقال: وقال ابن عبد الأعلى: حدَّثنا المعتمر عن أبيه: حدَّثني بعضُ مَن كان معي أنَّه سمع أنسًا يقول: كانت خمرهم يومئذٍ، و (بعض أصحابِ سليمان) لا أعرفه.

(1/10117)

[حديث: أن الخمر حرمت والخمر يومئذ البسر والتمر]

5584# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ (المقدمي): بِضَمِّ الميم، وفتح الدَّال المُشَدَّدة، وأنَّه نسبه إلى جدِّه (مُقدَّم)؛ اسم مفعول، و (يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَّاءُ): بفتح الموحَّدة، وتشديد الرَّاء، ممدود، وهو الذي يبري النِّشاب، وهو يوسف بن يزيد العطَّار.

==========

[ج 2 ص 512]

(1/10118)

[باب: الخمر من العسل وهو البتع]

قوله: (بَابٌ: الْخَمْرُ مِنَ الْعَسَلِ، وَهْوَ الْبِتْعُ): إن قلت: ما وجه إدخال حديث أنس في الباب، وليس فيه إلَّا النَّهْي عن الانتباذ؟ قال شيخنا: (أجاب عنه المُهلَّب، فقال: هو موافق للتبويب، وذلك أنَّ الخمر مِن العسل لا يكون إلَّا منبذًا في الأواني بالماء الأيَّام حتَّى يصير خمرًا، وأنَّه عليه السَّلام إنَّما نهى عن الانتباذ في الظُّروف المذكورة؛ لسرعة كون ما يُنبَذ فيها خمرًا من كلِّ ما يُنبَذ فيها.

قوله: (وَهْوَ الْبِتْعُ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان المُثَنَّاة فوق _قال ابن قُرقُول: (وبعض أهل اللُّغة يفتحها) [1]_ ثُمَّ عين مهملة، وقد فسَّره بأنَّه نبيذ العسل.

قوله: (وَقَالَ مَعْنٌ: سَأَلْتُ مَالِكًا [2] عَنِ الْفُقَّاعِ): هذا هو معن بن عيسى المدنيُّ، أخرج له الجماعة، وكان ثقة ثبتًا مأمونًا، تُوُفِّيَ سنة (197 هـ)، وقد تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: وقال شيخنا في (معن) هذا هنا: (معنى هذا: أخذُه عن معنٍ مذاكرةً)، انتهى، وهذا غلط صريح، وقد ذكرت لك متى تُوُفِّيَ معنٌ، والبُخاريُّ وُلِد بعد صلاة الجمعة ليلة ثلاث عشرة خلت مِن شوَّال سنة أربع وتسعين، فانظر كم كان عمره لمَّا تُوُفِّيَ معن، ولم يأخذ عن معنٍ نفسِه، وهذا غلط؛ فاعلمْه واجتنبْه، وكلُّ هذا مِن السُّرعة.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ): الظَّاهر أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد بن عبيد الدَّراورديِّ، أبو مُحَمَّد، المدنيُّ، مولى جُهَينة، وقيل: مولى قضاعة، ودراورد: قرية بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها تقدَّم مُتَرجَمًا، فيقال له: الدَّراورديُّ، والظاهر أنَّه يقال له: ابن الدَّراورديِّ؛ نسبةً إلى جدِّه؛ لأنَّ جدَّه الدَّراورديُّ، ولا أعرف له ولدًا، وإن كانت كنيته أبا مُحَمَّد؛ فإنَّي لا أعلم له ولدًا يقال له: مُحَمَّدٌ مُترجَمًا، والله أعلم.

==========

[1] كُتِب في (أ) فوق قول ابن قرقول: (يُحرَّر هذا الكلام مِن نسخةٍ صحيحةٍ)، وكلام «المطالع» موافقٌ للمنقول.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مالكَ بنَ أنسٍ).

[ج 2 ص 512]

(1/10119)

[حديث عائشة: كل شراب أسكر فهو حرام]

5585# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف.

قوله: (عَنِ الْبِتْعِ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطُه، وأنَّه نبيذُ العسل.

==========

[ج 2 ص 512]

(1/10120)

[حديث: سئل رسول الله عن البتع وهو نبيذ العسل]

5586# 5587# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه أيضًا.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ [1]: حَدَّثَنِي أَنَسُ): هو معطوف على السَّند الذي قبله، وقد رواه البُخاريُّ عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن أنس، وليس تعليقًا.

قوله: (لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى الانتباذ في هذه الأواني، وأنَّه كان مُحرَّمًا، ثُمَّ نُسِخ، وقيل: النَّهْي باقٍ، في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الحاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحَنْتَم والنَّقير) ما هما، في أوَّل هذا التعليق.

(1/10121)

[باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب]

قوله: (مَا خَامَرَ الْعَقْلَ): تَقَدَّمَ أنَّ معنى (خامر): خالط.

==========

[ج 2 ص 512]

(1/10122)

[حديث: إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء ... ]

5588# قوله: (حَدَّثَنِي [1] يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (أَبُو حَيَّان): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت، وأنَّه يحيى بن سعيد بن حَيَّانَ، و (الشَّعْبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (وَدِدْتُ): هو بكسر الدَّال الأولى، تَقَدَّمَ، وهو ظاهِرٌ.

قوله: (الْجَدُّ): هو بفتح الجيم، وهو أبو الأب، وقد اختلف الصَّحابة والفقهاء فيه اختلافًا كثيرًا، قال شيخنا: (فرُوِي عن عَبِيدةَ أنَّه قال: حفظتُ عن عمر في الجَدِّ سبعين قضيَّة؛ كلُّها تخالف بعضها بعضًا، وعن عمر: أنَّه جمع الصَّحابة؛ ليجتمعوا في الجَدِّ على قول، فسقطت حيَّةٌ مِن السقف، فتفرَّقوا، فقال عمر رضي الله عنه: أبى الله إلَّا أن تختلفوا في الجَدِّ، وقال عليٌّ: مَن أراد أن يقتحم جراثيم جهنَّم؛ فليقض في الجَدِّ؛ يريد: أصولها، والجُرثومة: الأصل)، انتهى.

قوله: (وَالْكَلَالَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

[ج 2 ص 512]

قوله: (وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا): هذه (الأبواب) لا أعرفها بعينها، وأبواب الرِّبا كثيرةٌ.

قوله: (قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو): قائل ذلك هو أبو حَيَّانَ التيميُّ، و (أبو عمرو): هو عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ، كنيته أبو عمرو.

قوله: (مِنَ الرُّزِّ): هو لغة في (الأرز)، وفيه ستُّ لغات: أَرُزٌّ؛ بفتح الهمزة، وأُرُزٌّ؛ بضمِّها إتباعًا، وأُرْزٌ وأُرُزٌ؛ مثل: (رُسْل ورُسُل)، وزُرٌّ، ورُنْز، وهذه لغة عبد القيس، حبٌّ معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: في الأرز حديثان باطلان موضوعان على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ أحدهما: (أنَّه لو كان رجلًا؛ لكان حليمًا)، والثاني: (أنَّ كلَّ شيء أخرجته الأرض، ففيه داءٌ وشفاءٌ إلَّا الأرز، فإنَّه شفاءٌ لا داءَ فيه)؛ ذكرتُهما؛ تحذيرًا من نسبتهما إليه عليه السَّلام.

(1/10123)

قوله: (وَقَالَ حَجَّاجُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ): أمَّا (حجَّاج)؛ فهو ابنُ المنهال شيخُ البُخاريِّ، و (حمَّاد): هو ابن سلمة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حجَّاج بنَ منهال إذا أطلق حمَّادًا؛ فهو ابن سلمة، وكذا التَّبُوذَكيُّ موسى بن إسماعيل أو عَفَّان، وكذا هَدَّابٌ، وأنَّ حمَّادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب أو عارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ علَّق لابن سلمة، و (أبو حَيَّانَ): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، و (فلان) المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا) غير أنَّ الغالبَ أَخْذُه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ هذا وأمثالَه يجعله المِزِّيُّ وكذا الذَّهَبيُّ تعليقًا، والله أعلم.

(1/10124)

[حديث: الخمر يصنع من خمسة من الزبيب والتمر]

5589# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ الكنى: بالفتح، وأنَّ الأسماء: بالسُّكون، وأنَّ بعضَ المغاربة قال في هذا _والد (عبد الله) سعيد بن يُحمَد_ بالسُّكون، و (الشَّعْبي): بفتح الشين، عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 513]

(1/10125)

[باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه]

(1/10126)

قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بسند البُخاريِّ، ثُمَّ قال: (الحديث مطابق للترجمة إلَّا قوله: «ويسمِّيه بغير اسمه»، وإن كان قد ورد مُبيَّنًا في غير هذه الطَّريق، لكنَّه لمَّا لم توافق شرط البُخاريِّ تلك الزِّيادة؛ ترجم عليها، وقنع في الاستدلال عليها بقوله: «مِن أمَّتي»، فإنَّ كونهم مِن الأمَّة يبعدُ معه أن يستحلُّوها بغير تأويل ولا تحريف، وإنَّ ذلك مجاهرةٌ بالخروج عن الأمَّة؛ إذ تحريم الخمر معلوم ضرورةً، فهذا هو سرُّ مطابقة الترجمة لهذه الزيادة)، انتهى، والذي أشار إليه ابن المُنَيِّر هو ما رواه ابن أبي شيبة قال: حدَّثنا زيد بن الخبَّاب عن معاوية بن صالح: حدَّثنا حاتم بن حُرَيث عن مالك بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن غنم: حدَّثني أبو مالك الأشعريُّ: أنَّه سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «يشرب ناس مِن أمَّتي الخمر يسمُّونها بغير اسمها، يُضرَب على رؤوسهم بالمعازف والقينات، يخسف الله بهم الأرضَ، ويجعل منهم القردة، والخنازير»، وروى ابن أبي عاصم: حدَّثنا دحيم: حدَّثنا مُحَمَّد بن شعيب عن أبي حفص القاصِّ، عن معاوية بن حاتم، عن أبي غنم، عن أبي مُسلِم [1] الأشعريِّ، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «سيكون قوم يستحلُّون الخمر يُسَمُّونها بغير اسمها»، وقال ابن وهب: حدَّثني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال، عن مُحَمَّد بن عبد الله: أنَّ أبا مسلم الخولانيَّ حجَّ، فدخل على عائشة رضي الله عنها زوجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: فجعلتْ تسألني عن الشَّام، وعن بَرْدِهَا، فقال: يا أمَّ المؤمنين؛ إنَّهم يشربون شرابًا لهم يقال له: الطِّلاءُ، فقالت: صدق الله، وبلَّغ حبيبي، سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إنَّ ناسًا مِن أمَّتي يشربون الخمر يُسمُّونها بغير اسمها»، وروى ابن أبي شيبة مِن حديث ابن محيريز عن ثابت بن السمط، عن عبادة مرفوعًا: «ليستحلَّنَّ [2] آخر أمَّتي الخمر يسمُّونها بغير اسمها»، وأخرجه النَّسَائيُّ مِن حديث ابن محيريز عن رجل مِن أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فذكره، ولحديث عائشة رضي الله عنها طريقٌ آخرُ أخرجه ابن أبي عاصم، وثالث أخرجه أيضًا، وفي ذلك أيضًا عن ابن عمر أخرجه ابن أبي عاصم، وعن أبي أمامة أخرجه ابن ماجه، وعن سعيد بن أبي راشد أخرجه

(1/10127)

ابن قانع، وهذا كلُّه مِن «شرح شيخنا»؛ فاعلمْه، والله أعلم.

(1/10128)

[حديث: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير]

5590# قوله: (وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان) وفلان المعزوُّ إليه القول شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، و (هشام): شيخ البُخاريِّ حدَّث عنه بأحاديثَ، وخالف الحافظُ أبو مُحَمَّد ابن حزم الظاهريُّ في ذلك، فقال في «المُحلَّى» وقد ذكر هذا المكان: «ليكوننَّ مِن أمَّتي أقوام ... » إلى آخره: هذا حديث مُنقطِعٌ لم يتَّصل ما بين البُخاريِّ وصدقة بن خالد، ولا يصحُّ في هذا الباب شيءٌ أبدًا، وكلُّ ما فيه؛ فموضوعٌ، قال الحافظ أبو عمرو بن الصَّلاح: ولا التفاتَ إليه في ردِّه ذلك مِن وجوه، قال: والحديث صحيحٌ معروف الاتِّصال بشرط «الصَّحيح»، قال: والبُخاريُّ قد يفعل ذلك؛ لكون الحديث معروفًا مِن جهة الثِّقات عن الشخص الذي علَّق عنه، أو لكونه ذكره في موضعٍ آخرَ مِن كتابه متَّصلًا، أو لغير ذلك مِن الأسباب التي لا يصحبها خللُ الانقطاع)، انتهى، والحديث المذكور متَّصل مِن طرقٍ؛ طريق هشام وغيره، قال الإسماعيليُّ في «المستخرج»: حدَّثنا الحسن _وهو ابن سفيان النَّسويُّ الإمام_: حدَّثنا هشام بن عمَّار، ثُمَّ قال: وحدَّثنا الحسن أيضًا: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم: حدَّثنا بشر: حدَّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وقال: وأبو عامر، ولم يشكَّ، ووصله أيضًا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ، فقال: حدَّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة: حدَّثنا عبْدان: حدَّثنا هشام، قال: وحدَّثنا الحسن بن مُحَمَّد: حدَّثنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سليمان: حدَّثنا هشام بن عمَّار ... ؛ فذكره، وقال أبو داود أيضًا: (حدَّثنا عبد الوهَّاب بن نجدة عن بشر بن بكر: حدَّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ... )؛ فذكره، وهذا على شرط «الصَّحيح»، قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: (ليس في سياق أبي داود والنَّسَائيِّ هذا الوجه المقصود)، وقال الطَّبَرانيُّ في «مسند الشَّاميِّين»: حدَّثنا مُحَمَّد بن يزيد بن عبد الصَّمد: حدَّثنا هشام بن عمَّار ... ؛ فذكره، قال بعض حفَّاظ العصر: (وعزوُه لـ «مسند الشاميِّين» قصورٌ، كأنَّه في «المعجم الكبير» عن جعفر بن مُحَمَّد الفِرْيابيِّ، عن هشام)، انتهى.

(1/10129)

وقول ابن حزم: (لم يتَّصل ما بين البُخاريِّ وصدقةَ) كان ينبغي أن يقول: ما بين البُخاريِّ وهشام، والله أعلم، وقال شيخنا: (وليته _يعني: ليت ابن حزم_ أعلَّه بصدقة، فإنَّ يحيى قال فيه: «ليس بشيء»، رواه ابن الجنيد عنه، وروى المِروذيُّ عن أحمد: (ليس بمستقيم)، ولم يرضَه، لكن تابعه عليه بشرُ بن بكر)، قال شيخنا: (وأغرب المُهلَّب، فضعَّفه مِن وجهٍ آخرَ غير جيِّد، فقال: (هذا الحديث لم يسنده البُخاريُّ مِن أجل شكِّ المُحدِّث في الصَّاحب، فقال: «أبو عامر، أو أبو مالك»، أو لمعنًى آخرَ لا أعلمه، فأغفل أنَّ الاختلاف في الصَّحابيِّ لا يضرُّ)، انتهى؛ لأنَّ الصَّحابة كلُّهم عدولٌ، انتهى، وسأذكر قريبًا ترجمة الاثنين.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ): أسلم (عبد الرحمن) هذا في زمنه عليه السلام، وصحب معاذًا، وقال بعضهم: قدم مع جعفر؛ إذ هاجر إلى الحبشة، وقد حمَّر عليه الذَّهَبيُّ، فالصَّحيح: أنَّه عنده تابعيٌّ، وقال في «التَّذهيب»: (يقال: له صحبة).

تنبيهٌ: عدَّ عبدَ الرَّحمن هذا صحابيًّا

[ج 2 ص 513]

مُحَمَّدُ بنُ الرَّبيع الجيزيُّ فيمَن دخل مصر مِن الصَّحابة، وهو وَهَم منه، على أنَّ أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل قد أخرج حديثه في «المسند»، وذكر ابن يونس أنَّ له صحبةً، وكذا حكى ابن منده عن يحيى ابن بُكَيْر، عن اللَّيث وابن لهيعة، وأمَّا ابن عَبْدِ البَرِّ في «استيعابه»؛ فصرَّح بأنَّه لم يَفِدْ ولم يروِ، والله أعلم، ترجمته معروفة، وقد رُقِم عليه: (خت، 4).

(1/10130)

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ _أَوْ أَبُو مَالِكٍ [1]_ الأَشْعَرِيُّ): أمَّا (أبو عامر)؛ فقد اختُلِف في اسمه، فقيل: عبد الله بن هانئ، وقيل: عبد الله بن وهب، وقيل: عُبَيد بن وهب، سكن الشام، وليس بعمِّ أبي موسى الأشعريِّ، ذاك قُتِل يوم أوطاس في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، واسمه: عبيد بن سُلَيم بن حضَّار رضي الله عنه، وهذا بقي إلى زمن عبد الملك بن مروان، وهو صَحَابيٌّ معروف، وأمَّا ابن عساكر؛ فلم يجعل هذا إلَّا عمَّ أبي موسى الأشعريِّ، وهو غلط، أمَّا (أبو مالك الأشعريُّ)؛ فقد اختُلِف في اسمه، فقيل: الحارث بن الحارث، وقيل: عُبَيد، وقيل: عَمرٌو، وقيل: كعب بن عاصم، وقيل: عُبَيد الله، وقيل: كعب بن كعب، وقيل: عامر بن الحارث بن هانئ بن كلثوم، وهو صَحَابيٌّ قَدِم في السَّفينين، نزل الشام، روى عنه جابر بن عبد الله، وعبد الرَّحمن بن غنم، وعبد الله بن معانق، وشهر بن حَوْشَب، وشريح بن عبيد، وجماعة، وبعض هؤلاء روايتُهم عنه مُرسلَةٌ، قال ابن سعد وغيره: ذكروا موته في خلافة عمر رضي الله عنه، وقال شهر بن حَوْشَب، عن عبد الرحمن بن غنم قال: (طُعِن معاذ بن جبل، وأبو عُبيدة، وأبو مالك الأشعريُّ، وشرحبيل ابن حسنة في يوم واحد، والله أعلم).

تنبيهٌ: لا يضرُّ الشَّكُّ في عين الصَّحابيِّ؛ لأنَّهم كلُّهم عدولٌ على الصَّحيح.

قوله: (وَاللهِ مَا كَذَبَنِي): هو بفتح الكاف، وتخفيف الذَّال المُعْجَمة المفتوحة؛ أي: ما حدَّثني حديثَ كذبٍ.

(1/10131)

قوله: (يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ): هو بكسر الحاء المُهْمَلة، وتخفيف الراء، وكذا هو في أصلنا مُصحَّح عليه، وعلى الرَّاء: (خف)، قال ابن قُرقُول: («ويُستحلُّ الحِرُ»؛ مخفَّف الرَّاء: اسم لفرج المرأة، ورواه بعضهم بشدِّ الرَّاء، والأوَّل أصوب، وقيل: أصله بالتَّاء بعد الرَّاء؛ فحُذِفت)، انتهى، وقال ابن الأثير في (حرر): (يُستحَلُّ الحِرُ والحرير، هكذا ذكره أبو موسى في «حرف الحاء والرَّاء»، وقال: الحِرُ؛ بتخفيف الرَّاء: الفرج، وأصله: حِرْج؛ بكسر الحاء وسكون الراء، وجمعه: أحراج، ومنهم مَن يُشدِّد الراء، وليس بجيِّد، فعلى التَّخفيف؛ يكون في «حرج»، لا في «حرر»، والمشهور في رواية الحديث على اختلاف طرقه «يستحلُّون الخز»؛ بالخاء المُعْجَمة والزاي، وهو ضرب مِن نبات الإبريسم معروف، وكذا جاء في «كتاب البُخاريِّ» و «أبي داود»، ولعلَّه حديثٌ آخرُ، كما ذكره أبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشَرَحَ، ولا يُتَّهم، والله أعلم)، انتهى، وفي ذلك كلامٌ كثيرٌ للنَّاس اقتصرتُ أنا على بعضه بغير تطويل، ومعنى (يستحلُّون الحر)؛ أي: الزِّنى.

قوله: (وَالْمَعَازِفَ): هي بفتح الميم، وبالعين المُهْمَلة، وبعد الألف زايٌ مكسورةٌ، ثُمَّ فاء، قال ابن قُرقُول: (المزاهر؛ وهي عيدان الغناء، «تعزفان»: تغنِّيان)، انتهى، وقال ابن الأثير: («العزف»: اللَّعب بالمعازف، وهي الدُّفوف وغيرها ممَّا يُضرَب، وقيل: إنَّ كلَّ لعبٍ عزفٌ)، انتهى، وفي «صحاح الجوهريِّ»: («المعازف»: الملاهي)، وكذا عن «العُباب» للصغانيِّ، وعن «العين»: (المعازف: جمع «معزفة»؛ وهي [2] آلة اللَّهو).

قوله: (إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ): هو بفتح العين واللَّام، وهو الحبل.

قوله: (فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ): أي: يأخذهم في اللَّيل على غفلة.

قوله: (بِسَارِحَةٍ): (السَّارحة): الماشية.

قوله: (وَيَضَعُ الْعَلَمَ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (العَلَمُ)، ومعنى (يضعه الله): يهدِمُه ويُلْصِقُه بالأرض، وقال شيخنا: (أي: يرمي بالحبل أو يخسف به، وقال ابن بَطَّال: إن كان العَلَمُ بناءً؛ فيهدمه، وإن كان جبلًا؛ فيدكدكه، وهكذا إن كان غيره)، انتهى.

(1/10132)

قوله: (وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة): يعني: ممَّن لم يُهلكهم في البياتِ، قال شيخنا: (والمسخ في حكم الجواز في هذه الأمَّة إن لم يأتِ خبرٌ يرفع جوازَهُ، وقد رُوِيَتْ أحاديثُ ليِّنة الأسانيد: (أنَّه سيكون في أمَّتي خسف ومسخ) عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يأتِ ما يرفع ذلك، وقال بعضُ العلماء: إنَّ معناه: مسخ القلوب حتَّى لا تعرف معروفًا ولا تُنكِر مُنكَرًا، وقد نقل شيخنا في هذه المسألة كلامَ ابن بَطَّال، والخَطَّابيِّ، والدَّاوديِّ، وأنَّه يكون في هذه الأمَّة مسخٌ وخسفٌ، وذكر شيخنا أحاديثَ مَعزوَّةً لكتبها في ذلك؛ فانظر ذلك إن أردته، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (عبد الرحمن بن غنم له صحبة، انفرد به البخاريُّ، مات سنة ثمان وسبعين وكان بالشام، وأبو مالك الأشعريُّ الشاميُّ أيضًا، قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبيد، وقيل: كعب بن مالك، روى له مسلم أيضًا، تُوفِّي في زمن عمر بن الخطَّاب).

[2] في (أ): (وهو).

(1/10133)

[باب الانتباذ في الأوعية والتور]

قوله: (وَالتَّوْرِ): تَقَدَّمَ ما هو، وأنَّه بمثنَّاةٍ فوقُ.

(1/10134)

[حديث: أتى أبو أسيد الساعدي فدعا رسول الله في عرسه]

5591# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار، و (أَبُو أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّواب فيه ضمُّ الهمزة، وتَقَدَّمَ الكلام عليه، وبعض ترجمته، وأنَّ اسمه مالكُ بن ربيعة أو هلال بن ربيعة، ومالكٌ أشهرُ، خزرجيٌّ، بدريٌّ، مشهور، قيل: هو آخر البدريِّين وفاةً رضي الله عنهم.

قوله: (فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ): امرأة أبي أُسَيد معدودةٌ [1] في الصَّحابيَّات، وتَقَدَّمَ الكلام على اسمها في أوائل (النِّكاح)، واسمُها سلامة بنت وهب.

قوله: (وَهْيَ الْعَرُوسُ): تَقَدَّمَ [أنَّ] (العروس) يَشترك فيه الذَّكر والأنثى، و (أَنْقَعْتُ لَهُ): هو بِضَمِّ تاء المُتكلِّم.

==========

[1] في (أ): (معدود)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 514]

(1/10135)

[باب ترخيص النبي في الأوعية والظروف بعد النهي]

(1/10136)

[حديث: نهى رسول الله عن الظروف]

5592# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الثَّوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ في مشايخ الزُّبيريِّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، وكذلك الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، لكن ذكر في «التذهيب» أنَّه روى عن منصور السُّفيانان، وقبلَه الكلاباذيُّ وابن طاهر، ولم يعيِّن ابن طاهر في أيِّ الكتابَين رَوَيَا عنه، والله أعلم [1]، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (سَالِم): هو ابن أبي الجعد.

قوله: (نَهَى النَّبيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَنِ الظُّرُوفِ): كذا في أصلنا، وسأذكر الكلام على ذلك قريبًا.

قوله: (وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): (خليفة) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط شَبابٌ العُصفريُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان: كذا)، ويكون المُسنَدُ إليه القولُ شيخَه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أنَّه أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (يحيى بن سعيد): هو القَطَّان، و (سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ قريبًا، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمَر، والله أعلم.

[ج 2 ص 514]

==========

[1] زيد في (أ): (والله أعلم)، وهو تكرارٌ.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

(1/10137)

[حديث: لما نهى النبي عن الأسقية قيل للنبي ... ]

5593# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ [1]): هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، الجِهبذ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (أَبُو عِيَاض): قال الدِّمْيَاطيُّ: (واسمه: عَمرو بن الأسود، وقيل: قيس بن ثعلبة الكوفيُّ، انفرد به البُخاريُّ، كان حيًّا في ولاية معاوية)، انتهى، عمرو بن الأسود العنسيُّ، ويقال: الهمْدانيُّ، أبو عياض، وقيل: أبو عبد الرحمن، الدِّمَشْقيُّ، الدَّارانيُّ، ويقال: الحمصيُّ، أحد زُهَّاد الشَّام الكبار، وهو عُمَير بن الأسود، ترجمته معروفة، فلا نُطوِّل بها.

قوله: (لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الأَسْقِيَةِ): هذا وَهَم في الرِّواية، وإنَّما هو: (عن الأوعية)، كما سيأتي مِن رواية ابن عيينة، قال في «المطالع»: (لأنَّه لم ينهَ عن الأسقية؛ إنَّما نهى عن الظُّروف، وأباح الانتباذ في الأسقية، فقيل له: «ليس كلُّ النَّاس يجد سقاء»، وكذلك قال لوفد عبد القيس حين قالوا: فيمَ نشرب؟ قال: «في أسقية الأدم»، وقد جاء «نهى عن النَّبيّذ إلَّا في الأسقية»، على هذا كذلك، إلَّا أنَّه سقطت (إلَّا) من الرواي لفظًا أو خطًّا، ومعنى ذلك: أنَّ الأسقية يتخلَّلها الهواء مِن مسامِّها، فلا يُسرِع إليها الفسادُ مثل ما يُسرِع إلى الظُّروف المنهيِّ عنها، وأيضًا فإنَّ التغيُّر يَظهَر فيها؛ إمَّا بانتفاخها أو انشقاقها)، انتهى، قاله ابن قُرقُول، ولشيخنا فيه كلام، قال شيخنا: «عن الأسقية»: يريد: عن الظُّروف إلَّا الأسقية، يُوضِّحه باقي الحديث؛ إذ قيل له: «ليس كلُّ النَّاس تجد سقاء»، فرخَّص لهم في الجَرِّ غير الُمزفَّت؛ أي: عن المطليِّ بالزفت، وهذا أحسن مِن التوهيم، والله أعلم، واعلم أنَّ مسلمًا روى هذا الحديث، فقال: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الأوعية قالوا: ليس كلُّ النَّاس يجدُ، فأرخص لهم في الجَرِّ غير المُزفَّت)، فهذا هو الصَّواب، والله أعلم.

قوله: (فِي الْجَرِّ): هو بفتح الجيم، وتشديد الرَّاء، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: (الجرَّة مِن الخَزَف، والجمع: جرٌّ وجِرانٌ).

(1/10138)

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو فيما يظهر أبو بكر ابن أبي شيبة عبدُ الله بن مُحَمَّد، وقد رواه مسلم عنه عن سفيان: هو ابن عيينة، ويحتمل أن يكون المسنديَّ، فإنَّه روى أيضًا عن ابن عيينة، لكنَّ الذي يترجَّح في فهمي أنَّه أبو بكر ابن أبي شيبة؛ لرواية مسلم عنه عن سفيان ذلك، وقد أخرج هذا الحديث البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، ولم يروه أحدٌ منهم عن المسنديِّ، وإنَّما رواه مسلم عن ابن أبي شيبة، فالظَّاهر أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد في «البُخاريِّ»، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر: (الظاهر أنَّه المسنديُّ)، وقد تَقَدَّمَ كلامه مُطَوَّلًا في (الجمعة).

(1/10139)

[حديث: نهى النبي عن الدباء والمزفت]

5594# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (سُفْيَان) هذا: يحتمل أن يكون ابنَ عيينة وأن يكون الثَّوريَّ، فإنَّ القَطَّان روى عنهما، وهما رويا عن الأعمش، والله أعلم، و (سُلَيْمَان) بعده: هو سليمان بن مِهْرَان الأعمش، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ.

قوله: (عَنِ الدُّبَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر؛ والمعنى: عن الانتباذ في الدُّبَّاء، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الانتباذ في الأواني الأربعة، وهل هو منسوخ _كما قاله الجمهور_ بحديث بُريدة في «مسلم» أم لا؟ مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق.

==========

[ج 2 ص 515]

(1/10140)

[حديث: نهانا في ذلك أهل البيت أن ننتبذ في الدباء والمزفت]

5595# قوله: (حَدَّثَنِي عُثْمَانُ): الظاهر أنَّه عثمان ابن أبي شيبة، أخو الحافظ الكبير أبي بكر، وهو أسنُّ من أبي بكر أخيه، تَقَدَّمَ، و (جَرِيرٌ)؛ بفتح الجيم، وكسر الرَّاء: هو ابن عبد الحميد، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (عَمَّا يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ): (يُنتَبذ [1]): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا بعدها (يُنتبَذ): مَبْنيٌّ أيضًا.

قوله: (أَمَا ذَكَرْتِ الْجَرَّ): (ذكرتِ): في آخره تاء التأنيث الساكنة، وكُسِرت في الوصل؛ لالتقاء السَّاكنَين، و (الجَرَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وأنَّها الجرار.

قوله: (وَالْحَنْتَمَ): تَقَدَّمَ [2] ضبطها، والكلام عليها في أوائل هذا التعليق.

==========

[1] في (أ): (يُنبَذ)، وهو تحريفٌ.

[2] في الأصل: (تقد).

[ج 2 ص 515]

(1/10141)

[حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر]

5596# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، و (الشَّيْبَانِيُّ): بالشين المُعْجَمة، وهو أبو إسحاق سليمان بن فيروز، و (عَبْدَ الله ابْن أَبِي أَوْفَى): صَحَابيٌّ، وأبوه (أبو أوفى): علقمة بن خالد، تَقَدَّمَ نسبه، صَحَابيٌّ أيضًا رضي الله عنه.

قوله: (عَنِ الْجَرِّ الأَخْضَرِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الجرَّ): هو الجرار.

قوله: (أَيُشْرَبُ [1]؟): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقبله همزة الاستفهام.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَنَشْرَبُ).

[ج 2 ص 515]

(1/10142)

[باب نقيع التمر ما لم يسكر]

قوله: (مَا لَمْ يُسْكِرْ): هو بِضَمِّ أوَّله وكسر الكاف، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10143)

[حديث: ما تدرون ما أنقعت لرسول الله أنقعت له تمرات من .. ]

5597# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر؛ بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (يَعْقُوبُ): بعده القاريُّ؛ بتشديد الياء؛ منسوبٌ إلى القارة القبيلة المعروفة، لا إلى القراءة، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة سلمة بن دينار، و (أَبُو أُسَيد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصواب ضمُّ همزته وفتح السين، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وتَقَدَّمَ اسم (امْرَأَته): أمُّ أُسيد، وأنَّها سلامة بنت وهب.

قوله: (وَهْيَ الْعَرُوسُ): تَقَدَّمَ أنَّ (العروس): اسم يشترك فيه الرَّجل والمرأة.

قوله: (مَا أَنْقَعْتُ): هو بِضَمِّ تاء المُتكلِّم في آخره، وكذا الثَّانية: (أَنْقَعْتُ لَهُ)، قال بعضهم: يقال: نقع وأنقع؛ لغتان، وتَقَدَّمَ ضبط (التَّور) وما هو.

==========

[ج 2 ص 515]

(1/10144)

[باب الباذق ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة]

قوله: (بَابُ الْبَاذَقِ): هو بالباء الموحَّدة، وبعد الألف ذالٌ معجمةٌ مفتوحةٌ، كذا قَيَّدهُ بفتحها ابن قُرقُول وابنُ الأثير، قال الدِّمْيَاطيُّ: (المطبوخ من عصير العنب كان أوَّل مَن صنعه وسمَّاه بنو أُمَيَّة؛ لينقلوه عن اسم الخمر، وكلُّ مُسكِر، فهو خمرٌ؛ لأنَّ الاسم لا ينقله عن معناه الموجود فيه)، انتهى، وما قاله هو نحو لفظ ابن قُرقُول في «مطالعه»، وكأنَّه أخذه منه أو من القاضي عياض وغيَّره قليلًا جدًّا، وفي «النِّهاية»: (الباذَق): هو بفتح الذال _يعني: المُعْجَمة_: الخمرُ، تعريب (باذه)؛ وهو اسم الخمر بالفارسيَّة، وقَيَّدهُ شيخنا أيضًا بفتح الذال المُعْجَمة، ثُمَّ قال: (وما ذكرتُه مِن فتح الذَّال هو ما قال ابن التِّين

[ج 2 ص 515]

أنَّه ضبطه به، ونقل عن الشيخ أبي الحسن عن بعض الحُذَّاق أنَّه اسمٌ حَدَثَ بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يكن قديمًا في العرب، وسُئِل عن فتح الذَّال، فقال: ما وقفناهم عليه، ولكن الذي [1] قرؤوا بكسرها)، انتهى.

قوله: (وَرَأَى عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ شُرْبَ الطِّلَاءِ): أمَّا (عمر)؛ فهو ابن الخطَّاب الفاروق، و (أبو عُبَيدة): عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين الأمَّة، تَقَدَّمَ، وأحد العشرة، و (معاذ): هو ابن جبل، تَقَدَّمَ أيضًا.

قوله: (شُرْبَ الطِّلَاءِ عَلَى الثُّلُثِ): (الطِّلاء)؛ بكسر الطاء المُهْمَلة، وبالمدِّ في آخره، قال الجوهريُّ: (ما طُبِخ مِن عصير العنب حتَّى ذهب ثلثاه، وتُسمِّيه العجم: المِنْبَخْتُّجَّ، وبعض العرب تُسمِّي الخمرَ الطِّلاء؛ يريد بذلك تحسين اسمها، لا أنَّها الطِّلاءُ بعينها).

قوله: (وَشَرِبَ الْبَرَاءُ وَأَبُو جُحَيْفَةَ): (البراء): هو ابن عازب، وعازب صَحَابيٌّ أيضًا، [و (أبو جحيفة)]: تَقَدَّمَ ضبطه غيرَ مَرَّةٍ، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، وتَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه.

(1/10145)

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ [2] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ رِيحَ شَرَابٍ): (عبيد الله) هذا: هو ولده، وفي «النَّسَائيِّ»: عن السَّائب بن يزيد، عن عمر رضي الله عنه أنَّه خرج عليهم، فقال: (إنَّي وجدت مِن فلان ريحَ شرابٍ، فزعم أنَّه الطِّلاء، وإنِّي سائل عمَّا شَرِب، فإن كان يُسكِر؛ جلدتُه)، فجلده عمرُ الحدَّ تامَّا، (فلان): هو عبيد الله المشار إليه، وقد عزا ابن بشكوال تعيينه لحديث الزَّعفرانيِّ، وفي «جامع معمر» انتهى.

تنبيهٌ: عبد الرحمن بن عمر الأوسط: هو أبو شحمة، وهو الذي ضربه عمرو بن العاصي بمصر في الخمر، ثُمَّ حمله إلى المدينة، فضربه أبوه أدبَ الوالد، ثُمَّ مرض، ومات بعد شهر، هكذا يرويه معمر، عن الزُّهريِّ، عن سالم، عن أبيه، وأمَّا أهل العراق؛ فيقولون: إنَّه مات تحت السِّياط، وذلك غلط، وقال الزُّبَير: (أقام عليه عمرُ حدَّ الشَّرابِ، فمرض فمات) انتهى.

تنبيهٌ: القصَّة التي يذكرها القُصَّاص في المساجد والجوامع وتحت القلعة للعوامِّ في ضرب أبي شحمة في إقامة الحدِّ عليه بالزِّنى، ذكره ابن الجوزيِّ في أواخر «الموضوعات» في (الموضوع على الصَّحابة) بطوله، ثُمَّ قال: (حديثٌ موضوعٌ، كيف رُوِي؟ ومن أيِّ طريق نقل؟! وضعه جهَّال القُصَّاص؛ ليكون سببًا في تبكية العَوامِّ والنِّساء، ولقد أبدعوا فيه، وأتَوا بكلِّ قبيح، ونسبوا عمرَ إلى ما لا يليق، ونسبوا الصَّحابة إلى ما لا يليق بهم، وكلماته الرَّكيكة تدلُّ على وضعه، وبُعْدُهُ عَن أحكام الشَّرع يدلُّ على سوء فهم واضعِه)، ثُمَّ ذكر ما فيه مُخالفٌ للشَّرع ... إلى آخر كلامه، وهو كلام حسن؛ انظرْه إن أردتَه، والله أعلم.

(1/10146)

[حديث: ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث]

5598# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ ذكر في ترجمة (مُحَمَّد بن كثير) في مشايخه الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، وأمَّا الذَّهَبيُّ؛ فقال: (روى عن سفيان)، وأطلق، فحملتُ المُطلَق على المُقيَّد، ونظرت في ترجمة أبي الجويرية، واسمه: حطَّان بن خُفاف الجَرْميُّ، فرأيتُه قد روى عنه السُّفيانان، ثُمَّ نظرت في أطراف الحديث، فوجدت الحديث قد رواه البُخاريُّ والنَّسَائيُّ، فرواه البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن كثير، عن سفيان، ورواه النَّسَائيُّ في (الأشربة) عن قتيبة، عن أبي عوانة وسفيان بن عيينة فرَّقهما؛ كلاهما عن أبي الجويرية مُختَصَرًا، وأعاد حديث ابن عيينة في (الوليمة)، فيحتَمل أن يكون ابنَ عيينة إن كان روى عنه مُحَمَّد بن كثير، والله أعلم، و (أَبُو الجُوَيْرِيَة): حِطَّان بن خُفاف يروي عن ابن عَبَّاس، ومعن بن يزيد الأسلميِّ، وغيرهما، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وإسرائيل، وزهيرٌ، وأبو عوانة، وجماعة، وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريّ وأبو داود، والنَّسَائيُّ، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ [1] الْبَاذَقَ): (مُحَمَّد): مَرْفوعٌ فاعلٌ، وهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، و (الباذَقَ): تَقَدَّمَ ما هو، وهو مَنْصوبٌ هنا مفعول، ومعنى هذا الكلام: أنَّ الباذَقَ لم يكن في زمن مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، أو سبق قولُه فيه وفي غيره مِن جنسه، قاله ابن الأثير، وفي هامش أصلنا ما لفظه: (قال الحافظ أبو ذرٍّ: يعني: أنَّ الاسم حدث بعد الإسلام)، انتهى، وكذا نقل بعضهم عن أبي ذرٍّ، وهو القولُ الأوَّل مِن قَوْلَي ابنِ الأثير.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 516]

(1/10147)

[حديث: كان النبي يحب الحلواء والعسل]

5599# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلواء) غيرَ مَرَّةٍ، وأنَّها بالمدِّ والقصر، وإنَّما أخرج هذا الحديث هنا؛ لأنَّ (الحلواء) اختُلِف فيها، فقيل: نقيع التَّمر، وقيل غير ذلك، وسيأتي الكلام عليها في (باب شرب الحلواء) قريبًا.

(1/10148)

[باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرًا ... ]

قوله: (بَابُ مَنْ رَأَى أَلَّا يَخْلِطَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ إِذَا كَانَ مُسْكِرًا ... ) إلى آخر الترجمة: ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وَهَّمَ الشَّارحُ البُخاريَّ في قوله: «إذا كان مُسكِرًا»، وقال: إنَّ النَّهْي عن الخليطين عامٌّ وإن لم يسكر كثيرها؛ لسرعة سريان الإسكار إليهما من حيث لا يشعر به، ولا يلزم البُخاريَّ ذلك، إمَّا لأنَّه يرى جواز الخليطَين قبل الإسكار، وإمَّا لأنَّه ترجم على ما يطابق الحديث الأوَّل _أعني: حديث أنس_) ويعني بحديث أنس: (إنَّي لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء خليط بُسر وتمر ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (ولا شكَّ أنَّ الذي كان يسقيه حينئذٍ القومَ مُسكِرٌ، ولهذا دخل عندهم في عموم التحريم للخمر، وقال أنس: إنَّا لنعدُّها يومئذٍ الخمر، دلَّ على أنَّه كان مُسكِرًا، وأمَّا قوله: «وألَّا يجعل إدامين في إدام»، فيطابق حديث جابر وأبي قتادة)، ويعني بحديث جابر: «نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الزبيب، والتمر، والبُسر، والرُّطب)، وبحديث أبي قتادة: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يجمع بين التمر والزهو، والتَّمر والزَّبيب، وليُنبَذ كلُّ واحد منهما على حدة)، قال ابن المُنَيِّر: (ويكون النَّهْي مُعلَّلًا بعلل مُستقلَّة؛ إمَّا تَحقُّق إسكار الكثير، وإمَّا توقُّع الإسكار بالاختلاط سريعًا، وإمَّا الإسرافُ والشَّره، والتَّعليلُ بالإسراف مُبيَّن في حديث النَّهْي عن قران التَّمر هذا، والتَّمرتان نوعٌ واحدٌ، فكيف بالمُتعدِّد؟!) انتهى.

قوله: (أَلَّا يَخْلِطَ): هو مَبْنيٌّ للفاعل، و (البُسر): إذن مَنْصوبٌ مفعول، و (التمر): معطوف عليه، وكذا (يَجْعَلَ): مَبْنيٌّ للفاعل أيضًا، والله أعلم.

(1/10149)

[حديث أنس: إني لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن البيضاء ... ]

5600# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم، الفراهيديُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنِّي لأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الجماعة الذين كان يسقِيهم أنسٌ في (سورة المائدة)، وأنَّ في «مسند أحمد»: (أنَّهم كانوا أحد عشر رجلًا).

قوله: (حُرِّمَتِ الْخَمْرُ): هو بِضَمِّ الحاء، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، و (الخمر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

[ج 2 ص 516]

قوله: (قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: سَمِعَ أَنَسًا): وهذا تعليق مجزوم به، وهو عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله، أبو أُمَيَّة، المصريُّ، الفقيه، المقرئ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مِرارًا، وإنَّما أتى بهذا التَّعليق؛ لأنَّ في الَّسند الأوَّل قتادةَ عنعن عن أنسٍ، وهو مُدَلِّس، فبيَّن بهذا تصريح قتادة بالسَّماع مِن أنسٍ، والله أعلم، قال شيخنا: (وقد أسنده أبو نعيم الحافظ ... )؛ فذكره.

(1/10150)

[حديث: نهى النبي عن الزبيب والتمر والبسر والرطب]

5601# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد، النَّبيّلُ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن رَباح، أحد الأعلام، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (نَهَى [1] عَنِ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْبُسْرِ، وَالرُّطَبِ): يعني: أن يُنبَذا جميعًا، وكذا ذكر في الحديث: «وليُنبذْ كلُّ واحد منهما على حدة».

تنبيهٌ: اعلم أنَّ أصحاب الشَّافِعيِّ وغيرَهم مِن العلماء قالوا: سبب الكراهة: أنَّ الإسكار يُسرِع إليه بسبب الخليط قَبلَ أن يتغيَّر طعمُه، فيظنُّ الشَّارب أنَّه ليس مُسكِرًا، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (ومذهب الشَّافِعيِّ والجمهور: أنَّ النَّهْي؛ لكراهة التنزيه، ولا يحرم ذلك ما لم يَصِرْ مُسكِرًا، وبهذا قال جماهير العلماء، وقال بعضُ المالكيَّة: هو حرام، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهةَ فيه، ولا بأسَ به؛ لأنَّ ما حلَّ مُفرَدًا حلَّ مخلوطًا، وأنكر عليه الجمهور، والأحاديث الصَّحيحة الصَّريحة قاضية عليه في النَّهْي عنه، فإن لم يكن حرامًا؛ كان مكروهًا، واختلف أصحابُ مالك في النَّهْي: هل يختصُّ بالشُّرب أم يعمُّه وغيره؟ والأصحُّ التَّعميمُ)، انتهى، وقال الإمام أبو سليمان حمْد بن مُحَمَّد بن إبراهيم الخَطَّابيُّ البُستيُّ في «معالمه»: (ذهب غير واحد من العلماء إلى تحريم الخليطَين وإن لم يكن الشراب المُتَّخذ منهما مُسكِرًا؛ على ظاهر الحديث، ولم يجعلوه معلولًا بالإسكار، وبه قال عطاء، وطاووس، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وعامَّة أهل الحديث، وهو غالبُ مذهب الشَّافِعيِّ، وقال: مَنْ شرب الخليطَين قبل حدوث الشِّدَّة؛ فهو آثمٌ مِن جهة واحدة، وإن شرب بعد حدوث الشِّدَّة؛ كان آثمًا مِن جهتَين؛ إحداهما: شرب الخليطَين، والأخرى: شرب المُسكِر، ورخَّص فيه سفيان، وأهل الرَّأي، وقال اللَّيث: (إنَّما جاءتِ الكراهة أن يُنبَذا جميعًا؛ لأنَّ أحدهما يُسنِد صاحبه)، انتهى لفظ الخَطَّابيِّ، والله أعلم، وقد نقل شيخُنا عن الشَّافِعيِّ: (أنَّه سُئِل عن رجل شرب خليطَين مُسكِرًا؟ فقال: هذا بمنزلة أكل لحم خِنزير ميِّت، فهو حرام من وجهين؛ الخِنزيرُ حرامٌ، والمُسكِرُ حرامٌ)، انتهى.

==========

(1/10151)

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 517]

(1/10152)

[حديث: نهى النبي أن يجمع بين التمر والزهو]

5602# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن إبراهيم، الفراهيديُّ، الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الدَّستوائيُّ، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث_وقيل غيره_ ابن ربعيٍّ الأنصاريُّ.

قوله: (أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ): (يُجمَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (وَلْيُنْبَذْ): مَبْنيٌّ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 517]

(1/10153)

[باب شرب اللبن ... ]

قوله: (بَابُ شُرْبِ اللَّبَنِ): ساق ابن المُنَيِّر أحاديثَ البابِ بلا إسناد مُختصَرةً، ثُمَّ قال: (أطال في هذه الترجمة النَّفَس؛ ليردَّ قولَ مَن تخيَّلَ أنَّ اللَّبن يُسكِر كثيرُه، فردَّ هذا الفقه البعيد بالنَّصِّ، ثُمَّ هو غيرُ مستقيم؛ لأنَّ اللَّبن بمجرَّده لا يُسكِر مُطلَقًا، وإنَّما يتَّفق ذلك فيه نادرًا والصِّفة تحدث)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 517]

(1/10154)

[حديث: أتي رسول الله ليلة أسري به بقدح لبن وقدح خمر]

5603# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيْد بْن المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (لَيْلَةَ): هو مَنْصوبٌ على الظَّرف.

قوله: (أُسْرِيَ بِهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/10155)

[حديث: شك الناس في صيام رسول الله يوم عرفة]

5604# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الحاء وفتح الميم، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النِّسبة لماذا؟ في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَان) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (سَالِم): أبو النَّضر، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (النَّضر) _ بالمُعْجَمة_ لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام؛ بخلاف (نصر)؛ بالمُهْمَلة، فإنَّه لا يأتي بهما، و (أُمُّ الْفَضْلِ): هي أمُّ بني العَبَّاس السِّتَّة النُّجباء لُبابة بنت الحارث بن حزن الكبرى، أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمة بنت الخطَّاب.

قوله: (وَكَانَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة.

قوله: (فَإِذَا وُقِّفَ عَلَيْهِ): هو مُشدَّد في أصلنا بالقلم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي نسخة في هامش أصلنا: (وُقِف): مَبْنيٌّ مُخفَّف، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، قال الجوهريُّ: (يقال: وقفتِ الدَّابةُ تقِفُ وقوفًا، ووقفتُها أنا، يتعدَّى ولا يتعدَّى، ووقَفْته على دَينه؛ أي: أطلعتُه عليه، ولم أر أنا وقَّفته؛ بالتَّشديد، اللَّهمَّ؛ إلَّا أن يكون شُدِّد؛ للمبالغة، والله أعلم).

(1/10156)

[حديث: ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودًا]

5605# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم وكسر الرَّاء، هو ابن عبد الحميد، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئُ، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سُفْيَان): هو طلحة بن نافع، الواسطيُّ _ويقال: المَكِّيُّ_ الإسكافُ، مولى قريش، عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ، وابن

[ج 2 ص 517]

عَبَّاس، وجابر، وابن الزُّبَير، وأنس، وغيرِهم، وعنه: الأعمشُ _فأكثر_، وحصين بن عبد الرَّحمن، وجعفر بن أبي وحشيَّة، وحجَّاج بن أرطاة، وآخرون، قال أحمد: ليس به بأس، وقال سعيد: حديثه عن جابر صحيفة، أخرج له الجماعة؛ البُخاريُّ مقرونًا بغيره، كما هنا، فإنَّه قرنه بأبي صالح، ولأبي سفيان ترجمة في «الميزان».

قوله: (جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ): هو أبو حميد الساعديُّ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الرحمن بن عَمرٍو)، انتهى، وهو عبد الرحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ المدنيُّ، تُوُفِّيَ في آخر خلافة معاوية، روى عنه جماعةٌ، ترجمته معروفة، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند» وبقيٌّ أيضًا، وهو فرد في الصَّحابة؛ أعني: في الكنية، والله أعلم.

(1/10157)

قوله: (بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ): هو بالنون المفتوحة، قال الدِّمْيَاطيُّ: («النَّقيع»: موضعٌ حماهُ عمرُ رضي الله [عنه] لنَعَم الفيء، وخيل المجاهدين، فلا يرعاه غيرها، وهو موضع قريب من المدينة كان يستنقع فيه الماء؛ أي: يجتمع فيه الناقع المجتمع)، انتهى، وقال ابن قُرقُول في (النُّون): («النَّقيع»: هو الذي حماه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والخلفاء، وهو صدر وادي العقيق)، وقال في (الموحَّدة): (وأمَّا «النَّقيع» الذي حماه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثُمَّ عمر، وهو الذي يضاف إليه، في الحديث: «وغرز [1] النَّقيع»، وفي الحديث الآخر: «بقدح من النَّقيع»، و «حمى النَّقيع»: وهو على عشرين فرسخًا مِن المدينة، ومساحته ميل في بريد، وفيه شجر، ويستجمُّ حتَّى يغيب فيه الرَّاكبُ، واختلف الرواة في ضبطِه؛ فمنهم من قَيَّدهُ بالنون؛ منهم النَّسفيُّ، وأبو ذرٍّ، والقابسيُّ، وكذلك قيَّدناه في «مسلم» عن الصَّدفيِّ وغيره، وكذلك لابن ماهان، وكذلك ذكره الهرويُّ والخَطَّابيُّ، قال الخَطَّابيُّ: وقد صحَّفه بعض أصحاب الحديث بالباء قال: وإنَّما الذي بالباء؛ فهو مَدفِن أهل المدينة، ووقع في كتاب الأصيليِّ في موضع بالفاء مع النُّون، وهو تصحيف، وإنَّما هو بالنُّون والقاف، وقال البكريُّ أبو عُبيد: بالباء؛ مثل: بقيع الغرقد، و «النَّقيع» في الأصل: كلُّ موضع يستنقع فيه الماء، وبه سُمِّي هذا)، انتهى، ولم يذكرِ ابن الأثير في (النقيع)؛ الحمى غيرَ النُّون، وقال النَّوَويُّ في «شرح مسلم» بعد أن حكى الاختلاف: (والصَّحيح الأشهر الذي قاله الخَطَّابيُّ والأكثرون: بالنُّون، وهو موضع بوادي العقيق، وهو الذي حماه عليه السَّلام).

قوله: (أَلَا خَمَّرْتَهُ): أي: غطَّيته.

(1/10158)

قوله: (وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا): (تعرُض): قال ابن قُرقُول: («ولو بعُود يعرُضُه»؛ فبضمِّ الرَّاء كذا رويناه، وكذا قاله الأصمعيُّ، ورواه أبو عبيد بفتح التَّاء مع كسر الرَّاء، والأوَّل أشهر، وهو أن تضعَهُ عليه عرضًا [كأنَّه جعلَه بعرْضِه ومدِّه هناك؛ إذ لم يجِد ما يخمِّرُه أجمع، ومثلُه: «كان يُعرِّضُ رَاحِلَته ويُصلِّي إليها»؛ أي: يُنيخُها عَرضًا] [2] في قبلته، كذا ضبطناه، وكذا قَيَّدهُ الأصيليُّ، وقَيَّدهُ بعضُهم: «تعرض»، والأوَّل أوجه)، انتهى، ولم يتعرَّض ابن الأثير للرَّاء، ولفظه: («ولو بعود يعرضه عليه»؛ أي: يضعه عليه بالعرض)، وفي «الصِّحاح»: (وعرض العودَ على الإناء والسَّيفَ على فخذه يعرِضه ويعرُضه أيضًا، فهذه وحدها بالضَّمِّ).

(1/10159)

[حديث: ألا خمرته، ولو أن تعرض عليه عودًا]

5606# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ [1]: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): كذا في أصلنا، وهو خطأ، سقط منه ([حدَّثنا] أبي)، وهو غياث، وقد تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، و (الأعمش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أُرَاهُ): هو بِضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (مِنَ النَّقِيعِ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام عليه، وكذا (أَلَا خَمَّرْتَهُ)؛ أي: غطَّيتَه، تَقَدَّمَ، وكذا (تَعْرُضَ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (وَحَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ): قائل ذلك هو الأعمش، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (أبي سفيان) أعلاه، وفي الصَّفحة قبل هذه، واسمه طلحةُ بن نافع.

(1/10160)

[حديث: قدم النبي من مكة وأبو بكر معه قال أبو بكر مررنا براع]

5607# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (النَّضْرُ): هو ابن شميل الإمامُ، و (أَبُو إِسْحَاق): عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): ابن عازب.

قوله: (مَرَرْنَا بِرَاعٍ): هذا (الراعي) لا أعرف اسمه.

قوله: (فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين الرواية الأخرى أنَّه أَمَرَ الرَّاعي، فحلب، في حديث الهجرة، والله أعلم.

قوله: (كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ): (الكُثْبَة)؛ بِضَمِّ الكاف، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي الشيء القليل، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَتَاهُ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وضبط جدِّه (جعشم)، وهو سراقة بن مالك بن جعشم المُدْلِجيُّ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 518]

(1/10161)

[حديث: نعم الصدقة اللقحة الصفي منحةً]

5608# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنُّون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج [1]): عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ مِن نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ): (اللِّقحة)؛ بكسر اللَّام، وقد يقال: بفتحها، وجمعها: لِقاح، وهي ذوات الدَّرِّ مِن الإبل، يقال لها ذلك بعد الولادة بشهر، وشهرين، وثلاثة، ثُمَّ هي لبون، و (اللِّقحة): اسم لها في تلك الحال، لا صفة، فلا يقال: ناقة لِقحة، ولكن يقال: هذه لقحة، فإن أرادوا الوصف؛ قالوا: ناقة لقوح ولاقح، وقد يقال لها ذلك وهنَّ حوامل لم يضعن بعدُ، وقد جاء في الحديث: (اللِّقحة في البقر والغنم)، كما جاءت في الإبل، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ في (المنحة).

قوله: (الصَّفِيُّ): هو بفتح الصاد المُهْمَلة، وكسر الفاء، وتشديد الياء، وهي الكريمة، الغزيرةُ اللَّبن، وقد تَقَدَّمَ في (المنحة).

[ج 2 ص 518]

قوله: (مِنْحَةً): هو مَنْصوبٌ مُنوَّن، وهذا ظاهِرٌ، وكذا بعده: (وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (عبد الرَّحمن).

(1/10162)

[حديث: أن رسول الله شرب لبنًا فمضمض.]

5609# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد، النَّبيلُ، و (الأَوْزَاعِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن عمرو، أبو عمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

(1/10163)

[معلق ابن طهمان: رفعت إلى السدرة فإذا أربعة أنهار]

5610# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ شُعْبَةَ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، و (إبراهيم بن طهمان): ثقة مشهور، وكان مِن أئمَّة الإسلام على إرجاء فيه، تَقَدَّمَ، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له الجماعة، قال شيخنا: تعليق (إبراهيم) وصله الإسماعيليُّ، وكذا وصله أبو نعيم، وساق سند كلِّ واحدٍ منهما.

قوله: (رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ): (رُفِعْتُ)؛ بِضَمِّ الراء، وكسر الفاء، وفي آخره تاء المُتكلِّم المضمومة، و (إلى السِّدرة): جارٌّ ومجرور.

قوله: (وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ؛ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ قال: (مقاتل: هما السَّلسبيل والكوثر)، وقال شيخنا: (عن ابن عَبَّاس ذلك).

قوله: (وَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ): تَقَدَّمَ الجمع بين رواية (ثلاثة أقداح)، ورواية: (بقدحَين)، و (أُتِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتاء المُتكلِّم مضمومةٌ في آخره.

قوله: (أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الفطرة) هنا: الاستقامة، وتَقَدَّمَ الكلام على (غَوَتْ أُمَّتُكَ)؛ أي: انهمكت في الشَّرِّ.

قوله: (وَقَالَ [1] هِشَامٌ وَسَعِيدٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ... ) إلى آخره: أمَّا (هشام)؛ فهو ابن أبي عبد الله الدَّسوائيُّ، تَقَدَّمَ، وأمَّا (سعيد)؛ فهو ابن أبي عَرُوبة، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخنا فيه في «القاموس»، وأمَّا (همَّام)؛ فهو ابن يحيى، والتَّعاليق الثَّلاثة أخرجها البُخاريُّ في «صحيحه» مسندةً، وتعليق (هشام) أخرجه أيضًا مسلم عن أبي موسى، عن معاذ بن هشام، عن أبيه به، وأمَّا تعليق (سعيد)؛ فأخرجه البُخاريُّ وقد ذكرتُه قُبَيل هذا، وأخرجه مسلم في (الإيمان) عن أبي موسى، عن ابن أبي عديٍّ، عن سعيد به بطوله، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التَّفسير) عن مُحَمَّد بن بَشَّار، عن غُنْدُر وابن أبي عديٍّ؛ كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة به ببعضه، وأمَّا تعليق (همَّام عن قتادة)؛ فأخرجه البُخاريُّ، كما قدَّمتُه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال).

[ج 2 ص 519]

(1/10164)

[باب استعذاب الماء]

قوله: (بَابُ اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب _وهو: (كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة مالًا مِن نخل) _ مُختصَرًا بغير إسناد، ثُمَّ قال: (غرض الترجمة أنَّ التماس الماء العذب الطَّيِّب دون غيره ليس منافيًا للزُّهدِ، ولا داخلًا في التَّرفُّه والتَّرف المكروه، بخلاف تطييب الماء بالمسك وماء الورد ونحوه، فهو مكروه عند مالك، وقد نصَّ على كراهة الماء المُطيَّب بالكافور للمُحرِم والحَلال، قال: لأنَّه مِن ناحية السَّرَف، والله أعلم)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 519]

(1/10165)

[حديث: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا ... ]

5611# قوله: (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ رضي الله عنه، وكذا تَقَدَّمَ (بيْرحَاء)، ولغاته، وتَقَدَّمَ أنَّ الحديقة تُعرَف اليوم بالنُّوريَّة، وأنَّها اشترتها امرأة من النُّوريِّين؛ قضاةِ مكَّة، ووقفتها على الفقراء والمساكين، و (مُسْتَقْبِلَة الْمَسْجِدِ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر الموحَّدة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (بَخٍ) لفظًا ومعنًى، وعلى (رَابِح)؛ بالموحَّدة، (أَوْ رَايِح)؛ بالمُثَنَّاة تحت، كذا هنا بالشَّكِّ، و (عبد الله): هو الشَّاكُّ، كما هنا، وهو عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، الإمامُ، صاحبُ «المُوطَّأ»، سمعناه عاليًا بحلبَ، و (أَفْعَلُ): فعلٌ مُستقبَلٌ مَرْفوعٌ.

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى: رَايِحٌ): (إسماعيل): هو ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وأمَّا (يحيى بن يحيى)؛ فهو أبو بكر التَّميميُّ، أبو زكريَّا النيسابوريُّ، أحد الأعلام، لا يحيى بن يحيى اللَّيثيُّ، عالمُ الأندلس، راوي «المُوطَّأ»، هذا الثاني ليس له في الكُتُب السِّتَّة شيء، و (رايح)؛ بالمُثَنَّاة تحت، وهذان لم يشكَّا، بل جزما بالمُثَنَّاة تحت، والله أعلم، وحديث إسماعيل عن مالك أخرجه البُخاريُّ في (التفسير)، وحديث يحيى بن يحيى أخرجه البُخاريُّ في (الوكالة) عن يحيى بن يحيى، عن مالك، وأخرجه مسلم في (الزَّكاة) عن يحيى بن يحيى، عن مالك.

(1/10166)

[باب شوب اللبن بالماء]

قوله: (بَابُ شَوْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ): (الشوب)؛ بالواو: الخلط، قال ابن المُنَيِّر بعد أن ساق ما في الباب على عادته: (ترجم لحديث جابر: «باب الكرع في الحوض»، وفيه: «فقال: يا رسول الله؛ بأبي أنت وأمِّي، وهي ساعة حارَّة»: شوب اللَّبن بالماء، هو أصل في نفسه، وليس من باب الخليطين في شيء)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 519]

(1/10167)

[حديث أنس: الأيمن فالأيمن]

5612# [قوله]: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، ولقبه عبدان، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فَحلبْتُ [1] شَاة): (حلبتُ)؛ بالتَّاء المضمومة؛ تاء المُتكلِّم، و (شاة): مَنْصوبٌ مُنوَّن مفعول.

قوله: (فَشُبْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبِئْرِ): (شُبْت)؛ بِضَمِّ الشين المُعْجَمة، وإسكان الموحَّدة، ثُمَّ [تاء] المُتكلِّم المضمومة؛ أي: خَلطتُ.

قوله: (وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ): قال شيخنا: (إنَّه خالد بن الوليد، كما سلف)، انتهى، وفي هذا نظر، وذلك لأنَّ خالدًا ليس أعرابيًّا، بل هو مِن أهل الحاضرة، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وقد أنكر ذلك أيضًا ابن شيخنا البلقينيِّ، كما أنكرته، والله أعلم، ونقل بعضهم عن ابن عَبْدِ البَرِّ في «التمهيد» إنكارَه.

قوله: (الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ): هما منصوبان على الإغراء؛ أي: عليك الأيمنَ، أو بإضمار: (أعطِ)، وقال النَّوَويُّ في «شرح مسلم»: (ضُبِط بالنَّصب والرَّفع، وهما صحيحان، النَّصب على تقدير: أعطِ، والرَّفع على تقدير: الأيمن أحقُّ أو نحوُ ذلك)، ثُمَّ قال النَّوَويُّ في «الشَّرح» المشار إليه: (وفي الرواية الأخرى: «الأيمنون»، وهو يرجِّح الرَّفع)، انتهى، وقال المُحِبُّ الطَّبريُّ في (الأيمن فالأيمن): (في إعرابه وجهان؛ أحدهما: نصبُ النُّون)، ثُمَّ ذكر ما ذكرتُه، ثُمَّ قال: (والثَّاني: الرَّفع على معنى الابتداء؛ أي: الأيمن أولى)، انتهى.

==========

[1] كذا ضُبِطَتْ بالمبنيِّ للمفعول بالقلم في (أ)، وهي نسخة في هامش (ق).

[ج 2 ص 519]

(1/10168)

[حديث: إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كرعنا]

5613# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ ذكر في «الكمال» أنَّ المسنديَّ روى عن أبي عامر العَقَديِّ، ولم يذكر في ترجمة العقديِّ راويًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد عنه سوى المسنديِّ، والله أعلم، و (أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عَمرو، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، والكلام على نسبته هذه، و (فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء وفتح اللَّام.

[ج 2 ص 519]

قوله: (دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وقع في هذا المعنى قضيَّتان لأنصاريَّين؛ أحدهما: أبو الهيثم بن التَّيِّهان، وفيه: «أنَّه جاء إليه، ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما»، الثانية: أبو أيُّوب الأنصاريُّ، وفيه أيضًا: «أنَّ معه أبا بكر وعمرَ»، والأوَّل في «مسلم»، والثاني في «الطَّبَرانيِّ» ... ) إلى أن قال: (فيحتمل أن يكون لثالث) انتهى مُلخَّصًا، وجزم بعض الحُفَّاظ المعاصرين بأنَّه أبو الهيثم بن التَّيِّهان.

قوله: (وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ): الضمير في (معه) و (له): راجع إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، لا إلى الأنصاريِّ؛ بدليل قوله في آخر الحديث: (ثُمَّ شرب الرجل الذي جاء معه)، وسيجيء الحديث، وفيه: (فسلَّم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وصاحبُه، فردَّ الرَّجلُ)، وقال في آخره أيضًا: (فشربَ الرَّجلُ الذي جاء معه)، والظاهر أنَّ الرجل الذي جاء معه عليه السَّلام إمَّا أبو بكر، وإمَّا عمر، والله أعلم؛ بدليل ما ذكرتُه أعلاه، وجزم بعض الحُفَّاظ المصريِّين بأنَّه أبو بكر رضي الله عنه.

قوله: (فِي شَنَّةٍ): (الشَّنَّة): تَقَدَّمَتْ أنَّها القربة البالية، و (في شنَّة): جارٌّ ومجرور، وليس فيها ضميرٌ، وكذا هو في أصلنا.

قوله: (كَرَعْنَا): (الكَرْع)؛ بفتح الكاف، وإسكان الرَّاء، وبالعين المُهْمَلة، والكرع في الماء: الشرب منه بالفم، وقال ابن دريد: لا يكون الكَرْع إلَّا إذا خاض الماء بقدمَيه، فشرب منه بفيه، يقال: كرع في الماء يَكرَعُ كرعًا وكُروعًا، و (الكرَع)؛ بفتح الرّضاء: الماء الذي تخوضه الماشية بأكارِعها، فتشرب منه، وقال غيره: (الكَرَع): ماء السَّماء، وأكرع القومُ؛ إذا وجدوه فوردوه، قاله في «المطالع»، والله أعلم.

(1/10169)

قوله: (وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ): (الرَّجل): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (فِي حَائِطِهِ): تَقَدَّمَ ما (الحائطُ) مَرَّاتٍ.

قوله: (فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيشِ [2]): تَقَدَّمَ ما (العريش)، و (انطلقْ): فعلُ أمرٍ ساكنُ الآخِر.

قوله: (فَانْطَلَقَ بِهِمَا): (انطلقَ): فعل ماضٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِنْ دَاجِنٍ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ (الدَّاجن): الشَّاة التي تألف البيت، ولا تخرج إلى المرعَى.

==========

[1] (العَقَدِيُّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في هامش (ق): (كذا في نسخة مقروءة).

(1/10170)

[باب شراب الحلواء والعسل]

قوله: (شِرْبُ [1] الْحَلْوَاءِ): تَقَدَّمَ ما (الحلواء)، وأنَّها بالمدِّ والقصر، قال ابن قُرقُول: («الحلواء»: ممدودةٌ عند أكثرهم، والأصمعيُّ يقصرُها، وحكى أبو عليٍّ الوجهين، وقال اللَّيث: الحلواءُ؛ ممدودة، وهو كلُّ شيء حُلو يُؤكَل، وقال شيخنا: («الحلواء»: فيها ثلاثة أقوال؛ قول الخَطَّابيِّ: إنَّها ما يُصنَع مِن العسل ونحوِه، وقال الدَّاوديُّ: هو النَّقيع الحُلْو، وعليه يدلُّ تبويبُ البُخاريِّ: «شِرْب الحلواء»، وقال أيضًا: «هو التمر ونحوه مِن الثمار» ... ) إلى أن قال: (وعبارة ابن بَطَّال: «كلُّ شيء حُلْوٍ») انتهى.

(1/10171)

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ؛ لأَنَّهُ رِجْسٌ): أمَّا (الزُّهريُّ)؛ فقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحد الأعلام، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، وأمَّا كلامه؛ فيُستثنَى منه بولُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد يخرُجُ مِن كلامه من قوله: (لأنَّه رجس)؛ وذلك لأنَّ بولَه صلَّى الله عليه وسلَّم شفاءٌ وبركةٌ، وقد شربت أمُّ أيمن بركةُ حاضنةُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بولَهُ، وقيل: إنَّ التي شربت بولَه بركةُ جاريةُ أمِّ حبيبة، فقال: «إذن لا ينجعُ [2] بطنُك بعدَه أبدًا»؛ رواه الحاكم في «مستدركه» في ترجمة أمِّ أيمن بركةَ حاضةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم جارِيَتِه، وعن الدارقطنيِّ: أنَّ حديث المرأة التي شربت بولَه حديثٌ صحيحٌ، وعن «العلل» له: أنَّه مضطرب، وأنَّ الاضطراب جاء من جهة أبي مالكٍ النَّخَعيِّ، وأنَّه ضعيفٌ، وأبو مالك هذا في رواية الحاكم، واسمه عبد الملك بن حسين، أبو مالك النَّخَعيُّ الكوفيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وقد أخرج له ابن ماجه، وقد شرب بولَه أيضًا صلَّى الله عليه وسلَّم امرأةٌ أخرى يُقال لها: أمُّ يوسف، واسمها أيضًا بركةُ، ذكره شيخُنا البلقينيُّ، والكلام في فَضَلاتِه صلَّى الله عليه وسلَّم عند الشَّافِعيَّة معروفٌ، وقد شرب دَمَه جماعةٌ؛ منهم: سَفينة، كما رواه البَيْهَقيُّ، وأبو طيبة الحجَّام، ومالك بن سنان الخُدْريُّ يوم أُحُد؛ ذكره أهلُ السِّيَر، وهو في «المستدرك»، وتعقَّبه الذَّهَبيُّ، وشَرِبَ دمَه أيضًا عبدُ الله بن الزُّبَير، وشرب أيضًا دمَه عليُّ بن أبي طالب، ذكره الرافعيُّ في «الشرح الكبير»، ولم يرَه شيخُنا مخرِّجُ أحاديثِ «الرافعيِّ» شارحُ هذا الكتاب، فهؤلاء جماعةٌ أيضًا، وشخصٌ آخَرُ حجَّامٌ اسمه سالمٌ، شَرِبَ دَمَه.

(1/10172)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي السَّكَرِ): هو بفتح السين والكاف المخفَّفة، قال الجوهريُّ: (السَّكَر)؛ بالفتح: نبيذ التمر، وفي التنزيل: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} [النحل: 67]) انتهى، و (السَّكَر) في الآية: فيه أقوال: قال شيخنا: وقد اختُلِف في (السَّكَر)؛ فقيل: هو الخمر، وبه جزم الدِّمْيَاطيُّ، وقيل: ما كان شربُه حلالًا؛ كالنَّبيذ والخلِّ، وقيل: هو النَّبيذ، ثُمَّ نقل كلام الجوهريِّ، انتهى، وأمَّا قول ابن مسعود: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)؛ هو هنا موقوفٌ على ابن مسعود من قوله، وقد رواه البَيْهَقيُّ من حديث أمِّ سلمة، وصحَّحه ابن حِبَّان، وقد روى مسلم في «صحيحه» من حديث طارق بن سُوَيد الجعفيِّ: «إنَّه ليس بدواءٍ، ولكنَّه [3] داءٌ»، وفي «أبي داود» و «ابن ماجه»: «إنَّما ذلك داء، وليس بشفاء»، والله أعلم، وأمَّا التداوي بالأشياء النجسة؛ فمذهب الشَّافِعيِّ: جوازُه إلَّا الخمرَ بشرطَين، وسأذكر ذلك في (كتاب الطبِّ)، والله أعلم، وقد ذكرتُهما في أوائل هذا التعليق أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (شراب).

[2] في (أ): (يبجع)؛ فليراجع.

[3] في (أ): (ولكنَّها)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 520]

(1/10173)

[حديث: كان النبي يعجبه الحلواء والعسل]

5614# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، وهذا معروفٌ ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلواء) أعلاه ما هو.

==========

[ج 2 ص 520]

(1/10174)

[باب الشرب قائمًا]

(1/10175)

[حديث: إن ناسًا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم]

5615# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (مِسْعَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين وفتح العين المُهْمَلتين، ثُمَّ راء، وهو ابن كدام، أبو سلمة الهلاليُّ، العَلَم المشهور، و (النَّزَّالِ): بفتح النون، وتشديد الزاي، وهو ابن سبرة.

قوله: (بَابِ الرَّحْبَةِ): هي رحبة الكوفة، كما سيأتي في الحديث بعده، وهي بإسكان الحاء، وهي محِلَّة منها، وقال شيخُنا: بإسكان الحاء ... إلى أن قال: فعلى هذا؛ نقرَأُ ما في الأصل بالسكون ... إلى أن قال: فتُقرَأ بالتحريك، قال ابن التين: وهذا هو البيِّن، انتهى، فحاصل كلامه: أنَّه يُقال بالإسكان والتحريك [1]، والله أعلم.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 520]

(1/10176)

[حديث علي: أنه صلى الظهر ثم قعد في حوائج الناس في رحبة ... ]

5616# قوله: (ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 520]

(1/10177)

[حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم]

5617# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا اسمُه واسمُ أبيه، وتَقَدَّمَ قبل ذلك مرارًا، و (سُفْيَانُ): بعده هو الثَّوريُّ، و (الشَّعْبِيُّ):

[ج 2 ص 520]

تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

(1/10178)

[باب من شرب وهو واقف على بعيره]

(1/10179)

[حديث أم الفضل: أنها أرسلت إلى النبي بقدح لبن]

5618# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر) _بالمُهْمَلة_؛ لأنَّ (نصرًا) _ بالمُهْمَلة_ لا يأتي بالألف واللام، بخلاف (النضر) _ بالمُعْجَمة_، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، واسم هذا: سالم بن أبي أُمَيَّة، و (أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ): تَقَدَّمَ أنَّها لبابة الكبرى، زوجُ العَبَّاس وأمُّ بنيه السِّتَّةِ النُّجَباء، وأنَّها أوَّلُ امرأةٍ أسلمت بعد خديجة، ويُقال: إنَّ أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب.

قوله: (زَادَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ): (مالك): هو الإمام المجتهد، و (أَبُو النَّضْر): سيأتي قريبًا جدًّا أنَّه سالم، وحديث مالك رواه البُخاريُّ في (الحج) عن القعنبيِّ، وفي (الصوم) عن عبد الله بن يوسف، وعن مسدَّد عن يحيى؛ ثلاثتهم عن مالكٍ، عن أبي النضر، وأخرجه مسلم في (الصوم) عن يحيى بن يحيى، عن مالك به، وأبو داود عن القعنبيِّ به.

(1/10180)

[باب الأيمن فالأيمن في الشرب]

قوله: (بَابُ الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ فِي الشُّرْبِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: الحديث مطابقٌ للترجمة، والتيامنُ وإن كان مستحبًّا في كلِّ شيء إلَّا أنَّ المنقولَ عن مالكٍ البُداءة في الماء خاصَّةً، فلعلَّ البُخاريَّ احترز من هذا، فخصَّ الترجمة بالشرب؛ موافقةً للواقعة، والقياس أنَّ مناولةَ الطعام أيضًا كذلك، ويلحقُ به كلُّ ما يُقسَم على هذا الوجه مطلقًا، انتهى، ونقل شيخُنا عن بعضهم أنَّه قال: ما رُوِيَ عن مالك: أنَّه قال ذلك في الماء خاصَّةً؛ فلا أعلم أحدًا قاله غيره ... إلى أن قال: قال ابن عَبْدِ البَرِّ: لا يصحُّ ذلك عن مالك، قال ابن العربيِّ: وهي روايةٌ أنكرها قومٌ، ثُمَّ ذكر وجهها، انتهى.

قوله في الترجمة: (بابُ: الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ): يجوز فيه الجرُّ والرفعُ والنصبُ، هذا إذا لم تُنَوِّن (بابٌ)، فإن نوَّنتَه؛ يجِئ فيه الرفع والنصب، والله أعلم.

(1/10181)

[حديث أنس: الأيمن فالأيمن.]

5619# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (ابْن شِهَاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (أُتِيَ بِلَبَنٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ): أي: خُلِطَ.

قوله: (وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ قريبًا ردُّ كلامِ مَن قال: إنَّه خالد بن الوليد.

قوله: (الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ): هما منصوبان؛ أي: أعطوا، أو نحو ذلك، وقد تَقَدَّمَ ما قاله النَّوَويُّ والمحبُّ الطبريُّ: (إنَّه يجوز الرفع والنصب) قريبًا.

==========

[ج 2 ص 521]

(1/10182)

[باب: هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطى الأكبر؟]

(1/10183)

[حديث سهل: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟]

5620# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (أَبُو حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أُتِيَ بِشَرَابٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ): هذا هو عبد الله بن عَبَّاس، كذا جاء في بعض طرقه، قال ابن بشكوال: («الغلام»: عبد الله بن عَبَّاس، وكان عن يساره خالدُ بن الوليد، وكان ذلك في بيت ميمونة خالتِهما، وساق له شاهدًا من «مسند الحُميديِّ»)، انتهى، وقد قرأت بعض «مسند الحميديِّ» بالقاهرة، والباقي إجازةً عاليًا، وفي «مبهمات» الإمام الحافظ وليِّ الدين أبي زرعة ابن شيخِنا الحافظِ الجِهْبِذ العراقيِّ: («الغلام»: عبد الله بن عَبَّاس، وعن يساره خالد بن الوليد، كما في «مسند الحميديِّ»، وذلك في بيت ميمونة، وفي «المُوطَّأ» حديثٌ آخَرُ من رواية ابن شهاب: أنَّ أبا بكر كان عن يساره، انتهى، فاستفدنا من كلامه رواية «المُوطَّأ»، وقد قَدَّمْتُ في (الشرب) قولةً: إنَّه كان عن يمينه الفضل بن عَبَّاس، والله أعلم، ولمَّا ذكر هذا الحديثَ بعضُ الحُفَّاظ المتأخِّرين؛ جزم بأنَّه ابنُ العَبَّاس عبدُ الله، ثُمَّ قال: وفي «مسند أحمد» من حديث عبد الله بن أبي حبيبة الأنصاريِّ شيءٌ يدلُّ على أنَّه عبد الله بن أبي حبيبة المذكورُ، انتهى.

قوله: (وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ): تَقَدَّمَ أنَّ خالد بن الوليد كان عن يساره، وقيل: أبو بكر، وقد اقتصر شيخنا على أنَّه خالدٌ، وذكر من عند الحميديِّ _يعني به: عبد الله بن الزُّبَير_ الحديثَ بذلك، والله أعلم.

قوله: (فَتَلَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ): (تَلَّه): بفتح التاء المُثَنَّاة فوق، وتشديد اللام، ثُمَّ هاء الضمير؛ أي: دفعه إليه وبَرِئ منه.

==========

[ج 2 ص 521]

(1/10184)

[باب الكرع في الحوض]

قوله: (بَابُ الْكَرْعِ فِي الْحَوْضِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الكراع)، والاختلاف فيه.

==========

[ج 2 ص 521]

(1/10185)

[حديث: إن كان عندك ماء بات في شنة وإلا كرعنا]

5621# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (فُلَيحًا) بِضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على هذا الرجل الأنصاريِّ مَن هو، وتَقَدَّمَ الكلام على (صَاحِب) النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام على التفدية بالأب والأمِّ في (أُحُد) وقبل ذلك، وأنَّها جائزةٌ، سواءٌ أكان الأبوان مؤمنَين أم كافرَين، أو أحدهما مؤمنٌ، والله أعلم.

قوله: (فِي حَائِطٍ): تَقَدَّمَ ما (الحائط)، وكذا تَقَدَّمَ (فِي شَنَّةٍ): أنَّه جارٌّ ومجرورٌ، وتَقَدَّمَ ما (الشَنَّة)، وتَقَدَّمَ (الكَرْع) ما هو، وكذا قوله: (فَانْطَلِقْ [1]): أنَّه فعل أمر ساكن الآخر، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْعَرِيشِ) ما هو، وعلى (الدَّاجِن).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (فانْطَلَقَ).

[ج 2 ص 521]

(1/10186)

[باب خدمة الصغار الكبار]

قوله: (بَابُ خِدْمَةِ الصِّغَارِ الْكِبَارَ): (الكبارَ): مَنْصوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (خدمةُ)، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10187)

[حديث: كنت قائمًا على الحي أسقيهم الفضيخ]

5622# قوله: (أَسْقِيهِمْ عُمُومَتِي): تَقَدَّمَ مَن حضرني منهم في (سورة المائدة)، وقَدَّمْتُ هناك وغيرَه أنَّ في «مسند أحمد»: أنَّهم كانوا أحدَ عشرَ رجلًا، وتَقَدَّمَ أنَّ في قول أنس: (عمومتي) مجازٌ؛ لأنَّ فيهم مَن ليس أنصاريًّا.

قوله: (الْفَضِيخَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، و (حُرِّمَتِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، وكُسِرت؛ لالتقاء الساكنين في الدَّرْج.

قوله: (اكْفَأْهَا [1]): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال: كفأْت الإناء وأكفأْته؛ لُغَتان، بهمزةٍ ساكنة بعد الفاء، فصرِّفْ أنتَ الأمرَ على هاتين اللُّغَتَين، وتَقَدَّمَ الكلام على (البُسْر) ما هو.

قوله: (فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ): هو أبو بكر بن أنس بن مالك الأنصاريُّ، يروي عن أبيه، وزيد بن أرقم، وعتبان بن مالك، وغيرِهم، وعنه: ابنه عبيد الله، وقتادة، وابن جُدعان، ويونس بن عُبيد، وَثَّقَهُ العِجْليُّ، وأخرج له مسلمٌ فقط، وقد قدَّمتُه غيرَ بعيد جدًّا.

قوله: (وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَتْ خَمْرَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ قائل ذلك هو سليمان التيميُّ والدُ المعتمر، وأنَّ (بعض أصحابه) لا أعرفه، وقال بعض حفَّاظ العصر: إنَّه قتادة، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَكْفِئْهَا).

[ج 2 ص 521]

(1/10188)

[باب تغطية الإناء]

(1/10189)

[حديث: إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين.]

5623# قوله: (أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (رَوحًا) بفتح الراء، وأنَّ بعضهم قال: وبضمِّها، و (عُبَادَةَ): بِضَمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيزز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، المَكِّيُّ.

[ج 2 ص 521]

قوله: (إِذَا كَانَ جنْحُ اللَّيْلِ): (الجنح)؛ بكسر الجيم وضمِّها: أوَّله، وقيل: قطعة منه نحو النصف، والأوَّل أشبه بمراد الحديث، والله أعلم.

قوله: (فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ): تَقَدَّمَ ما الحكمة في كفِّ الصبيان من عند ابن الجوزيِّ في (صفة إبليس).

قوله: (فَحُلُّوهُمْ): هو في أصلنا بالحاء المُهْمَلة، وفي نسخة في هامش أصلنا بالخاء المُعْجَمة، قال ابن قُرقُول: بحاء مهملة للحمُّوي، وللكافَّة بالخاء.

قوله: (وَأَغْلِقُوا [1]): هو بهمزة قطعٍ مفتوحة؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ): هو بهمزة قطع، وضمِّ الكاف، رُبَاعيٌّ، وهو معتلٌّ، ووقع في أصلنا بقطع الهمزة، وكسر الكاف، مهموزٌ، وهذا لا أعرفه، والظاهر أنَّه خطأ، والله أعلم، يُقال: أوكيت السِّقاء أُوكِيه إيكاءً، فهو مُوكًى، وقد ذكره غير واحدٍ في المعتلِّ، ولم أرَ مَن ذكره في المهموز، ومعنى الحديث: شُدُّوا رؤوس القِرب بالوكاء؛ لئلَّا يدخلها حَيَوَانٌ، أو يسقط فيها شيءٌ، والله أعلم.

قوله: (وَلَوْ أَنْ تَعْرضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا): تَقَدَّمَ الكلام على (تعرض) قريبًا؛ فانظره.

قوله: (وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ): هو بقطع الهمزة، ثُمَّ طاء ساكنة، ثُمَّ فاء مكسورة، ثُمَّ همزة مضمومة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/10190)

[حديث: أطفئوا المصابيح إذا رقدتم وغلقوا الأبواب]

5624# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام.

قوله: (أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أَطْفِئُوا): أنَّه بالقطع، وكسر الفاء، ثُمَّ همزة مضمومة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَأَوْكُوا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وأنَّه معتلٌّ، وهو هنا أيضًا في أصلنا مهموزٌ، والظاهر أنَّه خطأ، والله أعلم.

قوله: (وَخَمِّرُوا): هو بتشديد الميم؛ أي: غطُّوا، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (تَعْرُضُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا غير بعيد.

(1/10191)

[باب اختناث الأسقية]

قوله: (بَابُ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ): هو بالخاء المُعْجَمة الساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مكسورة، ثُمَّ نون، وفي آخره ثاء مُثَلَّثة، و (اختناثها) وكذا (انخناثها): هو ثَنْيُ أفواهها إلى خارج؛ ليُشرَب منها، يُقال: خنثتُ السقاء؛ إذا ثنيتَ فمه إلى خارجٍ وشربتَ منه، وأقبعتُه؛ إذا ثنيتَ فمه إلى داخلٍ، وقد فُسِّر (الاختناث) في الحديث _وسأذكر مِن كلام مَن هو_ فقال: يعني: أن تُكسَر أفواهها، فيُشرَب منها، وإنَّما نهى عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّه يُنتنها، وأنَّ إدامة الشرب هكذا ممَّا يغيِّر ريحها، وقيل: لا يُؤمَن أن يكون فيها هامَّة، وقيل: لئلَّا يترشَّش الماء على الشارب؛ لسعة فم القِربة، وقد جاء في حديثٍ آخَرَ إباحتُه، ويحتمل أن يكون النَّهْيُ خاصًّا بالسقاء الكبير دون الإداوة، والله أعلم بمراد رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10192)

[حديث: نهى رسول الله عن اختناث الأسقية]

5625# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث، أبو الحارث، فقيه أهل المدينة، ممَّن كان يأمر بالمعروف، انتهى، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (يَعْنِي: أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا، فَيُشْرَبَ مِنْهَا): قال شيخنا: قال الخَطَّابيُّ: أحسبُ هذا التفسيرَ عن الزُّهريِّ، انتهى، وهو الذي يظهر؛ لأنَّ الزُّهريَّ يصنع ذلك كثيرًا، وهذه عادتُه رحمة الله عليه.

(1/10193)

[حديث: سمعت رسول الله ينهى عن اختناث الأسقية]

5626# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّموا، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، كما تَقَدَّمَ نسبُه إلى جدِّه الأدنى أعلاه في الحديث الذي قبله، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (يَنْهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام عليه.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ مَعْمَرٌ أَوْ غَيْرُهُ: هُوَ الشُّرْبُ مِنْ أَفْوَاهِهَا): أمَّا (عبد الله)؛ فهو ابن المبارك، كما قدَّمته أعلاه، وأمَّا (مَعْمَر)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (عبد الله) شكَّ في قائل التفسير، والظاهر أنَّه الزُّهريُّ الذي فسَّر (الاختناث)، كما تَقَدَّمَ، ويحتمل أن يكون الراوي عنه (مَعْمَر)، فإنَّه تلميذه، والله أعلم.

(1/10194)

[باب الشرب من فم السقاء]

قوله: (بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا، ثُمَّ قال: لم يستغنِ بالترجمة التي قبلها _وهي قوله: (باب اختناث الأسقية) _ عنها؛ لاحتمال أن يُظَنَّ النَّهْيُ عن صورة اختناثها، فبيَّن بالترجمة الثانية أنَّ النَّهْيَ مُطلَقٌ ممَّا يُختَنَث، وممَّا لا يُختَنَث؛ كالفخَّار مثلًا، انتهى.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10195)

[حديث: نهى رسول الله عن الشرب من فم القربة أو السقاء]

5627# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ سفيان بعد (ابن المدينيِّ عليٍّ): هو ابن عيينة، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (خَشَبَهُ فِي دَارِهِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها أنَّها بالإفراد والجمع.

==========

[1] في (أ) من نسخة: (جداره)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 522]

(1/10196)

[حديث: نهى النبي أن يشرب من في السقاء]

5628# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (أَنْ يُشْرَبَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10197)

[حديث: نهى النبي عن الشرب من في السقاء]

5629# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ): (خالد): هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10198)

[باب التنفس في الإناء]

(1/10199)

[حديث: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ... ]

5630# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ) بعده: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوِيُّ؛ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ أنَّ ابن أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْوِيُّ، والله أعلم، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن رِبْعِيٍّ، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10200)

[باب الشرب بنفسين أو ثلاثة]

[ج 2 ص 522]

قوله: (بَابُ الشُّرْبِ بِنَفَسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: أورد الشارح سؤالَ التعارض بين هذا الحديث وبين النَّهْي عن التنفُّس في الإناء؛ وهو الحديث المتقدم على هذه الترجمة، وأجاب بالجمع بينهما، ولقد أغنى البُخاريُّ عن ذلك، فإنَّه ترجم على الأولى: (باب التنفُّس في الإناء)، فجعل (الإناء) ظرفًا للتنفُّس، وهي النَّهْيُ [1] عنه، فجعل (الشُّرْب) مقرونًا بـ (نَفَسَين)؛ أي: لا يشرب في نَفَسٍ واحدٍ؛ خوفَ الرَّبْوِ، بل يفصل بين الشُّربَين بنَفَسٍ أو أكثر، انتهى.

(1/10201)

[حديث: كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثًا]

5631# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ): أمَّا (أبو عاصم)؛ فهو الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ، وأمَّا (أبو نُعَيم)؛ فهو الفضل بن دكين الحافظ، و (عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ): بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الزاي، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (كَانَ أَنَسٌ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ): أي: يتنفَّس خارجَ الإناء، وكذا قوله في رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا)، وقال ابن قرقول: (يتنفَّس في الإناء ثلاثًا)؛ أي: يزيله عن فِيه ويتنفَّس)، انتهى، والمعنى واحدٌ، وفي «النهاية»: (أنَّه نهى عن التنفُّس في الإناء)، وفي حديث آخَرَ: (أنَّه كان يتنفَّس في الإناء ثلاثًا)؛ يعني: في الشُّرب، الحديثان صحيحان، وهما باختلاف تقديرين؛ أحدهما: أن يشرب وهو يتنفَّس في الإناء من غير أن يُبينَه عن فِيه، وهو مكروهٌ، والآخر: أن يشرب من الإناء بثلاثة أنفاسٍ يفصل فيها فاه عن الإناء، يقال: أكرع في الإناء نَفَسًا أو نَفَسَين؛ أي: جرعة أو جرعَتَين، انتهى.

==========

[ج 2 ص 523]

(1/10202)

[باب الشرب في آنية الذهب]

(1/10203)

[حديث: هن لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة]

5632# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عُتيبة القاضي، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاريُّ الأوسيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني.

قوله: (بِالْمَدَايِنِ): هي مدائن كسرى.

قوله: (فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ [1]): (الدّهقان): بكسر الدال المُهْمَلة وضمِّها، كذا قاله ابن قُرقُول، وحكى الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» عن نسخ «الصحاح» للجوهريِّ أو بعضها: أنَّه بفتح الدال، واستغربه، وهو فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، وهو زعيم فلَّاحي العجم، ورئيس الإقليم، سُمُّوا بذلك من الدَّهْقَنَة والدَّهْقَمَة؛ وهي تليين الطعام؛ لترفُّههم وسِعَة عيشهم، والمعروف: (الدَّهْقَنَة)؛ بالنون، قال الجوهريُّ: الدهقان معرَّبٌ إن جعلتَ النون أصليَّة _من قولهم: تدهقن الرجل، وله دهقنةُ موضعِ كذا_؛ صرفتَه؛ لأنَّه «فُعلان»، وإن جعلتَه من الدَّهْقِ؛ لم تصرفه؛ لأنَّه «فِعلان»، والله أعلم.

قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[1] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: الدِّهْقَان: هو معرَّب إن جعلت نونه أصليَّة، من قولهم: تدهقن الرَّجلُ، وله دهقنة موضع كذا؛ صرفته؛ لأنَّه فِعْلَالٌ، وإن جعلته من الدَّهق؛ لم تصرفه؛ لأنَّه فَعْلان).

[ج 2 ص 523]

(1/10204)

[باب آنية الفضة]

(1/10205)

[حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة]

5633# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عَديٍّ السُّلَميُّ مولاهم، البصريُّ القسمليُّ؛ لأنَّه نزل في القساملة، ترجمته معروفة، و (ابْن عَوْن): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابنِ أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ؛ إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسَائيُّ، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ أعلاه، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني.

قوله: (وَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيَّ): مَنْصوبٌ مفعول، والفاعل: (هو)؛ راجعٌ على (حذيفة)، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10206)

[حديث: الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم]

5634# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أُمُّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ مرارًا أنَّ اسمها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها آخر الزوجات وفاةً، تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين رضي الله عنهما.

قوله: (إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: اتَّفق العلماء من أهل الحديث والغريب واللُّغَةِ وغيرِهم على كسر الجيم الثانية من (يجرجِر) انتهى، لكنِّي رأيت في بعض تعاليق بعض فضلاء الشَّافِعيَّة من أهل بلدنا عن بعض تعاليق بعض الحمويِّين _ وسمَّاه_: أنَّه فتحها، انتهى، وغالب ظنِّي أنَّه عزاه لابن أبي الدَّم، قال الشيخ محيي الدين: واختلفوا في الراء من (النار)، فنقلوا فيها النصبَ والرفعَ، وهما مشهوران، النصب هو الصَّحيح الذي جزم به غيرُ واحد، ورجَّحه غير واحد، وتؤيِّده الروايةُ الأخرى: «يجرجر في بطنه نارًا من نارِ جهنَّم»، كذا هو في «مسلم»، وكذا هو في «مسند أبي عوانة» وغيرِه من رواية عائشة رضي الله عنها: «إنَّما يجرجِر في بطنه نارًا»؛ بحذف (جهنَّم)، وأمَّا معناه؛ فعلى رواية نصب (النار)؛ فالفاعل _هو الشارب_ مضمرٌ في (يجرجر)؛ أي: يلقيها في بطنه بجَرْعٍ متتابعٍ يُسْمَع له جرجرة _وهي الصوت_؛ لتردُّده في حلقه، وعلى رواية رفع (النار)؛ تكون النار فاعله، ومعناه: تصوِّت النَّارُ في جوفه، و (الجرجرة): التصويت، وسُمِّيَ المشروب نارًا؛ لأنَّه يَؤُول إليها؛ كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10]، والله أعلم.

(1/10207)

[حديث: أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع]

5635# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَشْعَثُ بْنُ سُلَيم): بالثاء المثلَّثة في آخره، وأمَّا (أشعب) _ بالموحَّدة_ الطامعُ؛ فذاك فردٌ، و (سُلَيْم): بِضَمِّ السين، وفتح اللام، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): بتشديد الراء المكسورة.

قوله: (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ): تَقَدَّمَ أنَّ (التشميت) بالمُعْجَمة والمُهْمَلة، وهو الدعاء للعاطس بقولك: يرحمك الله، ولـ (التشميت) و (التسميت) كلماتٌ أخواتٌ تُقال بالمُعْجَمة والمُهْمَلة تنيفُ على تسعين كلمةً أفردها شيخُنا العلَّامة الأستاذ مجدُ الدين مؤلِّف «القاموس» في مؤلَّف سمَّاه: «تحبير الموشين في التعبير بالسين والشين»، وقد قرأتُه عليه بالقاهرة.

قوله: (وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ): هو بالشين المُعْجَمة، وهو إظهاره وإذاعته، وهذا معروفٌ.

قوله: (وَعَنِ الْمَيَاثِرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وكذا (الدِّيبَاجِ)، وكذا (الإِسْتَبْرَقِ).

[ج 2 ص 523]

(1/10208)

[باب الشرب في الأقداح]

(1/10209)

[حديث أم الفضل: أنهم شكوا في صوم النبي يوم عرفة]

5636# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بموحَّدة، وسين مهملة، وأنَّه ليس لهم في الكُتُب السِّتَّة عمرو بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ): بالضاد المُعْجَمة، و (أُمُّ الفَضْلِ): لبابة بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، زوجُ العَبَّاس، تَقَدَّمَتْ مرارًا.

(1/10210)

[باب الشرب من قدح النبي وآنيته]

قوله: (بَابُ الشُّرْبِ مِنْ قَدَحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآنِيَتِهِ): اعلم أنَّه عليه السلام كان له قَدَحٌ يُسَمَّى الرَّيَّان، ويُسَمَّى مُغيْثًا، وآخَرُ مضبَّبٌ، يُقَدَّر أكثر من نصف المدِّ، فيه ثلاث ضبَّات من فضَّة وحَلْقة؛ كأنَّه للسَّفَر، وثالثٌ من زجاج، وقَدَحٌ آخرُ من عَيْدان يُوضَع تحت سريره يبول فيه من الليل، فهذا الذي أستحضر من أقداحه، والظاهر أنَّ القَدَحَ الذي يأتي ذكره الذي سقى فيه سهلٌ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم غيرُ هذه الأقداح، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ): هو ابن أبي موسى الأشعريِّ، واسمه: الحارث، أو عامر، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، وهذا التعليق ذكره البُخاريُّ في (فضل عبد الله بن سلَام) وفي (الاعتصام) مسندًا متَّصلًا.

(1/10211)

[حديث: اسقنا يا سهل]

5637# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطَرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (امرأةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّنٌ نائب مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأةُ هي المُستَعِيذة منه، وكذا يأتي التصريحُ بذلك هنا، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ عليها مُطَوَّلًا، وذكرتُ فيها سبعةَ أقوالٍ في أوَّل (كتاب الطلاق) من هذا التعليق؛ فانظره.

قوله: (فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصواب ضمُّ الهمزة من (أبي أُسَيد)، وتَقَدَّمَ الكلام في اسمه واسم أبيه، وأنَّه مالك بن ربيعة.

قوله: (فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ): (الأُجُم)؛ بِضَمِّ الهمزة والجيم، وبالميم: الحِصْن، وجمعه: آجامٌ، وإجام أيضًا.

قوله: (مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا): (مُنَكِّسَة): بكسر الكاف، و (رأسَها): مَنْصوبٌ مفعولُ اسم الفاعل، يُقال: نَكَس رأسَه؛ بالتخفيف، فهو ناكسٌ، ونكَّس؛ بالتشديد، فهو مُنَكِّس؛ إذا طأطأه، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: اسْقِنَا يَا سَهْلُ): يجوز في (اسقنا) الثُّلاثيُّ والرُّبَاعيُّ، وقيل: بينهما فرقٌ.

(1/10212)

[حديث أنس: لقد سقيت رسول الله في هذا القدح أكثر من كذا]

5638# قوله: (حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ): هو اسم فاعل من (أدرك)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ): الضمير في (سلسله) يعود على (أنس)، قال شيخُنا: والذي عليه حفَّاظ الحديث: أنَّ المتَّخِذَ له أنسُ بن مالك، انتهى، وقد سبق ذلك في (باب ما ذُكِر في درع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم).

قوله: (مِنْ نُضَارٍ): هو بِضَمِّ النون، وتخفيف الضاد المُعْجَمة، وبعد الألف راء، قال الدِّمْيَاطيُّ: أي: من خشب نُضَار، وهو خشبٌ معروفٌ، وقيل: أقداح النُّضَار حُمْرٌ من خشبٍ أحمرَ، انتهى، وقال ابن قُرقُول: النُّضَار: النبع، ويقال: بالتنوين وبالإضافة، والنُّضَار: الخالص، والنُّضَار: الأثل أيضًا، ويُقال أيضًا للذَّهب: نُضَار ونضِير ونضر، انتهى، وقال ابن الأثير: (من نُضَار)؛ أي: من خشبٍ نُضَار؛ وهو خشبٌ معروفٌ، وقيل: هو الأثل الوَرْسيُّ اللون، وقيل: النَّبع، وقيل: الخِلَاف، والنُّضَار: الخالص من كلِّ شيء، والنُّضَار: الذهب أيضًا، وقيل: أقداح النُّضَار حُمْرٌ من خشبٍ أحمرَ، انتهى، وفي «الصحاح»: (قَدَحٌ نُضَارٌ: يُتَّخَذ من أثل، يكون بالغَوْر، ورسيُّ اللون، يُضَاف ولا يُضَاف)، انتهى.

فائدةٌ: قال أبو العَبَّاس القُرْطُبيُّ _كما نقله بعضُهم عنه_: وجدتُ في بعض نسخ «البُخاريِّ» وهي نسخة جيِّدة عتيقة: قال أبو عبد الله: قد رأيتُ هذا القَدَح بالبصرة، وشربت فيه، وقد اشتُرِيَ من ميراث النَّضْر بن أنس بثماني مئة ألفٍ، انتهى، و (النضر بن أنس): هو ابن مالك الأنصاريِّ الخادمِ رضي الله عنه، أخرج له الجماعة، مشهور الترجمة.

(1/10213)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ ... ) إلى آخره: قائله هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن، وقد أخرج الحديثَ نفسَه البُخاريُّ في (الأشربة) هنا بالإسناد الذي ساقه، وأخرجه في (الخمس) عن عبدان، عن أبي حمزة، عن عاصم، عن ابن سيرين، عن أنس، نحو معناه، وفيه: (فضَّة)، وقول ابن سيرين هنا: (فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لاَ تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا ... ) إلى آخره، وهذه القصَّة مرسلةٌ؛ لأنَّ ابن سيرين وُلِد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وأبو طلحة: وقد قال عليُّ بن زيد عن أنس: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أجل الغزو، فصام بعده أربعين سنةً، كذا قال، وإنَّما عاش بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نيِّفًا وعشرين سنةً، وهو صحيحٌ عن أنس، فعلى هذا تُوُفِّيَ سنة نيِّفٍ وثلاثين؛ فيُقال: سنة ثِنْتَين وثلاثين، ويُقال: سنة أربع وثلاثين وهو ابن سبعين سنةً بالمدينة، كذا قال الأكثرون: إنَّه تُوُفِّيَ بالمدينة، وقال أبو زرعة الدِّمَشْقيُّ: بالشام، وقيل: تُوُفِّيَ بالبحر غازيًا، وقد قَدَّمْتُ لك مولد (ابن سيرين)، لكن قال ابن عَبْدِ البَرِّ بعد أن ذكر ما ذكرته لك عن أنسٍ: قال المدائنيُّ: مات أبو طلحة سنة إحدى وخمسين، انتهى، فعلى هذا؛ أردكه ابن سيرين، ولم أرَ له روايةً عنه غير هذا المكان، والظاهر أنَّه مُرْسَلٌ، والله أعلم.

قوله: (حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحلقة) بإسكان اللام وفتحها.

قوله: (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ كبيرٌ، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمةٍ رضي الله عنه، وهو عمُّ أنسِ بن مالك زوجُ أمِّه أمِّ سُلَيم.

(1/10214)

[باب شرب البركة والماء المبارك]

قوله: (بَابُ شُرْبِ الْبَرَكَةِ وَالْمَاءِ الْمُبَارَكِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصوده _والله أعلم_ أنَّ شُرْبَ البركة يُغتَفَر فيه الإكثارُ، لا كالشرب المعتاد الذي ورد أن يُجعَل له الثلث؛ لقوله: وجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه، انتهى، قال شيخُنا: قال المهلَّب: قال البُخاريُّ: (باب شُرْب البركة)؛ لقول جابر: فعلمتُ أنَّه بركةٌ، وهذا سائغٌ في لسان العرب أن يُسمَّى الشيءُ المباركُ فيه بركةً؛ كما قال أيُّوب صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا غنًى بي عن بركتك)، فسمَّى الذهبَ بركةً، انتهى.

==========

[ج 2 ص 524]

(1/10215)

[حديث: حي على أهل الوضوء البركة من الله]

5639# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضبيُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان القارئ.

قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بِضَمِّ التاء، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا؛ أي: رأيتُ نفسي.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (أَهْلِ الْوضُوءِ): هو بفتح الواو، ويجوز ضمُّها، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ): تَقَدَّمَ في (باب التماس الناس الوَضوءَ إذا حانت الصلاة) كلامُ أبي عُمر ابنِ عَبْدِ البَرِّ: أنَّ هذا اتَّفق له صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّاتٍ، وتَقَدَّمَ هناك كلامُ ابن حِبَّان _بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة_ في «صحيحه»: أنَّه اتَّفق له ذلك في مواطنَ متعدِّدةٍ، ففي بعضها:

[ج 2 ص 524]

(أنَّه أُتِيَ بقدح رحراح)، وفي بعضها: (زجاج)، وفي بعضها: (جفنة)، وفي بعضها: (ميضأة)، وفي بعضها: (مزادة)، وفي بعضها: (كانوا خمسَ عشرةَ مئة)، وفي بعضها: (ثمان مئة)، وفي بعضها: (زهاء ثلاث مئة)، وفي بعضها: (ثمانين)، وفي بعضها: (سبعين)، انتهى، وقوله: (كانوا خمسَ عشرةَ مئة) هذا اتَّفق له في (الحديبية)، واختُلِف في عددهم على سبعة رواياتٍ ذكرتُها في (الحديبية)، والأكثر كانوا ألفًا وأربع مئة، كما يأتي في هذا الحديث.

وقد قَدَّمْتُ في (الوضوء) أنَّ هذه المعجزةَ أعظمُ من تفجُّر الماء من الحجر؛ لأنَّ ذلك من عادة الحجر، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ} [البقرة: 74]، وأمَّا من لحمٍ ودَمٍ؛ فلم يُعهَد من غيره صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد قَدَّمْتُ أيضًا أنَّ نبعَ الماء كان من نفس الأصابعِ، أو من تحتها؛ قولان، وأنَّ الراجح: أنَّه من نفس الأصابع، والله أعلم.

قوله: (لَا آلُو): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: لا أُقَصِّر.

قوله: (تَابَعَهُ عَمْرو بْنُ دِيْنَار عَنْ جَابِرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على سالم بن أبي الجَعْد، وهذا ظاهِرٌ، ومتابعة عمرو بن دينار ذكرها البُخاريُّ في (التفسير) وفي (المغازي)، ومسلمٌ في (المغازي)، والنَّسَائيُّ في (التفسير).

(1/10216)

قوله: (وَقَالَ حُصَيْنٌ وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ): (حُصَين) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الحاء، وفتح الصاد المُهْمَلة، وقَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الأسماءَ بالضمِّ، والكنى بالفتح، وهو ابن عبد الرحمن، تَقَدَّمَ، ومتابعته أخرجها البُخاريُّ في (علامات النبوَّة) وفي (المغازي)، ومسلمٌ في (المغازي)، ومتابعة عمرو بن مرَّة أخرجها مسلمٌ في (المغازي) والنَّسَائيُّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ عَنْ جَابِرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المُسَيّب) والد سعيد بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال فيه إلَّا بالفتح، ومتابعة سعيد أخرجها البُخاريُّ في (المغازي).

(1/10217)

((75)) (كِتَابُ المَرْضَى) ... إلى (كِتَاب الطِّبِّ)

ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة للآية _يعني: قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]_ التنبيهُ على أنَّ المرض كما يكون مُكَفِّرًا للخطايا فقد يكون جزاءً لها، والمعنى في تعجيل جزائه بالمرض وتكفيرِ سيِّئاته متقاربٌ، والله أعلم، انتهى، وقد رأيت في «مستدرك الحاكم» في ترجمة عبد الله بن الزُّبَير عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «مَن يعملْ سوءًا؛ يُجْزَ به في الدنيا»، لم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه».

قال الإمام العلَّامة عزُّ الدين عبدُ العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ في «قواعده»: قوله عليه السلام: «مَن عزَّى مصابًا؛ فله مثلُ أجره»؛ أي: أجر صبره، قال: وظنَّ بعضُ الجهلة أنَّ المصابَ مأجورٌ على مصيبته، وهو خطأ صريحٌ، فإنَّ الثواب والعقاب إنَّما هو على الكسب بمباشرةٍ أو سببٍ، قال تعالى: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 90]، والمصائب ليست منها، بل إنْ صَبَرَ؛ فله أجرُ الصابرين، وإنْ رَضِيَ؛ فله أجر الراضين، وخالف القرافيُّ فقال: المصائب كفَّاراتٌ لأهلها جزمًا، سواء اقترن بها السَّخَط وعدمُ الصبر أم لا، غير أنَّها إن اقترن بها السَّخَط؛ يقلَّ التكفير بها، وإن اقترن بها الصبرُ؛ عَظُمَ التكفيرُ بها، قال: [لا] يجوز أن يُقال للمصاب: جعل الله لك هذه المصيبةَ كفَّارةً لذنبك؛ لأنَّ الشارع قد أخبر أنَّها مكفِّرةُ الذنوب، فسؤالُ التكفير طلبٌ لتحصيل الحاصل وإساءةُ الأدب مع الشرع، وإنَّما يُقال: أعظم الله أجرك، فإنَّ تعظيمَه غيرُ معلوم من جهة الشرع، بخلاف أصل التكفير، وقال أيضًا: الأجر من آثار العمل، والتكفير قد يكون بالعمل، وقد يكون بغيره؛ كالمصائب، فإنَّها ليست مكتسبةً)، انتهى، وما قاله ابن عبد السلام فيه نظرٌ، والحديث يردُّ عليه: «ما يصيب المسلم مِن نصب، ولا وَصَبٍ، ولا همٍّ، ولا حزن، حتَّى الشوكة يشاكها إلَّا كفَّر الله بها من سيِّئاته».

==========

[ج 2 ص 525]

(1/10218)

[ما جاء في كفارة المرض ... ]

(1/10219)

[حديث: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه]

5640# قوله: (حَدَّثَنَا [1] شُعَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (حَتَّى الشَّوْكَةِ): يجوز في (الشوكة) ثلاثةُ أوجهٍ: الجرُّ والرفع والنصب، وهذا معروفٌ.

قوله: (يُشَاكُهَا): هو بِضَمِّ أوَّله في الموضعين في أصلنا، قال شيخنا: أي: يُصاب بها، قال: (وحقيقة هذا اللفظ أن تكون الشوكة يُدخِلها غيرُه في جسده ... ) إلى آخر كلامه، نبَّه عليه ابن التين، انتهى، وفي أصلٍ آخرَ صحيحٍ: (يَشاكها)؛ بفتح أوَّله بالقلم، وفي الهامش كلامٌ من عند الخَطِيبي شارح «المصابيح»، ثُمَّ قال: وأمَّا على فتح الياء _كما هو بخطِّ الصغانيِّ في ضبطه في متن هذه النسخة_؛ فقد قال الجوهريُّ: قال الأصمعيُّ: يُقال: شاكتني الشوكةُ تَشُوكُني؛ إذا دخلت في جسده، وقد شِكتُ؛ فأنا أُشاك شاكةً وشِيْكة _ بالكسر_؛ إذا وقعتَ في الشوك، ثُمَّ أنشد بيتًا شاهدًا، ثُمَّ قال: قال الكِسائيُّ: شُكْتُ الرجلَ أَشوكُه؛ إذا أدخلتُ شوكة في جسده، وشِيْك؛ على ما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ويَشاك شوكًا، انتهت، وقد راجعتُ نسخةً صحيحةً من «صحاح الجوهريِّ» _وقد قُوبِلَت أربع مَرَّاتٍ، وهي عندي في ملكي_ قال: (فيما يُشاك)، كذا هو مضموم بالقلم، وأمَّا المفتوح؛ فإنَّه قال بعده _وليس ممَّا نحن فيه_: والشوكة: حدَّة البأس، والحدُّ في السلاح، وقد شاكَ الرجلُ يَشاك شوكًا؛ أي: ظهرت شوكتُه وحِدَّته، وشاك ثدي الجارية يَشاك؛ إذا تهيَّأَ للنهود، والله أعلم.

(1/10220)

[حديث: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب]

5641# 5642# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ فيما يظهر؛ وذلك لأنَّي نظرت ترجمة عبد الملك بن عمرو أبي عامر العَقَديِّ في «الكمال»، فرأيته ذكر فيها عبدَ الله بن مُحَمَّد المسنديَّ، ولم يذكر أحدًا اسمه كذلك إلَّا هو، فغلب على ظنِّي أنَّه هو، والله أعلم، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

وقوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [1]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): كذا بالواو، ظهر لي أنَّ عطاء بن يسار أخذه عنهما متفرِّقَين، فلهذا جاء بالواو، ولو كانا مجتمعين؛ لقال: عن أبي سعيد وأبي هريرة، وقد جعلهما المِزِّيُّ في «أطرافه» في المسنَدَين؛ في (مسند أبي سعيد)، وقال في (مسند أبي هريرة) حين ذكره في ترجمة عطاء بن يسار: عن أبي سعيد، انتهى.

[ج 2 ص 525]

قوله: (مِنْ نَصَبٍ): هو بفتح النون والصاد المُهْمَلة، وبالموحَّدة، وهو التَّعَب والمشقَّة.

قوله: (وَلَا وَصَبٍ): هو بفتح الواو والصاد المُهْمَلة، وبالموحَّدة، وهو المرض.

قوله: (حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه بِضَمِّ أوَّله، و (حتَّى الشوكة): يجوز فيها ثلاث إعراباتٍ تَقَدَّمَتْ قريبًا.

(1/10221)

[حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة، وتعدلها مرة]

5643# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (سُفْيَان) بعده: لا أعرفه بعينه، وذلك لأنَّ القَطَّان روى عن السفيانَين، وهما رويا عن سعد بن إبراهيم، والله أعلم و (سَعْد): هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَالْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ): (الخامة)؛ بالخاء المُعْجَمة، وبعد الألف ميم مخفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث: هي الطاقة الغضَّة اللَّيِّنة من الزرع، وأَلِفُها منقلبةٌ عن واوٍ، قاله في «النهاية»، وقال شيخُنا: وقيل: الضعيفةُ، قال في «المحكم»: هي أوَّل ما ينبتُ على ساقٍ واحدةٍ، وبه جزم صاحبُ «العين»، وقيل: هي الطاقة الغضَّة منه، وقيل: الشجرة الرطبة، قال القزَّاز: ورُوِيَ: (الخافة)؛ بالفاء: وهي الطاقة من الزرع، انتهى، وقد ذكر ابن الأثير في (خوف): «كمثل خافة الزرع»، وقال: وهو وعاء الحَبِّ، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّها وقاية له، والرواية بالميم، وسيجيء، انتهى.

قوله: (تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الفاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ همزة مضمومة، كذا في أصلنا؛ أي: تُمِيلها، وفي أصلٍ آخرَ صحيحٍ وفي رواية أبي ذرٍّ: (تَفَيَّؤُها)؛ بفتح التاء والفاء، قاله في «المطالع».

قوله: (وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً): (تَعْدِلها): بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وكسر الدال؛ أي: ترفعُها.

(1/10222)

قوله: (كَالأَرزَةِ): هي بفتح الهمزة، ثُمَّ راء ساكنة ومفتوحة، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ تاء الوحدة، قال ابن قُرقُول: (الأَرْزة)؛ بفتح الهمزة، وسكون الراء، كذا الرواية، وهو الصنوبر، وقال أبو عُبيد: إنَّما هو (الآرِزَة)؛ على وزن (فَاعِلة)، ومعناها: الثابتة في الأرض، وأنكر هذا أبو عُبيدة، انتهى، وفي «النهاية»: (الأَرزة)؛ بسكون الراء وفتحها: شجرة الأَرْزَن؛ وهو خشبٌ معروفٌ، وقيل: هي الصَّنَوبر، وقال بعضهم: هي (الآرِزة)؛ بوزن (فَاعِلة)، وأنكرها أبو عبيد، انتهى، وفي «الصحاح» للجوهريِّ: أبو عَمرو: (الأرَزَة)؛ بالتحريك: شجرة الأَرْزَن، وقال أبو عبيد: (الأرْزة)؛ بالتسكين: شجر الصَّنَوبر، والجمع: أرز، وشجرة آرِزة؛ أي: ثابتة في الأرض، انتهى، و (الأَرْزَن)؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ نون: شجرٌ صلبٌ تُتَّخذ منه العصيُّ.

قوله: (انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً): (الانجِعاف)؛ بالنون، والجيم المكسورة، وبالعين المُهْمَلة، والفاء: انقلابها، قاله في «المطالع»، وقال ابن الأثير: (انجعافها): انقلاعها، وهما متقاربان، انتهى.

قوله: (وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ: حَدَّثَنِي سَعْدٌ: حَدَّثَنِي [1] ابْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (زكرياء)؛ فهو ابن أبي زائدة، و (سعد): هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، و (ابن كعب): هو عبد الله بن كعب بن مالك المصرَّحُ به قبل ذلك، وتعليق زكرياء أخرجه مسلمٌ في (التوبة) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن نُمَيْر ومُحَمَّد بن بِشْر؛ كلاهما عن زكرياء.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 526]

(1/10223)

[حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها .. ]

5644# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح اللام.

قوله: (ابْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّمَ أنَّه يُهمَز ولا يُهمَز.

قوله: (خَامَةِ [2] الزَّرْعِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخامة) ضبطًا وما هي أعلاه.

قوله: (كَفَأَتْهَا): هو بهمزة مفتوحة بعد الفاء؛ أي: قلبتها، وتَقَدَّمَ الكلام على أنَّه يُقال: كفأ وأكفأ؛ إذا قلب.

قوله: (كَالأَرْزَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه.

قوله: (صَمَّاءَ): أي: صلبة، ليست مجوَّفةً.

قوله: (مُعْتَدِلَةً): هو مَنْصوبٌ منوَّنٌ حالٌ.

(1/10224)

[حديث: من يرد الله به خيرًا يصب منه]

5645# قوله: (سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ): (يسار): هو بتقديم المُثَنَّاة تحت، و (أبا الحُبَاب): هو يسار، و (الحُبَاب): بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وتخفيف الموحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى، وهذا ظاهِرٌ عند أهله جدًّا.

قوله: (يُصِبْ مِنْهُ): هو مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول، فإن بنيتَه للفاعل؛ كسرتَ الصاد، أو للمفعول؛ فتحتَها، وعلى كلِّ تقديرٍ الياءُ مضمومةٌ، قال بعضهم عن أبي الفرج _والظاهر أنَّه ابن الجوزيِّ_: سمعت ابن الحُبَاب يفتح الصاد، وهو أحسنُ وأَلْيَقُ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 526]

(1/10225)

[باب شدة المرض]

(1/10226)

[حديث: ما رأيت أحدًا أشد عليه الوجع من رسول الله]

5646# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّي راجعت «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ، فوجدته قد ذكر في مشايخ قَبِيصة بن عقبة الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عيينة، ونظرت ترجمة مصعب بن المقدام _فإنَّه رواه البُخاريُّ من طريقه عن سفيان_ فرأيت الحافظ عبدَ الغنيِّ ذكر الثَّوريَّ في مشايخِ مصعبٍ، ولم يذكر ابنَ عيينة، وفي «التذهيب» في ترجمة مصعب قال فيها: (إنَّه روى عن سفيان)، وأطلق، والله أعلم، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق الكلامُ عليها كتابةً وتلفُّظًا؛ فانظره إن أردته، وسأذكر الكلام عليها في أواخرِه إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه، سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّمَ مِرارًا، والله أعلم.

[ج 2 ص 526]

قوله: (الْوَجَعُ أَشَدُّ عَلَيْهِ [2] مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الوجعُ) و (أشدُّ): مرفوعان، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ)، وفي (ق): (الْوَجَعُ عَلَيْهِ أَشَدُّ)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

(1/10227)

[حديث: أجل ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات]

5647# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيابيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكنَ التي حدَّث فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، قاله شيخنا، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد، مشهورٌ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، الصَّحابيُّ المشهور.

قوله: (وَهْوَ يُوعَكُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح العين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ ما (الوعْكُ).

قوله: (وَعْكًا شَدِيدًا): تَقَدَّمَ أنَّ في (الوَعك) لُغَتين: الإسكان، والفتح.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ معناه: نعم، وهي بفتح الهمزة والجيم، وإسكان اللام.

قوله: (كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ): (تَحَاتُّ): بفتح التاء المُثَنَّاة فوق الأولى، وهو محذوفُ إحدى التاءين، والحاء بعدها مهملة مخفَّفة، وبعد الألف مثنَّاة أخرى فوق مشدَّدة، و (ورقُ): مَرْفوعٌ فاعلُ (تَحَاتُّ)، ومعنى (تَحَاتُّ): تتناثرُ وتتساقطُ.

==========

[ج 2 ص 527]

(1/10228)

[باب: أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأول فالأول]

قوله: (بَابٌ: أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً [الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ] الأوَّل فَالأَوَّلُ): كذا في أصلنا، وفي نسخة صحيحةٍ كذلك، وفي هامشها: (الأمثل فالأمثل)، وترجمةُ البُخاريِّ لفظُ حديثٍ، غير أنَّه قال: «الأمثل فالأمثل»؛ كالنسخة التي ذكرتُها بدل (الأوَّل فالأوَّل)، وهو في «التِّرْمِذيِّ» من حديث سعد بن أبي وقَّاص، وقال: حسنٌ صحيحٌ، قال شيخنا: (وادَّعى الإسماعيليُّ أنَّه ليس في الحديث الذي أخرجه ما ترجم له)، قال شيخنا: (وليس كذلك، بل قوله: «أُوعَك كما يُوعَك رجلان منكم» ظاهرٌ فيه)، انتهى، وصدق، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 527]

(1/10229)

[حديث: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم]

5648# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عَبْدان): لقبٌ له، و (أَبُو حَمْزَةَ) بعده [1]: بالحاء المُهْمَلة، وبالزاي، وهو مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، تَقَدَّمَ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامِه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن يزيد، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (ذَاكَ [2] أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ): (أنَّ): بفتح الهمزة، وتشديد النون، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَذًى شَوْكَةٌ): (شوكةٌ): مَرْفوعٌ منوَّن بدلُ بعضٍ مِن كُلٍّ؛ وهو (أذًى)؛ لأنَّه أعمُّ مِن أن يكون شوكةً أو غيرَها.

(1/10230)

[باب وجوب عيادة المريض]

قوله: (بَابُ وُجُوبِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ): صرَّح الإمامُ شيخُ الإسلام البُخاريُّ في تبويبه بوجوب عيادة المريض، وقد قال النَّوَويُّ رحمه الله في «شرح مسلم» في أوائل الربع الأخير في حديث البَرَاء: (أَمَرَنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ ... )؛ الحديث ما لفظه: (أمَّا عيادة المريض؛ فسُنَّة بالإجماع، وسواء فيه مَن يعرفه، ومَن لا يعرفه، والغريبُ، والأجنبيُّ، واختلف العلماء في الأوكد والأفضل منها)، انتهى، وما أظن أنَّ الصَّحابة والتابعين وتابعيهم يجتمعون على ذلك، وكيف يُسَلَّم له ذلك وقد بوَّب شيخُ الإسلام البُخاريُّ على الوجوب؟! ثُمَّ إنِّي رأيتُ كلامَ الإمام الحافظ العلَّامة تقيِّ الدين القشيريِّ ابن دقيق العيد في «شرح العمدة» قال في حديث البراء المشار إليه: (أَمَرَنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ ... ) ما لفظه: (عيادة المريض عند الأكثرين مستحبَّة بالإطلاق، وقد تجب حين يضطرُّ المريض إلى مَن يتعاهده، وإن لم يُعَدْ؛ ضاع، وأوجبها الظاهريَّة من غير هذا القيد؛ لظاهر الأمر) انتهى، وكأنَّ الشيخَ محيي الدين وقف على خلاف الظاهريَّة، وحكى الإجماعَ في الطرف الآخَرِ، فلعلَّه يختارُ أنَّهم لا يُعتَدُّ بخلافهم، والمسألة فيها خلافٌ ذكره أبو عَمرو ابن الصلاح، وذكرها الشيخ محيي الدين في «تهذيبه» في ترجمة داود بن عليِّ بن خلفٍ إمامِهم، ونقل كلام الناس في ذلك، واختار ابنُ الصلاح الاعتدادَ بشرطٍ ذكره النَّوَويُّ في «تهذيبه» عن ابن الصلاح، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 527]

(1/10231)

[حديث أبي موسى: أطعموا الجائع وعودوا المريض ... ]

5649# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (أَطْعِمُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَفُكُّوا الْعَانِيَ): هو بالعين المُهْمَلة، وبعد الألف نون، منقوصٌ؛ كـ (القاضي): الأسير، وأصله الخُضوع.

(1/10232)

[حديث: أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع ... ]

5650# قوله: (أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بالثاء المثلثة في آخره، وأنَّ أشعب الطامع فردٌ بالباء، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيمًا) بِضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ أنَّ (مُعَاوِيَةَ ابْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ) بكسر الراء المُشَدَّدة.

قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ، وكذا (وَالإِسْتَبْرَقِ)، وكذا (الْقَسِّيِّ) ضبطًا ومعنًى، (وَالْمِيثَرَةِ) ما هي، وتَقَدَّمَ (يُفْشِيَ [1] السَّلَامَ): أنَّ (الإفشاء): هو الإظهار والإذاعة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نُفْشِيَ).

[ج 2 ص 527]

(1/10233)

[باب عيادة المغمى عليه]

قوله: (بَابُ عِيَادَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم على هذا؛ لئلَّا يُعتَقَد أنَّ عيادة المُغمَى عليه ساقطةُ الفائدةِ؛ إذ لا يفيق لعائده، وما في الحديث أنَّهما عَلِمَا أنَّه مغمًى عليه قبل عيادته، فلعلَّه وافق حضورهما، وزعم بعضُهم أنَّ عيادةَ المريض بعينيه غيرُ مشروعة؛ لأنَّه يرى في بيته ما لا يراه، فالمغمى عليه أشدُّ) انتهى.

تنبيهٌ: المريض بعينيه: هو الرَّمِدُ، وقد رأيت في أوَّل (الجنائز) من «أحكام المحبِّ الطبريِّ» الشَّافِعيِّ الإمامِ الحافظِ ما لفظه: لمَّا ذكر العيادة من وجع العين ونحوِه؛ ذكر فيه حديث زيد بن أرقم: (أنَّه عليه السلام عاده من وجعٍ كان بعينه)، أخرجه أحمدُ وأبو داود، وقال المنذريُّ: حديثٌ حسنٌ، قال المحبُّ الطبريُّ: وفي هذا ردٌّ لمن أنكرَ ذلك، وكره عيادةَ مَن به وجعٌ في عينيه، وزعم أنَّه كُرِهَ؛ لأنَّه يرى في بيته ما لا يراه، وهذا يردُّه: أنَّه عليه السلام عاد جابرًا وجلس في بيته وهو مغمًى عليه، ويرى في

[ج 2 ص 527]

بيته ما لا يراه، ولا تُكرَه عيادة المغمى عليه لذلك، انتهى، ثُمَّ ذكر حُجَّة مَن قال: لا عيادةَ في الرَّمد ونحوِه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يُعاد في الرَّمَد، والضَّرَس، والدَّمَل»، أخرجه أبو نعيم في (كتاب الطِّبِّ) انتهى، والله أعلم.

(1/10234)

[حديث: مرضت مرضًا فأتاني النبي يعودني وأبو بكر وهما ماشيان]

5651# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (ابْن الْمُنْكَدِرِ): هو مُحَمَّد بن المنكدر.

قوله: (أُغْمِيَ عَلَيَّ): (أُغمِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَضُوءَهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الماء بالفتح، والفعلَ بالضم، وهذا: الماءُ، ويجوز في كلٍّ منهما الضمُّ والفتح.

==========

[ج 2 ص 528]

(1/10235)

[باب فضل من يصرع من الريح]

قوله: (بَابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ): يعني بـ (الريح): الجنَّ.

==========

[ج 2 ص 528]

(1/10236)

[حديث: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله]

5652# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (عِمْرَانُ أَبُو بَكْرٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو عمران بن مسلم، أبو بكر القصير المقرئُ، اتَّفقا عليه) انتهى، و (عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ): بفتح الراء، وبالموحَّدة.

قوله: (أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ): هذه المرأة هي أمُّ زُفَر، كذا ذُكِرَت بالكنية، وكذا وردت مكناة في الحديث الذي بعد هذا من قول عطاء، وقال شيخنا: اسمها سُعَيرة الأسَديَّة، ويقال: سُقَيرة، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: سعيرة الأسَديَّة: كانت تُصرَع، قال ابن خزيمة في حديثها: أبرأ من عهدة هذا الإسناد، قال شيخنا الشارح: الذي ذكره أبو موسى: سُكَيرة، وفيه قال جعفرٌ: في إسناد حديثها نظرٌ، انتهى، وقال بعض حفَّاظ المصريِّين بعد أن ذكر أنَّها أمُّ زفر، وأنَّ أبا موسى سمَّاها في «الذيل»: سُعَيرة _بالمُهْمَلات_، قال: وهو في «تفسير ابن مردويه»، وذكر ابنُ طاهر أنَّها المرأة التي كانت تأتي النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيُكرِمُها لأجل خديجة، وهو من رواية الزُّبَير بن بكَّار عن شيخٍ من أهل مكَّة قال: أمُّ زفر ماشطةُ خديجةَ.

قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (ذكر الملائكة) في (باب إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء: آمين)؛ فانظره، وقد قال المِزِّيُّ في هذا الحديث: (وعن مُحَمَّد بن سلَام، عن مَخْلَد بن يزيد)، فالظاهر أنَّه وقع في روايته كذلك منسوبًا، وليس من توضيحه؛ إذ لو كان من توضيحه؛ لقال: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام، أو يعني: ابن سلَام، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا.

(1/10237)

[باب فضل من ذهب بصره]

(1/10238)

[حديث: إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته ... ]

5653# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصَّحيحَ إثباتُ الياء في (الهادي) و (العاصي) و (أبي الموالي) و (اليماني)، والله أعلم، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّ اسمه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَمرو بن أبي عمرو ميسرةَ، مولى المطَّلِب بن عبد الله بن حَنْطَب المخزوميِّ، روى له الجماعة، مات في خلافة أبي جعفر المنصور، قال ابن معين: ضعيف، ليس بالقويِّ، وليس بحُجَّة، علقمة بن أبي علقمة أوثقُ منه)، انتهى، عمرو بن أبي عمرو ترجمته معروفةٌ فلا نطوِّل بها، وله ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (تَابَعَهُ أَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ وَأَبُو ظِلَالٍ عَنْ أَنَسٍ): الضمير في (تابعه) يعود على عَمرو مولى المطَّلب، فتابعاه على رواية ذلك عن أنسٍ رضي الله عنه، و (أشعثُ): هو بالثاء المثلَّثة، وذاك أشعبُ الطامعُ بالموحَّدة فردٌ، وصاحب الترجمة أشعث بن عبد الله بن جابر الحُدانيُّ البصريُّ الأعمى، أبو عبد الله، عن أنس، وشهر بن حَوْشَب، والحسن، وابن سيرين، وغيرِهم، وعنه: ابن بنته نصرُ بن عليٍّ الكبير، ومعمر، وحمَّاد بن سلمة، وشعبة، وغيرُهم، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، قال الذَّهَبيُّ في «التذهيب» _من غير تمييز بـ (قلت)، فالظاهر أنَّه في أصله_: (وما علمت أنَّ أحدًا ضعَّفه، قال عبد الغنيِّ بن سعيد: هو أشعث بن جابر الحُدانيُّ، وهو أشعث بن عبد الله البصريُّ، وأشعث الأعمى، وأشعث الأزديُّ، وأشعث الجمليُّ) [1]، انتهى، وقد علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له الأربعة.

قال الذَّهَبيُّ في «الميزان» حين ذكره، وقد صحح عليه: (وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ وغيره)، ثُمَّ ذكر كلام عبد الغنيِّ الأزديِّ، ثُمَّ قال: (وقد أورده العقيليُّ في «الضعفاء»، وقال: في حديثه وَهَمٌ، وقال: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق عن معمر، عن الأشعث، عن الحسن، عن عبد الله بن مُغَفَّل: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يبولنَّ أحدكم في مستحمِّه، ثُمَّ يتوضَّأ فيه، فإنَّ عامَّة الوسواس منه»، رواه ابن المبارك عن معمر، قلتُ: قول العقيليِّ: (في حديثه وَهَمٌ): ليس بمسلَّم إليه، وأنا أتعجَّب كيف لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلمٌ، انتهى.

(1/10239)

وأمَّا (أبو ظِلَال)؛ فهو بالظاء المشالة المُعْجَمة المكسورة، وتخفيف اللام، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو ظِلَال: هلال بن أبي مالك زيدٍ الأزديُّ القسمليُّ الأعمى البصريُّ، روى عنه: عبد العزيز بن مسلم القسمليُّ، وجعفر بن سليمان، ويزيد بن هارون، ومروان بن معاوية، قال يحيى بن معين: هو ضعيفٌ، روى له التِّرْمِذيُّ)، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ: (أبو ظِلَال: هلال بن أبي هلال، ويقال: ابن أبي مالك)، وفي «الميزان»: هلال بن ميمون، وهو هلال بن أبي سويدٍ، أبو ظِلَال القسمليُّ، صاحب أنسٍ، قال ابن معين: ليس بشيءٍ، وقال البُخاريُّ: مقارب الحديث، وقال ابن عديٍّ: عامَّة ما يرويه لا يُتَابِعه عليه الثقاتُ، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له التِّرْمِذيُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان».

ومتابعة أشعث لا أعلم من خرَّجها، ولم يخرِّجها شيخُنا، وقال بعض حفَّاظ العصر: متابعة أشعث وصلها أحمد في «مسنده»، وأمَّا متابعة أبي ظِلَال؛ فأخرجها التِّرْمِذيُّ في (الزهد)، وكذا أخرجها عبد بن حُمَيد عن يزيد بن هارون، عن أبي ظِلَال، عن أنسٍ، والله أعلم.

(1/10240)

[باب عيادة النساء الرجال]

قوله: (بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَالَ): (الرجالَ): مَنْصوبٌ مفعول المصدر؛ وهو (عيادة)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنَ الأَنْصَارِ): (أمُّ الدرداء) هذه: قال شيخُنا ما لفظه: وعيادة أمِّ الدرداء تُحمَل على أنَّها عَادَتْه وهي متجالة، فلا تزورُ امرأةٌ رجلًا إلَّا أن تكون ذات [1] مَحْرَم منه أو تكون متجالة يُؤمَن من مثلها الفتنة أبدًا، وقيل: كان ذلك قبل نزول الحجاب، انتهى، ففي هذا _إن صحَّ_ أنَّ (أمَّ الدرداء): هي الكبرى الصَّحابيَّة، واسمها خيرة بنت أبي حَدْرَد، صحابيَّة، ولها رواية، تُوُفِّيَت قبل أبي الدرداء، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: وكانت _يعني: الكبرى_ من فُضَلاء النساء وعُقَلائهن، وذوات الرأي منهنَّ، مع العبادة والنسك، تُوُفِّيَت قبل أبي الدرداء بسنتين، وكانت وفاتها بالشام في خلافة عثمان، وكانت حفظت عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن زوجها أبي الدرداء عُويمرِ الأنصاريِّ، روى عن أمِّ الدرداء جماعةٌ من التابعين؛ منهم: صفوان بن عبد الله بن صفوان، وميمون بن مِهْرَان، وزيد بن أسلم، انتهى، وإذا كان كذلك _أي: مثل ما قال شيخُنا: إنَّه قبل نزول الحجاب_؛ فهذه واردةٌ على المِزِّيِّ والذَّهَبيِّ؛ لأنَّهما لم يترجما لها؛ المِزِّيُّ في «التهذيب»، ولا في «فروعه» للذهبيِّ، وكأنَّهما فَهِمَا أنَّها الصغرى، والصغرى مترجمةٌ، وهي تابعيَّة، واسمها هُجَيمة _ويقال: جهيمة_ بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، ويقال: الوصابيَّة، ووصاب: بطنٌ من حِمْيَر، تَقَدَّمَتْ، وهي جليلة القَدْر رحمة الله عليها، بقيت إلى بعد الثمانين.

قوله: (رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرجل لا أعرفه.

==========

[1] في (أ): (ذا)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 528]

(1/10241)

[حديث: لما قدم رسول الله المدينة وعك أبو بكر وبلال ... ]

5654# قوله: (وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ): (وُعِكَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أبو بكر): نائبٌ مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ ما (الوعك).

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ أنَّ قوله: (كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... ): البيتين ليسا له، كما قاله عمر بن شبَّة في كتاب «المدينة»، وقد ذكرته مُطَوَّلًا.

قوله: (مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الشِّراك) ما هو.

[ج 2 ص 528]

قوله: (وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما: أنَّه تمثَّل بهما، ولمن هُما، وتَقَدَّمَ الكلام على (مِيَاه): تَقَدَّمَ أنَّه بالهاء لا التاء، وكذا (مِجَنَّةٍ): تَقَدَّمَتْ، و (شَامَةٌ وَطَفِيلُ): تقدَّما، وكذا (الْجُحْفَة)، وما الحكمة في دعائه عليه السلام أن يُجعَل بالجُحْفَة، كلُّ ذلك في (الحجِّ) قُبَيل (الصوم).

(1/10242)

[باب عيادة الصبيان]

(1/10243)

[حديث: إن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده مسمى]

5655# قوله: (أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ): هذا هو عاصم بن سُليمان الأحول، و (أَبُو عُثْمَان): هو النهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (البنت) في (الجنائز)، وأنَّها زينب، صرَّح بذلك غيرُ واحد.

قوله: (وَسَعْدٌ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ [1]): (سعدٌ): مَرْفوعٌ منوَّنٌ، وهو سعد بن عبادة، كما هو مُصرَّح به في «البُخاريِّ»، وكذا في «مسلم»، و (أُبيُّ): مَرْفوعٌ معطوف عليه.

قوله: (أَنَّ ابْنَتِي قَدْ حُضِرَتْ): تَقَدَّمَ الكلام على رواية (ابنتي) أو (ابني)، ومَن هي الابنة، ومن هو الابن، وقَدَّمْتُ في (الجنائز) أنَّ الصواب _كما قاله في «المطالع» _: (أنَّ ابني)؛ على التذكير، و (حُضِرت)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وكسر الضاد المُعْجَمة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَرُفِعَ الصَّبِيُّ): (رُفِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الصبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (تَقَعْقَعُ): هو مَرْفوعٌ محذوف إحدى التاءين؛ أي: تتقعقع.

قوله: (فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن عبادة، وقد كان معه عليه السلام.

==========

[1] (بن كعب): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 529]

(1/10244)

[باب عيادة الأعراب]

قوله: (بَابُ عِيَادَةِ الأَعْرَابِ): (الأعراب): هم سكَّان البوادي خاصَّةً، قال شيخنا: كما قال المهلَّب: إنَّه لا نقص على السلطان في عيادة مريضٍ مِن رعيَّته، أو واحدٍ من بادِيَته، ولا على العالم في عيادة الجاهل؛ لأنَّ الأعراب شأنُهم الجهلَ، كما وصفهم الله، ألا ترى ردَّ هذا الأعرابيِّ؟! انتهى.

==========

[ج 2 ص 529]

(1/10245)

[حديث ابن عباس: لا بأس طهور إن شاء الله]

5656# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (خالد) هذا: هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تَقَدَّمَ.

قوله: (عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ): هذا الأعرابيُّ لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: وقع في «مختصر ربيع الأبرار»: (أنَّ المُعَادَ اسمه قيس بن أبي حَازم)، ثُمَّ ذكر لفظَه الشاهدَ له، ثُمَّ قال: يُحَرَّر ذلك، انتهى، وقد تعقَّبتُ مقالَته قبل ذلك، كذا ذكره بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين، ثُمَّ قال: وإن صحَّ؛ فهو متَّفِقٌ مع التابعيِّ الكبيرِ المخضرمِ، وإلَّا؛ فهو وَهَمٌ، انتهى.

وقيس بن أبي حَازمٍ: مخضرمٌ ولم يره صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا أعلم أحدًا في الصَّحابة اسمه قيس بن أبي حَازم، نعم؛ فيهم: قيس بن حَازم، ذكره الحافظ أبو موسى، قال الذَّهَبيُّ: ولا يُدرَى مَن ذا، ولا شكَّ أنَّه ليس بقيس بن أبي حَازم، والله أعلم.

قوله: (طَهُورٌ): هو بفتح الطاء، ويجوز ضمُّها.

قوله: (فَنَعَمْ إِذًا): أي: فماذا كان ظنُّك؛ فكذا يكون، يُقال: إنَّه مات في ذلك المرض، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 529]

(1/10246)

[باب عيادة المشرك]

(1/10247)

[حديث: أن غلامًا ليهود كان يخدم النبي فمرض فأتاه النبي]

5657# قوله: (أَنَّ غُلَامًا لِيَهُودَ [1] كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الغلام سمَّاه ابن بشكوال في «مبهماته»: عبدَ القُدُّوس، ذكر ذلك مُحَمَّد بن أحمد العتبيُّ في «جامعه»، قال ابن بشكوال: ورَوَيْنَا ذلك عن شيوخنا بأسانيدهم إليه، وهو غريبٌ من طريقهم، قال: وما وجدناه عند غيره، ولا أعلمه في الصَّحابة، انتهى، ولا ذكره أبو عمر ابن عَبْدِ البَرِّ، ولا ابن الجوزيِّ أبو الفرج، ولا الذَّهَبيُّ في «جمعه الكبير»، ولا ابن الأثير في «الأُسْد» قبله، لكن ذكره الذَّهَبيُّ فيمن لا يُعرَف إلَّا بصاحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: غلامٌ يهوديٌّ يخدم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وذكر بعض قصَّته، ولم يسمِّه.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب)؛ لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وتعليق سعيدٍ عن أبيه أخرجه البُخاريُّ في أماكنُ مِن «صحيحه»، وأخرجه مسلمٌ والنَّسَائيُّ، وقَدَّمْتُ أنَّ (المُسَيّب): هو ابن حَزْن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عِمران بن مخزوم، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وقَدَّمْتُ أنَّه لم يروِ عنه غير ابنه سعيدٍ، وأنَّ في ذلك ردًّا على الحاكم والبَيْهَقيِّ، والله أعلم.

قوله: (لَمَّا حُضِرَ أَبُو طَالِبٍ): (حُضِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أبو طالب): نائبٌ مناب الفاعل، وقد قَدَّمْتُ متى تُوُفِّيَ أبو طالب، والاختلاف في اسم أبي طالب، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق) ذكر كلام ابن بشكوال، ثمَّ قال: (ولا أعلم في الصَّحابة أحدًا اسمه عبد القدُّوس).

[ج 2 ص 529]

(1/10248)

[باب إذا عاد مريضًا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعةً]

(1/10249)

[حديث: إن الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا]

5658# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، وقد قَدَّمْتُ جماعةً يُقال لكلٍّ منهم: يحيى، روَوا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضِها؛ فانظرهم.

قوله: (دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَعُودُونَهُ فِي مَرَضِهِ): هؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (إِنَّ الإِمَامَ لَيُؤْتَمُّ بِهِ): (يُؤتمُّ): مَرْفوعٌ؛ لأنَّ اللام في الخبر للتأكيد، و (يؤتمُّ): فعل مضارع، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه.

==========

[ج 2 ص 529]

(1/10250)

[باب وضع اليد على المريض]

(1/10251)

[حديث: اللهم اشف سعدًا وأتمم له هجرته]

5659# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْجُعَيْدُ): هو مُصَغَّرٌ، وهو الجَعْدُ أيضًا؛ مكبَّرًا، ابن عبد الرحمن، عن السائب بن يزيدَ وجماعةٍ، وعنه: يحيى القَطَّان ومكِّيٌّ، ثقةٌ، تَقَدَّمَ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، و (عَائِشَة بِنْت سَعْدٍ): هذه هي عائشة بنت سعدِ بن أبي وقَّاص مالكِ بن وُهَيب أحدِ العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وهي تابعيَّةٌ، تَقَدَّمَتْ.

قوله: (شَكْوًا): في هامش أصلنا بخطِّ بعض فُضَلاء الحنفيَّة ما لفظه: قال القاضي: («اشتكى سعد شكوَى»: مقصورٌ، والشَّكْوُ: المرض، يُقال منه: شكا يشكُو شِكايةً، وشكاوةً، وشكْوًا، وشَكوَى، قال أبو عليٍّ: التنوين رديءٌ جدًّا)، انتهى.

قوله: (وَلَمْ [2] أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً): هذه الابنة المشارُ إليها هي عائشةُ الراويةُ هنا، وهي تابعيَّة، لها رؤيةٌ، وقد ذكرتُ عن بعض الحُفَّاظ المصريِّين توهيم ذلك، وأنَّ هذه أمُّ الحكم الكبرى، وهنا اقتصر على أنَّها أمُّ الحكم الكبرى، ثُمَّ قال: كما تَقَدَّمَ في (الوصايا) موضَّحًا، انتهى، وفي «تذهيب الذَّهَبيِّ» في عائشة بنت سعد: قال ابن سعدٍ وخليفةُ: ماتت سنة سبعَ عشرةَ ومئة، قال الذَّهَبيُّ: (قلت: يُقال: عاشت أربعًا وثمانين سنةً، وهي من كبار شيوخ مالك)، انتهى، فهذا يدلُّ لِما قاله بعضُ الحُفَّاظ المتأخِّرين، وقد رُزِقَ سعدٌ بعد ذلك أولادًا عدَّدهم الدِّمْيَاطيُّ، وقد نقلتُهم من خطِّه في أوائل (البيع)، وزدتُ عليه، والله أعلم.

[ج 2 ص 529]

قوله: (وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ): هو بالمثلَّثة في أصلنا، وسأذكر كلام ابن قُرقُول فيه قريبًا؛ فانظره.

قوله: (اِشْفِ سَعْدًا): (اشف): بهمزة وصلٍ، ثُلاثيٌّ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

قوله: (وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ): (أتمم): بهمزة قطعٍ؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ): هو بِضَمِّ أوَّله، قال شيخنا: قال ابن التين: صوابه: يُخَيَّل؛ من التَّخَيُّل، قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ} [طه: 66]، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وإنِّي لَمْ).

(1/10252)

[حديث: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم.]

5660# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): هو ابن يزيد، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَهْوَ يُوعَكُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتَقَدَّمَ ما (الوعك).

قوله: (فَمَسِسْتُهُ): هو بكسر السين الأولى، أمَسُّهُ مسًّا، هذه هي اللُّغَة الفصيحة، وحكى أبو عُبيدة: مَسَسْتُ الشيءَ؛ بالفتح، أمُسُّهُ؛ بالضمِّ، وربَّما قالوا: مِسْتُ الشيءَ؛ يحذفون منه السين الأولى، ويحوِّلون كسرتها إلى الميم، ومنهم مَن لا يحوِّل، ويترك الميمَ على حالها مفتوحةً، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَعْكًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ معناه: نعم، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ) بالفتح، وتشديد النون؛ أي: بأنَّ، وكذا تَقَدَّمَ [1] (أَذًى مَرَضٌ): أنَّ (مرضًا): مَرْفوعٌ منوَّنٌ بدلٌ من (أذًى)؛ بدل بعضٍ مِن كلٍّ؛ لأنَّ الأذى أعمُّ من المرض.

==========

[1] زيد في (أ): (تقدم)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 530]

(1/10253)

[باب ما يقال للمريض وما يجيب]

(1/10254)

[حديث: أجل وما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتت عنه خطاياه]

5661# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ، وقد قَدَّمْتُ مَدركي في ذلك: أنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخه الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عيينة، وفي «التذهيب» ذكر في قَبِيصة: أنَّه روى عن سفيان، وأطلق، فحملتُ المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): إبراهيم بن يزيد التيميُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَمَسِسْتُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وكذا (يُوعَكُ)، وما (الوعك)، و (أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ): بفتح الهمزة، وتشديد النون، تَقَدَّمَ، وكذا (كَمَا تَحَاتُّ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه، و (وَرَقُ): مَرْفوعٌ فاعلٌ.

(1/10255)

[حديث: لا بأس طهور إن شاء الله. فقال: كلا .. ]

5662# قوله: (حَدَّثَنِي إسحاق: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (بعث أبي موسى ومعاذٍ إلى اليمن)، وتَقَدَّمَ قبل ذلك أيضًا، وقال شيخُنا هنا: (إسحاق): هو ابن شاهين، كما رواه الإسماعيليُّ، انتهى، و (خالد بن عبد الله): هو الواسطيُّ الطَّحَّان، أحد العلماء والصالحين، تَقَدَّمَ، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان.

قوله: (دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ _قريبًا_ لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ، وكذا قاله غيره، وما تعقَّبتُه، والله أعلم.

قوله: (طَهُورٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الطاء، ويجوز ضمُّها.

قوله: (كَيْمَا تُزِيرَهُ): هو بنصب (تُزِيرَه)، كذا في أصلنا، والكلام على (كيما) و (كي لا) معروفٌ عند النُّحَاةِ.

قوله: (فَنَعَمْ إِذًا): تَقَدَّمَ معناه قريبًا، وأنَّه قيل: إنَّه تُوُفِّيَ في ذلك المرض، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 530]

(1/10256)

[باب عيادة المريض راكبًا وماشيًا وردفًا على الحمار]

قوله: (وَرِدْفًا عَلَى الْحِمَارِ): (الرِّدْف): بكسر الراء، وإسكان الدال المُهْمَلة، وبالفاء، و (الرِّدْف): هو الذي يركب خلف الراكب.

(1/10257)

[حديث: أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب]

5663# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث) بعده: هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وأنَّ (عُقَيلًا) بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ مَن يقال له كذلك في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وأنَّ هذا هو ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

(1/10258)

قوله: (رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الحمار ليس بعُفَير، ولا يعفور، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وتَقَدَّمَ (الإِكَاف): أنَّه بكسر الهمزة وضمِّها، وتخفيف الكاف، ويُقال: وُكَاف، قاله ثعلبٌ، وهو البرذعة، وقال غيره: ما يُشَدُّ فوق البرذعة من بعض أدواتها، ولم يذكر الهرويُّ في «شرح الفصيح» غيرَه، وتَقَدَّمَ (القَطِيفَة) ما هي، و [الكلامُ] على (فَدَكِيَّة)، وأنَّها منسوبة إلى فَدَك، وتَقَدَّمَ ضبط (فدك)، وكم مسيرتها من المدينة المشرَّفة، وتَقَدَّمَ (أَرْدَفَ [1] أُسَامَةَ)، ومَن أردفه صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّ ابن منده جمع ذلك، فبلغ بهم نيِّفًا وثلاثين شخصًا، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ ابْن سَلُولَ) ترجمةً، ونطقًا، وكتابةً، وعلى قوله: (وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ)؛ أي: في الظاهر، وإلَّا؛ فما زال منافقًا كافرًا حتَّى هلك، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ)، وأنَّه غبرة حوافرها، وعلى (خَمَّرَ)؛ أي: غطَّى، وعلى (الرِّدَاء)، وما هو، وعلى قوله: (فَسَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): لعلَّه عنى المسلمين بالسلام، والله أعلم، وعلى قوله: (لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ)، وكذا هو في أصلنا، وفي الهامش: (ما أُحسِنُ مَا)؛ نسخة بِضَمِّ الهمزة، وكسر السين، وضمِّ النون، و (الرَّحْل): المنزل والمأوى، و (ابْنُ رَوَاحَةَ): هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاريُّ، من بني الحارث بن الخزرج، أبو مُحَمَّد، نقيبٌ بدريٌّ أميرٌ، استُشهِد بمؤتة، سنة ثمانٍ، مشهورُ الترجمة، رضي الله عنه، و (سَكَتُوا): بالمُثَنَّاة فوق، وقوله: (دَابَّتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الإضافة، و (أَبُو حُبَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ موحَّدتين مخفَّفتين، بينهما ألف، وأنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبد الله بن أُبَيٍّ ابنِ سلول وَلَدَ هذا المنافق كان اسمه الحُبَاب، فغيَّره النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى عبد الله، وقد استُشهِد باليمامة سنة اثنتي عشرة، و (سَعْد): هو ابن عبادة، و (الْبَحْرَة): تَقَدَّمَ ضبطها، وأنَّها البلدة، و (يُعَصِّبُوهُ): أي: يُسَوِّدوه ويُمَلِّكوه، وكانوا [2] يسمُّون السيِّدَ المطاعَ معصَّبًا؛ لأنَّه يُعَصَّب بالتاج، أو تُعصَّب به أمور الناس؛ أي: تُرَدُّ إليه وتُدَار به، وتَقَدَّمَ معنى (شَرِقَ بِذَلِكَ)، وأنَّه

(1/10259)

بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر الراء، وبالقاف؛ أي: ضاق صدره حَسَدًا منك.

[ج 2 ص 530]

(1/10260)

[حديث: جاءني النبي يعودني ليس براكب بغل ولا برذون]

5664# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة في آخره، وأنَّه ليس في الكُتُب السِّتَّة مَن اسمه عمرو بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة، والشين المُعْجَمة، ولا عُمر بن عيَّاش، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (وَلَا بِرْذَوْنٍ): (البِرذون): بكسر الموحَّدة، وهو الفَرَس الذي أبواه عجميَّان، و (العتيق) عكسُه، و (الهجين): أبوه عربيٌّ وأمُّه عجميَّة، و (المُقرِف) عكسه، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الجهاد)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 531]

(1/10261)

[باب قول المريض: إني وجع، أو: وارأساه، أو: اشتد بي الوجع]

قوله: (بَابُ قولِ المَرِيضِ: إِنِّي وَجِعٌ ... ) إلى آخره، ثُمَّ تلا قول الله تعالى حكايةً عن أيُّوب: ({أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83]): {أَنِّي}: بفتح الهمزة على الحكاية، قال شيخُنا: قول أيُّوب عليه السلام: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} ليس ممَّا يشاكل تبويبه؛ لأنَّ أيُّوب إنَّما قال ذلك داعيًا، ولم يذكره للمخلوقين، وقد ذُكِرَ أنَّه كان إذا سقطت منه دودةٌ من بعض جراحه؛ ردَّها مكانها، انتهى، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين ما لفظه: بل هو مشاكلٌ لتبويبه، ويظهر بالتأمُّل، انتهى.

قوله: (إِنِّي وَجِعٌ): هو بفتح الواو، وكسر الجيم.

==========

[ج 2 ص 531]

(1/10262)

[حديث: أيؤذيك هوام رأسك؟]

5665# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا ضبطُه، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وقَدَّمْتُ مَدركي في ذلك قريبًا وبعيدًا، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ، و (أَيُّوب): مجرورٌ معطوفٌ على (ابنِ أبي نَجِيح)، وهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (هَوَامُّ رَأْسِكَ): (الهَوامُّ) _بفتح الهاء، وتشديد الميم_ هنا: القمل.

قوله: (فَدَعَا الْحَلَّاقَ): الذي حلق رأسَ كعب بن عُجرة لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 531]

(1/10263)

[حديث: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك]

5666# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ): تَقَدَّمَ أنَّه النيسابوريُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ يحيى بن يحيى الليثيَّ عالمَ الأندلس ليس له شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة، وكُنية الأندلسيِّ أبو مُحَمَّد، و (يحيى بن يحيى) جماعةٌ، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ): (ذاكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَا رَأْسَاهْ ... ) إلى قوله: (بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ): أي: لا بأسَ عليكِ ممَّا تخافين؛ أي: إنَّك لا تُوَفَّي في هذه الأيَّام، لكن أنا أموتُ في هذه الأيَّام، والله أعلم.

قوله: (وَا ثُكْلَيَاهْ [1]): هو بِضَمِّ الثاء المثلَّثة، وإسكان الكاف، ثُمَّ لام مفتوحة، و (الثُّكْل)؛ بِضَمِّ الثاء، وإسكان الكاف: فقدان المرأة ولدها، وكذلك (الثَّكَل)؛ بفتح الثاء والكاف؛ كالبُخْل والبَخَل.

قوله: (لَظَلِلْتَ): هو بكسر اللام الأولى _نصَّ عليه الجوهريُّ_ وفتح التاء على الخطاب.

قوله: (مُعْرِسًا): هو بإسكان العين، كناية عن الجماع، ويُروى: (معَرِّسًا)؛ بالتشديد وكسر الراء [2]، وفيه نظرٌ من حيث اللغةُ.

(1/10264)

قوله: (أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ): قال ابن قُرقُول: (لأبي بكر أو آتيه): كذا لأبي ذرٍّ، وعند بعض رواته عنه: (أبي بكر وآتيه)؛ من غير شكٍّ، والصواب: (أو آتيه) إن صحَّت الرواية بالتاء، وعند الأصيليِّ والقابسيِّ والنسفيِّ: (إلى أبي بكر وابنه)، قيل: وهو وَهَمٌ، والصواب الأوَّل، قال ابن قُرقُول: وعندي أنَّ الصواب هي الثانية؛ لما رواه مسلمٌ: (لقد هممتُ أن أدعُوَ أباك وأخاك حتَّى أكتبَ كتابًا)، وتكون فائدة عبد الرحمن بن أبي بكرٍ أن يكتب الكتاب، أو يكونَ هو وأبوه شاهِدَين عليه، مع أنَّ إتيانه أبا بكر وهو في تلك الحال من شدَّة مرضه يبعدُ، والظاهر أنَّه تصحيفٌ، انتهى، وكذا قال القاضي: ولبعض رواة «البُخاريِّ»: (أو آتيه)؛ من الإتيان، وصوَّبه بعضهم، وليس كما صُوِّبَ، بل الصواب: (ابنه)؛ بالباء الموحَّدة والنون، وهو أخو عائشة، وتوضِّحه رواية مسلم: (أخاك وأباك)، ولأنَّ إتيان النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان متعذِّرًا أو متعسِّرًا، وقد عجز عن حضور الجماعة، واستخلف أبا بكر ليصلِّيَ بالناس ... إلى آخر كلامه، وهو كلامٌ حسنٌ متعيِّنٌ، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ في (باب مرض النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) شيئًا ينبغي لك أن تراجعه هنا فيما يتعلَّق بهذا، وهو حَسَنٌ.

قوله: (وَابْنِهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الرحمن.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (وا ثُكْلِياه)؛ بكسر اللام، وبهما ضُبطَ في (ق).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 531]

(1/10265)

[حديث: نعم ما من مسلم يصيبه أذى مرض فما سواه ... ]

5667# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (وَهْوَ يُوعَكُ): تَقَدَّمَ معناه، وكذا تَقَدَّمَ (مَسِسْتُهُ [1])، وكذا تَقَدَّمَ (الوَعْكُ) ما هو، و (أَذًى مَرَضٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (مرضًا) مَرْفوعٌ منوَّنٌ، وأنَّه بدلُ بعضٍ من كلٍّ؛ لأنَّ الأذى أعمُّ.

(1/10266)

[حديث: الثلث كثير أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ... ]

5668# قوله: (أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العَلَم المشهور، و (عَامِر بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص.

قوله: (وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذه البنتَ اسمُها عائشةُ، وأنَّها [1] تابعيَّة لها رؤيةٌ، وقد تَقَدَّمَ عن بعض حفَّاظ العصر توهيمُه، وأنَّها أمُّ الحكم الكبرى، و [تقدَّم] أنَّ سعدًا رُزِقَ بعد ذلك عدَّة أولادٍ ذكرتُهم في أوائل (البيع).

قوله: (كَثِيرٌ): هو بالثاء المثلَّثة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (والثلث كَبِير)؛ بالباء، ويُروى: (كَثِير)؛ بالثاء، وفي بعضها: (أو كَثِير)؛ على الشكِّ، انتهى.

قوله: (أَنْ تَدَعَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أن)، وأنَّها بالوجهين؛ الكسر على الشرط، والفتح على تأويل المصدر؛ أي: أنَّك ووذْرَهم وتركَهم أغنياءَ خيرٌ مِن تركِهم عَالَةً، قال ابن قُرقُول: وأكثر روايتنا فيه بالفتح، وقال ابن مكِّيٍّ في «تقويم اللسان»: لا يجوز هنا إلَّا الفتحُ، والله أعلم، وكذا الثانية: (خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ).

[ج 2 ص 531]

قوله: (عَالَةً): تَقَدَّمَ أنَّهم الفقراء، وتَقَدَّمَ أنَّه بتخفيف اللام، وتَقَدَّمَ (يَتَكَفَّفُونَ).

==========

[1] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/10267)

[باب قول المريض: قوموا عني]

(1/10268)

[حديث: هلم أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده]

5669# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين: ابن راشد.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

قوله: (لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُضِر): هو بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وكسر الضاد المُعْجَمة؛ أي: حضره القبضُ، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (هَلُمَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى اللُّغة الأخرى التي فيها، وتَقَدَّمَ الكلام في (الكِتَابِ) الذي همَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بكتابته ما هو، إمَّا بوحيٍ وإمَّا باجتهادٍ، ثُمَّ ترك الكتابة إمَّا بوحيٍ وإمَّا باجتهادٍ.

قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود المذكورُ في السند.

قوله: (إِنَّ الرَّزِيئَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على أنَّها مهموزٌ، ويجوز تشديدها [3]، وكذا الثانية، في أوائل هذا التعليق، وأنَّها المصيبة، وقَدَّمْتُ أنَّ أبا العَبَّاس ابن تيمية قال: إنَّ [4] عبد الله بن عَبَّاس ما قال هذا الكلام لمَّا خرجوا من عنده عليه السلام، وإنَّما قاله بعدَ حينٍ لمَّا رأى الفتن قد تفاقمت، قاله في الردِّ على ابن المطهر الرافضيِّ.

قوله: (وَلَغَطِهِمْ): تَقَدَّمَ ما (اللَّغط).

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وحدَّثني).

[3] وهي رواية «اليونينيَّة»: (الرزيَّة).

[4] زيد في (أ): (ابن)، وليس بصحيح.

[ج 2 ص 532]

(1/10269)

[باب من ذهب بالصبي المريض ليدعى له]

(1/10270)

[حديث: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله فقالت]

5670# قوله: (سَمِعْتُ السَّائِبَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي): (السائب) هذا: هو ابن يزيد بن سعيد، أبو يزيدَ، المعروف بابن أخت نَمِر، قيل: إنَّه ليثيٌّ كِنَانيٌّ، وقيل: أزديٌّ، وقيل: كنديٌّ، وقيل: هُذَليٌّ، حليف بني أُمَيَّة، وُلِدَ في السنة الثانية من الهجرة، جزم به بعض الحُفَّاظ، وقيل: سنة ثلاث، وجزم به أيضًا بعض الحُفَّاظ، وخرج في الصبيان إلى ثنيَّة الوداع يتلقَّى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من تبوك، وشهد حَجَّة الوداع، ذهبت به خالتُه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فدعا له، ومسح رأسه، وقال: (نظرت إلى خاتم النبوَّة)، أخرج له أحمد في «المسند»، والجماعةُ، ترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ بعضها، و (خالتُه): لا أعرف اسمها، غير أنَّها صحابيَّةٌ معدودةٌ فيهم، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين _كما تَقَدَّمَ_: إنَّها فاطمة، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّ فاطمةَ بنتَ شريح ذكرها أبو عبيدة في الزوجات، كما قاله الذَّهَبيُّ عن ابن بشكوال، وأمَّا أمُّه؛ فاسمها عُلَيَّة بنت شُرَيح، صحابيَّةٌ أيضًا.

قوله: (وَجِعٌ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الواو، وكسر الجيم.

قوله: (مِنْ وَضُوئِهِ): هو بفتح الواو: الماءُ، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِلَى خَاتمِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر التاء وفتحها، وتَقَدَّمَت اللُّغات فيه.

قوله: (مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى الروايات التي جاءت في صفته في أوَّل (كتاب المناقب)، و (زِرُّ) هنا في أصلنا بتقديم الزاي، وهذه من رواية إبراهيم بن حمزة، وقد قَدَّمْتُ الكلام على روايته هناك، وأنَّه رُوِيَ بتقديم الراء على الزاي، والكلام هناك في ذلك، ولم يذكروا هذا المكان، والذي ينبغي أن يجيءَ فيه ما جاء في ذاك، وقد حُكِيَ خلافٌ في المكان الذي خالف فيه إبراهيم من قبله؛ هل هو (رزُّ) أو (الحجلة)، اللهمَّ إلَّا أن يكون حدَّثه به على الوجهين في (رزِّ)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 532]

(1/10271)

[باب تمني المريض الموت]

(1/10272)

[حديث: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه]

5671# قوله: (أَحْيِنِي): هو بقطع الهمزة، وهو رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 532]

(1/10273)

[حديث: دخلنا على خباب نعوده وقد اكتوى سبع كيات]

5672# قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وقد تَقَدَّمَ قيسٌ مترجمًا، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، وأنَّه ابن الأَرَتِّ؛ بالمُثَنَّاة فوق المُشَدَّدة، وهذا ظاهِرٌ إلَّا أنَّي رأيتُ بعضَ القاهريِّين يجعله بمثلَّثة، وهو تصحيفٌ، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ): سيأتي الكلام على (الكَيِّ) في (الطِّبِّ) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ): هو بِضَمِّ القاف، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 532]

(1/10274)

[حديث: لن يدخل أحدًا عمله الجنة]

5673# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ): اسم (أبي عُبيد): سعد بن عبيد، أبو عبيدٍ الزُّهريُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ): إن قيل: فما الجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]؟ قيل: للناس فيه أجوبةٌ، ومن أحسنِها ما قاله الإمام النَّحْويُّ جمال الدين بن هشام القاهريُّ شيخُ بعض شيوخي في «المغني» له في (معاني الباء): الباء من المقابلة، وهي الداخلة على الأعواض؛ كاشتريته بألف، وكافأت إحسانَه بضِعْفٍ، وقولهم: هذا بذاك، ومنه: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، وإنَّما لم نقدِّرْها باء السببيَّة؛ كما قالت المعتزلة، وكما قال الجميع [في]: «لن يَدخُل أحدُكم الجنَّة بعمله»؛ لأنَّ المعطِي بعوضٍ قد يُعطِي مجَّانًا، وأمَّا المسبَّب؛ فلا يوجد بدون السبب، وقد تبيَّن أنَّه لا تعارض بين الحديث والآية؛ لاختلاف محمَلَي الباء؛ جمعًا بين الأدلَّة، انتهى، وقد ذكره أيضًا؛ السؤالَ والجوابَ، وذكر شيخُنا عن ابن الجوزيِّ أربعة أجوبةٍ، والله أعلم.

قوله: (إِمَّا مُحْسِنًا): (إمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

[ج 2 ص 532]

قوله: (أَنْ يَسْتَعْتِبَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: يرجع عن الإساءة، ويطلب الرضا، يُقال: استعتبته فأعتبني؛ أي: عاد إلى مسرَّتي، وكذلك استرضيته فأرضاني) انتهى، وقال ابن قُرقُول: «لعلَّه يستعتب»؛ أي: يعترف، ويلوم نفسه ويعتبها، وفي كتاب الأصيليِّ مصلَّحًا [1] بِضَمِّ الياء، وهو وَهَمٌ، وإنَّما هو يطلب الرضا، ويسأل تركَ المؤاخذة، ويلوم نفسه على ما كان منه، انتهى، وكذا قال ابن الأثير، ولفظه: واستعتب: طلب أن يُرضَى عنه ... إلى أن قال: («فلعلَّه يَستعتب»؛ أي: يرجع عن الإساءة، ويطلب الرضا).

(1/10275)

[حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى]

5674# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَام) بعده: هو ابن عروة، و (عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ): هو ابن عمِّ هشام بن عروة بن الزُّبَير.

قوله: (وَأَلْحِقْنِي): هو بقطع الهمزة، وكسر الحاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بِالرَّفِيقِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/10276)

[باب دعاء العائد للمريض]

قوله: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّها تابعيَّة لها رؤيةٌ، وأبوها هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب أحدُ العشرة، وتعليقها أخرجه في (الطِّبِّ) عن مكِّيِّ بن إبراهيم، عن الجُعَيْد، عنها، وقد تَقَدَّمَ، وأبو داود في (الجنائز)، والنَّسَائيُّ في (الفرائض) وفي (الطِّبِّ)، والله أعلم.

قوله: (اِشْفِ سَعْدًا): (اشف)؛ بهمزة وصلٍ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وهو ثُلاثيٌّ.

(1/10277)

[حديث: أذهب البأس رب الناس اشف وأنت الشافي]

5675# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عبد الله، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد التيميُّ.

قوله: (إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ): (أَتى) الأوَّل: مَبْنيٌّ للفاعل، والثاني [1]: مَبْنيٌّ للمفعول.

قوله: (أَذْهِبِ): هو بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (اِشْفِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ثُلاثيٌّ، فهمزته همزة وصلٍ.

قوله: (لَا يُغَادِرُ): أي: لا يُبقِي ولا يَترك، وهو بالغين المُعْجَمة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِي الضُّحَى: إِذَا أُتِيَ بِالْمَرِيضِ): أمَّا (عَمرو بن أبي قيس)؛ فهو الرازيُّ الأزرقُ، كوفيٌّ نزل الريَّ، عن المنهال بن عمرو، ومُحَمَّد بن المنكدر، وسِمَاك بن حرب، وآدمَ بنِ عليٍّ، ومنصورِ بن المعتمر، وطائفةٍ، وعنه: حَكَّام بن سَلْم، ويحيى بن الضُّريس، وآخرون، قيل: إنَّ أهل الريِّ أتَوا سفيان بن سعيد الثَّوريَّ يسألونه الحديثَ، فقال: أليس عندكم الأزرق؟! قال أبو داود: لا بأس به، في حديثه خطأ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له الأربعة، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (إبراهيم بن طهمان): تَقَدَّمَ، و (منصور): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المعتمر، و (إبراهيم): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ، و (أبو الضحى): مسلم بن صُبَيح، تَقَدَّمَ.

وتعليق عمرو بن أبي قيس عن منصور لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا، [وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: رويناها [2] موصولةً في «جُزء أبي العَبَّاس بن نجيح» [3] بسند صحيح إلى عمرو بن أبي قيس، انتهى] [4]، وأمَّا تعليق إبراهيم بن طهمان؛ لم أرَه أيضًا في شيء منها إلَّا ما هنا، وقال شيخُنا: أخرجه الإسماعيليُّ في «صحيحه» ... ؛ فذكره.

قوله: (وَقَالَ جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، تَقَدَّمَ، (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّمَ، وتعليق جرير به لم أرَه، وعزاه شيخُنا إلى الإسماعيليِّ، انتهى؛ أعني: حديثَه عن منصورٍ عن أبي الضحى وحدَه.

(1/10278)

[باب وضوء العائد للمريض]

قوله: (بَابُ وُضُوءِ الْعَائِدِ لِلْمَرِيضِ): (الوُضوء)؛ بِضَمِّ الواو: الفعل، ويجوز فيه فتح الواو.

==========

[ج 2 ص 533]

(1/10279)

[حديث: دخل علي النبي وأنا مريض فتوضأ فصب علي]

5676# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وقد تَقَدَّمَ ضبطه، ومعناه، ومَن لقَّبه بذلك.

قوله: (لَا يَرِثُنِي إِلَّا كَلَالَةٌ): تَقَدَّمَ الاختلاف في (الكلالة) مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 533]

(1/10280)

[باب من دعا برفع الوباء والحمى]

قوله: (بَابُ مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الْوَبَأِ [1] وَالْحُمَّى): (الوبأُ): مهموزٌ مقصورٌ، ويُمَدُّ أيضًا، وجمع المقصور: أوباء، وجمع الممدود: أوبئة، قال ابن الأثير في (الوبأ): هو الطاعون، والمرض العامُّ، وفي (القاموس): (الوَبَأ؛ محرَّكة: الطاعون، أو كلُّ مرضٍ عامٍّ، الجمع: أوباء، ويُمَدُّ، الجمع: أوبئة)، انتهى، والتحقيق: أنَّ بين الوبأ والطاعون عمومًا وخصوصًا، فكلُّ طاعونٍ وباءٌ، وليس كلُّ وبأ طاعونًا، وكذلك الأمراض العامَّة أعمُّ من الطاعون، فإنَّه واحدٌ منها، والله أعلم، وسيأتي في (باب الطَّاعون) ما قيل فيه وفي (الوبأ) إن شاء الله تعالى مُطَوَّلًا.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ الشَّافِعيَّة قالوا: يُقنَت للنازلة في جميع الصلوات، قالوا: ومنها الوبأ، والظاهر أنَّهم أرادوا به الطاعون، والله أعلم، والقول الثاني: يقنتون مطلقًا، سواء نزل نازلةٌ أم لا، والقول الثالث: لا مطلقًا، وكلُّ هذا في غير الصُّبح، والله أعلم.

(1/10281)

[حديث: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة ... ]

5677# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ.

قوله: (وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ): (وُعِكَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أبو بكر): نائبٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ ما (الوعك)، وتَقَدَّمَ أنَّ البيتين ليسا له، كما ذكره عمر بن شبَّة في كتاب «المدينة»، وتَقَدَّمَ لمن هما.

قوله: (مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ): تَقَدَّمَ ما (الشِّراك).

قوله: (إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ): (أُقلِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه الصوت، وكذا تَقَدَّمَ أنَّهما ليسا له، وتَقَدَّمَ لمن هما، وتَقَدَّمَ (الإِذْخِر)، و (الجَلِيل)، و (مِيَاه)، وأنَّه بالهاء لا بالتاء، و (مِجَنَّة): تَقَدَّمَتْ ضبطًا ومكانًا، و (شَامَةٌ وَطَفِيل)، وتَقَدَّمَ (الصَّاعُ) كم هو، وكذا (المُدُّ)، وكذا تَقَدَّمَت (الجُحْفَة) أين هي، وسببُ الدعاء عليها.

==========

[ج 2 ص 533]

(1/10282)

((76)) (كِتَابُ الطِّبِّ) ... إلى (كِتَاب اللِّبَاسِ)

قوله: (كِتَابُ الطِّبِّ): هو مثلَّث الطاء _كذا في «الصحاح» وغيرِه_: العلاج، و (الطَّبُّ)؛ بالفتح: الرجل العالم، وكذلك الطبيب أيضًا.

[ج 2 ص 533]

فائدةٌ: سُئِل العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ عمَّن يكتب حروفًا مجهولةَ المعنى للأمراض، ويسقيها للمريض، فينجح؟ فقال: الظاهر أنَّه لا يجوز؛ لأنَّه عليه السلام لمَّا سُئِل عن الرُّقى؛ قال: «اعرضوا عليَّ رقاكم»، فعرضوها، فقال: «لا أرى بأسًا»، وإنَّما أمر بذلك؛ لأنَّ منها ما يكون لغوًا، انتهى.

(1/10283)

[باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء]

قوله: (مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً): (الدَّاء)؛ بفتح الدال، ممدودٌ مهموزٌ: المرض.

اعلم أنَّه جاء في حديث أسامة بن شريك: «إلَّا داءً واحدًا؛ وهو الهرم»، وفي حديث آخر: «إلَّا السَّام؛ وهو الموت»، وفي آخر: «إلَّا السام والهرم»، فإذن الحديث ليس على عمومِه، والله أعلم.

(1/10284)

[حديث: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء]

5678# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي أحمد) هذا: مُحَمَّد بن عبد الله بن الزُّبَير، أبو أحمد، الأَسَدي مولاهم، الزُّبَيريُّ _بِضَمِّ الزاي، وفتح الموحَّدة_ الكوفيُّ، ترجمته معروفة، و (عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الرَّاء وبالموحَّدة، وهذا مشهور.

==========

[ج 2 ص 534]

(1/10285)

[باب: هل يداوي الرجل المرأة أو المرأة الرجل؟]

(1/10286)

[حديث: كنا نغزو مع رسول الله نسقي القوم ونخدمهم]

5679# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّ (المفضَّل)؛ بفتح الضاد المُعْجَمة: اسم مفعول، من (فضَّله) المُشدَّد، و (الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بالتَّصغير، وقد وقعت في أصلنا مصروفةً بالقلم، وينبغي أنَّها تكون غير [1] مصروفة؛ لأنَّ فيها العلميَّةَ والتَّأنيثَ المعنويَّ، وأنَّ (معوِّذًا) بكسر الواو المُشَدَّدة وتُفتَح، حكاهما ابن قُرقُول، و (عَفْرَاءَ)؛ بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الفاء، ممدودٌ.

==========

[1] ضُرِب على (غير) في (أ).

[ج 2 ص 534]

(1/10287)

[باب: الشفاء في ثلاث]

(1/10288)

[حديث: الشفاء في ثلاثة: شربة عسل وشرطة محجم]

5680# قوله: (حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده» _وقد ذكر هذا المكان_: (قال أبو عبد الله الحاكم: هذا هو الحسين بن يحيى بن جعفر البيكنديُّ، وقد أكثر أبو عبد الله البُخاريُّ الرواية عن ابنه يحيى، وقد بلغني أيضًا: أنَّ أباه يحيى بن جعفر قد روى عن ابنه الحسين هذا، وقال أبو نصر: هو عندي الحسين بن مُحَمَّد بن زياد القبَّانيُّ النَّيسابوريُّ، وعنده «مسند أحمد بن منيع»، وقد بلغني: أنَّ أباه كان يلزم البُخاريَّ، ويهوى هواه لما وقع له بنيسابور ما وقع)، قال الجَيَّانيُّ: (قلت: وهذا الحديث عندنا بعلوٍّ من الإسناد، فذكر إسناده به إلى أحمد بن منيع، ثُمَّ بالسَّند المذكور في هذا «الصَّحيح» إلى ابن عَبَّاس قال: «الشِّفاء في ثلاث ... »؛ فذكره، وفي آخره: «ورفع الحديث»، ثُمَّ قال: فكأنَّ شيخنا حكمَ بنَ مُحَمَّد أخذه عن البُخاريِّ)، انتهى، قال ابن عساكر في «النَّبَل» كما رأيتُه فيه: (الحسين بن مُحَمَّد بن زياد أبو عليٍّ النَّيسابوريُّ الحافظ المعروف بالقبَّانيِّ، روى البُخاريُّ عن حُسَين غير منسوب عن أحمد بن منيع، وقالوا: هو القبَّانيُّ، وقيل: هو الحسين بن يحيى بن جعفر البيكنديُّ)، انتهى، وقد ذكر القولين غير واحد من الحُفَّاظ المتأخِّرين؛ كالذَّهَبيِّ في «التذهيب» و «الكاشف» تبعًا للمِزِّيِّ.

قوله: (وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ): (المحجم)؛ بالكسر: الآلةُ التي يجتمع فيها دم الحجامة عند المَصِّ، والمحجم أيضًا: مشرط الحجَّام، والحكمة في اختصاص الحجامة بالذِّكر؛ لأنَّ أكثر إخراجهم الدَّم كذلك، وفي معناه: قطع العرق؛ وهو الفصد، لكن الأوفق لأهل البلاد الحارَّة الحجامةُ، ولأهل البلاد الباردة الفصدُ، والله أعلم.

قوله: (وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ): اعلم أنَّ الأحاديث التي جاءت في الكيِّ تضمَّنت أربعة أنواع؛ أحدها: فعله، والثَّاني: عدم محبَّته له، والثالث: الثَّناء على مَن تركه، والرابع: النَّهْي عنه، ولا تعارُض، ولله الحمدُ، فإنَّ فعله يدلُّ على جوازه، وعدم محبَّته له لا يدلُّ على المنع منه، وأمَّا الثناء على تاركيه؛ فيدلُّ على أنَّ تركه أولى وأفضل، وأمَّا النَّهْي عنه؛ فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النَّوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعله؛ خوفًا من حدوث الدَّاء.

(1/10289)

فائدةٌ: في كتاب «التَّذكرة» للقرطبيِّ في (باب من يدخلِ الجنَّة بغير حساب) في أوائل النِّصف الثاني ما لفظه: (وقد كوى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نفسه)، فيما ذكر الطَّبريُّ في كتاب «آداب النفوس» له، وذكر الحليميُّ في كتاب «منهاج الدِّين»: (واختلفتِ الرواية في الكيِّ؛ فرُوِي: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم اكتوى مِن الكَلْم الذي أصابه في وجهه يوم أُحُد»، ثُمَّ ذكر أنَّه كوى جماعة من أصحابه مسمَّين)، انتهى، وقد ذكر شيخنا في «شرحه» لهذا الكتاب كلامًا لابن التِّين، وفي آخره: (وإلَّا؛ فقد اكتوى وهو سيِّد هذه الأمَّة)، والظاهر أنَّه من تتمَّة كلام ابن التَّين، انتهى، وذكر أبو عبد الله ابن قَيِّم الجَوزيَّة الإمام الحنبليُّ ما لفظه: (وتداوى _يعني: النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم_ وكوى ولم يكتوِ)، انتهى، وابن القَيِّم مُتأخِّر كثير الاستحضار، وإن كان غيره مُثبِتًا وهو نافٍ، والله أعلم ما كان، ثُمَّ اعلم أنِّي أنا أتوقَّف في كيِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نفسه؛ لما رُوِي: «لم يتوكَّل مَن استرْقى واكتوى»، رواه النَّسَائيُّ في «الكبرى»، وابن ماجه، والطَّبَرانيُّ واللَّفظ له إلَّا أنَّه قال: أو من حديث المغيرة بن شعبة، وقال التِّرْمِذيُّ: «من اكتوى أو استرقى؛ فقد برئ مِن التَّوكُّل»، وقال النَّسَائيُّ: «ما توكَّل من اكتوى أو استرقى»، والله أعلم، اللَّهمَّ إلَّا أن يُتأوَّل بتأويل صحيح.

قوله: (رَفَعَ الْحَدِيثَ): تَقَدَّمَ أنَّ قوله: (يرفعه)، أو (يبلغ به)، أو (رواية)، أو (يَنْمِيه) مَرْفوعٌ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، والله أعلم.

(1/10290)

قوله: (رَوَاهُ الْقُمِّيُّ عَنْ لَيْثٍ): (القُمِّيُّ)؛ بِضَمِّ القاف، وتشديد الميم، وقمٌّ: بلد بجهة الريِّ، قاله ابن قُرقُول في (القُمِّيِّ)، وسمَّاه ونسبه، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو الحسين يعقوب بن عبد الله بن سعد بن مالك القُمِّيُّ الأشعريُّ ابن عمِّ الأشعث بن إسحاق الأشعريِّ، روى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ) انتهى، فقوله: (روى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ)؛ فاعلم أنَّه رقم عليه في «التَّذهيب» و «الكاشف»: (خت، 4)؛ يعني: روى له أصحاب «السُّنن» الأربعة، وكذا رقم عليه في «الميزان»، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، قال النَّسَائيُّ: ليس به بأس، وقال الطَّبَرانيُّ: ثقة، وقال الدَّارقطنيُّ: ليس بالقويِّ، له ترجمة في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (174 هـ)، وتعليقه هذا لم أره في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: (أسنده أبو نعيم في «الطِّبِّ» ... )؛ فذكره.

و (ليث): هو ابن أبي سُلَيم الكوفيُّ، ترجمته معروفة، وهو أبو بكر، القرشيُّ مولاهم، الكوفيُّ، أحد العلماء، عن مجاهد وطبقته، ولا نعلمه لقي صحابيًّا، وعنه: شعبة، وزائدة، وجَرِير، وخلق، وفيه ضعف يسير مِن سوء حفظه، وكان ذا صلاة وصيام وعلم كبير، وبعضهم احتجَّ به، تُوُفِّيَ سنة (138 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا كما ترى، ومسلم مقرونًا، والأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

(1/10291)

[حديث: الشفاء في ثلاثة: شرطة محجم أو شربة عسل]

5681# قوله: (أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ): (سريج) هذا: بالسين المُهْمَلة، وفي آخره جيم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ مَن يقال [له]: سريج _كهذا_ في «البُخاريِّ» و «مسلم»: أحمد بن أبي سُرَيج، روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه»، واسم أبي سريج: الصَّبَّاح، وقيل: هو أحمد بن عمر بن أبي شُرَيح، وسُرَيج بن النُّعمان روى عنه البُخاريُّ أيضًا، وذكر الجَيَّانيُّ أنَّ مسلمًا روى عن واحد عنه، فالله أعلم، وسُرَيج بن يونس هذا صاحب الترجمة حديثه في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم.

قوله: (فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المحجم) أعلاه، وأنَّه بالكسر: الكأس والمِشراط.

قوله: (وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام على (الكيِّ).

(1/10292)

[باب الدواء بالعسل ... ]

قوله: (بَابُ الدَّوَاءِ بِالْعَسَلِ): (الدَّواء)؛ بفتح الدَّال، وبالمدِّ وبكسر الدَّال معه، ذكرهما غير واحد؛ منهم: الجوهريُّ وابن قُرقُول.

قوله: ({فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]): اعلم أنَّه اختُلِف في الضمير في {فِيهِ}؛ هل هو عائد على القرآن أو على العسل؟ قولان؛ فقيل: على القرآن، قاله مجاهد، وقال آخرون: على العسل، رُوِي ذلك عن ابن مسعود، وابن عَبَّاس، وهو [قول] الحسن، وقتادة، قال شيخنا: (وهو أولى؛ بدليل حديث الباب)، وكذا قاله ابن قَيِّم الجَوزيَّة، ولفظه: (والصَّحيح: رجوعه إلى الشراب، وهو قول ابن مسعود، وابن عَبَّاس، والحسن، وقتادة، والأكثرين، فإنَّه هو المذكور، والكلام سِيق لأجله، ولا ذِكْرَ للقرآن في الآية، وهذا الحديث الصَّحيحُ _وهو قوله: «صدق الله» _ كالصَّريح فيه، والله أعلم)، انتهى.

[ج 2 ص 534]

(1/10293)

[حديث: كان النبي يعجبه الحلواء والعسل.]

5682# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا ظاهِرٌ معروف.

قوله: (يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحلواء) بالمدِّ والقصر، وتَقَدَّمَ ما هي.

==========

[ج 2 ص 535]

(1/10294)

[حديث: إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم]

5683# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الْغَسِيلِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، وكسر السِّين، وأنَّه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الغَسِيل ابن أبي عامر الأنصاريِّ.

قوله: (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ): قال شيخنا: (قال ابن التِّين: صوابه: «أو يكن»؛ لأنَّه مجزوم بـ «إن»، ولعلَّ هذا قبل أن يعلم أنَّ لكلِّ داءٍ شفاءً).

قوله: (فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ (المحجم)؛ بالكسر: الكأس والمشراط أيضًا.

قوله: (أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ): (اللَّذعة) بالذال المُعْجَمة، والعين المُهْمَلة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الكيِّ) في أوَّل (كتاب الطِّبِّ).

(1/10295)

[حديث: صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلًا]

5684# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمة، وتَقَدَّمَ الكلام على عَبَّاس بن الوليد؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، وكم الثَّاني في مكان من «الصَّحيح»، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، تَقَدَّمَ، و (سَعِيدٌ) بعده: هو ابن أبي عَروبة، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: عليُّ بن دُوَادٍ، مشهور، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ): (الرَّجل وأخوه) لا أعرفهما.

قوله: (يَشْتَكِي بَطْنُهُ [1]): (بطنُه): مَرْفوعٌ فاعل، وينبغي أن يجيء فيه ما جاء في (اشتكت عينُها)، فإنَّها مثل هذه المسألة بعينها، وقد قَدَّمْتُ الكلام فيها أنَّهم قالوا: فيها الرَّفع والنصب، ورجَّح بعضهم الرَّفعَ _والله أعلم_؛ لرواية: (عيناها).

قوله: (صَدَقَ اللهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ): قال شيخنا: (قال قتادة من حديث أبي سعيد: «صدق القرآنُ، وكذب بطنُ أخيك»).

قوله: (فَبَرَأَ): كذا هو في أصلنا، وهما لغتان؛ بَرأَ، وبَرِئ، وقال ابن التِّين _كما نقله شيخنا_: (إنَّه يجوز فيه الشيئان).

(1/10296)

[باب الدواء بألبان الإبل]

(1/10297)

[حديث: أن ناسًا كان بهم سقم قالوا: يا رسول آونا]

5685# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، نسبة إلى جدِّه، وأنَّه يجوز فيه: الفراهيديُّ الفُرهوديُّ، و (سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ): هو بتشديد اللَّام.

قوله: (أَنَّ نَاسًا كَانَ بِهِمْ سَقَمٌ): تَقَدَّمَ في «الصَّحيح»: (أنَّ نفرًا مِن عرينة)، ورُوِي: (من عكل)، ورُوِي: (من عكل أو عرينة) على الشَّكِّ، ورُوِي: (مِن عكل وعرينة) من غير شكٍّ، ورُوِي: (أنَّ ناسًا) كما هنا، ولم يذكر مِن أيِّ قبيلة هم، والكلُّ في «الصَّحيح» مِن حديث أنس، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (عكل) و (عرينة) في مكانه، وأنَّهم كانوا ثمانية، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقد تَقَدَّمَ، وقيل: كانوا سبعة.

قوله: (فَأَنْزَلَهُمُ الْحَرَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحرَّة)، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

قوله: (فِي ذَوْدٍ لَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود).

فائدةٌ: اللِّقاح التي خرجوا إليها كانت خمسَ عشرةَ غزارًا، وردت إلى المدينة، ولم يُفقَد منها غير واحدة تدعى: الحنَّاء، فسأل عليه السَّلام عنها، فقيل: نحروها، انتهى.

قوله: (قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه يسار؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالسين المُهْمَلة، صَحَابيٌّ معدودٌ فيهم، وهو مولاه عليه السَّلام.

قوله: (فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ): تَقَدَّمَ أنَّ أمير القوم يومئذٍ سعيد بن زيد أحدِ العشرة، قاله ابن عقبة، كما عُزِي إليه، وفي كلام بعضهم: أنَّه الأشهليُّ، وقال ابن سعد: فبعث في أثرهم عشرين فارسًا، واستعمل عليهم كرز بن جابر الفهريَّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البعث كان في شوَّال سنة ستٍّ عند ابن سعد، وقَدَّمْتُ تنبيهًا على غلطٍ وقعَ في ذلك لبعض الحُفَّاظ في (باب قصة عكل وعرينة).

قوله: (يَكْدمُ الأَرْضَ): هو بفتح أوَّله، وكسر الدَّال وضمِّها؛ لغتان في «الصِّحاح»، واقتصر ابن قُرقُول على الكسر؛ أي: يعضُّها بفيه مِن شدَّة الوجع أو شدَّة العطش.

قوله: (بِلِسَانِهِ): كذا هنا، قال ابن قُرقُول: وفي (كتاب الطِّبِّ): (بلسانه)، وهو مُغيَّر من «أسنانه»، لا يكون باللِّسان، وكما جاء في الرِّواية الأخرى: «يعضُّون الحجارة») انتهى.

قوله: (قَالَ سَلَّامٌ): هو بتشديد اللَّام، كما تَقَدَّمَ قريبًا، وهو ابن مسكين المذكور في السند.

(1/10298)

قوله: (فَبَلَغَنِي): الذي بلَّغ سلَّامًا لا أعرفه.

قوله: (أَنَّ الْحَجَّاجَ): هذا هو الحَجَّاج بن يوسف الثَّقفيُّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته في (الحجِّ).

قوله: (بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ): (أشدِّ): مجرور؛ لأنَّه مضاف، وكلُّ ما لا ينصرف إذا عُرِّف [1] أو أُضِيف؛ انجرَّ بالكسرة.

قوله: (فَبَلَغَ الْحَسَنَ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام، وهو مَنْصوبٌ مفعولٌ.

قوله: (وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ): (ودِدتُ)؛ بكسر الدَّال الأولى، وقد تَقَدَّمَ، وهو معروف.

(1/10299)

[باب الدواء بأبوال الإبل]

قوله: (بَابُ الدَّوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدَّواء) بالمدِّ مع فتح الدَّال وكسرها.

قوله: (بِأَبْوَالِ الإِبِلِ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك، وسيأتي الكلام على التَّداوي أيضًا بالأشياء النَّجسة قريبًا في هذا الكتاب.

(1/10300)

[حديث: أن ناسًا اجتووا في المدينة فأمرهم النبي أن يلحقوا]

5686# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذيُّ.

قوله: (أَنَّ نَاسًا): تَقَدَّمَ الكلام عليهم أعلاه وقبله أيضًا.

[ج 2 ص 535]

قوله: (اجْتَوَوْا [1] الْمَدِينَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: استوبلوا واستوخموا؛ ومعناه: كرهوها؛ لمرض أصابهم بها)، وفرَّق بعضهم بين «اجتَوَوا» و «استوبلوا»، فجعل «اجتَوَوا»: كرهوا الموضع وإن وافق، و «استوبلوا»: إذا لم يوافقه وإن أحبَّه)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ اسم راعيه يَسار، وأنَّه مولى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رضي الله عنه.

قوله: (حَتَّى صَلَحَتْ): بفتح اللَّام، ويجوز ضمُّها.

قوله: (وَسَاقُوا الإِبِلَ): تَقَدَّمَ كم كانت الإبل قريبًا وبعيدًا جدًّا.

قوله: (فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ): تَقَدَّمَ الكلام على أمير هذه السَّريَّة قريبًا وبعيدًا، وأنَّهم كانوا عشرين فارسًا.

قوله: (وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ): قال الدِّمْيَاطيُّ: («سمَر»: كحَّل بالمِسمار المحمَّاة وسمل، أو فقأها بالشوك، وقيل: بالحديدة المحمَّاة، تُدنَى مِن العين حتَّى يذهب نظرُها)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («وسمر أعينهم»؛ بالتخفيف: كحلها بالمسامير المحمَّاة، وضبطناه عنهم في «البُخاريِّ» بتشديد الميم، والأوَّل أوجه، ويروى: «سمل»؛ باللَّام، ومعناه مُتقارِب، وقال: بُعَيد ذلك: «سمل أعينهم»؛ أي: فقأها بالشَّوك، وقيل: بحديدة محمَّاة، تُدنَى مِن العين حتَّى يذهب نظرها، وعلى هذا: تتَّفق مع رواية مَن قاله بالرَّاء؛ إذ قد تكون هذه الحديدةُ مسمارًا، وكذلك أيضًا قد يكون فقؤُها بالمِسمار، وسملها به، كما يُفعَل بالشوك)، انتهى.

قوله: (قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ): يريد: حدَّ المحارب، والذي فعله صلَّى الله عليه وسلَّم بهم كان هو الحدُّ، ثُمَّ نُسِخ بالقرآن، وقيل: إنَّهم فعلوا مثل ذلك بالرَّاعي، فعوقبوا بمثل ما أَتَوه، انتهى ما قاله شيخنا، ولا شكَّ أنَّهم فعلوا مثل ذلك بالراعي، فعوقبوا بمثله، فغرزوا الشَّوك في عينيه، وهذا في «مسلم» وغيره، وعطَّشوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآله، والقطع على الحرابة، والقتلُ على الرِّدة، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (في).

(1/10301)

[باب الحبة السوداء]

قوله: (بَابُ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ): (الحبَّة السَّوداء): هي الشونيز كما سيجيء مِن قول ابن شهاب، وسيأتي ضبط (الشونيز)، قال ابن قُرقُول: و («الحبَّة السَّوداء»: الشونيز، ويقال: شِئْنِيزُ، وكذا فسَّرنا الشُّونيز، وقال الحسن: هي الخردل، حكاه الحربيُّ عنه، وحكى ابن الأنباريِّ: أنَّها الحبَّة الخضراء، واختُلِف في الحبَّة الخضراء؛ فقيل: هي الشونيز، والعرب تُسمِّي الأخضر أسود، والعكس، وقيل: الحبَّة الخضراء: ثمر البُطم، وقيل: الحبَّة الخضراء: الرازِيانِخ؛ وهو حبُّ البَسباس)، انتهى، وقال في (الشُّونيز) ما لفظه: (بالفتح قيَّدناه، وقال ابن الأعرابيِّ: هي الشِّئْنيز، كذا تقوله العرب، وقال غيره: شونيز)، انتهى، وقد ذكر شيخنا عن القُرْطُبيِّ: (أنَّه بفتح الشِّين، وقال غيره: بالضَّمِّ)، انتهى، ولم يذكر ابن الأثير في (الحبَّة السوداء) غير الشونيز، وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: («الحبَّة السَّوداء»: الشُّونيز، هذا هو الصواب المشهور الذي ذكره الجمهور)، انتهى، وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهدي»: (وكلاهما وَهَم)؛ يعني: القول بأنَّها الخردل أو البُطم، قال: (والصَّواب: أنَّها الشونيز، ثُمَّ ذكر ما فيها مِن المنافع)، انتهى، وقد ذكر الأطبَّاء فيها نحوَ اثنين وعشرين منفعةً، وقد نقل شيخنا عن الموفَّق البغداديِّ أنَّه الكمُّون الأسود، ويُسمَّى: الكمُّون الهنديَّ، فتحصَّلنا في (الحبَّة السَّوداء) على أقوال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 536]

(1/10302)

[حديث: إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام]

5687# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن موسى العَبْسيُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو شيخ البُخاريِّ، وسمع مِن واحد عنه، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (خَالِد بْن سَعْدٍ): يروي عن مولاه أبي مسعود الأنصاريِّ، وحذيفةَ، وعائشةَ، وغيرِهم، وعنه: حَبِيب بن أبي ثابت، ومنصور، والأعمش، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين، وذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، وأخرج له البُخاريُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ): (غالب) هذا: ابن أَبْجَر؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ جيم مفتوحة، ثُمَّ راء، المزنيُّ، ويقال: غالب بن ذِيخ، ويقال: ابن ذريخ، صَحَابيٌّ معدودٌ فيهم، له أحاديثُ عند البصريِّين، ومنها: شريك عن منصور، عن أبي الحسن عبيدٍ، عن غالب بن ذيخ مرفوعًا في الحُمُر الأهليَّة، وإسناده مُضطرب معلول، لغالبٍ هذا في «سنن أبي داود» هذا الحديثُ في الحُمُر الأهليَّة، وأخرج له بقيٌّ في «مسنده» حديثًا واحدًا، والظاهر _والله أعلم_ أنَّه في الحُمُرُ الأهليَّة الذي أشرت إليه.

(1/10303)

قوله: (فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ): اسمه عبد الله بن أبي عَتيق _واسمه مُحَمَّد_ ابن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، عن عمَّة أبيه عائشة رضي الله عنها وابن عمر، وعنه: ابناه؛ مُحَمَّد وعبد الرَّحمن، وشُرَيك بن أبي نمر، وخالد بن سعد، وجماعة، وَثَّقَهُ العِجْليُّ وغيره، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وذكر شيخُنا في ابن أبي عتيق هذا قولين؛ أحدهما _وقدَّمه_: أنَّه عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر، والقول الآخر: أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرحمن، ثُمَّ قال: ذكرهما ابن التِّين، انتهى، وفي قوله: (عبد الرَّحمن) نظرٌ، وكذا في قوله: (مُحَمَّد بن عبد الرحمن)؛ إنَّما هو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر، كما قدَّمته، والله أعلم، والحديث المذكور هنا ذكره المِزِّيُّ في ترجمة عبد الله بن أبي عتيق _واسمه مُحَمَّد_ ابن عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق عن عائشة، وعزاه إلى «البُخاريِّ» و «ابن ماجه»؛ كلاهما في (الطِّبِّ) عن عبد الله ابن أبي شيبة به، والله أعلم.

تنبيهٌ: عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر؛ كلاهما مِن ذريَّة أبي بكر الصِّدِّيق، وهما يرويان عن عائشة رضي الله عنها، وحديثهما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، فالأوَّل منهما: من ولد مُحَمَّد بن أبي بكر الذي ولدتْه أسماءُ بنت عميس بالشَّجرة، وهو أخو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، والثاني: هذا الذي روى هنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الأوَّل مذكور في «البُخاريِّ» و «مسلم» من رواية مالك عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله: أنَّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة: أنَّه عليه السَّلام قال لها: «ألم تَرَي أنَّ قومَك حين بنَوا الكعبة ... »؛ الحديث، ولأبي مسعود في «أطرافه» وَهَمٌ حين جعل الحديثين _بل الأحاديثَ كلَّها_ لعبد الله بن أبي عتيق، والأئِمَّة خالفوه في ذلك، فذكروا ذلك على الصواب، وقد تَقَدَّمَ في (الحجِّ).

قوله: (أقْطِرُوهَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الطَّاء، رُبَاعيٌّ، ويجوز وصل الهمز، وضمُّ الطاء، ثُلاثيٌّ، قال الجوهريُّ: (وقد قطر الماء وغيره يقطرُ قطْرًا، وقطرتُه أنا؛ يتعدَّى ولا يتعدَّى)، انتهى، فيُقرَأ الحديثُ بالقطع والوصل، والله أعلم.

(1/10304)

قوله: (مِنْ كُلِّ دَاءٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدَّاء): المرض، وقوله: (من كلِّ داء): هو مثل قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25]؛ أي: كلُّ شيء يقبلُ التَّدميرَ ونظائره.

==========

[ج 2 ص 536]

(1/10305)

[حديث: في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام]

5688# قوله: (إِلَّا السَّامَ ... ) إلى (الْمَوْتُ): (السَّام)؛ بغير همز، وقد رُوِي في حديث دخول اليهود على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (فقالوا: السَّأم عليكم): كذا رُوِي مهموزًا مِن (السَّأم)؛ ومعناه: إنَّكم تسأمون دينكم، والمشهور فيه: تركُ الهمز، وهو معتلٌّ؛ يعنون به: الموت، وقد ذكره ابن قُرقُول في «مطالعه» في (السِّين) قبل أن ينتقل إلى (السِّين مع الباء)، أو (مع التَّاء)، أو مع شيء مِن الحروف، وظاهر إخراجه له هناك: أن يكون مهموزًا، [قال]: («إنَّما يقولون: السَّام عليكم»، فيه تأويلان)، فذكرهما، ثُمَّ قال: (وقد جاء في الحديث: «في الحبَّة السَّوداء شفاءٌ من كلِّ داء إلَّا السَّامَ، والسَّام: الموت»)، فإخراجه اللَّفظة يدلُّ على أنَّها عنده مهموزة، ولم أره ذكرها في المعتلِّ، وقد ذكرها الجوهريُّ في المعتلِّ، قال: (والسَّام الموت)، وكذا ذكرها غيره، والله أعلم.

(1/10306)

[باب التلبينة للمريض]

[ج 2 ص 536]

قوله: (بَابُ التَّلْبِينَةِ لِلْمَرِيضِ): قد ذكرت الكلام على (التَّلبينة) ما هي في (كتاب الأطعمة)؛ فانظره إن أردته، وأنَّه يقال: تلبين وتلبينة.

(1/10307)

[حديث: إن التلبينة تجم فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن]

5689# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن المبارك شيخ خراسان، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (تُجِمُّ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: («تجمُّ»؛ أي: تريحه، وقيل: تجمعه، وتكمل صلاحه ونشاطه)، انتهى، وتَقَدَّمَ كلام شيخنا عن ابن بَطَّال ما معناه: أنَّه بالخاء المُعْجَمة، ثُمَّ قال: (ومنه حديث الصَّادق اللِّسان المخموم القلب)، انتهى.

قوله: (وَالمَحْزُونِ [1] عَلَى الْهَالِكِ): تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ) في (الأطعمة).

(1/10308)

[حديث: كانت عائشة تأمر بالتلبينة وتقول هو البغيض النافع]

5690# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، وبالمدِّ في آخره.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10309)

[باب السعوط]

قوله: (بَابُ السَّعُوطِ): هو بفتح السِّين، وضمِّ العين، وبالطَّاء المُهْمَلات، و (السَّعُوط): ما يُجعَل في الأنف من الأدوية، يقال منه: سعطتُه وأسعطتُه، حكاهما أبو زيد.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10310)

[حديث: احتجم النبي وأعطى الحجام أجره واستعط]

5691# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو ابن خالد الحافظ، و (ابْن طَاوُوسٍ): عبد الله، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ): (الحجَّام): هو أبو طيبة، وسيأتي قريبًا الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10311)

[باب السعوط بالقسط الهندي البحري]

قوله: (بَابُ السَّعُوطِ بِالْقُسْطِ الْهِنْدِيِّ الْبَحْرِيِّ وَهُوَ الْكُسْتُ): تَقَدَّمَ الكلام على (القسط)، ونقل شيخنا في (القسط) لغةً ثالثةً عن كتاب «المُنْتَهى»، ولفظه: (الكُست، والكُسْطُ، والقسط؛ ثلاث لغات).

قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {قُشِطَتْ}): يعني: قرأ: {وَإِذَا السَّمَاءُ قُشِطَتْ} في (التكوير [الآية: 11]):، و (عبد الله): هو ابن مسعود رضي الله عنه، وهي شاذَّة.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10312)

[حديث: عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية]

5692# 5693# قوله: (سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، و (عُبَيْد اللهِ) بعدَه: هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تَقَدَّمَ، و (أُمُّ قَيْسٍ): آمنة بنت وهب بن محصن، قاله السُّهيليُّ، وقال أبو عمر: جذامة، قال ذلك بعض مشايخي، وليس ذلك في «الاستيعاب»، ترجمتها معروفة، أخرج لها الجماعة وأحمد في «المسند» رضي الله عنها.

قوله: (ويُسْتَعَطُ بِهِ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (مِنَ الْعُذْرَةِ): هي بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وإسكان الذَّال المُعْجَمة، ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال في «المطالع»: (وهو وجع الحلق، قاله ابن قتيبة، وقال أبو عليِّ: اللَّهاةِ، وقال غيره: وهو قريب من اللَّهاة)، انتهى، وفي «النهاية»: («العُذْرة»؛ بالضمِّ: وجع في الحلق يهيج من الدَّم، وقيل: هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق، يعرض للصبيان عند طلوع العذرة، فتعمد المرأة إلى خرقة، فتفتلها فتلًا شديدًا، وتُدخِلها في أنفه، فتطعن ذلك الموضع، فيتفجَّر منه دمٌ أسودُ، وربَّما أقرحه، ذلك الطَّعن يسمَّى: الدغر، يقال: عذرت المرأة الصَّبيَّ؛ إذا غمزت حلقه مِن العُذرة أو فعلت به ذلك، وكانوا بعد ذلك يعلِّقون عليه علاقًا؛ كالعُوذة).

قوله: (وَيُلَدُّ بِهِ): (يُلدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، واللَّدود؛ بفتح اللَّام: الدَّواء الذي يُصَبُّ من أحد جانبي الفم، وهما لديداه، ولددْتُه: فعلتُ ذلك به.

قوله: (مِنْ ذِي الْجَنْبِ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (ذاتِ)، قال ابن قُرقُول: (قال التِّرْمِذيُّ: هو السِّلُّ، وفي «البارع [1]»: هو الذي يطول مرضه، وقال النضر: هو الدُّبيلة؛ وهي قرحة تثقب البطن، وقال بعضهم: الشوصة)، انتهى.

قوله: (بِابْنٍ لِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ): ابن أمِّ قيس بنت محصن البائل لا أعرف اسمه، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ أسماء الجماعة الصِّغار الذين بالوا في حجره عليه السَّلام قبل ذلك في أوائل هذا التعليق وقريبًا أيضًا، وهم: الحسن، والحسين، وابن الزُّبَير، وابن أمِّ قيس بنت محصن، وسليمان بن هاشم بن عتبة بن عبد شمس بن عبد مناف.

(1/10313)

[باب: أي ساعة يحتجم؟]

قوله: (بَابٌ: أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ): تنبيهٌ: الحجامة في أيَّام الأسبوع وفي وقت من الشهر لم يصحَّ فيه شيء عند البُخاريِّ؛ فلذلك لم يتعرَّض له.

واعلم أنَّ الحجامة ورد النَّهْي عنها يوم السَّبت، ويوم الأحد، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، ويوم الخميس، ويوم الجمعة، ولم يسلَم مِن النَّهْي إلَّا يوم الاثنين، ثُمَّ إنِّي رأيت النَّهْي عنها يوم الاثنين، وكلُّه ضعيف، وقد أطال ابن القَيِّم فيها النَّفَس في «الهدي»، وذكر النَّهْي عنها في يوم كذا، ويوم كذا، وكلُّه ضعيف، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال العقيليُّ: ليس يثبت في التَّوقيت في الحجامة شيءٌ في يوم بعينه، ولا في الاختيار في الحجامة والكراهية شيء يُثبَت، قال ابن مهديٍّ: ما صحَّ في الحجامة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيءٌ إلَّا الأمر بها، والله أعلم.

تنبيهٌ: أستحضر أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم احتجم مَرَّاتٍ، فاحتجم مرَّة في وسط رأسه، ومرَّة على ظهر قدمه، واحتجم في الأخدعين، واحتجم في الكاهل؛ وهو بين الكتفين، واحتجم على وركه كما رواه جابر، وفي «مسند أبي يعلى»: (أنَّه احتجم على قرنه بعدما سُمَّ)، أخرجه من حديث عبد الله بن جعفر، والقَرْن: جانبُ الرأس، وهو غير وسط الرأس، والظاهر أنَّه احتجم مرَّة كذا، ومرَّة كذا، ويحتمل أنَّه احتجم في وسط رأسه قريبًا مِن القرن، فأطلق الراوي عليه ذلك؛ لقربه، فإن كان غير الوسط؛ فقد احتجم سبع مَرَّاتٍ، وإن كان هو؛ فستًّا، وروى أبو نعيم في (الطِّبِّ) عن عبد الرحمن بن عثمان: (أنَّه عليه السَّلام احتجم تحت كتفه اليسرى مِن الشاة التي أكل بخيبر)، في إسناده ضعفٌ، وهذا ثامنٌ أو سابعٌ، وقد رأيت حديثًا ضعيفًا: (أنَّه احتجم ثلاثًا في النُّقرة، والكاهل، ووسط الرَّأس، وسمَّى الواحدة: النَّافعة، والأخرى: المُعِينة، والأخرى: مُنقِذة)، والله أعلم.

قوله: (وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا): (أبو موسى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، قال شيخنا: (أخرجه ابن أبي شيبة).

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10314)

[حديث: احتجم النبي وهو صائم.]

5694# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عين ساكنة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج الحافظ، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد أبو عُبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10315)

[باب الحجم في السفر والإحرام]

[ج 2 ص 537]

قوله: (قَالَهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ): هو عبد الله بن مالكٍ ابنُ بُحينة، وبُحينة أمُّ عبد الله، لا أمُّ مالك، بل هي زوجة مالك، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وقَدَّمْتُ كيف تُكتَب وكيف تُقرَأ، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (الحجِّ)، وسيأتي في (الطِّبِّ) قريبًا، وأخرجه مسلم، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه.

(1/10316)

[حديث: احتجم النبي وهو محرم]

5695# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (سفيان) هذا: هو ابن عيينة، و (عَمْرو): هو ابن دينار، (وَعَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

(1/10317)

[باب الحجامة من الداء]

قوله: (بَابُ الْحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدَّاء): المرضُ.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10318)

[حديث: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري]

5696# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ): اعلم أنَّه اختُلِف في أجرة الحجَّام؛ فقال الأكثرون سلفًا وخلفًا: لا يحرُم كسبُه ولا أكلُه، لا على الحرِّ ولا على العبد، وهو المشهور مِن مذهب أحمد، وفي رواية عنه قال بها فقهاء المُحدِّثين: يحرُم على الحرِّ دون العبد، مُعتمِدين الأحاديث الواردة في النَّهْي عن كسب الحجَّام وشبهها، وهو وجهٌ في مذهب الشَّافِعيِّ، واحتجَّ الجمهور بحديث ابن عَبَّاس وغيره: أنَّه عليه السَّلام احتجم وأعطى الحجَّام أجره، وحملوا الأحاديث على التَّنزيه والارتفاع، والله أعلم.

قوله: (حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ): ضبطُه كمدينة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم طيبةَ، واسمه دينار، وقيل: ميسرة، وقيل: نافع، قال بعض أشياخي: (قال ابن الحَذَّاء: عاش مئة وثلاثًا وأربعين سنة)، انتهى، كان عبدًا لبني بياضة رضي الله عنه.

قوله: (وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ): تَقَدَّمَ ما (الصَّاع).

قوله: (وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ): هو بفتح الياء، ثُمَّ هاء الضَّمير، وهذا ظاهِرٌ، تَقَدَّمَ مَن (مَوَالِيهِ).

قوله: (فَخَفَّفُوا عَنْهُ): تَقَدَّمَ أنَّه خُفِّف عنه صاعٌ مِن خَراجه.

قوله: (وَلَا تُعَذِّبُوا [1] صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ الْعُذْرَةِ): (الغَمْز)؛ بفتح الغين المُعْجَمة، وإسكان الميم، وبالزَّاي؛ وهو رفع اللَّهاة بالإِصبع، و (العُذْرة): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا وضبطها.

(1/10319)

[حديث: إن فيه شفاء]

5697# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (تَلِيْدًا) بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر اللَّام، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو وَغَيْرُهُ): (عمرو): هو ابن الحارث بن يعقوب المصريُّ، أحد الأعلام، و (غيره): هو عبد الله بن لهيعة القاضي المصريُّ، أخرج له مسلم مقرونًا، و (بُكَيْر): هو بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، هو ابن عبد الله بن الأشجِّ، تَقَدَّمَ، و (المُقَنَّع)؛ بِضَمِّ الميم، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ نون مُشدَّدة مفتوحة، _وكذا قَيَّدهُ بفتح النُّون في «المطالع» _ ثُمَّ عين مهملة: اسم مفعول، و (المُقَنَّع) هذا: لا أعرف له ترجمة، ولم أره في «التذهيب»، ولا في «فروعه»، ولا في «ثقات ابن حِبَّان»، ولا في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولا في «الميزان»، ولا في «رجال مسند أحمد»، ولا في غيره إلَّا أنِّي رأيت في «تجريد الذَّهَبيِّ» شخصًا يقال له: المُقنَّع، قال الذَّهَبيُّ: (له في «مسند بقيٍّ»، وهو ابن الحُصين التَّميميُّ، نزل البصرة، إسناد حديثه غريب)، انتهى، وما أدري هل هو هذا أم لا؟ والله أعلم، وقد ذكر ابن عَبْدِ البَرِّ شخصًا في «استيعابه» اسمه المُقنَّع بن الحصين، وهو غير هذا، والصَّحيح: أنَّ المقنَّعَ تابعيٌّ، شهد القادسيَّة، وله حديث لا يصحُّ، وقال أبو حاتم: له صحبة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10320)

[باب الحجامة على الرأس]

(1/10321)

[حديث: أن رسول الله احتجم بلحي جمل من طريق مكة]

5698# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (عَلْقَمَة): هو ابن أبي علقمة بلالٍ، عن أنس، وابن المُسَيّب، وجمع، وعنه: مالك، والدَّراورديُّ، وجمع، وثَّقوه، وكان أديبًا نحويًّا، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو داود، مات في أوَّل خلافة المنصور، وقال أبو حاتم: صالح، و (عَبْد الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن هرمز، و (عَبْد اللهِ ابْن بُحَيْنَةَ) تَقَدَّمَ، وأنَّ أباه اسمه مالك، وأنَّ (بُحَينة) أمُّ عبد الله، وتَقَدَّمَ كيف يُقرَأ، وكيف يُكتَب.

قوله: (احْتَجَمَ بِلَحْيِ جَمَلٍ): و (لَحي)؛ بفتح اللَّام وكسرها، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («لَحي جمل» قال ابن وضَّاح: هي عقبة الجحفة، وقال غيره: على سبعةِ أميال من السُّقيا)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليها فيما مضى.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10322)

[معلق الأنصاري: أن رسول الله احتجم في رأسه]

5699# قوله: (وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن المثنَّى الأنصاريُّ، قاضي البصرة، عن حُمَيد، وابن عون، وطبقتهما، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد، وابن معين، والكَجِّيُّ، وخلائقُ، قال أبو حاتم: صدوق لم أرَ مِن الأئِمَّة إلَّا هو وأحمد وسليمان بن داود الهاشميَّ، قال ابن معين: ثقة، مات في رجب سنة (215 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

(1/10323)

[باب الحجم من الشقيقة والصداع]

قوله: (مِنَ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ): (الشَّقِيقة)؛ بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر القاف؛ وهي وجع يأخذ نصف الرَّأس والوجه.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10324)

[حديث: احتجم النبي في رأسه وهو محرم من وجع]

5700# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، وتَقَدَّمَ مُتَرجَمًا، و (هِشَام) هذا: هو ابن حسَّان القُردوسيُّ البصريُّ.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: لَحْيُ جَمَلٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10325)

[معلق ابن سواء: أن رسول الله احتجم وهو محرم في رأسه]

5701# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ عَنْ [1] هِشَامٍ): هذا هو مُحَمَّد بن سَواء بن عبثر السدوسيُّ، أبو الخطَّاب، البصريُّ المكفوف، عن حُسَين المُعلِّم، وابن عون، وهشام بن حسَّان، وروح بن القاسم، وسعيد بن أبي عَروبة فأكثر، وآخرين، وعنه: معلَّى بن راشد، وعَارم، وابن راهويه، وخليفة بن خيَّاط، والفَلَّاس، وخلق، وَثَّقَهُ ابن حِبَّان، وقال هو والفَلَّاسُ: تُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وتعليقه هذا لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وأخرجه شيخنا من الإسماعيليِّ في «مستخرجه»، و (هشام) بعده: هو ابن حسَّان.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 538]

(1/10326)

[حديث: إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شربة]

5702# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبانًا) الصَّحيحُ: صرْفُه، مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، و (ابْنُ الْغَسِيلِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الرَّحمن بن سليمان بن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن حنظلة الغَسِيل) انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنا ذلك غيرَ مَرَّةٍ، و (الغَسِيل)؛ بفتح الغين المُعْجَمة، وكسر السين المُهْمَلة، وسيأتي قريبًا عبد الرَّحمن بن سليمان ابن الغَسِيل.

قوله: (أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الميم، وأنَّ (المِحجم): الكأس والمِشراط؛ كلاهما بالكسر، وتَقَدَّمَ (اللَّذْعَةٍ) ضبطها، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ) مع أحاديث الكيِّ التي جمعَتْ أربعةَ أنواع، والتَّوفيق بينها.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10327)

[باب الحلق من الأذى]

(1/10328)

[حديث: فاحلق وصم ثلاثة أيام]

5703# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): عبد الرحمن، و (كَعْب [1] بن عُجْرَةَ) تَقَدَّمَ، وأنَّه بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وإسكان الجيم، صَحَابيٌّ مشهور.

[ج 2 ص 538]

قوله: (زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحديبية) كانت في ذي القعدة سنة ستٍّ، و (الحديبية)؛ بالتخفيف والتَّشديد، وتَقَدَّمَ أين هي.

قوله: (قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ): (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، المذكور في السَّند، و (بدأ): مهموز الآخر.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (هو).

(1/10329)

[باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو]

(1/10330)

[حديث: إن كان في شيء من أدويتكم شفاء ففي شرطة محجم]

5704# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنِ الْغَسِيلِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة، وحنظلة: هو غَسِيل الملائكة يوم أُحُد رضي الله عنه.

قوله: (مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسر الميم، وأنَّ (اللَّذْعَة)؛ بالذال المُعْجَمة، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ).

==========

[ج 2 ص 539]

(1/10331)

[حديث: عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط]

5705# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن فُضَيل، وأنَّ (فُضَيلًا (مُصغَّرٌ، وأنَّه بالضاد المُعْجَمة، و (حُصَيْنٌ) بعده: بِضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلتين، وأنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، وهذا هو حُصَين بن عبد الرحمن، و (عَامِر): هو الشَّعْبيُّ ابن شَراحيل، و (عِمْرَان ابْن حُصَيْنٍ): هو بِضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المُهْمَلتين.

تنبيهٌ: في حاشية أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة من أصحابنا ما لفظه: (قال البُخاريُّ: الشَّعْبيُّ عن عمران مُرْسَل)، انتهى، والظَّاهر أنَّه أخذه من الدِّمْيَاطيِّ، وبيانُه: أنَّ شيخنا ذكر ذلك أيضًا، والظاهر أَخْذُه له من الدِّمْيَاطيِّ؛ وذلك لأنَّ كثيرًا مِن حواشيه في الأسماء والغريب يجعلها في «شرحه» من غير عزوٍ إليه، قال شيخنا هنا: (قال البُخاريُّ في بعض نسخه: استفدنا مِن هذا أنَّ حديث عمران مُرْسَل، وحديث ابن عَبَّاس مُسنَد)، انتهى، وهو مع إرساله موقوفٌ هنا، وقد أخرجه موقوفًا عن عامرٍ عن عمران أبو داود والتِّرْمِذيُّ، ثُمَّ قال التِّرْمِذيُّ: (وروى هذا الحديث شعبةُ عن حُصَين، عن الشَّعْبيِّ، عن بريدةَ)، انتهى، وحديث عامر عن بريدة موقوفًا في «مسلم»، وفي «ابن ماجه» مرفوعًا، قال المِزِّيُّ: (وتابعهما شعبة عن حُصَين، ورواه غير واحد عن الشَّعْبيِّ عن عمران بن حُصَين، وهو المحفوظ، وسيأتي، ورواه العَبَّاس ابن ذَرِيح عن الشَّعْبيِّ عن أنس)، انتهى، أخرج حديث عامر عن أنس أبو داود، وقد راجعتُ «التَّذهيب» للذَّهبيِّ؛ فلم يذكرْ أنَّ روايتَه عن عمران مُرسَلَة، بل قال: سمع من فلان، وفلان، وفلان، وذكر فيهم عمرانَ بن حُصَين، وذكر قبل ذلك جماعةً أرسل عنهم، وذكر في ترجمة عمرانَ بنِ حُصَين أنَّه روى عنه الشَّعْبيُّ، وأطلق ولم يقيِّد، والعلائيُّ صلاح الدين شيخ شيوخنا مع جمعه كتابًا في المراسيل لم يذكر أنَّه أرسل عن عمران بنِ الحُصَين، وكذا عبد الغنيِّ في «الكمال» قال: إنَّه روى عن عمران، وأطلق، والله أعلم.

(1/10332)

قوله: (لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ): (الحُمَة)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وتخفيف الميم، وعلى التَّخفيف اقتصر في «المطالع» وفي «النِّهاية»، وقد تُشدَّد، وأنكره الأزهريُّ، وأصلها: حُمَوٌ وحُمَيٌ، بوزن: (صُرَد)، والهاء فيها عوضٌ مِن الواو المحذوفة والياء، انتهى؛ ومعناه: أي: لدغه ذي حُمَة؛ كالعقرب وشبهها، والحمة: فَوْعَة السُّمِّ، وقيل: السُّمُّ نفسه، والفوعة: حدَّته وحرارته.

فإن قيل: فما الجمع بين هذا وبين الأحاديث التي فيها الرَّقي؛ كحديثٍ في «أبي داود» عن أبي الدَّرداء مرفوعًا: «مَن اشتكى منكم شيئًا؛ فليقل: ربَّنا الله الذي في السَّماء، تقدَّس أمرك في السَّماء والأرض ... »؛ الحديث، وحديث مسلم عن أبي سعيد: (أنَّ جبريل أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: يا مُحَمَّد؛ اشتكيتَ؟ فقال جبريل: بسم الله أُرقِيك ... )؛ الحديث، والجوابُ: أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُرِد نفي جواز الرُّقية في غيرها، بل المراد: لا رقيةَ أولى وأنفع منها في العين والحُمة، ويدلُّ عليه: سياق الحديث في غير «الصَّحيح»، فإنَّ سهل بن حنيف قال لمَّا أصابته العين: (أوَفي الرُّقى خيرٌ؟ قال: لا رقيةَ إلَّا في نفس أو حمة)، ويدلُّ عليه: سائر أحاديث الرُّقى العامَّة والخاصَّة؛ كحديث أنس في «أبي داود» مرفوعًا: (لا رقيةَ إلَّا من عين، أو حمة، أو دم يَرقأ)، وفي «مسلم» عنه [1] أيضًا: (رخَّص رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الرُّقية من العين، والحُمة، والنَّملة)، والله أعلم.

قوله: (مَعَهُمُ الرَّهْطُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (سَوَادٌ عَظِيمٌ): (السَّواد): الأشخاص.

قوله: (إِلَى الأُفقِ): هو بِضَمِّ الهمزة، وإسكان الفاء وضمِّها: جانب السَّماء.

قوله: (سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ): هؤلاء الظَّاهر أنَّهم مِن مقبرة واحدة، وهي البقيع، وسأذكر الكلام عليه في (باب: يدخل الجنَّة سبعون ألفًا بغير حساب) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

(1/10333)

قوله: (هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ... )؛ الحديث: تنبيهٌ: وقع في «مسلم»: (لا يرقون ولا يسترقون)، قال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهدي» وفي «حادي الأرواح»، واللَّفظ لـ «حادي الأرواح» ما نصُّه: (وليس عند البُخاريِّ: «لا يرقون»، قال شيخنا _يعني: أبا العَبَّاس ابن تيمية الحافظ الإمام: وهو الصَّواب، وهذه اللَّفظة وقعت مقحمة في الحديث، وهو [2] غلط من بعض الرواة، فإنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جعل الوصف الذي استحقَّ به هؤلاء دخول الجنَّة بغير حساب هو تحقيق التوحيد وتجريده، فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم، ولا يتطيَّرون _والطيرة: نوع مِن الشِّرك، ويتوكَّلون على الله عزَّ وجلَّ وحده، لا على غيره، وتركُهم الاسترقاء والتَّطيُّر هو من تمام التوكُّل على الله؛ كما في الحديث: «الطيرة شركٌ»، قال ابن مسعود: وما منَّا إلَّا من يتطيَّر، ولكنَّ الله يُذهِبه بالتوكُّل، فالتوكُّل ينافي التَّطيُّر، وأمَّا رقية الغير؛ فهو إحسان مِن الراقي، وقد رقى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم جبريلُ، وأذن في الرُّقى، وقال: «لا بأسَ بها ما لم يكن فيها شركٌ ... » إلى آخر كلامِه.

[ج 2 ص 539]

قوله: (فَقَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): (عُكَّاشة)؛ بتشديد الكاف وتخفيفها، و (مِحصن)؛ بكسر الميم، قال ابن قُرقُول: (ومحصن والد أمِّ قيس، ووجدت الأصيليَّ ضبط اسم أبيها: بِضَمِّ الميم وكسرها)، انتهى، وأمُّ قيس [3] تَقَدَّمَتْ، وأنَّ اسمها آمنة، ويقال: جذامة، وهي أخت عُكَّاشة بن محصن، وعُكَّاشة صَحَابيٌّ مشهور بدريٌّ، وهو أحد السابقين، وكان من أجمل الرِّجال وأشجعهم، قال البُخاريُّ: أُصِيب في عهد أبي بكر رضي الله عنهما، قاله ابن إسحاق، وقال سليمان التيميُّ: قُتِل عُكَّاشة في سريَّة بعثها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى بني أَسَد، والصَّحيح الأوَّل، فإنَّه استُشهِد في قتال طلحة الأسديِّ أيَّام الرِّدَّة، كان طليعةً لجيش خالد بن الوليد، ومناقبه معروفة رضي الله عنه ولو لم يكن إلَّا هذه المنقبة.

قوله: (فَقَامَ آخَرُ ... ) إلى آخره: هذا الرَّجل يقال: إنَّه سعد بن عبادة، قاله الخطيب البغداديُّ، وبَعْدَه النَّوَويُّ، وسأذكر عليه كلامًا حسنًا من عند السُّهيليِّ في (باب من يدخل الجنَّة بغير حساب)، وأذكر هناك حكمةً في كون الثاني ليس منهم إن شاء الله تعالى ذلك.

(1/10334)

[باب الإثمد والكحل من الرمد]

قوله: (بَابُ الإِثْمِدِ): هو بكسر الهمزة، وإسكان الثاء المُثلَّثة، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ دال مهملة؛ وهو حجر الكحل الأسود، يُؤتَى به من أصبهان، وهو أجودُه، ويُؤتَى به من جهة الغرب، معروف.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [1]): (أمُّ عَطيَّة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها نُسَيبة _بِضَمِّ النُّون على الصَّحيح، ويقال: بفتحها_ بنت كعب الأنصاريَّة، من كبار نساء الصَّحابة، تَقَدَّمَتْ.

==========

[1] التَّرضية: ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 540]

(1/10335)

[حديث: لقد كانت إحداكن تمكث في بيتها في شر أحلاسها]

5706# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (زَيْنَب) هذه: هي بنت أمِّ سلمة، تَقَدَّمَتْ، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّةَ حذيفةَ، المخزوميَّة أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَتْ مرارًا.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا): (المرأة وزوجها) لا أعرفهما، وسيأتي قريبًا ما في الزَّوج، وقد تَقَدَّمَ في (النِّكاح) ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين، وما قلته في ذلك.

قوله: (فَاشْتَكَتْ عَيْنهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (عينها) مَنْصوبٌ ومرفوعٌ، وبالرَّفع ضبطه الشيخ محيي الدين مقتصرًا عليه، وفي بعض الأصول لمسلم: (عيناها)، وضبطه غيره بالرفع والنصب، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في (النِّكاح).

قوله: (فَذَكَرُوهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّها السَّائلةُ، وقد قَدَّمْتُ في (النِّكاح) في قوله: (أنَّ امرأة جاءت إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله؛ إنَّ ابنتي تُوُفِّيَ عنها زوجها، وقد اشتكت عينها ... )؛ الحديث، والظاهر أنَّ هذه هي تلك، والله أعلم، وذكرتُ هناك أنَّ المرأة المُستفتِية عن كحل العين عاتكةُ بنت عبد الله بن نُعَيم العدويِّ، والحجَّة لذلك مسوقةٌ في «المبهمات» لابن بشكوال، وهي في «ابن وهب»، وسمَّاها الذَّهَبيُّ: عاتكة بنت نُعَيم بن عبد الله، قال ابن بشكوال: (والرَّجل المُتوفَّى المغيرةُ المخزوميُّ)، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ: (المغيرة بن شهاب المخزوميُّ شيخ بني عامر، قيل: إنَّه وُلِد سنة اثنتين من الهجرة أو قبلها، وهو مجهول)، انتهى، فعلى هذا؛ ليس هو الزَّوج، وابنتها لا أعرف اسمها، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (النِّكاح).

قوله: (يُخَافُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (أَحْلَاسِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه الأثواب، في (النِّكاح).

قوله: (رَمَتْ بَعْرَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (النِّكاح).

قوله: (فَلَا، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا): (لا): نفي الكلام السَّابق، ويجب الوقف عليه؛ لأنَّه نهى عن الرَّخصة التي سألت، ثُمَّ أكَّد ثانيًا، فقال: (أربعة أشهر وعشرًا)، وهو مَنْصوبٌ بفعلٍ مُضمَر؛ أي: لتُكمِل.

==========

[ج 2 ص 540]

(1/10336)

[باب الجذام]

(1/10337)

[معلق عفان: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر]

5707# قوله: (وَقَالَ عَفَّانُ): هذا هو عَفَّانُ بن مسلم بن عبد الله، أبو عثمان، الصَّفَّار البصريُّ، أحد الأئِمَّة الأعلام، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان) وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سَلِيمُ) بعده: بفتح السين المُهْمَلة، وكسر اللَّام، ووالده: (حَيَّان)؛ بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، و (سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ): تَقَدَّمَ أنَّ (ميناء)؛ بالمدِّ والقصر.

قوله: (وَلَا طِيَرَةَ): هي بفتح الياء، وقد تُسكَّن، قاله ابن الأثير، و (الطِّيَرَة): اعتقاد ما كانت عليه الجاهليَّة مِن التطيُّر بالطير وغيره، كانوا يعتقدون نزول المكروه عند حركاتِ الطَّير في تصرُّفه في الجهات وصوته، واشتقاق الطِّيَرَة مِن (الطَّير)، كان أكثر علمهم ونظرهم فيه، وقال ابن الأثير: الطِيَرة؛ بكسر الطَّاء، وفتح الياء، وقد تُسكَّن: هي التَّشاؤم بالشيء، وهو مصدر: تطيَّر طيرةً، وتخيَّر خيرةً، ولم يجِئْ مِن المصادر هكذا غيرُهما، وأصله فيما يقال: التَّطيُّر بالسَّوانح والبوارح مِن الطير والظِّباء وغيرهما، كان ذلك يَصدُّهم عَن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه، وأخبر أنَّه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضرٍّ، والله أعلم.

قوله: (وَلَا هَامَةَ): هو بتخفيف الميم، وسيأتي قريبًا كلام الدِّمْيَاطيِّ فيها، وهي الرَّأس واسم طائر؛ وهو المراد في الحديث؛ وذلك أنَّهم كانوا يتشاءمون بها، وهي مِن طير اللَّيل، وقيل: هي البُومة، وقيل: كانت العرب تزعم أنَّ روح القتيل الذي لا يُدرَك بثأره تصير هامة، فتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أُدرِك بثأره؛ طارت، وقيل: كانوا يزعمون أنَّ عظام الميِّت _وقيل: روحه_ تصير هامة، فتطيرُ،

[ج 2 ص 540]

ويسمُّونه: الصَّدَى، فنفاه الإسلام، ونهاهم عنه، وذكره الهرويُّ في (الهاء والواو)، وكذا هو في «المطالع» و «النِّهاية»، وفي «الجوهريِّ» في (الهاء والياء)، وما ذكرته هو لفظ «النِّهاية»، وقد فسَّره الدِّمْيَاطيُّ فيما يأتي، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ فيه بعضَ كلام في (غزوة بدر) في قول ذاك الشاعر:

…~… ....... …وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ

(1/10338)

قوله: (وَلَا صَفَرَ): هو بفتح الصَّاد والفاء، وبالرَّاء، وسيأتي في تبويب البُخاريِّ، وهو داء يأخذ البطن، انتهى، كانت العرب تزعم أنَّ في البطن حَيَّة يقال لها: الصَّفَر تُصيب الإنسان إذا جاع، وتؤذيه، وأنَّها تُعدِي، فأبطل الإسلام ذلك، وقيل: أراد به النَّسيءَ الذي كانوا يفعلونه في الجاهليَّة، وهو تأخير المُحرَّم إلى صفر، ويجعلون صفرًا هو الشهر الحرام، فأبطله، قاله ابن الأثير، ولفظ «المطالع»: («لا صَفَرَ»؛ يعني: النَّسيء، وهو الشهر الذي كانوا يُحرِّمونه بعد المُحرَّم مكانه، هذا قول مالك، وقيل: بل كانوا يزيدون في كلِّ أربع سنين شهرًا يسمُّونه: صفر الثاني، فتكون الرابعة ثلاثة عشر شهرًا؛ لتستقيم لهم الأزمان على موافقة أسمائها مع الشهور وأسمائها، فلذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «السَّنة اثنا عشر شهرًا»، وقيل: الصَّفَر: ذوات البطن؛ كالحيَّات تُصيب الإنسان إذا اشتدَّ جوعُه، وتُعدِي بزعمهم، فأبطل الإسلام ذلك)، انتهى.

قوله: (وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ): جعل بعضهم هذا وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يُورِد مُمرِض على مُصِحٍّ» معارضًا؛ لقوله عليه السَّلام: «لا عدوى»، وأدخلها بعضهم في الناسخ والمنسوخ؛ كأبي حفص بن شاهين، والصواب: الجمع بينهما، ووجهه: أنَّ قوله: «لا عدوى» نفيٌ لما كان يعتقده أهل الجاهليَّة وبعض الحكماء مِن أنَّ هذه الأمراضَ تُعدِي بطبعها، ولهذا قال: فمَن أعدى الأوَّل؛ أي: أنَّ الله هو الخالق لذلك بسبب وغير سبب، وأنَّ قوله: (لا يُورِد ممرِضٌ على مُصِحٍّ)، و (فُرَّ مِن المجذوم): بيان لما يخلقه الله من الأسباب عند المخالطة للمريض، وقد يتخلَّف ذلك عن سببه، وهذا مذهب أهل السُّنَّة كما أنَّ النَّار لا تحرق بطبعها، ولا الطَّعام يُشبِع بطبعه، ولا الماء يروي بطبعه؛ وإنَّما هي أسباب، والقدر وراء ذلك، وقد رأيت أنا غيرَ واحد خالط هذه الأمراض التي يزعمون أنَّها تُعدِي، ولم يتأثَّر بذلك بالكليَّة، وكثير مِن الناس يحترزون منها ويُصابُون، اللَّهمَّ؛ عافنا مِن كلِّ داء بكرمك وفضلك.

(1/10339)

[باب المن شفاء للعين]

قوله: (بَابٌ: الْمَنُّ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ): ذكر فيه حديث: «الكمأة مِن المنِّ، وماؤها شفاء للعين»، ولا يظهر لي التبويبُ مع الحديث، ولو كان كما بوَّب؛ لكان الحديث: وماؤه شفاء للعين، والذي ظهر لي من الحديث _بل هو صريحه_ أنَّ نوعًا من أنواع المنِّ ماؤه شفاء للعين؛ وهو الكمأة، لا كلَّ المنِّ شفاء للعين، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 541]

(1/10340)

[حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين.]

5708# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غُنْدرًا) بِضَمِّ الغين المُعْجَمة، وإسكان النون، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، ثُمَّ راء، وتَقَدَّمَ مَن قال له ذلك حتَّى ذهب عليه، وأنَّه ابن جُرَيج، و (عَبْد الْمَلِكِ) بعد (شعبة): هو ابن عُمَير، و (سَعِيد بْن زَيْدٍ): هو ابن عمرو بن نُفَيل، أحد العشرة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في الأنصار آخرَ اسمُه سعيدُ بن زيد الأشهليُّ، وقيل فيه: سعدٌ، والله أعلم.

قوله: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ): تَقَدَّمَ ضبط (الكمأة) مفردًا وجمعًا في (سورة البقرة)، وأنَّها من المنِّ الذي أنزله الله على بني إسرائيل، وماذا قيل غير ذلك، والكلام [على]: (وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ) مُطَوَّلًا، كلُّه في (سورة البقرة).

قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: وَأَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ [1] عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ): (الحكم بن عتَيبة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة فوق المفتوحة، القاضي، وتَقَدَّمَتْ ترجمته، وما وَهم فيه البُخاريُّ، و (الحسن العُرنيُّ): هو الحسن بن عبد الله العُرنيُّ الكوفيُّ، عن ابن عَبَّاس وعلقمة، وعنه: الحكم وسلمة بن كُهَيل، ثقة، قرنه البُخاريُّ، وهو هنا مقرونٌ بآخرَ، والذي قرنه به هنا هو عبد الملك بن عمير، وهذا نوع مِن القرن، وَثَّقَهُ أبو زرعة، وقال ابن معين: صدوق، إنَّما يقال: لم يسمع مِن ابن عَبَّاس، وقوله: (قال شعبة): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه به البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن المثنَّى، عن غُنْدر، عن شعبة.

قوله: (لَمَّا حَدَّثَنِي بِهِ الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ أنَّه الحكم بن عُتَيبة، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عمير، كما تَقَدَّمَ.

==========

[1] في هامش (ق): (الكنديُّ مولى امرأة من كندة).

[ج 2 ص 541]

(1/10341)

[باب اللدود]

قوله: (بَابُ اللَّدُودِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح اللَّام، وتَقَدَّمَ ما هو.

(1/10342)

[حديث عائشة: لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني]

5709# 5710# 5711# 5712# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المدينيِّ الحافظُ مرارًا، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: لم يذكرِ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» أنَّه روى عن موسى بن أبي عائشة منهما غير الثَّوريِّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، ولكن في «التذهيب» أنَّه روى عنه السُّفيانان، والقَطَّان روى أيضًا عنهما، والله أعلم مَن هو منهما، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهذليُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ مَيِّتٌ): تَقَدَّمَ أنَّ في «النَّسَائيِّ» وغيره: أنَّه قبَّله بين عينيه.

قوله: (لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ): تَقَدَّمَ ما (اللَّدود).

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لَدُّوه [1] يوم الأحد، وأنَّه تُوُفِّيَ يوم الاثنين مع الزَّوال.

تنبيهٌ: جاء في بعض طرق الحديث: (فيمَ لددتموني؟ قالوا: بالعود الهنديِّ، وشيءٍ من ورس، وقطراتٍ من زيت، فقال: ما كان الله ليقذفني بذلك).

تنبيهٌ: جاء في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» من حديث أسماء بنت عميس: (قالوا: نتَّهم بك ذات الجنب، قال: إنَّ ذاك داءٌ ما كان الله ليقذفني به)، وهو في «المستدرك» أيضًا، وفي حديث آخر أنَّها علَّة مِن الشيطان، فعلى هذا الحديث: هو صلَّى الله عليه وسلَّم معصوم من ذات الجنب؛ لأنَّها من الشيطان، قال الإمام السهيليُّ: والوجع الذي كان به صلَّى الله عليه وسلَّم هو الوجع الذي يُسمَّى: خاصرة، وقد جاء ذكره في (كتاب النُّذور) من «الموطَّأ»، قال فيه: «وأصابتني خاصرة»، قالت عائشة رضي الله عنها: (وكثيرًا ما كانت تصيب رسولَ الله صلَّى الله

[ج 2 ص 541]

عليه وسلَّم الخاصرة، ولا نهتدي لاسم الخاصرة، ونقول: أخذه عرق الكُلية)، وفي «مسند الحارث» يرفعه قال: (الخاصرة: عرق في الكلية إذا تحرَّك؛ وجع صاحبه، دواء صاحبه العسلُ بالماء المُحرَّق)، يرويه عبد الرَّحيم بن عمر، عن الزُّهريِّ، عن عروة، وعبد الرَّحيم ضعيفٌ، وهذا الحديث في «المستدرك» في (الطِّبِّ)، وهو بسند صحيح، والله أعلم.

(1/10343)

قوله: (كَرَاهِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال مِن حيث اللُّغةُ: كراهيٌ، وكذا تَقَدَّمَ (الدَّوَاءِ): أنَّه بفتح الدَّال وتُكسَر أيضًا مع المدِّ فيهما.

قوله: (لَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ [2] إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ ... ) إلى آخره: وإنَّما لدَّهم؛ لأنَّهم لدُّوه بعد أن نهاهم.

تنبيهٌ: أجاب القاضي أبو بكر بن العربيِّ المالكيُّ الإمام الحافظ عن هذا الحديث _أعني: هذا: «لا يبقى ... »؛ الحديث_ بجواب لطيف، وهو: إنَّما لدَّهم؛ لئلَّا يأتوا يوم القيامة وعليهم حقُّه، فيُدركهم خطب عظيم، نقله شيخنا، وسيأتي أنَّه فعله؛ قصاصًا كما فعلوا به، واستدلَّ بذلك البُخاريُّ وبغيره من الآثار في (باب: إذا أصاب قومٌ من رجل؛ هل يعاقبوا [3] أو يَقتصُّ منهم كلِّهم).

سؤال: إن قيل: عارض هذا: (كان لا ينتقم لنفسه)، والجواب: أنَّه لا ينتقم لها باعتبار الغالب الأكثر من حاله، أو أنَّها نَسِيتْ هذا الحديث، وقيل: إنَّها أرادت في المال، وإذا أُصِيب في بدنه؛ كان انتهاكًا لحرمة الله، ذكرها ابن التِّين، كما نقله شيخنا.

فإن قيل: كيف لم يَعفُ عنهم؟ قيل: أراد أن يُؤدِّبهم؛ لئلَّا يعودوا إلى مثلها، فيكون لهم أدبًا وقصاصًا، وأنَّه فعل ذلك بهم في مرض تحقَّق فيه الموت، وإذا تحقَّق العبدُ الموتَ؛ كُرِه له التداوي، قاله شيخنا، وقد تَقَدَّمَ بعضُ هذا قُبَيل (التَّفسير)، والله أعلم.

(1/10344)

[حديث: على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق عليكن]

5713# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهذليُّ، و (أُمُّ قَيْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة، ويقال: جذامة، و (مِحصَن): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا.

قوله: (دَخَلْتُ بِابْنٍ لِي): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الابن) لا أعرف اسمه.

قوله: (وَقَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ): كذا في أصلنا، قال النَّوَويُّ: (وكذا هو في جميع نسخ «مسلم»، وفي «البُخاريِّ» من رواية سفيان بن عيينة: (عنه)، كذا قال، والذي هنا من رواية ابن عيينة، وفيها: (عليه)، ولكن في نسخة في أصلنا: (عنه) بدل (عليه)، و (عنه): هو المعروف عند أهل اللُّغة، قال الخَطَّابيُّ: المُحدِّثون يروون: (أعلقت عليه)، والصواب: (عنه)، وكذا قال غيره، وحكاهما بعضهم لغتين؛ (عنه) و (عليه)، و (العُذْرة): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي.

قوله: (عَلَامَ [1] تَدْغَرْنَ؟): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ دال مهملة، ثُمَّ غين معجمة مفتوحة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ نون جماعة النسوة، قال الدِّمْيَاطيُّ: («تَدغَرْن»: تدفعن، وأصل الدَّغر: الدَّفع)، انتهى.

قوله: (بِهَذَا الْعِلَاقِ): هو بكسر العين، كذا هو في أصلنا، وتخفيف اللَّام، وفي آخره قافٌ، وفي هامش أصلنا نسخة، وعليها علامة راويها: (الإعلاق)، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: («العَلَاق»؛ بفتح العين، وفي الرواية الأخرى: «الأعلاق»، وهو الأشهر عند أهل اللُّغة، حتَّى زعم بعضُهم أنَّه الصَّواب، وأنَّ «العَلاق» لا يجوز، قالوا: و «الأعلاق»: هو معالجة عذرة الصبيِّ؛ وهي وجع حلقه، كما سبق، قال ابن الأثير: ويجوز أن يكون «العلاق» هو الاسم)، انتهى، وقد راجعت نسخة صحيحة مِن «شرح مسلم»؛ فوجدتها كذلك؛ بفتح العين، وقد ذكر اللَّفظة غيرُ واحد، ولكنِّي آثرت ذكرها من عند الشيخ محيي الدين؛ لاقتصاره، ولكنِّي لم أر (العَلاق)؛ بالفتح إلَّا في كلامه، وكذا قيَّدها بعضُهم بالفتح أيضًا، وإنَّما كنَّا نقرؤها بالكسر، والله أعلم.

قوله: (مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ): تَقَدَّمَ ما هي (ذات الجنب).

قوله: (ويُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ): (يُسعَط): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتَقَدَّمَ ما (السَّعُوط)، وتَقَدَّمَ ضبط (العُذْرة)، وما هي.

(1/10345)

قوله: (فَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو ابن عيينة الرَّاوي عنه في السَّند.

واعلم أنَّ الأطبَّاء أطبقوا أنَّ (القسط) _وهو العود الهنديُّ المذكور هنا_ يدرُّ الطَّمثَ والبولَ، وينفع مِن السموم، ويحرِّك شهوة الجماع، ويقتل الدُّود، وحبَّ القرع في الأمعاء؛ إذا شُرِبَ بعسلٍ، ويُذهِب الكلف؛ إذا طُلِي عليه، وينفع من برِدِ المعدة، والكبد، وبردهما، ومن حمَّى الورد، والرِّيع، وغير ذلك، قال القاضي عياض: (وإنَّما عددنا منافعَ القسط مِن كتب الأطبَّاء؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذكر منها عددًا مجملًا)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (قَلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل لسفيان ذلك هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد.

قوله: (وَلَمْ يَقُلْ: أَعْلِقُوا عَلَيهِ [2] شَيْئًا): (أَعْلِقوا)؛ بفتح الهمزة، وكسر اللَّام.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (على ما).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عنه).

[ج 2 ص 542]

(1/10346)

[باب لا يكره المريض على تناول شيء يكره إن كان عارفًا]

(1/10347)

[حديث: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي ... ]

5714# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهذا معروف عند أهله، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه وقبله مرارًا، وأنَّه ابن راشد، (وَيُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يُمَرَّضَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وتشديد الرَّاء المفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الرَّجُل الآخَر) مُطَوَّلًا، وتَقَدَّمَ (المِخْضَب) ضبطًا وما هو، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («المِخْضَب»: الإجَّانة التي تُغسَل فيها الثِّياب)، انتهى.

[ج 2 ص 542]

قوله: (ثُمَّ طَفقْنَا): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: جعلنا، وأنَّه بكسر الفاء وفتحها.

(1/10348)

[باب العذرة]

قوله: (بَابُ الْعُذْرَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها وضبطُها.

==========

[ج 2 ص 543]

(1/10349)

[حديث: على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق عليكم بهذا العود الهندي]

5715# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ، و (أُمُّ قَيْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة، ويُقال: جُذامة، و (مِحْصَن): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وما قيل فيه، و (الأَسَدِيَّةُ): بفتح السين، و (عُكَّاشَة)، وأنَّه بالتخفيف والتشديد، وتَقَدَّمَ أنَّ (ابْنَهَا) لا أعرف اسمه، وكذا (أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ)، وكذا (الْعُذْرَة)، وعلى (الدَّغْر) ضبطًا ومعنًى، و (الْعَلَاقِ [1])، وأنَّه في أصلنا بكسر العين هنا أيضًا، وأنَّ النَّوَويَّ قال في «شرح مسلم»: بالفتح، و (الْعُودُ الْهِنْدِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه القُسْط، وقَدَّمْتُ ما ذكر الأطبَّاء فيه من المنافع، و (ذَاتُ الْجَنْبِ)، و (الْكُسْتُ)، وتَقَدَّمَتْ فيه ثلاثُ لُغَاتٍ قريبًا.

قوله: (وَقَالَ يُونُسُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ): (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (إسحاق بن راشد): تَقَدَّمَ أنَّه جزريٌّ، يروي عن ميمون بن مِهْرَان والزُّهريِّ، وعنه: غياث بن بَشِير، وعبيد الله بن عمرو، وعِدَّةٌ، صدوقٌ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتعليق يونس عن الزُّهريِّ أخرجه مسلمٌ عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ به، وأخرجه النَّسَائيُّ عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يونس به، وأخرجه ابن ماجه عن أحمد بن عمرو بن السرح عن ابن وهب، وعبد الله بن زياد بن سمعان؛ كلاهما عن الزُّهريِّ به، وتعليق إسحاق بن راشد أخرجه البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن عتَّاب بن بَشِير، عن إسحاق _وهو ابن راشد_، عن الزُّهريِّ به.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (العِلاق)؛ بكسر العين.

[ج 2 ص 543]

(1/10350)

[باب دواء المبطون]

(1/10351)

[حديث: صدق الله وكذب بطن أخيك]

5716# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّدًا لَقَبُه بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وتَقَدَّمَ ضبط (غُنْدر) مرارًا، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: دُوَاد، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ): الرجل الجائي لا أعرف اسمه، وكذا أخوه، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ): (بطنُه) مَرْفوعٌ، ومعنى (استطلق): أصابه انطلاق البطن؛ وهو الإسهالُ.

قوله: (اسْقِهِ عَسَلًا): (اسقه): ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ، تَقَدَّمَ، فهمزته همزة وصلٍ وقطعٍ؛ على اللُّغَتَين.

قوله: (صَدَقَ اللهُ): تَقَدَّمَ أنَّ في روايةٍ: «صدق القرآن».

قوله: (تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ شُعْبَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن جعفر؛ وهو غُنْدر، و (النضر): هو ابن شُمَيل الإمام، وهو بالضاد المُعْجَمة، وقد تَقَدَّمَ [أنَّه] لا يحتاج إلى تقييد مرارًا، ومتابعته ليست في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا.

==========

[ج 2 ص 543]

(1/10352)

[باب: لا صفر]

قوله: (بَابٌ: «لَا صَفَرَ»؛ وَهْوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبل ذلك بقليل؛ فانظره إن أردته، وما قاله البُخاريُّ هو قولٌ فيه.

==========

[ج 2 ص 543]

(1/10353)

[حديث: لا عدوى ولا صفر ولا هامة]

5717# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَغَيْرُهُ): هو بالرفع معطوفُ على (أبي سلمة بن عبد الرحمن)، والظاهر أنَّه سنان بن أبي سنان، وذلك لأنَّ الزُّهريَّ رواه في (كتاب الطِّبِّ) هنا عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وعن الزُّهريِّ، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي هريرة، والله أعلم، وسيأتي في هذا تعليقًا ما لفظه: (ورواه الزُّهريُّ عن أبي سلمة وسنان بن أبي سنان).

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام مع ما يُقال أنَّه يعارضه قريبًا، وعلى (لَا صَفَرَ)، وعلى (وَلَا هَامَةَ [1])، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (الهامة هنا: الطير كانوا يتشاءمون به، وهي من طير الليل، وقيل: هي البُومة، وقيل: كانت العرب تزعم أنَّ روح الميِّت إذا لم يُدرَك ثأره؛ تصير هامة، وتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أُدرِك ثأرُه؛ طارت، وقيل: كانوا يزعمون أنَّ رُوح الميِّت أو عظامَه تصير هامة فتطير، ويسمُّونه الصَّدَى، فنفاه الإسلام، ونهاهم عنه)، انتهى.

قوله: (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ لا أعرف اسمه.

قوله: (فَيُجْرِبُهَا): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الراء، وهو رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الزُّهريَّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أبو سلمة): هو ابن عبد الرحمن بن عوف، والله أعلم.

(1/10354)

[باب ذات الجنب]

قوله: (بَابُ ذَاتِ الْجَنْبِ): تَقَدَّمَ الكلام على (ذات الجنب) ما هي، عافانا الله تعالى.

(1/10355)

[حديث: اتقوا الله على ما تدغرون أولادكم بهذه الأعلاق]

5718# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ): (مُحَمَّدٌ [2]) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (كتاب الطِّبِّ) و (الاعتصام): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عتَّاب بن بَشِير)، فذكر هذا الحديثَ، قال البُخاريُّ: (وأخبرنا مُحَمَّد: أخبرنا عتَّاب بن بَشِير عن إسحاق، عن الزُّهريِّ)، فذكر حديث: أنَّه عليه السلام طرق عليًّا وفاطمة، ثُمَّ قال الجَيَّانيُّ: (أتى «مُحَمَّد» غير منسوب في الإسنادين في نسخة الأصيليِّ، ونسبه ابن السكن وأبو ذرٍّ عن المستملي: مُحَمَّد بن سلَام، وقال أبو نصر: سألت أبا أحمد الحافظَ عن (مُحَمَّد) هذا، فقال: ابن سلَام، انتهى، والمِزِّيُّ وشيخُنا لم ينسباه.

و (عَتَّاب بن بَشِير): بفتح العين المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وفي آخره مُوَحَّدَة، و (بَشِير): بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمة، و (إِسْحَاق): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أُمُّ قَيْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة، ويقال: جُذامة، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وما نقل فيه ابن قُرقُول، و (عُكَّاشَة): أنَّه بالتخفيف والتشديد، وتَقَدَّمَ أنَّ (ابْنَهَا) لا أعرف اسمه، و (أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ): تَقَدَّمَ، و (الدَّغْرُ) ضبطًا ومعنًى، و (الإِعْلَاق [3])، و (الْعُودُ الْهِنْدِيُّ): أنَّه الكُسْت، و (ذَاتُ الْجَنْبِ) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).

[2] في (أ): (محمدًا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[3] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الأعلاق).

[ج 2 ص 543]

(1/10356)

[حديث أنس: أنَّ أبا طلحة وأنس بن النضر كوياه وكواه أبو طلحة بيده]

5719# 5720# 5721# قوله: (حَدَّثَنَا عَارِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بالعين المُهْمَلة، وبعد الألف راء، وتَقَدَّمَ ما (العَرامة)، وأنَّه بعيدٌ منها، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن الفضل، و (حَمَّادٌ) بعده: هو ابن زيد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حمادًا إذا أطلقه عَارمٌ مُحَمَّد بن الفضل أو سليمان بن حرب؛ فهو ابن زيد، وأنَّه إذا أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانُ أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أَبُو طَلْحَة): زيد بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (أَنَس بْن النَّضْرِ): هو عمُّ أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النَّجَّاريُّ، استُشهِد بأُحُد، وكان من السَّادة، غاب عن بدرٍ، كما في «الصَّحيح».

[ج 2 ص 543]

قوله: (وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ): هذا تعليقٌ، و (عبَّاد بن منصور): الناجيُّ، عن أبي رجاء العُطارديِّ، وعكرمة، وعِدَّةٍ، وعنه: القَطَّان، ورَوح بن عُبادة، وطائفةٌ، ضعيفٌ، وقال النَّسَائيُّ: ليس بالقويِّ، وقد قدَّمته، وأنَّ البُخاريَّ علَّق له، وروى له الأربعةُ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ التعليق المجزوم به صحيحٌ عند الإمام البُخاريِّ إلى المسنَد إليه، ومنه إلى آخره قد يكون على شرطه، وقد لا يكون؛ كهذا؛ فاعلمه، وقد ذكر شيخُنا عن الإسماعيليِّ قال: لم يذكر البُخاريُّ حديثَ عبَّاد؛ لأنَّه ليس من شرطه، وقد أسنده الإسماعيليُّ، كما ذكره شيخُنا من الإسماعيليِّ إلى أيُّوب، قال: ورواه أبو نُعيم من حديث ابن ناجية ... ؛ فذكره، وقال: ذكره البُخاريُّ عن عبَّاد استشهادًا، انتهى.

و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أبو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

(1/10357)

قوله: (أَذِنَ [1] لأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ يَرْقُوا مِنَ الْحُمَةِ وَالأُذْنِ): روى مسلمٌ: (نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الرُّقى، وكان عند آل عمرو بن حَزْم رقيةٌ يرقون بها من العقرب ... )؛ الحديث، فهذا يحتمل أن يُفسَّر بما نحن فيه، وعمرو بن حَزْم أنصاريٌّ، ثُمَّ ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ عن «شرح ابن بَطَّال»، وفيه: «ادعوا لي عُمارة»، وكان قد شهد بدرًا، فقال: «اعرض عليَّ رقيتك ... » إلى أن قال: (وتبيَّن بهذا أنَّ المبهم في قول الراوي في «مسلم»: «فاعرضها» وقوله: «فعرضها» هو عمارة بن حَزْم أخو عمرو بن حَزْم، ويحتمل أن يكونا معًا كانا يرقيان)، انتهى، والله أعلم، وذكره كذلك بعض حفَّاظ المصريِّين المتأخِّرين، غير أنَّه عزا عُمارة بن حَزْم لـ «موطَّأ ابن وهب».

قوله: (مِنَ الْحُمَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها قريبًا، وما هي.

قوله: (وَالأُذْنِ [2]): هو بِضَمِّ الهمزة، وإسكان الذال المُعْجَمة، كذا في أصلنا، وهو وجع الأُذن.

قوله: (كُوِيتُ): هو بِضَمِّ الكاف، وكسر الواو، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتاء مضمومةٌ تاء المتكلِّم، وتَقَدَّمَ مَن كواه، ويجيء هنا أيضًا: (وأبو طلحة كواني).

قوله: (مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ): تَقَدَّمَ ما (ذات الجنب).

قوله: (وَشَهِدَنِي أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، زوجُ أمِّ سُلَيم، ذو مناقبَ يُقَصُّ بعضُها.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (والأُذُن)؛ بضمِّ الذال.

(1/10358)

[باب حرق الحصير ليسد به الدم]

قوله: (بَابُ حَرْقِ الْحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ): كذا في أصلنا القاهريِّ وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حرق)، والصواب: (إحراق)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ مفهوم كلام ابن القَيِّم: أنَّ الحصير التي أُحْرِقَت ليُسَدَّ بها جرحُه عليه السلام كانت من برديٍّ، انتهى، و (ليُسَدَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الدَّمُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

(1/10359)

[حديث: لما كسرت على رأس رسول الله البيضة وأدمي وجهه]

5722# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، و (يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد الياء، منسوبٌ إلى القَارَة؛ القبيلة المعروفة، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَةُ): (كُسِرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (البيضةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ): (أُدمِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (وجهُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ): (كُسِرت): مَبْنيٌّ أيضًا [لِما] لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الرَّبَاعِيَة)؛ بالتخفيف؛ كـ (الثمانية): مرفوعةٌ نائبةٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّبَاعِيَة): السِّنُّ التي بين الثنيَّة والنَّاب، وأنَّها كانت السُّفلى اليُمنى، ولم تنكسر من أصلها، وإنَّما ذهب منها فِلْقة، وقد قَدَّمْتُ مَن فَعَلَ الفعلاتِ الثلاثَ به صلَّى الله عليه وسلَّم في (أُحُدٍ) وغيرِه، وذكرتُ ماذا جرى لهم، والله أعلم.

قوله: (فِي الْمِجَنِّ): هو بكسر الميم، وفتح الجيم، وتشديد النون؛ وهو الترس، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (عَمَدَتْ): هو بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وتَقَدَّمَ ماذا رأيت في حاشيةٍ على «البُخاريِّ» من أنَّ الماضيَ بكسر الميم، ونقله عن «شرح الفصيح».

قوله: (إِلَى حَصِيرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ مفهوم كلام ابن القَيِّم: أنَّه من برديٍّ.

قوله: (فَرَقَأَ الدَّمُ): (رقأ): مهموز الآخر، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10360)

[باب الحمى من فيح جهنم]

قوله: (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ): (الفَيْح): بفتح الفاء، وإسكان المُثَنَّاة تحت، وبالحاء المُهْمَلة، و (فَيْحُها): هو انتشارُ حرِّها وقوَّتُه، وتَقَدَّمَ أنَّ عند أبي ذرٍّ: «فوح» في الحديث، وهما بمعنًى.

(1/10361)

[حديث: الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء]

5723# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام.

قوله: (فَأَطْفِئُوهَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الفاء، وبالهمزة، رُبَاعيٌّ مهموزٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بِالْمَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الماء)؛ أهو مطلقٌ أو مقيَّد بماء زمزم، وما المراد به، في (باب صفة النار).

قوله: (وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَقُولُ: اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ): هو عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، السيِّدُ الجليلُ ابنُ السيِّدِ الجليلِ الخليفةِ الفاروقِ.

==========

[ج 2 ص 544]

(1/10362)

[حديث: أن أسماء كانت إذا أتيت بالمرأة قد حمت تدعو لها]

5724# قوله: (عَنْ هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، و (فَاطِمَة بِنْت الْمُنْذِرِ): زوجة هشام، وبنت عمِّه، وهي فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام، تَقَدَّمَتْ، و (أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ) جدَّتُها: صحابيَّة جليلةٌ، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (إِذَا أُتِيَتْ): (أُتِيَتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة.

قوله: (قَدْ حُمَّتْ): هو بِضَمِّ الحاء، وفتح الميم المُشَدَّدة، وتاء التأنيث ساكنة.

قوله: (وَبَيْنَ جَيْبِهَا): (جيب القميص): هو طوقه الذي يخرج منه الرأس.

قوله: (نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ): قال ابن قُرقُول: هو بِضَمِّ الراء، وهي اللُّغة الفُصحى، ويُقال: بالقطع، وكسرِ الراء، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 544]

(1/10363)

[حديث: الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء]

5725# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ [1] عَنْ عَائِشَةَ): هو هشام بن عروة بن الزُّبَير.

قوله: (مِنْ فَيْحِ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه قريبًا وبعيدًا، وكذا (فَابْرُدُوهَا): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه.

(1/10364)

[حديث: الحمى من فوح جهنم فابردوها بالماء]

5726# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): هو بالحاء المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللَّام_ ابن سُلَيم _بِضَمِّ السين، وفتح اللام_ مرارًا.

قوله: (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة، وفي آخره جيم.

قوله: (مِنْ فَوْحِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: «فيح»، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (ابْرُدُوهَا).

==========

[ج 2 ص 545]

(1/10365)

[باب من خرج من أرض لا تلايمه]

قوله: (لَا تُلَائِمُهُ [1]): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وبعد الألف همزة مكسورة؛ أي: لا توافقه، يُقال: هذا طعامٌ لا يلائمني، ولا تقُل: لا يلاومني، وإنَّما هذا من اللَّوم.

(1/10366)

[حديث: أن ناسًا من عكل وعرينة قدموا على رسول الله وتكلموا ... ]

5727# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَن قَتَادَةَ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، وتَقَدَّمَ كلام صاحب «القاموس»: أنَّ صوابه: ابن أبي العروبة ... إلى آخر كلامه.

قوله: (مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ): تَقَدَّمَت الروايات التي جاءت في «الصَّحيح»، وقد تَقَدَّمَ في بعض طرقه في «البُخاريِّ» و «مسلم»: أنَّهم كانوا ثمانيةً، وقَدَّمْتُ أنَّ بعضهم قال: سبعة.

قوله: (وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ): هو بكسر الراء، وبالمُثَنَّاة تحت، وبالفاء، و (الرِّيف): الخِصب والسعة في المأكل، و (الرِّيف): ما قارب الماءَ من العربِ وغيرِها.

قوله: (بِذَوْدٍ): تَقَدَّمَ ما (الذَّوْد)، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّاعِيَ): اسمه يسار، وهو مولاه صلَّى الله عليه وسلَّم، وفي أصلنا: (وبراعي)، وهذه لغةٌ، والجادَّة حذف الياء والتنوينُ؛ لأنَّه منقوصٌ، وكذا تَقَدَّمَتْ (الْحَرَّةِ) ما هي، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سُود، وكذا تَقَدَّمَ (الطَّلَبَ) كم كانوا فارسًا، وقَدَّمْتُ الاختلاف في أميرهم، وغلطُ مَن غَلِطَ فيه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فَسَمَرُوا): أنَّه بالتخفيف، وما معناه، وأنَّ بعضهم ضبطه بالتشديد، وأنَّ التخفيفَ أوجهُ.

==========

[ج 2 ص 545]

(1/10367)

[باب ما يذكر في الطاعون]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ): غريبةٌ: نقل شيخُنا عن «كتاب أبي الفرج الأصبهانيِّ» قال: كانت العرب تقول: إذا دخل بلدًا وفيها وبأٌ؛ فإنَّه ينهق كنهيق الحمار قبل دخولها، فإنَّه إذا فعل ذلك؛ أمن من الوبأ، انتهى، وفي «صحاح الجوهريِّ» في (عشر): وتعشير الحمار: نهيقه عشرة أصوات في طلق واحدٍ، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وذلك أنَّهم كانوا إذا خافوا وبأَ بلدٍ؛ عشَّروا كتعشير الحمار قبل أن يدخلوه، وكانوا يزعمون أنَّه ينفعهم، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (بني إسرائيل) في (المناقب).

تنبيهٌ: أبو الفرج الأصبهانيُّ: اسمه عليُّ بن الحُسين الأَمويُّ، صاحب كتاب «الأغاني»، شيعيٌّ، وهذا نادر في أَمويٍّ، كان إليه المنتهى في الأخبارِ، ومعرفةِ الناس، والشِّعرِ، والغِناءِ، والمحاضراتِ، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: حتَّى لقد اتُّهم، والظاهر أنَّه صدوقٌ، وقد قال أبو الفتح ابن أبي الفوارس: خلَّط قبل موته، ومات سنة (356 هـ)، ومولده سنة أربعٍ وثمانين ومئتين، ثُمَّ ذكر بقيَّةً من الكلام فيه وتوثيقه، والله أعلم.

تنبيهٌ: في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» حديثان؛ أحدهما: عن أبي موسى الأشعريِّ: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللهمَّ؛ اجعل فناء أمَّتي في الطعن والطاعون»، قالوا: يا رسول الله؛ قد عرفنا الطعن، فما الطاعون؟ قال: «وَخْزُ أعدائكم من الجنِّ، وفيه شهادةٌ»، الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها: أنَّه ذُكِرَ الطاعونُ، فذَكَرَتْ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «وَخْزَةٌ تصيب أمَّتي من أعدائهم من الجنِّ، غُدَّة كغُدَّة الإبل، مَن أقام عليها؛ كان مرابطًا، ومَن أُصِيب به؛ كان شهيدًا، ومَن فرَّ منه؛ كالفارِّ من الزحف»، في سند الحديث الأوَّل جبارةُ؛ وهو ابن المغلس، وفي سند الثاني شخصٌ مجهولٌ، وبقيَّة السندين لم أعتبرها، والله أعلم، والوخز: الطعن الذي ليس بنافذ، ورأيت في «نهاية ابن الأثير» عزوَ هذا الحديث لـ «الغريبَين» للهرويِّ، وأنَّه: «وخز إخوانكم من الجنِّ»، فإن صحَّ ذلك كتابةً ومجيئًا؛ فلعلَّ الجنَّ الكفَّار يطعنون المؤمنين، والجنَّ المؤمنين يطعنون الكفَّار، والله أعلم.

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/10368)

قوله: (فِي الطَّاعُونِ): هو مرضٌ عامٌّ معروفٌ، وهو بثر ووَرمٌ مؤلمٌ جدًّا، يخرج مع لهبٍ، ويَسْوَدُّ ما حواليه أو يخضرُّ أو يحمرُّ حُمْرَةً بنفسجيَّةَ كدرةً، ويحصل معه خفقانُ القلبِ والقيءُ، ويخرج في المرافق والآباط غالبًا، أو الأيدي والأصابع، وفي سائر الجسد، وفي كلام الإمام الرافعيِّ الشَّافِعيِّ في (الوصيَّة) ما مقتضاه: أنَّ الوبأ ليس من الطاعون، وليس كذلك، فقد قال الجوهريُّ: الطاعون: هو الموت من الوبأ، وقال في (الوبأ): إنَّه مرضٌ عامٌّ، وفي «نهاية ابن الأثير»: الطاعون: المرض العامُّ، والوبأ: الذي يفسد له الهواءُ، فتفسد منه الأمزجة، فجعل الوبأ قسمًا من الطَّاعون، وفي «الروضة» ما مقتضاه: أنَّ الوبأ: هو الموت، وأنَّ الطَّاعونَ سببٌ له، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ غير بعيد أنَّ التَّحقيق أنَّ بين الوبأ والطاعون عمومًا وخصوصًا، فكلُّ طاعون وبأٌ، وليس كلُّ وبأ طاعونًا، وكذلك الأمراض العامَّة أعمُّ من الطاعون، فإنَّه واحد منها، انتهى ما قدَّمته.

==========

[ج 2 ص 545]

(1/10369)

[حديث: إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها]

5728# قوله: (أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة المفتوحة، و (إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ): هو إبراهيم بن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ، وقوله: (يُحَدِّثُ سَعْدًا)؛ يعني: والده سعد بن أبي وقَّاص، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة.

قوله: (فَقُلْتُ لَهُ [1]): قائل ذلك هو إبراهيم بن سعد.

قوله: (آنت [2]): هو بهمزة الاستفهام الممدودة.

==========

[1] (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أنت)؛ بغير مدٍّ.

[ج 2 ص 545]

(1/10370)

[حديث: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه]

5729# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (خَرَجَ إلى الشَّامِ): هو إقليم معروف، تَقَدَّمَ الكلام [عليه] وعلى طوله وعرضه، وهذه الخرجة كانت سنة سبعَ عشرةَ، وأمَّا طاعون عمواس _وهي قرية بين الرَّملة وبيت المقدس_؛ فقد كان سنة ثماني عشرةَ، كذلك عن أحمد، وروى أبو زرعة عن أحمد: أنَّه كان سنة سبعَ عشرةَ وثماني عشرةَ، وفي هذه السَّنة رجع عمر رضي الله عنه مِن سرغ، وقد كان خرج قبل ذلك سنة ستَّ عشرةَ في حصار أبي عبيدة بيتَ المقدس، فقال

[ج 2 ص 545]

أهله: يكون الصلح على يد عمر، فخرج لذلك، وأمَّا الجابية؛ فهي سنة ثماني عشرةَ بعد رجوعه من سرغ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ): (سَرْغ)؛ بفتح السِّين المُهْمَلة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ غين معجمة، يُصرَف ولا يُصرَف، قال ابن قُرقُول: («سَرْغ»: ساكن الراء، وعند ابن الوضَّاح: بتحريكها، وقال ابن وضَّاح: من المدينة على ثلاثةَ عشرَ مرحلة، وقال ابن مكِّيٍّ: الصواب: سكون الراء، قال الجوهريُّ عن مالك: قرية بوادي تبوك من طريق الشام، وهي آخر عمل الحجاز الأوَّل)، انتهى، والجوهريُّ المذكور هنا ليس صاحب «الصِّحاح»؛ فاعلمه، وفي «النهاية»: بفتح الرَّاء وسكونها؛ قرية بوادي تبوك من طريق الشام، وقيل: على ثلاثَ عشرةَ مرحلة من المدينة.

(1/10371)

قوله: (لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ): هم: أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجرَّاح وأصحابه، وبقيَّتهم: يزيد بن أبي سفيان، وخالد بن الوليد، وشرحبيل ابن حسنة، وعمرو بن العاصي، و (الأَجْناد)؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ نون، في آخره دالٌ مهملةٌ؛ يعني: أَجْناد الشام، وكان عمر رضي الله عنه قسمها أوَّلًا على أربعةِ أمراءَ مع كلِّ أمير جند، ثُمَّ جمعها آخرًا لمعاوية، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (والمراد بـ «الأَجْناد» هنا: مدن الشام الخمس؛ وهي: فِلَسْطِين، والأُرْدُنُّ، ودمشق، وحمص، وقنسرين، هكذا فسَّروه واتَّفقوا عليه، ومعلوم أنَّ فلسطين: اسم لناحية بيت المقدس، والأردنَّ: اسم لناحية بيسان وطبريَّة وما يتعلَّق بهما، ولا يضرُّ إطلاق اسم المدينة عليه)، انتهى، قال الإمام الحافظ كمال الدين أبو حفص عمر بن أحمد بن هبة الله بن العديم في «تاريخ حلب» فيما نقلته مِن خطِّه من المبيَّضة: (واختلفوا في تسمية الأجناد؛ فقال بعضهم: سمَّى المسلمون فلسطين جندًا؛ لأنَّه يَجمَع كُورًا، وكذلك دمشق، وكذلك الأردنُّ، وكذلك حمص، وقنسرين، قال: وقال بعضهم: سُمِّيت كلُّ ناحية بها جندًا؛ لأنَّ بها جندًا يقتضون أطماعَهم بها ... ) إلى أن قال: (وذكر أبو عبيد الله مُحَمَّد بن أحمد الجَيْهانيُّ فيما نقلته من كتابه قال: كان أيَّامه عمر ترد عليه وفود اليمن ... إلى أن قال: فجنَّد عمر الشام أربعة أجناد مُفرَّقة في أيدي عمَّاله؛ وهم: أبو عبيدة ابن الجرَّاح، وخالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاصي، فبقيت الشَّام على ذلك التَّجنيد حتَّى زاد فيها يزيد بن معاوية قنسرين، وكانت من أرض الجزيرة، فصارت أجناد الشَّام خمسة)، انتهى، وقد وَهَّم الصَّاحبُ الجَيهانيَّ في مكانين؛ أحدهما: جَعلُه قنسرينَ من أرض الجزيرة، والثاني: قوله: إنَّ يزيد زاد فيها _يعني: في الشام قنسرين_ بل أفرد قنسرين من حمص، والله أعلم، ورأيت في «أربعين الآجريِّ» في الحديث المُوفِي عشرين، قال أبو صالح لأبي عبد الله الأشعريِّ: مَن حدَّثك هذا الحديث؟ فقال: أمراء الأجناد؛ خالد بن الوليد، وعَمرو بن العاصي، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة، انتهى، وذكروا في ترجمة عياض بن غنم: أنَّه أحد الأمراء الخمسة يوم اليرموك؛ وهم: أبو عُبيدة، وخالد، وشرحبيل، ويزيد بن أبي سفيان، انتهى، وأمراء الأجناد يوم اليرموك هم هؤلاء وعياض بن غنم، والله

(1/10372)

أعلم، واليرموك سنة خمسَ عشرةَ، وهو مكان بالشام.

قوله: (فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَأَ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه بالقصر والهمزة، وبالمدِّ أيضًا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الوبأ) و (الطاعون) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ (المهاجرين الأوَّلين): هو من صلَّى القبلتين مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منهم، وأمَّا مَن أسلم بعد التحويل؛ فلا يُعدُّ منهم، قاله القاضي عياض، وذكرت قبل ذلك قولًا آخر.

قوله: (أَنْ تُقْدِمَهُمْ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدال، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِنْ مَشِيْخَةِ [2] قُرَيْشٍ): (المَشِيخَة)؛ بفتح الميم، وكسر الشين، كذا هو مضبوط في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («مَشِيخة»؛ بكسر الشين عند الكافَّة في «المُوطَّأ»، والمعروف في اللُّغة بسكونها)، انتهى، بل هما لغتان وستجيئان، فـ (شيخٌ) له جموع: شيوخ _بِضَمِّ الشين وكسرها_ وأشياخ، وشِيَخة، وشِيْخة، وشِيْخان، ومشْيخة، ومشِيخة، ومشيوخاءُ، ومَشْيُخاء، ومشايخ، وتصغيره: شُيَيخ وشِييخ، وشُويخ قليلة، ولم يعرفها الجوهريُّ؛ وذلك لأنَّه قال: ولا تقل: شُوَيخ، وقد نقلها شيخنا مجد الدين في «القاموس»، والله أعلم.

قوله: (مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ): قال القاضي عياض: (هم الذين أسلموا قُبَيل الفتح، فحصل لهم فضل بالهجرة قبل الفتح؛ إذ لا هجرة بعد الفتح، وقيل: هم مُسْلِمة الفَتْح الذين هاجروا بعده، فحصل لهم اسم فضيلة دون الفضيلة)، قال القاضي: (هذا أظهر؛ لأنَّهم الذين ينطلق عليهم: مشيخة قريش).

قوله: (نَرَى): هو بفتح النُّون، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَا تُقْدِمَهُمْ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدَّال، رُبَاعيٌّ.

قوله: (عَلَى هَذَا الْوَبَأِ [3]): تَقَدَّمَ أنَّه مهموز مقصور، وأنَّه يجوز مدُّه، وتَقَدَّمَ ما جَمْعُ كلِّ لغةٍ.

قوله: (فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ): هو بفتح الهمزة، وكسر الموحَّدة، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا): هذا مثل: (لو ذات سوار لطمتني)، وجوابه محذوف، وفي تقديره وجهان؛ أحدهما: لو قالها غيرُك؛ لأدَّبته؛ لاعتراضه عليَّ في مسألة اجتهاديَّة، واتَّفق عليها الأكثر، والثاني: لو قالها غيرك؛ لم أتعجَّب منه، وإنَّما العجب مِن قولك مع فعلك، والله أعلم.

قوله: (لَهُ عُدْوَتَانِ): (العِدوة)؛ بضمِّ العين وكسرها: جانب الوادي.

(1/10373)

قوله: (خَصِبَةٌ) و (جَدْبَةٌ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (و «الجدْبة»؛ بفتح الجيم وكسرها، وإسكان الدال، وهي ضدُّ «الخصبة»، والخِصْبة والخَصْبة، قال صاحب «التحرير»: («الجدبة» هنا: بسكون الدَّال وكسرها، قال: والخصبة كذلك).

قوله: (فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ): هو بفتح أوَّله وثالثه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وبضمِّ التاء، وكسر الدال، من الإقدام.

تنبيهٌ: أمَّا الخروج لعارض مِن بلد الطاعون؛ فجائزٌ اتِّفاقًا، وأمَّا الخروج والقدوم مرارًا؛ فقد جوَّزه بعضهم، رُوِي هذا عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، وأنَّه ندم على رجوعه من سرغ، وعن أبي موسى الأشعريِّ، ومسروق، والأسود بن هلال: أنَّهم فَرُّوا مِن الطاعون، وقال عمرو بن العاصي: فِرُّوا عن هذا الرِّجس في الشِّعاب، والأودية، ورؤوس الجبال، وقال معاذ: بل هو شهادة ورحمة، وتأوَّل هؤلاء النَّهْي: على أنَّه لم ينه عن الدُّخول عليه والخروج منه؛ مخافة أن يصيبه غير المُقدَّر، لكن مخافة الفتنة على النَّاس؛ لئلَّا يظنُّوا أنَّ هلاك القادم إنَّما حصل بقدومه، وسلامة الفارِّ إنَّما كانت لفراره، قالوا: أو هذا مِن نحو النَّهْي عن الطيرة والهَرَب مِن المجذوم، وقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه: الطَّاعون فتنة على الفارِّ والمقيم، أمَّا الفار؛ فيقول: فررت فنجوت، وأمَّا المقيم؛ فيقول: أقمت فمتُّ، وإنَّما فرَّ من لم يأت أجله، وأقام مَن حضرَ أجله، قاله القاضي عياض [4]، ولخَّصته.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الوباء)؛ بالمدِّ.

[2] في «اليونينيَّة»: (من مَشْيَخَة).

[3] في «اليونينيَّة» و (ق): (الوباء)؛ بالمدِّ.

[4] «إكمال المعلم» (7/ 133).

(1/10374)

[حديث: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع]

5730# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ): تَقَدَّمَ تاريخ خروجه قريبًا.

==========

[ج 2 ص 546]

(1/10375)

[حديث: لا يدخل المدينة المسيح ولا الطاعون]

5731# قوله: (عَنْ نُعَيْمٍ الْمجْمِرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه نُعَيم بن عبد الله، و (المُجْمِر)؛ بإسكان الجيم وكسر الميم المُخفَّفة الثانية، وبفتحها وكسر الميم المُشَدَّدة.

قوله: (لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ الْمَسِيحُ وَلَا الطَّاعُونُ): تَقَدَّمَ أنَّ في حديث ضعيف: أنَّ مكَّة أيضًا لا يدخلها الطَّاعون، وقد دخلها سنة تسع وأربعين وسبع مئة، وسبب عدم دخول المدينةِ الطَّاعونُ: كونه في الأصل عذابًا ورجزًا، وإن كان شهادة؛ فبِبَرَكة مجاورته عليه السَّلام لها رُفِع عنهم ذلك، وقد دعا بنقل الحمَّى عنها إلى الجحفة كما مرَّ، وهي طهور، وقد قَدَّمْتُ في أواخر (الحجِّ) أنَّ الدَّجَّال لا يدخل أماكن؛ مكَّة، والمدينة، وبيت المقدس، والطُّور، وقَدَّمْتُ كلام ابن قتيبة في الطاعون أنَّه لا يدخل مكَّة، وما تعقَّبه به شيخنا، والله أعلم.

[ج 2 ص 546]

(1/10376)

[حديث أنس: الطاعون شهادة لكل مسلم]

5732# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيحين» تجنَّبا ما يُنكَر مِن حديثه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، و (حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّ أفضل نساء التابعين ثلاث؛ حفصة، وعَمرة، وأمُّ الدرداء الصُّغرى.

قوله: (قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ [1]: يَحْيَى بِمَا مَاتَ): (يحيى) هذا: هو أخو حفصة يحيى بن سيرين، وأولاد سيرين تسعة؛ كلُّهم تابعيُّون؛ وهم: مُحَمَّد، وأنس، ويحيى، ومعبد، وحفصة، وكريمة، كذا سمَّاهم ابن معين والنَّسَائيُّ في «الكنى»، والحاكم في «علومه»، ولكنَّه نقل في «التاريخ» عن أبي عليٍّ الحافظ تسميتَهم، فزاد فيهم: (خالد بن سيرين) مكان: (كريمة)، وذكر ابن سعد في «طبقاته»: عَمرة بنت سيرين وسودة بنت سيرين؛ أمُّهما أمُّ ولد كانت لأنس بن مالك، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ فيما قرأته عليه وسمعته أيضًا عليه ما لفظه: (ولكن لم أر مَن ذكَرَ لهاتين روايةً، ولا أعلم تاريخ وفاة يحيى بن سيرين، وقد روى عن مولاه أنس وغيرِه، وعنه: أخوه مُحَمَّد وغيرُه، قال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: (قيل: إنَّه كان يفضَّل على أخيه مُحَمَّد بن سيرين)، انتهى، وقد خرَّج له النَّسَائيُّ في «مسند عليٍّ»، وقد صرَّح مسلم بيحيى هذا، فقال: يحيى بن أبي عَمْرة، وكذا هو في «ثقات ابن حِبَّان» في ترجمة حفصة هذه، وهو أخوها يحيى بن سيرين، ورأيت في حاشية على «صحيح مسلم» أنَّ يحيى هذا يكنى أبا عَمْرة، وعزا ذلك للبخاريِّ، وأمَّا والده؛ فكنيته أبو عَمْرة، كذا في «ثقاب ابن حِبَّان»، و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم.

(1/10377)

تنبيهٌ: قال شيخنا الشارح: (قال البُخاريُّ في «تاريخه الأوسط»: حدَّثنا عليُّ بن نصر: حدَّثنا سليمان بن حرب: حدَّثنا حمَّادٌ عن يحيى بن عتيق قال: سمعت يحيى بن سيرين ومُحَمَّد بن سيرين يتذاكران السَّاعة التي في الجمعة لعلَّه بعد موت أنس بن مالك، قال البُخاريُّ: أراد: أنَّ يحيى مات بعد أنس، وأنَّ حديث حفصة خطأ)، قال شيخنا المشار إليه: (فهذه علَّة في إيراده، فلعلَّه اطَّلع على هذا بعد أن أخرجه، ولم يعتمدْ على قولٍ [2]، على أنَّ جماعة ذكروا وفاة يحيى قبل أخيه مُحَمَّد المُتوفَّى سنة عشر ومئة)، انتهى، وهذا مكان حسن، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين ما لفظه: (لا يلزم مِن هذا أن يكون حديث حفصة خطأً؛ لاحتمال أن يكون الخطأ في تفسير يحيى أنَّه ابن سيرين، فيحتمل أن يكون غير ابن سيرين)، انتهى، في «صحيح مسلم» ما يردُّ على هذا الحافظ عن حفصة بنت سيرين قالت: (قال لي أنس بن مالك، ثمَّ يحيى بن أبي عمرة ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ سيرين كنيته أبو عَمْرة، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وليس في بقيَّة السِّتَّة، ثُمَّ كتب هذا الحافظ إلى أبي ذرٍّ حين ذكر له ما في «صحيح مسلم»، فكتب إليه: أنِّي قد رجعت عنها _يعني: الحاشية_؛ فليُضرَبْ عليها، انتهى، وقوله: (بِمَا مَاتَ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وهي لغة، والأكثر حذف الألف، ويقال: (بمَ مات)؛ لأنَّها استفهاميَّة، والله أعلم.

(1/10378)

[حديث: المبطون شهيد والمطعون شهيد]

5733# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه مُصغَّر، بوزن (عُلِيٍّ) المُصغَّر، وأنَّ (أَبَا صَالِحٍ): اسمه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (الْمَبْطُونُ شَهِيدٌ): تَقَدَّمَ ما (المبطون)، وأنَّه صاحب الإسهال، وقيل: صاحبُ الاستسقاء، وبفلان بطن؛ إذا أصابه داء في بطنه إسهال أو غيره، يقال: بُطِن الرَّجل _مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه_: صار مبطونًا، والصَّحيح أنَّ (المبطون): الشهيد الذي به الاستسقاء.

قوله: (وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ): هو الذي أصابه الطاعون، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّاعون) ما هو.

==========

[ج 2 ص 547]

(1/10379)

[باب أجر الصابر في الطاعون]

(1/10380)

[حديث: أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمةً]

5734# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنِي [1] حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في حديث بني النضِير، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء، وتشديد الموحَّدة: ابن هلال، و (يَحْيَى بْن يَعْمَرَ)؛ بفتح الميم، غير مصروف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، وقولي: (بفتح الميم) كذا أحفظه، وقد قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: («اليَعمَريُّ»؛ بفتح الياء والميم، وحكى البُخاريُّ: ضمَّ الميم وفتحها)، انتهى، فمقتضى ما حكاه في النسبة أن يأتي كذلك في العَلَم، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ دَاوُدَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على (حَبَّان)؛ وهو ابن هلال، و (النضر)؛ بالضاد المُعْجَمة، ولا يحتاج إلى تقييد، كما قدَّمته مرارًا، هو ابن شُميل الإمام، و (داود): هو ابن أبي الفراتِ، ومتابعة النَّضر أخرجها البُخاريُّ في (القدر)، والله أعلم، وأخرجها النَّسَائيُّ في (الطِّبِّ) عن العَبَّاس بن مُحَمَّد، عن يونس بن مُحمَّد، عن أبيه، عن داود بن أبي الفرات، حديث النَّسَائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا إسحاق: أخبرنا).

[ج 2 ص 547]

(1/10381)

[باب الرقى بالقرآن والمعوذات]

قوله: (بَابُ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ): اعلم أنَّ الرُّقى بآيات القرآن والأذكار المعروفة لا نهيَ فيه بل هو سُنَّة، ومنهم مَن قال في الجمع بين حديث: (أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن الرُّقى) وغيره، وكذا حديث: «لا يسترقون»: أنَّ المدح في ترك الرُّقى؛ للأفضليَّة وبيان التوكُّل، والذي فعل الرُّقى أو أذن فيها؛ لبيان الجواز مع أنَّ تركها أفضل، وبهذا قال ابن عَبْدِ البَرِّ، وحكاه عمَّن حكاه، والمختار الأوَّل، وقد نقلوا الإجماع على جواز الرُّقى بالآيات والأذكار، قال المازريُّ: جميعُ الرُّقى جائزة إذا كانت بكتاب الله تعالى وبذكره، ومنهيٌّ عنها إذا كانت باللُّغة العجميَّة، أو بما لا يُدرَى ما معناه؛ لجواز أن يكون فيه كفر، قال: واختلفوا في رقية أهل الكتاب؛ فجوَّزها أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه [1]، وكرهها مالك؛ خوفًا أن يكون ممَّا بدَّلوه، ومَن جوَّزها؛ قال: الظَّاهر أنَّهم لم يبدِّلوا الرُّقى، فإنَّهم لا غرضَ لهم في ذلك بخلاف غيرها، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك»، رواه مسلم، قال القاضي عياض: (اختُلِف في رقية اليهوديِّ والنَّصرانيِّ؛ فجوَّزه الشَّافِعيُّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ كلام المازريِّ، وهو مُتبَاين.

تنبيهٌ: سُئِل الإمام العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ عمَّن يكتب حروفًا مجهولة المعنى للأمراض ويسقيها المرضى؛ فينجح، فقال: الظَّاهر أنَّه لا يجوز؛ لأنَّه عليه السلام لمَّا سُئِل عن الرُّقى؛ فقال: «اعرضوا عليَّ رقاكم»، فعرضوها، فقال: «ما أرى بأسًا»، وإنَّما أمر بذلك؛ لأنَّ منها ما يكون كفرًا، انتهى، وقد قدَّمته أيضًا؛ فاعلمْه.

قوله: (وَالْمُعَوِّذَاتِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الواو، وكذا قوله في الحديث الآتي: (بالمعوِّذات).

(1/10382)

[حديث: أن النبي كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات]

5735# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (كَانَ يَنْفثُ): هو بكسر الفاء وضمِّها؛ لغتان مشهورتان، وكذا قوله: (كُنْتُ أَنْفثُ)، وقد تَقَدَّمَ ما (النَّفث)، والمراد بالنَّفث: التبرُّك بتلك الرطوبة أو الهواء، أو النفس المباشر لتلك الرُّقية والذكر، وقد يكون على وجه التَّفاؤل بزول الألم عن المريض وانفصاله عنه كما

[ج 2 ص 547]

ينفصِلُ ذلك النَّفث عن الرَّاقي، قاله شيخنا، والله أعلم.

(1/10383)

[باب الرقى بفاتحة الكتاب]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): سيأتي حديث ابن عَبَّاس في الباب بعده، والجوابُ عن قوله: (ويُذكَر) مع أنَّه صحيح: تَقَدَّمَ في (باب ذكر العشاء والعتمة، ومن رآه واسعًا)؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 548]

(1/10384)

[حديث: وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم]

5736# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، و (مُحَمَّد بْنُ جَعْفَر) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه غُنْدر، و (أَبُو بِشْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: ابن دُوَاد، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (فَلَمْ يَقْرُوهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، و (القِرى): الضيافة.

قوله: (فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان ثلاثين شاةً، كما في بعض طرقه في هذا «الصَّحيح».

قوله: (فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ أنَّ الرَّاقي هو أبو سعيد الخُدْريُّ راوي هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك.

قوله: (وَيَتْفلُ): تَقَدَّمَ ما (التَّفل)، وتَقَدَّمَ أنَّ (يتفل)؛ بكسر الفاء وضمِّها.

قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام وهل كلُّها الرقية؟ وهذا ظاهِرٌ اللَّفظ أو {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5].

==========

[ج 2 ص 548]

(1/10385)

[باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم]

(1/10386)

[حديث: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله]

5737# قوله: (حَدَّثَنَا سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ): (سِيْدان): بكسر السين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملتين، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، وأنَّ (مُضارِب)؛ بالضاد المُعْجَمة: اسم فاعل مِن (ضَارب)؛ فهو مضارب، وهو سيدان بن مضارب الباهليُّ البصريُّ، عن حمَّاد بن زيد، وأبي معشر البرَّاء، ويزيد بن زريع، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وغيرهما، قال أبو حاتم: صدوق، وقال البُخاريُّ: مات سنة أربع وعشرين ومئتين، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، وله ترجمة في «الميزان»، و (أَبُو مَعْشَرٍ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَّاءُ)؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ راء مُشدَّدة، ممدود الآخِر، كان يبري النَّبل، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ.

قوله: (فَعَرَضَ لَهُمْ [رَجُلٌ] مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ): (الرَّجل) الذي عرض لهم لا أعرف اسمه.

قوله: (فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ): قال بعضُ حفَّاظ المصريِّين بعد أن ذكر حديث أبي سعيد: (وأنَّ الرَّاقي هو أبو سعيد الخُدْريُّ)، ثُمَّ قال: (حديث ابن عَبَّاس في المعنى _يعني: هذا الحديث الذي نحن فيه_ كان الرَّاقي فيه عمَّه [1] خارجة بن الصَّلت، كذا قال، وكأنَّ النُّسخة سقط منها شيء وهي سقيمة ومُصحَّفة؛ فيُحرَّر هذا القدر، ثُمَّ ما المانع أن يكون الراقي في حديث أبي سعيد الراقي [في] حديث ابن عَبَّاس، فإنَّ القصَّتَين واحدة، والحامل لي على هذا: أنَّه لم يذكر عزو خارجة بن الصَّلت لكتاب، وإن كان هذا؛ لا يقال إلَّا بنقل، والله أعلم.

قوله: (عَلَى شَاءٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الشاءَ) كانت ثلاثين، كما في بعض طرقه في «الصَّحيح».

==========

[1] في «الفتح»: (عمَّ).

[ج 2 ص 548]

(1/10387)

[باب رقية العين]

(1/10388)

[حديث: أمرني رسول الله أن يسترقى من العين]

5738# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ممَّا لا خلاف فيه، ووقع في «شرح شيخنا»: أنَّه بالباء الموحَّدة، وهو غلط محضٌ، وسبق قلم، بل ليس في رواة الكُتُب السِّتَّة راوٍ اسمه مُحَمَّد بن كَبِير؛ بالموحَّدة، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر؛ وذلك لأنِّي راجعت ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير من «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ؛ فرأيتُه ذكر في مشايخه الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، والذَّهَبيُّ قال: روى عن سفيان، وراجعت ترجمة معبد بن خالد؛ فرأيت الحافظ عبد الغنيِّ والذَّهَبيَّ لم يذكرا فيها ابن عيينة فيمَن أخذ عنه، إنَّما ذكرا الثَّوريَّ، وقد تَقَدَّمَ مثله.

قوله: (أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه وللفاعل أيضًا، وبالوجهين هو في أصلنا.

(1/10389)

[حديث: استرقوا لها فإن بها النظرة]

5739# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْنُ خَالِدٍ): قال المِزِّيُّ: (قال أبو مسعود: مُحَمَّد بن خالد: هو مُحَمَّد يحيى بن عبد الله بن خالد الذُّهْليُّ)، انتهى.

تنبيهٌ هو فائدةٌ: اجتمع في هذا الحديث عدَّةُ مُحَمَّدين سبعة، فرواه الفِرَبْريُّ _واسمه مُحَمَّد_ عن البُخاريِّ، عن مُحَمَّد ابن خالد، عن مُحَمَّد بن وهب، عن مُحَمَّد بن حرب، عن مُحَمَّد بن الوليد، عن مُحَمَّد الزُّهريِّ، وهذا مِن لطائف الإسناد، وقد رَوينا جزءًا مسلسلًا بالمُحَمَّدين، لكن انقطع التَّسلسُل فيَّ؛ لأنِّي إبراهيمُ، وفي شيخنا محبِّ الدين ابن ظافر المصريِّ؛ لأنَّ اسمه عبدُ الله.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزَّاي وفتح الموحَّدة، و (زَيْنَب): بنت أمِّ سلمة رضي الله عنهما، تَقَدَّمَتْ، وكذا أمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وتَقَدَّمَتْ وفاتها، وأنَّها بعد مقتل الحسين رضي الله عنهما.

قوله: (رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً): هذه (الجارية) لا أعرف اسمها.

قوله: (فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ): بفتح السِّين، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ عين مفتوحة مهملتين، ثُمَّ تاء التأنيث، فسَّرها في الحديث في «مسلم»: (يعني: صُفرة)، قال ابن قُرقُول: (وهذا غير معروف في اللُّغة، وقيل: معناه: علامة من الشيطان، وقيل: ضربة واحدة من الشيطان، من قوله: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15]، سفعت بالنَّاصية: قبضت عليها، وسفعتُه: لطمتُه، وسفعته بالعصا: ضربته، وأصل السَّفع: الأخذ بالنَّاصية، ثُمَّ استُعمِل في غيرها ... ) إلى آخر كلامه، وقال شيخنا: (إنَّه بفتح السِّين وضمِّها، وهو شحوب في سواد الوجه ... )، وذكر أقوالًا أخرى؛ بعضها تَقَدَّمَ، ثُمَّ ذكر عن ابن بَطَّال أنَّه ضبطه بالضَّمِّ، ثُمَّ قال: (وضبط: «به سَفعة من الشيطان» بالفتح)، ونقل شيخنا: (عن ابن الجوزيِّ، عن ابن ناصر، عن الخطيب التبريزيِّ، عن المعريِّ أبي العلاء أنَّه بالفتح أجود، وقد يُضمُّ)، انتهى.

قوله: (فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ): هو بفتح النُّون، وإسكان الظاء المُعْجَمة المشالة، مِن نظر الجنِّ، و (النَّظرة): العين، يقال: عيون الجنِّ أنفذ مِن أسنَّة الرِّماح.

(1/10390)

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ [1]): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن حرب، و (الزُّبَيديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزاي، وسمَّاه في السند مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديَّ، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ): هو الأشعريُّ الحمصيُّ أبو يوسف، عن مُحَمَّد بن زياد الألهانيِّ والزُّبَيديِّ، وعنه: أبو مسهر والهيثم بن خارجة، قال يحيى بن حسَّان: ما رأيت بالشام مثله، صدوق ناصبيٌّ، تُوُفِّيَ سنة (179 هـ)، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود والنَّسَائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، ومتابعة عبد الله بن سالم ليست في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (عُقيل)؛ فقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وأنَّه ابن خالد، وتعليقه ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (الزُّهريُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وقوله: (أخبرني عروة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ يعني: أن عُقيلًا روى هذا الحديث مُرْسَلًا، وإن شئت؛ قلت: مُعضَلًا، وأنَّ مُحَمَّد بن الوليد الزُّبيديَّ رواه مُتَّصلًا، وقد تَقَدَّمَ الأقوال فيما إذا روى بعض الثِّقات الحديثَ مرفوعًا، وبعضُهم موقوفًا، أو بعضُهم مُرْسَلًا، وبعضُهم مُتَّصلًا؛ أربعة أقوال، وأنَّ الصَّحيح: أنَّ العبرة بمَن رفع أو وصل، مُطَوَّلًا، والله أعلم، قال المِزِّيُّ: (وفي «كتاب خلف» عن عروة عن زينب: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... )، انتهى.

[ج 2 ص 548]

==========

[1] متابعة عبد الله جاءت في «اليونينيَّة» بعد قول عقيل، وتقديمها رواية أبي ذرٍّ.

(1/10391)

[باب: العين حق]

(1/10392)

[حديث: العين حق ونهى عن الوشم]

5740# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الحافظ الكبير المُصنِّف عبد الرَّزَّاق بن همام الصنعانيُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مِرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن منبِّه بن كامل اليَمانيُّ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ.

(1/10393)

[باب رقية الحية والعقرب]

(1/10394)

[حديث: رخص النبي الرقية من كل ذي حمة]

5741# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيح» عَدَلا عمَّا يُنكَر عليه، و (سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ): بالشين المُعْجَمة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن فيروز.

قوله: (مِنْ الحُمَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها وما هي قريبًا.

==========

[ج 2 ص 549]

(1/10395)

[باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم]

(1/10396)

[حديث: اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي]

5742# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهيب.

قوله: (اشْتَكَيْتُ): ثابتٌ أخبر أنسًا أنَّه اشتكى، فـ (اشتكيت) على هذا بكسر الهمزة، إذا ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وإن درجتَ؛ وصلتَ، وهي ألفُ وصل، وتاؤه مضمومة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (لَا يُغَادِرُ سَقَمًا): تَقَدَّمَ معنى: (لا يغادر)، وأنَّه لا يُبقِي ولا يترك.

==========

[ج 2 ص 549]

(1/10397)

[حديث: اللهم رب الناس أذهب البأس]

5743# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفَلَّاس الصَّيرفيُّ، أحد الأعلام، و (يَحْيَى): بعده هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (مُسْلِم): هو أبو الضُّحى مسلم بن صُبَيح.

قوله: (أَذْهِبِ الْبَاسَ): هو بفتح الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ.

قوله: (وَاشْفِهِ [1]): هو بهمزةِ وصل، ثُلاثيٌّ.

قوله: (لَا يُغَادِرُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ معناه: لا يُبقِي ولا يترك، وتَقَدَّمَ بعيدًا.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ فيما يظهر، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (اشفه)؛ بغير واو.

[ج 2 ص 549]

(1/10398)

[حديث: امسح البأس رب الناس بيدك الشفاء]

5744# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضَّاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالصاد المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا هو ابن شُميل الإمامُ.

==========

[ج 2 ص 549]

(1/10399)

[حديث: بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا]

5745# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة بعد (ابن المدينيِّ) الحافظ.

قوله: (تُرْبَةُ أَرْضِنَا): (تربة): مَرْفوعٌ، ومعنى (تربة أرضنا): قال جمهورُ العلماء: المراد بـ (أرضنا): جملةُ الأرض، وقيل: أرض مدينة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاصَّة.

قوله: (بِرِيقَةِ بَعْضِنَا): (الرِّيقة): أخصُّ من الرِّيق، وإن شئت؛ قلت: أقلُّ مِن الرِّيق، والرِّيق: الرُّضاب، وهو معروف، يريد: بصاق بني آدم، وفيه شفاء مِن الجراحات والقُوباء وغيرها، و (القُوباء)؛ بِضَمِّ القاف، وفتح الواو وتُسكَّن، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ همزه ممدود: داء معروف ينقشر ويتَّسع، ويُعَالج بالرِّيق، وهي مؤنَّثة لا تنصرف، وجمعها: قُوَبٌ، قال: [من الرَّجز]

~…يَا عَجَبًا لِهَذِهِ الفَلِيقَةْ…هَلْ تُذْهِبَنَّ القُوَبَاءَ الرِّيقَةْ

فإن سكَّنت الواو؛ ذكَّرت وصرفت، ويأتي بُعَيد هذا كيف يُصنَع بالرِّيق.

قوله: (يُشْفَى سَقِيمُنَا): (يُشفَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (سقيمُنا): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/10400)

[حديث: تربة أرضنا وريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا]

5746# قوله: (تُرْبَةُ أَرْضِنَا): تَقَدَّمَ أعلاه، (وَرِيقَةُ) تَقَدَّمَ، و (يُشْفَى سَقِيمُنَا): تَقَدَّمَ أعلاه، ومعناه: أنَّه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السَّبابة، ثُمَّ يضعُها على التراب، فيتعلَّق بها شيء، فيمسح به موضع الجرح أو الألم، ويقول هذا الكلامَ في حال المسح، والله أعلم.

(1/10401)

[باب النفث في الرقية]

قوله: (بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ): (النَّفْث): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وتَقَدَّمَ ما هو، وقال الشيخ محيي الدين: («النَّفْث: نفخ لطيف لا ريقَ معه)، انتهى، وقيل: معه ريق يسير، قال شيخنا حين ذكر (النَّفْث): (وفيه إباحة النَّفْث في الرُّقى، وقد روى الثَّوريُّ عن الأعمش، عن إبراهيم قال: إذا رقيت بآي القرآن؛ فلا تنفث، وقال الأسود: أكره النَّفث، وكان لا يرى بالنفخ بأسًا، وكرهه أيضًا عكرمة، والحكم، وحمَّادٌ، وأظنُّ حجَّة مَن كرهه ظاهرَ قوله: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} [الفلق: 4]، وذلك نفث سحر، والسِّحر مُحرَّم، وما جاء عن الشارع أولى)، انتهى، ففي تبويب البُخاريِّ هذا ردٌّ على مَن كره ذلك، والله أعلم، واعلم أنَّ النَّسَائيَّ روى في «سننه» في (كتاب المحاربة) عن عمرو بن عليٍّ عن أبي داود الطَّيالسيِّ، عن عبَّاد بن ميسرة المنقريِّ، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا: «مَن عقد عُقدة، فنفث فيها، فقد سَحَر، ومَن سَحَر؛ فقد أشركَ بالله»، هذا الحديث لا يصحُّ لعبَّاد بن ميسرة المنقريِّ؛ لأنَّ أحمد ويحيى ضعَّفاه، وقال يحيى مرَّة: ليس به بأس، وقال أبو داود: ليس بالقويِّ، وكان من العُبَّاد، ثُمَّ إنَّ الحسن لم يسمع من أبي هريرة، على قول الأكثرين، والله أعلم.

(1/10402)

[حديث: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان]

5747# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): هو بإسكان الخاء، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرحمن بن عوف، أحدُ الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه اختُلِف في اسمه، فقيل: الحارث، وقيل: النُّعمان، وقيل: عمرو، ابن ربعيٍّ الخزرجيُّ، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلم مِن الشَّيطان)، وأنَّه (الحلم)؛ بالإسكان والضَّمِّ.

قوله: (فَلْيَنْفِثْ): تَقَدَّمَ أنَّه [1] بكسر الياء وضمِّها، وتَقَدَّمَ ما (النَّفْث)، وسأذكر الروايات التي جاءت: ماذا يصنع إذا رأى ما يكره في (التَّعبير) إن شاء الله تعالى.

(1/10403)

[حديث: كان رسول الله إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه]

5748# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي [1]): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

[ج 2 ص 549]

قوله: (إِذَا أَوَى): هو بقصر الهمزة، هذا هو الفصيح، وقد تَقَدَّمَ أنَّه متى كان لازمًا؛ كان بقصر الهمزة، ومتى كان متعدِّيًا؛ كان بمدٍّ على الفصيح فيهما، وهي لغة القرآن.

قوله: (وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الواو.

قوله: (قَالَ يُونُسُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، المذكور في السند، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ابن شهاب).

(1/10404)

[حديث: وما يدريك أنها رقية أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم بسهم]

5749# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْر) بعده: بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وتَقَدَّمَ أنَّه جعفر بن أبي وحشيَّةَ إياسٍ، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: ابن دُواد، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (أنَّ رَهْطًا): تَقَدَّمَ أنَّ (الرهط): ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء كانوا ثلاثين رجلًا، كما في بعض طرق الحديث، وكأنَّه أراد الرُّؤساء.

قوله: (فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ): (لُدِغ): بِضَمِّ اللَّام، وكسر الدال المُهْمَلة، وبالغين المُعْجَمة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكانت قد لدغته [1] عقرب، كما في بعض طرقه، و (سيِّد الحيِّ): لا أعرف اسمه.

قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: [نَعَمْ]؛ وَاللهِ إِنِّي لَرَاقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه أبو سعيد الخُدْريُّ، كما جاء التَّصريح به في «سنن ابن ماجه»، وقد تَقَدَّمَ ما فيه.

قوله: (عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ): تَقَدَّمَ أنَّه كان ثلاثين شاة، كما في بعض طرق هذا «الصَّحيح».

قوله: (فَجَعَلَ يَتْفلُ): تَقَدَّمَ ما (التفل)، وأنَّ (يتفل) بكسر الفاء وضمِّها.

قوله: (لَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ): (نُشِطَ): بِضَمِّ النون، وكسر الشين المُعْجَمة، وبالطاء المُهْمَلة، قال في «النهاية»: («فكأنَّما أُنشط مِن عقال»؛ أي: حلَّ، وقد تكرَّر في الحديث، وكثيرًا ما يجيء في الرواية: «كأنَّما نُشِط من عقال»، وليس بصحيح، يقال: نشطتُ العقدةَ؛ إذا عقدتَها، وأنشطتُها، وانتشطتُها؛ إذا حللتَها)، انتهى، وفي «المطالع»: («كأنَّما أُنشِط من عقال»؛ أي: حُلَّ، وأصله: مِن البعير المعقول، يُقال: نشطتُ البعيرَ؛ إذا عقلتَه بالأنشوطة، وهي عقدة في العقال، وأنشطتُ العقال ونشطتُه؛ إذا حللتَه)، ونقل شيخنا كلام صاحب «الأفعال»، فقال: (أنشطتُ العقدة؛ حللتُها، ونشطتُها؛ عقدتُها بأنشوطة؛ وهي حديدة يعقد بها، قلت: فعلى هذا: صوابه: أُنشِط، كما نبَّه عليه ابن التين)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مُختصَرًا.

(1/10405)

قوله: (مَا بِهِ قَلَبَةٌ): هي بفتح القاف واللَّام والموحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (القلبة): الداء، وأصله مِن القُلَاب؛ وهو داء يصيب الإبل، ثُمَّ استُعمِل في كلِّ داء، وقيل: معناه: وما به داء يُقلَبُ له.

قوله: (فَأَوْفَوْهُمْ): هو بهمزة القطع، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (اقْسِمُوا): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها، وهو ثُلاثيٌّ، ولا أعرف قائل: (اقسموا).

قوله: (فَقَالَ الَّذِي رَقَى): (الذي رقى): تَقَدَّمَ أنَّه أبو سعيد الخُدْريُّ، و (رقى): معتلٌّ، غير مهموز، وهذا غاية في الظهور.

قوله: (أَنَّهَا رُقْيَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ جوهر اللَّفظ يعطي أنَّ جميع السورة رقية، وقال بعضهم: موضع الرقية منها: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، وفي لفظ بعضهم: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

==========

[1] في (أ): (دلغته)، وهو تحريف.

[ج 2 ص 550]

(1/10406)

[باب مسح الراقي الوجع بيده اليمنى]

(1/10407)

[حديث: أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي]

5750# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، القارئ، و (مُسْلِم): هو أبو الضُّحى مسلم ابن صُبَيح.

قوله: (أَذْهِبِ الْبَاسَ): (أَذْهب): بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ.

قوله: (وَاشْفِ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، ثُلاثيٌّ، و (لَا يُغَادِرُ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: لا يترك ولا يُبقي، وتَقَدَّمَ أنَّ قوله: (فَذَكَرْتُهُ لِمَنْصُورٍ): قائله هو سفيان الثَّوريُّ، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيْم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، وتَقَدَّمَ كلُّ ذلك قريبًا.

==========

[ج 2 ص 550]

(1/10408)

[باب في المرأة ترقي الرجل]

(1/10409)

[حديث عائشة: أنَّ النبي كان ينفث على نفسه في مرضه]

5751# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه المسنديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ لمَ قيل له: (المسنديُّ)، في أوائل هذا التعليق، و (هِشَامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (يَنْفثُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الفاء وضمِّها، وتَقَدَّمَ ما (النفث) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (قُبِضَ فِيهِ): (قُبِض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بِالْمُعَوِّذَاتِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّها بكسر الواو، و (أَنْفثُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بكسر الفاء وضمِّها.

قوله: (فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ): السَّائل له مَعْمَر؛ هو ابن راشد، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، والزُّهريُّ: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

وقوله: (يَنْفثُ) و (يَنْفثُ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه بكسر الفاء وضمِّها.

==========

[ج 2 ص 550]

(1/10410)

[باب من لم يرق]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرْقِ): هو بفتح أوَّله، وسكون ثانيه، معتلٌّ، محذوف الياء؛ للجزم.

(1/10411)

[حديث: عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه ... ]

5752# قوله: (حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، و (حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) مثلُه.

قوله: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ): (عُرِضت): بِضَمِّ العين، وكسر الرَّاء، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأمم): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (مَعَهُ الرَّهْطُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهط): ما دون العشرة مِن الرجال، وتَقَدَّمَ أنَّ (السَّواد): الأشخاص، وتَقَدَّمَ (الأُفُقَ): أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وضمِّ الفاء، وسكونها، جانب السَّماء.

[ج 2 ص 550]

قوله: (وَمَعَهُمْ [1] سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يجيء أنَّ هؤلاء مِن مقبرة واحدة؛ وهي البقيع، والله أعلم.

قوله: (لَا يَتَطَيَّرُونَ): تَقَدَّمَ ما (الطِّيَرة).

قوله: (وَلَا يَسْتَرْقُونَ): تَقَدَّمَ تنبيهٌ على ما وقع في «صحيح مسلم»: (لا يرقون، ولا يسترقون)، ولم يقع (يرقون) في «البُخاريِّ»؛ فانظر ذلك غير بعيد جدًّا.

قوله: (وَلَا يَكْتَوُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الكيِّ)، والأحاديث الواردة فيها، والجمع بينها.

قوله: (فَقَامَ عُكَّاشَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتشديد والتَّخفيف، وتَقَدَّمَ ضبط والده (مِحْصَنٍ)، وما وقع فيه لبعض رواة «البُخاريِّ»، وتَقَدَّمَ الكلام على القائم الثاني، وأنَّه سعد بن عبادة، وستأتي الحكمة في تأخُّره عن هذا المقام، وفيه كلام حسن من عند السُّهيليِّ في (باب يدخلون الجنَّة سبعون ألفًا بغير حساب)، فقيل في معناه: كانت ساعة إجابة، ويقال: كي لا يتسلسل الأمرُ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ومع هؤلاء).

(1/10412)

[باب الطيرة]

قوله: (بَابُ الطِّيَرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الطِّيَرَة): بكسر الطاء، وفتح الياء وتُسكَّن؛ حكاهما ابن الأثير.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10413)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة والشؤم في ثلاث ... ]

5753# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظاهر أنَّه المسنديُّ، وقد تَقَدَّمَ، وسيأتي قريبًا، تقدَّمت ترجمته، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الجمع بينه وبين قوله: (وفِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد)، وقوله: (لا يوردنَّ مُمرِض على مُصِحٍّ)، وأنَّه لا تعارُض، والله أعلم.

قوله: (وَلَا طِيَرَةَ): تَقَدَّمَ ما (الطِّيرة)، وتَقَدَّمَ ضبطها أعلاه وقبله مرارًا، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ) مُطَوَّلًا في أوَّل (الجهاد).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 551]

(1/10414)

[حديث: لا طيرة وخيرها الفأل]

5754# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

(1/10415)

[باب الفأل]

قوله: (الْفَأْلُ): هو مهموز؛ ما يسرُّ ويسوء؛ بخلاف الطِّيرة، فإنَّها لا تكون إلَّا فيما يسوء، وربَّما استُعمِلت فيما يسرُّ ويسوء، وهمزة (الفأل) ساكنة، فيجوز تسهيلها، وجمع (الفأل): فُؤُل، وقال بعضهم: هو ضدُّ (الطِّيرة)، قال الخَطَّابيُّ: الفرق بين الفأل والطِّيرة أنَّ الفأل: مأخوذ من طريق حُسْن الظَّنِّ بالله تعالى، والطِّيَرة: إنَّما هي من طريق الاتِّكال على شيء سواه، وقال الأصمعيُّ: سألت ابن عون عن الفأل؛ فقال: هو أن يكون مريضًا، فيسمع: يا سالم، أو غائبًا [1]، فيسمع: يا واجد، والله أعلم.

(1/10416)

[حديث: لا طيرة، وخيرها الفأل]

5755# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهذليُّ.

قوله: (لَا طِيَرَةَ): تَقَدَّمَ ضبطها قريبًا، وكذا (الْفَأْلُ).

(1/10417)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة]

5756# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، وأنَّه نسبَه إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النسبة إلى فرهود: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (مسلم): حافظ مشهور، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10418)

[باب: لا هامة]

قوله: (بَابٌ: لَا هَامَةَ): تَقَدَّمَ ضبطها، والكلام عليها قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10419)

[حديث أبي هريرة: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر]

5757# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضَّاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالمُهْمَلة، وهذا هو ابن شميل الإمام، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى: بالفتح، والأسماء: بالضَّمِّ، وهذا عثمان بن عاصم، و (أَبُو صَالِح): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه مع ما يعارضه في الظاهر قريبًا، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطِّيَرَة)، وعلى (الهَامَةَ)، وعلى (الصَّفَر).

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10420)

[باب الكهانة]

قوله: (بَابُ الْكِهَانَةِ): هي بكسر الكاف؛ مصدر (كهَن يكهُن)؛ مثل: (كتَب يكتُب كِتابة)، قال القاضي عياض رحمه الله: (كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب؛ أحدها: يكون للإنسان وليٌّ من الجنِّ يخبره بما يسترق مِن السَّمع مِن السماء، وهذا القِسم بطل مِن حين بُعِث مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، الثاني: أن يخبره بما يطرأُ، أو يكون في أقطار الأرض، وما خَفي عنه ممَّا قَرُب أو بَعُد، وهذا لا يبعدُ وجودُه، ونفت المعتزلة وبعض المتكلِّمين هذين الضَّربَين وأحالوهما، ولا استحالة في ذلك، ولا بُعد في وجوده، لكنَّهم يَصدُقون ويَكذِبون، والنَّهيُ عن تصديقهم والسماع منهم عامٌّ، الثالث: المُنجِّمون، وهذا الضرب يخلق الله فيه لبعض الناس قوَّةً ما، لكن الكذب عليه أغلب، ومِن هذا الفنِّ العرافة، وصاحبها عرَّاف؛ وهو الذي يستدلُّ على الأمور بأسباب ومُقدِّمات يدَّعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض هذا الفنِّ في ذلك بالزجر، والطرق، والنُّجوم، وأسباب معتادة، وهذه الأضرب كلُّها تُسمَّى: كهانة، وقد أكذبهم الشرع، ونهى عن تصديقهم وإتيانِهم، والله أعلم، وقد قدَّمته مرَّة أخرى.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10421)

[حديث: إنما هذا من إخوان الكهان]

5758# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عفيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا ... ) إلى آخره: المضروبة ذات الجنين: مليكة بنت عويمر، والضاربة: أمُّ غُطَيف بنت مسروح، كذا في «غوامض عبد الغنيِّ»، وفي «النَّسَائيِّ» تسمية المرأتين عن ابن عَبَّاس، وقيل في الثانية _وهي الضَّاربة_: أمُّ عَفيف، قال أبو الفرج ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»: (واسم إحدى المرأتين: مليكة، والأخرى: غُطَيف، وقيل: أمُّ غطيف، ورُوِي: أنَّ إحدى المرأتين أمُّ عَفيف، والأخرى: أمُّ مُكلِّب، وذكر أنَّ الضاربة هي أمُّ عفيف بنت مسروح،

[ج 2 ص 551]

والمضروبة كانت مليكة بنت ساعدة الهذليِّ)، انتهى، وقال ابن بشكوال: الضَّاربة: أمُّ عَفِيف بنت مسروح، وذات الجنين مُلَيكة بنت عويمر؛ ذكره عبد الغنيِّ، وفي حديثه: (فقال العلاء بن مسروح)، وقيل: إنَّ المُتكلِّم بذلك حملُ بن مالك بن النابغة، وعن ابن طاهر مثلُه، إلَّا أنَّه قال: (أمُّ عَفيفة)، ولم يحك كون المتكلِّم حمل بن مالك، والله أعلم.

قوله: (مِنْ هُذَيْلٍ): كذا هنا، وفي بعض طرقه: (من بني لحيان)، و (لِحيان)؛ بكسر اللَّام على المشهور: بطنٌ مِن هذيل، والله أعلم [1].

قوله: (بِحَجَرٍ): كذا هنا، وفي بعض طرقه في هذا «الصَّحيح»: (رمت إحداهما الأخرى)، ولم يتعرَّض للمَرميِّ به، وفي رواية: (بعمود فسطاط)، وقد تَقَدَّمَ ما الفُسطاط، ولغاته، ولعلَّها فعلت بها الشَّيئين؛ رمتها بحجر، وضربتها بعمود فُسطاط؛ جمعًا بين الروايتين، والله أعلم.

(1/10422)

قوله: (غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ): (غرَّةٌ): منوَّن مَرْفوعٌ، و (عبدٌ أو أمةٌ): مثله بدل من (غرَّة)؛ كذا ضبطه غير واحد، ولكن المُحدِّثون يروونه على الإضافة، قال ابن قُرقُول: (والأوَّل هو الصواب؛ لأنَّه بيَّن الغرَّة ما هي)، انتهى، وممَّا يُؤيِّد ما قاله، ويوضِّحه رواية في هذا «الصَّحيح» في (كتاب الدِّيات) في (باب دية جنين المرأة) عن المغيرة بن شعبة: (قضى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالغرَّة عبدٍ أو أمةٍ)، فقد فسَّر (الغرَّة) في الحديث: بعبدٍ أو أمةٍ، قال العلماء: و (أو) في الحديث؛ للتَّقسيم، لا للشَّكِّ، ونقل شيخنا احتمالًا عن ابن التِّين: أنَّها للشَّكِّ، ثُمَّ نقل عنه ما معناه أنَّها ليست للشَّكِّ، قال: وهذا المعوَّل عليه، انتهى، و (الغُرَّة): العبدُ نفسُه أو الأمة، وأصل الغرَّة: البياض الذي يكون في وجه الفرس، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: (الغرَّة: عبد أبيض، أو أمة بيضاء، وسُمِّي غرَّة؛ لبياضه، ولا يُقبَل في الدِّية عبدٌ أسودُ، ولا جاريةٌ سوداءُ، وليس ذلك شرطًا عند الفقهاء، وإنَّما (الغرَّة) عندهم: ما بلغ ثمنه نصف عِشر الدِّية مِن العبيد والإماء، وإنَّما تجب الغرَّة في الجنين؛ إذا سقط ميتًا، فإن سقط حيًّا ثُمَّ مات؛ ففيه الدِّية كاملةٌ، وقد جاء في بعض الرِّوايات: (غرَّة عبد أو أمة، أو فرس، أو بغل)، وقيل: إنَّ الفرس والبغل غلط مِن الراوي، وقد أخذ بها بعضُ السَّلف.

(1/10423)

تنبيهٌ: قال كافَّة العلماء بالغرَّة، قال شيخنا: (وخالف فيه قوم فقالوا: لا شيء فيه؛ حكاه في «المعونة»، وهو منابذ للنَّص، فلا يُلتفَتُ إليه)، انتهى، قال شيخنا في (الفرائض): ومن غريب ما وقع في هذا الحديث بعد قوله: «أو أمة»: «أو بغل، أو حمار»، أخرجها أبو داود، وهي معلولة، وفي رواية لابن أبي شيبة مِن حديث عطاء مُرْسَلًا: «أو بغل» فقط، وأخرى: «أو فرس» من حديث هشام عن أبيه، وقال به مجاهد وطاووس، وفي «الدَّارقطنيِّ» من حديث معمر عن ابن طاووس، عن أبيه أنَّ عمر قال: «أو فرس»، وفي «الإسماعيليِّ» قال عروة: «الفرس غرَّة»، وقال ابن سيرين: «يجزئ مئة شاة»، وفي بعض طرق «أبي داود»: «خمس مئة شاة»، وهو وَهَمٌ صوابه: «مئة شاة»، كما نبَّه عليه أبو داود، وفي «مسند الحارث بن أبي أسامة» من حديث حمل بن مالك: «أو عشرين من الإبل، أو مئة شاة»، قال البَيْهَقيُّ: ورواه أبو الفتح أيضًا عن أبيه، عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا أنَّه قال: «أو عشرون ومئة شاة»، وإسناده ضعيف.

(1/10424)

قوله: (فَقَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي غرِمَتْ [2]): (وليُّها): هو حَمَلُ بن مالك بن النَّابغة، كذا جاء مُصرَّحًا به في بعض طرق «الصَّحيح»، و (حَمَل)؛ بفتح الحاء المُهْمَلة، والميم، وقيل فيه: حملة، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وليُّ المرأة هو العلاء بن مسروح، وفي بعض الرِّوايات: «فقال حَمَل بن مالك بن النابغة الهذليُّ، وهو زوج المرأتين»، وفي «مختصر الاستيعاب» ... )، فذكر مستنده من كونه العلاء بن مسروح من «مختصر الاستيعاب»، وعزاه لعبد الغنيِّ بن سعيد، قال: (ووقع في «البَيْهَقيِّ»: «فقال أبوها»، وحينئذٍ؛ فيكون القائل مسروح)، انتهى، قال شيخنا: (وروى أبو موسى المدينيُّ في «الصَّحابة»: أنَّ حَمَل بن مالك هذا تُوُفِّيَ في زمن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وُجِد مقتولًا، قتلته امرأة اسمها أُثَيلة، وأنَّه عليه السلام أهدر دمه)، انتهى، و (حَمَل) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه هذليٌّ، له صحبة، روى عنه ابن عَبَّاس، روى له أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، ولم أر مِن وفاته إلَّا ما ذكرته مِن كلام شيخنا الذي نقله عن أبي موسى، والحديث الذي لـ (حَمَل) في «أبي داود» و «النَّسَائيِّ» و «ابن ماجه» يشهدُ بأنَّه تخلَّف بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى زمن عمر رضي الله عنه، و (غُرِّمَتْ)؛ بِضَمِّ الغين المُعْجَمة، وكسر الراء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (غَرِمَتْ)؛ بفتح الغين، وكسر الرَّاء المُخفَّفة، مَبْنيٌّ للفاعل.

قوله: (وَلَا اسْتَهَلَّ): أي: صاح، وهذا معروفٌ.

قوله: (بَطَلَ): هو في أصلنا بالموحَّدة المفتوحة، وفي نسخة: (يُطَلُّ)، قال ابن قُرقُول: («بطَلْ» أو «يُطَلّْ»، بالوجهين رويناه في «المُوطَّأ» ليحيى عنه، قال ابن بُكَيْر: (بالوجهين رويناه عن مالك، ورجَّح الخَطَّابيُّ رواية [3] الياء من «طُلَّ دمَه»، أو «طُلَّ دمُه»، و «أُطِلَّ دمه»؛ كلُّ ذلك إذا لم يُطلَب به، وأكثر الروايات: «بطل»؛ بباء واحدة، وكذلك في «البُخاريِّ» في «باب الطِّيَرة والكهانة»، يقال منه: بطل الشيء بُطلًا وبُطلانًا؛ ذهب، وكذلك إذا لم يُؤخَذ به القاتلُ، وكذلك في «كتاب مسلم»، إلَّا عند أبي جعفر، فإنَّ الرواية عنه في حديث أبي الطاهر وحرملة: بالياء مثنَّاة)، انتهى، ونقل شيخنا عن ابن دريد قال: (أهل الحديث يقولونه بالباء، وهو تصحيف؛ إنَّما هو بالياء).

(1/10425)

قوله: (إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ): في بعض طرق «الصَّحيح»: (مِن أجل سجعه الذي سَجَع)، وفي رواية أخرى: (أسجع كسجع الأعراب)، قال العلماء: إنَّما ذَمَّ سجَعه؛ لوجهين؛ أحدهما: أنَّه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله، والثاني: تكلُّفه في مخاطبته، وهذان الوجهان في السجع مذمومان، وأمَّا السجع الذي كان عليه السَّلام يقوله وهو في الحديث؛ فليس من هذا؛ لأنَّه لا يعارض به حكم الشرع ولا يتكلَّفه، فلا نهي فيه، بل هو حسن، ويؤيِّد ذلك قولُه: (كسجع الأعراب)، فأشار إلى بعض السَّجع، وهو المذموم.

(1/10426)

[حديث: قضى النبي في امرأتين رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت ... ]

5759# 5760# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف عبدُ الله، وقيل: إسماعيل.

قوله: (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما أعلاه؛ الضَّاربة والمضروبة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الغُرَّة)، و (عَبْد أَوْ أَمَة)؛ إعرابه، وهنا (وَلِيدَة): عوض (أمة)، وهي هي.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب به، وهو من طريق سعيد هنا مُرْسَل، وقد أخرجه النَّسَائيُّ كذلك عن الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المُسَيّب به، والله أعلم.

قوله: (يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ): (يُقتَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه وإعرابه.

قوله: (فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ:): (قُضِي)؛ بِضَمِّ القاف، وكسر الضَّاد، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أعلاه مَن هو، وأنَّه حمل بن مالك بن النابغة، وتَقَدَّمَ أنَّه غيره.

قوله: (وَلَا اسْتَهَلَّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: صاح، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (بَطَل)، وهو بالباء الموحَّدة هنا في أصلنا، وعلى قوله: (إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ).

[ج 2 ص 552]

(1/10427)

[حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب ومهر البغي]

5761# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، لا الحافظ الكبير المُصنِّف أبو بكر ابن أبي شيبة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو مَسْعُود): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، نُسِب إليها؛ لأنَّه كان ينزلها، وقد تَقَدَّمَ تَعقُّبُ البُخاريِّ في عدِّه في البدريِّين.

قوله: (عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (البيوع)، ورواية: (إلَّا كلب صيد)، وتَقَدَّمَ قصَّة عثمان في تغريم مَن قتل كلب صيدٍ، وأنَّهما ضعيفان، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (مَهْرِ الْبَغِيِّ): وهو ما تأخذه الزَّانية الفاجرة على زناها، وعلى (حُلْوَانِ الْكَاهِنِ): وأنَّه حرام بالإجماع، وهو ما يأخذه الكاهن، والمُنجِّم، والرَّمَّال، وأصحاب الحصى، والشَّعير، وزجر الطَّير [1] أجرة له، وتَقَدَّمَ الكلام قريبًا وبعيدًا ما (الكاهن).

(1/10428)

[حديث: تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني]

5762# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ ضبطه، وتَقَدَّمَ (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (نَاسٌ): هؤلاء (النَّاس) السائلون عن الكهَّان لا أعرفهم.

قوله: (لَيْسَ بِشَيْءٍ): معنى هذا الكلام: بطلان قولهم، وأنَّه لا حقيقة له، وفي هذا الحديث جوازُ إطلاق هذا اللَّفظ على ما كان باطلًا.

قوله: (أَحْيَانًا): تَقَدَّمَ أنَّ (الأحيان): الأوقاتُ.

قوله: (يَخْطَفُهَا): هو بفتح الطَّاء، وهذه اللُّغة الفصيحة، وهي لغة القرآن، ويجوز في لغة قليلة كسرُ الطاء.

قوله: (فَيَقُرُّهَا): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ قاف، ثُمَّ راء مشدَّدة مضمومتين كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (كذا ضبطه الأصيليُّ بفتح الياء وضمِّ القاف، وعند غيره بِضَمِّ الياء وكسر القاف، وصوَّب بعضهم رواية الأصيليِّ، وكلاهما صوابٌ على اختلاف التَّفسير، فقيل على ضمِّ القاف: إنَّ معناه: يردِّدها؛ كما تُردِّد الدَّجاجة صوتَها، وكذلك على مَن فسَّره أيضًا: تُصوِّتُ بها الدَّجاجة، يقال منه: قرَّت الدَّجاجة تَقُرُّ؛ إذا قطعت صوتها، وقرقرت قرقرة؛ إذا ردَّدت؛ أيضًا كما تصوِّت الزُّجاجة؛ إذا حرَّكتها على شيء، أو كما تردِّد ما يُصَبُّ في القارورة في مدخلها أو جوانبها، وهذا يصحُّ على الضَّمِّ والكسر في القاف، يقال: قَررْتُ الماء في الآنية وأقررته؛ إذا صببته، قاله ابن القوطيَّة، وقيل: معنى «يَقُرُّها»: يودعها في أذنه؛ أي: يجعل أذنه لها قرارًا، وهذا على رواية [2] مَن كسر القاف مِن «أقرَّ الشيء»، وقيل: «يَقُرُّها»؛ بِضَمِّ القاف: يُسِرُّها يُسارُّه بها، يقال: قرَّ الخبر في أذنه يَقُرُّه قَرًّا؛ إذا أودعه إيَّاه سرًّا، و «الدَّجاجة» و «الزُّجاجة» روايتان، وكذلك «تُقِرُّها» روايات في «الصَّحيحَين»)، انتهى لفظه.

قوله: (مِئَةَ كَذْبَةٍ): هي بفتح الكاف وإسكان الذَّال، وكسر الكاف مع إسكان الذال، قال عياض: (وأنكر بعضهم الكسر إلَّا إذا أراد الحالة والهيئة، وليس هذا موضعَها).

(1/10429)

قوله: (قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (عليٌّ) هذا: هو المذكور أوَّل السند، وهو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، الجهبذ، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همام، الحافظ الكبير، الصنَّعانيُّ، وقد أخرجه مسلم في (الطِّبِّ) عن عبد بن حميد، عن عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عن الزُّهريِّ به).

تنبيهٌ: في أصلنا: (قال عليٌّ: قال عبد الرَّزَّاق، مُرْسَل)، وفي الهامش: (قال عليٌّ: قال عبد الرَّحمن بن مهديٍّ)، وكتب عليه: (خ)؛ يعني: أنَّه نسخة، ولم أرَ أنا هذه في «شرح شيخنا»، ولا في «تقييد المُهْمَل»، ولا في «أطراف» المِزِّيِّ، فإذن الصَّواب: (قال عليٌّ: قال عبد الرَّزَّاق)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[2] في (أ): (روايته)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 553]

(1/10430)

[باب السحر، وقول الله تعالى {ولكن الشياطين كفروا ... }]

(1/10431)

قوله: (بَابُ السِّحْرِ وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102]): اعلم أنَّ المازريَّ قال: (مذهب أهل السُّنَّة وجمهور علماء الأمَّة على إثبات السِّحر، وأنَّ له حقيقةً؛ كحقيقة غيره مِن الأشياء الثابتة خلافًا لمَن أنكر ذلك، ونفى حقيقته، وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقيقة لها) انتهى، وقد رأيتُ بعض الشَّارحين نقل أنَّ الشَّاشيَّ مِن الشَّافِعيَّة نقل عن أبي جعفر الاستراباذيِّ: (أنَّ السِّحر لا حقيقة له) انتهى، قال المازريُّ: (وقد ذكره الله تعالى في كتابه، وذكر أنَّه ممَّا يُتعلَّم، وذكر ما فيه إشارة إلى أنَّه ممَّا يُكفَر به، وأنَّه يُفرِّق بين المرء وزوجه، وهذا كلُّه لا يمكن فيما لا حقيقة له) انتهى، والسحر قد يكون كفرًا، وقد لا يكون كفرًا، بل معصيته كبيرة، فإنَّ كان فيه قول، أو فعل يقتضي الكفر؛ فهو كفر، وإلَّا؛ فلا، وأمَّا تعليمه وتعلُّمه؛ فحرام، واعلم أنَّه وقع في «الكفاية» للفقيه العلَّامة نجم الدين ابن الرِّفعة المصريِّ الشَّافِعيِّ أنَّ الغزاليَّ قال في «وسيطه»: (لا يُكرَه تعلُّم السحر)، والذي في «الوسيط»: لا يُكرَه الجوازُ فقط مع أنَّه قد جزم بتحريم تعلُّمه في (كتاب الإجارة عند [2] الكلام على ركن المنفعة، والمذهب أنَّ تعليمه وتعلُّمه حرامٌ على الأصحِّ، وفي «المستدرك» في (الزَّكاة) في كتاب عمرو بن حزم قال: (وكان في الكتاب أنَّ أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة إشراكٌ بالله، وكذا، وكذا ... ) إلى أن قال: (وتعلُّم السِّحر ... )؛ الحديث، وقد سكت عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، ورجَّح في «الميزان» أنَّ سلمان في سنده ابنُ أرقم، لا ابن داود، قال: (فإذن الحديث ضعيف)، انتهى، وإن كان السِّحر يتضمَّن الكفر؛ كفر، وإلَّا؛ فلا، وإذا لم يكن فيه ما يقتضي الكفر؛ عُزِّر واستُتِيب، ولا يُقتَل عند الشَّافِعيَّة، فإن تاب؛ قُبِلت توبتُه، وقال مالك: (السَّاحر كافر يُقتَل بالسحر، ولا يُستَتاب، ولا تُقبَل توبتُه، بل يتحتَّم قتلُه)، والمسألة مبنيَّة على الخلاف في قبول توبة الزِّنديق؛ لأنَّ السَّاحر عنده، كما ذكر، وليس عند الشَّافِعيَّة كذلك، وعندهم تُقبَل توبة المنافق والزِّنديق، قال عياض: (ويقول مالك: قال أحمد ابن حنبل: وهو مَرويٌّ عن جماعة مِن الصَّحابة والتَّابعين)، ومسألة ما إذا قُتِل الساحر بسحره، واعترف بذلك، وأنَّ سحره ممَّا يقتل غالبًا

(1/10432)

معروفةٌ، وكذا مسألة العائن، ومسألة ما إذا قَتَل بالحال؛ كلُّها معروفة، فلا نطوِّل بها الكتاب، ومحلُّها كتب الفروع.

قوله: ({وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} [الفلق: 4]: وَالنَّفَّاثَاتُ: السَّوَاحِرُ): اعلم أنَّ عقد السِّحر التي سُحِر فيها عليه السَّلام كانت إحدى عشرة عقدةً،

[ج 2 ص 553]

فأنزل الله تعالى المُعوِّذتَين إحدى عشرة آيةً، فانحلَّت بكلِّ آية عقدةٌ، وقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ}، ولم يقل: النَّفاثِّين، وإنَّما الذي سحره كان رجلًا، والجواب: أنَّ الحديث قد رواه إسماعيل القاضي، وزاد في روايته أنَّ زينب اليهوديَّة أعانت لبيد بن الأعصم على ذلك السِّحر مع أنَّ الأُخذة في الغالب مِن عمل النساء وكيدهنِّ، والله أعلم؛ ذكره السُّيهليُّ، وعن «تفسير البغويِّ» في {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} [الفلق: 1]: (أنَّ بنات لبيد بن الأعصم سحرْنَه، ولعلَّهنَّ أعنَّ والدهنَّ مع زينب)، والله أعلم، وفي كلام بعض الحفَّاط المصريِّين ذكر ابن سعد في «الطبقات»: (أنَّ مُتولِّي السِّحر أخوات لبيد وكنَّ أسحر منه، وأنَّه هو الذي دفنه).

قوله: ({تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89]: تُعَمَّوْنَ): التِّلاوة معروفةٌ، و (تُعَمَّون)؛ بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وفتح العين المُهْمَلة، والميم مشدَّدة مفتوحة أيضًا، كذا في أصلنا، ويجوز ضمُّ أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه، والذي قاله الثَّعالبيُّ: {تسحرون}؛ أي: تُخدَعُون وتُصرَفُون عن طاعته وتوحيده).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (تعالى).

[2] في (أ): (على)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/10433)

[حديث: يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه]

5763# قوله: (سَحَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ): أنكر هذا طائفةٌ من النَّاس، وقالوا: لا يجوز هذا عليه صلَّى الله عليه وسلَّم، وظنُّوه نقصًا وعيبًا، وليس الأمر كما زعموا، بل هو من جنس ما يعتريه صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الأسقام والأوجاع، وهو مرضٌ مِن الأمراض، وإصابتُه به كإصابته بالسُّمِّ، لا فرق بينهما، قال القاضي عياض: (والسِّحر مرضٌ مِن الأمراض، وعلَّة من العلل، يجوز عليه صلَّى الله عليه وسلَّم كأنواع الأمراض ممَّا لا تُنكَر، ولا تقدح في نبوَّته)، وسيأتي الكلام على هذا الرَّجل الساحر اليهوديِّ قريبًا جدًّا إن شاء الله تعالى.

قوله: (مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ): هو بِضَمِّ الزَّاي، ثُمَّ الرَّاء مفتوحة.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ): (لبيد) هذا: يهوديٌّ، كما سيأتي قريبًا، هلك على يهوديَّته، ولم يؤاخذه عليه السَّلام؛ تكرُّمًا منه، وحكى القاضي عياض في «الشفا» خلافًا في أنَّه قتله أم لا، وحكى في (فصل: فإن قلت: لم يقتل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم اليهوديَّ الذي قال له: «سام عليكم») ما لفظه: (أو يكون هذا ممَّا آذاه به كافر، وجاء بعد ذلك إسلامُه؛ كعفوه عن اليهوديِّ الذي سحر، وعن الأعرابيِّ الذي أراد قتله، وعن اليهوديَّة التي سمَّته، وقد قيل: قتلها)، انتهى، وجاء في بعض طرق هذا الحديث _كما سيأتي قريبًا_ حليف ليهود كان منافقًا، وقوله: (وجاء بعد ذلك إسلامُه)، كذا رأيتُه في نسخة مِن «الشفا» صحيحة، ورأيت في نسخة دونها في الصِّحَّة: (رجا)؛ بالرَّاء مِن الرَّجاء، وعلى هذه؛ فهذا ليس بقولٍ في إسلامه، و (لبيد) هذا: لا أعلم أحدًا عدَّه في المنافقين، والظَّاهر أنَّ المراد بالنِّفاق: الكفر، أو أنَّه كان يداهن المسلمين وهو على يهوديَّته، لا النِّفاق المعروف، ثُمَّ إنَّي رأيت شيخنا نقل عن الدَّاوديِّ: (أنَّه كان يهوديًّا، وأُراه كان ذلك منه قبل أن يكون لهم ذمَّة، ثُمَّ آمن بلسانه، ولم يؤمن بقلبه، وكان منافقًا)، انتهى، فقوله: (كان ذلك منه قبل أن يكون لهم ذمَّة): فيه نظر، ومَن عرف متى كاتبهم عليه السَّلام؛ عَرَفَ بطلانَ ذلك، ونقل شيخنا في هذا المكان عن ابن الجوزيِّ ما لفظه: (وهذا يدلُّ على أنَّه كان أسلم وهو منافق) انتهى، وهذا أخذه مِن قوله: (كان منافقًا)، والله أعلم.

(1/10434)

قوله: (حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ): قيل: إنَّما كان يُتَخيَّل إليه وطءُ زوجاته، وليس بواطِئ، وقد يُتخيَّل للإنسان مثلُ هذا في المنام، فلا يبعد تخيُّله في اليقظة ولا حقيقة له، وقيل: إنَّه يُخيَّل إليه أنَّه فعله وما فعله، ولكن لا يعتقد صحَّة ما تخيَّله، فيكون اعتقاده على السَّداد، قال القاضي عياض رحمه الله: (وقد جاءت روايات هذا الحديث مُبَيِّنةً أنَّ السحر إنَّما سُلِّط على جسده وظواهر جوارحه، لا على عقله وقلبه واعتقادِه، ويكون معنى: «حتَّى يظنُّ أنَّه يأتي أهله ولا يأتيهنَّ»، ويروى: «أنَّه يخيَّل إليه»: أنَّه يظهر له مِن نشاطه، ومُتقدَّم عادته القُدرة عليهنَّ، فإذا دنا؛ أخذته أُخذة السِّحر، فلم يأتِهنَّ، ولم يتمكَّن مِن ذلك؛ كما يعتري المسحور، وكلُّ ما جاء مِن الروايات من أنَّه يخيَّل إليه فعل شيء لم يفعله ونحوه؛ فمحمولٌ على التَّخييل بالبصر، لا تخيَّل يتطرَّق إلى العقل، وليس في ذلك ما يُدخِل لبْسًا على الرِّسالة، ولا طعنًا لأهل الضَّلالة)، انتهى، وقد ذكر ذلك في كتابه «الشفا» مُطَوَّلًا، فإن أردتَه؛ فانظره منه، أو مِن «شرح مسلم» له، أو للنَّوويِّ، والله أعلم.

(1/10435)

قوله: (حَتَّى إِذَا كَانَ [ذَاتَ] يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ): مقتضى ذلك: أنَّه بقي كذلك أيَّامًا، وهذا ممَّا يُسأَل عنه كثيرًا، فيُقال: كم أقام بهذا الدَّاء النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ وجوابُه: ما قاله السُّهيليُّ في «روضه»: (لم أجده في الكتب المشهورة: كم لبث رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك السحر حتَّى شُفِي منه، ثُمَّ وقعت على البيان في «جامع معمر بن راشد»؛ روى معمر عن الزُّهريِّ قال: (سُحِر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سنةً، يُخيَّل إليه أنَّه يفعل الشيء وهو لا يفعله) انتهى، وقال الحكيم التِّرْمِذيُّ مُحَمَّد بن عليٍّ الحافظ في أوَّل «نوادر الأصول» ما لفظه: (ولمَّا سُحِر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى عجز عن نسائه، وأُخِذ بقلبه؛ لبث في ذلك ستَّة أشهر فيما رُوِي في الخبر، ثُمَّ نزلت المُعوِّذتان) انتهى، وكذا في «تفسير الإمام البغويِّ» وعُزِي إلى «النَّسَائيِّ»: (شهرين)، وقال شيخنا في تفسير: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]: (وعن عطاء الخراسانيِّ: «حُبِس عن عائشة سنة»، قال عبد الرَّزَّاق: «وحُبس عنها خاصَّة حتَّى أنكر بصره»، قلت: وما أسلفنا من رواية: «ثلاثة أيَّام»، أو «أربعة»: هو أصوب، و «سنة» بعيد)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (أَشَعَرْتِ؟): أي: أعلمت؟

قوله: (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ): أي: أجابني فيما دعوته، فسمَّى الدُّعاء استفتاءً؛ لأنَّ الدُّعاء طلبٌ، والمُجيب مُسعِفٌ، فاستعار أحدهما للآخر.

(1/10436)

قوله: (أَتَانِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ): (أحدهما): جبريل، و (الآخر): ميكائيل، كذا رأيته بخطِّي معزوًّا لـ «سيرة شيخ شيوخنا الحافظ أبي مُحَمَّد عبد المؤمن بن خلف الدِّمْيَاطيِّ»، وفي «مسند عبد بن حميد» في (مسند زيد بن أرقم) قال: (سَحَر النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ من اليهود، قال: واشتكى فأتاه جبريل، فنزل عليه بالمُعوِّذتَين، وقال: إنَّ رجلًا مِن اليهود سحرك، والسِّحر في بئر فلان، قال: فأرسل عليًّا، فجاء به، قال: فأمره أن يحلَّ العَقْد، ويقرأَ آيةً، فجعل يقرأ ويحلُّ حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كأنَّما نُشِط مِن عقال ... ؛ الحديث)، انتهى، فإذا قلنا: اثنين؛ اللَّذان قعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، كما في «الصَّحيح»؛ يقال: مَن كان عند رأسه؟ فالجواب: الظاهر أنَّه جبريل؛ لأنَّه أكبر قدرًا مِن ميكائيل، والعادة اليوم في العيادة أنَّ الكبير يجلس عند رأس الضعيف، ودونه يجلس عند رجليه أو تحته، ويؤيِّد هذا: أنَّه عليه السَّلام ذكرهما مرَّة أخرى، كما رواه التِّرْمِذيُّ في أبواب (الأمثال)، والبُخاريُّ في (الاعتصام) تعليقًا عقب حديث سعيد بن ميناء عن جابر، قال التِّرْمِذيُّ: سعيد لم يدرك جابرًا، و (رجليَّ)؛ بالتَّثنية.

قوله: (مَطْبُوبٌ): أي: مسحور، وقوله: (وَمَنْ [1] طَبَّهُ؟): أي: سحره.

قوله: (لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (فِي مُشْطٍ): (المُشط): فيه لغاتٌ؛ ضمُّ الميم مع إسكان الشِّين، ومع ضمِّهما أيضًا، وكسر الميم مع إسكان الشين، ويقال: مِمْشَط؛ بميمَين؛ الأولى مكسورة، ويقال له: المِشْقا؛ بكسر الميم، وإسكان الشين المُعْجَمة، وبالقاف، مهموز وغير مهموز، والمِشقاء؛ بالمدِّ، والمِكَد؛ بكسر الميم، وفتح الكاف، والقَيْلَم؛ بفتح القاف، وإسكان المُثَنَّاة من تحت، وفتح اللَّام، والمِرحل؛ بكسر الميم؛ ذكرها أبو عمر الزَّاهد في أوَّل «شرح الفصيح»، والله أعلم.

[ج 2 ص 554]

قوله: (وَمُشَاطَةٍ): هي بِضَمِّ الميم، وتخفيف الشين المُعْجَمة، وبعد الألف طاءٌ مهملةٌ، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي الشعر الذي يسقط مِن الرأس واللِّحية عند تسريحهما بالمشط، وسيجيءُ بعد هذا قريبًا، ويقال: المشاطة: ما يخرج مِن الشعر إذا مُشِط، والمشاقة مِن مشاقة الكتَّان، انتهى، وقيل: هما سواء، و (الكَتَّان)؛ بفتح الكاف.

(1/10437)

قوله: (وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ): (جُفِّ الطَّلع)؛ بِضَمِّ الجيم، وتشديد الفاء: هو وعاء الطَّلع الذي للنَّخلة، وهو الغشاء الذي يكون عليه، وفي نسخة: (وجُبِّ)؛ بِضَمِّ الجيم، وبالموحَّدة المُشَدَّدة، و (الجبُّ) و (الجفُّ) بمعنًى، ومعناه ما تَقَدَّمَ، وقد تَقَدَّمَ في (صفة إبليس وجنوده)، وهو هنا في أصلنا مضاف (طلع) إلى (نخلة).

قوله: (فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ): هو بفتح الذَّال المُعْجَمة، ثُمَّ راء ساكنة بعدها واوٌ، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، قال ابن قُرقُول: («ذروان»: بئر بني زُرَيق، كذا جاء في «الدعوات» من «البُخاريِّ»، وفي غير موضع: «بئر ذروان»، وعند «مسلم»: «بئر ذي أروان»، وقال الأصمعيُّ: وهو الصواب، وقد صُحِّف بـ «ذي أوان»، وقد ذكرناه)، انتهى، وقال في (الهمزة): («أروان»، ويقال: «ذروان»؛ وهو اسم بئر بالمدينة، ويقال لها أيضًا: «ذو أروان»، وكلُّ ذلك قد رُوِي)، انتهى، وهي بئر بالمدينة في بستان بني زريق.

(1/10438)

قوله: (فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (جماعة ممَّن حضر هذه الواقعة _أعني: ذهابه عليه السَّلام إلى هذه البئر_ من المهاجرين: عليٌّ وعمَّار، ومن الأنصار: جبير بن إياس، وقيس بن محصن الزُّرقيُّ، والحارث بن قيس الزُّرقيُّ، قال: وكان ذلك؛ لأنَّ لبيدًا حليفٌ لبني زريق)، انتهى، وقال شيخنا الشارح في أواخر (الخمس) عن «مختلف ابن قتيبة»: (إنَّ عليًّا استخرج السَّحر، فكلَّما حلَّ عقدة؛ وجد عليه السَّلام خفَّة، فلمَّا انتهى؛ قام قائمًا؛ كأنَّما نُشِط مِن عقال) انتهى، وهذا في «مسند عبد بن حميد» في مسند (زيد بن أرقم)، وقد ذكرته قريبًا، وذكر بعضَ هؤلاء بعضُ حفَّاظ المُتأخِّرين؛ وهم عمَّار، وعليٌّ، والحارث، فيحتمل أنَّ النسخة سقط منها بعضُ أسماء، وعزا ذلك هذا الحافظُ لابن سعد، ثُمَّ قال: (وذكر ابن سعد أيضًا أنَّ الذي استخرجه قيسُ بن محصن الزُّرقيُّ)، وفي «تفسير الثَّعلبيِّ» ذكر القصَّة، وفيها: (ثُمَّ بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عليًّا، والزُّبَير، وعمَّار بن ياسر، فنزحوا [2] ماء تلك البئر؛ كأنَّه نقاعة الحِنَّاء، ثُمَّ رفعوا الصخرة وأخرجوا الجفَّ، فإذا فيه مُشاطة رأسِه عليه السَّلام، وأسنان مِن مشطه، وإذا وتر مُعقَدٌ فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر، فأنزل الله هاتين السُّورتَين)، ذكر ذلك عن ابن عَبَّاس وعائشة، ذكر حديث بعضهما في بعض، قد ذكر في أوَّل القصَّة أنَّه كان غلام من اليهود يخدم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فدبَّت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتَّى أخذَ مُشاطة رأسه عليه السَّلام وعِدَّةَ أسنانٍ من مشطه فأعطاها اليهود، فسحروه فيها.

قوله: (كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ): (كأنَّ): هي مِن أخوات (إنَّ)، و (ماءها): مَنْصوبٌ اسمها، و (نُقاعة)؛ بِضَمِّ النون، وتخفيف القاف، مَرْفوعٌ خبرها، و (الحنَّاء): الذي يُخضَب به معروف، وهو ممدود.

(1/10439)

قوله: (وَكَأَنَّ رُؤُوسَ نَخْلِهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ): (كأنَّ) أيضًا: مثل ما قبلها، و (رؤوس) الأولى: مَنْصوبٌ اسمها، و (رؤوس) الثَّانية: مَرْفوعٌ الخبرُ، ونقل شيخنا عن الدَّاوديِّ: يعني: أنَّ السِّحر عُمِل في النخل حتَّى صار أعلاها وأعلا نخلها كأنَّه رؤوس ذلك، وهي الحيَّات، وفي الآية عن الفرَّاء ثلاثةُ أوجه؛ أحدها: أن يُشبَّه طلعها في قُبحه برؤوس الشياطين، ثانيها: أنَّ العرب تسمِّي بعض الحيَّات شيطانًا، ثالثها: أنَّه نَبْت قبيح يُسمَّى بذلك)، انتهى.

قوله: (وَكَرِهْتُ [3] أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ [4] شَرًّا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الشَّرِّ) في (باب صفة إبليس وجنوده)، مُطَوَّلًا.

قوله: (فَدُفِنَتْ): هو بِضَمِّ الدال، وكسر الفاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، سيأتي الكلام عليه، وعلى قوله: (هل يستخرجُ السِّحرُ)، وماذا جرى فيه.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ): الضمير في (تابعه) يعود على عيسى بن يونس المذكور في السَّند الرَّاوي عن هشام بن عروة، و (أبو أسامة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، ومتابعته أخرجها مسندةً البُخاريُّ في (الطِّبِّ) وأخرجها مسلم، و (أبو ضمرة): هو أنس بن عياض، ومتابعته أخرجها مسندةً البُخاريُّ في (الدعوات)، و (ابن أبي الزِّناد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، ومتابعته ذكرها البُخاريُّ هنا وفي (صفة إبليس) عقيب حديث عيسى بن يونس، والله أعلم، ولم يخرِّجها أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سواه، ولم أرَ شيخنا خرَّجها.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ): أمَّا (اللَّيث)؛ فهو ابن سعد الإمام، قال شيخنا في متابعة اللَّيث: (ذكرها الدَّارقطنيُّ في «علله»)، وكذا قال في متابعة سفيان بن عيينة وزاد: (والبُخاريُّ)، وكذا هو، فهي في «البُخاريِّ» في (الطِّبِّ) عن الحُميديِّ، عن سفيان، عن هشام به، وعن عبد الله بن مُحَمَّد، عن سفيان؛ نحوه، وزاد: (قال سفيان: أوَّل ما حدَّثنا ابن جُرَيج يقول: حدَّثني آل عروة عن عروة، فسألت هشام ... )؛ فذكره، والله أعلم.

قوله: (فِي مُشْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المشط) قريبًا بلغاته.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَن)؛ بغير واو.

[2] في (أ): (فزنحوا)، وهو تحريف.

(1/10440)

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَكَرِهت).

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فيه).

(1/10441)

[باب: الشرك والسحر من الموبقات]

قوله: (مِنَ الْمُوبِقَاتِ)، وكذا في الحديث: (اجْتَنِبُوا المُوبِقَاتِ): هي المُهلِكات، كما فسَّرها به البُخاريُّ في بعض طرقه.

==========

[ج 2 ص 555]

(1/10442)

[حديث: اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر]

5764# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه سالم، مولى عبد الله بن مطيع بن الأسود العدويِّ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسَائيُّ، وأخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال به العهدُ.

قوله: (الشِّرْك): يجوز فيه النَّصب على البدل مِن (الموبقات)، وكذا (السِّحْرُ)، ويجوز رفعهما، والله أعلم.

قوله: (هَلْ يُسْتَخْرَجُ السِّحْرُ [1]): (يُستخرَجُ): مَبْنيٌّ للمفعول، فـ (السِّحرُ): مَرْفوعٌ، ويجوز بناء (يستخرج) للفاعل، فـ (السحر) مَنْصوبٌ عليه، وهذا ظاهِرٌ، وسأذكر هل أُخرِج أم دُفِنت البئرُ قريبًا.

قوله: (لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيّب): تَقَدَّمَ أنَّ ياءَه مفتوحة ومكسورة، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ [2]): قال ابن قُرقُول: («الطِّبُّ»: السِّحر، والطِّبُّ أيضًا: علاج الدَّاء، وهو مِن الأضداد، وقيل: كنَّى بالطِّبِّ عن السِّحرِ؛ تفاؤلًا؛ كما سمَّوا اللَّديغ سليمًا، و «الطَّبُّ»؛ بفتح الطاء: الرَّجل الحاذق)، انتهى، وكذا قال ابن الأثير: (كنَّوا بالطِّبِّ عن السِّحر؛ تفاؤلًا بالبُرءِ، كما كنَّوا بالسَّليم عن اللَّديغ)، انتهى، وفي «الصِّحاح» و «القاموس»، واللَّفظ لـ «القاموس»: (الطّب: مُثلَّث الطاء، علاج الجسم والنَّفس، يطُبُّ ويطِبُّ، والرِّفق والسِّحر)، فعلى ما قالاه في «الصِّحاح» و «القاموس»؛ يحوز أنَّ يُقرَأ ما في «الصَّحيح» مُثلَّث الطَّاء، وفي نسخة بـ «الصِّحاح» صحيحةٍ قال: (و «الطِّب»: السَّحر، هي بكسر الطَّاء بالقلم)، والله أعلم.

[ج 2 ص 555]

(1/10443)

قوله: (أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِه): (يُؤخَّذ)؛ بِضَمِّ أوَّله، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ همزة مفتوحة بعد الواو، ثُمَّ خاء معجمة مشدَّدة، ثُمَّ ذال معجمة، كذا في أصلنا القاهريِّ، وضبطه شيخنا بتشديد الخاء، كما ذكرت، ولم يتعرَّض لضبط غيرها، قال ابن قُرقُول: («يُؤخَّذ عن امرأته»؛ أي: يُحبَس عنها، فلا يقدر على جماعها، و «الأُخذة»: رقية الساحر، وأصله من الرَّبط، ومنه سُمِّي الأسير أخيذًا)، انتهى، وقال الجوهريُّ: و «الأُخذة»؛ بالضمِّ: رقية؛ كالسحر، أو خرزة تُؤَخِّذ النِّساءُ بها الرِّجالَ مِن التَّأخيذ)، انتهى، وهذا يوضِّح الضبط الذي ضبطتُ به (يُؤخَّذ)، وكذا قال ابن الأثير: (عن عائشة: أنَّ امرأة قالت لها: أُؤَخِّذ جملي؟ قالت: نعم)، التَّأخيذ: حبس السَّواحر أزواجهنَّ عن غيرهنَّ مِن النساء، وكنَّت بالجمل عن زوجها، ولم تعلم عائشة، فلذلك أذنت لها فيه)، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يَستخرِج السِّحرَ)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

[2] في (ق): (طب)، وفي هامشها: (في رواية الفتح إشكالٌ).

(1/10444)

[باب: هل يستخرج السحر؟]

قوله: (أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟): (يُحلُّ) و (يُنشَّر): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، و (يُنشَّر): مُشدَّد الشِّين المُعْجَمة، وهو من النُّشرة؛ وهي نوع من التَّطبُّب بالاغتسال على هيئاتٍ مخصوصة بالتَّجربة لا تُدرك بقياس ظنِّيٍّ، ومِن العلماء مَن أجازها، ومنهم مَن كرهها)، انتهى لفظ ابن قُرقُول، وقد قال الدِّمْيَاطيُّ فيه شيئًا في (باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90])، سأذكره هناك حيث ذكره.

تنبيهٌ: سُئِل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن النُّشرة، فقال: «هي مِن عمل الشَّيطان»، ذكره أحمد وأبو داود، والنُّشرة: حلُّ السِّحر عن المسحور، وهي نوعان: حلُّها بسحر مثلها، وهذا من عمل الشيطان، والثانية: النُّشرة بالرقية، والتَّعويذات، والدَّعوات، والأدوية المباحة، فهذا جائز، بل مُستحبٌّ، وعلى النَّوع المذموم يُحمَل قولُ الحسن: (لا يُحِلُّ السِّحرَ إلَّا ساحرٌ)، والله أعلم.

فائدةٌ: قال شيخنا: (في كتب وهب بن مُنبِّه: أن يأخذ سبع ورقات مِن سدرٍ أخضرَ، فيدقُّه بين حجرين، ثُمَّ يضربه بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسيِّ، وذوات {قل}، ثُمَّ يحسو منه ثلاث حسوات، ويغتسل به، فإنَّه يذهب عنه كلُّ عاهةٍ إن شاء الله، وهو جيِّد؛ لأجل حبس الرَّجل عن أهله)، انتهى.

قوله: (فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ): (يُنْهَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 556]

(1/10445)

[حديث: يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه]

5765# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): قال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: (إنَّه المسنديُّ بلا شكٍّ)، انتهى، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (سُحِرَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي سحره لبيد بن الأعصم اليهوديُّ.

قوله: (حَتَّى كَانَ يرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ): (يرَى)؛ بفتح الياء وضمِّها، وهذا ظاهِرٌ، ومعنى المضموم: يظنُّ.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة المذكور في السَّند.

قوله: (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أجابني فيما دعوته، فسمَّى الدُّعاء استفتاءً؛ لأنَّ الدُّعاء طلبٌ، والمجيبَ مُسعِفٌ، فاستعار أحدهما للآخر، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجلين): جبريل وميكائيل، وعلى (مَطْبُوبٌ)، وعلى (لَبِيد بْن أَعْصَمَ)، و (زُرَيْق): تَقَدَّمَ أنَّه بتقديم الزاي على الراء، وعلى قوله: (كَانَ مُنَافِقًا)، وعلى (المُشْط)، وعلى (جُفِّ طَلْعَةِ [1] ذَكَرٍ)، هما منوَّنان في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّ النَّوَويَّ لمَّا [2] ذكر (جُفِّ) و (جُبِّ)؛ ذكر ما لفظه: (وهما بمعنًى، وهو وعاء الطلع؛ وهو الغشاء الذي يكون عليه، ويُطلَق على الذَّكر والأنثى، فلهذا قَيَّدهُ في الحديث بقوله: «طلعةِ ذكرٍ»، وهو بإضافة «طلعة» إلى «ذكر»)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (صفة إبليس).

(1/10446)

قوله: (تَحْتَ رَعُوْفَةٍ): هي بفتح الرَّاء، وضمِّ العين المُهْمَلة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (راعوفة)، قال ابن قُرقُول: (هي صخرة يتركها حافر البئر ثابتةً في قعره؛ ليجلس عليها مائحه ومنقِّيه، ونحوُه لأبي عُبيد، وقيل: هو حجر على رأس البئر يستقي عليها المستقي، وقيل: هو حجر نادر من طيِّها يقف عليه المستقي والنَّاظرُ فيها، وقيل: هو حجر ناتِئ في بعض البئر لم يمكن قطعُه؛ لصلابته فتُرِك، وجاء في بعض روايات «البُخاريِّ»: «رَعُوفة»؛ بغير ألف، والمعروف اللُّغة الأخرى: أرعوفة، ويقال: راعوثة أيضًا؛ بالثَّاء)، انتهى، وقال ابن الأثير في (رعث): («راعوثة»: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالفاء، وهي هي، وستُذكر)، انتهى، وذكرها أيضًا في (رعف)، فذكر بعض الأقوال التي ذكرها ابن قُرقُول، وقد ذكرها الهرويُّ في «غريبيه» (بالفاء والثاء)، وهذا ظاهِرٌ، وإنَّما ذكرت هذه النقول؛ لئلَّا يُظنَّ أنَّ ابن قُرقُول انفرد بذكر المُثلَّثة، وقال ابن الأثير أيضًا في (زعب)؛ بالزاي، والعين المُهْمَلة، وبموحَّدة: (إنَّه كان يحبُّ زَعُوبة؛ أي: رَعوفة، هي بمعنى: راعوفة، وقد تَقَدَّمَتْ في «حرف الرَّاء»)، انتهى.

قوله: (فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا وبعيدًا.

(1/10447)

قوله: (فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ): سيأتي أيضًا: (فأُخرِج)، والأكثر في الروايات أنَّه عليه السلام لم يخرجِ السِّحر، وأنَّ البئر دُفِنَت، وأنَّه خَشِي من إخراجه أن يثير على الناس شرًّا، وقد ترجَّح عند البُخاريِّ أنَّه أُخرِج، ولهذا ترجم عليه بـ (باب: هل يُستخرَج السِّحرُ؟)، فيحتمل أنَّه أُخرِج، ثُمَّ دُفِنَتِ البئرُ، أو يكون المراد بإخراجه: إبطال عمله، والدَّفن: إبطالٌ لعمله، وقال شيخنا عن ابن التِّين: (إنَّ سفيان أثبت الاستخراج مِن طريقَين، ونفاه عيسى بن يونس، ووافق سفيان سؤال عائشة رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن النُّشرة، ووافق عيسى بن يونس سؤالها رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الاستخراج، ولم يذكر أنَّه جاوب بشيء، وحقَّق أبو أسامة جوابَه عليه السلام؛ إذ سألته عائشة عن استخراجه بـ «لا»، ولا ذكرَ النُّشرة، والزِّيادة مِن سفيان مقبولةٌ؛ لأنَّه أثبتُهم، وقوَّى ثبوت الاستخراج تكرُّرُه مرَّتين، وبَعُد مِن الوَهَم، فيما حقَّق من الاستخراج في ذكره للنُّشرة في جوابه عليه السَّلام مكان الاستخراج، وفيه وجهٌ آخرُ يحتمل أن يُحكَم بالاستخراج لسفيان، ويُحكَم لأبي أسامة بقوله: «لا» على أنَّه استخرج الجُفَّ بالمشاقة، ولم يستخرج صورة ما في الجفِّ مِن المشط، وما ربطَتْه؛ لئلَّا يراه الناس فيتعلَّموا، فهو عندهم مُستخرَج مِن البئر، وغير مُستَخرَج من الجُفِّ)، انتهى، وهذ كلام حسن، وقد ذكرتُ قريبًا من كلام شيخنا عن ابن قتيبة: (أنَّه استخرجه، فكلَّما حلَّ عقدة؛ وجد عليه السَّلام خفَّةً، فلمَّا انتهى؛ قام كأنَّما نُشِط من عقال)، وهذا يعارض الوجه الآخر الذي ذكره ابن التِّين، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (نُقَاعَة الْحِنَّاءِ)، وعلى (رُؤُوس الشَّيَاطِينِ)، وعلى (تَنَشَّرْتَ).

قوله: (أَمَّا اللهُ [3]): هو في أصلنا بتخفيف الميم، وفي نسخة في هامش أصلنا بتشديد الميم، وعليها علامة راويها، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا) ما (الشَّرُّ).

==========

[1] كذا في (أ)، على رواية النَّوويِّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (طلعةٍ).

[2] في (أ): (ما)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/10448)

[3] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر وأبي الوقت، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَمَا واللهِ).

[ج 2 ص 556]

(1/10449)

[باب السحر]

قوله: (بَابُ السِّحْرِ): إن قيل: قد قال قبل هذا (باب السِّحر)، فلأيِّ شيء كرَّر الترجمة؟ وجوابه: أنَّ الترجمة الأولى للسِّحر مِن حيث هو، وهذا الباب للسِّحر الذي صُنِع للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فهو باب خاصٌّ، والله أعلم.

(1/10450)

[حديث: أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه]

5766# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه حمَّاد بن أسامة مرارًا.

قوله: (سُحِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سُحِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي سحره لبيدُ بن الأعصم، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يفَعَلَهُ [1])، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَشَعَرْتِ؟): معناه: أعلمتِ؟ وعلى قوله: (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ)، وعلى (جَاءَنِي رَجُلَانِ) مَن هما، وعلى (رِجْلَيَّ): أنَّها بالتَّثنية، وعلى (مَطْبُوب)، وعلى (مَنْ [2] طَبَّه؟)، وعلى (لَبِيد بْن الأَعْصَمِ الْيَهُودِي)، وعلى ضبط (بَنِي زُرَيْقٍ): وأنَّه بتقديم الزَّاي،

[ج 2 ص 556]

وتَقَدَّمَ الكلام على (المُشْط) و (المُشَاطَة)، (وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ): وهما منوَّنان هنا في أصلنا، وتَقَدَّمَ قريبًا أنَّ النَّوَويَّ ذكره بإضافة (طلعةِ) إلى (ذكرٍ)، وعلى (بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ): كذا في أصلنا هنا، وعلى (النَّاس) الذي ذهبوا معه لاستخراجه، وعلى (لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ)، وعلى (رُؤُوس الشَّيَاطِينِ)، وعلى قوله: (أَفَأَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: لَا)، وعلى قوله: (أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ [3] شَرًّا).

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [4]): (يحيى) هذا بعد (مُحَمَّد بن المثنَّى): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، وهذا السَّند والمتن مكتوب عليه في أصلنا: (زائد)، وقد تَقَدَّمَ السندُ والمتن في (الجزية)، ولم يطرِّفه المِزِّيُّ إلَّا من (الجزية)، ولم يذكره هنا، وراجعتُ أصلنا الدِّمَشْقيَّ، فما رأيته ذكره في هذا الباب بالكليَّة؛ فهو زائد، لا شكَّ في زيادته، والله أعلم.

(1/10451)

[باب: من البيان سحرًا]

قوله في الترجمة: (مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا): كذا في أصلنا على الحكاية للحديث الآتي، وفي نسخة في هامش أصلنا (سحرٌ)؛ بالرفع، وهذه ظاهرة، وقوله في التبويب وفي الحديث: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا): اعلم أنَّه لمَّا فرغ مِن السِّحر المُحرَّم؛ شرع بذكر السِّحر الجائز، وفي قوله: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ لسِحْرًا): وجهان؛ قيل: مقصده الذَّمُّ؛ لأنَّه يصرف الحقَّ إلى صورة الباطل، والباطلَ إلى صورة الحقِّ؛ كالسِّحر الذي يقلب الأعيان، وسياق الحديث وسببه يشهدُ لهذا، وقيل: هو مدح وثناء عليه، وشبَّهه بالسِّحر؛ لصرف القلوب به، ومنه قالوا: السحر: الحلال، والبيان: الفهم وذكاء القلب مع اللَّسن، و (البيان) أيضًا: الظُّهور، ومنه: بان لي كذا _أي: ظهر وتبيَّن_ بَيْنًا وبيانًا، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ بعد أن ذكر القولين في «شرح مسلم» عن القاضي عياض ما لفظه: (وهذا التَّأويل الثاني هو الصَّحيح المختار) انتهى.

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10452)

[حديث: إن من البيان لسحرًا]

5767# قوله: (قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّجلين) في أوائل (النِّكاح)، وأنَّ المراد بـ (المشرق): مشرق المدينة، وهما الزِّبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم.

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10453)

[باب الدواء بالعجوة للسحر]

قوله: (بَابُ الدّوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الدَّال وكسرها مع المدِّ.

(1/10454)

[حديث: من اصطبح كل يوم تمرات عجوةً]

5768# قوله: (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ): هذا هو مروان بن معاوية الفَزاريُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ، و (هَاشِمٌ) بعده: هو هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، وقد تَقَدَّمَ أنَّ المِزِّيَّ قال: (هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص الزُّهريُّ)، وقال الذَّهَبيُّ: (قلتُ: وهذا أصحُّ، فإنَّ هاشم بن عتبة؛ قُتِل بصفِّين، ولا يمكن أن يكون هذا ولدَه لصلبه إلَّا ولد ولده)، وقد ذكرت أنا ترجمته فيما مضى، و (عامر بن سعد): هو عامر بن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أهيب الزُّهريُّ، و (سعد): أحد العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (مَنْ تَصَبَّحَ [1] كُلَّ يَوْمٍ تَمَرَاتٍ عَجْوَة): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ هذه عجوةُ مكانٍ مخصوصٍ، كما في «مسلم»، وظاهر التَّبويب أنَّ البُخاريَّ غيرُ قائل بالقيد؛ إمَّا لأنَّه لم يصحَّ عنده، أو أنَّه لم يقع له، وفي الثاني بُعدٌ، وقد ذكرت ذلك في (كتاب الأطعمة)، وقد رأيت فيها حديثًا بالإطلاق.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالضَّمِّ والفتح في الرَّاء، وهذا جارٍ فيه وفي نظائره مِن المجزوم المُضعَّف، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (سمٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُثلَّث السين، أفصحها: الفتح، ويليه الضَّمُّ، وقد أُنْكِرَ الكسرُ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (اصطبح).

[ج 2 ص 557]

(1/10455)

[حديث: من تصبح سبع تمرات عجوةً لم يضره ذلك اليوم سم .. ]

5769# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه وقبله؛ فانظره، و (عَامِر): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن سعد بن أبي وقَّاصٍ مالكِ بن أُهيب أحدِ العشرة والدِه.

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10456)

[باب: لا هامة.]

قوله: (بَابٌ: لَا هَامَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (كتاب الطِّبِّ).

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10457)

[حديث أبي هريرة: لا عدوى ولا صفر ولا هامة]

5770# 5771# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين وإسكان العين: هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّما، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _ويقال: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريُّ، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، تقدَّما.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام عليها مع ما يعارضها في الظاهر، والجمع بينهما، وعلى (وَلَا صَفَرَ)، وعلى (وَلَا هَامَةَ)، وعلى أنَّ (الأَعْرَابِي): هذا القائل لا أعرف اسمه، وعلى (فَيُجْرِبُهَا)، وأنَّه بِضَمِّ أوَّله، رُبَاعيٌّ.

قوله: (وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ... )؛ الحديث: هو معطوف على السَّند الذي قبله، والاثنان بسندٍ واحد، وليس تعليقًا؛ فاعلمْه.

قوله: (لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ): (يورِدنَّ)؛ بكسر الرَّاء؛ ومعناه: لا يُوردنَّ صاحبُ إبل مِراض إبلَه على صاحب إِبل صِحاح، و (المُمرِض)؛ بكسر الرَّاء، و (المُصِحُّ)؛ بكسر الصَّاد، وقد تَقَدَّمَ الجمع بينه وبين: «لا عدوى».

قوله: (وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأوَّل): وفي نسخة: (الحديث الأوَّل)؛ يعني: (لا عدوى ... ) إلى آخره، وهذا ظاهِرٌ، ويوضِّحه قوله: (أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لَا عَدْوَى؟!).

قوله: (فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّطانة) ما هي، و (الحبشيَّة): لغة الحبشة، وهذا ظاهِرٌ، وفي «مسلم» أنَّه قال للحارث _ يعني: ابن أبي ذباب، وهو ابن عمِّ أبي هريرة_: أتدري ماذا قلت؟ قال: لا، قال: قلتُ: قد أبيتُ) انتهى.

قوله: (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِيَ حَدِيثًا غَيْرَهُ): (أبو سلمة): هو ابن عبد الرحمن بن عوف الراوي عنه الحديثَين، واعلم أنَّ الذي فهمه أبو سلمة أنَّ أبا هريرة نسي الحديث الأوَّل، فيكون هذا الحديث سمعه منه عليه السَّلام قبل بسط الرِّداء، والله أعلم، ويحتمل أن يكون قوله: (أنكر حديث الأوَّل)؛ يعني: أنكر التَّعارض بينهما، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لا مُعارَضة، قلت هذين ولم أرهما لأحد، ثُمَّ إنَّي رأيت شيخنا قال:

[ج 2 ص 557]

(1/10458)

(لعلَّه كان سمع هذا الحديث من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أن يسمع: «مَن يبسط رداءه، ثُمَّ يضمَّه إليه؛ لم ينسَ شيئًا مِن مقالتي»، وقيل: يريد من «مقالتي»: تلك التي قال اليوم)، انتهى، وهي رواية في «الصَّحيح»، (وقيل: يحتمل أن يكون الحديث الآخر ناسخًا، فسكت عن المنسوخ)، انتهى، والاحتمال الثاني مِن بسطِ الرِّداء فيه نظرٌ؛ لأنَّ فيه مجازًا إذا حملنا قوله: «لن ينسى شيئًا سمعه منه»، وإذا عملنا بقوله: «مِن مقالتي» تلك؛ فلا، ولكن رواية العموم أبلغ في المعجزة، وحمله على العموم مُقدَّم، وقوله: (فسكت عن المنسوخ) فيه نظر؛ لأنَّه تَقَدَّمَ في كلامي أنَّه لا تعارُض بينهما، والله أعلم.

(1/10459)

[باب: لا عدوى]

قوله: (بَابٌ: لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ ما (العَدْوَى).

==========

[ج 2 ص 558]

(1/10460)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة إنما الشؤم في الثلاث]

5772# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (ابْن وَهْبٍ): عبد الله، أحد الأعلام، و (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أحد الأعلام.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه مع ما قد يعارضه في الظَّاهر، وذكرت الجمع بينهما، وتَقَدَّمَتْ (الطِّيَرَة) ضبطًا، وما هي، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَإِنَّمَا [1] الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ)، وما يتعلَّق به، وما هو شؤم (الفَرَسِ، والدَّارِ، والمَرْأَةِ [2]) مُطَوَّلًا، وحديث: (اليُمن في ثلاث) من عند السِّلفيِّ، والكلام عليه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إنَّما)؛ بغير واو.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (والمرأة والدَّار).

[ج 2 ص 558]

(1/10461)

[حديث: فمن أعدى الأول؟]

5773# 5774# 5775# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي) أعلاه، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ الزُّهريُّ.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ [1]: أَخْبَرَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن سنان به، وليس تعليقًا؛ فاعلمْه.

قوله: (فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الأعرابيَّ) لا أعرف اسمه.

(1/10462)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل]

5776# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدَار)، و (مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وقد تَقَدَّمَ ضبطه، ومَن أطلق عليه ذلك، فمرَّت عليه، وما معنى (غُنْدر)؛ وهو المُشغِّب.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ، وكذا (وَلَا طِيَرَةَ)، وكذا تَقَدَّمَ (الْفَأْلُ)، وأنَّه مهموز الوسط، ويجوز تسهيله، وما هو، والفرق بينه وبين الطِّيرة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 558]

(1/10463)

[باب ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي سمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (سمُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث السين، الكسر أردؤها، وقد أُنكِرت، والفتح أعلاها، هذا الاسم، أمَّا المصدر _وهو المراد هنا فيما يظهر_؛ فهو بالفتح.

==========

[ج 2 ص 558]

(1/10464)

[حديث: اجمعوا لي من كان ها هنا من اليهود]

5777# قوله: (لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر بالاختلاف فيها، وعلى أيِّ شيء هو مَبْنيٌّ، و (فُتِحَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (خيبرُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ): (أُهدِيتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (شاةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن نائب مناب الفاعل، والتي أَهْدَتِ الشَّاةَ هي زينب بنت الحارث بن سلَّام، وقال أبو داود: أخت مَرْحَب اليهوديِّ، وقد جاء ذلك في «مغازي موسى بن عقبة»، و «الدلائل» للبيهقيِّ، وللواقديِّ عن الزُّهريِّ: أنَّ زينب التي سمَّته هي ابنة أخي مَرْحَب، وأنَّه عليه السلام قال لها: «ما حملكِ على هذا؟» قالت: قتلتَ أبي، وعمِّي، وزوجي، وأخي، قال مُحَمَّد: سألت إبراهيم بن جعفر عن هذا، فقال: أبوها: الحارث، وعمُّها: يسار، وكان أجبنَ النَّاس، وهو الذي أُنزِل مِن الرُّفِّ، وأخوها: زَبِير، وزوجها: سلَّام ابن مِسْكَم، وأمَّا السُّهيليُّ؛ فقال: إنَّها أخت مَرحَب، وقد اختُلِف فيماذا صُنِع بها؟ فقال ابن إسحاق: صفح عنها، وقد روى أبو داود: أنَّه قتلها، وعن «شرف المصطفى»: أنَّه قتلها وصلبها، ووجه الجمع بين رواية القتل ورواية عدمه: أنَّه عليه السَّلام صفح عنها أوَّلًا؛ لأنَّه كان لا ينتقم لنفسه، فلمَّا مات بِشْر بن البَراء بن مَعْرور من تلك الأكلة؛ قتلها به قِصَاصًا؛ وذلك أنَّ بِشْر بن البَراء لم يزل مُعتلًّا من تلك الأكلة حتَّى مات منها بعد حَول، وعند القُرْطُبيِّ: لم يبرح من مكانه حتَّى مات، قتلها به، وقد روى مَعْمَر بن راشد في «جامعه» عن الزُّهريِّ: أنَّها أسلمت، فتركها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال مَعْمَر: قال الزُّهريُّ: أسلمت، والنَّاس يقولون: قتلها، وفي «جامع مَعْمَر» أيضًا: أنَّ أمَّ بِشْر بن البَراء بن معرور قالت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المرض الذي مات فيه: يا رسول الله؛ فإنَّي لا أتَّهم لبِشْر إلَّا الأُكلة التي أكلها معك بخيبر، فقال: «وأنا لا أتَّهم بنفسي إلَّا ذلك»، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (غزوة خيبر)، والله أعلم، ولكن طال العهدُ به.

قوله: (فَجُمِعُوا): (جُمِعوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/10465)

قوله: (قَالُوا: أَبُونَا فُلَانٌ): هذا (فلان) المُكنَّى عنه لا أعرفُه، ولا عرفه بعض الحُفَّاظ المصريِّين مِن المعاصرين.

قوله: (بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ): قال بعض المتأخِّرين من المصريِّين الحُفَّاظ، قال: (والمبهم في الجواب هو إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السَّلام).

قوله: (وَبَررْتَ): هو بكسر الرَّاء الأولى، وتُفتَح أيضًا، حكاه غير واحد.

قوله: (سمًّا): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث السين، وأنَّ أفصحها الفتحُ، ويليه الضَّمُّ، والكسر محكيٌّ، وأُنكِر.

قوله: (لَمْ يَضُرَّكَ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز في نظرائه الضَّمُّ والفتحُ، وفي كلِّ مضاعف مجزوم، والله أعلم.

(1/10466)

[باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه والخبيث]

قوله: (شُرْبِ السّمِّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (السّمَّ) مُثلَّث السِّين، وتَقَدَّمَ (الدّوَاءِ): أنَّه بفتح الدَّال وكسرها مع المدِّ.

قوله: (وَمَا يُخافُ مِنْهُ): (يُخاف): مَبْنيٌّ لما لم [يسمَّ] فاعله،

[ج 2 ص 558]

ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مُختَصرًا بلا إسناد، ثُمَّ قال: (الحديث الأوَّل _يعني: «مَن تردَّى مِن جبل ... »؛ الحديث_ مطابقٌ لأوَّل الترجمة، والحديث الثاني_يعني: «مَنِ اصطبح بسبع تمرات عجوة ... » _ مطابقٌ لآخرها؛ لأنَّه ما بيَّن دواءَه إلَّا وهو داءٌ، وقد أثبت أنَّه مُضِرٌّ بقوله: «لم يضرَّه ذلك اليوم سمٌّ»، ومدخله في الفقه: جوازُ إضافة الضَّرر إلى الأسباب، والضَّارُّ النَّافع هو الله حقيقةً، والله أعلم)، انتهى.

(1/10467)

[حديث: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم]

5778# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن مِهْرَان الأعمش، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (ذَكْوَان): هو أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (مَنْ تَرَدَّى): أي: سقط، يقال: رَدَى وتردَّى؛ لغتان، كأنَّه تفعَّل؛ من الرَّدى؛ وهو الهلاك.

قوله: (خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا): الكلام فيه معروف، والمراد بـ (الخلود): المكث الطويل، أو أنَّه إذا استحلَّ ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَمَنْ تَحَسَّى سمًّا): (تَحَسَّى)؛ بفتح التَّاء والحاء وتشديد السين المُهْمَلتَين، ومعناه معروف، و (السّمُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُثلَّث السِّين.

قوله: (يَجَأُ بِهَا): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، وبالجيم، وفي آخره همزةٌ مقصورةٌ، قال شيخنا: (وهو بالهمز والتَّسهيل؛ معناه: يطعُن ويشقُّ).

==========

[ج 2 ص 559]

(1/10468)

[حديث: من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم]

5779# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو بَكْرٍ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «كتاب الطِّبِّ»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا أحمد بن بَشِير أبو بكر»، نسبه الأصيليُّ في نسخته: «مُحَمَّد بن سلَام»، وكذلك قال أبو نصر)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وشيخنا قال: (هو مُحَمَّد بن سلَام)، انتهى، و (أحمد بن بَشِير): بفتح الموحَّدة، وكسر الشِّين المُعْجَمة، مشهورٌ، وله ترجمة في «الميزان»، و (هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، و (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ) هو ابن أبي وقَّاصٍ مالكِ بن أُهَيب، وسعدٌ أحدُ العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها في «مسلم» مقيَّدة، وتَقَدَّمَ (لَمْ يَضُرّهُ): أنَّه بالضَّمِّ والفتح، وكذا نظراؤه، وتَقَدَّمَ (السّمُّ): أنَّه مُثلَّث السين، وأردؤها الكسرُ وأُنكِر.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 559]

(1/10469)

[باب ألبان الأتن]

قوله: (بَابُ أَلْبَانِ الأُتنِ): (الأُتن)؛ بِضَمِّ الهمزة والتَّاء وتُسكَّن، جمع (أتان)، و (الأتان): الحمارة، ولا يقال: أتانة، وقد حُكِيتْ، وثلاث آتُن؛ مثل: عناق وأعنُق، والكثير: أُتْنٌ وأُتُنٌ.

==========

[ج 2 ص 559]

(1/10470)

[حديث: نهى النبي عن أكل كل ذي ناب من السبع]

5780# 5781# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه المسنديُّ من كلام بعض الحُفَّاظ قريبًا هناك وهنا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيس الخَوْلَانيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عائذ الله _أحد الأعلام_ ابن عبد الله، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ): تَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه، والكلام على نسبته؛ فقيل: اسمه جُرثوم، وقيل: جرثومة، وقيل: جرهم، وقيل غير ذلك، وقيل: اسم أبيه ناشر، قيل: ناشب، وقيل: ناسخ، وقيل غير ذلك، نزل الشَّام رضي الله عنه.

قوله: (وَزَادَ اللَّيْثُ [1]: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): (اللَّيث): هو ابن سعد، لم يخرِّج زيادة اللَّيث أحدٌ مِن أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخنا، وحديث أبي ثعلبة أخرجه الجماعة، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (وَسَأَلْتُهُ: هَلْ يُتَوَضَّأُ أو تُشْرَبُ أَلْبَانُ [2] الأُتُنِ): (يُتوضَّأ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (تُشرَب): مَبْنيٌّ أيضًا مثله، و (ألبانُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (الأُتُن): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه.

قوله: (أَوْ مَرَارَةَ السَّبُعِ): (المَرارة)؛ بفتح الميم؛ وهي التي فيها المُرَّة، و (السبع): معروف بِضَمِّ الباء، وتُسكَّن.

(1/10471)

قوله: (أَوْ أَبْوَالَ الإِبِلِ؟ قَالَ: قَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَدَاوَوْنَ بِهَا، فَلَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا): يعني: بأبوال الإبل؛ لأنَّه عليه السَّلام أباح للعرنيِّين شُربَها والتَّداوي بها، والدليل على أنَّه أرادها فقط دون غيرها؛ لأنَّه قال بعد ذلك: (وأمَّا ألبان الأُتُن ... ) إلى أن قال: (وأمَّا مَرارة السَّبع)، فذكر جوابه عنهما، وقوله في: (أَلْبَانُ الأُتُنِ): (لم يبلغنا عنه أمرٌ ولا نهيٌ)؛ فليعلم أنَّ كلَّ ما نُهِي عن لحمه؛ فلبنُه منهيٌّ عنه؛ لأنَّه مُتولَّد منه، ألا ترى أنَّه استدلَّ على النَّهْي عن مرارة السَّبع بنهيه صلَّى الله عليه وسلَّم عن أكل ذي ناب مِن السباع، فكذلك ألبان [3] الأُتُن، واعلم أنَّ التداوي بالمُحرَّمات إلَّا الخمر هو جائز عند الشَّافِعيَّة، وذلك بشرطين؛ أحدهما: أن يُخبره ثقةٌ أنَّ ذلك يفيده، أو أن يكون عارفًا بذلك، فيعتمد على معرفة نفسه، وألَّا يقوم شيء مِن الطَّاهرات مقام ذلك النَّجس، وقد ذكرت ذلك في أوائل هذا التعليق، وفي غير أوائله، وقد عقد ابن قَيِّم الجَوزيَّة في كتاب «الهدي» في (الطِّبِّ) في التداوي بالأشياء النَّجسة فصلًا، وهو مفيد جدًّا، وأنَّ التداوي بها حرام عقلًا وشرعًا، ثُمَّ برهن على ذلك بكلام حسن؛ فانظره إن أردتَه من «الهدي».

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] في (أ) مبنيٌّ للمفعول بلا نقط، وفي (ق): (يُتَوَضَّأُ أَوْ تُشْرَبُ)، وفي «اليونينيَّة»: (نَتَوَضَّأُ أَوْ نَشْرَبُ أَلْبَانَ)، وفي هامشها: (يُتَوَضَّأُ أَوْ يُشْرَبُ) مُصحَّحًا عليه.

[3] في (أ): (أبان)، وهو تحريفٌ.

[ج 2 ص 559]

(1/10472)

[باب: إذا وقع الذباب في الإناء]

(1/10473)

[حديث: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله]

5782# قوله: (مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ): هو بتقديم الزَّاي على الرَّاء، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ): هذا (الغمس) يصدق بمرَّة، ولكن في «الأحاديث المختارة» للحافظ ضياء الدين مُحَمَّد بن عبد الواحد المقدسيِّ _وقد قرأت بعضها بصالحيَّة دمشق على ابن عوض البيطار عن القاضي سليمان بن حمزة عن الضِّياء_: الأمر بالغمس ثلاثًا، والله أعلم.

(1/10474)

((77)) (كِتَابُ اللِّبَاسِ ... ) إلى (بَاب النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ)

(1/10475)

[باب قول الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده}]

قوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا ... ») إلى آخره: قال شيخنا: (أخرجه ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون: أخبرنا همَّام عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا ... ؛ الحديث، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي، وحدَّثنا عن الفضل بن الصَّبَّاح، عن أبي عُبيدة الحدَّاد، عن همَّام، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه)، انتهى، وما أظنُّ أنا أنَّ البُخاريَّ جزم بذلك، وأراد هذا السَّند؛ لأنَّ عَمْرًا عن أبيه عن جدِّه ليس مِن شرطه وإن كان يُحتَجُّ بحديثه عنده إلَّا أنَّه لم يخرِّج له في «صحيحه»، ولا مسلم أيضًا، والذي يظهر لي أنَّه أراد طريقًا أخرى، ويحتمل أنَّه أراده، والله أعلم.

[ج 2 ص 559]

قوله: (فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيْلَةٍ): (المَخِيْلة)؛ بفتح الميم، وكسر الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، والباقي معروف؛ وهي الكِبْرُ، وقد تَقَدَّمَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي منصور

  ال كتاب: المزهر في علوم اللغة وأنواعها{2 جزء} المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) المحقق: فؤاد علي ...